أسند معلى ابن محمد إلى الصادق عليه السلام أنها نزلت في فلان وفلان آمنوا بالنبي فلما قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه) كفروا ثم آمنوا بالبيعة لعلي عليه السلام ثم كفروا بعد مضي النبي ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من تابعه بالبيعة وهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شئ.
ومنها: (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى(1)) بإسناد معلى إلى الصادق عليه السلام أنها في فلان وفلان ارتدوا عن ولاية علي عليه السلام.
ومنها: (ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله(2) قال الصادق عليه السلام:
نزلت والله فيهما وفي أتباعهما كرهوا ما أنزل الله في علي عليه السلام.
ومنها: (ومن يرد فيه بالحاد بظلم(3)) نزلت فيهم حيث تعاقدوا في الكعبة على جحودهم ما أنزل في علي عليه السلام.
ومنها: (فلنجزين الذين كفروا(4)) أسند الحسين بن محمد إلى الصادق عليه السلام: كفروا بولاية علي عليه السلام.
ومنها: (إنكم لفي قول مختلف يؤفك عنه من أفك(5)) أسند محمد بن يحيى إلى أبي جعفر عليه السلام القول المختلف الولاية يؤفك عن الجنة من قد أفك عنها.
ومنها: (فلا اقتحم العقبة وما أدريك ما العقبة فك رقبة(6)) أسند الحسين ابن محمد إلى الصادق عليه السلام أن ولاية أمير المؤمنين فك رقبة.
ومنها: (فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار(7)) أسند علي بن إبراهيم إلى أبي جعفر عليه السلام كفروا بولاية علي عليه السلام.
ومنها: (هنالك الولاية لله الحق(8)) أسند الحسين بن محمد إلى الصادق عليه السلام أنها ولاية علي عليه السلام.
____________
(1) القتال: 25.
(2) القتال: 26.
(3) الحج: 25.
(4) فصلت: 27 فيه: ولنذيقن الذين كفروا.
(5) الذاريات: 9.
(6) البلد: 13.
(7) الحج: 19.
(8) الكهف: 45.
ومنها: (فأبى أكثر الناس إلا كفورا(2)) أسند عبد العظيم إلى أبي جعفر عليه السلام: فأبى أكثر الناس إلا كفورا بولاية علي قال: وهكذا نزلت.
قال: ونزلت: (فقل الحق من ربكم) في ولاية علي عليه السلام.
ومنها: (وحبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم(3) فعن الصادق عليه السلام يعني به أمير المؤمنين [ عليا ] عليه السلام.
ومنها: (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك(4)) عن الصادق عليه السلام أي لئن أشركت في ولاية علي عليه السلام غيره وسيأتي في حديث الغدير.
ومنها: (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته(5)) قال: جحدوا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
ومنها: (لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا(6)) أسند محمد ابن يحيى إلى الصادق عليه السلام العهد ولاية أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة من بعده.
ومنها: (من يطع الله ورسوله(7) أسند الحسين بن محمد إلى الصادق عليه السلام يطع الله ورسوله في ولاية علي والأئمة من بعده قال: وهكذا نزلت.
ومنها: (يا أيها الذين آمنوا لا تؤذوا رسول الله(8) روى الحسين بن محمد عنهم عليهم السلام لا تؤذوا رسول الله في ولاية علي والأئمة من بعده.
____________
(1) البقرة: 138.
(2) أسرى: 89، الفرقان: 50.
(3) الحجرات: 7.
(4) الزمر: 65.
(5) البقرة: 81.
(6) مريم: 87.
(7) النور: 52.
(8) الآية ليست هكذا بل في القرآن: وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده. الأحزاب: 33.
ومنها: (فأقم وجهك للدين حنيفا(2)) أسند علي ابن إبراهيم إلى أبي جعفر عليه السلام أنه الولاية.
ومنها: (وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم(3)) عن أبي جعفر عليه السلام هو الولاية لعلي عليه السلام.
ومنها: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم(4)) أسند علي بن محمد إلى أبي الحسن الماضي يريدون ليطفئوا نور الله ولاية أمير المؤمنين والله متم نوره قال: متم الإمامة له.
ومنها: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق(5)) قال: أرسله بالولاية لوصيه وهي دين الحق (ليظهره على الدين كله) عند قيام القائم (ولو كره الكافرون) لولاية علي عليه السلام.
ومنها: (وقفوهم إنهم مسؤولون(6) بطريق الحافظ أبي نعيم إلى ابن عباس وابن سلام ومجاهد أي مسؤلون عن ولاية علي ابن أبي طالب عليه السلام ومثله في الفردوس للديلمي عن الخدري ومثله في الآيات المنتزعات عن ابن عباس.
وعن الحافظ أبي نعيم في قوله تعالى: (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم(7)) قال: عن ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ومن مناقب ابن المغازلي (وإنه لذكر
____________
(1) آل عمران: 7.
(2) الروم: 30.
(3) يونس: 2.
(4) الصف: 8.
(5) براءة: 33.
(6) الصافات: 24.
(7) التكاثر: 8.
وفي كتاب أبي نعيم الذي استخرجه من كتاب الإستيعاب لابن عبد البر الأندلسي في قوله تعالى: (واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا(2)) أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لما أسري بي إلى السماء جمع الله تعالى بيني وبين الأنبياء وقال: سلهم على ما بعثتم؟ فسألتهم فقالوا: على شهادة أن لا إله إلا الله وعلى الاقرار بنبوتك و الولاية لعلي بن أبي طالب، وإذا كان الله تعالى بعث الأنبياء على ذلك كيف يرضى لنفسه بالعدول عن ذلك، وفي هذا كفاية لمن أراد نجاته وعدل مألوف آبائه و وهمياته وقد سلف ذلك في الفصل الخامس والعشرين من الباب السابع.
ومنها: (والذي جاء بالصدق وصدق به(3)) روى ابن المغازلي عن مجاهد أن الذي صدق به علي بن أبي طالب ورواه غير واحد وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أول أهل الجنة دخولا علي بن أبي طالب وقال لأبي دجانة:
أما علمت أن لله لواءا من نور، وقصورا من ياقوت، مكتوب بالنور لا إله إلا الله محمد رسول الله محمد خير البرية. صاحب اللواء وإمام القيامة هذا، وضرب بيده على علي بن أبي طالب.
ومنها: (في بيوت أذن الله أن ترفع(4)) أسند الثعلبي إلى أنس وبريدة أنها بيوت الأنبياء فقال أبو بكر يا رسول الله هذا البيت منها؟ - يعني بيت علي وفاطمة - قال: نعم، من أفاضلها.
قلت: المقصود من البيوت أهلها إذ لا فضيلة لها بمجردها قال شاعر:
ألا يا بيت في العلياء بيت | ولولا حب أهلك ما أتيت |
____________
(1) الزخرف: 44(2) الزخرف: 45.
(3) الزمر: 33.
(4) النور: 36.
ألا يا بيت أهلك أوعدوني | بأني كل ذنبهم جنيت |
فظاهر حديث النبي صلى الله عليه وآله أنه جعل عليا من أفاضل الأنبياء فيستحق التقدم وهو بين لمن ترك الهوى.
ومنها: (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه(1)) أسند ابن المغازلي إلى ابن عباس أنه سأل الله بحق الخمسة ولولا أنه علم أشرفيتهم عند ربهم لما توسل إليه بهم.
ومنها: (ولتعرفنهم في لحن القول(2)) أسند الحافظ إلى الخدري: لحن القول بغض علي عليه السلام.
ومنها: (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين(3)) أسند أبو نعيم إلى أبي هريرة مكتوب على العرش: لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ابن أبي طالب.
قلت: فمن عدل عنه عدل عن تأييد دينه وإيمانه، وسقط في غي قرينة و شيطانه.
ومنها: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين(4)) في طريق أبي نعيم الحافظ أنها نزلت في علي بن أبي طالب.
ومنها: (ومن عنده علم الكتاب(5)) أسند بطريق أبي نعيم وتفسير الثعلبي أنما هو علي بن أبي طالب، وهذا نص يوجب التقديم لإحاطته بعلم الكتاب دون غيره، فيستحق التقديم على جاهل ميراث الجد وغيره (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع) الآية وقد استوفيت الكلام على هذه الآية في الفصل الثامن عشر من الباب السابع فليطلب منه.
ومنها: (وأورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا(6)) أسند ابن مردويه
____________
(1) البقرة: 37.
(2) القتال: 30.
(3) الأنفال: 63.
(4) الأنفال: 64.
(5) الرعد: 43.
(6) فاطر: 32.
ومنها: (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه(1)) أسند أبو نعيم إلى ابن عباس: أول من يكسى من حلل الجنة إبراهيم ومحمد ثم علي يزف بينهما ثم قرء الآية.
