معركة الجمل
الفصل الثالث : معركة الجمل
أحداث المدينة قبل معركة الجمل
نزل قوله تعالى: ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم
مُّنتَقِمُونَ ) ([638]).
أي منتقمون من اعداء الإمام علي(عليه السلام) .
فينتقم الله تعالى من الناكثين والقاسطين والمارقين ([639]).
وقال السيوطي :نزلت في علي (عليه السلام) أنّه ينتقم من الناكثين
والقاسطين والمارقين بعدي ([640]).
وقسّم الإمام (عليه السلام)بيت المال بين المسلمين وتخلّف عن القسمة
يومئذ طلحة ، والزبير ، وعبدالله بن عمر ، وسعيد بن العاص ، ومروان بن الحكم ،
ورجال من قريش ، ومن هنا بدأت التفرقة ، ونشب الخلاف ، وتولّدت الفتنة .
وأقبل هؤلاء وجلسوا في ناحية من المسجد ، ولم يجلسوا عند الإمام (عليه
السلام)، ثمّ قام الوليد بن عقبة فجاء إلى الإمام ، فقال :
ياأبا الحسن ، إنّك قد وترتنا جميعاً ، أمّا أنا ، فقتلت أبي يوم بدر
صبراً ، وخذلت أبي يوم الدار بالأمس .
وأمّا سعيد فقتلت أباه يوم بدر في الحرب ، وكان ثور قريش .
وأمّا مروان فسخّفت أباه عند عثمان إذ ضمّه إليه ، ونحن إخوانك ونظراؤك
من بني عبد مناف ، ونحن نبايعك اليوم على أن تضع عنّا ما أصبناه من المال في يوم
عثمان ، وأن تقتل قتلة عثمان ، وإنّا إن خفناك تركناك والتحقنا بالشام .
فقال (عليه السلام): أمّا ما ذكرتم من وتري إيّاكم فالحقّ وتركم ;
وأمّا وضعي عنكم ما أصبتم ، فليس لي أن أضع حقّ الله عنكم ولا عن غيركم ; وأمّا
قتلة عثمان فلو لزمني قتلهم اليوم لقتلتهم أمس ، ولكن لكم عليَّ إن خفتموني أن
أُؤمّنكم ، وإن خفتكم أن أُسيّركم .
فقام الوليد إلى أصحابه فحدّثهم ، فافترقوا على إظهار العداوة وإشاعة
الخلاف ولمّا أنهى عمّار وعبدالله بن رافع وغيرهما من تقسيم المال بين الناس
بالسوية أخذ علي (عليه السلام)مكتله ومسماته ، ثمّ انطلق إلى بئر الملك فعمل فيها
، فأخذ الناس ذلك القسم ، حتّى بلغوا الزبير وطلحة وعبدالله بن عمر فأمسكوا أيديهم
، وامتنعوا عن القبول وقالوا : هذا منكم ، أو من صاحبكم ؟
فقالوا : هذا أمره ، لا نعمل إلاّ بأمره .
قالوا : استأذنوا لنا عليه .
قالوا : ما عليه آذن ، هو في بئر الملك يعمل .
ركبوا دوابهم حتّى جاؤوا إليه ، فوجدوه في الشمس ومعه أجير له ، فقالوا
: إنّ الشمس حارّة ، فارتفع معنا إلى الظلّ .
فارتفع معهم إلى الظلّ ، فقالوا له : لنا قرابة من نبي الله ، وسابقة
جهاد ، وإنّك أعطيتنا بالسوية ، ولم يكن عمر ولا عثمان يعطوننا بالسوية ، كانوا
يفضّلوننا على غيرنا .
فقال (عليه السلام): فهذا قسم أبي بكر ، وإلاّ تدعوا أبا بكر وغيره ،
وهذا كتاب الله فانظروا ما لكم من حقّ فخذوه .
قالوا : فسابقتنا .
قال : أنتما أسبق منّي ؟
قالوا : لا ، فقرابتنا من النبي .
قال : أقرب من قرابتي ؟
قالوا : لا ، فجهادنا .
قال : أعظم من جهادي ؟
قالوا : لا .
قال : فوالله ما أنا في هذا المال وأجيري إلاّ منزلة سواء .
وفي اليوم الثاني جاء طلحة ، والزبير ، وجلسا في ناحية المسجد ، وجاء
مروان بن الحكم ، وسعيد بن العاص ، وعبدالله بن الزبير ، وجلسوا عندهما ، وكان
هؤلاء قد امتنعوا عن أخذ قسمتهم من بيت المال وجعلوا يطعنون في أمير
المؤمنين (عليه السلام)والتفت عمّار بن ياسر إلى أصحابه وهم جلوس عنده
في ناحية أُخرى من المسجد ، فقالوا : هلمّوا إلى هؤلاء النفر من إخوانكم ، فإنّه
قد بلغنا عنهم ، ورأينا ما نكره من الخلاف والطعن لإمامهم ، وقد دخل أهل الجفاء
بينهم وبين الزبير والأعسر العاق . يعني طلحة .
قام عمّار ومَن معه حتّى جلسوا عندهم فتكلّم أبو الهيثم وقال : إنّ لكم
قدماً في الإسلام ، وسابقة ، وقرابة من أمير المؤمنين ، وقد بلغنا عنكم طعن وسخط
لأمير المؤمنين ، فإن يكن أمر لكما خاصّة ، فعاتبا ابن عمّتكما ، وإمامكما ، وإن
تكن النصيحة للمسلمين ، فلا تؤخّراه عنه ، ونحن عون لكما ، فقد علمنا أنّ بني
أُميّة لن تنصحكما أبداً ، وقد عرفتما عداوتهم لكما ، وقد شركتما في دم عثمان ،
وملأتما .
فسكت الزبير ، وصاح طلحة بصوت عال : افزعوا جميعاً ممّا تقولون ، فإنّي
قد عرفت أنّ في كلّ واحد منكم خطبه .
فتدخّل عمّار وأبدى النصيحة ، وتقدّم ابن الزبير وتكلّم بكلام خشن ،
فأمر عمّار بإخراج ابن الزبير من المسجد ، فقام الزبير منزعجاً من هذا العمل ،
وخرج من المسجد .
فقال عمّار : ولو لم يبق أحد إلاّ خالف علي بن أبي طالب لما خالفته ،
ولا زالت يدي مع يده ، وذلك أنّ علياً لم يزل مع الحقّ منذ بعث الله نبيّه محمّد
(صلى الله عليه وآله)، فإنّي أشهد أن لا ينبغي لأحد أن يفضِّل عليه أحد .
فقام عمّار وجماعته وجاؤوا إلى أمير المؤمنين ، وأخبروه بانشقاق القوم
وأنّهم كرهوا الأُسوة والقسمة بالسويّة ، إلى آخر كلامهم .
فخرج الإمام من داره ودخل المسجد وصعد المنبر وقال بعد الحمد والثناء
على الله : يامعشر المهاجرين والأنصار : أتمنّون على الله ورسوله بإسلامكم ؟ بل
الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين ; أنا أبو الحسن وكان يقولها إذا
غضب ـ ألا إنّ هذه الدنيا التي تتمنّونها ، وترغبون فيها ، وأصبحت تغضبكم وترضيكم
ليست بداركم ولا منزلكم الذي خلقتم له ، فلا تغرنّكم . وأمّا هذا الفيء (المال)
فليس لأحد أثرة ، فقد فرغ الله من قسمته ، وهو مال الله ، وأنتم عباد الله
المسلمون ، وهذا كتاب الله ، به أقررنا وله أسلمنا ، وعهد نبيّنا بين أظهرنا ، فمن
لم يرض فليتولّ كيف شاء ، فإنّ العامل بطاعة الله الحاكم بحكم الله لا وحشة عليه .
ثمّ نزل الإمام عن المنبر وصلّى ركعتين ، ثمّ بعث بعمّار بن ياسر إلى
طلحة والزبير وهما في ناحية المسجد ، فدعاهما ، فجاء طلحة والزبير وجلسا عند أمير
المؤمنين (عليه السلام)فقال الإمام : نشدتكما الله ، هل جئتماني طائعين للبيعة
ودعوتماني إليها وأنا كاره لها ؟
فقال الرجلان : نعم .
فقال الإمام : غير مجبورين ولا معسورين ، فأسلمتما لي بيعتكما ،
وأعطيتماني عهدكما ؟
فقال الرجلان : نعم .
فقال الإمام : فما دعاكما إلى ما أرى ؟
فقال الرجلان : أعطيناك بيعتنا على أن لا تقضي في الأُمور ، ولا تقطعها
دوننا ، وأن تستشيرنا في كل أمر ، ولا تستبدّ بذلك علينا ، ولنا من
الفضل على غيرنا ما قد علمت ، فأنت تقسم القسم وتقطع الأُمور وتقضي الحكم بغير
مشاورتنا ولا علمنا .
فقال الإمام غاضباً : لقد نقمتما يسيراً ، وأرجأتما كثيراً ، فاستغفرا
الله يغفر لكما ، ألا تخبراني ، أدفعتكما عن حقّ واجب لكما فظلمتكما إيّاه ؟
فقال الرجلان : معاذ الله .
فقال الإمام : فهل استأثرت من هذا المال بشيء ؟
فقال الرجلان : معاذ الله .
فقال الإمام : أفوقع حكم أو حدّ من المسلمين فجهلته أو ضعفت فيه ؟
فقال الرجلان : معاذ الله .
فقال الإمام : فما الذي كرهتما من أمري حتّى رأيتما خلافي ؟
فقال الرجلان : خلافك عمر بن الخطّاب في القسم ، إنّك جعلت حقّنا في
القسم كحقّ غيرنا ، وسوّيت بيننا وبين من لا يماثلنا فيما أفاء الله تعالى
بأسيافنا ورماحنا ، وأوجفنا عليه بخيلنا ورجلنا ، وظهرت عليه دعوتنا ، وأخذنا
قسراً وقهراً ممّن لا يرى الإسلام إلاّ كرهاً .
فقال الإمام (عليه السلام): أمّا ما ذكرتماه من الاستشارة بكما ،
فوالله ما كانت لي في الولاية رغبة ، ولكنّكم دعوتموني إليها وجعلتموني عليها ،
فخفت أن أردّكم فتختلف الأُمّة ، فلمّا أفضت إليّ نظرت في كتاب الله وسنّة رسوله
فأمضيت ما دلاّني عليه واتّبعته ، ولم أحتج إلى رأيكما فيه ولا رأي غيركما ، ولو
وقع حكم ليس في كتاب الله بيانه ولا في السنّة برهانه واحتيج إلى المشاورة
لشاورتكما فيه .
وأمّا القسم والأُسوة : فإنّ ذلك أمر لم أحكم فيه بادئ بدء ، وقد وجدت
أنا وأنتما رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحكم بذلك ، وكتاب الله ناطق به ، وهو
الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .
وأمّا قولكما : « جعلت فيئنا وأسيافنا ورماحنا سواء بيننا وبين غيرنا »
فقديماً سبق إلى الإسلام قوم ، ونصروه بسيوفهم ورماحهم ، فلا فضّلهم رسول الله
بالقسم ، ولا آثر بالسبق ، والله سبحانه موف السابق والمجاهد يوم القيامة بأعمالهم
، وليس لكما ، والله ، عندي ولا لغيركما إلاّ هذا .
أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحقّ وألهمنا وإيّاكم الصبر ، رحم الله
امرئ رأى حقّاً ، فأعان عليه ، ورأى جوراً فردّه ، وكان عوناً للحقّ على من خالفه
.
قام طلحة والزبير وانصرفا من عند أمير المؤمنين (عليه السلام) وهما
مغضبان ساخطان ، وقد عرفا ما كان غلب في ظنّهما من رأيه ، وبعد يومين جاءا
واستأذنا عليه فأذن لهما .
فقالا : ياأمير المؤمنين ، قد عرفت حال هذه الأزمنة وما نحن فيه من
الشدّة ، وقد جئناك لتدفع إلينا شيئاً تصلح به أحوالنا ، ونقضي به حقوقاً علينا .
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): قد عرفتما مالي بـ « ينبع » فإن
شئتما كتبت لكما منه ما تيسّر .
فقالا : لا حاجة لنا في مالك بـ « ينبع » .
فقال أمير المؤمنين : ما أصنع ؟
فقالا : اعطنا من بيت المال شيئاً لنا فيه كفاية .
فقال أمير المؤمنين : سبحان الله وأي يد لي في بيت مال المسلمين وأنا
خازنهم وأمين لهم ؟! فإن شئتما رقيتما المنبر وسألتما ذلك من الناس ما شئتما ، فإن
أذنوا فيه فعلت ، وأنّى لي بذلك وهو لكافّة المسلمين شاهدهم وغائبهم ؟! ولكنّي
أبدأ لكما عذراً .
فقالا : ما كنّا بالذي نكلّف ذلك ، ولو كلّفناك لما أجابك المسلمون .
فقال أمير المؤمنين : فما أصنع ؟
فقالا : سمعنا ما عندك .
ثمّ خرجا من دار أمير المؤمنين ، وقد يئسا من بيت المال ، فجعلا
يفكّران في كيفية الخروج إلى مكّة ، والإلتحاق بعائشة ، إلى أن صار رأيهما على هذا
، وجاءا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)وقت خلوته وقالا : قد جئناك نستأذنك
للخروج في العمرة ، لأنّا بعيدا العهد بها ، فأذن لنا فيها .
فنظر الإمام في وجهيهما ، وقرأ الغدر من فلتات لسانهما ودوران عيونهما
، وقد احمرّ وجهه وبان الغضب فيه فقال :
والله ، ما تريدان العمرة ، ولكنّكما تريدان الغدرة ، وإنّما تريدان
البصرة .
فقال الرجلان : اللهم غفراً ، ما نريد إلاّ العمرة .
فقال الإمام : احلفا لي بالله العظيم أنّكما لا تفسدان عليَّ أمر
المسلمين ، ولا تنكثان لي بيعة ولا تسعيان في فتنة .
فحلفا بالأيمان المؤكّدة فيما استحلفهما عليه من ذلك .
فخرج الرجلان من عنده ، فلقيهما ابن عباس سائلا : أذن لكما الإمام ؟
فقالا : نعم .
ودخل ابن عباس على الإمام فابتدأه الإمام (عليه السلام) قائلا : يابن
عباس ، أعندك الخبر ؟ إنّما استأذنا في العمرة ، فأذنت لهما بعد أن أوثقت منهما
بالأيمان أن لا يغدرا ، ولا ينكثا لي بيعة ، ولا يحدثا فساداً ، ولا يسعيان في
فتنة ، فحلفا بالأيمان . وبعد هنيئة قال :
والله يابن عباس ، إنّي لأعلم أنّهما ما قصدا إلاّ الفتنة ، فكأنّي
بهما وقد صارا إلى مكّة ليسعيا إلى حربي ، وإنّ يعلى بن مُنية الخائن الفاجر قد
حمل أموال العراق وفارس لينفقها في ذلك ، وسيفسد هذان الرجلان عليَّ أمري ، ويسفكا
دماء شيعتي وأنصاري .
فقال ابن عباس : إذا كان ذلك عندك ياأمير المؤمنين معلوماً ، فَلِمَ
أذنت لهما ؟ هلاّ حبستهما ، وأوثقتهما بالحديد وكفيت المؤمنين شرّهما ؟
فقال الإمام متعجّباً : يابن عباس ، أتأمرني بالظلم ابتداءً ؟
وبالسيّئة قبل الحسنة ؟ وأُعاقب على الظنّة والتهمة ؟ وآخذ بالفعل قبل كونه ؟ كلاّ
والله ، لا عدلت عمّا أخذ الله عليَّ من الحكم والعدل .
يابن عباس ، إنّني أذنت لهما وأعرف ما يكون منهما ، ولكنّي استظهرت
بالله عليهما ، والله لأقتلنهما ولأُخيبنّ ظنّهما ، ولا يلقيان من الأمر مناهما ،
وإنّ الله يأخذهما بظلمهما لي ; ونكثهما بيعتي ، وبغيهما عليَّ ([641]).
طلب طلحة والزبير للمال مع ثرائهما العظيم
جاء طلحة والزبير للإمام (عليه السلام) واستأذنا عليه ، فأذن لهما ،
وكان في علّية في داره ، فصعدا إليه وجلسا عنده بين يديه ، وقالا : ياأمير
المؤمنين ، قد عرفت حال هذه الأزمنة وما نحن فيه من الشدّة ، وقد جئناك لتدفع
إلينا شيئاً نصلح به أحوالنا ، ونقضي به حقوقاً علينا !
فقال (عليه السلام): قد عرفتما ما لي بينبع ([642])، فإنّ شئتما كتبت لكما منه ما تيسّر !!
فقالا : لا حاجة لنا في مالك بينبع .
فقال لهما : فما أصنع ؟
فقالا له : أعطنا من بيت المال شيئاً فيه لنا كفاية .
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): سبحان الله ! وأيّ يد لي في بيت
المال ! ذلك للمسلمين ، وأنا خازنهم وأمين لهم ، فإن شئتما رَقيتُ المنبر وسألتهم
ذلك ممّا شئتما ، فإن أذنوا فيه فعلت . وأنّى لي بذلك وهو لكافّة المسلمين ;
شاهدهم وغائبهم !! لكنّي أُبلي لكما عذراً .
قالا : ما كنّا بالذي يكلّفك ذلك ، ولو كلّفناكه لما أجابك المسلمون .
فقال لهما : فما أصنع ؟
قالا : سمعنا ما عندك ([643]).
وفي رواية لم يكن ]بعد بيعة علي (عليه السلام)[إلاّ يسيراً حتّى دخل
عليه طلحة والزبير ، فقالا : ياأمير المؤمنين ، إنّ أرضنا أرض شديدة ، وعيالنا كثير
، ونفقتنا كثيرة !
قال : ألم أقل لكم إنّي لا أُعطي أحداً دون أحد ؟!
قالا : نعم .
قال : فأتوني بأصحابكم ، فإن رضوا بذلك أعطيتكم ، وإلاّ لم أُعطكم
دونهم . ولو كان عندي شيء أعطيتكم من الذي لي لو انتظرتم حتّى يخرج عطائي أعطيتكم
من عطائي .
فقالا : ما نريد من مالك شيئاً . وخرجا من عنده . فلم يلبثا إلاّ قليلا
حتّى دخلا عليه ، فقالا : أتأذن لنا في العمرة ؟
قال : ما تريدان العمرة ، ولكن تريدان الغدرة ([644]).
وجاء : أَمَرَ الإمام (عليه السلام) عمّار بن ياسر ، وعبيدالله بن أبي رافع
، وأبا الهيثم بن تيّهان ، أن يقسّموا فيئاً بين المسلمين ، وقال لهم : اعدلوا فيه
، ولا تفضّلوا أحداً على أحد .
فحسبوا ، فوجدوا الذي يصيب كلّ رجل من المسلمين ثلاثة دنانير ، فأعطوا
الناس . فأقبل إليهم طلحة والزبير ، ومع كلّ واحد منهما ابنه ، فدفعوا إلى كلّ
واحد منهم ثلاثة دنانير . فقال طلحة والزبير : ليس هكذا كان يعطينا عمر ! فهذا
منكم أو عن أمر صاحبكم ؟ قالوا : بل هكذا أمرنا أمير المؤمنين (عليه السلام) .
فمضيا إليه ، فوجداه في بعض أمواله قائماً في الشمس على أجير له يعمل
بين يديه ، فقالا : ترى أن ترتفع معنا إلى الظلّ ؟ قال : نعم .
فقالا له : إنّا أتينا إلى عمّالك على قسمة هذا الفيء ، فأعطوا كلّ
واحد منّا مثل ما أعطوا سائر الناس !
قال : وما تريدان ؟!
قالا : ليس كذلك كان يعطينا عمر !
قال : فما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعطيكما ؟ فسكتا ، فقال
(عليه السلام): أليس كان (صلى الله عليه وآله)يقسّم بالسوية بين المسلمين من غير
زيادة ؟!
قالا : نعم .
قال : أفسُنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أولى بالاتّباع عندكما ،
أم سنّة عمر ؟!
قالا : سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولكن ياأمير المؤمنين
لنا سابقة وعناء وقرابة ، فإن رأيت أن لا تسوّينا بالناس فافعل .
قال : سابقتكما أسبق ، أم سابقتي ؟ قالا : سابقتك .
قال : فقرابتكما أقرب ، أم قرابتي ؟ قالا : قرابتك .
قال : فعناؤكما أعظم أم عنائي ؟ قالا : بل أنت ياأمير المؤمنين أعظم
عناءً .
قال : فوالله ، ما أنا وأجيري هذا في هذا المال إلاّ بمنزلة واحدة ([645])!
اجتماع جند الجمل في مكّة
الاسئلة المفروضة هنا هي : هل سمّى النبي (صلى الله عليه وآله) لعائشة
اسم بعيرها وأوصافه ؟
وكيف كانت العلاقة بين جنود عائشة وهم متعادون ؟
ثقافة مكّة ثقافة جاهلية بعيدة عن الدين والأخلاق والأعراف الأصيلة لذا
لم يتّفق أهالي مكّة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) . وبعد فتحه لمكّة عاد
النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة لسوء الثقافة في مكّة وعلوّ الأخلاق
والدين في المدينة .
ففشل طلحة والزبير في مسعاهما في المدينة وجاءا إلى مكّة لتواجد بذور
الفرقة والفتنة فيها .
فوجدا بني أُميّة قد أحاطوا بعائشة ، ولحق بها جماعة من منافقي قريش ،
عبيدالله بن عمر ، ومروان بن الحكم ، وأولاد عثمان ، وعبيده وخاصّته من بني أُميّة
، وجعلوا عائشة ملجأً لهم فيما دبّروه من كيد للإمام (عليه السلام) ، وصار كلّ من
يبغض علياً ، أو يحسده ، أو يخاف منه استيفاء الحقوق منه ، يلتحق بهذه الجماعة .
وعائشة تنعى عثمان وتبرأ من قاتله ، وتحرّض الناس على عداوة الإمام ،
وتظهر بأنّ علياً قتل عثمان ظلماً .
فرح عائشة بمقتل عثمان وتولّي طلحة الزعامة
ولمّا وصلت عائشة إلى مكّة ، وأدّت مناسك الحجّ ، بلغها خبر قتل عثمان
فاستبشرت وقالت للناعي : قتلته أعماله ، إنّه أحرق كتاب الله ، وأمات سنّة رسول
الله فقتلوه ، ومن بايع الناس ؟
فقال الناعي : لم أبرح من المدينة حتّى أخذ طلحة نعاجاً لعثمان وعمل
مفاتيح لأبواب بيت المال ، ولا شكّ أنّ الناس بايعوه .
فقالت عائشة وهي فرحة : بُعداً لنعثل وسحقاً ! إيه ذا الأصبع ! إيه أبا
شبل ! إيه ابن عمّ ! لله أبوك ياطلحة ، أما إنّهم وجدوا طلحة لها كفواً ، لكأنّي
أنظر إلى اصبعه وهو يبايع احتووها لا بل دغدغوها ! وجدوك لها محسناً ، ولها كافياً
، شدّوا رحلي فقد قضيت عمرتي ، لأتوجّه إلى منزلي .
