ولو لم يكونا ، ولا واحد منهما مراده ، خرج كلامه عن ان يتضمن معنى يستفاد .
وهذا دليل معتمد عليه فليتأمل فيه ، ففيه كفاية في هذا الباب ، غير مفتقر إلى
ذكر المقدمة المقررة في اول الكتاب ، وهو شاهد بان امير المؤمنين عليه السلام ، الاولى
والسيد المطاع .
ويزيده بيانا وايضاحا ايضا وان كان بغير لفظة " مولى " ما قدمنا ذكره من صحيح
مسلم ، ومن كتاب الجمع بين الصحيحين للحميدى ، ومن كتاب الجمع بين
الصحاح الستة لرزين العبدرى ، ما ذكره من صحيح ابى داود السجستانى ، وصحيح
الترمذى ، وهو ما رووه عن زيد بن ارقم ، انه قال : قام رسول الله صلى الله عليه وآله يوما فينا
خطيبا ، بماء يدعى خما ، بين مكة والمدينة ، فحمد الله واثنى عليه ، ووعظ وذكر
ثم قال :
اما بعد : الا ايها الناس ، فانما انا بشر ، يوشك ان يأتينى رسول ربى ، فاجيب ،
وانا تارك فيكم الثقلين : اولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله
واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال :
واهل بيتى ، اذكركم الله في اهل بيتى ، اذكركم الله في اهل بيتى ، اذكركم الله
في اهل بيتى ، فاوصى بكتاب الله دفعة ، وباهل بيته عليهم السلام ثلاث دفعات ، ولم يزد في
التأكيد بالوصية بهم الا انهم حفظة الكتاب ، والمترجمون عنه بما لا يعلمه غيرهم ،
فثبت الوصا الوصية بهم وبالكتاب العزيز .
ثم قال صلى الله عليه وآله : حبلان ممدودان ، لن يفترقا حتى يردا على الحوض .
ويدل على ان ذلك كان منه صلى الله عليه وآله وصية ، انه نعى اليهم نفسه ، ثم وعظ وذكر
وقال الله تعالى : " كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية "(1).
وان كان الراوى لهذا الخبر الغدير ، قد قصد الاعراض عن ذكر لفظة " مولى "
في الخبر ، فقد اتى باوضح منه واجلى في البيان ، واوجب للطاعة والسيادة ، والزم
للوصية .