قلت: ولا يساويهما في الكرامة، إلا من له منزلة الإمامة.
ومنها: (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد(2)) قيل: سئل النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك فقال صلى الله عليه وآله: أنا وعلي نقوم على يمين العرش فيقول الله لنا: ألقيا في جهنم كل كفار عنيد. أي من أبغضكما وكذبكما. وقد كذبه من اعتقد إمامة غيره لأنه ادعاها لنفسه ونصبه النبي صلى الله عليه وآله عن أمر ربه.
ومنها: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى(3)) أسند ابن مردويه أن من بعد ما تبين له الهدى في أمر علي.
ومنها (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم)(4) قال الإمام الطبرسي:
أسند الحسكاني إلى الأصبغ بن نباتة أن ابن الكواء سأل عليا عليه السلام عن هذه الآية فقال عليه السلام: ويحك نحن نقف بين الجنة والنار فمن ينصرنا عرفناه بسيماه وأدخلناه الجنة ومن أبغضنا عرفناه بسيماه وأدخلناه النار.
وقد أسند ابن البطريق في العمدة قول النبي صلى الله عليه وآله ينصب الصراط على شفير جهنم ثم يجز عليه إلا من معه كتاب بولاية علي بن أبي طالب.
فهذه قطرة مما منحت به | على مزايا خواص أنت منطبع |
فكن بها منقذي من هول مطلعها | يوما وأنت على الأعراف تطلع |
ومنها: (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون(5)) قال علي بن
____________
(1) التحريم: 8.
(2) ق: 24.
(3) النساء: 114.
(4) الأعراف: 180.
(5) الأعراف: 45.
ومنها: (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا(1)) أسند أبو جعفر الطبري إلى ابن عباس أن النور ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام.
ومنها: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم(2)) الآية أسند أبو جعفر الطبري إلى ابن عباس أن سادات قريش كتبت صحيفة تعاهدت فيها على قتل علي ودفعوها إلى أبي عبيدة الجراح أمير قريش فنزلت الآية فطلبها النبي صلى الله عليه وآله منه فدفعها إليه فقال: أكفرتم بعد إسلامكم فحلفوا بالله لم يهموا بشئ منه فأنزل الله (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا(3)) ولما حكم الله بكفرهم عند الهم على قتله علم أن الله اختاره للولاية على خلقه، إذ المقرر في الشريعة أن الهم بقتل غيره غير موجب لتكفيره.
ومنها: (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد(4)) الآية روى سلمان بن عبد الله عن الصادق عليه السلام هم الذين كذبوا بولاية علي بن أبي طالب الوصي) والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) لتكذيبهم بولاية علي عليه السلام (فصدوا عن سبيل الله) والسبيل وصي رسول الله) ذلك بأنهم آمنوا) برسالتك (ثم كفروا) بولاية وصيك.
ومنها: (كمشكاة فيها مصباح(5)) أسند ابن المغازلي إلى أبي الحسن: المشكاة فاطمة، والمصباح الحسن، والزجاجة الحسين، والشجرة إبراهيم (يكاد زيتها يضئ) قال: يكاد العلم ينطق منها إمام بعد إمام (يهدي الله لنوره من يشاء) قال يهدي لولايتنا من يشاء.
ومنها (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة(6)) روى الإصفهاني الأموي من عدة طرق إلى علي عليه السلام أنه قال: السلم، ولايتنا أهل البيت، وعن
____________
(1) التغابن: 8(2) المجادلة: 7.
(3) براءة: 75.
(4) المنافقون: 1.
(5) النور: 35.
(6) البقرة: 208.
