بسم الله الرحمن الرحيم
بعد الانتهاء من تحقيق الكتاب وإخراج أسانيده ومصادره
والتعليق عليه... رفعته إلى مقام سماحة شيخنا الأكبر الحجة المجاهد... الشيخ
الأميني - صاحب الغدير - أخذ الله بيده ووقاه من كل سوء، للنظر فيه وملاحظته، وبعد
أيام تلقيت من سماحته الكتاب، مشفوعا بالرسالة الكريمة التالية...
ص 5
مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام العامة التاريخ 4 / ربيع الأول / 1388 بسمه
تعالى وله الحمد ولدنا العزيز الأستاذ المفضال الشيخ محمد هادي الأميني سلام عليك
ورحمة الله وبركاته: وبعد: أخذت ألو كتك؟؟؟، وسرني أيما سرور نبأ صحتك أدامها الله
لك - وتلقيت ما بعثته إلينا من كتاب - فتح الملك العلي - ووقفت على ما علقت عليه،
فأعجبني جهدك هذا، وقد زدت بذلك على رونق الكتاب غرة وبهاءا، وأضفت إلى حسنه زهرة
وكمالا، أخذ الله بعضدك في خدمة العلم والدين، وأوسع خطواتك، وأبعد أشواطك. وهذا
الكتاب... حقا من حسنات الدهر، ومآثر الفضيلة، مفعم بالغرر والدرر، مشحون بالدقائق
والحقائق، ومؤلفه صدقا علامة فذ، رجل العلم والتحقيق، جاء في سفره الكريم هذا بدروس
عالية، من فنون الحديث، وأبحاثا راقية من علوم السنة، وفرائد وفوائد جمة من الدراية
ومعرفة الرجال، تضم كل صحيفة منه من أبواب الجرح والتعديل حقائق قصر عنها يراع
الأولين، وخلت منها زبر الآخرين.
ص 6
وإني منذ طالعته قبل ردح من الزمن لم أفارقه قط، وإنما أمعن النظرة فيه مرة بعد
أخرى، وأعيد جدة الوقفة دونه والأخذ من منابع علمه الفضفاض، وقد أخذ بمجامع قلبي
حتى إني لو كنت تمكنت من حفظه لحفظته مع كبر سني برمته بالشوق المؤكد، فعليك
بمطالعة أمثاله من الكتب النفيسة القيمة وقلما هي، ومن الله التوفيق. شكر الله سعيك
هذا وراء العلم الناجع، وأحسن جزاء ناشره، وأجزل مثوبته. والسلام عليك من والدك عبد
الحسين أحمد الأميني النجفي (1)
(هامش)
1 - توفي رضي الله عنه يوم الجمعة 28 ربيع الثاني 1390 ه. (*)
ص 7
تقديم الكتاب

- 1 - لشيخنا الأكبر الحجة المجاهد الشيخ الأميني - من الله علينا
بشفائه وعافيته وبارك في عمره - رغبة ملحة في دفع معشر المؤلفين والعاملين في حقلي
البحث والتحقيق على اختلاف إتجاهاتهم وأساليبهم في الكتابة والتأليف.. إلى مطالعة
وقراءة قسم كبير من كتب إخواننا أهل السنة... والوقوف على مؤلفاتهم القيمة الكثيرة
التي تصور التراث العربي الإسلامي، وتتبع بحوثهم وعرفان نظرياتهم وآرائهم في كافة
المجالات الفكرية... إذا هم أرادوا أن يعلموا ويستقصوا حقائق الحضارة العربية
الإسلامية، ويستنبطوا منها العلم والأدب صفوا وميسرا ملائما لطبيعة ثقافتهم
الصحيحة، وذلك لوجود كتب وكنوز هامة لهم.. أودعوا فيها فوائد قيمة ونظريات صائبة
تنفع الخاصة من المتفرغين للبحث والاستقصاء والانتاج. ولم يزل هذا ديدن سماحته.. في
كل مجلس ومحفل وحتى في اجتماعاته الخاصة بالمؤلفين وعند توجيههم وبيان خطط رئيسة
لهم، ورسمها الذي ينبغي التأليف على ضوئه ونهجه والسير على هديه، لا في بحث خاص
وإنما في كافة المواضيع من التاريخ والأدب والفقه واللغة وغيرها، فيفرغ قبيل
التأليف وخلاله لدرس قسم من الكتب المؤلفة في الموضوع الذي يرغب الكتابة فيه..
وتحقيقها ثم دفعه وإعداده للنشر ليخرج بوجه صحيح دقيق وقد ظهر عليه الجهد العلمي
والأدبي.
ص 8
وواضح جدا أن التأليف بهذا الشكل والجهد الثقيل يأخذ مكانه اللائق في المكتبة
العربية ويبقى خالدا مع التاريخ.. والحياة.. للمتعة الفكرية المودوعة فيه وحيويتها
وخصبها. فكان على المؤلف.. أن يتابع نهجا صحيحا دقيقا يسدي بتأليفه خدمة للفكر
والثقافة، ويودع فيه قيما فكرية تخلده وإن اعترضته صعوبات كثيرة، ومعنى ذلك أنه
يحمل للناس في كتابه من القيم الفكرية والخصائص الأدبية والفوائد العلمية التي
كانوا يجهلونها. ومن تلكم الكتب التي يحاول سماحة شيخنا.. أن يدفع زمرة المؤلفين
إلى مطالعتها، هذا الكتاب القيم الذي بين يديك فطالما حدثني عنه ورغب إلي اقتنائه
والنظر فيه ولو مرة واحدة.. لقد مرت شهور وتلتها أخرى وشاءت الظروف - وما أجملها في
بعض الأحايين - أن اجتمع بالوجيه الجليل الأستاذ محمد كاظم الكتبي.. هذا الشهم الذي
أخذ على نفسه بذل ماله في غير تردد وفي سخاء رائع، لإحياء التراث الإسلامي والفكر
العربي، وإخراجه إلى الناس على أحسن وجه ممكن. أجل شرفت باجتماعه لأدفع إليه كتابي
الذي حققته وعلقت حواشيه ووضعت فهارسه - أخبار شعراء الشيعة - لأبي عبد الله محمد
بن عمران ابن موسى المرزباني الخراساني المتوفى 384، للطبع والنشر وبعد أحاديث
أدبية وتحدث فرغنا منه، أتحفني بكتاب وقال: لي رغبة في طبعه ولكن بصورة محققة فقد
كثر الطلب عليه وأصبح من النوادر، وبعد أن سمعت الحجة شيخنا الأكبر.. يثني عليه
وعلى مؤلفة ويرغب الناس على مطالعته واقتنائه.. وأحب أن تقوم أنت بهذه المهمة
الشريفة والغاية الفكرية الجليلة. لقد كنت في تقبل طلب - أبي صادق - من الزاهدين
لأعمالي
ص 9
الكثيرة المنطقة بالبحث والتحقيق، ولكني أخذت الكتاب فوجدته - فتح الملك العلي بصحة
حديث باب مدينة العلم علي - ومع العذر والشكر المتواصل الخالص الصادق من - أبي صادق
- أرجعت إليه الكتاب، وبعد أيام سعدت بلقاء شيخنا الأكبر الوالد المعظم.. وأخبرته
بالموضوع فوجدته متأسفا ومتأثرا من عدم قبولي الكتاب، فأمرني أن أتقبل الكتاب وأعمل
في تحقيقه، وإخراج أسانيده ومصادره، وإن اقتضى ترك وتعطيل بقية شؤوني الخاصة
والعامة.. فامتثالا لأمره الكريم المطاع.. عدت إلى.. - أبي صادق - وأخذت منه الكتاب
وانصرفت إلى تهذيبه وتعيين مصادره وترجمة رجاله، وأنا في كل ذلك اسأل الله أن يكتب
لي التوفيق فيه ويفيض علي من هدايته، ويهيئ لنا من أمرنا رشدا. ولما بلغت النهاية
وانتهى الكتاب بعون الله.. كان قد توجه شيخنا الأكبر... إلى ايران للسكون والراحة
والتداوي، فأرسلته إلى حضرته ورجوته النظر في الكتاب وحواشيه وتعليقاتي عليه، وبعد
أيام عاد الكتاب من طهران ومعه الرسالة الكريمة المدونة في أول الكتاب ص 5 وهي إن
دلت على شيء فإنما تدل على مبلغ رضاه ومنتهى إعجابه به.. ففيها آيات تقديره
وإكباره، ولله الحمد والمنة. * * * أما مؤلف الكتاب فهو أبو الفيض أحمد بن محمد بن
الصديق الحسني المغربي المتوفى 1380، محدث حافظ من أهل المغرب الأقصى (1). ولم يعرف
عنه أكثر من هذه الكلمات.
(هامش)
(1) معجم المؤلفين 13: 368. (*)
ص 10
والذي يبدو من كتاباته وتعليقاته على بعض كتب الحديث أن المترجم له اشتغل بالحديث
والتفقه فيه وانصرف إلى دراسته وتدريسه سنين متمادية، وأصبح بحكم انصرافه له متضلعا
وحافظا ومحدثا وإماما ولعله رغب إليه منذ الصغر، فجالس الحفاظ والمحدثين في المغرب
الأقصى أولا، وبعد انتقاله إلى القاهرة والاجتماع بأئمة الحديث هناك والأخذ عنهم
والقراءة عليهم. لقد كانت البحوث التي خاضها المؤلف.. والتعليقات التي سطرها على
بعض الكتب موضع تقدير وعناية المؤلفين في البلاد الإسلامية لما وجدوا فيها من مواد
علمية دسمة ومعلومات في الدراية وافرة جديرة بالدراسة والمطالعة والاستفادة كما ذهب
إليه سيدنا الإمام شرف الدين في المراجعات ص 194، 213. إن للمترجم له.. مؤلفات
وكتابات كثيرة ذكر بعضها في تضاعيف كتابه منها: فتح الملك العلي بصحة حديث باب
مدينة العلم علي (1). سبل السعادة وأبوابها بصحة حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها
(2). إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون (3). المعجم الوجيز للمستجيز (4).
ومهما يكن من أمر فالكتاب بحث قيم مستفيض حول صحة حديث النبي - ص -: أنا مدينة
العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب - وتصحيح لسنده وطرقه ورجاله، ودفاع
عنه بما وسعه من القول والكلام
(هامش)
(1) طبع للمرة الأولى في القاهرة عام 1354 ويحتوي على 102 ص. (2) ذكره في كتابه فتح
الملك العلي ص 102 ط الأولى. (3) المصدر السابق ص 90. (4) معجم المؤلفين 13: 368.