سارت عائشة حتّى إذا وصلت إلى موضع يقال له (شرقاء) لقيها رجل يقال له
: عبيد بن أُم كلاب ، فسألته عائشة : ما الخبر ؟ فقال الرجل : قتل عثمان .
فقالت عائشة : قتل نعثل ! أخبرني عن قصّته وكيف كان أمره ؟
فقال الرجل : لمّا أحاط الناس بالدار ، رأيت طلحة قد غلب على الأمر ،
واتّخذ مفاتيح على بيوت الأموال والخزائن ، وتهيّأ ليبايع له ، فلمّا قتل عثمان
مال الناس إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولم يعدلوا به طلحة ولا غيره ،
وخرجوا في طلب علي (عليه السلام) ، يقدمهم الأشتر ومحمّد بن أبي بكر وعمّار بن
ياسر ، حتّى إذا أتوا علياً وهو في بيت سكن فيه قالوا له : بايعنا على الطاعة لك .
وكان علي يتفكّر ساعة ، فقال الأشتر : ياعلي ، إنّ الناس لا يعدلون بك غيرك فبايع
قبل أن يختلف الناس . وكان في الجماعة طلحة والزبير ، فظننت أن سيكون بين طلحة
والزبير وعلي بن أبي طالب كلام قبل ذلك ، فقام طلحة والزبير فبايعا ، وأنا أرى
أيديهما على يد علي (عليه السلام)يصفقانهما ببيعته ، ثمّ صعد علي بن أبي طالب
(عليه السلام) المنبر ، فتكلّم بكلام لا أحفظه إلاّ أنّ الناس بايعوه يومئذ على
المنبر من الغد ، فلمّا كان اليوم الثالث خرجت ولا أعلم .
فقالت عائشة : لوددت أنّ السماء انطبقت على الأرض إن تمّ هذا ، أُنظر
ماذا تقول ؟!
فقال الرجل : هو ما قلت لك ياأُمّ المؤمنين .
فقالت عائشة : إنّا لله ، أكره والله هذا الرجل ، وغصب علي بن أبي طالب
أمرهم ، وقتل خليفة الله مظلوماً ، ردّوا بغالي ، ردّوا بغالي .
فقال الرجل : ما شأنك ياأُمّ المؤمنين ؟ والله ، ما أعرف بين لابتيها
أحداً أولى بها من علي ، ولا أحقّ ، ولا أرى له نظيراً فلماذا تكرهينه ؟ فسكتت
عائشة ولم ترد جواباً ، وعزمت على الرجوع إلى مكّة .
وفي طريقها رآها قيس بن حازم فقالت عائشة تخاطب نفسها : قتلوا ابن
عفّان مظلوماً .
فقال قيس : ياأُمّ المؤمنين ، ألم أسمعك آنفاً تقولين : أبعده الله ;
وقد رأيتك قبل أشدّ الناس عليه ، وأقبحهم فيه قولا ؟!
فقالت عائشة : لقد كان ذلك ، ولكن نظرت في أمره فرأيتهم استتابوه حتّى
إذا تركوه كالفضّة البيضاء أتوه صائماً محرماً في شهر حرام فقتلوه .
وهذا يبيّن تبعيّة عائشة لانفعالاتها وعدم ورعها عن الكذب والافتراء !!
فقال عبيد بن أُمّ كلاب :
فمنك البداءُ ومنك الغير *** ومنك الرياح ومنك المطر
وأنت أمرتِ بقتل الإمام *** وقلت لنا : إنّه قد كفر
فهبنا أطعناك في قتله *** وقاتله عندنا مَن أمر
ولم يسقط السقف من فوقنا *** ولم تنكسف شمسنا والقمر
وقد بايع الناس ذا تُدْرَإ *** يزيل الشبا ويقيم الصعر
ويلبس للحرب أوزارها *** وما من وقى مثل من قد عثر
وصلت عائشة إلى مكّة ، وجاءها رجل يقال له : يعلى بن منيّة ، وكان من
بني أُميّة وشيعة عثمان ، وقال لها : قد قتل خليفتك الذي كنت تحرّضين على قتله .
فقالت عائشة : برئت إلى الله ممّن قتله .
فقال الرجل : الآن أظهري البراءة ثانياً من قاتله .
فخرجت إلى المسجد ، فجعلت تتبرّأ ممّن قتل عثمان ، وهنا وصل خبر عائشة
إلى طلحة والزبير وهما في المدينة ، فكتبا إليها كتاباً مع ابن أُختها عبدالله بن
الزبير ، وكان مضمون الكتاب « خَذِّلي الناس عن بيعة علي ، وأظهري الطلب بدم عثمان
» .
فرأت عائشة ذلك الكتاب ، وكشفت عمّا في ضميرها ، وجعلت تطلب بدم عثمان
، وجاءت ووقفت عند الحجر الأسود وقالت : أيّها الناس : إنّ الغوغاء
« السفلة » من أهل الأمصار وأهل المياه وعبيد أهل المدينة ، اجتمعوا
على هذا الرجل فقتلوه ظلماً بالأمس ، ونقموا عليه استعمال الأحداث ، وقد استعمل
أمثالهم من قبله ، ومواضع الحمى حماها لهم ، فتابعهم ونزل عنها ، فلمّا لم يجدوا
حجّة ولا عذراً بادروا بالعدوان ، فسفكوا الدم الحرام ، واستحلّوا البلد الحرام
والشهر الحرام ، وأخذوا المال الحرام .
والله ، لإصبع من عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم .
والله ، لو أنّ الذي اعتدوا عليه كان ذنباً لخلص منه كما يخلص الذهب من
خبئه ، والثوب من درنه ، إذ ماصّوه كما يماصّ الثوب بالماء .
فتقدّم عبدالله بن عامر الحضرمي وكان عامل عثمان على مكّة وقال : أنا
أوّل طالب بدمه . فكان أوّل مجيب ، فتبعه بنو أُميّة ، وكانوا قد هربوا من المدينة
بعد مقتل عثمان إلى مكّة فرفعوا رؤوسهم ، فكان أوّل ما تكلّموا في الحجاز ([646]).
الاستعدادات في مكّة
ولمّا اجتمعت كلمتهما (طلحة والزبير) على المسير حاولا اقناع عبدالله
بن عمر بالمسير معهما وعرضا عليه الأمر ، وقالا : ياأبا عبدالرحمن ، إنّ أُمّنا
عائشة قد خفّت لهذا الأمر رجاء الإصلاح بين الناس فاذهب معنا فإنّ لك بها أُسوة ،
فإن بايعنا الناس فأنت أحقّ بالأمر ، فقال لهما أتريدان أن تخرجاني من بيتي
وتلقياني بين مخالب ابن أبي طالب ([647]).
وتعبيره قاس وجاهلى ويعبر عن قائله ،فسيف علي (عليه السلام) اقيم به
الاسلام ،ان كان عبد الله مرتاحا لصرح الاسلام الذى أقامه علي .
ولقد حكم بنو عدى على مغموريتهم وأصلهم الحبشى وجهلهم ،فلو كانت
الخلافة بالدور فمن الواجب اعطائها لبنى هاشم، فكيف لا تعطى اليهم مع النص الالهي
والوصية النبوية .وعبدالله لم يعترف بالحقّ بل خاف سيف الإمام علي (عليه السلام) .
ولمّا ألحّا عليه لاحقاً بيّن أحقّية علي (عليه السلام) عليهما :
ويضيف الرواة إلى ذلك أنّهما رجعا إليه في محاولة ثانية لاقناعه
بالذهاب معهما ، فقال له طلحة : ياأبا عبدالرحمن إنّه والله لربّ حقّ ضيّعناه
وتركناه ، فلمّا حضر الغد قضينا بالحقّ وأخذنا بالحظّ أنّ علياً يرى نفاذ بيعته
وأنّ معاوية لا يرى أن يبايع له ، وإنّا نرى أن نردّها شورى فإن سرت معنا ومع أُمّ
المؤمنين صلحت الأُمور وإلاّ فهي الهلكة .فردّ عليهما بقوله : إن كان قولكما حقّاً
ففضلا ضيّعته وإن يكن باطلا فشرّ نجوت منه واعلما أنّ بيت عائشة خير لها من هودجها
، وأنتما بالمدينة خير لكما من البصرة والذلّ خير لكما من السيف ولن يقاتل علياً
إلاّ من كان خيراً منه ، وأمّا الشورى فقد والله كانت فقدِّم وأخّرتما ولن يردّها
إلاّ أُولئك الذين حكموا فيها فاكفياني أنفسكما ([648]).
تجمّع الناكثين في مكّة والتحق الزبير وطلحة بمكّة
واستمرّا في طريق الشيطان والعصبية الجاهلية فجهّزوا جيشاً مؤلّفاً من
ثلاثة آلاف مقاتل كما يذهب إلى ذلك بعض المؤرخين ، وكتبوا إلى ثلاثة من زعماء
البصرة يستجدونهم المساعدة على علي بن أبي طالب ، كعب بن المسور والأحنف بن قيس
والمنذر بن ربيعة ، ولكنّهما لم يجدا في أجوبة الثلاثة ما يشجّعهما على المضي في
طريقهما ، ومع ذلك فقد تحرّكا .
ولمّا وصل طلحة والزبير إلى مكّة أرسلا عبدالله بن الزبير إلى عائشة
يطلبان منها الخروج إلى البصرة للطلب بدم عثمان .
وفكّرت عائشة أن تذهب إلى أُمّ سلمة ، وكانت في مكّة ، بعنوان
استشارتها ، ولكنّها محاولة منها في إقناعها بالخروج معها والاشتراك معها في
محاربة الإمام ، كما أقنعت حفصة بالخروج معها غير أنّ أخاها عبدالله بن عمر منعها
، ولمّا دخلت على أُمّ سلمة نعت إليها عثمان وأنّه قتل مظلوماً .
صرخت أُمّ سلمة صرخة وهي متعجّبة من كلام عائشة ، وقالت : ياعائشة ،
بالأمس كنت تشهدين عليه بالكفر وهو اليوم أمير المؤمنين وقتل مظلوماً ؟!
ثمّ إنّ عائشة ذكرت لأُمّ سلمة عزمها على الخروج إلى البصرة للطلب بدم
عثمان ، وطلبت منها أن ترافقها وتشاركها في تلك النهضة .
فجعلت أُمّ سلمة تعاتب عائشة على تحريض الناس بقتل عثمان ثمّ الطلب
بدمه ، مع العلم أنّ عثمان من بني عبد مناف ، وعائشة امرأة من تيم بن مرّة ، وليس
بينهما قرابة .
ثمّ ذكرت أُمّ سلمة شيئاً من فضائل علي (عليه السلام) وأنّه لا ينبغي
لأحد أن يحارب علياً ووعظتها ، وذكّرتها بما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه
وآله)في فضل علي (عليه السلام).
وذكّرتها بحديث النبي يوم قال :
أيّتكنّ صاحب الجمل الأدبب تنبحها كلاب الحوأب ([649])؟
فتذكّرت عائشة كلّ ذلك وقنعت بكلام أُمّ سلمة ، غير أنّ التأثير كان
مؤقتاً ، ثمّ عزمت على السفر إلى البصرة .
أمّا يعلى بن منية فقد اشترى أربعمائة بعير ونادى : أيّها الناس ، مَن
خرج
للطلب بدم عثمان فعليَّ جهازه .
ووصل الخبر إلى أُمّ سلمة فقالت لعائشة : لقد وعّظتك فلم تتّعظي ...
ثمّ حذّرتها من تلك الفكرة ، وذكرت لها بأنّها تهتك حرمة رسول الله (صلى الله عليه
وآله) ، لأنّها زوجته وعرضه ... إلى آخر الكلام .
انتخاب العصاة لبلد العصيان
واختلف العصاة في بلد العصيان ذلك ما حصل في مكّة بعد اجتماع الناكثين
هناك بعد مقتل عثمان بأربعة أشهر في بيت عائشة .
ومكّة ثقافتها من الأول مع طغاة قريش بعيدة الورع والتقوى فأشار الزبير
إلى الشام كبلد للعصيان على الإمام (عليه السلام)قائلا : فيها الرجال والأموال .
وقال عبدالله بن عامر الأُموي : عليكم بالبصرة فإن غلبتم علياً فلكم
الشام .
وكان معاوية هو المخطّط للعصيان في البصرة ومنه أخذ الأُمويون وإلاّ
فرغبة الناكثين كانت في الشام . فقد أراد معاوية إضعاف الطرفين المتحاربين بعيداً
عنه ، وسيحارب المنتصر لاحقاً .
فقال يعلى بن منية ([650]): أيّها
الشيخان ! قدِّرا قبل أن ترحلا أنّ معاوية قد سبقكم إلى الشام وفيها الجماعة ،
وأنتم تقدمون عليه غداً في فرقة ، وهو ابن عمّ عثمان دونكم ; أرأيتم إن دفعكم عن
الشام ، أو قال : أجعلها شورى ، ما أنتم صانعون ؟ أتقاتلونه أم تجعلونها شورى
فتخرجا منها ؟ وأقبح من ذلك أن تأتيا رجلا في يديه أمر قد سبقكما إليه ، وتريدا أن
تخرجاه منه .
فقال القوم : فإلى أين ؟
قال : إلى البصرة ([651]).
فقال الوليد بن عُقبة : لا والله ما في أيديكم من الشام قليل ولا كثير
! وذلك أنّ عثمان بن عفّان قد كان استعان بمعاوية لينصره وقد حوصر ، فلم يفعل
وتربّص حتّى قتل ، لذلك يتخلّص له الشام ، أفتطمع أن يسلّمها ([652]) إليكم ؟ مهلا عن ذكر الشام وعليكم بغيرها ([653]).
فكان الأُمويون يعتقدون أنّ الشام قلعة لهم ولأولادهم ، فقالوا : نسير
إلى علي فنقاتله .
فقال بعضهم : ليس لكم طاقة بأهل المدينة ، ولكنّا نسير حتّى ندخل
البصرة والكوفة ، ولطلحة بالكوفة شيعة وهوى ، وللزبير بالبصرة هوى ومعونة .
فاجتمع رأيهم على أن يسيروا إلى البصرة وإلى الكوفة . فأعطاهم عبدالله
بن عامر مالا كثيراً وإبلا ، فخرجوا في سبعمائة رجل من أهل المدينة ومكّة ، ولحقهم
الناس حتّى كانوا ثلاثة آلاف رجل ([654]).
رسائل عائشة
كتبت إلى الأحنف بن قيس في البصرة وكتبت إلى مدن أُخرى وكتبت إلى أهالي
الكوفة وتأمرهم أن يثبّطوا الناس عن علي ، وتحثّهم على طلب قتلة عثمان ، وكتبت إلى
أهل اليمامة وإلى أهل المدينة بما كان منهم أيضاً ([655]).
وكتبت إلى زيد بن صوحان : من عائشة بنت أبي بكر أُمّ المؤمنين حبيبة
رسول الله (صلى الله عليه وآله)إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان ، أمّا بعد : فإذا
أتاك كتابي هذا فأقدم ، فانصرنا على أمرنا هذا ; فإن لم تفعل فخذّل الناس عن علي .
فكتب إليها : من زيد بن صوحان إلى عائشة بنت أبي بكر (صلى الله عليه
وآله) ، أمّا بعد ، فأنا ابنك الخالص إن اعتزلت هذا الأمر ، ورجعت إلى بيتك ،
وإلاّ فأنا أوّل من نابذك .
قال زيد بن صوحان : رحم الله أُمّ المؤمنين ! أُمرت أن تلزم بيتها ،
وأُمرنا أن نقاتل ، فتركت ما أُمرت به وأمرتنا به ، وصنعت ما أُمرنا به ونهتنا عنه
([656])!
كتبت عائشة عن نفسها حبيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينما أشار
النبى إلى مسكنها أنّه منبع الفتنة من حيث يخرج قرن الشيطان ([657]) .
وطلّقها الرسول (صلى الله عليه وآله) ثمّ أرجعها وقال لها : إنّها
ستنبحها كلاب الحوأب ([658]).
في اعتراف منه (صلى الله عليه وآله) لمخالفتها القرآن والسنّة وخروجها
في أعظم فتنة في الإسلام .
خروج عائشة إلى البصرة
كان منادي عائشة والزبير وطلحة ينادون في سنوات 33 ، 34 ، 35 بكفر
عثمان وأنّه يهودي وقاتل وظالم فاقتلوه فجاء الناس من الأمصار وقتلوه وفي سنة 35
كانت في كلّ يوم تقيم مناديها ينادي بالتأهّب للمسير إلى البصرة ، وكان المنادي
ينادي ويقول : من كان يريد المسير فليسِر ; فإنّ أُمّ المؤمنين سائرة إلى البصرة
تطلب بدم عثمان بن عفّان المظلوم ([659]).
ونادى المنادي : إنّ أُمّ المؤمنين وطلحة والزبير شاخصون إلى البصرة ،
فمن كان يريد إعزاز الإسلام ، وقتال المحلّين ، والطلب بثأر عثمان ، ومن لم يكن
عنده مركب ، ولم يكن له جهاز ; فهذا جهاز ، وهذه نفقة ([660]).
فكانت أعظم فتنة إسلامية أشار إليها النبي (صلى الله عليه وآله) قادتها
عائشة وطلحة والزبير ، أفقدت العالم الإسلامي توازنه !
هل سمّى النبي (صلى الله عليه وآله) لعائشة اسم جملها ؟
لمّا عزمت عائشة على الخروج إلى البصرة طلبوا لها بعيراً أيِّداً ([661])يحمل هودجها ، فجاءهم يعلى بن أُميّة ببعيره المسمّى عَسْكراً ; وكان
عظيم الخلق شديداً ، فلمّا رأته أعجبها ، وأنشأ الجمّال يحدّثها بقوّته وشدّته ،
ويقول في أثناء كلامه : عسكر . فلمّا سمعت هذه اللفظة استرجعت وقالت :
ردّوه لا حاجة لي فيه ، وذكرت حيث سئلت أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذكر
لها هذا الاسم ، ونهاها عن ركوبه ، وأمرت أن يُطلب لها غيره ، فلم يوجد لها ما
يشبهه ، فغُيّر لها بجِلال ([662])وقيل لها :
قد أصبنا لك أعظم منه خلقاً ، وأشدّ قوّة ، وأُتيت به فرضيت ([663]).
ولم يخف على عائشة الداهية أنّ الجمل نفسه لم يبدّلوه لكنّها لم تعتن
بالأوامر النبوية .
وكان النبي (صلى الله عليه وآله) قد سمّى لعائشة اسم جملها عسكر ونبح
كلاب الحوأب لها ([664]).
أحداث الطريق
روى ابن قتيبة أنّ القوم لمّا نزلوا بأوطاس من أرض خيبر أقبل عليهم
سعيد بن العاص ومعه المغيرة بن شعبة فنزل سعيد عن راحلته وأتى عائشة وقال
لها : أين تريدين ياأُمّ المؤمنين ؟
فقالت : أُريد البصرة .
فقال لها : وما تصنعين بها ؟
قالت : أطلب بدم عثمان .
قال : هؤلاء قتلة عثمان معك .
(يقصد طلحة والزبير) .
والتفت إلى مروان بن الحكم وأعاد عليه نفس السؤال الذي وجّهه إلى عائشة
، وقال له : إنّ قتلة عثمان معكم ، والله ما قتله إلاّ طلحة والزبير وهما يريدان
الأمر لأنفسهما .
والتفت المغيرة بن شعبة إلى الناس وقال : إن كنتم خرجتم مع أُمّكم
فارجعوا بها خير لكم ، وإن كنتم غضبتم لعثمان فرؤساؤكم قتلوا عثمان ، وإن كنتم
نقمتم على علي بن أبي طالب شيئاً فبيّنوا ما نقمتم عليه .
وقال سعيد بن العاص لهم أنّ عبدالله بن عامر قد دعاكم إلى البصرة وقد
فرّ منها فرار العبد الآبق وأهلها في طاعة عثمان بن عفّان ، والآن يريد أن يقاتل
بهم علياً وهم في طاعته وقد خرج من بينهم أميراً ويعود الآن إليهم طريداً ، وقد
وعدكم الرجال والأموال ، أمّا الأموال فعنده ما وعدكم به أمّا الرجال فلا رجل عنده
.
وقال مروان بن الحكم لطلحة والزبير : أيّها الشيخان ما يمنعكما أن
تدعوا الناس إلى بيعة مثل بيعة علي بن أبي طالب ؟ فإن أجابوكما عارضتماه بيعة مثل
بيعته ، وإن لم يستجيبوا عرفتم ما لكما عند الناس .
فقال له طلحة : يمنعنا أنّ الناس بايعوا علياً بيعة عامّة فبم ننقضها ؟
وقال الزبير : ويمنعنا مع ذلك تثاقلنا عن نصرة عثمان وخفّتنا إلى بيعة
علي بن أبي طالب .
فقال له الوليد : إن كنتما أسأتما فلقد أحسنتما ، وإن كنتما أخطأتما
فلقد أصبتما اليوم ، وأنتما اليوم خير منكما بالأمس .
وقال مروان : أمّا أنا فهواي الشام وهواكما البصرة وأنا معكما وإن كانت
الهلكة .
وفي أيّام الكفر الجاهلي كان المال مسيطراً على الناس لفقدانهم الدين
فسارت عائشة على هذا المنهج في معركة الجمل :
ففي معركة الجمل كانت عائشة تخرج يدها من الهودج تحمل بدرة من الدنانير
وتصيح بأعلى صوتها : من يأتيني برأس علي وله هذه البدرة .
بينما عائشة هي التي روت حديث أشقى الآخرين في قاتل علي (عليه السلام)
([665])ورغم ذلك أرادت قتله !
وقال عبدالملك بن مروان : لولا أنّ أبي أخبرني بأنّه قد قتل طلحة ما
تركت تيمياً إلاّ قتلته بعثمان ([666]).
خرجت عائشة بالجيش نحو البصرة ، وفي أثناء الطريق وصلوا إلى ماء الحوأب
فنبحت الكلاب ، وقال قائل : ما أكثر كلاب الحوأب ، وما أشدّ نباحها !
فأمسكت عائشة زمام بعيرها وصرخت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، إنّي
لهي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)وعنده نساؤه يقول : ليت شعري ، أيتكنّ
صاحبة الجمل الأدبب ، تخرج فتنبحها كلاب الحوأب ، يقتل عن يمينها ويسارها قتلى
كثيرة ، تنجو بعدما كادت تقتل ... ردّوني ، ردّوني .
فأقبل جماعة وشهدوا وحلفوا أنّ هذا ليس بماء الحوأب فسارت عائشة لوجهها
نحو البصرة ([667]).
وعائشة التي لم يردعها عن الخروج قول الله تعالى لنساء النبي :
(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ
الاُْولَى ...) ([668]) لا ترتدع بالحديث وهي شاركت
في قتل زوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله)وفرحت بقتل فاطمة الزهراء (عليها
السلام)ثمّ صمّمت على قتل علي (عليه السلام) ولم تكلم فاطمة عائشة وحفصة وأبا بكر
وعمر الى أن ماتت ([669]).
وقد روت في أيّامها الأخيرة :علي سيّد العرب وإمام المتّقين ([670]) .
ويقتل علياً (عليه السلام)أشقى الآخرين ([671]).
