ترجمة المؤلف بقلم آية الله أغا بزرك الطهراني:
(العلامة البياضي: وكتابه الصراط المستقيم)
قد كنا كتبنا إلى سماحة الحجة الكبير آية الله الإمام الشيخ أغا بزرك الطهراني دام ظله أحد الأعلام المجتهدين في النجف الأشرف، وطلبنا منه أن يتفضل بترجمة مؤلف هذا الكتاب الشيخ البياضي قدس سره، فأجابنا في هذه الآونة (بعد طبع المجلد الأول) مشكورا بإرسال هذه الترجمة الضافية المهمة وقد ضمنها كثيرا من الفوائد والنكات والتحقيقات ولا غرو فسماحته اليوم وقبل اليوم حجة الباحثين وإمام المؤرخين، فنشكره ونسأل الله أن يمد في عمره الشريف.
|
الناشر
الحمد لله الذي هدانا إلى الصراط المستقيم، وعرفنا المستحقين للتقديم بما أنزله في الذكر الحكيم، على نبيه الكريم، اللهم فصل عليه وعلى أوصيائه الحفاظ لشرعه القويم.
وبعد: فإن عددا من المؤلفين والناشرين الذين يحسنون الظن بهذا العاجز وينظرون إليه بعين الرضا، يعرضون عليه آثارهم ونتاجهم بين الفينة والأخرى طالبين تقريظها وإبداء الرأي فيها تارة، وتقديمها للقراء أخرى، وكأن هؤلاء - ولا سيما البعداء ممن هم خارج النجف الأشرف أو العراق - لا يعلمون بأنني (وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا(1))، (ولم تبق إلا صورة اللحم والدم).
____________
1 - سورة مريم: آية 4.
أهم بأمر العزم لو أستطيعه | وقد حيل بين العير والنزوان |
وقبيل مدة وجيزة كتب إلي من طهران الوجيه الموفق والفاضل الشهم الشيخ عبد الكريم المرتضوي زاده الله توفيقا وتأييدا: أنه عازم على نشر كتاب (الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم) للشيخ البياضي العاملي رفع الله درجته، وأجزل مثوبته، وطلب مني كتابة مختصر عن حياة المؤلف وبيئته، وصحة سند الكتاب و وثاقته، وقد أهملت طلبه لضعفي وعجزي، بالرغم من وجاهة الطلب، وأهمية الكتاب وجلالة قدر المؤلف، إلا أنه قد كرر الطلب وطالب بالإجابة، مما اضطرني للتحامل على نفسي وبعث ما بقي من الهمة وتحريك اليراع الكيل ليؤدي حق المقام - ولا أراه قادرا - فكان ما يراه القاري، وأرجو مخلصا أن يسلم من الهفوات والهنات، و الأخطاء والغفلات، وإن وجد فيه أهل الفضل تساهلا في التعبير، أو تقصيرا في
____________
1 - سورة النحل: 169.
لا عمد، وسهو لا قصد.
تمهيد:
إمتاز جبل عامل بخصائص تفوق بها على كثير من البلاد، واختص بمزايا فضلته على سائر البقاع والأصقاع، فقد اشتهر بنقاء التربة ورقة الهواء، وطيب المناخ وعذوبة الماء، وأثرت تلك العوامل في أهله فأخصبت أذهانهم، وأرهفت أحاسيسهم وفتحت قرائحهم، وصقلت عقولهم، وأنارت قلوبهم، وأضاءتها بنور العرفان فكان منهم الحجج الاثبات، والدعائم والأركان، والعباقرة والنوابغ، والأجلاء و الأكابر، الذين صاروا غرة ناصعة في جبين الدهر، يفخر تاريخ الجبل بهم، ويباهي بأمجادهم ومآثرهم ولعل أبرز خصائص هذا الجبل الأشم، وأظهر مميزاته وأهمها، سبقه إلى التشيع؟
فتاريخ التشيع فيه قديم قدم الاسلام، وتنص المصادر الوثيقة ويثبت الاستقراء: أن التشيع في تلك المناطق وما والاها أقدم منه في كل بلاد الاسلام ما عدا الحجاز، فقد سبق إلى ذلك في مدينة الرسول أقوام استضاؤا بنور الله تعالى، فاقتدوا بسنة رسوله، و حفظوا عهده، وتمسكوا بالثقلين بعده، فكانوا السابقين الفائزين، والقدوة الطيبة لأبناء الفرقة الناجية من أهل الحق واليقين، وكان غارس بذرة التشيع في تلك البلاد، من الشام وما والاها، هو الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري - ره - فقد نفاه عثمان إلى الشام فالتف أهلها حوله، وتنقل في بعض قراها وكان لدعوته أثرها الطيب، ولغرسه ثمره الجني(1)، فقد تشيع على يده يومذاك كثير من الناس، و نما التشيع شيئا فشيئا في تلك الأطراف حتى أصبحت عاملة من بلاد الشيعة المعدودة(2)
____________
(1) راجع:
1 - تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 149 2 - مروج الذهب: ج 2 ص 349.