ولقد قال بعض الأعيان في هذا الشأن:
أصغ واستمع آيات وحي تنزلت | بمدح إمام بالهدى خصه الله |
ففي آل عمران المباهلة التي | بإنزالها أولاه بعض مزاياه |
وأحزاب حم وتحريم هل أتى | شهود بما أثنى عليه وزكاه |
وإحسانه لما تصدق راكعا | بخاتمه يكفيه من نيل حسناه |
وفي آية النجوى التي لم يفز بها | سواه سنا رشد به تم معناه |
وأزلفه حتى تبوأ منزلا | من الشرف الأعلى وآتاه تقواه |
وأكنفه لطفا به من رسوله | بوارق إشفاق عليه ورباه |
وأرضعه أخلاف أخلاقه التي | هداه بها نهج الهدى فتوخاه |
وأنكحه الطهر البتول وزاده | بأنك مني يا علي وآخاه |
وشرفه يوم الغدير وخصه | بأنك مولى كل من كنت مولاه |
ولو لم يكن إلا قضية خيبر | كفت شرفا فيما تراءت سجاياه |
(الباب التاسع)
فيما جاء في النص عليه من رسول الله صلى الله عليه وآله المستلزم لإبطال إمامة المتقدم عليه، ويندرج فيه شئ من كلام الله سبحانه لشدة الملازمة بينهما وهو قسمان جلي وخفي: فالجلي مثل قوله صلى الله عليه وآله: سلموا عليه بإمرة المؤمنين، هذا خليفتي عليكم اسمعوا له وأطيعوا، والخفي مثل حديث الغدير والمنزلة وربما علم مدلوله بالاستدلال الموجب لليقين وموافقة المخالف على نقله وتلقي الأمة له بقبوله وهو أمور كثيرة نذكر منها نبذة يسيرة من طريق الخصم أولا ليكون ألزم للحجة وأثبت للنفس على المحجة، وفيه نصوص وسيأتي بعدها فصول.
فالنصوص:
منها: ما أخرجه ابن الأثير في جامع الأصول قال وأخرجه الترمذي قال:
قال النبي صلى الله عليه وآله: رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار، وهو عليه السلام دار عن بيعة الأول بيقين فتكون مبائنة للحق بدعوة سيد المرسلين، وليس لأحد أن يقول: لا يلزم من الدعاء وقوع المدعو به. للزوم رد دعاء النبي صلى الله عليه وآله ولا يقول بذلك إلا الغوي، ولأنه صلى الله عليه وآله لا يدعو إلا بالإذن له في الدعاء لقوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى).
ومنها: ما أخرجه الملا في المجلد الخامس من الوسيلة فيما خص به علي من حديث الغدير نادى النبي صلى الله عليه وآله الصلاة جامعة وأخذ بيد علي وقال: ألست بأولى من كل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال صلى الله عليه وآله: هذا مولى من أنا مولاه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، فلقيه عمر بعد ذلك وهنأه بأنه مولى كل مؤمن ومؤمنة.
قالوا: لفظ المولى يشتمل على العتق والنصرة وغيرهما فلا تتعين ولاية
إن قيل: إن عليا كان له مبالغة في النصرة دون عمر وغيره فليكن الاختصاص لأجلها لا لعدم المشاركة في أصلها. قلنا: مبالغته معلومة لكل أحد فالنص عليها بعد ذلك في مثل الحر الشديد، وما أتى عليه من التوكيد، يجري مجرى إيضاح الواضحات، ولا شك أن ذلك من أعظم العبثات.
وقد قيل: إن ذلك الحديث من وضع ابن الراوندي ولو كان صحيحا أو صريحا لاحتج به ولما عدل عنه علي عليه السلام يوم الشورى إلى ذكر فضائله من سبقه إلى الاسلام، وإفنائه الطغام، ومبيته على فراش خير الأنام، وتجهيزه لرسول الملك العلام، وتخصيصه بالأسهام بأنه أحب الخلق إلى الله تعالى في خبر الطائر المشوي عنه عليه السلام إلى غير ذلك مما ذكر من صفات الاكرام. قلنا: إنما عدل عن ذكر النص لوجهين:
1 - لو ذكره فأنكروه حكم بكفرهم حيث أنكروا متواترا.
2 - إنهم قصدوا في الشورى الأفضل فاحتج عليهم بما يوجب تقديمه في زعمهم.
قالوا: طلب العباس مبايعة علي دليل عدم النص. قلنا: إنما طلبها لما جعلوها طريقا فأراد أن يسبقهم إلى بيعته بما يلتزمون بصحته.
قالوا: طلب علي بيعة أصحابه دليل على عدم نصه قلنا: الخلافة حقه فله التوصل إليها بما يمكنه.
قالوا: بويع أبو بكر ولم يدع أحد لعلي نصا. قلنا: جاء من وجوه ذكره البخاري والإصفهاني وغيرهم.
