ص202
ونسأله تعالى الثبات على ذلك حتى الموت، إنه بالإجابة جدير. ومنهم: الأستاذ الأديب
المصري صالح الورداني فقد رفض مذهبه السني واختار مذهب الشيعة الإمامية، بعد دراسة
حرة، وتعمق في المذهبين تجلى له الحق من الباطل، فجهر بالحق وأعلنه وكتب كتابا
أسماه (الخدعة. رحلتي من السنة إلى الشيعة) طبع في بيروت عام 1416 دار النخيل
للطباعة والنشر، يقول فيه تحت عنوان (الطرح الشيعي عوامل الجذب): فقد عشت فترتي
السنية، رافعا شعار العقل فلم أجد لي مكانا بين القوم، ولاحقتني الإشاعات
والاتهامات، وأدركت فيما بعد أن استخدام العقل عند القوم يعني الزندقة والضلال،
ولقد كنت أدرك جيدا أن التنازل عن العقل يعني الذوبان في الماضي، وبالتالي يصبح
المرء بلا شخصية يواجه بها الواقع... إنني لن أعرض ما أعرض دون تمحيص، ودون إعمال
العقل فيه... فقد كان تسلحي بالعقل العامل الأساسي في دفعي نحو خط آل البيت
واختياره، ولم يكن هذا ليتم لولا تسلحي بالعقل الذي أعانني على تحطيم الأغلال التي
كان يكبلني بها الخط السني(1). أما ما جذبني لخط آل البيت ودفعني نحو التشيع فيما
يتعلق بالأطروحة الشيعية فهو ما يلي: القرآن والعقل، أنزل الله القرآن ليحكم بين
الناس، ويكون دستورا لحياتهم، إلا أن الناس مع مرور الزمن وطول الأمد ورثوا الكثير
من الروايات والاجتهادات التي غلبت على حياتهم، فاستسهلوها، وتناولوا منها دينهم،
وبالتالي أهملوا القرآن، وقد ساعد على نمو هذه الحالة ودعم هذا الوضع الحكام، إذ
وجدوا فيه وسيلة لتخدير المسلمين، وإلزامهم بطاعتهم، فهذا الكم من الروايات التي
توجب طاعتهم تتناقض
(هامش)
(1) أنظر كتابنا العقل المسلم بين إغلال السلف، وأوهام الخلف (الورداني). (*
ص203
مع القرآن، ولذا عملوا على عزل القرآن عن واقع المسلمين. أما من شذ عن هذا الوضع،
وأعمل عقله فكانت تلصق به تهمة الزندقة لتبرير الخلاص منه والقضاء على دعوته.. وكم
سقط من شهداء على هذا الطريق بأيدي الحكام، وبأيدي الفقهاء(1). ولو كان القرآن
والعقل قد أخذا دورهما في مسيرة الإسلام ما كانت قد وصلت الأمة إلى ما وصلت إليه من
الخنوع والتشرذم وعبادة الرجال.. ففي غيبة القرآن اخترعت الكثير من الروايات
المضللة.. وفي غيبة العقل سادت هذه الروايات، وحلت محل القرآن.. وفي غيبة القرآن
إخترع إسلام جديد.. وفي غيبة العقل بررة الفقهاء.. وفي غيبة القرآن أصبح التراث هو
الدين. وفي غيبة العقل بارك الفقهاء هذا التراث. وفي غيبة القرآن والعقل أصبحنا
أسارى للحكام ولفقه الماضي.. إن تحكيم القرآن والعقل في دائرة الأطروحة الشيعية قد
منحها القدرة على تجديد محتوياتها ومواكبة الواقع والمتغيرات، بينما بقيت الأطروحة
السنية جامدة منغلقة لرفضها الخضوع لحكم القرآن والعقل مما ولد قداسة غير مباشرة
لجميع محتوياتها، وفي مقدمتها كتب الأحاديث، خاصة كتابا البخاري ومسلم اللذان حظيا
بقداسة خاصة من دون الكتب الأخرى (2). وفي الوسط السني يشهر سلاح التكفير في وجه
أية محاولة للمساس بروايات
(هامش)
(1) الرضوي : أنظر كتاب الأستاذ الورداني (شهداء الرأي في التاريخ الإسلامي) أو
كتابنا (الشيعة في عصور الظالمين) لتكون على يقين من هذه الحقيقة. (2) قال اليافعي
في (مرآة الجنان) ج 3 طبع حيدر آباد الدكن عام 1338ص191: فصحيحا البخاري ومسلم أصح
المصنفات. وقال في
ص185
منه: هما حجة الإسلام. وقال محمد راغب باشا في (سفينة الراغب)ص676: أول مصنف في
الصحيح المجرد صحيح البخاري ثم مسلم وهما أصح الكتب بعد القرآن. (*)
ص204
البخاري ومسلم(1) وقد حاول بعض عقلاء القوم نقد أحاديث سحر الرسول (صلى الله عليه
وآله وسلم) الواردة في البخاري فلاقى من التهديد والوعيد، وأحكام الزيغ والضلال ما
دفع بهم إلى التراجع. وقد قامت جامعة الأزهر بفصل واحد من مدرسيها بسبب خوضه في بعض
هذه الأحاديث وإنكاره لها.. ويرفض أهل السنة (2) تحكيم القرآن في الأحاديث كما
أشرنا سابقا، وهم بهذا يبتدعون قاعدة خطيرة تنزل الرواية منزلة القرآن، إذ يعتمدون
الحديث ولو خالف القرآن ما دام صحيحا حسب قواعدهم، وكأنهم أيضا أنزلوا هذه القواعد
منزلة النصوص. ولو كان للعقل دور عندهم لنبذت مثل هذه القواعد والآراء.. من هنا
تميز الطرح الشيعي بهذه القاعدة، قاعدة تحكيم القرآن والعقل واحترامه ومنحه الدور
الشرعي الذي أوجبته نصوص القرآن. وسرني تطبيق هذه القاعدة على كتب الحديث وجميع ما
ورد من أقوال وروايات عن الرسول، أو أئمة آل البيت، أو فقهاء الشيعة (3).
(هامش)
(1) الرضوي : وإن تضمنت مخالفة كتاب الله تعالى مثل وضع الرب تعالى قدمه في النار
بعد أن يقول لها (هل امتلأت فتقول: هل من مزيد) مع قوله تعالى (ليس كمثله شيء) ومثل
نقلها أحاديث تتضمن القدح في أنبياء الله تعالى ورسله. تضمن ذكر البعض منها كتابنا
(ويلكم لا تكذبوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)) (2) يريد بهم المنحرفين
عن أهل البيت النبوي بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والعادلين عنهم إلى
الأغيار، وقد أطلقوا هذا اللقب عليهم، وتسموا به كذبا وزورا، وقد عرفت مما تقدم في
حديث تشيع الدكتور التيجاني إن الشيعة هم أهل السنة. (3) روى الشيعة عن نبيهم (صلى
الله عليه وآله وسلم) أنه قال: إذا جائكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه
فاقبلوه، وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط (مجمع البيان لعلوم القرآن) وعن إمامهم
الصادق (عليه السلام) أنه قال: إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله عز
وجل، أو من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإلا فالذي جائكم به أولى به
(الكافي كتاب فضل العلم) وقال (عليه السلام): كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة، وكل
حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف (الكافي) وقال (عليه السلام): إذا ورد عليكم
حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب
الله فذروه (بحار الأنوار ج 1) وعنه (عليه السلام): ما أتاكم عنا من حديث لا يصدقه
كتاب الله فهو باطل (بحار الأنوار ج 1) وقال (عليه السلام): من خالف كتاب الله وسنة
محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد كفر (الكافي). (*)
ص205
ثم ذكر ما استنكره من السنة بالنسبة إلى مقام الإمام علي (عليه السلام)، مع أنهم
خصوه بما يرفعه على غيره من الصحابة، لكن من حيث لا يشعرون، ومن مجموعه وغيره ثبتت
عنده أحقية الإمام (عليه السلام) بمقام الخلافة عن الرسول (صلى الله عليه وآله
وسلم). قال: وكان هذا كله مبررا للنفور من فقه القوم وأطروحتهم، والبحث عن الحقيقة
في دائرة الأطروحات الأخرى حتى اهتديت للأطروحة الشيعية، ووجدت فيها ما أراح عقلي،
واطمأن نفسي بخصوص الإمام علي. وجدت فيها مكانته وخصوصيته، ووجدت فيها علمه الذي
دثره القوم، وجدت عليا الإمام المعصوم، وهي الصفة التي تعكس خصوصيته وتميزه، والتي
فسرت على ضوئها جميع الأمور التي استشكلت علي في فقه القوم حول الموقف من الإمام...
إن مكانة الإمام كانت ساطعة سطوع الشمس، بحيث لم يتمكن القوم من حجبها عن أعين
المسلمين(1) بتأويلاتهم وتبريراتهم، وقد كنت واحدا من هؤلاء الذين سطعت عليهم شمس
الحقيقة فأضائت لي الطريق نحو الصراط المستقيم، خط آل البيت محطما من طريقي جميع
القواعد والأغلال التي صنعها القوم لتكبيل العقل وحجب الحقائق... (2). ومنهم: علي
صالح فتاح رفض مذهبه السني واختار مذهب الشيعة الإمامية له مذهبا، وكتب كتابا سماه
(في طريقي إلى التشيع) طبع في بغداد عام 1374. ومنهم: محمد عبد الحفيظ البنباني من
أهل جنوب مصر، كان مالكيا فرفض مذهبه
(هامش)
(1) لا ريب أنك علمت ذلك مما تقدم في العنوانين السابقين على هذا العنوان. (2)
الخدعة رحلتي من السنة إلى الشيعة. (*)
ص206
واختار مذهب الشيعة الإمامية، وكتب كتابا سماه (لماذا أنا جعفري). ومنهم: الأستاذ
الشيخ معتصم سيد أحمد السوداني كان سنيا ورفض مذهبه واختار مذهب الشيعة الإمامية،
وكتب كتابا سماه (الحقيقة الضائعة) رحلتي نحو مذهب أهل البيت. نشرته مؤسسة المعارف
الإسلامية في قم - إيران. ومنهم: الأستاذ صائب عبد الحميد العراقي كان سنيا فرفض
مذهبه واختار مذهب الشيعة الإمامية، وكتب كتابا سماه (منهج في الانتماء المذهبي)
طبع في قم. مطبعة باقري عام 1414، نشر مركز الغدير للدراسات الإسلامية. ومنهم:
القاضي النعمان بن أبي عبد الله محمد بن منصور كان مالكيا فرفض مذهبه واختار مذهب
الشيعة الإمامية(1)، وكتب كتابا سماه (ابتداء الدعوة للعبيديين) (2) نشرته دار
الثقافة، بيروت عام 1970 باسم رسالة افتتاح الدعوة. ومنهم: الشيخ أبو جعفر محمد بن
عبد الرحمن بن قبة الرازي كان معتزليا فرفض مذهبه، واختار مذهب الشيعة الإمامية،
وكتب كتابا سماه (الإنصاف) (3). ومنهم: الدكتور نور حسين صابر جهنك السيالوئي كان
حنفيا فرفض مذهبه واختار مذهب الشيعة الإمامية، وكتب كتابا سماه (آئينهء مذهب سني)
باللغة الأردوية. ومنهم: سعيد الرحمن گوندوي الهندي رفض مذهبه واختار مذهب الشيعة
الإمامية وكتب كتابا سماه (مين كيون شيعه هوا؟) لماذا تشيعت؟ طبع في الهند عام
1981.
(هامش)
(1) قال ابن خلكان نقلا عن تاريخ الأمير المختار المسبحي: كان من أهل العلم والفقه
والدين والنبل على ما لا مزيد عليه وله عدة تصانيف منها كتاب (إختلاف أصول
المذاهب). (2) ذكره ابن خلكان في وفيات الأعيان ج 5ص415. (3) الذريعة ج 2. (*)
ص207
- 4 - إمامكم خطب فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
منه فرده

، وإمامنا (عليه السلام) خطبها منه فرحب به، وزوجه. فيا لها من فضيلة نالها
إمامنا إذ صار زوجا لفاطمة ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبضعته وسيدة
نساء العالمين. روى ابن حجر الهيتمي عن أبي داود السجستاني أن أبا بكر خطب فاطمة من
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأعرض عنه (صلى الله عليه وسلم)(1). الرضوي : وحديث
رد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إمامكم خطبته فاطمة (عليها السلام) تجده في
(جامع الأصول من أحاديث الرسول) ج 9
ص474
ط بيروت عام 1404 وفي (منتخب كنز العمال)
ص38
على هامش مسند أحمد ج 5 ط مصر عام 1313 وفي (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد
المعتزلي ج 3
ص261
ط مصر عام 1329 وفي (محاضرات الأدباء) ج 2
ص212
ط مصر عام 1326 وفي (أسد الغابة) ج 1
ص386
ط مصر عام 1285، المطبعة الوهبية، وفي (علموا أولادكم محبة آل بيت النبي)ص75، وفي
مجلة (منبر الإسلام المصرية) العدد 9 السنة 26 عام 1388. قال ابن أبي الحديد: روى
عثمان بن سعيد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، أن أبا بكر وعمر خطبا فاطمة (عليها
السلام) فردهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: لم أؤمر بذلك. فخطبها
علي (عليه السلام) فزوجه إياها، وقال: زوجتك أقدم الأمة إسلاما، وأعظمهم حلما،
وأعلمهم علما (2). وأضاف: وقد روى هذا الخبر جماعة من الصحابة منهم أسماء بنت عميس،
وأم أيمن، وابن عباس، وجابر بن عبد الله. وذكر ابن حجر أن عليا دخل على رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) قال: فذكرت فاطمة فقال (صلى الله عليه وسلم): مرحبا
(هامش)
(1) الصواعق المحرقة
ص161
ط مصر عام 1375. (2) شرح نهج البلاغة ج 3
ص261
ط مصر عام 1329. (*)
ص208
وأهلا(1). وقال المحب الطبري: دخل علي (رضي الله عنه) على النبي فتبسم النبي (صلى
الله عليه وسلم) في وجهه، ثم قال: إن الله قد أمرني أن أزوجك فاطمة على أربعمائة
مثقال فضة إن رضيت بذاك. فقال: قد رضيت بذلك يا رسول الله (2). وقال (صلى الله عليه
وسلم): إن الله تعالى أمرني أن أزوج فاطمة بنت خديجة من علي بن أبي طالب، فاشهدوا
أني قد زوجته (3). وذكر تحت عنوان (ذكر تزويج الله تعالى فاطمة عليا في الملأ
الأعلى بمحضر من الملائكة) عن علي (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله
عليه وسلم): أتاني ملك فقال: إن الله تعالى يقرأ عليك السلام ويقول لك: إني قد زوجت
فاطمة ابنتك من علي بن أبي طالب في الملأ الأعلى، فزوجها منه في الأرض. الرضوي : لم
ينل أحد من خلق الله تعالى فضيلة تضاهي هذه الفضيلة التي نالها إمامنا (عليه
السلام)، زوجته سيدة نساء العالمين، وابنة أفضل خلق الله أجمعين، كما لم يولد أحد
من خلق الله تعالى في بيت الله الحرام سواه، ولم يعمل أحد من خلق الله بآية النجوى
سواه، وكم له صلوات الله عليه من خصائص تفرد بها، وفضائل فاق بها جميع المسلمين سوى
ابن عمه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سيد الأنبياء والمرسلين. تقف على جملة
منها في كتابنا (علي لا سواه خليفة رسول الله بنص من الله). ألا يجدر بنا ونحن
مسلمون أن نختاره لنا إماما وقائدا وخليفة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من
بعده، نطيع أمره وننتهي إلى نهيه، نوالي وليه ونعادي عدوه؟، وقد رغبنا الله تعالى
في اختيار أحسن الأقوال عند استماعها فقال (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون
أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب) (3) فكيف نعدل
(هامش)
(1) الصواعق المحرقة
ص160
و232 ط مصر عام 1375. (2) ذخائر العقبى
ص30
ط مصر عام 1356. (3) سورة الزمر آية 17. (*)
ص209
عمن هو أفضل إنسان بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى من هو دونه، أليس
في ذلك الضلال والخسران المبين في يوم الدين؟ ما لكم لا تفقهون؟ أفلا تعقلون؟ حقا
لقد طبع الله على قلوبكم فلا تفقهون حديثا، وأعمى بصائركم فلا تقبلون نصحا. روى ابن
حجر العسقلاني في الإستيعاب ج 3
ص36
أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لفاطمة: زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة. ومثله في
(تهذيب التهذيب) ج 7
ص296
و(نظم درر السمطين)
ص118
وإنه لأول أصحابي إسلاما، وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما. وفي (كنز العمال) ج 11
ص605
ط بيروت عام 1399 مؤسسة الرسالة: زوجتك خير أهلي، أعلمهم علما، وأفضلهم حلما،
وأولهم سلما. وفي (تاريخ الإسلام عهد الخلفاء الراشدين)
ص628
ط بيروت عام 1407: زوجتك يا بنية أعظم الناس حلما، وأقدمهم سلما، وأكثرهم علما،
ومثله في (نظم درر السمطين)
ص128
ط النجف. وفي (مجمع الزوائد) ج 9
ص120
ط بيروت عام 1967 الطبعة الثانية دار نشر الكتاب، عن ابن عمر أنه قال: ولقد أوتي
ابن أبي طالب ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، زوجه رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) ابنته، وولدت له، وسد الأبواب إلا بابه في المسجد،
وأعطاه الراية يوم خيبر. قال الهيثمي: رواه أحمد، وأبو يعلى، ورجالهما رجال الصحيح.
وروى الخطيب في (تاريخ بغداد) ج 1
ص317
والمتقي الهندي في (كنز العمال) ج 11
ص600
ط بيروت عام 1399 وابن حجر في (الصواعق المحرقة)
ص122
طبع مصر عام 1375 دار الطباعة المحمدية، وفي (منتخب كنز العمال)
ص30
على هامش مسند أحمد ج 5 ط مصر عام 1313 المطبعة الميمنية، و(ذخائر العقبى)
ص67
ط مصر عام 1356 مكتبة القدسي و(مناقب سيدنا علي) للعيني
ص22
ط حيدر آباد الدكن عام 1352 ومجلة (منبر الإسلام) المصرية العدد 9 عام 1388: إن
الله عز وجل جعل ذرية كل نبي في صلبه وإن الله تعالى جعل ذريتي في صلب علي
ص210
ابن أبي طالب. يا لها من فضيلة خص الله بها إمامنا. فهل من مدكر؟ ذكر الأستاذ أحمد
حسن الباقوري في كتابه (علي إمام الأئمة)
ص106
و107 طبع مصر عام 1404 دار مصر للطباعة أحاديث زواج إمامنا (عليه السلام) من سيدتنا
فاطمة الزهراء (عليها السلام) نقلها من كتاب (البداية والنهاية) لابن كثير ثم قال:
فهذه الأحاديث التي ذكرها الإمام ابن كثير في البداية والنهاية تدل على فضل الإمام
علي كرم الله وجهه فضلا لا يشاركه فيه أحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه
وسلم). الرضوي : (وشهد شاهد من أهلها) ولهذه الأحاديث وغيرها مما رواه السنة في
صحاحهم ومسانيدهم وغيرها مذعنين بصحتها، وهي كما ترى تنبئ عن مزيد فضل إمامنا (عليه
السلام) وتفوقه على جميع صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما صرح بذلك
الكثير من علماءكم، رأينا وجوب تقديمنا إياه في الخلافة على إمامكم ابن أبي قحافة،
لو أغضينا الطرف عن النصوص الصريحة الواردة في خلافته، وإمامته، وولايته، فإن
عقولنا تمنعنا من تقديم المفضول على الفاضل، وديننا يرد عنا من استبدال الأدنى
بالذي هو خير، لئلا نضاهي بذلك اليهود الذين ذمهم الله تعالى على ذلك فقال في
توبيخهم (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)(1) والحمد لله الذي هدانا لدينه
الذي ارتضاه لعباده، ولم يجعلنا عنه عمين، ولا عن الصراط المستقيم ناكبين حمدا لا
حد له ولا منتهى. إمامكم كان يستشير إمامنا (عليه السلام) في مهام الأمور، ويسأله
عن المسائل الشرعية لجهله بها قال الأستاذ حسن أحمد لطفي: فكان الصديق يستشيره في
مهام الأمور (2) يريد
(هامش)
(1) سورة البقرة آية 61. (2) الشهيد الخالد الحسين بن علي
ص9
ط مصر دار الهلال عام 1947. (*)
ص211
بالصديق إمامه أبا بكر بن أبي قحافة، فإن السنة منحوه هذا اللقب معارضة لقول رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لإمامنا: أنت الصديق الأكبر، وأنت الفاروق الذي
يفرق بين الحق والباطل، وأنت يعسوب الدين(1) كما منحوا خليفته عمر بن الخطاب لقب
فاروق لذلك أيضا. وقال البدر العيني: فكان أبو بكر، وعمر، وعثمان يستشيرونه في
الأحكام... (2). الرضوي : لاعترافهم بمزيد علمه، وسداد رأيه، وتفوقه على سائر صحابة
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وقربه من بيت الوحي والرسالة. إمامكم روى أحاديث
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في فضائل إمامنا (عليه السلام) نقتصر على عشرة
منها، رواها عنه أولياؤه: 1 - روى ابن حجر عن إمامه أبي بكر أنه قال: سمعت رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: علي مني كمنزلتي من ربي (3). 2 - وروى الصفوري عنه
أيضا أنه قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: لا يجوز الصراط إلا من كتب له
الجواز علي بن أبي طالب (4). 3 - وروى السيوطي عنه أنه قال: سمعت النبي (صلى الله
عليه وسلم) يقول: النظر إلى علي عبادة. قال السيوطي: حديث صحيح (5).
(هامش)
(1) ذخائر العقبى
ص56
ط مصر عام 1356، مناقب سيدنا علي
ص28
ط حيدر آباد الدكن عام 1352 وليس فيه: وأنت الفاروق... (2) تاريخ الأمم الإسلامية ج
1ص448، مشهد الإمام علي في النجف
ص39
ط مصر. (3) الصواعق المحرقة
ص175
ط مصر عام 1375. (4) مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل الخلفاء الأربعة
ص63
ط بيروت عام 1409 الطبعة الثانية، الصواعق المحرقة
ص124
طبع مصر عام 1375. (5) الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير ج 2
ص681
ط بيروت عام 1401 دار الفكر. (*)
ص212
4 - وروى الشبلنجي عنه أنه قال: أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله: من
أراد أن ينظر إلى آدم (وعلمه(1) وإلى يوسف وحسنه، وإلى موسى وصلاته، وإلى عيسى
وزهده، وإلى محمد (صلى الله عليه وسلم) وخلقه فلينظر إلى علي (2). 5 - وروى عنه
أيضا أنه قال: ما أنا بالذي يتقدم على رجل قال في حقه رسول الله (صلى الله عليه
وسلم): أعطيت خير النساء لخير الرجال (2). 6 - وروى عنه أيضا أنه قال: أنا لا أتقدم
على رجل قال في حقه رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أن جبريل أتاني فقال لي يا
محمد إن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك: أنا أحبك وأحب عليا (2). 7 - وروى عنه
أيضا أنه قال: أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله: إن عليا يجيئ يوم
القيامة ومعه أولاده وزوجته على مراكب من البدن فيقول أهل القيامة: أي نبي هذا؟
فينادى مناد: هذا حبيب الله، هذا علي بن أبي طالب (2). 8 - وروى عنه أيضا أنه قال:
أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله يوم حنين وخيبر وقد أهدي إليه تمر ولبن:
هذه هدية من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب (2). 9 - وروى عنه أيضا أنه قال:
أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله (صلى الله عليه وسلم): بين قصري وقصر
إبراهيم الخليل، قصر علي بن أبي طالب (2). 10 - وروى عنه أيضا أنه قال: أنا لا
أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يجيئ علي على مركب من
مراكب الجنة، فينادى مناد: يا محمد كان لك في الدنيا والد حسن، وأخ حسن، أما الوالد
الحسن فأبوك إبراهيم الخليل، وأما الأخ الحسن
(هامش)
(1) الظاهر سقوط هذه الكلمة من متن الحديث. (2) نور الأبصار
ص6
ط مصر عام 1312 المطبعة الميمنية. (*)
ص213
فعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه)(1). الرضوي : ولو لم يرو أبو بكر هذه الأحاديث عن
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لكان خيرا له في العاقبة كما لا يخفى. أبو بكر بن
عياش صرح بتفضيل إمامنا (عليه السلام) على إمامكم روى ابن حجر الهيتمي عنه أنه قال:
لو أتاني أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم في حاجة لبدأت بحاجة علي قبلهما، لقرابته
من رسول الله (صلى الله عليه وسلم). ولإن أخر من السماء إلى الأرض أحب إلي من أن
أقدمهما عليه(1). الرضوي : قرابة الإمام (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) لها شأن عظيم، وحرمة في الإسلام، فيجب على كل مسلم أن يرعى له حرمة هذه
القرابة. وفي وجوب مودته ومودة سائر أهل بيته وعامة ذريته قال الله تعالى (قل لا
أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (2). وعلامة الصادق في مودته الإمام (عليه
السلام) أن يوالي أوليائه، ويبرأ من أعداءه. وبدون ذلك لا يكون صادقا في موالاته
ومحبته. فمن قدم عليه غيره في الخلافة كان كاذبا في ادعاءه مودته، كيف يصدق فيها
وقد قدم عليه في الخلافة من هو دونه، ومن شكاه الإمام نفسه. وقول ابن عياش: لإن أخر
من السماء... يدل على صدقه في محبة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه
السلام) ولو صدق المسلمون عامة في ادعاءهم محبة الإمام (عليه السلام) لما عدلوا عنه
إلى أبي بكر وقدموه عليه في الخلافة. وقد شكاه الإمام (عليه السلام) في خطبته
الشقشقية فقال: أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وإنه ليعلم أن محلي منها محل
القطب من الرحى...
