التاسعة، ومن أفذاذ العلماء وجهابذة الكلام، وأساطين الشريعة وأفاضل الرجال ألف في الحكمة والكلام، والتاريخ واللغة، والعقائد والفقه، والتفسير وغيرها كتبا دلت على خبرته وتبحره وعلو قدره ومكانته..) وله في غير هذه المصادر تراجم وذكر عاطر، غير أننا نكتفي بهذا القدر من النقل عنها إذ ليس بإمكاننا الرجوع إليها وتصفحها، وعلى أننا سنذكر في آخر الترجمة مصادر غير هذه.
شعره:
صرح غير واحد من مترجمي العلامة البياضي بكونه من الشعراء، ولعل أول من وصفه بالشعر هو الشيخ الحر العاملي لكنه مع قرب عصره منه بالنسبة للباقين لم يذكر شيئا من شعره، وقد تبعه الآخرون ولم يستشهدوا بشئ من شعره كذلك ولم نقف على شعر له في سائر الأغراض الشعرية المعروفة، نعم له نظم في بعض المواضيع العلمية كالرجز وما أشبهه، وذلك ما يتفق لأكثر العلماء لكنه لا يلحقهم بالشعراء وسيأتي عند ذكر مؤلفاته أن له في علم الكلام أرجوزة سماها (ذخيرة الإيمان)(1) تقرب من ستين بيتا، وأولها:
الحمد لله على تمامه | والشكر لله على أنعامه |
وقال في آخرها:
وهذه أرجوزة الضعيف | على اللاجي إلى اللطيف |
والرسل والأئمة الأنجاب | ليشفعوا في موضع الحساب |
سميتها (ذخيرة الإيمان) | هدية مني إلى الإخوان |
والحمد لله العلي الكافي | على الذي أولى ونعم الكافي |
توجد بكاملها في مجموعة بمكتبة السيد حسين بن علي بن أبي طالب الهمداني في النجف الأشرف وأخرى في (مكتبة الشيخ محمد السماوي) في النجف أيضا، وذكر العلامة
____________
(1) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 1 ص 494، و ج 10 ص 14 - 15.
جعلت من الدين القويم صحائفا | هداني إليها...........(2) |
وحررت فيه للولي لطائفا | تجلي عمى عين الغبي وباله |
وأوضحت فيه للغوي طرائفا | سرائرها مطوية في خلاله |
وقررت فيه كل قول منضد | يزحزحه في دينه عن ضلاله |
فلا وامق إلا هدي بكماله | ولا مارق إلا هوى بنصاله |
يساق إليه الموت عند نزاله | ويساق للافحام عند جداله |
وسميته باسم (الصراط) تيمنا | ليسلك فيه للنبي وآله |
وأرجو إلى الرحمن منهم شفاعة | تصرف عني من عظيم وباله(3) |
وله مقطوعة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام أدرجها في الصراط المستقيم، هذا نموذج من نظم البياضي يدل على مبلغ شاعريته وحدود إمكانياته في هذا الباب، وهو تقليدي لا يتعدى حدود الأدب اللفظي الذي لم يتجاوزه العلماء والفقهاء في الغالب.
آثاره العلمية:
إن الثروة العلمية التي تركها علماء الشيعة قديما وحديثا، والمجهودات
____________
(1) أعيان الشيعة: ج 42 ص 31.
(2) كذا في الأعيان والظاهر أن تلفا أصاب طرف الكتاب.
(3) وفي النسخة الموجودة في (مكتبة سيد الشهداء العامة) في كربلاء بيت آخر فيه مادة تاريخ تأليف الكتاب نذكره على ركته:
لنصف وثلث من ربيع آخر أتى | لأعوام (ذق ند) تمام كماله |
كما أثبتنا البيت في (الذريعة) ج 15 ص 36 وفي (فهرست كتابخانه اهدائى آقاى مشكاة) ج 3 ص 596 هكذا:
لنصف وثلث من ربيع آخر أتى | لأعوام (ذق ند) تمام جماله |
يريد أنه تم في 25 رج 2 ر 854 هـ وهو الصحيح.
