قول الإمام علي (عليه السلام) لأهل الشورى

ثم قال : نشدتكم بالله أيّها النفر ! هل فيكم أحد وحّد الله قبلي ؟! . قالوا : اللّهمّ لا .

قال (عليه السلام) : نشدتكم بالله هل فيكم أحد ، قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ; غيري ؟! . قالوا : اللّهمّ لا .

قال (عليه السلام) : نشدتكم بالله هل فيكم أحد ساق رسول الله (صلى الله عليه وآله) لربّ العالمين هدياً فأشركه فيه ; غيري ؟! . قالوا : اللّهمّ لا .

قال (عليه السلام) : نشدتكم بالله هل فيكم أحد أُتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بطير يأكل منه ، فقال : اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجئته ، فقال : اللّهمّ وإلى رسولك ... وإلى رسولك ; غيري ؟! . قالوا : اللّهمّ لا .

قال (عليه السلام) : نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين رجع عمر يُجبّن أصحابه ويجبّنونه قد ردّ راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) منهزماً فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لأعطينّ الراية غداً رجلاً ليس بفرّار يحبّه الله ورسوله ويحبّ الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله عليه ، فلمّا أصبح قال : ادعوا لي عليّاً . فقالوا : يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ! هو رمد ما يطرف . فقال : جيئوني ، فلمّا قمت بين يديه تفل في عيني وقال : اللّهمّ اذهب عنه الحرّ والبرد ، فاذهب الله عنّي الحرّ والبرد إلى ساعتي هذه ، وأخذت الراية فهزم الله المشركين واظفرني بهم ; غيري ؟! . قالوا : اللّهمّ لا .

قال (عليه السلام) : نشدتكم بالله هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر المزيّن بالجناحين في الجنّة يحلّ فيها حيث يشاء ; غيري ؟! . قالوا : اللّهمّ لا .

قال (عليه السلام) : نشدتكم بالله هل فيكم أحد له عمّ مثل عمّي حمزة أسد الله وأسد رسوله وسيّد الشهداء ; غيري ؟! . قالوا : اللّهمّ لا .

قال (عليه السلام) : نشدتكم بالله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين ابني رسول الله (صلى الله عليه وآله)وسيّدي شباب أهل الجنّة ; غيري ؟! . قالوا : اللّهمّ لا .

قال (عليه السلام) : نشدتكم بالله هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)وبضعة منه وسيّدة نساء أهل الجنّة ; غيري ؟! . قالوا : اللّهمّ لا .

قال (عليه السلام) : نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لينتهين بَنُو وَلِيعَة ([416])أو لأبعثنّ إليهم رجلاً كنفسي طاعته كطاعتي ومعصيته كمعصيتي يغشاهم بالسيف ; غيري ؟! . قالوا : اللّهمّ لا .

قال (عليه السلام) : نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ما من مسلم وصل إلى قلبه حُبّي إلاّ كفّر الله عنه ذنوبه ، ومن وصل حُبّي إلى قلبه فقد وصل حبّك إلى قلبه ، وكذب من زعم أنّه يحبّني ويبغضك ; غيري ؟! . قالوا : اللّهمّ لا .

 

عثمان يركل المؤمنين برجله

وفي رواية أخرى « قام عمار بن ياسر يوماً في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)وعثمان يخطب على المنبر فوبَّخ عثمان بشيء من أفعاله فنزل عثمان فركله برجله وألقاه على قفاه وجعل يدوس في بطنه ويأمر أعوانه بذلك حتى غشي على عمار وهو يفتري على عمار ويشتمه .

بينما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : الحق مع عمار يدور معه حيثما دار وقال (صلى الله عليه وآله) : إذا افترق الناس يميناً وشمالاً فانظروا الفرقة التي فيها عمار فاتّبعوه فانه يدور الحق معه حيثما دار » ([417]).

واحتمل الناس عماراً وهو لا يعقل إلى بيت أم سلمة ، فاعظم الناس ذلك وبقي عمار مغمى عليه لم يصلِّ يومئذ الظهر والعصر والمغرب ، فلمّا أفاق قال : الحمد لله فقديما أُوذيت في الله وأنا احتسب ما أصابني في جنب الله بيني وبين عثمان العدل الكريم يوم القيامة ، وبلغ عثمان أنَّ عماراً عند أم سلمة فارسل إليها فقال : ما هذه الجماعة في بيتك مع هذا الفاجر ؟ اخرجيهم من عندك .

فقالت : والله ما عندنا مع عمار إلاّ بنتاه فاجتنبنا يا عثمان واجعل سطوتك حيث شئت ، وهذا صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجود بنفسه من فعالك به فندم عثمان على ما صنع فبعث إلى طلحة والزبير فسألهما ان يأتيا عماراً فيسألاه ان يستغفر له .

فأتياه فأبى عليهما . فرجعا إليه فاخبراه فقال عثمان : من حكم الله يا بني أمية يا فراش النار وذباب الطمع شنعتم عليَّ والبستم عليَّ أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ([418]) .

وما كانت تستخدم الركل والرفس والنطح بحقّ المسلمين إلاّ عتاتها !!

 

عثمان والألفاظ الجاهلية

ثم إنَّ عماراً صلح من مرضه فخرج إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبينما هو كذلك إذ دخل ناعي أبي ذر على عثمان من الربذة فقال : إنَّ أباذر مات بالربذة وحيداً ودفنه قوم سفر ([419]) .

فاسترجع عثمان وقال : رحمه الله .

فقال عمار : رحم الله أباذر من كل أنفسنا .

فقال له عثمان : وإنك لهناك بعد ياعاض أير أبيه أتراني ندمت على تسييري إياه فقال له عمار : لا والله ما أظن ذلك .

قال : وأنت أيضاً فالحق بالمكان الذي كان فيه أبوذر فلا تبرحه ما حيينا .

قال عمار : أفعل والله لمجاورة السباع أحبّ إليّ من مجاورتك فتهيأ عمار للخروج فجاءت بنو مخزوم إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)فسألوه أن يقوم معهم إلى عثمان عن تسيير عمار . فقام فسأله فيهم ورفق به حتى أجابه إلى ذلك ([420]) .

أي ان عثمان بن عفان أراد قتل عمار بن ياسر بنفس الطريقة التي قتل بها أباذر والمتمثلة بنفيه إلى صحراء الربذة بالرغم مما سمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله)من أن عماراً تقتله الفئة الباغية ، وهذا الموقف يبين مدى عصيان عثمان للنصوص النبوية ! فهو يريدقتل عمار من جهة وعيَّن مروان طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله)وزيراً له من جهة أُخرى !

أي ينفي من قرَّبه الرسول (صلى الله عليه وآله) ويأوي من نفاه الرسول (صلى الله عليه وآله) !

وكان المقداد ، وعمّار ، وطلحة والزبير ، وجماعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)كتبوا كتاباً عددوا فيه أحداث عثمان ، وخوّفوه ، وأعلموه أنهم مواثبوه إن لم يُقلع ، فجاء عمّار به فقرأ منه صدراً ، وقال : أعَليّ تُقدم من بينهم ، ثم أمر غلمانه ، فمدوا يديه ورجليه ، ثم ضربه عثمان على مذاكيره فأصابه فتق ، وكان ضعيفاً كبيراً ، فغشي عليه ([421]) .

وكان عمّار يقول : ثلاثة يشهدون على عثمان بالكفر ، وأنا الرابع ، «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون» ([422]) .

وقيل لزيد بن أرقم : بأي شيء كفّرتم عثمان ؟

فقال : بثلاث : جعل المال دولة بين الأغنياء ، وجعل المهاجرين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمنزلة من حارب الله ورسوله ، وعمل بغير كتاب الله ([423]) .

وكان حذيفة يقول : ما في عثمان بحمد الله أشك ، لكني أشك في قاتله ،: لا أدري ، أكان قَتَل كافراً ؟ أو مؤمن خلص إليه النية ، حتى قتله أفضل المؤمنين إيماناً ([424]) .

أي لا يعرف حذيفة نيّة قاتل عثمان .

وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يقول : «عمّار جلدة ما بين العين والأنف» ([425]) .

وقال النبي (صلى الله عليه وآله) : «ما لهم ولعمّار ، يدعوهم إلى الجنة ، ومن أبغض عمّاراً أبغضه الله » ([426]) .

وقال النبي (صلى الله عليه وآله) : «من عادى عمّاراً عاداه الله ، ومن أبغض عمّاراً أبغضه الله» ([427]) .

وأي ذنب صدر من عمّار ؟ وأي كلام غليظ وقع منه استوجب به هذا الفعل ([428]) .

قال ابن الجوزي : ان عماراً قال لابن أبي وقاص : خلعت عثمان كما خلعت عمامتي هذه ([429]) .

وذكر الواقدي : ان عماراً قال : خلعت عثمان كما خلعت عمامتي هذه ([430])إني أُريد أن تكون خلافة كما كانت على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) فأمّا أن يعطي مروان خمس أفريقية ومعاوية على الشام والوليد بن عقبة شارب الخمر على الكوفة وابن عامر على البصرة والكافر بما أُنزل على محمد (صلى الله عليه وآله) (ابن أبي سرح) على مصر فلا والله لاكان هذا أبداً حتى يبعج في خاصرته بالحق ([431]) .

وذكر سعيد بن المسيب : لم يكن عمار ولا المقداد بن الاسود يصلّيان خلف عثمان ولا يسميانه أمير المؤمنين ([432])وقال عمار بن ياسر في مسجد قباء : ألا إنّ نعثلاً هذا (عثمان) ووقع في عثمان بن عفان ([433]) .

 

علاقة عمار ـ عثمان

عمار بن ياسر من المسلمين الاوائل الذين اسلموا قبل أبي بكر وعمر وعثمان إذ أسلم هؤلاء قبل الهجرة إلى المدينة بسنة ونصف . وضحَّت عائلته في طريق الإسلام أعظم تضحية اثبتت فيها اخلاصها ويقينها بالإسلام ودفاعها عن المبادئ الأصيلة للتوحيد .

إذ قتل كفرة مكة أباه وأمه ، وكانت أمه سمية أول شهيدة في الإسلام وأول خالدة في طريق الشهادة . وهي سمية بنت سالم بن يحيى ، وعمّار يكنى أبا اليقظان ([434]) .

وقد تعرضت عائلة عمار المؤلفة من عمار وياسر وسمية لعذاب لم تتعرض له عائلة مسلمة في مكة .

فاصبح كفار مكة منذ ذلك اليوم اعداءاً لعمار بن ياسر متهمين له بشتى التهم الباطلة . وكان عمار أول من بنى مسجداً ([435]) .

وبعد وصول المسلمين إلى المدينة انكشفت سوء العلاقة بين عمار وعثمان أثناء بناء المسجد النبوي فوقف رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى جانب عمار متهماً عثمان بالظلم له .

واستمر عثمان في ذلك النهج القرشي فلما أصبح خليفة للمسلمين عادى عماراً وأباذر والمقداد وابن مسعود وغيره من المؤمنين وحصر نفسه في مجموعة طلقاء مكة (معاوية وأبو سفيان والحكم بن أبي العاص و ابن أبي سرح ومروان والوليد بن عقبة وسعيد بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة) الكفرة المعادين للإسلام ، فجعلهم ولاةً وحكاماً على الناس !

وخالف شريعة محمد (صلى الله عليه وآله) واحرق القرآن واظهر بغضه لأهل البيت(عليهم السلام) .

وقد سار عثمان بن عفان على خطى من أوصى إليه ، مخالفاً النبي محمداً (صلى الله عليه وآله) ، ثمّ اضاف الى ما فعله وأسسه عمر قيامه بتوزيع الأموال على بني أميَّة بشكل خاص ، تسبَّب في استقالة أمناء بيت المال من أمثال زيد بن ارقم وعبد الله بن مسعود . فامناء بيت المال وافقوا على وظيفتهم لحفظ أمانة المسلمين ، وقطع يد اللصوص عن بيت المال .

وأعطى عثمان بن عفان خمس افريقيا لعبد الله بن ابي سرح ، الذي حكم عليه الرسول (صلى الله عليه وآله)في يوم فتح مكَّة بالقتل ، ولو كان متعلِّقاً بأستار الكعبة ([436]) . وأعطى فدكاً لمروان ([437]) . وأدَّت حركة عثمان المالية هذه الى الثورة الشعبية العارمة ضدَّه ، والمتسبِّبة في قتله .

ولمّا جاء معاوية الى الحكم وسَّع في نظرية عمر في العطاء ، فاتَّسع الاختلاف الطبقي . . فعثمان فتح بيت مال المسلمين لأفراد بني أميَّة وآخرين من غيرهم . أمَّا معاوية فأحدث في هذا الشأن مالا يصدِّقه المسلمون ; إذ أعطى الأموال الطائلة لبني أميَّة ، ولمن أحَّب من أفراد حزبه ، واشترى ضمائر الناس ، وأسرف وأترف في أموال المسلمين .

وبذل معاوية خزائن عظمى من الأموال لمن زوَّر الأحاديث ، واختلق سيرة مرضية له فساير رجال السلطة معاوية في فتاواه ، فأنحرف الدين وطمست الشريعة وضاع الحق وبزغ الباطل .

وقد إستفحلت حالة تفضيل الناس لعلو شأنهم واشتدَّت خطورتها . بعد زمن عمر ، فتدهورت الأمور لاحقاً في زمن عثمان ومعاوية وفي زماننا ، فذهبت المساواة وحلَّت محلَّها المحاباة والتفضيل للقرابة والصداقة والحزبية ، وهذه الأمور قد نفَّرت جهلة الناس من الإسلام في حين جاء الإسلام بالمساواة .

وقال الإمام علي (عليه السلام)في الفرق بين عثمان وبين سابقيه : وأمَّا التسوية بينك وبينهما فلست كأحدهما ، إنهما ولياً هذا الامر فظلفاً ( كفَّا ) أنفسهما وأهلهما عنه ، وعُمت فيه وقومك عوم السابح في اللجَّة ، فإرجع الى الله أبا عمرو ، وانظر هل بقي من عُمرك الا كظِمْء الحمار ([438]) .

وروى أبو مخنف والواقدي أنَّ الناس أنكروا على عثمان اعطاء سعيد بن العاص مائة ألف ، وكلَّمه الامام علي (عليه السلام) والزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن في ذلك فقال : إنّ له قرابةً ورحِماً .

قالوا : أفما كان لأبي بكر وعمر قرابة وذَوو رحم ؟

فقال : إنَّ أبا بكر وعمر كانا يحتسبان في منع قرابتهما ، وأنا احتسبُ في إعطاء قرابتي .

قالوا : فهديهما والله احبُّ إلينا من هديك ([439]) .

فقال الامام علي (عليه السلام): كل قطيعة اقطعها عثمان ، وكل مال اعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال ([440]).

 

مواقف عثمان ضد عمار

وكان عمار أحد من ظاهر المتظلّمين من أهل الأمصار على قتله ، وكان يقول : قتلناه كافراً .

وسبب قتله أن كان في بيت المال بالمدينة سفط فيه حلىً وجواهر ، فأخذ منه عثمان ما حلّى به أهله ، فأظهر الناس الطعن عليه في ذلك ، وكلموه بالردئ ، حتّى أغضبوه .

فقال :لَنأخذنّ حاجتنا من هذا الفيء ، وإن رغمت أنوف أقوام .

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : «إذن تُمنع من ذلك ، ويُحال بينك وبينه» .

فقال عمّار : «أشهد الله : أن أنفي أول راغم من ذلك» .

فقال عثمان : أعَليَّ يا ابن سمية تجترىء ، خذوه ، ودخل عثمان فدعا به ، وضربه حتى غشي عليه ، ثم أخرج ، فحمل حتى أدخل بيت أم سلمة ، فلم يصل دالظهر ، والعصر ، والمغرب ، فلما أفاق توضأ وصلّى .

 

معرفة عمار بخبر مقتله

أخرج ابن عساكر عن أم عمار حاضنة عمار قالت : إشتكى عمار فقال : لا أموت في مرضي هذا ، حدثني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أني لا أموت إلاَّ قتيلاً بين فئتين مؤمنتين ([441]) . وقد تقدَّم في رغبة الصحابة في القتل في سبيل الله قول عمار : عهد إليَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنَّ آخر زادك من الدنيا ضياح ([442]) من لبن ، ومجيئه إلى علي يوم صفِّين حين كان يقاتل فلا يُقتل ، وقوله : يا أميرالمؤمنين ، يوم كذا وكذا قال ذلك ثلاث مرات ـ ، ثم أُتي بلبن فشربه ، ثم قال : إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)قال إن هذا آخر شربة أشربها من الدنيا ، ثم قام فقاتل حتى قُتل .

وأخرج أبو يعلى وابن عساكر عن خالد بن الوليد عن إبنة هشام بن الوليد بن المغيرة وكانت تمرِّض عماراً قالت : جاء معاوية إلى عمار يعوده ، فلما خرج من عنده قال : اللهمَّ لا تجعل منيته بأيدينا ، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول : «تقتل عماراً الفئة الباغية» ([443]) .

 

كان أبوذر الغفاري مخلصا للامام علي (عليه السلام)

جندب بن جنادة الغفاري أسلم والنبي (صلى الله عليه وآله) بمكة أول الإسلام فكان رابع أربعة أو خامس خمسة ، وهو أول من حيا رسول الله (صلى الله عليه وآله)بتحية الإسلام ولما أسلم رجع إلى بلاد قومه ، وبايع رسول الله (صلى الله عليه وآله)على أن لا تأخذه في الله لومة لائم وعلى أن يقول الحق وإن كان مرَّاً ([444]) .

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أبوذر يمشي على الأرض في زهد عيسى بن مريم ([445]) .

ومن أعمال أبي ذر الجهادية انه كان يسد طريق مكة إلاّ لمن أسلم ([446]) .

ومدح رسول الله (صلى الله عليه وآله) أباذر الغفاري قائلاً :

ما اظلَّت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر ([447]) .

وكانت علاقة أبي ذر باليهود واحبارهم مثل كعب الاحبار سيئة فقد روي أن عثمان قال يوماً : أيجوز للإمام أن يأخذ من المال ، فإذا أيسر قضى ؟

فقال كعب الاحبار :لا بأس بذلك .