(*)
ص 11
فأشبعه بحثا وتحقيقا وعزز كلامه بآراء الحفاظ وأئمة الحديث ونظرياتهم. والواقع أن
القارئ.. للكتاب يعرف مدى ما أتى الله مؤلفه من فضل وعلم وأدب واطلاع واسع، وخبرة
كاملة بالأحاديث وكتب الدراية والرجال وكأنه سبحانه.. أودع كل هذا في قلبه الكبير.
- 2 - أثناء اشتغالي بتحقيق نصوص الكتاب وتصحيحه وتعيين مصادره ووضع فهارس فنية
تجلو ما في دفتي الكتاب هذا من تراجم وآيات قرآنية وأعلام والكتب التي حفلت بذكر
أسمائها أصل الكتاب وحواشيه.. والجهد الذي بذلت والعناء الذي عانيت، مع علمي أن لم
أقارب الغاية والكمال.. فقد كانت لي بعض الملاحظات على ما جاء في مقدمة المؤلف بعد
أن ألفت نظري إليها شيخنا الأكبر.. الشيخ الأميني.. مع اليقين أن المؤلف قد برع في
فن الحديث، ويعدم المتصفح لكتابه هذا أن يجد له هفوات تتعلق بصحة حديث باب مدينة
العلم نفسه. فقد قال في المقدمة: إن هناك أحاديث صححها بعض الحفاظ وأفردوا فيها
كتبا منها: حديث الطير، وحديث الموالاة، وحديث رد الشمس، ثم ذكر بعض الحفاظ حسب
اطلاعه وعلمه، وفاته بيان كثير منهم لذلك أثبت في الفصل هذا ذكر الحفاظ الذين وقفت
عليهم خلال مطالعاتي في المعاجم مشاركة مني في إحقاق التاريخ وتكامل الموضوع وعسى
أن أسدي به إلى المكتبة العربية برا عاجلا إلى جانب عمل المؤلف الكريم الجدير
باستحاق الثناء والاجلال. قال: أما (حديث الطير) فقد أفرده بالتأليف الحافظان أبو
طاهر
ص 12
محمد بن أحمد بن حمدان أحد تلامذة الحاكم، وأبو عبد الله محمد بن أحمد ابن عثمان
الذهبي.. وإليك ما ذهب علي المؤلف ذكره من الحفاظ الذين أفردوا في حديث الطير
تأليفا خاصا: 1 الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي المتوفى 332
مولى بني هاشم وكان أبوه نحويا صالحا يلقب بعقدة وإليه كان المنتهى في قوة الحفظ
وكثرة الحديث وصنف في الأبواب والتراجم والحديث حتى قال عنه الحاكم ابن البيع: ما
رأيت لحديث الكوفيين أحفظ من أبي العباس بن عقدة وكان يحفظ مائة ألف حديث
بأسانيدها، وعلى حد تعبير الدارقطني كان ابن عقدة يعلم ما عند الناس ولا يعلم الناس
ما عنده (1) له مؤلفات كثيرة في الحديث منها كتاب خاص في طرق حديث الطير (2). 2 أبو
جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري المتوفى 310 استوطن بغداد وأقام
بها إلى حين وفاته وكان أحد أئمة العلماء يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله
وقد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان حافظا لكتاب الله عارفا
بالقراءات بصيرا بالمعاني فقيها في أحكام القرآن عالما بالسنن وطرقها وصحيحها
وسقيمها وناسخها ومنسوخها عارفا بأقوال الصحابة والتابعين وأيام الناس وأخبارهم وله
مؤلفات كثيرة (3) وقد جمع في مجلد خاص طرق هذا الحديث وألفاظه (4). 3 - أبو عبد
الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن
(هامش)
(1) تذكرة الحفاظ 3: 55، لسان الميزان 1: 263، ميزان الاعتدال 1: 64. (2) عبقات
الأنوار 4: 218. (3) تاريخ بغداد 2: 162، المنتظم 6: 170، تذكرة الحفاظ 2: 251،
شذرات الذهب 2: 260، معجم الأدباء 20: 94، البداية والنهاية 11: 145. (4) العبقات
4: 4، البداية والنهاية 11: 146، تهذيب التهذيب 7: 337. (*)
ص 13
الحكم الضبي النيسابوري الحاكم الشافعي المعروف بابن البيع المتوفى 405 / 403 كان
إمام المحدثين والحفاظ طلب الحديث منذ الصغر وسمع على شيوخ يزيدون على ألفي شيخ
وقرأ القراءات على جماعة ورحل إلى خراسان وما وراء النهر، بلغت تصانيفه قريبا من
خمسمائة جزء وتفقه على ابن أبي هريرة وأبي سهل الصعلوكي وغيرهم، ومن مصنفاته كتاب
جمع فيه طرق هذا الحديث وقال: أما حديث الطير فله طرق كثيرة جدا قد أفردتها بمصنف
ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل (1). 4 - أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه
بن فورك بن موسى بن جعفر الإصبهاني المتوفى 410، محدث حافظا مفسر مؤرخ له التفسير
الكبير في سبع مجلدات، المستخرج على صحيح البخاري، والتاريخ والأمالي (2) وكتاب جمع
ه
في طرق هذا الحديث وأسانيده (3). 5 - الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن
إسحاق بن موسى ابن مهران الإصبهاني الشافعي المتوفى 430 (4) أحد أئمة الحديث وأكابر
الحفاظ الثقات وقد أجمع الناس علي إمامته وفضله وعلمه وسعة اطلاعه ولم يكن له غذاء
سوى التسميع والتصنيف، وقد جاء أن أصحاب الحديث كانوا يقولون بقي الحافظ أربع عشرة
سنة بلا نظير لا يوجد
(هامش)
(1) العبقات 4: 5، أعيان الشيعة 45: 290، المستدرك 3: 130، تاريخ بغداد 5: 473،
طبقات الشافعية 3: 64. (2) شذرات الذهب 3: 190، تذكرة الحفاظ 3: 238، كشف الظنون 1:
439. (3) العبقات 4: 5. (4) المنتظم 8: 100، تذكرة الحفاظ 3: 7، لسان الميزان 1:
201، ميزان الاعتدال 1: 52. (*)
ص 14
شرقا ولا غربا أعلى إسنادا منه، ولا أحفظ منه، أجاز له مشايخ الدنيا وتهيأ له من
لقى الكبار ما لم يقع لحافظ، له من التأليف حلية الأولياء والأربعين، وفضائل
الخلفاء، وكتاب الفتن، وتاريخ إصبهان، والمستخرج على البخاري، والمستخرج على مسلم،
وكتاب في حديث الطير وسنده (1). هذا وأما (حديث الموالاة) فقد أفرد فيه حسب علم
المؤلف الحافظ أبو العباس ابن عقدة وأبو عبد الله الذهبي..
وإليك
بعض من لم يذكره المؤلف

6 - أبو الحسن علي بن عبد الرحمان بن عيسى بن عروة بن الجراح القناتي
المتوفى 413 كاتب مؤرخ مؤلف، له من الكتب: نوادر الأخبار، طرق خبر الولاية (2). 7 -
أبو سعيد مسعود بن ناصر بن عبد الله بن أحمد بن أبي زائدة السجزي الركاب المتوفى
477 صاحب المصنفات الحافظ المحدث سمع بسجستان من علي بن بسرى الليثي وأبي سعيد
عثمان النوقاني، وبهراة من محمد بن عبد الرحمان الدباس وسعيد بن العباس القرشي
ومنصور بن محمد بن محمد الأزدي، وبنيسابور من أبي حسان محمد بن أحمد المزكي وأبي
سعيد البصروي وأبي حفص بن مسرور، وببغداد من أبي طالب بن غيلان وأبي محمد الخلال
وأبي القاسم التنوخي، وبأصبهان من ابن ريذة (3). رحل المترجم له إلى البلاد
الإسلامية لطلب الحديث وصنف الأبواب إلى أن توفي بنيسابور في جمادى الأولى، وكان
صحيح الخط صحيح النقل
(هامش)
(1) العبقات 4: 5 ط الهند. (2) رجال النجاشي 192، هدية العارفين 1: 685، إيضاح
المكنون 2: 679 الغدير 1: 154. (3) تذكرة الحفاظ 4: 15، مرآة الجنان 3: 122. (*)
ص 15
حافظا ضابطا (1) ومن مؤلفاته: الدراية في حديث الولاية، في 17 جزء جمع فيه طرق
الحديث ورواه عن مائة وعشرين صحابيا (2). 8 - أبو الحسن الشيخ علي بن الحسن بن محمد
الطاطري الكوفي الجرمي كان حيا قبل 263 من الفقهاء المحدثين وشيوخ الواقفة
المتعصبين أخذ عنه الحسن بن محمد بن سماعة الصير في الحضرمي المتوفى 263، له مؤلفات
كثيرة (3) ومنها: الولاية (4)، التوحيد، الفرايض، المتعة، النكاح، الإمامة. 9 -
الحافظ عبيد الله بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حسكان الحاكم النيسابوري الحنفي
المعروف بابن الحداد الحسكاني المتوفى بعد سنة 490 وتأتي ترجمته في المقدمة، له
تصانيف منها: دعاة الهداة إلى أداء حق الموالاة (5). 10 - أبو جعفر محمد جرير بن
يزيد بن خالد الطبري المتوفى 310 والمترجم ص 12 من المقدمة، له مؤلفات في الحديث
على اختلاف طرقه وأبوابه منها - الولاية - رواه فيه من نيف وسبعين طريقا، قال
الذهبي: رأيت مجلدا من طرق الحديث لابن جرير فاندهشت له ولكثرة تلك الطرق (6). ولا
شك أن كتبا أخرى خاصة في هذه الأحاديث الثلاثة - الطير والموالاة ورد الشمس - توجد
لكثير من الحفاظ وأئمة الحديث غير أن
(هامش)
(1) البداية والنهاية 12: 127، لسان الميزان 6: 28. (2) الغدير 1: 155، المناقب 1:
529، الذريعة 8: 56. (3) رجال النجاشي 179، فهرست الطوسي 92، منتهى المقال 211،
منهج المقال 229، الذريعة 4: 480، تنقيح المقال 2: 278. (4) الغدير 1: 156. (5)
الغدير 1: 156. (6) الغدير 1: 152، 158، 230، تذكرة الحفاظ 2: 254. (*)
ص 16
التاريخ حفظ لنا ما ذكرناه في الفصل هذا، فضلا على أن الأحاديث المذكورة بطرقها
الثابتة ورجالها الثقات وأسانيدها المتعددة جاءت في كتب الأحاديث وفضائل الإمام
أمير المؤمنين - ع - العديدة المتكاثرة والشهيرة المتداولة. والواقع كما يحدثنا
المؤلف في المقدمة: أن جمعا من الحفاظ ذهبوا إلى أنه لم يرد من الفضائل لأحد من
الصحابة بالأسانيد الصحيحة الجياد ما ورد لعلي بن أبي طالب عليه السلام، وإن تصدى
بعض الحفاظ لجمع بعضها في كتاب خاص أمثال الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل
الشيباني المتوفى 241 فقد جمع (فضائل أمير المؤمنين - ع -) في مجلد (1)، والحافظ
أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الدمشقي الشهير بابن عساكر المتوفى 571 في مجلد
خاص من مجلدات تاريخه الكبير عن الشام (2)، والحافظ أبو عبد الله محمد بن يوسف
الكنجي الشافعي المتوفى 658 في كتابه - كفاية الطالب المطبوع، إلى غير هم من
المؤلفين الذين يعسر على الباحث عدهم وذكرهم في ثبت خاص. وقال أيضا في المقدمة
بالنسبة إلى حديث (رد الشمس) فقد أفرد فيه أيضا الحافظ أبو الحسن بن شاذان، والمحدث
النسابة الشريف أبو علي محمد ابن أسعد الجواني أحد الأئمة المصنفين في القرن
السادس.. واقتصر عليهما غير أن هناك مؤلفات أخرى في الموضوع جمعت فيها طرقه
وأسانيده وهم: 11 - أبو بكر الوراق الشيخ محمد بن عبد الله المتوفى 249 له كتاب -
من روى رد الشمس - وله كتاب أخلاق النبي - ص - (3).
