(الفصل الثاني)
* (في مساواة أمير المؤمنين لجماعة من النبيين) *
1 - قال الله تعالى (وعلم آدم الأسماء كلها). و (إني جاعل في الأرض خليفة(1)) وقال النبي (أنا مدينة العلم وعلي بابها). (من ناصب عليا على الخلافة بعدي فهو كافر) كما رواه ابن المغازلي الشافعي وغيره.
2 - إدريس أطعم بعد وفاته من الجنة ودرس الكتب وهو أول من وضع الخط وعلي عليه السلام أطعم منها في حياته وقد سلف وعنده أم الكتاب وهو أول من وضع علم النحو.
3 - نوح نجى من ركب في سفينته وقد مثل بها النبي أهل بيته فنجا من تمسك بعلي وذريته.
أيها المؤمن الذي طاب فرعا | وزكا منه أصله وتمسك |
طب بدين النبي نفسا وإن | خفتت من النار في غداة تمسك |
فاستجر من لظا لظا بعلي | وبنيه وبالبتول تمسك |
4 - إبراهيم (وهديناه إلى صراط مستقيم(2)) وعلي الصراط المستقيم (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت(3)) وفي علي (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت(4)) (وإبراهيم الذي وفى(5)) وفي علي (يوفون بالنذر(6)) إبراهيم كسر الأصنام وأكبرها (افلون) وكسرها علي وأكبرها هبل.
5 - إسماعيل استسلم لذبح والد رفيق، واستسلم علي للكفار في المبيت و ليس فيهم شفيق.
____________
(1) البقرة: 31 و 30.
(2) الأنعام: 87. وفيه: وهديناهم.
(3) هود: 73.
(4) الأحزاب: 33.
(5) النجم: 37.
(6) الدهر: 7.
7 - يوسف (رب قد آتيتني من الملك(1)) ونزل في علي وأهله (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا(2)) ولما بان لإخوته فضله حسدوه وأظهروا نصحه وفي الباطن عادوه، وقريش سلموا على علي بإمرة المؤمنين وفي الباطن مقتوه وقيل ليوسف (أيها الصديق(3)) وعلي الصديق الأكبر وفي يوسف (ولما بلع أشده آتيناه حكما وعلما(4)) وعلي أوتي الأخوة والخلافة والعلم صغيرا، و في يوسف (ألا ترون أني أوف الكيل(5)) وفي علي (ويطعمون الطعام على حبه). (يوفون بالنذر(6)).
8 - موسى أحيا الله بدعائه قوما في قوله تعالى: (ثم بعثناكم من بعد موتكم(7)) وأحيى لعلي أهل الكهف، وروي أنه أحيى سام بن نوح وأحيى له جمجمة الجلندي ملك الحبشة صاحب الفيل الذي قصد به البيت ولها مشهد معروف ببابل. وعدو موسى رماه الله بالبرص وأنس حيث كتم الشهادة رماه الله بالبرص ونزل جبرائيل بعصى موسى، ونزل بذي الفقار لعلي. وعلا موسى الطور وعلا علي النبي وألقى الله على موسى محبة منه وأوجب محبة علي على الخلق حتى أن محبته حسنة لا يضر معها سيئة وأكرم موسى بالشبرين وعلي بالحسنين وجر موسى الحجر عن بئر مدين وكان لا يجره إلا أربعون ودحى علي الصخرة عن عين (مراجوما) عند الدير وقد عجز عنها مائة.
9 - هارون أول من آمن بموسى وقال له: (اخلفني في قومي(8)) وعلي أول من آمن بالنبي وقال له: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى).
____________
(1) يوسف 101.
(2) الدهر: 20.
(3) يوسف: 46.
(4) يوسف: 22.
(5) يوسف: 59.
(6) الدهر: 8 و 6.
(7) البقرة: 56.
(8) الأعراف: 141.
11 - أيوب (إنا وجدناه صابرا(1)) وفي علي (والصابرين في البأساء و الضراء وحين البأس(2)).
12 - جرجيس صبر في المحن وعذب بأنواع العذاب وعلى صبر في الفتن و عذب بأنواع الحروب.
