هذه لكم فسقوا فتحدث الناس بفضله، فقال خواص المأمون: جئت بهذا الساحر وقد ملأ الدنيا مخرقة؟ وقال حاجبه حميد بن مهران: إن كنت صادقا فأحي هاتين الصورتين فأشار إلى أسدين في مسند المأمون، فصاح بهما فقاما فقال: دونكما الفاجر فافترساه، وقالا: أتأذن لنا ولي الله في أرضه أن نلحق المأمون بصاحبه؟
قال عليه السلام: لا بل عودوا إلى مكانكما.
18 - قال له المأمون يوما: لي حظية يسقط ولدها، فأطرق عليه السلام ساعة ثم قال: لا تخف ستلد غلاما أشبه الناس بها، وفي يده اليسرى خنصر زائد، وفي رجله اليمنى خنصر زائد، فكان كما قال عليه السلام.
19 - قال البزنطي: كنت من الواقفة وأشك في الرضا عليه السلام فكتبت إليه أسأله عن أشياء، ونسيت أهمها فجاء جوابها وفي آخره إنك نسيت الأهم فاستبصرت وقلت: أشتهي أن أخلو بك يا مولاي فبعث إلى مركوبا فدخلت فحدثني من الليل طويلا وأملى علي علوما ثم قال لغلامه: هات ثيابي التي أنام فيها لينام البزنطي فيها، فقلت في نفسي: ليس أحد أحسن حالا مني، وكان قد اتكأ على يديه لينهض، فجلس وقال: لا تفخر على أصحابك بذلك.
20 - خبأ له رجل خارجي مدية مسمومة ليقتله بها، فأعلمه بمكانها فكسرها.
21 - قال الصيرفي سألت الرضا عليه السلام عن أشياء ونسيت أن أسأله عن سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله؟ ند من؟ فبعث غلامه برقعة وإذا فيها: أنا بمنزلة أبي، وقد أعطاني ما عنده من سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله.
22 - أخبر خادمه أبا الصلت الهروي بموضع قبره، وعلمه كلمات يقولها فيمتلئ ماءا ويظهر فيه سميكات، ثم تخرج واحدة كبيرة فتبتلعها، ثم إنه يعيد الكلمات فيذهب الماء.
فلما قضي عليه السلام حضر المأمون حفر قبره، فخرج كما قال، فقال المأمون:
لم يزل يرينا العجائب في حياته وبعد وفاته، وقال وزيره: ألهمت أن هذا مثل
فطلب المأمون من أبي الصلت الكلمات، فقال: قد والله نسيتها فحبسه لذلك سنة فصلى ليلة وتضرع إلى الله في خلاصه، فدخل الجواد عليه السلام فأخرجه والحرس قعود في المشاعيل، ولم يشعروا به، ثم قال عليه السلام: أي البلاد تريد؟ قال: هرات قال: أرخ رداءك على وجهك، ففعل فأخذ عليه السلام بيده قال: فكأنه حولني من يمينه إلى يساره ثم قال: اكشف وجهك فكشفت فلم أره وأنا على باب منزلي بهراة.
23 - الحسين بن عباد كاتب الرضا عليه السلام قال: ذكر موضع قبره، وقال:
إذا حفرتموه وجدتم فيه سمكة من نحاس، مكتوب عليها بالعبرانية فردوها فيه فحفرناها فوجدناها مكتوب عليها: (هذه روضة علي بن موسى الرضا، وتلك حفرة هارون الجبار).
24 - ادعت امرأة اسمها زينب أنها من نسل علي وفاطمة، فكذبها عليه السلام وأتى بها بركة السباع لينزلها وقال: إن كانت كذلك لم تضرها، قالت: فانزل أنت أولا، فنزل عليه السلام ومسح عليها أجمعها ثم أنزلها السلطان قهرا فافترستها.
الثامن
* (محمد بن علي الجواد عليه السلام وهو أمور) *
1 - مسح الإمام الجواد عليه السلام على بصر محمد بن ميمون فعاد.