(هامش)
(1) نسخة مصورة منه في مكتبة الإمام أمير المؤمنين - ع - العامة برقم 283 من قسم
المخطوطات. (2) نسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين - ع - العامة. (3) الغدير 3:
127، كشف الظنون 38 1، 1: 458. (*)
ص 17
12 - الحافظ أبو الفتح محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بريدة الأزدي الموصلي
المتوفي 374 كان حافظا، صنف في علوم الحديث وله كتاب مفرد فيه (1). 13 - أبو القاسم
الحاكم النيسابوري عبيد الله بن عبد الله بن أحمد ابن محمد بن أحمد بن حسكان الحنفي
القرشي العامري ويعرف بابن الحداد الحسكاني المتوفى بعد سنة 490 سمع وانتخب، وصنف
وجمع الأبواب والكتب والطرق وتفقه على القاضي أبي العلاء صاعد، وحدث عن أبيه عن جده
وروى عنه الدارقطني، وكان على حد تعبير الذهبي: شيخ متقن ذو عناية تامة بالحديث
والسماع وهو من ذرية عبد الله بن عامر بن كريز أسن وعمر، له رسالة في الحديث أسماها
- مسألة في تصحيح رد الشمس وترغيم النواصب الشمس - ذكر شطرا منها ابن كثير في
البداية والنهاية 6: 80 وقال: وقد جمع فيه أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن
أحمد الحسكاني جزءا وسماه مسألة في تصحيح رد الشمس وترغيم النواصب الشمس (2). أما
الشيخ أبي العدل زين الدين قاسم بن قطلوبغا المتوفى 879 فقال: ووجدت له مجلسا في
تصحيح رد الشمس (3). 14 - أبو عبد الله الجعل الحسين بن علي البصري البغدادي
المتوفى 399 / 369 سكن بغداد وكان فقيها متكلما ومن شيوخ المعتزلة وله تصانيف كثيرة
على مذاهبهم وينتحل في الفروع مذهب أهل العراق مع تقدمه في علمي الفقه والكلام
وكثرة أماليه فيهما، وتدريسه لهما، دفن *
(هامش)
*(1) تذكرة الفقهاء 3: 166، الغدير 3: 127. (2) البداية والنهاية 6: 80 - 86. (3)
تاج التراجم ص 40، تذكرة الفقهاء 3: 367. (*)
ص 18
في تربة أبي الحسن الكرخي وصلى عليه أبو علي الفارسي النحوي. له كتاب - جواز رد
الشمس - (1). 15 - أخطب خوارزم أبو المؤيد وأبو محمد موفق بن أحمد بن محمد بن أبي
سعيد إسحاق بن المؤيد المكي الحنفي المتوفى 568 فقيه أديب خطيب شاعر، أخذ العربية
عن الزمخشري بخوارزم وتولى الخطابة بجامعها وفيها قرأ عليه ناصر بن عبد السيد
المطرزي، له مؤلفات في علوم متنوعة ومراسلات ومكاتبات مع رجال الفقه والحديث
والتاريخ والأدب ومنها: رد الشمس لأمير المؤمنين - ع - (2). 16 - أبو عبد الله شمس
الدين محمد بن يوسف الشامي الصالحي الدمشقي المتوفى 942 محدث حافظ مؤرخ، ولد في
صالحية دمشق وسكن البرقوقية بصحراء القاهرة، وكان عالما صالحا مفننا في العلوم وألف
السيرة النبوية المشهورة التي جمعها من ألف كتاب، وكان لا يقبل من مال الولاة
وأعوانهم شيئا ولا يأكل من طعامهم، رآه الشعراوي وبات عنده وتحدث معه وسأله في
اختصار السيرة وله مؤلفات منها: كشف اللبس في رد الشمس (3). 17 - الحافظ جلال الدين
أبو الفضل عبد الرحمان بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد بن خضر بن
أيوب بن محمد بن همام الدين
(هامش)
(1) تاريخ بغداد 8: 73، المنتظم 7: 101، الغدير 3: 127، شذرات الذهب 3: 69، لسان
الميزان 2: 303. (2) الغدير 4: 402، المناقب 1: 484. (3) شذرات الذهب 8: 251، كشف
الظنون 1: 204، 977، 1155، 1260، هدية العارفين 2: 236، إيضاح المكنون 2: 500،
الأعلام 8: 30، 31، الغدير 3: 128. (*)
ص 19
الخضيري السيوطي المتوفى 911 / 910 عالم مشارك في أنواع العلوم صنف في مختلف
المواضيع، وقد استقصى الداودي مؤلفاته فتاقت عدتها على خمسمائة مؤلف، وقد أخذ عن
غالب علماء عصره وبلغ شيوخه نحو ثلثمائة شيخ. ومن مؤلفاته رسالة في الحديث أسماها
كشف - اللبس عن حديث رد الشمس (1). هذه ملاحظات على بعض ما جاء في مقدمة الكتاب
ذكرتها للفائدة وتبيان الحقيقة، وأداء لأمانة العلم ومشاركة في إحقاقه، والله
المستعان وقد اختص وحده سبحانه بالكمال. وبعد: فشكري الجزيل وثنائي المتواصل لإدارة
مكتبة آية الله العظمى السيد الحكيم - دام ظله الوارف - العامة، فقد هيأت لي كافة
المصادر والمراجع التي رجعت إليها في تحقيق الكتاب.. وسمحت لي بالمطالعة والبحث في
أية ساعة أحببت من غير مانع وقيد.. والله أسأل أن يرزقني الاخلاص والسداد في القول
والعمل والفكر.. وأن يتقبل هذا لوجهه خالصا.. وسبحانه الموفق والهادي إلى سبل
السلام.. طهران - ايران صندوق البريد - 634 / 71 محمد هادي الأميني عفى الله عنه
وعن والديه
(هامش)
(1) كشف الظنون 2: 1494، الغدير 3: 128. (*)
ص 20
كلمة المؤلف

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى. أما بعد: فإن الأحاديث الصحيحة
الواردة بفضل أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام عديدة متكاثرة، وشهيرة
متواترة، حتى قال جمع من الحفاظ: أنه لم يرد من الفضائل لأحد من الصحابة بالأسانيد
الصحيحة الجياد ما ورد لعلي بن أبي طالب عليه السلام، إلا أن هناك أحاديث إختلف
فيها إنظار الحفاظ فصححها بعضهم، وتكلم فيها آخرون منها: حديث الطير، وحديث
الموالاة، وحديث رد الشمس، وحديث باب العلم.
أنبأنا عشرة قالوا: أنبأنا البرهان السقا أنا (1) ثعيلب، أنا الملوي والجوهري قالا:
أنا أبو العز محمد بن أحمد العجمي، أنا الشمس البابلي، أنا أحمد بن خليل السبكي،
أنا النجم الغيظي، أنا زكريا، أنا محمد بن عبد الرحيم، أنا عبد الوهاب بن علي (ح)
وأنبأنا العفري، أنا البرزنجي، أنا الفلاني، أنا ابن سنه، أنا الوولاتي، أنا ابن
اركماش، أنا احمد بن علي الحافظ، أنا عبد الرحيم بن الحسين الحافظ، أنا الصلاح بن
كيكلدي الحافظ، قالا: أنا محمد بن أحمد بن عثمان الحافظ، أنا إسحاق بن يحيى، أنا
الحسن بن عباس، أنا عبد الواحد بن حمويه، أنا وجيه بن طاهر، أنا الحسن بن أحمد
السمرقندي الحافظ. أنا أبو طالب حمزة بن محمد الحافظ، أنا محمد بن أحمد الحافظ، أنا
أبو صالح الكرابيسي، أنا صالح بن محمد، أنا أبو الصلت الهروي، أنا أبو معاوية عن
الأعمش، عن مجاهد عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أنا مدينة
العلم وعلي بابها فمن أراد بابها فليأت عليها، أخرجه الحافظ أبو محمد الحسن بن أحمد
السمرقندي (2) في كتابه بحر الأسانيد في صحاح المسانيد الذي جمع فيه مائة ألف حديث
بالأسانيد الصحيحة (3) وفيه يقول الحافظ أبو سعد بن السمعاني (4): لو رتب وهذب لم
يقع في الإسلام مثله، وهو في ثمانمائة جزء. قلت: والحديث رواه عن أبي الصلت جماعة
منهم: محمد بن إسماعيل
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا مدينة العلم وعلي بابها
فمن أراد المدينة فليأت الباب، قال الحاكم: الحسين ابن فهم بن عبد الرحمان ثقة
مأمون حافظ.. فهذا الحديث بمفرده على شرط الصحيح (1) كما حكم به يحيى بن معين
والحاكم وأبو محمد السمرقندي، وبيان ذلك من تسعة مسالك:
(هامش)
(1) شرط الصحيح اصطلاح يطلق على إسناد أخرج برجاله البخاري حديثا في صحيحة. (2)
المتوفى 265، تاريخ بغداد 5: 151، تهذيب التهذيب 1: 83، طبقات الحنابلة 42. (3)
المتوفى 271 تاريخ الخطيب 12: 144. (4) أبو العباس المتوفى 289، تاريخ بغداد 3: 64.