وحسبنا أن نشير إلى حادثة واحدة مما يخص المؤلفات والمكتبات، وإن كنا قد فصلناها في محلها(2) فإن طغرل بك أول ملوك السلاجقة لما ورد بغداد في سنة 447 وشن حملته المشهورة على الشيعة(3) أمر بإحراق مكتبتهم التي أسسها أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة البويهي في محلة (بين السورين) في كرخ بغداد سنة 381 هـ. وقد كانت من دور العلم المهمة في بغداد بناها هذا الوزير الجليل والأديب الفاضل على مثال بيت الحكمة الذي بناه هارون الرشيد كما ذكر في ترجمته(4) وقد جمع فيها هذا الوزير ما تفرق من كتب فارس والعراق، واستكتب تأليف أهل الصين
____________
(1) سورة التوبة: 31.
(2) حياة الشيخ الطوسي: ص د.
(3) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: ج 8 ص 173 و 179.
(4) وفيات الأعيان: ج 1 ص 199 - 200.
تلك حادثة واحدة مما تعرضت له آثار الشيعة من ضياع وتلف، وقد ذهبت ضحيتها ألوف الآثار، وقد سبقتها ولحقتها حوادث مروعة يشيب لها الأطفال، و فضائح مخزية يندى منها جبين الانسان، غير أن عناية الله تعالى شأنه قد حفظت أصول المذهب الجعفري وفروعه من العبث وصانتها من الدنس، (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)(4) وقد ترك مترجمنا العلامة البياضي ثروة فكرية كبيرة وتراثا علميا خالدا وآثار قيمة في مختلف العلوم الإسلامية، تدل على مكانته السامية ومقامه الرفيع ونحن نعتقد بأن ما وصل إلينا من آثاره ليس كل ما أفرغه من بوتقة التأليف ولا جميع ما أنتجه فكره الثاقب، ولا شك أن بعض آثاره قد ذهب وتلف كما تلفت ألوف المصنفات والأسفار، وإلى القارئ أسماء ما وصل إلينا من آثاره:
1 - إجازته للشيخ ناصر البويهي لقد اعتاد البعض على عدم الاعتداد بالإجازات والاهتمام بها، وهي في الحقيقة وواقع الأمر أحد المصادر الأولى والمنابع الأساسية لمعرفة أحوال الرجال وتراجم العلماء، وبعضي الإجازات الكبيرة يذكر في عداد الكتب والمؤلفات الرجالية لاشتماله على تراجم عدة من أعلام الدين، وسدنة الشرع
____________
(1) خطط الشام: ج 6 ص 185 - (2) معجم البلدان: ج 2 ص 342.
(3) التاريخ الكامل: ح 10 ص 3.
(4) سورة الحجر: 9.
حقيقتها عن أعيننا، فإن العين تبصر غيرهما، ويتعذر إدراك نفسها منها... الخ) وقد نقله المجلسي بتمامه في مجلد السماء والعالم(4).
3 - خطبة بليغة. أثبتها الشيخ الكفعمي في فصل الخطب من كتابه (المصباح) وقال الميرزا عبد الله الأفندي(5): (عندنا منها نسخة).
4 - ذخيرة الإيمان. أرجوزة في علم الكلام، تقدم الحديث عنها مختصرا عند البحث عن شاعريته، وذكرنا أولها وآخرها ومحل وجودها(6).
5 - رسالة في الكلام عدها الشيخ الحر العاملي(7) من تصانيفه والمظنون أنها (الرسالة اليونسية) كما سيأتي بيانه.
6 - زبدة البيان وانسان الانسان في تفسير القرآن. نقل عنه الشيخ الكفعمي في (المصباح) وغيره من مؤلفاته، وقال إنه منتزع من (مجمع البيان) للطبرسي(8)
____________
(1) بحار الأنوار: ج 25 ص 46.
(2) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 1 ص 221.
(3) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 3 ص 7 - 8.
(4) بحار الأنوار: ج 14 ص...
(5) رياض العلماء وحياض الفضلاء: ص 586 مخطوط - (6) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 1 ص 494 و ج 10 ص 14 - 15.
(7) أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل: ص 446.
(8) لشيخنا أمين الاسلام الطبرسي أعلى الله مقامه، ذكر خالد في الغابرين بآثاره الجليلة، وتراجمه المبسوطة والمختصرة في المصادر المعتبرة والمواضيع العديدة، وقد ظهرت له أخيرا ترجمة قيمة بقلم العلامة المتضلع الأستاذ الجليل السيد محمد علي القاضي صدر بها (جوامع الجامع) للطبرسي الذي تصدى لإعادة طبعه بحلة زاهية، ففيها استقر واسع، وفوائد وتحقيقات اعتاد القاضي على تزويدنا بمثلها بين الآونة والأخرى، حفظه الله ونفع به، ووفقه لأمثالها.
