ص103
أبو بكر نصا في القرآن، ولا في السنة عن جزاء هذه الجريمة، فجمع نفرا من الصحابة
فسألهم، وفيهم علي بن أبي طالب. وكان أشدهم يومئذ قولا. قال: إن هذا ذنب لم تعص به
أمة من قبل إلا قوم لوط، فعمل بها ما قد علمتم فأحرقهم الله تعالى وأحرق ديارهم.
أرى أن تحرقوه بالنار. فكتب أبو بكر إلى خالد أحرقه بالنار(1). الرضوي : هذا قليل من
كثير أيها القارئ اللبيب، مما رواه علماء السنة في إثبات جهل إمامهم أبي بكر بن أبي
قحافة، وذاك ما رووه في إثبات علم إمامنا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولا أعتقد
أنك تخطئنا نحن الشيعة الإمامية الجعفرية، الاثنا عشرية إذا ما اخترنا عليا (عليه
السلام) إماما لنا، وارتضيناه خليفة لنبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث كان باب
مدينة علم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، واعلم الأمة وأقضاها، بشهادة الرسول
(صلى الله عليه وآله وسلم) له بذلك غير مرة، واعترافات شخصيات بارزة عندكم له بذلك
أيضا، ورفضنا إمامكم أبا بكر بن أبي قحافة، فإن كنت حرا في تفكيرك، حرا في عقيدتك،
حرا من إسار الذل في التقليد الذميم للسلف الرميم فاعتبر بها، فإنه يستحيل من إنسان
مسلم عاقل اختيار الأدنى على الأفضل، وإيثار الجاهل على العالم الأكمل وهو يقرأ
قوله تعالى (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) (2) (قل هل يستوي الذين يعلمون
والذين لا يعلمون، إنما يتذكر أولو الألباب) (3). إمامنا (عليه السلام) كان أزهد
صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الدنيا، لا إمامكم كل من عرف حقيقة
الدنيا وأنها دار فناء وزوال، ومتاع الغرور، كما قال تعالى (وما الحياة الدنيا إلا
متاع الغرور) (4) وأنها كما وصفها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله:
الدنيا جيفة وطالبها كلاب. ترفع عن أن يكون طالبا لها فيكون مثل الكلاب في الخسة،
تراه يزهد
(هامش)
(1) علي بن أبي طالب طبع عام 1419 الطبعة الثانية. (2) سورة البقرة آية 61. (3)
سورة الزمر آية 9. (4) سورة آل عمران آية 185. (*)
ص104
فيها وفيما فيها من زخارف ونعيم، فلم يغره شيء من زبارجها، ولا ما فيها من جاه
ومقام، وهو يعلم أن عاقبة ذلك كله إلى فناء وزوال، فلا يبذل جهده في نيلها ولا يكدح
في طلبها، تراه يكتفي منها بأقل ما يلزمه منها من قوت، وما لا بد له منه من متاع،
رغبة في الدار الآخرة ونعيمها الخالد، وإيثارا لها على دار الغرور والفناء، قال
الله تعالى (والآخرة خير وأبقى)(1). ولما كان إمامنا (عليه السلام) نشأ في بيت
النبوة، وتربى على يدي صاحب الرسالة الإلهية، والدعوة إلى الحياة الأبدية، كان لا
محالة عرف حقيقة الدنيا فزهد فيها، وفيما فيها من مظاهر ومغريات، فكان سيد الزاهدين
فيها، وإمام الراغبين عنها. وقد شهد له بذلك رجال ليسوا هم من شيعته، ولا من
القائلين بإمامته (بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)). منهم: الأستاذ الأديب
عباس محمود العقاد الكاتب المصري فقال: فلم يعرف أحد من الخلفاء أزهد منه في لذة
دنيا، أو سيب دولة (2) وكان وهو أمير للمؤمنين يأكل الشعير، وتطحنه امرأته بيديها،
وكان يختم على الجراب الذي فيه دقيق الشعير فيقول: لا أحب أن يدخل بطني ما لا أعلم.
قال عمر بن عبد العزيز وهو من أسرة أمية التي تبغض عليا، وتخلق له السيئات، وتخفي
ما توافر له من الحسنات: أزهد الناس في الدنيا علي بن أبي طالب (3). وقال سفيان: إن
عليا لم يبن آجرة على آجرة، ولا لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة. وقد أبى أن ينزل
القصر الأبيض بالكوفة إيثارا للخصاص التي يسكنها الفقراء... وروى النضر بن منصور عن
عقبة بن علقمة قال: دخلت على علي (عليه السلام) فإذا بين يديه
(هامش)
(1) سورة الأعلى آية 17. (2) أي تركها. (3) وروى هذه الكلمة عن عمر أيضا الذهبي في
تاريخ الإسلام عهد الخلفاء الراشدينص645، والتباني الجزائري في تحذير العبقري من
محاضرات الخضري ج 2ص139، وأحمد زيني دحلان في الفتوحات الإسلامية ج 2
ص502
وفيه (أزهد أصحاب النبي). (*)
ص105
لبن حامض آذتني حموضته، وكسر يابسة، فقلت: يا أمير المؤمنين أتأكل مثل هذا؟ فقال
لي: يا أبا الجنوب كان رسول الله يأكل أيبس من هذا، ويلبس أخشن من هذا - وأشار إلى
ثيابه - فإن لم آخذ بما أخذ به خفت ألا ألحق به(1). وقال ابن عيينة: كان علي كرم
الله وجهه أزهد الصحابة (2). الرضوي : وكفى في إثبات كونه (عليه السلام) أزهد
الصحابة شهادة قوم ليسوا هم من شيعته له بذلك، وكفاه فضلا على من سواه، فمن قدم من
هو دونه في الخلافة عليه فقد استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، واستحق اللوم على
ذلك من الله والعتاب قال الله تعالى (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) (3) فهل
من مدكر؟ إمامنا (عليه السلام) كان أشجع صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
لا إمامكم من مؤهلات الرجل للخلافة، وقيادة الأمة، الشجاعة، والبطولة، والإقدام،
فيجب في الخليفة أن يكون شجاعا، بطلا مقداما، تهابه الشجعان، وتحجم من البراز إليه
الأبطال. كان إمامنا المثل الأعلى في ذلك، إمام الشجعان، وبطل الأبطال، فكان الرسول
(صلى الله عليه وآله وسلم) يندبه لكل شدة، ويعده لكل ملمة فكان النصر به، والفتح
على يديه. كان (عليه السلام) فاتح خيبر، وقاتل مرحب، وعمرو بن عبد ود، ومجدل عتبة
وشيبة، وصناديد قريش وأبطالها، في حروبه وجهاده، فهو فارس الإسلام بلا منازع، وسيفه
القاطع، وحسامه الباتر، وفيه جاء النداء من السماء (لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى
إلا علي). قال الطبري: أبصر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (يوم أحد) جماعة من
مشركي قريش فقال لعلي: إحمل عليهم، فحمل عليهم ففرق جمعهم، وقتل عمرو بن عبد الله
الجمحي، ثم أبصر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جماعة من مشركي قريش فقال لعلي:
إحمل عليهم، فحمل
(هامش)
(1) عبقرية الإمام عليص29. (2) فيض القدير ج 5ص422. (3) سورة البقرة آية 61. (*)
ص106
عليهم ففرق جماعتهم، وقتل شيبة بن مالك أحد بني عامر بن لؤي. فقال جبريل: يا رسول
الله إن هذه للمواساة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إنه مني وأنا منه.
فقال جبريل: وأنا منكما، فسمعوا صوتا (لا سيف إلا ذو الفقار. ولا فتى إلا علي)(1).
وأنشد الخطيب ضياء الدين أخطب خوارزم، الموفق بن أحمد المكي المتوفى سنة 567: أسد
الإله وسيفه وقناته * كالظفر يوم صياله والناب جاء النداء من السماء وسيفه * بدم
الكماة يلح في التسكاب لا سيف إلا ذو الفقار ولا * فتى إلا علي هازم الأحزاب (2)
وقال جرير بن عبد الله البجلي من أبيات له فيه (عليه السلام): وصي رسول الله من دون
أهله * وفارسه الحامي به يضرب المثل (3) وقال معاوية بن أبي سفيان في رثاء حريث
مولاه لما برز لقتال الإمام: حريث ألم تعلم وجهلك ضائر * بأن عليا للفوارس قاهر وإن
عليا لم يبارزه فارس * من الناس إلا أقصدته الأظافر (4) وقال الأساتذة علي الجندي،
ومحمد أبو الفضل إبراهيم، ومحمد يوسف المحجوب: وهو سيد المجاهدين غير مدافع، ولا
منازع، وحسبك أن غزوة بدر الكبرى أعظم غزاة غزاها الرسول (صلى الله عليه وسلم) قتل
فيها سبعون من المشركين، قتل هو نصفهم، وقتل المسلمون والملائكة النصف الآخر، وهذا
غير من قتله في غيرها، كأحد، والخندق، وخيبر... وقد أحسن البلاء في جميع الغزوات،
فكان أول المبارزين يوم بدر، وممن ثبتوا يوم أحد وحنين، وهو فاتح خيبر، وقاتل عمرو
بن ود العامري فارس الخندق، ومرحب
(هامش)
(1) تاريخ الأمم والملوك ج 3ص17. (2) نظم درر السمطينص121. (3) شرح نهج البلاغة
لابن أبي الحديد ج 1
ص50
ط مصر عام 1329. (4) شرح نهج البلاغة ج 1ص492. (*)
ص107
اليهودي بطل خيبر(1). وقال الأستاذ العقاد: كان مثلا، يخرج إلى مبارزيه حاسر الرأس،
ومبارزوه مقنعون بالحديد... إنه رجل يعرف من الحرب شجاعتها، ولكنه لا يعرف
خدعتها... (2). الرضوي : كان (عليه السلام) يعرف خدعتها جيدا إلا أن تقوى الله وشرف
النفس كانت حاجزا بينه وبينها. وأضاف العقاد: فربما رفع الفارس بيده فجلد به الأرض
غير جاهد ولا حافل، ويمسك بذراع الرجل فكأنه أمسك بنفسه فلا يستطيع أن يتنفس،
واشتهر عنه أنه لم يصارع أحدا إلا صرعه، ولم يبارز أحدا إلا قتله، وقد يزحزح الحجر
الضخم لا يزحزحه إلا رجال، ويحمل الباب الكبير يعي بقلبه الأشداء، ويصيح الصيحة
فتنخلع لها قلوب الشجعان (3). وكان إلى قوته البالغة شجاعا لا ينهض له أحد في ميدان
مناجزة، فكان لجرأته على الموت لا يهاب قرنا من الأقران، بالغا ما بلغ من الصولة
ورهبة الصيت، واجترأ وهو فتى ناشئ على عمرو بن ود، فارس الجزيرة العربية الذي كان
يقوم بألف رجل عند أصحابه، وعند أعداءه. وكانت وقعة الخندق، فخرج عمرو مقنعا في
الحديد ينادي جيش المسلمين: من يبارز؟ فصاح علي: أنا له يا نبي الله. قال النبي وبه
إشفاق عليه: إنه عمرو، إجلس. ثم عاد عمرو ينادي: ألا رجل يبرز؟ وجعل يؤنبهم قائلا:
أين جنتكم التي زعمتم أنكم داخلوها إن قتلتم، أفلا تبرزون إلي رجلا؟ فقام علي مرة
بعد مرة وهو يقول: أنا له يا رسول الله (4) ورسول الله يقول له مرة بعد
(هامش)
(1) سجع الحمام في حكم الإمامص18. (2) عبقرية الإمام علي
ص28
ط بيروت عام 1374. (3) عبقرية الإمام عليص15. (4) الرضوي : فهلا قام إمامكم أيها
البكريون مرة واحدة من هذه المرات لهذا العدو المستهتر بالإسلام وهو يسمعه يقول:
أين جنتكم التي زعمتم أنكم داخلوها إن قتلتم، ولولا قيام إمامنا له لسجل الخزي
والعار إلى الأبد على المسلمين، أفلا تشعرون؟ (*)
ص108
مرة: إجلس، إنه عمرو(1) وهو يجيبه: وإن كان عمرو، حتى أذن له. فمشى إليه فرحا بهذا
الإذن الممنوع كأنه الإذن بالخلاص، ثم نظر إليه عمرو فاستصغره، وأنف أن يناجزه،
وأقبل يسأله من أنت؟ قال: ولم يزد: أنا علي، قال: ابن عبد مناف؟ قال: ابن أبي طالب.
فأقبل عمرو عليه يقول: يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن، وإني أكره أن أهريق دمك.