(5) الحسن بن علي بن محمد بن سليمان المتوفى 298، تاريخ بغداد 7: 375. (*) /
ص 26
ابن النضر الأزدي (1) ومحمد بن إسماعيل الأحمسي (2) وسهل بن زبحلة (3) ومحمد بن
رافع النيسابوري (4) وعبد الله بن أحمد بن حنبل (5) وأحمد ابن سيار المروزي (6)
وعلي بن حرب الموصلي (7) وعمار بن رجاء (8) ومحمد بن عبد الله الحضرمي (9) ومعاذ بن
المثنى (10) وآخرون. قال الخطيب (11): قرأت على الحسن بن أبي القاسم عن أبي سعيد
أحمد بن محمد بن رميح النسوي، قال: سمعت أحمد بن محمد بن عمر ابن بسطام، يقول: سمعت
أحمد بن سيار بن أيوب، يقول أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي: ذكر لنا أنه من
موالي عبد الرحمن بن سمرة وقد لقى وجالس الناس ورحل في الحديث، وكان صاحب قشافة وهو
من آحاد المعدودين في الزهد، قدم مرو (12) أيام المأمون يربد التوجه إلى الغزو، فلم
يزل عنده مكرما إلى أن أراد إظهار كلام جهم،
(هامش)
(1) أبو غالب المتوفى 295، تاريخ بغداد 11: 316. (2) أبو جعفر الكوفي المتوفى 260 /
258 تهذيب التهذيب 9: 58. (3) أبو عمرو المرازي كان حيا 231، تاريخ بغداد 9: 116.
(4) اسمه سابور القشيري المتوفى 245 تهذيب التهذيب 9: 160. (5) أبو عبد الرحمان
الشيباني المتوفى 290، تاريخ بغداد 9: 375. (6) أبو الحسن المتوفى 268، تاريخ بغداد
4: 187. (7) أبو الحسن الطائي المتوفى 265، تاريخ بغداد 11: 418. (8) أبو ياسر
التغلبي الاسترآبادي المتوفى 267، تذكرة الحفاظ 2: 561. (9) محدث الكوفة المتوفى
277، لسان الميزان 5: 233. (10) أبو المثنى معاذ بن معاذ البصري المتوفى 196، تاريخ
بغداد 13: 131. (11) تاريخ بغداد 11: 47. (12) معجم البلدان 5: 112 ط بيروت. (*)
ص 27
وقول القرآن مخلوق، وجمع بينه وبين بشر المرسي (1) وسأله أن يكلمه وكان عبد السلام
يرد على أهل الأهواء من المرجئة، والجهمية، والزنادقة والقدرية (2) وكلم بشر المرسي
غير مرة بين يدي المأمون مع غيره من أهل الكلام، كل ذلك كان الظفر له، وكان يعرف
بكلام الشيعة، وناظرته في ذلك لأستخرج ما عنده فلم أره يفرط، ورأيته يقدم أبا بكر
وعمر ويترحم على علي وعثمان، ولا يذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا
بالجميل، وسمعته يقول: هذا مذهبي الذي الله به، إلا أن ثم أحاديث يرويها المثالب،
وسألت إسحاق بن إبراهيم عن تلك الأحاديث وهي أحاديث مروية نحو ما جاء في أبي موسى
وما روي في معاوية فقال: هذه أحاديث قد رويت، قلت: فتكره كتابتها وروايتها والرواية
عمن يرويها. فقال: أما من يرويها عن طريق المعرفة فلا أكره ذلك. وأما من يرويها
ديانة ويريد عيب القوم بها فلا أرى الرواية عنه (3). وقال الخطيب: أخبرني عبيد الله
بن عمر الواعظ، ثنا أبي، وأخبرنا عبد الغفار بن محمد بن جعفر المؤدب، أخبرنا عمر بن
أحمد الواعظ، ثنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك قال، سمعت أبي يقول: سألت يحيى ابن
معين عن أبي الصلت الهروي فقال: ثقة صدوق إلا أنه يتشيع (4). وقال الخطيب: أخبرنا
الجوهري، أخبرنا محمد بن العباس، ثنا محمد ابن القاسم بن جعفر الكوكبي، ثنا إبراهيم
بن عبد الله بن الجنيد قال:
(هامش)
(1) أبو عبد الرحمان المريسي المتوفى 218، 219، تاريخ بغداد 7: 56. (2) الملل
والنحل 1: 222، 113، فرق الشيعة ص 67. (3) في تاريخ بغداد 11: 48 هكذا: فإني لا أرى
الرواية عنه. (4) تاريخ بغداد 11: 48. (*)
ص 28
سألت يحيى بن معين (1) عن أبي الصلت الهروي فقال: قد سمع وما أعرفه بالكذب (2).
وقال الخطيب: أخبرنا محمد بن علي المقري، أخبرنا محمد بن عبد الله النيسابوري، قال:
سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سمعت
يحيى بن معين يوثق أبا الصلت عبد السلام بن صالح فقلت - أو قيل له -: إنه حدث عن
أبي معاوية بحديث أنا مدينة العلم وعلي بابها، فقال: ما تريدون من هذا المسكين أليس
قد حدث به محمد بن جعفر الفيدي عن أبي معاوية هذا أو نحوه (3). وقال الخطيب: قرأت
على البرقاني عن محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد محمد بن مسعدة، حدثنا جعفر بن
درستويه، ثنا أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز قال: سألت يحيى بن معين، عن أبي الصلت
عبد السلام ابن صالح الهروي، فقال: ليس ممن يكذب، فقيل له: في حديث أبي معاوية عن
الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فقال: هو من حديث أبي
معاوية (4). أخبرني ابن نمير قال: حدث به أبو معاوية قديما ثم كف عنه، وكان أبو
الصلت رجلا موسرا يطلب هذه الأحاديث ويكرم المشايخ وكانوا يحدثونه بها. وقال الخطيب
أيضا: أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي
(هامش)
(1) أبو زكريا المري المتوفى 233، تاريخ بغداد 14: 177، تهذيب التهذيب 11: 280،
تذكرة الحفاظ 2: 429. (2) تاريخ بغداد 11: 48. (3) تاريخ بغداد 11: 50. (4) المصدر
السابق 11: 50. (*)
ص 29
أخبرنا أبو مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: سألت أبا علي صالح
بن محمد عن أبي الصلت الهروي، فقال: رأيت يحيى ابن معين يحسن القول فيه، ورأيت يحيى
بن معين عنده، وسئل عن هذا الحديث الذي رواة عن أبي معاوية حديث علي: أنا مدينة
العلم وعلي بابها، فقال: رواه أيضا الفيدي، قلت: ما اسمه؟ قال محمد بن جعفر ا ه
(1). وقال الحاكم في المستدرك عقب تخريج الحديث: هذا حديث صحيح الإسناد وأبو الصلت
ثقة مأمون، فإني سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب (2) في التاريخ يقول: سمعت العباس
بن محمد الدوري يقول: سألت يحيى ابن معين عن أبي الصلت الهروي فقال: ثقة، قلت: أليس
قد حدث عن أبي معاوية بحديث: أنا مدينة العلم؟ فقال: قد حدث به محمد بن جعفر الفيدي
(3)، وهو ثقة مأمون (4). وقال الحاكم أيضا: سمعت أبا النضر أحمد بن سهل الفقيه
القباني (5) إمام عصره ببخارى يقول: سمعت صالح بن محمد بن حبيب (6) الحافظ، يقول:
وسئل عن أبي الصلت الهروي فقال: دخل يحيى بن معين ونحن
(هامش)
(1) تاريخ بغداد 11: 50. (2) المتوفى 284، تذكرة الحفاظ 3: 86. (3) أبو جعفر الكلبي
وقيل: أبو عبد الله المتوفى 236 / 230 تاريخ بغداد 2: 118، تهذيب التهذيب 9: 95.
(4) المستدرك 3: 126. (5) لم أجد له في المعاجم ترجمة. (6) صالح بن محمد بن عمرو بن
حبيب الأسدي المتوفى 293، تذكرة الحفاظ 2: 641، مرآة الجنان 2: 222، شذرات الذهب 2:
216. (*)
ص 30
معه على أبي الصلت فسلم عليه، فلما خرج تبعته فقلت له: ما تقول رحمك الله: في أبي
الصلت فقال: هو صدوق، فقلت له: إنه روى حديث أنا مدينة العلم، فقال: قد روى هذا ذاك
الفيدي عن أبي معاوية عن الأعمش كما رواه أبو الصلت ا ه (1). وقال الدار قطني (2):
قال لي دعلج: أنه سمع أبا سعيد الهروي وقيل له: ما تقول في أبي الصلت؟ قال: نعيم بن
الهيصم ثقة، قال: إنما سألتك عن عبد السلام فقال: نعم ثقة (3). وقال الآجري (4) عن
أبي داود: كان ضابطا ورأيت ابن معين عنده (5). وقال الذهبي في الميزان (6): عبد
السلام بن صالح أبو الصلت الهروي الرجل الصالح إلا أنه شيعي جلد (7) ا ه. ووثقه
عبد الله بن أحمد بن حنبل بروايته عنه، وذلك يدل على أنه ثقة عند أبيه أيضا، فإن
عبد الله كان لا يروي إلا عمن يأمره أبوه بالرواية عنه ممن هو عنده ثقة، كما ذكره
الحافظ في غير موضع من كتابه تعجيل المنفعة (8) فقال في ترجمة إبراهيم بن الحسن
الباهلي:
(هامش)
(1) المستدرك 3: 127. (2) علي بن عمر بن أحمد البغدادي المتوفى 385. (3) تاريخ
بغداد 11: 51. (4) أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الشافعي المتوفى 360. (5)
تاريخ بغداد 11: 50. (6) لسان الميزان ط القاهرة 1382 / 1963. (7) الميزان ج 2 ص
616. (8) لابن حجر العسقلاني المتوفى 852 ط حيدر آباد سنة 1324.
