بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الخامس عشر / القسم الثانی عشر: شهادة علی الاکبر و علی الاصغر، بعض الامويين الموالون للامام علی ...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

خِطبة‌ معاوية‌ ابنة‌ عبد الله‌ بن‌ جعفر وزينب‌ علیها السلام‌

 وذكر ابن‌ إسحاق‌ في‌ سيرته‌ المطبوعة‌ بتحقيق‌ الدكتور سُهيل‌ زكّار، ص‌ 251 و 252، خِطبة‌ معاوية‌ ابنة‌ السيّدة‌ زينب‌ علیها السلام‌، ثمّ زواج‌ عبدالملك‌بن‌ مروان‌ منها، وطلاقها، وزواج‌ عليُ بن عبد الله‌ بن‌ عبّاس‌ منها. قال‌: كانت‌ زينب‌ ابنة‌ عليُ بن أبي‌ طالب‌ تحت‌ عبد الله‌ بن‌ جعفربن‌ أبي‌ طالب‌ فولدت‌ له‌ عليُ بن عبد الله‌ بن‌ جعفر، وأُمّ أبيها، فتزوّج‌ أُمِّ أبيها عبدالملك‌ بن‌ مروان‌ وطلّقها فتزوّجها عليُ بن عبد الله‌ بن‌ عبّاس‌.

 روي‌ يونس‌ عن‌ ثابت‌ بن‌ دينار، عن‌ أبي‌ جعفر قال‌: خطب‌ معاوية‌ ابن‌ أبي‌ سفيان‌ إلی‌ عبد الله‌ بن‌ جعفر ابنته‌ من‌ زينب‌ ابنة‌ عليّوأمّها فاطمة‌؛ وقال‌ له‌ معاوية‌: أقضي‌ عنك‌ دينَك‌، فوعده‌. فقال‌ عبد الله‌: إنّ عليّ اميراً لستُ أستطيع‌ أن‌ أزوّجها حتّي‌ أستأمره‌. فقال‌ له‌ معاوية‌: فاستأمره‌! وأتي‌ حسين‌بن‌ عليّوقال‌: إنّ معاوية‌ خطب‌ إلی‌َّ ابنتي‌ ووعدني‌ قضاء دَيني‌. وإنّما أنت‌ والد، أنت‌ خالها فما تري‌؟ قال‌ له‌: أحبّ أن‌ تجعل‌ أمرها بيدي‌. قال‌: هو بيدك‌! فدخل‌ حسين‌ بن‌ عليّعلی‌ الجارية‌، فقال‌: إنّ أباكِ قد جعل‌ أمركِ بيدي‌ فاجعلی‌ أمركِ بيدي‌. فقالت‌: هو بيدك‌! فخرج‌ حسين‌، فقال‌: اللهمّ أقدر لها خير من‌ تعلم‌! فلقي‌ شابّاً منهم‌، فقال‌: يا فلان‌ اجعل‌ أمرك‌ بيدي‌! فقال‌: هو بيدك‌.

 وكتب‌ معاوية‌ إلی‌ مروان‌ بن‌ الحكم‌، وهو أمير المدينة‌: إنّني‌ خطبت‌ إلی‌ أبي‌ جعفر ابنته‌ فاشترط‌ رضا حسين‌، فأدعه‌ إلیك‌ حتّي‌ يسلّم‌! فجمع‌ مروان‌ الناس‌ وجاء بالدفّ والسُّكَّر، ودعا حسيناً فقال‌: إنّ أميرالمؤمنين‌ كتب‌ إلی‌ّ أ نّه‌ خطب‌ إلی‌ عبد الله‌ بن‌ جعفر، واشترط‌ رضاك‌، فسلّم‌ له‌! فحمدالله‌ حسين‌ وأثني‌ علیه‌، ثمّ قال‌: أشهدكم‌ أ نّي‌ قد زوّجتها فلاناً ـ يعني‌ الشابّ الذي‌ لقيه‌ـ فقال‌ مروان‌: أبيتم‌ يا بني‌ هاشم‌ إلاّ غدراً. فقال‌ له‌ حسين‌: نشدتك‌ بالله‌ هل‌ تعلم‌ أنّ الحسن‌ بن‌ عليّخطب‌ ابنة‌ عثمان‌بن‌ عفّان‌، فاجتمع‌ الناس‌ مثل‌ اجتماعهم‌ الآن‌، وحضر الحسن‌ لذلك‌، فجئت‌ أنتَ فخطبت‌ ثمّ زوّجتها غيره‌؟! فقال‌: نعم‌! قال‌ الحسين‌: فمن‌ الغادر نحن‌ أم‌ أنتم‌؟ ثمّ أعطي‌ حسين‌ عبد الله‌ بن‌ جعفر أرضاً له‌ يقال‌ لها البُغَيْبغة‌ . فباعها من‌ معاوية‌ بألفي‌ ألف‌، وأعطي‌ الشابَّ الذي‌ زُوِّج‌ أرضاً له‌ أُخري‌ قوّمت‌ ألفي‌ ألف‌. وأعطي‌ من‌ صلب‌ ماله‌ قيمة‌ أربعة‌ آلاف‌ ألف‌.

 الرجوع الي الفهرس

المشاعر والعواطف‌ البشريّة‌ عند الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌

 كان‌ الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ يريدون‌ أمراً أحياناً، ويقدّر الله‌ غيره‌. سئل‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: بِمَاذَا عَرَفْتَ رَبَّكَ؟!

 فَقَالَ: بِفَسْخ‌ العَزَائِمِ وَنَقْضِ الهِمَمِ. لَمَّا هَمَمْتُ فَحِيلَ بَيْنِي‌ وَبَيْنَ هَمِّي‌. وَعَزَمْتُ فَخَالَفَ القَضَاءُ وَالقَدَرُ عَزْمِي‌. عَلِمْتُ أَنَّ المُدَبِّرَ غَيْرِي‌!

 ورُوي‌ في‌ « نهج‌ البلاغة‌ »: عَرَفْتُ اللَهَ سُبْحَانَهُ بِفَسْخِ العَزَائِمِ وَحَلِّ العُقُودِ. [1]

 وَكَانَ عَلَیهِ السَّلاَمُ يُسَلِّمُ عَلَی‌ النِّسَاءِ وَيَكْرَهُ السَّلاَمَ عَلَی‌ الشَّابَّةِ مِنْهُنَّ، فَقِيلَ لَهُ فِي‌ ذَلِكَ. فَقَالَ عَلَیهِ السَّلاَمُ: أَتَخَوَّفُ أَنْ يُعْجِبَنِي‌ صَوْتُهَا فَيَدْخُلَ عليّ اكْثَرُ مِمَّا طَلَبْتُ مِنَ الاَجْرِ. [2]

 قال‌ الشيخ‌ المفيد: روي‌ عبد الله‌ بن‌ ميمون‌ القدّاح‌ عن‌ جعفربن‌ محمّد الصادق‌ علیه‌ السلام‌ أ نّه‌ قال‌: اصْطَرَعَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ عَلَیهِمَا السَّلاَمُ بَيْنَ يَـدَي‌ْ رَسُـولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ، فَقَالَ رَسُـولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ: إيهاً [3] حَسَنُ! خُذْ حُسَيْناً!

 فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَیهَا السَّلاَمُ: يَا رَسُولَ اللَهِ! أَتَسْتَنْهِضُ الكَبِيرَ عَلَی‌ الصَّغِيرِ؟!

 فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ: هَذَا جَبْرَئِيلُ عَلَیهِ السَّلاَمُ يَقُولُ لِلحُسَيْنِ: إيهاً حُسَيْنُ خُذِ الحَسَنَ. [4]

 وكان‌ سيّد الشهداء علیه‌ السلام‌ شديد الحبِّ لسُكينة‌ وأُمّها الرباب‌. وكانت‌ الرباب‌ ابنة‌ امري‌ القيس‌ . وتتضمّن‌ قصّة‌ زواجها منه‌ شرحاً لطيفاً . [5]

 قال‌ أبو الفرج‌: حدّثني‌ عوف‌ بن‌ خارجة‌ المُرّي‌ّ قال‌: والله‌ إنّي‌ لعند عمربن‌ الخطّاب‌ في‌ خلافته‌ إذ أقبل‌ رجل‌ أفحج‌ أجلح‌ أمعر [6] يتخطّي‌ رقابَ الناس‌ حتّي‌ قام‌ بين‌ يدي‌ عمر فحيّاه‌ بتحيّة‌ الخلافة‌. فقال‌ له‌ عمر: فمن‌ أنتَ؟ قال‌: أنا امرؤ نصراني‌ّ، أنا امرؤ القيس‌ بن‌ عدي‌ّ الكلبي‌ّ! [7] قال‌: فعرفه‌ عمر.

 فقال‌ له‌ رجل‌ من‌ القوم‌: هذا صاحب‌ بكر بن‌ وائل‌ الذي‌ أغار علیهم‌ في‌ الجاهليّة‌ يوم‌ فلج‌.

 قال‌ عمر: فما تريد؟! قال‌: أريدالإسلام. فعرضه‌ علیه‌ عمر فقبله‌. ثمّ دعا له‌ برمح‌ فعقد له‌ علی‌ من‌ أسلم‌ بالشام‌ من‌ قضاعة‌. فأدبر الشيخ‌ واللواء يهتزّ علی‌ رأسه‌.

 قال‌ عوف‌: فوالله‌ ما رأيت‌ رجلاً لم‌ يُصلّ للّهِ جلّ وعزّ ركعة‌ قطّ أُمِّر علی‌ جماعة‌ من‌ المسلمين‌ قبله‌.

 ونهـض‌ عليُ بن أبي‌ طالب‌ علیه‌ السـلام‌ من‌ المجلـس‌ ومعه‌ ابناه‌ الحسن‌ والحسين‌ علیهما السلام‌ حتّي‌ أدركه‌. فأخذ بثيابه‌، فقال‌ له‌: يا عَمِّ! أَنَا عليّبْنُ أَبِي‌ طَالِبٍ ابْنُ عَـمِّ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ ] وَآلِهِ [ وَسَـلَّمَ وَصِهْرُهُ، وَهَذَانِ ابْنَاي‌َ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ مِن‌ ابْنَتِهِ وَقَدْ رَغِبْنَا فِي‌ صِهْرِكَ فَأَنْكِحْنَا!

 فَقَالَ: قَدْ أَنْكَحْتُكَ يَا عليّ المَحْيَاةَ: ابْنَةَ امْرِي‌ القَيْسِ! وَأَنْكَحْتُكَ يَا حَسَنُ سَلْمَي‌: ابْنَةَ امْرِي‌ القَيْسِ! وَأَنْكَحْتُكَ يَا حُسَيْنُ الرَّبَابَ: ابْنَةَ امْرِي‌ القَيْسِ! [8]

 الرجوع الي الفهرس

مشاعر سيّد الشهداء علیه‌ السلام‌ وعواطفه‌ يوم‌ عاشوراء

 نري‌ من‌ الضروري‌ّ هنا أن‌ نذكّر أنّ بعض‌ السفهاء يظنّون‌ أنّ وقائع‌ عاشوراء كانت‌ هيّنةً عاديّة‌ علی‌ سيّد الشهداء علیه‌ السلام‌. وأنّ المعاناة‌ والمشقّة‌ والعطش‌ والجرح‌ والقتل‌ والاسر كلّها أُمور سهلة‌ يسيرة‌، إذ إنّ الإمام‌ علیه‌ السلام‌ ذا الروح‌ الملكوتيّة‌ لا يؤثّر علیه‌ العطش‌ والجوع‌ والجرح‌ والشمس‌ والسيف‌ البتّار. فهو يواجه‌ هذه‌ الاشياء كلّها بوجوده‌ النوراني‌ّ والتجرّدي‌ّ وكأ نّها حلواء لذيذة‌ الطعم‌. ثمّ يتعجّبون‌ من‌ عليّ الاكبر كيف‌ قال‌ لابيه‌: العطش‌ قتلني‌، وثقل‌ الحديد أجهدني‌؟!

 ويجيبون‌ أنّ أباه‌ روّاه‌ بوضع‌ لسانه‌ أو خاتمه‌ في‌ فيه‌. والمراد من‌ ثقل‌ الحديد ليس‌ ثقل‌ الدرع‌، بل‌ هو كناية‌ عن‌ عظمة‌ الجيش‌ المتدرّع‌ بالحديد الحامل‌ للسيوف‌ إذ يحول‌ دون‌ حملته‌. [9]

 وهذا فهم‌ غير سديد. فقد كان‌ سيّد الشهداء علیه‌ السلام‌ بشراً له‌ جسم‌ طبيعي‌ّ. وكان‌ يُدرك‌ العطش‌ جيّداً، ويشعر بالجرح‌ جيّداً، ويحسّ بعويل‌ النساء وصيحات‌ الاطفال‌: العطش‌ العطش‌. بل‌ كان‌ أكثر منّا في‌ ذلك‌ بكثير لا نّه‌ كان‌ إنساناً كاملاً. ويستلزم‌ الكمال‌ في‌ الإنسانيّة‌ ظهور المحبّة‌ والمودّة‌ للمخلوقات‌ الإلهيّة‌، وإدراك‌ اللوازم‌ البدنيّة‌ والطبيعيّة‌ التي‌ تعدّ شرطاً لمقام‌ جمع‌ الجمع‌ بنحو أعمق‌ في‌ نفسه‌.

