ابن عباس و الزبير :
قال و قد كان أمير المؤمنين (عليه السلام) أوصاني أن ألقى الزبير و إن قدرت أن أكلمه و ابنه ليس بحاضر فجئت مرة أو مرتين كل ذلك أجده عنده ثم جئت مرة أخرى فلم أجده عنده فدخلت عليه و أمر الزبير مولاه سرجس أن يجلس على الباب و يحبس عنا الناس , فجعلت أكلمه , فقال : غضبتم إن خولفتم , و الله لتعلمن عاقبة ابن عمك .
فعلمت أن الرجل مغضب , فجعلت ألاينه فيلين مرة و يشتد أخرى .
فلما سمع سرجس ذلك أنفذ إلى عبد الله بن الزبير و كان عند طلحة فدعاه فأقبل سريعا حتى دخل علينا.
فقال : يا ابن عباس ; دع بنيات الطريق بيننا و بينكم عهد خليفة و دم خليفة و انفراد واحد و اجتماع ثلاثة و أم مبرورة و مشاورة العامة .
فأمسكت ساعة لا أكلمه , ثم قلت : لو أردت أن أقول لقلت .
فقال ابن الزبير : و لم تؤخر ذلك و قد حم الأمر و بلغ السيل الزبى ؟
قال ابن عباس : فقلت ; أما قولك عهد خليفة فإن عمر جعل المشورة إلى ستة نفر فجعل الستة النفر أمرهم إلى
[318]
رجل منهم يختار لهم منهم و يخرج نفسه منها فعرض الأمر على علي و عثمان فحلف عثمان و أبى علي أن يحلف فبايع عثمان فهذا عهد خليفة .
و أما دم خليفة , فدمه عند أبيك لا يخرج أبوك من خصلتين أما قتل أو خذل .
و أما انفراد واحد و اجتماع ثلاثة , فإن الناس لما قتلوا عثمان فزعوا إلى علي فبايعوه طوعا و تركوا أباك و صاحبه و لم يرضوا بواحد منهما .
و أما قولك إن معكم أما مبرورة , فإن هذه الأم أنتم أخرجتموها من بيتها و قد أمرها الله أن تقر فيه فأبيت أن تدعها و قد علمت أنت و أبوك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حذرها من الخروج .
و قال : يا حميراء ; إياك أن تنبحك كلاب الحوأب .
و كان منها ما قد رأيت .
و أما دعواك مشاورة العامة , فكيف يشاور فيمن قد أجمع عليه و أنت تعلم أن أباك و طلحة بايعاه طائعين غير كارهين.
فقال ابن الزبير : الباطل و الله ما تقول يا ابن عباس و لقد سئل عبد الرحمن بن عوف عن أصحاب الشورى فكان صاحبكم أحسنهم عنده و ما أدخله عمر في الشورى إلا و هو يعرفه ; و لكن خاف فتقه في الإسلام .
و أما قتل الخليفة فصاحبك كتب إلى الآفاق حتى قدموا عليه ثم قتلوه و هو في داره بلسانه و يده و أنا معه في الدار أقاتل دونه حتى جرحت بضعة عشر جرحا .
و أما قولك إن عليا بايعه الناس طائعين فو الله ما بايعوه إلا كارهين و السيف على رقابهم غصبهم أمرهم.
فقال الزبير : دع عنك ما ترى يا ابن عباس جئتنا لتوفينا ؟
فقال له ابن عباس : أنتم طلبتم هذا و الله ما عددناك قط إلا من بني هاشم في برك لأخوالك و محبتك لهم حتى أدرك ابنك هذا فقطع الأرحام .
فقال الزبير : دع عنك هذا .
[319]
حرب الجمل