2 - تاريخ ابن خلدون: ج 2 ص 385.
(2) راجع (مجالس المؤمنين) ص 34 و (أعيان الشيعة) ج 1 ص 524 وغيرهما.
ومن الخصائص المهمة والمزايا الفاضلة، التي اختص بها هذا الجزء من بلاد الاسلام، وحظت بها هذه البقعة المباركة من أرض الله الواسعة، كثرة من تخرج منها من العلماء، فمنذ قرون متطاولة وأجيال متعاقبة وهذه البقعة من الأرض تزخر بالمواهب وتموج بالقابليات، وتربي العلماء الأعلام ومشايخ الاسلام، فقد نبغ فيها في كل جيل مئات من أعيان العلماء وأثبات الفقهاء، ولم تبق منطقة في سفح هذا الجبل أو قمته إلا وقد ظهر منها الأفذاد وخلدوا اسمها في الغابرين. قال القاضي نور الله المرعشي التستري(2) ما ترجمته: (ما من قرية هناك إلا وقد خرج منها جماعة من علماء الإمامية وفقهائهم). وقال الحر العاملي(3): (وقد سمعت من بعض مشايخنا أنه
____________
(1) أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل: ص 424.
(2) مجالس المؤمنين، ص 34 الطبعة الثانية - (3) أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل: ص 425.
وليس ذلك غاية في الغرابة فهناك مدن اشتهرت بكثرة تخريج العلماء والأدباء لكن الغرابة في الميزة التي تجلت في علماء جبل عامل من حيث العظمة، فالعلماء العامليون بالرغم من كثرة عددهم عظماء وعباقرة، ونوابغ وأفذاذ، وجملة منهم يعدون من أعظم علماء المسلمين وأساطين الدين، وزعماء المذهب الشيعي وعمد الطائفة وأركانها، وقد مرت بعض الفترات صارت الرحلة فيها إلى جبل عامل إذ ظهر هناك أعلام، قصدهم الطلاب من كل صوب وحدب كما اتفق ذلك في عصر المحقق الميسي المتوفى سنة 938 هـ فقد بلغ عدد تلامذته أربع مئة، ونذكر على سبيل المثال عددا من مشايخ الاسلام العامليين ونموذجا من عظماء العلم المحققين ليكون تذكرة للمبتصرين وهم:
1 - الشهيد الأول: الشيخ محمد بن مكي الجزيني المستشهد سنة 786 هـ وهو أول من هذب كتب الفقه الجعفري عن أقوال المخالفين، وكتابه (اللمعة الدمشقية) من كتب الفقه الدراسية في عواصم العلم الشيعية إلى اليوم.
2 - المحقق الثاني(1): الشيخ علي الكركي صاحب (جامع المقاصد) والمتوفى سنة 940 هـ. وهو أول من قال بنظرية (الترتب) في علم الأصول، وأنكر على أساسها ثمرة الضد، و (نظرية الترتب) من أدق النظرات العلمية ولا تزال موضع بحث عند العلماء المعاصرين، وقد كان شيخنا المحقق الآخوند محمد كاظم الخراساني صاحب (الكفاية) يرى الترتب محالا، بينما كان المحقق الميرزا حسين النائيني يراه من البديهيات.
____________
(1) المحقق الأول: هو الشيخ أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي المتوفى سنة 676 هـ صاحب (شرايع الاسلام) وخال العلامة الحلي.