2 - دخلت حكيمة على أم الفضل بنت المأمون زوجة الجواد عليه السلام فقالت لها: غارني فمضيت إلى أبي فقلت له: إن الجواد يشتمك ويشتم العباس فغضبته فأخذ السيف وهو سكران، فمضى إليه فوجده نائما فقطعه وذبحه، وأنا وياسر الغلام ننظر إليه، ثم رجع ورجعت معه، فبت بأشأم ليلة فلما صحي قلت: فعلت كذا وكذا، فقال: هلكنا والله يا ياسر ائتني بخبره، فمضى فوجده يستاك فتحير وأراد أن ينظر إلى بدنه فقال له: يا مولاي هب لي قميصك فنزعه فلم ير فيه شئ ولا في بدنه أثر جرح، فأخبر بذلك المأمون فحمد الله على ذلك وتعجب منه.
4 - القاسم بن الحسن كنت في طريق مكة فجاءت ريح فأخذت عمامتي من رأسي فذهبت بها فتصدقت برغيف فلما رجعت إلى المدينة قال الإمام عليه السلام لغلامه ائته بعمامته! فأخرج عمامتي بعينها فقلت: كيف صارت إليك؟ فقال: تصدقت على أعرابي فشكر الله لك.
5 - توضأ في أصل نبقة لم تحمل، فحملت لوقتها وأكل الناس منها.
6 - علي بن خالد رأيت بالعراق محبوسا ذا عقل وفهم، فسألته ما قصتك؟
فقال: كنت أعبد بالشام في الموضع الذي يقال: إن رأس الحسين عليه السلام نصب فيه فأتى شخص في ليلة فمشى بي قليلا إلى مسجد الكوفة فصلينا ثم مشى بي قليلا إلى المدينة فصلينا ثم مشى بي قليلا إلى مكة فطفنا، ثم مشى بي قليلا، فإذا أنا بموضعي وغاب عني فتعجبت.
وفي العام المقبل أتاني وفعل بي كما فعل، فقلت له: من أنت؟ قال: محمد بن علي بن موسى، فحدثت بعض من كان يصير إلي فوصل أمري إلى محمد بن عبد الملك الزيات فادعا على المحال، فكبلني وبعث بي إلى هنا فحبسني.
قال علي بن خالد: فكتبت من لسانه رقعة إلى الزيات، فوقع في ظهرها قل للذي فعل بك ما ذكرت يخرجك، فأتاه الإمام عليه السلام فأخرجه وكان علي بن خالد زيديا فحسن اعتقاده.
7 - دخل حسين المكاري عليه ببغداد فلما رأى طيب حاله قال في نفسه: لا يرجع أبدا إلى موطنه فقال: خبز شعير وملح جريش وحرم الرسول أحب إلي مما ترى.
8 - شكى إسماعيل بن عباس إليه ضيق المعاش فأخرج له سبيكة ذهب من التراب.
9 - الحسين الوشاء قلت في نفسي: أسأل أبا جعفر عليه السلام قميصا من ثياب
____________
(1) أي بها ريح توجعه.
10 - قال الصيرفي: كتبت إلى الإمام بأشياء ونسيت أن أسأله عن سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله هل هو عنده؟ فرد الجواب وفي آخره: وعندي سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله إمام بعد إمام.
قال: وأضمرت في نفسي شيئا لا يعلمه إلا الله فدخلت عليه فقال: استغفر مما أضمرت ولا تعد.
قال: وحدثني أنه سيصيبني وجع فخرج في رجلي عرق فأتيته بعد مدة و قلت: عوذها لي، فقال عليه السلام: لا بأس عليها ولكن أعطني الصحيحة فمددتها فعوذها فخرج فيها فقلت: قد عوذها [ قبل ] فعافاني الله منها.
11 - قال داود الجعفري: دخلت عليه ومعي رقاع غير معنونة فتناول واحدة وقال: هذه لريان بن شبيب وثانية وقال: هذه لمحمد بن حميد، وثالثة وقال:
هذه لفلان فبهت(1) فنظر إلي وتبسم.
12 - مات رجل فجاء إليه عليه السلام ابنه يشكو إخفاء ماله فقال عليه السلام: صل العشاء وصل على محمد وآله فإنه يأتيك ويخبرك، فكان كما قال عليه السلام.
13 - قال لأمية ابن علي وحماد بن عيسى: لا تخرجا اليوم فخالفه حماد فغرق بالسيل.
14 - عمران ابن محمد قلت له: إن زوجتي يسألك ثوبا من ثيابك يكون لها كفنا قال عليه السلام: قد استغنت عنه، فخرجت وأخبرت أنها ماتت قبل ذلك.
15 - أحمد بن حديد خرجنا جماعة حجاجا فنهبنا، فدخلت عليه عليه السلام المدينة فأعطاني دنانير وقال: فرقها على قدر ما ذهب لكم، ففعلت فكانت بقدره لا زيادة ولا نقيصة.