 أجل‌، إنّ عشقه‌ للّه‌، وتفانيه‌ في‌ القرآن‌ والسنّة‌ النبويّة‌، ومنهاج‌ الولاية‌ العلويّة‌، وبصيرته‌ وعمق‌ وعيه‌ لانحراف‌ التأريخ‌ والتفسير والحديث‌ وغصب‌ الحكّام‌ الغرباء عن‌ الدين‌ ومعارفه‌، الذين‌ وصل‌ بهم‌ الدور إلی‌ يزيد الفاسق‌ الفاجر، كلّ ذلك‌ قد ضيّق‌ علیه‌ الدنيا فلم‌ يجد دواءً مفيداً لتنبيه‌ الناس‌ إلاّ الشهادة‌ والجراح‌ والاسر. ولذا سنّ هذا المنهاج‌ بعشق‌، وتحرّك‌ للقضاء علی‌ الحكومة‌ الامويّة‌ المتفرعنة‌، تلك‌ الحركة‌ التي‌ لاتتوقّف‌ ولارجعة‌ فيها، وإن‌ كانت‌ واقعة‌ الطفّ قد حدثت‌ في‌ منتصف‌ الطريق‌ فَسَلاَمٌ عَلَیهِ ثُمَّ سَلاَمٌ عَلَیهِ ثُمَّ سَلاَمٌ عَلَیهِ. وَاللَّعْنُ عَلَی‌ عَدُوِّهِ، ثُمَّ اللَّعْنُ عَلَی‌ عَدُوِّهِ، ثُمَّ اللَّعْنُ عَلَی‌ عَدُوِّهِ.

 أَرأيتم‌ كيف‌ أثّر علیه‌ استشهاد فِلْذَتَي‌ كَبدهِ: عليّ الاكبر وطفله‌ الرضيع‌، فسوّد الدنيا في‌ عينيه‌؟ بَيدَ أ نّه‌ تلقّي‌ ذلك‌ بعشق‌ لا نّه‌ كان‌ لِلَّهِ وَفِي‌ سَبِيلِ اللَهِ وَإلی‌ اللَهِ.

 الرجوع الي الفهرس

استشهاد الطفل‌ الرضيع‌ يوم‌ الطفّ

 الطفل‌ الرضيع‌ أُمّه‌ الرباب‌[10] ابنة‌ امري‌ القيس‌ بن‌ عدي‌ّ، وأُمّها هند الهنود. قال‌ السيّد ابن‌ طاووس‌ رحمه‌ الله‌: ولمّا رأي‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ مصارع‌ فتيانه‌ وأحبّته‌، عزم‌ علی‌ لقاء القوم‌ بمهجته‌ ونادي‌: هَلْ مِنْ ذَابٍّ يَذُبُّ عَنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ؟! هَلْ مِنْ مُوَحِّدٍ يَخَافُ اللَهُ فِينَا؟! هَلْ مِنْ مُغِيثٍ يَرْجُو اللَهَ بِإغاثَتِنَا؟! هَلْ مِنْ مُعينٍ يَرْجُو مَا عِنْدَ اللَهِ فِي‌ إعانَتِنَا؟!

 فارتفعت‌ أصوات‌ النساء بالعويل‌. فتقدّم‌ إلی‌ باب‌ الخيمة‌ وقال‌ لزينب‌: نَاوِلِينِي‌ وَلَدِي‌َ الصَّغِيرَ حَتَّي‌ أُوَدِّعَهُ. فَأَخَذَهُ وَأَوْمَأَ إلَیهِ لِيُقَبِّلَهُ، فَرَمَاهُ حَرْمَلَةُ بْنُ كَاهِلِ الاَسَدِيِّ لَعَنَهُ اللَهُ بِسَهْمٍ فَوَقَعَ فِي‌ نَحْرِهِ فَذَبَحَهُ.

 در كمان‌ بنهاد تيري‌ حرمله‌             او فتاد اندر ملايك‌ غلغله‌

 رست‌ چون‌ تير از كمان‌ شوم‌ او                   پر زنان‌ بنشست‌ بر حلقوم‌ او

 چون‌ دريد آن‌ حلق‌، تير جانگداز                   سر ز باروي‌ يد الله‌ كرد باز

 تا كمان‌ زه‌ خورده‌ چرخ‌ پير را                       كس‌ نديده‌ دو نشان‌ يك‌ تير را

 شه‌ كشيد آن‌ تير و گفت‌ اي‌ داورم               ‌ داوري‌ خواه‌ از گروه‌ كافرم‌

 نيست‌ اين‌ نو باوة‌ پيغمبرت‌                        از فصيل‌ ناقه‌اي‌ كم‌ در برت‌ [11]

 وما أجمل‌ قول‌ الشاعر وهو يصوّر هذا المنظر!

 وَمُنْعَطِفٍ أَهْوَي‌ لِتَقْبيلِ طِفْلِهِ                 فَقَبَّلَ مِنْهُ قَبْلَهُ السَّهْمُ مَنْحَرا

 فقال‌ علیه‌ السلام‌ لزينب‌: خُذِيهِ، ثُمَّ تَلَقَّي‌ الدَّمَ بِكَفَّيْهِ فَلَمَّا امْتَلاَتَا رَمَي‌ بِالدَّمِ نَحْوَ السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: هَوَّنَ عَلَی مَا نَزَلَ بِي‌ أَ نَّهُ بِعَيْنِ اللَهِ!

 وفي‌ « الاحتجاج‌ »: أ نّه‌ لمّا بقي‌ فرداً ليس‌ معه‌ أحد إلاّ ابنه‌ علی‌ّبن‌ الحسين‌، وابن‌ آخر في‌ الرضاع‌ اسمه‌ عبد الله‌، أخذ الطفل‌ ليودّعه‌، فإذا بسهم‌ قد أقبل‌ حتّي‌ وقع‌ في‌ لبة‌ الصبي‌ّ فقتله‌. فنزل‌ عن‌ فرسه‌ وحفر للصبي‌ّ بجفن‌ سيفه‌ ورمّله‌ بدمه‌ ودفنه‌. [12]

 هذا الطفل‌ الرضيع‌ الذبيح‌ وسكينة‌ من‌ أُمّ واحدة‌، وهي‌ الرباب‌ ابنة‌ امري‌ القيس‌، المارّ ذكرها. وكان‌ سيّد الشهداء علیه‌ السلام‌ شديد الحبّ لسكينة‌ والرباب‌، وهما أيضاً كانتا تحبّانه‌ إلی‌ درجة‌ أنّ ابن‌ الاثير ذكر في‌ أحوال‌ الرباب‌ زوجة‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ أ نّها بقيت‌ بعده‌ سنة‌ لم‌يظلّها سقف‌ بيت‌ حتّي‌ بليت‌ وماتت‌ كَمَداً. وقيل‌: إنّها أقامت‌ علی‌ قبره‌ سنةً وعادت‌ إلی‌ المدينة‌ فماتت‌ أسفاً علیه‌.

 أمّا حبّ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ لسكينة‌ فقد بلغ‌ مبلغاً أ نّه‌ خاطبها بقوله‌: لاتحرقي‌ قلبي‌ بدمعك‌ حسرةً!

 لاحظوا مدي‌ مقام‌ مودّته‌ في‌ عالم‌ الكثرات‌ علی‌ أساس‌ محبّة‌ عالم‌ الوحدة‌ كم‌ كان‌ رفيعاً عإلیاً صحيحاً، إذ إنّ قطرات‌ من‌ دموع‌ ابنته‌ العزيزة‌ تحرق‌ قلبه‌ حسرةً. هذه‌ كلّها نكات‌ وحِكَم‌.

 ذكر المرحوم‌ المحدِّث‌ القمّي‌ّ والمرحوم‌ آية‌ الله‌ الشعراني‌ّ أ نّه‌ رُوي‌ في‌ بعض‌ المقاتل‌ أنّ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ لمّا نظر إلی‌ اثنين‌ وسبعين‌ رجلاً من‌ أهل‌ بيته‌ صرعي‌ التفت‌ إلی‌ الخيمة‌ ونادي‌: يَا سُكَيْنَةُ! يَا فَاطِمَةُ! يَا زَيْنَبُ! يَا أُمَّ كُلْثُومَ! عَلَیكُنَّ مِنِّي‌ السَّلاَمُ [13]! فنادته‌ سكينةُ: يَا أَبَه‌! استَسْلَمْتَ لِلمَوْتِ؟! فَقَالَ: كَيْفَ لاَ يَسْتَسْلِمُ لِلمَوْتِ مَن‌ لاَ نَاصِرَ لَهُ وَلاَ مُعِينَ؟!

 ... فَأَقْبَلَتْ سُكَيْنَةُ وَهِيَ صَارِخَةٌ وَكَانَ يُحِبُّهَا حُبَّاً شَدِيداً . فَضَمَّها إلی‌ صدره‌ ومسح‌ دموعها وقال‌:

 سَيَطُولُ بَعْدِي‌ يَا سُكَيْنَةُ فَاعْلَمِي                       ‌ مِنْكِ البُكَاءُ إذَا الحِمَامُ دَهَانِي‌

 لاَ تُحْرِقِي‌ قَلْبِي‌ بِدَمْعِكِ حَسْرَةً              مَادَامَ مِنِّي‌ الرُّوحُ فِي‌ جُثْمَانِي‌

 فَإذَا قُتِلْتُ فَأَنْتِ أَوْلَي‌ بِالَّذِي‌                    تَبْكِينَهُ يَا خَيْرَةَ النِّسْوَانِ [14]

 أجل‌، لم‌ أجد في‌ المقاتل‌ أنّ اسم‌ الطفل‌ الرضيع‌، الذي‌ استُشهد وأُمّه‌ الرباب‌، عليّ او عليّ الاصغر. وذكر البعض‌ أنّ اسمه‌ عبد الله‌. بَيدَ أنّ الثابت‌ عندي‌ هو أنّ هذا الطفل‌ اختار الشهادة‌ بإرادته‌ واختياره‌ ولبّي‌ نداء أبيه‌. وهذا سرّ من‌ أسرار عالم‌ الخلقة‌، إذ تمليك‌ الاطفال‌ إدراكاً واختياراً وقوّة‌ معنويّة‌ للجذب‌ والتنفير. فلهذا ضحّي‌ هذا الطفل‌ الرضيع‌ بنفسه‌ علی‌ منهاج‌ أبيه‌.

 وَالسَّلاَمُ عَلَیهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ صَارَ عَطْشَاناً وَيَوْمَ ذُبِحَ فِي‌ يَدَي‌ْ أَبِيهِ قَبْلَ أَنْ يُقَبِّلَهُ وَيُوَدِّعَهُ.

 الرجوع الي الفهرس

فضائل‌ عليّ الاكبر علیه‌ السلام‌ واستشهاده‌

 وَأَمَّا استشهاد عليّ الاكبر روح‌ سيّد الشهداء علیهما السلام‌، فالثابت‌ أ نّه‌ كان‌ أكبر ولد الإمام‌ علیه‌ السلام‌، وكان‌ له‌ من‌ العمر خمس‌ وعشرون‌ سنةً وله‌ زوجة‌ وولد. [15] وكان‌ أشبه‌ الناس‌ بجدّه‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ خَلقاً وخُلُقاً ومنطقاً.

 في‌ « إرشاد » المفيد: أُمّه‌ ليلي‌ ابنة‌ أبي‌ مُرَّة‌ بن‌ عُروة‌ بن‌ مسعود الثقفي‌ّ من‌ بني‌ ثقيف‌. جدّه‌ عروة‌ بن‌ مسعود هو أحد السادة‌ الاربعة‌ في‌الإسلام، وأحد رجلين‌ عظيمين‌ في‌ قوله‌ تعإلی‌ حكاية‌ عن‌ كفّار قريش‌: وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَـ'ذَا الْقُرْءَانُ عَلَی‌' رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ. [16]

 وهو الذي‌ أرسلته‌ قريش‌ إلی‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ يوم‌ الحديبيّة‌ فعقد معه‌ الصُّلح‌ وهو كافر. ثمّ أسلم‌ سنة‌ تسع‌ من‌ الهجرة‌ بعد رجوع‌ المصطفي‌ من‌ الطائف‌، واستأذن‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ في‌ الرجوع‌ لاهله‌. فرجع‌ ودعا قومه‌ إلی‌الإسلام. فرماه‌ واحد منهم‌ بسهمٍ وهو يؤذّن‌ للصلاة‌ فمات‌. فقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ لمّا بلغه‌ ذلك‌: مثل‌ عروة‌ مثل‌ صاحب‌ يس‌ دعا قومه‌ إلی‌ الله‌ فقتلوه‌.