(...) - شرح رسالة التكليفية.(4) ذكره الكفعمي بهذا العنوان، وهو (اليونسية) الآتي ذكره.
7 - الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم في الخلافة وإثبات إمامة الأئمة الاثنا عشر عليهم السلام - هذا الكتاب -، وهو أهم آثار المؤلف وأجل مؤلفاته، ومن أنفس الأسفار وأحسن ما كتب في مبحث الإمامة، فقد أجهد فيه نفسه الشريفة، و ألم بالموضوع من أطرافه، وأشبعه بحثا وتحقيقا، وأحكمه بالأدلة العقلية و النقلية، والبراهين القاطعة، والأخبار الصحيحة، والآيات الصريحة، التي لا تقبل التأويل والتفسير بغير ما هي له وفيه. وقد رتبه على سبعة وعشرين بابا الثلاثة الأولى منها في إثبات الواجب وصفاته، ورسالة النبي صلى الله عليه وآله وصفاته أيضا وبقية الأبواب كلها في الإمامة، وقد عد في أوله اثنين وخمسين كتابا أخذ منها ونقل عنها بلا واسطة، وأربعة وثلاثين ومئة كتاب نقل عنها بواسطة آخرين، وقد استدل في أثنائه بأشعار الأكابر والمشاهير، والأخبار المسلمة عند العامة، ونسبة الكتاب إليه ثابتة عند الكل، فقد ذكره كل من ترجم له من عصره إلى عصرنا
____________
(1) رياض العلماء وحياض الفضلاء: مخطوط ص 587.
(2) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 12 ص 21.
(3) أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل: ص 446 (4) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 13 ص 151.
هذا الكتاب مبشر برشاد من | يسلك طرائقه بغير خلاف |
فكأنه المبعوث أحمد إذا أتى | في آخر الأديان بالأنصاف |
وكأنه من بين كتب الشيعة | المتقدمين كسورة الأعراف |
ينبيك عن حال الرجال وما رووا | بعبارة تغني وقول شافي |
سهل الطرائق عذبة ألفاظه | فكأنها ممزوجة بسلاف |
فإذا قرأت أصوله وفروعه | رواك من عذب فرات صافي |
فهو (الصراط المستقيم) ومنهج | الدين القويم لسالكيه كافي |
تأليف من شهدت له آراؤه | بكماله في سائر الأوصاف |
للشيخ زين الدين قطب زمانه | رب المكارم عبد آل مناف |
فلقد أنار منار شيعة حيدر | وأباد من هو للنصوص منافي |
فجزاؤه من أحمد ووصيه | أهل السماحة معدن الأشراف |
أن يمنحاه شفاعة مقبولة | ويخصه......(5).......... |
____________
(1) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 15 ص 36.
(2) فهرست كتابخانه اهدائى آقاى سيد محمد مشكاة: ج 3 ص 595.
(3) فهرست كتابخانه مدرسه عالي سپهسالار: ج 1 ص 275 و 276.
(4) أعيان الشيعة: ج 42 ص 31.
(5) كذا في (أعيان الشيعة) ج 42 ص 32.
8 - عصرة المنجود. في علم الكلام، وسمي في بعض النسخ (عصرة المجود) وهو غير صحيح، والعصرة بضم الأول وسكون الثاني وفتح الثالث وضم الرابع:
المنجاة، والملجأ والمنجود بفتح الأول وسكون الثاني وضم الثالث وسكون الرابع وضم الخامس: الهالك،.. والمغموم وقد ألف البياضي هذا الكتاب بعد (الصراط المستقيم) المذكور، فإنه أحال إليه في مواضع من هذا الكتاب منها البحث السادس من أبحاث الإمامة، وأوله(2): (الحمد لله رب العالمين الذي حصل في العقول وجوب معرفته، ووصل في النقول حتمها على بريته، وجعل الساعي فيها من أكمل الأشخاص، والداعي إليها من أكمل أهل الاختصاص،... إلى قوله وسميته (عصرة المنجود، واستعنت لإتمامه بعناية ذي الجود، ورتبته على أبواب وإلى الله المآب، باب ماهية النظر وما يتبعه، النظر هاهنا هو الفكر في أمور تؤدي إلى المطلوب...) كانت نسخة منه في (مكتبة الشيخ محمد السماوي) في النجف الأشرف، وأخرى عند السيد حسين الهمداني في النجف أيضا منضمة إلى (ذخيرة الإيمان) المذكور.