(هامش)
(1) الصواعق المحرقة
ص236
ط مصر عام 1375. (2) سورة الشورى آية 23. (*)
ص214
راجع هذه الخطبة في (نهج البلاغة) لتقف على مبلغ توجعه (عليه السلام) من أبي بكر
وتالييه. ولقد صدق من قال: تود عدوي ثم تزعم أنني * صديقك إن الرأي عنك لعازب
ص215
- 5 - حديثي معك يا أبا بكر سيكون عليكم أمراء يأمرونكم بما لا يفعلون

فمن صدقهم
بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس مني، ولست منه، ولن يرد علي الحوض. مسند أحمد بن
حنبل ج 2
ص95
ط مصر عام 1313 في هذا الفصل أحاديث تضمنت أقوالا لك جهرت بها، وآراء لك أبديتها،
أفصحت عن عقيدتك، وأعربت عما بلغته من العلم والدين بعد إسلامك، رواها أولياؤك عنك
في كتبهم، أجد فيها تناقضا بينا بينها وبين أفعالك أوجبت سوء الظن بك إلى حد بعيد،
لمخالفتك فيها كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أعدتها للسؤال منك
عنها، وحيث لم أكن في عصرك لأتلقى الجواب الشفهي منك عنها، فلا يفوتني ذكرها في هذا
الكتاب الذي يختص شطره في البحث عنك. محمد الرضي الرضوي
ص216
تنهى عن الكذب وأنت تكذب؟ ألم تقرأ يا أبا بكر قوله تعالى (لم تقولون ما لا تفعلون،
كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)(1). روى أحمد بن حنبل عنك أنك قلت:
عليكم بالصدق فإنه مع البر، وهما في الجنة، وإياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في
النار (2). قال محمد بن أحمد الذهبي الشافعي: وصح أن الصديق خطبهم فقال: إياكم
والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار (3). هذا ما رواه أحمد
والذهبي عنك في نهيك عن الكذب، الصفة الرذيلة التي تضع من قيمة الإنسان، وتسلب منه
ثقة المجتمع به. وقد روى السيوطي عنك، وهو من أولياءك وأتباعك، أنك قلت: إن آخر
صلاة صلاها النبي عليه الصلاة والسلام خلفي (4). ولا ريب أن النبي (صلى الله عليه
وآله وسلم) لم يصل خلف أحد من المسلمين إطلاقا، بلغ ما بلغ من المنزلة عنده فضلا من
أن يصلي خلفك يا أبا بكر، ولو صح له أن يصلي خلف أحد لصلى خلف عمه العباس بن عبد
المطلب إذ كان أسن منه، أو خلف علي (عليه السلام) وهو ابن عمه ووصيه وخليفته من
بعده. إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إمام المسلمين أجمعين ولا يجوز أن
يأتم الإمام المعصوم بالمأموم غير المعصوم في الصلاة، هذا وقد ورد عنه (صلى الله
عليه وآله وسلم) أنه قال في إمام الجماعة: يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله. ولم تكن أنت
أقرؤهم لكتاب الله حتى تصح صلاته خلفك. روى البخاري عن عمر أنه قال: أقرؤنا
(هامش)
(1) سورة الصف آية 2. (2) المسند ج 1
ص3
و5 ط مصر عام 1313 المطبعة الميمنية. (3) تذكرة الحفاظ ج 1
ص3
ط بيروت. (4) تاريخ الخلفاء
ص82
ط بيروت عام 1389 نشر دار التراث العربي. (*)
ص217
أبي(1) ولم يبلغنا أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) صلى خلف أبي ولا مرة واحدة، إذن
لا نصدقك في قولك أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) صلى خلفي. فهذه كذبة منك اختلقتها،
لتبين أن لك منزلة عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الدين إلى حد أنه
(صلى الله عليه وآله وسلم) اقتدى بك في صلاتك. كذبة أخرى تتفرع عليها كذبة. روى
السيوطي عن عامر بن عبد الله بن الزبير أنه لما نزلت (ولو إنا كتبنا عليهم أن
اقتلوا أنفسكم) (2) أنك قلت يا رسول الله لو أمرتني أن أقتل نفسي لفعلت فقال: صدقت
(3). إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لو أمرك يا أبا بكر أن تقتل نفسك ما
فعلت، وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقل لك صدقت. إذ لو كانت لرسول
(صلى الله عليه وآله وسلم) عندك هذه المنزلة بحيث تؤثره بالحياة على نفسك لما فررت
عنه في (أحد) فيمن فر عنه، وتركته والأعداء محيطة به، ولما أمنت الخطر على نفسك عدت
إليه. فهذا ابن سعد وهو من أولياءك يروي عن ابنتك عائشة أنها قالت حدثني أبو بكر
قال: كنت في أول من فاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم أحد (4) والصادق في
الولاء للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يفر عنه ويتركه والأعداء محيطة به،
ولما يأمن الخطر على نفسه يفيئ إليه فيمن فاؤا إليه، (هذا ما لا ينكره مسلم) فلو لم
تكن فررت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما كان لقولك لابنتك عائشة: كنت
أول من فاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) معنى، فقولك هذا دليل على فرارك
عنه، إذن لم تكن صادقا في قولك للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): لو أمرتني أن
أقتل نفسي لفعلت، ولم يقل (صلى الله عليه وآله وسلم) لك صدقت. كذبة أخرى: روى أحمد
بن زيني دحلان الشافعي عنك أنك قلت لعائشة عند
(هامش)
(1) صحيح البخاري ج 3
ص99
ط مصر بحاشية السندي. (2) سورة النساء آية 66. (3) تاريخ الخلفاء
ص53
ط بيروت. (4) الطبقات ج 3 ق 1
ص155
ط ليدن عام 1321. (*)
ص218
احتضارك ودنو أجلك: يا بنية إنا ولينا أمر المسلمين فلم نأخذ لأنفسنا دينارا ولا
درهما...(1). وهذه أسماء بنت عميس وهي من أقرب الناس إليك تكذب قولك هذا فتقول:
توفي أبو بكر الصديق وعليه ستة آلاف كان أخذها من بيت المال، فلما حضرته الوفاة
قال: إن عمر لم يدعني حتى أصبت من بيت المال ستة آلاف درهم. فتأخذ من بيت المال ستة
آلاف درهما وتقول: فلم نأخذ لأنفسنا دينارا ولا درهما وأنت القائل: وإياكم والكذب
فإنه مع الفجور وهما في النار (2). تروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حرمة
الكذب عليه، وأنت تكذب عليه؟ روى السيوطي عنك أنك قلت: سمعت النبي (صلى الله عليه
وسلم) يقول: من كذب علي متعمدا، أو رد علي شيئا أمرت به فليتبوء بيتا في جهنم (3).
وروى أيضا عنك أنك رويت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: إن الميت ينضح عليه
الحميم ببكاء الحي (4). هذا افتراء منك على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقل ذلك، حاشاه (صلى الله عليه وآله وسلم) من أن
يقول قولا يخالف فيه القرآن الذي جاء به من عند الله تعالى يقول القرآن الكريم (ولا
تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى) (5) ويقول أيضا (لكل امرء منهم ما
اكتسب من الإثم) (6) فلو فرضنا أن الحي أخطأ ببكاءه على الميت واكتسب بذلك إثما،
فما هو ذنب الميت وهو رهين في قبره حتى ينضح عليه
(هامش)
(1) الفتوحات الإسلامية ج 2
ص355
ط مصر عام 1354 مطبعة مصطفى محمد. (2) مسند أحمد ج 1ص3. (3) تاريخ الخلفاء
ص84
ط بيروت عام 1389 نشر دار التراث العربي. (4) تاريخ الخلفاءص82. (5) سورة الأنعام
آية 164. (6) سورة النور آية 11. (*)
ص219
الحميم لبكاء الحي عليه؟ وما الذي اكتسبه وهو في قبره حتى يستحق هذا العذاب الأليم؟
هذا ظلم (وما ربك بظلام للعبيد)(1) تعالى الله عن أن يعذب إنسانا بذنب اكتسبه غيره،
ليس له فيه أمر ولا نهي، وهو القائل (ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا) (2) ولم يقل
نذق غيره، مضافا إلى ما تقدم في ذلك... فقد نسبت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) قولا يرده العقل والقرآن الكريم معا، مع روايتك أنت عنه أنه قال: من كذب علي
متعمدا... فليتبوء بيتا في جهنم. ألم تقرأ قوله تعالى (إن جهنم كانت مرصادا،
للطاغين مآبا، لابثين فيها أحقابا. لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا، إلا حميما
وغساقا، جزاء وفاقا) (3) فبئسما اخترت لنفسك يا أبا بكر. كذبة أخرى منك على الرسول
(صلى الله عليه وآله وسلم) رواها السيوطي أيضا عنك أنك قلت سمعت رسول الله يقول: ما
طلعت الشمس على رجل خير من عمر (4). إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقل
ذلك، كيف يقول وهو يعلم، بل وعقلاء العالم المؤمنون منهم يعلمون أن خير من طلعت
عليه الشمس هم الذين اختارهم الله من خلقه واصطفاهم من بريته، وعصمهم من الذنوب،
وطهرهم من الرجس وبعثهم إلى خلقه دعاة إلى دينه، مبشرين ومنذرين، فكيف يكون عمر
خيرا منهم وهو الذي كان يعترض على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أعماله
وأقواله، فقد اعترض عليه في صلح الحديبية، فقال له: ألست نبي الله... فلم نعطي
الدنية في ديننا؟ (5). واعترض على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في صلاته على
عبد الله بن أبي، قال ابن عمر في حديثه عنه: فقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
ليصلي عليه فقام عمر فأخذ بثوب النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال يا رسول الله تصلي
عليه وقد نهاك ربك... رواه الشيخان والترمذي (6).
(هامش)
(1) سورة فصلت آية 46. (2) سورة الفرقان آية 19. (3) سورة النبأ آية 21. (4) تاريخ
الخلفاء
ص42
ط بيروت، التاج الجامع للأصول من أحاديث الرسول ج 3
ص315
ط بيروت. (5) مجلة الأزهر ج 4
ص276
عام 1358 نقلا عن البخاري. (6) التاج الجامع للأصول من أحاديث الرسول ج 4
ص134
ط بيروت. (*)
ص220
واعترض على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في صلاته على امرأة رجمت من الزنا،
فقال له: تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت...(1). وغير هذه مما الحديث بذكره يطول،
يقول خالد محمد خالد: كان الوحيد بين الصحابة الذي يكثر من مناقشة رسول الله (صلى
الله عليه وسلم)، والذي يقترح أحيانا على الرسول (2) وإنه لأمر عجيب حقا أن يرفع
لواء المعارضة إلى المدى البعيد... (3) وقد ذكرنا طرفا منها في كتابنا (عمر لا سواه
أول من حاج النبي وخاصمه من صحابة رسول الله، وعمل بآراءه في دين الله) وفي كتابنا
(عمر ومواقفه مع كتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)) فراجعه ترى
الطامة الكبرى. أهكذا رجل لم يرع لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حرمته يقول
فيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو خير من طلعت عليه الشمس؟ فإذا كان عمر خير
من طلعت عليه الشمس في رأيك يا أبا بكر، فلماذا تقدمت عليه في الخلافة؟ ثم كيف قلت:
فمن أحق بهذا الأمر مني؟ (4) وأنت تراه خير من طلعت عليه الشمس؟ كذبة أخرى رواها
البخاري لك عن عائشة ابنتك وهي: إن فاطمة (عليها السلام) أرسلت إليك تسألك ميراثها
من النبي (صلى الله عليه وسلم) فيما أفاء الله على رسوله (صلى الله عليه وسلم) تطلب
صدقة النبي (صلى الله عليه وسلم) التي بالمدينة، وفدك وما بقي من خمس خيبر، فقلت
لها: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا نورث ما تركنا فهو صدقة (5).
