لا يبغض عليّاً إلا من شارك إبليس أباه في اُمّه

روى ابن عساكر الشافعي: عن مجاهد، عن ابن عبّاس، قال: بينا نحن بفناء الكعبة ورسول اللَّه صلى الله عليه و آله يحدّثنا إذ خرج علينا ممّا يلي الركن اليماني شيء عظيم، كأعظم ما يكون من الفيلة، قال: فتفل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وقال: 'لُعنتَ'، أو قال: 'خُزيتَ'. قال: فقال عليّ بن أبي طالب: 'ما هذا يا رسول اللَّه؟'، قال: 'أوَما تعرفه، يا عليّ؟'، قال: 'اللَّه ورسوله أعلم'، قال: 'هذا إبليس'، فوثب إليه، فقبض على ناصيته، وجذبه فأزاله عن موضعه، وقال: 'يا رسول اللَّه، أقتله؟'، قال: 'أوَما علمت أنّه اُجّل إلى الوقت المعلوم؟'.

قال: فتركه من يده، فوقف ناحية، ثمّ قال: ما لي ولك يابن أبي طالب؟ واللَّه ما أبغضك أحد إلا وقد شاركت أباه فيه، اقرأ ما قال اللَّه تعالى: 'وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلاَدِ'. [ سورة الإسراء: 64].

[ تاريخ دمشق - ترجمة الإمام عليّ عليه السلام 226:2، ح 731].

وعنه أيضاً: عن الكنجي في "كفاية الطالب": بإسناده عن أبي وائل، عن ابن عبداللَّه، قال: قال عليّ بن أبي طالب: 'رأيت النبيّ صلى الله عليه و آله عند الصفا وهو مقبل على شخص في صورة الفيل، وهو يلعنه، فقلت: ومن هذا الّذي تلعنه، يا رسول اللَّه؟ قال: هذا الشيطان الرجيم، فقلت: واللَّه - يا عدوّ اللَّه - لأقتلنّك ولأريحنّ الاُمّة منك! قال: وما هذا واللَّه جزائي منك. قلت: وما جزاؤك منّي يا عدوّ اللَّه؟ قا: واللَّه ما أبغضك أحد قطّ إلا شاركت أباه في رحم اُمّه'. [ المصدر المتقدّم: 227، ح 732، وكفاية الطالب: 69].

 

قوله: 'امتحنوا أولادكم بحبّ عليّ'

1- روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري، قال: إنّا كنّا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام. [ صحيح الترمذي 593:5، ح 3717؛ و نحوه فرائد السمطين 65: 1، ح 294 و 295؛ الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: 125].

2- و روى الصفوري للصفوري الشافعي: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمر أصحابه يوم خيبر أن يمتحنوا أولادهم بحبّ عليّ بن أبي طالب، فإنّه لا يدعو إلى ضلالة ولا يبعد عن هُدى، فمَن أحبّه هو منكم، ومَن أبغضه فليس منكم، قال أنس: فكان الرجل بعد ذلك يقف على طريق عليّ عليه السلام ويقول: يا بُنيّ، أتحبُّ هذا؟ فإن قال: نعم قبله، وإن قال: لا طلّق اُمّه وتركه معها. [ نزهة المجالس 208:2].

3- و روى الجزري للجزري الشافعي: عن عبادة بن الصامت، قال: كنّا نبور. [ نبور: نختبر ونمتحن].

أولادنا بحبّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فإذا رأينا أحدهم لا يحبّ عليّ بن أبي طالب، علمنا أنّه ليس منّا، وأنّه لغير رشده، ثمّ قال الجزري: لغير رشده: ولد زنا، وهذا مشهور من قديم وإلى اليوم أنّه ما يبغض عليّاً إلا ولد زنا. [ أسنى المطالب: 57].

4- و رواه أيضاً: عن أبي سعيد الخدري: كنّا معشر الأنصار نبور أولادنا بحبّهم عليّاً عليه السلام، فإذا وُلد فينا مولود فلم يحبّه، عرفنا أنّه ليس منّا. [ المصدر المتقدّم: 58].

5- و رواه أيضاً: عن إسحاق بن محمّد بن الحسن الأبنوسي: سمعت مسروق بن المرزبان يقول: سمعت شريك بن عبداللَّه يقول: إذا رأيت الرجل لا يحبّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام فَاُعلم أنّ أصله يهودي. [ المصدر المتقدّم: 59].

6- وفي "تاريخ دمشق": عن أنس بن مالك، قال: كان النبيّ صلى الله عليه و آله إذا أراد أن يشهر عليّاً في موطن أو مشهد، علا على راحلته، وأمر النّاس أن ينخفضوا دونه، وإنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله شهر عليّاً يوم خيبر، فقال: 'يا أيّها النّاس، مَن أحبّ أن ينظر إلى آدم في خلقه، وإلى إبراهيم في خُلّته، - إلى أن قال: - فلينظر الى علي بن أبي طالب... ثمّ قال: 'يا أيّها النّاس، امتحنوا أولادكم بحبّه، فإنّ عليّاً لا يدعو إلى ضلالة، ولا يبعد عن هدى، فمن أحبّه فهو منكم، ومن أبغضه فليس منكم'.

قال أنس بن مالك: وكان الرجل من بعد يوم خيبر يحمل ولده على عاتقه ثمّ يقف على طريق عليّ عليه السلام وإذا نظر إليه يوجّهه بوجهه تلقاءه وأومأ باصبعه: أي بني، تحبّ هذا الرجل المقبل؟ فإن قال الغلام: نعم، قبله، وإن قال: لا، حرف به الأرض، وقال له: ألحِق باُمّك. [ تاريخ دمشق - ترجمة الإمام عليّ عليه السلام 224:2، ح 730].

7- وروى القندوزي، عن أبي رافع مولى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، مرفوعاً قال: مَن لم يعرف حقّ عليّ عليه السلام فهو أحد من الثلاثة: إمّا اُمّه زانية، أو حملتهُ اُمّه من غير طهر، أو منافق. [ ينابيع المودّة: 252، ورواه محمّد صالح الترمذي في المناقب المرتضويّة، نقلاً عن الإحقاق 322:7].

8- وعنه أيضاً: بسنده عن مالك بن أنس، عن أبي الزناد، قال: قالت الأنصار: إن كنّا لنعرف الرجل لغير أبيه ببغضه عليّ بن أبي طالب عليه السلام. [ فرائد السمطين 365:1، ح 293 و 294].

ايراد ابن تيميّة وجوابه

قال ابن تيميّة في "منهاج السنّة"، وهو الحريّ بأن يسمّى "منهاج البدعة": حديث رسول اللَّه في عليّ: 'هذا فاروق اُمّتي، يفرق بين الحقّ والباطل'. و قول ابن عمر: ما كنّا نعرف المنافقين على عهد النبيّ صلى الله عليه و آله إلا ببغضهم عليّاً عليه السلام، فلا يُستريب أهل المعرفة بالحديث أنّهما حديثان موضوعان مكذوبان على النبيّ صلى الله عليه و آله ولم ير واحد منهما في كتب العلم المعتمدة، ولا لواحد منهما إسناد معروف. [ منهاج السنّة 179:2].

أمّا الجواب عليه: فقد قال العلامة الأميني في "الغدير" ما ملخّصه: ما يمكن أن يقال فيه أنّه أعطى مقولاً ولم يعط معقولاً، فتراه في كتابه يقول ولا يعقل ما يقول، فإنّ آية اللَّه العلامة الحلّي رحمه الله يروي عن ابن عمر قوله: ما كنّا نعرف المنافقين... إلى آخره وهذا المغفّل يقول: إنّه حديث مكذوب على النبيّ صلى الله عليه و آله، ولم يعقل أنّ راويه لم يعزه إلى النبيّ صلى الله عليه و آله فكان حقّ المقام أن يفنّد نسبته إلى ابن عمر، هذا أوّلاً.

وثانياً: أنّ ابن عمر لم يتفرّد بهذا القول، وإنّما أصفق معه على ذلك جمع من الصحابة، منهم:

1 - أبو ذرّ الغفاري، فإنّه قال: ما كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، إلا بثلاث: بتكذيبهم اللَّه ورسوله، والتخلّف عن الصلاة، وبغضهم عليّ بن أبي طالب. [ الخطيب في المتّفق ومحبّ الدين الطبري في الرياض 215:2، وغيره].

2 - أبو سعيد الخدري، قال: كنّا نعرف المنافقين - نحن معاشر الأنصار - ببغضهم عليّاً. [ جامع الترمذي 299:2، وحلية الأولياء 295:6].

3 - جابر بن عبداللَّه الأنصاري، قال: ما كنّا نعرف المنافقين إلا ببغض عليّ بن أبي طالب. [ أحمد في المناقب وابن عبدالبرّ في الاستيعاب 46:3].

4 - أبو سعيد محمّد بن الهيثم، قال: إن كنّا نعرف المنافقين - نحن معاشر الأنصار - إلا ببغضهم عليّ بن أبي طالب. [ الجزري في أسنى المطالب: 8].

5 - أبو الدرداء، قال: إن كنّا نعرف المنافقين - معاشر الأنصار - إلا ببغضهم عليّ بن أبي طالب. [ الترمذي، وكذا سبط ابن الجوزي في التذكرة: 17].

وثالثاً: لم تكن هذه الكلمات دعاوى مجرّدة من القوم، وإنّما هي مدعومةٌ بما وعوه عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في عليّ عليه السلام، و قد ذكر نصوصه عن عليّ عليه السلام و اُمّ سلمة، و ابن عبّاس، وغيرهما - كما ذكرنا نحن أحاديث الباب - وبعد هذا كلّه تعرف قيمة ما يتقوّله ابن تيميّة من أنّ "الحديثين لم يرو واحد منهما في كتب العلم المعتمده، ولا لواحد منهما إسناد معروف"، فإذا كان لا يرى الصحاح والمسانيد من كتب العلم المعتمدة وما أسنده الحفّاظ والأئمّة وصحّحوه إسناداً معروفاً، فحسبه ذلك جهلاً شائناً، وعلى قومه عاراً وشناراً، وليت شعري بأيّ شيء يعتمد هو وقومه في المذهب بعد هاتيك العقيدة السخيفة؟! [ لمزيد من الاطّلاع راجع: الغدير 188 - 181 :3].

'يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ'

حبّ عليّ سعادة، وبغضه شقاء

عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لعليّ عليه السلام: 'يا عليّ، لو أنّ اُمّتي أبغضوك لأكبّهم اللَّه على مناخرهم في النّار'.

تاريخ دمشق - ترجمة الإمام عليّ عليه السلام 243:2، ح 752

نظرة في الحديث

من خلال الاطّلاع على الأخبار الواردة في كتب الفريقين عن النبيّ صلى الله عليه و آله والأئمّة المعصومين عليهم السلام في فضيلة محبّة عليّ عليه السلام، وكون الشقاء في بغضه وعدائه، يحصل لنا يقين بأنّ حبّ عليّ عليه السلام في المرتبة الاُولى من العقائد بعد الإيمان باللَّه ورسول الإسلام الأكرم، وأنّ سعادة أي إنسان رهينة بمحبّته واتّباع أمره، وعلى العكس من ذلك، فإنّ الشقاء والتعاسة في عدائه ومخالفته؛ ذلك لأنّ محبّته وإطاعة أوامره تعني الالتزام بأوامر الإسلام المحمّدي الأصيل، وهو يستتبع حتماً السعادة في الدنيا والنجاة من النّار ودخول الجنّة في الآخرة، كما أنّ مخالفته وعداءه يعني الانحراف عن الإسلام الحقيقي، ونتيجة ذلك الخسران المبين في الدنيا والآخرة والخلود فى العذاب الأليم.

روى الصفوري الشافعي عن أنس، قال: قال النبيّ صلى الله عليه و آله: 'صحيفة المؤمن حبّ عليّ ابن أبي طالب'، وقال الحسن: 'قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: ادع لي سيّد العرب - يعني عليّاً - فلمّا جاء أرسل إلى الأنصار فقال: يا معشر الأنصار، ألا اُدلّكُم على مَن إذا تمسّكتم به لن تضلّوا بعده؟ قالوا: بلى يا نبيّ اللَّه، قال: هذا عليٌّ فأحبّوه بحبّي، وأكرموه بكرامتي، فإنّ جبرئيل أمرني بالذي قلتُ لكم عن اللَّه تعالى'. [ نزهة المجالس 208:2].

ولذلك فإنّ بعض أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله والتابعين كانوا يرجون التقرّب إلى اللَّه تعالى بولاية عليّ عليه السلام.

في "البحار": عن أبي صالح، قال: لمّا حضرت عبداللَّه بن عبّاس الوفاة قال: اللّهمّ إنّي أتقرّب إليك بولاية عليّ بن أبى طالب عليه السلام. [ البحار 258:39].

وفيه عن يحيى بن كثير الضرير: رأيت زبيد بن الحارث النامي في النوم فقلت له: إلى ما صرت يا أبا عبدالرحمن؟ قال: إلى رحمة اللَّه، قلت: فأيّ العمل وجدت أفضل؟ قال: الصلاة وحبّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام. [ المصدر المتقدّم: 259].

 

محبّ عليّ لا يُعذّب بالنّار

يستفاد من مطاوي روايات هذا الباب أنّ حبّ عليّ وأولاده المعصومين عليهم السلام كما ينفع في الدنيا في المسير الى صراط مستقيم ينفع أيضاً في الآخرة مَن كان هذا الحبّ ثابتاً في قلبه، حتّى وإن كان عاصياً، فبه يتّقي النّار ولا يمسّه العذاب الأليم يوم القيامة.

وكون مثل هؤلاء الأفراد من الناجين هناك احتمالان:

الأوّل: أن يتدبّروا أمرهم من خلال هذه المحبّة لعليّ وأهل بيته عليهم السلام، فيهتدون إلى طريق الإسلام شيئاً فشيئاً، ويسلمون أخيراً، فيسلكوا سبيل الحقّ ببركة حبّ أهل بيت محمّد صلى الله عليه و آله، وبذلك ينجون من شقاء الشرك والضلالة وظلماتها، ويستفاد هذا المعنى من بعض الروايات، فعن حنّان بن سدير، عن الباقر عليه السلام، قال: 'ما ثبّت اللَّه حبّ عليّ في قلب أحدٍ فزلّت له قدم، إلا ثبّتها اللَّه وثبّت له قدم اُخرى'. [ البحار 257:39].

والثاني: طبقاً لمضمون بعض الروايات، فإنّ أمثال هؤلاء وإن كانوا يفارقون الدنيا عصاةً أو كفّاراً إلا أنّ اللَّه سبحانه يخفّف عنهم العذاب، وإن لم يكونوا من أصحاب الجنّة، ففي "البحار": عن ابن عبّاس، قال: كان يهوديّ يحبّ عليّاً عليه السلام حبّاً شديداً، فمات ولم يسلم. قال ابن عبّاس: فيقول الجبّار تبارك وتعالى: أمّا جنّتي فليس له فيها نصيب، ولكن يا نار لا تهيديه، أي لا تزعجيه. [ البحار 258:39].

ويؤيّد ما قلنا بعض الأخبار الّتي وردت بهذا المضمون فنشير إليها:

روى المجلسي عن "فضائل أحمد" و "فردوس الديلمي": قال عمر بن الخطّاب: قال النبيّ صلى الله عليه و آله: 'حبّ عليّ براءة من النّار'، وأنشد:

حبّ عليّ جنّة للورى*** أحطط به يا ربّ أوزاري

لو أنّ ذمّيّاً نوى حُبّه*** حصّن في النّار من النّار

[ البحار 258:39، والفردوس للديلمي 142:2، ح 2723].

ويستفاد من الحديث التالي أنّ حبّ عليّ عليه السلام باللسان يفيد للمحبّ.

و عنه أيضاً عن "روضة الواعظين": في خبر أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال يوماً لأصحابه: 'أيّكم يصوم الدهر، ويحيي الليل، ويختم القرآن؟'، فقال سلمان: أنا يا رسول اللَّه، قال: فغضب بعضهم، وقال: إنّ سلمان رجل من الفرس يريد أن يفتخر علينا - معاشر قريش - وهو يكذب في جميع ذلك، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله: 'مه - يا فلان - أنّى لك بمثل لقمان الحكيم؟ سله فإنّه ينبئك'.

فقال: رأيتك في أكثر أيّامك تأكل، وأكثر لياليك نائماً، وأكثر أيّامك صامتاً. فقال: ليس حيث تذهب، إنّي أصوم الثلاثة في الشهر، وقال اللَّه: 'مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا' [ سورة الأنعام: 160].

وأوصل رجب وشعبان بشهر رمضان، وذلك صوم الدهر، وسمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'مَن بات على طهر فكأنّما أحيا الليل'، وأنا أبيت على طهر.

وسمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول لعليّ: 'يا أبا الحسن، مَثَلُكَ في اُمّتي مثلُ 'قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد'، فمن قرأها مرّة فقد قرأ ثلث القرآن، ومَن قرأها مرّتين فقد قرأ ثلثي القرآن، ومَن قرأها ثلاث مرّات فقد ختم القرآن كلّه. فمن أحبّك بلسانه فقد كمل له ثلث الإيمان، ومَن أحبّك بلسانه وقلبه فقد كمل له ثلثا الإيمان، ومَن أحبّك بلسانه وقلبه ونصرك بيده فقد استكمل الإيمان، والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً يا عليُّ، لو أحبّك أهل الأرض كمحبّة أهل السماء لما عذّب أحدٌ بالنّار'.

وأنا أقرأ 'قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد' كلّ يوم ثلاث مرّات، فقام فكأنّه اُلقم [ يقال: ألقمه الحجر، أي أسكته عند الخصام].

حجراً. [ البحار 257:39].

وتستفاد هذه الحقيقة أيضاً من روايات اُخرى، تدلّ على أنّ الكفّار الّذين يحسنون سينجون من العذاب أو يخفّف عنهم إن بقوا فيه، فقد ورد في بعض الروايات أنّ أمثال حاتم الطائي من المشركين وإن ماتوا مشركين إلا أنّهم سوف لا يعذّبون أو سيخفّف عنهم العذاب، ولمزيد الاطّلاع حول هذا البحث يمكن الرجوع إلى كتاب العدل الإلهي لمؤلفه الشهيد آية اللَّه المطهري، مبحث الإيمان بالنبوّة والإمامة.