ص 31
كان عبد الله بن أحمد لا يكتب إلا عمن أذن له أبوه في الكتابة عنه، وكان لا يأذن له
أن يكتب إلا عن أهل السنة حتى كان يمنعه أن يكتب عمن أجاب في المحنة، ولذلك فاته
علي بن الجعد ونظراؤه من المسند ا ه (1). وقال في ترجمة إبراهيم بن عبد الله بن
بشار الواسطي: كان عبد الله لا يكتب إلا عن ثقة عند أبيه (2). وقال في ترجمة عبد
الله بن صندل عقب قول الحسيني أنه مجهول: كيف يكون مجهولا من روى عنه جماعة ويأذن
أحمد لابنه في الكتابة عنه، فإن عبد الله كان لا يأخذ إلا عمن يأذن له أبوه في
الأخذ عنه (3). وقال في ترجمة عبد الرحمن بن المعلم عقب قول الحسيني لا يدري من هو:
قلت: ما كان عبد الله يكتب إلا عمن يأذن له أبوه في الكتابة عنه، فهذا القدر يكفي
في التعريف به (4). وقال في ترجمة الليث بن خالد البلخي: كان عبد الله بن أحمد لا
يكتب إلا عمن أذن له أبوه في الكتابة عنه ولهذا كان معظم شيوخه ثقات (5). وقال في
ترجمة محمد بن تميم النهشلي: حكم شيوخ عبد الله القبول إلا أن يثبت فيه جرح مفسر.
لأنه كان لا يكتب إلا عمن أذن له أبوه فيه (6).
(هامش)
(1) تعجيل المنفعة ص 15، تذكرة الحفاظ 2: 685. (2) المصدر السابق ص 18. (3) المصدر
السابق ص 225. (4) المصدر السابق ص 258. (5) المصدر السابق ص 355. (6) المصدر
السابق ص 360. (*)
ص 32
ونص علي ذلك أيضا في ترجمة محمد بن عبد الله بن جعفر. وفي ترجمة محمد بن يعقوب
الزبالي (1). وقال في تقريب التهذيب (2): عبد السلام بن صالح بن سليمان أبو
الصلت الهروي مولى قريش صدوق له مناكير، وكان يتشيع، وأفرط العقيلي فقال: كذاب ا ه
(3). وقد نص في خطبة هذا الكتاب (4): على أنه يحكم على الرجال بأصح ما قيل فيه،
فهؤلاء جماعة من الأئمة وثقوه ووصفوه بالصدق والصلاح والضبط، وهذا أعلى ما يطلب في
راوي الصحيح، وليس في رجال الصحيحين من وصف بأكثر من هذا، ولا من اتفق على توثيقه
إلا القليل، وقد قال الذهبي في ترجمة مالك بن الخير الزيادي من الميزان: قال ابن
القطان: هو ممن لم تثبت عدالته، يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة (5). وفي الصحيحين
عدد كثير ما علمنا أن أحدا نص على توثيقهم والجمهور على أن من كان من المشايخ قد
روى عنه جماعة ولم يأت بما ينكر أن حديثه صحيح ا ه. فإذا كان حديث من هذا حاله
صحيحا فكيف بعبد السلام بن صالح الذي وثقه جماعة فيهم مثل يحيى بن معين الذي هو أشد
الناس تعنتا في الرجال، والذي يأذن أحمد بن حنبل لابنه في الرواية عنه، وقد روى عنه
جماعة ولم يأت بما ينكر بل يجب أن يكون حديثه أصح من حديث المذكورين.
(هامش)
(1) تعجيل المنفعة ص 366. (2) لابن حجر العسقلاني 1 - 2 ط القاهرة 1380. (3) تقريب
التهذيب 1: 506. (4) المصدر السابق 1: 3. (5) ميزان الاعتدال 3: 426. (*)
ص 33
(المسلك الثاني): أنهم قد صححوا لرجال لم يبلغوا رتبة عبد السلام ابن صالح في الضبط
والعدالة

ولم يقاربوه فيما اثني به عليه أئمة الجرح والتعديل حتى صححوا لرجال
مجهولين كما تقدم عن الذهبي في رجال الصحيحين ونسبه إلى الجمهور، وكما هو شرط كثير
ممن صنف في الصحيح كابن خزيمة (1) وابن حبان (2) اللذين تصحيحهما أعلى من تصحيح
الحاكم كما نص عليه الحافظ ابن كثير (3) وغيره، فقد نقل ابن عبد الهادي في (الصارم
المنكى) عن ابن حبان أنه قال: ضابط الحديث الذي يحتج به إذا تعرى راويه من أن يكون
مجروحا أو فوقه مجروح أو دونه مجروح، أو كان سنده مرسلا أو منقطعا أو كان المتن
منكرا ا ه. وقال الحافظ في مقدمة اللسان (4) ملك ابن حبان في كتاب الثقات (5):
أنه يذكر خلقا ممن نص عليهم أبو حاتم وغيره على أنهم مجهولون وكان عند ابن حبان أن
جهالة العين ترفع برواية واحد مشهور وهو مذهب شيخه ابن خزيمة ولكن جهالة حاله باقية
عند غيره، وقد أفصح ابن حبان بقاعدته فقال: العدل من لم يعرف فيه الجرح إذ التجريج
ضد التعديل فمن لم يجرح فهو عدل حتى يتبين جرحه إذ لم يكلف الناس ما غاب عنهم ا ه.
(هامش)
(1) أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري المتوفى بعد 273. (2) ابن
حبان محمد بن حبان البستي المتوفى 354، طبقات الشافعية 2: 141، البداية والنهاية
11: 259، اللباب 1: 273، تذكرة الحفاظ 3: 125. (3) عماد الدين إسماعيل بن عمر بن
كثير الدمشقي المتوفى 774. (4) لسان الميزان 1: 14. (5) كتاب الثقات للحافظ ابن
حبان، تأليف قيم ضخم فخم يوجد مصوره في مكتبة الإمام أمير المؤمنين - ع - العامة
برقم 2644 - 2646. (*)
ص 34
وقال الحافظ أيضا في آخر من اسمه أيوب من اللسان: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:
روى عنه مهدي بن ميمون لا أدري من هو ولا ابن من هو، وهذا القول من ابن حبان يؤيد
ما ذهبنا إليه من أنه يذكر في كتاب الثقات كل مجهول روى عنه ثقة ولم يجرح ولم يكن
الحديث الذي يرويه منكرا هذه قاعدته وقد نبه على ذلك الحافظ صلاح الدين العلائي،
والحافظ شمس الدين بن عبد الهادي وغيرهما (1). وقال أيضا في ترجمة سيف أبي محمد بعد
نقل كلام ابن حبان: وهذا دليل واضح على أنه كان عنده أن حديث المجهولين الذين لم
يجرحوا مقبول ا ه (2). وقال في ترجمة عبد الله بن أبي سعيد المدني في (تعجيل
المنفعة) بعد كلام ما نصه: وتلخص من هذا أن لعبد الله بن أبي سعيد راويين ولم يجرح
ولم يأت بمتن منكر فهو على قاعدة ثقات أن حبان ا ه (3). وقد سلك الحافظ هذا المسلك
في كثير من تصرفاته منها أنه قال: في ترجمة عبد الله بن رماجس من اللسان ردا على
الذهبي في حديث ما نصه، فالحديث حسن الإسناد لأن راوييه مستوران لم تتحقق أهليتهما
ولم يجرحا ولحديثهما شاهد قوي وصرحا بالسماع وما رميا بالتدليس لا سيما تدليس
التسوية الذي هو أفحش أنواع التدليس، إلا في القول الذي حكيناه آنفا عن ابن عبد
البر ا ه (4). (فإن قيل): هذا مشروط بكونهم لم يجرحوا كما صرحوا به
(هامش)
(1) لسان الميزان 1: 492، الثقات 2: 100. (2) المصدر السابق 3: 134. (3) تعجيل
المنفعة ص 223. (4) لا توجد ترجمة في اللسان - باسم عبد الله بن رماجس. (*)
ص 35
وليس حال عبد السلام بن صالح كذلك فإنه وإن كان وثقه جماعة فقد ضعفه آخرون، فقال
زكريا الساجي: يحدث بمناكير هو عندهم ضعيف. وقال النسائي: ليس بثقة، وقال أبو حاتم:
لم يكن بصدوق هو ضعيف، وقال ابن عدي: له أحاديث مناكير في فضل أهل البيت وهو المتهم
بها، وقال البرقاني عن الدارقطني: كان رافضيا خبيثا، وكذا قال العقيلي وزاد في
رواية عنه: أنه كذاب لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد (1). (قلنا): الجواب عنه من
وجهين: (الوجه الأول): أن هذا الجرح باطل مردود على رأي الجمهور والقواعد المقررة
عندهم، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى لأنه مبني علي أصل فاسد فهو بمنزلة
المعدوم. (الوجه الثاني): أنهم صححوا لرجال تكلم فيهم بأشد مما تكلم به في عبد
السلام بن صالح، ورموا بأسوأ مما رمي به من الكذب وسوء العقيدة مما يجب معه أن يكون
حديثه أصح من حديثهم، فقد صححوا لرجال كذابين متهمين بالوضع وفيهم من أقر على نفسه
بذلك فصحح البخاري ومسلم لإسماعيل بن أبي أويس (2). قال أحمد بن أبي يحيى عن ابن
معين: يسرق الحديث. وقال إبراهيم بن الجنيد عن ابن معين: يخلط ويكذب ليس بشيء. وقال
النسائي ضعيف، وقال في موضع آخر: غير ثقة ولم يخرج له. وقال ابن معين: روى عن خاله
يعني مالكا أحاديث غرائب لا يتابعه عليها أحد.
(هامش)
(1) تاريخ بغداد 11 ص 51. (2) أبو عبد الله المدني المتوفى 226. (*)
ص 36
وقال النضر بن سلمة المروزي: كذاب كان يحدث عن مالك به مسائل ابن وهب، وذكره
العقيلي: في الضعفاء. ونقل عن ابن معين أنه قال: لا يسوى فلسين. وقال الأزدي: حدثنا
سيف بن محمد أن ابن أبي أويس: كان يضع الحديث. وقال سلمة بن شبيب: سمعت إسماعيل بن
أبي أويس يقول: ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم
(1). (وصحح البخاري) لأسيد بن زيد الجمال (2) قال ابن معين: كذاب أتيته ببغداد
فسمعته يحدث بأحاديث كذب، وقال النسائي: متروك، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات
المناكير ويسرق الحديث، وقال ابن عدي: يتبين على روايته الضعف وعامة ما يرويه لا
يتابع عليه، وقال أبو حاتم: يتكلمون فيه، وقال الدارقطني: ضعيف الحديث، وقال ابن
ماكولا: ضعفوه، وقال الخطيب: كان غير مرضي في الرواية، وقال البزاز: حدث بأحاديث لم
يتابع عليها وقد أحتمل حديثه مع شيعة شديدة فيه، وقال الساجي: سمعت أحمد بن يحيى
الصوفي يحدث عنه بمناكير (3). (وصحح البخاري) للحسن بن مدرك السدوسي. قال فيه أبو
داود: كذاب كان يأخذ أحاديث فهد بن عوف
(هامش)
(1) ميزان الاعتدال 1: 222، تقريب التهذيب 1: 71، الغدير ط نجف 5: 192، تهذيب
التهذيب 1: 310. (2) أبو محمد الجمال الكوفي المتوفى قبل 220، الجمع بين رجال
الصحيحين 1: 51. (3) تجد هذه الآراء في تاريخ بغداد 7: 47، تقريب التهذيب 1: 77
ميزان الاعتدال 1: 256، الغدير ط نجف 5: 193. (*)
ص 37
فيلقيها على يحيى بن حماد (1). (وصحح البخاري ومسلم) لأحمد بن عيسى بن حسان المصري،
قال أبو داود: كان ابن معين يحلف أنه كذاب، وقال أبو حاتم: تكلم الناس فيه، وقال
سعيد بن عمرو البردعي: أنكر أبو زرعة على مسلم روايته عنه في الصحيح، وقال: ما رأيت
أهل يشكون في أنه - وأشار إلى لسانه - يعني أنه يكذب (2). وصحح البخاري للحسن بن
ذكوان، قال ابن معين: صاحب الأوابد مسكر الحديث، وقال أحمد بن حنبل: أحاديثه أباطيل
وضعفه أبو حاتم والنسائي وابن المديني والساجي وآخرون (3). (وصحح أيضا) لنعيم بن
حماد قال الدولابي: كان يضع الحديث، وقال الأزدي: قالوا كان يضع الحديث في تقوية
السنة، وحكم ابن الجوزي بوضع أحاديث كثيرة أعلها بنعيم ويكاد يجزم من يعتبر حديثه
بذلك لكثرة ما فيه من المناكير. وقد قال الحافظ السيوطي: في ذيل الموضوعات أتعبنا
نعيم بن حماد من كثرة ما يأتي بهذه الطامات (4). وصحح أيضا لعكرمة مولى ابن عباس
وقد كذبه جماعة من الأئمة وبينوا أدلة ذلك، بل نقل عنه الاعتراف الكذب في مسألة أو
مسألتين هذا مع البدعة الشديدة التي كانت فيه (5).
(هامش)
(1) ميزان الاعتدال 1: 522، تهذيب التهذيب 2: 321. (2) تاريخ بغداد 4: 273. (3)
ميزان الاعتدال 1: 489، تقريب التهذيب 1: 166. (4) الغدير 5: 232. (5) عكرمة بن عبد
الله البربري المتوفي 107، تهذيب التهذيب 7: 263. (*)
ص 38
(وصحح مسلم) لأفلح بن سعيد اتهمه ابن حبان بالوضع بل بوضع الحديث الذي أخرجه مسلم
عنه (1). (وصحح) أيضا لقطن بن نسير قال ابن عدي: يسرق الأحاديث واتهمه أبو زرعة
والقواريري وابن عدي بوضع حديث (2). (وصحح البخاري) لحريز بن عثمان وقد وصل في
البدعة إلى حد مفسق بالاجماع أو مكفر على رأي البعض (3). وكذلك (صحح) لعمران بن
حطان وهو مثله (4). (وصحح مالك ومسلم) لعبد الكريم بن أبي المخارق وهو مجمع على
ضعفه كما قال ابن عبد البر وغيره، وصحح الإمام الشافعي لإبراهيم ابن أبي يحيى قال
فيه مالك: لم يكن بثقة في دينه ولا في حديثه، وقال يحيى بن معين: سمعت القطان يقول:
أنه كذاب، وقال أحمد: تركوا حديثه قدري معتزلي يروي أحاديث ليس لها أصل، وقال
البخاري: تركه ابن المبارك والناس، وقال عباس عن ابن معين: كذاب رافضي، وقال ابن
المديني: كذاب، وكان يقول بالقدر، وقال النسائي والدارقطني وجماعة: متروك، وأطلق
النسائي أنه كان يضع الحديث، وقال إبراهيم بن سعد: كنا نسميه ونحن نطلب الحديث
خرافة، وقال محمد بن سحنون: لا أعلم بين الأئمة اختلافا في إبطال الحجة به، ومع هذا
كله
(هامش)
(1) تقريب التهذيب 1: 82، تهذيب التهذيب 1: 367. (2) تقريب التهذيب 2: 126، الكامل
3: 9. (3) مات سنة 63، تقريب التهذيب 1: 159. (4) تقريب التهذيب 2: 82 وقال: أنه
كان على مذهب الخوارج، تهذيب التهذيب 8: 127، شذرات الذهب 1: 95. (*)
ص 39
قال الحافظ في التلخيص كم من أصل أصله الشافعي لا يوجد إلا من رواية إبراهيم ا ه
(1). فأين ما قيل في عبد السلام بن صالح مما قيل في هؤلاء فإن جرحه لا يذكر بالنسبة
لجرحهم ومع ذلك حكموا بصحة أحاديثهم، وذلك يوجب أن يكون حديثه أصح وأرفع بدرجات من
أحاديثهم. (فإن قيل): إنما صحح هؤلاء الأئمة للمجروحين لعدم ثبوت الجرح عندهم
ولكونهم ثقات في نظرهم. (قلنا): وكذلك عبد السلام بن صالح إنما صحح له ابن معين
والحاكم والسمرقندي، لعدم ثبوت الجرح عندهم ولكونه ثقة في نظرهم، على أن الواقع في
أكثر رجال الصحيحين ليس كذلك، لأن منهم من كان جرحه ذائعا مشهورا لا يخفى على مثل
البخاري ومسلم، وقد اعترض أبو زرعة على مسلم في إخراجه لأناس ضعفاء فأقر واعترف
بذلك واعتذر أنه خرج عنهم لعلو إسنادهم. (فإن قيل): فهذا دليل على أنهم ما صححوا
لهؤلاء المجروحين إلا ما توبعوا عليه كما صرح به مسلم وكما أجابوا به عن كثير من
أحاديث البخاري ومالك والشافعي وغيرهم. (قلنا): وكذلك عبد السلام بن صالح قد توبع
على هذا الحديث بأكثر عددا مما توبع عليه كثير من رجال تلك الأحاديث كما ستراه في
المسلك الذي بعده.
. (المسلك الثالث): أن الراوي وإن كان متكلما فيه فحديثه يقوى
ويصحح بالمتابعات

وإنما يعدون في منكراته ما تفرد به، وعبد السلام بن صالح
(هامش)
(1) تهذيب التهذيب 6: 376، وقد توفي عام 126 / 127. تاريخ البخاري 3 ق 2: 89. (*)
ص 40
لم ينفرد بهذا الحديث بل تابعه عليه جماعة منهم: محمد بن جعفر الفيدي (1) وجعفر بن
محمد الفقيه (2)، وعمر بن إسماعيل بن مجالد (3)، وأحمد بن سلمة الجرجاني (4)،
وإبراهيم بن موسى الرازي (5)، ورجاء بن سلمة (6) وموسى بن محمد الأنصاري (7)،
ومحمود بن خداش (8) والحسن بن علي بن راشد (9)، وأبو عبيد القاسم بن سلام (10). أما
متابعة محمد بن جعفر: فذكرها يحيى بن معين كما تقدم وأخرجها الحاكم في مستدركه قال:
حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن تميم القنطري ثنا الحسين بن فهد، ثنا محمد بن يحيى
بن الضريس، ثنا محمد بن جعفر الفيدي، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا مدينة العلم
وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب. قال الحسين بن فهم: حدثناه أبو الصلت
الهروي عن أبي معاوية،
(هامش)
(2 1) مرت الإشارة إليهما. (3) تهذيب التهذيب 7: 427، ميزان الاعتدال 3: 182. (*)
(4) لسان الميزان 1: 179. (5) تهذيب التهذيب 1: 170. (6) تهذيب التهذيب 3: 267،
تاريخ البخاري 2 ق 1: 286، ابن عساكر 5: 315 وفيه أن وفاته 161. (7) تهذيب التهذيب
10: 368. (8) تهذيب التهذيب 10: 62، تاريخ بغداد 13: 90. (9) تهذيب التهذيب 2: 295،
ميزان الاعتدال 1: 506. (10) تقريب التهذيب 2: 117، تاريخ بغداد 12: 403، تذكرة
الحفاظ 2: 417، شذرات الذهب 2: 54. (*)
ص 41
قال الحاكم: ليعلم المستفيد لهذا العلم أن الحسين بن فهم بن عبد الرحمن ثقة مأمون
حافظ ا ه (1). قلت: ومحمد بن جعفر وثقه يحيى بن معين، فهذه المتابعة بمفردها على
شرط الصحيح. وأما متابعة جعفر بن محمد الفقيه: فأخرجها الخطيب في ترجمته من التاريخ
فقال: أخبرنا الحسين بن علي الصيمري، ثنا أحمد بن محمد ابن علي الصيرفي، ثنا
إبراهيم بن أحمد بن أبي حصين، ثنا محمد بن عبد الله أبو جعفر الحضرمي، ثنا جعفر بن
محمد البغدادي أبو محمد الفقيه، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد
العلم فليأت الباب (2). قلت: جعفر بن محمد ذكره الذهبي في الميزان وقال: فيه جهالة
(3)، وهذه الصيغة يستعملها فيمن يجهله من قبل نفسه، كما ذكره في خطبة الميزان، فلو
سلمنا له جهالته فإن جعفر المذكور قد روى عن ثقة ولم يجرحه أحد ولم، يأت بما ينكر
فحديثه صحيح على رأي الجمهور، كما صرح به الذهبي فيما حكيناه عنه آنفا. وأما متابعة
عمر بن إسماعيل: فأخرجها الخطيب في ترجمته من التاريخ فقال: أخبرنا علي بن أبي علي
المعدل وعبيد الله بن محمد بن عبيد الله النجار قالا: حدثنا محمد المظفر، ثنا أحمد
بن عبيد الله بن سابور، ثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد، ثنا أبو معاوية الضرير، عن
الأعمش، عن مجاهد
(هامش)
(1) المستدرك 3: 127. (2) تاريخ بغداد 7: 172. (3) ميزان الاعتدال 1: 415. (*)
ص 42
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة الحكمة وعلي بابها
فمن أراد الحكمة فليأت الباب (1). وأخرجها العقيلي في ترجمته أيضا قال: ثنا محمد بن
هشام، ثنا عمر ابن إسماعيل به. (قلت): عمر بن إسماعيل إحتج به الترمذي، وأنكر بعضهم
أن يكون سمع هذا الحديث من أبي معاوية، وقد سأل عبد الله بن أحمد بن حنبل أباه عن
ذلك، فقال: ما أراه إلا صدق (2). وأما متابعة أحمد بن سلمة: فأخرجها ابن عدي في
ترجمته من الكامل (3) قال: حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن موسى،، ثنا أحمد بن سلمة
أبو عمر والجرجاني، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها (4). وأما متابعة
إبراهيم بن موسى الرازي: فأخرجها ابن جرير في تهذيب الآثار قال: حدثنا إبراهيم بن
موسى الرازي وليس بالفراء، ثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس به.