9 - فاتح الكنوز المحروزة في ضمن الأرجوزة شرح فيه أرجوزته الكلامية المذكورة (ذخيرة الإيمان) وقد رآه بخطه في أصفهان العلامة الأفندي ضمن مجموعة
____________
(1) سورة الكهف: 47.
(2) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 15 ص 272.
10 - الكلمات النافعات في تفسير الباقيات الصالحات. شرح فيه كتاب (الباقيات الصالحات) في شرح التسبيحات الأربع من تأليف شيخنا السعيد الشهيد الأول أبي عبد الله محمد بن محمد بن مكي الجزيني، ذكر الميرزا عبد الله الأفندي أنه مما كان في مجموعة الرسائل التي رآها عند السيد أحمد البحراني(2) وقد وقف عليها الخوانساري(3) أيضا.
11 - اللمعة في المنطق، ألفه في سنة 838 هـ كما مرت الإشارة إليه عند تحديد ولادة البياضي كما صرح به كل من الشيخ الحر(4) والميرزا الإصفهاني الأفندي(5) والخوانساري(6).
12 - مجموعة الرسائل والفوائد المتفرقة. رآها العلامة الأفندي في كتب السيد أحمد البحراني في أصفهان، وقال(7): (إن المجموعة كلها بخط الشيخ البياضي فيها من تأليفاته... إلى قوله: وفيها أخبار وآثار وكتب وأشعار وقصائد ورسائل متفرقة من تصانيف غيره.)
13 - المقام الأسنى في تفسير أسماء الله الحسنى. ذكره الأفندي وقال(8) إنه جيد الفوائد. وقد أدرجه الكفعمي في كتابه المسمى بالمقام الأسنى أيضا، الذي ألحقه بكتابه (البلد الأمين).
____________
(1) رياض العلماء وحياض الفضلاء: ص 588.
(2) المصدر المذكور: ص 588.
(3) روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات: ص 400 (4) أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل: ص 466.
(5) رياض العلماء وحياض الفضلاء: ص 588.
(6) روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات: ص 400.
(7) رياض العلماء وحياض الفضلاء: ص 588.
(8) رياض العلماء وحياض الفضلاء ص 775.
أقول: المظنون قويا كونه (اللمعة) المذكور نفسه، وأن تسميتها بـ (الملحة) تصحيف. لا سيما وأنهما في المنطق.
14 - منخل الفلاح. ذكره الشيخ الكفعمي في (المصباح)، وقال الأفندي(2) (إنه بعينه نجد الفلاح - الآتي - الذي ذكره الكفعمي).
أقول: إن (نجد الفلاح) هو مختصر الصحاح كما صرح به الكفعمي في (فرج الكرب) والأفندي في (الرياض) فالمنخل الذي ذكره بعد (نجد الفلاح) يكون غيره حتما، والظاهر أن هذا هو (مختصر المختلف) الذي ذكره الشيح الحر العاملي(3) وأنه منخل لتفريق ما هو الفلاح من المختلفات، والله العالم.
15 - نجد الفلاح في مختصر الصحاح. قال في (الرياض): أنه عين (منخل الفلاح) ولكن الصحيح أنهما اثنان، وأن المنخل مختصر (المختلف) الذي ذكره صاحب (الأمل).
16 - اليونسية في شرح التكليفية. شرح فيه (المقالة التكليفية) تأليف الشهيد الأول، والمقالة رسالة مبسوطة مرتبة على خمسة فصول، مدارها على خمسة مطالب مطلب: ما، وهل، ومن، وكيف؟، ولم؟. فالثلاثة الأول في الفصل الأول والرابعة في الفصل الثاني، والخامسة في الفصل الثالث، والفصل الرابع في الترغيب والخامس في الترهيب(4) وهذا الشرح من الآثار القيمة والكتب الجليلة المهمة
____________
(1) المصدر المذكور: ص 587.
(2) المصدر السابق: ص 588.
(3) أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل: ص 446.
(4) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 4 ص 408 وهناك في السطر الخامس خطأ حيث جاء قول الشهيد هكذا: لم يخلق عبثا. بينما الصحيح: لم يخلق الخلق عبثا، وقد أشير إلى ذلك في جدول الخطأ والصواب.