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقل ذلك، كيف؟ والقرآن الكريم يقول:
(يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) (6) فريضة عامة لجميع المسلمين
وقوله (وورث سليمان داود) (7) نص صريح في إثبات الإرث بين الأنبياء وأبناءهم. فكيف
يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قولا يخالف فيه كتاب الله، مع قوله تعالى له
(هامش)
(1) صحيح مسلم ج 2
ص48
ط مصر عام 1327 المطبعة الميمنية. (2) بين يدي عمر
ص11
ط مصر عام 1380 مطبعة مخيمر. (3) بين يدي عمر. (4) طبقات ابن سعد ج 3 ق 1
ص129
ط ليدن عام 1321. (5) صحيح البخاري ج 2
ص301
ط مصر بحاشية السندي. (6) سورة النساء آية 11. (7) سورة النمل آية 16. (*)
ص221
(اتبع ما أوحي إليك من ربك)(1) هذا محال. قال السيوطي: حديث النبي لا يورث، حديث
ضعيف (2) الرضوي : بل هو كذب صريح لمخالفته كتاب الله الذي أثبت الإرث بين الآباء
والأبناء، الأنبياء منهم وغير الأنبياء. قال الأستاذ عباس محمود العقاد: لا مراء إن
الزهراء أجل من أن تطلب ما ليس لها بحق (3). الرضوي : وذلك لأنها من أهل البيت
النبوي الذين أثبت الله تعالى طهارتهم من الأرجاس الظاهرية والباطنية، الحسية
والمعنوية بقوله: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (4)
ولا مانع له تعالى من تحقق إرادته. فبما تقدم ذكره ثبت كذبه على رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) فيما نسبه إليه من قول (لا نورث) وقد اعترف السيوطي وهو من
أولياء أبي بكر وأتباعه أيضا بضعف ذلك الحديث المكذوب على الرسول (صلى الله عليه
وآله وسلم) كما مر. هذا وقد روى البخاري عن المغيرة قال سمعت النبي (صلى الله عليه
وسلم) يقول: إن كذبا علي ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من
النار (5). قال الأستاذ أحمد حسن الباقوري: أمر بمعنى الخبر، والمعنى في الحديث
الشريف: إن من كذب على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فإنه ينزل منزلا من النار
يوم القيامة (6). وقال ابن حجر العسقلاني: اتفق العلماء على تغليظ الكذب على رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) لأنه من الكبائر، حتى بالغ الشيخ أبو محمد الجويني فحكم
بكفر من وقع منه ذلك، وكلام القاضي أبو بكر بن العربي يميل إليه (7).
(هامش)
(1) سورة الأنعام آية 106. (2) الجامع الصغير ج 2ص679. (3) فاطمة الزهراء
والفاطميونص329. (4) سورة الأحزاب آية 33. (5) صحيح البخاري ج 1
ص224
ط مصر بحاشية السندي. (6) علي إمام الأئمة
ص137
ط مصر، دار مصر للطباعة. (7) أضواء على السنة المحمدية
ص67
الطبعة الثالثة دار المعارف مصر. (*)
ص222
وقال السمعاني: من كذب في خبر واحد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وجب إسقاط
ما تقدم من حديثه (4). وقال أحمد بن حنبل، وأبو بكر الحميدي، وأبو بكر الصيرفي: لا
تقبل رواية من كذب في أحاديث رسول الله وإن تاب عن الكذب بعد ذلك (4). ترفع صوتك
على صوت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتخالف بذلك صريح كتاب الله، وقولك
أيضا؟ روى البخاري عن أبي مليكة قال: كاد الخيران أن يهلكا، أبا بكر وعمر رضي الله
عنهما، رفعا أصواتهما عند النبي (صلى الله عليه وسلم) حين قدم عليه ركب بني تميم،
فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس بن أخي مجاشع، والآخر برجل آخر... فقال أبو بكر لعمر:
ما أردت إلا خلافي. قال: ما أردت خلافك(1) فارتفعت أصواتهما في ذلك (2). ألم تقرأ
يا أبا بكر تعالى (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي، ولا تجهروا له بالقول، كجهر
بعضكم لبعض، أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون، إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول
الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى، لهم مغفرة وأجر عظيم) (3). فكان عليك
أن تنتهي إلى نهي الله تعالى فترعى لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حرمته،
وتدع النزاع بينك وبين صاحبك عمر إلى حين تخرجان من عند الرسول (صلى الله عليه وآله
وسلم) وتفارقانه. جاء في كتاب (سيف الجبار المسلول على أعداء الأبرار) وهو لأحد
أولياءك يا أبا بكر في
ص14
منه ما نصه: قال علماء مكة في ردهم على رسالة محمد بن عبد الوهاب
(هامش)
(1) قول عمر هذا لأبي بكر تكذيب لقوله: ما أردت إلا خلافي، كما لا يخفى. الرضوي .
(2) صحيح البخاري ج 3
ص190
ط مصر بحاشية السندي. (3) سورة الحجرات آية 2 و3. (*)
ص223
النجدي: روي عن أبي بكر الصديق قال: لا ينبغي رفع الصوت على نبي حيا ولا ميتا. فإذا
كنت ترى ذلك يتنافى ومقام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فلماذا كنت ترفع صوتك
على صوته في حياته يا أبا بكر؟ ألم تكن ترى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
نبيا من أنبياء الله تعالى حين رفعت صوتك على صوته؟ روى النعمان بن بشير وهو من
زملاءك عنك، قال: استأذن أبو بكر (رض) على النبي (صلى الله عليه وسلم) فسمع صوت
عائشة (رض) عاليا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فلما دخل تناولها ليلطمها
وقال: ألا أراك ترفعين صوتك على رسول الله(1). الرضوي : ليت شعري لماذا تناولت ابنتك
يا أبا بكر لتلطمها، وقد اقتدت بك، إذ رأتك تنازع صاحبك عمر وهو ينازعك، حتى ارتفعت
أصواتكما فوق صوت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غير مراع في ذلك حرمته، ولا
مكترث بقوله تعالى (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي). فبماذا تبرر موقفك هذا من
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن ابنتك؟ ترى نفسك أهلا للخلافة، وأحق بها من
غيرك، وأنت تجهل كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ روى ابن سعد وهو
من أولياءك، مسندا عن الجريري قال: لما أبطأ الناس عن أبي بكر قال: من أحق بهذا
الأمر مني؟ ألست أول من صلى؟ ألست؟ ألست؟... (2) وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي
الحديد: أنا أحقكم بهذا الأمر، يعني الخلافة (3). عجيب حقا منك يا أبا بكر، كأنك
ترى الناس كلهم جهلاء لا يعلمون. وأغبياء لا يفقهون ما تقول. إنهم يعلمون أنك لست
أول من صلى، إن أول من صلى هو أول من
(هامش)
(1) حياة الصحابة ج 2ص633. (2) الطبقات ج 3 ق 1
ص129
ط ليدن عام 1321. (3) شرح النهج ج 3ص257. (*)
ص224
آمن بالله، وبرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو ابن عم رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم)، الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، آمن بالله وبرسوله (صلى
الله عليه وآله وسلم) وصلى معه، وأنت إذ ذاك تعبد الأصنام من دون الله. وكيف تكون
أحق بالخلافة من غيرك وقد سئلت عن قوله تعالى (وفاكهة وأبا) فلم تكن تعلم معنى الأب
في كتاب الله تعالى، مع قوله تعالى بعد ذلك بلا فصل (متاعا لكم ولأنعامكم). وسئلت
أيضا عن شيء وقد جهلته فقلت: أي سماء تظلني، أو أي أرض تقلني إن أنا قلت في كتاب
الله ما لا أعلم(1). وكيف تكون أحق بها من غيرك وأنت القائل: أيها الناس قد وليت
أمركم ولست بخيركم (2) فمن يعترف بأن في المسلمين من هو خير منه كيف يقول بجرأة من
أحق بهذا الأمر مني، فيرى نفسه أهلا للخلافة من كل أحد؟ تتولى الخلافة وأنت لا تثق
بنفسك؟ روى ابن سعد قال: لما بويع أبو بكر قام خطيبا، فلا والله ما خطب خطبته أحد
بعد، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإني وليت هذا الأمر وأنا له كاره،
والله لوددت أن بعضكم كفانيه، ألا وإنكم إن كلفتموني أن أعمل فيكم بمثل عمل رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) لم أقم به، كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عبدا
أكرمه الله بالوحي وعصمه به، ألا وإنما أنا بشر، ولست بخير من أحدكم فراعوني، فإذا
رأيتموني استقمت فاتبعوني، وإن رأيتموني زغت فقوموني، واعلموا أن لي شيطانا
يعتريني، فإذا رأيتموني غضبت فأجتنبوني (3).
(هامش)
(1) الإتقان في علوم القرآن ج 1
ص113
ط مصر. (2) الطبقات ج 3 ق 1ص129. (3) الطبقات ج 3 ق 1ص150. (*)
ص225
فإذا كنت يا أبا بكر تعترف بعجزك عن القيام بعب ء الخلافة لفقدك مؤهلاتها، حيث لا
بد لمن يخلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقوم مقامه من العلم والثبات
والاستقامة، والعصمة من الشيطان الرجيم ليأمن من الزيغ عن الحق والعدل، وأنت تعترف
بخلوك من كل هذه الصفات، وتعترف أيضا إنك لست بخير من غيرك من المسلمين، فما الذي
حملك على الإصرار على ملازمة المقام في الخلافة حتى الموت، لولا حرصك الشديد عليها،
ورغبتك فيها، فكيف تحلف بالله تعالى كاذبا إنك تود لو أن غيرك كفاك أمرها؟ إذا لم
تكن حريصا على الخلافة كما تزعم فلماذا أمرت بقتال من تخلف عن البيعة لك؟ روى أحمد
بن زيني دحلان عنك أنك قلت بعد أن نلت الخلافة: والله ما كنت حريصا على الإمارة
يوما ولا ليلة قط، ولا كنت راغبا فيها، ولا سألتها والله في سر ولا علانية(1). لقد
كذبت والله يا أبا بكر في قولك هذا، والدليل على ذلك أنك ذهبت إلى سقيفة بني ساعدة
- خوفا من أن يتم أمر الخلافة إلى غيرك - وذلك قبل أن يدفن الرسول (صلى الله عليه
وسلم) وبعد إن تم الأمر لك فيها أمرت عمر بقتال من تخلف عن البيعة لك، فلو كنت
صادقا في قولك لما أسرعت في الذهاب إلى السقيفة. ولما أمرت عمر بقتال من تخلف عن
البيعة لك كأينا من كان، ولتركت الناس أحرارا في قبول خلافتك ورفضها. هذا أحمد ابن
محمد بن عبد ربه وهو من أولياءك وأتباعك يقول: الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر علي،
والعباس، والزبير، وسعد بن عبادة، فأما علي والعباس فقعدوا في بيت
(هامش)
(1) الفتوحات الإسلامية ج 2ص359. (*)
ص226
فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة، وقال له: إن أبوا
فقاتلهم...(1) فقولك لعمر: إن أبوا فقاتلهم دليل واضح على حرصك على الإمارة، ورغبتك
فيها، ودليل آخر على ذلك أن ابن سعد روى عن الجريري قال: لما أبطأ الناس عن أبي بكر
قال: من أحق بهذا الأمر مني؟ ألست أول من صلى؟ ألست؟ ألست؟... (2) فمن لم يكن حريصا
عليها ولا راغبا فيها فما هي حاجته إلى أن يقول ذلك؟ وكيف تكون أحق بالخلافة من
غيرك وأنت القائل واعلموا: إن لي شيطانا يعتريني، ألا وإنكم أن كلفتموني إن أعمل
فيكم بمثل عمل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم أقم به (3) أترى الناس كلهم حمقاء
يا أبا بكر، لا يفقهون ما تقول، فما هذا التناقض منك في القول والفعل يا عتيق؟
لماذا هذا الكذب يا أبا بكر؟ ألم تقرأ قوله تعالى (فنجعل لعنة الله على الكاذبين)
(4) ألم تقل أنت: إياكم والكذب فإنه مع الفجور، وهما في النار، عليكم بالصدق فإنه
مع البر وهما في الجنة (5) فلماذا تأمر بالصدق ولا تصدق أنت، وتنهى عن الكذب وأنت
تكذب؟ ألم تقرأ قوله تعالى (لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتا عند الله أن تقولوا
ما لا تفعلون) (6). تتقدم في الخلافة على علي (عليه السلام) وأنت تعتقد أنه أقرب
الناس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحفظهم عنده منزلة، وأنه أفضل منك
روى الشيخ مؤمن الشبلنجي عنك أنك قلت لعلي (عليه السلام): ما أنا بالذي يتقدم على
رجل قال في حقه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أعطيت خير النساء لخير الرجال
(7).