والشهيد الثاني أول من ألف في الدراية من علماء الشيعة، وكانت شهادته سنة 966 هـ(1).
4 - الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي الجبعي، والد البهائي، والمتوفى سنة 984 هـ. وهو أول من استدل على حجية الاستصحاب بالروايات كما ذكره الشيخ الأنصاري في (الرسائل). ومسألة الاستصحاب من المسائل المهمة المترامية الأطراف المتشعبة المباحث، وقد كانت غامضة المأخذ عند كثير من علماء الإمامية الذين لا يعملون بالقياس ولا بالظن الذي لم يقم على حجيته دليل مقطوع الحجية، وقد اعتنى بالتأليف فيها كثير من العلماء لا سيما المتأخرون وقد ذكرنا ما ظفرنا به من مؤلفاتهم(2) وكل ذلك شرح لحديث واحد استخرجت منه هذه الفوائد(3).
5 - السيد محمد بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي الجبعي المتوفى سنة 1009 هو سبط الشهيد الثاني وهو صاحب (مدارك الأحكام) المشهور الذي لا يستغني عنه فقيه، وقد أتم به شرح جده لأمه الشهيد الثاني (مسالك الأفهام في شرح شرايع الاسلام).
6 - الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني، والمتوفى سنة 1011 هـ. صاحب كتاب (معالم الأصول) الذي هو من الكتب الدراسية في الجامعات والمعاهد الشيعية، و
____________
(1) لقد فاز بدرجة الشهادة عدد كبير من علماء الشيعة وكبرائهم منذ العصر الأول إلى أيامنا، وقد ذكر جملة وافرة من أولئك الحجة النوري، وألف الشيخ عبد الحسين الأميني كتابا في تراجم الشهداء أسماه (شهداء الفضيلة) وقد أنهى عددهم إلى ثلاثين ومئة شهيد، وقد طبع في النجف في سنة 1355 ه، إلا أن أحدا من أولئك الأعاظم والأجلاء لم يفز بقلب (الشهيد) حتى لا يعرف إلا به، غير الشهيدين العامليين أعلى الله درجاتهما، وقد التفت إلى ذلك شيخنا الحجة والمحجة الميرزا حسين النوري رحمه الله، ونبه عليه في (مستدرك الوسائل) ج 3 ص 428 - (2) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 2 ص 24 - 26.
(3) مستدرك الوسائل: ج 3 ص 876.
7 - الشيخ البهائي: محمد بن الحسين بن عبد الصمد الجبعي المتوفى سنة 1030 هـ وهو من شيوخ الاسلام المشهورين المتفننين في سائر العلوم، وكتبه (الصمدية) في النحو، و (الخلاصة) في الحساب، و (تشريح الأفلاك) في الهيئة. من الكتب الدراسية في الجامعات الدينية الشيعية.
8 - الحر العاملي: الشيخ محمد بن الحسن بن علي المشغري المتوفى سنة 1104 هـ وهو صاحب (تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل السريعة) ويقال (الوسائل) تخفيفا، وهو أحد الجوامع المتأخرة الكبرى للمحمدين الثلاثة 1 - الوافي 2 - البحار 3 - الوسائل. وهو حاو لجميع أحاديث الكتب الأربعة التي عليها مدار العمل عند الشيعة، وهو أحسن من (الوافي) و (البحار) وقد فصلنا الكلام عنه في محله(1).
هؤلاء الفحول الثمانية نموذج صغير لنوعية السلف الصالح من علماء جبل عامل، وقد استمر في تخريج العلماء الأبدال والعظماء حتى عصرنا الحاضر، فقد عاصرنا جمهرة من رجاله بلغوا من العلم الذروة والسنام، وحسبنا من المعاصرين على كثرتهم شيخ الاسلام وزعيم المسلمين وحجة المتكلمين المرحوم السيد عبد الحسين شرف الدين(2) صاحب (المراجعات) و (الفصول المهمة) و (النص والاجتهاد) و (أبو هريرة) وغيرها، وهذه الكثرة في عدد علماء جبل عامل، وتلك الآثار القيمة التي ألفوها هي التي حدت بشيخنا الحر إلى تأليف كتاب خاص بتراجمهم(3)
____________
(1) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 4 ص 352 - 353.
(2) تراجع ترجمتنا للسيد في (طبقات أعلام الشيعة) ج 1 ص 1080 - 1088.
(3) هو كتابه (أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل) ذكرنا خصوصياته في (الذريعة) ج 2 ص 350.
نكتفي بهذا القدر من خصائص بلاد عاملة وما أسبغ عليها من فضل وشرفت به من مزايا، ومن ذكر حالها وعلمائها وما لهم من مكان رفيع في دنيا الشيعة، وما خلفوه من ذكر جميل وأثر جليل، سيبقيان ماكر الجديدان وتعاقب الملوان، وقد جعلنا ذلك تمهيدا لترجمة العلامة البياضي لأنه من أبناء هذه البلاد ورجال العلم النابهين الذين أنبتتهم تلك التربة الطاهرة نباتا حسنا، ورحم الله الشاعر الذي يقول:
وإذا نظرت إلى الديار وجدتها | تشقى كما تشقى الأنام وتسعد |
وقد آن لنا أن نشرع في ترجمة الشيخ البياضي العاملي فنقول:
اسمه ولقبه:
هو الشيخ أبو محمد زين الدين علي بن يونس العاملي، النباطي، البياضي العنفجوري، البقاعي.
كنيته أبو محمد باتفاق كل من ذكره، ولقبه نور الدين من غير خلاف أيضا فقد صرح به كل من نوه عنه ما عدا المجلسي فإنه لما ذكر كتابه (الصراط المستقيم)(3) لقبه بـ (نور الدين)، واسمه علي ووالده محمد كما صرح به بنفسه في إجازته ومؤلفاته، واسم جده يونس بالاجماع لكن الخلاف في أنه جده الأدنى أو الأعلى أما هو فقد كان يعبر عن نفسه روما ويكتب اسمه هكذا: (علي بن محمد بن يونس).
____________
(1) راجع (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) ج 3 ص 337 - 339.
(2) راجع (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) ج 4 ص 411.
(3) بحار الأنوار: ج 1 ص 8.
____________
(1) رياض العلماء وحياص الفضلاء: مخطوط يوجد في مكتبتنا (مكتبة صاحب الذريعة العامة) في النجف ص 586.
(2) روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات: 400.
(3) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 1 ص 221، و ج 3 ص 8، و ج 10 ص 14 و ج 11 ص 230، و ج 12 ص 21، و ج 15 ص 36 و 172.
(4) أعيان الشيعة: ج 42 ص 31.
(5) أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل: ص 446.
(6) الكنى والألقاب: ج 2 ص 101، والفوائد الرضوية: ج 1 ص 241 ومعجم المؤلفين: ج 7 ص 266. وغيرهم مما يأتي عند ذكر مصادر الترجمة.
(7) قال أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي في كتابه (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم) في حوادث سنة 459 هـ في ج 8 ص 246 ما نصه: (... في هذه الأيام بنى أبو سعيد المستوفي الملقب شرف الملك مشهد أبي حنيفة، وعمل لقبره ملبنا وعقد القبة وعمل المدرسة بإزائه وأنزلها الفقهاء ورتب لها مدرسا، فدخل أبو جعفر البياضي للزيارة فقال ارتجالا:
ألم ير أن العلم كان مشتتا | فجمعه هذا المغيب في اللحد |
كذلك كانت هذه الأرض ميتة | فأنشرها فضل العميد أبي سعد |
وقال المحدث القمي في (الكنى والألقاب) ج 2، الط 2، ص 101: (وقد يطلق البياضي على الشريف العباسي أبي جعفر بن مسعود بن عبد العزيز المتوفى سنة 468 هـ الخ) وليس لدينا الوقت الكافي لمعرفة نسبته ومعلوم أنه من العامة.
ولعله قرية بجبل عامل). واحتمل السيد الأمين(2) أنها نسبة إلى (عين فجور) وهي قرية كانت بقرب لبايا من أعمال البقاع في طريق دمشق قال: العين باقية إلى اليوم والبقاعي نسبه ذكرها لنفسه في إجازة له فقال: البياضي البقاعي. ولم يعد إلى ذكرها ثانية ولعلها نسبة إلى البقاع التي قال عنها الحموي(3): (هو أرض واسعة بين بعلبك وحمص ودمشق فيها قرى كثيرة أكثر شربها من عين تسمى (عين البحر) وهناك قبر الياس النبي عليه السلام).
ولادته:
لم نقف فيما ظفرنا به من مؤلفاته وإجازته، ورأيناه من مصادر ترجمته على ما يعين سنة ولادته بشكل أكيد، لكن يستنتج من بعض القرائن أنها كانت في أوليات القرن التاسع، فقد فرغ من نظم أرجوزته (ذخيرة الإيمان) في سنة 824 هـ. وشرحها بنفسه(4) وفرع من تأليف رسالته المنطقية (اللمعة) كما صرح به الإصفهاني(5) والخوانساري(6) في سنة 838 هـ. فيظهر من التاريخين أنه كان في سنة 830 هـ من الماهرين في الشعر والبارعين في النثر، ومن أهل التصنيف والتأليف القابلين للإفادة أو من رجال العلم المبرزين الذين يؤلفون في المنطق وفي الكلام، فتكون ولادته في حدود سنة 804 أو 805 هـ. على وجه التقريب لا التحديد. وقد كان معاصرا للشيخ
____________
(1) رياض العلماء وحياض الفضلاء: ص 586.
(2) أعيان الشيعة: ج 42 هامش ص 31.
(3) معجم البلدان: ج 2 ص 250.
(4) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 10 ص 14 (5) رياض العلماء وحياض الفضلاء: مخطوط ص 586.
(6) روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات: ص 400 الط الأولى.
مشايخ روايته:
لم يتعرض في مؤلفاته وإجازته إلى ذكر مشايخه في القراءة، كما لم يتعرض لذلك أحد من مترجميه، نعم صرح في إجازته للشيخ ناصر البويهي المتوفى سنة 583 هـ باسم اثنين من مشايخه في الرواية وهما:
1 - السيد زين الدين علي بن دقماق. وقد وصفه في الإجازة بقوله: (رب الفضائل بالاطلاق، المبرز على الكائنات في الآفاق، السيد زين الدين علي بن دقماق) ثم قال: (وهذا القطب يروي بالإجازة عن الشيخ الفاخر علي بن حسن بن مظاهر).
أقول: الشيخ علي هذا هو الذي كتب له فخر المحققين ابن العلامة الحلي الإجازة المفصلة في سنة 741 هـ وقد أثبت صورتها العلامة المجلسي في الإجازات(2).
2 - الشيخ جمال الدين بن المطهر. وقد وصفه في الإجازة المذكورة بقوله.
(الشيخ المعظم، والبحر المفعم، والعلم المفتخر، والنفس المتعطر، الشيخ جمال الدين أحمد بن الحسين بن مطهر). وذكر أن هذا القطب يروي بالإجازة عن علي ابن مظاهر الذي ذكرنا أنه أجيز من فخر المحققين عن والده العلامة الحلي.
فالبياضي يروي عن فخر المحققين بواسطتين: أولاهما القطبان المذكوران، وثانيتهما علي بن مظاهر المجاز من الفخر.
الراوون عنه:
من المعلوم أن العلامة البياضي الذي كانت له تلك المكانة العلمية السامية، و
____________
(1) ولعله نسبة إلى (سيور) قرية من لواحق الحلة لم تذكر في معجم البلدان وأورده الشيخ يوسف كركوش في كتابه (تاريخ الحلة) الطبعة الثانية. هذا وقد ذكره البهبهاني في تعليقاته على الرجال الكبير طبعة 1306 ص 238 بعنوان المقداد بن عبد الله السوراوي، وسورا مذكور في المعجم فليراجع.
(2) بحار الأنوار: ج 25 ص 46.
إننا لم نقف على أسماء أكثر من ثلاثة من الراوين عن العلامة البياضي، و نحن واثقون بأن هناك أضعاف هذا العدد قد فاتنا، إذ ليس من الممكن أن يعيش عالم كبير نحو ثمانين سنة في بلد العلم والعلماء جبل عامل، وفي القرن التاسع الذي كانت لم تزل فيه العناية بالغة بالحديث والرواية والإجازة والاستجازة، ولا يحضر عليه أو يأخذ عنه أو يستجيزه غير ثلاثة، وهذا فيما نرى من البديهيات، و
____________
(1) الفصول المهمة في تأليف الأمة: الطبعة 2 ص 140.
1 - الشيخ ناصر البويهي المتوفى سنة 853 هـ(1). فقد كتب له إجازة قبل أن يؤلف كتابه (الصراط المستقيم) بسنتين، وقال في أول الإجازة ما لفظه: (التمس مني الشيخ الطاهر، ذو الفضل الظاهر، والجود الزاخر، والعلم الوافر، المولى الأجل الشيخ ناصر الدين بن إبراهيم البويهي الحساوي، إجازة لجملة من مصنفات علماء الشيعة الإمامية، ونقال الشريعة المصطفوية، فأجبته إليها). ثم كتب البياضي صورة إجازة فخر المحققين التي كتبها للشيخ علي بن حسن بن مظاهر المفصل فيها بعض كتب الشيعة، وقد أجازها الشيخ علي بن مظاهر للقطبين المذكورين اللذين كانا من مشايخ الشيخ البياضي كما ذكرناه آنفا، ثم كتب البياضي في آخرها ما لفظه: (يقول العبد الفقير الراجي عفو ربه الغني القدير، علي بن محمد بن يونس البياضي البقاعي: إني قد أجزت هذه الكتب على ما نصبت وشرحت أولا، للشيخ الأجل ناصر المنوه باسمه سالفا، فليروها لمن شاء وأحب، فإنه أهل لذلك، وكتب في ليلة الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر شعبان سنة اثنتين وخمسين وثمانمئة، و الحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم). وقد أثبت العلامة المجلسي هذه الإجازة بتمامها(2) وذكرنا ملخصها في الإجازات(3) وبما أن صاحب (أنوار البدرين في علماء الأحساء والقطيف والبحرين) لم يذكر الشيخ ناصر البويهي، هذا، ناسب أن نذكره باختصار: فقد ذكره الشيخ الحر(4) مصرحا بأنه من آل بويه الوزراء المشهورين، وأنه ولد ونشأ في الأحساء وهاجر إلى عيناث من بلاد جبل عامل، وتتلمذ على الشيخ ظهير الدين محمد بن علي العيناثي، وذكر بعض تصانيفه، وما نقله عن خط الشهيد الثاني من أنه وصفه بقوله:
____________
(1) جاء في (فهرست كتابخانه اهدائى آقاى سيد محمد مشكاة) ج 3 ص 595 عند ذكر البياضي أنه مجاز من الشيخ ناصر بن إبراهيم الخ. والصحيح أنه المجيز لا المجاز.
(2) بحار الأنوار: ج 25 ص 46.
(3) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 1 ص 221 (4) أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل: ص 456.
أقول: يظهر أن البويهي استجاز البياضي قبل وفاته بسنة فقد ذكرنا أن تاريخ الإجازة سنة 852 وصرح هنا بأن وفاة البويهي سنة 853 هـ. ويروي البويهي أيضا عن أستاذه الشيخ ظهير الدين المذكور. والشيخ أبي القاسم ضياء الدين ابن الشهيد عن والده كما ذكرناه في الإجازات(1) فهؤلاء الثلاثة الشيخ البياضي، والشيخ ظهير الدين محمد، والشيخ ضياء الدين، مشايخ رواية البويهي.
ويروي عن الشيخ ناصر البويهي، الشيخ عز الدين حسين بن علي بن الحسام الذي هو أخو الشيخ ظهير الدين المذكور، فإنه صرح في إجازته التي كتبها للسيد حسين بن المرتضى بن إبراهيم الحسيني الشاري، بأنه يروي عن الشيخ ناصر البويهي وهو يروي عن الشيخ ضياء الدين، عن والده.
2 - الشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي بن محمد بن صالح الكفعمي المتوفى سنة 905 هـ كما أرخه الحلبي(2) فقد نص بعض الإجازات(3) على روايته عن البياضي وسيأتي في أقوال العلماء في البياضي وصفه له بما لا يصفه به إلا المستفيدون من دروسه.