نبذة من الأخبار

حديث في آثار حبّ آل محمّد

1- روى جماعة من علماء العامّة منهم الزمخشري ومحيي الدين بن عربي والثعلبي في تفاسيرهم عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال: 'مَن مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً، ومَن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له، ألا ومَن مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك بالجنّة ثمّ منكر ونكير، ألا ومَن مات على حبّ آل محمّد يزفّ إلى الجنّة كما تزفّ العروس إلى بيت زوجها، ألا ومَن مات على حبّ آل محمّد فتح له في قبره بابان إلى الجنّة. ألا ومَن مات على حبّ آل محمّد جعل اللَّه قبره مزار ملائكة الرحمة، ألا ومَن مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة والجماعة، ألا ومَن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة اللَّه، ألا ومَن مات على بغض آل محمّد مات كافراً، ألا ومَن مات على بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة الجنّة'. [ تفسير الكشّاف 467:3، وتفسير محيي الدين بن عربي 432:2، وتفسير الثعلبي، وغيرها].

2- وفي "البحار" عن "الأربعين في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام": بسنده عن ابن عمر، قال: سألت النبيّ صلى الله عليه و آله عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقال: 'ما بال قوم ينكرون من له منزلة كمنزلتي؟! ألا ومَن أحبّ عليّاً فقد أحبّني، ومن أحبّني رضي اللَّه عنه، ومن رضي اللَّه عنه كافاه الجنّة. ألا ومَن أحبّ عليّاً يقبل اللَّه صلاته وصيامه وقيامه واستجاب اللَّه دعاءه. ألا ومَن أحبّ عليّاً استغفرت له الملائكة، وفتحت له أبواب الجنّة، يدخل من أي باب شاء بغير حساب. ألا ومن أحبّ عليّاً لا يخرج من الدنيا حتّى يشرب من الكوثر، ويأكل من شجرة طوبى، ويرى مكانه من الجنّة. ألا ومَن أحبّ عليّاً أعطاه اللَّه في الجنّة بعدد كلّ عرق في بدنه حوراً، ويشفع في ثمانين من أهل بيته، وله بكلّ شعرة في بدنه مدينة في الجنّة. ألا ومَن أحبّ عليّاً بعث اللَّه ملك الموت إليه برفق، ودفع اللَّه عنه هول منكر ونكير، ونوّر قلبه، وبيّض وجهه. ألا ومَن أحبّ عليّاً نجّاه اللَّه من النّار. ألا ومَن أحبّ عليّاً أثبت اللَّه الحكم في قلبه، وأجرى على لسانه الصواب، وفتح اللَّه له أبواب الرحمة. ألا ومَن أحبّ عليّاً سُمّي في السموات أسير اللَّه في الأرض. ألا ومَن أحبّ عليّاً ناداه ملك من تحت العرش: أن يا عبداللَّه، استأنف العمل، فقد غفر اللَّه لك الذنوب كلّها. ألا ومَن أحبّ عليّاً جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر. ألا ومَن أحبّ عليّاً وضع اللَّه على رأسه تاج الكرامة. ألا ومَن أحبّ عليّاً مرّ على الصراط كالبرق الخاطف. ألا ومَن أحبّ عليّاً وتولاه كتب اللَّه له براءة من النّار، وجوازاً على الصراط، وأماناً من العذاب. ألا ومَن أحبّ عليّاً لا ينشر له ديوان، ولا ينصب له ميزان، ويقال له: ادخل الجنّة بغير حساب. ألا ومَن أحبّ آل محمّد، أمن من الحساب والميزان والصراط، ومَن أحبّ آل محمّد صافحته الملائكة، وزارته الأنبياء، وقضيت له كلّ حاجة كانت له عند اللَّه عزّ وجلّ. ألا ومَن مات على حبّ آل محمّد فأنا كفيله بالجنّة' - قالها ثلاثاً -.

قال قتيبة بن سعيد بن رجاء: كان حمّاد بن زيد يفتخر بهذا الحديث، ويقول: هو الأصل لمن يقرّ به. [ البحار 277:39].

معرفة آل محمّد براءة من النّار

1- روى جماعة من أعلام القوم منهم الجويني والقندوزي الحنفي بالاسناد عن المقداد بن الأسود، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'معرفة آل محمّد براءة من النّار، وحبّ آل محمّد جواز على الصراط، والولاية لآل محمّد أمان من العذاب'. [ فرائد السمطين، نقلاً عن الإحقاق 494:9، وينابيع المودّة: 241].

2- وروى الحاكم النيشابوري في "مستدركه": بإسناده عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'والّذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحدٌ إلا أدخله اللَّه النّار'، قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. [ المستدرك 150:3].

3- وروى الخطيب البغداي والكنجي الشافعي عن ابن عبّاس، قال: قلت للنبيّ صلى الله عليه و آله: يا رسول اللَّه، للنّار جواز؟ قال: 'نعم'، قلت: وما هو؟ قال: 'حبّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام'. [ تاريخ بغداد 161:3، كفاية الطالب: 325].

 

حديث مَن أحبّ عليّاً فهو من رفقائه في الجنّة

روى ابن عساكر الشافعي بسنده عن الأصبغ بن نباتة، وأبي مريم الخولاني، قالا: سمعنا عمّار بن ياسر وهو يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: 'يا عليّ، إنّ اللَّه زيّنك بزينة لم يزيّن العباد بشي ء أحبّ إلى اللَّه منها، وهي زينة الأبرار عند اللَّه: الزهد في الدنيا، فجعلك لا تنال من الدنيا شيئاً، ولا تنال الدنيا منك شيئاً، ووهب لك حبّ المساكين، فجعلك ترضى بهم أتباعاً، ويرضون بك إماماً، فطوبى لمن أحبّك وصدق فيك، فهم جيرانك في دارك ورفقاؤك في جنّتك، وأمّا من أبغضك وكذب عليك فحقّ على اللَّه أن يوفّقهم يوم القيامة موقف الكذّابين'. [ تاريخ دمشق - ترجمة الإمام عليّ عليه السلام 212:2، ح 707].

ما ورد في الشقاء والويل لمن أبغض عليّاً

1- أخرج ابن عساكر الشافعي، عن محمّد بن منصور الطوسي، قال: سمعت أحمد بن حنبل، وقد سأله رجل عن قول النبيّ صلى الله عليه و آله: 'عليّ قسيم النّار'، فقال: هذا حديث يضطرب طريقه عن الأعمش، ولكنّ الحديث الّذي ليس عليه لبس هو قول النبيّ صلى الله عليه و آله: 'يا عليّ، لا يحبّك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق'، وقال اللَّه عزّ وجلّ: 'إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ' [ سوره النساء: 145].

فمن أبغض عليّاً فهو في الدرك الأسفل من النّار. [ تاريخ دمشق - ترجمة الإمام عليّ عليه السلام 253:2، ح 767].

2- و عنه أيضاً: بإسناده عن عاصم بن ضمرة، قال: سمعت عليّاً عليه السلام يقول: 'إنّ محمّداً صلى الله عليه و آله أخذ بيدي ذات يوم فقال: من مات وهو يبغضك ففي سنّة جاهليّة، يحاسب بما عمل في الإسلام، ومن عاش بعدك وهو يحبّك ختم اللَّه له بالأمن والأمان ما طلعت شمس وغربت حتّى يَرِدَ علَيّ الحوض'. [ المصدر المتقدّم: 234، ح 738].

3- و روى الجويني بسنده عن ابن عبّاس قال: إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله نظر إلى عليّ بن أبي طالب، فقال: 'أنت سيّد في الدنيا وسيّد في الآخرة، مَن أحبّك فقد أحبّني، وحبيبك حبيب اللَّه، ومَن أبغضك فقد أبغضني، وبغيضك بغيض اللَّه، فالويل لمن أبغضك'. [ فرائد السمطين 128:1، ح 90].

4- و عنه أيضاً عن سعيد بن محمّد الورّاق، وكذا عن ابن الصباغ المالكي عن عليّ بن الحزور، قال: سمعت أبا مريم الثقفي يقول: سمعت عمّار بن ياسر يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول لعليّ بن أبي طالب عليه السلام: 'يا عليّ، طوبى لمن أحبّك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب فيك'. [ المصدر المتقدم 129:1، ح 91، والفصول المهمّة: 127].

5- وعنه أيضاً بسنده عن سلمان، قال: قال النبيّ صلى الله عليه و آله في إشارة إلى فاطمة عليهاالسلام: 'يا سلمان، ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها أمير المؤمنين عليّاً، وويل لمن يظلم ذرّيّتها وشيعتها' [ فرائد السمطين 67:2، ح 391].

6- وعنه أيضاً عن أنس، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'إذا كان يوم القيامة نصب لي منبر، فيقال لي: إرق "فأرقاه" فأكون أعلاه، ثُمّ ينادي مناد: أين عليّ، فيكون دوني بمرقاة، فيعلم جميع الخلائق أنّ محمّداً سيّد المرسلين، وأنّ عليّاً سيّد الوصيّين، قال أنس: فقام إليه رجل منّا - يعني من الأنصار - فقال: يا رسول اللَّه فمن يبغض عليّاً بعد هذا؟ فقال: 'يا أخا الأنصار، لا يبغضه من قريش إلا سفحيّ، ولا من الأنصار إلا يهوديّ، ولا من العرب إلا دعيّ،ولا من سائر النّاس إلا شقيّ'. [ المصدر المتقدمه 134:1، ح 97].