(هامش)
(1) العقد الفريد ج 4
ص259
ط مصر عام 1381. (2) الطبقات الكبير ج 3 ق 1ص129. (3) الطبقات ج 3 ق 1ص151. (4)
سورة آل عمران آية 61. (5) مسند أحمد ج 1
ص5
ط مصر. (6) سورة الصف آية 2. (7) نور الأبصار
ص5
ط مصر عام 1312 المطبعة الميمنية. (*)
ص227
وروى عنك أيضا أنك قلت لعلي (عليه السلام): أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول
الله (صلى الله عليه وسلم): من أراد أن ينظر إلى آدم (وعلمه)(1) وإلى يوسف وحسنه،
وإلى موسى وصلاته، وإلى عيسى وزهده، وإلى محمد (صلى الله عليه وسلم) وخلقه، فلينظر
إلى علي (2). وروى أيضا عنك أنك قلت لعلي (عليه السلام): أنا لا أتقدم على رجل قال
الله في حقه وحق أهل بيته (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) (3). وروى
أيضا عنك أنك قلت له: أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله (صلى الله عليه
وسلم): إن جبريل (عليه السلام) أتاني فقال لي يا محمد إن الله عز وجل يقرؤك السلام
ويقول لك: أنا أحبك وأحب عليا، فسجدت شكرا، وأحب فاطمة فسجدت شكرا، وأحب حسنا
وحسينا فسجدت شكرا (2). وروى عنك أيضا أنك قلت له: أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه
رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن عليا يجيئ يوم القيامة ومعه أولاده وزوجته على
مراكب من البدن فيقول أهل القيامة: أي نبي هذا؟ فينادي مناد: هذا حبيب الله، هذا
علي بن أبي طالب (2). وروى عنك أيضا أنك قلت له: أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه
رسول الله (صلى الله عليه وسلم): بين قصري وقصر إبراهيم الخليل قصر علي بن أبي طالب
(2). وروى أيضا عنك أنك قلت له: أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) يوم حنين وخيبر، وقد أهدي إليه تمر ولبن: هذه هدية من الطالب
الغالب إلى علي بن أبي طالب (2) وروى المحب الطبري عن الشعبي أنك نظرت إلى علي بن
أبي طالب (عليه السلام) فقلت من سره أن ينظر إلى أقرب الناس قرابة من نبيهم،
وأعظمهم عنه
(هامش)
(1) الظاهر سقوط هذه الكلمة من الحديث سهوا. (2) نور الأبصار
ص6
ط مصر عام 1312 المطبعة المينية. (3) سورة الإنسان آية 8. (*)
ص228
غناء، وأحفظهم عنده منزلة، فلينظر إلى علي بن أبي طالب(1). فإذا كنت يا أبا بكر
سمعت هذه الأحاديث (التي لا نرتاب في إخلاص راويها لك عنك) كلها من رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) في حق ابن عمه الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه
السلام) دون واسطة أحد، وهو ينوه فيها بعظيم شأنه عند الله تعالى، وكنت مؤمنا بصدقه
(صلى الله عليه وآله وسلم) وإنه (ما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى) فكيف أضربت
عنها صفحا، ولم تعر لها اهتماما ولا ترى لها شأنا، وتوليت أمر الخلافة التي هي حقه
بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
بعد لم يدفن) ظلما منك له وتطاولا عليه، وأنت القائل: والله ما كنت حريصا على
الإمارة يوما ولا ليلة، ولا كنت راغبا فيها، ولا سألتها والله في سر ولا علانية
(2). إذن ما الذي دعاك إلى غصبك حق الإمام (عليه السلام) من الخلافة وإقصاءك إياه
عنها، إن كنت صادقا فيما تقول؟ وبعد أن تمت لك البيعة في سقيفة بني ساعدة (لا في
مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)) بعد قيل وقال، ونزاع وجدال، ونلت غايتك
المنشودة، ورأيت تخلف علي (عليه السلام) عن البيعة لك، وهو الذي رويت في فضله عن
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما رويت، وتخلف من معه عنها أيضا. بعثت خليلك
وخليفتك عمر بن الخطاب إلى بيت علي وفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
لتقهره ومن حضر عنده في بيته على أخذ البيعة منهم لك وقلت له: إن أبوا فقاتلهم. هذا
هو جزاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منك يا أبا بكر أن تعامل أهل بيت رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعليا سيد أهل بيته وخير الرجال عنده هذه المعاملة
الشرسة، وتسير معهم بهذه السيرة الشنيعة، وأنت تعلم منزلته ومنزلة فاطمة (عليهما
السلام) عند الله تعالى وعند
(هامش)
(1) الرياض النضرة ج 1
ص130
طبع بيروت عام 1405، منتخب كنز العمال
ص44
ط مصر على هامش مسند أحمد ج 5، واللفظ للأول. (2) الفتوحات الإسلامية ج 2ص359. (*)
ص229
رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن الله تعالى فرض مودتهم على المسلمين في كتابه
حيث قال (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)(1). وإلى القارئ الحر
الحديث في ذلك وهو حديث مهول يحكي لنا عن أول داهية وأعظم فاجعة ورزية حدثت في
الإسلام بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مباشرة، يرويها أحمد بن عبد
ربه الأندلسي: وهو غير متهم فيما ينقله عنك، ولا نرتاب في ولائه لك، يقول ما هذا
لفظه: الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر علي، والعباس، والزبير، وسعد بن عبادة، فأما
علي والعباس فقعدا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من
بيت فاطمة وقال له: إن أبوا فقاتلهم. فأقبس بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار،
فلقيته فاطمة فقالت: يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم، أو تدخلوا فيما
دخلت فيه الأمة. فخرج علي حتى دخل على أبي بكر فبايعه (2). أهكذا تصنع يا أبا بكر
مع عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحد الثقلين اللذين أمر رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) بالتمسك بهما، وأكد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
في الوصاية بهما فقال: ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب،
وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله
واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل
بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكر الله في أهل بيتي... (3) وأنت تعترف بأن عليا
(عليه السلام) سيد أهل البيت وأقرب الناس إلى رسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
وأحفظهم عنده منزلة، وأنه أفضل منك. فبأي وجه تلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة، وقد استهنت بعترته، فلم ترع لهم حرمتهم،
ولا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قرابتهم. فقد روعت فاطمة
(هامش)
(1) سورة الشورى آية 23. (2) العقد الفريد. ج 4
ص259
ط مصر عام 1381. (3) صحيح مسلم ج 2
ص325
ط مصر عام 1327 المطبعة الميمنية. (*)
ص230
ابنته، وهتكت حريم أهل بيته، بيت القدس والطهارة، لتخلفهم عن البيعة لك. فبئسما
قدمت لنفسك لغد، والله لك بالمرصاد. فما أسوء حالك يوم تعض على يديك وتقول: (يا
ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جائني)(1) وقد شكى
الإمام (عليه السلام) عدوانك عليه وظلمك له في غصبك حقه من الخلافة فقال: أما والله
لقد تقمصها ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا... (2) قال
ابن حجر الهيتمي وهو من أولياءك المخلصين لك في الولاء: أخرج الدارقطني أن الحسن
جاء لأبي بكر (رض) وهو على منبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: انزل عن مجلس
أبي. فقلت: صدقت والله إنه لمجلس أبيك (3) فإذا كنت تحلف بالله تعالى إن المجلس
الذي أنت فيه ليس هو مجلسك. إذن ما هو المبرر لك في جلوسك فيه؟ ألست القائل: أيها
الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم (4) وقلت: قلدت أمرا عظيما ما لي به طاقة ولا
يد (5) أقيلوني فلست بخيركم (6) فمن يعترف بعجزه وعدم كفائته، ووجود من هو خير منه
كيف يجلس مجلسا ليس هو له بأهل ويمنع صاحبه منه؟
(هامش)
(1) سورة الفرقان آية 29. (2) راجع خطبته الشقشقية في شرح نهج البلاغة لابن أبي
الحديد ج 1
ص50
ط مصر عام 1329. (3) الصواعق المحرقة
ص175
ط مصر عام 1375. (4) حياة الصحابة ج 2ص10، التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ج
1ص253. (5) المستدرك على الصحيحين ج 3ص66، حياة الصحابة ج 2ص18، الإمامة والسياسة ج
1
ص16
ط مصر عام 1388، تاريخ الخلفاء
ص59
ط الهند و65 ط بيروت، شرح نهج البلاغة ج 2
ص19
مصر عام 1329. (6) شرح نهج البلاغة ج 1ص56. (*)
ص231
تتطاول على ولاية وأنت تراها لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذريته؟ روى
أحمد بن زيني دحلان الشافعي عنك أنك قلت: يا أيها الناس إن الفضل والشرف والمنزلة
والولاية لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وذريته، فلا تذهبن بكم الأباطيل(1) يعني
لا يوسوس لأحدكم الشيطان فتذهب به الأباطيل فيرى نفسه أهلا للولاية على المسلمين،
فيتقدم عليهم وفيهم ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعترته الأقربون. هذا
هو مفهوم كلامك يا أبا بكر إذن كيف ذهبت بك الأباطيل، فتصديت للولاية على المسلمين،
وأنت تعلم أن فيهم عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذريته، وأهل بيته
الأقربون وخاصته، معدن الفضائل، الأئمة الأماثل، اعلم الناس بسنته وشريعته، وفي
مقدمتهم ابن عمه ووصيه، وخليفته من بعده، الإمام الهمام، أمير المؤمنين (عليه
السلام) الذي رويت أنت عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من فضائله وخصائصه ما
رويت، أترى نفسك أشفق على أمة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) منه وهو ابن عمه
وصهره، وباب مدينة علمه ومن فداه بنفسه ليلة هجرته، بطل الإسلام الأوحد، وناصره
الفذ، أشد الناس غيرة على الإسلام، وأذبهم عنه وعن المسلمين، فهو ابن الإسلام
ووليده، وعضده وساعده، وحاميه وحارسه. فإذا كنت خشيت على أمة محمد الفرقة كيف لم
تخش على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه من الأعداء يوم فررت عنه في أحد
وخذلته ولما آمنت الخطر على نفسك عدت إليه. إذا لم تكن مبتدعا فلماذا نصصت على عمر
بالخلافة من بعدك؟ روى أحمد بن زيني دحلان عنك أنك قلت: أنا متبع ولست بمتدع (2)
فإن كنت متبعا
(هامش)
(1) الفتوحات الإسلامية ج 2
ص400
ط مصر عام 1354. (2) الفتوحات الإسلامية ج 2
ص359
و360. (*)
ص232
ولم تكن مبتدعا، فلماذا خالفت سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في
الاستخلاف فأوصيت إلى عمر من بعدك بالخلافة، وأنت وأولياؤك تزعمون أن الرسول (صلى
الله عليه وآله وسلم) مضى ولم يستخلف أحدا يقوم مقامه، وترك المسلمين يختارون
للخلافة من يشاؤن؟ وإذا كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) نص على خليفة يقوم
مقامه من بعده، (وقد نص عليه) فلماذا لم تتبعه، فأقمت نفسك مقامه؟ توصي بأهل البيت
(عليهم السلام) ثم تسيئي إليهم؟ روى البخاري عنك أنك قلت: ارقبوا محمدا في أهل
بيته(1) وقلت: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحب إلي أن
أصل من قرابتي (2) هذا قولك فيهم، وأما عملك معهم، فهذا أحمد بن محمد بن عبد ربه
الأندلسي وهو من أولياءك وأتباعك يقول في كتابه (العقد الفريد): الذين تخلفوا عن
بيعة أبي بكر علي، والعباس، والزبير، وسعد بن عبادة. فأما علي والعباس فقعدا في بيت
فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة وقال له: إن أبوا
فقاتلهم. فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت: يا ابن
الخطاب أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة... (3) أهذا
دليل على صدقك في ولاءك لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام)
يا أبا بكر؟ إذ تأمر
(هامش)
(1) صحيح البخاري ج 2ص304، الإتحاف بحب الأشرافص23، تاريخ الخلفاء
ص92
ط بيروت، نظم درر السمطينص240. وفيه: احفظوا محمدا في أهل بيته. (2) صحيح البخاري ج
2
ص301
ط مصر بحاشية السندي، التاج الجامع للأصول من أحاديث الرسول ج 3ص355، الإتحاف بحب
الأشراف
ص23
ط مصر عام 1316 المطبعة الأدبية. (3) العقد الفريد ج 4
ص259
ط مصر عام 1381. (*)
ص233
صاحبك وخليلك عمر المعروف بالفضاضة والخشونة والشدة بين الناس، بقتال أهل بيت رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم في بيتهم؟ إن امتنعوا من الخروج منه للبيعة لك؟
أهكذا كنت تفعل مع أحد من قرابتك إن امتنع من البيعة لك؟ لا والله، لا والله. فبأي
وجه تلقى غدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقدر روعت ابنته فاطمة وآذيتها،
وأسخطتها وآلمتها، ولم تحفظ من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قرابتها،
وبأبيها أنقذك الله من الشرك وعبادة الأوثان: أما بلغك قول أبيها (صلى الله عليه
وآله وسلم): رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد
أحبني، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني(1) كيف تبعث عمر
الفظ، الغليظ القلب (2) إلى أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتأمره
بقتالهم إن امتنعوا من الخروج منه للبيعة لك حقا لقد أسخطت الله ورسوله، وأهل بيت
رسوله، وذريته، وشيعته أجمعين، بسيرتك هذه السيئة مع أهل البيت الذين أذهب الله
عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وفرض موتهم على المسلمين في صريح كتابه الكريم فقال (قل
لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (3) فسوف تلقى ما قدمت يداك يوم القيامة
يوم الحسرة
(هامش)
(1) الإمامة والسياسة ج 1
ص14
ط مصر عام 1388. (2) يقول الأستاذ عبد الكريم الخطيب المصري صاحب كتاب (علي بن أبي
طالب بقية النبوة وخاتم الخلافة) في كتابه (عمر بن الخطاب)
ص55
ط مصر: وأوضح ما في عمر صفتان، أولاهما الصرامة والشدة التي تبلغ العنف في معالجة
الأمور... ولم يتخل عمر أبدا عن هذا الأسلوب العمري... وطبيعي أنه يبدو للناس فظا
غليظا، وأن تنطوي كثير من القلوب على الخوف منه والرهبة له، فلا يلقاه الناس الأعلى