16 - دخل عليه من أهل الري جماعة وفيهم رجل زيدي فقال لغلامه: خذ
____________
(1) يقال باه له: أي تنبه له.
17 - أخبر عن قوم يسلكون طريق الشام بأنهم سيضلون بمكان كذا، و ينتهون بمكان كذا فكان كما قال 18 - خبى له المأمون سمكة اصطادها باز واستخبره عنها، فقال وهو صبي:
خلق الله في بحر قدرته سمكا صغارا تصيدها بازات الخلفاء، يختبرون بها سلالة الأنبياء.
التاسع
* (علي بن محمد الهادي وهو أمور) *
1 - حديث عبد الرحمن الإصفهاني قال: كنت بباب المتوكل فأمر بإحضاره عليه السلام ليقتله فرأيته فجئته فابتهلت الله في نفسي بأن يدفع عنه فنظر إلي وقال:
قد استجاب الله دعاك وطول عمرك وأكثر مالك وولدك، فارتعدت ووقعت بين أصحابي وسألوني ما شأنك؟ فلم أخبرهم وكان كما قال عليه السلام فقلت بإمامته.
2 - يحيى بن هرثمة الحشوي: بعثني المتوكل إلى المدينة في ثلاثمائة رجل لنحضر الهادي مكرما فقال رجل من أصحابي خارجي لكاتبي الشيعي: إن من قول صاحبكم أنه لا يخلو بقعة من قبر فمن أين لنا بأن على هذه البرية قبورا؟ فسكت فضحكنا ثم دخلنا على الإمام عليه السلام فأعلمناه فخرج معنا بالخفاتين والبرانس واللبابيد فتعجبت ونحن في تموز وهو حر الحجاز وتعجبت من الرافضة حيث قالت بإمامته مع قصور فهمه.
فلما وصلنا إلى موضع المناظرة في القبور، ارتفعت سحابة وأرسلت علينا بردا كالصخور(1) فشد عليه وعلى غلمانه الثياب، ودفع إلي لبادة وإلى الكاتب برنسا قال: فقتل من أصحابي ثمانون بتلك البردة فقال لي: انزلوا ادفنوهم هكذا يملأ الله هذه البرية قبورا فرميت نفسي وقبلت ركابه، وشهدت له بالخلافة، ولزمت خدمته إلى أن مضى عليه السلام.
____________
(1) البرد - بالتحريك - حب الغمام، فقد يكون كبيرا كالحصاة وقد يكون أكبر مثل الصخور.
فقلت: لمن الدار؟ قيل: لابن الرضا عليه السلام قلت هذه أولا فخرج خادم وقال:
أنت يوسف بن يعقوب؟ قلت: نعم، وهذه ثانية فدخل وخرج وقال: هات الدنانير في الكاغد من كمك فقلت: وهذه ثالثة ثم أدخلني عليه فقال: ما آن لك؟ قلت:
قد ظهر ما فيه كفاية، قال: إنك لا تسلم ولكن يسلم ولدك اذهب فسترى ما تحب فكان كما قال.
قال هبة الله: فلقيت ابنه فأخبرني أن أباه مات نصرانيا وأنه أسلم بعده، و كان يقول: أنا بشارة مولاي.
4 - كان ليحيى بن زكريا حمل فقال له: ادع الله أن يرزقني ابنا فقال: رب ابنة خير من ابن فولد له بنت.
5 - شكا إليه أيوب بن نوح ما يناله من الأذى فكتب إنك تكفاه إلى شهرين فعزل في الشهرين.
6 - أصاب رجلا برص فجلس في طريقه ليسأله العافية فلما قدم قام إليه ولم يسأله فقال له ثلاث مرات: تنح عافاك الله فانصرف فنام ليلته، فلما أصبح لم ير على بدنه شيئا منه.
7 - حضر عند المتوكل مشعبذ فقال: إن أخجلت علي بن محمد أعطيتك ألف دينار، فقال: اخبز لي رقاقا فأحضرها وأحضره، ففعل، فأراد الإمام تناول واحدة فطيرها المشعبذ في الهواء فأراد ثانية فطيرها فأراد ثالثة فطيرها فضحك الناس فضرب عليه السلام بيده إلى صورة أسد وقال: خده فابتلعت الرجل وعادت صورة.