3 - الشيخ شرف الدين بن جمال الدين بن شمس الدين بن سليمان. فقد كتب هذا الشيخ بخطه (الرسالة اليونسية) للبياضي في حياته، وقابلها وصححها مع الأصل، وفرغ منها في سنة 864 هـ. والنسخة اليوم في زنجان في مكتبة السيد الفاضل الجليل السيد محمد رضا ابن العلامة السيد محمد الزنجاني الذي توفي في سنة - 1355 هـ. ودفن في جوار العباس عليه السلام، فالمقابلة والتصحيح مع أصل الكتاب قبل وفاة مؤلفه بثلاثة عشر عاما تشهد بتناول الكاتب لأصل الكتاب من مؤلفه وأخذه منه.
أقوال العلماء فيه:
1 - الشيخ تقي الدين إبراهيم الكفعمي: دون بخطه مجموعة فيها فوائد
____________
(1) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 1 ص 187.
(2) كشف الظنون: ج 2 ص 617.
(3) رأيت الإجازة قديما ولا أذكر خصوصياتها.
2 - الشيخ الحر العاملي(2)، فقد وصفه بقوله: الشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي النباطي البياضي كان عالما فاضلا محققا مدققا ثقة متكلما شاعرا أديبا متبحرا.. الخ.
3 - الميرزا عبد الله الإصفهاني(3)، قال: (الفاضل العالم الفقيه، الأديب الشاعر الجامع، المعروف بالشيخ زين الدين البياضي، وتارة بالشيخ علي بن يونس البياضي، صاحب كتاب الصراط المستقيم، فلا تظنن المغايرة، وكان معاصرا للكفعمي بل كان عصره قريبا من عصر الشيخ ابن فهد الحلي... الخ).
4 - السيد محمد باقر الخوانساري(4) قال: (الشيخ الفاضل المحدث المؤيد المسدد زين الدين أبو محمد إلى أن قال: وعد مولانا؟ المجلسي (ره) كتابه المذكور أولا في جملة ما يستخرج عنه في البحار. إلى أن قال: ولا يخفى أن كتابه المذكور - يعني الصراط المستقيم - كتاب كامل في الإمامة مستوف للأدلة.. الخ
____________
(1) رياض العلماء وحياض الفضلا: مخطوط: ص 586.
(2) أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل: ص 23 الطبعة الثانية.
(3) رياض العلماء وحياض الفضلاء: ص 586 - 587.
(4) روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات: الط 1 ص 400.
6 - السيد الأمين العاملي(2) قال بعد ذكر اسمه ونسبه: (توفي سنة 877 هـ وله كتاب الصراط المستقيم إلى مستحقي القديم مهديا إلى كل ذي عقل سليم، وجدنا نسخة منه في كربلاء مخطوطة، وهو في إثبات الواجب وصفاته والنبوة والإمامة يدل على فضل مؤلفه الخ).
7 - الشيخ عباس القمي(3) قال: (علي بن يونس العاملي النباطي البياضي الشيخ الجليل الفاضل، المحقق المدقق، المتكلم الثقة الرضي، صاحب كتاب الصراط المستقيم، واللمعة في المنطق، ورسالة الباب المفتوح إلى ما قيل في النفس والروح وهذه الرسالة بتمامها مذكورة في كتاب السماء والعالم من البحار، وكتابه الصراط المستقيم كتاب نفيس في الإمامة... الخ).
8 - البحاثة عمر رضا كحالة(4) قال: (علي بن يونس العاملي النباطي البياضي (زين الدين، أبو محمد) فقيه محدث مفسر، أديب لغوي شاعر منطقي، من تصانيفه الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم، زبدة البيان وانسان الانسان المنتزع من مجمع البيان في التفسير، اللمعة في المنطق، الباب المفتوح إلى ما قيل في الروح.
مختصر الصحاح.. الخ).
9 - القاصر أغا بزرك الطهراني(5) قال: (من فقهاء جبل عامل في المئة
____________
(1) ريحانة الأدب في المعروفين بالكنية أو اللقب: ج 1 ص 187.
(2) أعيان الشيعة ج 42 ص 31 - 32 (3) الكنى والألقاب: الط 2 ج 2 ص 101.
(4) معجم المؤلفين، ج 7 ص 266.
(5) الضياء اللامع في عباقرة القرن التاسع: مخطوط في مكتبتنا العامة في النجف الأشرف، ص 90.