تذنيب:
وجد بخط الشيخ السعيد أبي عبد الله الشهيد وذكره أيضا شيخنا المفيد في أخبار كثيرة: لا يخرج القائم إلا على وتر من السنين، ويمكن أن تكون ولادته في وقت يقتضي طول غيبته، فقد حكي عن علماء المنجمين أن دور الشمس ألف وأربعمائة، وإحدى وخمسون سنة، وهو عمر عوج بن عنق، عاش من نوح إلى موسى ودور القمر الأعظم ستمائة واثنان وخمسون، وهو عمر شعيب بعث إلى خمس أمم ودور زحل الأعظم مائتان وخمسة وخمسون، قيل: وهو عمر السامري من بني - إسرائيل، ودور المشتري الأعظم أربعمائة وأربعة وعشرون قيل وهو عمر سلمان الفارسي، ودور الزهرة الأعظم ألف ومائة وإحدى وخمسون قيل: وهو عمر نوح ودور عطارد الأعظم أربعمائة وثمانون قيل: وهو عمر فرعون، وقد كان في اليونان مثل بطلميوس، وفي الفرس مثل الضحاك عاش ألف سنة وأقل وأكثر، وقد حكي عن سام إذا مضى من ألف السمكة سبعمائة سنة يكون العدل ببابل، وعن سابور البابلي نحو ذلك، وعن بعض العلماء إذا انقضت سبعمائة سنة يكون الآيات والعدل.
(7)
فصل
* (في شئ من دلائله عليه السلام) *
1 - أسند المفيد في إرشاده إلى ابن مهزيار قال: اجتمع عند أبي مال جزيل فحمله فوعك، فقال: ردني فهو الموت، واتق الله في هذا المال، ومات، فحملت المال إلى العراق وكتمت أمري أياما فإذا رقعة مع رسول فيها يا محمد معك كذا وكذا حتى قص منه شيئا لم أعلمه، فسلمته إلى الرسول، واغتممت بعده أياما فخرج إلي: قد أقمناك مقام أبيك فأحمد الله، وقد أسلفنا هذا الحديث في شئ من معاجزه عليه السلام.
3 - قال محمد بن يوسف الشاشي: خرج بي ناسور فأريته الأطباء فأنفقت عليه مالا فلم يصنع الدواء فيه شيئا، فكتبت رقعة أسأل الدعاء، فوقع ألبسك الله العافية وجعلك معنا في الدنيا والآخرة، فما أتت الجمعة حتى عوفيت، فأريت الموضع طبيبا من أصحابنا، فقال: ما عرفنا لهذا دواء، وما جاءتك العافية إلا من قبل الله بغير احتساب.
4 - علي بن الحسين اليماني قال: تهيأت للخروج من بغداد فكتبت أستأذن فيه، فكتب: لا تخرج فلا خيرة، فخرجت بنو حنظلة على القافلة فاجتاحتهم.
فكتبت أستأذن في ركوب الماء فلم يأذن لي فخبرت أن المراكب في تلك السنة قطع عليها البوارج فلم يسلم منها مركب.
5 - علي بن الحسين قال: دخلت العسكر ولم أتعرف بأحد، فجاءني خادم وقال: قم إلى المنزل فقلت: ومن أنا لعلك أرسلت إلى غيري؟ فقال: لا أنت علي ابن الحسين، وقد كان مع الخادم غلام فساره بشئ فأتاني بجميع ما أحتاج إليه و أقمت عنده ثلاثة أيام واستأذنته في الزيارة من داخل الدار فأذن لي فزرت.
6 - الحسين بن الفضل الهمداني قال: كتب أبي بخطه كتابا فورد جوابه وكتب رجل من فقهاء أصحابنا فلم يرد جوابه، فنظرنا فإذا الرجل قد تحول قرمطيا.