قالوا: طلبت الأنصار منهم أميرا ومنهم أميرا فلا نص. قلنا: علي لم يحضرهم
حملوها يوم السقيفة أثقالا | تخف الجبال وهي ثقال |
ثم جاؤوا من بعدها يستقيلون | وهيهات عثرة لا تقال |
قالوا: جهل الأول والصحب الوصية لعلي. قلنا: فكيف نقلوها في صحاحهم عن النبي وإنما ذلك لجحودهم بعد عرفانهم كما قال تعالى في الكفار: (و جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا))(1) وسيأتي تكميل ذلك في رد الشبهات والمعترفون بوجود حديث الغدير وهم الجل والجمهور كما ستعرفه في كتبهم طعنوا بما هو أوهن من بيت العنكبوت في دلالته لما لم يتمكنوا من الطعن في متنه.
فرواه أحمد بن حنبل في مسنده بطريق ثمانية: علي بن أبي طالب، والبراء ابن عازب، وزيد بن أرقم، وشعبة، وأبي الطفيل، وبريدة، والفضل، وعبد الله ابن الصقر، ورواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في مسنده بطريق ثمانية أيضا رباح، و زاذان، وابن أرقم بطريقين، وسعيد بن وهب، وشعبة، والبراء، وعبد الرزاق.
وأورده أحمد ابن عبد ربه في الجزء التاسع والعشرين من كتاب العقد، و أورده مسلم في الجزء الرابع من صحيحه على حد ثمان قوائم من أوله وذكره الثعلبي في مواضع من تفسيره وذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين من أفراد مسلم وذكره رزين العبدري في الجزء الثالث من الجمع بين الصحاح الستة وفي سنن أبي داود السجستاني وصحيح الترمذي.
ورواه في المناقب في اثني عشر طريقا الفقيه الشافعي علي بن المغازلي وقال:
حديث صحيح رواه مائة نفس وهو ثابت لا أعرف له علة تفرد علي بهذه الفضيلة لم يشركه فيها أحد. هذا آخر كلامه.
وأسنده في كتاب الخصائص محمد بن علي النظنزي الذي قال فيه محمد بن النجار
____________
(1) النمل: 14.
فأنت الإمام بما قد رووه | وأنت الوصي وأنت الخليفة |
ومن لا يدين بما قد رووه | يخالف جهد الدين الحنيفة |
أما غيرهم فجماعة كثيرة أيضا منهم ابن عقدة أورده من مأة وخمسين طريقا وأفرد له كتابا، وأبو جعفر الطوسي من مأة وخمسة وعشرين طريقا، ورواه صاحب الكافي عن الجعابي في كتاب نخب المناقب برواة عدتهم سبعة وثمانون نفسا.
وقال محمد بن شهرآشوب: سمعت الهمذاني يقول: أروي هذا على مائتين وخمسين طريقا. وقال: جدي سمعت الجويني يقول: شاهدت مجلدا ببغداد في رواة هذا الخبر مكتوب عليه المجلد الثامنة والعشرون ويتلوها التاسعة والعشرون وقال برهان الدين القزويني: إنه سمع ذلك من بعض أصحاب أبي حنيفة، و أسنده في الشافي بما يزيد على مائة إسناد.
ومنهم الشيخ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري فقد أورده من نيف وسبعين طريقا وأفرد له كتابا سماه كتاب الولاية.
منها: بإسناده إلى زيد بن أرقم لما نزل النبي صلى الله عليه وآله بغدير خم في حر شديد أمر بالدوحات فقممت ونادى: الصلاة جامعة فاجتمعنا فخطب خطبة بالغة ثم قال إن الله تعالى أنزل إلي: (بلغ ما أنزل إليك [ من ربك ] وإن لم تفعل فما بلغت
فسألت جبرائيل أن يستعفيني من ربي لعلمي بقلة المتقين، وكثرة المؤذين لي واللائمين، لكثرة ملازمتي لعلي وشدة إقبالي عليه، حتى سموني أذنا فقال تعالى فيهم: (الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم) ولو شئت أن أسميهم وأدل عليهم لفعلت، ولكني بسترهم قد تكرمت، فلم يرض الله إلا بتبليغي فيه.
فاعلموا معاشر الناس ذلك فإن الله قد نصبه لكم إماما وفرض طاعته على كل أحد، ماض حكمه جائز قوله، ملعون من خالفه مرحوم من صدقه، اسمعوا وأطيعوا فإن الله مولاكم وعلي إمامكم ثم الإمامة في ولدي من صلبه إلى يوم القيامة لإحلال إلا ما حلله الله وهم، ولا حرام إلا ما حرمه الله وهم، فصلوه فما من علم إلا وقد أحصاه الله في ونقلته إليه.
لا تضلوا عنه، ولا تستنكفوا منه، فهو الذي يهدي إلى الحق ويعمل به، لن يتوب الله على أحد أنكره، ولن يغفر له، حتم على الله أن يفعل ذلك، وأن يعذبه عذابا نكرا أبد الآبدين فهو أفضل الناس بعدي ما نزل الرزق وبقي الخلق، ملعون من خالفه.
قولي عن جبرائيل عن الله (فلتنظر نفس ما قدمت لغد) افهموا محكم القرآن ولا تتبعوا متشابهه، ولن يفسر لكم ذلك إلا من أنا آخذ بيده، شائل بعضده، ألا وقد أديت، ألا وقد بلغت، ألا وقد أسمعت، ألا وقد أوضحت.
إن الله قال، وأنا قلت عنه، لا تحل إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره، ثم رفعه إلى السماء حتى صارت رجله مع ركبته صلى الله عليه وآله وقال:
معاشر الناس! هذا أخي ووصيي، وواعي علمي، وخليفتي على من آمن بي وعلى تفسير كتاب ربي، اللهم إنك أنزلت عند تبيين ذلك في علي: (اليوم أكملت
معاشر الناس! آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزل معه من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت. النور من الله في ثم في علي ثم في النسل منه إلى القائم المهدي.
معاشر الناس! سيكون من بعدي أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون وإن الله وأنا بريئان منهم إنهم وأنصارهم وأتباعهم في الدرك الأسفل من النار، و سيجعلونها ملكا واغتصابا، فعندها يفرغ لكم أيها الثقلان، ويرسل عليكما شواظ من نار، ونحاس فلا تنتصران.
معاشر الناس! عدونا كل من ذمه الله ولعنه، وولينا كل من أحبه الله ومدحه.
ثم ذكر صلى الله عليه وآله الأئمة من ولده، وذكر قائمهم، وبسط يده وأوصاهم بشعائر الاسلام، ودعاهم إلى مصافقة البيعة للإمام، وقال: إن ذلك بأمر الملك العلام.
معاشر الناس! قولوا أعطيناك على ذلك عهدا من أنفسنا وميثاقا بألسنتنا و صفقة بأيدينا نؤديه إلى من رأينا وولدنا، لا نبغي بذلك بدلا وأنت شهيد علينا، و كفى بالله شهيدا.
قولوا ما قلت لكم، وسلموا على علي بإمرة المؤمنين، وقولوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، فإن الله يعلم كل صوت، وخائنة كل عين، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه، ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما.
قولوا ما يرضى الله عنكم، وإن تكفروا فإن الله غني عنكم.
وبالجملة فهذا أمر لشهرته لا يحتاج الولي إلى إثباته لمن جحد، ولا يستطيع المولي نفيه وإن جهد، وقد فهم كل من حضر ذلك المشهد السني، ما أراده النبي صلى الله عليه وآله لعلي فلا يخرجه إلى التأويل سوى الغبي الغوي.
وفي رواية ابن مردويه وهو من أعيانهم إنهما لم يفترقا حتى نزلت (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) الآية فقال النبي صلى الله عليه وآله الله أكبر على كمال الدين وتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، والولاية لعلي بن أبي طالب وروى نزولها فيه أبو نعيم أيضا.
قالوا: لو دل على الإمامة لكان إماما في حياة النبي صلى الله عليه وآله لإطلاق الخبر ولعموم ولاية النبي الأوقات، فكذا هنا. قلنا: الاطلاق لا يقتضي العموم، وقد قال تعالى (المؤمنون بعضهم أولياء بعض) وذلك في بعض الأحوال وبعض الأزمان، وقد علم كل أحد أن الخليفة لا يكون حال حياة من نصبه، بل بعد ذلك، فلم يجب تصرفه في حياته بالأمر والنهي.
إن قيل: فإذا خرج عن عمومه حال الحياة، فليحرج ما بعدها إلى آخر ولاية عثمان، قلنا إنما أخرجنا من العموم حياة الموصي للعرف أما بعدها فلا رافع للعموم.
إن قيل: لولا ثبوت عموم الولاية لبطل قول عمر أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، قلنا: التهنية في الحال تقتضي ثبوت الاستحقاق في الحال لا ثبوت الأمر والنهي في الحال.
وقد استأذن حسان بن ثابت في ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقول فيه فأذن له فقال: