(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

الأجل، وإنّما أخفى إيمانه ليتمكّن أن يكون له شأن واتّصال مع كفّار مكّة، وليطّلع على مكائدهم ومؤامراتهم; فكان يعيش حالة التقيّة، وكان مثله كأصحاب الكهف في قومهم، وهو ممّن آتاهم الله أجرهم مرّتين لإيمانه وتقيّته(1).


اُمّه :

فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبدمناف، تجتمع هي وأبو طالب في هاشم، أسلمت وهاجرت مع النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وكانت من السابقات إلى الإيمان وبمنزلة الاُمّ للنبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم))(2) ربّته في حجرها، ولمّا ماتت فاطمة بنت أسد دخل إليها رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) فجلس عند رأسها وقال: «رحمك الله يا اُمّي، كنت اُمّي بعد اُمّي، تجوعين وتشبعيني، وتعرين وتكسيني، وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعميني، تريدين بذلك وجه الله والآخرة».
وغمّضها، ثمّ أمر أن تغسل بالماء ثلاثاً، فلمّا بلغ الماء الّذي فيه الكافور سكبه رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) بيده، ثمّ خلع قميصه فألبسه إيّاها وكفّنت فوقه ودعا لها اُسامة بن زيد مولى رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطّاب وغلاماً أسود فحفروا لها قبرها، فلمّا بلغوا اللّحد حفره رسول الله  ((صلى الله عليه وآله وسلم)) بيده، وأخرج ترابه ودخل رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) قبرها فاضطجع فيه، ثمّ قال: «الله الّذي يحيي ويميت، وهو حيّ لا يموت، اللّهمّ اغفر لاُمّي فاطمة بنت أسد بن هاشم، ولقّنها حجتها، ووسّع عليها مدخلها بحقّ نبيّك والأنبياء من قبلي، فإنّك أرحم


(1) بحار الأنوار: 35 / 72.
(2) الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: 31.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة