[ 477 ]

 

(8)

باب الرد على من قال:

إن إسلام علي، إسلام الصبيان !!


[ 478 ]

 


[ 479 ]

 

[ علي بن أبي طالب عليه السلام أول من أسلم وآمن

برسول الله صلى الله عليه واله وسلم وصدقه] (1)

166 - زعمت البكرية، (2) أن إسلام علي (عليه السلام) إسلام الصبيان


(1) - قال العلامة المحدث الشيخ جمال الدين محمد بن أحمد الحنفي الموصلي الشهير بحسنويه المتوفى (680) في " در بحر المناقب " ص 99 (مخطوط): وبالاسناد يرفعه إلى أبي ذر سلمان والمقداد، أنهم أتاهم رجل مسترشد في زمن خلافة عمر بن الخطاب، وهو رجل من أهل الكوفة فجلس إليهم مسترشد، فقالوا عليك بكتاب الله فالزمه، وبعلي بن أبي طالب فإنه مع الكتاب لا يفارقه فإنا نشهد أننا سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه يقول:

إن عليا مع الحق والحق معه كيف ما دار دار به، فانه أول من آمن بي وأول من يصابحني يوم القيامة، وهو الصديق الاكبر، والفاروق بين الحق والباطل، وهو وصيي وو زيري وخليفتي في أمتي من بعدي ويقاتل على سنتي، فقال لهم الرجل ما بال الناس يسمون أبا بكر الصديق وعمر الفاروق، فقال: الناس تجهل حق علي كما جهلاهما خلافة رسول الله وجهلا حق أمير المؤمنين وما هو لهما بإسم لانه إسم لغيرهما، والله إن عليا هو الصديق الاكبر والفاروق الازهر، وأنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه أمير المؤمنين أمرنا وأمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلمنا عليه جميعا وهما معنا بإمرة المؤمنين.

 (2) - البكرية هم أتباع أبي بكر، وهم الذين وضعوا الاحاديث في مقابلة الاحاديث =


[ 480 ]

ليس كإسلام المعتقد العارف المميز، فقلنا لهم: هل لزم عليا إسم الاسلام وحكمه أم لا ؟، فلابد من نعم، ثم قلنا لهم: فما معنى قولكم إسلام علي ؟ أقلتم على المجاز أم على الحقيقة ؟، فإن قالوا على الحقيقة بطلت دعواهم، وإن قالوا على المجاز، فقد سخفوا قول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أن يكون دعا إلى الاسلام من لا يعقل، ولا تقوم حجة الله عليه !

 ثم يقال لهم: فعلي عرف وأقر، أو لم يعرف ولم يقر ؟ فإن قالوا عرف وأقر، فقد بطل قولهم، وإن قالوا: أقر ولم يعرف، قيل لهم: فلم سميتموه مسلما ولما يسلم !، فإن إقترف ذنبا هل يقام على من يلزمه هذا الاسم حد، أو لا يقام عليه ؟ فلابد من جواب !

 ثم يسألون، هل إنتقل عن حالته التي هو عليها مقيم، أو مقيم بعد ؟ فإن قالوا: إنتقل، فقد أقروا بالاسلام، وإن قالوا: لم ينتقل فمحال أن


= الواردة عن النبي صلى الله عليه واله وسلم في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عيه السلام، نحو: " لو كنت متخذا خليلا " فانهم وضعوه في مقابلة حديث الاخاء، وحديث " سد الابواب " فإنه كان لعلي عليه السلام فقلبته البكرية إلى ابي بكر و " إيتوني بدواة وبياض أكتب فيه لابي بكر كتابا لا يختلف عيه إثنان ". ثم قال: يأبى الله تعالى والمسلمون الا ابا بكر " فانهم وضعوا مقابل الحديث المروي عنه صلى الله عليه واله وسلم في مرضه: " إئتوني بدواة وبياض أكتب لكم ما لا تضلون بعده أبدا "، فاختلفوا عنده، وقال قوم: منهم: لقد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله ونحو حديث: " أنا راض عنك فهل أنت عني راض ! ". أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 11 ص 48.

 


[ 481 ]

يسموه بإسم لم ينتقل إليه، ولا يجوز أن يسمى غير المسلم مسلما، ويقال لهم: فهل دعاه رسول الله، أو لم يدعه ؟ فإن قالوا: قد دعاه قيل لهم: دعا من يجب أن يدعوه، أو من لم يجب أن يدعوه ؟ فإن قالوا: من طريق التأديب لا من طريق الفرص، قيل لهم: فهل يجب هذا في غيره من إخوته وبني عمه، أو في أحد من الناس ؟ ولم يخص النبي (صلى الله عليه واله وسلم) عليا (عليه السلام) بالدعوة، وأفرده من بين العالم الا لعلة فيه خاصة ليست في غيره، أو ليس قد عرض على النبي ابن عمه يوم بدر، وقد تمت له أربع عشرة سنة، فلم يجزه، ثم عرض عليه يوم أحد، وقد تمت له خمس عشرة سنة، فأجازه، فصار هذا السر أصلا للعالم، وجرت عليه الاحكام أفما وقفوا على أن هذا الرجل مخصوص بأشياء هي محظورة على غيره، كسد أبواب الناس وفتح بابه (1) أو ليس قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): له أن


(1) - قال الحاكم النيسابوري في المستدرك ج 3 ص 134: قال ابن عباس: وسد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أبواب المسجد غير باب علي فكان يدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له غيره.

 قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ج 7 ص 11 عن سعد بن أبي وقاص قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسد الابواب الشارعة في المسجد وترك باب علي أخرجه أحمد والنسائي وإسناده قوي. وفي رواية الطبراني في الاوسط رجالها ثقات من الزيادة فقالوا: يا رسول اله سددت أبوابنا ؟ ! فقال ما أنا سددتها ولكن الله سدها. وعن زيد بن أرقم قال: كان لنفر من الصحابة أبواب شارعة في المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سدوا هذه الابواب الا باب علي فتكلم ناس في ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني والله ما سددت شيئا.

 


[ 482 ]

يجنب في هذا المسجد، وليس ذلك لغيره، وهذه أسباب لا يدفعها من آمن بالله الا من جرى على العناد !.

ويقال لهم: خبرونا عن علي حيث دعي لو لم يجب إلى ما دعي إليه، أكانت تكون حالته كالاجابة إلى ما دعي إليه ؟ قإن قالوا: الحالتان واحدة


= ولا فتحته ولكن أمرت بشئ فاتبعته. أخرجه أحمد والنسائي والحاكم ورجاله ثقات. وعن ابن عباس قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبواب المسجد فسدت الا باب علي. وفي رواية وأمر بسد الابواب غير باب علي فكان يدخل المسجد وهو جنب ليس له ظريق غيره أخرجهما أحمد والنسائي ورجالهما ثقات. وعن جابر بن سمرة قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الابواب كلها غير باب علي فربما مر فيه وهو جنب. أخرجه الطبراني. وعن ابن عمر قال كنا نقول في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس ثم أبو بكر ثم عمر ولقد أعطى علي بن أبي طاب ثلاث خصال لان يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إبنته وولدت له وسد الابواب الا بابه في المسجد وأعطاه الراية يوم خيبر. أخرجه أحمد وأسناده حسن.

 وقال الحافظ ابن أبي شيبة في مصنفه ج 12 ص 70 الرقم: 12148، حدثنا وكيع عن هشام بن سعد عن عمر بن أسيد عن ابن عمر، قال: قال عمر بن الخطاب أو قال أبي: لقد أوتي علي بن أبي طالب ثلاث خصال لئن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم: زوجه إبنته فولدت له: وسد الابواب الا بابه، وإعطاء الحربة يوم خيبر.

 أورد الحديث ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرفة ص 127. والامام أحمد بن حنبل في المسند ج 4 ص 369. وأبو نعيم في حلية الاولياء ج 4 ص 153 والهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 117. وللمزيد من التفصيل راجع " الغدير " للاميني ج 3 ص 202 و 203.

 


[ 483 ]

فقد أحالوا تسميتهم إياه مسلما، وإن قالوا: حالته خلاف حالته الاولى، فقد أقروا أيضا بما أنكروه. ويقال لهم: لم لم يرث بزعمكم أبا طلب، و فيه الدليل البين ؟ !.

 ثم يسألون عن علي (عليه السلام): فيقال لهم: أليس كان في أمره مصمما، وعلى البلايا صابرا، ولملازمة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والرغبة في خدمته مؤثرا (1)، ولابويه مفارقا، ولاشكاله من الاحداث مباينا، و لرفاهية الدنيا ولذاتها مهاجرا ؟ قد لصق برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يشاركه في المحن العظام، والنوازل الجسام مثل حصار الشعب، والصبر على الجوع، والخوف من إحتمال الذل، بل هو شبيه يحيى بن زكريا (عليه السلام) في الاشياء كلها غير النبوة، وأنه باين الاحداث في حال حداثته، والكهولة في حال كهالته (2). ويقال لهم: أخبرونا، هل وجدتم أحدا في العالم من الاطفال والصغار والكبار من قصته، كقصة علي (عليه السلام) أو تعرفون له عديلا أو شبيها، أو تعلمون أن أحدا أخص بما خص به، كلا، ولا يجدون إلى ذلك سبيلا، فلذلك جعله المصطفى صلى الله عليه واله وسلم أخاه و وزيرا لنفسه ومن بعده وزيرا ووصيا وإماما.

 


(1) - قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: الا إن الذرية أفنان أنا شجرتها ودوحة أنا ساقها، وإني من أحمد بمنزلة الضوء من الضوء، كنا ظلالا تحت العرش قبل خلق البشر أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 13 ص 105، وج 16 ص 289 وفيه: وأنا من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كالضوء من الضوء والذراع من العضد.

 (2) - كذا، والاصح كهولته.


[ 484 ]