سيقاتل علي (عليه السلام)الناكثين والقاسطين والمارقين ([672]).
فقد كان قلبها من حجر لا تتردّد عن أمر ولا تتراجع عن هدف فقد تردّدت
حفصة بنصيحة أخيها عبدالله وبقيت عائشة .
ونصحتها أُمّ سلمة وابن عباس وصعصعة بن صوحان ولم تتراجع .
وكانت معتقدة بأفضلية الطلقاء على أهل بيت محمّد (صلى الله عليه وآله)
فبايعت معاوية الطليق ولم تبايع الإمام علياً (عليه السلام) .
دهشت عائشة من تحقّق معجزة النبي (صلى الله عليه وآله) في الحوأب ثمّ
فسّرتها تفسيراً قرشياً ومضت في مشروعها اذ كان حزبها القرشى يفسر ذلك بالسحر .
من هم الناكثون في القرآن والسنّة
فضح الله تعالى الناكثين والقاسطين والمارقين ونزل قرآن فيهم : في قوله
تعالى : (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) ([673]).
نزلت في علي بن أبي طالب ; أنّه ينتقم من الناكثين والقاسطين والمارقين
بعدي ([674]).
وجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله)منزل أُمّ سلمة ، فجاء علي (عليه
السلام) ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ياأُمّ سلمة ، هذا والله قاتل
القاسطين والناكثين والمارقين بعدي ([675]).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله)لعلي (عليه السلام): تقاتل بعدي
الناكثين والقاسطين والمارقين ([676]).
وقال أبو أيّوب الأنصاري : سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي
بن أبي طالب : تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بالطرقات والنهروانات وبالشعفات
([677]).
قال أبو أيّوب : قلت : يارسول الله ، مع من تقاتل هؤلاء الأقوام ؟! قال
: مع علي بن أبي طالب ([678]).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأُمّ سلمة : ياأُمّ سلمة اسمعي
واشهدي ! هذا علي بن أبي طالب سيّد المسلمين ، وإمام المتّقين ، وقائد الغرّ
المحجّلين ([679])، وقاتل الناكثين والمارقين
والقاسطين ([680]).
قلت : يارسول الله ، من الناكثون ؟ قال : الذين يبايعونه بالمدينة
وينكثونه بالبصرة .
قلت : من القاسطون ؟ قال : معاوية وأصحابه من أهل الشام .
ثمّ قلت : من المارقون ؟ قال : أصحاب النهروان ([681]).
وخرج النبي (صلى الله عليه وآله)من عند زينب بنت جحش ، فأتى بيت أُمّ
سلمة وكان يومها
من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فلم يلبث أن جاء علي ، فدقّ الباب دقّاً
خفيّاً ، فاستثبت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الدقّ وأنكرته أُمّ سلمة ، فقال
لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) : قومي فافتحي له الباب !
فقالت : يارسول الله ، من هذا الذي بلغ من خطره ما أفتح له الباب ،
فأتلقّاه بمعاصمي ، وقد نزلت فيّ آية من كتاب الله بالأمس ؟!
فقال لها كالمغضب : إنّ طاعة الرسول طاعة الله ، ومن عصى الرسول فقد
عصى الله ، إنّ بالباب رجلا ليس بالنّزق ([682])ولا بالخرق ، يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله .
ففتحت له الباب ، فأخذ بعضادتي الباب ، حتّى إذا لم يسمع حسّاً ولا
حركة وصرت إلى خدري استأذن ، فدخل . فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
أتعرفينه ؟ قلت : نعم ، هذا علي بن أبي طالب . قال : صدقت سحنته ([683]) من سحنتي ، ولحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وهو عيبة ([684])علمي .
اسمعي واشهدي ! هو قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين من بعدي ([685]). اسمعي واشهدي ! هو والله محيي سنّتي . اسمعي واشهدي ! لو أنّ عبداً
عبد الله الف عام من بعد الف عام بين الركن والمقام ثمّ لقي الله مبغضاً لعلي
لأكبّه الله يوم القيامة على منخريه في النار ([686]).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنّ الله تبارك وتعالى أوحى
إليّ أنّه جاعل لي من أُمّتي أخاً ووارثاً وخليفة ووصيّاً . فقلت : ياربّ ، من هو
؟ فأوحى إليّ عزّوجلّ : يامحمّد ، إنّه إمام أُمّتك ، وحجّتي عليها
بعدك . فقلت : ياربّ من هو ؟ فأوحى إليّ عزّوجلّ : يامحمّد ذاك من أُحبّه ويحبّني
، ذاك المجاهد في سبيلي ، والمقاتل لناكثي عهدي والقاسطين في حكمي والمارقين من
ديني ، ذاك وليّي حقّاً ، زوج ابنتك ، وأبو ولدك ; علي بن أبي طالب ([687]).
قال الإمام (عليه السلام): فلمّا نهضت بالأمر نكثت طائفة ، ومرقت أُخرى
، وفسق آخرون : فأمّا الطائفة الناكثة فهم أصحاب الجمل ، وأمّا الطائفة الفاسقة
فأصحاب صفّين ، وسمّاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) القاسطين ، وأمّا الطائفة
المارقة فأصحاب النهروان .
وأشرنا نحن بقولنا : « سمّاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) القاسطين
» إلى قوله (عليه السلام): « ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين
» ([688])، وهذا الخبر من دلائل
نبوّته (صلى الله عليه وآله) ; لأنّه إخبار صريح بالغيب ، لا يحتمل
التمويه والتدليس كما تحتمله الأخبار المجملة ، وصدق قوله (عليه السلام): «
والمارقين » قوله أوّلا في الخوارج : « يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية
» . وصدّق قوله (عليه السلام) : « الناكثين » كونهم نكثوا البيعة بادئ بدء ، وقد
كان (عليه السلام) يتلو وقت مبايعتهم له : (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ
عَلَى نَفْسِهِ) ([689]).
وأمّا أصحاب صفّين فإنّهم عند أصحابنا مخلّدون في النار ; لفسقهم ، فصحّ
فيهم قوله تعالى : (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) ([690]).
قال الإمام علي (عليه السلام)يوم النهروان : أمرني رسول الله (صلى الله
عليه وآله) بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين ([691]).
وقال (عليه السلام): عهد إليّ النبي (صلى الله عليه وآله) أن أُقاتل
الناكثين والقاسطين والمارقين ([692]).
وقال (عليه السلام): أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ([693]).
وقال (عليه السلام): أُمرت أن أُقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ،
ففعلت ما أُمرت به ; فأمّا الناكثون : فهم أهل البصرة وغيرهم من أصحاب الجمل ،
وأمّا المارقون : فهم الخوارج ، وأمّا القاسطون : فهم أهل الشام وغيرهم من أحزاب
معاوية ([694]).
وقال (عليه السلام)في لوم العصاة : ألا وقد قطعتم قيد الإسلام ،
وعطّلتم حدوده ، وأمتّم أحكامه . ألا وقد أمرني الله بقتال أهل البغي والنكث
والفساد في الأرض ، فأمّا الناكثون فقد قاتلت ، وأمّا القاسطون فقد جاهدت ، وأمّا
المارقة فقد دوّخت ، وأمّا شيطان الردهة فقد كفيته بصعقة سمعت لها وَجْبَة ([695])قلبه ، ورجّة ([696]) صدره ([697]).
وقال (عليه السلام): أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقتال
الناكثين ; طلحة والزبير ، والقاسطين ; معاوية وأهل الشام ، والمارقين ; وهم أهل
النهروان ، ولو أمرني بقتال الرابعة لقاتلتهم ([698])!
وقال الإمام (عليه السلام): أما والله لقد عهد إليّ رسول الله (صلى
الله عليه وآله) ، وقال لي : ياعلي ، لتقاتلنّ الفئة الباغية ، والفئة الناكثة ،
والفئة المارقة ([699])!
وقال الإمام (عليه السلام)في خطبته الزهراء : والله ، لقد عهد إليّ
رسول الله (صلى الله عليه وآله) غير مرّة ولا اثنتين ولا ثلاث ولا أربع فقال : «
ياعلي ، إنّك ستقاتل بعدي الناكثين والمارقين والقاسطين » ([700])، أفأُضيّع ما أمرني به رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، أو أكفر بعد
إسلامي ([701])؟!
قال الإمام (عليه السلام)ألا وقد أمرني الله بقتال أهل البغي والنكث
والفساد في الأرض ، فأمّا الناكثون فقد قاتلت ، وأمّا القاسطون فقد جاهدت ، وأمّا
المارقة فقد دوّخت : قد ثبت عن النبي (صلى الله عليه وآله)أنّه قال له (عليه
السلام): « ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين » ، فكان الناكثون أصحاب
الجمل ; لأنّهم نكثوا بيعته (عليه السلام) ، وكان القاسطون أهل الشام بصفّين ،
وكان المارقون الخوارج في النهروان . وفي الفِرق الثلاث قال الله تعالى :
(فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ) ([702]).
وقال : (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) ([703]).
وقال النبي (صلى الله عليه وآله) : « يخرج من ضئضئ هذا قوم يمرقون من
الدين كما يمرق السهم من الرمية ، ينظر أحدكم في النصل فلا يجد شيئاً ، فينظر في
الفوق فلا يجد شيئاً ، سبق الفرث والدم » . وهذا الخبر من أعلام نبوّته
(صلى الله عليه وآله)، ومن أخباره المفصّلة بالغيوب ([704]).
جاء الزبير وطلحة إلى علي (عليه السلام) بعد البيعة بأيّام ، فقالا له
: ياأمير المؤمنين ، قد رأيت ما كنّا فيه من الجفوة في ولاية عثمان كلّها ، وعلمت
رأي عثمان كان في بني أُميّة ، وقد ولاّك الله الخلافة من بعده ، فولّنا بعض
أعمالك !
فقال لهما : أرضيا بقسم الله لكما ، حتّى أرى رأيي . واعلما أنّي لا
أُشرك في أمانتي إلاّ من أرضى بدينه وأمانته من أصحابي ، ومن قد عرفت دخيلته .
فانصرفا عنه وقد دخلهما اليأس ([705]).
أفعال الأشعري المنكرة في معركة الجمل
وبعد إبعاد قريش لعلي (عليه السلام)(وصي المصطفى (صلى الله عليه وآله))
عن الخلافة دام أربعاً وعشرين سنة استمرّ رجال الحزب القرشي في معارضتهم لعلي وأهل
البيت (عليهم السلام)متنكّرين لبيعة الغدير ، والبيعة الشعبية له ، بعد مقتل عثمان
، فسيطر معاوية على الشام ، وسيطرت عائشة على البصرة ، ودعا أبو موسى الأشعري إلى
التنكّر لدعوات علي (عليه السلام)، وعدم الانضواء في صفوف جيشه . وهو يقول : « إنّ
هذه فتنة عمياء صمّاء تطأ خطامها ، النائم فيها خير من القاعد ، والقاعد فيها خير
من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي . فوصف هاشم بن عتبة أبا موسى الأشعري :
أنّه غال مشاق ظاهر الغلّ والشنآن » ([706]).
ورغم كلّ مساعي الأشعري فقد التحق بعلي (عليه السلام) إثنا عشر الف رجل
. فقال أبو الطفيل لقد أحصيتهم فما زادوا رجلا ولا نقصوا رجلا ، كما كان قد قال
لنا من قبل الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ([707]).
أرسل الإمام (عليه السلام)إلى الأشعري محمّد بن أبي بكر ومحمّد بن
الحنفية إلى الكوفة ليستنفرا أهل الكوفة .
ووالي الكوفة يومذاك أبو موسى الأشعري ، وكان عثماني الهوى ، منحرفاً
عن الإمام (عليه السلام)، وقد كتبت عائشة إليه كتاباً تأمره أن يخذِّل الناس عن
نصرة الإمام ، ووعده معاوية بالمال والمنصب فلبّى طلبه !! فخطب فيهم وأمرهم أن
يجتنبوا الفتنة ويبتعدوا عن سفك دماء المسلمين ، فلم يستطع محمّد بن الحنفية
ومحمّد بن أبي بكر مقاومة الأشعري ، فرجعا إلى الإمام .
وكان الإمام قد كتب قبل ذلك كتاباً إلى الأشعري يأمره أن يخرج بالناس
لمؤازرته ، ولكن الأشعري استمرّ على رأيه وامتنع عن البيعة ، وأظهر العداء الكامن
في صدره .
فأخبروا الإمام بذلك ، فكتب الإمام كتاباً إلى الأشعري فيه خبر عزله من
الحكم والتهديد إن لم يعتزل ، وكتباً أُخرى إلى أهل الكوفة يذكر لهم فيه عمّا جرى
على عثمان . ثمّ يذكر بيعة الناس له ، ومن جملتهم طلحة والزبير ، ثمّ نكثهما
البيعة وخروجهما ضدّه .
وقبل وصول هذين الكتابين كان الإمام الحسن (عليه السلام) وعمّار بن
ياسر وزيد بن صوحان وقيس بن سعد جاؤوا إلى الكوفة وخطبوا في الناس الخطب المفصّلة
المطوّلة ، يحثّون الناس على نصرة الإمام ، فكان الأشعري يقوم ويخطب وينقض كلامهم
، ويخذِّل الناس ، ويأمرهم باعتزال الفتنة ، وعدم الخوض في المعركة .
وانقضت أيّام وأيّام والأمر هكذا في الكوفة ، والإمام ينتظر المدد وهو
في أرض يقال لها « ذيقار » واليوم تسمّى « المقيّرة » وهي قريبة من الناصرية في
طريق البصرة .
وأخيراً خرج البطل الضرغام مالك الأشتر وأقبل إلى الكوفة ودخلها وهجم
على دار الإمارة ، واستولى عليها ، وأخرج غلمان الأشعري منها ، وكانت الحرب
الباردة قائمة في المسجد بين الأشعري وبين أصحاب الإمام ، وإذا بغلمان الأشعري
دخلوا المسجد ، وهم ينادون : ياأبا موسى ، هذا الأشتر .
ودخل أصحاب الأشتر وصاحوا : اخرج من المسجد ، ياويلك ، أخرج الله روحك
، إنّك والله من المنافقين .
خرج أبو موسى معزولا خائباً مخذولا ، وأراد الناس أن ينهبوا أمواله
فمنعهم الأشتر .
وأقبل الأشتر فصعد المنبر وقال : ... وقد جاءكم الله بأعظم الناس
مكاناً ، وأعظمهم في الإسلام سهماً ، وابن عمّ رسول الله (صلى الله عليه
وآله)وأفقه الناس في الدين ، وأقرأهم لكتاب الله ، وأشجعهم عند اللقاء يوم البأس ،
وقد استنفركم ، فما تنتظرون ؟ أسعيداً ؟ أم الوليد الذي شرب الخمر
وصلّى بكم على سكر واستباح ما حرّمه الله فيكم ؟ أي هذين الرجلين تريدون ؟ قبّح
الله من له هذا الرأي ، فانفروا مع الحسن ابن بنت نبيّكم ، ولا يختلف رجل له قوّة
، فوالله ما يدري رجل منكم ما يضرّه ، وما ينفعه ، وإنّي لكم ناصح شفيق عليكم إن
كنتم تعقلون ، أو تبصرون ، أصبحوا إن شاء الله غداً غادين مستعدّين ، وهذا وجهي
إلى ما هناك بالوفاء .
ثمّ قام ابن عباس وعزل الأشعري عن الولاية وخلعه عنها ، وجعل مكانه
قرضة بن كعب ، فلم يبرحوا من الكوفة حتّى سيّروا سبعة آلاف رجل والتحقوا بالإمام
في ذي قار ، والتحق به قبل ذلك ألفان من قبيلة طي ، وخرج الإمام نحو البصرة ([708]).
أحداث البصرة
إنّ الزبير وطلحة أغذّا السير بعائشة حتّى انتهوا إلى حفر أبي موسى
الأشعري وهو قريب من البصرة ، وكتبا إلى عثمان بن حنيف الأنصاري وهو عامل علي
(عليه السلام)على البصرة أن أخلِ لنا دار الإمارة ، فلمّا وصل كتابهما إليه بعث ]
إلى [ ([709]) الأحنف بن قيس فقال له :
إنّ هؤلاء القوم قدموا علينا ومعهم زوجة رسول الله ، والناس إليها سراع كما ترى .
فقال الأحنف : إنّهم جاؤوك بها للطلب بدم عثمان ، وهم الذين ألّبوا على
عثمان الناس ، وسفكوا دمه ، وأراهم والله لا يزايلون ([710])حتّى يُلقوا العداوة بيننا ويسفكوا دماءنا ، وأظنّهم والله سيركبون
منك خاصّة ما لا قِبَل لك به إن لم تتأهّب لهم بالنهوض إليهم فيمن معك من أهل
البصرة ; فإنّك اليوم الوالي عليهم ، وأنت فيهم مطاع ، فسِر إليهم بالناس ،
وبادرهم قبل أن يكونوا معك في دار واحدة ; فيكون الناس لهم أطوع منهم لك .
فقال عثمان بن حنيف : الرأي ما رأيت ، لكنّني أكره الشرّ وأن أبدأهم به
، وأرجو العافية والسلامة إلى أن يأتيني كتاب أمير المؤمنين ورأيه فأعمل به .
ثمّ أتاه بعد الأحنف حكيم بن جبلّة العبدي من بني عمرو بن وديعة ،
فأقرأه كتاب طلحة والزبير ، فقال له مثل قول الأحنف ، وأجابه عثمان بمثل جوابه
للأحنف ، فقال له حكيم : فأذن لي حتّى أسير إليهم بالناس ، فإن دخلوا
في طاعة أمير المؤمنين وإلاّ نابذتهم على سواء ، فقال عثمان : لو كان ذلك رأيي
لسرت إليهم بنفسي . قال حكيم : أما والله إن دخلوا عليك هذا المصر لينتقلنّ قلوب
كثير من الناس إليهم ، وليزيلنّك عن مجلسك هذا وأنت أعلم ، فأبى عليه عثمان .
وكانت عائشة وطلحة والزبير ومن معهم قد وصلوا إلى البصرة قبل ذلك ،
وتعجّب الناس من قدومهم إلى البصرة للطلب بدم عثمان المقتول بالمدينة .
وسمع عثمان بن حنيف (والي البصرة) بوصول القوم ، فأرسل إليهم أبا
الأسود الدؤلي وعمران بن حصين للتحقيق ، فدخلا على عائشة وقالا لها : ياأُمّ
المؤمنين ، ما حملك على المسير ؟ ما الذي أقدمك هذا البلد وأنت حبيسة رسول الله ،
وقد أمرك الله أن تقرّي في بيتك ؟
فجرى كلام وجدال طويل بين عائشة والرجلين ، وكلّما خوّفاها من إراقة
دماء المسلمين وإفساد الأمر قابلتهم بكلّ صلابة وحدّة .
ودخلا على طلحة فلم يسمعا منه إلاّ الكلام القبيح والطرد ، ثمّ السبّ
لأمير المؤمنين (عليه السلام)، واستعدّت عائشة للحرب ، وخرجت بمن معها إلى محلّة
في البصرة يقال لها (المربد) وخطبت في أهل البصرة خطبة ، فنعت عثمان وتأسّفت على
قتله ، ثمّ ذكرت علياً وبيعته وأفرطت في كلامها ، ثمّ طلبت من أهل البصرة نقض
خلافة الإمام .
فصدّقها ناس وكذّبها آخرون ، واضطرب الناس بأقوالهم ، واشتغلوا بالسبّ
والشتم واللعن ([711]).
لماذا غدر الزبير وطلحة وعائشة بعهودهم
في أحداث البصرة ؟
وبعد وصول قيادة الجمل إلى البصرة تعاهدوا مع عثمان بن حنيف الأنصاري
(والي علي (عليه السلام)على البصرة) وكتبوا بينهم كتاباً : أن يكفّوا عن القتال
حتّى يقدم علي بن أبي طالب ، ولعثمان دار الامارة والمسجد الجامع وبيت المال ([712]).
لكنّ عائشة والزبير وطلحة نقضوا اتّفاقهم مع عثمان بن حنيف وهجموا عليه
في ليلة باردة ، قال الطبري : « فظهروا فأرادوا قتله ، ثمّ خشوا غضب الأنصار ،
فنالوه في شعره وجسده » وقال طلحة : إنّما أردنا أن يستعتب أمير المؤمنين عثمان
ولم نرد قتله ، فغلب سفهاء الناس الحلماء ، حتّى قتلوه ، فقال الناس لطلحة : ياأبا
محمّد قد كانت كتبك تأتينا بغير هذا » ([713]).
وتسبّبت قيادة معركة الجمل في مقتل عشرين الف مسلم ([714])، ذهبوا ضحيّة نكثهم بيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه
السلام) .
وقبل أن تصل عائشة ومن معها إلى البصرة أرسل عثمان بن حنيف أبا الأسود
الدؤلي وعمران بن حصين وأوصاهما أن يقابلا القوم قبل دخولهم البصرة عسى أن يكفّ
الله شرّهم ، وكان أبو الأسود المتكلّم الأول مع طلحة فقال له : إنّكم قتلتم عثمان
غير مؤامرين لنا في قتله وبايعتم علياً غير مؤامرين لنا في بيعته فلم نغضب لعثمان
إذ قتل ولم نغضب لعلي إذ بويع فأردتم خلع علي ونحن على الأمر الأول فعليكم المخرج
ممّا دخلتم فيه .
وتكلّم بعده عمران بن حصين بما يشبه ذلك ، وكان جواب طلحة لهما كما
يدّعي المؤرخون ، إنّ صاحبكم لا يرى أنّ معه في هذا الأمر غيره وليس على هذا
بايعناه ، والله ليسفكنّ دمه ، فقال أبو الأسود لعمران : أنّ طلحة قد غضب للملك ،
ثمّ تكلّما مع الزبير فقال لهما : أنّ طلحة وإيّاي كروح واحدة في جسدين ، وأضاف
إلى ذلك : لقد كان لنا مع عثمان بن عفّان فلتات احتجنا فيها إلى المعاذير ولو
استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا لنصرناه .
ثمّ أتيا عائشة فقالا لها : ياأُمّ المؤمنين ما هذا المسير أمعك من
رسول الله عهد بذلك ؟ فقالت : إنّ عثمان قتل مظلوماً لقد غضبنا لكم من السوط
والعصي أفلا نغضب لقتل عثمان .
فردّ عليها أبو الأسود بقوله : وما أنتِ من عصانا وسيفنا وسوطنا وأنت
حبيس رسول الله أمركِ أن تقرّي في بيتك فجئت تضربين الناس بعضهم ببعض .
فقالت : وهل أحد يقاتلني ؟
فقال : أي والله ، لتقاتلين قتالا أهونه الشديد .
وقال لها جارية بن قدامة السعدي مرّة أُخرى : ياأُمّ المؤمنين والله
لقتل عثمان بن عفّان أهون من خروجك على هذا الجمل الملعون عرضة للسلاح . لقد كان
لكِ من الله ستر وحرمة فهتكت سترك وأبحت حرمتك ، وإنّ من رأى قتالك فقد رأى قتلك
فإن كنتِ قد أتيتنا طائعة فارجعي إلى منزلك وإن كنت مستكرهة فاستعيني بالناس إلى
كثير من المواقف التي وقفها جماعة من أهل البصرة وغيرهم مع طلحة والزبير وعائشة
وباءت جهودهم بالفشل ، ومضى القوم على موقفهم المتصلّب حتّى دخلوا البصرة فانضمّ
إليهم جماعة من الطامعين والحاقدين والمكرهين .
وجاء في رواية الطبري أنّهم لمّا دخلوا البصرة جاءهم عثمان بن حنيف
عامل أمير المؤمنين عليها وقال لهم : ما الذي نقمتم على علي حتّى خرجتم عليه
تقاتلوه ، فقالوا : لأنّه ليس بأولى بالخلافة منّا وقد صنع ما صنع ، فقال لهم :
إنّ الرجل أمرني أن أسألكم وأكتب إليه بجوابكم ، وطلب منهم أن يصلّي بالناس حتّى
يأتي جوابه فوافقوا على ذلك . ومضى الطبري يقول : أنّهم لم يلبثوا إلاّ يومين حتّى
وثبوا عليه فقاتلوه وأخذوه أسيراً ولولا خوف الأنصار لقتلوه ومع ذلك فقد مثّلوا به
ونتفوا شعر حاجبيه ولحيته وأشفار عينيه .
انقضت أيّام وعائشة وطلحة والزبير يخطبون في الناس ويهيجونهم
ويحذّرونهم من الإمام (عليه السلام)وقد كان ينتهي كلامهم إلى ذمّ الإمام وسبّه ،
وأرسلت عائشة كتباً ورسائل إلى البلاد والأمصار ، كتبت فيها ما أرادت ([715]).
محاصرة دار الإمارة
ونادى عثمان بن حنيف في الناس فتسلّحوا ، وأقبل طلحة والزبير وعائشة
حتّى دخلوا المربد ممّا يلي بني سليم ، وجاء أهل البصرة مع عثمان ركباناً ومشاة ،
وخطب طلحة فقال : إنّ عثمان بن عفّان كان من أهل السابقة والفضيلة من المهاجرين
الأوّلين ، وأحدث أحداثاً نقمناها عليه ، فباينّاه ونافرناه ، ثمّ أعتب حين
استعتبناه ، فعدا عليه امرؤ ابتزّ هذه الأُمّة أمرها بغير رضىً ولا مشورة ، فقتله
، وساعده على ذلك رجال غير أبرار ولا أتقياء ، فقتلوه بريئاً تائباً مسلماً ، فنحن
ندعوكم إلى الطلب بدمه ; فإنّه الخليفة المظلوم . فقتلوا منهم أربعين رجلا صبراً !
يتولّى منهم ذلك الزبير خاصّة ، ثمّ هجموا على عثمان فأوثقوه رباطاً ، وعمدوا إلى
لحيته وكان شيخاً كثّ اللحية فنتفوها حتّى لم يبق منها شيء ولا شعرة واحدة ([716]). وقال طلحة : عذِّبوا الفاسق ، وانتفوا شعر حاجبيه ، وأشفار عينيه ،
وأوثقوه بالحديد ([717])!
ولمّا أخذوا عثمان بن حنيف ، أرسلوا أبان بن عثمان إلى عائشة
يستشيرونها في أمره ، قالت : اقتلوه .
فقالت لها امرأة : نشدتك بالله ياأُمّ المؤمنين في عثمان وصحبته لرسول
الله (صلى الله عليه وآله)! قالت : رُدّوا أباناً ، فردّوه .
فقالت : احبسوه ولا تقتلوه ، قال : لو علمت أنّك تدعيني لهذا لم أرجع .
فقال لهم مجاشع بن مسعود : اضربوه وانتفوا شعر لحيته . فضربوه أربعين سوطاً ونتفوا
شعر لحيته ورأسه وحاجبيه وأشفار عينيه وحبسوه ([718]).
فقال أبو بكرة ([719]): لقد نفعني
الله بكلمة أيّام الجمل ، لمّا بلغ النبي (صلى الله عليه وآله) أنّ فارساً ملّكوا
ابنة كسرى قال : « لن يُفلح قوماً ولّوا أمرهم امرأة » ([720]).
قتل عائشة للأسرى
وذكر المسعودي أفعال عائشة وطلحة والزبير في البصرة وذكر أمرهم بقتل
خزّان بيت مال البصرة ، فقتل منهم سبعون رجلا غير من جرح ، وخمسون من السبعين ضربت
رقابهم صبراً من بعد الأسر ، وهؤلاء أوّل من قُتِل ظلماً في الإسلام وصبراً ([721]).
وأمرت عائشة بقتل والي البصرة عثمان بن حنيف الأسير في أيديهم .
فهذه الأعمال المشينة في قتل الأسرى المسلمين مخالفة للمنهج النبوي
الشريف .
فالنبي (صلى الله عليه وآله) لم يقتل الأسرى الكفّار وأهل الكتاب فكيف
بقتل الأسرى المسلمين .
ولقد أطلق الإمام علي (عليه السلام) أسرى المسلمين في معركة الجمل
وصفّين ومعارك الخوارج .
فالذي سار في التاريخ على منهج النبي محمّد (صلى الله عليه وآله) وعلي
(عليه السلام)أطلق سراح الأسرى والذي سار على منهج عائشة والخوارج قتل الأسرى
المسلمين ([722]).
وكانت عائشة متعوّدة على قتل الأبرياء في زمن أبيها وعمر !!
صراع الزبير ـ طلحة
وقال الإمام علي (عليه السلام)في وصف طلحة والزبير : كلّ واحد منهما
يرجو الأمر له ، ويعطفه عليه دون صاحبه ، لا يمتّان إلى الله بحبل ،
ولا يمدّان إليه بسبب . كلّ واحد منهما حامل ضبٍّ لصاحبه ، وعمّا قليل يُكشف قناعه
به !
والله ! لئن أصابوا الذي يريدون لَينتَزِعَنّ هذا نفس هذا ، وليأتينّ
هذا على هذا .
قد قامت الفئة الباغية ، فأين المحتسبون ! فقد سُنّت لهم السنن ،
وقُدّم لهم الخبر ، ولكلّ ضلّة علّة ، ولكلّ ناكث شبهة .
والله لا أكون كمستمع اللَّدم ; يسمع الناعي ، ويحضر الباكي ، ثمّ لا
يعتبر !
قال الإمام (عليه السلام)قد سارت عائشة وطلحة والزبير ، كلّ واحد منهما
يدّعي الخلافة دون صاحبه ، فلا يدّعي طلحة الخلافة إلاّ أنّه ابن عمّ عائشة ، ولا
يدّعيها الزبير إلاّ أنّه صهر أبيها ، والله لئن ظفرا بما يريدان ليضربنّ الزبير
عنق طلحة ، وليضربنّ طلحة عنق الزبير ; ينازع هذا على الملك هذا ([723]).
خلا سعيد بن العاص بطلحة والزبير ، فقال : إن ظفرتما ، لمن
تجعلان الأمر ؟ أصدقاني !
قالا : لأحدنا ; أيّنا اختاره الناس .
قال : بل اجعلوه لولد عثمان ; فإنّكم خرجتم تطلبون بدمه .
قالا : ندَع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأبنائهم ([724])!
وخرج أصحاب الجمل في ستّمائة ، معهم : عبدالرحمن بن أبي بكرة ،
وعبدالله بن صفوان الجمحي ، فلمّا جاوزا بئر ميمون ([725])إذا هم بجزور قد نُحرت ونحرها ينثعب ([726])، فتطيّروا .
وأذّن مروان حين فصل من مكّة ، ثمّ جاء حتّى وقف عليهما ، فقال : على
أيّكما أُسلّم بالإمرة ، وأُؤذّن بالصلاة ؟!
فقال عبدالله بن الزبير : على أبي عبدالله . وقال محمّد بن طلحة : على
أبي محمّد .
فأرسلت عائشة إلى مروان ، فقالت : ما لَكَ ! أتريد أن تفرّق أمرنا ؟!
لِيُصلّ ابن أُختي ! فكان يصلّي بهم عبدالله بن الزبير ، حتّى قدم البصرة .
فكان معاذ بن عبيدالله يقول : والله لو ظفرنا لأفتتنّا ; ما خلّى
الزبير بين طلحة والأمر ، ولا خلّى طلحة بين الزبير والأمر ([727]).
ولمّا أصبحوا ]الناكثون بعد استيلائهم على البصرة [ ، اجتمع الناس
إليهم ، وأذّن مؤذّن المسجد لصلاة الغداة ، فرامَ ([728])طلحة أن يتقدّم للصلاة بهم ، فدفعه الزبير وأراد أن يصلّي بهم ، فمنعه
طلحة ، فما زالا يتدافعان حتّى كادت الشمس أن تطلع .
فنادى أهل البصرة : الله الله ياأصحاب رسول الله في الصلاة ، نخاف
فوتها !
فقالت عائشة : مُروا أن يصلّي بالناس غيرهما .
فقال لهم يعلى بن منية : يصلّي عبدالله بن الزبير يوماً ، ومحمّد بن
طلحة يوماً ، حتّى يتّفق الناس على أمير يرضونه . فتقدّم ابن الزبير ، وصلّى بهم
ذلك اليوم ([729]).
مسير الإمام إلى البصرة
وصل الخبر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأمر المنادي فنادى :
الصلاة جامعة . فاجتمع الناس في المسجد (مسجد رسول الله) في المدينة وصعد الإمام (عليه
السلام)المنبر ، وخطب فيهم خطبة ذكر فيها الخلافة وأطوارها وأدوارها ، ... إلى أن
قال :
بايعني هذان الرجلان طلحة والزبير في أوّل من بايع ، وتعلمون ذلك ، وقد
نكثا غدراً ، ونهضا إلى البصرة بعائشة ليفرّقا جماعتكم ويلقيا بأسكم بينكم .
اللهمّ فخذهما بما عملا أخذة واحدة رابية ، ولا تنعش لهما ضرعة ، ولا
تقلهما عثرة ، ولا تمهلهما فواقاً ، فإنّهما يطلبان حقّاً تركاه ودماً سفكاه .
اللهمّ إنّي أقتضيك وعدك ، فإنّك قلت : وقولك الحقّ : (ثُمَّ بُغِىَ
عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللهُ) .
اللهمّ انجز لي موعدي ، ولا تكلني إلى نفسي ، إنّك على كلّ شيء قدير .
ثمّ استشار الإمام أصحابه ، فقال عمّار بن ياسر : الرأي عندي أن تسير
إلى الكوفة ، فإنّ أهلها شيعة ، وقد انطلق هؤلاء القوم إلى البصرة .
وأشار عليه ابن عباس أن يأمر أُمّ سلمة لتخرج معه تقوية لجانبه ، فقال
الإمام : أمّا أُمّ سلمة فإنّي لا أرى إخراجها من بيتها كما رأى الرجلان إخراج
عائشة .
وأشار عليه جماعة أن يعتزل الفتنة ويذهب إلى ماله بـ (ينبع) فلم يقبل
منهم ، وأخيراً نادى الإمام : تجهّزوا للمسير ، فإنّ طلحة والزبير نكثا البيعة
ونقضا العهد ، وأخرجا عائشة من بيتها يريدان البصرة لإثارة الفتنة ، وسفك دماء أهل
القبلة .
ورفع يديه للدعاء قائلا : اللهمّ هذين الرجلين قد بغيا عليَّ ، ونكثا
عهدي ، ونقضا عقدي ، وشتماني بغير حقّ سومهما ذلك ، اللهمّ فخذهما بظلمهما وأظفرني
بهما ، وانصرني عليهما .
وجعل الإمام (عليه السلام)قثم بن العبّاس والياً على المدينة ، وخرج
بمن معه إلى الربذة ، وإذا بطلحة والزبير قد ارتحلوا منها ([730]).
الإمام علي في البصرة
وصل أخيراً الإمام بجيشه الجرّار إلى البصرة فيهم ثمانون بدرياً ،
ومائتان وخمسون ممّن بايع تحت الشجرة . وبلغه الخبر عن المجزرة الرهيبة التي
أقامها هؤلاء ، فأرسل الإمام صعصعة بن صوحان للتفاهم أو لإتمام الحجّة على عائشة
والرجلين ، فالتقى بهم صعصعة فلم يسمع منهم إلاّ التهديد والخشونة في الكلام ،
وأرسل الإمام (عليه السلام)عبدالله بن العبّاس وأمره أن يلتقي بطلحة والزبير
، فلم تنجح مذاكراته معهما .
كان وصول الجيش العلوي إلى البصرة على أحسن هيئة وأجمل نظام ، وفيهم
المشايخ من أهل بدر والمهاجرين والأنصار ، وقوّاد الجيش ومعهم الألوية
والرايات ، والمواكب تترى بعضها خلف بعض ، وفي الأخير وصل موكب الإمام
، وهو موكب عظيم وفيه خلق كثير عليهم السلاح والحديد ، ومعهم الإمام وعليه الوقار
والسكينة ، ينظر إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء ، والجنود خلفه كأنّ على
رؤوسهم الطير ، والإمام الحسن عن يمينه ، والإمام الحسين عن شماله ، وابنه محمّد
بن الحنفية بين يديه ومعه الراية .
أمر الإمام (عليه السلام)ابن عباس أن يرجع إلى عائشة ثانياً ويذكر لها
خروجها من بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)ويخوّفها من الخلاف على الله ،
والتبرّج الذي نهاها الله عنه .
دخل ابن عباس على عائشة وأدّى رسالته ، وذكر لها فضل علي وسابقته ،
ولكنّها لم ترتدع ولم تقنع .
ورجع ابن عباس إلى الزبير فوجده وحده ، فجعل يلين له في الكلام ويخوّفه
عواقب أعماله ، ويلومه على إسراعه في الخلاف ، فجاء ابنه عبدالله ، وكان شاباً
شرساً قليل الحياء متهوّراً ، وقابل ابن عباس بكلّ صلافة ..
وكانت المباحثات بلا جدوى ولا فائدة ، واستعدّ الفريقان للحرب .
كان كعب بن سور سيد الأزد قد امتنع عن الخوض في المعركة ، فجاء طلحة
والزبير إلى عائشة وطلبا منها أن تتوجّه بنفسها إلى كعب وتطلب منه المؤازرة
والتعاون معها ، فأرسلت عائشة إليه تطلب منه الحضور ، فلم يجبها كعب ، فركبت بغلا
وأحاط بها نفر من أهل البصرة وسارت إليه بنفسها ، وسألته عن سبب
امتناعه ، فقال : ياأُمّاه ، لا حاجة لي في خوض هذه الفتنة .
فاستعبرت عائشة باكية وطلبت منه أن ينصرها بحركة إبليسية منها ، فرقّ
لها كعب وأجابها وعلّق المصحف في عنقه وخرج معها ([731]).
اشتركت العشائر والقبائل من المدينة إلى الكوفة إلى طي إلى أهل البصرة
في نصرة الإمام (عليه السلام).
وكان خطباء الفريقين يخطبون في قومهم ويحرّضونهم على الحرب ([732]).
رسالة عائشة الخطيرة إلى حفصة
قال أبو مخنف : ولمّا نزل علي (عليه السلام) ذاقار كتبت عائشة إلى حفصة
أمّا بعد فإنّي أُخبرك أنّ علياً قد نزل ذاقار وأقام بها مرعوباً خائفاً لمّا بلغه
من عدّتنا وجماعتنا فهو بمنزلة الأشقر إن تقدّم عقر وإن تأخّر نحر . فدعت حفصة
جواري لها يتغنّين ويضربن بالدفوف فأمرتهنّ أن يقلن في غنائهنّ : ما الخبر ما
الخبر ؟ علي في السفر كالفرس الأشقر إن تقدّم عقر وإن تأخّر نحر ([733]). وجعلت بنات الطلقاء يدخلن على حفصة ويجتمعن لسماع ذلك الغناء .
فبلغ أُمّ كلثوم (زينب) بنت علي (عليه السلام) ذلك فلبست جلابيبها
ودخلت عليهنّ في نسوة متنكّرات ثمّ أسفرت عن وجهها فلمّا عرفتها حفصة خجلت
واسترجعت فقالت أُمّ كلثوم : لئن تظاهرتما عليه اليوم لقد تظاهرتما على أخيه من
قبل فأنزل الله فيكما ما أنزل ([734]).
فقالت حفصة : كفّي رحمك الله وأمرت بالكتاب فمزّق واستغفرت الله ([735]).
لماذا لم تكلّم أُمّ سلمة عائشة حتّى ماتت ؟
كانت أُمّ سلمة أفضل نساء النبي (صلى الله عليه وآله) بعد خديجة حتّى
قالت عائشة عنها : كان رسول الله يقسِّم لنا من بيتها .
فكانت أُمّ سلمة مخلصة للإسلام ومتعبّدة بالنصوص النبوية فأحبّت أهل
البيت طبقاً لوصايا النبي (صلى الله عليه وآله) فيهم ([736]).
ولمّا طلبت عائشة من أُمّ سلمة مشاركتها في حرب الجمل رفضت ذلك وذكّرت
عائشة بأحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) في الإمام علي (عليه السلام) وتحذير
النبي (صلى الله عليه وآله)لها بعدم إثارة الفتنة والخروج لحرب البصرة ، لكنّ
عائشة لم تعطِ أُذناً صاغية لها وعصت الأوامر والنصائح النبوية لها في هذا المجال
.
وذهبت إلى البصرة وحاربت وصي المصطفى محمّد (صلى الله عليه وآله) وقتلت
عشرين ألف مسلم يشهد الشهادة .
ثمّ عادت إلى المدينة وواصلت نهجها في إثارة الناس على أمير المؤمنين
علي (عليه السلام)فعارضتها أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة ولم تكلّمها ([737]).
فماتت أُمّ سلمة وهي معرضة عنها ومخالفة لها لأعمالها القبيحة وفتنها
المتكرّرة وعصيانها البيّن لخاتم الأنبياء .
وكانت فاطمة بنت محمّد (صلى الله عليه وآله) سيّدة نساء العالمين قد
ماتت وهي ناقمة على عائشة وتكثر الشكوى من عائشة ولم تكلم أباها الى أن ماتت ([738]).
ولم تسمح لها بدخول بيتها بعد هجوم قوّات أبي بكر عليها وكسر ضلعها ،
ولمّا ماتت فاطمة (عليها السلام)فرحت عائشة وأعلنت سرورها بهذا .
أثر عبدالله بن عامر في حرب الجمل
وترف عبدالله بن عامر وأسرف وعاث في الأرض الفساد .
وقد نقم الناس من سياسته وسوء تصرّفاته ، وعابوا على عثمان ولايته له ،
وخفّ إلى يثرب عامر بن عبدالله موفداً من قِبل أهل البصرة يطالب عثمان بالاستقامة
في سلوكه فقال له :
إنّ أُناساً من المسلمين اجتمعوا فنظروا في أعمالك ، فوجدوك قد ركبت
أُموراً عظاماً ، فاتّق الله عزّوجلّ وتب إليه وانزع عنها .
فاحتقره عثمان وأعرض عنه ، وقال لمن حوله :
انظروا إلى هذا ، فإنّ الناس يزعمون أنّه قارئ ، ثمّ هو يجيء فيكلّمني
في المحقّرات ، فوالله ! ما يدري أين الله ؟..
ولم يكلّمه عامر إلاّ بتقوى الله وطاعته ، وإيثار مصلحة المسلمين ، فهل
هذه الأُمور من المحقّرات ؟
والتفت إليه عامر فقال له :
أنا لا أدري أين الله ..
نعم .
إنّي لأدري إنّ الله بالمرصاد ..
وغضب عثمان ، فعقد مؤتمراً من مستشاريه ، وعرض عليهم انتقاد المعارضين
لسياسته ، فأشار عليه ابن خاله عبدالله بن عامر أن يتّخذ معهم الاجراءات الصارمة
قائلا :
أرى لك ياأمير المؤمنين أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك ، وأنّ تجمهرهم في
المغازي حتّى يذلّوا لك ، فلا يكون همّة أحدهم إلاّ نفسه ، وما هو فيه من دبر
دابته وقمل فروته ..
وأشار عليه آخرون بخلاف ذلك ، إلاّ أنّه استجاب لرأي ابن خاله ، وأوعز
إلى عمّاله بالتضييق على الجبهة المعارضة ، ومقابلتهم بالشدّة والعنف ، فاستجاب له
، وطبّق ما أشار عليه ، فقد أمر عمّاله بتجمير الناس في البعوث ، وعزم على حرمانهم
من العطاء حتّى يشيع الفقر فيهم والبؤس ، فيضطرّوا إلى طاعته ([739]).
ولمّا قفل عبدالله بن عامر إلى البصرة عمد إلى التنكيل بعامر بن
عبدالله ، وأوعز إلى عملائه أن يشهدوا عليه شهادة زور بأنّه خالف المسلمين في
أُمور قد أحلّها الله كان منها :
1 ـ أنّه لا يأكل اللحم .
2 ـ لا يشهد الجمعة .
3 ـ لا يرى مشروعية الزواج ([740]).
ودوّنت شهادتهم ، ورفعها إلى عثمان ، فأمره بنفيه إلى الشام ، وحمله
على قتب
حتّى يشقّ عليه السفر ، ولمّا انتهى إلى الشام أنزله معاوية (الخضراء) ، وبعث إليه
بجارية تكون عيناً عليه ، وأشرفت عليه الجارية فرأته يقوم في الليل متعبّداً ،
ويخرج من السحر فلا يعود إلاّ بعد العتمة ، ولا يتناول من طعام معاوية شيئاً ،
وكان يتناول كسراً من الخبز ويجعلها في الماء تحرّجاً من أن يدخل جوفه شيء من
الحرام ، وانبرت الجارية فأخبرت معاوية بشأنه ، فكتب إلى عثمان بأمره ([741]).
هكذا كان عبدالله بن عامر رجل لا يعرف الحقّ أبداً . وكان عامر بن
عبدالله يعيش مع الحقّ أبداً !!
عراب حرب الجمل يَعلى بن مُنْيَة ([742])
صهر الزبير ([743])، وعامل أبي بكر ([744]) وعمر وعثمان على اليمن ([745])، عزله أمير المؤمنين (عليه السلام)بعد مقتل عثمان ،
فنهب بيت مال اليمن ([746])وجمع لنفسه ثروة مالية طائلة سرقها من
المسلمين ولجأ إلى مكّة ومعه ستّمائة الف درهم وستمائة بعير ([747])، فالتحق فيها بعائشة وطلحة والزبير ، وتعهّد بنفقات
الحرب ، فدفع أربعمائة الف درهم للمحاربين ، وجعل الإبل تحت تصرّفهم ([748]).
وهو الذي اشترى جمل عسكر (الشيطان) الذي كانت
عليه عائشة ([749]). وعرف بالسخاء ([750]).
ومات في أيّام معاوية ([751]).
وقال الإمام علي (عليه السلام): والله إن
ظفرت بابن منية وابن أبي ربيعة لأجعلنّ أموالهما في مال الله عزّوجلّ .
لأنّ عبدالله بن أبي ربيعة ويعلى بن منية
سرقا تلك الأموال .