13 - يونس (التقمه الحوت وهو مليم(3)) وعبد الله في موضع لم يعبده بشر وعلي سلمت عليه الحيتان وجعله الله إمام الإنس والجان وولد في الكعبة دون كل انسان.
14 - زكريا كان لبني إسرائيل واعظا ولمريم كافلا وعلي كان للأمة مفتيا ولفاطمة كافلا.
15 - يحيى (وآتيناه الحكم صبيا) وعلي أوتي الحكم والوزارة صبيا.
16 - داود (إنا جعلناك خليفة في الأرض(4)) (وقتل داود جالوت(5)) وكانت له سلسلة الحكومة وآتاه الحكمة وفصل الخطاب وعلي رابع الخلفاء آدم وداود وهارون. وقتل عمرا ومرحبا وقال النبي (أقضاكم علي) وقال الله فيه (ومن عنده علم الكتاب(6)).
17 - سليمان طلب الملك فأعطي خاتم الملك وعلي تصدق بالخاتم فنزلت فيه آية الولاية وقال: يا صفراء ويا بيضاء غري غيري. حملت الريح بساطه وردت الشمس له وحملت عليا على بساط النبي وردت الشمس له.
18 - صالح سماه الله صالحا وأخرج له ناقة وسمي عليا صالح المؤمنين و
____________
(1) ص: 44.
(2) البقرة: 176.
(3) الصافات: 142.
(4) ص: 26.
(5) البقرة: 251.
(6) الرعد: 43.
19 - عيسى نزلت المائدة عليه ونزلت على علي بنقل أهل المذاهب الأربعة فيه وقال في عيسى (ويعلمه الله الكتاب(1)) وفي علي (ومن عنده علم الكتاب) وفي عيسى: (وأحي الموتى بإذن الله(2)) وعلي أحيى سام وأهل الكهف والجمجمة بإذن الله واختلف في عيسى فاليعقوبية: هو الله والنسطورية: هو ابن الله والإسرائيلية:
هو ثالث ثلاثة لله واليهود هو كذاب على الله والمحقون هو عبد الله واختلف في علي فالمسلمون: هو عبد الله. والغلاة: هو الله والخوارج: كافر بالله والمخالفون أنه رابع افتراء على الله والمؤمنون المحقون أنه المقدم من الله ولأجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وآله إنه أشبه الخلق بعيسى.
20 - محمد خاتم النبيين وسيدهم وعلي خاتم الأوصياء وسيدهم. ركب النبي البراق وركب علي كتف النبي. علامة الرسالة في كتف النبي علامة الشجاعة في ساعدي علي.
تذنيب:
1 - الإسكندر سد الله به على يأجوج ومأجوج وكان يعرف لغات الخلق وعلي سد الله به كيد الشياطين عن الشيعة وكان يعرف لغات الملائكة والجن والبهائم وجميع الخلق.
2 - لقمان آتاه الله الحكمة وجعل النبي عليا باب دار الحكمة فاستفاضت منه الحكمة
تذنيب آخر:
أسند ابن جبر إلى ابن عباس قول النبي صلى الله عليه وآله (من أراد أن ينظر إلى آدم في حلمه وإلى نوح في فهمه وإلى موسى في مناجاته وإلى عيسى في سمته وإلى محمد في تمامه فلينظر إلى هذا الرجل) فتطاولت الأعناق وإذا هم بعلي عليه السلام.
وأسند ابن بطة في الإبانة إلى ابن عباس وروى نحوه أنس أيضا وقد ذكرناه
____________
(1) آل عمران: 48.
(2) آل عمران: 49.
وفي كتاب العقد عن المغربي أن فلانا أراد قتل هرمزان فاستسقى فجئ بقدح من ماء فارتعدت يده به فقيل له في ذلك فقال: خفت أن تقتلني قبل شربه. فقال:
لك الأمان حتى تشربه فرمى به فكسره فقال: ما كنت لأشربه أبدا وقد آمنتني حتى أشربه فقال: قاتلك الله أخذت أمانا منا ولم نشعر.
وفي رواياتنا: شكى ذلك إلى علي عليه السلام فدعا فصار القدح صحيحا مملوءا ماء فأسلم الهرمزان من المعجز.