فقال له علي: لكني والله لا أكره أن أهريق دمك. فغضب عمرو، وأهوى إليه بسيف كان كما
قال واصفوه: كأنه شعلة نار، واستقبل علي الضربة بدرقته فقدها السيف وأصاب رأسه، ثم
ضربه علي على حبل عاتقه فسقط، ونهض، وسقط ونهض، وثار الغبار، فما انجلى إلا عن عمرو
صريعا، وعلي يجأر بالتكبير، وكأنما كانت شجاعته هذه القضاء الحتم الذي لا يوسى على
مصابه، لأنه أحجى المصائب، وأقلها معابة ألا يدفع، فكانت أخت عمرو بن ود تقول على
سبيل التأسي بعد موته: لو كان قاتل عمرو غير قاتله * بكيته أبدا ما دمت في الأبد
لكن قاتله من لا نظير له * وكان يدعى أبوه بيضة البلد فكانت شجاعته من الشجاعات
النادرة التي يشرف بها من يصيب بها ومن يصاب، ويزيدها تشريفا، إنها ازدانت بأجمل
الصفات التي تزين شجاعة الشجعان الأقوياء، فلا يعرف الناس حلية للشجاعة أجمل من تلك
الصفات التي طبع عليها علي بغير كلفة، ولا مجاهدة رأي، وهي التورع عن البغي
والمروءة مع الخصم، قويا أو ضعيفا
(هامش)
(1) الرضوي : لم يأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إمامنا بالجلوس خشية عليه
من عمرو، فإنه يعلم أن ابن عمه بطل الأبطال ومبيد الشجعان، وإنما منعه من القيام في
كل مرة إرادة أن يختبر أصحابه هل فيهم من له حمية على الإسلام كحمية الإمام، وغيرة
كغيرته فيقوم في وجه هذا العدو الكافر المستهتر. (*)
ص109
على السواء، وسلامة الصدر من الضغن على العدو بعد الفراغ من القتال. فمن تورعه
البغي مع قوته البالغة، وشجاعته النادرة أنه لم يبدأ أحدا قط بقتال وله مندوحة عنه،
وكان يقول لابنه الحسن: لا تدعون إلى مبارزة، فإن دعيت إليها فأجب، فإن الداعي
إليها باغ، والباغي مصروع...(1). علي هذا هو الذي نام في فراش النبي ليلة الهجرة،
وقد علم ما تأتمر به مكة كلها من قتل الراقد على ذلك الفراش... (2). وقال الشبلنجي:
فمن شجاعته نومه على فراش رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما أمره بذلك، وقد
اجتمعت قريش على قتل النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولم يكترث علي (رضي الله عنه)
بهم. قال بعض أصحاب الحديث: أوحى الله تعالى إلى جبريل وميكائيل (عليهما السلام) أن
انزلا إلى علي واحرساه في هذه الليلة إلى الصباح. فنزلا وهم يقولون: بخ بخ من مثلك
يا علي قد باهى الله بك ملائكته... (3). وفي غزوة الخندق برز عمرو بن عبد ود وكان
من صناديد المشركين ومعه ولده حنبل وقال: هل من مبارز؟ فأراد علي أن يبرز إليه،
فأرسل النبي (صلى الله عليه وسلم) لعلي أن لا يبرز إليه فجعل عمرو ينادي: هل من
مبارز؟ وجعل يقول: أين حميتكم؟ أين جنتكم التي تزعمون أن من قتل دخلها، أفلا يبرز
إلي رجل منكم؟ فجاء علي (رضي الله عنه) إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: أنا
له يا رسول الله، فقال (صلى الله عليه وسلم): إنه عمرو، قال: وإن كان عمرو، فأذن له
في مبارزته، ونزع عمامته (صلى الله عليه وسلم) عن رأسه، وعمم عليا (رضي الله عنه)
بها، وقال: إمض لشأنك، فخرج علي (رضي الله عنه) وعمرو يقول:
(هامش)
(1) عبقرية الإمام علي
ص16
ط بيروت عام 1374. (2) عبقرية الإمام عليص25. (3) نور الأبصار
ص78
ط مصر عام 1312. (*)
ص110
ولقد بححت من النداء * بجمعكم هل من مبارز؟ ووقفت إذ وقف ال * - شجاع مواقف القرن
المناجز وكذاك إني لم أزل * متترعا قبل الهزاهز إن الشجاعة في الفتى * والجود من
خير الغرائز فأجابه علي (رضي الله عنه): لا تعجلن فقد أتاك * مجيب صوتك غير عاجز ذو
نية وبصيرة و* الصدق منجي كل فائز إني لأرجو أن أقيم * عليك نائحة العجائز من ضربة
نجلاء يبقى * ذكرها عند الهزاهز ثم قال يا عمرو إنك كنت قد أخذت على نفسك عهدا أن
لا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أجبته إلى واحدة منها قال: أجل. فقال علي
(رضي الله عنه) فإني أدعوك إلى الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وسلم)، وإلى
الإسلام. فقال: أما هذه فلا حاجة لي فيها. فقال له علي: فإذا كرهت هذه فإني أدعوك
إلى النزال. قال: ولم يا بن أخي، فما أحب أن أقتلك، ولقد كان أبوك خلا لي. فقال علي
(رضي الله عنه): أما أنا والله فأحب أن أقتلك. فحمي عمرو وغضب من كلامه، واقتحم عن
فرسه إلى الأرض، وضرب وجهها، ونزل علي (رضي الله عنه) عن فرسه، وأقبل كل منهما على
الآخر، فتصاولا، وتجاولا ساعة، ثم ضربه علي (رضي الله عنه) ضربة على عاتقه بالسيف،
رمى جنبه إلى الأرض، وتركه قتيلا، ثم ركب علي (رضي الله عنه) فرسه، وكر على ابنه
حنبل فقتله أيضا، فخرجت خيول قريش منهزمة. ورمى عكرمة بن أبي جهل رمحه وفر، وأرسل
الله عليهم ريحا وجنودا، ورد الله
ص111
الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا، وكفى الله المؤمنين القتال(1). وقال اليافعي:
وأما شجاعة علي (رضي الله عنه) فشائعة في كل مصر وريف، لا يحتاج في شهرتها إلى
تعريف، وكم له من مشاهد يستوجب فيها عظيم الثناء، وجميل المحامد عند اضطرام
الملاحم، وانتهام المعالم، فهو هزبر غاياتها، وحبر غامضاتها، صارف عن وغاها نارها،
وكاشف عن حلاها خمارها (2). وقال ابن حجر: وكان قد اشتهر بالفروسية والشجاعة
والإقدام حتى قال فيه أسيد بن أياس بن وثيم الكناني قبل أن يسلم يحرض عليه قريشا،
ويعيرهم به: في كل مجمع غاية أخزاكم * جدع أبر على المذاكي القرح لله دركم لما
تذكروا * قد يذكر الحر الكريم ويستحي هذا ابن فاطمة الذي أفناكم * ذبحا بقتله بعضه
لم يذبح (3) أين الكهول وأين كل دعامة * في المعضلات وأين زين الأبطح (4) وقال عبد
الرحمن بن عبد السلام الصفوري: بطل الأبطال، من تمادى على أهل الزيغ واستطال، سيف
الله المسلول، وابن عم الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وزوج الطاهرة البتول، الطيب
المناقب، والنجم الثاقب، فارس المشارق والمغارب، أمير المؤمنين، أبي الحسن علي بن
أبي طالب (رضي الله عنه) (5). وقال الدميري: وسأل رجل ابن عباس رضي الله عنهما:
أكان علي رضي الله تعالى عنه يباشر القتال بنفسه يوم صفين؟ فقال: والله، ما رأيت
رجلا أطرح لنفسه في متلفة
(هامش)
(1) نور الأبصار
ص79
ط مصر عام 1312. (2) مرآة الجنان ج 1
ص114
ط حيدر آباد الدكن. (3) فاطمة هي بنت أسد أم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).
(4) الإصابة ج 2
ص508
الطبعة الأولى ط مصر عام 1328 مطبعة السعادة. (5) مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل
الخلفاء الأربعة
ص200
ط بيروت عام 1409 الطبعة الثانية. (*)
ص112
مثل علي رضي الله تعالى عنه، ولقد كنت أراه يخرج حاسرا عن رأسه بيده السيف إلى
الرجل الدارع فيقتله(1). وعنه قال: خرج طلحة بن أبي طلحة يوم أحد فكان صاحب لواء
المشركين، فقال: يا أصحاب محمد تزعمون أن الله يعجلنا بأسيافكم إلى النار، ويعجلكم
بأسيافنا إلى الجنة، فأيكم يبرز إلي؟ فبرز إليه علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)،
وقال: والله لا أفارقك حتى أعجلك بسيفي إلى النار. فاختلفا بضربتين، فضربه علي (رضي
الله عنه) على رجله فقطعها، وسقط إلى الأرض، فأراد أن يجهز عليه فقال: أنشدك الله
والرحم يا ابن عم. فانصرف عنه إلى موقفه، فقال المسلمون: هلا جهزت عليه؟ فقال:
ناشدني الله، ولن يعيش، فمات من ساعته. وبشر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك
فسر، وسر المسلمون. قال ابن إسحاق: كان الفتح يوم أحد بصبر علي (رضي الله عنه) (2).
وقال الصبان: وحمل يومئذ (يوم الخندق) باب الحصن على ظهره حتى صعد المسلمون عليه
فدخلوها، وأرادوا بعد ذلك حمله فلم يحمله إلا أربعون رجلا. أخرج ابن عساكر أنه تترس
بباب الحصن عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه فألقاه... (3).
وروى المتقي الهندي مسندا عن جابر بن سمرة أن عليا حمل الباب يوم خيبر حتى صعد
المسلمون ففتحوها، وأنه جرب فلم يحمله إلا أربعون رجلا (4). وأخرج ابن إسحاق في
المغازي، وابن عساكر عن أبي رافع: أن عليا تناول بابا عند
(هامش)
(1) حياة الحيوان الكبرى ج 1
ص50
ط مصر عام 1306. (2) نور الأبصار
ص79
ط مصر عام 1312. (3) إسعاف الراغبين
ص149
على هامش نور الأبصار. (4) منتخب كنز العمال
ص44
على هامش مسند أحمد ج 5. (*)
ص113
الحصن - حصن خيبر - فتترس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله علينا،
ثم ألقاه فلقد رأيتنا ثمانية نفر نجهد أن نقلب ذلك الباب فما استطعنا أن نقلبه(1).
وقال السيوطي: وثبت في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام أعطاه الراية في يوم خيبر،
وأخبر أن الفتح يكون على يديه، وأحواله في الشجاعة، وآثاره في الحروب مشهورة...
وأعطاه النبي عليه الصلاة والسلام اللواء في مواطن كثيرة. وقال جابر بن عبد الله
الأنصاري: حمل علي الباب على ظهره يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه ففتحوها، وإنهم
جروه بعد ذلك فلم يحمله إلا أربعون رجلا (3). وروى محمد بن إسحاق بن بشار أن عليا
لما ناول فاطمة (عليها السلام) سيفه حين فرغ من القتال أنشد: أفاطم هاك السيف غير
ذميم * فلست برعديد ولا بذميم لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد * ومرضاة رب بالعباد
رحيم (2) وقال صاحب درة الغواص: ومما يؤثر من شجاعة علي رضي الله تعالى عنه أنه كان
إذا اعتلى قد، وإذا اعترض قط، فالقد: قطع الشيء طولا، والقط: قطعه عرضا (3). وقال
الشيخ عبد المطلب (أستاذ في مدرسة دار العلوم المصرية) في قصيدته (علوية عبد
المطلب): وسائل يوم خيبر عن علي * تجد فيها مآثره جساما إذا الرايات في جهد عليها *
تعاصى الفتح وانبهم انبهاما دع الحومات عند فتى المغازي * ومن سل السيوف بها وشاما
وسل أهل السلام تجد عليا * أمام الناس يبتدر السلاما
(هامش)
(1) تاريخ الخلفاء
ص156
ط بيروت عام 1389 نشر دار التراث العربي. (2) نظم درر السمطينص120. (3) حياة
الحيوان ج 1
ص50
ط مصر عام 1306. (*)
ص114
مضى كالسيف لم يعقد إزارا * على ريب ولم يشدد حزاما يروح على مجامعهم ويغدو * كشبل
الليث يعترم اعتراما صغير السن يخطر في إباء * فلا ضيما يخاف ولا ملاما(1) وقال
الدكتور محمد عبده يماني وهو يعد مناقب إمامنا ويسجلها في كتابه: (المنقبة الرابعة)
اختصاصه (رضي الله عنه)، إنه كان شجاعا، مقداما، ضحى بنفسه من أجل سلامة رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) يوم الهجرة عندما نام في فراشه. وكذلك من خصائصه إنه أول من
بارز في يوم بدر... (2). على أن هذا الفارس الذي حمل راية رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) في بدر وهو ابن عشرين عاما، والذي ما بارز أحدا إلا قتله. هذا الفارس الشجاع
ذو القوة البدنية الخارقة (3) الحامل للواء النبي (صلى الله عليه وسلم) في أكثر
حروبه، شهد المشاهد كلها إلا تبوكا، فقد استخلفه الرسول على المدينة، وكان الرسول
(صلى الله عليه وسلم) إذا لم يغز بنفسه أعطاه سلاحه (4) فهو بطل حرب، ولكن حربه
يحكمها الفقه (4). وقالت الدكتورة سعاد ماهر: وأول ما عرف عن شجاعة علي (رضي الله
عنه) مبيته مكان رسول الله عليه الصلاة والسلام في ليلة الهجرة، وهو يعلم ما تآمر
به قريش من قتل الراقد على فراشه، وأن فتية منهم يحاصرون الدار ويترصدونه حتى إذا
خرج يقتلونه، فلم يثنه ذلك عن المبيت، وفدائه النبي بنفسه... فضرب المثل الأعلى في
التضحية والفداء، فكان بحق (الفدائي العظيم) إذ شرى بنفسه ابتغاء مرضاة الله تعالى
(5).
(هامش)
(1) علي إمام الأئمة طبع مصر عام 1404 دار مصر للطباعة. (2) علموا أولادكم محبة آل
بيت النبي
ص109
الطبعة الثانية. (3) علموا أولادكم محبة آل بيت النبيص106. (4) علموا أولادكم محبة
آل بيت النبيص100. (5) مشهد الإمام علي في النجف
ص24
طبع مصر. (*)
ص115
وقد أحسن البلاء في جميع الغزوات، فكان أول البارزين يوم بدر، وممن ثبتوا يوم أحد
وحنين، وهو فاتح خيبر، وقاتل عمرو بن عبد ود العامري فارس الخندق، ومرحب اليهودي
بطل خيبر، ويوم بدر كان أول لقاء مسلح نشب بين المسلمين ومشركي قريش. وتعد غزوة بدر
الكبرى أعظم غزوة غزاها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأشدها نكاية في المشركين،
وقد تجلت فيها بطولة علي، وكان نصف قتل المشركين من ضحاياه. وفي غزوة أحد حين حشدت
قريش كل قوتها وأحابيشها، ومن تبعها من قبائل كنانة، وأهل تهامة لتثأر لقتلاها في
يوم بدر، يسقط لواء المسلمين من يد مصعب بن عمير بعد بلاء حسن، فيدعو الرسول عليا
ليحمل اللواء، ويحمل اللواء بيده، ويده الأخرى على سيفه (ذي الفقار) هذا السيف الذي
قال الرسول عنه: وعن صاحبه (لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي)... فكان كما
قال واصفوه ودلت عليه أخباره، قوي الساعد واليد، قوة بالغة، ما صارع أحدا إلا صرعه،
ولم يبارز أحدا إلا قتله، إذا أمسك بذراع أحد فكأنه أمسك بنفسه فلا يستطيع أن
يتنفس، وقد يقتلع الفارس من ظهر جواده بيده، ويرمي به الأرض، غير جاهد ولا حافل،
فعل ذلك في أيام صفين بأحمر مولى بني أمية، لما هم أن يضرب عليا بعد أن قتل كيسان
مولاه، فوضع علي يده في جيب درع أحمر وجذبه عن فرسه، وحمله على عاتقه، ثم ضرب به
الأرض فكسر منكبه وعضديه... وهو الذي حمل بابا بخيبر عجز عن قلبه النفر الأشداء،
واتخذه ترسا حين سقط ترسه عند فتح حصن نارعم، أحد حصون خيبر المنيعة... وهو مع قوته
البالغة كان شجاعا ما نكل عن مبارزة، ولا ارتاع من كتيبة، ولا هاب قرنا مهما تكن
صولته وشهرته. ففي وقعة الخندق، وتسمى أيضا غزوة الأحزاب أقدم على مبارزة فارس تحسب
له
ص116
الجزيرة ألف حساب وقتله، ذلك، هو عمرو بن عبد ود...(1). كان صاحب راية رسول الله،
شهد معه الغزوات كلها إلا غزوة تبوك، استخلفه الرسول على المدينة، وقد أبلى في
نصرته ما لم يبله أحد (2). وروى الطبري عن أبي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) قال: خرجنا مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
برايته، فلما دنى من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل من اليهود فطاح ترسه
من يده، فتناول علي (رضي الله عنه) بابا كان عند الحصن فتترس به عن نفسه، فلم يزل
في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتني في نفر
سبعة أنا ثامنهم نجهد أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه. وورد أنه جعل الباب قنطرة اجتاز
المسلمون عليها الخندق إلى داخل أبنية هذا الحصن (3). هذا بعض ما قاله علماؤكم
ورجالاتكم في شجاعة إمامنا (عليه السلام) الخارقة وبطولته الفذة، أشادوا فيها
وبمواقفه المشرفة في الإسلام في ميادين الجهاد. وإليكم بعض ما رووه وقالوه في
إمامكم أبي بكر: قال الأستاذ عبد الكريم الخطيب المصري: فأبو بكر لم يعرف عنه أنه
كان ذا مكانة معروفة في مواقع القتال (4) فحسان ابن ثابت (رضي الله عنه) لم يكن من
المحاربين المعدودين في ميادين الحرب والنضال، ومثله غير واحد من صحابة الرسول كأبي
بكر، وعثمان... (5). روى الحاكم عن علي قال: فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
بعث أبا بكر إلى خيبر، فسار بالناس، وانهزم حتى رجع (6) قال الحاكم: هذا حديث صحيح
الإسناد ولم يخرجاه. وقال
(هامش)
(1) مشهد الإمام علي في النجفص20. (2) مشهد الإمام علي في النجفص6. (3) مشهد الإمام
علي في النجفص44. (4) عمر بن الخطاب
ص186
ط مصر عام 1961. (5) علي بن أبي طالب بقية النبوة وخاتم الخلافة
ص130
إلى 133 ط مصر عام 1386 الطبعة الأولى مطبعة السنة المحمدية. (6) المستدرك على
الصحيحين ج 3ص37. (*)
ص117
الذهبي في تلخيص المستدرك: صحيح. وقال ابن هشام: بعث رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) أبا بكر الصديق (رض) برايته وكانت بيضاء فيما قال ابن هشام - إلى بعض حصون
خيبر فقاتل، فرجع ولم يكن فتح وقد جهد...(1) وروى الهيتمي مسندا عن أبي ليلى حديثا
جاء فيه: فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) دعا أبا بكر فعقد له اللواء، ثم بعثه فسار
بالناس فانهزم.... وعن ابن عباس قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى خيبر،
أحسبه قال أبا بكر، فرجع منهزما ومن معه. فلما كان من الغد بعث عمر فرجع منهزما
يجبن أصحابه، ويجبنه أصحابه. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لأعطين الراية
غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله عليه. فثار
الناس، فقال: أين علي؟ فإذا هو يشتكي عينيه، فتفل في عينيه ثم دفع إليه الراية
فهزها، ففتح الله عليه (2). وفي هذا الحديث صفتان بارزتان في إمامنا (عليه السلام)
أشاد بهما الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهما الشجاعة، ومحبة الله ورسوله (صلى
الله عليه وآله وسلم)، وكل واحدة منهما تؤهله لمقام الخلافة عن ابن عمه وحبيبه
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لو كنتم تعقلون؟ وفي رواية المتقي الهندي من حديث
عبد الرحمن بن أبي ليلى: فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعث أبا بكر فسار
بالناس فانهزم حتى رجع عليه، وبعث عمر، فانهزم بالناس حتى انتهى إليه. فقال (صلى
الله عليه وسلم): لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله (3) يفتح الله له، ليس
بفرار... وفي قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ليس بفرار تعريض بأبي بكر وعمر كما
لا يخفى. قال ابن أبي الحديد المعتزلي معرضا بهما أيضا في فرارهما في واقعة خيبر:
(هامش)
(1) السيرة النبوية ج 3ص349. (2) مجمع الزوائد ج 9ص124. (3) أسقط من هذا الحديث
جملة (ويحبه الله ورسوله) لماذا لست أدري، وهي مذكورة في رواية الهيتمي في مجمع
الزوائد عن أبي ليلى المذكورة في المتن. (*)
ص118
وما أنس لا أنسى اللذين تقدما * وفرهما والفرقد علما حوب وللراية العظمى وقد ذهبا
بها * ملابس ذل فوقها وجلابيب(1) حديث خرافي اختلقوه، وافتروا به على إمامنا (عليه
السلام) ليثبتوا بزعمهم فضيلة الشجاعة لإمامهم أبي بكر روى أحمد بن زيني دحلان
الشافعي عن مسند البزار، عن علي بن أبي طالب أنه قال يوما لأصحابه: أخبروني عن أشجع
الناس؟ فقالوا: أنت. فقال: أما أنا فما بارزت أحدا إلا انتصفت منه، ولكن أخبروني
بأشجع الناس؟ قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر، إنه لما كان يوم بدر جعلنا لرسول
الله (صلى الله عليه وسلم) عريشا، فقلنا: من يكون مع رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) في العريش لئلا يهوي إليه أحد من المشركين، فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو
بكر شاهرا سيفه، واقفا على رأس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يهوي إليه أحد
إلا أهوى إليه، فهذا أشجع الناس. ثم قال علي: لقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) وقد أخذه قريش يعني بمكة قبل الهجرة فهذا يجره، وهذا يتلتله ويقولون أنت الذي
جعلت الآلهة إلها واحدا؟ فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر، يضرب هذا، ويتلتل هذا،
وهو يقول: أتقتلون رجلا يقول ربي الله. ثم رفع علي بن أبي طالب بردة كانت عليه فبكى
حتى اخضلت لحيته، ثم قال: أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر؟ فسكت القوم. فقال: ألا
تجيبوني؟ فوالله لساعة من أبي بكر خير من مؤمن آل فرعون، ذلك رجل يكتم إيمانه، وهذا
أعلن إيمانه (2). الرضوي : وأنت أيها القارئ النبيل إذا كنت أمعنت نظرك جيدا فيما
تقدم ذكره في
(هامش)
(1) القصائد السبع العلويات ط صيدا عام 1340. (2) الفتوحات الإسلامية ج 2ص381. (*)
ص119
هذا الفصل (شجاعة الإمام) من أحاديث وأقوال لرجالات مرموقة عند السنة تعرفت على
أسماءهم فلا أراك تقيم وزنا لهذا الحديث المفضوح، وستوافقنا على وضعه وافتراءه على
الإمام (عليه السلام)، والذي أوجب علينا القطع بوضعه غير ما عرفت مما تقدم أمور: 1
- نحن لا نرى وجها معقولا لسؤال الإمام من الناس عن أشجع الناس مع علمه أنهم يعلمون
أنه (عليه السلام) هو ذلك المسؤول عنه، إنهم يعلمون أنه (عليه السلام) هو قالع باب
خيبر، والمتحصن بها، وقاتل البطل اليهودي مرحب، ومجدل بطل خيبر عمرو بن عبد ود،
وأضرابهما ممن تعرفت على البعض منهم من شجعان وأبطال، فلا ريب أنه سيجيبونه: إنك
أنت ذاك الرجل، ولا أعتقد أن ما ذكره واضع الحديث فيه مما يرمز إلى شجاعة أبي بكر
قناعة لواحد منهم، فإن شجاعة الإمام وبطولته ومواقفه المشرفة في الجهاد لا تتزعزع
بأمثال هذه الترهة، ولم يغب عنهم الصوت السماوي المدوي (لا سيف إلا ذو الفقار. ولا
فتى إلا علي) بعد. 2 - لم تكن لأبي بكر شجاعة تدفعه إلى حمل السيف والوقوف لحراسة .
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من الأعداء، وهو من عرفت مما تقدم. 3 - لم يكن
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) جبانا، فتبلغ به الحال أن يجره هذا ويتلتله ذاك،
كما ذكر واضع الحديث ومختلقه حتى يعجز (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الدفاع عن نفسه
وعلي يرى ذلك فيطلب (عليه السلام) من الناس من يحرسه من عدوه وهو بطل الإسلام الفذ.
4 - نحن نرفض رفضا باتا طلب الإمام (عليه السلام) من المسلمين محافظا للرسول (صلى
الله عليه وآله وسلم) كيف وهو (عليه السلام) أقرب الناس إليه وأشفقهم عليه، وأرعاهم
له، وأولاهم به. 5 - يستحيل أن يبكي الإمام (عليه السلام) على أبي بكر، وهو يعتقد
أنه ظلمه حقه من الخلافة، واستخف بحرمته من بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)،
ولقد قال له وجها لوجه: استبددت علينا
ص120
بالأمر، وكنا نحن نرى لنا حقا لقرابتنا من رسول الله(1) وقال (عليه السلام) عنه:
سبحان الله لقد ادعى ما ليس له (2). وقال (عليه السلام) في خطبته الشقشقية المعروفة
وهو يتظلم منه ويتوجع، ويصف (عليه السلام) حاله فيها بما تتصدع له القلوب، وتفيض
لأجله الأعين بالدموع فيقول: أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وإنه ليعلم أن
محلي منها محل القطب من الرحى (إلى أن يقول) فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجى،
أرى تراثي نهبا... (3) فمن بلغ به الحال من التوجع والتألم من جراء عدوانه عليه
أتراه يبكي عليه بعد موته؟ ومضافا إلى ذلك ظلمه فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) حقها ومنعها إرثها من أبيها بحديث افتراه على رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) وهو: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) ويأتي الكلام حوله في فصل (حديثي معك
يا أبا بكر) حتى قالت له: يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله (4)
والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها (5) وقد قال الرسول (صلى الله عليه وآله
وسلم): فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني (6) وقال الله تعالى (إن الذين يؤذون
الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) (7). ورده شهودها
(عليها السلام): لما طلب منها الشهود على ادعائها حقها منه، وقبوله شهادة عمر، وعبد
الرحمن بن عوف دون شهادته (عليه السلام) كما ستقرأ ذلك فيما بعد في هذا الكتاب.
أترى الإمام يبكي عليه بعد موته، بعد هذا كله؟ هذا ما لا يصدقه من له أدنى مسكة من
عقل.
(هامش)
(1) صحيح مسلم ج 2
ص72
ط مصر عام 1327 المطبعة الميمنية. (2) الإمامة والسياسة ج 1
ص13
ط مصر عام 1388. (3) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1
ص50
ط مصر عام 1329. (4) شرح نهج البلاغة ج 2ص19. (5) الإمامة والسياسة ج 1
ص14
ط مصر عام 1388. (6) فيض القدير ج 4ص421. (7) سورة الأحزاب آية 57. (*)
ص121
6 - لا نرتاب في أنه (عليه السلام) لم يقس مؤمن آل فرعون بأبي بكر، كيف وقد قال
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): الصديقون ثلاثة، حبيب النجار. مؤمن آل يس، الذي
قال: يا قوم اتبعوا المرسلين، وحزقيل مؤمن آل فرعون قال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي
الله، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم(1) فلو كانت لأبي بكر منزلة عند رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) كمنزلة مؤمن آل فرعون عنده لضمه (صلى الله عليه وآله وسلم)
إلى هؤلاء الثلاثة وجعله رابعا لهم، وصح للإمام عند ذاك أن يقيسه به. 7 - جملة
(أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله) قالها مؤمن آل فرعون، كما جاء في القرآن الكريم
(2) لا أبو بكر. 8 - كيف تكون ساعة من أبي بكر خير من مؤمن آل فرعون، وقد شهد الله
تعالى بإيمانه في كتابه الكريم فقال: (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه) (2)
فهل شهد الله بإيمان إمامكم كما شهد بإيمان مؤمن آل فرعون حتى يبكي الإمام عليه بعد
موته؟. إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد). ولا أراك أيها
القارئ النبيل ترتاب بعد هذا في كذب حديث البزار، ووضعه على لسان إمامنا أمير
المؤمنين (عليه السلام)، بعد أن علمت ما تضمنه من ترهات لا يقبلها من له أدنى مسكة
من عقل من المؤمنين، وعلمت أيضا مما تقدم بطولة الإمام وشجاعته الخارقة، وفرار أبي
بكر من الجهاد. عجيب حقا من سخافة عقل واضعه، وممن يرويه منهم عنه، وهم يظنون أنهم
سيثبتون به فضيلة الشجاعة لإمامهم الذي قال عنه الأستاذ المصري عبد الكريم الخطيب:
فأبو بكر لم يعرف عنه أنه كان ذا مكانة معروفة في مواقع القتال (3) حقا ما
(هامش)
(1) تقدم الحديث تحت عنوان (نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) سمى إمامنا صديقا،
وأنتم سميتم إمامكم صديقا) فراجع. (2) سورة غافر آية 28. (3) عمر بن الخطاب
ص186
ط مصر عام 1961. (*)
ص122
قال عز من قائل وكل كلامه حق (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في
الصدور)(1) (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) (2). إمامنا (عليه السلام)
ثبت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في (غزوة أحد) وإمامكم فر عنه فيها
ملازمة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في حروبه وجهاده مع الكفار، والثبات معه
إلى آخر ساعة، وإيثاره في الحياة على النفس خير دليل على صحة إيمان المسلم وكماله،
كما أن خذلانه فيها، والفرار عنه، وتركه بين الأعداء يترصدون قتله والقضاء على
حياته، خير دليل على جبنه وضعف إيمانه، وهذا واضح لمن له أدنى مسكة من عقل، ولم يخف
إلا على من أعمى الله قلبه وختم عليه، وما ستقرؤه في هذا الفصل مما رواه السنة في
ثبوت إمامنا مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وفرار إمامكم عنه عند الشدة
والخوف في (أحد) يوضح لك واقع الأمر. روى ابن سعد عن محمد بن عمرو قال: كان علي ممن
ثبت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم أحد، حين انهزم الناس، وبايعه على
الموت. وبعثه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سرية إلى بني سعد بفدك، في مأة رجل،
وكان معه إحدى رايات المهاجرين الثلاث يوم فتح مكة، وبعثه سرية إلى الفلس، إلى طيئ،
وبعثه إلى اليمن، ولم يتخلف عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غزوة غزاها إلا
غزوة تبوك خلفه في أهله... (3). إن علي بن أبي طالب كان صاحب لواء رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) يوم بدر، وفي كل مشهد. وقال أبو العباس: لعلي أربع خصال ليست لأحد
غيره... وهو الذي كان لواء الرسول إليه
(هامش)
(1) سورة الحج آية 46. (2) سورة النور آية 40. (3) الطبقات ج 3 ق 1
ص14
ط ليدن. (*)
ص123
في كل زحف، وهو الذي صبر معه يوم فر عنه غيره(1). وقالت الدكتورة سعاد ماهر: وقد
كان يومئذ - يوم أحد - من مميزاته ثباته مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد أن
فر عنه الناس، والدفاع عنه، ورد كتائب المشركين الذين أرادوا قتله (2). وروى ابن
سعد عن عائشة ابنة أبي بكر قالت: حدثني أبو بكر قال: كنت في أول من فاء إلى رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) يوم أحد (3). الرضوي : فاء. بمعنى رجع. وبعد أن أمن أبو
بكر الخطر على نفسه فاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيمن فاء إليه ممن
فروا عنه وخذلوه في ساعة العسرة، فهو يعترف بفراره عن الرسول (صلى الله عليه وآله
وسلم) في أحد. وثبات إمامنا (عليه السلام) مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم
فر عنه إمامكم فيمن فروا عنه خير دليل على صدقه في إيمانه، وإخلاصه لله تعالى
ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث لم يفارق رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)
في الشدة، ولم يفر عنه ويسلمه إلى الأعداء في حالة العسرة، ولهذه الفضيلة وغيرها من
الفضائل التي تحلى بها إمامنا دون سواه آثرناه في الخلافة، حيث آثر نبينا في الحياة
على نفسه، فهل تروننا على حق في هذا الاختيار، أم على باطل أيها البكريون؟ إمامنا
(عليه السلام) كان يؤثر المسكين واليتيم والأسير على نفسه بطعامه، وإمامكم كان يأمر
بغلق الباب عليه إذا ما أراد أن يأكل طعاما في وقت السحر فشتان ما بين إمامنا
وإمامكم يا أصحاب المذاهب الأربعة، ويا أبناء أبي بكر، وعمر.
(هامش)
(1) علموا أولادكم محبة آل بيت النبي
ص106
الطبعة الثانية عام 1412. (2) مشهد الإمام علي في النجفص44. (*)
ص124
روى الجويني في (فرائد السمطين) عن ابن عباس في قوله تعالى (يوفون بالنذر ويخافون
يوما كان شره مستطيرا، ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا)(1) ما حاصله:
إن الحسن والحسين مرضا، فنذر علي إن عافاهما الله أن يصوم ثلاثة أيام شكرا، وقالت
فاطمة كذلك، وقالت جاريتهم فضة كذلك. فعافاهما الله، فاستقرض علي ثلاثة أصوع من
شعير، فطحنت فاطمة منها صاعا واختبزته، فلما وضعته بين يديه أتاهم مسكين فقال:
السلام عليكم يا أهل بيت محمد، مسكين من أولاد المساكين أطعموني أطعمكم الله على
موائد الجنة. فأعطوه الطعام، ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا إلا الماء. فلما كان
اليوم الثاني طحنت فاطمة صاعا وخبزته، ثم وضعت الطعام بين يدي الإمام، فأتاهم يتيم
وقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة، يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم
العقبة. فأعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا إلا الماء. فلما كان اليوم
الثالث قامت فاطمة إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته، ووضعت الطعام بين يديه،
فأتاهم أسير فوقف على الباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة، تأسروننا ولا
تطعموننا، أطعموني أطعمكم الله، فأعطوه الطعام ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم
يذوقوا شيئا إلا الماء. فنزل جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد خذها هناك الله في
أهل بيتك، فقرأ عليه (هل أتى على الإنسان حين من الدهر (إلى قوله) إنما نطعمكم لوجه
الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) (2). ورواه أيضا الشبلنجي في نور الأبصار (3)
نقلا عن المسامرات، والحاكم الحسكاني في (شواهد التنزيل) (4).
(هامش)
(1) سورة الإنسان آية 7. (2) فرائد السمطين ج 2
ص54
ط بيروت عام 1400. (3)
ص102
ط مصر عام 1312. (4) ج 2
ص300
ط بيروت عام 1393. (*)
ص125
والقندوزي البلخي في ينابيع المودة(1) وابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة
(2) والزمخشري في الكشاف (3) والبيضاوي في أنوار التنزيل (4). هذا هو إمامنا علي بن
أبي طالب (عليه السلام) ترونه كيف يؤثر المسكين واليتيم والأسير بطعامه على نفسه،
ويبيت ثلاثة أيام لم يطعم فيها غير الماء القراح، وبه اقتدى في ذلك أهل بيته
الطاهرون، فكانوا مصداق قوله عز من قائل (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)
(5). أما إمامكم أبو بكر بن أبي قحافة فهذا السيوطي يروي مسندا عن أبي قلابة، وأبي
السفر أنهما قالا: كان أبو بكر الصديق يقول: أجيفوا الباب (6) حتى نتسحر (7) فكان
يأمر بغلق الباب عليه إذا ما أراد أن يتسحر خشية أن يحضر في ذلك الوقت مسكين من
مساكين المسلمين فيشاركه في طعامه. ومن الممتنع عادة أن يحضر مسكين في ذلك الوقت من
الليل ويستجدي الناس. فلم لم يحتفل أبو بكر بقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):
خير الطعام ما كثرت عليه الأيدي. ولا بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) شر الناس من
أكل وحده (8) لست أدري. قال المناوي: أي بمن هو - آكل وحده - شرهم بخلا، وشحا أن
يأكل معه ضيفه، أو تكبرا، أو يتهاون أن يأكل معه عياله وأولاده. قال الطيبي: كان
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يكره أن يأكل وحده، لأنه ليس من شيمة أهل المروات
(9).
(هامش)
(1)
ص93
ط اسلامبول عام 1302 وفيه: وهذا الخبر مذكور في تفسير البيضاوي، وروح البيان،
والمسامرة. (2) ج 1
ص7
ط مصر عام 1329. (3) ج 4ص670. (4)
ص165
ط مصر عام 1330. (5) سورة الحشر آية 9. (6) أجاف الباب: ردها. (7) تاريخ الخلفاء
ص78
ط الهند و89 ط بيروت عام 1389. (8) فيض القدير ج 4ص114. (9) مرقاة المفاتيح في شرح
مشكاة المصابيح ج 5
ص569
ط مصر عام 1309. (*)
ص126
وقال الأبشيهي: والأليق بالكريم الرئيس أن يمنع حاجبه من الوقوف ببابه عند حضور
الطعام فإن ذلك أول الشناعة عليه(1). الرضوي : وقد اقتدت عائشة بأبيها في الكرم (ومن
يشابه أبه فما ظلم) قال ابن خلكان كان عند عائشة (رض) طبق عنب، فجاء سائل فدفعت
إليه (حبة) واحدة منه، فضحك نساء كن، فقالت إن فيما ترون مثاقيل ألذ كثيرة (2) وفي
غير رواية ابن خلكان هكذا: إن في هذا مثاقيل ذر كثيرة. إمامنا (عليه السلام) ردت له
الشمس بعد غروبها، وهل ردت الشمس يوما لإمامكم؟ قال الصبان في (إسعاف الراغبين)
وابن حجر في (الصواعق المحرقة): ومن كراماته الباهرة (يعني إمامنا (عليه السلام))
إن الشمس ردت عليه لما كان رأس النبي (صلى الله عليه وسلم) في حجره، والوحي ينزل
عليه، وعلي لم يصل العصر، فما سرى عنه إلا وقد غربت الشمس. فقال (صلى الله عليه
وسلم): اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس. فطلعت بعد ما غربت.
وأضافا: وحديث ردها صححه الطحاوي، والقاضي في الشفاء، وحسنه شيخ الإسلام أبو زرعة،
وتبعه غيره، وردوا على جمع قالوا إنه موضوع (3). الرضوي : وقد أفرد الشيعة والسنة
كتبا في موضوع رد الشمس بعد غروبها لإمامنا (عليه السلام) على رغم النواصب من
أولياء بني أمية اللئام، فنحن نقتصر هنا على ذكر غير الشيعة
(هامش)
(1) المستطرف ج 1
ص183
ط مصر عام 1371. (2) وفيات الأعيان ج 3
ص17
تحقيق الدكتور إحسان عباس. (3) إسعاف الراغبين
ص161
على هامش نور الأبصار، الصواعق المحرقة
ص126
ط مصر عام 1375. (*)
ص127
منهم. منهم: الحافظ السيوطي له (كشف اللبس في حديث رد الشمس)(1) ومنهم: ضياء الدين
الحنفي له (حديث رد الشمس) (2) ومنهم: محمد بن يوسف الدمشقي الصالحي تلميذ ابن
الجوزي له (مزيل اللبس عن حديث رد الشمس) (3). ومنهم: أخطب خوارزم أبو المؤيد موفق
بن أحمد له (رد الشمس لأمير المؤمنين علي) (3). ومنهم: الحافظ أبو الفتح محمد بن
الحسين الأزدي الموصلي له كتاب مفرد فيه ذكره له الحافظ الكنجي في الكفاية (3).
ومنهم: أبو القاسم الحاكم ابن الحداد الحسكاني النيسابوري الحنفي له رسالة أسماها
(مسألة في تصحيح رد الشمس وترغيم النواصب الشمس) (4) ذكر شطرا منها ابن كثير في
البداية والنهاية ج 6ص80، وذكره له الذهبي في تذكرته ج 3
ص368
(4).
إمامنا (عليه السلام) يمنح الناس الجواز للمرور على الصراط يوم القيامة، لا
إمامكم

روى أبو هريرة الصفوري أن أبا بكر نظر في وجه علي (رضي الله عنه) وتبسم،
فقال له: ما لك تتبسم؟ قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: لا يجوز الصراط
إلا من كتب له الجواز علي بن
(هامش)
(1) قال عبد الوهاب عبد اللطيف في تعليقته على (الصواعق المحرقة) ط مصر عام 1375
ص126
منه: وللسيوطي جزء في تتبع طرق هذا الحديث سماه (كشف اللبس في حديث رد الشمس) وختمه
بقوله: ومما يشهد لصحة ذلك قول الشافعي (رض): ما أوتي نبي معجزة إلا أوتي نبينا
نظيرها أو أبلغ منها، وقد صح أن الشمس حبست ليوشع ليالي قاتل الجبارين فلا بد أن
يكون لنبينا نظير ذلك، والقول مبسوط في ابن كثير وتنزيه الشريعة. (2) معجم ما كتب
عن الرسول وأهل البيت (عليهم السلام) ج 5. (3) الغدير ج 3 الطبعة الثانية عام 1372
طهران. (4) الشمس: الذين عداوتهم لمن يبغضونهم. (*)
ص128
أبي طالب(1). وروى ابن السماك أن أبا بكر (رض) قال: سمعت النبي (صلى الله عليه
وسلم) يقول: لا يجوز على الصراط إلا من كتب له علي الجواز (2). الرضوي : يا لها من
فضيلة عظمى وكرامة لإمامنا (عليه السلام) كبرى، يرويها له إمامكم (والفضل ما شهدت
به الأعداء). إن إمامكم يعترف بما لإمامنا من مقام شامخ ومنزلة كريمة عند الله
تعالى يوم القيامة حيث فوض الله إليه منح الناس الجواز للمرور على الصراط في ذلك
اليوم المهول، فمن شاء منحه، ومن شاء حرمه منه، فمن لم يكتب له الإمام الجواز كان
مصيره إلى النار لا محالة. فهل يرجو إمامكم من إمامنا أن يكتب له جواز المرور على
الصراط في ذلك اليوم العظيم وقد أرسل خليفته عمر بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) إلى دار الإمام ليأخذ له البيعة ممن تخلف عنها له وقال له: إن أبوا
فقاتلهم؟ فأقبل عمر بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار... (3) وقال: والذي نفس
عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها. فقيل له: يا أبا حفص إن فيها فاطمة،
فقال: وإن (4) ثم هل يرجو إمامكم من إمامنا أن يمنحه الجواز على الصراط وهو يسمع
فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تقول له: يا أبا بكر، ما أسرع ما
أغرتم على أهل بيت رسول الله. يا أبت يا رسول الله ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب
وابن أبي قحافة كلا، لا أعتقد ذلك. وستأتي الأحاديث في ذلك تحت عنوان (إمامنا لم
يكره أحدا على أخذ البيعة منه له بالخلافة...) وهي أحاديث مآسي وأشجان.
(هامش)
(1) مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل الخلفاء الأربعة
ص63
ط بيروت عام 1409. (2) إسعاف الراغبين
ص159
على هامش نور الأبصار ط مصر عام 1312 المطبعة الميمنية، الصواعق المحرقة
ص124
ط مصر عام 1375 مكتبة القاهرة. (3) العقد الفريد ج 4
ص259
ط مصر عام 1381. (4) الإمامة والسياسة ج 1
ص12
ط مصر عام 1388. (*)
ص129
إمامنا (عليه السلام) فاز في المفاخرة على العباس عم رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) أم إمامكم؟

نقل الواحدي في كتابه المسمى (أسباب النزول) أن الحسن، والشعبي،
والقرطبي، قالوا: إن عليا (رضي الله عنه)، والعباس، وطلحة بن شيبة، افتخروا فقال
طلحة: أنا صاحب البيت مفتاحه بيدي ولو شئت كنت فيه. وقال العباس (رضي الله عنه):
وأنا صاحب السقاية والقائم عليها. فقال علي (رضي الله عنه): لا أدري، لقد صليت ستة
أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد في سبيل الله. فأنزل الله تعالى (أجعلتم سقاية
الحاج، وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر، وجاهد في سبيل الله، لا
يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين. الذين آمنوا، وهاجروا، وجاهدوا في
سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون)(1) (2).
الرضوي: هاتان الآيتان تشهدان بصحة إيمان إمامنا علي بن أبي طالب (عليه السلام)،
وقبول جهاده في سبيل الله، وبتفضيله على من تعرضا لمفاخرته، فهل لإمامكم موقف كهذا
الموقف المشرف، يرفع فيه رأسه عاليا؟ الوحي ينزل من السماء بتصديقه في إيمانه،
وجهاده في سبيل الله، ومنوها بعظيم مقامه عند الله، فهل من مدكر؟ وقد ذكرت هذه
المفاخرة التي خلدت لإمامنا ذكرا وفضلا على غيره عدة من كتب السنة، ذكرت أسماء جملة
منها في كتاب (علي في القرآن فأين تذهبون؟). إمامنا (عليه السلام) لم يكره أحدا على
أخذ البيعة منه له بالخلافة لزهده فيها، وإمامكم كان يكره الناس عليها لحرصه عليها
فانظر أيها القارئ اللبيب إلى ما سنذكره من سيرة إمامنا وإمامكم في ذلك بعين العدل
(هامش)
(1) سورة التوبة آية 19 و20. (2) نور الأبصار
ص70
ط مصر عام 1312. (*)
ص130
والإنصاف واحكم على أيهما أقرب إلى العدل، وأبعد من الظلم والاعتساف. قال الدميري:
ولما قتل عثمان (رض) أتى الناس عليا وضربوا عليه الباب ودخلوا، فقالوا: إن هذا
الرجل قد قتل، ولا بد للناس من إمام ولا نعلم أحدا أحق بها منك، فردهم عن ذلك،
فأبوا. فقال: إن أبيتم إلا بيعتي فإن بيعتي لا تكون سرا، فأتوا المسجد، فحضر طلحة
والزبير، وسعد بن أبي وقاص(1) والأعيان، وأول من بايعه طلحة، ثم بايعه الناس،
واجتمع على بيعته المهاجرون والأنصار، وتخلف عن بيعته نفر فلم يكرههم، وقال: قوم
قعدوا عن الحق... (2). وقال أبو عمرو: بويع لعلي بالخلافة يوم قتل عثمان، فاجتمع
على بيعته المهاجرون والأنصار، إلا نفرا لم يهجهم علي، وقال: أولئك قوم قعدوا عن
الحق، ولم يقوموا مع الباطل (3). وقال أبو جعفر الإسكافي: فلما بلغه خبر من تخلف عن
بيعته قال: إنهم لم يعرفوا الحق فيسارعوا إليه، ولم يعرفوا الباطل فيخذلون من أتاه،
فخلى سبيلهم ولم يكره أحدا على بيعته. وقال ابن الأثير: تخلف عن بيعته جماعة من
الصحابة منهم ابن عمر، وسعد، وأسامة، وغيرهم، فلم يلزمهم بالبيعة، وسئل عمن تخلف عن
بيعته، فقال: أولئك قوم قعدوا عن الحق... (4). وقال ابن قتيبة تحت عنوان (اعتزال
عبد الله بن عمر، وسعد بن أبي وقاص، ومحمد
(هامش)
(1) لم يحضر سعد المسجد فإنه كان من المتخلفين عن البيعة للإمام، وسيأتي التصريح
بذلك قريبا. (2) حياة الحيوان ج 1
ص50
ط مصر عام 1306. (3) تهذيب التهذيب ج 7ص297. (4) أسد الغابة ج 4
ص32
ط مصر عام 1280 المطبعة الوهبية. (*)
ص131
ابن مسلمة عن مشاهدة علي وحروبه): إن هؤلاء تخلفوا عن بيعة علي، فذهب إليهم عمار بن
ياسر، ودعاهم إلى بيعته فأبوا، أما سعد بن أبي وقاص فأظهر الكلام القبيح. قال ابن
قتيبة: فانصرف عمار إلى علي فقال له علي: دع هؤلاء الرهط، أما ابن عمر فضعيف، وأما
سعد فحسود، وذنبي إلى محمد بن مسلمة إني قتلت أخاه يوم خيبر(1). وذكر ابن أبي
الحديد أن حسان بن ثابت (2) كان من الذين تخلفوا عن بيعة الإمام، وقيل له: ألا تبعث
إلى حسان بن ثابت...؟ فقال: لا حاجة لنا فيمن لا حاجة له فينا (3). وقال ابن حزم:
لم يقاتل علي معاوية على امتناعه عن بيعته (4). الرضوي : وذلك لعدم رغبته (عليه
السلام) في الزعامة، وزهده في الدنيا ومظاهرها ومغرياتها، وإنما قاتله لبغاءه عليه
عملا بقوله تعالى (فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله) (5). وقال الأستاذ
أحمد حسن الباقوري: إن عليا كرم الله وجهه قبل منصب الخلافة على غير رغبة فيه ولا
ترحيب به... وهو كرم الله وجهه إنما قبلها شبه مكره عليها... (6). قال وهو ينقل
كلام الإمام (عليه السلام) في ذلك: فلما دفن (يعني عثمان) رجعوا يسألونني البيعة،
فقلت: إني أشفق مما يدعونني إليه، فتداكوا علي (7) تداك الإبل الهيم (8) يوم
(هامش)
(1) الإمامة والسياسة ج 1
ص53
ط مصر عام 1388 مطبعة مصطفى البابي الحلبي. (2) قال ابن أبي الحديد: كان حسان
عثمانيا، قال له قيس بن سعد يا أعمى القلب، يا أعمى البصر، والله لولا ألقى بين
رهطي ورهطك حربا لضربت عنقك (شرح نهج البلاغة) ج 2
ص25
ط مصر عام 1329. (3) شرح نهج البلاغة ج 1ص340. (4) تحذير العبقري من محاضرات الخضري
ج 2
ص63
نقلا عن (الفصل في الملل والنحل). (5) سورة الحجرات آية 9. (6) علي إمام الأئمة
ص90
ط مصر، دار مصر للطباعة. (7): ازدحموا. (8): العطاش. (*)
ص132
ورودها، وقد أرسلها راعيها وخلعت مثانيها(1)، حتى ظننت أنهم قاتلي، أو أن بعضهم
قاتل بعض ولدي، فرحت أقلب هذا الأمر بطنه وظهره فلم أجد مفرا من قبول البيعة،
والنهوض بأعباءها، وإلا كنت مفرطا في قضاء الحق الذي ناطه الله تعالى بالقادرين على
قضاءه للأمة، وقد تمثلت الذين جاؤوا يبايعونني كأنهم لم يجدوا غيري يضعون أماناتهم
عندي، ويطالبونني أن أواكبهم إلى إمضاء ما أخذ الله على العلماء، أن لا يقاروا على
بطنة ظالم، ولا سغب مظلوم، فعند ذلك بسطت يدي للبيعة عاقدا العزم على المحاماة
عنها، مهما يكن الطامعون فيها من الكثرة والقوة، ومهما تكن تبعاتها من الثقل
والمشقة، والله المستعان (2). ونقل الخضري في محاضراته أنه (عليه السلام) قال في
جواب طلحة والزبير لما عتبا عليه في ترك مشورتهما، والاستعانة في الأمور بهما:
والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة، فلما أفضت إلي نظرت إلى
كتاب الله وما وضع لنا، وأمرنا بالحكم به فاتبعته، وما استن النبي (صلى الله عليه
وسلم) فاقتديته، فلم أحتج في ذلك إلى رأيكما، ولا رأي غيركما، ولا وقع حكم جهلته
فأستشيركما وإخواني المسلمين... (3). وقال الدكتور طه حسين: وقد رفض الخلافة حين
قدمها إليه الثائرون، وهؤلاء المهاجرون والأنصار يعرضونها عليه، ويريدون أن يبايعوه
كما بايعوا الخلفاء من قبله... وأقبل الناس فبايعوه، ولكن نفرا أبوا أن يبايعوا،
فلم يلح عليهم علي في البيعة، ولم يأذن للثائرين في إكراههم عليها. من هؤلاء النفر
سعد بن أبي وقاص، وهو أحد أصحاب الشورى، أبى أن يبايع، وقال لعلي: ما عليك مني بأس،
فخلى علي بينه وبين ما أراد.