فقال أبوذر : يا ابن اليهودية ، اتعلمنا ديننا ؟

فقال عثمان : قد كثر أذاك لي وتولعك بأصحابي ، إلحق بالشام ، فأخرجه إليها ([448]) .

المدهش ان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) مثل أبي ذر قد حاربهم عثمان وأصبح أحبار اليهود وأعداء الإسلام أصحابه ورفاقه المقربين ولم يكتف عثمان بقطع عطاء أبي ذر ومعاقبته بالجوع والفاقة بل نفاه إلى بلاد الشام حيث معاوية بن أبي سفيان .

فاصبح الطليق معاوية بن هند حاكماً على أبي ذر الغفاري ! ومؤذياً له .

وكان أبو ذرّ قد أظهر عيب عثمان وفراقه للدين ، واغلظ له حتى شتمه على رؤوس الناس وبرأ منه ، فسيره عثمان إلى الشام ([449]) .

فكان أبوذر ينكر على معاوية اشياءً يفعلها ، فبعث إليه معاوية بثلاثمائة دينار ، فردها عليه .

وكان أبوذر يقول : «والله حدثت أعمال ما أعرفها ، والله ما هي في كتاب الله ولا سنّة نبيِّه ، والله إني لأرى حقّاً يُطفى ، وباطلاً يحيى ، وصادقاً مكذَّباً ، وأثرةً بغير تُقى ، وصالحاً مستأثراً عليه» ([450]) .

فقال حبيب بن مسلمة الفهري لمعاوية : إن أباذر لَمُفْسد عليكم الشام ، فتدارك أهله ، إن كان لك فيه حاجة ، فكتب معاوية إلى عثمان فيه ، فكتب عثمان إلى معاوية : «أما بعد ، فاحمل جندباً إليّ على أغلظ مركب وأوعره» ، فوجّهه مع من سار به ليلاً ونهاراً ، وحمله على بعير ليس عليه إلاَّ قتَب ، حتى قدم المدينة ، وقد سقط لحم فخذيه من الجهد ، فبعث إليه عثمان ، وقال له : إلحق بأيِّ شئت .

فقال أبوذر : بمكة ؟ قال : لا ، قال : بيت المقدس ؟ قال : لا ، قال : بأحد المصرين ؟ قال : لا . ولكن سر إلى ربذة ، فلم يزل بها حتى مات .

 

جهاد أبي ذرّ في الشام

وفي الشام قام معاوية خطيباً فقال : أيها الناس إنما أنا خازن ، فمن اعطيته فالله يعطيه ، ومن حرمته فالله يحرمه ، فقام إليه أبوذر فقال :

كذبتَ والله يا معاوية إنَّك لتعطي من حرَّم الله وتمنع من أعطى الله ([451]) .

وقال أبوذر لمعاوية : أشهد أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول : إنَّ أحدنا فرعون هذه الأُمَّة ! ([452]) . يقصد معاوية .

وقال ابن الأثير المحبّ للأمويين والمدافع عن الباطل : وفي السنة يعني سنة 30 هجرية كان ما ذكر في أمر أبي ذر وإشخاص معاوية إياه من الشام إلى المدينة وقد ذكر في سبب ذلك أموراً كثيرة من سب معاوية اياه وتهديده بالقتل وحمله إلى المدينة من الشام بغير وطاء ، ونفيه من المدينة على الوجه الشنيع لا يصح النقل به ، ولو صح لكان ينبغي أن يتعذر عن عثمان فإن للإمام أن يؤدب رعيته وغير ذلك من الاعذار لا ان يجعل ذلك سبباً للطعن عليه كرهت ذكرها ([453]) .

وظلم هذا المؤرخ الناس إذ امتنع ابن الأثير عن ذكر رسالة معاوية بن أبي سفيان إلى محمد بن أبي بكر لخطورتها واحتوائها على اعترافات حقيقية معتذراً بعدم تحمل الناس قراءتها ! فهل يصدق هذا وعمل المؤرخ المنصف ؟!

وقال معاوية لأبي ذر : لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أميرالمؤمنين عثمان لقتلتك ([454]) .

وقال عبد الملك عن عمه أبي ذر : كتب معاوية إلى عثمان :أنّ أباذر قد حرّف قلوب أهل الشام ، وبغَّضك إليهم ، فما يستفتون غيره ، ولا بينهم إلاّ هو فكتب عثمان إلى معاوية : أن أحمل أباذر على ناب صعبة وقتب ، ثم أبعث معه من يخشن به خشناً عنيفاً ([455]) ، حتّى يقدم به عليّ .

قال : فحمله معاوية على ناقة صعبة ، عليها قتب ، ما على القتب إلاّ مسح ، ثم بعث معه مَن يسيّره سيراً عنيفاً ، وخرجتُ معه ، فما لبث الشيخ إلاّ قليلاً حتّى سقط ما يلي القتب من لحم فخذيه وقرح ، فكنتُ إذا كان الليل أخذتُ ملائي فالقيتهما تحته ، فإذا كان السحر نزعتهما ،مخافة أن يروني فيمنعوني من ذلك ، حتّى قدمنا المدينة ، وبلّغنا عثمان ما لقي أبوذر من الوجع والجهد ، فحجبه جمعة وجمعة ، حتّى مضت عشرون ليلة أو نحوها ، وأفاق أبوذر ،ثم أرسل إليه وهو معتمد على يدي ، فدخلنا عليه وهو متكئ ، فاستوى قاعداً ، فلمّا دنا أبوذر منه قال عثمان شعراً :

لا أنعم الله بعمرو عيناً *** تحيّة السخط إذا التقينا

فقال له أبوذر : لِمَ ([456]) ، فو الله ما سمّاني الله عمرواً ، ولا سمّاني أبواي عمرواً ، وإنّي على العهد الّذي فارقتُ عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ما غيّرتُ ولا بدّلتُ .

فقال له عثمان : كذبتَ ، لقد كذبتَ على نبيّنا وطعنتَ في ديننا وفارقت رأينا وضغنتَ قلوب المسلمين علينا ، ثم قال لبعض غلمانه : ادعُ لي قريشاً ، فانطلق رسوله ، فما لبثنا أن امتلأ البيت من رجال قريش ، فقال لهم عثمان : إنّا أرسلنا إليكم في هذا الشيخ الكذّاب الّذي كذّب على نبيّنا وطعن في ديننا وضغن قلوب المسلمين علينا ، وإنّي قد رأيتُ أن أقتله أو أصلبه أو أنفيه من الأرض .

فقال بعضهم : رأيُنا لرأيك تَبَعٌ ، وقال بعضهم : لا تفعل فانّه صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)وله حقّ ، فما منهم أحدٌ أدّى الّذي عليه ، فبينما هم كذلك إذ جاء عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)يتوكّأ على عصاً سراً ([457]) ، فسلّم عليه ونظر ولم يجد مقعداً ، فاعتمد على عصاه ، فما أدري أتخلّف عمداً ([458])أم يظن به غير ذلك ، ثم قال عليّ (عليه السلام) : فيما أرسلتم إلينا ؟

قال عثمان : أرسلنا إليكم في أمر قد فرق لنا فيه الرأي ، فاجمع رأينا ورأي المسلمين فيه على أمر .

قال أبوذر لعثمان : والله ما وجدت لي عذراً إلاّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

فغضب عثمان وقال : اشيروا عليَّ في هذا الشيخ الكذّاب إمّا ان اضربه واحبسه ، أو اقتله ، أو أنفيه من أرض الإسلام .

فتكلّم عليّ (عليه السلام)وكان ([459])حاضراً فقال : أُشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون : فـ (إِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ)الآية ([460]).

فقال عثمان : بفيك التراب .

فقال عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) : بل بفيك التراب ، ويحك يا عثمان تصنع هذا بأبي ذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن كتب إليك فيه معاوية ، وهو من عرفت زهقه وظلمه ، وتفرّقوا ، فجعل أبوذر لا يخرج من بيته ، وجعل اصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله)يأتونه ، وكان عمّار بن ياسر رضي الله عنهما ألزمهم له ، فمكث أياماً ، ثم أرسل عثمان إلى أبي ذر فأُتي به قد أُسرع به ، فلمّا وقف بين يديه قال : ويحك يا عثمان أما رأيت رسول الله  (صلى الله عليه وآله)ورأيت أبابكر ورأيت عمر ، هل رأيت هذا هديهم ، إنّك لتبطش بي ([461])بطش جبّار .

فقال : أخرج عنّا من بلادنا .

فقال أبوذر : ما ([462])أبغض إليّ جوارك ، فإلى أين أخرج ؟

قال : حيث شئتَ .

قال : أفأخرج إلى الشام أرض الجهاد ؟

قال : ([463])إنّما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها ، أفأردّك إليها ؟!

قال : أفأخرج ([464])إلى العراق ؟

قال : لا .

قال : ولم ؟

قال : تقدم على قوم هم أهل شبهة وطعن على الأئمة .

قال : أفأخرج إلى مصر ؟

قال : لا .

قال : أين أخرج ؟

قال : إلى حيث ([465])شئت ، قال أبوذر : هو إذاً التعرّب بعد الهجرة ، أخرج إلى نجد ، فقال ([466])عثمان : الشرف الشرف الأبد أقصى فأقصى ([467]) ، قال أبوذر : قد أبيت ذلك عليّ ، قال : امض على وجهك هذا ولا تعدُونّ الربذة ، فخرج أبوذر إلى (صحراء) الربذة ، فلم يزل بها حتّى مات ([468]) .

واعترف معاوية بن أبي سفيان بسوء سيرة عثمان بن عفان وفشلها عند نصيحته ابنه يزيد بالابتعاد عن تلك السيرة المنحرفة قائلاً : «يا بني افتسير فيهم بسيرة ابن عمك عثمان بن عفان الذي أكلها في حياته ، وورثها بعد مماته ، واستعمل اقاربه !» ([469]) .

ولفظ الشيعة على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان لقب أربعة من الصحابة سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الاسود وعمار بن ياسر ([470]) .

وقد اشتدت العداوة بين أبي ذر وبين عثمان وأفراد حكومته بعد مطالبة أبي ذر بالاصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية .

وعرف الناس بخطب أبي ذر ومطالباته العادلة فنصره في ذلك . ورد عليه عثمان يحبس عطائه ([471]).

وقال عثمان لأبي ذر : أما إنك الزاعم أنك خير من أبي بكر وعمر !

قال : ما قلت ...

قال : فكيف إذاً قلت ؟

قالت : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : إنّ أحبَّكُم إليَّ وأقربكم منِّي الذي يلحق بي على العهد الذي عاهدته عليه ، وكلكم قد أصاب من الدنيا ، وأنا على ما عاهدتُه عليه ، وعلى الله تمام النعمة ([472]) .

ومن أعمال أبي ذر الاصلاحية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :

غزا يزيد بن أبي سفيان بالناس ، فوقعت جارية نفيسة في سهم رجل ، فاغتصبها يزيد ، فأتاه أبوذر ، فقال : رُدَّ على الرجل جاريته ، فتلكأ ، فقال : لئن فعلت ذلك ، لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول : أولُ من يُبدِّلُ سنتي رجل من بني أمية يقال له يزيد . فقال : نشدتك الله أنا منهم ؟

قال : لا ، فردَّ على الرجل جاريته ([473]) .

 

قول النبي (صلى الله عليه وآله) في عثمان

وروى الثقفي في تاريخه عن ابن عباس قائلاً : استأذن أبوذر على عثمان فأبى ان يأذن له ، فقال لي : استأذن لي عليه ، قال ابن عباس : فرجعت إلى عثمان فاستأذنت له عليه ، فقال : إنه يؤذيني ، قلت : عسى أن لا يفعل ، فأذن له من أجلي ، فلّما دخل عليه قال له :

اتّق الله يا عثمان ، فجعل يقول اتق الله وعثمان يتوعده ، قال أبوذر : إنّه قد حدثني نبي الله (صلى الله عليه وآله) أنه يجاء بك وباصحابك يوم القيامة فتبطحون على وجوهكم فتمر عليكم البهائم فتطؤكم كلما مرَّت آخرها رُدّت أولها حتى يفصل بين الناس ([474]) .

وقال العذرمي (العزرمي) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ترفعون حتى إذا كنتم مع الثريا ضرب بكم على وجوهكم فتطأكم البهائم ([475]) .

وقال الثقفي في تاريخه : أنّ أباذر لما رأى أنّ عثمان قد أمر بتحريق المصاحف قال أبو ذرّ : يا عثمان لاتكن أول من حرّق كتاب الله فيكون دمك أول دم يهراق ([476]) .

وفي رواية ان أباذر قال لعثمان : اتق الله وذكر مساوئه فسكت عثمان حتى إذا انصرفت قال : من يعذرني من هذا الذي لا يدع مساءة إلاّ ذكرها ، فسكت القوم فلم يجيبوه ، فارسل إلى علي (عليه السلام) ، فجاء فقام في مقام أبي ذر فقال : يا أباالحسن أما ترى أباذر لا يدع مساءة إلاّ ذكرها .

فقال يا عثمان : إنّي انهاك عن أبي ذر ، يا عثمان انهاك عن أبي ذر ثلاث مرات ، أُتركه كما قال الله تعالى لمؤمن آل فرعون ([477]) .

(إِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) ([478]) .

قال له عثمان : بفيك التراب .

قال له علي (عليه السلام) : بل بفيك التراب ([479]) .

فجعل علي (عليه السلام)عثمان بمنزلة فرعون وجعل أبا ذرّ في منزلة مؤمن آل فرعون .

 

قول النبي (صلى الله عليه وآله)في أبي ذرّ

وقال الذهبي : سيّر أبوذر إلى الربذة وصلى عليه عبد الله بن مسعود قائلاً : صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله)القائل : يرحم الله أباذر يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده .

وقال (صلى الله عليه وآله) : من سرّه أن ينطر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر ([480]).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله)لأبي ذر : كيف أنت إذا أخرجوك منه (مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)) .

قال : ألحق بالشام ، فإن الشام أرض الهجرة ، وأرض المحشر ، وأرض الانبياء ، فأكون رجلاً من أهلها . قال (صلى الله عليه وآله) له : كيف أنت إذا أخرجوك من الشام ؟ قال : ارجع إليه (مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)) .

فيكون بيتي ومنزلي . قال (صلى الله عليه وآله) : فكيف أنت إذا أخرجوك منه ثانية ؟

قال : آخذ سيفي فاقاتل حتى أموت .

قال (صلى الله عليه وآله) : أدلك على خير من ذلك .

قال : بلى ، بأبي وأمي يا رسول الله . قال (صلى الله عليه وآله) : تنقاد لهم حيث قادوك حتى تلقاني وأنت على ذلك ([481])

وجاء في تاريخ دمشق : تناجى أبوذر وعثمان حتّى ارتفعت اصواتهما ... وأمره عثمان أن يخرج إلى الربذة .

وبلغت السطوة الأموية حداً ، لم يمكن معه سماع صوت معارض لها ،فأُخرج مهاناً من مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله)وفي سفرة متعبة إلى صحراء الربذة فمات هناك ، وغضب عثمان على ابن مسعود لدفنه أباذر ! ([482])

وقد عارض العلماء والمؤرخون نفي عثمان لأبي ذر أثر مطالباته الحقة في فرض العدالة والاصلاح السياسي والاجتماعي راوين عملية نفيه إلى الربذة ومقتله هناك ([483]) .

ولمّا جاء عثمان خبر وفاته قال : رحمه الله .

فقال : عمار بن ياسر : نعم فرحمه الله من كل أنفسنا .

فقال له عثمان : يا عاضّ أير أبيه ، أتراني ندمت على تسييره ؟ وأمر فدفع في قفاه ، وقال : الحق بمكانه ، ثم كلّمه الناس فتركه» ([484]) .

ولقد مات أبوذر غريباً طريداً دون كفن فبكت امرأته فقال : ما يبكيك ؟

قالت : أبكي أنه لابد من تغييبك وليس عندي ثوب يسعك كفناً .

قال : لا تبكي . فاني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم ، وأنا عنده في نفر يقول : ليموتنّ رجل منكم بفلاة تشهده عصابة من المؤمنين فكلهم مات في جماعة وقرية ، فلم يبق ما كذَبت ، ولا كذِّبت .

قالت : وأنى ذلك وقد انقطع الحاج ؟

فبينما هم كذلك إذ هي بالقوم كأنهم الرخم ، فاقبلوا حتى وقفوا عليها . قالوا : مالكِ ؟

قالت : رجل من المسلمين تكفنونه ، وتؤجرون فيه ، ...

قالوا : ومن هو ؟

قالت : أبوذر .

ففدوه بآبائهم وأُمّهاتهم وفي القوم عبدالله بن مسعود وحجر بن الأدبر ومالك الأشتر ([485]).

وبسبب ذلك غضب هؤلاء على عثمان وكفّروه .

وقضيّة اغتيال عثمان لأبي ذرّ في صحراء الحجاز فاجعة مروّعة ، قال محمد بن إسحاق : لمّا نفى عثمان أبا ذرّ إلى الرّبذة ، وأصابه بها قدره ، لم يكن معه إلاّ امرأته وغلامه ، فأوصاهما : أن اغسلاني وكفّناني وضعاني على قارعة الطريق ، فأوّل ركب يمرّ بكم قولوا : هذا أبو ذرّ فأعينونا عليه .

فوضعاه وأقبل ابن مسعود في رهط من العراق عُمّاراً ، فلم يرعهم إلاّ به ، قد كادت الإبل أن تطأه فقام الغلام فقال : هذا أبوذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) .

فاستهل عبد الله (بن مسعود) يبكي ويقول : صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله) : تمشي وحدك ، وتموت وحدك ، وتبعث وحدك ! ([486]) .

وانتقمت الدولة ممن وارى أباذر فيقال إن ابن مسعود الذي دفن أباذر عاش بعده نحواً من عشرة أيام (رضي الله عنه) ([487]) .

وأخرج ابن سعد عن إبراهيم بن الأشتر عن أبيه أنّه لما حضر أباذر (رضي الله عنه)عنه الموت بكت إمرأته ، فقال لها : ما يبكيك ؟ قالت : أبكي لأنه لا يدان ([488])لي بتغييبك ، وليس لي ثوب يسعك ، قال : فلا تبكي ، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول لنفر أنا فيهم : «ليموتن منكم رجل بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين» وليس من أولئك النفر رجل إلاّ قد مات في قرية وجماعة من المسلمين ، وأنا الذي أموت بفلاة ،والله ما كَذَبتُ ولا كُذِبتُ ([489]) ، فأبصري الطريق ، فقالت : أنّى وقد انقطع الحاج ، وتقطّعت الطرق ؟! فكانت تشدُّ إلى كثيب ([490])تقوم عليه تنظر ثم ترجع إليه فتمرّضه ، ثم ترجع إلى الكثيب ، فبينا هي كذلك إذا هي بنفر تخدُّ بهم رواحلهم كأنهم الرخم ([491]) على رحالهم ، فألاحت بثوبها فأقبلوا حتى وقفوا عليها وقالوا : ما لك ؟

قالت : أمرؤ من المسلمين يموت تكفّنونه ؟

قالوا : ومن هو ؟

قالت : أبوذر ، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ، ووضعوا السياط في نحورها ([492])يستبقون إليه حتى جاؤوه ، فقال أبو ذرّ : أبشروا ، فحدّثهم الحديث الذي قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) :

إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : «لا يموت بين إمرأين مسلمين ولدان أو ثلاثة فيحتسبان ويصبران فيريان النار» أنتم تسمعون ، لو كان لي ثوب يسعني كفناً لم أكفّن إلاّ في ثوب هو لي ، أو لإمرأتي ثوب يسعني لم أكفّن إلاّ في ثوبها ، فأنشدكم الله والإسلام أن لا يكفنني رجل منكم كان أميراً ، أو عريفاً ([493]) ، أو نقيباً ([494])، أو بريداً ، فكل القوم قد كان قارف ([495]) بعض ذلك إلاّ فتى من الانصار قال : أنا أكفنك فإني لم اصب مما ذكرت شيئاً أكفنك في ردائي هذا الذي عليّ وفي ثوبين في عيبتي من غزل أمي حاكتهما لي ، قال أبو ذرّ : أنت فكفني . قال : فكفنه الانصاري في النفر الذين شهدوه ، منهم حجر بن الادبر ومالك الاشتر في نفر كلهم يمان ([496]) .

وضرب عثمان عبد الله بن مسعود على دفنه أبي ذر أربعين سوطاً وقد قال أبوذر لامرأته وغلامه :

أن غسّلاني ، وكفّناني ، ثم ضعاني على قارعه الطريق ، فاول ركب يمرون بكم قولوا : هذا أبوذر ، صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فأعينونا على دفنه ، فلما مات فعلوا ذلك ، وأقبل ابن مسعود في ركب من العراق معتمرين ، فلم يرعهم إلاّ الجنازة على قارعة الطريق ، وقد كادت الإبل أن تطأها ، فقام إليهم العبد ، فقال : هذا أبوذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فأعينونا على دفنه ، فقال ابن مسعود : صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال له : «تعيش وحدك ، وتموت وحدك ، وتبعث وحدك» ، ثم نزل هو وأصحابه وواروه ([497]) .

لذا قال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) لأبي ذر عند نفيه من المدينة إلى صحراء الربذة :

يا أباذر انك غضبت لله ، ان القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك فامتحنوك بالقلى ونفوك إلى الفلا والله لو كانت السموات والأرض على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل له منها مخرجاً يا أباذر لا يؤنسك إلاّ الحق ولا يوحشك إلاّ الباطل ثم قال لاصحابه : ودعوا عمّكم ([498]) .

 

العلاقة السيّئة بين المقداد ـ عثمان

ومن أدلة سوء العلاقة بين عثمان والمقداد ما ذكره سعيد بن المسيب من أن المقداد لم يكن يصلي مع عثمان ولا يسمّيه أمير المؤمنين ([499]) .

وقالت كريمة بنت المقداد : كان أبي ينصح لعثمان فيأبى إلاّ تقريب مروان وسعيد بن العاص وعبد الله بن عامر ([500]) .

وساءت علاقة المقداد بن الاسود الكندي مع عثمان بن عفان بعد أن قال المقداد : يا معشر المسلمين ان وليتموها أحداً من القوم فلا تولوها من لم يحضر بدراً وانهزم يوم أحد ولم يحضر بيعة الرضوان (أي عثمان) وولى الدبر يوم التقى الجمعان فقال له عثمان : واللهِ لئن وليتها لاردنك إلى ربك الأول ([501]) .

أي أقسم بقتله إن ولي السلطة ... فقتله .

وقال البلاذري : إنّ المقداد بن عمرو وعمار بن ياسر والزبير في عدَّة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتبوا كتاباً عدَّدوا فيه أحداث عثمان وخوَّفوه ربَّه واعلموه انهم مواثبوه إن لم يقلع ، فأخذ عمار الكتاب وآتاه به فقرأ صدراً منه فقال له عثمان : اعليَّ تقدم من بينهم ([502]) .

لذلك صمم عثمان على الانتقام منه شر انتقام وعلى رأس وسائل عثمان الاغتيال ولما كثرت النقمة الشعبية على عثمان كان المقداد من ضمن المعارضين لأفعاله في قتل المؤمنين واعطاء أموال المسلمين لبني أمية ، ولم يكن يرغب في سماع أي مدح لعثمان .

جاء في سنن مسلم أنّ رجلاً مدح عثمان فحثى المقداد الحصى في وجهه .

فقال له عثمان : ما شأنك ؟

فروى أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال : إذا رأيتم المادحين فاحثوا في وجوههم التراب ([503]) .

وفي رواية قال عبد الرحمن بن عوف (بعد مقتل عمر) : صدق عمر ، إن بايعت علياً ، قلنا : سمعنا واطعنا ! قال ابن أي سرح إن أردت أن لا يختلف قريش فبايع عثمان ، فقال عبد الله بن أبي ربيعة : صدق ، إن بايعت عثمان سمعنا واطعنا ، فشتم عمار عبدالله بن أبي سرح ، وقال : متى كنت تنصح المسلمين ([504]) .

وقبل بيعة عثمان قال المقداد : إن بايعتم علياً سمعنا واطعنا وإن بايعتم عثمان سمعنا وعصينا ([505])أما والله لو أنَّ لي على قريش أعواناً لقاتلتهم قتالي اياهم يوم بدر وأحد ([506]).

ولما انتخب عبد الرحمن بن عوف عثمان بن عفان للخلافة قال المقداد يا عبد الرحمن أما والله لقد تركته (علياً (عليه السلام)) من الذين يقضون بالحق وبه يعدلون .

فقال ابن عوف : يا مقداد والله اجتهدت للمسلمين .

قال المقداد : إن كنت أردت بذلك الله فاثابك الله ثواب المحسنين .

وقال المقداد : ما رأيت مثل ما أوتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم إني لاعجب من قريش انهم تركوا رجلاً ما أقول انّ أحداً اعلم ولا اقضى منه بالعدل أما والله لو أجد عليه اعواناً.

فقال عبد الرحمن : يا مقداد اتق الله فإني خائف عليك الفتنة ([507]).

فكان المقداد يبحث عمن ينصره في تأييده لعلي (عليه السلام) ومعارضته عثمان .

 

اغتيال المقداد بيد عثمان

وبعد وفاة عمر كان المقداد قد قال لأهل الشورى : ادخلوني معكم في الشورى .

قالوا : لا .

قال : فاجعلوني قريباً منكم فأبوا .

قال : فإذا أبيتم فلا تبايعوا رجلاً لم يشهد بدراً ولا بيعة الرضوان وانهزم يوم أحد .

فقال عثمان : لان وليت رددتك إلى مولاك الأول .

فلما مات المقداد قام عثمان على قبره فقال : إن كنت وإن كنت واثنى خيراً فقال الزبير شعراً :

لا أعرفنك بعد الموت تندبني *** وفي حياتي ما زودتني زادي

فقال عثمان : تستقبلني بمثل هذا يا زبير .

فقال : ما كنت أحب أن يموت مثل هذا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو عليك ساخط ([508]) .

وقال المقداد: أما والله لو أنّ لي على قريش أعواناً لقاتلتهم قتالي إيّاهم ببدر وأحد ([509]).

وفي زمن حكم عثمان لم يصلّ المقداد وعمار خلفه ([510]).

ولمّا عارض المقداد بن عمرو بيعة عثمان بن عفان توعّده عثمان بالقتل وفعلا وفى عثمان بوعده وقتل المقداد ([511]).

وكان المقداد عارفاً بافعال عثمان الشنيعة في اغتيال الصحابة وسرقة أموال المسلمين وتوقع مقتله بيد الخليفة لذا أوصى بعدم صلاة عثمان عليه ([512]) .

وقد يكون المقداد قد أوصى بذلك بعد اغتياله وقبل موته ، وهو الملائم لهذه الوصية إذ لا يعقل توصيته بذلك بعيداً عن علامات الموت .

والملفت للنظر تهديد عثمان للمقداد وتنفيذه لما هدده به : إذ قال عثمان للمقداد بن عمرو : أما واللهِ لتنتهين أو لاردنك إلى ربك الأول ، فلما حضرت المقداد الوفاة قال لعمار : أبلغ عثمان عني إني قد رُددت إلى ربي الأول ([513]) .

أي ان عثمان كان مصمماً على قتل المقداد ومعترفاً بذلك أمام الملأ العام من الناس فتيقن المقداد بمقتله بيد عثمان فلما أصيب اصابة الموت قال : ابلغ عثمان عني إني قد رددت إلى ربي الأول .

فيكون المقداد بن الكندي قد قُتِل في زمن عثمان الأموي شأنه شأن عبدالرحمن بن عوف بعد أن ساءت علاقتهما به وكشفهما عن فراره في معارك المسلمين وبعد تهديد عثمان لهما .

وبينما قتل ابن عوف سنة اثنتين وثلاثين قتل المقداد سنة ثلاث وثلاثين ([514]) .

وكان عثمان بن عفان من المتخصصين في عمليات الاغتيال يدعمه رجال بني أمية وعلى رأسهم وزيره مروان بن الحكم وواليه على الشام معاوية .

المهم ان المقداد تعرض لعملية قتل تسببت في موته شأنه في ذلك شأن باقي المعارضين لسلطة عثمان فجاء في رواية :

ان غلامه الرومي قتله على أنه شق بطنه ليخرج الشحم منها ليلطف جسمه ! ثم هرب ([515]) .

فالحكومة صوَّرت قضية اغتياله بعملية جراحية تجميلية لاخراج الشحم من بطن المقداد !

وتفنَّن الامويون في اعطاء الأموال للعبيد لقتل أسيادهم فقد فعلوها ايضاً مع غلام عمر بن عبد العزيز الذي اعترف باستلامه ألف دينار سنة 85 هجرية مقابل قتل عمر بن عبد العزيز ([516]) .

ودفع معاوية المال لجعدة بنت الاشعث لقتل زوجها الإمام الحسن (عليه السلام)  ([517]).

وكذب الأموين ثانية للتستر على عملية الاغتيال المذكورة فقالوا : شرب المقداد بن الاسود دهن الخروع فمات !

ولما مات بكى عليه عثمان فقال الزبير بن العوام :

أريد حياته ويريد قتلي *** عذيرك من خليلك من مراد

لا ألفينَّك بعد الموت تندُبني وفي حياتى ما زوَّدتني زادي .

وقُتِل سنة ثلاث وثلاثين هجرية في الجرف ([518]) .

وردّ الزبير القوي على عثمان فيه معنى واضح للاعمال الظالمة التي ارتكبها عثمان بحق المقداد والمتمثلة في قطعه راتبه المالي وابعاده عن الحكومة ثم اغتياله .

 

الاغتيال الجماعي للصحابة بيد عثمان

قال خليفة عن سنة 33 هجرية : وفيها 33 هـ مات المقداد بن الاسود ([519])بامر عثمان  .

وهي السنة التي قتل فيها عثمان رموز الصحابة وهم أبوذر الغفاري .

وعبدالله بن مسعود . وأبي بن كعب .

وقَتَل فيها وصيّه في الخلافة عبد الرحمن بن عوف .

وفتق فيها عثمان بطن عمار بن ياسر رغبة في قتله (إلاّ ان الله سبحانه انقذه من تلك المحاولة وأطال عمره إلى زمن معركة صفين حيث قُتِل فيها) فتكون سنة 32 هجرية سنة الاغتيال الجماعي لوجوه الصحابة لتخلوا الساحة لحكم بني أمية من بعد عثمان .

وأعاد معاوية بن أبي سفيان هذا العمل سنة 58 هجرية قبل وفاته لتهيئة الاجواء لحكم ابنه يزيد مثلما فعل عثمان من قبل !

ومروان بن الحكم الذي عايش هذين العملين الخطيرين في سنتي 32 و 58 هجرية من قبل عثمان ومعاوية فعلها هو ايضاً في سنة 63 هجرية بنحو أضيق يوم قتل معاوية بن يزيد بن معاوية والوليد بن عتبة بن أبي سفيان .

 فالوليد بن عتبة بن أبي سفيان هو ثاني ولي عهد بعد عبد الرحمن بن عوف يتعرض للاغتيال ، إذ صلَّى على جنازة معاوية بن يزيد المقتول بيد مروان ([520])على أن يلي الحكم من بعده ، فدسَّ مروان بن الحكم إليه من اغتاله في الصلاة فسقط ميّتاً وقد نجحت تلك المحاولات الثلاثة من قبل عثمان ومعاوية ومروان في وصول معاوية ويزيد ومروان إلى السلطة !

فحصلت قبيلة بني أمية بذلك على المرتبة الاولى في مرتبة القبائل السائرة على نهج الاغتيال للوصول إلى الرئاسة !

وبالرغم من إيمان أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية بنظرية الاغتيال إلاّ ان هذه النظرية تطورت وتوسعت من واحد إلى آخر فالذين قُتِلوا غيلة في زمن أبي بكر وبيده أقل من الذين قُتِلوا في زمن عمر .

والذين قتلوا في زمن عمر أقل من الذين قُتِلوا في زمن عثمان .

والذين قتلوا فى زمن عثمان أقل من الذين قتلوا فى زمن معاوية .

والذين قُتِلوا في زمن يزيد أكثر من الذين قتلوا في زمن معاوية مع اختلاف في المنهج يتمثل في توجه يزيد إلى قتل أهل البيت(عليهم السلام)والصحابة بصورة علنيّة ; فعمل مذابح مروعة منها مذبحة كربلاء بحق الإمام الحسين بن علي (عليه السلام)وأهله وأصحابه ومذبحة الحرَّة بحق أهالي المدينة ومجزرة مكّة .

فعمليات الاغتيال القليلة في زمن أبي بكر تحولت إلى مذابح جماعية في زمن يزيد بن معاوية  ([521]).

 

الباب الثالث :

 

حكومة الامام

 

نظريّة الإمام السياسيّة

 

الفصل الاول : نظرية الامام السياسية

 

رفض البيعة السرّية ووجوب البيعة العلنية

وهي ثاني بيعة عامّة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد بيعة الغدير . وكان علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد رفض البيعة السرّية والمحدودة مرّتين : مرّة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)حين جاءه عمّه العبّاس (أثناء تغسيله النبي (صلى الله عليه وآله)) مطالباً ببيعته .

ومرّة بعد مقتل عثمان بن عفّان يوم هجم الناس على بيته مبايعين له فقال : بيعتي عامّة وفي المسجد .

فبايعوه بيعة صحيحة وعامة وعلنية وحرة لا اجبار فيها ([522])0

وهذه هي نظرية علي بن أبي طالب (عليه السلام) في رفض البيعة السرّية ، وتثبيت البيعة الجماهيرية .

ووجوب البيعة العلنية من مبادئ الإمام علي (عليه السلام) وقد طبّقها سيّد الرسل محمّد  (صلى الله عليه وآله)في المدينة وفي الحديبية .

وفي فتح مكّة حيث بايعه الناس على القيادة ودفاعهم عن الإسلام وأهل البيت  .

ثمّ كرّر النبي (صلى الله عليه وآله) هذه البيعة العلنية في الغدير لخليفته علي بن أبي طالب (عليه السلام).

إذن كانت بيعات الناس لرسول الله (صلى الله عليه وآله) كلّها علنية أمام الملأ العام من الأُمّة .

ومبادؤها علنية معروفة إذ قال سيّد البشرية في الغدير : اللهمّ هل بلّغت .

قالوا : نعم ([523]).

ولمّا قتل المسلمون عثمان أسرعوا إلى بيت الإمام علي (عليه السلام) لمبايعته فرفض ذلك وطالب بالبيعة العلنية في المسجد النبوي .

ولمّا اجتمع الناس من كل حدب وصوب في المسجد في اليوم الثاني وافق الإمام علي (عليه السلام)على بيعتهم له فبايعوه ([524]).

وهكذا أعاد أمير المؤمنين علي (عليه السلام) البيعة إلى قواعدها الأصلية سنة 35 هجرية بعدما حرّفها أبو بكر وعمر وعثمان عن قواعدها النبوية من سنة 11هـ إلى سنة 35 هجرية .

 

البيعة السرّية

ولم يمشِ رجال السقيفة على هذه النظرية العلنية الواضحة بل ساروا في السقيفة على النظرية السرّية الممقوتة التي سار عليها الناس في الجاهلية .

فبينما كان الإمام علي (عليه السلام) وبنو هاشم والمخلصون من الصحابة منشغلين بجهاز النبي (صلى الله عليه وآله) من غسل وكفن وصلاة ودفن سار أتباع الظلاّم إلى السقيفة في مجموعة لمبايعة أبي بكر في الحكم ، بعيداً عن رأي الأكثرية الساحقة من المسلمين المبايعة لعلي (عليه السلام) في الغدير .

وأوّل هذه المجموعة المغيرة بن شعبة الذي تمثّل الشيطان بصورته في اجتماع دار الندوة المقرّر لاغتيال رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمسمى أعور ثقيف .

والصحيح أنّ المغيرة بن شعبة هو الذي حضر في دار الندوة للتخطيط لقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، واقترح انتخاب شخص من كلّ قبيلة لتضيع دماء النبي في قبائل قريش ([525]).