7- وعنه أيضاً: عن زيد بن يثيع، قال: سمعت أبا بكر بن أبي قحافة يقول: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله خيّم خيمة - وهو متّكئ على قوس عربيّة - وفي الخيمة عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، فقال: 'يا معشر المسلمين، أنا سلمٌ لمن سالم أهل الخيمة، وحرب لمن حاربهم، ووليٌّ لمن والاهم، لا يُحبّهم إلا سعيد الجدّ، طيّب المولد، ولا يبغضهم إلا شقيّ الجدّ، ردئ الولادة'.

قال رجل: يا زيد، أنت سمعت منه؟ قال: إي، وربّ الكعبة. [ المصدر المتقدّم: 39، ح 373].

 

حديث 'من أحبّ أهل البيت كان مع رسول اللَّه في درجته'

روى الجويني: بسنده عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: 'إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أخذ بيد الحسن والحسين عليهماالسلام، فقال: 'مَن أحبّني وأحبّ هذين وأباهما واُمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة'. [ المصدر المتقدّم 25:2، ح 366].

حديث 'مَن يريد حياة رسول اللَّه فليوال عليّ بن أبي طالب'

1- روى الجويني: بسنده عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'مَن أحبّ أن يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنّة الخلد الّتي وعدني ربّي - وإنّ ربّي غرس قضبانها بيده - فليوال عليّ بن أبي طالب، فإنّه لن يخرجكم من هدى، ولن يدخلكم في ضلالة'. [ فرائد السمطين 55:1، ح 20].

 

حديث 'مبغض عليّ لا يقبل منه صلاة ولا صوم'

1- روى الجويني بسنده عن أبي الزبير الملكي، قال: سمعت جابر بن عبداللَّه يقول: كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بعرفات، وعليّ عليه السلام تجاهه، فأومأ إليَّ وإلى عليّ عليه السلام، فأتيناه، فقال: 'ادن منّي يا عليّ'، فدنا عليّ منه، فقال: 'اطرح خمسك في خمسي'، يعني كفّك في كفّي، 'يا عليّ، أنا وأنت من شجرة، أنا أصلها، وأنت فرعها، والحسن والحسين أغصانها، فمن تعلّق بغصن من أغصانها أدخله اللَّه تعالى الجنّة. يا عليّ، لو أنّ اُمّتي صاموا حتّى يكونوا كالحنايا، وصلّوا حتّى يكونوا كالأوتار، ثمّ أبغضوك لأكبّهم اللَّه تعالى في النّار'. [ فرائد السمطين 51:1، ح 16].

وروى الحافظ السمعاني في "الرسالة القواميّة" في مناقب الصحابة نحوه. [ مناقب الصحابة نقلاً عن الإحقاق 180:7].

2- وروى موفّق بن أحمد الخوارزمي والحافظ القندوزي بالاسناد عن عليّ عليه السلام، قال: 'قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: لو أنّ عبداً عبد اللَّه مثل ما قام نوح في قومه، وكان له مثل اُحد ذهباً فأنفقه في سبيل اللَّه، ومدّ في عمره حتّى يحجّ ألف عام على قدميه، ثمّ بين الصفا والمروة قتل مظلوماً، ثمّ لم يوالك - يا عليّ - لم يشمّ رائحة الجنّة ولم يدخلها'. [ المناقب للخوارزمي: 67، والمناقب للخوارزمي: 67، وينابيع المودّة: 252].

3- و روى البحراني عن "أمالي الصدوق": بسنده عن محمّد بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: 'نزل جبرئيل على النبيّ صلى الله عليه و آله، فقال: يا محمّد، اللَّه يقرئك السلام، ويقول: خلقت السموات السبع ومَن فيهنّ، والأرضين السبع، وما خلقت موضعاً أعظم من الركن والمقام، ولو أنّ عبداً دعاني هناك منذ خلقت السموات والأرضين، ثمّ لقيني جاحداً لولاية عليّ بن أبي طالب لأكببته في سقر'. [ غاية المرام: 209، الباب 27 المقصد الأوّل، ح 9].

وفي "البحار" عن "المناقب": عن ابن مردويه بالإسناد عن زيد بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ صلى الله عليه و آله، قال: 'يا عليّ، لو أنّ عبداً عبد اللَّه مثل ما قام نوح في قومه، وكان له مثل جبل اُحد ذهباً فأنفقه في سبيل اللَّه، ومدّ في عمره حتّى حجّ ألف عام على قدميه، ثمّ قتل بين الصفا والمروة مظلوماً، ثمّ لم يوالك يا عليّ، لم يشمّ رائحة الجنّة ولم يدخلها'. [ البحار 256:39، ونزهة المجالس 207:2، والفردوس 142:2، ح 2725].

حديث 'لا يزال قدم عبد يوم القيامة حتّى يسئل عن ولاية عليّ'

روى ابن الصبّاغ المالكي: بسنده عن أبي بردة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله - ونحن جلوس ذات يوم -: 'والّذي نفسي بيده، لا يزال قدم عن قدم يوم القيامة حتّى يسأل اللَّه تعالى الرجل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن جسده فيم أبلاه، وعن ماله مِمّ كسبه، وفيم أنفقه، وعن حبّنا أهل البيت'، فقال له عمر: ما آية حبّكم؟ فوضع يده صلى الله عليه و آله على رأس عليّ عليه السلام وهو جالس على جنبه، فقال: 'آيته حبّ هذا من بعدي'. [ الفصول المهمّة: 125. وروى الخوارزمي في المناقب: 77، مع تفاوت في بعض الألفاظ].

 

حديث 'عدم جواز أحد على الصراط إلا بولاء عليّ'

1- روى الجويني، عن مالك بن أنس، عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام، عن عليّ عليه السلام، قال: 'قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: إذا جمع اللَّه الأوّلين والآخرين يوم القيامة، ونصب الصراط على جسر جهنّم، لم يجز بها أحد إلا مَن كانت معه براءة بولاية عليّ بن أبي طالب'. [ فرائد السمطين مخطوط، نقلاً عن الإحقاق 115:7].

وروى نحوه الذهبي في "ميزان الاعتدال"، وكذا ابن حجر العسقلاني في "لسان الميزان"، والقندوزي في "ينابيع المودّة" وغيرهم. [ راجع: الإحقاق 115:7].

2- وروى الخوارزمي، عن الحسن البصري، عن عبداللَّه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'إذا كان يوم القيامة يقعد عليّ بن أبي طالب عليه السلام على الفردوس، وهو جبل قد علا على الجنّة، وفوقه عرش ربّ العالمين، ومن سفحه [ سفح الجبل: أصله وأسفله].

تنفجر أنهار الجنّة، وتتفرّق في الجنان، وهو جالس على كرسيّ من نور يجري بين يديه التسنيم، لا يجوز أحد الصراط إلا ومعه براءة بولايته وولاية أهل بيته، يشرف على الجنّة فيدخل محبّيه الجنّة ومبغضيه النّار'. [ المناقب للخوارزمي: 71].

3- وروى المحبّ الطبري عن قيس بن أبي حازم، قال: التقى أبو بكر وعليّ بن أبي طالب عليه السلام فتبسّم أبو بكر في وجه عليّ عليه السلام، فقال له: 'ما لك تبسّمت؟'، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: 'لا يجوز أحد الصراط إلا مَن كتب له عليّ عليه السلام الجواز'. [ ذخائر العقبى: 71، والأخبار الواردة في كتب العامّة في هذا الباب كثيرة، ومن أرادها فليراجع الإقاق 114:7].

حديث 'السعادة والهداية في حبّ عليّ وولايته'

1- روى ابن أبي الحديد من طريق أحمد بن حنبل في المسند والفضائل: أنّه خرج رسول اللَّه صلى الله عليه و آله على الحجيج عشية عرفة، فقال لهم: 'إنّ اللَّه قد باهى بكم الملائكة عامّة، وغفر لكم عامّة، وباهى بعليّ خاصّة، وغفر له خاصّة، إنّي قائل لكم قولاً غير محابّ فيه لقرابتي، إنّ السعيد كلّ السعيد حقّ السعيد من أحبّ عليّاً عليه السلام في حياته وبعد موته'. [ شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد 449:2، نقلاً عن الإحقاق 254:7].

2- و روى ابن الصباغ المالكي عن "معالم العترة النبويّة": مرفوعاً إلى فاطمة عليهاالسلام، قالت: خرج علينا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عشيّة عرفة فقال: 'إنّ اللَّه باهى بكم وغفر لكم عامّة ولعليّ خاصّة، وإنّي رسول اللَّه غير محابّ لقرابتي، إنّ السعيد كلّ السعيد من أحبّ عليّاً في حياته وبعد موته'. [ الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكي: 125].

3- و عنه أيضاً: عن الطبراني، بسنده عن فاطمة "سلام اللَّه عليها" لفظ الحديث السابق وزاد في ذيله: 'إنّ الشقيّ كلّ الشقيّ من أبغض عليّاً في حياته وبعد مماته'. [ المصدر المتقدّم].

4- وفي "البحار": عن سلمان الفارسي، قال: خرج رسول اللَّه يوم عرفة، فقال: 'أيّها النّاس، إنّ اللَّه باهى بكم في هذا اليوم ليغفر لكم عامّة، ويغفر لعليّ خاصّة'، ثمّ قال: 'ادن منّي يا عليّ'، فدنا منه، فأخذ بيده، ثمّ قال: 'إنّ السعيد كلّ السعيد حقّ السعيد من أطاعك وتولاك من بعدي' الحديث. [ البحار 265:39].