7 - ابن الفضل خرجت إلى العراق أريد الحج وقلت: لا أخرج إليه إلا عن بينة، وأخاف أن يطول أمري فيفوتني الحج فجئت محمد بن أحمد وكان السفير يومئذ أتقاضاه فقال: سر إلى مسجد كذا، فسيلقاك رجل. فسرت فدخل وضحك وقال: لا تغتم فستحج وترجع سالما، فسكن قلبي، فأردت العسكر فخرج إلي صرة فيها دنانير وثوب فرددتها، ثم ندمت، وقلت: كفرت بردها على مولاي، وكتبت رقعة أعتذر فيها وقلت في نفسي: إن ردت إلي لم أفتحها وأحملها إلى أبي، فخرج
8 - الحسن بن عبد الحميد قال: شككت في أمر حاجز، فجمعت شيئا و صرت إلى العسكر فخرج إلي: ليس فينا شك ولا فيمن يقوم بأمرنا، فرد ما معك إلى حاجز بن يزيد.
9 - محمد بن صالح: لما مات أبي كان له على الناس سفاتج من مال الغريم - قال المفيد: يعني صاحب الأمر عليه السلام لأن هذا زمن كانت الشيعة تعرفه وتخاطب به لأجل التقية - قال محمد: فكتبت إليه اعلمه، فكتب: طالبهم واستقض عليهم، فقضوني إلا واحدا مطلني فأخذت بلحيته وسحبته فصاح ابنه هذا قمي رافضي قد قتل والدي فاجتمع علي الأكثر من أهل بغداد فقلت: أنا رجل من أهل السنة وهذا يرميني بالرفض ليذهب بحقي، فطلبوا أن يدخلوا حانوته فسكنتهم عنه، فحلف ليوفيني فاستوفيت منه.
10 - الحسن بن علي بن عيسى قال: لما مضى العسكري عليه السلام جاء رجل من مصر بمال لصاحب الأمر إلى مكة فقيل له: قد مضى بغير خلف، وقيل: خلف أخاه جعفرا، وقيل ولدا. فبعث رجلا بكتاب إلى العسكر يبحث عنه فجاء فسأل جعفرا عن برهان، فقال: لا يتهيأ لي الآن، فصار الرجل إلى الباب ودفع إلى السفراء الكتاب فخرج الجواب: آجرك الله في صاحبك فقد مات وأوصى بالمال الذي معه إلى ثقة. فكان الأمر كما قيل له.
محمد بن شاذان: اجتمع عندي خمسمائة تنقص عشرون فتممتها من عندي، و بعث بها إلى الأسدي ولم أعلمه بالذي من عندي، فورد الجواب: وصل خمسمائة لك منها عشرون.
12 - كتب علي بن زياد يسأل كفنا فخرج إليه: إنك تحتاج إليه سنة ثمانين فبعث به إليه فمات في تلك السنة وقد سلف ذلك في معاجزه.
لي حوانيت قد جعلتها للناحية بذلك، ولم أنطق بها فكتب إلى محمد بن جعفر اقبض الحوانيت بالخمسمائة التي لنا عليه.
فهذه الأمور ونحوها كثيرة تجري مجرى المعاجز الدالة على استحقاق الإمامة ولا يضر نقلها بالآحاد، لتواترها معنى بين خواص الأنام، كما في أكثر معجزات النبي عليه السلام.
(8)
فصل
* (في علامات القائم ومدته وما يظهر في دولته) *
وردت الروايات بأنه يكون أمامه دلالات: خروج السفياني، وقتل الحسني واختلاف بني العباس، وكسوف الشمس في نصف رمضان، والقمر في آخره، و خسف بالمشرق والمغرب، والبيداء، وركود الشمس من الزوال إلى العصر، و طلوعها من المغرب، وقتل نفس زكية بظهر الكوفة، ورجل هاشمي بين الركن والمقام، وإقبال رايات سود من خراسان، وخروج اليماني والمعربي، ونزول الترك الجزيرة، والروم الرملة، وطلوع نجم بالمشرق يضئ كالقمر يتقوس، و نار تظهر بالمشرق وتبقى أياما، وسنورد تفصيل شئ من ذلك وغيره في آثار واردة به.