وقال ابن جرير: هذا الشيخ لا أعرفه ولا سمعت منه غير هذا الحديث. قلت: وهذه
المتابعة أيضا صحيحة أو حسنة على شرط ابن حبان
(هامش)
(1) تاريخ بغداد 11: 204. (2) تهذيب التهذيب 7: 428. (3) الكامل لابن عدي، كتاب
كبير توجد مصورته في مكتبة الإمام أمير المؤمنين - ع - في النجف الأشرف. (4) لسان
الميزان 1: 180، الكامل 1: ورقة 62. (*)
ص 43
وموافقيه كما سبق، لأن إبراهيم روى عن ثقة وروى عنه ثقة ولم يجرح ولم يأت بما ينكر.
وأما متابعة رجاء بن سلمة: فأخرجها الخطيب في ترجمة أحمد بن فاذويه بن عزرة أبي بكر
الطحان من التاريخ فقال: أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد
الله الشاهد، ثنا أبو بكر أحمد بن فاذويه بن عزرة الطحان، ثنا أبو عبد الله أحمد بن
محمد بن يزيد ابن سليم، حدثني رجاء بن سلمة، ثنا أبو معاوية الضرير، عن الأعمش عن
مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا مدينة العلم
وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب (1). وأما متابعة موسى بن محمد الأنصاري:
فأخرجها خيثمة بن سليمان (2) في الفضائل قال: حدثنا ابن عوف، ثنا محفوظ بن بحر، ثنا
موسى ابن محمد الأنصاري الكوفي، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد عن ابن عباس
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا مدينة الحكمة وعلي بابها (3).
وأما متابعة محمود بن خداش: فأخرجها ابن عدي في الكامل حدثنا الحسن بن عثمان، ثنا
محمود بن خداش، ثنا أبو معاوية به ومحمود ابن خداش ثقة صدوق لكن الراوي عنه اتهمه
ابن عدي (4).
(هامش)
(1) تاريخ بغداد 4: 348. (2) الطرابلسي أبو الحسن المتوفى 343، لسان الميزان 2:
411، ابن عساكر 5: 184، تذكرة الحفاظ 3: 71، كشف الظنون 1385، فهرس مخطوطات
الظاهرية 169. (3) الغدير 3: 91 ط نجف. (4) الكامل 1: ورقة 265. (*)
ص 44
وأما متابعة الحسن بن عدي أيضا قال: حدثنا أبو سعيد العدوي ثنا الحسن بن علي بن
راشد، ثنا أبو معاوية به قلت: والحسن بن علي أيضا صدوق احتج به أبو داود ولكن
الراوي عنه متهم (1). وأما متابعة أبي عبيد: فأخرجها ابن حبان في ترجمة إسماعيل بن
محمد بن يوسف أبي هارون الجبريني من الضعفاء فقال، حدثنا الحسين ابن إسحاق
الإصبهاني، ثنا إسماعيل بن محمد بن يوسف، ثنا أبو عبيد القاسم ابن سلام، عن أبي
معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد الدار فليأتها من قبل بابها (2). (متابعات
أخرى): قد تقدم عن ابن نمير ويحيى بن معين وإسحاق بن راهويه فيما أسنده عنهم الخطيب
أن هذا الحديث ثابت معروف من حديث أبي معاوية مما دل على أنه ثابت عنه بطريق الشهرة
والاستفاضة (3). متابعة أخرى قاصرة من غير طريق أبي معاوية: قال ابن عدي في ترجمة
سعيد بن عقبة أبى الفتح من الكامل: حدثنا أحمد بن حفص السعدي، ثنا سعيد بن عقبة
البو الفتح الكوفي، عن الأعمش، عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وقال: ابن عدي سعيد بن عقبة مجهول (4).
(متابعة أخرى) عن الأعمش: قال ابن عدي في ترجمة عثمان بن
(هامش)
(1) الكامل 1: ورقة 264. (2) تاريخ بغداد 12: 403 - 415. (3) مصادر حديث - أنا
مدينة العلم وعلي بابها - الغدير 54 6 - 69 ط نجف. (4) الكامل ج 2 ورقة 54 سطر 13.
(*)
ص 45
عبد الله الأموي الشامي من الكامل أيضا: أنبأنا ابن زاطيا، حدثنا عثمان بن عبد الله
الأموي، حدثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم: أنا دار الحكمة وعلي بابها (1)، فهذه متابعات لا يوجد
مثلها لكثير من الأحاديث التي صححوها بالمتابعات، وقد صحح التاج السبكي في أول
الطبقات (2) حديث كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله أقطع، وهو من رواية قرة عن
الزهري، وقرة قال ابن معين: ضعيف، وقال أحمد: منكر الحديث جدا، وقال أبو زرعة:
الأحاديث التي يرويها مناكير، وقال أبو حاتم والنسائي: ليس بقوي، وقال أبو داود: في
حديثه نكارة ذكر السبكي هذا الجرح كله ثم قال: ومع هذا فهو عندي من أثبت أحاديثه عن
الزهري لأنه توبع عليه، وذكر وجوها أخرى لا تقاوم الوجوه التي غضضنا بها نحن حديث
الباب وبالله التوفيق.
(المسلك الرابع): أن الراوي لو لم يكن له متابعون فإن حديثه
يصحح أيضا بالشواهد المعنوية

كما هو مقرر في علم الحديث، وكما أثبتوا به صحة أحاديث
في الصحيحين والموطأ ومسند أحمد وغيرها، وقد صحح ابن عبد البر وابن سيد الناس حديث
عبد الكريم بن أبي المخارق المجمع على ضعفه وجود الشواهد المعنوية لحديثه (3). وقال
البيهقي في شعب الإيمان (4) في الكلام على حديث العباس *
(هامش)
*(1) الكامل 2 ورقة 259. (2) طبقات الشافعية 1: 4 - 13. (3) تهذيب التهذيب 6: 376،
ميزان الاعتدال 2: 646. (4) توجد نسخة في مكتبات سوريا وتركيا، ومكتبة الإمام أمير
المؤمنين ع مصورة منه. (*)
ص 46
ابن مرداس: هذا الحديث له شواهد كثيرة وقد ذكرناها في كتاب البعث فإن صح لشواهده
فقيه الحجة، وإن لم يصح فقد قال الله تعالى: ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء (1).
وقال الحافظ في التلخيص في الكلام عن حديث من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد برئ من
الله، ردا على ابن الجوزي في ذكره إياه في الموضوعات بعد كلام ما نصه: ثم أن له
شواهد تدل علي صحته ا ه (2). وقال النووي في الكلام على حديث: لا يحل لأحد أن يجنب
في هذا المسجد غيري وغيرك، قال لعلي خرجه الترمذي وحسنه، وإنما حسنه الترمذي
لشواهده ا ه (3). قلت: والترمذي يعتمد على الشواهد في أكثر الأحاديث التي يحكم
بصحتها وحسنها في سننه، فإنه يورد الحديث في سنده من تكلم فيه ثم يصححه أو يحسنه مع
ذلك ويقول بعده، وفي الباب عن فلان وفلان يشير بذلك إلى أن الحديث وإن كان في سنده
مقال فإنه يصحح بشواهده التي سمي رواتها من الصحابة وهو في الأكثر الأغلب يذكر اسم
من روى معنى حديث الباب لا لفظه كما نص عليه الحفاظ وكما يعلم من استقراء تصرفه.
وقال الذهبي في ترجمة حرام بن حكيم من الميزان وثقه دحيم وضعفه ابن حزم ثم أورد له
حديثا ونقل عن عبد الحق أنه قال: لا يصح هذا ثم تعقبه بقوله: وعليه مؤاخذة في ذلك
فإنه يقبل رواية المستور وحرام فقد وثق وحدث عنه زيد بن واقد وعبد الله بن العلاء
روى أيضا عن
(هامش)
(1) سورة البقرة 284. (2) تلخيص المستدرك 2: 11 - 12. (3) الجامع 2: 214، الغدير 3:
185 ط نجف. (*)
ص 47
أبي هريرة فحديثه مع غرابته يقتضي أن يكون حسنا ا ه (1). ولما نقل في ترجمة أفلح
بن سعيد عن ابن حبان أنه قال في حديثه: إنه باطل تعقبه بقوله: بل حديث أفلح صحيح
غريب وحديث أبي هريرة شاهد لمعناه ا ه (2). والأحاديث التي صححوها بهذه الطريق
كثيرة جدا يطول تتبعها، وحديث الباب له أيضا شواهد كثيرة تشهد بصحة معناه (منها
حديث) ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: علي عتبة علمي، أخرجه
ابن عدي (3). وحديث أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: علي باب علمي
ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي (4). أخرجه الديلمي في الفردوس (5) قال:
أنبأنا أبي، أنا الميداني، أنا أبو محمد الحلاج، أنا أبو الفضل محمد بن عبد الله.