(الفصل الثالث)
نذكر فيه طرفا مما نقل من معاجزه، مضافا إلى ما سلف من دلائله، وهذا باب واسع قد بلغ من الاشتهار، إلى حد يمتنع مقابلته بالانكار. لا يتهيأ لمحبه سبره، ولا لمبغضه ستره، من طلب شيئا [ من ذلك ] طالبه من مظانه وفيه كتب اختصت به. مثل الدلائل لعبد الله بن جعفر الحميري والخرايج لسعيد بن هبة الله الراوندي والواحدة لابن جمهور العمي والدرجات لسعد بن عبد الله وبصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار، وغير ذلك.
إن قيل: فقد ظهر عن حسين بن منصور الحلاج وغيره من المشايخ أمور خارقة للعادة فلا دلالة في ذلك على الإمامة. قلنا: إن صح ذلك فهو من الحيل المشهورة لهم وقد وقفت على كشف أسرارهم والتمويه على أتباعهم والله سبحانه أجل من أن يخرق العادة للكذابين وقد علم أن الحلاج دعا أصحابه إلى أنه المغني(1) وفي هذا تجسيم الرب تعالى، والأنبياء والأئمة دعوا إلى التوحيد والعدل وغيرهما فبينهما فرقان.
إن قيل:: فيما تدعونه لعلي رد الشمس، ولو كان لعلمه غيركم. قلنا ادعى المسلمون للنبي شق القمر ولو كان لعلمه غيرهم.
إن قيل: لو ظهر المعجز لهم لم يبق فرق بين الأنبياء وبينهم، فلا يفرق(2)
____________
(1) المعنى. خ.
(2) فلا يعرف: خ.
الأول: قال له أصحابه: إن موسى وعيسى كانا يريان المعجزات فلو أريتنا شيئا لنطمئن إليه فأراهم عليه السلام جنات من جانب وسعيرا من جانب وقال أكثرهم:
سحر وثبت اثنان فأراهم حصى مسجد الكوفة ياقوتا فكفر أحدهما وبقي الآخر قيل وهو ميثم التمار وقيل عمرو بن الحمق.
الثاني: اختصم خارجي وامرأة إليه فعلى صوته فقال له عليه السلام: اخسأ، فإذا رأسه رأس كلب فقيل له ما يمنعك عن معاوية إذا؟ فقال: بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون. ونحو ذلك روى الأصبغ بن نباته في رجل آخر ونحوه أيضا فعل بخارجي فدمعت عيناه فرق له فدعا الله تعالى فعاد إلى الانسانية وتراجعت ثيابه من الهوى وقد كانت طارت عنه.
الثالث: أحيى رجلا من بني مخزوم صديقا له فقام وهو يقول: (وينه وينه نبيالا) يعني لبيك لبيك سيدنا فقال له عليه السلام: ألست عربيا قال: بلى، ولكني مت على ولاية فلان وفلان فانقلب لساني إلى لسان أهل النار.
الرابع: قال لرجل قد حمل جريا: قد حمل هذا إسرائيليا، فقال الرجل متى صار الجري إسرائيليا فقال عليه السلام إن الرجل يموت في اليوم الخامس فمات فيه ودفن فيه فرفس عليه السلام قبره برجله فقام قائلا: الراد على علي كالراد على الله ورسوله. فقال: عد في قبرك فعاد فانطبق عليه.
الخامس: تكلم في أذن مغن خياط خفيا فحفظ لوقته القرآن وكذلك فعل برجل يقال له زاذان.
فوقف رجل فتبرأ منهما ومن الثالث فقال عليه السلام: بقرت العلم في غير إبانه لتبقرن بطنك كما بقرته فشق بطنه وحشي حجارة وصلب.
السابع: أتى يهودي أبا بكر ثم عمر وسألهما عن أموال أبيه وقد مات ولم يعلمه بها فأوجع ضربا فأتى عليا عليه السلام فسلم عليه بإمرة المؤمنين فقيل: لم لم تسلم عليهما مثله؟ فقال: والله ما سميته حتى وجدته في كتب آبائي في التوراة ثم سأله عن كنوز أبيه فقال: خذ ألواحا وصر بها إلى وادي برهوت بحضرموت فإذا وصلت [ وكان عند الغروب ] وجدت عند القبور غرابين فاهتف باسم أبيك وقل: أنا رسول وصي محمد فاسئله واكتب ما يخبرك، ففعل فوجد كما قال، فأخبره بموضع المال فرجع فنبشه وأوقر منه عيرا وأتى به عليا وأسلم وأقر له بالوصية والإمرة والأخوة.