فسأل المتوكل رده فقال عليه السلام: لا يرى بعدها تسلط أعداء الله على أولياء الله؟
فلم ير بعدها.
9 - قال الجعفري: كان للمتوكل مجلس فيه طيور لا يسمع أحد شيئا من أصواتها فإذا دخل الهادي أمسكت فإذا خرج عادت، وكان له فراريج(1) تتفل فإذا دخل الإمام أمسكت.
10 - قال الجعفري: جاءت امرأة إلى المتوكل وزعمت أنها زينب بنت فاطمة البتول فأحضر الهادي عليه السلام وأعلمه بها فقال عليه السلام: إن كانت صادقة تنزل إلى بركة السباع، فإن لحوم الفاطميين حرام عليها، فقالت: إنه يريد قتلي فطلبوا أن ينزل عليه السلام فنزل فتمسحت به السباع وبسطت أيديها بين يديه فمسح عليها، فأقرت المرأة أنها كاذبة، فأراد أن يلقيها إلى السباع فشفعت أمه فيها.
11 - قال خيران الأسباطي: قدمت المدينة على الهادي عليه السلام فقال: ما فعل الواثق؟ قلت: في عافية، قال: فابن الزيات؟ قلت: الأمر له فقال عليه السلام: مات الواثق وقتل ابن الزيات بعد خروجك بستة أيام فكان كما قال 12 - نزل عليه السلام عن الفرس ليكتب كتابا فصهل ثلاثا فقال له الإمام عليه السلام بالفارسية: اذهب إلى موضع كذا فبل ورث وعد! ففعل.
قال أحمد بن هارون: فوسوس إلي الشيطان، فقال الإمام عليه السلام: لا يعظم عليك إنما أعطى الله آل محمد أكبر مما أعطى داود وسليمان.
13 - أحمد بن عيسى: رأيت النبي صلى الله عليه وآله في النوم فأعطاني كف تمر فعددته خمسة وعشرين تمرة، فلما قدم الهادي عليه السلام دخلت عليه فأعطاني كف تمر وقال:
لو زادك رسول الله لزدتك، فعددته، فإذا هو خمسة وعشرون.
14 - قال ابن أورمة: دخلت على الهادي عليه السلام الحبس وقد عزموا على قتله فبكيت قال: لم؟ قلت: مما أرى، فقال عليه السلام: لا تبك فإنه لا يلبث أكثر من
____________
(1) الفروج - كتنور - فرح الدجاجة خاصة، والجمع فراريج.
15 - أمر الخليفة العسكر أن يحضر بأحسن زينة وأكمل عدة، ليرهب الإمام به، فقال: كل يأخذ في مخلاته من هذا التراب ويصبه في موضع كذا، ففعلوا فإذا به تل، فصعده وأصعد الإمام ليريه فقال عليه السلام: وأنا أعرض عليك عسكري فأراه ملائكة ما بين المشرق والمغرب فغشي عليه، فلما أفاق قال: لا عليك نحن لا ننافسكم في الدنيا بل مشغولون بالآخرة.
16 - قال أبو العباس: لما خرجنا مع الهادي إلى العراق، خفنا خوفا شديدا وأخذنا عطش وتعبنا، فنظر إلينا وقال: عرسوا وكلوا واشربوا فتعجبت حيث لا شجر ولا ماء، فأخذت القطار لأنيخه وإذا بشجرتين عظيمتين، يستظل بهما عالم من الناس، وعيون ماء تسيح في أرض نعرفها، وفينا من سلكها مرارا فجعلت أنظر إليه وأتأمله وهو ينظر إلي ويتبسم، وزوي عني وجهه، فدفنت سيفي في الموضع وعلمته بحجرين وغائط، فلما رحلنا ساعة فرجعت فلم أجد شيئا مما كان، ووجدت السيف، فلما لحقته قال: فعلتها؟ قلت: نعم، وقد كنت شاكا فأصبحت متيقنا.
17 - بعث المتوكل إليه وقد هيا له من يقتله، فلما قدم نزل إليه ورحب به، وخضع له ورده مكرما، وقال للقوم: لم لم تقتلوه؟ قالوا: رأينا حوله أكثر من مائة سياف.
18 - قال أبو هاشم: دخلت على الهادي عليه السلام فكلمني بالهندية فلم أحسن فمص عليه السلام حصاة ودفعها إلي فمصصتها فتكلمت بثلاث وسبعين لسانا.