 ( كذا في‌ « شرح‌ الشمائل‌ المحمّديّة‌ » في‌ شرح‌ قوله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: ورأيتُ عيسي‌ ابن‌ مريم‌ علیه‌ السلام‌ فإذا أقرب‌ من‌ رأيتُ به‌ شبهاً عروة‌بن‌ مسعود ) .

 روي‌ الجَزَري‌ّ في‌ « أُسد الغابة‌ » عن‌ ابن‌ عبّاس‌ أ نّه‌ قال‌: قال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌: أربعة‌ سـادة‌ في‌الإسلام: بِشـر بن‌ هلال‌ العبـدي‌ّ، وعدي‌ّبن‌ حاتم‌ الطـائي‌ّ، وسُـراقة‌ بن‌ مالـك‌ المُدلَجي‌ّ، وعُروة‌بن‌ مسـعود الثقفي‌ّ.

 وقال‌ في‌ « الملهوف‌ »: مِنْ أصْبَحِ النَّاسِ وَجْهاً وَأَحْسَنِهِمْ خُلْقاً، فَاسْتَأْذَنَ أَبَاهُ فِي‌ القِتَالِ، فَأَذِنَ لَهُ، ثُمَّ نَظَرَ إلَیهِ نَظَرَ آيِسٍ مِنْهُ وَأَرْخَي‌ عَلَیهِ السَّلاَمُ عَيْنَهُ وَبَكَي‌.

 وروي‌ محمّد بن‌ أبي‌ طالب‌ في‌ مقتله‌ إنَّهُ عَلَیهِ السَّلاَمُ رَفَعَ شَيْبَتَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: اللَهُمَّ اشْهَدْ عَلَی‌ هَؤلاَءِ القَوْمِ فَقَدْ بَرَزَ إلَیهِمْ غُلاَمٌ أَشْبَهُ النَّاسِ خَلْقاً وَخُلْقاً وَمَنْطِقاً بِرَسُولِكَ. كُنَّا إذَا اشْتَقْنَا إلَی‌ نَبِيِّكَ نَظَرْنَا إلَی‌ وَجْهِهِ.

 اللَهُمَّ امْنَعْهُمْ بَرَكَاتِ الاَرْضِ، وَفَرِّقْهُمْ تَفْرِيقاً، وَمَزِّقْهُمْ تَمْزِيقاً، وَاجْعَلْهُمْ طَرَائِقَ قِدَداً، وَلاَ تُرْضِ الوُلاَةَ عَنْهُمْ أَبَداً! فَإنَّهُمْ دَعَوْنَا لِيَنْصُرُونَا ثُمَّ عَدَوْا عَلَینَا يُقَاتِلُونَنَا.

 ثمّ صاح‌ بعمر بن‌ سعد: مَا لَكَ؟ قَطَعَ اللَهُ رَحِمَكَ، [17] وَلاَ بَارَكَ اللَهُ لَكَ فِي‌ أَمْرِكَ، وَسَلَّطَ عَلَیكَ مَنْ يَذْبَحُكَ بَعْدِي‌ عَلَی‌ فِرَاشِكَ كَمَا قَطَعْتَ رَحِمِي‌ وَلَمْ تَحْفَظْ قَرَابَتِي‌ مِنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ. ثُمَّ رَفَعَ صَوْتَهُ وَتَلاَ: «إِنَّ اللَهَ اصْطَفَي‌'´ ءَادَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إبْرَ ' هِيمَ وَءَالَ عِمْرَ ' نَ عَلَی‌ الْعَـ'لَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن‌ بَعْضٍ وَاللَهُ سَمِيعٌ علیمٌ. [18]

 وعن‌ « أمالی‌ » الصدوق‌، و « روضة‌ الواعظين‌ » لابن‌ فتّال‌: وبرز من‌ بعده‌ ( أي‌: بعد عبد الله‌ بن‌ مسلم‌ بن‌ عقيل‌ ) عليُ بن الحسين‌ علیه‌ السلام‌. فلمّا برز إلیهم‌ دمعت‌ عين‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ فقال‌: اللَهُمَّ كُنْ أَنْتَ الشَّهِيدَ عَلَیهِمْ فَقَد بَرَزَ إلَیهِمْ ابْنُ رَسُولِكَ وَأَشْبَهُ النَّاسِ وَجْهاً وَسَمْتاً بِهِ!

 وقال‌ محمّد بن‌ أبي‌ طالب‌: رفع‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ سبّابته‌ نحو السماء ( وفي‌ نسخة‌: قبض‌ علی‌ لحيته‌ ) كما قال‌ الشاعر:

 شه‌ عشّاق‌، خلاّق‌ محاسن                       ‌ به‌ كف‌ بگرفت‌ آن‌ نيكو محاسن‌

 به‌ آه‌ و ناله‌ گفت‌: أي‌ داور من‌                     سوي‌ ميدان‌ كين‌ شد أكبر من‌

 به‌ خَلق‌ و خُلق‌ آن‌ رفتار و كردار                   بُد اين‌ نورسته‌ همچون‌ شاه‌ مختار [19]

 وأخذ عليّ الاكبر علیه‌ السلام‌ يرتجز ويقول‌:

 أَنَا عليّ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ علی‌                    نَحْنُ وَبَيْتِ اللَهِ أَوْلَي‌ بِالنَّبِي‌

 مِنْ شَبَثٍ وَشَمِرٍ [20] ذَاكَ الدَّنِي                ‌ أَضْرِبُكُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّي‌ يَنْثَنِي‌

 ضَرْبَ غُلاَمٍ هَاشِمي‌ٍّ عَلَوِي                    ‌ وَلاَ أَزَالُ إلیوْمَ أَحْمِي‌ عَنْ أَبِي‌

 تَاللَهِ لاَ يَحْكُمُ فِينَا ابْنُ الدَّعِي‌

 وشدّ علی‌ الناس‌ مراراً ـ وقال‌ في‌ « روضة‌ الصفا »: ـ اثنتي‌ عشرة‌ مرّة‌ـ وقتل‌ منهم‌ جمعاً كثيراً حتّي‌ ضجّ الناس‌ من‌ كثرة‌ مَن‌ قُتِلَ منهم‌. وروي‌ أ نّه‌ قتل‌ علی‌ عطشه‌ مائة‌ وعشرين‌ رجلاً. وفي‌ « المناقب‌ »: أ نّه‌ قتل‌ سبعين‌ مبارزاً. ثمّ رجع‌ إلی‌ أبيه‌ وقد أصابته‌ جراحات‌ كثيرة‌ فقال‌:

 يَا أَبَة‌! العَطَشُ قَدْ قَتَلَنِي‌ وَثِقْلُ الحَدِيدِ أَجْهَدَنِي‌، فَهَلْ إلَی‌ شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ سَبِيل‌ أَتَقَوَّي‌ بِهَا عَلَی‌ الاَعْدَاءِ؟[21]

 فَبَكَي‌ الحُسَيْنُ عَلَیهِ السَّلاَمُ وَقَالَ: وَاغَوْثَاهُ! يَا بُنَي‌َّ قَاتِلْ قَلِيلاً! فَمَا أَسْرَعَ مَا تَلْقَي‌ جَدَّكَ مُحَمَّداً صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ فَيَسْقِيكَ بِكَأْسِهِ الاَوْفَي‌ شَرْبَةً لاَ تَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَداً! [22] فرجع‌ إلی‌ القتال‌ وهو يقول‌:

 الحَرْبُ قَدْ بَانَتْ لَهَا الحَقَائِقُ                    وَ ظَهَرَتْ مِنْ بَعْدِهَا مَصَادِقُ

 وَاللَهِ رَبِّ العَرْشِ لاَ نُفَارِقُ                      جُمُوعَكُمْ أَوْ تُغْمَدَ البَوَارِقُ

 فلم‌ يزل‌ يقاتل‌ حتّي‌ قتل‌ إتمام‌ المائتين‌، وكان‌ أهل‌ الكوفة‌ يتّقون‌ قتله‌. فبصر به‌ مُرّة‌ بن‌ مُنقِذ بن‌ النُّعمان‌ العَبْدي‌ّ الليْثي‌ّ فقال‌: عليّ اثام‌ العرب‌ إن‌ مرّ بي‌ يفعل‌ مثل‌ ما كان‌ يفعل‌ إن‌ لم‌ أثكله‌ أباه‌! فمرّ يشدّ علی‌ الناس‌ بسيفه‌ فاعترضه‌ مُرّة‌ بن‌ منقذ فطعنه‌ فصُرع‌.

 في‌ « الإرشاد »، و « تاريخ‌ الطبري‌ّ »: اعترضه‌ مُرّة‌، وطعنه‌، فصرعه‌. واحتواه‌ الناس‌ فَقَطَّعُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ إرباً إرباً.

 وقال‌ أبو الفرج‌: وجعل‌ يكرّ كرّة‌ بعد كرّة‌ حتّي‌ رُمي‌َ بسهمٍ فوقع‌ في‌ حلقه‌ فخرقه‌. وأقبل‌ ينقلب‌ في‌ دمه‌، ثمّ نادي‌: يَا أَبَتَاهُ عَلَیكَ السَّلاَمُ! هذا جدّي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ يقرئك‌ السلام‌ ويقول‌: عَجّل‌ القدومَ إلینا. وَشَهِقَ شَهْقَةً فَارَقَ الدُّنْيَا.

 وفي‌ بعض‌ المقاتل‌: ثمّ ضربه‌ منقذ بن‌ مُرّة‌ العبدي‌ّ لعنه‌ الله‌ علی‌ مفرق‌ رأسه‌ ضربةً صرعته‌ وضربه‌ الناس‌ بأسيافهم‌.

 ثمّ اعتنق‌ فرسه‌ فاحتمله‌ الفرس‌ إلی‌ عسكر الاعداء فَقَطَّعُوهُ بِسِيُوفِهِمْ إرْباً إرْباً. فَلَمَّا بَلَغَتِ الرُّوحُ التَرَاقِي‌ قَالَ رَافِعاً صَوْتَهُ: يَا أَبَتَاهُ! هَذَا جَدِّي‌ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ قَدْ سَـقَانِي‌ بِكَأْسِـهِ الاَوْفَي‌ شَرْبَةً لاَ أَظْـمَأُ بَعْـدَهَا أَبَـداً وَهُوَ يَقُـولُ: العَجَلَ! فَإنَّ لَكَ كَأْسَـاً مَذْخُـورَةً حَتَّي‌ تَشْـرَبَهَا السَّاعَةَ!