وبعدما أصبح المغيرة والياً في حكومات عمر وعثمان ومعاوية غيّر رجال الدولة تلك الرواية تنزيهاً منها للمغيرة .

لأنّ الشيطان يوسوس في النفوس ولا يحضر بجسمه ونفسه .

والمغيرة هو الذي قتل أسياده من ثقيف خفية بعد سقيه لهم الخمر وسرقة أموالهم وجاء إلى المدينة هارباً معلناً الإسلام !

فهذا السارق الغادر الشيطان أوّل من هرب من مراسم تشييع رسول الله (صلى الله عليه وآله)وتبعه أبو بكر وعمر وعثمان وابن عوف وابن الجرّاح وباقي الرجال التاركين لمراسم النبي (صلى الله عليه وآله)والتابعين لخطى المغيرة ([526]).

فكان المغيرة قائدهم في السقيفة وفي دار الندوة !!

وفي جلسة سرّية في سقيفة بني ساعدة تخلّلها عمليات ضرب وتخويف وتهديد بالقتل لسعد بن عبادة المريض النائم في سقيفته تمّت مبايعة هذه العصابة لأبي بكر .وأوّل من بايع أبا بكر في السقيفة كان الشيطان المغيرة !

ثمّ اعتمدت هذه العصابة الشرسة على قبيلة أسلم الإعرابية في نيل بيعة الناس بالقوّة .

فهذه البيعة السرّية هي نظرية طغاة مكّة في الاعتماد على السرّية للوصول إلى مآربهم .وسار على هذه الأُطروحة باقي رجال الحزب القرشي في الوصول إلى السلطة بعيداً عن الانتخابات الشعبية .

وبعدما قتل الإمام علي (عليه السلام) بيد اليهود والخوارج سنة 40 هجرية عادت البيعة إلى كواليس السرّية وسراديب الظلام فبايع معاوية فيها لابنه يزيد الفاجر بعيداً عن رأي الجماهير .

ثمّ بايع مروان بسرّية تامّة لابنه عبدالملك وهكذا عادت إلى سنن الجاهلية مثلما أراد لها رجال السقيفة بعيدة عن النظرية الإلهية النبوية .

وما زالت الأُمم الإسلامية تئنّ من وطأة هذه الأعمال العقيمة البعيدة عن الدين . وفي كلّ مرّة يصل إلى دفّة الحكم رجال أمثال يزيد ومروان والمتوكّل .

ولم ينادي واحد من هؤلاء بما ناداه النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في الساحة العلنية في الغدير .ولم يعلن واحد من هؤلاء بما قاله الإمام علي (عليه السلام)من وجوب بيعة علنية في المسجد النبوي ([527]).

 

المعارضون لبيعة الإمام علي (عليه السلام)

قال النبي (صلى الله عليه وآله) أمام المسلمين : ياعلي لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق ([528])، ورغم هذا لم تبايعه عصابة وهم حسّان بن ثابت وكعب بن مالك ومسلمة بن مخلد ومحمّد بن مسلمة والنعمان بن بشير وزيد بن ثابت ورافع بن خديج وفضالة بن عبيد وكعب بن عجرة كانوا عثمانية .

فقال رجل لعبدالله بن حسن كيف أبى هؤلاء بيعة علي (عليه السلام) وكانوا عثمانية ؟

قال : أمّا حسّان فكان شاعراً لا يبالي ما يصنع ، وأمّا زيد بن ثابت فولاّه عثمان الديوان وبيت المال ، فلمّا حصر عثمان قال : يامعشر الأنصار كونوا أنصاراً لله مرّتين فقال أبو أيّوب ما تنصره إلاّ أنّه أكثر لك من العضدان ([529]).

فأمّا كعب بن مالك فكان من المنافقين الذين بيّنهم القرآن الكريم بعد عصيانه الاشتراك في حملة تبوك .

وجاء به عثمان مع بقيّة الرجال المخالفين للقانون من العتاة والعصاة فاستعمله على صدقة مزينة وترك ما أخذ منهم له .

قال الزهري : ولم يبايعه قدامة بن مظعون وعبدالله بن سلام والمغيرة بن شعبة ([530]).

وجاء أيضاً في رواية بأنّ سعد بن أبي وقّاص وابن عمر وصُهيب ، وسلمة بن وقش ، وأُسامة بن زيد لم يبايعوا علياً ([531]).

ولم يبايعه سعيد بن زيد العدوي .

وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لعبدالله بن عمر : إنّك ما علمتُ لسيئ الخلق صغيراً وكبيراً ([532]).

قال ابن حزم : وتأخّر عن بيعته قوم من الصحابة بغير عذر شرعي إذ لا شكّ في إمامته ([533]).

فمن المتأخّرين عن بيعته عبدالله بن عمر وحفصة بنت عمر ، لكن الإمام علي  (عليه السلام)لم يهجم على دورهم بالنار والحطب مثلما هجم عمر على بيت فاطمة الزهراء وأحرق بابها وكسر ضلعها وأسقط جنينها وقتلها !

أمّا زيد بن ثابت وعبدالله بن سلام ومحمّد بن مسلمة فمن اليهود الساعين لتدمير الدين وإحياء الكفر بيد معاوية بن أبي سفيان .

وأمّا عبدالله بن عمر فأرادها وراثة لقبائل قريش الكافرة .

وأمّا صهيب وسعد بن أبي وقّاص وسلمة بن وقش والنعمان بن بشير فهم من المنافقين المعارضين لسيّد الرسل ، وشارك بعضهم في محاولة قتل النبي (صلى الله عليه وآله)في العقبة ([534]).

 

الخطبة الشقشقية

قال أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) في نهج البلاغة : والله لقد تقمصها ابن ابي قحافة ([535]) وإنه ليعلم انّ محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عنِّي السيل ولا يرقى اليَّ الطير ، فسدلت دونها ثوباً وطويت عنها كشحا وطفقت أرتأي بين ان أصول بيد جذّاء او اصبر على طخية عمياء ، يشيب فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت أنّ الصبر على هاتا احجى ، فصبرت وفي العين قذا وفي الحلق شجا أرى تراثي نهبا ، حتى اذا مضى الاول الى سبيله ، فادلى بها الى فلان بعده عقدها لاخي عدي بعده ، فيا عجباً بينا هو يستقيلها في حياته ، إذ عقدها لآخر بعد وفاته ، فصيَّرها والله في حوزة خشناء ، يخشن مسّها ، ويغلظ كلمها ، ويكثر العثار فيها ، والاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصعبة ، إن عنق بها حرن وإن اسلس بها غسق فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس وتلون واعتراض وبلوى وهو مع هن وهني ، فصبرت على طول المدة وشدة المحنة ، حتى اذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم اني منهم ، فيالله وللشورى متى اعترض الريب فيَّ مع الاول منهم حتى صرت أُقرن الى هذه النظائر ، فمال رجل لضغنه واصغى آخر لصهره ، وقام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أميَّة ، يخضمون مال الله خضم الإبل نبت الربيع ، حتى اجهز عليه عمله ، وكبت به مطيّته ، فما راعني إلاّ والناس إليَّ كعرف الضبع قد انثالوا عليّ من كل جانب ، حتى لقد وطئ الحسنان ، وشقّ عطفاي ، حتى اذا نهضت بالامر نكثت طائفة وفسقت اخرى ومرق آخرون ، كأنهم لم يسمعوا الله تبارك وتعالى يقول : ( تِلكَ الدَّارُ الأَخِرَةُ نَجعَلُها لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوَّاً في الأَرضِ وَلاَ فَسَاداً والعَاقِبةُ لِلمُتَّقِينَ ) ([536])

بلى والله لقد سمعوها ووعوها لكن احلولت الدنيا في اعينهم وراقهم زبرجها ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر ، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقرُّوا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم ، لألقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس اولها ولألفيتم دنياكم هذه عندي أزهد من عفطة عنز ، وناوله رجل من أهل السواد كتاباً فقطع كلامه ، وتناول الكتاب فقال ابن عباس : يا امير المؤمنين لو اطردت مقالتك الى حيث بلغت ، فقال : هيهات هيهات يا بن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرَّت ([537]) .

 

النظريّة الماليّة لعلي (عليه السلام)

 

الفصل الثاني: النظرية المالية لعلي (عليه السلام)

 

بيت المال

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في أوّل خطبة له : إنّ مفاتيح مالكم معي وإنّه ليس لي أن آخذ منه درهماً دونكم أرضيتم ؟

قالوا : نعم .

قال (عليه السلام): اللهمّ اشهد عليهم ثمّ بايعهم على ذلك ([538]).

وقال الإمام علي (عليه السلام): للسلطان مفتاح بيت المال وليس المال ([539]).

قال ابن عبدالبر في كتاب « الاستيعاب » : كان علي (عليه السلام) يقسّم ما في بيت المال بين المسلمين ، ثمّ يأمر بكنسه فيكنس ، ثمّ يصلّي فيه رجاء أن يشهد له يوم القيامة ، وأتاه مال من أصبهان قسّمه سبعة أسباع ، ووجد فيه رغيفاً ، قسّمه سبع كسر ، وجعل على كل قسم كسرة .

وفي « حلية الأولياء » لأبي نعيم أنّ ابن النباج قال له : ياأمير المؤمنين امتلأ بيت مال المسلمين من صفراء وبيضاء ، أتت من الخارج ، فقال : الله أكبر ! .. عليَّ بالناس ، فنودي فيهم ، ولمّا أقبلوا فرّق جميع ما في بيت المال ، وهو يقول : ياصفراء ويابيضاء غرّي غيري .

كان يفرّق المال ، حتّى لا يبقى منه درهم ولا دينار ، ثمّ يحمل المسحاة ، ويعمل في الأرض ، فيستنبط العيون ، ويقفها في سبيل الله . وفي ذات يوم وصل مال الصدقة مساءً ، فقال لمن حضر : اقتسموه . فقالوا : أمسينا . أخّره إلى غد ، فقال (عليه السلام): من يضمن بقائي إلى غد . وقيل له : اعط من هذه الأموال الذين يخشى منهم ، ويفرّون إلى معاوية فقال : أتأمروني أن أطلب النصر بالجور .

أمّا خبره مع ابنته زينب (عليها السلام) وكنيتها (أُمّ كلثوم) حين استعارت العقد من بيت المال لتلبسه يوم العيد ، فمعروف ذكره جميع المؤرخين من السنّة والشيعة ، إذ منعها منه .

والذي تبيّن معنا من سيرة علي (عليه السلام) في الحكم أنّ له نظرة خاصّة إلى مهمّة وكلام أمير المؤمنين صريح في ذلك ، فمن كتاب له إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة : « ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفّى هذا العسل ، ولباب هذا القمح ، ونسائج هذا القزّ ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ، ويقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة ، ولعلّ بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له بالقرص ، ولا عهد له بالشبع ، أو أبيت مبطاناً ، وحولي بطون غرثى ، وأكباد حرّى ! أو أكون كما قال القائل :

وحسبك داء أن تبيت ببطنة *** وحولك أكباد تحنّ إلى القدّ

أأقنع من نفسي بأن يقال : أمير المؤمنين ، ولا أُشاركهم في مكاره الدهر  ؟!  » ([540]).

وإذا لم يقدّر الحاكم نفسه بضعفة الناس من رعيته فقد تجاوز حدّه ، وخان مهمّته ، وأصبحوا في حلّ من بيعته ، وجاز لهم الخروج على حكمه .

 

مراتب الناس في العطاء

النبي (صلى الله عليه وآله) ونهجه

كانت الأموال توزَّع بين الناس في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) بصورة متساوية ، وعادلة لا فرق بين عربي وأعجمي ، ولا فرق بين امرأة حبشي مسلم وامرأة الرسول (صلى الله عليه وآله) . . . .

أبو بكر ونهجه :

كان أول ما قسَّمه أبو بكر في الناس بين الأحمر والأسود والحر والعبد ديناراً لكل إنسان ، وقسَّم بين الناس بالسويَّة ، لم يفضِّل أحداً على أحد ([541]) .

وكان الذي فرضوا له ( أي لأبي بكر ) في كل سنة ستة آلاف درهم ([542]) .

عمر بن الخطاب ونهجه :

وكان عمر بن الخطاب أول من فرَّق في أعطيات الناس ، فجعلها في طبقات متعدّدة ، الأكثرية منها رواتبها ضئيلة ، والأقلية منها رواتبها كثيرة .

صحيح ان عمر جعلها في قانون ثابت ، لكنَّ نتائجها خطيرة ، اذ فضَّل مهاجري بدر على غيرهم في العطاء وفضَّل السابقين على اللاحقين . لكنَّه جعل عطاء معاوية وأبي سفيان مثل عطاء أهل بدر .

وفضَّل ثلاث نساء من الأمّة على باقي النساء ، وهنَّ إبنته حفصة وابنة ابي بكر ( عائشة ) وابنة أبي سفيان ( أم حبيبة ) ([543]) .

لقد سار ابو بكر على منهج الرسول (صلى الله عليه وآله)في مدَّة حكمه . ولكنَّ عمر غيَّر هذه الأسس النبوية في العطاء المالي ، وبدَّل فيها ، فكانت بداية الطبقيّة في المجتمع الاسلامي ، فتأسس أساس نهب أموال المسلمين في الزمن الأموي ، وما تلاه على أساس الشأن والقبيلة والوظيفة وغير ذلك .

جاء في الطبقات لابن سعد توضيح لعطايا عمر :

ان عمر فرض لأهل بدر من المهاجرين وقريش والعرب والموالي خمسة آلاف درهم .

وفرض لبني هاشم والحسن والحسين لكل واحد منهم خمسة آلاف درهم .

وللعباس بن عبد المطلب ولمن شهد بدراً من المهاجرين والأنصار خمسة آلاف درهم .

وللأنصار ومواليهم ولمن شهد أُحداً أربعة آلاف درهم .

ولعمر بن أبي سلمة ، ولأسامة بن زيد أربعة آلاف درهم .

ولمن هاجر قبل الفتح ، ولعبد الله بن عمر ثلاثة آلاف درهم .

ولنساء مهاجرات لكلِّ واحدة منهن ثلاثة آلاف درهم ([544]) .

وفرض لأزواج النبي ففضَّل عليهن عائشة . فرض لها في اثني عشر ألف ، ولسائرهن عشرة آلاف . غير جويرية وصفية إذ فرض لهما ستة آلاف .

وفرض لأبناء البدريين ولمسلمة الفتح لكل رجل منهم ألفي درهم .

وفرض لأسماء بنت عميس ، ولأمِّ كلثوم بنت عقبة ، ولأمِّ عبد الله بن مسعود ألف درهم .

وذكر ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ : فرض للعباس وبدأ به ، ثمَّ فرضَ لأهل بدر خمسة آلاف ( درهم ) ، ثمَّ فرض لمن بعد بدر الى الحديبية أربعة آلاف أربعة آلاف ، ثمَّ فرض لمن بعد الحديبية الى ان أقلع ابو بكر عن أهل الردَّة ثلاثة آلاف ثلاثة آلاف ، ثمَّ فرض لأهل القادسية وأهل الشام ألفين ألفين ، وفرض لأهل البلاء النازع منهم ألفين وخمسمائة ألفين وخمسمائة .

وفرض لمن بعد القادسية واليرموك ألفاً ألفاً ، ثمَّ فرض للروادف المثنى خمسمائة خمسمائة ، ثمَّ للروادف الليث بعدهم ثلاثمائة ثلاثمائة .

وأعطى نساء النبي (صلى الله عليه وآله) عشرة آلاف عشرة آلاف ، الا من جرى عليها الملك ، فقال نسوة رسول الله : ما كان رسول الله يفضِّلنا عليهن في القسمة ، فسوِّ بيننا ، ففعل وفضَّل عائشة بألفين لمحبة رسول الله إياها ! ([545])

فكان عمر يعطي لمقاتل معركة بدر خمسة آلاف درهم ، ويعطي لأمَّهات المؤمنين عشرة آلاف درهم ، في حين كان يعطي عائشة اثني عشر ألف درهم ؟ ! !

أي ان الامام علي بن أبي طالب وصي النبي (صلى الله عليه وآله) وأول مسلم وبطل الإسلام وزوج بنت النبي (صلى الله عليه وآله) وابن عمِّه يأخذ حوالي ثلث راتب عائشة ؟ !

وقد ذكر ابن أبي الحديد المعتزلي طعناً على عمر بن الخطاب قائلا : إنّه كان يعطي من بيت المال مالا يجوز ، حتَّى أنَّه كان يعطي عائشة وحفصة عشرة آلاف درهم في كلِّ سنة ، ومنع أهل البيت خمسهم الذي يجري مجرى الواصل إليهم من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وانه كان عليه ثمانون ألف درهم من بيت المال على سبيل القرض ([546]) . وقد أجاب قاضي القضاة ، بأنَّ دفعه الى الأزواج جائز ، من حيث أن لهنَّ حقاً في بيت المال ، وللإمام ذلك على قدر ما يراه ، وهذا الفعل قد فعله من قبله ومن بعده ، ولو كان منكراً لما استمرَّ عليه امير المؤمنين ( الامام علي  ) (عليه السلام) وقد ثبت استمراره عليه ولو كان طعناً لوجب اذا كان يدفع الى الحسن والحسين والى عبد الله بن جعفر وغيرهم من بيت المال شيئاً أن يكون في حكم الخائن ، وكل ذلك يبطل ما قالوه ; لأنَّ بيت المال إنَّما يراد لوضع الاموال في حقوقها ، ثمّ والى المتولي لأمر الاجتهاد في الكثرة والقلة ، فأما أمر الخمس فمن باب الاجتهاد ، وقد اختلف الناس فيه فمنهم من جعله حقاً لذوي القربى ، وسهماً مفرداً لهم على ما يقتضيه ظاهر الآية ، ومنهم من جعله حقاً لهم من جهة الفقر ، واجراهم مجرى غيرهم وان كانوا قد خصوا بالذكر ، كما أجرى الايتام ، وان خصوا بالذكر مجرى غيرهم في أنهم يستحقون بالفقر والكلام في ذلك يطول ، فلم يخرج عمر بما حكم عن طريقة الاجتهاد ، ومن قدح في ذلك فانما يقدح في الاجتهاد وهو طريقة الصحابة ، فأمَّا اقتراضه من بيت المال ، فان صح فهو غير محظور ، بل ربما كان أحوط اذا كان على ثقة من رده بمعرفة الوجه الذي يمكنه منه الرد .

