أحداث ما بعد المعركة

وبعد مقتل الجمل عسكر جاء الإمام فقرع الهودج برمحه وقال  : ياحميراء ، بهذا أوصاك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟!

فقالت : يابن أبي طالب ، ملكت فاصفح وظفرت فاسجع .

فقال الإمام : والله ، ما أدري متى أشفي غيظي ؟ أحين أقدر على الإنتقام يقال لي : لو عفوت ؟! أم حين أعجز من الانتقام فيقال لي : لو صبرت بلى أصبر فإنّ لكلّ شيء زكاة ، وزكاة القدرة والمكنة : العفو والصفح .

ومرّ الامام على الفتلى فمر بعبدالله بن ربيعة بن درّاج وهو في القتلى فقال : هذا البائس ، ما كان أخرجه ; أدينٌ أخرجه ، أم نصر لعثمان ؟! والله ما كان رأي عثمان فيه ولا في أبيه بحسن .

ثمّ مرّ بمعبد بن زهير بن أبي أُميّة فقال : لو كانت الفتنة برأس الثريّا لتناولها هذا الغلام ، والله ما كان فيها بذي نحيزة ([843])، ولقد أخبرني من أدركه وإنّه ليُولول فَرَقاً من السيف .

ثمّ مرّ بمسلم بن قرظة فقال : البرّ أخرج هذا ! والله ، لقد كلّمني أن أُكلّم له عثمان في شيء كان يدّعيه قبله بمكّة ، فأعطاه عثمان وقال : لولا أنت ما أعطيته ، إنّ هذا ما علمت بئس أخو العشيرة ; ثمّ جاء المشوم للحين ينصر عثمان .

ثمّ مرّ بعبدالله بن حميد بن زهير فقال : هذا أيضاً ممّن أوضع في قتالنا ، زعم يطلب الله بذلك ، ولقد كتب إليّ كتباً يؤذي فيها عثمان ، فأعطاه شيئاً ، فرضي عنه .

ومرّ بعبدالله بن حكيم بن حزام فقال : هذا خالف أباه في الخروج ، وأبوه حيث لم ينصرنا قد أحسن في بيعته لنا ، وإن كان قد كفّ وجلس حيث شكّ في القتال ، وما ألوم اليوم من كفّ عنّا وعن غيرنا ، ولكن المليم الذي يقاتلنا !

ثمّ مرّ بعبدالله بن المغيرة بن الأخنس فقال : أمّا هذا فقُتل أبوه يوم قتل عثمان في الدار ، فخرج مغضباً لمقتل أبيه ، وهو غلام حدث حُيّن لقتله .

ثمّ مرّ بعبدالله بن أبي عثمان بن الأخنس بن شريق ، فقال : أمّا هذا فإنّي أنظر إليه وقد أخذ القوم السيوف هارباً يعدو من الصفّ فنَهنتُ ([844]) عنه ، فلم يسمع من نهنهتُ حتّى قتله . وكان هذا ممّا خفي عليّ فتيان قريش ، أغمار ([845])لا علم لهم بالحرب ، خدعوا واستزلّوا ، فلمّا وقفوا وقعوا فقتلوا .

ثمّ مشى قليلا فمرّ بكعب بن سور ([846])فقال : هذا الذي خرج علينا في عنقه المصحف ، يزعم أنّه ناصر أُمّه ، يدعو الناس إلى ما فيه وهو لا يعلم ما فيه ، ثمّ استفتح وخاب كلّ جبّار عنيد ([847]). أما إنّه دعا الله أن يقتلني ، فقتله الله . أجلسوا كعب بن سور ، فأُجلس ، فقال أمير المؤمنين : ياكعب ، قد وجدتُ ما وعدني ربّي حقّاً ، فهل وجدت ما وعدك ربّك حقّاً ؟ ثمّ قال : أضجعوا كعباً .

ومرّ على طلحة بن عبيدالله فقال : هذا الناكث بيعتي ، والمنشئ الفتنة في الأُمّة  ، والمجلب عليَّ ، الداعي إلى قتلي وقتل عترتي ، أجلسوا طلحة . فأُجلس ، فقال أمير المؤمنين : ياطلحة بن عبيدالله ، قد وجدت ما وعدني ربّي حقّاً ، فهل وجدت ما وعد ربّك حقّاً ؟ ثمّ قال : أضجعوا طلحة ، وسار .

فقال له بعض من كان معه : ياأمير المؤمنين ، أتُكلّم كعباً وطلحة بعد قتلهما ؟

قال : أمَ والله ، إنّهما لقد سمعا كلامي كما سمع أهل القليب ([848]) كلام رسول الله  (صلى الله عليه وآله).وبعد نصره الإلهي على جيش الجمل فتح أمير المؤمنين البصرة ودخل بيت المال وقسّم ما فيه فلحق الرجل خمسمائة درهم ، فأخذ هو كأحدهم فجاءه إنسان لم يحضر الواقعة فأعطاه حصّته !

وقال القعقاع : ما رأيت شيئاً أشبه بشيء من قتال القلب يوم الجمل بقتال صفّين ، لقد رأيتنا ندافعهم بأسنّتنا ونتّكئ على أزجّتنا ([849])، وهم مثل ذلك ، حتّى لو أنّ الرجال مشت عليها لاستقلّت بهم ([850]).

وقال ]علي (عليه السلام)[لابنه محمّد بن الحنفيّة : ويحك ! تقدّم بالراية . فلم يستطع ، فأخذها علي (عليه السلام)من يده ، فتقدّم بها ، وجعلت الحرب تأخذ وتعطي ; فتارة لأهل البصرة ، وتارة لأهل الكوفة ، وقتل خلق كثير وجمّ غفير ولم تُرَ وقعة أكثر من قطع الأيدي والأرجل فيها من هذه الوقعة ([851]).

 

عفو الإمام (عليه السلام) عن الأسرى

ثمّ التفت (عليه السلام)إلى محمّد بن أبي بكر وقال : شأنك بأُختك ، فلا يدنو منها أحد سواك .

وعفا عنها الإمام (عليه السلام).

وأمر الإمام (عليه السلام)فاحتملت عائشة بهودجها إلى دار عبدالله بن خلف في البصرة ، وأمر بالجمل أن يحرق ثمّ يذرى رماده في الريح ، وقال (عليه السلام) إشارة إلى الجمل  : لعنه الله من دابّة ، فما أشبهه بعجل بني اسرائيل .

ثمّ تلا : (وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً) ([852]).

ركبت عائشة وهي تقول : فخرتم وغلبتم ، وكان أمر الله قدراً مقدوراً .

ونادى الإمام : يامحمّد بن أبي بكر ، سلها هل وصل إليها شيء من الرماح والسهام ؟ فسألها ، فقالت : نعم ، وصل إليّ سهم ، خدش رأسي وسلمت من غيره ، الله بيني وبينكم .

فقال محمّد : والله ليحكمنّ عليك يوم القيامة ما كان بينك وبين أمير المؤمنين حين تخرجين عليه وتؤلّبين الناس على قتاله وتنبذين كتاب الله وراء ظهرك .

فقالت عائشة : دعنا يامحمّد وقل لصاحبك يحرسني .

فجاء ابن عباس يطلب الأمان لمروان بن الحكم ، فأمره الإمام بإحضاره ، فلمّا حضر قال له الإمام : أتبايع ؟ فقال : نعم وفي النفس ما فيها .

فقال الإمام : الله أعلم بما في القلوب . فلمّا بسط يده ليبايعه أخذ كفّه من كفّ مروان وجذبها ، وقال :

لا حاجة لي فيها ، إنّها كفّ يهودية غادرة لو بايعني بيده عشرين مرّة لنكث بإسته ([853]).

ثمّ قال : هيه يابن الحكم ، خفت على رأسك أن تقع في هذه المعمعة ؟! كلاّ والله  ، حتّى يخرج من صلبك فلان وفلان يسومون هذه الأُمّة خسفاً ويسقونهم كأساً مصبّرة .

قال ابن أبي الحديد المعتزلي :

وأمّا الحلم والصفح ، فكان أحلم الناس عن ذنب ، وأصفحهم عن مسيء ; وقد ظهر صحّة ما قلناه يوم الجمل ; حيث ظفر بمروان بن الحكم وكان أعدى الناس له ، وأشدّهم بغضاً فصفح عنه .

وكان عبدالله بن الزبير يشتمه على رؤوس الأشهاد ، وخطب يوم البصرة فقال : قد أتاك الوغد اللئيم علي بن أبي طالب وكان علي (عليه السلام) يقول : ما زال الزبير رجلا منّا أهل البيت حتّى شبّ عبدالله فظفر به يوم الجمل ، فأخذه أسيراً ، فصفح عنه ، وقال : اذهب فلا أرينّك ; لم يزد على ذلك .

وظفر بسعيد بن العاص بعد وقعة الجمل بمكّة ، وكان له عدوّاً ، فأعرض عنه ولم يقل له شيئاً ([854]).

وبعد هزيمة جيش عائشة نادى منادي الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) : من ألقى سلاحه فهو آمن ومن دخل داره فهو آمن .

ولمّا دخل (عليه السلام)بيت عائشة صاحت النساء وقلن ياقاتل الأحبّة .

فقال : لو كنت قاتل الأحبّة لقتلت مَن في هذا البيت ، وأشار إلى بيت من تلك البيوت ، قد اختفى فيه مروان بن الحكم وعبدالله بن الزبير وعبدالله بن عامر وغيرهم (الوليد بن عقبة وولد عثمان بن عفّان وغيرهم من بني أُميّة) ([855]).

وعفا الإمام علي (عليه السلام)عن هؤلاء بالرغم من ذنبهم الكبير في قتلهم المؤمنين وسرقتهم الأموال .

ولم يحفظ هؤلاء لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) فضله فذهب عبدالله بن عامر ومروان بن الحكم والوليد بن عقبة إلى معاوية فحاربوا علياً (عليه السلام)ثانية في صفّين ، وطالبوا بقطع الماء عنهم ليموتوا عطشاً !

وطلب عثمان من عائشة الوساطة  عند طلحة في قطعه الماء  عنه وتحريض الناس على قتله فأبت عائشة ([856]).

وفرحت عائشة لاحقاً بمقتل علي (عليه السلام) ، وركبت بغلة وهي تقود بني أُميّة لمنع دفن الحسن بن علي (عليهما السلام) إلى جنب جدّه محمّد (صلى الله عليه وآله) .

أمّا عبدالله بن الزبير فجمع بني هاشم (نساءً ورجالا وأطفالا) وهيّأ لهم الحطب ليحرقهم !

 

هل يجوز التمثيل بجثث الموتى ؟

عند مرور جيش قريش إلى المدينة ، مرّوا بقبر أُمّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) آمنة بنت وهب فأرادت هند بنت عتبة (أُمّ معاوية) نبش قبرها في منطقة الأبواء وقالت : لو بحثتم قبر أُمّ محمّد فإن أسروا منكم أحداً فديتم كلّ إنسان بارب من آرابها أي جزء من أجزائها ، فقال بعض قريش لا يفتح هذا الباب وإلاّ نبش بنو بكر موتانا عند مجيئهم ([857]).

ومرّ الحليس سيّد الأحابيش بأبي سفيان وهو يضرب في شدق حمزة (رضي الله عنه)ويقول: ذقه عقق أي ذق طعم مخالفتك لنا وتركك الذي كنت عليه ياعاقّ قومه ، جعل إسلامه عقوقاً ، فقال الحليس يابني كنانة هذا سيّد قريش يفعل بابن عمّه ما ترون .

فقال أبو سفيان : اكتمها عنّي فإنّها زلّة ([858]).

وكانت هند قد أمرت بالتمثيل بجثّة حمزة ولاكت كبده .

وأحرق معاوية جثّة محمّد بن أبي بكر بعد قتله ، إذ جعلوه في جلد حمار وأضرموه بالنار وقيل أنّه فعل به ذلك وبه شيء من الحياة ([859]).

وكان عبدالله بن بديل بن ورقاء الخزاعي على ميسرة علي (عليه السلام) ولمّا قتل أراد معاوية أن يمثّل به .

فقال له عبدالله بن عامر وكان صديقاً لابن بديل : والله لا تركتك وإيّاه ، فوهبه له ، فغطّاه بعمامته وحمله فواراه ([860]).

وسار يزيد على منهج أبيه وجدّته فحملوا رؤوس قتلى كربلاء من العراق إلى الشام على رؤوس الرماح أمام أهلهم ، بعد أن جالت الخيل على جثّة أبي عبدالله الحسين (عليه السلام).

ثمّ أحرق هشام بن عبدالملك بن مروان جثّة زيد بن علي بن الحسين .

بينما لم يمثّل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بجثث قتلى المشركين في بدر وغيرها .

وقال الإمام علي (عليه السلام)قبل معركة الجمل لجيشه : لا تمثّلوا بقتيل ([861]).

فلم يمثّلوا بقتلى الناكثين في الجمل ولا قتلى القاسطين في صفّين ولا قتلى المارقين في النهروان .

هذه هي أخلاق النبي محمّد (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام)خالفها الطغاة حقداً منهم على الإسلام والمسلمين .

 

بيع جثث الموتى

كانت العرب قبل الإسلام تبيع جثث قتلاها . وترتفع أثمان الجثث إن علا صاحبها نسباً وشرفاً وموقعاً .

وبعد ما جاء الإسلام العظيم منع النبي (صلى الله عليه وآله) المسلمين من بيع جثث الموتى .

ففي معركة بدر كان بإمكان النبي (صلى الله عليه وآله) بيع جثث الموتى وخاصّة طغاة قريش وزعمائها من أمثال أبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد وأُميّة بن خلف وعقبة بن أبي معيط .

وفي معركة الخندق طلبت قريش من رسول الله (صلى الله عليه وآله) شراء جثّة عمرو بن عبد ودّ العامري وجثّة نوفل .

فأعطاهم النبي (صلى الله عليه وآله) الجثتين دون ثمن !

ولا يختلف الحكم الشرعي في منع بيع جثث الموتى بين المسلم والكافر .

ففي معركة صفّين وبعدما قُتِل عبيدالله بن عمر أمر معاوية « أن تأتي ربيعة فتبذلنّ في جيفته عشرة آلاف ، ففعلنّ ذلك ، فاستأمرت ربيعة علياً (عليه السلام) ، فقال لهم : إنّما جيفته جيفة كلب لا يحلّ بيعها ، ولكن أجبتهم إلى ذلك فاجعلوا جيفته لبنت هانئ بن قبيصة الشيباني زوجته .

فقالوا لنسوة عبيدالله : إن شئتنّ شددناه إلى ذنب بغل ثمّ ضربناه حتّى يدخل إلى عسكر معاوية ، فصرخنّ وقلن : هذا أشدّ علينا ، وأخبرن معاوية بذلك ، فقال لهن : ائتوا الشيبانية فسلوها أن تكلّمهم في جيفته ، ففعلنّ ، وأتت القوم وقالت : أنا بنت هانئ بن قبيصة ، وهذا زوجي القاطع الظالم ، وقد حذّرته ما صار إليه فهبوا إليّ جيفته ، ففعلوا ([862]).

ولمّا قتل علي (عليه السلام)عمرو بن عبد ودّ ولم يسلبه شيئاً ولم يمثّل به ورأته أُخته هكذا قالت ترثيه :

لكنّ قاتله من لا يقاس به *** أبوه قد كان يدعى بيضة البلد ([863])

 

أسباب بغض عائشة للإمام (عليه السلام)

عن عمر بن أبان قال لمّا ظهر أمير المؤمنين على أهل البصرة جاءه رجال منهم فقالوا ياأمير المؤمنين ما السبب الذي دعا عائشة إلى المظاهرة عليك حتّى بلغت من خلافك وشقاقك ما بلغت ؟ وهي امرأة من النساء لم يكتب عليها القتال ولا فرض عليها الجهاد ولا أرخص لها في الخروج من بيتها ولا التبرّج بين الرجال وليست ممّا تولّته في شيء على حال فقال (عليه السلام)سأذكر أشياء حقدتها عليَّ ليس في واحد منها ذنب إليها ولكنّها تجرّمت بها عليَّ .

أحدها : تفضيل رسول الله لي على أبيها وتقديمه إيّاي في مواطن الخير عليه فكانت تضطغن ذلك ويصعب عليها وتعرفه منه فتتبع رأيه فيه .

وثانيها : لمّا آخى بين أصحابه آخى بين أبيها وبين عمر بن الخطاب واختصّني باخوّته فغلظ ذلك عليها .

وثالثها : أوصى صلوات الله عليه بسدّ أبواب كانت في المسجد لجميع أصحابه إلاّ بابي فلمّا سدّ باب أبيها وصاحبه وترك بابي مفتوحاً في المسجد تكلّم في ذلك بعض أهله فقال صلوات الله عليه ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب علي بل الله عزّوجلّ سدّ أبوابكم وفتح بابه فغضب لذلك أبو بكر وعظم عليه وتكلّم في أهله بشيء سمعته منه ابنته فاضطغنته عليَّ .

وكان رسول الله أعطى أباها الراية يوم خيبر وأمره أن لا يرجع حتّى يفتح أو يقتل فلم يلبث لذلك وانهزم فأعطاها في الغد عمر بن الخطّاب وأمره بمثل ما أمر صاحبه فانهزم ولم يلبث فساء رسول الله ذلك وقال لهم ظاهراً معلناً : لأعطينّ الراية غداً رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله كرّار غير فرّار لا يرجع حتّى يفتح الله على يده فأعطاني الراية فصبرت حتّى فتح الله على يدي فغمّ ذلك أباها وأحزنه فاضطغنه عليَّ ومالي إليه ذنب في ذلك فحقدت لحقد أبيها .

وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أباها ليؤدّي سورة براءة وأمره أن يندب العهد للمشركين فمضى حتّى انحرف فأوحى الله إلى نبيّه أن يردّه ويأخذ الآيات فيسلّمها إليّ فعرف أباها بإذن الله عزّوجلّ وكان فيما أوحى الله عزّوجلّ إليه لا يؤدّي عنك إلاّ رجل منك وكنت من رسول الله وكان منّي فاضطغن لذلك عليَّ أيضاً وأتبعته عائشة في رأيه .

وكانت عائشة تمقت خديجة بنت خويلد وتشنئها شنآن الضرائر وكانت تعرف مكانها من رسول الله (صلى الله عليه وآله)فيثقل ذلك عليها وتعدّى مقتها إلى ابنتها فاطمة فتمقتني وتمقت فاطمة وخديجة وهذا معروف في الضرائر ([864]).

 

ابن عبّاس وعائشة

أرسل الإمام (عليه السلام)ابن عبّاس إلى عائشة يأمرها بتعجيل الرحيل ، وقلّة العرجة والإقامة فجاءها ابن عبّاس وهي في قصر بني خلف ، فطلب الإذن عليها فلم تأذن له ، فدخل عليها بغير إذنها ، فإذا بيت قفار لم يُعد فيه مجلس ، فإذا هي من وراء ستر ، نظر ابن عبّاس إلى ما في الحجرة ، فوقع بصره على طنفسة على رحل ، فمدّ الطنفسة وجلس عليها .

فقالت عائشة من وراء الستر ، يابن عبّاس ، أخطأت السنّة ، دخلت بيتنا بغير إذننا ، وجلست على متاعنا بغير إذننا .

فقال ابن عبّاس : نحن أولى بالسنّة منك ونحن علّمناك السنّة ، وإنّما بيتك الذي خلّفك فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخرجت منه ظالمة لنفسك ، غاشّة لدينك ، عاتية على ربّك ، عاصية لرسول الله ، فإذا رجعت إلى بيتك لم ندخله إلاّ بإذنك ولم نجلس على متاعك إلاّ بأمرك إنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعث إليك يأمرك بالرحيل إلى المدينة وقلّة العرجة .

فقالت عائشة : رحم الله أمير المؤمنين ، ذاك عمر بن الخطّاب .

فقال ابن عبّاس : هذا والله أمير المؤمنين ، وإن تربّدت فيه وجوه ، ورغمت معاطس ، أما والله لهو أمير المؤمنين ، وأمسّ برسول الله رحماً ، وأقرب قرابة ، وأقدم سبقاً وأكثر علماً ، وأعلى مناراً ، وأكثر آثاراً من أبيك ومن عمر .

فقالت عائشة : أبيت ذلك .

فقال ابن عبّاس : أما والله ، إن كان إباؤك أي عدم قبولك فيه لقصير المدّة ، عظيم التبعة ، ظاهر الشؤم ، بيّن النكر ، وما كان إباؤك فيه إلاّ حلب شاة حتّى صرت ما تأمرين ولا تنهين ولا ترفعين ولا تضعين ، وما كان مثلك إلاّ كمثل ابن الحضرمي بن يحمان أخي بني أسد حيث يقول :

ما ذاك إهداء القصائد بيننا *** شتم الصديق وكثرة الألقاب

حتّى تركتهم كأنّ قلوبهم *** في كلّ مجمعة طنين ذباب

سمعت عائشة فأراقت دمعتها ، وبدا عويلها ، ثمّ قالت : اخرج والله عنكم ، فما في الأرض بلد أبغض إليّ من بلد تكونون فيه .

فقال ابن عباس : فَلِمَ ؟ والله ماذا بلاؤنا عندك ، ولا يضعنا إليك ، إنّا جعلناك للمؤمنين أُمّاً ، وأنت بنت أُمّ رومان ، وجعلنا أباك خليفة وهو ابن أبي قحافة حامل قصاع الودك الخمر لابن جدعان إلى أضيافه .

فقالت : يابن عبّاس تمنّون عليَّ برسول الله ؟

فقال : ولِمَ لا نمنّ عليك بمن لو كان منك قلامة منه مننتنا به ؟ ونحن لحمه ودمه ومنه ، وما أنت إلاّ حشية من حشايا تسع ، خلّفهنّ بعده ، لست بأبيضهنّ لوناً ، ولا بأحسنهنّ وجهاً ، ولا بأرشحهنّ عرقاً ، ولا بأنضرهنّ ورقاً ، ولا بأطهرهنّ أصلا ، صرت تأمرين فتطاعين ، وتدعين فتجابين ، وما مثلك إلاّ كما قال أخو بني فهر :

مننت على قومي فأبدوا عداوة *** فقلت لهم : كفّوا العداوة والشكرا

ففيه رضا من مثلكم لصديقكم *** وأحجى بكم أن تجمعوا البغي والكفرا *** ثمّ نهض ابن عبّاس وأتى الإمام فأخبره بمقالتها ، وما ردّ عليها ، فقال (عليه السلام): أما إنّي كنت أعلم بك حيث بعثتك ([865]).

 

عدد القتلى

استمرّت الحرب من الزوال إلى الغروب ، وعلى كلّ حال فقد بلغ عدد القتلى خمسة وعشرين ألف قتيل : ستّة آلاف من أصحاب الإمام ، والباقون من أصحاب الجمل ، وأمّا الأيدي والأرجل التي قطعت فقد بلغ عددها أربعة عشر ألفاً ([866]).

وأمر الإمام (عليه السلام)عائشة بالرحيل إلى المدينة ، فتهيّأت لذلك ، وأنفذ معها أربعين امرأة ألبسهنّ العمائم والقلانس ([867])، وقلّدهنّ السيوف ، وأمرهنّ أن يحفظنها ، ويكنّ عن يمينها وشمالها ومن ورائها .

فجعلت عائشة تقول في الطريق : اللهمّ افعل بعلي بن أبي طالب بما فعل بي ! بعث معي الرجال ولم يحفظ بي حرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) .

فلمّا قدمن المدينة معها ألقين العمائم والسيوف ودخلن معها ، فلمّا رأتهنّ ندمت على ما فرّطت بذمّ أمير المؤمنين (عليه السلام) وسبّه .

وقالت : جزى الله ابن أبي طالب خيراً ، فلقد حفظ فيَّ حرمة رسول الله  (صلى الله عليه وآله) ([868]).

والصحيح أنّه بعث معها أخاها عبدالرحمن .

فصدق قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) مشيرا إلى مسكن عائشة : أنّه منبع الفتنة من حيث يخرج قرن الشيطان ([869]).

 

هل ندمت عائشة ؟

الذي يقرأ أقوال عائشة بعد معركة الجمل يتصوّر أنّها تابت إلى الله تعالى من عملها .

والحقيقة أنّها لم تتنازل أبداً عن منهجها ولم تخالف ذاتها وطموحها في نصرة الحزب القرشي وتحطيم أهل البيت (عليهم السلام) ، وقتل من خالفها وعارض طروحاتها .

فبكاؤها وندمها لم يؤثّر على أهدافها أبداً إذ خرجت بعد أكثر من عشر سنوات على حرب الجمل على بغلة تقود بني أُميّة لمنع دفن الإمام الحسن (عليه السلام) مع جدّه !!

وعن بكائها وندمها فهو ردّات فعل لها ثم تعود الى سيرتها الاولى .

قالت عائشة بعد حرب الجمل : والله ، لوددت أنّي متُّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة ([870]).

وأتى وجوه الناس إلى عائشة وفيهم : القعقاع بن عمرو ، فسلّم عليها فقالت : والله ، لوددت أنّي متّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة ([871])!

وذكر لعائشة يوم الجمل قالت : والناس يقولون يوم الجمل ؟

قالوا : نعم ، قالت : وددت أنّي جلست كما جلس غيري ; فكان أحبّ إليّ من أن أكون ولدت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشرة كلّهم مثل عبدالرحمن بن الحارث بن هشام ([872]).

ولم تودّ ولادة شخص كالحسين (عليه السلام) سيّد شباب أهل الجنّة .

وقالت عائشة : وددت أنّي كنت ثكلت عشرة مثل الحارث بن هشام ، وأنّي لم أسر مع ابن الزبير ([873]).

العجيب في ثقافة عائشة عدم تأثّرها برسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئاً ، فالنبي قدوته للشباب المسلم الحسن والحسين ، وقدوة عائشة الحارث !

وحدّث من سمع عائشة إذا قرأت هذه الآية : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) ([874])

بكت حتّى تبلّ خمارها ([875]).

وما ذكرت عائشة مسيرها في وقعة الجمل قطّ ، إلاّ بكت حتّى تبلّ خمارها وتقول : ياليتني كنت نسياً منسيّاً ([876]).

قالت عائشة : إذا مرّ ابن عمر فأرونيه ، فلمّا مرّ قيل لها : هذا ابن عمر ، قالت : ياأبا عبدالرحمن ، ما منعك أن تنهاني عن مسيري ؟

قال : قد رأيت رجلا قد غلب عليك ] يعني ابن الزبير [ ، وظننت أن لا تخالفيه . قالت : أما إنّك لو نهيتني ما خرجت .

لقد ندمت عائشة على أُسلوبها الفاشل في محاربة الإمام علي (عليه السلام) وتفكّر في أسلوب أفضل كالذي قتلوا به رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكان اغتيال علي (عليه السلام)بيد ابن ملجم !!

 

غنائم معركة الجمل

اتّفقت الرواة كلّها على أنّه ] علياً (عليه السلام) [ قبض ما وجد في عسكر الجمل من سلاح ودابّة ومملوك ومتاع وعروض ، فقسّمه بين أصحابه ، وأنّهم قالوا له : اقسم بيننا أهل البصرة فاجعلهم رقيقاً ، فقال : لا .

فقالوا : فكيف تُحلّ لنا دماءهم ، وتُحرّم علينا سبيهم !

فقال : كيف يحلّ لكم ذرّية ضعيفة في دار هجرة وإسلام ! أمّا ما أجلب به القوم في معسكرهم عليكم فهو لكم مغنم ، وأمّا ما وارت الدور وأُغلقت عليه الأبواب فهو لأهله ، ولا نصيب لكم في شيء منه .

فلمّا أكثروا عليه قال : فاقرعوا على عائشة ; لأدفعها إلى من تصيبه القرعة !

فقالوا : نستغفر الله ياأمير المؤمنين ! ثمّ انصرفوا ([877]).

وكان علي صلوات الله عليه قد غنم أصحابه ما أجلب به أهل البصرة إلى قتاله وأجلبوا به : يعني أتوا به في عسكرهم ولم يعرض لشيء غير ذلك من أموالهم ، وجعل ما سوى ذلك من أموال من قتل منهم لورثتهم ، وخمّس ما أغنمه ممّا أجلبوا به عليه ، فجرت أيضاً بذلك السنّة ([878]).

وأخذ لنفسه كما أخذ لكلّ واحد ممّن معه من أصحابه وأهله وولده خمسمائة درهم .

فأتاه رجل من أصحابه فقال : ياأمير المؤمنين ! إنّي لم آخذ شيئاً ، وخلّفني عن الحضور كذا وأدلى بعذر فأعطاه الخمسمائة التي كانت له ([879]).

ثمّ نزل (عليه السلام)]أي بعد خطبته في أهل البصرة [ واستدعى جماعة من أصحابه ، فمشوا معه حتّى دخل بيت المال ، وأرسل إلى القرّاء ، فدعاهم ودعا الخزّان وأمرهم بفتح الأبواب التي داخلها المال ([880])، ثمّ قسّم المال بين أصحابه فأصاب كلّ رجل منهم ستّة آلاف الف درهم ، وكان أصحابه اثني عشر الفاً ، وأخذ هو (عليه السلام)كأحدهم ، فبينا هم على تلك الحالة ، إذ أتاه آت فقال : ياأمير المؤمنين ! إنّ اسمي سقط من كتابك ، وقد رأيت من البلاء ما رأيت . فدفع سهمه إلى ذلك الرجل .

وروى الثوري عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود قال : لقد رأيت بالبصرة عجباً ! لمّا قدم طلحة والزبير قد أرسلا إلى أُناس من أهل البصرة وأنا فيهم ، فدخلنا بيت المال معهما ، فلمّا رأيا ما فيه من الأموال قالا : هذا ما وعدنا الله ورسوله . ثمّ تليا هذه الآية : (وَعَدَكُمْ اللهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ)إلى آخر الآية وقالا : نحن أحقّ بهذا المال من كلّ أحد .

فلمّا كان من أمر القوم ما كان دعانا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فدخلنا معه بيت المال ، فلمّا رأى ما فيه ضرب إحدى يديه على الأُخرى وقال : ياصفراء يابيضاء ، غرّي غيري ! وقسّمه بين أصحابه بالسويّة حتّى لم يبق إلاّ خمسمائة درهم عزلها لنفسه ، فجاءه رجل فقال : إنّ اسمي سقط من كتابك . فقال (عليه السلام): ردّوها عليه . ثمّ قال :

الحمد لله الذي لم يصل إليّ من هذا المال شيء ، ووفّره على المسلمين ([881]).

وقال أبو الأسود : لمّا خرج عثمان بن حنيف من البصرة ، وعاد طلحة والزبير إلى بيت المال فتأمّلا ما فيه ، فلمّا رأوا ما حواه من الذهب والفضّة قالوا : هذه الغنائم التي وعدنا الله بها ، وأخبرنا أنّه يعجّلها لنا .

قال أبو الأسود : فقد سمعت هذا منهما ، ورأيت علياً (عليه السلام) بعد ذلك ، وقد دخل بيت مال البصرة ، فلمّا رأى ما فيه قال : ياصفراء ويابيضاء غرّي غيري ! المال يعسوب ([882])الظلمة ، وأنا يعسوب المؤمنين .

فلا والله ما التفت إلى ما فيه ، ولا فكّر فيما رآه منه ، وما وجدته عنده إلاّ كالتراب هواناً ! فعجبت من القوم ومنه (عليه السلام) ! فقلت : أُولئك ممّن يريد الدنيا ، وهذا ممّن يريد الآخرة ، وقويت بصيرتي فيه ([883]).

إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام)لمّا فرغ من قسمة المال قام خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه وقال :

أيّها الناس ! إنّي أحمد الله على نعمه ; قتل طلحة والزبير ، وهزمت عائشة . وايم الله لو كانت عائشة طلبت حقّاً وأهانت باطلا لكان لها في بيتها مأوى ، وما فرض الله عليها الجهاد ، وإنّ أوّل خطئها في نفسها ، وما كانت والله على القوم إلاّ أشأم من ناقة الحِجْر ([884])، وما ازداد عدوّكم بما صنع الله إلاّ حقداً ، وما زادهم الشيطان إلاّ طغياناً . ولقد جاؤوا مبطلين وأدبروا ظالمين ، إنّ إخوانكم المؤمنين جاهدوا في سبيل الله ، وآمنوا به يرجون مغفرة من الله ، وإنّنا لعلى الحقّ ، وإنّهم لعلى الباطل ، وسيجمعنا الله وإيّاهم يوم الفصل ، وأستغفر الله لي ولكم ([885]).

 

معاتبة الإمام (عليه السلام) للناكثين

وبعد دخول الإمام (عليه السلام)مدينة البصرة بدأ في خطبته البليغة وحكمه الرائعة لهداية الناس وتوعيتهم إذ قام في الناس خطيباً ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ، وصلّى على محمّد وآله ، ثمّ قال :

أمّا بعد ; فإنّ الله غفور رحيم عزيز ذو انتقام ، جعل عفوه ومغفرته لأهل طاعته ، وجعل عذابه وعقابه لمن عصاه وخالف أمره ، وابتدع في دينه ما ليس منه ، وبرحمته نال الصالحون العون ، وقد أمكنني الله منكم ياأهل البصرة ، وأسلمكم بأعمالكم ; فإيّاكم أن تعودوا إلى مثلها ; فإنّكم أوّل من شرع القتال والشقاق ، وترك الحقّ والإنصاف ([886]).

أيّها الناس ! إنّ الله عزّوجلّ ذو رحمة واسعة ومغفرة دائمة لأهل طاعته ، وقضى أنّ نقمته وعقابه على أهل معصيته .

ياأهل البصرة ! ياأهل المؤتفكة ، وياجند المرأة ، وأتباع البهيمة ! رغا فأجبتم ، وعُقر فانهزمتم ، أحلامكم دقاق ، وعهدكم شقاق وماؤكم زعاق ([887]).

ياأهل البصرة ! أنتم شرّ خلق الله ; أرضكم قريبة من الماء ، بعيدة من السماء . خفّت عقولكم ، وسفهت أحلامكم . شهرتم سيوفكم ، وسفكتم دماءكم ، وخالفتم إمامكم ; فأنتم أكلة الآكل ، وفريسة الظافر ، فالنار لكم مدّخر ، والعار لكم مفخر ، ياأهل البصرة ! نكثتم بيعتي ، وظاهرتم عليَّ ذوي عداوتي ، فما ظنّكم ياأهل البصرة الآن ([888]).

وايم الله ليأتينّ عليها زمان لا يرى منها إلاّ شرفات مسجدها في البحر ، مثل جؤجؤ ([889])السفينة ، انصرفوا إلى منازلكم ([890]).

 

الزبير بن العوام

وهو ابن صفيّة عمّة النبي (صلى الله عليه وآله) من الأوائل الذين دخلوا الإسلام ([891])وكان من الصحابة المشاركين في الحروب الأُولى ضدّ الكفّار واليهود ([892])وساهم فيها مع المسلمين ([893]).

وفي السقيفة وقف مع الإمام علي (عليه السلام) بناءً على وصيّة الرسول وأعطى ماله وروحه في هذا الطريق فأبغضه رجال السقيفة ([894])ـ ([895]).

ولأنّه عادى الإمام علياً (عليه السلام) لاحقاً فقد عدّه المخالفون من العشرة المبشّرة بالجنّة ([896]).

مخالفة منهم للحديث النبوي الشريف : ياعلي لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق ([897]).

فتركوا سلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان وسعد بن معاذ بل تركوا الأنصار وباقي المسلمين وحصروا الجنّة برجال الحزب القرشي المخالفين للنبي(صلى الله عليه وآله)!

ان رشاوى أبي بكر وعمر وعثمان له جعلته من المترَفين وآكلي المال الحرام ([898]).

ورشّحه عمر لمجلس الستة بعدما رشّح أربعة له من الحزب القرشي وهم عثمان بن عفّان وطلحة بن عبيدالله وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقّاص ([899]).

فكان أربعة في جانب واثنين في الجانب المعارض للدولة هما الإمام علي (عليه السلام)والزبير (صهر أبي بكر) ([900]).

وبعدما نشأ عبدالله بن الزبير في حضن خالته عائشة ([901]).

وتزايد تأثيره على أبيه الزبير بدأ تراجع الزبير عن الحقّ فتربية عائشة المبغضة لأهل بيت النبوّة أثّرت في ابن أُختها عبدالله فأصبح نسخة منها في حبّه للفتنة وغدره في الأحداث وعدم اعتنائه بالأحكام الشرعية فقتل الأبرياء وتسبّب في إحراق الكعبة .

وكَنَز الزبير ثروة طائلة في عهد عثمان ([902])، بلغت عند موته خمسين الف دينار ، والف فرس ، والف عبد وأمة ([903]). وخططاً كثيرة ([904]). لكنّه لم يتولّ منصباً . ولمّا كثرت ثروته بدأ يفكّر في المناصب السياسية .

وكان يساعد الثوّار الذين نهضوا ضدّ عثمان ([905])، بل طالب بقتله ; ليصل إلى الخلافة ، أو إلى منصب الوالي للولايات .

وبايع علياً (عليه السلام)بعد قتل عثمان ([906])، ولكنّه لمّا حُرم من الإمارة ، ومن الامتيازات التي كانت له في عصر عثمان ، رفع لواء المعارضة بوجه أمير المؤمنين  (عليه السلام) ([907]) يحرّضه على ذلك ولده عبدالله .

توجّه إلى مكّة مع طلحة متظاهرين أنّهما يريدان العمرة ([908])، وهناك نسّقا مع عائشة وغيرها ، ثمّ اتّفقوا على إشعال فتيل « الحرب » وكان الزبير يذبح بيدة حراس بيت مال البصرة ألاسرى لسوء عاقبته ، ثم اعتزل الزبير الحرب بعد
الزبير وقاتله في النار

كلام أمير المؤمنين (عليه السلام)معه ، لكنّه اغتيل على يد ابن جرموز ([909]).

أمّا الزبير فإنّه خرج من المعركة ووصل إلى منطقة في ضواحي البصرة يقال لها « وادي السباع » فقتله ابن جرموز غيلة وأخذ رأسه وسيفه وخاتمه ، وجاء بها إلى معسكر الإمام .

فاستأذن ودخل وإذا به يرى القائد الأعلى للمسلمين جالساً ، بين يديه ترس عليه قرص من خبز الشعير ، فسلّم عليه ، وهنّأه بالفتح عن الأحنف  ، لأنّ الحرب قد وضعت أوزارها حينئذ .

وقال : أنا رسول الأحنف ، وقد قتلت الزبير ، وهذا رأسه  وسيفه . فألقاهما بين يديه .

فقال الإمام : كيف قتلته ؟ وما كان من أمره ؟ فحدّثنا كيف كان صنعك به ؟

فقصّ عليه ما جرى فقال : ناولني سيفه . فناوله ، فاستلّه وهزّه وقال : سيف أعرفه ، طالما جلا الكرب عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) .

ثمّ التفت الإمام إلى ابن جرموز قائلا : والله ، ما كان ابن صفيّة جباناً ولا لئيماً ، ولكن الجبن ومصارع السوء .

ثمّ تفرّس في وجه الزبير وقال : ومنه قرابة ، ولكن دخل الشيطان منخرك فأوردك هذا المورد .

فقال ابن جرموز : الجائزة ياأمير المؤمنين .

فقال (عليه السلام): أما إنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول :

الزبير وقاتله في النار ([910]).

وبنى داراً في البصرة تنزلها التجّار وأرباب الأموال ([911])وغيرهم ، وابتنى أيضاً دوراً بمصر والكوفة والاسكندرية ، فأصبح غنيّاً مترفاً .

كان للزبير أربع نسوة ، ورُبِّع الُّثمن ، فأصاب كلّ امرأة الف الف ومائة الف . فجميع ماله خمسة وثلاثون الف الف (مليون) ومائتا الف ([912]).

 

عبدالله بن الزبير

وهو ابن أسماء بنت أبي بكر . ولد في السنة الأُولى من الهجرة بالمدينة ، وهو أوّل مولود من أولاد المهاجرين ([913]). واتّباعه منهج عائشة يبيّن أثر التربية على الأولاد وضرورة الاحتياط فيها .

وكان حفيد أبي بكر ([914]). وله دور مهمّ في انحراف أبيه ، وإيقاد حرب الجمل .

فلم يكن على منهج أبيه الزبير .

وقال فيه أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ما زال الزبير رجلا منّا أهل البيت حتّى نشأ ابنه المشؤوم عبدالله ([915]).

وكان عبدالله من أصحاب عثمان وأبوه محارباً لعثمان في رغبة للوصول للسلطة ([916]).

ولم يهتمّ عبدالله بجدّته صفيّة بنت عبدالمطّلب ورابطتها الرحمية ببني هاشم بكلّ الوسائل ([917]).

وعندما عزم الزبير على اعتزال القتال حاول أن يُثنيه عمّا هو بسبيله .

قالوا : أخذ زمام جمل عائشة ، وجرح جرحاً بليغاً في صراعه مع مالك الأشتر . وكان يرغب في قتل مالك حتّى لو كلّفه ذلك نفسه ، لذا كان يقول وهما مصطرعان :

اقتلوني ومالكاً *** واقتلوا مالكاً معي ([918])!

وكذّب معاوية والناس هذه الرواية المختلقة ذلك إذ نام بين جرحى الجمل كي لا يقتلوه ولم يحارب قطّ في الجمل وعصيانه في مكّة متسبّباً في قتل الأبرياء .

اعتمد أبناء الزبير عبدالله وعروة وأولادهم على الكذب لرفع منزلتهم فاختلقوا أيضا قتل صفيّة ليهودي في معركة خيبر واختلقوا قضية أسماء ذات النطاقين لأُمّهم واختلقوا لعبدالله محاربته للأشتر بطل الكوفة .

وهذا من أكاذيب ابن الزبير ليرفع شأنه إلى مرتبة الشجاع المطرق مالك الأشتر  .

فالمعروف عن عبدالله منهجية صعلوكية متزلّفة يخاف الحرب ويتوسّل بالمكر والحيلة .

وبسبب ذلك لم يحارب يزيد بل اختفى في الكعبة متّخذاً منها حصناً لمحاربة الطاغية فتسبّب في إحراق الكعبة في زمن يزيد وفي زمن عبدالملك .

ومرّة أُخرى كذب ابن الزبير قائلا لمعاوية أنّه وقف أمام الإمام علي (عليه السلام)في الحرب .فكذّبه معاوية قائلا : إذن لقتلك وأباك بيده اليسرى ([919]).

وعفا عنه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد الحرب مع باقى الاسرى ([920]). وكان مغروراً منبوذاً حتّى أنّ معاوية لم يحترمه ولم يُبال به ([921]).

والإمام (عليه السلام)لم يقتل أسيراً في معركة الجمل متعلما من النبى، وهذة السيرة تكذب قتل علي لعقبة بن ابى معيط صبراً غى معركة بدر .

ولم يبايع عبدالله يزيداً بعد هلاك معاوية . وتوطّن مكّة حفظاً لنفسه ([922])ثمّ تسلّط عليها فهاجمها جيش يزيد لدحره ، فاحترقت الكعبة ، ودُمّرت ([923])وبقى عبدالله مختفياً في الكعبة ([924]).

وبعد مقتل يزيد ادّعى الخلافة سنة 64هـ ([925])، واستولى على الحجاز واليمن والعراق وخراسان ([926]) مستخدماً شتّى الوسائل الشيطانية .

وطلب البيعة من عبدالله بن عباس ، ومحمّد بن الحنفية ، فلم يستجيبا له ، فعزم على إحراقهما ، بيد أنّهما نجوا بعد حملة المختار ([927]). ممّا يبيّن عدم احترازه في الدماء والأرواح شأنه شأن عائشة .

وقُتل ابن الزبير ، ثمّ صُلب في عهد عبدالملك بن مروان سنة 73هـ ، بعد ما أغار الحجّاج على مكّة والمسجد الحرام ([928])وانتصر عليه . فلم يحارب ابن الزبير في هذه الحروب فعرف بالجبن والفرار .

وهو الذي حمل الزبير على حرب الجمل وزيّن لعائشة مسيرها إلى البصرة ، وكان سبّاباً فاحشاً ، يبغض بني هاشم ، ويلعن ويسبّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) ([929]).

فكان معروفاً بالنفاق لبغضه علياً (عليه السلام) .

وهو الذي بقي أربعين جمعة لا يصلّي على النبي (صلى الله عليه وآله) في خطبته حتّى التاث ([930])عليه الناس ، فقال : إنّ له أهل بيت سوء إذا صلّيت عليه أو ذكرته أتلعوا أعناقهم ، وأشرأبّوا لذكره ، وفرحوا بذلك ، فلا أُحبّ أن أقرّ عينهم بذكره ([931]).

 

طلحة بن عبيدالله

وأُمّه الصعبة إحدى بغايا مؤسّسة عبدالله بن جدعان السيّئة الصيت .

فنسبته أُمّه إلى عبيدالله التيمي فأصبح تيمياً .

شأنه في ذلك شأن عمرو بن العاص وأبي بكر التيمي .

وأسلم بناءً على نصيحة كاهن له ، فلم يكن مخلصاً في أعماله بل كان من الطابور الخامس المتعاون مع قريش .

وهو من المهاجرين الأوائل . آخى الزبير قبل الهجرة ([932]).

وكان تاجراً ، وعندما وقعت معركة بدر فرّ مع سعيد بن زيد ([933]).

ولم يساهم فيها   .

بينما أثنى عليه ألناصبة وعدّوه من العشرة المبشّرة لعداوته علياً (عليه السلام) ([934]).

وفرّ طلحة من معركة أُحد وخيبر وحنين فكان في زمرة الفارّين المتقاعسين .

وكان الخلفاء يحترمونه وبعد شهادة  النبي (صلى الله عليه وآله) . اختاره عمر في الشورى السداسيّة  ، لأنّه من أهل العقبة ([935])(اذ اشترك مع جماعة العقبة في حملة تبوك لقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ([936])) لكنّه اعتزل الشورى لمصلحة عثمان ([937]) وكان في غاية الدهاء والسياسة ([938])حصل على ثروة طائلة في عصر عثمان ; بسبب الأموال التي كان قد أعطاها إيّاه بلا حساب ([939]).

وتمنّى موت سيد الأنبياء (صلى الله عليه وآله) كي يتزوّج عائشة إذ كانت رغبته فيها عظيمة ، ممّا يبيّن منزلته الدينية المتواضعة ([940]).

وعصى طلحةُ النبيَّ (صلى الله عليه وآله) في حملة أُسامة .

ممّا يبيّن انحرافه الكامل عن سيّد الأنبياء (صلى الله عليه وآله) وجريه خلف المصالح الدنيوية .

وهبه عثمان مرّة دَيناً كان عليه بلغ خمسين الف درهم ، وقال له : معونة على مروءتك ([941])! وكان من ملاّكي الأرض الكبار ، حتّى كان يُغِلّ بالعراق ما بين أربعمائة الف إلى خمسمائة الف ، ويُغلّ بالسَّراة ([942])عشرة آلاف دينار ([943]).

خلّف بعد موته ثروة قدّرت بثلاثين مليون درهم ([944]).

كان طلحة يطمح إلى الخلافة ([945]); فكتب إلى البصرة ، والكوفة ، وغيرهما من الأمصار محرّضاً أهلها على قتل عثمان ([946]). وكان بيت المال بيده في جريان قتل عثمان ([947]).

وقتل طلحةَّ عثمانَ بيده وطالب الناس بدمه فهز العالم الاسلامى بمكره !!

 

ندم طلحة

وبعدما خسر جيش الجمل المعركة أسرع مروان لقتل طلحة انتقاما لدم عثمان بن عفان فصرعه لمعرفة مروان بعدم قتل الامام للاسرى .

ولو أسر الامام علي (عليه السلام) طلحة لاطلق سراحه مثلما أطلق سراح عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم .

وذكر أنّ طلحة لمّا ولّى سُمع وهو يقول :

ندامة ما ندمت وضلّ حلمي *** ولهفي ثمّ لهف أبي وأُمّي

ندمت ندامة الكُسَعِيِّ لمّا *** طلبت رضا بني جَرْم بزعمي

وقيل أنّه سمع وهو يقول هذا الشعر وقد جرحه في جبهته عبدالملك ورماه مروان في أُكحله ، وقد وقع صريعاً يجود بنفسه ([948]).

وهذا مصير من يقتل شخصاً ويطالب الناس بدمه !! ولم تنفعه أخلاق الإمام  (عليه السلام).

 

مشاركة مروان بن الحكم في حرب الجمل لماذا ؟

وهو من أمكر الناس المتحلّلين من الدين .

وكان على الميمنة في حرب الجمل ([949])، وله فيها دور ماكر . وقتل في معمعتها طلحة ; لأنّه كان يحسبه قاتل عثمان ([950])، وجرح في الحرب ([951])، بيد أنّ الإمام (عليه السلام)عفا عنه ([952])، ثمّ التحق بمعاوية ([953])، واشترك معه في حرب صفّين ([954]).

فلم يؤثّر فيه عفو الإمام (عليه السلام) عنه بل بقي طاغية لا يعرف ولا يحترم حدود الدين .

تولّى حكم المدينة سنة 42هـ ([955])، وهو الذي حال دون دفن الإمام الحسن (عليه السلام)عند جدّه المصطفى (صلى الله عليه وآله) ([956]). عندما قادتهم عائشة على بغل في المدينة .

وفي حرب البصرة قادتهم عائشة على جمل !

وأصبح ملكاً بعد يزيد ستّة أشهر ([957])، فتحقّق فيه كلام الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه ; إذ كان قد شبّه قِصَرَ إمارته بـ « لَعْقَة الكَلْبِ أنفه » ([958])0

ثمّ تسلّط أبناؤه من بعده ، فتأسّس الملك المرواني القاتل للمسلمين والمشوّه للمعارف الدينية والمغيّر للأعراف .

واغتيل مروان سنة 65ه بيد زوجته لقتله ابنها معاوية بن يزيد بن معاوية ([959]).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « إنّي أُريت في منامي كأنّ بني الحكم بن أبي العاص يَنْزون على منبري كما تنزو القردة » . قال : فما رؤي النبي (صلى الله عليه وآله)مستجمعاً ضاحكاً حتّى توفّي ([960]).وقال ابن موهب أنّه كان عند معاوية بن أبي سفيان ، فدخل عليه مروان ، فكلّمه في حوائجه ، فقال : اقض حاجتي ياأمير المؤمنين ، فوالله إنّ مؤنتي لعظيمة ، إنّي أصبحت أبا عشرة ، وأخا عشرة ، وعمّ عشرة ، فلمّا أدبر مروان وابن عبّاس جالس مع معاوية على سريره ، فقال معاوية : أُنشدك الله يابن عباس ، أما تعلم أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)قال : « إذا بلغ بنو الحكم ثلاثين رجلا اتّخذوا مال الله بينهم دولا ، وعباده خولا ، وكتابه دغلا ([961]).

الحقيقة أنّ الحديث نزل في أبي العاص جدّ عثمان بن عفّان وجدّ مروان : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتّخذوا مال الله دولا وعباده خولا وكتابه دغلا ([962]).

فحرّف المنافقون الحديث لإبعاد عثمان عن القول النبوي الشريف .

 

ماذا سيحدث لو انتصرت عائشة في حرب الجمل ؟

كانت عائشة على شاكلة مروان اذ عصت  أمر الله تعالى بقوله :

(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الاُْولَى) ([963]) .

فخرجت إلى البصرة وسط جموع العساكر تضرب العساكر ببعضها منادية بقتل خليفة المسلمين ووصي المصطفى (صلى الله عليه وآله) .

وعصت الأمر النبوي لها بعد خروجها على جمل عسكر إلى البصرة لمحاربة الإمام علي (عليه السلام)وإثارة الفتنة بين المسلمين ، وكان الأجدر بها بعد قتلها لعثمان بن عفّان الركون إلى بيتها وعبادتها ، لكنّها طالبت بقتل خليفة المسلمين علي (عليه السلام)لتعيّن ابن عمّها طلحة زعيماً للبلاد ضاربة عرض الحائط بيعة المسلمين للإمام (عليه السلام)ووصايا النبي (صلى الله عليه وآله) له .

وطلحة هو ذلك الرجل الذي تمنى موت سيد الرسل كي يتزوج عائشة ([964]).

وفي المعركة رفعت عائشة كيساً مليئاً بالدنانير الذهبية التي اختطفتها من بيت مال المسلمين في البصرة هدية لمن يقتل علياً (عليه السلام)،ليصل طلحة الى الحكم  .

ولم يعد النبي (صلى الله عليه وآله) أحداً بذهب ولا فضّة لقتل أحد من الكافرين فكيف بقتل خليفة المسلمين المنتخب ،والموصى عليه الهياً.

ولو انتصر جيش عائشة في حرب الجمل لحدثت حرب عارمة بين طلحة والزبير على الحكم .

وسوف تجد عائشة نفسها مضطرّة لخوض معركة جديدة على جمل أو فيل .

ولا ندري من تفضّل عبدالله بن الزبير ابن أُختها أسماء أم ابن عمّها طلحة ؟

وطلحة لم يكن ابن عمّها في النسب بل هؤلاء من أولاد مؤسّسة عبدالله بن جدعان السيّئة الصيت .

ولو انتصرت عائشة لاضطرّت لخوض حرب كبرى ضدّ معاوية بن أبي سفيان .

ولو انتصرت عائشة في حرب الجمل لأصدرت فتوى بقتل الأسرى وغنيمة أموالهم وسبي نسائهم المسلمات وأولادهم ، أي عكس ما فعله الإمام علي (عليه السلام) مع أسرى معركة الجمل .

ولكانت الفتنة أعظم ممّا حدث في البصرة لكنّ الله تعالى لم يسمح لها بالانتصار ولا لأهدافها بالتطبيق فعادت إلى المدينة تجرّ أذيال الخيبة بانتظار مكيدة جديدة تتغلّب بها على آل بيت النبوّة ([965]).

 

الدلائل والعبر في معركة الجمل

السيّدة عائشة نموذج لامرأة عاشت مع سيّد الأنبياء عشر سنين ولم تستفد من تجربته ، ولم تتدبّر في قول الرحمن سبحانه لنساء النبي .

فالسيّدة عائشة أعلنت سرورها بمقتل فاطمة (عليها السلام) سنة 11 هجرية .

وسنة 35هجرية تذكّرت قول سيّد الرسل لها عند سماعها نباح كلاب الحوأب بعد الخروج إلى الفتنة ومحاربة الإمام علي (عليه السلام) .

فهي سمعت قول النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام)ستقاتل الناكثين وأصبحت منهم .

فأصرّت على مشروعها الدامي القاضي بقتل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وهي سمعت قول النبي (صلى الله عليه وآله) : بأنّه سيقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ([966]).

ولم تتّق قوله تعالى : وقرّي في بيتك .

وخالفت عائشة قضيّة أُخرى سمعتها من سيّد الأنبياء في قوله له : ياعلي سيقتلك أشقى الآخرين ([967]).

فكانت في ساحة معركة الجمل تمدّ يديها بالليرات الذهبية مطالبة برأس علي  (عليه السلام)مقابل ذلك الذهب لتكون أشقى الآخرين .

فألحّت في معركة الجمل لقتل علي (عليه السلام) وجمعت له جموعاً عظيمة كانت أكثر من تعداد جيش علي (عليه السلام) وهي تقودهم قيادة عسكرية ميدانية .

ولم يطفئ نار قلبها ما فعله أبوها برسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله له يهجر في يوم شهادته ([968]).

وأمره بإحراق بيت فاطمة بنت محمّد (صلى الله عليه وآله) التي راحت ضحيّة ذلك الهجوم العاصف عليها .

ونست ندم أبيها على الحادث المذكور .

ولم تصل عائشة إلى بغيتها في معركة الجمل فعادت إلى المدينة خائبة ذليلة لم تتحقّق أهدافها .

ولم تنثن عن مشروعها القاضي بطمس معالم أهل بيت محمّد (صلى الله عليه وآله) وإعلاء شأن معالم بني تيم وقريش .

وفي سنة 40هجرية ، وبعد مضي خمس سنين على معركة الجمل جاءتها الأخبار بمقتل سيّد الأوصياء علي بن أبي طالب (عليه السلام) ففرحت فرحاً لم تفرحه من قبل وتمثّلت بقول الشاعر المسرور :

فألقت عصاها واستقرّ بها النوى *** كمايلق عينا بالاياب المسافر ([969])

وهي تعلن مراراً وتكراراً قول النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): علي سيد العرب وإمام المتّقين ([970]).

ولم تنطفئ نار قلب السيّدة عائشة لبقاء الحسن والحسين (عليهما السلام) حيين .

وبعد ثمانية عشر سنة .

ولمّا قتل معاوية الإمام الحسن (عليه السلام) مسموماً مظلوماً فرحت عائشة ولما جي به ليدفن مع جدّه محمّد (صلى الله عليه وآله) في غرفة أُمّه فاطمة (عليها السلام)  ركبت عائشة بغلة وقادت جموع بني أُميّة في حرب جديدة تمنع فيها هذا الدفن المشروع .

فأشبعوا جثمان الإمام الحسن (عليه السلام) ضرباً بالسهام حتّى أصبح كالقنذ ([971]).

وهي تقول قال النبي (صلى الله عليه وآله) : الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ([972])!

ولم يحالفها الحظّ في دوام العيش إلى سنة 60هجرية لترى أحلام قريش تتحقّق في أرض كربلاء وكيف داست الخيل الأُموية جسد الحسين بعد ذبحه مع أهله وصحبه .

فلم يتحقّق حلمها في سماع ابن المصطفى ينادي : ألا من مغيث يغيثنا ، ألا من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله ودموعه جارية على خدّيه .

فلم يجد جواباً إلاّ السهام والسباب .

فشهدت السيّدة عائشة مقتل المصطفى بيديها وهو يتضوّر ألماً من أثر السمّ .

وسمعت بأُذنيها بكاء سيّدة نساء العالمين فاطمة (عليها السلام) بعد كسر ضلعها بأمر أبيها وشاهدت بعينيها اصفرار وجهها ونحول جسدها في تلك الأيّام القلائل بعد أبيها .

وساهمت بأوامرها الحادّة في قتل علي (عليه السلام) إمام المتّقين ([973])وثاني أهل بيت اليقين (عليهم السلام)في مصرعه في محراب مسجد الكوفة .

فشجّعت الناكثين والقاسطين والمارقين ([974])على المساهمة في اراقة دماء أهل بيت المصطفى فلبّت نداءها جعدة بنت الأشعث وسمّت الحسن ابن فاطمة (عليهما السلام)مقابل مال معاوية ([975])مثلما سمّت عائشة وحفصة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ([976]).

وثأر يزيد بن معاوية ابن هند ابن جميع طغاة قريش من الحسين (عليه السلام) في كربلاء قائلا :

ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الأسل

وفي تلك المذبحة المروّعة انتصر الطغاة بكافّة ألوانهم وأطيافهم مادّياً على المحرومين .

وفي ذات المعركة الشهيرة انتصر الدم على السيف فانتكست راية الأشرار وارتفعت راية الأحرار وفاز المستضعفون وانهزم الظالمون .

وفي كل يوم تلتحق قوافل جديدة بمسيرة الحسين (عليه السلام) فهي دلائل وعبر لمن فهم واستعبر ، وترك راية الكفر وكبّر .

وقد أشار النبي (صلى الله عليه وآله) إلى دار عائشة قائلا :هاهنا الفتنة ثلاثاً من حيث يخرج قرن الشيطان ([977]).

وقال النبي (صلى الله عليه وآله) : الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة ([978]).

فالإنسان الطيّب المولد والزكي النفس والإسلامي المنحا ينتخب طريقه الصحيح قبل فوات الأوان ولا يكون كفرعون الذي آمن عند غرقه في نهر النيل حين مشاهدته آية الله العظمى .

ولا يكون كعبيدالله بن عمر الذي فرّ من القصاص لقتله أُناساً أبرياءاً فصرعه الله تعالى في صحراء صفّين .

وقد قال الباري عزّوجلّ : (إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) .

----------

([843]) النحيزة : الطبيعة (مجمع البحرين 3 / 1759) .

([844]) نهنهتَ : إذا صحت به لتكفّه (مجمع البحرين 3 / 1841) .

([845]) أغمار : جمع غمر : الذي لم يجرّب الأُمور (المحيط في اللغة 5 / 81) .

([846]) كعب بن سور من بني لقيط ، قتل يوم الجمل ، كان يخرج بين الصفّين معه المصحف يدعو إلى ما فيه ، فجاءه سهم غرب فقتله ، ولاّه عمر بن الخطّاب قضاء البصرة بعد أبي مريم (الجرح والتعديل 7 / 162 / 912) .

([847]) إشارة للآية 15 من سورة إبراهيم .

([848]) القليب : البئر التي لم تُطوَ (النهاية 4 / 98) وأشار (عليه السلام) إلى كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزوة بدر مع قتلى قريش الذين طرحوا في البئر (راجع السيرة النبوية لابن هشام 2 / 292) .

([849]) الزجّ : الحديدة التي تركّب في أسفل الرمح ، والسنان يركّب عاليته والجمع أزجاج وأزجّة (لسان العرب 2 / 285) .

([850]) تاريخ الطبري 4 / 532 ، الكامل في التاريخ 2 / 348 ، وراجع العقد الفريد 3 / 325 .

([851]) البداية والنهاية 7 / 243 .

([852]) سورة طه 97 .

([853]) نهج البلاغة ، الخطبة 73 .

([854]) شرح نهج البلاغة 1 / 22 و23 .

([855]) مروج الذهب 2 / 369 .

([856]) اثصدر السابق.

([857]) السيرة الحلبية 2 / 218 .

([858]) السيرة الحلبية ، الحلبي 2 / 244 .

([859]) مروج الذهب 2 / 409 .

([860]) مروج الذهب ، المسعودي 2 / 388 .

([861]) مروج الذهب 2 / 362 .

([862]) مروج الذهب ، المسعودي 2 / 385 ، 386 .

([863]) الأعلام 5 / 252 .

([864]) الجمل ، المفيد 218 ـ 219 .

([865]) شرح النهج 2 / 170 ، تاريخ الطبري 5 / 199 ، مختصر تاريخ ابن عساكر 5 / 364 ، الاستيعاب 3 / 203 ، أُسد الغابة 2 / 199 ، تاريخ ابن الأثير 3 / 94 ، العقد الفريد 4 / 322 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 366 ، كنز العمّال 6 / 82 .

([866]) وقالوا قتل في المعركة ثلاثة عشر ألفاً من أصحاب الجمل وخمسة آلاف من أصحاب الإمام (عليه السلام) ، مروج الذهب 2 / 260 .

([867]) الأخبار الطوال 152 ، القلنسوة : تلبس في الرأس والجمع قلانس (تاج العروس 8 / 424) .

([868]) الجمل 415 ، الإمامة والسياسة 1 / 98 ، مروج الذهب 2 / 379 وفيه « بعث معها علي أخاها عبدالرحمن بن أبي بكر وثلاثين رجلا وعشرين امرأة ... » بدل « لمّا عزم أمير المؤمنين  (عليه السلام) على المسير ... » ، تاريخ الطبري 4 / 544 عن محمّد وطلحة ، الكامل في التاريخ 2 / 347 ، البداية والنهاية 7 / 246 وكلّها نحوه وراجع تاريخ اليعقوبي 2 / 183 ، والفتوح 2 / 487 ، موسوعة الإمام علي (عليه السلام) ، ري شهري 5 / 263 .

([869]) الجمل ، المدني 47 ، البحار 31 / 639 ، الصراط المستقيم 3 / 142 ، صحيح البخاري 6 / 188  ، صحيح مسلم 2 / 503 .

([870]) الكامل في التاريخ 2 / 345 ، شرح نهج البلاغة 1 / 264 عن جندب بن عبدالله ، الفتوح : 2 / 487 ، المعيار والموازنة 61 .

([871]) نهاية الأرب 20 / 79 .

([872]) فتح الباري 13 / 55 ، مجمع الزوائد 7 / 480 / 12040 ، أُسد الغابة 3 / 429 / 3283 ، تاريخ دمشق 34 / 274 وزاد في ذيله « أو مثل عبدالله بن الزبير » .

([873]) المستدرك على الصحيحين 3 / 129 / 4609 ، الاعتقاد والهداية 246 وفيه « مثل ولد الحرث بن هشام » بدل « مثل الحارث بن هشام » وراجع المصنّف لابن أبي شيبة 8 / 717 / 55 ، وأنساب الأشراف 3 / 60 .

([874]) سورة الأحزاب 33 .

([875]) الطبقات الكبرى 8 / 81 ، الزهد لابن حنبل 205 ، أنساب الأشراف 3 / 60 كلاهما عن أبي الضحى عمّن سمع عائشة ، سير أعلام النبلاء 2 / 177 / 19 ، الدرّ المنثور 6 / 600 عن مسروق .

([876]) تاريخ بغداد 9 / 185 / 4766 ، الاعتقاد والهداية 246 ، المناقب للخوارزمي 182 / 220 .

([877]) شرح نهج البلاغة 1 / 250 ، وراجع الإمامة والسياسة 1 / 97 .

([878]) شرح الأخبار 1 / 389 / 331 .

([879]) مروج الذهب 2 / 380 ، وراجع الأخبار الطوال 211 .

([880]) قال ابن منظور : في الحديث : أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه دخل بيت المال فقال : ياحمراء ويابيضاء احمرّي وابيضّي ، غرّي غيري .

هذا جناي وخياره فيه *** إذ كلّ جان يده إلى فيه

قال أبو عبيد : يضرب هذا مثلا للرجل يؤثر صاحبه بخيار ما عنده . وأراد علي رضوان الله عليه بقول ذلك أنّه لم يتلطّخ بشيء من فيء المسلمين بل وضعه مواضعه . والجَنى : ما يُجنى من الشجر (لسان العرب 14 / 155 ، وراجع مجمع الأمثال 3 / 488) .

([881]) الجمل 400 ، وراجع مروج الذهب 2 / 380 ، وشرح نهج البلاغة 1 / 249 و9 / 322 .

([882]) اليعسوب : السيّد والرئيس والمقدّم (النهاية 3 / 234) .

([883]) الجمل 285 .

([884]) يشير بهذا إلى قصّة ناقة صالح (عليه السلام) . والحِجْر : اسم ديار ثمود بوادي القرى بين المدينة والشام وفيها بئر ثمود (راجع : معجم البلدان 2 / 221) .

([885]) الجمل 402 .

([886]) الجمل 400 ، وراجع الإرشاد 1 / 257 ، وبحار الأنوار 32 / 230 / 182 .

([887]) ماء زعاق : مرّ غليظ لا يطاق شربه من أُجوجته (لسان العرب 10 / 141) .

([888]) الجمل 407 ، وراجع تفسير القمّي 2 / 339 ، والاحتجاج 1 / 250 ، ونثر الدرّ 1 / 315 ، ومروج الذهب 2 / 377 .

([889]) الجؤجؤ : الصدر (النهاية 1 / 232) .

([890]) الأخبار الطوال 151 .

([891]) أُسد الغابة 2 / 307 / 1732 ، السيرة النبويّة لابن هشام 1 / 267 ، سير أعلام النبلاء 1 / 144 .

([892]) راجع : خصائصهم .

([893]) أُسد الغابة 2 / 309 / 1732 ، الاستيعاب 2 / 91 / 811 ، البداية والنهاية 7 / 249 .

([894]) راجع : قصّة الهجوم على بيت فاطمة بنت رسول الله .

([895]) المناقب لابن شهر آشوب : 3 / 363 ، بحار الأنوار 43 / 183 نقلا عن تاريخ الطبري .

([896]) أُسد الغابة 2 / 309 / 1732 ، الإصابة 2 / 457 / 2796 ، الاستيعاب 2 / 91 / 811 ، البداية والنهاية 7 / 249 .

([897]) المستدرك ، الحاكم 3 / 127 ، تاريخ بغداد 4 / 40 ، كنز العمّال 11 / 216 ، أُسد الغابة 1 / 66 ، صحيح مسلم 2 / 271 ، صحيح الترمذي 2 / 301 ، صحيح النسائي 2 / 271 ، صحيح ابن ماجة 12 ، مسند أحمد 1 / 84 ـ 95 ، 128 ، الاستيعاب 2 / 464 ، الدرّ المنثور 7 / 504  ، حلية الاولياء 1 / 86 ، مجمع الزوائد 9 / 132 ، ذخائر العقبى 92 ، جامع الأحاديث للسيوطى 7 / 229 ، مسند أبي يعلى 2 / 109 ، الصواعق المحرقة 123 ، تفسير الطبري 13 / 72 ، تفسير الرازي 19 / 14 ، فتح القدير 5 / 253 ، تاريخ ابن عساكر 2 / 423 .

([898]) راجع الناحية المالية في هذا الكتاب .

([899]) راجع : مبادئ خلافة عثمان / ما جرى في الشورى .

([900]) المحبّر 54 ، تاريخ دمشق 18 / 429 ، أُسد الغابة 3 / 242 / 2949 .

([901]) نهج البلاغة ، الحكمة 453 ، العقد الفريد 3 / 314 ، الاستيعاب 3 / 40 / 1553 ، أُسد الغابة 3 / 244 / 2949 ، شرح نهج البلاغة 2 / 167 .

([902]) الطبقات الكبرى 3 / 107 .

([903]) مروج الذهب 2 / 342 .

([904]) خطط : أراضي ، مروج الذهب 2 / 342 .

([905]) أنساب الأشراف 6 / 211 .

([906]) نهج البلاغة ، الكتاب 54 ، الإرشاد 1 / 245 ، الطبقات الكبرى 3 / 31 .

([907]) راجع : حرب الجمل / دوافع الحرب / الدافع في الباطن / طلب الرئاسة .

([908]) راجع : تأهّب الناكثين للخروج على الإمام / خروج طلحة والزبير إلى مكّة .

([909]) راجع : جهود الإمام لمنع القتال / عاقبة الزبير .

([910]) الجمل، المدينى 137 ،مروج الذهب 2 / 373 .

([911]) في نسخة : « وأصحاب الجهات من البحرين » (هامش المصدر) .

([912]) الطبقات الكبرى 3 / 109 ، سير أعلام النبلاء 1 / 67 / 3 وفيه « ورفع الثلث » بدل « ورُبِّع الثُّمن » و « خمسون » بدل « خمسة وثلاثون » .

([913]) صحيح مسلم 3 / 1690 / 25 ، مسند ابن حنبل 10 / 270 / 27004 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 631 / 6326 ، السنن الكبرى 6 / 335 ، السيرة النبويّة لابن كثير 2 / 331 .

([914]) المستدرك على الصحيحين 3 / 631 / 6326 ، تهذيب الكمال 14 / 509 / 3269 ، تاريخ دمشق 28 / 146 .

([915]) نهج البلاغة ، الحكمة 453 ، العقد الفريد 3 / 314 ، الاستيعاب 3 / 40 / 1553 ، أُسد الغابة 3 / 244 / 2949 ، شرح نهج البلاغة 2 / 167 .

([916]) الجمل 229 .

([917]) تاريخ الطبري 4 / 509 ، مروج الذهب 2 / 372 ، تاريخ الإسلام للذهبي 3 / 490 ، البداية والنهاية 7 / 242 ، الجمل 288 و289 .

([918]) مروج الذهب 2 / 376 ، تاريخ الطبري 4 / 519 و530 ، أنساب الأشراف 3 / 39 ، الجمل 350 و362 .

([919]) الصراط المستقيم 1 / 60 ،البحار 41 / 143 ،شرح النهج 1 / 21 .

([920]) مروج الذهب 2 / 378 ، الفتوح 2 / 485 .

([921]) تاريخ الطبري 5 / 323 ، مقاتل الطالبيين 397 .

([922]) تاريخ الطبري 5 / 340 ، الكامل في التاريخ 2 / 530 ، تاريخ الإسلام للذهبي 4 / 169 و170 ، العقد الفريد 3 / 363 ، تاريخ دمشق 28 / 203 و209 ، البداية والنهاية 8 / 147 .

([923]) تاريخ الطبري 5 / 498 ، الكامل في التاريخ 2 / 602 ، أُسد الغابة 3 / 244 / 2949 .

([924]) تاريخ الطبري 5 / 498 و501 ، الكامل في التاريخ 2 / 602 ، تاريخ دمشق 28 / 209 ، البداية والنهاية 8 / 225 و226 .

([925]) تاريخ الطبري 5 / 497 و501 ، الكامل في التاريخ 2 / 604 ، سير أعلام النبلاء 3 / 364 / 53 ، تاريخ دمشق 28 / 202 و221 ، البداية والنهاية 8 / 238 و239 .

([926]) أُسد الغابة 3 / 244 / 2949 ، سير أعلام النبلاء 3 / 364 / 53 ، الكامل في التاريخ 2 / 615 ، تاريخ دمشق 28 / 209 و245 و246 ، مروج الذهب 3 / 83 . وقد ذكرت بعض المصادر أنّه حكم على مصر أيضاً ، ولكن لم يستوسق له الأمر ; إذ سرعان ما غلب مروان عليها .

([927]) تاريخ دمشق 28 / 204 ، مروج الذهب 3 / 86 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 261 .

([928]) مروج الذهب 3 / 122 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 639 / 6346 ، تاريخ الطبري 6 / 187 ، الكامل في التاريخ 3 / 67 ـ 75 ، سير أعلام النبلاء 3 / 377 / 52 ، أُسد الغابة 3 / 245 / 2949 ، تاريخ دمشق 28 / 212 و242 و245 ، البداية والنهاية 8 / 329 .

([929]) شرح نهج البلاغة 4 / 79 .

([930]) لاثَ به الناس : اجتمعوا حوله (لسان العرب 2 / 188) .

([931]) مقاتل الطالبيين 397 ، بحار الأنوار 48 / 183 / 26 ، وراجع تاريخ اليعقوبي 2 / 261 .

([932]) تهذيب الكمال 13 / 415 / 2975 ، الإصابة 3 / 431 / 4285 ، تاريخ دمشق 25 / 66 .

([933]) الاستيعاب 2 / 317 / 1289 ، تاريخ دمشق 25 / 54 .

([934]) تهذيب الكمال 13 / 412 / 2975 ، سير أعلام النبلاء 1 / 24 / 2 ، الاستيعاب 2 / 317 / 1289 ، تاريخ دمشق 25 / 54 ، تاريخ الإسلام للذهبي 3 / 523 ، البداية والنهاية 7 / 248 .

([935]) مختصر تاريخ دمشق 6 / 253 ، كتاب المفاخرات ، الزبير بن بكار ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد 2 / 103 ط دار الفكر 1388هـ ، المحلّى ، ابن حزم الأندلسي 11 / 225 .

([936]) المحلّى ، ابن حزم الأندلسي 11 / 225 .

([937]) راجع : القسم الرابع / مبادئ خلافة عثمان / ما جرى في الشورى .

([938]) راجع : خصائصهم .

([939]) راجع : مبادئ الثورة على عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء / ما أعطى طلحة .

([940]) البحار 17 / 27 ،22 / 190 ،/32 107 ،شرح النهج 9 / 56 ،تفسير الكاشانى 4 / 196 ،تفسير الحويزى 4 / 398 .

([941]) تاريخ الطبري 4 / 405 ، تاريخ دمشق 25 / 104 .

([942]) السَّراة : الجبل الذي فيه طرف الطائف إلى بلاد أرمينية . وقيل : هو الجبال والأرض الحاجزة بين تهامة واليمن ، ولها سعة (معجم البلدان 3 / 204) .

([943]) الطبقات الكبرى 3 / 221 ، سير أعلام النبلاء 1 / 32 / 2 ، مروج الذهب 2 / 342 ، الاستيعاب 2 / 321 / 1289 ، تاريخ دمشق 25 / 102 ، البداية والنهاية 7 / 248 .

([944]) المستدرك على الصحيحين 3 / 417 / 5587 ، الطبقات الكبرى 3 / 222 ، تهذيب الكمال 13 / 423 / 2975 ، تاريخ دمشق 25 / 120 .

([945]) الإرشاد 1 / 246 .

([946]) الإمامة والسياسة 1 / 53 ، أنساب الأشراف 6 / 196 ، تاريخ المدينة 4 / 1198 .

([947]) تاريخ الطبري 4 / 407 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 175 .

([948]) مروج الذهب 2 / 365 .

([949]) راجع : هويّة رؤساء الناكثين / مروان بن الحكم .

([950]) الطبقات الكبرى 3 223 ، تاريخ المدينة 4 / 1170 ، الاستيعاب 2 / 319 / 1289 ، تاريخ الطبري 4 / 509 .

([951]) الطبقات الكبرى 5 / 38 ، البداية والنهاية 7 / 244 .

([952]) نهج البلاغة ، صدر الخطبة 73 ، الطبقات الكبرى 5 / 38 ، أنساب الأشراف 3 / 57 و58 ، مروج الذهب 2 / 378 .

([953]) أنساب الأشراف 3 / 58 .

([954]) الإصابة 6 / 204 / 8337 .

([955]) الطبقات الكبرى 5 / 38 ، تاريخ الطبري 5 / 172 ، الكامل في التاريخ 2 / 455 ، تاريخ الإسلام للذهبي 4 / 8 ، تاريخ خليفة بن خيّاط 153 وفيهما « سنة إحدى وأربعين » .

([956]) تاريخ المدينة 1 / 110 ، البداية والنهاية 8 / 44 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 225 .

([957]) تاريخ الطبري 5 / 611 ، تاريخ الإسلام للذهبي 5 / 233 ، الاستيعاب 3 / 445 / 2399 ، أُسد الغابة 5 / 140 / 4848 ، الإصابة 6 / 204 / 8337 وفيه « قدر نصف سنة » .

([958]) نهج البلاغة ، الخطبة 73 .

([959]) الطبقات الكبرى 5 / 43 ، تاريخ الطبري 5 / 610 ، الكامل في التاريخ 2 / 646 ، مروج الذهب 3 / 97 ، الاستيعاب 3 / 445 / 2399 .

([960]) تعاوروه : تداولوه فيما بينهم (تاج العروس 7 / 276) . المعجم الكبير 2 / 96 / 1425 ، مقتل الحسين للخوارزمي 1 / 173 . نزوت على الشيء : إذا وثبت عليه (لسان العرب 15 / 319) . المستدرك على الصحيحين 4 / 527 / 8481 ، مسند أبي يعلى 6 / 63 / 6430 ، مقتل الحسين للخوارزمي 1 / 173 ، سير أعلام النبلاء 2 / 108 / 14 نحوه .

([961]) دولا : جمع دولة ; وهو ما يتداول من المال ; فيكون لقوم دون قوم . وخولا : أي خدماً وعبيداً .

([962]) شرح النهج 2 / 170 ، تاربخ الطبري 5 / 199 ، مختصر تاريخ ابن عساكر 5 / 364 ، الاستيعاب 3 / 203 ، أُسد الغابة 2 / 199 ، تاريخ ابن الاثير 3 / 94 ، العقد الفريد 4 / 322 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 366 ، كنز العمال 6 / 82 .

([963]) مختصر تاريخ دمشق 6 / 253 ، كتاب المفاخرات ، الزبير بن بكار ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد 2 / 103 ط دار الفكر 1388هـ ، المحلّى ، ابن حزم الأندلسي 11 / 225 .

([964]) البحار 17 / 27 ،22 / 190 ،/32 107 ،شرح النهج 9 / 56 ،تفسير الكاشانى 4 / 196 ،تفسير الحويزى 4 / 398 .

([965]) تاريخ الطبري 5 / 199 ، مختصر تاريخ ابن عساكر 5 / 364 ، الاستيعاب 3 / 203 ، أُسد الغابة 2 / 199 ، تاريخ ابن الأثير 3 / 94 ، العقد الفريد 4 / 322 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 366 ، كنز العمّال 6 / 82 ، شرح النهج 2 / 170 .

([966]) الفرائد ، الحمويني ، الباب 27 ، 29 ، الكفاية ، الكنجي 69 ، كنز العمّال 6 / 154 ، الاستيعاب 3 / 53 ، ميزان الاعتدال ، الذهبي 2 / 263 ، مجمع الزوائد 3 / 239 ، المستدرك  ، الحاكم 3 / 139 ، أُسد الغابة 4 / 114 ، تاريخ بغداد 8 / 340 ، فرائد السمطين 1 / 284 ، كفاية الطالب 169 ، البداية والنهاية 7 / 338 .

([967]) تذكرة الخواص 172 ، البحار 42 / 197 ، الاستيعاب 3 / 60 ، شرح النهج 9 / 117 ، شواهد التنزيل ، الحسكاني 2 / 436 ، تاريخ دمشق 42 / 546 ، المناقب ، ابن الدمشقي 2 / 86 ، سبل الهدى ، الشامي 11 / 305 .

([968]) يهجر أي يتكلّم بدون عقل ولا وعي أي يهذي ويخبط كالمجنون والسكران والعياذ بالله من شرِّ أذناب وأعوان إبليس .

([969]) مقاتل الطالبيين 26 ، شرح الأخبار 2 / 70 ، الأمالي ، الطوسى 161 ، الصراط المستقيم 3 / 164 7 الجمل ، المدني 36 ، مدينة المعاجز 3 / 380 ، البحار 50 / 101 ، تاريخ الطبري ، حوادث سنة 40 ، طبقات ابن سعد 3 / 27 ، شرح النهج 4 / 249 ، التبيان، الطوسي 4 / 491  .

([970]) المعجم الكبير 3 / 88 / 2749 عن أبي ليلى ، حلية الأولياء 1 / 63 ، بشارة المصطفى 109 عن سلمان عنه (صلى الله عليه وآله) .

([971]) الايضاح ، ابن شاذان 362 ، شرح الأخبار 3 / 135 ، الإرشاد ، المفيد 2 / 19 ، البحار 44 / 154 ، المناقب ، ابن شهر آشوب 3 / 305 .

سنن الترمذى 2 / 306، مسند احمد3 / 3، 62، 82 ،حلية ابى نعيم 5 / 71 ،تاريخ بغداد 9 / 231 ،232 ،10 / 90، تهذيب البتهذيب،ابن حجر ج 3 ترجمة زياد بن جبير، خصائص النسائى 36 ،تاريخ دمشق 81 / 139، المعجم الكبير، الطبرانى 3 / 35.

([973]) المستدرك ، الحاكم 3 / 137 ، كنز العمّال 3 / 157 ، 6 / 157 ، مجمع الزوائد ، الهيثمي 9 / 121 ، حلية الأولياء 1 / 63 ـ 64 ، تاريخ بغداد 11 / 112 ، 13 / 122 ، الإصابة ، ابن حجر 4 / 170 ـ 171 .

([974]) الفرائد ، الحمويني ، الباب 27 ، 29 ، الكفاية ، الكنجي 69 ، كنز العمّال 6 / 154 ، الاستيعاب 3 / 53 ، ميزان الاعتدال ، الذهبي 2 / 263 ، مجمع الزوائد 3 / 239 ، المستدرك  ، الحاكم 3 / 139 ، أُسد الغابة 4 / 114 ، تاريخ بغداد 8 / 340 ، فرائد السمطين 1 / 284 ، كفاية الطالب 169 ، البداية والنهاية 7 / 338 .

([975]) مقاتل الطالبيين ،ابو الفرج الاصفهاني 31 ،الكافى 1 / 462 ،الامالى ،الصدوق 202 .

([976]) البحار، المجلسى 22 / 516 .

([977]) صحيح البخارى 4 / 46 ط. دار الفكر ـ بيروت عن طبعة دار الطباعة العامرة استانبول 1401 هجرية ،صحيح مسلم 8 / 180 ط .دار الفكر ،بيروت ،مصنف ابن أبى شيبة 7 / 552 .

([978]) مدينة المعاجز 4 / 53 .