 سوي‌ لشكر گه‌ دشمن‌ شدي‌ تفت‌             ندانم‌ كه‌ كرا برد و كجا رفت‌

 همي‌ دانم‌ كه‌ جسم‌ جان‌ جانان                 ‌ مقطَّع‌ گشت‌ چون‌ آيات‌ قرآن‌

 چو رفت‌ از دست‌ شاه‌ عشق‌ دلبند             دوان‌ شد از پي‌ گم‌ گشته‌ فرزند

 صف‌ دشمن‌ دريدي‌ از چپ‌ وراست‌              نواي‌ الحذر از نينوا خاست‌ [23]

 عُقابي‌ ديد ناگه‌ پر شكسته‌                       علی‌ افتاده‌ زين‌ از هم‌ گسسته‌

 سري‌ بي‌ افسر و فرقي‌ دريده‌                     به‌ جانان‌ بسته‌ جان‌، از خود بريده‌

 فرود آمد ز زين‌ آن‌ با جلالت‌                        چو پيغمبر ز معراج‌ رسالت‌

 بگفت‌ با آن‌ چكيده‌ جان‌ عشقش                ‌ پس‌ از تو خاك‌ بر دنيا و عيشش‌[24]

 قال‌ حميد بن‌ مسلم‌: سماع‌ أُذني‌ يومئذٍ من‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ يقول‌: قَتَلَ اللَهُ قَوْماً قَتَلُوكَ يَا بُنَيَّ! مَا أَجْرَأَهُمو عَلَی‌ الرَّحْمَنِ وَعَلَی‌ انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الرَّسُولِ. وَانْهَمَلَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ ثُمَّ قَالَ: عَلَی‌ الدُّنْيَا بَعْدَكَ العَفَا! [25]

 چو رفت‌ از دست‌ شاه‌ عشق‌ پيوند             روان‌ شد از پي‌ گم‌ گشته‌ فرزند

 توانائي‌ شدش‌ از تن‌، ز سر هوش‌              گرفت‌ آن‌ پيكر خونين‌ در آغوش‌ [26]

 چو آوردند تمثال‌ پيمبر                   برون‌ از خيمه‌ آمد دخت‌ حيدر

 روان‌ شد سوي‌ نعش‌ برگزيده‌                     به‌ دنبالش‌ زنان‌ داغديده‌

 چنان‌ زد صيحه‌ ليلاي‌ [27] جگر خون               ‌ كه‌ عقل‌ ما سِوي‌ گرديد مجنون‌ [28]

 * * *

 سر نهادش‌ بر سر زانوي‌ ناز                       گفت‌ كاي‌ بإلیده‌ سرو سرفراز

 اي‌ درخشان‌ اختر برج‌ شرف‌                       چون‌ شدي‌ سهم‌ حوادث‌ را هدف‌

 اي‌ به‌ طرف‌ ديده‌ خإلی‌ جاي‌ تو                   خيز تا بينم‌ قد رعناي‌ تو [29]

 بيش‌ از اين‌ بابا دلم‌ را خون‌ مكن‌                 زادة‌ ليلي‌ مرا مجنون‌ مكن‌

 اي‌ نگارين‌ آهوي‌ مشگين‌ من‌                     با تو روشن‌ چشم‌ عالم‌ بين‌ من‌

 رفتي‌ و بردي‌ ز چشم‌ باب‌ تاب                    ‌ أكبرا بي‌ تو جهان‌ بادا خراب‌

 تو سفر كردي‌ و آسودي‌ ز غم‌                     من‌ در اين‌ وادي‌ گرفتار الم‌ [30]

 * * *

 يَا كَوْكَباً مَا كَانَ أقْصَرَ عُمْرَهُ                    وَ كَذَا تَكُونُ كَوَاكِبُ الاَسْحَارِ

 عَجِلَ الخُسُوفُ إلَیهِ قَبْلَ أَوَانِهِ                فَغَشَاهُ قَبْلَ مَظَنَّةِ الإبْدَارِ [31]

 إنَّ الكَوَاكِبَ فِي‌ مَحَلِّ عُلُوِّهَا                  لَتُرَي‌ صِغَاراً وَهِي‌َ غَيْرُ صِغَارِ

 أَبْكِيهِ ثُمَّ أَقُولُ مُعْتَذِراً لَهُ                        رَفَقْتَ حِينَ تَرَكْتَ أَلاْمَ دَارِ

 فَإذَا نَطَقْتُ فَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْطِقِي‌                 وَإذَا سَكَتُّ فَأَنْتَ فِي‌ مِزْمَارِي‌ [32]

 قال‌ المحدِّث‌ القمّي‌ّ نقلاً عن‌ الطبري‌ّ، وأبي‌ الفرج‌، وابن‌ طاووس‌، عن‌ الشيخ‌ المفيد رحمه‌ الله‌:

 وَخَرَجَتْ زَيْنَبُ أُخْتُ الحُسَيْنِ عَلَیهِ السَّلاَمُ مُسْرِعَةٌ تُنَادِي‌: يَا أُخَيَّاهْ وَابْنَ أُخَيَّاهْ! وَجَاءَتْ حَتَّي‌ أَكَبَّتْ عَلَیهِ. فَأَخَذَ الحُسَيْنُ عَلَیهِ السَّلاَمُ بِرَأْسِهَا فَرَدَّهَا إلَی‌ الفُسْـطَاطِ وَأَمَـرَ فِتْـيَانَهُ فَقَالَ: احْمِلُوا أَخَاكُـمْ (وفـي‌ ط‌ و ح‌) فَحَمَلُوهُ مِنْ مَصْرَعِهِ حَتَّي‌ وَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَي‌ الفُسْطَاطِ الَّذِي‌ كَانُوا يُقَاتِلُونَ أَمَامَهُ.

 أنشد جدّ آية‌ الله‌ الشعراني‌ّ رحمهما الله‌ في‌ ذلك‌ قائلاً:

 چو آفتاب‌ برآمد ز خيمه‌ خورشيدي              ‌ كه‌ آفتاب‌ نمي‌ديد هيچگه‌ رويش‌

 ز داغ‌ سرو قدي‌ موكَنان‌ ومويه‌ كُنان‌              بسان‌ فاخته‌ هر سو خروش‌ كوكويش‌ [33]

 قال‌ الطريحي‌ّ: روي‌ أ نّه‌ لمّا قُتل‌ عليُ بن الحسين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ طفّ كربلاء، أقبل‌ علیه‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ وعلیه‌ جبّة‌ دكناء وعمامة‌ مورّدة‌ وقد أرخي‌ لها غرزتين‌، فقال‌ مخاطباً له‌:

 أَمَّا أَنْـتَ يَا بُنَي‌َّ فَقَدِ اسْتَرَحْـتَ مِنْ كَرْبِ الدُّنْـيَا وَغَمِّهَا وَمَا أَسْـرَعَ اللُّحُوقَ بِكَ!

 وقال‌ المرحوم‌ المحدِّث‌ القمّي‌ّ رحمه‌ الله‌ بعد بحثٍ دار حول‌ عليّ الاكبر علیه‌ السلام‌ في‌ أ نّه‌ أوّل‌ شهيد من‌ أهل‌ بيت‌ سيّد الشهداء علیه‌ السلام‌ ذاكراً الدليل‌ ممّا اختاره‌ الطبري‌ّ، والجزري‌ّ، والإصفهاني‌ّ، والدينوري‌ّ، والشيخ‌ المفيد، والسيّد ابن‌ طاووس‌، وغيرهم‌: ويؤيّد ذلك‌ الزيارة‌ المشتملة‌ علی‌ أسامي‌ الشهداء:

 السَّلاَمُ عَلَیكَ يَا أَوَّلَ قَتِيلٍ مِنْ نَسْلٍ خَيْرِ سَلِيلٍ. [34]

 وقال‌ أيضاً: واختلفوا أيضاً في‌ سنّه‌ الشريف‌ اختلافاً عظيماً... فيكون‌ هو الاكبر، وهذا هو الاصحّ والاشهر.

 قال‌ فحل‌ الفقهاء الشيخ‌ الاجلّ محمّد بن‌ إدريس‌ الحلّي‌ّ في‌ « السرائر » في‌ خاتمة‌ كتاب‌ الحجّ: فإذا كانت‌ الزيارة‌ لابي‌ عبد الله‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ يزار ولده‌ عليّ الاكبر، وأُمّه‌ ليلي‌ ابنة‌ أبي‌ مرّة‌ بن‌ عروة‌ بن‌ مسعود الثقفي‌ّ، وهو أوّل‌ قتيل‌ في‌ الوقعة‌ يوم‌ الطفّ من‌ آل‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌.

 وولد علی‌ّبن‌ الحسين‌ هذا في‌ إمارة‌ عثمان‌. وقد روي‌ عن‌ جدّه‌ عليّ ابن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌. وقد مدحه‌ الشعراء. وروي‌ عن‌ أبي‌ عبيدة‌ وخلف‌ الاحمر أنّ هذه‌ الابيات‌ قيلت‌ في‌ عليُ بن الحسين‌ الاكبر المقتول‌ بكربلاء قدّس‌الله‌ روحه‌:

 لَمْ تَرَ عَيْنٌ نَظَرَتْ مِثْلَهُ               مِنْ مُحْتَفٍ يَمْشِي‌ وَلاَ نَاعِلِ

 يُغْلِي‌ بِنَي‌ِّ [35] اللَّحْمِ حَتَّي‌ إذَا                  أُنْضِجَ لَمْ يَغْلِ عَلَی‌ الآكِلِ

 كَانَ إذَا شَبَّتْ لَهُ نَارُهُ                 يُوقِدُهَا بِالشَّرَفِ الكَامِلِ

 كَيْمَا يَرَاهَا بَائِسٌ مُرْمِلٌ              أَوْ فَرْدُ حَي‌ٍّ لَيْسَ بِالآهِلِ

 أَعْنِي‌ ابْنَ لَيْلَي‌ ذَا السَّدَي‌ وَالنَّدَي                      ‌ أَعْنِي‌ ابْنَ بِنْتِ الحَسَبِ الفَاضِلِ

 لاَ يُؤْثِرُ الدُّنْيَا عَلَی‌ دِينِهِ               وَلاَ يَبِيعُ الحَقَّ بِالبَاطِلِ

 الرجوع الي الفهرس

عليّ الاكبر علیه‌ السلام‌ من‌ منظار معاوية‌

 إلی‌ أن‌ قال‌ المحدِّث‌ القمّي‌ّ:

 ويؤيّد ذلك‌ مضمون‌ الابيات‌ الواردة‌ في‌ مدحه‌ علیه‌ السلام‌، وما رواه‌ أبو الفرج‌ عن‌ المغيرة‌ قال‌: قال‌ معاوية‌: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الاَمْرِ؟

 قَالُوا: أَنْتَ!

 قَالَ: لاَ! أَوْلَي‌ النَّاسِ بِهَذَا الاَمْرِ عليّبْنُ الحُسَيْنِ بْنُ عليّ علیهمُ السَّلاَمُ، جَدُّهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ، وَفِيهِ شَجَاعَةُ بَنِي‌ هَاشِمٍ، وَسَخَاءُ بَنِي‌ أُمَيَّةَ، وَزَهْوَ ثَقِيفٍ.

 هذا الكلام‌، وتلك‌ الابيات‌ المذكورة‌ في‌ علوّ الصفات‌، وقول‌ معاوية‌ الجدير بالثناء: إنّه‌ أولي‌ الناس‌ بخلافة‌ رسول‌ الله‌، كلّ ذلك‌ يدلّ علی‌ أ نّه‌ لم‌يكن‌ ابن‌ ثماني‌ عشرة‌ سنةً، لانّ صبيّاً مثله‌ لا يقال‌ فيه‌ هذا الكلام‌.

 ذكر أبو جعفر الطبري‌ّ في‌ منتخب‌ « ذيل‌ المُذَيَّل‌ » في‌ تأريخ‌ الصحابة‌ والتابعين‌:

 أنّ أُمّ عليّهي‌ آمنة‌ ابنة‌ أبي‌ مُرَّة‌ بن‌ عروة‌ بن‌ مسعود، وأُمّها ابنة‌ أبي‌ سفيان‌.

 وقال‌ حسّان‌ بن‌ ثابت‌ في‌ مدح‌ عليّ الاكبر:

 طَافَتْ بِنَا شَمْسُ النَّهَارِ وَمَنْ رَأَي‌                        مِنَ النَّاسِ شَمْساً بِالعِشَاءِ تَطُوفُ؟

 أَبُو أُمِّهَا أَوْفَي‌ قُرَيْشٍ بِذِمَّةٍ                     وَأَعْمَامُهَا إمَّا سَأَلْتَ ثَقِيفُ

 ومنهم‌ من‌ ينسب‌ هذين‌ البيتين‌ إلی‌ عمر بن‌ أبي‌ ربيعة‌، ويروي‌ « شمس‌ العشاء » مكان‌ « شمس‌ النهار » . [36]

وعلی‌ هذا فمعاوية‌ علیه‌ الهاوية‌ خال‌ ليلي‌ أُمّ عليّ الاكبر علیه‌ السلام‌، ويزيد علیه‌ اللعنة‌ بما لا مزيد ابن‌ خال‌ ليلي‌، وابن‌ خال‌ أُمّ عليّ الاكبر علیه‌ السلام‌.

 من‌ هنا كان‌ معاوية‌ يراه‌ أهلاً للخلافة‌ لانتسابه‌ الثلاثي‌ّ. أمّا سخاء بني‌ أُميّة‌ الذي‌ عدّه‌ من‌ فضائلهم‌ فهو كذب‌ محض‌. فالسخاء كلّه‌ سخاء بني‌ هاشم‌. والاموال‌ التي‌ كان‌ يبذّرها معاوية‌ من‌ بيت‌ مال‌ المسلمين‌ بلاحساب‌ من‌ أجل‌ حكومته‌ وإمارته‌ الشيطانيّة‌، لا ينبغي‌ أن‌ نحسبها سخاءً.