وقد اعترض المرتضى فقال : أمَّا تفضيل الأزواج فإنَّه لا يجوز ; لأنَّه لا سبب فيهن يقتضي ذلك ; وانما يفضِّل الإمام في العطاء ذوي الأسباب المقتضية لذلك مثل الجهاد وغيره من الامور العام نفعها للمسلمين ، وقوله : ان لهن حقاً في بيت المال ، إلاَّ أنَّه لا يقتضي تفضيلهن على غيرهن ، وما عيب بدفع حقهن اليهن ، وإنَّما عيب بالزيادة عليه ، وما يعلم أن امير المؤمنين (عليه السلام)استمرَّ على ذلك ، وان كان صحيحاً كما ادعى فالسبب الداعي الى الاستمرار عليه هو السبب الداعي الى الاستمرار على جميع الاحكام ، فأمَّا تعلقه بدفع امير المؤمنين الى الحسن والحسين وغيرهما شيئاً من بيت المال فعجب ; لانه لم يفضل هؤلاء في العطية فيشبه ما ذكرناه في الازواج ، وأنما اعطاهم حقوقهم وسوى بينهم وبين غيرهم . فأما الخمس فهو للرسول ولأقربائه على ما نطق به القرآن ، وأنما عنى تعالى بقوله : ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ، من كان من آل الرسول خاصَّة لادلة كثيرة لا حاجة بنا الى ذكرها هنا . وأمَّا الاجتهاد الذي عوَّل عليه فليس عذراً في إخراج الخمس عن أهله فقد أبطلناه ، وأمَّا الاقتراض من بيت المال فهو مما يدعو الى الريبة ، ومن كان من التشدد والتحفظ والتقشف على الحد الذي ذكره ، كيف تطيب نفسه بالاقتراض من بيت المال وفيه حقوق الناس ، وربما مسَّت الحاجة إلى الاخراج منها ؟

وأي حاجة لمن كان جشب المأكل خشن الملبس يتبلغ بالقوت الى اقتراض الأموال ، فأمَّا حكايته عن الفقهاء ان الاحتياط ان يحفظ مال الأيتام في ذمَّة الغني المأمون ، فذلك اذا صحَّ لم يكن نافعاً له ، لأنَّ عمر لم يكن غنياً ، ولو كان غنياً لما اقترض ([547]) .

وقد أيَّد الحاكم في المستدرك هذا المطلب قائلا : إنَّ عمر فرض لأمّهات المؤمنين عشرة آلاف وزاد عائشة ألفين ([548]) . أمَّا اقتراض عمر من بيت المال فقد ذكره الطبري وابن الاثير والمتَّقي الهندي ([549]) .

وبذلك يكون راتب عائشة يساوي راتب ستَّة مقاتلين من مقاتلي القادسية والشام ! ! وبينما كان مقاتل القادسية الشهيرة يعيش بألفي درهم كانت حفصة وحدها تعيش بإثني عشر آلف درهم .

وخالف ابو بكر نهج النبي (صلى الله عليه وآله) وفضَّل عائشة على أسماء .

فبينما كانت عائشة تأخذ اثني عشر الف درهم ، كانت اختها أسماء بنت ابي بكر تأخذ ألف درهم ! وهذا الشيء لا يقبله الناس ; لانّ الفرق الطبقي أصبح صارخاً . وما دام النبي (صلى الله عليه وآله) لم يفضِّل واحدة على أُخرى ، فلماذا نفضِّل نحن عائشة على أسماء ، كذلك سار الإمام علي (عليه السلام)على نهج النبي (صلى الله عليه وآله) فلم يفضِّل امرأة على أخرى ؟ ! فيكون أبوبكر وعمر أول من خالف تشريع رسول الله (صلى الله عليه وآله) .

ويذكر ان اللائي توفي عنهن الرسول (صلى الله عليه وآله) من زوجاته هن : أمّ سلمة ، أمّ حبيبة ، عائشة ، حفصة ، صفية ، زينب بنت جحش ، سودة ، ميمونة .

فكيف تُفضَّل حفصة وعائشة وامَّ حبيبة ابنة أبي سفيان المتحالف مع الدولة على باقي النساء ؟

وقد جاء في تاريخ إبن الجوزي : وفرض عمر لأهل بدر والمهاجرين والانصار ستة آلاف ، وفرض لأزواج النبي (صلى الله عليه وآله) ففضل عليهن عائشة فرض لها اثني عشر الفاً ولسائرهن عشرة آلاف ، غير جويرية وصفية فرض لها ستة آلاف ستة آلاف . وفرض للمهاجرات الأُول أسماء بنت عميس وأسماء بنت ابي بكر وأمّ عبد الله بن مسعود الفاً الفاً ([550]) .

وقالوا : أنَّه فرض لأصحاب بدر منهم خمسة آلاف ، ولمن كان شهد بدراً من الانصار أربعة آلاف ، وفرض لمن شهد أحداً ثلاثة آلاف .

وقال : إنِّي اعتذر إليكم من خالد بن الوليد ، إنِّي أمرته يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين ، فأعطاه ذا الباس وذا الشرف فنزعته .

وعن سعيد بن المسيب : أنَّ عمر بن الخطاب كتب المهاجرين على خمسة آلاف والأنصار على أربعة آلاف ومن لم يشهد بدراً من أبناء المهاجرين على أربعة آلاف ، وكان فيهم عمرو بن ابي سلمة بن عبد الاسد المخزومي واسامة بن زيد ومحمد بن عبد الله بن جحش الأسدي وعبد الله بن عمر . فقال عبد الرحمن بن عوف : إنَّ إبن عمر ليس من هؤلاء . إنَّه وإنَّه .

فقال ابن عمر : ان كان لي حق فاعطنيه ، وإلا فلا تعطني . فقال عمر لعبد الرحمن بن عوف : اكتبه على خمسة آلاف ، واكتبني على أربعة آلاف ، فقال عبد الله : لا اريد هذا ، فقال عمر : والله لا أجتمع انا وانت على خمسة آلاف .

وفضَّل عائشة بألفين فأبت . فقال : بفضل منزلتك عند رسول الله فاذا اخذت فشأنك ([551]) .

وقال الزهري : جعل ( عمر ) نساء أهل بدر على خمسمائة خمسمائة ، ونساء من بعد بدر الى الحديبية على اربعمائة اربعمائة ، ونساء من بعد ذلك الى الأيام على ثلاثمائة ثلاثمائة ، ثمَّ نساء القادسية على مائتين مائتين ، ثمَّ سوى بين النساء بعد ذلك وجعل الصبيان من أهل بدر وغيرهم سواء مائة مائة .

أخرج أحمد في الزهد عن اسماعيل بن محمد ، أنّ أبا بكر قَسَمَ قسماً فسوَّى فيه بين الناس ، فقال له عمر : تسوِّي بين أصحاب بدر وسواهم من الناس ؟ فقال ابو بكر : إنَّما الدنيا بلاغ ، وخير البلاغ أوسعه ، وإنَّما فضلهم في أجورهم ([552]) .

وأخرج عن سفيان بن أبي العوجاء قال عمر بن الخطاب : والله ما أدري أخليفه أنا أم ملك ؟ فإن كنت ملكاً فهذا أمر عظيم ، فقال قائل : يا أمير المؤمنين : إنَّ بينهما فرقاً ، قال : ما هو ؟

قال : الخليفة لا يأخذ إلاَّ حقَّاً ولا يضعه الا في حق ، وأنت بحمد الله كذلك ، والملِكُ يعسِفُ الناس فيأخذ من هذا ويعطي هذا ، فسكت عمر ([553]) .

ربما بعض المسلمين ينظر الى سيرة عمر بن الخطاب كسيرة مرضيَّة ، وصاحبها له حقّ التغيير في مقابل النبي (صلى الله عليه وآله) فقد وُضِعت نظريَّة عمر في الناحية المالية موضع التطبيق ، وسار عليها رؤساء وعلماء من مذاهب مختلفة !

وكانت فترة حكم عمر وعثمان والأمويين الطويلة قد عوَّدت الناس على هذه النظريَّة .

فضاعت المساواة التي سار عليها الرسول (صلى الله عليه وآله) في العطاء ، يوم كان يأخذ بقدر ما يعطيه لخادمة أبي رافع ، غير ناظر الى نبوته ، وقدم اسلامه ونسبه وغير ذلك . وتبعه في ذلك أبو بكر نسبيّاً . ورجع الى هذا المنهج الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام)مخالفاً فيه عمرَ وعثمان . فكان الامام علي (عليه السلام) ورغم قدمه في الإسلام ونسبه وعلمه وشجاعته وغير ذلك ، كان يعطي نفسه ما يعطيه خادمه قنبر .

وقد جاء في كتاب الاحكام السلطانية للماوردي : « وكان العمل في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)وأبي بكر جارياً على التسوية العامَّة ، الا أنَّ عمر رأى ان لا يجعل من قاتل رسول الله كمن قاتل معه ، فجعل الامتياز بحسب السابقة ، فالذي قاتل يوم بدر يفضل من قاتل في فتوح العراق والشام ، ومن هنا حدث التفاوت الملموس في الأعطيات وتشكل في طبقات ومراتب ، فطائفة تأخذ عطاءً كبيراً ، وأخرى عطاءً متوسِّطاً ، والأكثرية يأخذون عطاءً ضئيلا . وكانت الطبقات على هذه الشاكلة :

1 ـ زوجات النبي (صلى الله عليه وآله) وأقرب الناس إليه في حياته ، ولهنّ بضعة آلاف من الدنانير سنوياً .

2 ـ كبار المهاجرين ، كبار الأنصار . من إشترك في الغزوات حسب أهميتها .

3 ـ كل من جاء من البادية واشترك في الحرب .

هذا التنظيم أوجد تمايزاً كبيراً ، وأقام المجتمع العربي على قاعدة الطبقات . بعد ان كانوا سواءً في نظر القانون ([554]) .

وكان عمر قد جعلها طبقية على أساس السابقة في الدين . ففضَّل أهل بدر على غيرهم ، وجعلها قومية ففضَّل العرب وجعلها اقليمية ففضل قريش على الانصار .

وعندما فضَّل عائشة بنت ابي بكر وحفصة بنت عمر وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان على سائر نساء الرسول (صلى الله عليه وآله) ([555]) وسائر نساء الأمّة ، وفضَّل العرب على العجم ، وفضَّل الصريح على المولى ، لم يكن هذا مقبولا عند أحد . اذ هو في الحقيقة فضَّل أبا بكر وعمر وأبا سفيان على الأمَّة !

ولو كان التفضيل لمقام النبي (صلى الله عليه وآله) لفضَّل علياً (عليه السلام)وغيره من بني هاشم على سائر الناس ، ولأعاد الخمس وفدكاً لبني هاشم لكنَّه لم يفعل هذا .

فالذين يفضِّلون في العطاء بين الناس في زماننا يسيرون على نظريَّة عمر ، والذين يساوون في العطاء يسيرون على نظريَّة النبي (صلى الله عليه وآله) . . .

وذكر ذكوان مولى عائشة قائلا : قدم درج من العراق فيه جواهر الى عمر ، فقال لأصحابه : أتدرون ما ثمنه ؟

فقالوا : لا ، ولم يدروا كيف يقسمونه .

فقال : أتأذنون أن أرسل به الى عائشة لحب رسول الله إيّاها ؟

قالوا : نعم .

فبعث به إليها .

فقالت : ماذا فتح اللهُ على ابن الخطاب ([556]) .

وهكذا حصلت عائشة على جواهر ملكة الفرس ظلماً !

فيكون عمر قد فضَّل عائشة وحفصة وأمَّ حبيبة على سائر الناس في العطاء واعطى لكل واحدة منهنَّ اثنى عشر الف درهم . وفضَّل آباءَهن وقبائلهن في الخلافة ، بتنصيب أبي بكر أولا ونفسه ثانياً وعثمان الأموي ثالثاً .

وكانت النتيجة :

تفضيل قريش على الأنصار . باعطاء محاربي بدر المهاجرين خمسة آلاف درهم ، وإعطاء محاربي بدر من الأنصار أربعة آلاف درهم ([557]) وتفضيل العرب على العجم ([558]) .

تفضيل زوجات الرسول (صلى الله عليه وآله) على باقي النساء بعشرة آلاف درهم ([559]) . وتفضيل عائشة وحفصة وام حبيبة عليهنَّ .

جعل لجويرية وصفية ( زوجتا النبي (صلى الله عليه وآله) ) ستة آلاف ([560]) .

تفضيل محاربي بدر على باقي المحاربين ([561]) .

تفضيل المولى على الصريح ([562]) .

تفضيل أبي سفيان ومعاوية على الأنصار ، ورفعهما الى منزلة المهاجرين المحاربين في بدر ([563]) .

اعطاء ثلاثة آلاف درهم لمن هاجر قبل الفتح ([564]) .

فرض لأهل القادسية وأهل الشام ألفين ([565]) .

وروى الزهري : فرض لنساء أهل بدر خمسمائة . فرض لنساء من بعد بدر الى الحديبية أربعمائة .

فرض لنساء ما بعد الحديبية مائتين .

فلم تكن الفروق قائمة على السابقة بل تعتمد على أسس عديدة . ([566])

 

مساواة الطلقاء بمقاتلي بدر في العطاء

يتصوَّر البعض أنَّ عطاء عمر قائم على أسبقية المشاركة في الحروب الإسلامية فقط في حين جاء أنَّه جعل لأهل مكَّة من كبار قريش مثل أبي سفيان ابن حرب ومعاوية بن أبي سفيان خمسة آلاف . ثمَّ قريش على منازلهم ممَّن لم يشهد بدراً . ولأمَّهات المؤمنين ستَّة آلاف ، ستة آلاف ، ولعائشة وأمِّ حبيبة ( بنت أبي سفيان ) وحفصة اثني عشر الفاً ([567]) .

وبذلك يكون عمر قد جعل راتب الامام علي (عليه السلام) وراتب معاوية متساويين ، وهذا ما سهَّل على معاوية الحصول على مكان الصدارة في المجتمع
الإسلامي .

كما جعل عمر راتب معاوية أعلى من راتب سعد بن عبادة ورفاقه المشاركين في معركة بدر ! وبذلك يكون عمر قد أعطى أبا سفيان ومعاوية راتباً ( خمسة آلاف درهم ) أعلى من راتب كثير من المسلمين الأوائل .

وفضَّل أُمّ حبيبة بنت أبي سفيان على باقي نساء الأمّة ، ثمّ نصَّب معاوية والياً على الشام ورزقه ألف دينار في كل شهر ([568]) .

وهو راتب خطير في ذلك العصر ! !

ومن الذين حصلوا على أموال كثيرة لحب عمر لهم كان زيد بن ثابت إذ ذكر خارجة بن زيد بن ثابت : كان عمر يستخلف زيد بن ثابت إذا سافر ، فقلما رجع إلاّ أقطعه حديقة من نخل ([569]) .

 

رأي الامام علي (عليه السلام) في بيت المال

قال الإمام علي (عليه السلام) : أتأمروني أَنْ اطلُبَ النصرَ بالجورِ فيمنْ وُلِّيت عليه ، واللهِ لا أطورُ به ما سَمَرَ سميرٌ ، وما أَمَّ نجمٌ في السماء نجماً ، ولو كان المالُ لي لسوَّيت بينهم ، فكيف وإنَّما المال مال الله الا وإنَّ إعطاء المال غير حقِّه تبذير وإسراف ([570]) .

وذكر إبن أبي الحديد المعتزلي مسألة المساواة في العطاء والإختلاف في ذلك قائلا :

واعلم أنَّ هذه المسألة فقهية ورأي الامام علي (عليه السلام) وهو التسوية بين المسلمين في قسمة الفي والصدقات ، والى هذا ذهب الشافعي ، وسار أبو بكر على هذه النظرية جزئيا .

وأمَّا عمر فإنَّه لمَّا ولي الخلافة فضَّل بعض الناس على بعض ، ففضَّل السابقين على غيرهم ، وفضَّل المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين ، وفضَّل المهاجرين كافة على الأنصار كافة ، وفضَّل العرب على العجم ، وفضَّل الصريح على المولى ، وقد كان ( عمر ) أشار على أبي بكر أيَّام خلافته بذلك فلم يقبل وقال : إنَّ الله لم يفضِّل أحداً على أحد ، ولكنَّه قال : ( إنَّما الصَّدَقاتُ لِلفُقَرآءِ والمَسَاكِينِ ) ([571])

ولم يخصَّ قوماً دون قوم . فلمَّا أفضت إليه الخلافة ( عمر ) عمل بما كان أشار به أولا ، وقد ذهب كثير من فقهاء المسلمين الى قوله  .

والمسألة محل إجتهاد ، وللإمام أن يعمل بما يؤدِّيه إليه إجتهاده ، وإن كان إتّباع الامام علي (عليه السلام) عندنا أولى ، لا سيَّما إذا عضده موافقة أبي بكر في المسألة ، وإن صح الخبر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)ساوى فقد صارت المسألة منصوصاً عليها ; لأنَّ فعله  (عليه السلام)كقوله » ([572]) . وقال ابن أبي رافع ([573]) : كنت على بيت مال الامام علي بن أبي طالب وكاتبَه ، فكان في بيت ماله عقد لؤلؤ كان أصابه يوم البصرة ، فأرسلتْ إليَّ بنتُ الامام علي إبن أبي طالب فقالت لي : إنَّه قد بلغني أنَّ في بيت مالِ أمير المؤمنين عِقدَ لؤلؤ ، وهو في يدك ، وأنا أحبُّ أن تُعِيرَنيه ، أتجمّلُ به في يوم الأضحى .

فأرسلتُ إليها : عارِيةٌ مضمونة ، مردودة بعد ثلاثة أيام يا بنت أمير المؤمنين ، فقالت : نعم عارية مردودة بعد ثلاثة أيام .

فدفعته إليها وإذا أمير المؤمنين رآه عليها فعرَفه ، فقال لها : من أين جاء إليكِ هذا العِقد ؟

فقالت : استَعَرْتُهُ من ابن أبي رافع خازِنِ بيت مال المسلمين لأتَزَيَّنَ به في العيد ثمَّ أرُدَّه .