5- و روى الأخطب الخوارزمي، عن جابر، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'إنّ اللَّه لمّا خلق السماوات والأرض دعاهنّ فأجبنه، فعرض عليهنّ نبوّتي وولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقبلتاهما، ثمّ خلق الخلق وفوّض إلينا أمر الدين، فالسعيد من سعد بنا، والشقيّ من شقي بنا، نحن المحلّون لحلاله، والمحرّمون لحرامه'. [ المناقب للخوارزمي: 80، طبع مكتبة نينوى الحديثة - طهران].

6- روى الصدوق في اماليه "أمالي الصدوق": بسنده عن سليمان بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'يا عليّ، أنت أخي وأنا أخوك. يا عليّ، أنت منّي وأنا منك. يا عليّ، أنت وصيّي وخليفتي وحجّة اللَّه على اُمّتي بعدي، لقد سعد من تولاك، وشقي من عاداك'. [ أمالي الصدوق - المجلس السابع والخمسون: ح 12].

7- و عنه أيضاً عن الحكم بن الصلت، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'خذوا بحجزة هذا الأنزع - يعني عليّاً - فإنّه الصدّيق الأكبر، وهو الفاروق يفرق بين الحقّ والباطل، مَن أحبّه هداه اللَّه، ومَن أبغضه أبغضه اللَّه، ومَن تخلّف عنه محقه اللَّه' الحديث. [ أمالي الصدوق - المجلس السادس والتسعون: ح 8].

 

حديث 'ولاية عليّ الركوب على سفينة النجاة'

روى المجلسى عن "أمالي الصدوق": بسنده عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'مَن أحبّ أن يركب سفينة النجاة، ويستمسك بالعروة الوثقى، ويعتصم بحبل اللَّه المتين، فليوال عليّاً بعدي، وليعاد عدوّه، وليأتمّ بالأئمّة الهداة من ولده، فإنّهم خلفائي وأوصيائي، وحجج اللَّه على الخلق بعدي، وسادة اُمّتي، وقادة الأتقياء إلى الجنّة، حزبهم حزبي، وحزبي حزب اللَّه، وحزب أعدائهم حزب الشيطان'. [ البحار 92:38].

حديث 'ولايته عبادة وجنّة'

1- في "الفردوس للديلمي" عن ابن مسعود: 'حبّ آل محمّد خيرٌ من عبادة سنة، ومن مات عليه دخل الجنّة'. [ الفردوس للديلمي 142:2، ح 2721].

2- و عن "أمالي الصدوق" رحمه الله: بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'ولاية عليّ بن أبي طالب ولايتي، وحبّه عبادة اللَّه، واتّباعه فريضة اللَّه، وأولياؤه أولياء اللَّه، وأعداؤه أعداء اللَّه، وحربه حرب اللَّه، وسلمه سلم اللَّه عزّ وجلّ'. [ غاية المرام: 209، الباب 27 المقصد الأوّل، ح 1].

3- و عنه أيضاً: عن "أمالي الصدوق" رحمه الله بسنده عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام: 'مَن أقام فرائض اللَّه، واجتنب محارم اللَّه، وأحسن الولاية لأهل بيت نبيّ اللَّه، وتبرّأ من أعداء اللَّه عزّ وجلّ، فليدخل من أيّ أبواب الجنّة الثمانية شاء'. [ المصدر المتقدم بعينه، ح 5].

4- عن "أمالي الصدوق رحمه الله": بسنده عن أبي سلام مولى قيس، قال: خرجت مع مولاي قيس إلى المدائن، قال: سمعت سعد بن حذيفة يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: 'ما من عبد ولا أمة يموت وفي قلبه مثقال حبّة خردل من حبّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام إلا أدخله اللَّه عزّ وجلّ الجنّة'. [ البحار 246:39].

ورواه العلامة الإربلي في "كشف الغمّة" بعين ما تقدّم. [ كشف الغمّة - باب المناقب 530:1].

 

حديث 'حبّ عليّ يأكل الذنب'

1- روى القندوزي الحنفي: عن أنس، قال: 'عنوان صحيفة المؤمن حبّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام'. [ ينابيع المودّة: 186].

وذكر ابن المغازلي في "المناقب"، والصفوري في "نزهة المجالس"، والمجلسي في "البحار"، وغيرهم، نحوه. [ المناقب لابن المغازلي الشافعي: 243، ح 290، و نزهة المجالس للصفوري 208:2، والبحار 304:39، والصواعق المحرقة: 125].

2- و روى الصفوري عن ابن عبّاس، قال: حبّ عليّ بن أبي طالب يأكل الذنوب كما تأكل النّار الحطب، ولو اجتمع النّاس على حبّه لما خلق اللَّه جهنّم. [ نزهة المجالس 207:2، وكفاية الطالب: 325].

3- و عن المجلسي عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'حبّ عليّ بن أبي طالب يأكل الذنوب كما تأكل النّار الحطب'. [ البحار 304:39، والفردوس للديلمي 142:2، ح 2722].

4- و عنه: عن أنس، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'حبّ عليّ يخمد النيران'. [ المصدر المتقدّم 304: 39].

5- و عنه: عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'حبّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام يحرق الذنوب كما تحرق النّار الحطب'. [ المصدر المتقدّم 266: 39].

6- وعنه أيضاً: قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'حبّ عليّ بن أبي طالب حسنة لا تضرّ معها سيّئة، وبغضه سيّئة لا تنفع معها حسنة'. [ المصدر المتقدّم 304:39. وروى الحديث الترمذي عن معاذ بن جبل في "المناقب المرتضويّة" ص92، والخوارزمي ص1، وعن أنس بن مالك في "المناقب" ص45، والموصلي عن ابن عبّاس في "بحر المناقب" ص7، وغيرهم من علماء العامّة في كتبهم، فراجع الإحقاق 257:7].

حديث 'لو أنّ أهل الأرض يحبّون عليّاً لما خلق اللَّه ناراً'

في "البحار": عن "الروضة" و"الفضائل": بالإسناد، يرفعه إلى سعد بن عبادة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'لمّا عرج بي إلى السماء وقفت عن ربّي كقاب قوسين أو أدنى، سمعت النداء من قِبل اللَّه: يا محمّد، مَن تحبّ ممّن معك في الأرض؟ فقلت: يا ربّ، اُحبّ مَن تحبّه، وتأمرني بمحبّته. فقال: يا محمّد، أحبّ عليّاً، فإنّي اُحبّه واُحبّ مَن يحبّه، فلمّا رجعت إلى السماء الرابعة تلقّاني جبرئيل، فقال لي: ما قال لك ربّ العزّة، وما قلت له؟ فقلت: حبيبي جبرئيل، قال لي: كيت وكيت، وقلت له: كيت وكيت، قال: فبكى جبرئيل، وقال: يا محمّد، والّذي بعثك بالحقّ نبيّاً، لو أنّ أهل الأرض يحبّون عليّاً كما يحبّه أهل السموات لما خلق اللَّه ناراً يعذّب بها أحداً'. [ البحار 248:39].

 

حديث 'أوّل مَن يدخل الجنّة محبّ عليّ'

في "البحار" عن "كتاب ابن خالويه": عن أبي سعيد، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لعليّ عليه السلام: 'حبّك إيمان، وبغضك نفاق، وأوّل مَن يدخل الجنّة محبّك، وأوّل مَن يدخل النّار مبغضك، وقد جعلك اللَّه أهلاً لذلك، فأنت منّي وأنا منك، ولا نبيّ بعدي'. [ البحار 267:39].

وروى العلامة ابن الصبّاغ المالكي، عن أبي سعيد الخدري صدر الحديث بعينه. [ الفصول المهمّة: 109، نقلاً عن الإحقاق 247:7].

علي و شيعته هم الفائزون

عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'والّذي نفسي بيده إنّ هذا - يعني عليّاً عليه السلام - وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة'.

تاريخ دمشق - ترجمة الإمام عليّ عليه السلام 442:2، ح 951

نظرة في الحديث

وردت روايات كثيرة عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله يدلّ مضمونها على أنّ عليّاً عليه السلام وشيعته هم الفائزون، وهذه الحقيقة الإسلاميّة مسلّمة قطعيّة، ولا ينبغي الشكّ فيها، فإنّ الآيات القرآنيّة الّتي تبشّر بالفوز العظيم تطرح اُموراً توجد في أشخاص يمثّل عليّ عليه السلام أبرز مصاديقهم، والصورة الكاملة لما تطلبه الآية، وممّا لا شكّ فيه أنّ مَن يتّبع سبيل عليّ عليه السلام سوف يدخل في إطار هذه الآية، ويكون من مصاديقها ومصداقاً لذلك الفوز العظيم، ونحن نشير إلى بعض الآيات من أجل أن يطّلع عليها القارئ العزيز ليتّضح من خلالها أنّ الروايات الواردة في هذا الباب تنطبق تماماً على آيات القرآن الكريم، فمنها قوله تعالى:

1 - 'وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً' [ سورة الأحزاب: 71].

فهل هناك من هو أشدّ طاعة للَّه ورسوله من عليّ عليه السلام؟ وهل هناك مَن هو كعليّ عليه السلام لم يغفل عن طاعة اللَّه طرفة عين؟ ومَن يمكن أن يكون مصداقاً للآية أكمل وأفضل من عليّ عليه السلام؟ وعلى هذا فإنّ عليّاً - وطبقاً لهذه الآية - مصداق بيّن للفائزين، وتبعاً لذلك فإنّ كلّ مَن يتّبع سبيل عليّ عليه السلام سيفوز فوزاً عظيماً.

2 - 'وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ' [ سورة النُّور: 52].

وليس هناك مصداق أسمى من عليّ عليه السلام في طاعته للَّه ورسوله، وخشيته اللَّه، وعدم عصيانه له؟ ولهذا فإنّه الفائز والمحبوّ بهذه الكرامة الإلهيّة، وهي تشمل شيعته أيضاً.

3 - 'الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدَوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ' [ سورة التوبة: 20].

ألم يكن عليّ عليه السلام أوّل مَن آمن؟ ألم يكن أوّل مهاجر، وأكثر المهاجرين هجرة في سبيل اللَّه؟ ألم يكن عليّ أفضل مجاهد في سبيل اللَّه؟ وعليه فعليّ عليه السلام أظهر مصداق للآية، فهو الفائز، وكلّ مَن يعمل بهذه الآية ويتّبع سبيل عليّ فإنّه من شيعته، وهو من الفائزين، إلى غير ذلك من الآيات المشتملة على كلمة الفوز الّتي تقترن بالطاعة والإيمان والهجرة وعمل الصالحات وغيرها.

نبذة من الأخبار في أنّ عليّاً وشيعته هم الفائزون

1- روى ابن عساكر الشافعي بسنده عن جابر بن عبداللَّه، قال: كنّا عند النبيّ صلى الله عليه و آله فأقبل عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال النبيّ صلى الله عليه و آله: 'قد أتاكم أخي'، ثمّ التفت إلى الكعبة فضربها بيده، ثمّ قال: 'والّذي نفسي بيده، إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة'. [ تاريخ دمشق - ترجمة الإمام عليّ عليه السلام 442:2، ح 951].

2- وروى ابن المغازلي الشافعي، بإسناده عن محمّد بن سالم، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، قال: 'يا عليّ، إنّ شيعتنا يخرجون من قبورهم يوم القيامة على ما بهم من العيوب والذنوب وجوههم كالقمر في ليلة البدر، وقد فُرّجت عنهم الشدائد، وسَهُلَتْ لهم الموارد، واُعطُوا الأمن والأمان، وارتفعت عنهم الأحزان، يخاف النّاس ولا يخافون، ويحزن النّاس ولا يحزنون، شُرُكُ نِعالِهم تتلألأ نوراً، على نوق بيض لها أجنحةٌ قد ذُلِّلَتْ من غير مهانة، ونجبت من غير رياضة، أعناقها من ذهب أحمر، ألين من الحرير، لكرامتهم على اللَّه عزّ وجلّ'. [ المناقب لابن المغازلي: 296، ح 339، وأخرجه ابن حجر الهيتمي في "الصواعق المحرقة" ص230، مقتصراً على صدر الحديث].

3- وروى الجويني بسنده عن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'أتاني جبرئيل عن ربّي عزّ وجلّ وهو يقول: ربّي يقرؤك السلام ويقول لك: بشّر المؤمنين الّذين يعملون الصالحات ويؤمنون بك وبأهل بيتك بالجنّة، فلهم عندي الجزاء الحسنى، وسيدخلون الجنّة'. [ فرائد السمطين 307:1، ح 246].

4- و عنه أيضاً بسنده إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام، قال: 'قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: يا عليّ، إنّ اللَّه غفر لك ولأهلك ولشيعتك ولمحبّي شيعتك، ومحبّي محبّي شيعتك، فإنّك الأنزع البطين، منزوع من الشرك، بطين من العلم'. [ المصدر المتقدّم: 308، ح 247].

5- وعنه أيضاً: بسنده عن أبي عليّ أحمد بن عليّ بن مهدي الرقّي، عن أبيه، عن عليّ بن موسى، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'يا عليّ، طوبى لمن أحبّك وصدّق بك، وويل لمن أبغضك وكذّب بك. يا عليّ، محبّوك معروفون في السماء السابعة والأرض السابعة السفلى وما بين ذلك، هم أهل اليقين والورع والسمت الحسن، والتواضع للَّه تعالى، خاشعة أبصارهم، وجلة قلوبهم لذكر اللَّه، وقد عرفوا حقّ ولايتك، وألسنتهم ناطقة بفضلك، وأعينهم ساكبة تحنّناً عليك وعلى الأئمّة من ولدك، يدينون اللَّه بما أمرهم به في كتابه، وجاءهم به البرهان من سنّة نبيّه، عاملون بما يأمرهم به اُولو الأمر منهم، متواصلون غير متقاطعين، متحابّون غير متباغضين، إنّ الملائكة لتصلّي عليهم وتؤمّن على دعائهم وتستغفر للمذنب منهم، وتشهد حضرته، وتستوحش لفقده إلى يوم القيامة'. [ فرائد السمطين: 309، ح 248].

6- وروى العلامة القندوزي عن الزرندي في "درر السمطين" عن إبراهيم بن شيبة الأنصاري، قال: جلست عند الأصبغ بن نباتة، قال: ألا اُقرئك ما أملاه عليّ بن أبي طالب عليه السلام؟ فأخرج صحيفة فيها مكتوب:

'بسم اللَّه الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به محمّد صلى الله عليه و آله أهل بيته واُمّته، وأوصى أهل بيته بتقوى اللَّه ولزوم طاعته، وأوصى اُمّته بلزوم أهل بيته، وأهل بيته يأخذون بحجزة نبيّهم صلى الله عليه و آله، وإنّ شيعتهم يأخذون بحجزهم يوم القيامة، وإنّهم لن يدخلوكم باب ضلالة، ولن يخرجوكم من باب هديً'. [ ينابيع المودّة: 273].

7- وفي "البحار" عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لأمير المؤمنين عليه السلام: 'لو اجتمعت الخلائق على ولايتك لما خلق اللَّه النّار، ولكن أنت وشيعتك الفائزون يوم القيامة'. [ البحار 248:39].

8- وروى المفيد بإسناده عن جابر بن يزيد، عن محمّد بن عليّ الباقر عليهماالسلام، قال: سُئِلت اُمّ سلمة زوجة النبيّ صلى الله عليه و آله عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقالت: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: 'إنّ عليّاً وشيعته هم الفائزون'. [ الإرشاد للمفيد 41:1].

9- وعنه أيضاً: بإسناده عن الأصبغ بن نباتة، عن عليّ عليه السلام، قال: 'قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: إنّ للَّه تعالى قضيباً من ياقوت أحمر لا يناله إلا نحن وشيعتنا وسائر النّاس منه بريئون'. [ المصدر المتقدّم: 42].

10- وعنه أيضاً: بإسناده عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'يدخل الجنّة من اُمّتي سبعون ألفاً لا حساب عليهم ولا عذاب'. قال: ثمّ التفت إلى عليّ عليه السلام، فقال: 'هم شيعتك وأنت إمامهم'. [ المصدر المتقدّم].

11- وعنه أيضاً: بإسناده إلى عمر بن موسى، عن زيد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه عن عليّ عليه السلام، قال: 'شكوت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله حسد النّاس إيّاي؟ فقال: يا عليّ، إنّ أوّل أربعة يدخلون الجنّة: أنا وأنت والحسن والحسين، وذرّيّتنا خلف ظهورنا، وأحبّاؤنا خلف ذرّيّتنا وأشياعُنا عن أيماننا وشمائلنا'. [ المصدر المتقدّم: 43].

12- وروى أبو الفرج الاصفهاني بسنده عن عبداللَّه بن سعيد الأشقري، عن دعبل بن عليّ، قال: لمّا هربت من الخليفة بتّ ليلة بنيسابور وحدي وعزمت على أن أعمل قصيدة في عبداللَّه بن طاهر في تلك الليلة، فإنّي لفي ذلك إذ سمعت والباب مردود علَيّ: 'السلام عليكم ورحمة اللَّه، انج يرحمك اللَّه'، فاقشعرّ بدني من ذلك، ونالني أمرٌ عظيم، فقال لي: لا ترع عافاك اللَّه، فإنّي رجل من إخوانك من الجنّ من ساكني اليمن، طرأ إلينا طارئ من أهل العراق، فأنشدنا قصيدتك:

مدارس آيات خلت من تلاوة*** ومنزل وحي مقفر العرصاتِ

فأحببت أن أسمعها منك، قال: فأنشدته إيّاها، فبكى حتّى خرّ، ثمّ قال: رحمك اللَّه، ألا اُحدّثك حديثاً يزيد في نيّتك، ويعينك على التمسّك بمذهبك؟ فقلت: بلى، قال: مكثت حيناً أسمع بذكر جعفر بن محمّد عليهماالسلام فصرت إلى المدينة فسمعته يقول: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، قال: 'عليّ وشيعته هم الفائزون'. ثمّ ودّعني لينصرف، فقلت له: يرحمك اللَّه، إن رأيت أن تخبرني باسمك فافعل؟ قال: أنا ظبيان بن عامر. [ الأغاني 39:18، طبع عزّ الدين - بيروت].