 وجملة‌ القول‌: استبان‌ ممّا جاء في‌ هذا البحث‌ أنّ علی الاكبر علیه‌ السلام‌ لم‌يكن‌ ذلك‌ القوي‌ّ الذي‌ لا تؤثّر فيه‌ ضربات‌ الاسلحة‌ من‌ سيف‌ ورمح‌ وغيرهما. كما لم‌ يكن‌ مضطرّاً في‌ تحرّكه‌ واستشهاده‌، فيأخذ سيفه‌ ويقتل‌ به‌ الكفّار تلقائيّاً. وهو نفسه‌ قال‌: أَبَه‌! العطش‌ قتلني‌ وثقل‌ الحديد أجهدني‌. ولم‌ يكن‌ عند أبيه‌ ماء فيُعطيه‌. ولم‌ يرد أن‌ يعمل‌ خلاف‌ سنّة‌ الجهاد، والقتل‌ في‌ سبيل‌ الله‌، والتضحية‌ في‌ سبيل‌ الدين‌، فيقوم‌ بمعجزة‌ أو كرامة‌، وإلاّ فإنّه‌ كان‌ قادراً علی‌ ذلك‌ بسهولة‌، وحينئذٍ لم‌ تكن‌ كربلاء بهذا الشكل‌ الذي‌ نعهده‌.

 عندما قال‌ رسول‌ الله‌ للحسين‌ علیهما الصلاة‌ والسلام‌: وَإنَّ لَكَ فِي‌ الجِنَانِ لَدَرَجَاتٍ لَنْ تَنَالَهَا إلاَّ بِالشَّهَادَةِ [37]! فهذا يعني‌ أنّ علیك‌ أن‌ تذهب‌ في‌ سفرك‌ خطوة‌ خطوة‌ بإرادتك‌ واختيارك‌ متحمّلاً المشاقّ والمصائب‌، وصابراً في‌ سبيل‌ الله‌، ومضحّياً بنفسك‌ وبابنك‌ عليّ الاكبر، بتلك‌ الكيفيّة‌ المعهودة‌، حتّي‌ تبلغ‌ مقصودك‌!

 وهذا السيّد الامير الحرّ الذي‌ هو مثال‌ النبي‌ّ يجب‌ أن‌ يكون‌ رفيقك‌ في‌ هذا الطريق‌ بنحوٍ يتحقّق‌ فيه‌ هُو الهُويَّة‌ الحقيقيّة‌ من‌ نفسيكما الروحانيّتين‌ لجميع‌ أهل‌ العالم‌، وتُروي‌ جذور شجرة‌الإسلام التي‌ يبست‌، وتنقرض‌ حكومة‌ بني‌ أُميّة‌: معاوية‌ ويزيد وبني‌ مروان‌، ولايبقي‌ لهم‌ أثر. ويتّضح‌ لكافّة‌ أهل‌ هذا العالم‌ وذلك‌ العالم‌ الملكوتي‌ّ أنّ الحقّ غير الباطل‌.

 كان‌ عليّ الاكبر أمل‌ قلب‌ أبيه‌. فرع‌ من‌ شجرة‌، ووشيجة‌ من‌ ساق‌. وهو كأبيه‌ في‌ أُسلوب‌ تفكيره‌ ومرامه‌ ومقصده‌. وينطبق‌ علیه‌ ما قيل‌: كَأَ نَّهُ هُوَ، بَلْ إنَّهُ هُوَ.

 لذا عاد إلی‌ ميدان‌ القتال‌، وقاتل‌ بجسمه‌ الجريح‌ ولَبانه‌ الذاوي‌ وفمه‌ الجافّ وكبده‌ الحرّان‌ في‌ شدّة‌ حرارة‌ الصيف‌، إذ كان‌ يوم‌ عاشوراء الخامس‌ والعشرين‌ من‌ السرطان‌ علی‌ أساس‌ المحاسبة‌ النجوميّة‌. أجل‌، قاتل‌ قتالاً أدهش‌ الصديق‌ والعدوّ، وهو يقول‌: أَحْمِي‌ عَنْ أَبِي‌ . لهذا له‌ في‌ يوم‌ القيامة‌ مقام‌ لايناله‌ الشهداء والصدِّيقون‌.

 الرجوع الي الفهرس

حوار عليّ الاكبر مع‌الإمام الحسين‌ علیهما السلام‌ حول‌ الشهادة‌

 نقل‌ المحدِّث‌ القمّي‌ّ عن‌ كتاب‌ « الإرشاد » للشيخ‌ المفيد فقال‌: ولمّا كان‌ في‌ آخر الليل‌ أمر الحسين‌ علیه‌ السلام‌ بالاستقاء من‌ الماء. ثمّ أمر بالرحيل‌، فارتحل‌ من‌ قصر بني‌ مقاتل‌. فقال‌ عقبة‌ بن‌ سمعان‌: سرنا معه‌ ساعة‌، فخفق‌ علیه‌ السلام‌ وهو علی‌ ظهر فرسه‌ خفقة‌، ثمّ انتبه‌ وهو يقول‌: إنَّا لِلَّهِ وَإنَّا إلَیهِ رَاجِعُونَ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ . ففعل‌ ذلك‌ مرّتين‌ أو ثلاثاً. فأقبل‌ إلیه‌ ابنه‌ عليُ بن الحسين‌ علیه‌ السلام‌ علی‌ فرس‌ فقال‌: لِمَ حَمِدتَ اللَهَ واسترجعتَ؟! فقال‌: يَا بُنَي‌َّ! إنِّي‌ خَفَقْتُ خَفْقَةً فَعَنَّ ـ أَي‌: ظَهَرَ ـ لِي‌ فَارِسٌ عَلَی‌ فَرَسٍ وَهُوَ يَقُولُ: القَوْمُ يَسْيرُونَ وَالمَنَايَا تَسِيرُ إلَیهِمْ، فَعَلِمْتُ أَ نَّهَا أَنْفُسُنَا نُعِيَتْ إلَینَا!

 فقال‌ له‌ ابنه‌: يَا أَبَهَ! لاَ أَرَاكَ اللَهُ سُوءاً! أَلَسْنَا عَلَی‌ الحَقِّ؟!

 قال‌: بَلَي‌ وَالَّذِي‌ إلَیهِ مَرْجِعُ العِبَادِ!

 قال‌: فَإنَّنَا إذاً لاَ نُبَإلی‌ أَنْ نَمُوتَ مُحِقِّينَ!

 فقال‌ له‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌: جَزَاكَ اللَهُ مِنْ وَلَدٍ خَيْرَ مَا جَزَي‌ وَلَداً عَنْ وَالِدِهِ! [38]

 عندما نلحظ‌ بالشهود والوجدان‌، والفكر والبرهان‌، والرواية‌ والدراية‌ أنّ كلاّ من‌ الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ قد اختار طريقه‌ وطواه‌ بإرادته‌ المحضة‌، وأنّ بين‌ ذراريهم‌ عدداً من‌ المنحرفين‌ كعبد الله‌ بن‌ جعفر، وجعفربن‌ حسن‌ الكذّاب‌، وموسي‌ بن‌ محمّد المبرقع‌ وأمثالهم‌، فَلِمَ نَغضّ الطرف‌ ونقول‌: إنّ أولاد النبي‌ّ وبني‌ فاطمة‌ جميعهم‌ في‌ الجنّة‌ بلا استثناء، وإنّ بني‌ أُميّة‌ كلّهم‌ في‌ جهنّم‌ بلا استثناء؟ ألا يعني‌ هذا نسبة‌ الظلم‌ إلی‌ الله‌ تعالی‌؟

 الرجوع الي الفهرس

نماذج‌ نادرة‌ من‌ الامويّين‌ كانوا من‌ الموإلین‌ للإمام‌ عليّ علیه‌ السلام‌

 وحينما نجد أنّ أفراداً من‌ بني‌ أُميّة‌ كانوا أقوياء في‌ ولائهم‌ لمولي‌ الموإلی‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، ومخالفتهم‌ للغاصبين‌: أبي‌ بكر، وعمر، وعثمان‌، ومعاوية‌ ونظائرهم‌، وأ نّهم‌ لم‌ يبايعوا قطّ، بل‌ تحمّلوا السجن‌، والتعذيب‌، والمعاناة‌، والقتل‌ في‌ سبيل‌ ذلك‌ الولاء، فلماذا نقول‌: هم‌ في‌ جهنّم‌ لا نّهم‌ من‌ عِرقٍ أُموي‌ّ؟ هلمّوا فانظروا ولاحظوا!

 الاوّل‌: خالد بن‌ سـعيد بن‌ العاص‌ بن‌ أُمـيّة‌ بن‌ عبد شمـس‌ بن‌ عبد مناف‌ بن‌ قُصَي‌ّ القرشي‌ّ الاموي‌ّ، عُرف‌ بنجيب‌ بني‌ أُميّة‌. كان‌ من‌ صحابة‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌، ومن‌ السابقين‌ الاوّلين‌، وأحد المتمسّكين‌ بولاية‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌. هاجر إلی‌ الحبشة‌ مع‌ جعفر، وعاد معه‌.

 حضر غزوة‌ الطائف‌، وفتح‌ مكّة‌، وغزوة‌ حنين‌. وولاّه‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ علی‌ جميع‌ صدقات‌ إلیمن‌. وهو الذي‌ عقد أُمّ حبيبة‌ ابنة‌ أبي‌ سفيان‌ للنبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ في‌ الحبشة‌ وكالةً. ولمّا توفّي‌ النبي‌ّ لم‌يبايع‌ أبا بكر حتّي‌ بايع‌ عليّ علیه‌ السلام‌ بالإكراه‌ فبايع‌ هو أيضاً كرهاً. وهو من‌ الاثني‌ عشر الذين‌ اعترضوا علی‌ أبي‌ بكر وأنكروا علیه‌ خلافته‌ يوم‌ الجمعة‌ حينما كان‌ علی‌ المنبر. وهذه‌ القصّة‌ موجودة‌ في‌ كتابَي‌ « الاحتجاج‌ » و « الخصال‌ » . [39]

 الثاني‌: محمّد بن‌ أبي‌ حُذَيفة‌ بن‌ عُتْبَة‌ بن‌ رَبيعة‌ بن‌ عبد شمس‌، ابن‌ خال‌ معاوية‌ بن‌ أبي‌ سفيان‌، إلاّ أ نّه‌ من‌ أصحاب‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ وانصاره‌ وشيعته‌. وقد حبسه‌ معاوية‌ مدّة‌ من‌ الزمن‌. وحواره‌ معه‌ بعد خروجه‌ من‌ السجن‌ مشهور. وذكره‌ المحدِّث‌ القمّي‌ّ. وفي‌ آخره‌ قال‌ لمعاوية‌: وَوَاللَهِ لاَ أَزَالُ أُحِبُّ علیاً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَأُبْغِضُكَ فِي‌ اللَهِ وَفِي‌ رَسُولِ اللَهِ أَبَداً مَا بَقِيتُ!

 قال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد: إنّ محمّد بن‌ أبي‌ حُذيفة‌ أُصيب‌ لمّا فتح‌ عمرو ابن‌العاص‌ مصر، فبعث‌ به‌ إلی‌ معاوية‌، فحبسه‌ معاوية‌ في‌ سجن‌ له‌. فمكث‌ فيه‌ كثير، فهرب‌ فذهب‌ في‌ طلبه‌ رجل‌ من‌ خثعم‌ يقال‌ له‌: عبيدالله‌ ابن‌ عمرو بن‌ ظلام‌، وكان‌ عثمانيّاً فوجده‌ في‌ غار، فأخذه‌ وضرب‌ عنقه‌. [40]

 الثالث‌: محمّد بن‌ عبد الله‌ بن‌ عمرو بن‌ عثمان‌ . كان‌ يقال‌ له‌: محمّد الديباج‌. وهو أخو عبد الله‌ المحض‌، وإبراهيم‌ الغمر، والحسن‌ المثلَّث‌ لاُمّهم‌. ذلك‌ أنّ الحسن‌ المثنّي‌ عندما مات‌ فإنّ زوجته‌ فاطمة‌ ابنة‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ أقامت‌ العزاء علی‌ قبره‌ سنة‌ كاملة‌ تحت‌ خيمة‌ قائمة‌ ليلها صائمة‌ نهارها. وطلب‌ عبد الله‌ بن‌ عمرو بن‌ عثمان‌ يدها وألحّ علی‌ ذلك‌ فرفضت‌ رفضاً شديداً. ثمّ استجابت‌ فتزوّجته‌، وأولدها محمّداً. وهذا الزواج‌ مذكور في‌ كتب‌ التأريخ‌ مفصّلاً.

 ولم‌ يكن‌ محمّد الديباج‌ من‌ الموإلین‌ لاهل‌ البيت‌ علیهم‌ السلام‌ فحسب‌، بل‌ تحمّل‌ في‌ سبيلهم‌ صنوف‌ العذاب‌ والضرب‌ بالسياط‌ والسجن‌ إلی‌ أن‌ فاضت‌ روحه‌ إلی‌ بارئها علی‌ هذا الطريق‌.