فبعث إليَّ أمير المؤمنين فجئته ، فقال لي : اتَخُون المسلمين يا ابن أبي رافع ؟

فقلت : معاذ الله أن أخون المسلمين .

فقال : كيف أعرت بنت أميرِ المؤمين العقد الذي في بيت مال المسلمين ، بغير إذني ورضاهم !

فقلت : يا أمير المؤمنين إنَّها بنتك ، وسأَلَتني أن أُعيرَها العِقدَ تتزين به ، فأعَرْتَها إيَّاه عاريةً مضمونة مردودة على أن ترَدَّه إلى موضعه ، فقال : رُدَّه من يومك ، وإياك أن تعود إلى مثله فتنالك عقوبتي .

ثمَّ قال : ويلٌ لإبنتي لو كانت أخذت العقد على غير عارية مردودة مضمونة ، لكانت إذن أوَّل هاشمية قُطِعَت يَدُها في سرقة .

فبلغت مقالته إبنته فقالت له : يا أمير المؤمنين أنا إبنتك وبضعةٌ منك فمن أحقُّ بلُبْسِه منِّي !

فقال لها : يا بنت أبن أبي طالب ، لا تذهبي بنفسك عن الحق ، أكلُّ نساء المهاجرين والأنصار يتزينَّ في مثل هذا العيد بمثل هذا .

فقبضته منها ورددته الى موضعه .

وكان الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)يقسم بيتَ المالِ في كل جمعة حتى لا يبقي منه شيئاً ; ثم يُفْرَش له ويقيل فيه ([574])ويصلي فيه .

لذا قال النبي محمد (صلى الله عليه وآله) : الامام علي يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب المنافقين ([575])  .

 

تفضيل عائشة وحفصة وأم حبيبة على سائر النساء

ولم يفضِّل عمر نفسه في العطاء على الناس ، لكنّه رفع أبا سفيان ومعاوية الى مكانة أرقى من مكانتهما .

وفضَّل بنت أبي بكر وبنت أبي سفيان وبنته على أُمَّة محمد (صلى الله عليه وآله)في العطاء !

إذ جعل راتب عائشة وأمِّ حبيبة (رملة) وحفصة أعلى من راتب بقيَّة أمَّهات المؤمنين لكل واحدة منهن إثني عشر الف درهم سنوياً ([576]) .

ذكر البلاذري بان عمر كتب عائشة أم المؤمنين في إثني عشر ألفاً ، وكتب سائر أزواج النبي (صلى الله عليه وآله)في عشرة آلاف ، وفرض لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)

خمسة آلاف ، وفرض مثل ذلك لمن شهد بدراً من بني هاشم ([577]) .

مفضِّلا إياهن على أمِّ سلمة ، وسودة بنت زمعة وغيرهما من أُمَّهات المؤمنين .

ولا أدري ما هو السر في تفضيل هذه النساء على بقيَّة نساء ورجال الأمّة ؟ فهل يعود في رأي الخليفة الى أفضلية أبي بكر وعمر وأبي سفيان على بقيَّة أفراد الأمَّة ؟ أم يعود الى أفضلية أُمهاتهن على النساء ( زينب بنت مظعون أخت قدامة ابن مظعون أمُّ حفصة.

وأم رومان أُم عائشة ، وصفيَّة بنت أبي العاص بن أميَّة اُمُّ أمِّ حبيبة ) .

واهدى معاوية إلى عائشة ثياباً وورقاً وأشياءاً توضع في اسطوانات ([578]) .

وذكر عروة انه أعطاها أيضاً مائة ألف ([579]) .

وأخرج ابن كثير عن عطاء بانه ( معاوية ) بعث إليها وهي بمكَّة بطوق قيمته مائة ألف فقبلته ([580]) .

وروى ابن كثير  : قضى معاوية عن عائشة أُمّ المؤمنين ثمانية عشر ألف دينار ، وما كان عليها من الدين الذي كانت تعطيه الناس ([581]) .

منع العطاء عن المعارضة

وأول من منع العطاء عن المعارضة أبو بكر اذ منع أم المؤمنين أم سلمة عطاءها مخالفة منه لرسول الله .

فقالت الرواية منع ابو بكر وعمر أمَّ المؤمنين أمَّ سلمة سنة كاملة من عطائها ([582]) . 

وذلك عندما دافعت عن فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله)في قضيتها في فدك وقالت :

ألمثل فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) يقال هذا القول ؟ هي والله الحوراء بنت الإنس والنفس للنفس ، رُبّيت في حجور الأتقياء وتناولتها أيدي الملائكة ونمت في حجور الطاهرات ، ونشأت خيرة نشأة وربيت خير مربى أتزعمون أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)حرَّم عليها ميراثه ولم يُعلمها ؟ وقد قال الله : ( وَأَنذِر عَشِيرَتَكَ الأَقرَِبينَ ) ([583]) .

فيكون أبو بكر وعمر قد حرَّما أمَّ سلمة من عطائها ، وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله)من فدكها وخمسها . ثمَّ فضّلا عائشة وحفصة وامَّ حبيبة على سائر النساء بلا دليل عقلي ولا نقلي يجوِّز هذا الأمر .

فكنّ يعشن رخاء ملكات الروم والفرس !

ومنعا باقي المعارضة عطاءها مثل سعد بن عبادة وسلمان الفارسي والمقداد .

وسار عثمان على نهجهما بدقة . ([584])

 

اختلاف العطاء ومقتل عثمان  !

وعن السؤال عن أثر النظرية الطبقية في إيجاد الفتنة ومقتل عثمان ؟

الجواب : ان أول من أعلن الثورة على عثمان كانت أمٌّ المؤمنين عائشة ، وسبب الخلاف بينها وبينه اُمور منها  :

مقتل أبيها بيد عثمان .

اصرارها على راتبها الذي عيَّنه عمر بن الخطاب ، واصرار عثمان على تخفيض راتبها :

ذكر اليعقوبي في تاريخه : « وكان بين عثمان وعائشة منافرة ، وذلك أنّه نقَّصها ممّا كان يعطيها عمر بن الخطاب ، وصيَّرها أُسوة غيرها من نساء رسول الله » ([585]) . فأجَّجت ثورة عارمة وشديدة .

وقد جاء في كتاب أنساب الأشراف للبلاذري أنه لم يكن في الأسر الإسلامية يومذاك أشدَّ على عثمان من بني تيم أسرة أبي بكر ([586]) .

وقد جاء في تاريخ الطبري أنَّ عائشة كانت أول من أمال حرفه ([587]) .

ولمّا كانت عائشة أول من أفتى بقتل عثمان إذ قالت : اقتلوا نعثلا فقد كفر ([588]) ، يكون عثمان أول ضحيَّة لنظرية عدم المساواة في العطاء !

قال الماوردي : حكى ابن اسحاق أن عمر لما دخل منزله مجروحاً ، سمع هدَّة فقال : ما شأن الناس (قريش) ؟

قالوا : يريدون الدخول عليك ، فأذن لهم ، فقالوا : إعهد يا أمير المؤمنين ، استخلف علينا عثمان .

فقال : كيف يحب المال والجنة ، فخرجوا من عنده !

 

أراد معاوية قطع رواتب أهل العراق

اذ جاء :

قال معاوية : يا صعصعة والله إنّي هممت أن أحبس عطايا أهل العراق في هذه السنة .

فقال صعصعة : والله ، يا معاوية ! لو رمت ذلك منهم لدهمك مائة ألف أمرد على مائة ألف أجرد ، وصيّروا بطنك ميادين لخيولهم ، وقطعوك بسيوفهم ورماحهم .

قال : فامتلأ معاوية غيظاً ، وأطرق طويلاً ([589]).

 

راتب الخليفة علي (عليه السلام)

اهتمّ رسول البشرية (صلى الله عليه وآله) ببيت المال اهتماماً فائقاً فوزّع النقود على الناس بالسويّة ولا فرق بين عربي وأعجمي إلاّ بالتقوى .

فلم يفضّل أرحامه عليهم ولا بنته عليهم وهي سيّدة نساء العالمين ولم يقدّم صهره علي (عليه السلام)عليهم مالياً وهو أوّل المسلمين وخليفة النبي (صلى الله عليه وآله) وصاحب القوّة الجسمية الخارقة وباب مدينة العلم ([590]) حتّى قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) : استوى
الإسلام بسيف علي ([591]).

فسيف علي (عليه السلام)هو الذي جعل الأمن في الدولة الإسلامية وأخاف المعتدين وهزم الغازين ووفّر للمسلمين حرّية الفكر والعقيدة والتعبير ، ووفّر الأمن لهم .

ورغم هذا كان راتبه مساوياً للعبد الحبشي الداخل توّاً في الإسلام !

بل وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله)نفسه في رتبة الناس العاديين في قضية الأموال ، فكانت هذه النظرية في ذلك الزمن الغابر حدثاً عجيباً ومدهشاً في زمن العبودية والعنصرية والجاهلية .

وخالف هذه النظرية أبو بكر ففضّل ابنته عائشة وحفصة وأُمّ حبيبة بنت أبي سفيان على فاطمة بنت محمّد (صلى الله عليه وآله)وعلى باقي الناس ([592]).

وأعطى أبو بكر منطقة الجرف للزبير لكسبه وأعطاه عمر العقيق لجذبه ([593]).

وغيّر عمر نظرية المساواة في العطاء بشكل جوهري فاحش فقدّم وأخّر وبدّل وغيّر حتّى تغيّرت النظرية المالية ، ولمّا جاء عثمان زاد في الطين بلّة فمنع المال العام عن المعارضين له ، وأعطى ملايين الدراهم لأرحامه في عهد يبحث فيه الفرد عن قرص خبز للحياة ! فعادت النظرية الإسلامية إلى سابق عهدها في الجاهلية فقتلت الدولة أبا ذرّ وابن عوف والمقداد والرواتب المالية مقطوعة عنهم ([594]).

وعن احياء العلوم للغزالي كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) يمتنع من بيت المال حتى يبيع سيفه . ولا يكون له إلاّ قميص واحد ، لا يجد غيره في وقت الغسل ، وقال علي (عليه السلام) مرة : من يشتري سيفي هذا ، فو الذى فلق الحبة لطالما كشفت به الكرب عن وجه رسول الله ، فو الله لو كان عندي ثمن أزار ما بعته . وقال لأهل البصرة : ماذا تنقمون مني ؟ ان هذا من غزل أهلي ، وأشار إلى قميصه .

وعن الإمام الباقر أن أمير المؤمنين ذهب مع قنبر إلى سوق البزازين ، وطلب من رجل يبيع الملابس أن يبيعه ثوبين ، فقال له : يا أمير المؤمنين عندي حاجتك ، ولما أيقن الإمام أن الرجل يعرفه تركه ومضى ، وأبى أن يشتري منه خشية أن يتساهل معه في الثمن ، ثم وقف على غلام واشترى منه ثوبين : احدهما بثلاثة دراهم والآخر بدرهمين ، وبعد أن قبض الغلام الثمن جاء أبوه ، وعرف الإمام ، فقال له : يا مولاى ان ابني لا يعرفك ، وهذه درهمان ربحهما منك . فقال له : ما كنت لأفعل لقد اتفقنا مع ولدك على رضى .

واعطى الإمام الثوب الذي بثلاثة دراهم لقنبر ، وأبقى الذي بدرهمين لنفسه ، فقال قنبر : أنت أولى به مني ، إنك تصعد المنبر ، وتخطب الناس .

فقال له : وأنت شاب ، ولك شره الشباب ، وأنا استحي من ربي أن اتفضل عليك ، سمعت رسول الله يقول : البسوهم مما تلبسون ، واطعموهم مما تأكلون .

ومن أقواله : ان امامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ، ومن طعامه بقرصيه ، وجاء في وصفه : يعجبه من اللباس ما خشن ، ومن الطعام ما جشب ، لقد اكتفى علي بطمريه من هذه الدنيا ، ولكنه لم يكتف من الفضائل والمناقب إلاّ بكاملها وأكملها ، فلقد ضم ذلك المئزر البالي شريك التنزيل ، ومستودع التأويل ، وقسيم الجنة والنار ، وسيد الكونين ، وحجة الله على خلقه بعد الرسول الاعظم .

وهل يهتم الإمام بالملابس ، وهو القائل : قيمة كل امريء ما يحسن ؟! وهل تدل مفاخر الثياب على العظمة والقداسة ؟! لقد قال الإمام يصف دخول موسى وهارون على فرعون :

«ولقد دخل موسى بن عمران ، ومعه اخوه هارون (عليه السلام) على فرعون ، وعليهما مدارع الصوف ، وبايديهما العصي ، فشرطا له إن أسلم بقا ملكه ، ودام عزه فقال : ألا تعجبون من هذين يشترطان لي دوام العز وبقاء الملك ، وهما بما ترون من حال الفقر والذل ؟!

فهلا ألقي عليهما أساورة من ذهب ؟! إعظاماً للذهب وجمعه ، واحتقاراً للصوف ولبسه» .

وجاء رجل موسر إلى رسول الله ، وكان نقي الثوب ، فجلس إلى جنبه ، ثم جاء رجل معسر درن الثوب ، فجلس إلى جنب الرجل الموسر ، فقبض الموسر ثيابه وضمها ، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) : أخفت أن يمسّك من فقره شيء ؟!

قال : لا .

قال (صلى الله عليه وآله) : أخفت أن يوسِّخ ثوبك ؟!

قال :لا .

قال (صلى الله عليه وآله) : فما حملك على ما صنعت ؟!

فقال : يا رسول الله ان لي قريناً يزين لي كل قبيح ، ويقبح لي كل حسن ، وقد جعلت لهذا الرجل نصف ما املك . فقال الرسول للمعسر : اتقبل ؟

قال : لا .

فقال له الرجل الموسر : ولماذا ؟!

فقال : أخاف أن يدخلني ما دخلك ويزين لي الشيطان ما زيّن لك .

وجاء عن لباس الإمام (عليه السلام) : رأيت علياً (عليه السلام)وعليه قميص رازي إذا مدَّ كمه بلغ الظفر وإذا أرخاه بلغ نصف الذراع ([595]) .

وشاهدوا علياً (عليه السلام)عليه أزار مرقوع فقيل له فقال يخشع القلب ويقتدي به المؤمن وهو خليفة .

وكان (عليه السلام)يطوف في السوق وهو خليفة ومعه مخفقة وعليه رداء سنبلاني وقميص كرابيس وازار كرابيس إلى نصف ساقيه الازار والقميص ([596]) .

وكان علي (عليه السلام)يلبس اللباس الرقيق في الشتاء واللباس الكثيف في الصيف لدعاء النبي (صلى الله عليه وآله)له في خيبر ([597]) .

وإذا قام القائم المهدي (عليه السلام) لبس لباس علي (عليه السلام) وسار بسيرته ([598]) .

 

الخراج والصدقات

ووظيفتها تحصيل الأموال من الأراضي التي فتحها المسلمون عنوة ، وأمّا عمّال الصدقات فهم الذين يجبون زكاة الأموال وهي الغلاّت الأربعة ، والأنعام الثلاثة ، والنقدين ، ويشترط في هؤلاء العمّال أن يكونوا أُمناء فيما يجبونه من الناس وفيما ينفقونه على المرافق العامّة ، وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في بيان موضوع الخراج والصدقات :

انطلق على تقوى الله وحده لا شريك له ، ولا تروّعنّ مسلماً ، ولا تجتازنّ عليه كارهاً ، ولا تأخذنّ منه أكثر من حقّ الله في ماله ، فإذا قدمت على الحي فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم ، ثمّ امض إليهم بالسكينة والوقار ; حتّى تقوم بينهم فتسلّم عليهم ، ولا تخدج ([599])بالتحيّة لهم ، ثمّ تقول : عباد الله ، أرسلني إليكم ولي الله وخليفته ، لآخذ منكم حقّ الله في أموالكم ، فهل لله في أموالكم من حقّ فتؤدّوه إلى وليّه ؟

فإن قال قائل : لا ، فلا تراجعه ، وإن أنعم لك منعم ([600]) فانطلق معه من غير أن تخيفه ، أو توعده ، أو تعسفه ، أو ترهقه ([601]).

فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضّة ، فإن كان له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلاّ بإذنه ، فإنّ أكثرها له ، فإذا أتيتها فلا تدخل عليها دخول متسلّط عليه ولا عنيف به  .

ولا تنفّرنّ بهيمة ولا تفزعنّها ، ولا تسوءنّ صاحبها فيها ، واصدع المال صدعين ([602])ثمّ خيّره ، فإذا اختار فلا تعرضنّ لما اختاره . ثمّ اصدع الباقي صدعين ، ثمّ خيّره ، فإذا اختار فلا تعرضنّ لما اختاره . فلا تزال كذلك حتّى يبقى ما فيه وفاء لحقّ الله في ماله ; فاقبض حقّ الله منه .

فإن استقالك فأقله ([603])، ثمّ اخلطهما ثمّ اصنع مثل الذي صنعت أوّلا حتّى تأخذ حقّ الله في ماله .

ولا تأخذنّ عوداً ([604])، ولا هرمة ، ولا مكسورة ، ولا مهلوسة ، ولا ذات عوار  ، ولا تأمننّ عليها إلاّ من تثق بدينه ، رافقاً بمال المسلمين حتّى يوصّله إلى وليّهم فيقسمه بينهم ، ولا توكّل بها إلاّ ناصحاً شفيقاً وأميناً حفيظاً ، غير معنف ولا مجحف ([605])، ولا ملغب ([606]) ولا متعب . ثمّ احدر ([607]) إلينا ما اجتمع عندك نصيّره حيث أمر الله به ، فإذا أخذها أمينك فأوعز إليه ألاّ يحول بين ناقة وبين فصيلها ، ولا يمصر ([608])لبنها فيضرّ ذلك بولدها ; ولا يجهدنّها ركوباً ، وليعدل بين صواحباتها في ذلك وبينها وليرفّه على اللاغب ([609])، وليستأن بالنقب ([610]) والظالع ، وليوردها ما تمرّ به من الغدر ([611])، ولا يعدل بها عن نبت الأرض إلى جوادّ الطرق ، وليروّحها في الساعات ، وليمهلها عند النّطاف ([612])والأعشاب ، حتّى تأتينا بإذن الله بدّناً منقيات غير متعبات ، ولا مجهودات ، لنقسمها على كتاب الله وسنّة نبيّه (صلى الله عليه وآله) فإنّ ذلك أعظم لأجرك ، وأقرب لرشدك ، إن شاء الله » ([613]).