ثنا أحمد بن عبيد الثقفي، ثنا محمد بن علي بن خلف العطار، ثنا موسى بن جعفر بن
إبراهيم بن محمد، ثنا عبد المهيمن بن العباس عن أبيه، عن جده سهل بن سعد، عن أبي ذر
به.
(هامش)
(1) ميزان الاعتدال 1: 467. (2) ميزان الاعتدال 1: 274. (3) الغدير 3: 90. (4) كنز
العمال 6: 156. (5) كتاب قيم أسند كتاب الفردوس لأبيه الحافظ توجد منه نسخ نفيسة
عتيقة في مكتبات الهند وسوريا وتركيا ومنه مصورة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين
عليه السلام العامة. (*)
ص 48
وأخرجه الحاكم في المستدرك (1) من حديث أنس بن مالك إلا أنه اقتصر على شطره
الثاني. وحديث زيد بن أبي أوفى قال: لما آخى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين
أصحابه قال علي: لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري،
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي وأنت مني
بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي وأنت أخي ووارثي، قال: وما أرث منك يا
رسول الله؟ قال: ما ورث الأنبياء من قبلي، قال: وما ورث الأنبياء من قبلك؟ قال:
كتاب ربهم وسنة نبيهم.. الحديث. أخرجه الإمام أحمد في كتابه المناقب (2). وأخرجه
البغوي في معجمه قال: ثنا علي بن محمد الجوزجاني، ثنا قصر بن علي الجهضمي، أنا عبد
المؤمن بن عباد العبدي، ثنا يزيد بن معن، عن عبيد الله بن شراحيل، عن رجل من قريش،
عن زيد بن أبي أوفى به، وأخرجه من وجه آخر فقال: عن ابن شراحيل، عن زيد بن أبي
أوفى. وحديث علي قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وآله ألف باب كل باب بفتح ألف
باب. أخرجه أبو نعيم، وأخرجه إسماعيلي في معجمه من حديث ابن عباس وإسناده على شرط
الحسن لولا ما فيه
(هامش)
(1) راجع مستدرك الحاكم مناقب الإمام أمير المؤمنين - ع - في الجزء الثالث. (2)
كتاب المناقب للإمام أحمد بن حنبل رواية ابن مالك، توجد مصورته في مكتبة الإمام
أمير المؤمنين عليه السلام، وعليك بالرياض النضرة 2: 209، والغدير 3: 107. (*)
ص 49
من الاضطراب (1). وحديث علي أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا
علي إن الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي وأنزلت هذه الآية: وتعبها أذن واعية (2)،
فأنت أذن واعية لعلمي. أخرجه أبو نعيم في الحلية (3)، وأخرجه ابن أبي حاتم في
التفسير من وجه آخر عن أبي مرة الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي:
إني أمرت أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي وحق لك أن تعي، قال: فنزلت هذه
الآية: وتعيها أذن واعية. ومن هذا الوجه أخرجه ابن جرير، وأخرجه أيضا من وجه آخر عن
بريدة، ومن وجه آخر عن مكحول مرسلا قال: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله
عليه وآله: سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي. وهكذا أخرجه ابن أبي حاتم، وابن
مردويه، وأخرجه الثعلبي من وجه آخر عن عبد الله بن حسن، وحديث ابن عباس قال: كنا
نتحدث أن النبي صلى الله عليه وآله عهد إلى علي سبعين عهدا لم يعهدها إلى غيره.
أخرجه الطبراني في المعجم الصغير (4). ثنا محمد بن سهل ب الصباح، ثنا احمد بن
الفرات الرازي، ثنا سهل بن عبدويه، ثنا عمرو بن أبي قيس، عن مطرف بن طريف، عن
(هامش)
(1) تاريخ ابن عساكر 38: 13 مخطوطة مكتبة الإمام أمير المؤمنين - ع - برقم 38 /
115. (2) سورة الحافة: 12. (3) حلية الأولياء 1: 67. (4) المعجم الصغير للحافظ
الطبراني طبع في الهند، وأخرجه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء 1: 68، وآخرون كما
في الغدير 3: 90. (*)
ص 50
المنهال بن عمرو، عن التميمي، عن ابن عباس به. وأخرجه أبو نعيم في الحلية قال:
حدثنا الطبراني به، قلت: التميمي هو المفسر واسمه أربدة ذكره الذهبي في الميزان ولم
يذكر فيه جرحا سوى روايته لهذا الحديث ومع ذلك فلم يتهمه به بل قال: تفرد به أحمد
بن الفرات عن السندي وهو منكر الحديث ا ه (1). وهذا باطل مردود على الذهبي فإن
أربدة قال: العجلي تابعي كوفي ثقة (2)، وذكره ابن حبان في الثقات، وأما محمد بن
الفرات فإن الذهبي نفسه وصفه بأنه حافظ ثقة وقال: إن ابن عدي ذكره في الكامل فأساء
فإنه ما أبدى شيئا غير أن ابن عقدة روى عن ابن خراش وفيهما رفض وبدعة قال: إن ابن
الفرات يكذب عمدا، وقال ابن عدي: لا أعرف له رواية منكرة قال الذهبي: فبطل قول ابن
خراش ا ه (3). قلت: وإذا بطل قول ابن خراش وقال عنه الذهبي: إنه حافظ ثقة فكيف
يقول فيه بعد ذلك بورقات: إنه منكر الحديث، وإذا أراد بهذا السندي على احتمال بعيد
فإنه لم يسبق إلى ذلك ولم يذكره هو في الضعفاء، وقد وثقه أبو عوانة فاحتج به في
صحيحه، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو الوليد الطيالسي: لم أر بالري أعلم
بالحديث منه (4) وهذه عندهم عبارة توثيق، ولكن الذهبي إذا رأى حديثا في فضل على
عليه السلام بادر إلى إنكاره بحق وبباطل حتى كأنه لا يدري ما يخرج من رأسه سامحه
الله، وحديث علي أنه سئل عن نفسه فقال: إني كنت *
(هامش)
(1) ميزان الاعتدال 1: 170. (2) ميزان الاعتدال 1: 127. (3) تهذيب التهذيب 1: 197،
ميزان الاعتدال 1: 128. (4) تهذيب التهذيب 1: 66، تذكرة الحفاظ 2: 544. (*)
ص 51
إذا سألت رسول الله صلى الله عليه وآله انبأني، وإذا سكت ابتدأ في أخرجه ابن أبي
شيبة والترمذي والحاكم وأبو نعيم في الحلية (1) والضياء في المختارة (2)، وحسنه
الترمذي وصححه الحاكم (3) والضياء، ورواه ابن سعد من حديث محمد بن عمر بن علي بن
أبي طالب أنه قيل لعلي: ما لك أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله حديثا فقال:
وذكره. وحديث أبي إسحاق قال: سألت قثم بن العباس كيف ورث علي رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم دونكم؟ قال: لأنه كان أولنا به لحوقا وأشدنا به لزوقا، أخرجه الحاكم
وصححه (4) ثم قال: سمعت قاضي القضاة أبا الحسن محمد بن صالح الهاشمي يقول: سمعت أبا
عمر القاضي يقول: سمعت ابن إسحاق القاضي يقول وذكر له قول قثم هذا فقال: إنما يرث
الوارث بالنسب أو بالولاء ولا خلاف بين أهل العلم أن ابن العم لا يرث مع العم فقد
ظهر بهذا الإجماع أن عليا ورث العلم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دونهم (5)،
ثم أسند الحاكم عن ابن عباس قال: كان علي يقول: في حياة رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم أن الله يقول: أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم (6) والله لا
ننقلب على أعقابنا بعد إذا هدانا الله ولئن مات أو قتل لأقاتلن عليه حتى أموت،
والله إني لأخوه ووليه وابن
(هامش)
(1) حلية الأولياء 1: 68. (2) المختارة للحافظ الضياء المقدسي: أحسن مسند في السنة
الشريفة، توجد مصورتها في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام. (3) المستدرك 3:
125 وفيه: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. (4) المستدرك 3: 125. (5) المصدر السابق
3:: 126. (6) سورة آل عمران 144. (*)
ص 52
عمه ووارث علمه فمن أحق به مني (1). وحديث علي عليه السلام قال: دعاني رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم ليستعملني على اليمن فقلت: يا رسول الله إني شاب حديث السن
ولا علم لي بالقضاء، فضرب رسول الله صلى الله عليه وآله في صدري مرتين أو ثلاثا وهو
يقول: اللهم اهد قلبه وثبت لسانه، فكأنما كل علم عندي وحشى قلبي علما وفقها، فما
شككت في قضاء بين اثنين. أخرجه الخطيب في ترجمة القاسم بن جعفر الحجازي من التاريخ
(2)، وأصل الحديث معروف مخرج في الأصول بدون هذه اللفظة، إلى غير هذا من الأحاديث
المصرحة بمزيد اعتناء النبي صلى الله عليه وآله بتعليم علي وتخصيصه إياه منه بما لم
يخص به غيره والدعاء له بذلك، والإخبار بأنه وارث علمه صلى الله عليه وآله وغير ذلك
مما يدل على أنه عليه السلام باب علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن الحديث
صحيح (3).
(المسلك) الخامس): إن الحديث له مخرجان آخران مباينان لمخرج حديث ابن
عباس

قد حكم لكل واحد منهما على انفراده بأنه صحيح أيضا، وقد تقرر إن من تمام صحة
الحديث تعدد مخارجه وتبايها، أما المخرج الأول فمن حديث علي بن أبي طالب عليه
السلام. كتب إلى الطيب بن محمد قال: أنبأنا محمد بن علي الشلفي، أنا محمد بن سالم
الفشني، أنا أحمد بن عبد الكريم الخالدي، أنا محمد بن عبد الباقي الزرقاني، أنا
محمد بن العلاء، أنا حجازي الواعظ، أنا عبد الوهاب ابن أحمد الشعراني، أنا زكريا،
أنا أحمد بن علي الحافظ، أنا أبو علي
(هامش)
(1) المستدرك 3: 126. (2) تاريخ بغداد 12: 444. (3) رأي النبي الأعظم - ص - في علم
أمير المؤمنين - ع - الغدير 3: 89. (*)