 وكان‌ شديد الحبّ لاخيه‌ من‌ أُمّه‌ عبد الله‌ حتّي‌ كان‌ عبد الله‌ يقول‌: ليس‌ في‌ الدنيا أبغض‌ إلی‌ّ من‌ والد محمّد: عبد الله‌ بن‌ عمرو، وليس‌ فيها أحبّ إلی‌ّ من‌ ولده‌ محمّد.

 هذه‌ الامثلة‌ والنماذج‌ الثلاثة‌ تكفي‌ هنا. وفي‌ التأريخ‌ شواهد كثيرة‌ غيرها يطول‌ الكلام‌ بذكرها. وإذا قال‌ أحد: جاء في‌ زيارة‌ عاشوراء المعروفة‌: اللَهُمَّ الْعَنْ بَنِي‌ أُميَّةَ قَاطِبَةً! فجوابه‌: أنّ هذا الدعاء مسوق‌ للغلبة‌. أي‌: أغلب‌ بني‌ أُميّة‌ من‌ شيعة‌ معاوية‌ ويزيد ومروان‌ هم‌ هكذا. وتجري‌ هنا القاعدة‌ المعروفة‌: مَا مِنْ عَامٍّ إلاَّ وَقَدْ خُصَّ. [41]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ«مستدرك‌ نهج‌ البلاغة‌» تإلیف‌ الشيخ‌ هادي‌ كاشف‌ الغطاء، ص‌ 170 .

[2] ـ«مستدرك‌ نهج‌ البلاغة‌» ص‌ 170 . ذكر الشيخ‌ الكليني‌ّ في‌ «فروع‌ الكافي‌» ج‌ 5، ص‌ 534 و 535، كتاب‌ النكاح‌، باب‌ التسليم‌ علی‌ النساء، طبعة‌ مطبعة‌ الحيدري‌ّ، أربع‌ روايات‌، الاُولي‌: بسنده‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ قال‌: قال‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: لا تبدؤوا النساءَ بالسلامِ وَلا تدعوهنّ إلی‌ الطعام‌ فإنّ النبي‌ّ صلَّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ قال‌: النساءُ عَي‌ٌّ وَعَوْرَةٌ فَاستروا عيّهنّ بالسكوت‌ واستروا عوراتهنّ بالبيوت‌.

 الثانية‌: بسنده‌ عنه‌ علیه‌ السلام‌ أيضاً قال‌: لاَ تُسَلِّم‌ علی‌ المرأة‌.

 الثالثة‌: بسنده‌ عنه‌ علیه‌ السلام‌ أيضاً قال‌: كَانَ رَسُولُ اللَهِ صلَّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ يُسلِّم‌ علی‌ النساء ويردّون‌ علیه‌، وكان‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ يسلِّم‌ علی‌ النساء وكان‌ يكره‌ أن‌ يسلّم‌ علی‌ الشابّة‌ منهنّ ويقول‌: أتخوّفُ أن‌ يُعجبني‌ صوتُها فيدخل‌ عليُأكثر ممّا طلبتُ مِنَ الاجرِ.

 الرابعة‌: بسنده‌ عنه‌ علیه‌ السلام‌ أيضاً قال‌: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: النساء عَي‌ٌّ وعورةٌ فاستروا العورات‌ بالبيوت‌، واستروا العَي‌َّ بالسكوت‌ . وجاء في‌ الهامش‌ في‌ بيان‌ وتفسير الخبر الاوّل‌ الذي‌ يشبه‌ مضمونه‌ هذا الخبر، نقلاً عن‌ كتاب‌ «مرآة‌ العقول‌» للمجلسي‌ّ رحمه‌ الله‌: العي‌ّ: العجز عن‌ البيان‌. أي‌: لا يمكنهنّ التكلّم‌ بما ينبغي‌ في‌ أكثر المواطن‌. فاسعوا في‌ سكوتهنّ لئلاّ يظهر منهنّ ما تكرهونه‌. فالمراد بالسكوت‌ سكوتهنّ. ويحتمل‌ أن‌ يكون‌ المراد سكوت‌ الرجال‌ المخاطبين‌ وعدم‌ التكلّم‌ معهنّ لئلاّ يتكلّمن‌ بما يؤذيهم‌. والعورة‌ ما يُستحي‌ منه‌ وينبغي‌ ستره‌.

[3] ـ في‌ «أقرب‌ الموارد»: إيْهاً بالكسر للإسكات‌ والكفّ: يقال‌: إيهاً عنّا أي‌: كُفَّ واسكت‌. وأيهاً بالفتح‌: اسم‌ فعل‌ كهَيْهَاتَ.

[4] ـ «الإرشاد» ص‌ 272، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[5] ـ روي‌ آية‌ الله‌ الشعراني‌ّ هذا الموضوع‌ كلّه‌ في‌ هامش‌ ص‌ 186 من‌ «دمع‌ السجوم‌» عن‌ ابن‌ حجر العسقلاني‌ّ في‌ «الإصابة‌»، عن‌ ابن‌ الكلبي‌ّ النسّابة‌ الذي‌ كان‌ من‌ أكابر الإماميّة‌ ومن‌ معاصري‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌.

[6] ـ الافحج‌: من‌ تدانت‌ صدور قدميه‌ وتباعد عقباه‌. الاجلح‌: الذي‌ انحسر شعره‌ عن‌ جانبي‌ رأسه‌. الامعر: القليل‌ الشعر.

[7] ـ من‌ الجدير ذكره‌ أنّ امري‌ القيس‌ هذا هو ابن‌ عدي‌ّ بن‌ أوس‌ بن‌ جابر، وهو كلبي‌ّ. وهو غير امري‌ القيس‌ المعروف‌، إذ إنّ والده‌ هو حجر الكندي‌ّ. ومات‌ قبل‌ البعثة‌ بثمانين‌ سنةً.

[8] ـ«الاغاني‌» ج‌ 16، ص‌ 140 و 141، طبعة‌ دار الكتب‌.

[9] ـ ذكر المرحوم‌ المحدِّث‌ القمّي‌ّ في‌ «نفثة‌ المصدور في‌ تجديد أحزان‌ يوم‌ العاشور»، ص‌ 25، قضيّة‌ توجيه‌ الحديد بالجيش‌.

[10] ـ«دمع‌ السجوم‌» ص‌ 186 .

[11] ـ يقول‌: «وضع‌ حرملةُ السهم‌ في‌ القوس‌ فأحدث‌ ضجيجاً بين‌ الملائكة‌.

 عندما انطلق‌ السهمُ من‌ قوسه‌ المشؤوم‌ استقرّ في‌ نحر الطفل‌ مرفرفاً.

 لمّا مزّق‌ السهمُ الإلیم‌ نحره‌ فإنّه‌ انتهك‌ يد الله‌ (سلالة‌ الإمامة‌ الطاهرة‌).

 منذ وتّرت‌ السماء قوسها (نزل‌ بلاؤها) لم‌ ير أحد سهماً ضرب‌ هدفين‌.

 أخرج‌ الإمام‌ السهم‌ وقال‌: اللهمّ احكم‌ بيني‌ وبين‌ هؤلاء الكافرين‌.

 هل‌ هذا البرعم‌ الغضّ من‌ براعم‌ نبيّك‌ أهون‌ علیك‌ من‌ فصيل‌ ناقة‌ ثمود؟».

[12] ـ«نفس‌ المهموم‌» ص‌ 216 و 217؛«دمع‌ السجوم‌» ص‌ 186 و 187 .

 وروي‌ المحدِّث‌ القمّي‌ّ في‌ «نفس‌ المهموم‌» ص‌ 216 و 217، وآية‌ الله‌ الشعراني‌ّ في‌ «دمع‌ السجوم‌» ص‌ 186 و 187، عن‌ الشيخ‌ المفيد في‌ ذكر مقتل‌ الطفل‌ الرضيع‌: ثمّ جلس‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ أمام‌ الفسـطاط‌ فأُتي‌ بابنه‌ عبد الله‌ بن‌ الحسـين‌، وهو طـفل‌، فأجلسـه‌ في‌ حجره‌. فرماه‌ رجل‌ من‌ بني‌ أسـد بسـهم‌ فذبحه‌. قال‌ أبو مخنف‌: قال‌ عقبة‌ بن‌ بشـير الاسدي‌ّ: قال‌ لي‌ أبو جعفر محمّد بن‌ عليُ بن‌ الحسين‌ علیهم‌ السلام‌: إنّ لنا فيكم‌ يا بني‌ أسد دماً. قال‌: قلتُ: فما ذنبي‌ أنا في‌ ذلك‌ رحمك‌ الله‌ يا أبا جعفر، وما ذلك‌؟! قال‌: أُتي‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ بصبي‌ٍّ له‌ فهو في‌ حجره‌ إذ رماه‌ أحدكم‌ يا بني‌ أسد بسهمٍ فذبحه‌. فتلقّي‌ الحسين‌ صلوات‌الله‌ علیه‌ دمه‌، فلمّا ملا كفّيه‌ صبّه‌ في‌ الارض‌، ثمّ قال‌: ربِّ إنّك‌ حبستَ عنّا النصر من‌ السماء فاجعل‌ ذلك‌ لما هو خير وانتقم‌ لنا من‌ هؤلاء الظالمين‌. وحكي‌ السبط‌ في‌ «التذكرة‌» عن‌ هشام‌بن‌ محمّد الكلبي‌ّ قال‌: لمّا رآهم‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ مصرّين‌ علی‌ قتله‌ أخذ المصحف‌ ونشره‌ وجعله‌ علی‌ رأسه‌ ونادي‌: بيني‌ وبينكم‌ كتاب‌ الله‌ وجدّي‌ محمّد رسول‌الله‌! يا قوم‌ بم‌ تستحلّون‌ دمي‌؟! فساق‌ الكلام‌ إلی‌ أن‌ قال‌: فالتفت‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ فإذا بطفلٍ له‌ يبكي‌ عطشاً. فأخذه‌ علی‌ يده‌ وقال‌: يا قوم‌ إن‌ لم‌ ترحموني‌ فارحموا هذا الطفل‌. فرماه‌ رجل‌ منهم‌ بسهمٍ فذبحه‌، فجعل‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ يبكي‌ ويقول‌: اللهمّ احكم‌ بيننا وبين‌ قومٍ دعونا لينصرونا فقتلونا. فنودي‌ من‌ السماء: دعه‌ يا حسين‌ فإنّ له‌ مرضعاً في‌ الجنّة‌. ثمّ قال‌: ورماه‌ حصين‌ بن‌ تميم‌ بسهمٍ فوقع‌ في‌ شفتيه‌، فجعل‌ الدم‌ يسيل‌ من‌ شفتيه‌ وهو يبكي‌ ويقول‌: اللهمّ إنّي‌ أشكو إلیك‌ ما يُفعل‌ بي‌ وبإخوتي‌ وولدي‌ وأهلي‌. وقال‌ ابن‌ نما: ثمّ حمله‌ فوضعه‌ مع‌ قتلي‌ أهل‌ بيته‌. وقال‌ محمّد بن‌ طلحة‌ في‌ «مطالب‌ السئول‌» نقلاً عن‌ صاحب‌ كتاب‌ «الفتوح‌» أ نّه‌ علیه‌ السلام‌ كان‌ له‌ ولد صغير، فجاءه‌ سهم‌ فقتله‌ فرمله‌ وحفر له‌ بسيفه‌ وصلّي‌ علیه‌ ودفنه‌، وقال‌ هذه‌ الابيات‌:

 * كَفَرَ القَوْمُ وَقِدْماً رَغَبُوا *

[13] ـ«نفثة‌المصدور في‌ تجديد أحزان‌ يوم‌ العاشور» ص‌ 38 و 39، الطبعة‌ الحجريّة‌. قال‌ المرحوم‌ المحدِّث‌ القمّي‌ّ هنا: وقُبض‌ الحسن‌ المثنّي‌ بن‌ الحسن‌ وله‌ خمس‌ وثلاثون‌ سنة‌. وضربت‌ زوجته‌ فاطمة‌ ابنة‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ علی‌ قبره‌ فسطاطاً، وكانت‌ تصوم‌ النهار وتقوم‌ الليل‌ إلی‌ سنة‌. نقل‌ ذلك‌ الشيخ‌ المفيد وكثير من‌ علماء الشيعة‌ والسُّنّة‌. وكان‌ هذا شائعاً بين‌ النساء المحترمات‌ الحانيات‌.

