شعر حسان في يوم الغدير :
و قوله الذي قدمنا ذكره و أشرنا إليه على الإجمال هو ما نثبته الآن من قوله :
يناديهم يوم الغدير نبيهم *** بخم و أسمع بالنبي مناديا
و قال فمن مولاكم و وليكم *** فقالوا و لم يبدوا هناك التعاميا
إلهك مولانا و أنت ولينا *** و لم تجدن منا لك اليوم عاصيا
فقال له قم يا علي فإنني *** رضيتك من بعدي إماما و هاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه *** فكونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعا اللهم وال وليه *** و كن للذي عادى عليا معاديا
و هذا القول مقبول عند الشيعة لأنه قاله بمحضر من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و مشهده فلم ينكره عليه فصارت الحجة في صوابه شهادة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحقه , و الناصبة بأجمعها ترده عليه و تكذبه فيه .
ثم تقبل قوله في القذوف الباطلة و حال الفتنة الظاهرة فلا شاهد لهم على ما ادعاه .
ثم هو في وصفه لعثمان بأنه ظلم فيما صنع به و أنه كان بريئا عند الله تعالى و من أهل التقى و الإيمان ; مردود الشهادة عند جميع حاصري عثمان و قاتليه من المهاجرين و الأنصار و التابعين بإحسان و عند كافة
[221]
الشيعة و الخوارج و الطوائف البترية و المعتزلة حين قال :
ضحوا بأشمط عنوان السجود به *** يقطع الليل تسبيحا و قرآنا
إذ كان حسان مكذبا في قوله على مذاهب من ذكرناه من أهل القبلة و مردود الشهادة بما سلف له من قذف المحصنات لم يعتمد في الحجة بقوله المفترى به إلا من شمله الخذلان.
ثم هو في قول له آخر مكذب عند الشيعة بأجمعها و جمهور المعتزلة و المرجئة و الحشوية القائلين بأن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان أفضل الناس بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و عند الجبائي و ابنه و رهطهما و من شركهما في الوقف و ترك القطع في التفضيل لأحد من الخلفاء الأربعة على غيرها و ذلك في مرثيته لأبي بكر التي فيها يقول :
إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة *** فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خير البرية أتقاها و أعدلها *** بعد النبي و أوفاها بما حملا
الثاني التالي المحمود مشهده *** و أول الناس منهم صدق الرسلا
[222]
و هذا يكشف لك عن سقوط من تعلق في شيء من الدين بقول حسان من إبطال من جعل قوله حجة على حال و يبين أنه كان في ما يقول نظما و نثرا على مذهب الشعراء الذين لا يتقون السيئات و لا يتورعون عن الخطيئات و لا يبالون بارتكاب الزلات و يقدمون على الأباطيل في القول و ارتكاب الموبقات ممن وصفه الله تعالى في كتابه فقال وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ.
و قد كان حسان ممن يشكر نعمة عثمان عليه و إحسانه إليه و لم يكن ممن يرجع إلى تقوى فيحجزه من الباطل فيما ادعاه و إن أمرا يعتمد على قول حسان و أمثاله في القدح على أمير المؤمنين (عليه السلام) و يصوب استنفار الناس عليه و إغراءهم به لخفيف الميزان عند الله تعالى بين الخسران و بالله المستعان .
[225]
حرب الجمل