(هامش)
(1): حبالها. (2) علي إمام الأئمةص98. (3) تحذير العبقري من محاضرات الخضري ج
2ص117. (*)
ص133
ومنهم: عبد الله بن عمر، أبى أن يبايع، وطلب إليه علي أن يكفله لأن يلزم العافية
ويفرغ من أمر الناس، فأبى أن يقدم كفيلا، فقال له علي: ما علمتك إلا سئ الخلق صغيرا
وكبيرا، خلوه وأنا كفيله. وأبى البيعة قوم آخرون من هؤلاء الذين اعتزلوا الفتنة،
فلم يرد علي أن يستكرههم، ولا أن يعرض أحد لهم بسوء(1). ترك سعد بن أبي وقاص، وعبد
الله بن عمر، وأسامة ابن زيد، وترك جماعة من الأنصار على رأسهم محمد بن مسلمة (2).
فكان طبيعيا إذن أن يفكر علي في نفسه، وفيم غلب عليه من حقه، ولكنه مع ذلك لم يطلب
الخلافة، ولم ينصب نفسه للبيعة (3) إلا حين استكره على ذلك استكراها، وحين هدده بعض
الذين ثاروا بعثمان أن يبدؤا فيلحقوه بصاحبه المقتول، وحين فزع إليه المهاجرون
والأنصار من أهل المدينة يلحون إليه في أن يتولى أمور المسلمين ليخرجهم من هذه
الفتنة المظلمة. ثم هو حين قبل البيعة لم يكره أحدا عليها من أصحاب النبي، وإنما
قبل البيعة ممن بايعه...(1). وقال الدكتور محمد عبده يماني: لقد كان يملك الطاقة
الخارقة على الصبر والعفو، كما تعلم منذ طفولته في حجر النبوة. فعندما تخلف بعض
الناس عن بيعته أبى أن يذلهم، واكتفى بقولهم عنه: أولئك قوم خذلوا الحق، ولم ينصروا
الباطل، تخلفوا عن الحق، ولم يقوموا مع الباطل (4).
(هامش)
(1) مشهد الإمام علي في النجف ط مصر عن الفتنة الكبرى ج 2ص9. (2) الفتنة الكبرى ج
2، مشهد الإمام علي في النجف
ص65
ط مصر. (3) كما فعل أبو بكر، فإنه ذهب إلى سقيفة بني ساعدة والرسول (صلى الله عليه
وآله وسلم) بعد على فراش الموت، وكان بصحبته عمر، وأبو عبيدة وقد وقع فيها قيل وقال
واصطدام وجدال حول الخلافة، فقال أبو بكر للأنصار: نحن الأمراء وأنتم الوزراء،
فبايعوه أخيرا عليها، فلم يخرج من السقيفة إلا هو يرى نفسه خليفة رسول الله. (4)
علموا أولادكم محبة آل بيت النبي
ص106
الطبعة الثانية. (*)
ص134
وقالت الدكتورة سعاد ماهر: ولم يكن في نظر هؤلاء الثائرين من هو أحق بالخلافة من
علي، فكلموه في البيعة له فامتنع، وظلت المدينة هذه الأيام وليس للناس خليفة، وإنما
كان يتولى الأمر فيهم الغافقي بن حرب، أحد زعماء الثورة، وعلي ممتنع عن قبول
البيعة... فغشى الناس عليا فقالوا: نبايعك فقد ترى ما نزل بالإسلام(1) وأخيرا اضطر
الإمام (عليه السلام) إلى إجابتهم مكرها. هذا ما قاله علماؤكم والبارزون من
رجالاتكم في زهد إمامنا (عليه السلام) في الخلافة، وعدم إكراهه أحدا من الناس على
أخذ البيعة منه له، فمن بايعه منهم قبل بيعته، ومن أبى منهم تركه وشأنه، عملا بقوله
تعالى (لا إكراه في الدين) (2). أما إمامكم أبو بكر بن أبي قحافة، فهذا ابن سعد
يروي لنا ما يعرب عن رغبته في الخلافة وحرصه عليها فيقول: إن النبي لما توفي اجتمعت
الأنصار إلى سعد بن عبادة (في السقيفة) فأتاهم أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة بن
الجراح، فقام حباب بن المنذر وكان بدريا فقال: منا أمير، ومنكم أمير... فتكلم أبو
بكر فقال: نحن الأمراء، وأنتم الوزراء، وهذا بيننا وبينكم نصفين (3). يعني أن
الحكومة والزعامة بيننا وبينكم، غير أن السلطة العليا، أي الخلافة لنا دونكم، فكان
يرى نفسه أحق الناس بالخلافة من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى من
أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (بما فيهم الإمام علي بن أبي طالب (عليه
السلام) ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمتربي في بيته وزوج ابنته،
وباب مدينة علمه) فكان يقول: من أحق بهذا الأمر مني؟ ألست أول من صلى؟ ألست؟
ألست؟... (2) فجعل يذكر لنفسه خصالا في ألست وليس له في واحدة منها حظ ولا نصيب.
أما ادعاؤه إنه أول من صلى فقد علمت مما ذكرناه تحت عنوان (إمامنا أول من صلى مع
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)) إنه كان
(هامش)
(1) مشهد الإمام علي في النجف
ص63
ط مصر. (2) سورة البقرة آية 256. (3) الطبقات ج 3 ق 1ص129. (*)
ص135
عاكفا على عبادة الأصنام يوم صلى إمامنا مع ابن عمه الرسول (صلى الله عليه وآله
وسلم). وانظر الآن أيها القارئ اللبيب إلى صنيع إمامكم مع من تخلف عن بيعته حيث لم
يره أهلا للخلافة. يقول ابن عبد ربه: الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر علي، والعباس،
والزبير، وسعد بن عبادة، فأما علي والعباس فقعدوا في بيت فاطمة، حتى بعث إليهم أبو
بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة، وقال له: إن أبوا فقاتلهم. فأقبل بقبس من
نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت: يا بن الخطاب أجئت لتحرق دارنا؟
قال: نعم(1) أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة... (2) وقد أشاد الشاعر المصري حافظ
إبراهيم بهذه الجريمة النكراء فقال: وقولة لعلي قالها عمر * أكرم بسامعها أعظم
بملقيها حرقت دارك لا أبقي عليك بها * إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها ما كان غير
أبي حفص يفوه بها * أمام فارس عدنان وحاميها (3) وعلق عليها فقال: يشير بهذه
الأبيات إلى امتناع علي عن البيعة لأبي بكر يوم السقيفة، وتهديد عمر إياه بتحريق
بيته إذا استمر على امتناعه، وكان فيه زوجة علي فاطمة بنت الرسول (صلى الله عليه
وسلم) (3).
(هامش)
(1) روى أبو هريرة الصفوري عن أنس قال: كان النبي يمر على باب فاطمة رضي الله
عنها إذا خرج لصلاة الفجر ويقول: الصلاة يا أهل البيت (إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل الخلفاء الأربعة
ص184
ط بيروت عام 1409 الطبعة الثانية) ومع علم عمر بعظيم منزلة فاطمة (عليها السلام)
عند الله وعند رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد قال مع كمال الوقاحة، وبالغ
الصلافة: أحرقها على من فيها يعني وإن كان فيها فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) قال فيها أبوها ما قال، فاعتبروا يا أولي الألباب. (2) العقد الفريد ج 4
ص259
ط مصر عام 1381. (3) ديوان حافظ إبراهيم ج 1
ص75
ط مصر المطبعة الأميرية بالقاهرة عام 1948. (*
ص136
ويقول ابن قتيبة: وإن أبا بكر (رض) تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله
وجهه فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب
وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن، أو لأحرقنها على من فيها. فقيل له: يا أبا حفص إن
فيها فاطمة، فقال: وإن(1) فخرجوا فبايعوا إلا عليا، فإنه زعم أنه قال: حلفت أن لا
أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن. فوقفت فاطمة رضي الله عنها على بابها
فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوء محضر منكم، تركتم رسول الله جنازة بين أيدينا،
وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا، ولم تردوا لنا حقا. فأتى عمر أبا بكر فقال له:
ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة؟ فقال أبو بكر لقنفذ وهو مولى له: إذهب فادع لي
عليا. قال: فذهب إلى علي، فقال: ما حاجتك؟ فقال:
(هامش)
(1) يعني أحرق الدار على من فيها وإن كانت فيها فاطمة التي قال فيها رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم): فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني. (صحيح البخاري ج 2
ص302
ط مصر بحاشية السندي)، التاج الجامع للأصول من أحاديث الرسول ج 3ص353) وإن قال
فاطمة سيدة نساء أهل الجنة (صحيح البخاري ج 2ص308)، التاج الجامع للأصول ج 3ص359)
وإن قال: فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها. التاج الجامع
للأصول ج 3ص353. وإن قال: رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة
ابنتي فقد أحبني، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني (الإمامة
والسياسة ج 1
ص14
ط مصر عام 1388، مجلة منبر الإسلام المصرية العدد 7، السنة 26 عام 1388. وإن قال:
يا فاطمة إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك (أخبار الدول
ص87
أو 78 وإن قال: إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها (أخرجه أحمد
والترمذي، والحاكم عن ابن الزبير. (الإتحاف بحب الأشراف)
ص23
ط مصر عام 1316 المطبعة الأدبية. وإن قال: فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني،
(الجامع الصغير ج 2
ص208
وفيه: حديث صحيح. هذا وقد قال عز من قائل: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله
في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا. والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما
اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) سورة الأحزاب آية 57 و58 فهل من مدكر؟ (*)
ص137
يدعوك خليفة رسول الله. فقال علي: لسريع ما كذبتم على رسول الله. فرجع فأبلغ
الرسالة... فقال عمر الثانية: لا تهمل هذا المتخلف عنك بالبيعة. فقال أبو بكر (رض)
لقنفذ: عد إليه فقل له: خليفة رسول الله يدعوك لتبايع(1) فجاءه قنفذ فأدى ما أمر
به. فرفع علي صوته فقال: سبحان الله لقد ادعى ما ليس له. فرجع قنفذ فأبلغ
الرسالة... ثم قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة فدقوا الباب فلما سمعت
أصواتهم نادت بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن
أبي قحافة. فلما سمع القوم صوتها وبكائها انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تنصدع،
وأكبادهم تنفطر. وبقي عمر ومعه قوم، فأخرجوا عليا فمضوا به إلى أبي بكر، فقالوا له:
بايع. فقال: إن أنا لم أفعل فمه؟ قالوا: إذن والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك،
قال: إذا تقتلون عبد الله، وأخا رسوله. قال عمر: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسوله
فلا... (2). وروى ابن أبي الحديد المعتزلي عن الشعبي أن أبا بكر قال: يا عمر أين
خالد بن الوليد؟ قال: هو هذا، قال: فانطلقا إليهما، يعني عليا والزبير فأتياني
بهما. فانطلقا، فدخل عمر (3) ووقف خالد على الباب من خارج، فقال عمر للزبير ما هذا
السيف؟ قال: أعددته لأبايع عليا. قال: وكان في البيت ناس كثير، منهم المقداد بن
الأسود، وجمهور الهاشميين. فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت فكسره. ثم أخذ
بيد الزبير فأقامه، ثم دفعه فأخرجه، وقال يا خالد دونك هذا. فمسكه خالد، وكان في
خارج البيت مع خالد جمع كثير من الناس أرسلهم أبو بكر ردء لهما.
(هامش)
(1) متى استخلفك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يا أبا بكر حتى سميت نفسك
خليفة رسول الله، ما هذه الفرية منك يا أبا بكر؟ (2) الإمامة والسياسة ج 1
ص12
ط مصر عام 1388. (3) يعني على أهل البيت دارهم وفيها علي وفاطمة وابناهما دون
استئذان تهاونا منه بقوله تعالى (لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا
على أهلها) سورة النور آية 27. (*)
ص138
ثم دخل عمر فقال لعلي: قم فبايع. فتلكأ واحتبس، فأخذ بيده فقال: قم، فأبى أن يقوم
فحمله ودفعه كما دفع الزبير حتى أمسكهما خالد، وساقهما عمر ومن معه سوقا عنيفا.
واجتمع ناس ينظرون، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال، ورأت فاطمة ما صنع عمر فصرخت،
وولولت، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهن فخرجت إلى باب حجرتها، ونادت يا
أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله، والله لا أكلم عمر حتى ألقى
الله(1). الرضوي : على هذا الخط المنحرف والأسلوب اللا إسلامي سار إمامكم مع خاصة
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، عترته أهل بيته الطاهرين، وأرسى قاعدة حكومته
على المسلمين، ما وجد من أمثال عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد أعوانا له وأنصارا.
فإن قلت كيف جرؤا على اقتحام دار الإمام وهو (عليه السلام) بطل الأبطال، ومبيد
الشجعان الأوحد، وفارس الإسلام الفذ؟ فالجواب: كان صموده (عليه السلام) أمام تلك
الفوادح عملا بوصية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد عهد إليه بالصبر مع قلة
الأعوان والأنصار، ولما علموا ذلك منه (عليه السلام) حققوا هدفهم بكل وسيلة توصلوا
بها إلى نيل الحكم، وكان نظر كل من في البيت من الرجال إلى الإمام، فلما رأوا صموده
صمدوا معه. قال الأستاذ صائب عبد الحميد: ولما قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) الآيات (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه...) (2) قال أبو بكر: يا
رسول الله هذا البيت منها؟ يعني بيت علي وفاطمة. قال (صلى الله عليه وسلم): نعم من
أفاضلها (3). وأضاف: فهو بيت ضم بين أركانه أخا رسول الله، وأحب الناس إليه، وسيد
العرب
(هامش)
(1) شرح نهج البلاغة ج 2
ص19
ط مصر عام 1329. (2) سورة النور آية 36. (3) روح المعاني للآلوسي ج 18ص174، الدر
المنثور ج 5ص50. (*)
ص139
علي بن أبي طالب مع بضعة رسول الله سيدة نساء أهل الجنة، فاطمة الزهراء، مع ريحانتي
رسول الله وسبطيه، سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين، صلوات الله وسلامه عليهم
أجمعين، فكيف لا يكون من أفاضلها؟(1). الرضوي : فأبو بكر لما أرسل عمر إلى بيت علي
وفاطمة (عليهما السلام) لأخذ البيعة له ممن فيه، وأمره بقتالهم إن امتنعوا منها كان
عالما بحرمة هذا البيت وقداسته، وإنه من أفاضل البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر
فيها اسمه، فكيف جرأ عليه واستهان بحرمته؟ قال إمامنا (عليه السلام) في جواب كتاب
كتبه معاوية إليه: وقلت: إني كنت أقاد، كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع. ولعمر
الله لقد أردت أن تذم فمدحت، وأن تفضح فافتضحت، وما على المسلم من غضاضة في أن يكون
مظلوما ما لم يكن شاكا في دينه، ولا مرتابا بيقينه (2). قال الشيخ محمد نائل
المرصفي في شرحه لنهج البلاغة هنا: طعن معاوية على الإمام بأنه كان يجبر على مبايعة
السابقين عليه من الخلفاء. وروى المحب الطبري عن عائشة أن عليا مكث ستة أشهر حتى
توفيت فاطمة رضي الله عنها لم يبايع أبا بكر، ولا بايعه أحد من بني هاشم (3). وعن
محمد بن سيرين قال: لما بويع أبو بكر الصديق (رض) أبطأ علي عن بيعته وجلس في بيته،
فبعث إليه أبو بكر ما أبطأ بك عني؟ أكرهت إمارتي؟ (4). الرضوي : من هوان الدنيا على
الله أن يتولى أبو بكر الخلافة وهو من عرفت، ويجلس الإمام علي (عليه السلام) ابن عم
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وباب مدينة علمه في بيته فيرسل إليه أبو بكر
مؤنبا إياه على التأخير في البيعة له، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
(هامش)
(1) منهج في الانتماء المذهبي
ص46
طبع عام 1414. (2) نهج البلاغة. (3) الرياض النضرة ج 1
ص243
ط بيروت عام 1405. (4) الإستيعاب
ص253
على هامش الإصابة ج 2. (*)
ص140
وبعد هذا كله فأنت أيها القارئ حر في اختيار أحد هذين الإمامين علي بن أبي طالب
إمام الشيعة الإمامية، أو أبا بكر بن أبي قحافة إمام السنة أصحاب المذاهب الأربعة
إماما لك لتحشر معه (يوم يدعى كل أناس بإمامهم) (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد
من الغي). بإمامنا (عليه السلام) تصلح المدينة لا بإمامكم روى ابن سعد مسندا عن
البراء بن عازب، وزيد بن أرقم قالا: لما كان عند غزوة جيش العسرة، وهي تبوك قال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعلي بن أبي طالب: إنه لا بد من أن أقيم أو تقيم،
فخلفه...(1). وفي كنز العمال قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لعلي: فإن المدينة لا
تصلح إلا بي وبك (2). الرضوي : فمن كانت منزلته منزلة رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم)، فلا تصلح المدينة إلا به، أو برسول الله، أمن العدل أن يؤخر في الخلافة عن
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو باب مدينة علمه، ويقدم عليه من لا يقاس
به، ممن هو دونه في كل صفات الفضل، ما لكم لا تشعرون؟ وهذا فيما نعتقده أعظم خيانة
للأمة، وذنب لن يغتفر لمن قدم أبا بكر على الإمام (عليه السلام) في الخلافة، فهل من
مدكر؟ النظر إلى إمامنا (عليه السلام) عبادة لا إلى إمامكم روى السيوطي عن النبي
(صلى الله عليه وسلم) أنه قال: النظر إلى علي عبادة (3) وأضاف: حديث
(هامش)
(1) الطبقات ج 3 ق 1
ص15
ط ليدن. (2) كنز العمال ج 11
ص607
ط بيروت عام 1399، منتخب كنز العمال
ص31
على هامش مسند أحمد ج 5 ط مصر. (3) الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير ج 2
ص681
ط بيروت عام 1401 دار الفكر. (*)
ص141
صحيح. وروى أحمد بن زيني دحلان مفتي الشافعية في مكة عنه أيضا أنه قال: قال النبي
(صلى الله عليه وسلم): النظر إلى علي عبادة(1). وقال أحمد بن حجر الهيتمي: أخرج
الطبراني والحاكم عن ابن مسعود (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:
النظر إلى علي عبادة. وأضاف: إسناده حسن (2). الرضوي : ولا ريب أن النبي (صلى الله
عليه وآله وسلم) لم يقل ذلك إلا عن الله تعالى لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) (ما
ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى) (3) وهذه فضيلة لإمامنا وما
أعظمها من فضيلة لقوم يعقلون، فمن آثر غيره عليه فقد استبدل الأدنى بالذي هو خير،
وضاهى بذلك اليهود الذين ذمهم الله في كتابه فقال (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو
خير) (4) فهل من مدكر؟ إمامنا (عليه السلام) وردت في فضائله أحاديث لم ترد في حق
أحد من الصحابة إطلاقا، ولا في إمامكم قال أحمد بن حنبل إمام المذهب الحنبلي: ما
جاء لأحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي
طالب (5).
(هامش)
(1) الفتوحات الإسلامية ج 2
ص395
و400 ط مصر عام 1354 مطبعة مصطفى محمد. (2) الصواعق المحرقة
ص121
ط مصر عام 1375 نشر مكتبة القاهرة. (3) سورة النجم آية 3. (4) سورة البقرة آية 61.
(5) نظم درر السمطينص80، وفي تاريخ الخلفاء
ص157
ط بيروت (ما ورد) بدل (ما جاء). تاريخ الكامل ج 3ص159. وفي الصواعق المحرقة
ص118
ط مصر عام 1375 وإسعاف الراغبينص150: ما جاء لأحد من الفضائل ما جاء لعلي. وفي
الإصابة ج 2ص507: لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعلي. وفي سجع الحمامص15: لم يرد
في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الجياد أكثر مما جاء في حق علي. (*)
ص142
وقال إسماعيل القاضي: والنسائي، وأبو علي النيسابوري: لم يرد في حق أحد من الصحابة
بالأسانيد الحسان أكثر ما جاء في علي(1). وقال الدكتور محمد عبده يماني: قال الإمام
أحمد بن حنبل، وإسماعيل القاضي، والنسائي، وأبو علي النيسابوري: لم يرد في حق أحد
من الصحابة بالأسانيد الجياد أكثر مما جاء في علي (رضي الله عنه) (2) فكان الأجدر
بالاختيار للخلافة فهل من مدكر؟ إمامنا (عليه السلام) قتل شهيدا في شهر رمضان، في
مسجد الكوفة، وإمامكم مات في بيته وعلى فراشه روى سبط ابن الجوزي عن ابن عباس أنه
قال: ضربه ابن ملجم بمسجد الكوفة يوم الجمعة لثلاثة عشر بقين من شهر رمضان، وقيل
ليلة إحدى وعشرين منه، فبقي يوم الجمعة والسبت وتوفي ليلة الأحد (3). وروى الجويني
عن أبي بكر بن أبي شيبة أنه قال: قتل يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان (4).
وقال المحب الطبري: واختلفوا في أنه هل ضربه في الصلاة، أو قبل الدخول فيها، وهل
استخلف من أتم الصلاة، أو هو أتمها (5). الرضوي : فيا لها من سعادة نالها إمامنا
(عليه السلام) من حيث المكان والزمان. فهل من مدكر؟
(هامش)
(1) الصواعق المحرقةص118. (2) علموا أولادكم محبة آل بيت النبي
ص106
الطبعة الثانية عام 1412. (3) تذكرة خواص الأمة
ص162
ط بيروت مؤسسة أهل البيت. (4) فرائد السمطين ج 1ص388. (5) ذخائر العقبى في مودة ذوي
القربى
ص114
ط مصر عام 1356 مكتبة القدسي. (*)
ص143
إمامنا (عليه السلام) كان يجيد نظم الشعر، وإمامكم لم يحسن أن يقوله

ورد عن النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: إن من الشعر لحكمة، فكان إمامنا يفيض الحكمة
على الناس في شعره ونثره، وينسب له ديوان في الشعر مطبوع. روى ابن عبد ربه الأندلسي
في (العقد الفريد) والمتقي الهندي في (منتخب كنز العمال) عن الشعبي قال: كان أبو
بكر شاعرا، وكان عمر شاعرا، وكان علي أشعر الثلاثة(1). أراد الشعبي أن يثبت لإمامه
أبي بكر فضيلة في الأدب ففشل، فإن ابن حجر الهيتمي قال: أخرج ابن عساكر بسند صحيح
عن عائشة قالت: والله ما قال أبو بكر شعرا قط في جاهلية ولا إسلام (2). وعائشة هي
بنت أبي بكر، ومن أهل بيته، فهي أعرف بأبيها من الأغيار، ويؤيد يمينها هذه ما رواه
السيوطي عن عبد الله بن الزبير أنه قال: ما قال أبو بكر شعرا قط. وإلى القارئ
النبيل بعض ما نسب لإمامنا (عليه السلام) من شعر قال (عليه السلام): ألا لن تنال
العلم إلا بستة * سأنبيك عن مجموعها ببيان ذكاء وحرص واصطبار وبلغة * وإرشاد أستاذ
وطول زمان (3) وقال (عليه السلام): وكن معدنا للحلم واصفح عن الأذى * فإنك لاق ما
عملت وسامع واحبب إذا أحببت حبا مقاربا * فإنك لا تدري متى الحب راجع وأبغض إذا
أبغضت بغضا مقاربا * فإنك لا تدري متى البغض رافع (3)
(هامش)
(1) منتخب كنز العمال
ص41
على هامش مسند أحمد ج 5، مجلة الأزهر ج 7 عام 1357. (2) الصواعق المحرقة
ص73
ط مصر عام 1375. (3) نور الأبصار
ص76
ط مصر عام 1312 المطبعة الميمنية. (*)
ص144
وقال (عليه السلام): إذا ما المرء لم يحفظ ثلاثا * فبعه ولو بكف من رماد وفاء
للصديق وبذل مال * وكتمان السرائر في الفؤاد(1) وقال (عليه السلام): الناس من جهة
التمثيل أكفاء * أبوهم آدم والأم حواء فإن يكن لهم في أصلهم شرف * يفاخرون به
فالطين والماء ما الفضل إلا لأهل العلم أنهم * على الهدى لمن استهدى أدلاء وقيمة
المرء ما قد كان يحسنه * والجاهلون لأهل العلم أعداء وإن أتيت بجود من ذوي نسب *
فإن نسبتنا جود وعلياء فقم بعلم ولا تبغي به بدلا * فالناس موتى وأهل العلم
أحياء(1) وقال (عليه السلام): فارق تجد عوضا عمن تفارقه * وانصب فإن لذيذ العيش في
النصب فالأسد لولا فراق الغاب ما اقتنصت * والسهم لولا فراق القوس لم تصب(1) وقال
(عليه السلام): وإن تعط نفسك آمالها * فعند مناها يحل الندم فكم آمن عاش في نعمة *
فما حس بالفقر حتى هجم إذا كنت في نعمة فارعها * فإن المعاصي تزيل النعم وداوم
عليها بشكر الإله * فإن الإله سريع النقم(1) وقال (عليه السلام): من لم يواس الناس
من فضله * عرض للإدبار إقبالها
(هامش)
(1) نور الأبصارص77. (*)
ص145
فاحذر زوال الفضل يا جابر * واعط من الدنيا لمن سالها فإن ذا العرش جزيل العطا *
يضعف بالحبة أمثالها(1) وقال (عليه السلام): لا تخضعن لمخلوق على طمع * فإن ذلك وهن