الثامن: خرج يوما فرأى على الباب أكمه ومقعدا ومكفوفا وأبرص.
فقالوا: جئناك لما بنا فرجع عليه السلام وفتح حقا وأخرج رقا أبيض فيه كتاب أبيض فقرأه عليهم فقاموا من غير علة.
التاسع: قدم رجل الكوفة فأفشى فيها أن معاوية قد مات وأنه كان ممن دفنه فكذبه علي عليه السلام وقال: لن يموت حتى يهلك هذه الأمة ويملك ويفعل ويفعل.
فقال قوم: لم قاتلته وأنت تعلم ذلك؟ فقال عليه السلام للحجة.
العاشر: قال بذي قار وهو جالس للبيعة: يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا يزيدون ولا ينقصون، قال ابن عباس فعدوهم فنقصوا رجلا فاسترجعت وقلت ما حمله على ما قال؟ فتكملوا بأويس القرني.
الحادي عشر: لما بلغه صنع بسر ابن أرطاة باليمن دعى عليه بسلب عقله فخولط فيه واتخذ له سيفا من خشب يلعب به حتى مات.
الثاني عشر: دعى على الغيزار وكان يرفع أخباره إلى معاوية وسأله عن ذلك فأنكر فقال: إن كنت كاذبا فأعمى الله بصرك فما دارت الجمعة حتى عمي.
الثالث عشر: لما أنكر أنس الشهادة له بغدير خم دعى عليه بالبرص فأبرص
الرابع عشر: أسلم راهب شيخ وحدث أنه رأى طيرا تقيا ربع انسان ثم ذهب وجاء فتقيأ ربعا آخر وهكذا إلى الآخر فلما أكمله جاء فأخذ ربعا وهكذا فلما خلص أتى بربع وهكذا فلما كمل سألته من أنت؟ فقال ابن ملجم. قلت:
فما عملت؟ قال: قتلت عليا فوكل بي هذا الطير يقتلني، ثم جاء الطير فأخذ ربعه فسألت من علي؟ فقيل لي: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله.
الخامس عشر: دعى لشجرة كمثرى يابسة فاخضرت وحملت لوقتها وأكلوا منها وعلى رمانة فاخضرت وحملت وأكل محبوه منها وأرادها مبغضوه فلم ينالوها.
السادس عشر: لما رجع من صفين كلم الفرات فاضطربت وسمع الناس صوتها بالشهادتين والاقرار له بالخلافة وفي رواية عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام أنه ضربها بقضيب فانفجرت وسلمت عليه حيتانها وأقرت له بأنه الحجة.
السابع عشر: شكوا إليه في صفين نفاد زادهم والعلف لدوابهم فقال عليه السلام.
غدا يأتيكم فصعد عليه السلام في الغد على تل فدعا فأقبلت الجمال قطارا قطارا فيها جميع ما يحتاجون إليه حتى الخيط والمخيط وانصرفوا ولم يدر أحد أهم من الجن أم من الإنس؟.
الثامن عشر: قال ابن عباس: لما فتح النبي صلى الله عليه وآله مكة قال لعلي: كلم الشمس فسلم عليها فردت عليه بالأخوة والوصية وأبلغته من الله التحية وبشرته عنه له ولمحبيه بأعلى منزلة من الله.
التاسع عشر: رأى الحسن البصري يتوضى فقال له: أسبغ وضوءك يا كفتى فقال: كان بالأمس رجال يسبغون الوضوء فقال عليه السلام: إنك لحزين عليهم من ذلك؟ قال: نعم. قال: فأطال الله حزنك. قال أيوب السجستاني ما رأيت الحسن إلا حزينا فقلنا له في ذلك فقال: عملت في دعوة الرجل الصالح. وكفتى بالنبطية شيطان سمته أمه بذلك في صغره فلم يعرفه أحد به حتى دعاه به علي عليه السلام.