وهناك في السطر العاشر من تلك الصفحة خطأ لم ننبه عليه وقد وقع نظرنا عليه عند تحرير هذه السطور. وهو تسمية البياضي بيونس بينما هو علي بن محمد بن يونس.
هذا ما وقفنا عليه أو ظفرنا بذكره أو الإحالة إليه من مؤلفات شيخنا البياضي تغمده الله برحمته، وعسى أن يكون هناك ما لم نهتد إليه ونقف عليه، (وفوق كل ذي علم عليم(2)).
المعاصرون له:
سبقت الإشارة في هذه الصفحات أكثر من مرة إلى أن علماء الشيعة قد اضطهدوا وتشتتوا وتفرقوا في البلدان، والتجأ الكثير منهم إلى إخفاء آثارهم ومآثرهم وكتمان علومهم وأسرارهم إلا عن الخواص، ولا سيما في القرون الأولى وإلى ما بعد القرن العاشر الهجري، ما عدا فترات قصيرة، ومدن نائية بعيدة، كان لهم فيها صوت مسموع، وعلم مرفوع، ومعاهد وربوع، للإفادة والاستفادة، والتوجيه والتبشير، وقد سبب ذلك ضياع المجهودات العلمية لكثير من نوابغ العلماء وعباقرة الحكماء، وأجلاء الفقهاء، وأكابر المتكلمين، وأساطين اللغة، وفرسان البيان، و شيوخ القريض، وغيرهم، بل حتى إلى ضياع أسمائهم وتراجمهم، فقد ضاعوا و ضاعت ونسوا ونسيت، غير أن الله تعالى شأنه وفقنا إلى إحياء كثير من هؤلاء وإعادة ذكرهم، وتدوين كل صغيرة وكبيرة عنهم، فقد خصصنا المئة التاسعة يجزء
____________
(1) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 11 ص 230، و ج 13 ص 151.
(2) سورة يوسف: 75.
لقد عاصر شيخنا العلامة الأكبر البياضي عددا من فحول العلم، وأساطين الدين وأعلام الشريعة، وعمد المذهب، في جبل عامل، والحلة، والنجف الأشرف وغيرها من مدن الشيعة، وعواصم العلم، نذكر منهم على سبيل المثال وبقصد التبرك والتشرف أفرادا، فمنهم:
1 - الفاضل المقداد السيوري، وهو ابن عبد الله الحلي المتوفى سنة 826 هـ.
2 - الشيح حسن بن راشد الحلي تلميذ المقداد.
3 - الشيخ أبو العباس أحمد بن فهد الحلي المتوفى سنة 841 هـ.
4 - الشيخ يوسف بن محمد بن إبراهيم الميسي الذي دون (مجموعة الرسائل الكلامية) في سنة 834 - 852.
5 - الشيخ زين الدين علي بن الحسن بن محمد بن صالح اللويزي المتوفى سنة 861 هـ والد الشيخ شمس الدين محمد الجبعي المتوفى سنة 886 هـ.
6 - الشيخ عز الدين الحسن بن يوسف الكركي الشهير بابن العشرة المتوفى سنة 862 هـ.
7 - السيد حسين العالم الصارمي.
8 - الشيخ محمد ابن العجمي.
9 - الشيخ يوسف ابن الإسكاف.
وفاته:
ضبط وفاة العلامة البياضي معاصره المطلع على أحواله، الشيخ الجليل شمس الدين محمد بن علي الجبعي، الجد الأعلى للشيخ البهائي، والأخ الأكبر للشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي الكفعمي، فقد كتب في مجموعته التي ورثها حفيده الشيخ حسين بن عبد الصمد والد البهائي ما لفظه:
(توفي الشيخ زين الدين علي بن يونس البياضي سنة سبع وسبعين وثمانمائة) وعلى ما استظهرناه من تاريخ ولادته تكون مدة حياته نيفا وسبعين سنة. وكتب الشيخ حسين بن عبد الصمد وارث المجموعة فيها تحت خط جده ما يلي: (توفي جدي هذا الكاتب لتاريخ وفاة البياضي بعده بتسع سنين يعني سنة 886). وقد ورث الشيخ البهائي تلك المجموعة من والده، وكتب فيها بعض الفوائد، ثم ملكها العلامة المجلسي فنقل عنها كثيرا من تلك الفوائد في الإجازات(2) وانتقلت إلى الآخرين حتى عصرنا وقد وقفت عليها في (مكتبة مدرسة البروجردي) في النجف الأشرف.