أسند المفيد في إرشاده أن المنصور قال لسيف بن عميرة: لا بد من مناد من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب ومن ولد فاطمة، ونحن أول من يجيبه، لولا أني سمعته من أبي جعفر محمد بن علي ما قبلته لو حدثني به أهل الأرض.
وأسند إلى عبد الله ابن عمر قول النبي صلى الله عليه وآله: لا تقوم الساعة حتى يخرج المهدي من ولدي، ولا يخرج حتى يخرج ستون كذابا كلهم يقول: أنا نبي.
وأسند إلى أبي جعفر عليه السلام أن من المحتوم خروج السفياني وطلوع الشمس
الحق مع عثمان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون.
وأسند إلى الصادق عليه السلام: لا يخرج القائم حتى يخرج قبله اثنى عشر من بني هاشم كلهم يدعو إلى نفسه.
وأسند إلى علي عليه السلام: بين يدي القائم موت أحمر هو السيف، وأبيض هو الطاعون، وجراد في حينه وغير حينه.
وأسند إلى جابر الجعفي قول أبي جعفر عليه السلام: الزم الأرض ولا تحرك يدا حتى ترى علامات اختلاف بني العباس، ومناد من السماء، وخسف الجابية من قرى الشام، ونزول الترك الجزيرة، والروم الرملة، واختلاف كثير، و تخرب الشام بثلاث رايات: الأصهب والأبقع والسفياني.
وأسند إلى أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين(1)) قال أبو بصير: قلت: من هم؟ قال: بنو أمية وشيعتهم، قلت: وما الآية؟ قال: ركود الشمس من الزوال إلى العصر، وخروج يد ورجل ووجه يخرج من عين الشمس، يعرف بحسبه ونسبه، وذلك في زمان السفياني، عندها يكون بواره وبوار قومه.
وأسند إلى أبي جعفر عليه السلام: آيتان تكونان قبل القائم كسوف الشمس في نصف الشهر، والقمر في آخره، فتعجب السامع فقال: أنا أعلم بما قلت، إنهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم عليه السلام.
وأسند إلى أبي جعفر عليه السلام: ليس بين قيام القائم والنفس الزكية أكثر من خمس عشرة ليلة.
وأسند إلى الصادق عليه السلام: إذا هدم حائط مسجد الكوفة مما يلي دار عبد الله ابن مسعود، زال ملك القوم، وعند زواله خروج القائم.
____________
(1) الشعراء: 4.
وأسند إلى أبي الحسن عليه السلام: كأني برايات من مصر مقبلات خضر مصبغات حتى تأتي الشامات، فتهدي إلى ابن صاحب الوصيات.
وأسند إلى الصادق عليه السلام: أن لولد فلان عند مسجد الكوفة لوقعة في يوم عروبة، يقتل فيها أربعة آلاف، بين باب الفيل وأصحاب الصابون، فإياكم وهذا الطريق، فاجتنبوه، وأحسنهم حالا من يأخذ في درب الأنصار.
وأسند إلى الصادق عليه السلام: سنة الفتح تنبثق الفرات، حتى تدخل أزقة الكوفة.
وأسند إلى الصادق عليه السلام في قوله تعالى: (لنبلونكم بشئ من الخوف و الجوع إلى قوله: وبشر الصابرين(1)) قال: بتعجيل خروج القائم عليه السلام.
وأسند إلى الصادق عليه السلام: تزجر الناس قبل قيام القائم عليه السلام عن معاصيهم وتظهر في السماء حمرة، وخسف ببغداد، والبصرة، ودماء تسفك بها، وخراب دورها، وفناء يقع في أهلها، وشمول أهل العراق خوف لا يكون لهم معه قرار.