العشرون: كانت أم فروة تعيب على أبي بكر فقتلها عمر ودفنت، فدعا لها
الحادي والعشرون: حم النبي صلى الله عليه وآله فوضع علي يمناه على صدره وقال:
أخرجي إنه عبد الله ورسوله فخرجت في الحال فبشره النبي بطاعة الأوجاع له.
الثاني والعشرون: دخل على الصادق عليه السلام رجل من الصين فقال له: تعرفوننا بالصين؟ قال: نعم. قال عليه السلام بم؟ قال: عندنا وردة نجد مكتوبا على وردها أول النهار (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وفي آخره (لا إله إلا الله علي خليفة رسول الله).
الثالث والعشرون: قال الباقر عليه السلام. للإمام عشر دلائل: يولد مختونا وناطقا بالشهادتين، ومكتوب على عضده الأيمن: (وتمت كلمة ربك صدقا و عدلا) ولا يتمطى، ولا يتثاءب، ولا يحتلم، ولا ظل له، ورائحة نجوه كالمسك وتستره الأرض، ويختم الحجر، ويستجاب دعوته.
الرابع والعشرون: قال له رجل: لا نرى لكم من الدنيا شيئا فقبض عليه السلام كفا من حصى مسجد الكوفة فإذا هو جواهر ثم رمى به فعاد حصا.
الخامس والعشرون: قال الأصبغ بن نباته: كان إذا وقف بحضرة علي شخص، يقول: استعد لنفسك فإنك تمرض يوم كذا فيكون كما قال.
السادس والعشرون: بعثت عايشة إليه رجلا شديد العداوة بكتاب وأوصته أن لا يأكل عنده شيئا فلما قدم دعى إلى الأكل فأبى فقال عليه السلام قالت لك لا تأكل فإن فيه السحر قال: نعم. فرجع إلى محبته وأصيب بصفين فقالت: ما نبعث إليه أحدا إلا أفسده علينا.
السابع والعشرون: قام إليه رجل وقال: إني أحبك قال: صدقت، فدست الخوارج إليه رجلا فقال: إني أحبك فقال عليه السلام كذبت، ولا تحبني قط و كأني بك وقد قتلت على ضلالك، ووطئت دواب العراق وجهك، فلم يعرفك قومك، فقتل بالنهروان كما قال عليه السلام.
الثامن والعشرون: مر عليه السلام بجبل في طريقه إلى صفين فخرج من الجبل هامة بيضاء ولحية ووجه كذلك فسلمت عليه بإمرة المؤمنين فقال: وعليك السلام
التاسع والعشرون: اصطاد عمرو بن حريث ضبا فبايعه في البرية بالخلافة فخطب عليه السلام وذكر ذلك وقال: إنه سيبعث وإمامه ضب قال ابن نباته فرأينا عمرا ينتفض جبنا ونفاقا.
تذنيب:
إن قيل: لم لا تكون هذه لسبب(1) اختص بذلك من تقريب جسم أو مقارنة شئ أو حدوث أمر، قلنا: لو كان ذلك بسبب لاشتهر كما اشتهر حجر المقناطيس بجذب الحديد ولو كان كذلك لم نثق بشئ أصلا إذ يجوز حينئذ أن تكون حياة الميت إنما هي بقرب جسم منه أو نحوه والضرورة ترد ذلك.
قدم إليه حكيم يوناني وقال له: بوجهك صفار وعندي دواؤه وأما رقة ساقيك فلا حيلة لي فيها والرأي عندي أن ترفق بهما فقال عليه السلام هل تعرف شيئا يزيد في صفاري فدفع إليه حبا وقال: حبة منه تقتل رجلا فشرب منه عليه السلام مثقالين فارتعد الرجل وقال سيقتلوني به فاحمر وجه الإمام عليه السلام بذلك وحمل أسطوانة بسقفها وغرفتين كانتا عليها فأسلم اليوناني وأقر بوصيته وقال:
إذا ما الكرامات اعتلى قدر ربها | وحل بها أعلى ذرى شرفاته |
فإن عليا ذا المناقب والنهى | كراماته العليا أقل صفاته |
____________
(1) لم لا يجوز أن تكون هذه لأجل سبب. خ.
