تأهب أصحاب الجمل للقتال :

و صف أصحاب الجمل صفوفهم فجعلوا على حنظلة هلال بن وكيع و على بني عمرو من بني تميم عمير بن عبد الله بن مرقد و على بني سعد زيد بن جبلة بن مرداس و على بني ضبة الرباب عمرو بن يثربي و راية الأزد مع عمرو بن الأشرف العتكي.

[360]

قال محمد بن علي رحمه الله : فالتقينا و قد عجل أصحاب الجمل و زحفوا علينا فصاح أبي (عليه السلام) امض ; فمضيت بين يديه أقطوا بالراية قطوا , و تقدم سرعان أصحابنا فلاذ أصحاب الجمل و نشب القتال و اختلفت السيوف و أبي بين كتفي يقول يا بني تقدم و لست أجد متقدما و هو يقول تقدم .

فقلت : ما أجد متقدما إلا على الأسنة .

فغضب أبي (عليه السلام) , و قال : أقول لك تقدم فتقول على الأسنة ; ثق يا بني و تقدم بين يدي على الأسنة ; و تناول الراية مني و تقدم يهرول بها فأخذتني حدة فلحقته و قلت : أعطني الراية .

فقال لي : خذها , و قد عرفت ما وصف لي.

ثم تقدم بين يدي و جرد سيفه و جعل يضرب به و رأيته و قد ضرب رجلا فأبان زنده ثم قال الزم رايتك يا بني فإن هذا استكفاء .

فرمقت لصوت أبي و لحظته فإذا هو يورد السيف و يصدره و لا أرى فيه دما و إذا هو يسرع إصداره فيسبق الدم , و أحدقنا بالجمل و صار القتال حوله , و اضطربنا أشد اضطراب رآه راء حتى ظننت أنه القتل .

فصاح أبي (عليه السلام) : يا ابن أبي بكر اقطع البطان .

[361]

فقطعه , و ألقى الهودج , فكأن و الله الحرب جمرة صب عليها الماء.

و روى الواقدي قال ابن جريج : كان محمد بن الحنفية رضي الله عنه يحمل راية أبيه (عليه السلام) يوم الجمل و رأى منه بعض النكوص فأخذ الراية منه .

قال محمد رضي الله عنه : فأدركته و عالجته على أن يردها فأبى علي طويلا ; ثم ردها و قال : خذها و أحسن حملها و توسط أصحابك و لا تخفض عاليها و اجعلها مستشرفة يراها أصحابك .

ففعلت ما قال لي .

فقال عمار بن ياسر : يا أبا القاسم ما أحسن ما حملت الراية اليوم .

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : بعد ما ذا .

فقال عمار : ما العلم إلا بالتعلم .

حرب الجمل