(9)
فصل
أسند المفيد في إرشاده إلى الصادق عليه السلام: ينادي باسم القائم في ليلة ثلاث و عشرين، ويقوم في يوم عاشورا يوم السبت بين الركن والمقام، جبرئيل عن يمينه ينادي (البيعة لله تعالى) فتصير إلى شيعته من أطراف الأرض تطوى لهم طيا حتى يبايعوه فيملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما.
وأسند إلى الباقر عليه السلام كأني بالقائم على نجف الكوفة قد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، و المؤمنون بين يديه، وهو يفرق الجنود في البلاد.
____________
(1) البقرة: 151.
وفي رواية صالح بن أبي الأسود: قال الصادق عليه السلام: مسجد السهلة منزل صاحبنا إذا قدم بأهله.
وفي رواية المفضل بن عمر قال: قال الصادق عليه السلام: إذا قام قائم آل محمد بنى في ظهر الكوفة مسجدا له ألف باب، واتصلت بيوت الكوفة بنهر كربلا.
وفي رواية [ عبد الكريم ] الجعفي عن الصادق عليه السلام: يملك القائم سبع سنين تطول له الأيام والليالي، فتكون السنة مقدار عشر سنين، فإذا آن قيامه مطرت الأرض في جمادى الآخرة وعشر من رجب مطرا شديدا تنبت به لحوم المؤمنين في قبورهم، فكأني أنظر إليهم مقبلين من قبل جهينة، ينفضون شعورهم من التراب.
وفي رواية أبي بصير: يأمر الله الفلك بقلة الحركة فتطول الأيام والسنون كما قال في القيامة: إنه (كألف سنة مما تعدون) وروي أن مدة ملكه تسع سنين يطول فيها الأيام والأشهر. والرواية الأولى أشهر.
إن قيل: استقر الدين على أنه لا بعث إلا في الحشر، قلنا: ذلك هو البعث العام فإن القرآن ورد ببعث آخر في قوله: (ويوم نحشر من كل أمة فوجا(1)) وفي موضع آخر (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا(2)) فلو لا اختلاف القولين لزم تناقض الكلامين، وكذا قوله تعالى: (أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين(3)) فالموتة الأولى في الدنيا والحياة فيها، والآخرة بعدها، والحياة في الآخرة.
إن قيل: بل الموتة الأولى قبل الخروج إلى الدنيا لقوله: (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم الآية(4)) قلنا:: لا شك أن ذلك من المجاز، إذ يطلق
____________
(1) النمل: 86.
(2) الكهف: 46.
(3) المؤمن: 11 (4) البقرة: 28.
إن قيل: الآية ظاهرة في بني إسرائيل قلنا: ظاهر (نرى) وأخواتها تدل على الاستقبال، ويؤيده ما في ذلك من الأخبار. وقد ورد فيها رجوع الأئمة الأطهار.
إن قيل: فعلى هذا يكون علي عليه السلام في دولته، وهو أفضل منه، قلنا: قد قيل: إن التكليف سقط عنهم، وإنما يحييهم الله ليريهم ما وعدهم، وبهذا يسقط ما خيلوا به من جواز رجوع معاوية وابن ملجم وشمر ويزيد وغيرهم، فيطيعون الإمام فينقلون من العقاب إلى الثواب، وهو ينقض مذهبكم من أنهم ينشرون لمعاقبتهم والشقاية فيهم.
قلنا: مع ما سلف، لما ورد السمع بخلودهم في النيران، وتبرأ الأئمة منهم، ولعنهم إلى آخر الزمان، قطعنا بأنهم لا يختارون الإيمان، كما أخبر الله بتخليد قوم، وقال فيهم: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه(4) ولأنه إذا أنشرهم للانتقام، لم تقبل توبتهم لو وقعت، لكونها إلجاء كما لو وقعت في الآخرة، قال الله لإبليس: (الآن وقد عصيت(5) وآمن فرعون عند الغرق فلم يقبل منه، وقد تظافرت عن الأئمة بمنع التوبة بعد خروج المهدي، وفسروا على ذلك قوله تعالى:
(يوم يأتي بعض آيات ربك لا تنفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل(6)) [ وقوله تعالى: (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس
____________
(1) ق: 11.