(الباب السادس)
* (في شرايطه) *
وفيه مقدمة وفصول منها [ خمس ] في إثبات عصمته من المعقول ويتلوها أقطاب في إثباتها من المنقول وباقيها في رد الاعتراضات عليها.
مقدمة
لا شك في كون الإمامة لطفا للعلم الضروري بفساد الأنام بفقد الإمام و التجاء الناس إليه في ساير الأيام فسقط قول بعض الخوارج بسقوطه أصلا وقول بعضهم والأصم وأتباعه إذا تناصف الناس وقول هشام وأتباعه إذا لم يتناصف الناس.
قلنا: لا يحصل التناصف إلى الأبد بدون الإمام لأحد، وقد ازدوج في وجوبها العقل والسمع واصطحب الرأي والشرع وهذا شئ اعتمله(1) الخبراء ونظمه الشعراء قال حكيم العرب الأفوه الأودي:
لا تصلح الناس فوضى لا سراة لهم | ولا سراة إذا جهالهم سادوا |
إذا تولت سراة الناس آخرهم | نمى على ذاك أمر الناس فازدادوا |
تهدي الأمور بأهل الرأي ما صلحت | فإن تولت فبالأشرار تنقاد |
وقد أسلفنا في باب إثبات الوصي حجج المخالفين وأجبنا عنها بأوضح البراهين والعصمة شرط فيها لما يأتي، واللطف واجب على الله من حيث الحكمة، ومنعه الأشاعرة [ لأنهم ] قالوا: إن الإمامة لطف دنياوي وهو غير واجب على الله تعالى.
قلنا: إذا رفعت العصمة عن الأمة علم بالبديهة ميلها إلى ترك مشاق التكليف، و إلى الراحة والتخفيف، ومع الإمام يذهب ذلك الإحجام.
وقد جاء القرآن بوجود الإمام في كل زمان (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم).
(إني جاعلك [ للناس إماما)، (إنا جعلناك(2) ] في الأرض خليفة). (وإن
____________
(1) اعتمده. خ.
(2) ما بين العلامتين ساقط من النسختين أضفناه بالقرينة.
قالت الأشاعرة: فعلى هذا تثبت إمامة المشايخ لحصول اللطف بهم في زمانهم باستظهار الاسلام في أيامهم فإن عليا نقص الاسلام في خلافته، والحسن كان اللطف في ترك إمامته واشتهر الفساد في طلب الحسين وخروجه والباقون منهزمون مختفيون إلى من تعتقدونه مهديا لم ينتفع به دنيا ولا دينا؟ فعلى تقريركم: العصمة للمشايخ دونهم. قلنا: لا نسلم عدم نقص الاسلام في زمانهم لأنكم نقلتم ارتداد سبع فرق في زمان أبي بكرهم: قوم عتبة، وغطفان، وبنو سليم، وبنو يربوع، وبعض تميم وبني كندة وبنو بكر بن وايل، وفي زمان عمر ارتدت غسان قوم جبلة كما نقله شارح الطوالع عن الزمخشري وغيره وفي زمان عثمان حصل من الفساد ما لا يخفى على انسان و أيضا فالارتداد يدل على عصيان الأمة لا على أن الإمام عديم العصمة وإلا لزام أن يكون النبي عديم العصمة لارتداد كثير من المسلمين في عهد سيد المرسلين.
إن قالوا: هذا ينقلب عليكم لأن الارتداد إذا لم يدل على عدم العصمة لم يدل على عدم عصمة الثلاثة. قلنا: إنما ذكرنا ذلك إلزاما لكم حيث قلتم حصل النظام في زمان الثلاثة، على أنه يمتنع من كل أحد دعوى عصمة الثلاثة.
وقولهم كان اللطف في ترك إمامة الحسن وعدم خروج الحسين، قلنا: إنما كان من عصيان الأمة وهلا قالوا: كان اللطف في ترك السقيفة وترك الشورى لإمامة عثمان الذي أظهر الأحداث وآوى الأخباث. وأيضا فلو لزم من عصيان الأمة عند قيام الأئمة عدم الإمامة لزم مثله في النبوة فإن العصيان كان عند بعثهم. بل يلزم
____________
(1) أسرى: 71. البقرة: 124. ص: 26. فاطر: 24. النحل: 74. النساء: 40.