استغاثة مروان
أرسل مروان رسالة إلى معاوية ورسالة إلى يعلى
بن منية أثناء حصار عثمان : إنّ بني أُميّة في الناس كالشامة الحمراء ، وقد علمتم
أنّها لم تأت عثمان إلاّ كرهاً تجبذ من ورائها ، وإنّي خائف إن قتل أن تكون من بني
أُميّة بمناط الثريّا إن لم نَصِر كرصيف الأساس المحكم ، ولئن وَهى عمود البيت
لتتداعينّ جدرانه ، والذي عِيب عليه إطعامكما الشام واليمن ، ولا شكّ أنّكما
تابعاه إن لم تحذرا ، وأمّا أنا فمساعف كلّ مستشير ، ومعين كلّ مستصرخ ، ومجيب كلّ
داع ، أتوقّع الفرصة فأثب وثبة الفهد أبصر غفلة مقتنصة ، ولولا مخافة عطب البريد
وضياع الكتب لشرحت لكما من الأمر ما لا تفزعان معه إلى أن يحدث الأمر ، فجدّا في
طلب ما أنتما وليّاه ، وعلى ذلك فليكن العمل إن شاء الله ... .
فلمّا ورد الكتاب على معاوية أذّن في الناس
الصلاة جامعة ، ثمّ خطبهم خطبة المستنصر المستصرخ ، وفي أثناء ذلك ورد عليه قبل أن
يكتب الجواب كتاب مروان بقتل عثمان ... .
فلمّا ورد الكتاب على معاوية أمر بجمع الناس
، ثمّ خطبهم خطبة أبكى منها العيون ، وقلقل القلوب ، حتّى علت الرنّة ، وارتفع
الضجيج ، وهمّ النساء أن يتسلّحن .
رسائل معاوية الى طلحة والزبير
كتب إلى طلحة بن عبيدالله ، والزبير بن
العوّام ، وسعيد بن العاص ، وعبدالله بن عامر بن كريز ، والوليد بن عقبة ، ويعلى
بن مُنية .
فكان كتاب معاوية إلى طلحة : أمّا بعد ;
فإنّك أقلّ قريش في قريش وتراً ، مع صباحة وجهك ، وسماحة كفّك ، وفصاحة لسانك ;
فأنت بإزاء من تقدّمك في السابقة ، وخامس المبشّرين بالجنّة ، ولك يوم أُحد وشرفه
وفضله ، فسارع رحمك الله إلى ما تقلّدك الرعية من أمرها ممّا لا يسعك التخلّف عنه
، ولا يرضى الله منك إلاّ بالقيام به ، فقد أحكمت لك الأمر قبلي ، والزبير فغير
متقدّم عليك بفضل ، وأيّكما قدّم صاحب فالمقدّم الإمام والأمر من بعده للمقدّم له
، سلك الله بك قصد المهتدين ، ووهب لك رشد الموفّقين ، والسلام .
وكتب إلى الزبير : أمّا بعد ; فإنّك الزبير
بن العوّام بن أبي خديجة ، وابن عمّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وحواريّه
وسلفه ، وصهر أبي بكر ، وفارس المسلمين ، وأنت الباذل في الله مهجته بمكّة عند
صيحة الشيطان ، بعثك المنبعث فخرجت كالثعبان المنسلخ بالسيف المنصلت ، تخبط خبط
الجمل الرديع ([752])، كلّ ذلك قوّة إيمان وصدق يقين ، وسبقت لك من رسول
الله (صلى الله عليه وآله) البشارة بالجنّة ، وجعلك عمر أحد المستخلفين على
الأُمّة .
واعلم ياأبا عبدالله ، أنّ الرعية أصبحت
كالغنم المتفرّقة لغيبة الراعي ، فسارع رحمك الله إلى حقن الدماء ، ولمّ الشعث ،
وجمع الكلمة ، وصلاح ذات البين قبل تفاقم الأمر ، وانتشار الأُمّة ; فقد أصبح
الناس على شفا جرف هار عمّا قليل ينهار إن لم يُرأب ([753])، فشمّر لتأليف الأُمّة ، وابتغ إلى ربّك سبيلا . فقد
أحكمت الأمر على من قبلي لك ولصاحبك ، على أنّ الأمر للمقدّم ، ثمّ لصاحبه من بعده
، جعلك الله من أئمّة الهدى ، وبغاة الخير والتقوى ، والسلام ([754]).
وبعث ]معاوية [رجلا من بني عميس ، وكتب معه
كتاباً إلى الزبير بن العوّام وفيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبدالله بن الزبير
أمير المؤمنين من معاوية بن أبي سفيان ، سلام عليك . أمّا بعد ; فإنّي قد بايعت لك
أهل الشام ، فأجابوا واستوسقوا كما يستوسق الجلب ([755])فدونك البصرة لا يسبقنّك إليها ابن أبي طالب
فإنّه لا شيء بعد هذين المصرين . وقد بايعت لطلحة بن عبيدالله من بعدك فأظهرا
الطلب بدم عثمان وادعو الناس إلى ذلك وليكن منكما الجدّ والتشمير ، أظفركما الله
بعدوّكما وخذل مناوئكما .
فلمّا وصل الكتاب إلى الزبير سرّ به . وأعلم
به طلحة واقرأه إيّاه فلم يشكّا في النصح لهما من قبل معاوية وأجمعا عند ذلك على
خلاف علي (عليه السلام) ([756]).
قال الإمام عن كتاب معاوية السرّي لهما :
ولقد كان معاوية كتب إليهما من الشام كتاباً يخدعهما فيه فكتماه عنّي وخرجا يوهمان
الطغام أنّهما يطلبان بدم عثمان ([757]).
أحداث ما قبل المعركة
كانت ساحة القتال في الخريبة ، وهي اليوم بين
الزبير والبصرة يقال لها (الخِر) وهناك قبر طلحة وهي مدينة الزبير المعروفة
حالياً.
وخرج علي (عليه السلام)وعليه عمامة سوداء
وقميص ورداء ، وهو راكب على بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله)الشهباء .
ومعه جيش المتّقين المؤمنين من الأنصار
والمهاجرين .
وجاءت عائشة وهي في هودج على بعير ، وعن
يمينها وشمالها طلحة والزبير وابنه عبدالله ، ومعها جندها يقودهم الجمل عسكر .
وكان النشاط في أصحاب الإمام أكثر ، وكانوا
يريدون الهجوم على العدو ، لكن الإمام يمنعهم ويقول لهم : لا تعجلوا على القوم
حتّى أعذر فيما بيني وبين الله وبينهم . فقام (عليه السلام)إليهم وقال خاطباً :
ياأهل البصرة ، هل تجدون عليَّ جوراً في حكم
؟
قالوا : لا .
قال : فحيفاً في قسم ؟
قالوا : لا .
قال : فرغبة في دنياً أصبتها لي ولأهل بيتي
دونكم ، فنقمتم عليَّ فنكثتم بيعتي ؟
قالوا : لا .
قال : فأقمت فيكم الحدود وعطّلتها عن غيركم ؟
قالوا : لا .
قال : فمال بيعتي تنكث وبيعة غيري لا تنكث ؟
إنّي ضربت الأمر أنفه وعينه فلم أجد إلاّ الكفر أو السيف .
ثمّ التفت إلى أصحابه وقال : إنّ الله تعالى
يقول في كتابه :
(وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ
عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ
لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ) ([758]).
ثمّ قال (عليه السلام)والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة واصطفى محمّداً
للنبوّة إنّهم لأصحاب هذه الآية ، وما قوتلوا منذ نزلت .
ثمّ التفت إلى ابن عباس وقال له : امض بهذا المصحف إلى طلحة والزبير
وعائشة وادعهم إلى ما فيه .
جاء ابن عباس فبدأ بالزبير وقال له : إنّ أمير المؤمنين يقول : ألم
تبايعني طائعاً ؟ فبم تستحلّ دمي ؟ وهذا المصحف وما فيه بيني وبينك فإن شئت
تحاكمنا إليه .
فقال الزبير : أرجع إلى صاحبك ، فإنّا بايعنا كارهين ، ومالي حاجة في
محاكمته .
انصرف ابن عباس إلى طلحة ، فوجد فيه الاستعداد للشرّ والحرب ، فقال
له : والله ، ما أنصفتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ حبستم
نساءكم وأخرجتم حبيسته .
ونادى طلحة : ناجزوا القوم ، فإنّكم لا تقومون لحجاج ابن أبي طالب .
ورجع ابن عباس وأخبر الإمام بالنتيجة السلبيّة ، وقال له : ما تنتظر ؟
والله لا يعطيك القوم إلاّ السيف ، فاحمل عليهم قبل أن يحملوا عليك .
فقال الإمام : نستظهر بالله عليهم . وهناك خرج أمير المؤمنين (عليه
السلام)بين الصفّين وكان حاسراً ونادى بأعلى صوته : أين الزبير ؟ فليخرج .ثمّ نادى
ثانية ، وكان طلحة والزبير واقفين أمام صفّيهما ، فخرج الزبير ، وخرج الإمام إليه
، فصاح به أصحابه : ياأمير المؤمنين ، أتخرج إلى الزبير الناكث بيعته وأنت حاسر ([759])وهو على فرس شاكي السلاح ، مدجّج في الحديد وأنت بلا
سلاح ؟!
فقال الإمام : ليس عليَّ منه بأس ، إنّ عليَّ منه جنّة واقية ، ولن
يستطيع أحد فراراً من أجله ، وإنّي لا أموت ، ولا أُقتل إلاّ بيد أشقاها ، كما عقر
الناقة أشقى ثمود .
فخرج إليه الزبير ، فقال (عليه السلام) : أين طلحة ؟ ليخرج . فخرج ،
وقربا من الإمام ، حتّى اختلفت أعناق دابّتيهما .
فقال الإمام للزبير : ما حملك على ما صنعت ؟
فقال الزبير : الطلب بدم عثمان .فقال الإمام : أنت وأصحابك قتلتموه ،
فيجب عليك أن تقيد من نفسك ، ولكن أُنشدك الله الذي لا إله إلاّ هو ، الذي أنزل
الفرقان على نبيّه (صلى الله عليه وآله)أما تذكر يوماً قال لك رسول الله يازبير ،
أتحبّ علياً ؟ فقلت : وما يمنعني عن حبّه وهو ابن خالي؟فقال لك : أمّا أنت ستخرج
عليه يوماً وأنت له ظالم ؟
فقال له الزبير : اللهمّ بلى ، قد كان ذلك .
فقال الإمام : فأنشدك الله الذي أنزل الفرقان على نبيّه (صلى الله عليه
وآله) أما تذكر يوماً جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) من عند ابن عوف ، وأنت
معه ، وهو آخذ بيدك ، فاستقبلته أنا فسلّمت عليه فضحك في وجهي ، فضحكت أنا إليه ،
فقلت أنت : لا يدع ابن أبي طالب زهوه أبداً . فقال لك النبي (صلى الله عليه وآله):
مهلا يازبير ، فليس به زهو ، ولتخرجنّ عليه يوماً وأنت ظالم له ؟
فقال الزبير : اللهمّ بلى ، ولكن نسيت ، فأمّا إذ ذكّرتني ذلك
فلأنصرفنّ عنك ، ولو ذكرت هذا لما خرجت عليك .
ثمّ التفت إليهما معاً وقال : نشدتكما الله ، أتعلمان وأُولوا العلم من
أصحاب محمّد وعائشة بنت أبي بكر أنّ أصحاب الجمل ، وأهل النهروان ملعونون على لسان
النبي (صلى الله عليه وآله)وقد خاب من افترى ؟ غير مكرهين ، وكنتما أوّل من فعل
ذلك ولم يقل أحد : لتبايعان أو لنقتلكما .
ثمّ انصرف كل رجل إلى صفّه ، فأراد الزبير الخروج من الحرب
والانصراف إلى البصرة ، فقال له طلحة : ما لَك يازبير ؟ ما لَك تنصرف عنّا ؟ سحرك
ابن أبي طالب ؟ ([760])فقال الزبير : لا ، ولكن
ذكّرني ما كان أنسانيه الدهر ، واحتجّ على بيعتي له .فقال طلحة : لا ، ولكن جبنت
وانتفخ سحرك .
فقال الزبير : لم أجبن ، ولكن أُذكّر فذكرت .
فقالت عائشة : ما وراءك ياأبا عبدالله ؟
فقال الزبير : الله ورائي ، إنّي ما وقفت موقفاً في شرك ولا إسلام إلاّ
ولي فيه بصيرة ، وأنا اليوم على شك من أمري ، وما أكاد أُبصر موضع قدمي .
فقالت عائشة : لا والله ، بل خفت سيوف ابن أبي طالب ، أما إنّها طوال
حداد ، تحملها سواعد أمجاد ، ولئن خفتها فلقد خافها الرجال من قبلك .
فقال ابنه عبدالله : جبناً جبناً .
فقال الزبير : يابنيّ ، قد علم الناس أنّي لست بجبان ، ولكن ذكّرني
عليٌّ شيئاً سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحلفت أن لا أُقاتله .
فقال عبدالله بن الزبير : ياأبة ، أجئت بهذين العسكرين العظيمين حتّى
إذا اصطفا للحرب قلت اتركهما وانصرف ! فما تقول قريش غداً بالمدينة ؟! الله الله
ياأبة ، لا تشمت بنا الأعداء ، ولا تشنّ نفسك بالهزيمة قبل القتال .
فقال الزبير : ما أصنع يابني وقد حلفتُ أن لا أُقاتله ؟
فقال ابنه : كفّر عن يمينك ، ولا تفسد أمرنا .
فقال الزبير : عبدي مكحول حرٌّ لوجه الله ، كفّارة ليميني ([761])0
ثمّ عاد معهم للقتال ، فعند ذلك أخذ الإمام (عليه السلام) المصحف بيده
وطلب من يقرأ عليهم هذه الآية : (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ
اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى
الاُْخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ) ([762]) .
فقام غلام حدث السنّ من مجاشع ، يقال له (مسلم) عليه قباء أبيض ، فقال
له : أنا آخذه ياأمير المؤمنين .
فقال له : يافتى ، إنّ يدك اليمنى تقطع ، فتأخذه بيدك اليسرى فتقطع
اليسرى ، ثمّ تضرب عليه بالسيف حتّى تقتل .
فقال الفتى : لأصبر على ذلك .
فنادى الإمام ثانية ، فقام الفتى ثانيةً ، فأعاد عليه مقالته ، فقال
الفتى لا عليك ، فهذا قليل في ذات الله ، فأخذ المصحف ووقف أمام الصفوف
، وقال : هذا كتاب الله ، وأمير المؤمنين يدعوكم إلى ما فيه .
فأمرت عائشة بإعدامه ، فقطعوا يديه ، ثمّ أحاطوا به وطعنوه بالرماح من
كلّ جانب .
وكانت أُمّه واقفة تنظر فصاحت فطرحت نفسها على ولدها .
كان الإمام (عليه السلام)ينتظر وقت الظهر لتنزل الملائكة ، وكان يقول :
لا تقاتلوا القوم حتّى يبدأوكم ، فإنّكم بحمد الله على حجّة ، وكفّكم عنهم حجّة
أُخرى ، فإذا قاتلتموهم فلا تجهزوا على جريح ، فإذا هزمتموهم فلا تتبعوا مدبراً ،
ولا تكشفوا عورة ، ولا تمثّلوا بقتيل ، وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا
ستراً ، ولا تدخلوا داراً ، ولا تأخذوا من أموالهم شيئاً ، ولا تهيجوا امرأة بأذى
وإن شتمن أعراضكم وسببن أُمراءكم وصلحاءكم ، فإنّهنّ ضعاف القوى والأنفس والعقول
... إلى آخر الوصايا .
كانت سهام القوم تترى على الإمام وأصحابه كالمطر ، فصاح الناس : حتّى
متى ياأمير المؤمنين ندلي نحورنا للقوم يقتلونا رجلا رجلا ، والله قد أعذرت إن كنت
تريد الإعذار ([763]).
وكانت عائشة قد قالت : اقتلوا نعثلا فقد كفر ، وألّبت عليه الناس ،
لكنّها عند سماعها ببيعة الناس لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) قالت : ليت هذه
انطبقت على هذه ، ردّوني ، ردّوني ([764]).
وعندما رجعت إلى مكّة انقلبت على حالها من معادية لعثمان إلى مطالبة
بأخذ ثأره ، غافلة عن أنّها الآمرة بقتله ! فقالت : قتل والله عثمان مظلوماً والله
لأطلبنّ بدمه ، فقال لها ابن أُمّ كلاب : ولِمَ فوالله إنّ أوّل من أمال حرفه لأنت
، وقد كنت تقولين : اقتلوا نعثلا فقد كفر ([765]).
وفعلا نجحت عائشة في قتل عثمان بن عفّان بشخصيّتها القوية وبفتواها
(بعد أن جعلها عمر أحد أصحاب الفتوى) ، فقال ابن أُمّ كلاب :
مِنكِ البَداءُ ومِنْكِ الغِيَرْ *** ومِنْكِ الرِّياحُ ومِنْكِ
المَطَرْ
وأنْتِ أمَرتِ بِقَتْلِ الإمام *** وقُلْتِ لنا إنَّه قَدم كَفَرْ
فَهَبْنا أطَعْناكِ في قَتْلِهِ *** وقاتِلُهُ عِنْدَنَا مَنم أَمَرْ ([766])
قال الإمام علي (عليه السلام)عن حركة طلحة والزبير وعائشة ضدّه : بُليت
بأنضّ الناس ، وأنطق الناس ، وأطوع الناس في الناس ، يريد بأنضّ الناس يعلى بن
منية ، وكان أكثر الناس ناضّاً ، ويريد بأنطق الناس طلحة بن عبيدالله ، وأطوع
الناس في الناس عائشة أُمّ المؤمنين ([767]).
وقتل في فتنة معركة الجمل خمسة و عشرون الفاً ([768]).
لقد جعل عمر رجال الشورى من أمثال الزبير وطلحة وسعد وابن عوف وعثمان
معتقدين أهليتهم للخلافة ، لذلك عارض الزبير وطلحة سلطة عثمان ، وقاوماه وقتلاه ،
ولمّا منّاهما معاوية بالخلافة ، وفشلا في الحصول على ولاية البصرة والكوفة من علي
(عليه السلام)عارضا علياً (عليه السلام)وحارباه .
وكذلك عائشة ، إذ منحها عمر منزلة عالية ، باعطائها أعلى راتب سنوي ،
مفضّلا إيّاها على رجال المسلمين ونسائهم ، وجعلها مفتية يرجع إليها في الفتوى .
ولمّا أنقصها عثمان راتبها وأبطل فتواها ثارت عليه عائشة وأفتت بقتله ،
على أمل وصول ابن عمّها طلحة إلى الخلافة .
ولمّا فشلت في ذلك وبايع المسلمون علياً (عليه السلام) ، ثارت عليه كما
ثارت على عثمان بن عفّان ، فركبت جملها متوجّهة نحو العراق ، عسى أن تتمكّن من قتل
أمير المؤمنين علي (عليه السلام)وتنصيب ابن عمّها طلحة ، أو ابن أُختها عبدالله بن
الزبير خليفة للمسلمين ، فتعود سلطتها السابقة في الدولة ، ويعود عطاؤها إلى سابق
عهده كأعلى راتب عند المسلمين .
لقد كانت حرب الجمل أعظم فتنة تصيب المسلمين فكلا الجيشين ينادي لا إله
إلاّ الله والله أكبر ([769]).
وعائشة تستغلّ كونها زوجة الرسول (صلى الله عليه وآله) لمحاربة أهل
بيته (عليهم السلام)، إذ قال لها عبدالله بن عباس : ما كان ذلك جزاؤنا منك إذ
جعلناك للمؤمنين أُمّاً .
فقالت له عائشة : أتمنّ عليّ برسول الله يابن عباس ؟
فقال : نعم نمنّ عليك بمن لو كان منك بمنزلته منّا لمننت به علينا ([770]).
وقد ارتكبت قيادة حرب الجمل عائشة والزبير وطلحة أخطاءً جسيمة تمثّلت
في : خروجهم على الإمام المفترض الطاعة علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي نصّ
عليه النبي (صلى الله عليه وآله)بقوله : من كنت مولاه فهذا علي مولاه وبايعه
المسلمون في الغدير وفي البيعة العامّة بعد مقتل عثمان وخالفت عائشة الآية
القرآنية المخاطبة لها ولأمثالها : يانساء النبي قرن في بيوتكن ([771]).
قادة جند أمير المؤمنين (عليه السلام)
القائد : الإمام علي (عليه السلام).
على الخيّالة : عمّار بن ياسر ([772]).
على الرجّالة : شريح بن هاني ([773]).
على الساقة : هند المرادي ([774]).
على المقدّمة : عبدالله بن عبّاس ([775]).
على الميمنة : الإمام الحسن (عليه السلام) ([776]).
على الميسرة : الإمام الحسين (عليه السلام) ([777]).
صاحب الراية : محمّد ابن الحنفيّة ([778])ـ ([779]).
على خيل القلب : محمد بن أبي بكر ([780]).
قادة جند الجمل
القائد : عائشة .
الزبير : انهزم من المعركة .
على الخيّالة : طلحة بن عبيدالله ([781]).
على خيّالة الميمنة : مروان بن الحكم ([782]).
على خيّالة الميسرة : هلال بن وكيع الدارمي ([783]).
على الرجّالة : عبدالله بن الزبير ([784]).
على رجّالة الميمنة : عبدالرحمن بن عتّاب بن
أسيد ([785]).
على رجّالة الميسرة : عبدالرحمن بن الحارث ([786]).
هؤلاء وقفوا أمام عمار بن ياسر الذي قال فيه
رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
« الحقّ مع عمّار » ، و « تقتلك الفئة
الباغية » ([787]).
وقالت أُمّ سلمة : ياأمير المؤمنين لولا أن
أعصي الله عزّوجلّ وأنّك لا تقبله منّي لخرجت معك ، وهذا ابني عمر والله ، لهو
أعزّ عليَّ من نفسي يخرج معك فيشهد مشاهدك . فخرج فلم يزل معه ([788]).
وفي جيش الجمل عائشة وطلحة والزبير ومروان بن
الحكم وعبدالله بن عامر وكعب بن سور ، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) قولته
المشهورة : « إنّ الحقّ لا يُعرف بالرجال ; اِعرف الحقّ تعرف أهله » .
وقتل في معركة الجمل من جيش الإمام علي (عليه
السلام) خمسة آلاف ([789]).
وقتل من أصحاب الجمل عشرون ألفاً ([790])، بينما جاء في أخبار أُخرى أنّه قتل منهم ثلاثة عشر
ألفاً ([791])، وعلى خبر آخر عشرة آلاف ([792])، أو خمسة آلاف ([793]).
« وقد والله علمتُ أنّها الراكبة الجمل لا
تحلّ عقدة ولا تسير عقبة ولا تنزل منزلا إلاّ إلى معصية ; حتّى تُورد نفسها ومن
معها مورداً يُقتل ثلثهم ، ويهرب ثلثهم ، ويرجع ثلثهم ([794]).
وذكر الشيخ المفيد في كتاب الجمل أنّ مجموع
القتلى بلغ خمسة وعشرين الفاً ، فإذا نقص منها خمسة آلاف ممّن قتلوا في جيش الإمام
يبقى العدد عشرون الفاً ، وهذا يؤيّد النصّ الواحد في أنّ عدد من قتل منهم عشرون
الفاً .