هذا الإحساس الممتزج بالرهبة والخوف، والمشوب بالقطيعة والجفوة وطبيعي أن لا يواد
الناس عمر إلا على ترقب وحذر.... (3) سورة الشورى آية 23. (*)
ص234
والندامة (وما ربك بظلام للعبيد). ذكر ابن قتيبة وهو من أولياءك أيضا وأتباعك: إن
فاطمة قالت لك: والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها(1). وقالت وهي تشكوك وعمر
إلى أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مما أنزلتماه بها من ظلم وعدوان،
وأريتماها بعده من ذل وهوان: يا أبت يا رسول الله ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب،
وابن أبي قحافة (2) وقالت لهما: فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني، وما
أرضيتماني ولإن لقيت النبي لأشكونكما إليه (3). قال ابن أبي الحديد المعتزلي وهو من
أولياءك يا أبا بكر: والصحيح عندي أنها ماتت وهي واجدة (4) على أبي بكر وعمر، وأنها
أوصت أن لا يصليا عليها، وذلك عند أصحابنا من الأمور المغفورة لهما، وكان الأولى
بهما إكرامها، واحترام منزلها (5) الرضوي : كيف يكون إيذاء من إيذاؤها إيذاء الله
ورسوله من الأمور المغفورة لهما يا ابن أبي الحديد، والله تعالى يقول (إن الذين
يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة، وأعدلهم عذابا مهينا. والذين
يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) (6)
ولازم تصديقنا كلامك هذا تكذيب القرآن الذي أوعد من آذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما
اكتسبوا بالعذاب المهين في القيامة. حقا ما قال سبحانه وكل كلامه حق (فإنها لا تعمى
الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) (7)
(هامش)
(1) الإمامة والسياسة ج 1
ص14
ط مصر عام 1388. (2) الإمامة والسياسة ج 1ص13. (3) الإمامة والسياسة ج 1
ص14
ط مصر عام 1388. (4): غاضبة. (5) شرح نهج البلاغة ج 2
ص20
ط مصر عالم 1329. (6) سورة الأحزاب آية 57. (7) سورة الحج آية 46. (*)
ص235
تطالب فاطمة (عليه السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ببينة على
دعواها، ولا تطالب غيرها ببينة على دعواه. وترد شهادة الإمام علي بن أبي طالب (عليه
السلام) وتقبل شهادة عمر بن الخطاب؟ أخرج الشيخان عن جابر رضي الله عنه قال: قال
النبي عليه الصلاة والسلام: لوجاء مال البحرين أعطيتك هكذا، وهكذا. فلما جاء مال
البحرين بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام قال أبو بكر: من كان له عند النبي عليه
الصلاة والسلام دين، أو عدة فليأتنا. فجئت وأخبرته، فقال: خذ، فأخذت، فوجدتها
خمسمأة، فأعطاني ألفا وخمسمأة.(1) وروى ابن عساكر عن وهب بن عبد الله (أبي جحيفة)
أنه قال: أمر لنا رسول الله (ص) بثلاثة عشر قلوصا (2) فقبض رسول الله (ص) قبل أن
نقبضها، فأبوا أن يعطونا شيئا، فأتينا أبا بكر، فأعطاناها (3) وذكر المحب الطبري:
إن فاطمة (عليها السلام) ذكرت لك أن النبي (ص) أعطاها فدكا. فقلت لها: إئتني على ما
تقولين ببينة... وذكر الأستاذ العقاد عن ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: إن أبا
بكر قال: يا ابنة رسول الله، والله ما ورث أبوك دينارا ولا درهما، وأنه قال: إن
الأنبياء لا يورثون (4) فقالت: إن فدك وهبها لي رسول الله (ص) قال: فمن يشهد لك
بذلك؟ فجاء علي بن أبي طالب فشهد، وجاءت أم أيمن فشهدت أيضا. فجاء عمر بن الخطاب
وعبد الرحمن بن عوف فشهدا أن رسول الله (ص) كان
(هامش)
(1) تاريخ الخلفاء
ص74
ط بيروت، الفتوحات الإسلامية ج 2ص401. (2): القلوص: الناقة الشابة. (3) تاريخ ابن
عساكر
ص29
ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام). (4) تقدم إن السيوطي ضعف هذا الحديث المخالف
للقرآن. (*)
ص236
يقسمها(1) وذكر ابن حجر الهيتمي: إن فاطمة أتت أبا بكر فقالت له: إن رسول الله (
صلى الله عليه وسلم) أعطاني فدك. فقال: هل لك بينة؟ فشهد لها علي. وأم أيمن، فقال
لها: فبرجل وامرأة تستحقيها؟ (2) فقبلت ادعاء جابر وصدقته في قوله فأعطيته ما أراد،
وصدقت أيضا أبا جحيفة ادعاءه وأعطيته ما أراد، ولم تطالب واحدا منها أن يأتيك ببينة
تشهد له على صحة ادعاءه، حيث لم تتهم أحدهما بالكذب، ولما أتتك الصديقة الطاهرة
فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وابنة سيد الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه
وآله وسلم) وطالبتك بحقها (فدك التي ملكتها في حياة أبيها) طلبت منها بينة تشهد
عندك بصحة قولها، حيث اتهمتها بالكذب، وأنت تعلم جيدا أنها ابنة رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم)، وأنها من أهل البيت الذين نزلت فيهم آية التطهير (إنما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (3) فأتتك عليها السلام بالإمام
الصديق (بشهادة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)) أمير المؤمنين علي بن طالب (عليه
السلام) ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبأم أيمن وهي من أهل الجنة،
(بشهادة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)) أيضا فرفضت شهادتهما وقلت: لها فبرجل
وامرأة تستحقيها؟ استخفافا منك بالإمام (عليه السلام) وبأم أيمن وبالصديقة الطاهرة
فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين. وأنت تعلم أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
قال لعلي (عليه السلام): أنت الصديق الأكبر، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق
والباطل وأنت يعسوب الدين (4) وإنه من أهل البيت الذين نزلت فيهم
(هامش)
(1) فاطمة الزهراء والفاطميونص327. (2) الصواعق المحرقة
ص51
ط مصر عام 1375. (3) سورة الأحزاب آية 33. (4) ذخائر العقبى
ص56
ط مصر عام 1356. (*)
ص237
آية التطهير. هذا وقد روى البخاري في صحيحه عنك أنك قلت: والذي نفسي بيده لقرابة
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحب إلي من أن أصل قرابتي(1) وقلت أيضا: والله لأن
أصلكم أحب إلي من أن أصل قرابتي، لقرابتكم من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)،
ولعظم الذي جعله الله له على كل مسلم (2) وأخرج أبو الشيخ عنك أنك قلت: يا أيها
الناس إن الفضل والشرف والمنزلة والولاية لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وذريته
فلا تذهبن بكم الأباطيل (3) فإذا كنت صادقا في اقوالك هذه كان عليك أن تحترم أهل
الشرف والمنزلة والولاية. فلا ترد شهادة الإمام، ولا تطلب من فاطمة (عليها السلام)
البينة على ادعاءها، فترجع عنك وهي ساخطة عليك، قائلة لك: والله لأدعون الله عليك
في كل صلاة أصليها (4) وأنت تعلم أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: رضا
فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن أرضى فاطمة
فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني(1) هذا وقد شاء الله أن تظهر الحقائق كما هي
(ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة) (5) تهتك حرمة بيت أذن الله أن يرفع
وأنت عالم بقداسته؟ ذكر عمر بن محمد السهروردي البكري الشافعي إنه لما نزلت هذه
الآية (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، يسبح له فيها بالغدو والآصال
رجال لا تلهيهم
(هامش)
(1) الصواعق المحرقة
ص174
ط مصر عام 1375، الفتوحات الإسلامية ج 2
ص400
ط مصر عام 1354 مطبعة مصطفى محمد. (2) الصواعق المحرقةص174. (3) الفتوحات الإسلامية
ج 2ص400. (4) الإمامة والسياسة ج 1
ص14
ط مصر عام 1388. (5) سورة الأنفال آية 42. (*)
ص238
تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه
القلوب والأبصار)(1) أنك قمت وقلت: يا رسول الله هذه البيوت منها، بيت علي وفاطمة؟
قال (ص): نعم أفضلها (2) وبعدان عرفت أن بيت علي وفاطمة (عليهما السلام) أفضل
البيوت التي (أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه) وتحققت ذلك، وتوفي رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) أرسلت إلى ذلك البيت الأقدس عمر بن الخطاب خليفتك من بعدك،
وكان في ذلك البيت الطاهر علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم)، وفاطمة الزهراء (عليها السلام) ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،
ليخرجهم منه، ويأخذ منهم البيعة لك، وقلت له: إن أبوا فقاتلهم. فأقبل عمر بقبس من
نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
فقالت له: يا ابن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخلت فيه
الأمة... روى هذا الخبر المهول، والجريمة النكراء، أحد أولياءك وأولياء خليفتك عمر،
ابن عبد ربه الأندلسي في (العقد الفريد) (3) ورواه أيضا عبد الله بن مسلم بن قتيبة
الدينوري في كتابه (الإمامة والسياسة) (4) ولم يذكر هذا بأنك أمرته بقتالهم، فذكر
أنه حلف أن يحرق عليهم بيتهم إن لم يخرجوا منه للبيعة لك، حيث فهم منك ذلك. وإلى
القارئ النبيل نص الحديث في ذلك، قال ابن قتيبة تحت عنوان (كيف كانت بيعة علي كرم
الله وجهه): وإن أبا بكر (رض) تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه
فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب وقال:
والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها. فقيل له: يا
(هامش)
(1) سورة النور آية 36. (2) عوارف المعارف ج 2
ص12
ط مصر على هامش إحياء العلوم للغزالي. (3) ج 4
ص259
ط مصر عام 1381. (4)
ص12
ط مصر عام 1388. (*)
ص239
أبا حفص إن فيها فاطمة، فقال: وإن. يعني فما وجود فاطمة في البيت بما نعي من أن
أحرق البيت على من فيه. إن امتنع من فيه من الخروج للبيعة. ولا يخفى ما في قوله:
وإن، من التحدي الصريح لقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي رواه البخاري
عنه: فاطمة سيدة نساء أهل الجنة(1) ولقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا فاطمة إن
الله يغضب لغضبك، ويرضى لرضاك (2) ولقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): رضا فاطمة من
رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن أرضى فاطمة فقد
أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني (3) ولقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): فاطمة
بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني (4) قال السيوطي: حديث صحيح (5) قال النبهاني معلقا
على هذا الحديث: أي جزء مني، كقطعة لحم مني (فمن أغضبها) بفعل ما لا يرضيها فقد
(أغضبني) وأضاف: استدل به السهيلي على أن من سبها كفر، لأنه يغضبه (5) وإنها أفضل
من الشيخين.... قال ابن حجر: وفيه تحريم أذى من يتأذى المصطفى (صلى الله عليه وسلم)
بتأذيه، فكل من وقع منه في حق فاطمة شيئ فتأذت به فالنبي (صلى الله عليه وسلم)
يتأذى بشهادة هذا الخبر، ولا شيئ أعظم من إدخال الأذى عليها... (6) وإلى استهانة
عمر ببضعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في قضية تهديده بإحراق بيت علي وفاطمة
(عليهما السلام) أشار الشاعر المصري حافظ إبراهيم فقال: وقولة لعلي قالها عمر *
أكرم بسامعها أعظم بملقيها
(هامش)
(1) صحيح البخاري ج 2
ص301
ط مصر بحاشية السندي. (2) الصواعق المحرقة
ص173
ط مصر عام 1375. (3) الإمامة والسياسة ج 1ص14. (4) الجامع الصغير ج 2ص208. (5) إذا
كان مناط الحكم بالكفر على من سب فاطمة هو غضب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) يغضب لمن أغضبها ولو بدون السب كما لا يخفى، ولا ريب
أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) يغضب أيضا لمن آذى واحدا من أهل بيته أو واحدا من
ذريته. الرضوي . (6) فيض القدير ج 4ص421. (*)
ص240
حرقت دارك لا أبقي عليك بها * إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها ما كان غير أبي حفص
يفوه بها * إمام فارس عدنان وحاميها(1) قال ابن حجر: صح أنه (صلى الله عليه وسلم)
قال: والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار (2). وصح أنه
(صلى الله عليه وسلم) قال: يا بني عبد المطلب إني سألت الله لكم ثلاثا، أن يثبت
قائمكم (إلى أن قال) فلو أن رجلا صفن (3) بين الركن والمقام فصلى، ثم لقي الله وهو
يبغض آل محمد (صلى الله عليه وسلم) دخل النار. وورد: من سب أهل بيتي فإنما يرتد عن
الله والإسلام، ومن آذاني في عترتي فعليه لعنة الله، ومن آذاني في عترتي فقد آذى
الله. إن الله حرم الجنة على من ظلم أهل بيتي، أو قاتلهم، أو أعان عليهم، أو
سبهم... (4) الرضوي : وما مر عليك أيها القارئ الحر النبيل مما رواه من إرسال أبي
بكر عمر بن الخطاب خليفته إلى أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمره
بقتالهم إن امتنعوا من البيعة له، وما ألمه عمر بهم من ذل وعدوان كل ذلك يدل على
محبته لهم، أم على بغضه؟ وهل أن أفعاله تلك أساءت رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) أم سرته؟ فالحكم بذلك إليك أيها القارئ النبيل. تزعم أن النبي (صلى الله عليه
وآله وسلم) لم ينص على أحد بالخلافة من بعده فتخالفه وتنص على عمر بالخلافة من
بعدك؟ قال أبو حامد الغزالي الشافعي: كره أبو بكر وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم
تصحيف القرآن في مصحف، وقالوا: كيف نفعل شيئا ما فعله رسول الله (صلى الله عليه
وسلم). ثم ذكر
(هامش)
(1) ديوان حافظ إبراهيم ج 1
ص75
طبع مصر المطبعة الأميرية بالقاهرة عام 1381. (2) الصواعق المحرقة
ص172
ط مصر عام 1375 دار الطباعة المحمدية. (3) الصفن: صف القدمين. (4) الصواعق
المحرقةص238. (*)
ص241
أن عمر أشار عليهم بذلك، وتبعه جماعة من الصحابة، فجمع أبو بكر القرآن في مصحف(1)
وذكر محمد محمد عبد اللطيف ابن الخطيب (2) أن عمر بن الخطاب جاء إليك (بعد واقعة
اليمامة) فقال لك: إن القتل استحر (3) في قراء القرآن يوم اليمامة، وإني أخشى أن
يستحر القتل بالقراء في المواطن كلها، فيذهب قرآن كثير، وإني أرى أن تجمع القرآن.