19 - قال الجعفري: شكوت إليه ضيق يدي فقبض كفا من الرمل وقال:
اتسع بهذا واكتم فإذا هو ذهب.
20 - أنزل الإمام عليه السلام المتوكل في خان فقال صالح بن سعيد: في كل الأمور يريد التقصير بك، فأومأ بيده فإذا أنهار وجنات، فيها ولدان وخيرات، فتعجبت فقال: حيث كنا هذا لنا.
العاشر
* (العسكري عليه السلام وهو أمور) *
1 - لما مضى الهادي عليه السلام قام العسكري بتغسيله وإصلاح شأنه، فأخذ بعض الخدم شيئا من ماله، فلما تفرغ أحضرهم وأعلم كل واحد بما قد أخذ، فاعترفوا وأحضروه.
2 - قال الجعفري: ركبت يوما مع العسكري فافتكرت في قضاء ديني فانحنى على سرجه وخط بسوطه ثم قال لي: انزل فخذ واكتم، فنزل فإذا سبيكة ذهب جاءت على وفق دينه من غير نقيصة، ففكر في شؤونه فنزل فإذا سبيكة فضة فكانت على وفق نفقته بالاقتصاد.
3 - أحمد بن جعفر حججت من جرجان فحمل معي مال فوافيت الإمام عليه السلام بسر من رأى فقلت في نفسي: لمن أسلمه؟ فابتدأني وقال عليه السلام: سلمه لخادمي ثم قال: إنك تحج وترجع سالما أول نهار الجمعة لثلاث من ربيع الآخر، فإذا رجعت فأعلم أصحابك أني أوافيهم في ذلك النهار، قال: فلما رجعت في الوقت الذي ذكره أعلمتهم فتهيئوا له، فقدم وقال عليه السلام: صليت الظهر [ ين اليوم ] بسر من رأى فأول من سأله النضر بن خالد في بصره فمسح عليه فبرأ.
4 - قال علي بن محمد: سألت الإمام الحاجة فأعطاني مائة دينار وقال: إنك قد دفنت مائتي دينار، وستحرمها أحوج ما تكون إليها، فأخذه ابني وهرب بها.
5 - دخل عليه رجل يماني جسيم فقال عليه السلام: هذا من لد الأعرابية صاحبة الحصاة التي طبع فيها آبائي بخواتيمهم، ثم أخذ الحصاة فطبعها بخاتمه.
وصاحبات الحصاة ثلاث هذه هي أم غانم والثانية حبابة الوالبية والثالثة أم سليم.
6 - كتب إلى أحمد بن طاهر أني نازلت الله في هذا الطاغي يعني المستعين، و هو آخذه بعد ثلاث، فقتل كما قال عليه السلام.
8 - قال علي بن زيد: كان لي فرس جميل فقال لي الإمام عليه السلام: استبدل به قبل المساء إن قدرت، فشححت به، فمات في العتمة، فدخلت عليه وقلت في نفسي: لو أخلف علي، فابتدأني عليه السلام وقال: نعم نخلف عليك وأعطاني برذونا.
9 - قال الجعفري: شكوت إليه الحبس فكتب إلي أنت تصلي الظهر في منزلك فكان كما قال: فأردت أن أطلب منه معونة، فاستحييت فبعث إلي بمائة دينار وكتب: إذا كانت لك حاجة فلا تستحي واطلبها.
10 - كلم غلمانه بلغاتهم ولهم ألسن مختلفة، فتعجب بصير الخادم في نفسه فقال له: إن الله يبين حجته في خلقه، وأعطاه معرفة كل شئ.
11 - قال ابن الفرات: كنت أشتهي الولد فمر بي الإمام عليه السلام فقلت: تراني أررق ولدا؟ فقال عليه السلام برأسه: نعم، فقلت: ذكر؟ فقال عليه السلام برأسه: لا، فولد لي أنثى.
12 - أخبر عليه السلام المحمودي أنه سيولد له ذكرانا فولد له أربعة.
13 - أتى شاب من المدينة من ولد أبي ذر ليرى الإمام عليه السلام ويسمع منه فخرج عليه السلام على الناس فنظر إليه وقال: غفاري أنت؟ قال: نعم، قال: ما فعلت أمك حمدونة؟ قال: صالحة.
14 - قال ابن الفرات كانت لي على ابن عمي عشرة آلاف درهم قد منعنيها فكتبت إلى الإمام عليه السلام أسأله الدعاء فكتب: إنه سيرد عليك مالك، وهو ميت بعد بجمعة، فرده فقلت: مالك؟ قال: رأيت أبا محمد في النوم فقال: دنا أجلك فرد مال ابن عمك.