منك في الدين واسأل إلهك مما في خزائنه * فإنما هي بين الكاف والنون إنا نرى كل من
نرجو ونأمله * من البرية مسكين ابن مسكين ما أحسن الجود في الدنيا وفي الدين *
وأقبح البخل ممن صيغ من طين(1) وقال (عليه السلام): إذا عقد القضاء عليك أمرا *
فليس يحله غير القضاء فما لك قد أقمت بدار ذل * وأرض الله واسعة الفضاء(1) وقال
(عليه السلام): صن النفس واحملها على ما يزينها * تعش سالما والقول فيك جميل وإن
ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غد * عسى نكبات الدهر عنك تزول وما أكثر الإخوان حين تعدهم
* ولكنهم في النائبات قليل (2) وقال (عليه السلام): وقيت بنفسي خير من وطأ الحصى *
وأكرم خلق طاف بالبيت والحجر وبت أراعي منهم ما يسوئني * وقد صبرت نفسي على القتل
والأسر وبات رسول الله في الغار آمنا * وما زال في حفظ الإله وفي الستر (2) وقال
(عليه السلام) في جواب عمرو بن عبد ود العامري: لا تعجلن فقد أتاك * مجيب صوتك غير
عاجز ذو نية وبصيرة * والصدق منجي كل فائز إني لأرجو أن أقيم * عليك نائحة العجائز
(هامش)
(1) نور الأبصارص77. (2) نور الأبصارص78. (*)
ص146
من ضربة نجلاء يبقى * ذكرها عند الهزاهز(1) وقال (عليه السلام): لكل اجتماع من
خليلين فرقة * وإن الذي دون الفراق قليل أرى علل الدنيا علي كثيرة * وصاحبها حتى
الممات عليل وإن افتقادي واحدا بعد واحد * دليل على أن لا يدوم خليل (2) وقال (عليه
السلام) بعد شهادة عمار بن ياسر بصفين: ألا أيها الموت الذي ليس تاركي * أرحني فقد
أفنيت كل خليل أراك بصيرا بالذين أحبهم * كأنك تنحو نحوهم بدليل(1) وقال (عليه
السلام) في مدح السفر: تغرب عن الأوطان في طلب العلى * وسافر، ففي الأسفار خمس
فوائد تفرج هم واكتساب معيشة * وعلم وآداب وصحبة ماجد فإن قيل في الأسفار ذل ومحنة
* وقطع الفيافي وارتكاب الشدائد فموت الفتى خير له من مقامة * بدار هوان بين واش
وحاسد (3) وقال (عليه السلام): إن الذين بنوا فطال بناؤهم * واستمتعوا بالمال
والأولاد جرت الرياح على محل ديارهم * فكأنهم كانوا على ميعاد (2) وقال (عليه
السلام): أبني إن من الرجال بهيمة * في صورة الرجل السميع المبصر فطن بكل رزية في
ماله * وإذا أصيب بدينه لم يشعر (2) وقال (عليه السلام): إذا النائبات بلغن المدى *
وكادت لهن تذوب المهج
(هامش)
(1) نور الأبصارص80، الفتوحات الإسلامية ج 2ص513. (2) الإمام علي أسد الإسلام
وقديسه
ص216
ط عام 1387 مطبعة النعمان، النجف. (3) الإمام علي أسد الإسلام وقديسهص217. (*)
ص147
وحل البلاء وقل العزا * فعند التناهي يكون الفرج (2) وقال (عليه السلام): هون الأمر
تعش في راحة * فلما هونته ألا يهون ليس أمر المرء سهلا كله * إنما الأمر سهول وحزون
تطلب الراحة في دار العنا * خاب من يطلب شيئا لا يكون(1) وقال (عليه السلام): أصم
عن الكلم المحفظات * وأحلم والحلم بي أشبه وإني لأترك جل المقال * لئلا أجاب بما
أكره إذا ما اجتررت سفاه السفيه * علي فإني إذن أسفه ولا تغتر برواء الرجال * وإن
زخرفوا لك أو موهوا فكم من فتى يعجب الناظرين * له ألسن وله أوجه ينام إذا حضر
المكرمات * وعند الدنائة يستنبه (2) وقال (عليه السلام): ألام تجر أذيال التصابي *
وشيبك قد نفى برد الشباب بلال الشيب في فوديك نادى * بأعلى الصوت حي على الذهاب (2)
هذه الكتب كتبت في إمامنا (عليه السلام) أم في إمامكم؟ نبوغ إمامنا علي بن أبي طالب
(عليه السلام) واشتهاره في العالم الإسلامي والإنساني لفت أنظار جماعة من العلماء
والأدباء، والكتاب من مختلفي المذاهب والأديان إليه. وقد تباروا في الكتابة حول
شخصيته الفذة المقدسة الإسلامية اللامعة، وهم يفخرون بذلك ويعتزون أيما اعتزاز، إذ
كان (عليه السلام) آية من آيات الله الباهرة، وحجة من حججه
(هامش)
(1) الإمام علي أسد الإسلام وقديسهص217. (2) الإمام علي أسد الإسلام وقديسهص218.
(*)
ص148
القاهرة. ومن العسير علينا الإلمام بكل ما كتبوا حوله من كتب، وحيث لا يسقط الميسور
بالمعسور، فإلى القراء الكرام أسماء ما وقفت عليه من كتب أفردت في التأليف فيه،
والبحث حول شخصيته الإسلامية الفذة، أخص بالذكر منها ما كتبه رجال ليسوا هم من
شيعته، ومنهم من ليسوا على دينه ونحلته، وبذلك يظهر للقارئ النبيل فضل إمامنا (عليه
السلام) على غيره من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسداد رأينا نحن
الشيعة الإمامية الاثنا عشرية حيث اخترناه إماما لنا وخليفة بعد رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) ورفضنا من عداه. وإلى القارئ اللبيب أسمائها: - أحاديث مسندة
في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، لمحمد بن محمد الجزري. -
الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رابع الخلفاء الراشدين. لمحمد رضا المصري.
طبع في مصر عام 1358 مطبعة رستم مصطفى الحلبي. وفي بيروت عام 1396 نشر دار الكتب
العلمية. - الإمام علي بن أبي طالب للأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود. طبع في مصر عام
1948 دار الكتاب العربي، غير مرة، وفي مصر أيضا دار مصر، وفي بيروت، وترجم إلى
اللغة الفارسية، وطبع في طهران غير مرة، منها عام 1366 ش، والكتاب يقع في تسعة
أجزاء. - الإمام علي بن أبي طالب لتوفيق أبو علم. طبع في مصر عام 1973 مطابع دار
المعارف. - الإمام علي كرم الله وجهه وحقوق الإنسان للدكتور حبيب الجنحاني. -
الإمام علي وحقوق الإنسان للدكتور فغلالي، طبع باللغة الإنجليزية.
ص149
- الإمام علي رجل الإسلام المخلد. لعبد المجيد لطفي. طبع في النجف عام 1387 مطبعة
النعمان. - الإمام علي أسد الإسلام وقديسه. لروكس بن زائد العزيزي. طبع في النجف
عام 1387 مطبعة النعمان. - الإمام علي نبراس ومتراس لسليمان كتاني. طبع في النجف
عام 1386 مطبعة النعمان. - الإمام علي صوت العدالة الإنسانية، لجورج جرداق، طبع في
بيروت عام 1958 و1970 وهو خمسة أجزاء: 1 - علي والثورة الفرنسية. 2 - علي وحقوق
الإنسان. 3 - علي وسقراط. 4 - علي وعصره. 5 - علي والقومية العربية. وترجم إلى
الفارسية، وطبع في طهران عام 1377 شمسية. - الإمام علي بن أبي طالب. لعمر أبو
النصر، طبع. - الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) للدكتور محمد بيومي مهران. طبع
في أصفهان عام 1419 الطبعة الثانية. - الإمام علي بن أبي طالب لمحمد صبيح، طبع في
مصر، من اعداد كتاب الشهر. - الإمام علي ليلة العيد، لخليل الهنداوي، طبع عام 1392.
- الإمام علي رسالة وعدالة. لخليل ياسين ط بيروت 1404 مؤسسة الوفاء، ودار مكتبة
الهلال عام 1984. - الإمام علي سيرة موجزة، لعبد اللطيف بري ط بيروت دار التعارف. -
الأربعين في مناقب أمير المؤمنين. لعطاء الله بن فضل الله الشيرازي. - الأربعون
المنتقى من مناقب المرتضى. لأحمد بن يوسف القزويني الشافعي. - الأربعين في فضائل
أمير المؤمنين، لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي
ص150
الشافعي. - الأربعين في فضائل أمير المؤمنين، لموفق بن أحمد الخوارزمي أخطب خوارزم.
- أرجح المطالب في عد مناقب أسد الله الغالب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للشيخ
عبد الله الحنفي الأمر تسري. - أرجح المطالب في مناقب علي بن أبي طالب، لعبد الله
بسمل طبع في الهند باللغة الأرودية. - أسنى المطالب في مناقب الإمام علي بن أبي
طالب. لإبراهيم الأكفاني. - أسنى المطالب في مناقب سيدنا علي بن أبي طالب. لمحمد بن
محمد الجزري الدمشقي الشافعي. طبع في مكة عام 1324 المطبعة الميرية، وفي طهران
مطابع نقش جهان. قدم له الدكتور الشيخ محمد هادي الأميني النجفي. - البرهان في النص
الجلي على أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه. لأبي الحسن الشمشاطي العدوي. - بطولة
علي بن أبي طالب. للدكتور زكي المحاسني، طبع عام 1970. - بحر المناقب في تفضيل علي
بن أبي طالب. لعلي بن إبراهيم الملقب بدرويش برهان. - ترجمة الإمام علي بن أبي
طالب، من تاريخ دمشق. لابن عساكر علي بن حسن الشافعي. - ترجمة علي بن أبي طالب.
لأحمد زكي صفوت، طبع بالقاهرة عام 1932 مطبعة العلوم. - ترجمة علي بن أبي طالب.
لعلي بن محمد الواسطي الشافعي.
ص151
- تصويب علي في تحكيم الحكمين. لعمر بن بحر الجاحظ. - تنزيل اللبس عن حديث رد
الشمس. لشمس الدين الدمشقي. - الجوهرة في نسب الإمام علي وآله. لمحمد بن أبي بكر
الأنصاري التلمساني. طبع في بيروت عام 1402 مؤسسة الأعلمي للمطبوعات. - جواهر
المطالب في مناقب الإمام أبي الحسن علي بن أبي طالب. لمحمد بن أحمد الباعوني
الدمشقي الشافعي. - جوامع الحكم وذرائع النعم من مقولات علي بن أبي طالب. لشهاب
الدين بن بهاء الدين المرجاني الحنفي. - الحجة الجلية في نقض الحكم بالأفضلية.
لمحمد معين بن محمد أمين السندي الحنفي، أثبت فيه أفضلية الإمام على غيره، ورد
القول بأفضلية سواه. - حياة الإمام علي، لمحمود شلبي. طبع في بيروت عام 1983 دار
الجيل. وعام 1406 أيضا. - حياة علي بن أبي طالب. لمحمد حبيب الله الشنقيطي، طبع في
القاهرة عام 1936 مطبعة مصطفى البابي الحلبي. - حكم الإمام علي بن أبي طالب. للويس
شيخر. - حديث الطير لشمس الدين الذهبي محمد بن أحمد الدمشقي الشافعي. - حديث أنا
مدينة العلم. للسيوطي عبد الرحمن بن أبي بكر. - حديث من كنت مولاه فعلي مولاه.
لمحمد بن أحمد الدمشقي الذهبي الشافعي. - حديث رد الشمس. للحافظ محمد بن حسين
الأزدي الموصلي.
ص152
- حديث الغدير. لشمس الدين الذهبي. - حديث الطير لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري. -
حديث الطير للحاكم النيسابوري محمد بن عبد الله الشافعي. - خصائص أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب كرم الله وجهه. لأحمد بن شعيب النسائي، طبع في مصر عام 1348 مطبعة
التقدم العلمية. وفي لاهور عام 1898 م وفي كلكته، الهند عام 1303، وفي القاهرة عام
1308 المطبعة الخيرية، وفي النجف عام 1369 المطبعة الحيدرية وعام 1388. - خصائص
أمير المؤمنين (عليه السلام). للحاكم الحسكاني النيسابوري الحنفي. - الخصائص
العلوية على سائر البرية، لأبي الفتح النطنزي. - الخصائص في فضل علي (رضي الله
عنه). للحافظ أبي نعيم الأصبهاني. - الخصال المهمة في أحوال أبي الأئمة. لمحمد بن
إدريس الشافعي. - خطب أمير المؤمنين (عليه السلام). لمحمد بن عمر الواقدي البغدادي.
- الدراية في حديث الولاية. للحافظ مسعود بن ناصر السجستاني. - الدرجات في تفضيل
علي (عليه السلام) على سائر الصحابة. لأبي عبد الله الحسين بن علي البصري المعتزلي
المعروف بالجعل والكاغذي. - دستور معالم الحكم ومأثور مكارم الشيم من كلام أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب. للقاضي القضاعي محمد بن سلامة الشافعي طبع في بيروت عام
1401. - رد الشمس لأمير المؤمنين علي. لموفق بن أحمد الخوارزمي (أخطب خوارزم) -
زعيم الشباب في صدر الإسلام. علي بن أبي طالب. لأحمد إبراهيم أبو السعود. - سيرة
الإمام علي بن أبي طالب ومحاربته مع الملك الهضام. لأحمد بن عبد الله
|