وواصل الشيخ المفيد يقول : وروى عبدالله بن
الزبير رواية شاذّة أنّهم كانوا خمسة عشر الفاً . قيل : ويوشك أن يكون قول ابن
الزبير أثبت . ولكنّ القول بذلك باطل ; لبعده عن جميع ما قاله أهل العلم به ([795]).
ذكرت بعض المصادر أنّ مجموع قتلى الفريقين
كان ثلاثين ألفاً ([796])، فيما ذكرت أُخرى أنّه كان عشرين ألفاً ([797]).
ودخلت أُمّ أوفى العبديّة على عائشة ] بعد
وقعة الجمل [ فقالت : ياأُمّ المؤمنين ، ما تقولين في امرأة قتلت ابناً لها صغيراً
؟ قالت : وجَبَتْ لها النار . قالت : فما تقولين في امرأة قتلت من أولادها الأكابر
عشرين الفاً ؟ قالت : خذوا بيد عدوّة الله ([798]).
جيش الإمام (عليه السلام) وجيش عائشة
كان عسكر الإمام عشرين ألفاً ، وكان عسكر
عائشة ثلاثين ألفاً ، ونقل المسعودي وصفاً رائعاً عن المنذر أبي الجارود لعسكر
الإمام : لمّا قدم علي البصرة خرجت أنظر إليه ، فإذا بموكب في الف فارس يتقدّمهم
فارس على فرس أشهب ، عليه قلنسوة وثياب بيض متقلّد سيفاً ، ومعه راية ، وإذا تيجان
القوم الأغلب عليها البياض والصفرة مدجّجين في الحديد والسلاح ، فقلت من هذا ؟
قالوا : هذا أبو أيّوب الأنصاري صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهؤلاء
الأنصار .
ثمّ تلاه فارس آخر ، عليه عمامة صفراء ،
وثياب بيض ، متقلّد سيفاً ، متنكّب قوساً ، ومعه راية ، وهو على فرس أشقر في نحو
الف فارس ، قلت : من هذا ؟ قالوا خزيمة بن ثابت الأنصاري ذو الشهادتين ([799]).
ثمّ مرّ فارس آخر على فرس أشهب ، عليه ثياب
بيض ، وعمامة سوداء ، وقد سدلها من بين يديه ومن خلفه ، شديد الأدمة عليه سكينة
ووقار ، رافع صوت بقراءة القرآن ، وحوله مشيخة وكهول وشبّان ، كأنّما قد أُوقفوا
للحساب قد أثّر السجود في جباههم ، فقلت : من هذا ؟ قيل : هذا عمّار بن ياسر في
عدّة من أصحاب رسول الله من المهاجرين والأنصار وأبنائهم .
ثمّ مرّ آخر وآخر ، حتّى ورد موكب فيه خلق من
الناس ، عليهم السلاح والحديد مختلفو الرايات ، يتقدّمهم رجل شديد الساعدين ينظر
إلى الأرض أكثر من نظره إلى فوق وعن يمينه شاب حسن الوجه ، وعن يساره شاب حسن
الوجه ، وبين يديه شاب مثلهما ، قلت : من هذا ؟ قالوا : هذا علي بن أبي طالب (عليه
السلام)وهذان الحسنان عن يمينه وشماله ، وهذا محمّد بن الحنفية بين يديه معه
الراية العظمى والذين خلفه عبدالله بن جعفر وولد عقيل وغيرهم من فتيان قريش ،
وهؤلاء المشايخ من حوله أهل بدر من المهاجرين والأنصار .
وصاحب الراية : عبدالله بن حكيم ([800])ـ ([801]).
رموز أصحاب الإمام
شارك أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله) في
معركة الجمل إلى جانب الإمام علي (عليه السلام)وكان منهم ثمانون من أهل بدر ، وألف
وخمسمائة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ومن بين الشخصيات البارزة التي شاركت في جيش
الإمام علي (عليه السلام) يمكن الإشارة إلى كلّ من :
أبي أيّوب الأنصاري ، أبي الهيثم بن التيّهان
، خزيمة بن ثابت ، عبدالله بن بديل ، عبدالله بن عبّاس ، عثمان بن حنيف ، عديّ بن
حاتم ، عمّار بن ياسر ، عمرو بن الحمق ، عمر بن أبي سلمة ، هاشم بن عتبة ، وأُويس
القرني ، جارية بن قدامة ، حجر بن عديّ ، زيد بن صوحان ، سيحان بن صوحان ، صعصعة
بن صوحان ، مالك الأشتر ، شريح بن هاني ، محمّد بن أبي بكر ، محمّد ابن الحنفية ،
وابن مسلمة ([802]).
وإنّ الزبير لمّا علم أنّ عمّاراً مع علي
(عليه السلام) ارتاب بما كان .
قال الإمام علي (عليه السلام)في معركة الجمل
لمّا اجتمع عليَّ ملأكم ، نظرت فلم يسعني ردّكم حيث اجتمعتم ; فبايعتموني مختارين
; وبايعني في أوّلكم طلحة والزبير طائعين غير مكرهين ، وأنا أعرف الغدر في وجهيهما
، والنكث في عينيهما .
ثمّ ما لبثا أن استأذنا في العمرة فأعلمتهما
أن ليس العمرة يريدان ، والله يعلم أنّهما أرادا الغدرة .
فجدّدت عليهما العهد في الطاعة ، وأن لا
يبغيا للأُمّة الغوائل ; فعاهداني ثمّ لم يفيا لي ، ونكثا بيعتي ، ونقضا عهدي ،
فسارا إلى مكّة ، واستخفّا عائشة وخدعاها ; وشخص معهما أبناء الطلقاء ، فقدما
البصرة ، وقد اجتمع أهلها على طاعة الله وبيعتي ، فدعواهم إلى معصية الله
وخلافي ; فمن أطاعهما منهم فتنوه ، ومن عصاهما قتلوه .
فياعجباً لاستقامتهما ([803])لأبي بكر وعمر وبغيهما عليَّ !
والله إنّهما ليعلمان أنّي لست بدون أحد
الرجلين ([804]).
ولو شئت أن أقول لقلت : اللهم اغضب عليهما
بما صنعا في حقّي ، وظفّرني بهما .
وقد كان من قتلهم حكيم بن جبلة ما بلغكم
وقتلهم السبابجة ، وفعلهم بعثمان بن حنيف ; ما لم يخف عليكم .
والله إنّي منيت بأربعة لم يمن بمثلهنّ أحد
بعد النبي (صلى الله عليه وآله) .
منيت بأدهى الناس وأسخاهم طلحة بن عبيدالله .
وأشجع الناس الزبير بن العوام .
وأطوع الناس في الناس عائشة بنت أبي بكر .
وأسرع الناس إلى فتنة يعلى بن أُميّة ([805]).
([806])والله ما أنكروا عليَّ منكراً ، ولا جعلوا
بيني وبينه نصفاً ، ولا استأثرت بمال ، ولا ملت بهوى ([807]).
وإنّهم ليطلبون حقّاً هم تركوه ، ودماً هم
سفكوه ; فإن كنت شريكهم فيه ، كما يزعمون فإنّ لهم لنصيبهم منه ; ولئن كانوا أولوه
دوني ، فما التبعة إلاّ قبلهم ، وما الطلبة إلاّ قتلهم .
وإنّ أعظم حجّتهم لعلى أنفسهم ، وإنّ أوّل
عدلهم للحكم على أنفسهم .
ولقد كان معاوية كتب إليهما من الشام كتاباً
يخدعهما فيه ، فكتماه عنّي ، وخرجا يوهمان الطغام والأعراب أنّهما يطلبان بدم
عثمان ; وإنّ دم عثمان لمعصوب بهما ، ومطلوب منهما .
والله إنّهما لعلى ضلالة صمّاء ، وجهالة
عمياء .
وا عجباً لطلحة ; ألّب الناس على ابن عفّان ،
حتّى إذا قتل أعطاني صفقة يمينه
طائعاً ، ثمّ نكث بيعتي وطفق ينعى ابن عفّان ظالماً ، وجاء يطلبني ، يزعم بدمه ([808]).
والله ما استعجل ([809])متجرّداً للطلب بدم عثمان إلاّ خوفاً من أن يطالب بدمه
; لأنّه مظنّته ، ولم يكن في القوم أحرص عليه منه ، فأراد أن يغالط بما أجلب فيه ،
ليلتبس الأمر ([810])، ويقع الشكّ .
والله ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث :
لئن كان ابن عفّان ظالماً ، كما كان يزعم حين
حصره وألّب عليه ([811])، لقد كان ينبغي له أن يوازر قاتليه ، وأن ينابذ ناصريه
.
ولئن كان في تلك الحال مظلوماً ، لقد كان
ينبغي له أن يكون من المنهنهين عنه ، والمعذِّرين فيه .
ولئن كان في شكّ من الخصلتين ، لقد كان ينبغي
له أن يعتزله ويركد جانباً ، ويدع الناس معه .
فما فعل واحدة من الثلاث ; وجاء بأمر لم يعرف
بابه ، ولم تسلم معاذيره .
أيّها الناس ; إنّ الله عزّوجلّ افترض الجهاد
فعظّمه ، وجعله نصرته وناصره .
والله ما صلحت الدنيا قطّ ، ولا الدين إلاّ
به ([812]).
([813]) ألا وإنّ الشيطان قد جمع حزبه ، واستجلب
خيله ورجله ومن أطاعه ،
ليعود له دينه وسنّته ; وحثّ زينته في ذلك وخدعه وغروره ([814])، وينظر ما يأتيه .
وقد رأيت أُموراً قد تحصحصت ([815]).
أيّها الناس ; إنّ عائشة سارت إلى البصرة
ومعها طلحة والزبير ، و ([816])ـ ([817])كلّ واحد منهما يرجو الأمر له ، ويعطفه عليه
دون صاحبه .
أمّا طلحة فابن عمّها ، وأمّا الزبير فختنها
.
لا يمتّان إلى الله بحبل ، ولا يمدّان إليه
بسبب .
كلّ واحد منهما حامل ضبّ لصاحبه ; وعمّا قليل
يكشف قناعه به .
والله لئن أصابوا الذي يريدان ، ولن ينالوا
ذلك أبداً ، لينتزعنّ هذا نفس هذا ، وليأتين هذا على هذا .
والله لقد علمت أنّ راكبة الجمل الأحمر ما
تقطع عقبة ، ولا تحلّ عقدة ، ولا تنزل منزلا ، إلاّ في معصية الله وسخطه ، حتّى
تورد نفسها ومن معها موارد الهلكة .
إي ، والله ، ليقتلنّ ثُلثهم ، وليهربنّ
ثلثهم ، وليتوبنّ ثلثهم .
وإنّها ، والله ، التي تنبحها كلاب الحوأب .
فهل يعتبر معتبر ، ويتفكّر متفكّر ([818])؟!
] ألا [ قد قامت الفتنة وفيه الفئة الباغية .
فأين المحتسبون ؟أين المؤمنون ؟فقد سُنّت لهم
السنن ، وقدّم لهم الخير .
ولكلّ ضلّة علّة ، ولكلّ ناكث شبهة .
([819]) وإنّما سمّيت الشبهة شبهة لأنّها تشبه
الحقّ .
بداية المعركة
كانت معركة الجمل أوّل معركة بين أتباع راية
لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، وهي أُسّ الأساس للمعارك اللاحقة بين
المسلمين !
وندم الزبير قبل المعركة قائلا : إنّ هذه لهي
الفتنة التي كنّا نحدّث عنها ، فقال له مولاه : أتسمّيها فتنة وتقاتل فيها ([820])؟
وقال علي (عليه السلام)للزبير في أرض المعركة
: أما تذكر يوم كنت أنا وأنت في سقيفة قوم من الأنصار فقال لك رسول الله (صلى الله
عليه وآله) : أتحبّه ؟ فقلت : وما يمنعني ؟ قال : أما إنّك ستخرج عليه وتقاتله
وأنت ظالم . قال : فرجع الزبير ([821]).
وفي رواية وشهد الزبير الجمل مقاتلا لعلي
(عليه السلام) : فناداه علي (عليه السلام)ودعاه فانفرد به ، وقال له : أتذكر إذ
كنت أنا وأنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)فنظر إليّ وضحك وضحكت فقلت أنت :
لا يدع ابن أبي طالب زهوه ، فقال : ليس به زهو ولتقاتلنّه وأنت له
ظالم ؟ فذكر الزبير ذلك فانصرف عن القتال .
وذكره ابن عبدالبرّ في استيعابه 1 / 203
باختلاف يسير في اللفظ ([822]).
وذكر الطبرى:قال علي (عليه السلام) للزبير :
أتذكر يوماً أتانا النبي (صلى الله عليه وآله)وأنا أُناجيك ، فقال : أتناجيه ،
والله ليقاتلنّك وهو ظالم لك ، فصرف الزبير وجه دابته وانصرف ، فقتله ابن جرموز ([823]).
هناك دعا الإمام ابنه محمّد بن الحنفية
فأعطاه الراية ، وهي راية سوداء كبيرة ، وهي راية رسول الله (صلى الله
عليه وآله) ، فقال له : يابني ، هذه راية ما رُدّت قطّ ولا تردّ قطّ .
وقال الإمام (عليه السلام)لابنه ابن الحنفية
: يابني لا يستفزّك ما ترى ; قد حملت الراية وأنا أصغر منك فما استفزّني عدوّي ،
وذلك أنّني لم ألق أحداً إلاّ حدّثتني نفسي بقتله ، فحدِّث نفسك بعون الله بظهورك
عليهم ، ولا يخذلك ضعف النفس باليقين ; فإنّ ذلك أشدّ الخذلان .
قال فقلت : ياأبةِ أرجو أن أكون كما تحبّ إن
شاء الله . قال : فالزم رايتك ، فإذا اختلطت الصفوف قف في مكانك وبين أصحابك ، فإن
لم ترَ أصحابك فسيرونك . قال : والله إنّي لفي وسط أصحابي فصاروا كلّهم خلفي وما
بيني وبين القوم أحد يردّهم عنّي ، وأنا أُريد أن أتقدّم في وجوه القوم ، فما شعرت
إلاّ بأبي من خلفي قد جرّد سيفه وهو يقول : لا تقدم حتّى أكون أمامك . فتقدّم
(عليه السلام) بين يديّ يهرول ومعه طائفة من أصحابه ، فضربوا الذين في وجهي حتّى
أنهضوهم ولحقتهم بالراية ، فوقفوا وقفةً ، واختلط الناس ، وركدت السيوف ساعة ،
فنظرت إلى أبي يفرّج الناس يميناً وشمالا ويسوقهم أمامه ، فأردت أن أجول فكرهت
خلافه ([824]).
وقال الإمام علي (عليه السلام)لابنه ابن
الحنفية :
اطعنهم طعن أبيك تحمد *** لا خير في الحرب
إذا لم توقد
بالمشرفيِّ والقنا المسرد ([825]).
وبعد ان اصطفّ الفريقان وتقابلا للقتال ،
قالت عائشة : ناولوني كفّاً من الحصاة ، فأخذتها ، وحصبت بها وجوه أصحاب الإمام ،
وصاحت بأعلى صوتها : شاهت الوجوه ، كما صنع رسول الله يوم بدر ، فناداها رجل من
أصحاب علي : وما رميت ولكن الشيطان رمى .فتسبّبت في مقتل عسكرها ! ([826])
ولمّا ترك الزبير القتال بعدما ذكّره الإمام
بقول النبي له : « أنّك والله ستقاتل علياً ، وأنت له ظالم » وتبعه ابن جرموز
فقتله غيلة ، أمّا طلحة فقال له الإمام : جئت بعرس رسول الله (صلى الله عليه وآله)
تقاتل بها ، وخبّأت عرسك في البيت ؟ أُنشدك الله أسمعت رسول الله يقول : من كنت
مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ؟ قال طلحة : نعم ، ولكن
جئت أطلب بدم عثمان . وحين أُتيحت الفرصة لمروان بن الحكم رمى طلحة بسهم فقتله ،
وقال : والله إنّ دم عثمان عند هذا .
وحين استوت الصفوف قال الإمام لمحمّد بن
الحنفية : أقدم بالراية حتّى تركّزها في عين الجمل . وما أن قدم محمّد حتّى رشقته
السهام من كلّ جانب ، فوقف رويداً لتخفّ السهام ، فقال له أبوه : احمل عليهم قال :
أما ترى السهام كالمطر ؟! فدفع صدره ، وقال : أخذك عرق من أُمّك ، ثمّ أخذ الراية
فهزّها ، وقال :
أطعن بها طعن أبيك تحمد *** لا خير في الحرب
إذا لم توقد
ثمّ لبس الإمام درع رسول الله (صلى الله عليه
وآله) وحزم بطنه بعصابة أسفل من سُرّته ، ثمّ قال لولده محمّد بن الحنفية : ياأبا
القاسم ، قد حملت الرواية وأنا أصغر منك فما استفزّني عدوّي ، وذلك أنّي لم أُبارز
أحداً إلاّ حدّثتني نفسي بقتله ، فحدِّث نفسك بعون الله تعالى بظهورك عليهم .
وزحف أصحاب الجمل نحو معسكر الإمام ، فصاح
الإمام بابنه محمّد : امض . فمضى ، وتبعه أصحابه واشتعلت الحرب ، ودار القتال .
أحداث المعركة
وقالت الأنصار : ياأمير المؤمنين لولا الحسن
والحسين لما قدمنا على محمّد أحداً من العرب . فقال الإمام : أين النجم من الشمس
والقمر ؟!
وشدّ الامام على عسكر العدو ، فضعضع أركانه ،
وفرّت الرجال من بين يديه فرار المعزى من الذئب ، وجرت الأرض بدماء القتلى ،
وانحنى سيفه ، فرجع إلى معسكره ، وقوّمه بركبته وأرجع الراية إلى ولده
محمّد فحمل حملات أزال القوم عن مواقفهم ، فقال بعض أصحاب الإمام للإمام : لو كان
غير محمّد لافتضح .
وتكاثفت الرجال حول الجمل كلّما خفّ قوم جاء
أضعافهم ، وكان الإمام يزأر زئير الأُسود ، يحمل على القوم الحملة تلو الحملة ،
حتّى خاف عليه أصحابه ، وقالوا له : إنّك إن تصب يذهب الدين ، فأمسك ، ونحن نكفيك
. فقال : والله ما أُريد بما ترون وجهه والدار الآخرة .
ولمّا رأى مروان بن الحكم يوم الجمل طلحة بن
عبيدالله ، قال : لا أنتظر بعد اليوم ثأري في عثمان ، فانتزع له سهماً فقتله .
فقال طلحة عند الموت :
ندِمْتُ ندامَة الكُسَعِيِّ ([827])لمَّا *** طلبت رضا بني حَزْم برغمِي ([828])
وقال : لم أرَ كاليوم شيخاً أضيع دماً منّي ([829]).
وقيل : إنّ مروان بن الحكم لما رماه بسهم
فقتله قال : أينما أصابت فتح .
ورغم عظم الفتة فإنّ الإمام علي بن أبي طالب
(عليه السلام) لم يخرج عن قوانين الإسلام العظيمة وتعاليم النبوّة السمحة إذ كان
مناديه ينادي يوم الجمل : لا يُسلبنّ قتيل ، ولا يتبع مدبر ، ولا يجهز على جريح ([830]).
وقال عبدالله بن الزبير : كذباً« التقيت مع
الأشتر يوم الجمل ، فما ضربته ضربة حتّى ضربني خمسة أو ستّة ، ثمّ جرّ برجلي
فألقاني في الخندق ، وقال : والله لولا قربك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ،
ما اجتمع فيك عضو إلى آخر ([831]).
وأقبل الإمام يهرول وبيده السيف يصعد وينزل
فتطير الرؤوس وتطيح الأيدي ولا يتلطّخ السيف بالدم لسرعة اليد وسبق السيف الدم ،
وزحف الجيش خلفه .
وحمل عمّار بن ياسر على الميسرة ، ومالك
الأشتر على الميمنة ، وحملوا حملة رجل واحد ، ونادى الإمام : عليكم بالسيوف .
فجعلوا يضربون بالسيوف على الرؤوس .
ثمّ نادى المنادي : عليكم بالأقدام ، وكان
للفريقين أراجيز كثيرة ، مذكورة في كتب التاريخ .
وكان أهل البصرة كلّ من أراد منهم القتال أخذ
بخطام الجمل الشيطان ويرتجز ويقاتل حتّى يقتل ، فخرج كعب بن سور فأخذ بخطام الجمل
وهو يرتجز ويقول :
يامعشر الأزد عليكم أُمّكم *** فإنّها صلاتكم
وصومكم
والنعمة العظمى التي تعمّكم *** فاحضروها
جدّكم وحزمكم
لا يغلبنّ سمُّ العدو سمّكم *** إنّ العدو إن
علاكم رمّكم
وخصّكم بجوره وعمّكم *** لا تفضحوا اليوم
فداكم قومكم
فقاتل حتّى قتل ، فخرج آخر فأخذ بخطام الجمل
وارتجز :
ياأُمّ ياأُمّ خلا منّي الوطن *** لا أبتغي
القبر ولا أبغي الكفن
مَن هيهنا محشر عوف بن قطن *** إن فاتنا
اليوم علي ألغين
أو فاتنا ابناه حسين وحسن *** إذن أمت بطول
همّ وحزن
نهاية المعركة
وأخذ الامام الراية من يده ، ثمّ حمل
فدخل عسكرهم ، وإنّ الميمنتين والميسرتين تضطربان ، في إحداهما عمّار ، وفي
الأُخرى عبدالله بن عباس ، ومحمّد بن أبي بكر .
قال : فشقّ علي في عسكر القوم يطعن ويقتل ،
ثمّ خرج ... ثمّ أعطى الراية لابنه وقال : هكذا فاصنع . فتقدّم محمّد بالراية ومعه
الأنصار ، حتّى انتهوا إلى أمير المؤمنين ! فلم يجِب أحداً منهم ، ولا ردّ إليهم
بصره ، وظلّ يَنحِطُ ([832])ويزأر زئير الأسد ، حتّى فَرِقَ مَن حوله ،
وتبادروه ، وإنّه لطامح ببصره نحو عسكر البصرة ، لا يبصر من حوله ، ولا يردّ
حواراً .
ثمّ دفع الراية إلى ابنه محمّد ، ثمّ حمل
حملة ثانية وحده ، فدخل وسطهم فضربهم بالسيف قُدُماً قُدُماً ، والرجال تفرّ من
بين يديه ، وتنحاز عنه يمنة ويسرة ، حتّى خضّب الأرض بدماء القتلى ، ثمّ رجع وقد
انحنى سيفه ، فأقامه بركبته ، فاعصوصب ([833])به أصحابه ، وناشدوه الله في نفسه وفي
الإسلام ، وقالوا : إنّك إن تُصَب يذهب الدين ! فأمسك ونحن نكفيك .
فقال : والله ، ما أُريد بما ترون إلاّ وجه
الله والدار الآخرة . ثمّ قال لمحمّد ابنه : هكذا تصنع يابن الحنفيّة . فقال الناس
: مَن الذي يستطيع ما تستطيعه ياأمير المؤمنين ([834])!!