15 - استسقى المسلمون فلم يسقوا، فخرج راهب نصراني فسقوا فشك الناس فبعث المتوكل إلى الإمام: إلحق أمة جدك فخرج عليه السلام وأخذ من يد الراهب
16 - خرج الإمام عليه السلام على جماعة فرفع قلنسوته ووضعها، وضحك في وجه واحد منهم فقال: أشهد أنك حجة الله، قالوا: ما شأنك؟ قال: كنت شاكا فيه فقلت في نفسي: إن أخذ القلنسوة من رأسه قلت بإمامته.
17 - دخل علي بن زيد ثم نهض فلم يتكلم، فقال له: لا بأس على منديلك هي مع أخيك، قال: وكانت سقطت مني فوجدتها عند أخي.
18 - محمد بن الربيع: دخل في قلبي شئ من مقالة الثنوية فنظر إلي الإمام وقال: أحد أحد.
19 - قال أبو العينا(1): ربما دخلت على الإمام فأعطش فأجله عن الماء فيقول: يا غلام اسقه الماء، وربما حدثني نفسي بالنهوض فيقول: آته بدابته.
20 - قال الأقرع: قلت في نفسي: الاحتلام شيطنة فكتبت إلى الإمام عليه السلام أسأله عن الاحتلام فورد الجواب: أعاذ الله الأئمة من لمة الشيطان كما حدثتك نفسك، وحالهم في النوم كاليقظة لا يغير النوم منهم شيئا.
21 - محمد بن عبد العزيز: رأيت الإمام عليه السلام فقلت في نفسي: أصيح (أيها الناس هذا حجة الله عليكم) فوضع سبابته على فمي وأشار إلي أن: اسكت.
22 - قال الحجاج العبدي خرجت إلى البصرة وابني ضعيف، فكتبت إلى الإمام أسأله الدعاء له، فكتب إلي: رحمه الله إن كان مؤمنا، فورد كتاب من البصرة أنه مات يوم كتب الإمام، وكان قد شك في إمامته.
23 - وقع الإمام وهو طفل في بئر وأبوه يصلي، فصاح النسوان فلما فرغ من صلاته قال: لا بأس عليه، فرأوه وقد ارتفع الماء به إلى رأس البئر.
24 - ذرق الخفافيش على قبور العباسيين وغيرهم، ولا يرى ذلك في قباب الأئمة عليهم السلام فضلا عن قبورهم، إلهاما من الله لإجلالهم.
____________
(1) هو مولى عبد الصمد بن علي عتاقة، كذا في الكافي.
في ثيابه قصة يخبر فيها السلطان بما تقولون فيه، ففتشوه فأخذوها منه كما قال عليه السلام.
26 - يوسف بن محمد وعلي بن بشار: كان الوالي في وقت يعظم الإمام فدخل عليه بمكتوف وقال: وجدته على باب حانوت فهممت بضربه فصاح أني من شيعة علي، فكففت عنه، فهل هو كذلك؟ فقال عليه السلام: لا، فأمر بضربه فكانت العصا لا تصيبه فجاء به الوالي إلى الإمام وقال: رأيت عجبا، فقال: هو لنا محب إن شيعتنا يتبعون جميع أمرنا.
27 - قال أبو هاشم قلت في نفسي: أطلب من الإمام فضة أصوغها خاتما أتبرك به، فنسيت فلما أردت النهوض رمى إلي خاتما وقال: أردت فضة فأعطيناك خاتما.
28 - قال أبو هاشم: سمعت الإمام عليه السلام يقول: إن الله تعالى ليعفو يوم القيامة عفوا لا يخطر ببال العباد، حتى يقول المشركون: (والله ربنا ما كنا مشركين(1)) قال: فذكرت في نفسي ما كان قاله رجل لي (إن الله يغفر الشرك) فقال الإمام عليه السلام: (إن الله لا يغفر أن يشرك به)(2) بئس ما قال الرجل.
الحادي عشر
* (صاحب الزمان وهو أمور) *
1 - قالت حكيمة: قرأت على أمه نرجس وقت ولادته التوحيد، والقدر وآية الكرسي، فأجابني من بطنها بقراءتي ثم وضعته ساجدا إلى القبلة فأخذه أبوه وقال: انطق بإذن الله فتعوذ وسمى وقرأ (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض) الآيتين(3) وصلى على محمد وعلي وفاطمة والأئمة واحدا
____________
(1) الأنعام: 23 (2) النساء: 48 و 116.