يبيّن هذا العهد الرائع من أمير المؤمنين نظرية كاملة في الأخلاق ومشروعاً حضارياً في الإدارة والجباية لم تعرفه البشرية في تاريخها ولم تقرأه في كتبها ، فقد طمسها الأُمويون وأخفوها .

وأصبح قانون الضريبة الاسلامية في عهد الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان ظالما ومجحفا في حق المسلمين وغيرهم متسببا في حروب وردَّات كثيرة.

 

قول علي (عليه السلام) لمّا أنكروا عليه مساواته في القسم

قال الإمام (عليه السلام): الحمد لله ولي الحمد ، ومنتهى الكرم ; لا تدركه الصّفات ، ولا يحدّ باللّغات ، ولا يعرف بالغايات . ربّنا وإلهنا وولي النّعم علينا ، الّذي أصبحت نعمه علينا ظاهرةً وباطنةً بغير حول منّا ولا قوّة ، إلاّ امتناناً منه علينا وفصلاً ليبلونا أنشكر أم نكفر ; فمن شكر زاده ، ومن كفر عذّبه .

وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، أحداً صمداً .

وأشهد أنّ محمّداً (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله ، نبيّ الهدى ، وموضع التّقوى ، ورسول الربّ الأعلى ; بعثه رحمةً للعباد والبلاد ، والبهائم والأنعام ، نعمةً أنعم بها علينا ومنّاً وفصلاً .

جاء بالحقّ من عند الحقّ ، لينذر بالقرآن المنير ، والبرهان المستنير ، فصدع بالكتاب المبين ، ومضى على ما مضى عليه الرّسل الأوّلون .

أمّا بعد ; أيّها النّاس ; إنّ آدم لم يلد عبداً ولا أمّةً ; وإنّ النّاس كلّهم أحرارٌ ; ولكنّ الله خوّل بعضكم بعضاً ، فمن كان له بلاءٌ فصبر في الخير فلا يمنّ به على الله ـ عزّوجلّ ـ .

فأفضل النّاس عند الله منزلةً ، وأقربهم من الله وسيلةً ، أطوعهم لأمره ، وأعملهم بطاعته ، وأتبعهم لسنّة رسوله (صلى الله عليه وآله)وأحياهم لكتابه .

فليس لأحد من خلق الله عندنا فضلٌ إلاّ بطاعة الله وطاعة الرّسول ; يقول الله تعالى ـ : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) ([614]) .

فمن اتّقى الله فهو الشّريف المكرّم المحبّ ; وكذلك أهل طاعته وطاعة رسول الله .

قال الله تبارك وتعالى في كتابه : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) ([615]) .

وقال تبارك وتعالى ـ : (قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) ([616]) .

يا معشر المهاجرين والأنصار ; ويا معاشر المسلمين ;

اتمنّون على الله وعلى رسوله بإسلامكم (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلاِْيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) ([617]) .

ألا فلا يقولنّ رجالٌ منكم غداً ، قد كانت الدّنيا غمرتهم ، فاتّخذوا العقار ، وفجّروا الأنهار ، وركبوا أفره الدّوابّ ، ولبسوا ألين الثّياب ، فصار ذلك عليهم عاراً وشناراً إن لم يغفر لهم الغفّار ، إذا ما منعتهم ممّا كانوا فيه يخوضون ، وصيّرتهم إلى حقوقهم الّتي يستوجبون ، فينتقمون ذلك ويستنكرون ، ويقولون : ظلمنا ابن أبي طالب وحرمنا ، ومنعنا حقوقنا . فالله عليهم المستعان .

ألا وأيّما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)يرى أنّ الفضل له على ما سواه لصحبته ، فإنّ له الفضل النّير غداً عند الله ، وثوابه وأجره على الله .

وأيّما رجل استجاب لله ولرسوله ، فصدّق ملّتنا ، ودخل في ديننا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا ، وشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ; فقد استوجب حقوق الإسلام وحدوده ، وأجرينا عليه أحكام القرآن وأقسام الإسلام ; ليس لأحد على احد فضلٌ إلاّ بتقوى الله وطاعته .

ألا وإنّ للمتّقين غداً عند الله تعالى أحسن الجزاء والمآب ، وأفضل الثّواب .

ولم يجعل الله تبارك وتعالى الدّنيا للمتّقين جزاءً ولا ثواباً ،

(وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ) ([618]) .

ألا وإنّ هذه الدّنيا الّتي أصبحتم تتمنّونها وترغبون فيها ، فأصبحت تغضبكم وترضيكم ، ليست بداركم ، ولا منزلكم الّذي خلقتم له ، ولا الّذي دعيتم إليه .

ألا وإنّها ليست بباقية لكم ولا تبقون عليها . فلا يغرنّكم عاجلها فقد حذّرتموها ، ووصفت لكم وجرّبتموها ; فأصبحتم لا تحمدون عاقبتها ([619]) .

وهي وإن غرّتكم منها فقد حذّرتكم شرّها ; فدعوا غرورها لتحذيرها ، وأطماعها لتخويفها ; وسابقوا فيها ، رحمكم الله ([620]) ، إلى الدّار الّتي دعيتم إليها وانصرفوا بقلوبكم عنها ولا يخنّنّ أحدكم خنين الأمة على ما زوي عنه منها .

وانظروا ، يا معاشر المهاجرين والأنصار ، وأهل دين الله ، فيما وصفتم به في كتاب الله ، ونزلتم به عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وجاهدتم عليه في ذات الله ; فبم فضّلتم ، أبا لحسب أم بالنّسب ، أم بعمل ، أم بطاعة وزهادة ؟

فسارعوا ، رحمكم الله ، إلى منازلكم الّتي أمرتم بعمارتها ، فإنّها العامرة الّتي لا تخرب ، والباقية الّتي لا تنفد ; الّتي دعاكم الله إليها ، وحضكم عليها ، ورغّبكم فيها ، وجعل الثّواب عنده عنها .

فاستتمّوا ([621])نعمة الله عزّ ذكره ـ ([622]) عليكم بالصّبر على طاعة الله ، والذلّ لحكمه جلّ ثناؤه ـ ([623]) ، والمحافظة على ما استحفظكم من كتابه .

ألا وإنّه لا يضرّكم تضييع شيء من دنياكم بعد حفظكم قائمة دينكم .

ألا وإنّه لا ينفعكم بعد تضييع دينكم شيءٌ ممّا حافظتم عليه من أمر دنياكم .

فعليكم ، عباد الله ، بالتّسليم لأمره ، والرّضا بقضائه ، والصبر على بلائه ، والشّكر على نعمائه .

فأمّا هذا الفيء فليس لأحد على أحد فيه أُثرةٌ ، فقد فرغ الله عزّوجل من قسمته ; فمن لم يرض فليس منّا ولا إلينا ، «و» ليتولّ كيف شاء .

فإنّ العامل بطاعة الله ، والحاكم بحكم الله ، لاخشية ولا وحشة عليه من ذلك ، أولئك الّذين (لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) ([624]) ، و (أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ([625]) .

وإذا كان غداً ، إن شاء الله ، فاغدوا علينا ; فإنّ عندنا مالاً نقسمه فيكم .

ولا يتخلّفنّ أحدٌ منكم ; عربيٌّ ولا أعجميٌّ ، كان من أهل العطاء أو لم يكن ، إلاّ حضر إذا كان مسلماً حرّاً .

يا معشر المهاجرين والأنصار ;

يا معشر قريش ;

إعلموا ، والله ، أنّي لا أزورؤكم من فيئكم شيئاً ما قام لي عذقٌ بيثرب .

ولأسوّين بين الأحمر والأسود .

أفتروني مانعاً نفسي وولدي ومعطيكم ؟! ([626])

أخذ الله ([627])بقولبنا وقلوبكم على الحقّ ، وألهمنا وإيّاكم الصّبر .

ونسأل الله ربّنا وإلهنا أن يجعلنا وإيّاكم من أهل طاعته ، وأن يجعل رغبتنا ورغبتكم فيما عنده .

أقول ما سمعتم ، وأستغفر الله العظيم لي ولكم .

فقام إليه أخوه عقيل فقال : لتجعلني وأسوداً من سودان المدينة واحداً ؟!

فقال (عليه السلام) :

إجلس رحمك الله تعالى أما كان هاهنا من يتكلّم غيرك ؟!

وما فضلك عليهم إلاّ بسابقة أو تقوى ؟! ([628]) .

 

عمّار بن ياسر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ذكر الثقفي في تاريخه : خطب عثمان الناس ثم قال فيها : والله لأؤثرنّ بني أُمية ، ولو كان بيدي مفاتيح الجنّة لأدخلتهم ([629])إيّاها ، ولكنّي سأُعطيهم من هذا المال على رغم أنف من زعم ([630]).

فقال عمار بن ياسر :أنفي والله ترغم ([631])من ذلك .

قال عثمان : فأرغَم الله أنفكَ .

فقال عمّار : وأنف أبي بكر وعمر ترغم .

قال : وإنّك لهناك يابن سميّة ! ثم نزل إليه فوطأه ، فاستُخرج من تحته وقد غُشي عليه وفتقه .

وذكر الثقفي ، عن شقيق قال : كنتُ مع عمّار فقال : ثلاث يشهدون على عثمان وأنا الرابع ، وأنا أسوء الأربعة ،

(وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) ([632]).

(وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ([633]) ، (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) ([634]) ، وأنا أشهد لقد حكم بغير ما أنزل الله .

وعن الثقفي في تاريخه قال رجل لعمّار يوم صفّين : على ([635]) ما تقاتلهم يا أبا اليقظان ؟ قال : على أنّهم زعموا أنّ عثمان مؤمن ، ونحن نزعم أنه كافر .

وعنه في تاريخه ، عن مطرّف بن عبد الله بن الشخير الحرشي قال : انتهيتُ إلى عمّار في مسجد البصرة وعليه برنس والناس قد أطافوا به وهو يحدّثهم عن ([636])أحداث عثمان وقتله ([637]) .

----------

([416]) قال في القاموس 3 / 97 : وبنو وليعة ـ كسفينة ـ حيٌّ من كِندَة .

([417]) البحار 30 / 372 .

([418]) الأمالي ، المفيد 71 .

([419]) ذو سفر وهم أحنف بن قيس التميمي ومالك الأشتر النخعي وصعصعة بن صوحان العبدي وخارجة بن الصلت التميمي وهلال بن مالك المزني وأسود بن يزيد النخعي وعبدالله بن عباس .

([420]) الأمالي ، المفيد 72 .

([421]) تاريخ الخميس 2 / 271 ، والإمامة والسياسة 1 / 32 ، السيرة الحلبية 2 / 78 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 238 ، الأنساب للبلاذري 5 / 48 .

([422]) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 239 وقال : قد روي من طرق مختلفة ، وأسانيد كثيرة ، والآية التي ذكرها هي في سورة المائدة 44 .

([423]) رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج 1 / 239 .

([424]) رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج 1 / 239 .

([425]) سيرة ابن هشام 2 / 115 ، وشرح نهج البلاغة 1 / 239 .

([426]) العقد الفريد 2 / 289 ، شرح نهج البلاغة 1 / 239 .

([427]) أُسد الغابة 4 / 44 ، والإصابة 2 / 512 وفي هامشها الاستيعاب 2 / 479 .

([428]) نهج الحقّ ، الحلّي 298 .

([429]) المنتظم 5 / 50 ، تاريخ ابن عساكر 15 / 184 .

([430]) المنتظم ، ابن الجوزي 5 / 50 ، 5 / 53 ، تقريب المعارف 274 .

([431]) تقريب المعارف 274 .

([432]) تقريب المعارف 278 ، البحار 31 / 285 .

([433]) الطبقات ، ابن سعد 3 / 260 .

([434]) تاريخ دمشق 43 / 359 .

([435]) الروض الأنف 4 / 236 طبعة دار إحياء التراث .

([436]) الكامل في التاريخ ، ابن الأثير 3 / 91 .

([437]) المعارف ، ابن قتيبة 195 .

([438]) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9 / 15 .

([439]) شرح النهج 3 / 35 .

([440]) شرح النهج 1 / 220 .

([441]) المنتخب 5 / 247 .

([442]) الضباح : اللبن الخاثر يصبّ فيه الماء ثم يخلط .

([443]) منتخب الكنز 5 / 247 ، حياة الصحابة ، الكاندهلوي 463 .

([444]) أُسد الغابة 2 / 357 .

([445]) أُسد الغابة 2 / 357 .

([446]) البدء والتاريخ 2 / 158 .

([447]) البداية والنهاية 7 / 184 ، تهذيب التهذيب 10 / 101 .

([448]) تاريخ اليعقوبي 2 / 162 ، مروج الذهب 2 / 240 ، شرح النهج 1 / 240 ، 242 ، 2 / 356 ، نهج الحقّ ، العلاّمة الحلّي 298 .

([449]) المعارف 265 .

([450]) وقال ابن أبي الحديد : واعلم ، أنّ الذي عليه أكثر أرباب السيرة ، وعلماء الأخبار والنقل : أنّ عثمان نفى أبا ذرّ أوّلاً إلى الشام ، ثم استقدمه إلى المدينة لمّا شكا منه معاوية ، ثمّ نفاه من المدينة إلى الربذة .

تاريخ اليعقوبي 2 / 161 ، وشرح النهج 1 / 240 .

([451]) تقريب المذاهب 266 .

([452]) المصدر السابق .

([453]) الكامل في التاريخ 3 / 43 ، حوادث سنة 30 هجرية .

([454]) شرح النهج 2 / 316 طبع الحلّي ـ مصر .

([455]) في البحار : « مَن ينجش به نجشاً عنيفاً » .

([456]) في البحار : « ولمَ » .

([457]) في البحار : « ستراً » .

([458]) في البحار : « عهداً » .

([459]) في النسخة : « فكان » ، والمثبت من البحار .

([460]) غافر 28 ، وفي البحار بدل لفظ « الآية » جاء : إنّ الله لا يهدي من هو مسرف كذّاب .

([461]) في البحار : « هذا هديهم إنّك لتطبش فيّ » .

([462]) في البحار : « فما » .

([463]) في البحار : « فقال » .

([464]) في البحار : « إذن أخرج » .

([465]) في البحار : « قال فإلى أين أخرج ؟ قال : حيث » .

([466]) في النسخة : « قال ، والمثبت من البحار » .

([467]) في النسخة : « الشرف الأبعد أقضى فاقض » ، والمثبت من البحار .

([468]) تقريب المعارف 272 .

([469]) مقتل الحسين ، الخوارزمي 255 طبعة دار أنوار الهدى ـ قم .

([470]) كشف الظنون 3 .

([471]) تاريخ الخميس 2 / 267 ، السيرة الحلبية 2 / 87 .

([472]) سير أعلام النبلاء ، الذهبي 2 / 69 .

([473]) سير أعلام النبلاء ، الذهبي 1 / 330 ، وأخرجه الروياني في مسنده .

([474]) تقريب المعارف 263 .

([475]) المصدر السابق .

([476]) المصدر السابق .

([477]) كما قال مؤمن آل فرعون لفرعون !

([478]) غافر 28 .

([479]) تقريب المذاهب 264 .

([480]) سير أعلام النبلاء 2 / 57 .

([481]) سير أعلام النبلاء 2 / 57 ـ 60 ، مسند أحمد 6 / 457 .

([482]) تاريخ أبي زرعة 111 ، أُسد الغابة 1 / 359 ، تاريخ دمشق ، ترجمة أبي ذرّ ، تاريخ أبي الفداء 1 / 333 .

([483]) تاريخ أبي الفداء 1 / 333 ، نهج الحقّ ، الحلّي 295 ، البحار 31 / 174 ، 270 ، الطبقات ، ابن سعد 3 / 235 ، حياة الصحابة ، الكاندهلوي 3 / 463 ، 464 ، سير أعلام النبلاء ، الذهبي 2 / 57 ـ 60 ، مسند أحمد 6 / 457 ، تاريخ ابن عساكر ، ترجمة أبي ذرّ ، تاريخ أبي رزعة : 111 ، أُسد الغابة : 1 / 359 .

([484]) أنساب الأشراف 5 / 54 .

([485]) سير أعلام النبلاء ، الذهبي 2 / 76 ـ 77 .

([486]) سير أعلام النبلاء 2 / 78 ، مسند أحمد 5 / 166 ، المجمع ، الهيثمي 9 / 331 ، أُسد الغابة 1 / 358 ، الحلية ، أبو نعيم 1 / 169 ، 170 ، الاستيعاب 2 / 172 ، 175 .

([487]) سير أعلام النبلاء 2 / 74 .

([488]) لا يدان لي : لا طاقة لي .

([489]) ولا كذبت : لم يكذبني النبي (عليه السلام) .

([490]) الكثيب : تل من رمل (وجمعه كثبان) .

([491]) الرخم : نوع من الطير موصوف بالغدر والقذر .

([492]) أي نحور رواحلهم .

([493]) العريف : هو القيم بأُمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أُمورهم ، ويتعرّف الأمير منه أحوالهم .

([494]) النقيب : هو كالعريف على القوم المقدم عليهم الذي يتعرف أخبارهم وينقب عن أحوالهم أي يفتش .

([495]) قارفه : داناه ولاصقه .

([496]) المنتخب 5 / 157 ، حياة الصحابة ، الكاندهلوي 3 / 464 ، الطبقات ، ابن سعد 4 / 233 .

([497]) قال في شرح النهج 1 / 237 : وقد روى محمد بن إسحاق ، عن محمد بن كعب القرطبي : أنّ عثمان ضرب ابن مسعود أربعين سوطاً لدفنه أبا ذرّ ... وراجع أيضاً : أُسد الغابة 5 / 187 و  189 ، والإصابة 4 / 64 ، وفي هامشها الاستيعاب 1 / 214 ، نهج الحقّ 296 .

([498]) السقيفة وفدك ، الجوهري 78 .

([499]) البحار 31 / 285 .

([500]) البحار 31 / 300 .