 

و إليك أخبار في مَن أحبّ عليّاً اُعطي خصالاً وفضائل

1- روى الصدوق بسنده عن أبي حمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام، قال: 'قال سلمان الفارسي: كنت ذات يوم جالساً عند رسول اللَّه صلى الله عليه و آله إذ أقبل عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال له: 'ألا اُبشّرك يا عليّ؟'، قال: 'بلى، يا رسول اللَّه'، قال: 'هذا حبيبي جبرئيل يخبرني عن اللَّه جلّ جلاله أنّه قد أعطى محبّيك وشيعتك سبع خصال: الرفق عند الموت، والاُنس عند الوحشة، والنور عند الظلمة، والأمن عند الفزع، والقسط عند الميزان، والجواز على الصراط، ودخول الجنّة قبل سائر النّاس من الاُمم بثمانين عاماً'. [ أمالي الصدوق - المجلس الرابع والخمسون: ح 15].

2- وروى عليّ بن أبي بكر الهيثمي، عن عبداللَّه بن أبي نجي: أنّ عليّاً عليه السلام اُتي يوم النضير بذهب وفضّة، فقال: 'ابيضّي واصفرّي وغرّي غيري، غرّي أهل الشام غداً إذا ظهروا عليك'، فشقّ قوله ذلك على النّاس، فذكر ذلك له، فأذن في النّاس فدخلوا عليه، قال: 'إنّ خليلي عليه السلام قال: يا عليّ، إنّك ستقدم على اللَّه وشيعتك راضين مرضيّين، وقدم عليك عدوّك غضاب مقمحين' [ الاقماح: رفع الرأس وغضّ البصر].

ثمّ جمع يده إلى عنقه يريهم الإقماح. [ مجمع الزوائد 131:9].

3- وروى العلامة التستري عن محمّد صالح الكشفي الترمذي في المناقب المرتضوية بسنده عن أنس، قال: قال النبيّ صلى الله عليه و آله: 'حدّثني جبرئيل عن اللَّه عزّ وجلّ أنّ اللَّه تعالى يحبّ عليّاً ما لا يحبّ الملائكة ولا النبيّين ولا المرسلين، وما من تسبيحة يسبّح اللَّه إلا ويخلق اللَّه منه ملكاً يستغفر لمحبّه وشيعته إلى يوم القيامة'. [ الإحقاق 319:7].

4- وروى العلامة ابن حجر الهيثمي عن طريق الديلمي: أنّه قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'يا عليّ، أنت وشيعتك تردون علَيّ الحوض رواءً مرويّين، مبيضّة وجوههم، وإنّ أعدائكم يردون علَيّ الحوض ضماءً مقمحين'. [ الصواعق المحرقة: 161].

5- وروى الخطيب الخوارزمي، عن إبراهيم بن مهاجر، عن يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب عليّ عليه السلام، قال: سمعت عليّاً عليه السلام يقول: 'حدّثني رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وأنا مسنده إلى صدري، فقال - أي عليّ: - ألم تسمع قول اللَّه تعالى: 'إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيِّةِ' [ سورة البيّنة: 7].

أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض، إذا جاءت الاُمم للحساب تدعون غرّاً محجّلين'. [ المناقب للخوارزمي: 187، طبع مكتب نينوى الحديثة - طهران].

وفي "البحار" عن "تفسير فرات": بسنده عن جابر الأنصاري رحمه الله في حديث - قال: انّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في مرضه الّذي قبض فيه قال لعليّ عليه السلام: 'يا عليّ، ادن منّي'، فدنا منه، فقال: 'ادخل اُذنك في فيّ'، ففعل فقال: 'يا أخي، ألم تسمع قول اللَّه في كتابه: 'إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيِّةِ'؟ قال: 'بلى، يا رسول اللَّه'، قال: 'هم أنت وشيعتك تجيئون غرّاً محجّلين، شباعاً مرويّين، أوَلم تسمع قول اللَّه في كتابه: 'إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ' [ سورة البيّنة: 6].

قال: 'بلى، يا رسول اللَّه'، قال: 'هم عدوّك وشيعتهم يجوزون [ في المصدر: 'يجيئون'].

يوم القيامة ظماءً مظمئين، أشقياءً معذّبين، كفّاراً منافقين، ذلك لك ولشيعتك، وهذا لعدوّك ولشيعتهم'. [ البحار 458:22].

علي ليلة المعراج

قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'يا عليّ، ألا اُبشّرك؟'، قال عليّ عليه السلام: 'قلت: بشّرني يا رسول اللَّه'، فقال صلى الله عليه و آله: 'يا عليّ، نظرتُ بعيني إلى عرش ربّي جلّ وعزّ فرأيتُ مثلك في السماءِ الأعلى'.

البحار 393:18

تمهيد

في هذا الفصل نرى في كثير من الروايات الواردة عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله أنّه رأى عليّاً عليه السلام إلى جانبه في مواضع مختلفة من هذا السفر الخطير، و اسم عليّ عليه السلام مكتوب إلى جانب اسم اللَّه ورسوله في مواضع متعدّدة، كساق العرش، وسدرة المنتهى، وأبواب الجنّة، وهناك تعبيرات اُخرى تشهد بعظمة عليّ عليه السلام بعد النبيّ صلى الله عليه و آله؛ لذلك سنورد بعض الحديث المتعلّق بالمعراج، ثمّ نتبعه بروايات تدلّ على عظمة عليّ عليه السلام في ليلة المعراج.

المعراج حقيقة إسلاميّة ثابتة

من المسائل الّتي اتّفق عليها علماء الإسلام مسألة المعراج؛ وذلك لأنّ القرآن الكريم يشهد بها في الآية الاُولى من سورة الإسراء، والآيات 18 - 5 من سورة النجم. ومن جهة اُخرى فإنّ الروايات المتواترة تؤيّد أنّ هذا السفر السماوي قد تمّ مرّتين.

ومن وجهة نظر الشيعة الإماميّة وكثير من علماء السنّة، أنّ معراج النبيّ صلى الله عليه و آله هذا كان معراجاً جسمانياً لا روحياً فقط، وهم يعتقدون كذلك أنّ هذا السفر الطويل قد تمّ في ليلة واحدة، وأنّه بدأ من مكّة المكرّمة إلى المسجد الأقصى، ومن هناك إلى السماء، ثمّ انتهى بالعودة إلى مكّة.

أمّا الآيات: فقوله تعالى: 'سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى [ والإسراء: هو السفر ليلاً، وهو يقابل السير الّذي هو السفر نهاراً، ولذلك وردت لفظة "ليلاً" لتؤيّد أنّ هذا السفر قد تمّ في ليلة واحدة، وأنّ السفر كان إلى المسجد الأقصى، ومن هناك إلى السماوات كما ورد في سورة النجم].

بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِن آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ'. [ سورة الإسراء: 1].

وقد حدث هذا السفر مرّة ثانية، حيث يقول القرآن الكريم: 'وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِن آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى'. [ سورة النجم: 18 - 13].

روى المجلسي عن أبي بصير، قال: سمعت الصادق عليه السلام يقول: 'قال النبيّ صلى الله عليه و آله: أتاني جبرئيل، وأنا بمكّة، فقال: قم يا محمّد، فقمت معه وخرجت إلى الباب، فإذا جبرئيل ومعه ميكائيل وإسرافيل، وأتى جبرئيل بالبراق، وكان فوق الحمار ودون البغل، خدّه كخدّ الإنسان، وذنبه كذنب البقر، وعرفه كعرف الفرس، وقوائمه كقوائم الإبل، عليه رحل من الجنّة، وله جناحان من فخذيه، خطوه منتهى طرفه [ خطوة منتهى طرفه: كان يضع كلّ خطوة منه على منتهى مدّ بصره].

فقال: اركب، فركبت ومضيت حتّى انتهيت إلى بيت المقدس. ولمّا انتهيت إلى بيت المقدس إذا ملائكة نزلت من السماء بالبشارة والكرامة من عند ربّ العزّة، وصلّيت في بيت المقدس'.

وفي بعضها: 'بشّرني إبراهيم في رهط من الأنبياء، ثمّ وصف موسى وعيسى - ثمّ أخذ جبرئيل بيدي إلى الصخرة فأقعدني عليها، فإذا معراج إلى السماءِ لم أرَ مثلها حسناً وجمالاً، فصعدت إلى السماء الدنيا ورأيت عجائبها وملكوتها وملائكها يسلّمون عليّ، ثمّ صعد بي جبرئيل إلى السماء الثانية، فرأيت فيها عيسى بن مريم ويحيى بن زكريّا، ثمّ صعد بي إلى السماء الثالثة فرأيت فيها يوسف، ثمّ صعدت إلى السماء الرابعة فرأيت فيها إدريس، ثمّ صعد بي إلى السماء الخامسة فرأيت فيها هارون، ثمّ صعد بي إلى السماء السادسة فإذا فيها خلق كثير، يموج بعضهم في بعض، وفيها الكروبيّون، قال: ثمّ صعد بي إلى السماء السابعة فأبصرت فيها خلقاً وملائكة'.

وفي حديث آخر: قال النبيّ صلى الله عليه و آله: 'رأيت في السماء السادسة موسى عليه السلام، ورأيت في السابعة إبراهيم عليه السلام'. قال: 'ثمّ جاوزنا متصاعدين إلى أعلى علّيّين'.