(3) القصص: 5 و 6.
2 - نسيم ومارية قالتا: لما سقط من بطن أمه، سقط جاثيا رافعا سبابتيه إلى السماء قائلا كلما يعطس: الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله، زعمت الظالمون أن حجة الله داحضة.
3 - قال طريف عن نضر الخادم: دخل على الإمام وهو في المهد فقال: أنا خاتم الأوصياء، وبي يدفع الله البلاء عن أهلي وشيعتي.
4 - جاء كامل المدني يسأل العسكري عن مقالة المفوضة قال: فلما وصلت قلت في نفسي: أرى أنه لن يدخل الجنة إلا أهل المعرفة ممن عرف معرفتي فخرج فتى إلينا ابن أربع سنين ونحوها، فقال: مبتدئا باسمي: جئت تسأل عن أنه هل يدخل الجنة إلا من قال بمقالتك؟ قلت: نعم، قال: إذا يقل داخلها، والله ليدخلنها قوم يقال لهم الحقية يحلفون بحق علي ولا يعرفون حقه، وجئت تسأل عن مقالة المفوضة: كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله، قال: فنظر إلي العسكري وقال:
ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك الحجة من بعدي، وأسند ذلك جعفر بن محمد إلى محمد بن أحمد الأنصاري قال أبو نعيم: وحدثني كامل بذلك ورواه أيضا أحمد بن علي برجاله إلى أبي نعيم.
5 - لما مات العسكري عليه السلام بعث المعتضد ثلاثة نفر يكبسوا داره، ومن لقوه فيها يأتونه برأسه، ففعلوا فدخلوا الدار فرأوا سردابا وفي ذلك السرداب ماءا ورجلا على الماء يصلي على حصير، ولم يلتفت إلينا، فسبق أحمد بن عبد الله فطفر إليه فهم أن يغرق فخلصوه وطفر آخر فكان كذلك، فخلصوه، فانتهروا وعادوا إلى المعتضد فاستكتمهم.
6 - بعث إليه يعقوب الغساني بعشرة دراهم فرد [ ها ] إليه وقال: أعطنا
____________
(1) الإسراء: 81.
7 - محمد بن مهزيار(1) حمل أبي مالا وأخرجني معه فضعف في الطريق، فقال لي: يا بني ردني فهو الموت، واتق الله في هذا المال، فمات فقدمت العراق فقمت أياما على الشط كاتما أمري وإذا برسول معه رقعة: يا محمد معك كذا وكذا، و قص جميع ما جرى فسلمت إليه المال وبقيت أياما مغتما فخرج إلي: أقمناك مقام أبيك فأحمد الله.
8 - أخبر علي بن زياد أنه يموت سنة ثمانين فمات فيها فبعث له كفنا.
9 - عن بدر غلام أحمد بن الحسن قال: لما مات يزيد بن عبد الملك أوصى إلي أن: أدفع الشهري والسمند والسيف والمنطقة إلى مولاه، فقومتها في نفسي بسبع مائة دينار، ولم أطلع أحدا فإذا الكتاب من العراق: وجه بالسبعمائة دينار التي لنا قبلك عن الشهري والسمند والسيف والمنطقة.
10 - يوسف بن أحمد الجعفري: انصرفت من الحج إلى الشام فنزلت أصلي فرأيت أربعة في محمل فتعجبت منهم فقال لي أحدهم: تركت صلاتك، قلت: وما أعلمك بذلك مني قال: أتحب أن ترى صاحب زمانك؟ قلت: إن له علامات قال:
فرأيت الجمل وما عليه يرتفع إلى السماء.
11 - قال الصفواني: رأيت القاسم بن العلا وقد عمر مائة وسبع عشرة سنة وقد ورد إليه رسول صاحب الأمر فيه نعيه، وموته بعد أربعين يوما، وأنه سيصح بصره قبل موته بسبعة أيام وكان قد عمي دهرا.
وكان له صديق ناصبي فقرأ عليه الكتاب وقال: إن الله تعالى قال: (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت(2)) وقال: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول)(3) ومولاي هو المرتضى
____________
(1) في الكافي محمد بن علي بن مهزيار راجع ج 1 ص 518.
(2) لقمان: 34.