مصادر ترجمته:
لقد تصدى لذكر العلامة البياضي والترجمة له غير واحد من الباحثين والمؤلفين والمفهرسين والمؤرخين، وليس لدينا الوقت الكافي، كما لا تساعدنا الصحة على تتبع تلك المصادر وإحصاء تلك المراجع، ونذكر منها هاهنا ما هو في متناول اليد، و وما لا يحتاج إلى عناء ووقت، وإلى القارئ ما يلي:
____________
(1) بحار الأنوار: ج 25 س 46.
(2) بحار الأنوار: ج 25.
2 - أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل: للشيخ محمد الحر: ص 446 الطبعة المنضمة مع الرجال الكبير.
3 - إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون لإسماعيل پاشا الباباني: ج 2 عمود 66.
4 - بحار الأنوار الجامعة لدر أخبار الأئمة الأطهار. للشيخ المجلسي: ج 25 ص 46.
5 - التكملة: لبروكلمان ج 11 ص 133.
6 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة: للأقل آغا بزرگ الطهراني: ج 1 ص 221 و 494، و ج 3 ص 7 - 8، و ج 4 ص 408، و ج 10 ص 14 - 15، و ج 11 ص 230، و ج 12 ص 21، و ج 13 ص 151، و ج 15 ص 36 و 272. وفي حرف الفاء، والكاف، واللام، والميم، والنون، والياء، من القسم المخطوط...
7 - روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات للسيد محمد باقر الخوانساري:
الطبقة الأولى ص 400.
8 - ريحانة الأدب في تراجم المعروفين بالكنية أو اللقب. للميرزا محمد علي المدرس التبريزي: ج 1 ص 187.
9 - رياض العلماء وحياض الفضلاء. للميرزا عبد الله الأفندي: مخطوط ص - 586 و 7؟ 6.
10 - سفينة البحار ومدينة الحكم والآثار. للشيخ عباس القمي: ج 1 ص 116.
11 - الضياء اللامع في عباقرة القرن التاسع: للأقل آغا بزرك الطهراني:
مخطوط ص 90.
12 - الفوائد الرضوية في أحوال علماء المذهب الجعفرية. للشيخ عباس القمي:
ج 1 ص 341.
14 - فهرست كتابخانهء مدرسة عالي سپهسالار. لابن يوسف الشيرازي: ج 1 ص 275 و 276.
15 - كشف الحجب والأستار عن أسماء الكتب والأسفار. للسيد إعجاز حسين الكنتوري: ص 370.
16 - الكنى والألقاب. للشيخ عباس القمي: الط 2 ج 2 ص 101.
17 - معجم المؤلفين. للبحاثة عمر رضا كحالة: ج 7 ص 269؟.
18 - هدية الأحباب في ذكر المعروفين بالكنى والألقاب. للشيخ عباس القمي ص 110.
خاتمة:
هذا ما ساعدت عليه الحال وسمح به الزمن، وأمكن تقييده وجمعه من ترجمة أحوال وحياة شيخنا العلامة الأجل البياضي نضر الله وجهه وتغمده برحمته، ومعظم ما يراه القارئ في هذه الصفحات هو من تتبعات قديمة، ومراجعات سابقة أمكن جمعها في هذه العجالة وضم بعضها إلى بعض، وأضيف إليها ما جد من أثر ورأي وأنا لا أدعي الاستيفاء والاستقصاء، كما لا أشك بأن في مراجعة بعض المصادر القديمة والحديثة ما يكمل البحث ويفي بالغرض، ويؤدي حق المقام، لكن رعشة اليد وضعف البدن لا يسمحان بما سمحا به قبل اليوم، من عمل متواصل، وسهر طويل، وصبر وجلد، مما كان ولم يزل ألذ متع الحياة عندنا، وأحلى الأماني لدينا، وأنى لنا بذلك اليوم (ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون)(1):
والعمر مثل الكأس | يرسب في أواخره القذا |
فإلى الله لا إلى غيره المتشكى، وعليه لا على غيره المعول في الشدة والرخاء
____________
(1) سوره ياسين: 38.
كتبه بأنامله المرتعشة في مكتبته العامة في النجف الأشرف في أولى ليالي البيض من شهر رمضان المبارك سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وألف.
الفاني آقا بزرك الطهراني عفى عنه
____________
(2) سورة يونس: 10.