حديث ابن الزبير عن حرب الجمل :
و روى ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال : لم يأخذ بزمام جمل عائشة يوم الجمل أحد إلا قتل و كان كلما جاء إنسان ليأخذ بخطام جملها قالت من أنت حتى أتيتها و كنت آخر من أخذه حين لم أر أحدا يأخذه ; فقالت : من أنت ؟
فقلت : ابن أختك عبد الله .
فقالت : وا ثكل أسماء .
فأقبل الأشتر إلي , فتواجينا , فجعلت أقول : اقتلوني و مالكا اقتلوا مالكا معي ; و جعل يقول اقتلوني و عبد الله ; فلو قال : ابن الزبير ; و قلت : الأشتر , لقتلنا جميعا , فاثقلني الجراح حتى سقطت و أنا مجروح مطروح في القتلى .
فأتاني الأسود بن أبي البختري فوجدني صريعا , فأخذني بالعرض على فرسه و سار بي , فجعل إذا أبصر إنسانا من أصحاب علي ألقاني و إذا لم ير أحدا حملني حتى مر به رجل يعرفني فحمل عليه فأخطأه و أصاب رجل فرسه ثم حملني و انطلق بي حتى أنزلني على رجل من بني الغبراء له امرأتان تميمية و بكرية من شيعة عثمان فغسلت جراحتي و حشتها كافورا فو الله ما فاح منها شيء و جعلت عائشة تسأل عني فلا تخبر عني بشيء حتى إذا برئت جراحتي قلت لصاحب منزلي انطلق إلى عائشة و خبرها
[363]
بي و إياك أن يراك محمد بن أبي بكر , و قلت له : إنه رجل قصير و وصفته له .
فانطلق فأخبرها و قال لها إنه قد أمرني أن لا يراني محمد بن أبي بكر .
قالت : كلا , فانطلق إلى محمد بن أبي بكر فادعه إلي ; و ذلك بعد هزيمتنا و وضع الحرب أوزارها .
فانطلق إليه فدعاه , فجاءها , فقالت له : يا أخي ما تراك فاعلا في أمر أمرتك به ؟
قال : ما هو ؟
قالت : انطلق إلى عبد الله بن الزبير فجئني به .
فجاء محمد إلى موضعي فدخل على عبد الله فلما رآه خافه و قال ما لك فعل الله بك و فعل .
فقال محمد : لا تعجل ; ثم أخبر الخبر .
قال ابن الزبير : فخرجت معه فتأخر لي عن عجز الفرس فركبت بين يديه و جعل يكف ثيابه لا تصيبني و أنا أؤخر ثيابي عنه لا تصيبه و لم يزل يسير بي حتى أتينا عائشة ; فسمعت سب عثمان علانية , فبكيت , و قلت : لا أقيم ببلد يسب فيه عثمان علانية .
فامتنعت منهم و أخذت راحلة من صاحبي فإذا على البصرة حرس فامتنعت منهم فإذا رجل يحيد مني و أحيد منه فإذا هو عبد الرحمن بن الحارث .
فأبصرت رجلا مغلولا لفرسه ; فقلت هذا و الله فرس الزبير .
فأردت قتله , فقال عبد الرحمن : لا تعجل عليه فإنه لن يفلتنا .
فإذا هو غلام الزبير قد أقبل , فقلت له : أين الزبير ؟
فقال : لا أدري .
فعلمت أن الزبير قد قتل .
[364]
حرب الجمل