[14] ـ«نفس‌ المهموم‌» ص‌ 214؛و«دمع‌ السجوم‌» ص‌ 184 . قال‌ آية‌ الله‌ الشعراني‌ّ بعد هذه‌ الابيات‌: أيّاً كان‌ قائل‌ هذه‌ الابيات‌، الإمام‌ علیه‌ السلام‌ أو شخص‌ آخر أنشدها علی‌ لسانه‌، فلها مصداق‌، إذ إنّ سكينة‌ عمّرت‌ طويلاً وكانت‌ خيرة‌ نساء عصرها . ولم‌تكن‌ امرأة‌ مثلها في‌ كمال‌ الشرف‌ والادب‌ والعظمة‌ . وكانت‌ دارها مجمعاً للاُدباء والشعراء، والجميع‌ ينتظرون‌ منها الإكرام‌ والعطاء، ويقصدون‌ زيارتها من‌ مدن‌ بعيدة‌.

[15] ـ«نفس‌ المهموم‌» ص‌ 192 و 193؛و«دمع‌ السجوم‌» ص‌ 164 و 165 . ومن‌ الادلّة‌ علی‌ أنّ له‌ زوجة‌ وولداً رواية‌ الشيخ‌ الكليني‌ّ عن‌ عليُ بن‌ إبراهيم‌ القمّي‌ّ، عن‌ أبيه‌، عن‌ أحمدبن‌ محمّد بن‌ أبي‌ نصر البزنطي‌ّ رضي‌ الله‌ عنه‌، عن‌ الإمام‌ الرضا علیه‌ السلام‌ قال‌: سألته‌ عن‌ الرجل‌ يتزوّج‌ المرأة‌ ويتزوّج‌ أُمّ ولد أبيها. فقال‌: لا بأس‌ بذلك‌. فقلتُ له‌: بلغنا عن‌ أبيك‌ أنّ عليُ بن‌ الحسين‌ علیهما السلام‌ تزوّج‌ ابنة‌ الحسن‌ بن‌ عليُوأُمّ ولد الحسن‌ علیه‌ السلام‌، وذلك‌ أنّ رجلاً من‌ أصحابنا سألني‌ أن‌ أسألك‌ عنها. فقال‌ علیه‌ السلام‌: ليس‌ هكذا، إنّما تزوّج‌ علی‌ّبن‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ ابنة‌ الحسن‌ علیه‌ السلام‌ وأُمّ ولد لعليُ بن‌ الحسين‌ المقتول‌ عندكم‌!

 ورواه‌ الحميري‌ّ بسند صحيح‌ مثله‌. وفي‌ الزيارة‌ الطويلة‌ المرويّة‌ عن‌ الثمإلی‌ّ، عن‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ قال‌ في‌ زيارة‌ عليُ بن‌ الحسين‌ المقتول‌ بالطفّ: صَلَّي‌ اللَهُ علیكَ وَعلی‌ عِتْرَتِكَ وَأَهْلِ بَيْتِكَ وَآبَائِكَ وَأَبْنَائِكَ!

[16] ـ الآية‌ 31، من‌ السورة‌ 43: الزخرف‌.

[17] ـ قال‌ آية‌ الله‌ الشعراني‌ّ في‌ الهامش‌ ( 2 ) من‌ ص‌ 160 من‌ «دمع‌ السجوم‌»: كان‌ عمربن‌ سعدبن‌ أبي‌ وقّاص‌ من‌ قريش‌ من‌ بني‌ زهرة‌ بن‌ كِلاب‌، والإمام‌ علیه‌ السلام‌ من‌ أولاد عبدمناف‌بن‌ قصي‌ّ بن‌ كِلاب‌. فابن‌ سعد كان‌ من‌ قرابة‌ الإمام‌ علیه‌ السلام‌ لكنّه‌ لم‌يرع‌ حقّ القُربي‌، وقطع‌ الرحم‌.

[18] ـ الآيتان‌ 33 و 34، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

 ونقلنا هذا الكلام‌ عن‌ «الإرشاد» للمفيد حتّي‌ الموضوع‌ الاخير عن‌ «نفس‌ المهموم‌» ص‌ 188 و 189؛و«دمع‌ السجوم‌» ص‌ 159 إلی‌ 161 .

[19] ـ«نفس‌ المهموم‌» ص‌ 189؛و«دمع‌ السجوم‌» ص‌ 160 .

 يقول‌: «أخذ ملك‌ العاشقين‌ وخلاّق‌ المحاسن‌ لحيته‌ الشريفة‌ بيده‌.

 قال‌ متأوّهاً متحسّراً: اللهمّ أنت‌ تري‌ قد بزر ولدي‌ علی‌ الاكبر إلی‌ الميدان‌.

 وهذا الفتي‌ يشبه‌ المصطفي‌ المختار خَلقاً وخُلقاً وسمتاً».

[20] ـ علی‌ وزن‌ كَتِف‌ للضرورة‌ الشعريّة‌.

[21] ـ قال‌ آية‌ الله‌ الشعراني‌ّ في‌ الهامش‌ الاوّل‌ من‌ ص‌ 161، من‌ «دمع‌ السجوم‌»: نقل‌ المؤلِّف‌ (يعني‌ المحدِّث‌ القمّي‌ّ) في‌ «نفس‌ المهموم‌» هامش‌ ص‌ 189، حديثاً عن‌ «مدينة‌ المعاجز» للسيّد البحراني‌ّ، عن‌ أبي‌ جعفر الطبري‌ّ، عن‌ عبيد الله‌ بن‌ الحرّ قال‌: شهدتُ الحسين‌بن‌ عليُعلیهما السلام‌ وقد اشتهي‌ علیه‌ ابنه‌ عليُالاكبر عنباً في‌ غير أوانه‌. فضرب‌ بيده‌ إلی‌ سارية‌ المسجد فأخرج‌ له‌ عنباً وموزاً فقال‌: ما عند الله‌ لاوليائه‌ أكثر. وكلام‌ المحدِّث‌ القمّي‌ّ لدفع‌ التعجّب‌ من‌ طلب‌ عليُالاكبر ماءً وهو يعلم‌ بعدم‌ وجوده‌ـانتهي‌.

 أقول‌: هذا الموضوع‌ دليل‌ واضح‌ علی‌ كلامنا وهو أنّ أولياء الله‌ يصبرون‌ ويتحمّلون‌ الشدائد والعطش‌ مختارين‌ ابتغاء مرضاة‌ الله‌ مع‌ إمكان‌ الكرامة‌ والمعجزة‌، فيصبح‌ هذا سبباً في‌ علوّ مقامهم‌.

[22] ـ وقال‌ محمّد بن‌ أبي‌ طالب‌ في‌ مقتله‌: وقيل‌: إنّه‌ علیه‌ السلام‌ قال‌: يَا بُنَي‌َّ هات‌ لسانكَ فأخذ بلسانه‌ فمصّه‌ ودفع‌ إلیه‌ خاتمه‌ وقال‌: أمسكه‌ في‌ فيك‌ وارجع‌ إلی‌ قتال‌ عدوّك‌ فإنّي‌ أرجو أ نّك‌ لا تُمسي‌ حتّي‌ يسقيك‌ جدّك‌ بكأسه‌ الاوفي‌ شربة‌ لا تظمأ بعدها أبداً . («نفس‌ المهموم‌» ص‌ 189؛و«دمع‌ السجوم‌» ص‌ 161 ).

[23] ـ يقول‌:

 «مضي‌ إلی‌ عسكر العدوّ مسرعاً ولا أدري‌ مَن‌ ذا الذي‌ أخذه‌ وأين‌ ذهب‌.

 الذي‌ أعلمه‌ أنّ بدن‌ روح‌ الارواح‌ قد تقطّع‌ إرباً كآيات‌ القرآن‌.

 لمّا مضي‌ نجل‌ ملك‌ العشق‌ إلی‌ الميدان‌ تبعه‌ أبوه‌ مسرعاً خلفه‌.

 كان‌ يمزّق‌ ميمنة‌ العدوّ وميسرته‌ فعلا النداء (الحذر) من‌ نينوي‌».

[24] ـ يقول‌: «رأي‌ الإمام‌ الحسين‌ جواد عليُالاكبر مهيضاً وإذا عليُمجدّل‌ ووقع‌ سرج‌ فرسه‌.

 رأس‌ بلا تاج‌ وفرق‌ مشقوق‌ . فاضت‌ روحه‌ إلی‌ بارئها وقطع‌ منه‌ الامل‌.

 نزل‌ من‌ سرجه‌ بهيبة‌ وجلالة‌ كنزول‌ النبي‌ّ من‌ معراج‌ الرسالة‌.

 خاطب‌ عصارة‌ روحه‌ العاشقة‌ فقال‌: علی‌ الدنيا بعدك‌ العفا».

[25] ـ«نفس‌ المهموم‌» ص‌ 189 و 191؛و«دمع‌ السجوم‌» ص‌ 161 إلی‌ 163 .

[26] ـ يقول‌: «لمّا مضي‌ نجل‌ ملك‌ العشق‌ إلی‌ الميدان‌ تبعه‌ أبوه‌ مسرعاً خلفه‌.

 فقد قدرته‌ وأُغمي‌ علیه‌ ثمّ احتضن‌ جثمانه‌ الدامي‌».

[27] ـ لم‌ أجد في‌ أي‌ٍّ من‌ المقاتل‌ حضور ليلي‌ في‌ كربلاء. وقال‌ المحدِّث‌ القمّي‌ّ أيضاً في‌«نفس‌ المهموم‌» ص‌ 193: وأمّا أُمّه‌ علیه‌ السلام‌ هل‌ كانت‌ في‌ كربلاء أم‌ لا؟ لم‌ أظفر بشي‌ءٍ من‌ ذلك‌.

[28] ـ يقول‌: «لمّا أتوا بشبيه‌ النبي‌ّ خرجت‌ ابنة‌ حيدر من‌ خيمتها.

 وخرجت‌ النساء المفجوعات‌ خلف‌ نعشه‌ الطاهر.

 وصاحت‌ ليلي‌ الثكلي‌ صيحةً أدهشت‌ بها العقول‌».

[29] ـ يقول‌:

 «وضعت‌ رأسها علی‌ ركبتها وقالت‌: أيّها الممشوق‌ القامة‌.

 أيّها الكوكب‌ المتألّق‌ في‌ برج‌ الشرف‌، كيف‌ صرتَ هدفاً لسهم‌ الحوادث‌؟

 يا من‌ أري‌ مكانه‌ خإلیاً في‌ عيني‌، قم‌ كي‌ أري‌ قدّك‌ الممشوق‌».

[30] ـ يقول‌: «لا تجرح‌ قلبي‌ أكثر من‌ هذا يا بني‌ّ، ولا تُدهش‌ عقلي‌ يابن‌ ليلي‌.

 أيّها الظبي‌ الجميل‌ المعطّر، اعلم‌ أنّ قرّة‌ عيني‌ بوجودك‌.

 رحلتَ وأخذتَ منّي‌ الصبر فالدنيا بغيرك‌ خراب‌ أيّها الاكبر.

 سافرتَ فاسترحتَ من‌ الغموم‌ وتركتني‌ حليف‌ الآلام‌ في‌ هذه‌ الدنيا».

[31] ـ الإبدار: طلع‌ علیه‌ البَدْرُ.

[32] ـ هذه‌ القصيدة‌ لعليُ بن‌ محمّد بن‌ الحسن‌ بن‌ عبد العزيز الكاتب‌ التِّهامي‌ّ الذي‌ اتّخذ الشام‌ وجبل‌ عامل‌ مسكناً له‌ بعد تهامة‌. وهو من‌ الإماميّة‌. وننقل‌ فيما يأتي‌ ترجمته‌ اعتماداً علی‌ كتاب‌ «تأسيس‌ الشيعة‌ لعلوم‌ الإسلام‌» لآية‌ الله‌ السيّدحسن‌ الصدر، ص‌ 215 و 216 قال‌: قال‌ الشيخ‌ الحرّ في‌ «أمل‌ الآمل‌ في‌ علماء جبل‌ عامل‌»: كان‌ فاضلاً، عالماً، شاعراً، أديباً، منشـئاً، بليغاً. له‌ ديـوان‌ شعر حسـن‌. قال‌ أبو الحسـن‌ الباخـرزي‌ّ في‌ «دمية‌ القصر» عند ذكره‌: هو أ نّه‌ توّج‌ هامة‌ تهامة‌ بالانتساب‌ إلیها، وطرّز أكمّ الصناعة‌ بالاشتمال‌ علیها. فإنّ مقامه‌ لم‌يزل‌ بالشام‌، حتّي‌ انتقل‌ من‌ جوار بيتها الاجلّة‌ الكرام‌، إلی‌ جوار الله‌ ذي‌ الجلال‌ والإكرام‌، وله‌ شعر أدقّ من‌ دين‌ الفاسق‌، وأرقّ من‌ دمع‌ العاشق‌. وكانت‌ له‌ همّة‌ في‌ معإلی‌ الاُمور، فسوّل‌ له‌ خلافة‌ الجمهور، وقصد مصر واستولي‌ علی‌ أموالها، وملك‌ أزمّة‌ عمّالها. ثمّ غدره‌ بعض‌ أصحابه‌، حتّي‌ أ نّه‌ صار سبباً للظفر به‌، وأُودع‌ السجن‌ حتّي‌ مضي‌ لسبيله‌.