على أن ذلك معارض باختفاء الأنبياء من قبلهم، وقتلهم وهزيمة جدهم.
وخوف المهدي من الظالمين، يمنعه من الاشتهار كما ألجأ الخوف جده إلى الاستتار، و قد كان ظاهرا لأوليائه، فلما اشتد الأمر استتر عنهم كأعدائه، وليس الستر سببا لنفي ولادته ولطفيته، كما في عيسى المجمع على حياته، وقد قيل: إنه المهدي و الصحيح أنه وزيره ومن خاصته.
وقد ظهر على تقديرنا أنه لا عصمة للمشايخ، كيف ذلك؟ وقد علم منهم الأيام عبادة الأصنام، وأئمتنا بحمد الله لم ينقل أحد من مبغضيهم عنهم نوعا من العصيان على مرور الأزمان، بل نقلوا فضائلهم وتعبداتهم وأنشأ الخاص والعام المدايح والمحامد فيهم قال ابن حنبل شعرا:
قوما نجوما في السماء زواهر | في برج ثاني عشر ظل قرانها |
ومنازل القمر المنير عليهم | سعد السعود وعزهم دبرانها |
شرفت بوطئهم البلاد وإن علوا | قلل المنابر شرفت عيدانها |
سل عنهم الليل البهيم وإنهم | في كل ظلمة حندس رهبانها |
(الفصل الأول)
* (في وجوب عصمة الإمام في قضية العقول ويتلوها) *
* (أقطاب من دلايل المنقول) *
الموجب للعصمة جواز الخطأ على الأمة فلو جاز خطأ الإمام فإن لم يحتج إلى إمام فترجح بلا مرجح وإن احتاج فإما إلى نفسه أو إلى من يعود إليه وهو الدور أو لا يعود وهو التسلسل وقد انعقد الاجماع على أن الإمام لا يحتاج إلى إمام فبالأولى أن لا يحتاج في أمور الإمامة إلى الرعية فبطلت إمامة من قال: (إذا تعوجت فقوموني) إذ من يحتاج إلى الرعية فهو إلى الإمام أحوج، ولأنه حافظ
ولأن الكتاب في نفسه لا بد له من حافظ موثوق به، وبهذا يندفع ما قد تهول به من قول أمير المؤمنين في نهج البلاغة (لم يخل الله خلقه من نبي مرسل أو كتاب منزل أو حجة لازمة أو محجة قائمة) فإن ظاهر الترديد الذي فيه منع الخلو يقتضي الاكتفاء بالكتاب قلنا: في الكتاب، الآيات المتشابهات، والمجملات، و أوامر خفيات خبط المفسرون فيها، فاتباع بعضهم لا ترجيح فيه والكل غير ممكن لتضاد القول وتنافيه، فلا بد من معصوم يتعين الرجوع إليه، والتعويل في ذلك عليه، ومنع الخلو ليس فيه منع الجمع، بل قد يجب الجمع، فإن الانسان لا يخلو من الكون واللون مع لزوم الجمع فيهما فكذا هنا.
اعترض القاضي بأن القرآن غني عن التأويل إذ بينه النبي، فلا حاجة إلى الإمام، أجاب المرتضى بأن ذلك مكابرة فإن اختلاف العلماء فيه لا خفاء فيه، ولو قدر أن النبي صلى الله عليه وآله بينه فلا بد من الإمام لينقل بيانه، إذ الأمة غير مأمونة على ذلك.
اعترض القاضي بأن الإمام لما لم يمكن مشافهته للكل علم أنه لا بد من ناقل إما متواتر أو غيره وكلاهما لازم بعد موت النبي. أجاب المرتضى بأن الإمام حي مراع لبيانه عن التبديل، وكذا الإمام الآخر بعده، بخلاف ما بعد الرسول وهو ظاهر معقول، ولا السنة. بخروج كثير من الأحكام عن الروايات ولا القياس لبناء الشرع على جمع الممكنات، وقد أبطله الرازي من أربعين وجها، والاستحسان والرأي أيضا لم يحفظاه إذ فيهما أنواع الضلالات، ولا مجموع الأمة لجواز الخطأ على آحادها فجاز على جميعها، لأنه يصدق بالضرورة الحسية سلب العصمة من بعض الرعية، فيكذب نقيضه وهو إثبات العصمة لكل الرعية، إذ نقيض السالبة الجزئية الموجبة الكلية.