فأجبته قائلا: كيف نصنع شيئا لم يأمرنا فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأمر،
ولم يعهد إلينا فيه عهدا؟ فقال لك عمر: فهو والله خير (يعني اتباعك رأيي هذا خير من
أن تقف عند أمر لم يأمر فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر، ولم يعهد
فيه عهدا) ولم يزل بك حتى صرفك عن رأيك إلى رأيه. فإن كنت يا أبا بكر تخشى الله
تعالى، وحق لك أن تخشاه، فإنه شديد العقاب، وعذابه هو العذاب الأليم، فقلت: كيف
نصنع شيئا لم يأمر نافيه رسول الله بأمر، ولم يعهد إلينا فيه عهدا. فادعاؤك
الخلافة، وقيامك مقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان بعهد عهده إليك رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ أم بعهد عهده إلى المسلمين ليختارونك للخلافة من
بعده فأجبتهم إلى ذلك يا عتيق؟ روى ابن أبي الحديد المعتزلي (حشره الله معك يوم
القيامة أينما كنت) أن رجلا لما بلغه توليك الخلافة قال لك: ألست أمرتني أن لا
أتأمر على اثنين؟ قلت: بلى. قال: فما بالك؟ فقلت في جوابه: لم أجد لها أحدا غيري
أحق مني (4) هذا، وقد روى ابن حجر الهيتمي نقلا عن الدار قطني عن الشعبي أنه قال
وهو
(هامش)
(1) إحياء علوم الدين ج 1
ص69
ط مصر عام 1316. (2) في الفرقان
ص34
ط مصر عام 1367 مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة (3): اشتد. (4) شرح نهج البلاغة ج
2
ص17
ط مصر عام 1329. (*)
ص242
يتحدث عنك: بينما أبو بكر جالس إذ طلع علي، فلما رآه قال: من سره أن ينظر إلى أعظم
الناس منزلة (من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) وأقربهم قرابة، وأفضلهم حالة،
وأعظمهم حقا عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلينظر إلى هذا الطالع(1) فإذا كنت
تعترف للإمام (عليه السلام) بهذه المنزلة عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
فأية صفة من الفضائل الإنسانية كانت فيك ولم تكن فيه حتى صرت أحق بالخلافة منه يا
أبا بكر؟ هب أن حب الجاه والمقام أنساك ذاك، واتباع الشيطان الذي كان يعتريك أحيانا
حسب اعترافك صدك عن الحق وأغراك، فلماذا نصصت على عمر بالخلافة من بعدك؟ وأنت
وأتباعك وأولياؤك تزعمون أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مضى ولم ينص على أحد
من بعده يقوم مقامه، فكيف خالفت سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حسب زعمك
وأنت تبدي للناس خوفك من الله في جمع القرآن في مصحف، لأن رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) لم يأمر بذلك، ولم يعهد فيه عهدا، وأنه مضى ولم يعين أحدا للخلافة من
بعده وهنا تصر على استخلاف عمر من بعدك مع كراهية المسلمين عمر؟ يقول ابن قتيبة:
دخل عليه (أي عليك يا أبا بكر) المهاجرون والأنصار حين بلغهم أنه استخلف عمر،
فقالوا: نراك استخلفت علينا عمر وقد عرفته وعلمت بوائقه (2) فينا وأنت بين أظهرنا
فكيف إذا وليت عنا، وأنت لاق الله عز وجل فسائلك، فما أنت قائل؟... (3) حقا يا أبا
بكر فما أنت قائل؟ أتراك معذورا عند الله تعالى وعند رسوله (صلى الله عليه وآله
وسلم) إذا أتيتهما غدا وأنت مستبد برأيك يا أبا بكر؟
(هامش)
(1) الصواعق المحرقة
ص175
ط مصر عام 1375. (2) جمع بائقة وهي الداهية والشر الشديد. (3) الإمامة والسياسة ج
1ص19. (*)
ص243
تروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه لعن المحابي، وأنت تحابي(1) فتخالف عن
علم وعمد سنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ روى ابن قتيبة الدينوري وهو من
أولياءك عنك وهو يذكر محاباتك عمر بن الخطاب في استخلافك إياه فقال: دخل عليه
المهاجرون والأنصار حين بلغهم أنه استخلف عمر. فقالوا: نراك استخلفت علينا عمر وقد
عرفته، وعلمت بوائقه فينا (2) وأنت بين أظهرنا فكيف إذا وليت عنا وأنت لاق الله عز
وجل فسائلك، فما أنت قائل؟...(1) فلم تعبأ بقول واحد منهم، لا من المهاجرين، ولا من
الأنصار، وأصرت على رأيك في استخلافك عمر، أكان عمر أولى بمقام الخلافة من الإمام
علي بن أبي طالب (عليه السلام) فحابيته وأنت تعلم أن عليا هو ابن عم رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) وسيد أهل بيته، وباب مدينة علمه، ومن أنت رويت فيه عن رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: علي مني كمنزلتي من ربي. لا يجوز على
الصراط إلا من كتب له علي الجواز. النظر إلى علي عبادة (3) إلى غيرها من الأحاديث
التي رويتها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مما أشاد (صلى الله عليه وآله
وسلم) فيها بشخصيته وأبان فيها عن عظيم قدره ومنزلته عنده. روى السيوطي عن النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: أيما رجل استعمل رجلا على عشرة أنفس علم أن في
العشرة أفضل ممن استعمل فقد غش الله، وغش رسوله، وغش جماعة المسلمين (4) فما أعظم
ما أتيت به يا أبا بكر. وهذا أحمد بن حنبل وهو من أولياءك أيضا يا أبا بكر روى عنك
أنك قلت ليزيد بن أبي سفيان لما بعثته إلى الشام... فإن رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) قال: من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنة الله،
لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا، حتى يدخله جهنم...
(هامش)
(1) حاباه محاباة: اختصه دون سواه. (2): جمع بائقه، وهي الداهية والشر الشديد. (3)
تقدم ذكر مصادر هذه الأحاديث وغيرها مما رواه أبو بكر نفسه عن رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) في فضل الإمام (عليه السلام). (4) الجامع الصغير ج 1ص455. (*)
ص244
أمرت خالد بن الوليد على أبي عبيدة وأنت تعترف بأنه دونه، فكتبت إلى أبي عبيدة: إني
وليته عليك وأنا أعلم أنك خير منه(1). وروى الكاندهلوي وهو أيضا من أولياءك أنك قلت
لمن قدمته على من هو خير منه محاباة منك له: وقد رأيت تقديمي إياك على من هم أقدم
سابقة منك، ومن كان أعظم غنى عن الإسلام وأهله منك (2). فبينما نراك تروي عن رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه لعن المحابي، وأنه تعالى لا يقبل منه عملا
إطلاقا حتى يدخله جهنم، نراك تحابي عمر فتقدمه في الخلافة على الإمام علي (عليه
السلام) وهو من علمت مقامه ومنزلته، وتحابي خالد بن الوليد فتقدمه في إمارة على أبي
عبيدة، وهكذا. فما هذا التحدي منك لسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
والتجري عليه يا أبا بكر؟ فلماذا عملت عملا أوجب الله تعالى لصاحبه نار جهنم؟
ولماذا عملت عملا عمله اليهود من قبلك وقد ذمهم الله عليه في قوله وهو يخاطبهم:
(أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)؟ (3). تحرق أحاديث رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) وأنت تروي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حث على كتابتها؟ روى
السيوطي وهو من أولياءك عنك أنك رويت عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:
من كتب عني علما، أو حديثا، لم يزل يكتب له الأجر ما بقي ذلك العلم أو الحديث (4).
وهذه عائشة ابنتك تحدث عنك فتقول: إن أبي جمع الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه
وسلم)
(هامش)
(1) أبو عبيدة بن الجراح
ص133
طبع مصر عام 1957 الطبعة الثانية، مكتبة القاهرة الحديثة. (2) حياة الصحابة ج
2ص121. (3) سورة البقرة آية 61. (4) تاريخ الخلفاء
ص78
ط بيروت. (*)
ص245
وكان خمسمأة حديث، فبات ليلة يتقلب كثيرا، قالت فغمني، فقلت: أتتقلب لشكوى، أو لشيء
بلغك؟ فلما أصبح قال: أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك، فجئته بها، فدعا بنار
فحرقها(1). فالرسول (صلى الله عليه وسلم) يحث المسلمين على كتابة حديثه، ويرغبهم في
ذلك، لتبقى سنته من بعده يعمل المسلمون بها في مختلف شئون حياتهم الفردية
والاجتماعية مع الله، ومع المجتمع، وأنت تحرقها لئلا يبقى للسنة أثرا من بعده، فهل
أدركت عظم هذه الجريمة النكراء يا أبا بكر؟ قال الذهبي وهو من أخلص الناس لك ودا،
وأشدهم بك إيمانا: إن أبا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال: إنكم تحدثون عن رسول
الله أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد اختلافا فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا
فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله، وحرموا حرامه (2).
الرضوي: بينما نراك يا أبا بكر تنهى المسلمين عن التحدث بأحاديث رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) وتسعى في إبعاد المسلمين عنها وإبعادها عنهم ولو بإحراقها
بالنار، نراك تأمرهم بالرجوع إلى كتاب الله التي لا تنكشف لنا غوامضه ومتشابهاته
إلا بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحاديثه، ألا علمت أن كتاب الله
يأمرنا بما تنهى أنت عنه، يأمرنا باتباع رسوله ويحذرنا من مخالفته فيقول (فليحذر
الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة، أو يصيبهم عذاب أليم) (3) فهو يأمرنا بالأخذ
بسنة الرسول واتباعها، وأنت تنهانا عن التحدث بها، وتحرقها.