وكان علي (عليه السلام)يحمل فيضرب بسيفه حتّى
ينثني ، ثمّ يرجع فيقول : لا تلوموني ولوموا هذا . ثمّ يعود فيقوِّمه ([835]).
وخرج عبدالله بن خلف الخزاعي وهو رئيس البصرة
، وأكثر أهلها مالا وضياعاً فطلب البراز ، وسأل ألاّ يخرج إليه إلاّ علي (عليه
السلام) ، وارتجز فقال :
أبا تراب ادنُ منّي فِتْرا *** فإنّني دان
إليك شبرا
وإنّ في صدري عليك غِمرا
فخرج إليه علي (عليه السلام)، فلم يُمهله أن
ضربه ففلق هامته ([836]).
وفي رواية : انفرق علي (عليه السلام) يريد
أصحابه ، فصاح به صائح من ورائه ، فالتفت وإذا بعبدالله بن خلف الخزاعي وهو صاحب
منزل عائشة بالبصرة ، فلمّا رآه علي عرفه ، فناداه : ما تشاء يابن خلف ؟
قال : هل لك في المبارزة ؟
قال علي : ما أكره ذلك ، ولكن ويحك يابن خلف
ما راحتك في القتل وقد علمتَ من أنا !
فقال عبدالله بن خلف : دعني من مدحك يابن أبي
طالب ، وادنُ منّي لترى أيّنا يقتل صاحبه ! ثمّ أنشد شعراً ، فأجابه علي عليه ،
والتقوا للضرب ، فبادره عبدالله بن خلف بضربة دفعها علي بحَجَفَته ([837])، ثمّ انحرف عنه علي (عليه السلام) فضربه ضربة رمى
بيمينه ، ثمّ ضربه أُخرى فأطار قحف رأسه ([838]).
وتناول عبدالله بن أبزى خطام الجمل ، وكان
كلّ من أراد الجدّ في الحرب وقاتل قتال مستميت يتقدّم إلى الجمل فيأخذ بخطامه ،
ثمّ شدّ على عسكر علي (عليه السلام)وقال :رحمك الله وجزاك عن الحقّ خيراً .
ولمّا كثرت القتلى ، قال الإمام (عليه
السلام): ارشقوا الجمل بالنبل ، واعقروه وإلاّ فنيت العرب ، ولا يزال السيف قائماً
، حتّى يهوي هذا البعير إلى الأرض ، فقطعوا قوائمه ، فوقف أهل البصرة تحته ، ولمّا
رأى الإمام الموت عند الجمل وضع سيفه على عاتقه ، وعطف نحوه وتبعه أصحابه ، وفيهم
عمّار والأشتر ، واشتدّ القتال ، واستماتت بنو ضبّة دون الجمل ، حتّى قتل منهم
مقتلة عظيمة ، ولكن الإمام (عليه السلام)وصل مع جماعة من أصحابه إلى الجمل ، وأمر
أحدهم بضربه ، فضرب عجز الجمل بالسيف فوقع لحينه على الأرض ، وعجّ عجيجاً لم يسمع
بأشدّ منه ، ففرّت الرجال ، كما يطير الجراد المنتشر في الريح الشديد ، واحتملت
عائشة بهودجها إلى بعض الدور في البصرة .
وفي رواية :لما استعر القتال ، واقتتلوا
قتالا شديداً صاح الإمام (عليه السلام): ما أراه يقاتلكم غير هذا
الهودج ، اعقروا الجمل أو عرقبوه ، فإنّه شيطان .
أو قال : اعقروه وإلاّ فنيت العرب لا زال
السيف قائماً وراكعاً ، يحصد الرؤوس حتّى يهوي هذا البعير إلى الأرض .
فضرب عجز الجمل (عسكر) فوقع لحينه ، وضرب
بجرانه الأرض ، وعجّ عجيجاً لم يسمع بأشدّ منه ، فما هو إلاّ أن صُرع حتّى فرّ
الرجال كما يطير الجراد في الريح الشديد الهبوب ، وسقط الهودج .
فصاح الإمام اقطعوا البطان . فقطعه محمّد بن
أبي بكر أخو عائشة وكان من أصحاب الإمام وأُخرج الهودج فقالت عائشة : من أنت ؟
فقال محمّد : أبغضُ أهلِكِ إليك .
فقالت عائشة : ابن الخثعمية ([839])؟
فقال محمّد : نَعَم ، ولم تكن دون أُمّهاتك .
فقالت عائشة : لعمري بل هي شريفة دع عنك هذا
، الحمد لله الذي سلّمك .
فقال محمّد : قد كان ذلك ما تكرهين .
فقالت عائشة : ياأخي لو كرهته ما قلت الذي
قلته .
فقال محمّد : كنت تحبّين الظفر وأنّي قتلت ؟
فقالت عائشة : قد كنت أُحبّ ذلك ، ولكنّه
لمّا صرنا إلى ما صرنا إليه أحببتُ سلامتك لقرابتي منك ، فأكفف ، ولا تعقب الأُمور
، وخذ الظاهر ولا تكن لومة ولا عذلة ([840]).
وقال الإمام علي (عليه السلام)بعد انتصاره في
المعركة : لا تهتكنّ ستراً ، ولا تدخلنّ داراً ، ولا تهيجنّ امرأة بأذى ، وإن شتمن
أعراضكم وسفّهن أُمراءكم وصلحاءكم ، فإنّهنّ ضعاف ([841]).
وقال خليد العصري : سمعت أمير المؤمنين
علياً (عليه السلام) يقول يوم النهروان : أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله)
بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين ([842]).
----------
([638]) الزخرف 41 .
([639]) الفرائد ، الحمويني ، الباب 27 ، 29 ، الكفاية ،
الكنجي 69 ، كنز العمال 6 / 154 ، الاستيعاب 3 / 53 ، ميزان الاعتدال ، الذهبي 2 /
263 ، مجمع الزوائد 3 / 239 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 139 ، أُسد الغابة
4 / 114 ، تاريخ بغداد 8 / 340 ، فرائد السمطين 1 / 284 ، كفاية الطالب 169 ،
البداية والنهاية 7 / 338 .
([640]) الفردوس 3 / 154 / 4417 ، الدرّ المنثور 7 / 380
.
([641]) حلية الأبرار ، البحراني 2 / 25 ، البحار 97 /
366 ، شرح النهج 1 / 222 ، الجمل ، المفيد 89 ، أعلام الورى ، الطبرسي 1 / 237 .
([642]) يَنْبُع : بليدة بالقرب من المدينة ، بها عيون
وحضر وحصن (تقويم البلدان 89) .
([643]) الجمل 164 .
([644]) المناقب للخوارزمي ، طبعة مكتبة نينوى 112 وطبعة
مؤسسة النشر الإسلامي 178 / 216 وفيه جميع ضمائر المثنّى بصيغة الجمع ، تذكرة
الخواص 59 نحوه ، وراجع الكافئة 14 / 12 و13 .
([645]) دعائم الإسلام 1 / 384 ، المناقب لابن شهر آشوب
2 / 111 نحوه وفيه من « قالا : ليس كذلك ... » ، بحار الأنوار 41 / 116 / 23 .
([646]) الصراط المستقيم 3 / 164 ، الجمل ، المدني 24 ،
البحار 32 / 142 ، تاريخ ابن الاثير 3 / 80 ، تاريخ الطبري 4 / 459 ، تذكرة الخواص
، ابن الجوزي 61 ،الإمامة والسياسة 1 / 49 ، السيرة الحلبية 3 / 286 ، المناقب
للخوارزمي 117 .
([647]) الإمامة والسياسة 1 / 79 .
([648]) الامامة والسياسة 1 / 80، 59 .
([649]) الحوأب منطقة في الطريق ، وفيها بساتين ، ونهر
يسمّى بالحوأب ، وهو على مسير يومين أو ثلاث عن البصرة .
([650]) في المصدر : « منبه » وهو تصحيف ، والصحيح ما
أثبتناه .
([651]) الإمام والسياسة 1 / 79 ، وراجع تاريخ الطبري 4
/ 450 ، والكامل في التاريخ 2 / 314 ، والبداية والنهاية 7 / 231 .
([652]) في المصدر : « أسلمها » ، والصحيح ما أثبتناه
كما يقتضيه السياق .
([653]) الفتوح 2 / 453 .
([654]) تاريخ الطبري 4 / 452 ، أنساب الأشراف 3 / 21
نحوه وزاد فيه « قالوا : فنسير إلى الشام فيه الرجال والأموال وأهل الشام شيعة
لعثمان ، فنطلب بدمه ونجد على ذلك أعواناً وأنصاراً ومشايعين . فقال قائل منهم :
هناك معاوية وهو والي الشام والمطاع به ، ولن تنالوا ما تريدون ، وهو أولى منكم
بما تحاولون لأنّه ابن عمّ الرجل » بعد « بأهل المدينة » .
([655]) الكامل في التاريخ 2 / 322 ، وراجع تاريخ الطبري
4 / 472 وفيه نصّ الكتاب والبداية والنهاية : 7 / 234 .
([656]) تاريخ الطبري 4 / 476 ، الكامل في التاريخ 2 /
319 ، العقد الفريد 3 / 317 ، شرح نهج البلاغة : 6 / 226 عن الحسن البصري ; رجال
الكشّي 1 / 284 / 120 ، الجمل 431 والأربعة الأخيرة نحوه وراجع البداية والنهاية 7
/ 234 .
([657]) الجمل ، المدني 47 ، البحار 31 / 639 ، الصراط
المستقيم 3 / 142 ، صحيح البخاري 6 / 188 ، صحيح مسلم 2 / 503 .
([658]) شرح النهج 6 / 224 ، البحار 32 / 138 .
([659]) الجمل 233 ، وراجع شرح الأخبار 1 / 401 / 351 .
([660]) تاريخ الطبري 4 / 451 ، الكامل في التاريخ 2 /
314 .
([661]) أيِّد : أي قويّ (النهاية 1 / 84) .
([662]) جِلال كلّ شيء : غطاؤه (لسان العرب 11 / 118) .
([663]) شرح نهج البلاغة 6 / 224 ، بحار الأنوار 32 /
138 / 112 .
([664]) المصدر السابق .
([665]) تذكرة الخواص 172 ، البحار 42 / 197 ، الاستيعاب
3 / 60 ، شرح النهج 9 / 117 ، شواهد التنزيل ، الحسكاني 2 / 436 ، تاريخ دمشق 42 /
546 ، المناقب ، ابن الدمشقي 2 / 86 ، سبل الهدى ، الشامي 11 / 305 .
([666]) شرح النهج 9 / 114 .
([667]) تاريخ الطبري 2 / 486 .
([668]) الأحزاب 33 .
([669]) سنن البخارى باب فرض الخمس 5 / 177 ،تاريخ
الطبرى 3 / 202، الامامة والسياسة 1 / 14 ،اعلام النساء 3 / 314 ،سنن مسلم ح 1259
.
([670]) المعجم الكبير 3 / 88 / 2749 عن أبي ليلى ، حلية
الأولياء 1 / 63 ، بشارة المصطفى 109 عن سلمان عنه (صلى الله عليه وآله) .
([671]) تذكرة الخواص 172 ، البحار 42 / 197 ، الاستيعاب
3 / 60 ، شرح النهج 9 / 117 ، شواهد التنزيل ، الحسكاني 2 / 436 ، تاريخ دمشق 42 /
546 ، المناقب ، ابن الدمشقي 2 / 86 ، سبل الهدى ، الشامي 11 / 305 .
([672]) الفرائد ، الحمويني ، الباب 27 ، 29 ، الكفاية ،
الكنجي 69 ، كنز العمّال 6 / 154 ، الاستيعاب 3 / 53 ، ميزان الاعتدال ، الذهبي 2
/ 263 ، مجمع الزوائد 3 / 239 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 139 ، أُسد
الغابة 4 / 114 ، تاريخ بغداد 8 / 340 ، فرائد السمطين 1 / 284 ، كفاية الطالب 169
، البداية والنهاية 7 / 338 .
([673]) سورة الزخرف 41 .
([674]) الفرائد ، الحمويني ، الباب 27 ، 29 ، الكفاية ،
الكنجي 69 ، كنز العمّال 6 / 154 ، الاستيعاب 3 / 53 ، ميزان الاعتدال ، الذهبي 2
/ 263 ، مجمع الزوائد 3 / 239 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 139 ، أُسد
الغابة 4 / 114 ، تاريخ بغداد 8 / 340 ، فرائد السمطين 1 / 284 ، كفاية الطالب 169
، البداية والنهاية 7 / 338 .
([675]) الفرائد ، الحمويني ، الباب 27 ، 29 ، الكفاية ،
الكنجي 69 ، كنز العمّال 6 / 154 ، الاستيعاب 3 / 53 ، ميزان الاعتدال ، الذهبي 2
/ 263 ، مجمع الزوائد 3 / 239 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 139 ، أُسد
الغابة 4 / 114 ، تاريخ بغداد 8 / 340 ، فرائد السمطين 1 / 284 ، كفاية الطالب 169
، البداية والنهاية 7 / 338 .
([676]) الجمل 80 ، الشافي 3 / 61 ، كنز الفوائد 2 / 175
، علل الشرائع 222 عن الإمام علي (عليه السلام)عنه (صلى الله عليه وآله)وفيه «
أُمرت بقتال » بدل « تقاتل بعدي » وفي ذيله : وروي هذا الحديث من ثمانية عشر وجهاً
; شرح نهج البلاغة 1 / 201 و 13 / 183 .
([677]) الشَعَفَات : جمع شعفة ; وهي رؤوس الجبال (تاج
العروس 12 / 305) .
([678]) المستدرك على الصحيحين 3 / 150 / 4675 .
([679]) المستدرك ، الحاكم 3 / 137 ، كنز العمّال 3 /
157 ، 6 / 157 ، مجمع الزوائد ، الهيثمي 9 / 121 ، حلية الأولياء 1 / 63 ـ 64 ،
تاريخ بغداد 11 / 112 ، 13 / 122 ، الإصابة ، ابن حجر 4 / 170 ـ 171 .
([680]) الفرائد ، الحمويني ، الباب 27 ، 29 ، الكفاية ،
الكنجي 69 ، كنز العمّال 6 / 154 ، الاستيعاب 3 / 53 ، ميزان الاعتدال ، الذهبي 2
/ 263 ، مجمع الزوائد 3 / 239 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 139 ، أُسد
الغابة 4 / 114 ، تاريخ بغداد 8 / 340 ، فرائد السمطين 1 / 284 ، كفاية الطالب 169
، البداية والنهاية 7 / 338 .
([681]) معاني الأخبار 204 / 1 عن المفضّل بن عمر ،
الأمالي للصدوق 464 / 620 ، الأمالي للطوسي 425 / 952 ، بشارة المصطفى 590
والثلاثة الأخيرة عن المفضّل بن عمر عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه (عليهم
السلام) ، الاحتجاج 1 / 462 / 106 عن أُمّ سلمة .
([682]) النّزق : خفّة في كلّ أمر وعجلة في جهل وحُمق ;
نزق ينزق فهو نزق (لسان العرب /10 352) .
([683]) السحنة : بشرة الوجه وهيأته وحاله (النهاية 2 /
348) .
([684]) العيبة : وعاء من أدم يكون فيها المتاع ، والعرب
تكنّي عن الصدور والقلوب التي تحتوي على الضمائر المخفاة بالعياب (لسان العرب 1 /
634) .
([685]) الفرائد ، الحمويني ، الباب 27 ، 29 ، الكفاية ،
الكنجي 69 ، كنز العمّال 6 / 154 ، الاستيعاب 3 / 53 ، ميزان الاعتدال ، الذهبي 2
/ 263 ، مجمع الزوائد 3 / 239 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 139 ، أُسد
الغابة 4 / 114 ، تاريخ بغداد 8 / 340 ، فرائد السمطين 1 / 284 ، كفاية الطالب 169
، البداية والنهاية 7 / 338 .
([686]) المناقب للخوارزمي 86 / 77 ، تاريخ دمشق 42 /
470 / 9042 ، علل الشرائع 65 / 3 عن عبدالله بن عباس وكلاهما نحوه .
([687]) الأمالي للصدوق 641 / 867 عن ابن عباس ، بحار
الأنوار 38 / 107 / 35 .
([688]) الفرائد ، الحمويني ، الباب 27 ، 29 ، الكفاية ،
الكنجي 69 ، كنز العمّال 6 / 154 ، الاستيعاب 3 / 53 ، ميزان الاعتدال ، الذهبي 2
/ 263 ، مجمع الزوائد 3 / 239 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 139 ، أُسد
الغابة 4 / 114 ، تاريخ بغداد 8 / 340 ، فرائد السمطين 1 / 284 ، كفاية الطالب 169
، البداية والنهاية 7 / 338 .
([689]) سورة الفتح 10 .
([690]) سورة الجنّ 15 .
([691]) تاريخ بغداد 8 / 340 / 4447 عن خليد العصري ،
تاريخ دمشق 42 / 468 عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جدّه عنه (عليهم السلام)
وص470 عن خليد القصري ، البداية والنهاية 7 / 306 عن خليد المصري ; شرح الأخبار 1
/ 338 / 306 عن خالد بن الأعصري وج2 / 38 / 408 .
([692]) مسند أبى يعلى 1 / 269 / 515 ، تاريخ دمشق 42 /
468 ، أُسد الغابة 4 / 108 / 3789 ، البداية والنهاية 7 / 305 كلّها عن علي بن
ربيعة .
([693]) الخصال 145 / 171 عن علقمة ، علل الشرائع 222 ،
عيون أخبار الرضا 2 / 61 / 241 عن الحسن بن عبدالله الرازي عن الإمام الرضا عن
آبائه عنه (عليهم السلام) ، الخرائج والجرائح 1 / 199 / 39 ; تاريخ دمشق 42 / 469
عن عمرو وأبي سعيد التيمي وإبراهيم بن علقمة ، المعجم الأوسط 8 / 213 / 8433 عن
ربيعة بن ناجد ، البداية والنهاية 7 / 305 عن علقمة .
([694]) دعائم الإسلام 1 / 388 ، شرح الأخبار 1 / 339 /
308 ، تاريخ دمشق 42 / 469 ، البداية والنهاية 7 / 306 كلاهما عن سعد بن جنادة ،
المناقب للخوارزمي 176 / 212 عن أبي سعيد التميمي وكلّها نحوه .
([695]) وَجْبَة قلبه : أي خفقانه (النهاية 5 / 154) .
([696]) رجّة صدره : اضطرابه (انظر النهاية 2 / 198) .
([697]) نهج البلاغة الخطبة 192 ، غرر الحكم 2790 ، عيون
الحكم والمواعظ 109 / 2397 ، بحار الأنوار 14 / 457 / 37 .
([698]) الأمالي للطوسي 726 / 1526 عن عبدالله بن شريك
عن أبيه ، الملاحم والفتن 222 / 320 عن عبدالله بن شريك نحوه .
([699]) تفسير العياشي 2 / 78 / 25 عن الحسن البصري ،
مجمع البيان 5 / 18 ، المناقب لابن شهر آشوب 3 / 147 وزاد في آخره « إنّهم لا
إيمان لهم لعلّهم ينتهون » .
([700]) الفرائد ، الحمويني ، الباب 27 ، 29 ، الكفاية ،
الكنجي 69 ، كنز العمّال 6 / 154 ، الاستيعاب 3 / 53 ، ميزان الاعتدال ، الذهبي 2
/ 263 ، مجمع الزوائد 3 / 239 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 139 ، أُسد
الغابة 4 / 114 ، تاريخ بغداد 8 / 340 ، فرائد السمطين 1 / 284 ، كفاية الطالب 169
، البداية والنهاية 7 / 338 .
([701]) تفسير القمّي 1 / 283 .
([702]) سورة الفتح 10 .
([703]) سورة الجنّ 15 .
([704]) شرح نهج البلاغة 13 / 182 .
([705]) شرح النهج 1 / 231 ،8 / 138 .
([706]) تاريخ الطبري 3 / 501 ، 512 .
([707]) تاريخ الطبري 3 / 513 .
([708]) تاريخ الطبري 3 / 513 ،تاريخ اليعقوبى
179/2الغارات، الثقفى 2 / 922 ،البداية والنهاية 7 / 235 ،شرح النهج 14 / 20 ،بهج
الصباغة 6 / 372 ،تاريخ ابن خلدون 2 / 160 .
([709]) ما بين المعقوفين سقط من المصدر ، وأثبتناه من
الدرجات الرفيعة .
([710]) زايلوهم : أي فارقهم في الأطفال التي لا تُرضي
الله ورسوله (النهاية 2 / 325) .
([711]) بلاغات النساء 9 ، العقد الفريد 3 / 98 ، البيان
والتبيين ، الجاحظ 2 / 210 ، الإمامة والسياسة 1 / 60 ، شرح النهج 2 / 499 .
([712]) العقد الفريد ، ابن عبد ربّه 4 / 293 .
([713]) تاريخ الطبري 3 / 486 .
([714]) العقد الفريد 4 / 304 .
([715]) بلاغات النساء 9 ، العقد الفريد 3 / 98 ، البيان
والتبيين ، الجاحظ 2 / 210 ، الإمامة والسياسة 1 / 60 ، شرح النهج 2 / 499 ،
البحار 32 / 139 ، الاستيعاب 4 / 361 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 157 ، مروج الذهب 2 /
357 ، أُسد الغابة 4 / 134 ، العقد الفريد 2 / 278 ، المعيار والموازنة 57 .
([716]) تاريخ الطبري 4 / 469 ، الكامل في التاريخ 2 /
319 ، مروج الذهب 2 / 367 ، أنساب الأشراف 3 / 26 ، الإمامة والسياسة 1 / 88 ،
تاريخ اليعقوبي 2 / 181 .
([717]) الجمل 284 .
([718]) تاريخ الطبري 4 / 468 ، الكامل في التاريخ 2 /
319 نحوه .
([719]) أبو بكرة هو الذي كان يحثّ الأحنف بن قيس على
الاعتزال وينهاه عن الوقوف إلى جانب الإمام علي (عليه السلام) ، استناداً إلى
الحديث النبوي : « إذا تواجه مسلمان بسيفيها فكلاهما من أهل النار » (صحيح البخاري
6 / 2594 / 672) .
لكنّه شخصيّاً كان يميل إلى نصرة عائشة ، غير
أنّه بعد ذكر هذا الحديث اعتزل الفريقين .
نقل ابن حجر عن ابن التين : كلام أبي بكرة
يدلّ على أنّه لولا عائشة لكان مع طلحة والزبير ; لأنّه لو تبيّن له خطؤهما لكان
مع علي (فتح الباري 13 / 56) .
([720]) صحيح البخاري 6 / 2600 / 6686 ، السنن الكبرى 3
/ 127 / 5128 ، البداية والنهاية 6 / 212 ، العمدة 454 / 948 كلّها نحوه ، بحار
الأنوار 32 / 194 / 143 .
([721]) مروج الذهب ، المسعودي 2 / 358 .
([722]) بلاغات النساء 9 ، العقد الفريد 3 / 98 ، البيان
والتبيين ، الجاحظ 2 / 210 ، الإمامة والسياسة 1 / 60 ، شرح النهج 2 / 499 ،
البحار 32 / 139 ، الاستيعاب 4 / 361 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 157 ، مروج الذهب 2 /
357 ، أُسد الغابة 4 / 134 ، العقد الفريد 2 / 278 ، المعيار والموازنة 57 .