 قال‌ المرحوم‌ الصدر: وله‌ مدائح‌ حسنة‌ في‌ أهل‌ البيت‌ تدلّ علی‌ حسن‌ عقيدته‌. وذكره‌ ابن‌ خلّكان‌ وأثني‌ علیه‌. وذكر طرفاً من‌ شعره‌، وقال‌: وله‌ ديوان‌ شعر أكثره‌ نُخب‌. وقال‌ ابن‌ بسّام‌ في‌ «الذخيرة‌»: كان‌ مشتهراً بالإحسان‌، ذرب‌ اللسان‌، مخلي‌ بينه‌ وبين‌ ضروب‌ البيان‌. يدلّ شعره‌ علی‌ وري‌ القدح‌ دلالة‌ برد النسيم‌ علی‌ الصُّبح‌، ويُعرب‌ عن‌ مكانة‌ من‌ العلوم‌ إعراب‌ الدمع‌ بسرّ الهوي‌ المكتوم‌. وذكره‌ ضياء الدين‌ في‌ «نسمة‌ السَّحَر في‌ ذكر من‌ تشيّع‌ وشعر»، وأجاد في‌ الثناء علیه‌ في‌ ترجمته‌، وذكر قصيدته‌ في‌ رثاء ولده‌ الصغير، المشهورة‌، أوّلها:

 حُكْمُ المَنِيَّةِ فِي‌ البَرِيَّةِ جَارِي‌                                مَا هَذِهِ الدُّنْيَا بِدَارِ قَرَارِ

 وَمُكَلِّفُ الايَّامِ ضِدَّ طِبَاعِهَا                      مُتَطَلِّبٌ فِي‌ المَاءِ جَذْوَةَ نَارِ

 طُبِعَتْ علی‌ كَدَرٍ وَأَنْتَ تُرِيدُهَا                                صَفْواً مِنَ الاَقْذَارِ وَالاَكْدَارِ

 وَإذَا رَجَوْتَ المُسْتَحِيلَ فَإنَّمَا                  تَبْنِي‌ الرَّجَاءَ علی‌ شَفِيرٍ هَارِ

 إنِّي‌ لاَرْحَمُ حَاسِدِيَّ لِحَرِّ ما                   ضَمِنَتْ صُدُورُهُمْ مِنَ الاَوْغَارِ

 نَظَرُوا صَنِيعَ اللَهِ بِي‌ فَعُيُونُهُمْ                                فِي‌ جَنَّةٍ وَقُلُوبُهُمْ فِي‌ نَارِ

 يَا كَوْكَباً مَا كَانَ أَقْصَرَ عُمْرَهُ                   وَكَذَاكَ عُمْرُ كَوَاكِبِ الاَسْحَارِ

 جَاوَرْتُ أَعْدَائِي‌ وَجَاوَرَ رَبَّهُ                     شَتَّانَ بَيْنَ جِوَارِهِ وَجِوَارِي‌

 وَتَلَهُّبُ الاَحْشَاءِ شَيَّبَ مَفْرَقِي                              ‌ هَذَا الشُّوَاظُ دُخَانُ تِلْكَ النَّارِ

 آخر كلام‌ السيّد حسن‌ الصدر في‌ «تأسيس‌ الشيعة‌». وكما نقل‌ فقد ذكر القاضي‌ ابن‌ خلّكان‌ ترجمته‌ مفصّلاً في‌ تأريخه‌ «وفيّات‌ الاعيان‌ وإنباء أبناء الزمان‌» وأورد نخباً من‌ أشعاره‌ البديعة‌ والمليحة‌ في‌ ج‌ 2، ص‌ 53 إلی‌ 55، طبعة‌ بولاق‌، الطبعة‌ الاُولي‌؛ وفي‌ طبعة‌ دار صادر بتحقيق‌ الدكتور إحسان‌ عبّاس‌: ج‌ 3، ص‌ 378 إلی‌ 381، رقم‌ 471 .

[33] ـ يقول‌: «طلعت‌ من‌ الخيمة‌ كطلوع‌ الشمس‌ وكانت‌ لم‌ تر الشمس‌ وجهها.

 ولحرّ المصيبة‌ كانت‌ تنتف‌ شعرها وتُعول‌ كالفاختة‌ التي‌ ترفع‌ صوتها في‌ كلّ مكان‌».

[34] ـ في‌ «أقرب‌ الموارد»: السليل‌: الولد.

[35] ـ الباء حرف‌ جرّ، ونَي‌ّ في‌ الاصل‌ نَيِّي‌ وعلی‌ وزن‌ سيّد بمعني‌ اللحم‌ الذي‌ لم‌ينضج‌، وقد أُسقطت‌ الهمزة‌ للتخفيف‌.

[36] ـ مجموع‌ المطالب‌ المنقولة‌ عن‌ المحدِّث‌ القمّي‌ّ، منتخبات‌ من‌ «نفس‌ المهموم‌» ص‌ 191 إلی‌ 193، ومن‌ «دمع‌ السجوم‌» ص‌ 163 إلی‌ 165 .

[37] ـ «نفس‌ المهموم‌» ص‌ 24، عن‌ المجلسي‌ّ في‌ «بحار الانوار» عن‌ محمّد بن‌ أبي‌ طالب‌ الموسوي‌ّ ضمن‌ بيان‌ رؤياهُ رسولَ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌.

[38] ـ «نفس‌ المهموم‌» ص‌ 122 و 123 .

[39] ـ «منتهي‌ الآمال‌» ج‌ 1، ص‌ 89، طبعة‌ علميّة‌ إسلاميّة‌ الرحليّة‌. وعدّه‌ ثامن‌ صحابي‌ّ من‌ أصحاب‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌.

[40] ـ «منتهي‌ الآمال‌» ج‌ 1، ص‌ 156، الطبعة‌ السابقة‌ نفسها. وعدّه‌ الرابع‌ والعشرين‌ من‌ أصحاب‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌.

[41] ـ أفضل‌ دليل‌ علی‌ هذا الموضوع‌ رواية‌ تدور حول‌ سعد الخير. قال‌ المرحوم‌ المحدِّث‌ القمّي‌ّ في‌ كتاب‌ «تحفة‌ الاحباب‌»، ص‌ 118: هو سعد بن‌ عبد الملك‌ من‌ أولاد عبدالعزيزبن‌ مروان‌. وهو الذي‌ كتب‌ إلیه‌ الإمام‌ الباقر علیه‌ السلام‌ الرسالة‌ الموجودة‌ في‌ «روضة‌ الكافي‌»، وأوّلها: بسم‌ الله‌ الرحمن‌ الرحيم‌، أمّا بعد؛ فَإنّي‌ أُوصيك‌ بتقوي‌ الله‌ فإنّ فيها السلامة‌ مِنَ التلف‌ والغنيمة‌ في‌ المنقلب‌ . ورسالة‌ أُخري‌ خاطبه‌ فيها بقوله‌: يا أخي‌. وفيها قيل‌: لاَيكون‌ المؤمن‌ مؤمناً حتّي‌ يكون‌ أبغض‌ إلی‌ الناس‌ إلی‌ آخرها. روي‌ العلاّمة‌ المجلسي‌ّ في‌ «مرآة‌ العقول‌» عن‌ كتاب‌ «الاختصاص‌» للشيخ‌ المفيد أ نّه‌ روي‌ بإسناده‌ عن‌ أبي‌ حمزة‌ الثمإلی‌ّ قال‌: دخل‌ سعد بن‌ عبد الملك‌، وكان‌ أبو جعفر علیه‌ السلام‌ يسمّيه‌ سعد الخير وهو من‌ وُلد عبد العزيز بن‌ مروان‌، علی‌ أبي‌ جعفر علیه‌ السلام‌. فبينا ينشج‌ كما تنشج‌ النساء. قال‌: فقال‌ أبو جعفر علیه‌ السلام‌: ما يبكيك‌ يا سعد؟ قال‌: وكيف‌ لا أبكي‌ وأنا من‌ الشجرة‌ الملعونة‌ في‌ القرآن‌؟! فقال‌ له‌: لَسْتَ مِنْهُم‌ أنتَ أُمَوي‌ٌّ مِنّا أهل‌ البيت‌ . أما سمعتَ قول‌ الله‌ عزّ وجلّ يحكي‌ عن‌ إبراهيم‌: فَمَن‌ تَبِعَنِي‌ فَإِنَّهُ و مِنِّي‌.

 وجاء في‌ «رياض‌ السالكين‌» ص‌ 27، طبعة‌ سنة‌ 1327، وطبعة‌ جماعة‌ المدرّسين‌: ج‌ 1، ص‌ 185 إلی‌ 187، الاوّل‌ تحت‌ عنوان‌ (تكملة‌)، والثاني‌ تحت‌ عنوان‌ (تتمّة‌): ما ذكره‌ (الإمام‌ الصادق‌) علیه‌ السلام‌ في‌ مقدّمة‌ «الصحيفة‌ السجّاديّة‌» من‌ أنّ الآية‌ أَلَمْ تَرَ إلی‌ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ 1 أُنزلت‌ في‌ بني‌ أُميّة‌، وردت‌ به‌ روايات‌ أُخري‌ من‌ طريق‌ العامّة‌ والخاصّة‌. أمّا من‌ طريق‌ العامّة‌ فأخرج‌ البخاري‌ّ في‌ تأريخه‌، وابن‌ جرير، وابن‌ المنذر، وابن‌ مردويه‌، عن‌ عمر بن‌ الخطّاب‌ في‌ قوله‌ تعإلی‌: أَلَمْ تَرَ إلی‌ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَهِ كُفْرًا قال‌: هما الافجران‌ من‌ قريش‌: بنو المغيرة‌ وبنو أُميّة‌ . فأمّا بنو المغيرة‌ فقد كفيتموهم‌ في‌ يوم‌ بدر. وأمّا بنو أُميّة‌ فمتّعوا حتّي‌ حين‌. 2

 وأخـرج‌ ابن‌ جريـر، وابن‌ المنـذر، وابن‌ أبي‌ حاتـم‌، والطبـراني‌ّ في‌ «الاوسـط‌»، والحاكم‌ وصحّحه‌، وابن‌ مردويه‌ من‌ طريق‌ عليُ بن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ في‌ قوله‌ تعإلی‌: أَلَمُ تَرَ إلی‌ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَهِ كُفْرًا قال‌: هما الافجران‌ من‌ قريش‌: بنو أُميّة‌ وبنو المغيرة‌. فأمّا بنو المغيرة‌ فقطع‌ الله‌ دابرهم‌ يوم‌ بدر. وأمّا بنو أُميّة‌ فمتّعوا إلی‌ حين‌. 3 وأخرج‌ ابن‌ مردويه‌ عن‌ عليُعلیه‌ السلام‌ أ نّه‌ سئل‌ عن‌ هذه‌ الآية‌، قال‌: بنو أُميّة‌، وبنو مخزوم‌، رهط‌ أبي‌ جهل‌. ذكر ذلك‌ كلّه‌ الحافظ‌ السيوطي‌ّ في‌ «الدرّ المنثور». 4

 وأمّا من‌ طريق‌ الخاصّة‌: فروي‌ عليُ بن‌ إبراهيم‌ عن‌ أبيه‌، عن‌ محمّد بن‌ أبي‌ عمير، عن‌ عثمان‌بن‌ عيسي‌، عن‌ أبي‌ عبد الله‌ علیه‌ السلام‌ قال‌: سألته‌ عن‌ قول‌ الله‌ عزّ وجلّ: أَلَمْ تَرَ إلی‌ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَهِ كُفْرًا، قال‌: نزلت‌ في‌ الافجرين‌: بني‌ أُميّة‌، وبني‌ المغيرة‌. فأمّا بنو المغيرة‌ فقطع‌ الله‌ دابرهم‌ يوم‌ بدر. وأمّا بنو أُميّة‌ فمتّعوا إلی‌ حين‌. ثمّ قال‌: ونحن‌ والله‌ نعمة‌ الله‌ التي‌ أنعم‌ بها علی‌ عباده‌! وبنا يفوز من‌ فاز. 5

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 1 ) الآيتان‌ 28 و 29، من‌ السورة‌ 14: إبراهيم‌.

( 2 إلی‌ 4 ) «الدرّ المنثور» ج‌ 4، ص‌ 184 .

 5 ) «تفسير القمّي‌ّ» ج‌ 1، ص‌ 371 .

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

التعريف و الدليل

كلية الحقوق، محفوظة و متعلقة بموسسة ترجمة و نشر دورة علوم و معارف الاسلام
info@maarefislam.org