(2) يس: 33.
(3) القصص: 5 و 6.
(4) الأنعام: 28 (5) يونس: 91، والخطاب لفرعون لا إبليس.
(6) الأنعام: 28.
هذا وفي رواية المفضل قال الصادق عليه السلام: إذا قام عليه السلام أشرقت الأرض، و ذهبت الظلمة، واستغنى الناس عن الشمس، وعمر الرجل حتى يولد له ألف ذكر، و أظهرت الأرض كنوزها حتى يطلب الرجل منكم من يأخذ منه زكاة ماله فلا يجد أحدا.
وروى عمرو بن شمر عن جابر الجعفي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:
سأل عمر بن الخطاب عليا عليه السلام عن اسم المهدي فقال: عهد إلي حبيبي أن لا أحدث به حتى يبعثه الله، فسأله عن صفته، فقال: شاب مربوع، حسن الوجه يسيل شعره على منكبيه، ويعلو نور وجهه سواد شعر لحيته.
وفي رواية المفضل: يخرج وعليه قميص يوسف، فيشم المؤمنون رائحته شرقا وغربا، وهو الذي شم رائحته يعقوب في قوله: (إني لأجد ريح يوسف(2).
وروى المفضل بن عمر قال: قال الصادق عليه السلام: إذا قام قائمنا صعد المنبر ودعا إلى نفسه، وناشد الناس بحق ربه، وسار فيهم بسيرة رسوله، فيبايعه جبرائيل وثلاثمائة وبضعة عشر من أنصاره فيقيم بمكة حتى تتم أصحابه عشرة آلاف، فيسير فيه إلى المدينة.
وفي رواية ابن المغيرة عن الصادق عليه السلام: أنه يقتل ثلاثة آلاف من قريش و من مواليهم.
وفي رواية سليمان الديلمي قلت للصادق عليه السلام: (هل أتاك حديث الغاشية(3)) قال: يغشاهم القائم بالسيف، قلت (وجوه يومئذ خاشعة) قال: خاضعة لا تطيق الامتناع، قلت: (عاملة) بغير ما أنزل الله قلت: (ناصبة) قال: نصبت غير ولاة الأمر، قلت: (تصلى نارا حامية) قال: الحرب في الدنيا على عهد القائم وفي الآخرة جهنم.
____________
(1) النمل: 84 - 87.
(2) يوسف: 94.
(3) سورة الغاشية: 1، وما بعدها ذيلها.
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام: إذا قدم الكوفة خرج إليه بضعة عشر ألف بالسلاح يدعون البترية يقولون: ارجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة، فيقتلهم عن آخرهم، ويقتل كل منافق ومرتاب، ويهدم قصورها، و يقتل مقاتلها.
وفي رواية أبي بصير عنه عليه السلام يهدم بها أربعة مساجد، ولم يبق بدعة إلا أزالها ولا سنة إلا أقامها، ويفتح قسطنطينية والصين وجبال الديلم.
وفي رواية المفضل عن الصادق عليه السلام يخرج معه من ظهر الكوفة خمسة عشر من قوم موسى، وسبعة من أهل الكهف، ويوشع وسلمان وأبو دجانة والمقداد ومالك الأشتر فيكونون بين يديه أنصارا وحكاما.
وفي رواية ابن عجلان عن الصادق عليه السلام أنه يحكم بحكم داود ولا يحتاج إلى بينه: يلهمه الله فيحكم بعلمه، ويخبر كل قوم بما استبطنوه، ويعرف وليه من عدوه بالتوسم.
تذنيب:
ليس بعد دولة القائم عليه السلام دولة واردة إلا في رواية شاذة من قيام أولاده من بعده، وهي ما روي عن ابن عباس من قول النبي صلى الله عليه وآله: كيف تهلك أمة أنا أولها، و عيسى بن مريم آخرها، والمهدي في وسطها، ونحوها روي عن أنس وزاد: ولكن يهلك بين ذلك ثبج أعوج، ليس مني ولا أنا منهم، وهاتان تدلان على دولة بعد دولته.
ونحن قد أسلفنا الكلام في دلك؟ عند النص على آبائه وأكثر الروايات أنه لن يمضي إلا قبل القيامة بأربعين يوما يكون فيها الهرج، وعلامة خروج الأموات للحساب، والله ولي الصواب، وإليه المرجع والمآب.
آل طه وآل حم والحشر | عليهم وفيهم التنزيل |
هم أولوا الأمر والمودة في القربى | وكل عن ودهم مسؤول |
طالبيون فاطميون عليون | لا علة ولا تعليل |
نسب طاهر المعارس للشمس | بمعناه غرة وحجول |
كل فرع إذا رسى الأصل بالفرع | سمت بالغصون منه الأصول |
كلهم للورى أئمة عدل | تتساوى شبانهم والكهول |
الهداة المعرفون إذا استعجم | عند التلاوة التأويل |
بهم استدفع ابن متى وموسى | خوف بحربهما وفاز الخليل |
طاعة حكمها على الماء والنار | عصاها للإمرة المستقيل |
أنا مولى لسادة كل أمر | لجميع الورى إليهم يؤل |
إذا ما الكتاب أفصح بالمدح | فماذا عسى فصيح يقول |
ليت شعري متى تقوم لأخذ | الثار ليث على الأعادي تقول |
قائم يقعد الضلالة والكفر | ويسمو به الهدى ويطول |
يملأ الأرض عدله ونداه | ليس للعالمين عنه عدول |
طال مطل الغريم يا آل طه | واقتضى دينه الذميم المطول |
وقال عامر البصري في عروض نظم السلوك:
إمام الهدى حتى متى أنت غائب | فمن علينا يا أبانا باوبة |
مللنا وطال الانتظار فجد لنا | برأيك يا قطب الوجود بلفتة |
فأنت لهذا الأمر قدما مينا | لذلك قال الله أنت خليفتي |
فعجل ظهورا كي نراك فلذة | المحب لقا محبوبه بعد غيبة |
(10)
فصل
أسند ابن بابويه أن له عليه السلام علما وسيفا، إذا حان خروجه انتشر العلم بنفسه، وخرج السيف من غمده، ونادى: يا مهدي اخرج فلا يحل لك أن تقعد فيخرج وجبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وشعيب ابن صالح على مقدمته.
وأسند ابن بابويه في كتاب النبوة أن هشام بن عبد الملك بعث يستخرج بئرا فحفروا فيها مائتي قامة فإذا جمجمة طويلة فحفروا حولها فإذا رجل قام على صخرة وعليه ثياب بيض، وكفه اليمنى على رأسه فكنا إذا نحيناه سال الدم، وإذا تركناه عاد، فسد الجرح. وإذا في ثوبه مكتوب: أنا شعيب ابن صالح رسول شعيب، بعثني إلى قومه فضربوني وطرحوني ههنا.
فكتبوا إلى هشام فكتب: أعيدوا عليه التراب.
وفي الخرايج والجرايح: بهمدان بيت مؤمنون، فسئلوا عن سبب إيمانهم فقالوا: حج جدنا سنة، فرجع قبل الحاج بكثير فسألناه فقال: نمت وانتبهت فلم أجد أحدا، فسرت فرأيت قصرا فقصدته فوجدت شابا حسن الوجه، فقلت: من أنت؟ قال: أنا الذي ينكرني قومك وأهل بلدك، فقلت: متى تخرج؟ قال: إذا انسل هذا السيف عفوا ثم قال: أتريد بيتك؟ فقلت: نعم، فقال لغلامه: خذ بيده فخرجنا نمشي والأرض تطوى لنا، فأراني منزلي وانصرف، فدخل الحاج بعد مدة وحدثوا الناس بانقطاعي فتعجبنا واستبصرنا.
وأسند في الخرايج إلى الباقر عليه السلام: سمي المهدي لأنه يهدي لأمر خفي يبعث إلى الرجل من أصحابه لا يعرف له ذنب فيقتله.
قال أبو الأديان خادم العسكري عليه السلام: بعثني بالكتب إلى المدائن وأخبرني بالعود إليه بعد خمسة عشر يوما، وقد مات، فقلت: إذا كان ذلك فإلى من؟ قال:
(11)
فصل
من كتاب عقد الدرر في أخبار المنتظر ليوسف بن يحيى السلمي عن سالم الأشل قال: سمعت الباقر عليه السلام يقول: نظر موسى بن عمران في السفر الأول إلى ما يعطى قائم آل محمد فقال: رب اجعلني قائم آل محمد، فقيل له: ذلك من ذرية أحمد، فنظر في السفر الثاني فقال: فقيل له، وفي الثالث فقال: فقيل له.
وعن حذيفة قال للنبي صلى الله عليه وآله: يلتفت المهدي وقد نزل عيسى بن مريم كأنما يقطر من شعره الماء، يقول له المهدي: تقدم فصل، فيقول: إنما أقيمت الصلاة لك فيصلي عيسى خلف رجل من ولدي.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام لا تبقى مدينة دخلها ذو القرنين إلا دخلها المهدي ويأتي إلى مدينة فيها ألف سوق في كل سوق مائة دكان، فيفتحها ويأتي مدينة يقال لها القاطع على البحر المحيط، طولها ألف ميل وعرضها خمسمائة ميل، فيكبرون الله ثلاثا فتسقط حيطانها، فيخرج منها ألف ألف مقاتل ثم يتوجه إلى القدس الشريف بألف مركب، فينزل شام فلسطين بين مكة، وصورة وغزوة وعسقلان.
وعن حذيفة يبنى مدينة مما يلي المشرق، يكون فيها وقعة لم يسمع أهل ذلك الزمان بمثلها، ثم تنجلي هي، والواقعة التي قبلها في أهل الشام عن أربعة مائة ألف قتيل ثم يخرج المهدي في أثر ذلك في ثلاثمائة راكب، منصورا لا يرد له راية.
ومن كتاب الهداية. قال الصادق عليه السلام للمفضل بن عمر: ليس للمهدي وقت لأنه كالساعة، إنما علمها عند ربي (ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال
ومن كتاب الروضة للكليني عن يعقوب السراج قلت للصادق عليه السلام: متى فرج شيعتكم؟ قال: إذا اختلف ولد العباس ووهى سلطانهم، وخلعت الأعراب أعنتها، ورفع كل ذي صيصية صيصيته، وظهر الشامي، وأقبل اليماني، وخرج صاحب هذا الأمر من المدينة إلى مكة بتراث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلاحه.
وعن حذيفة وجابر، هبط جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله وبشره بأن القائم من ولده لا يظهر حتى يملك الكفار الأنهر الخمسة سيحون، وجيحون، والفراتين، و النيل، فينصر الله أهل بيته على الضلال فلا ترفع لهم راية إلى القيامة.
وسئل الصادق عليه السلام عن ظهوره، فقال: إذا حكمت في الدولة الخصيان والنسوان، وأخذت الإمارة الشبان والصبيان، وخرب جامع الكوفة من العمران وانفقدت الجيران، فذلك الوقت زوال ملك بني عمي العباس، وظهور قائمنا أهل البيت.
ومن كتاب عبد الله بن بشار رضيع الحسين عليه السلام: إذا أراد الله أن يظهر آل محمد بدأ الحرب من صفر إلى صفر، وذلك أوان خروج المهدي عليه السلام.
قال ابن عباس: يا أمير المؤمنين ما أقرب الحوادث الدالة على ظهوره؟ فدمعت عيناه، وقال: إذا فتق بثق في الفرات، فبلغ أزقة الكوفة فليتهيأ شيعتنا للقاء القائم.
وعن ابن عباس يبعث الله المهدي بعد الياس، حتى تقول الناس لا مهدي، و أنصاره ناس من أهل الشام عدتهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا.
ومن كتاب عجائب البلدان قال عمار: قلت للصادق عليه السلام: متى يقوم قائمكم قال: عند هدم مدينة الأشعري.
وأسند الصادق إلى آبائه عليهم السلام أن عليا عليه السلام قال: إذا وقعت النار في حجازكم وجرى الماء بنجفكم، فتوقعوا ظهور قائمكم.
وفي كتاب الشفا عن أمير المؤمنين عليه السلام قال النبي صلى الله عليه وآله: عشرة قبل الساعة لا بد منها: السفياني، والدجال، والدخان، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى، وخسف بالمشرق وخسف بالمغرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر.
ومن كتاب الغيبة لا يخرج المهدي إلا على حرب شديد وزلازل وفتن وطاعون.
(12)
فصل
روى أبو العلاء الهمداني من أفضل علماء الجمهور، وقد أثنى عليه الحافظ محمد بن النجار في تذييله على تاريخ الخطيب، حتى قال: تعذر وجود مثله في أعصار كثيرة ذكر في كتاب أخبار المهدي أحاديث في ذلك.
1 - منها عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي: ألا إن هذا المهدي فاتبعوه.
2 - عن شهر بن حوشب: قال النبي صلى الله عليه وآله: في المحرم ينادي مناد: ألا إن صفوة الله من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا.
3 - عبد الله بن عمر قال النبي صلى الله عليه وآله: يخرج المهدي من قرية يقال لها:
كرعة، على رأسه غمامة فيها مناد ينادي هذا خليفة الله فاتبعوه.
4 - عن أبي رومان قال علي عليه السلام: بعد الخسف ينادي مناد من السماء أول النهار: إن الحق في آل محمد، وفي آخر النهار الحق في ولد عيسى، وذلك ونحوه من الشيطان ويظهر المهدي على أفواه الناس ويشربون حبه.
5 - إذا التقى فلان المهدي يسمع صوت من السماء ألا إن أولياء الله أصحاب فلان يعني المهدي.
ومن كتاب مواليد أهل البيت: يظهر المهدي في آخر الزمان، على رأسه غمامة، تدور معه حيث دار، ينادي بصوت هذا المهدي وروي أن المنادى يفهمه كل قوم بلسانه.
ومن كتاب البصاير: لا يقوم القائم إلا على وتر من السنين، ونحوه في كتاب النعماني وفي إرشاد المفيد أيضا.
قال أبو جعفر عليه السلام: والله لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام، يبايع الناس بكتاب جديد، وأمر شديد، وسلطان من السماء لا ترد له راية.
أبو جعفر عليه السلام إذا خرج قائم آل محمد، نصره الله بالملائكة: جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، والرعب أمامه شهر وخلفه شهر.
(13)
فصل
قال محمد بن أحمد: إن والده لما سمع أن المهدي يخرج من كرعة كان يكثر السؤال عنها لوفد الحاج كل سنة قال: فجاء بي شخص إلى شيخ تاجر ذي مال وخدم، وقال: هذا يسأل كل وقت عن كرعة ولا يدري أين هو؟ فإن كان عندك خبرها فأخبره به فرحب الشيخ بي، وقال: من أين تعرفها؟ قلت: سمعت في الكتب حديثها وشأنها.
فقال: كان والدي كثير الأسفار، فحمل جماله وسرت معه، فطلبنا موضعا فضللنا عن الطريق أياما حتى نفد زادنا وكدنا نتلف، فأشرفنا على قباب وخيام من الأدم فخرجوا إلينا فحكينا لهم أمرنا.