قالوا: ينقض هذا قول النبي صلى الله عليه وآله (لا تجتمع أمتي على ضلال) قلنا: هذا
والعين في تجتمع إن جزمت فلفظ لا ناهية، فيجوز الاجتماع، إذ ليس كل منهي عنه في حيز الامتناع، وإن ضمت العين، لم يتعين اللفظ لكونها نافية إذ يجوز ورود الخبر ومعناه النهي، مثل (ومن دخله كان آمنا(1)) أي آمنوه ومثل قول النبي صلى الله عليه وآله (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) فإنه خبر يراد به النهي، إذ قد يلدغ المؤمن من جحر مرارا.
قالوا: لا نافية دخلت على نكرة وهي لفظ ضلال، فتعم. قلنا: لا، فإن النكرة لا بد أن تلي حرف النفي مثل: لا رجل في الدار، وهنا توسطت لفظة (تجتمع) ولفظة (الأمة) فيتعين كون لا للنهي لا للنفي.
إن قالوا: تقديره لا ضلال على أمتي، قلنا لا حاجة إلى تغيير اللفظ مع إمكان الحمل على النفي، ومع ذلك فإذا كانت لا نافية داخلة على نكرة وهي للعموم لزم أن يقال بصدق سلب الضلال عن كل الأمة، فيكذب نقيضه وهو ثبوت الضلال على بعض الأمة، لكن كذب هذا النقيض باطل اتفاقا، فصدق ذلك باطل التزاما ومع ذلك كله فأكثر الأحكام لم تجتمع عليها الأمة فيجب المعصوم ليحفظها و يتلافى ما يحدث فيها وسيأتي في ذلك دلالات في باب رد الشبهات.
ولأنه إن جازت المعصية عليه، فإذا وقعت منه فلا بد لحدها من يستوفيه لعدم سقوط النهي عن المنكر، والمستوفي له ليس إلا الإمام بإجماع الأمة، فيحتاج إلى آخر وذلك إما معصوم فالمطلوب، أو غيره فيتسلسل. وفي هذا نظر إذ هو مبني
____________
(1) آل عمران: 97.
ولأن فرض وقوع المعصية منه، يوجب كونه ظالما، فلا إمامة له من أحكم الحاكمين، لقوله تعالى (لا ينال عهدي الظالمين(1)) وغير المعصوم بالفعل يصدر منه ذنب بالضرورة، وكل من يصدر منه ذنب ظالم، فكل غير معصوم بالفعل ظالم، وكل ظالم ليس بإمام للآية.
وفي هذا نظر إذ إمكان وقوع المعصية لا يستلزم الظلم، فلا يستلزم عدم الإمامة وإنما المستلزم له وقوعها لا إمكانه وقد تقرر في المنطق اشتراط فعلية الصغرى في الشكل الأول على الأقوى لأنها لو كانت ممكنة لم يندرج الأصغر في الأوسط المحكوم عليه بالأكبر، لأن حصول الأوسط للأصغر بالامكان، لا يوجب حصول الأكبر للأصغر، لجواز أن لا يخرج الامكان إلى الفعل، إذ ليس كل منكر واقع إلا أن نقول: إنا استقرينا أحوال الناس في هذه المادة، فوجدنا الامكان لا ينفك عن الوقوع فجزمنا بصيرورتها فعلية، أو نقول: الثلاثة عصوا إجماعا حال كفرهم فظالمون، فلا ينالهم عهد الإمامة.
إن قيل: الاسلام يجبه فينالهم العهد. قلنا: ولد إبراهيم كان مسلما ومنعه الله بكفره السابق، وقد ذكر علي بن أبي طالب عليه السلام مع عصمته في نهج بلاغته أن من عبد غير الله أو كذب أو همز أو فر من زحف أو ظلم فلا إمامة له، وهذا الكلام يشمل السابق واللاحق ثم تلا قوله تعالى (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا(2)) وقد أسند الشيخ أبو جعفر القمي إلى الرضا عليه السلام أن آية (لا ينال
____________
(1) البقرة: 124.
(2) ألم السجدة: 24.