(3) الجن: 26.
12 - قال أبو سورة وكان من مشايخ الزيدية بالكوفة: خرج شاب حسن الوجه من عند قبر الحسين عليه السلام إلى البرية فتبعته فقال: مر بنا فنمنا وانتبهنا فإذا نحن بمسجد السهلة فقال: هذا منزلي فحفر بيده فنبع الماء فتوضأ وصلى ثم قال: ادخل الغري وقل للزراري يعطيك صرة من تحت رجل السرير بعلامة كذا ومغطاة بكذا، فإنه يخرج إليك ويده ملطخة بدم الأضحية، فقلت: من أنت قال: محمد ابن الحسن.
فرجعت إليه فخرج إلي كما ذكر فقلت له: شاب صفته كذا وكذا يقول لك كذا وكذا، فمسح يده على وجهه وأعطاني الصرة فتشيعت وبرئت من الزيدية.
13 - قال الضرير: حضرت مجلس عمي الحسين فزريت على الناحية فقال لي: كنت مثلك إلى أن ولاني السلطان قما، وكان كلما بعث إليها واليا حاربته أهلها، فلما سرت عرض لي طريدة فأوغلت في أثرها فطلع علي فارس تحته شهباء فسماني فقلت: ما تريد؟ قال: لم تزري على الناحية، ولم تمنع أصحابي خمسك؟
فارتعدت منه وقلت: لا أعود، فقال: إنك تدخل قما عفوا فامض راشدا ثم ولى فتفقدته يمينا وشمالا فلم أره فرجعت وأتيت البلدة فقال لي أهلها: كنا نحارب من يجيئنا فأما إذا أتيت أنت فلا خلاف بيننا، فأقمت بها زمانا واكتسبت منها مالا فوشي بي فعزلت إلى بغداد، فدخلت علي الناس ومنهم العمري فلما خلا بي قال: صاحب الشهباء يقول: قد وفينا ما وعدنا، ففتحت له الخزائن فدخل وأخذ خمسها وانصرف.
قال الضرير فلما حدثني عمي بذلك تحققت الأمر وزال عني الشك.
قال معروف: فكلما وضعه شخص لم يستقر، فوضعه شاب أسمر، فاستقر وانصرف فتبعته أخراه وهو يمشي ولم ألحقه، فالتفت إلي وقال: هات الرقعة فناولته إياها فقال من غير أن ينظر فيها: لا عليه من هذه العلة بأس وسيكون ما لا بد منه بعد ثلاثين سنة، فكان كما قال.
15 - قال أبو محمد الدعجلي: رأيته عليه السلام بالموقف فقال يوشك أن تذهب عينك هذه بعد أربعين يوما فبعد الأربعين خرج فيها قرحة فذهبت.
16 - حمل أحمد بن إسحاق إلى العسكري عليه السلام جرابا فيه صرر، فالتفت عليه السلام إلى ابنه وقال: هذه هدايا موالينا، فقال الغلام: لا تصلح، لأن فيها حلالا و حراما، فأخرجت، ففرق بينها وأعلم بكمية كل صرة قبل فتحها.
17 - أخبر الإمام عليه السلام الأسترآبادي بأن معه خرقة خضرة فيها ثلاثون دينارا منها واحد شامي فقال: هاتها فأخرجها فكانت كما قال 18 - قال أبو الرجاء المصري: خرجت في طلب الإمام بعد مضي أبيه، فقلت في نفسي: لو كان شئ لظهر بعد ثلاث سنين، فسمعت صوتا ولا أرى شخصا: يا نصر بن عبد ربه قل لأهل مصر: هل رأيتم رسول الله فآمنتم به؟ قال: وما كنت أعلم أن اسم أبي عبد ربه.
19 - قال أحمد بن أبي روح: دفعت إلي امرأة من أهل دينور كيسا مختوما وقالت: لا تحله ولا تؤديه إلا إلى من يخبرك بما فيه، وفيه قرطي وثلاث حبات لؤلؤ، ويخبرك قبل سؤالك ممن استقرضت أمي عشرة دنانير لأدفعها إليه، فحملت ذلك وجئت إلى باب العسكري عليه السلام فخرج خادم برقعة فيها أودعتك عاتكة بنت الديراني كيسا وفيه كذا وكذا، والدنانير التي استقرضتها أمها لكلثم بنت أحمد وهي ناصبية، فلتفرق العشرة في ضعفاء إخوانها.