([723]) الإرشاد 1 / 246 ، الكافئة 19 / 19 ; شرح نهج
البلاغة 1 / 233 نحوه .
([724]) تاريخ الطبري 4 / 453 ، الكامل في التاريخ 2 /
315 وفيه « لأيتام » بدل « لأبنائهم » .
([725]) بئر ميمون : بئر بمكّة منسوبة إلى ميمون بن خالد
الحضرمي (معجم البلدان 1 / 302) .
([726]) ثَعَبَ الماء والدم ونحوهما : فجّره ، فانَثَعب
كما ينثعب الدم من الأنف (لسان العرب 1 / 236) .
([727]) تاريخ الطبري 4 / 454 ، الكامل في التاريخ 2 /
314 نحوه .
([728]) رام الشيء : طلبه (لسان العرب 12 / 258) .
([729]) الجمل 281 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 181 نحوه وراجع
مروج الذهب 2 / 367 وشرح نهج البلاغة 9 / 320 ، والفتوح 2 / 459 .
([730]) بلاغات النساء 9 ، العقد الفريد 3 / 98 ، البيان
والتبيين ، الجاحظ 2 / 210 ، الإمامة والسياسة 1 / 60 ، شرح النهج 2 / 499 ،
البحار 32 / 139 ، الاستيعاب 4 / 361 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 157 ، مروج الذهب 2 /
357 ، أُسد الغابة 4 / 134 ، العقد الفريد 2 / 278 ، المعيار والموازنة 57 .
([731]) الثقات ،ابن حبان 5 / 333 ، الجمل ، المفيد 173 .
([732]) العقد الفريد 3 / 98 ، البيان والتبيين ،
الجاحظ 2 / 210 ، الإمامة والسياسة 1 / 60 ، شرح النهج 2 / 499 ، البحار 32 / 139
، الاستيعاب 4 / 361 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 157 ، مروج الذهب 2 / 357 ، أُسد الغابة
4 / 134 ، العقد الفريد 2 / 278 ، المعيار والموازنة 57 ، بلاغات النساء 9 .
([733]) والحديث رواه أيضاً يوسف بن حاتم الشامي في قصّة
حرب الجمل من كتاب الدرّ النظيم الورق 114 . ولكن واأسفاه من بقاء هذا الكتاب
وأمثاله غير منشور مع حاجة المجتمع إليها ، وإلى الله المشتكى من غفلة
العلماء وكسلة الفضلاء وسفلة الزملاء وبخل التجّار والأغنياء !
([734]) إشارة إلى ما أجرمت هي وزميلتها على رسول الله
(صلى الله عليه وآله) حتّى نزلت في تهديدهما وعظم جرمهما الآية الأُولى إلى الآية
الرابعة من سورة التحريم : (66) وهذا نصّ الآية الرابعة : (إِنْ تَتُوبَا إِلَى
اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ
مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ
ظَهِيرٌ) .
([735]) البحار 32 / 91 ، شرح النهج 14 / 12 .
([736]) تاريخ ابن أعثم 2 / 168 ، شرح النهج ، المعتزلي
2 / 77 ،6 ،217 .
([737]) الجمل ، المفيد 125 .
([738]) سنن البخارى 5 / 177 ،تاريخ الطبرى 3 / 202،
الامامة والسياسة 1 / 14 .
([739]) تاريخ الطبري 5 / 94 ، تاريخ ابن خلدون 2 / 39 .
([740]) الفتنة الكبرى 1 / 116 .
([741]) الإصابة 3 / 85 .
([742]) مُنْيَة هذه هي أُمّه ، وقد اشتهر بالنسبة إليها
، وهي مُنية بنت غزوان . وأمّا أبوه فهو أُميّة بن أبي عبيدة التميمي المكّي .
([743]) المعارف لابن قتيبة 276 .
([744]) المعارف لابن قتيبة 276 .
([745]) الإصابة 6 / 539 / 9379 ، أُسد الغابة 5 / 486 /
5647 ، تهذيب الكمال 32 / 380 / 7110 ، سير أعلام النبلاء 3 / 101 / 20 وفيهما «
كان عامل عمر على نجران » .
([746]) الجمل 233 .
([747]) تاريخ الطبري 4 / 450 ، الكامل في التاريخ 2 /
313 ، الفتوح 2 / 453 ، وفيه « ومعه أربعمائة بعير » البداية والنهاية 7 / 231 .
([748]) أُسد الغابة 5 / 487 / 5647 ، مروج الذهب 2 /
366 ، العقد الفريد 3 / 323 وفيه « وجهّز من ماله خمسمائة فارس بأسلحتهم وأزودتهم
» ، سير أعلام النبلاء 3 / 101 / 20 وفيه « فأنفق أموالا جزيلة في
العسكر كما ينفق الملوك » ، الكامل في التاريخ 2 / 314 ، البداية والنهاية 7 / 231
وفيهما « ستمائة بعير وستمائة الف درهم » .
([749]) الكامل في التاريخ 2 / 315 ، المعارف لابن قتيبة
276 ، أُسد الغابة 5 / 487 / 5647 ، العقد الفريد 3 / 323 ، الفتوح 2 / 468 ،
البداية والنهاية 7 / 231 .
([750]) أُسد الغابة 5 / 487 / 5647 ، تهذيب الكمال 32 /
380 / 7110 ، سير أعلام النبلاء 3 / 101 / 20 .
([751]) تهذيب الكمال 32 / 381 / 7110 ، سير أعلام
النبلاء 3 / 101 / 20 ، الإصابة 6 / 539 / 9379 ، أُسد الغابة 5 / 487 / 5647 ،
مختصر تاريخ دمشق 28 / 58 / 40 وفيهما « ثمّ صار من أصحاب علي وقتل معه بصفّين » .
([752]) أي المردوع ; من رَدَعه إذا كفّه (هامش المصدر)
.
([753]) الرَّأب : الجمع والشدّ برفق (النهاية 2 / 176)
.
([754]) شرح نهج البلاغة 10 / 233 .
([755]) ما جلب من خيل واثبل ومتاع .
([756]) شرح النهج 1 / 231 .
([757]) الجمل 268 ، شرح النهج 1 / 310 ، البحار 32 / 63
.
([758]) سورة التوبة 12 .
([759]) دون سلاح، نيل الاوطار، الشوكانى 8 / 166 .
([760]) كان كفّار مكّة يفسّرون معاجز النبي (صلى الله
عليه وآله) بالسحر وطلحة على نهجهم ، وعائشة على اعتقادهم أيضاً فلم تهتمّ بنباح
كلاب الحوأب لها !!
([761]) الامالي ، الطوسي 138 ، البحار 92 / 205 .
([762]) سورة الحجرات 9 .
([763]) شرح النهج 2 / 170 ، تاريخ الطبري 5 / 199 ،
مختصر تاريخ ابن عساكر 5 / 364 ، الاستيعاب 3 / 203 ، أُسد الغابة 2 / 199 ، تاريخ
ابن الأثير 3 / 94 ، العقد الفريد 4 / 322 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 366 ، كنز
العمّال 6 / 82 .
([764]) تاريخ الطبري 2 / 477 .
([765]) تاريخ الطبري 2 / 477 .
([766]) تاريخ الطبري 3 / 477 .
([767]) العقد الفريد ، ابن عبد ربّه 4 / 303 .
([768]) العقد الفريد ، ابن عبد ربّه 4 / 304 .
([769]) العقد الفريد ، ابن عبد ربّه 4 / 305 .
([770]) المصدر السابق 4 / 306 .
([771]) شرح النهج 2 / 170 ، تاريخ الطبري 5 / 199 ،
مختصر تاريخ ابن عساكر 5 / 364 ، الاستيعاب 3 / 203 ، أُسد الغابة 2 / 199 ، تاريخ
ابن الأثير 3 / 94 ، العقد الفريد 4 / 322 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 366 ، كنز
العمّال 6 / 82 .
([772]) تاريخ الإسلام للذهبي 3 / 485 ، العقد الفريد 3
/ 314 ، تاريخ خليفة بن خيّاط 138 ، الإمامة والسياسة 1 / 90 ، الجمل 319 .
([773]) الفتوح ، ابن أعثم 1 / 472 .
([774]) الإمامة والسياسة 1 / 90 ، الجمل 319 وزاد فيه «
ثمّ الجملي » .
([775]) تاريخ الإسلام للذهبي 3 / 485 ، العقد الفريد 3
/ 314 ، تاريخ خليفة بن خيّاط 138 ، الإمامة والسياسة 1 / 90 ، تاريخ الطبري 4 /
480 وفيه « أبو ليلى بن عمر بن الجراح » ، الجمل 319 .
([776]) العقد الفريد 3 / 314 ، تاريخ الإسلام للذهبي 3
/ 485 ، تاريخ خليفة بن خيّاط 138 وفيهما : « علباء بن الهيثم السدوسي ويقال
عبدالله بن جعفر ويقال الحسن بن علي » على نحو الترديد بينهم ، تاريخ الطبري 4 /
480 وفيه « عبدالله بن عباس » ، الأخبار الطوال 147 وفيه « الأشتر » ، هامش تاريخ
دمشق 13 / 260 .
([777]) تاريخ دمشق 14 / 187 ، تاريخ الإسلام للذهبي 3 /
485 ، العقد الفريد 3 / 314 ، تاريخ خليفة بن خيّاط 138 ، تاريخ الطبري 4 / 480
وفيه « عمر بن أبي سلمة أو عمرو بن سفيان بن عبدالأسد » ، الأخبار الطوال 147 وفيه
« عمّار بن ياسر » .
([778]) تاريخ الطبري 4 / 480 ، تاريخ الإسلام للذهبي 3
/ 485 ، العقد الفريد 3 / 314 ، الأخبار الطوال 147 ، تاريخ خليفة بن خيّاط 138 .
([779]) لمزيد الاطّلاع حول قادة جيش الإمام (عليه
السلام) راجع الفتوح 2 / 468 .
([780]) الفتوح ، ابن أعثم 1 / 472 .
([781]) تاريخ الإسلام للذهبي 3 / 485 ، العقد الفريد 3
/ 314 ، تاريخ خليفة بن خيّاط 138 ، الإمامة والسياسة 1 / 89 ، الفتوح 2 / 461 ،
الأخبار الطوال 146 وفيه « محمّد بن طلحة » .
([782]) الجمل 324 ، الفتوح 2 / 461 ، الإمامة والسياسة
1 / 89 وفيه « على المقدّمة مروان » ، تاريخ الإسلام للذهبي 3 / 485 ، تاريخ خليفة
بن خيّاط 138 وفيهما « على الميسرة » .
([783]) الجمل 324 ، الفتوح 2 / 461 .
([784]) تاريخ الإسلام للذهبي 3 / 485 ، العقد الفريد 3
/ 314 ، الأخبار الطوال 146 ، تاريخ خليفة بن خيّاط 138 ، الإمامة والسياسة 1 / 89
الفتوح 2 / 461 .
([785]) الجمل 324 ، الفتوح 2 / 461 ، الإمامة والسياسة
1 / 89 وفيه « عبدالرحمن بن عبادة » ، تاريخ الطبري 4 / 507 وفيه « إلى الميسرة »
.
([786]) الجمل 324 ، الأخبار الطوال 147 وفيه « وإلى
الميسرة » ، تاريخ الطبري 4 / 507 ، الكامل في التاريخ 2 / 337 وفيهما « كان قائد
الميمنة ، وفي الأخير : عبدالرحمن بن الحرث » ، الفتوح : 2 / 461 وفيه « حاتم بن
بكير الباهلي » ، الإمامة والسياسة 1 / 89 وفيه « وعلى الميسرة هلال بن وكيع » .
([787]) الأخبار الطوال 147 ، الكامل في التاريخ 2 / 335
و337 ، نهاية الأرب 20 / 68 ، البداية والنهاية 7 / 240 ، وراجع تاريخ الطبري 4 /
510 .
([788]) تاريخ الطبري 4 / 451 ، الكامل في التاريخ 2 /
323 ، الفتوح 2 / 456 .
([789]) تاريخ الطبري 4 / 539 ، العقد الفريد 3 / 324 ،
الكامل في التاريخ 2 / 346 ، مروج الذهب 2 / 360 ، البداية والنهاية 7 / 245 .
([790]) العقد الفريد 3 / 324 .
([791]) مروج الذهب 2 / 360 .
([792]) تاريخ الطبري 4 / 539 .
([793]) تاريخ الطبري 4 / 539 ، الكامل في التاريخ 2 /
346 ، البداية والنهاية 7 / 245 .
([794]) الإرشاد 1 / 246 .
([795]) الجمل 419 .
([796]) تاريخ اليعقوبي 2 / 183 / تاريخ الإسلام للذهبي
3 / 484 .
([797]) أنساب الأشراف 3 / 59 .
([798]) عيون الأخبار لابن قتيبة 1 / 202 ، العقد الفريد
3 / 328 ، وراجع أنساب الأشراف 3 / 59 .
([799]) سمّي « ذو الشهادتين » لأنّ النبي جعل شهادته
شهادة رجلين .
([800]) الجمل 324 ، تاريخ الإسلام للذهبي 3 / 485 ،
العقد الفريد 3 / 314 ، تاريخ خلفية بن خيّاط 138 ، الأخبار الطوال 146 وفيه «
عبدالله بن حرام بن خويلد » .
([801]) لمزيد الإطّلاع حول قادة جيش واقعة الجمل راجع
الفتوح 2 / 461 .
([802]) الأمالي للطوسي 726 / 1527 ، شرح الأخبار 1 /
401 / 350 ، مروج الذهب 2 / 367 ، تاريخ الإسلام للذهبي 3 / 484 ،
تاريخ الإسلام للذهبي 3 / 484 ، تاريخ خليفة بن خيّاط 138 ، العقد الفريد 3 / 314
، شرح الأخبار 2 / 9 / 393 وفيه « وتسعمائة » بدل
« وأربعمائة » وج1 / 382 / 324 نحوه وفيه « سبعمائة رجل من
المهاجرين والأنصار » بدل « ثمانمائة من الأنصار » .
([803]) لانقيادهما . ورد في الاحتجاج 1 / 161 ، ومناقب
آل أبي طالب 2 / 314 ، والبحار 8 / 386 ، ومنهاج البراعة 17 / 33 و34 .
([804]) التاريخ للطبري 3 / 496 ، ومناقب آل أبي طالب
لابن شهر آشوب 2 / 314 ، ومنهاج البراعة 17 / 34 .
([805]) مُنْيَةَ . ورد في الفتوح 2 / 465 ، ونهج
السعادة 1 / 259 و271 ، ووردت الفقرات في المصدرين السابقين 258 و298 ، وأنساب
الأشراف 2 / 237 ، وتاريخ الطبري 3 / 496 ، والعقد الفريد 5 / 67 ، وشرح ابن أبي
الحديد 1 / 309 ، والاحتجاج 1 / 161 ، والبحار 8 / 386 ، ومنهاج البراعة 3 / 316
و17 / 31 ، والمستدرك لكاشف الغطاء 94 ، ومصادر نهج البلاغة 3 / 309 ، ونهج
البلاغة الثاني 140 باختلاف بين المصادر .
([806]) من : والله إلى : حجتهم لعلى أنفسهم ورد في خطب
الشريف الرضي تحت الرقم 22 . وورد باختلاف تحت الرقم 137 .
([807]) ورد في نهج السعادة للمحمودي 1 / 259 .
([808]) شرح ابن أبي الحديد 1 / 310 ، ومنهاج البراعة 3
/ 316 و17 / 22 ، ونهج السعادة 1 / 299 و310 باختلاف بين المصادر .
([809]) من : والله إلى : معاذيره ورد في خطب الشريف
الرضي تحت الرقم 174 .
([810]) ليُلبس الأمر . ورد في المصدر السابق . وهامش
نسخة الآملي 149 ونسخة عبده 373 .
([811]) ورد في البحار للمجلسي 8 / 387 .
([812]) ورد في الإرشاد للمفيد 134 ، وجمهرة الإسلام
(مصوّر عن نسخة مخطوطة) 188 ، وشرح ابن ميثم 1 / 333 ، والبحار للمجلسي (مجلّد
قديم) 8 / 377 و390 ، ومنهاج البراعة 3 / 312 و17 / 46 ، ونهج السعادة 1 / 258
و302 ، ومصادر نهج البلاغة 2 / 309 باختلاف يسير .
([813]) من : ألا وإنّ إلى : خيله ورجله ورد في خطب
الشريف الرضي تحت الرقم 10 وورد مع اختلاف الرواية تحت الرقم 22 .
([814]) شبّه في ذلك وخدع . ورد في البحار للمجلسي
(مجلّد قديم) 8 / 390 ، ونهج السعادة للمحمودي 1 / 302 ، موسوعة الإمام علي (عليه
السلام) ري شهري 5 / 230 .
([815]) تمخّضت . ورد في شرح ابن ميثم 1 / 333 ، والبحار
(مجلّد قديم) 8 / 377 ، ومنهاج البراعة 3 / 312 ، ووردت الفقرة في المصدرين
السابقين ، وجمهرة الإسلام 188 ، ونهج السعادة 1 / 258 و302 .
([816]) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 233 ، ونهج
السعادة 1 / 250 ، ونهج البلاغة الثاني 143 .
([817]) من : كلّ واحد إلى : على هذا . ومن : قد قامت
إلى : لكلّ ناكث شبهة وورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 148 .
([818]) الإرشاد للمفيد 132 ، والبحار (مجلّد قديم) 8 /
389 باختلاف .
([819]) من : وإنّما إلى : العمى ورد في خطب الشريف
الرضي تحت الرقم 38 .
([820]) تاريخ الطبري 3 / 492 .
([821]) المستدرك على الصحيحين 3 / 412 / 5573 ، 5574 ،
5575 ، الرياض النضرة 4 / 249 ، مروج الذهب 2 / 380 ، دلائل النبوّة للبيهقي 6 /
415 ، السيرة الحلبية 3 / 287 .
([822]) أُسد الغابة 2 / 252 / 1732 ، الكامل في التاريخ
2 / 335 ، تاريخ الطبري 4 / 502 ، الاستيعاب 1 / 584 . وانظر أيضاً في مضمون هذه
الأحاديث : الإصابة 3 / 6 ، تهذيب التهذيب 6 / 325 ، كنز العمّال 6 / 82 ، 83 ، 85
، الإمامة والسياسة 63 .
([823]) العقد الفريد 4 / 301 ، تاريخ الطبري 2 / 514 .
([824]) الجمل 368 .
([825]) مروج الذهب 2 / 376 ، وقعة الجمل لضامن بن شدقم
143 ، وراجع شرح نهج البلاغة 1 / 243 ، والمناقب للخوارزمي 187 ، والمناقب لابن
شهر آشوب 3 / 155 ، والصراط المستقيم 2 / 267 ، وبحار الأنوار 32 / 175 و42 / 99 .
([826]) الجمل ، المفيد 196 ، شرح النهج 2 / 170 ، تاربخ
الطبرى 5 / 199 ، مختصر تاريخ ابن عساكر 5 / 364 ، الاستيعاب 3 / 203 ، أُسد
الغابة 2 / 199 ، تاريخ ابن الأثير 3 / 94 ، العقد الفريد 4 / 322 ، المستدرك ،
الحاكم 3 / 366 ، كنز العمّال 6 / 82 .
([827]) الكسعي رجل يضرب به المثل في الندامة .
([828]) العقد الفريد ، ابن عبد ربّه 4 / 299 .
([829]) تاريخ الطبري 3 / 534 .
([830]) العقد الفريد ، ابن عبد ربّه 4 / 302 .
([831]) العقد الفريد 4 / 304 ، أنا أُشكّك في مواجهته
للأشتر البطل .
([832]) النحْط : شبه الزفير (لسان العرب 7 / 412) .
([833]) اعصَوْصبوا : اجتمعوا وصاروا عصابة واحدة
(النهاية 3 / 246) .
([834]) شرح نهج البلاغة 1 / 257 ، وراجع الفتوح 2 / 473
.
([835]) المصنّف لابن أبي شيبة 8 / 706 / 2 ، العقد
الفريد 3 / 324 .
([836]) شرح نهج البلاغة 1 / 261 .
([837]) الحَجَف : ضرب من التِّرسة ، واحدتها حَجَفة .
ويقال التُّرس إذا كان من جلود ليس فيه خشب ولا عقب (لسان العرب 9 / 39) .
([838]) الفتوح 2 / 478 ، المناقب للخوارزمي 188 ، كشف
اليقين 189 / 191 ، كشف الغمّة 1 / 242 وفيهما « ابن أبي خلف الخزاعي » وكلّها
نحوه وراجع شرح نهج البلاغة 1 / 261 .
([839]) كانت أسماء بنت عميس الخثعمي امرأة مؤمنة صالحة
، وكانت زوجة جعفر الطيّار (عليه السلام)ولمّا استشهد في معركة مؤتة ، تزوّجها أبو
بكر وأولدت منه محمّداً هذا ، ولمّا مات عنها أبو بكر تزوّجها أمير المؤمنين (عليه
السلام)وكان محمّد بن أبي بكر صغير السنّ ، فتربّى في كنف الإمام ، فكان ربيبه ومن
أخلص أصحابه كان الإمام (عليه السلام)يقول : محمّد ابني ولكنّه من صلب أبي بكر ،
وكان من أخلص أصحاب الإمام وأحبّهم إليه ، وقد ولاّه أخيراً إمارة مصر من قبله ،
وبدسائس من معاوية وعمرو بن العاص ، تمكّنا من إثارة بعض الغوغائيين عليه فقتلوه ،
وقيل قتل بالعسل المسموم وبعدها ، أُدخل جسده في جوف حمار وأُحرق ، وقبره لحدّ
اليوم شاخص في مصر ومعلوم .
كما أنّ معاوية أرسل من يسمّ الوالي الجديد
على مصر ، في الطريق بالعسل المسموم ، وهو الصحابي الجليل مالك الأشتر النخعي
وعندما علم أمير المؤمنين (عليه السلام) رثاه وقال كلمته المشهورة ، كان مالكاً لي
كما كنت لرسول الله .
([840]) الجمل ، المفيد 196 ، شرح النهج 2 / 170 ، تاربخ
الطبرى 5 / 199 ، مختصر تاريخ ابن عساكر 5 / 364 ، الاستيعاب 3 / 203 ، أُسد
الغابة 2 / 199 ، تاريخ ابن الأثير 3 / 94 ، العقد الفريد 4 / 322 ، المستدرك ،
الحاكم 3 / 366 ، كنز العمّال 6 / 82 .
([841]) تاريخ الطبري 3 / 544 .
([842]) الفرائد ، الحمويني ، الباب 27 ، 29 ، الكفاية ،
الكنجي 69 ، كنز العمّال 6 / 154 ، الاستيعاب 3 / 53 ، ميزان الاعتدال ، الذهبي 2
/ 263 ، مجمع الزوائد 3 / 239 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 139 ، أُسد
الغابة 4 / 114 ، تاريخ بغداد 8 / 340 ، فرائد السمطين 1 / 284 ، كفاية الطالب 169
، البداية والنهاية 7 / 338 .