(هامش)
(1) تذكرة الحفاظ ج 1ص5. (2) تذكرة الحفاظ ج 1ص2. (3) سورة النور آية 63. (*)
ص246
تحلف بالله تعالى ثم تحنث في يمينك؟ روى السيوطي(1) والدميري (2) عنك أنك قلت:
والله الذي لا إله إلا هو، لو جرت الكلاب بأرجل أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم)
ما رددت جيشا جهزه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولا حللت عقد لواء عقده رسول
الله (صلى الله عليه وسلم). الرضوي : فإذا كنت يا أبا بكر ترى لأزواج رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) حرمة، وهي على ما هي عندك ليست بشيئ لو حالت بينك وبين تنفيذ
جيش جهزه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولولاء عقده، فلماذا حنثت في يمينك
بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فتركت الجيش الذي جهزه الرسول (صلى
الله عليه وآله وسلم) قبل وفاته وأكد في تنفيذه، وأمر أسامة بن زيد عليه، وأدخلك
تحت إمارته، فرجعت عنه، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لعن الله من
تخلف عن جيش أسامة، وخلفته ورائك ظهريا، وأسرعت في الرجوع إلى المدينة، وطلبت من
أميرك أسامة أن يأذن لخليلك عمر في الالتحاق بك، ليعينك على الأمر الذي تواطئتما
عليه في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو إقصاء أهل بيته عن الخلافة
من بعده، فذهبتما فورا إلى سقيفة بني ساعدة، ومعكما أبو عبيدة بن الجراح، وما خرجت
منها إلا بعد أن بايعك عمر فيها على أنك خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم)، فتم الأمر الذي كنتما في تدبيره من قبل، أهذا آية على صدق قولك: والله الذي
لا إله إلا هو... ما رددت جيشا جهزه رسول الله... يا أبا بكر؟ وذكر دخولك في الجيش
تحت قيادة أسامة بن زيد ابن سعد في طبقاته، ومحمد حسين هيكل في حياة محمد (3) فقال
هيكل: أمر النبي بتجهيز جيش عرم إلى الشام جعل فيه المهاجرين الأولين، ومنهم أبو
بكر وعمر، أمر على الجيش أسامة بن زيد
(هامش)
(1) تاريخ الخلفاء
ص69
ط بيروت عام 1389. (2) حياة الحيوان ج 1
ص43
ط بيروت عام 1306. (3)
ص467
ط مصر عام 1354 مطبعة القاهرة. (*)
ص247
ابن حارثة. وقال الشيخ عبد الله بن أحمد القادري في (مجلة الجامعة الإسلامية): إن
أبا بكر وعمر كانا في الجيش تحت قيادة أسامة(1) فما هو المبرر لك في تركك الجيش
الذي أكد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في تنفيذه، ولعن المتخلف عنه وإسراعك إلى
المدينة فحنثك في يمينك يا أبا بكر؟ بنفسك حكمت على نفسك يا أبا بكر لما طلب
الأنصار في سقيفة بني ساعدة منك المشاركة مع المهاجرين في الحكم فقال قائلهم لك
(منا أمير، ومنكم أمير) رفضت ذلك منه وقلت: (نحن الأمراء وأنتم الوزراء) ولكي تخمد
ثورتهم، وتطفي نار غضبهم، أخذت تشيد بذكرهم، فقلت: فهم أول من عبد الله في الأرض،
وأول من آمن بالله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وسلم)، وهم أولياؤه وعشيرته، وأحق
الناس بالأمر من بعده، لا ينازعهم فيه إلا ظالم... (2) فنحن الشيعة الإمامية نحتج
عليك بنفس احتجاجك هذا على الأنصار (ومن فمك ندينك) فنقول لك: إن إمامنا عليا (عليه
السلام) أولى بالخلافة منك، وأحق الناس بها منك ومن غيرك، فإنه أول من عبد الله في
الأرض بعد رسوله (ص) لا أنت، وأول من آمن بالله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله
وسلم) لا أنت، وهو ابن عم رسول الله، ومن بني هاشم عشيرته، وأنت من بني تيم بن مرة،
فهو أحق الناس بالأمر من بعده منك، فلماذا ظلمته حقه من الخلافة وأقصيته عنها يا
أبا بكر؟
(هامش)
(1) مجلة الجامعة الإسلامية العدد 59ص312، السنة 15 عام 1304. (2) الإمامة والسياسة
ج 1
ص7
ط مصر عام 1388. (*)
ص248
ندمت حيث لا ينفعك الندم يا أبا بكر ولما رقيت مقام الخلافة، وتخلف الإمام أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومن تخلف معه من البيعة لك، لعدم استحقاقك
المقام الذي شغلته، أرسلت خليفتك عمر بن الخطاب إلى بيت الإمام وفاطمة عليهما
السلام، وأمرته بإخراجهم منه لأخذ البيعة منهم لك على أنك خليفة رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) وقلت له: إن أبوا فقاتلهم. وهم أهل بيت من قد عرفت فضلهم،
وعظيم شأنهم ومنزلتهم عند الله تعالى وعند رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأقبل
عمر بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار(1) إن امتنعوا من ذلك. فلم ترع أنت، ولا
صاحبك لفاطمة بنت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبضعته حرمتها، ولا حرمة زوجها
ابن عم رسول الله، ولا حرمة بيتها الأقدس. ولما دنى موتك، وحضر أجلك، وشاهدت أمارات
دالة على ما ستلاقيه بعد موتك، أظهرت الندم على سوء ما عملته، وعظيم جرم اكتسبته،
في حق أهل بيت محمد صلى الله عليه وعليهم، فقلت: فليتني تركت بيت علي وإن كان أعلن
علي الحرب (2) وفي رواية الطبري أنك قلت آنذاك: فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شيء
وإن كانوا قد غلقوه على الحرب (3). هيهات هيهات يا ابن أبي قحافة، فإن ندمك في ساعة
الاحتضار لا يجديك، وإن توبتك عن سوء صنيعك مع عترة نبيك آنذاك لا تنجيك، قال الله
تعالى (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة - وأنت يا أبا بكر عملت ما
عملت مع أهل البيت (عليهم السلام) عن علم بهم ومعرفة بمنزلتهم عند الله وعند رسوله
(صلى الله عليه وآله وسلم) - ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم، وكان الله
عليما حكيما. وليست التوبة للذين يعلمون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال: إني
تبت الآن، ولا الذين يموتون وهم
(هامش)
(1) العقد الفريد ج 4
ص259
ط مصر عام 1381. (2) الإمامة والسياسة ج 1ص18. (3) تاريخ الأمم والملوك ج 4
ص52
الطبعة الأولى. (*)
ص249
كفار أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما)(1). تتمنى أن تكون حيوانا ولم تكن إنسانا؟ روى
السيوطي عنك أنك كنت تارة تقول: وددت أني خضرة تأكلني الدواب (2) والله لوددت أني
كنت شجرة إلى جنب الطريق فمر علي بعير فأخذني، فأدخلني فاه، فلاكني، ثم ازدردني، ثم
أخرجني بعرا، ولم أكن بشرا (3). وأخرى تقول وقد نظرت إلى طائر: طوبى لك يا طير تأكل
من الشجر، وتستظل بالشجر، وتصير إلى غير حساب، يا ليت أبا بكر مثلك (4). نراك يا
أبا بكر تتمنى تارة لو كنت خضرة تأكلك الدواب وتخرجك رجيعا (4). وأخرى تتمنى لو كنت
حيوانا أحل الله ذبحه، وأباح للإنسان أكله تكرمة له، فكأنك ترى الله تعالى جنى عليك
إذ جعلك بشرا من ولد آدم (عليه السلام)، ألم تقرأ قوله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم،
وحملناهم في البر والبحر، ورزقناهم من الطيبات، وفضلناهم على كثير ممن خلقنا
تفضيلا) (5). ومما فضل الله به بني آدم على سائر مخلوقاته أن منحه عقلا لو قدمه على
هوى نفسه لفاق ملائكة الله المقربين، وتوصل إلى أعلى المقامات وأرفع الدرجات في
عليين.
(هامش)
(1) سورة النساء آية 17. (2) تاريخ الخلفاء
ص97
طبع بيروت عام 1389. (3) تاريخ الخلفاءص133. (4) الرجيع للفرس كالعذرة للإنسان. (5)
سورة الإسراء آية 70. (*)
ص250
- 6 - قالوا في إمامكم أبي بكر ابن أبي قحافة في هؤلاء صحابة وتابعون، علماء
ومثقفون، خبراء وسياسيون، رجال ونساء.

نعتمد في نقل أقوالهم على كتب السنة أتباع
أبي بكر وأولياءه خاصة، كما اعتمدنا عليها في جميع فصول هذا الكتاب. نلفت نظر
القارئ الكريم إلى تعاليقنا عليها، والنظر بإمعان إليها.
الإمام علي بن أبي طالب
أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول لأبي بكر:
(1) أ - استبددت علينا بالأمر، وكنا نحن
نرى لنا حقا لقرابتنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (2). ب - سبحان الله
لقد ادعى ما ليس له. قال (عليه السلام) ذلك لما أرسل أبو بكر قنفذا إلى الإمام
(عليه السلام) يقول له: أمير المؤمنين يدعوك لتبايع (3).
فاطمة الزهراء بنت رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تقول لأبي بكر:
(4)
(هامش)
(1) قال الدومي في ترجمته: وكان الفقيه الحكيم الذي ضرب به المثل (قضية ولا أبو حسن
لها) وكان العالم الرباني الملهم. شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم غير غزوة تبوك، وقال له النبي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي
بعدي.. (الاتحافات الربانية)ص34. الرضوي : جمع كتابنا (المثل الأعلى الإمام أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)) كثيرا مما قالوه في إمامنا (عليه السلام).
مما ينم عن شخصيته الفذة البارعة في العالم الإسلامي والإنساني من رجالات شهيرة من
غير شيعته (عليه السلام) (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد).
(2) صحيح مسلم ج 2
ص72
ط مصر عام 1327 المطبعة المينية. (3) الإمامة والسياسة ج 1
ص13
ط مصر عام 1388. (4) روى البخاري أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: فاطمة
بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني (صحيح البخاري ج 2
ص302
ط مصر بحاشية السندي، التاج الجامع للأصول ج 3ص353) وقال (صلى الله عليه وآله وسلم)
فيها: فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها. (التاج الجامع
للأصول ج 3ص353) وقال (صلى الله عليه وسلم): رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من
سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة
فقد أسخطني (الإمامة والسياسة) ج 1
ص14
ط مصر عام 1388، مجلة منبر الإسلام المصرية العدد 7 السنة 26 عام 1388. وقال (صلى
الله عليه وآله وسلم): إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها.
الإتحاف بحب الأشراف
ص23
ط مصر عام 1316. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. صحح
البخاري ج 2
ص308
ط مصر بحاشية السندي. إلى غيرها من أقواله (صلى الله عليه وآله وسلم) الكريمة التي
أشاد بها بمقام هذه السيدة الطاهرة الصديقة سيدة نساء العالمين (عليها السلام). (*)
ص251
أ - يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله(1). ب - والله لأدعون الله
عليك في كل صلاة أصليها (2).
الرضوي: قالت عليها السلام له ذلك بعد أن أرسل عمر بن
الخطاب ومعه خالد بن الوليد وجماعة من أجلاف الناس وأراذلهم إلى دارها (عليها
السلام) لإخراج من فيها من الدار، لأخذ البيعة ممن تخلف عن البيعة له منهم بالقوة،
والإكراه، فدخل عمر الدار، دون استئذان من أهل البيت (عليهم السلام) خلافا لقول
الله تعالى (لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها) (3).
واستهانة بقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني
(4). الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام) يقول لأبي بكر: انزل عن منبر أبي (5) وفي
رواية أخرى: انزل عن مجلس أبي (6) قال له ذلك لما رآه جالسا على منبر رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولعل
(هامش)
(1) شرح نهج البلاغة ج 2
ص19
ط مصر عام 1329. (2) الإمامة والسياسة ج 1ص14. (3) سورة النور آية 27. (4) صحيح
البخاري ج 2
ص302
ط مصر بحاشية السندي. (5) شرح نهج البلاغة ج 2
ص17
ط مصر عام 1329. (6) الصواعق المحرقةص175، حياة الصحابة ج 2ص494، تاريخ الخلفاء
ص66
ط الهند و75 ط بيروت. (*)
|