ابن عباس و طلحة :

ثم دعا عبد الله بن عباس فقال انطلق إليهم فناشدهم و ذكرهم العهد الذي لي في رقابهم .

قال ابن عباس : فجئت فبدأت بطلحة فذكرته العهد فقال لي يا ابن عباس و الله لقد بايعت و اللج على رقبتي .

فقلت له : أنا رأيتك بايعت طائعا أ و لم يقل لك علي قبل بيعتك له إن أحببت أن أبايعك بايعتك ؟ فقلت : لا بل نحن نبايعك .

فقال طلحة : إنما قال لي ذلك و قد بايعه قوم فلم أستطع خلافهم , و الله يا ابن عباس إن القوم الذين معه يغرونه و لئن لقيناه يسلمونه أ ما عملت يا ابن عباس أني جئت إليه و الزبير و لنا من الصحبة ما لنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و القدم في الإسلام و قد أحاط به ألفان قياما على رأسه بالسيوف فقال لنا بهزل إن أحببتما بايعت لكما ; فلو قلنا : نعم . أ فتراه كان يفعل , و قد بايع الناس له , فيخلع نفسه و يبايعنا ؟ لا و الله ما كان يفعل ; و خشينا أن يغري بنا من لا يرى لنا حرمة فبايعناه كارهين ; و قد جئنا نطلب بدم عثمان , فقل لابن عمك إن كان يريد حقن الدماء و إصلاح أمر الأمة فليمكنا من قتلة عثمان فهم معه و يخلع نفسه و يرد الأمر ليكون شورى بين المسلمين فيولوا من شاءوا فإنما علي رجل كأحدنا ; و إن أبى أعطيناه السيف فما له عندنا غير هذا.

[315]

قال ابن عباس : يا أبا محمد لست تنصف , أ لم تعلم أنك حصرت عثمان حتى مكث عشرة أيام يشرب من ماء بئره و تمنعه من شرب الماء الفرات حتى كلمك علي في أن تخلي الماء له و أنت تأبى ذلك ; و لما رأى أهل مصر فعلك و أنت صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دخلوا عليه بسلاحهم فقتلوه ; ثم بايع الناس رجلا له من السابقة و الفضل و القرابة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و البلاء العظيم ما لا يدفع , و جئت أنت و صاحبك طائعين غير مكرهين حتى بايعتما , ثم نكثتما , فعجب و الله لإقرارك لأبي بكر و عمر و عثمان بالبيعة و وثوبك على علي بن أبي طالب ! فو الله ما علي (عليه السلام) دون أحد منهم .

و أما قولك يمكنني من قتلة عثمان ; فما يخفى عليك من قتل عثمان .

و أما قولك : إن أبى علي فالسيف ; فو الله إنك لتعلم أن عليا لا يخوف .

فقال طلحة : إيها عنا الآن من جدالك .

[316]

حرب الجمل