([501]) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد 1 / 66 ، الجمل ، المفيد 60 .

([502]) أنساب الأشراف 5 / 49 ، شرح النهج 1 / 239 .

([503]) الصراط المستقيم 3 / 12 / 34 ، البحار 31 / 285 .

([504]) العقد الفريد 4 / 263 ، تاريخ الطبري ، أحداث سنة 24 هجرية .

([505]) شرح النهج .

([506]) أمالي المفيد 170 .

([507]) تاريخ الطبري 2 / 298 ، تاريخ ابن الأثير 3 / 71 ، العقد الفريد 264 .

([508]) الدرجات الرفيعة ، علي خان 224 .

([509]) كتاب الأربعين ، القمّي الشيرازي ، البحار 31 / 403 .

([510]) تقريب المعارف 278 .

([511]) الكافي 8 / 331 ، البحار 22 / 438 ، 31 / 285 ، وراجع تاريخ الطبري 5 / 37 ، تاريخ ابن الأثير 3 / 29 ، شرح النهج 1 / 65 ، مروج الذهب 1 / 440 .

([512]) تاريخ اليعقوبي 2 / 171 .

([513]) الكافي 8 / 331 .

([514]) مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر 13 / 361 .

([515]) الاصابة 3 / 455 .

([516]) تاريخ اليعقوبي 2 / 280 .

([517]) مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب 3 / 203 ، الصراط المستقيم 2 / 177 .

([518]) 13 / 222 مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر والمثل من أمثال يضرب فيمن يضيِّع حقَّ أخيه في حياته ، ثم يبكيه بعد موته ، كتاب الأمثال للقاسم بن سلام 181 ، 182 ، سير أعلام النبلاء 1 / 389 ، تاريخ خليفة 168 ، ثقات ابن حبّان 3 / 371 ، صفة الصفوة 1 / 223 ، طبقات ابن سعد 3 / 163 .

([519]) تاريخ خليفة بن خياط 168 ، دول الإسلام 19 ، تهذيب التهذيب 8 / 328 .

([520]) حياة الحيوان الكبرى ، الدميري 2/89 ، مروج الذهب ، المسعودي 3/72 ـ 73 ، تاريخ الخلفاء ، السيوطي ص246 ، البداية والنهاية 8/261 .

([521]) البحار 31 / 285 ، كتاب الأربعين ، القمّي الشيرازي ، البحار 31 / 403 ، الإصابة 3 / 455  ، تاريخ خليفة بن خياط 168 ، دول الإسلام 19 ، تهذيب التهذيب 8 / 328 .

([522]) شرح النهج ، المعتزلي 4 / 8 ، أنساب الأشراف ، البلاذري 206 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 178 ، تاريخ الطبري 2 / 451 ، البداية والنهاية 4 / 30 ، الإمامة والسياسة 1 / 66 .

([523]) سنن الترمذي 2 / 298 ، سنن ابن ماجة 12 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 109 ، 533 ، سنن النسائي 5 / 130 ح8464 ، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 503 ، المعجم الكبير ، الطبراني 5 / 166 ح4969 ، مجمع الزوائد 9 / 104 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 112 ، أُسد الغابة 4 / 108 ، تفسير الرازي 12 / 49 ، الدرّ المنثور 3 / 117 ، الإمامة والسياسة 1 / 97 ، البداية والنهاية 5 / 231 ، المناقب ، الخوارزمي 160 ، 190 ، مسند أحمد بن حنبل 4 / 281 ، الكافي ، الكليني 1 / 294 ، دعائم الإسلام ، النعماني 1 / 16 .

([524]) شرح النهج ، المعتزلي 4 / 8 ، أنساب الأشراف ، البلاذري 206 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 178 ، تاريخ الطبري 2 / 451 ، البداية والنهاية 4 / 30 ، الإمامة والسياسة 1 / 66 .

([525]) تاريخ ابن شبة 3 / 1138، المناقب، ابن الدمشقى 2 / 220 ،بيت الاحزان 63 ،تفسير نور الثقلين 3 / 269 ،الخصال، الصدوق 366 ،شرح الاخبار، النعمان المغربى 356، الاختصاص، المفيد 165 ،حلية الابرار، البحرانى 361 ،البحار 19 / 46 ،33 / 318 ،38 / 169 ،44 / 94 .

([526]) صحيح مسلم 7 / 123 ،  شواهد التنزيل ، الحسكاني 2 / 414 ، 1 / 187 ، تاريخ دمشق ، ابن عساكر 2 / 86 ، روضة الواعظين ، النيسابوري 90 ، المسترشد ، الطبري 588 ، شرح الأخبار القاضي المغزي 1 / 104 ، الإرشاد ، المفيد 1 / 175 ، مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب 2 / 224 ، البحار 37 / 188 ، العمدة ، ابن بطريق 100 ، أسباب النزول ، الواحدي 150 ط مصر ، خصائص الوحي المبين ، ابن بطريق 88 ، بشارة المصطفى ، محمد بن علي الطبري 276 ، مسند أحمد 4 / 281 ، تاريخ بغداد 8 / 290 ، ورواه الترمذي وابن ماجه والنسائي ، الصواعق المحرقة 43 ، سرّ العالمين 1 / 37 ، ذخائر العقبى 82 ، الملل والنحل ، الشهرستاني 70 ، تفسير الثعلبي 1 / 217 ، تفسير القمّي ، الآية ، تفسير الفيض الكاشاني 2 / 51 ، تفسير البرهان 1 / 488 ، تفسير السيوطي 2 / 252 ، تفسير الآلوسي 6 / 61 ، مناقب أمير المؤمنين 7 ، الكوفي 2 / 382 ، نزول القرآن ، أبو نعيم الأصبهاني 86 ، فرائد السمطين 1 / 158 ، البداية والنهاية ، ابن كثير 5 / 213 ، ما نزل من القرآن في علي (عليه السلام) ، الحبري 44 ، ما نزل من القرآن في علي (عليه السلام) ، الحافظ أ بو نعيم الأصبهاني 36 ، مجمع الهيثمي 9 / 207 ، كنز العمّال ، 6 / 392 .

([527]) السيرة الحلبية 3 / 180 ، شرح النهج 4 / 69 ، 6 / 288 ، البحار 30 / 648 شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد 2 / 104 ، مروج الذهب ، المسعودي 3 / 6 ، عبقرية عمر للعقّاد 42  ، تاريخ عمر لابن الجوزي 56 ، مختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور 18 / 261 ، أُسد الغابة في معرفة الصحابة ، ابن الأثير 4 / 151 ، الكامل في التاريخ ، ابن الأثير 3 / 53 ، تاريخ المدينة المنوّرة ، ابن شبة 2 / 662 .

([528]المستدرك ، الحاكم 3 / 127 ، تاريخ بغداد 4 / 40 ، كنز العمّال 11 / 216 ، أُسد الغابة 1 / 66 ، صحيح مسلم 2 / 271 ، صحيح الترمذي 2 / 301 ، صحيح النسائي 2 / 271 ، صحيح ابن ماجة 12 ، مسند أحمد 1 / 84 ـ 95 ، 128 ، الاستيعاب 2 / 464 ، الدرّ المنثور 7 / 504  ، حلية الأولياء 1 / 86 ، مجمع الزوائد 9 / 132 ، ذخائر العقبى 92 ، جامع الأحاديث للسيوطى 7 / 229 ، مسند أبي يعلي 2 / 109 ، الصواعق المحرقة 123 ، تفسير الطبري 13 / 72 ، تفسير الرازي 19 / 14 ، فتح القدير 5 / 253 ، تاريخ ابن عساكر 2 / 423 .

([529]) العَضُدُ من النخل : الطريقة منه ، وفي الحديث : أنّ سمرة كانت له عَضُدٌ من نخل في حائط رجل من الأنصار ، حكاه الهروي في الغريبين ، لسان العرب ، ابن منظور 3 / 294 . إذ حصل على أموالا وبساتين كثيرة .

([530]) تاريخ الطبري 3 / 452 ، الكامل في التاريخ 3 / 191 .

([531]) تاريخ الطبري 3 / 454 ، الكامل في التاريخ 3 / 191 .

([532]) الكامل في التاريخ 3 / 191 .

([533]) الخلفاء الراشدون ، ابن حزم الأندلسي 5 طبع دار الجيل بيروت .

([534]) مختصر تاريخ دمشق 6 / 253 ، كتاب المفاخرات ، الزبير بن بكار ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد 2 / 103 ط دار الفكر 1388هـ ، المحلّى ، ابن حزم الأندلسي 11 / 225 .

([535]) ابن أبي قحافة أي أبو بكر .

([536]) القصص 83 .

([537]) نهج البلاغة ، الخطبة الشقشقية .

([538]) تاريخ الطبري 3 / 451 .

([539]) تاريخ الطبري 3 / 451 .

([540]) نهج البلاغة 3 / 71 ، البحار 33 / 474 ، معاني الأخبار 413 .

([541]) تاريخ اليعقوبي 2 / 134 .

([542]) تاريخ الطبري 2 / 621 .

([543]) تاريخ اليعقوبي 2 / 153 .

([544]) تاريخ أصبهان 2 / 290 .

([545]) الكامل في التاريخ لابن الأثير 2 / 502 .

([546]) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد 3 / 153 .

([547]) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3 / 153 .

([548]) المستدرك ، الحاكم 4 / 8 ، تاريخ الطبري 4 / 162 (حوادث سنة 15) .

([549]) تاريخ الطبري 5 / 22 ، تاريخ الكامل لابن الأثير 3 / 29 ، كنز العمّال 6 / 262 .

([550]) تاريخ عمر لابن الجوزي 58 .

([551]) تاريخ عمر بن الخطّاب لابن الجوزي 103 .

([552]) تاريخ الخلفاء للسيوطي 107 .

([553]) تاريخ الخلفاء للسيوطي 140 .

([554]) كتاب الإمام الحسين 232 .

([555]) تاريخ اليعقوبي 2 / 153 .

([556]) النبلاء 2 / 133 ، مستدرك الحاكم 4 / 8 ، وتلخيصه للذهبي . والدرج : سفيط صغير تدَّخر فيه المرأة طيبها وأداتها ، لسان العرب ابن منظور 2 / 269 . وظاهر الأمر أنّ درج الجواهر هذا كان متعلِّقاً بملكة الفرس .

([557]) تاريخ اليعقوبي 2 / 153 .

([558]) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد 8 / 111 .

([559]) المستدرك ، الحاكم 4 / 8 ، تاريخ الطبري 4 / 162 .

([560]) تاريخ عمر لابن الجوزي 103 .

([561]) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد 8 / 111 .

([562]) المصدر السابق .

([563]) تاريخ اليعقوبي 1 / 153 .

([564]) تاريخ أصبهان 2 / 290 .

([565]) الكامل في التاريخ ، ابن الأثير 2 / 55 .

([566]) تاريخ عمر لابن الجوزي 103 ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد 8 / 111 تاريخ اليعقوبي 1 / 153 ، تاريخ أصبهان 2 / 290 ،الكامل في التاريخ ، ابن الأثير 2 / 55 .

([567]) تاريخ اليعقوبي 2 / 106 .

([568]) الاستيعاب ، ابن عبدالبر 3 / 471 .

([569]) الإصابة ، ابن حجر 1 / 562 .

([570]) نهج البلاغة ، الخطبة 126 .

([571]) التوبة 60 .

([572]) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 8 / 111 .

([573]) مجاني الأدب 2 / 173 ، قصص العرب 2 / 96 .

([574]) العقد الفريد ، ابن عبد ربّه 4 / 292 .

([575]) كنز العمّال 6 / 153 ، 394 ، فيض القدير 4 / 358 ، كنوز الحقائق 92 .

([576]) تاريخ اليعقوبي 2 / 1153 .

([577]) فتوح البلدان ، البلاذري 435 ، 441 .

([578]) حلية أبي نعيم 2 / 48 ، والورق : الدراهم المضروبة .

([579]) حلية أبي نعيم 2 /47 ، النبلاء 2 / 131 ، المستدرك 4 / 13 .

([580]) ابن كثير 7 / 137 ، النبلاء 2 / 131 .

([581]) ابن كثير 8 / 136 ، النبلاء 2 / 131 .

([582]) دلائل الإمامة للطبري 39 .

([583]) الشعراء 214 .

([584]) تاريخ اليعقوبي 2 / 1153 ، فتوح البلدان ، البلاذري 435 ، 441 ، حلية أبي نعيم 2 / 48 ، النبلاء 2 / 131 ، المستدرك ، الحاكم 4 / 13 ، سيرة ابن كثير 8 / 136 ، دلائل الإمامة للطبري 39  .

([585]) تاريخ اليعقوبي 2 / 132 ، تاريخ أعثم 155 .

([586]) أنساب الأشراف 5 / 68 .

([587]) تاريخ الطبري 5 / 172 في ذكر حوادث سنة 36 .

([588]) شرح نهج البلاغة 77 ، تاريخ الطبري 3 / 477 .

([589]) الزخرف 44 ، وفي المصحف : « لذكر لك » .

([590]) الجامع الصغير ، السيوطي 1 / 415 ، كنز العمّال 13 / 148 ، فيض القدير ، المناوي 1 / 49 ، كشف الخفاء ، العجلوني 1 / 203 ، تاريخ بغداد 11 / 49 ، اللآلئ المصنوعة 1 / 334 ، فضائل الخمسة في الصحاح الستّة 2 / 281 ـ 283 ، شواهد التنزيل ، الحكساني 1 / 104 ، وصحيح الحاكم النيسابوري 3 / 327 ، مسند أبي يعلى 2 / 58 صحيح البخاري ، المغازي باب غزوة تبوك 4416 ، صحيح مسلم 2404 ، صحيح الترمذي في المناقب 3731 ، المعجم الكبير 11 / 55  .

([591]) البحار 36 / 180 ، شواهد التنزيل ، الحسكاني 2 / 184 ، خصائص الوحي المبين ، ابن بطريق 240 ، مناقب خديجة ، العلوي المالكي 2 .

([592]) تاريخ اليعقوبي 2 / 134 ، تاريخ الطبري 2 / 621 .

([593]) طبقات ابن سعد 3 / 104 .

([594]) نظريات الخليفتين للمؤلّف 1 / 48 ـ 72 ، تاريخ ابن الأثير 3 / 91 ، المعارف ، ابن قتيبة 195 ، تاريخ أصبهان 2 / 290 ، شرح النهج 3 / 153 ، المستدرك ، الحاكم 4 / 8 ، تاريخ الطبري 4 / 162 ، كنز العمّال 6 / 262 ، تاريخ عمر لابن الجوزي ، تاريخ الخلفاء ، السيوطي 107 ، 140 ، تاريخ اليعقوبي ، العقد الفريد ، ابن عبد ربّه 4 / 292 ، فيض القدير ، 4 / 358 ، كنوز الحقائق 92 ، حياة الحيوان الكبرى ، الدميري 1 / 74 ، مسند أحمد 1 / 21 .

([595]) الطبقات ، ابن سعد 3 / 27 ، كتاب الغارات 1 / 61 ، تاريخ دمشق 3 / 239 ، ترجمة أمير المؤمنين .

([596]) الطبقات الكبرى ، ابن سعد 3 / 39 .

([597]) تاريخ دمشق ، ابن عساكر 42 / 108 .

([598]) الكافي ، الكليني 6 / 444 ، وسائل الشيعة ، الحرّ العاملي 3 / 348 ، تفسير الفيض الكاشاني 2 / 192 .

([599]) لا تخدج : أي لا تبخل .

([600]) يقصد بـ « المنعم » دافع الزكاة ، وهذا من روائع الأدب العلوي .

([601]) كان وكلاء أبي بكر وعمر وعثمان من الأعراب وطلقاء قريش الأجلاف .

([602]) صدعين : أي قسمين ; ليختار صاحب المال أيّهما شاء .

([603]) فإن استقالك فأقله : أي إنّ طلب الإعفاء من هذه القسمة فأعفه منها .

([604]) العود : المسنّة من الإبل .

([605]) المجحف : الذي يشتدّ في سوق الأنعام حتّى تهزل .

([606]) اللغب : التعب .

([607]) احدر : أي اسرع .

([608]) يمصر اللبن : تقليله بالحلب .

([609]) اللاغب : الذي أعياه التعب .

([610]) النقب : الخرق .

([611]) الغدر : هو ما غادره السيل من الماء .

([612]) النطاف : المياه القليلة .

([613]) نهج البلاغة ، محمّد عبده 3 / 23 ـ 26 .

([614]) الحجرات 13 .

([615]) آل عمران 31 .

([616]) آل عمران 32 .

([617]) الحجرات 17 .

([618]) آل عمران 198 . ووردت الفقرات في الكافي 8 / 57 ، وشرح ابن أبي الحديد 7 / 36 وتحف العقول 129 . والبحار (مجلد قديم) 8 / 393 . ونهج السعادة 1 / 212 ، 220 باختلاف يسير .

([619]) ورد في تحف العقول للحرّاني 130 ، ونهج السعادة للحرّاني 1 / 214 .

([620]) ورد في تحف العقول للحرّاني 130 ، ونهج السعادة للحرّاني 1 / 214 .

([621]) ورد في الكافي 8 / 296 ، وتحف العقول 130 ، ونهج السعادة 1 / 221 .

([622]) ورد في الكافي 8 / 296 . ونهج السعادة 1 / 221 .

([623]) ورد في .

([624]) يونس 62 .

([625]) آل عمران 104 .

([626]) ورد في الاختصاص للمفيد 151 ، وشرح ابن أبي الحديد 7 / 37 ، وتحف العقول 130  ، ونهج السعادة 1 / 217 ، باختلاف يسير .

([627]) من : أخذ الله إلى : وإيّاكم الصبر ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 173 .

([628]) ورد في الاختصاص للمفيد 151 ، وشرح ابن أبي الحديد 7 / 37 ، وتحف العقول 130 ، ونهج السعادة 1 / 217 ، باختلاف يسير .

([629]) في البحار : « لأدخلنّهم » .

([630]) في البحار : « رغم » .

([631]) في النسخة : « تزعم » .

([632]) المائدة 44 .

([633]) المائدة 45 .

([634]) المائدة 47 .

([635]) من البحار .

([636]) في البحار : « من » .

([637]) المعارف 273 .