ووصف ذلك إلى أن قال: 'ثمّ كلّمني ربّي وكلّمته، ورأيت الجنّة والنّار، ورأيت العرش وسدرة المنتهى'، ثمّ قال: 'ورجعت إلى مكّة، فلمّا أصبحت حدّثت به النّاس، فأكذبني أبو جهل والمشركون، وقال مطعم بن عديّ: أتزعم أنّك سرت مسيرة شهرين في ساعة؟ أشهد أنّك كاذب'. ثمّ قالت قريش: أخبرنا عمّا رأيت؟

فقال صلى الله عليه و آله: 'مررت بِعِير بني فلان، وقد أضلّوا بَعِيراً لهم وهم في طلبه، وفي رحلهم قعب [ القعب: القدح الضخم الغليظ].

من ماء مملوء، فشربت الماء فغطّيته كما كان، فسألوهم هل وجدوا الماء في القدح'، قالوا: هذه آية واحدة. فقال صلى الله عليه و آله: 'مررتُ بعير بنى فلان، فنفر بعير فلان فانكسرت يده، فسألوهم عن ذلك'، فقالوا: هذه آية اُخرى. قالوا: أخبرنا عن عِيرنا؟ قال صلى الله عليه و آله: 'مررت بها بالتنعيم'، وبيّن لهم أحوالها وهيأتها. قالوا: هذه آية اُخرى. [ البحار 375:18].

روى الكليني بإسناده عن أبي عبداللَّه عليه السلام في قوله اللَّه تعالى: 'وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ' [ سورة يونس: 101].

قال: 'لمّا اُسري برسول اللَّه صلى الله عليه و آله أتاه جبرئيل بالبراق فركبها، فأتى بيت المقدس فلقي من لقي من إخوانه من الأنبياء، ثمّ رجع فحدّث أصحابه أنّي أتيت بيت المقدس ورجعت من الليلة، وقد جاءني جبرئيل بالبراق فركبتها، وآية ذلك أنّي مررت بَعِير لأبي سفيان على ماءٍ لبني فلان، وقد أضلّوا جملاً لهم أحمر، وقد همّ القوم في طلبه، فقال بعضهم لبعض: إنّما جاء الشام وهو راكب سريع، ولكنّكم قد أتيتم الشام وعرفتموها فسلوه عن أسواقها وأبوابها وتُجّارها، فقالوا: يا رسول اللَّه، كيف الشام، وكيف أسواقها؟ قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله إذا سئل عن الشي ء لا يعرفه شقّ عليه حتّى يرى ذلك في وجهه. قال: فبينما هو كذلك إذا أتاه جبرئيل عليه السلام، فقال: يا رسول اللَّه، هذه الشام قد رفعت لك، فالتفت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فإذا هو بالشام بأبوابها وأسواقها وتجّارها، فقال: أين السائل عن الشام؟ فقالوا له: فلان وفلان، فأجابهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في كلّ ما سألوه عنه، فلم يؤمن منهم إلا قليل، وهو قول اللَّه تبارك وتعالى: 'وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ''.

ثمّ قال أبو عبداللَّه عليه السلام: 'نعوذ باللَّه أن لا نؤمن باللَّه وبرسوله، آمنّا باللَّه وبرسوله صلى الله عليه و آله'. [ روضة الكافي: 299، ح 555].

الأخبار الواردة في الإسراء كثيرة بالغة حدّ التواتر، وقد رواها جمّ غفير من الصحابة كأنس بن مالك، وشدّاد بن الأوس، وعليّ بن أبي طالب عليه السلام، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وعبداللَّه بن مسعود، وعمر بن الخطّاب، وعبداللَّه بن عمر، وعبداللَّه بن عبّاس، واُبيّ بن كعب، وسمرة بن جندب، وبريدة، وصهيب بن سنان، وحذيفة بن اليمان، وسهل بن سعد، وأبو أيّوب الأنصاري، وجابر بن عبداللَّه، وأبو الحمراء، وأبو الدرداء، وعروة، واُمّ هاني، واُمّ سلمة، وعائشة، وأسماء بنت أبي بكر كلّهم عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

ورواها كثير من رواة الشيعة عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام، نذكر بعضها فيما يلي:

متى كان المعراج؟

قال العلامة الطباطبائي صاحب تفسير الميزان: قد اتّفقت أقوال مَن يُعتنى بقوله من علماء الإسلام على أنّ الإسراء كان بمكّة قبل الهجرة، كما يستفاد من قوله تعالى: 'سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ' الآية، ويدلّ عليه ما اشتملت عليه كثير من الروايات من إخباره صلى الله عليه و آله قريشاً بذلك صبيحة ليلته وإنكارهم ذلك عليه، وإخباره صلى الله عليه و آله إيّاهم بأساطين المسجد الأقصى وما لقيه في الطريق من العِير وغير ذلك.

ثمّ اختلفوا في السنة الّتي اُسري به صلى الله عليه و آله فيها، فقيل: في السنة الثانية من البعثة، كما عن ابن عبّاس، وقيل: في السنة الثالثة منها كما في "الخرائج" عن عليّ عليه السلام، وقيل: في السنة الخامسة أو السادسة، وقيل: بعد البعثة بعشر سنين وثلاثة أشهر، وقيل: في السنة الثانية عشرة منها، وقيل: قبل الهجرة بسنة وخمسة أشهر، وقيل: قبلها بسنة وثلاثة أشهر، وقيل: قبلها بستّة أشهر.

ولا يهمّنا الغور في البحث عن ذلك، ولا عن الشهر واليوم الّذي وقع فيه الإسراء، ولا مستند يصحّ التعويل عليه. [ تفسير الميزان 29:13].

ما هو الهدف من المعراج؟

يظنّ البعض من ذوي الآفاق الضيّقة أنّ الهدف من المعراج كان لقاء النبيّ صلى الله عليه و آله باللَّه في السماوات! كلا فليس الأمر كذلك، بل الهدف من هذا السفر المهمّ الخطير "على ظنّي، واللَّه العالم" هو مشاهدة أسرار عظمة اللَّه في أنحاء عالم الوجود، وخاصّة العالم العلوي الّذي هو مجموعة من آيات عظمته تعالى، وليتلقّى علوماً أكثر من أجل هداية البشر وإرشادهم، وقد صرّح القرآن الكريم بهذا الهدف فقال في سورة الإسراء: 'لِنُرِيَهُ مِن آيَاتِنَا'، وفي سورة النجم: 'لَقَدْ رَأَى مِن آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى'.

عن ثابت بن دينار، قال: سألت عليّ بن الحسين عليه السلام عن اللَّه عزّ وجلّ، هل يوصف بمكان؟ فقال: 'لا، تعالى اللَّه عن ذلك'، قلت: فلِمَ أسرى بنبيّه إلى السماء؟ قال: 'ليريه السموات وما فيها من عجائب صنعه وبدائع خلقه' الحديث. [ تفسير البرهان 398:2].

وأخيراً فإنّ الهدف هو مشاهدة النبيّ صلى الله عليه و آله الباطنيّة من جهة، ورؤية عظمة اللَّه في عرشه وملكوته في السموات الواسعة العظيمة بالعين الظاهرية من جهة اُخرى، وكذلك الاطّلاع على اُمور كثيرة ممّا يتعلّق بالملائكة وأهل الجنّة والنّار وأرواح الأنبياء، وكانت مصدر إلهام له في تعليم الخلق وتربيتهم على مدى عمره المبارك.

جملة ممّا وردت في ليلة المعراج وعظمة عليّ

ذكر ولاية عليّ و انّه حجة اللَّه

روى الكليني بسنده عن عليّ بن أبي حمزة، قال: سأل أبو بصير أبا عبداللَّه عليه السلام وأنا حاضر، فقال: جعلت فداك، كم عُرِجَ برسولِ اللَّه صلى الله عليه و آله؟ فقال: 'مرّتين، فأوقفه جبرئيل موقفاً، فقال له: مكانك يا محمّد، فلقد وُقِفتَ موقفاً ما وقفه ملكٌ قطٌّ ولا نبيٌّ. إنّ ربّك يُصلّي، فقال: يا جبرئيل، وكيف يصلّي؟ قال: يقول: سبّوح قدّوسٌ أنا ربُّ الملائكةِ والروح، سبقت رحمتي غضبي، فقال: اللّهمّ عفوك عفوك. قال: وكان كما قال اللَّه: 'قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى''، فقال له أبو بصير: جعلت فداك، ما قاب قوسين أو أدنى؟ قال: 'ما بين سيتها [ بكسر المهملة: ما عطف من طرفيها].

إلى رأسها'. فقال: 'كان بينهما حجاب يتلألأ يخفق [ يتحرّك ويضطرب].

ولا أعلمه إلا وقد قال: زبرجد، فنظر في مثل سمّ الإبرة [ سم الإبرة: ثقبها].

إلى ما شاء اللَّه من نور العظمة. فقال اللَّه تبارك وتعالى: يا محمّد، قال: لبّيك ربّي، قال: من لاُمّتك من بعدك؟ قال: اللَّه أعلم، قال: عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وقائد الغرّ [ الغرة - بالضمّ -: بياض في الجبهة، والتحجيل بياض في قوائم الفرس].

المحجّلين'.

قال: ثمّ قال أبو عبداللَّه عليه السلام لأبي بصير: 'يا أبا محمّد، واللَّه ما جاءت ولاية عليّ عليه السلام من الأرض، ولكن جاءت من السماء مشافهة'. [ اُصول الكافي 443:1، باب مولد النبيّ صلى الله عليه و آله ووفاته، ح 13].

قال المجلسي في ذيل الحديث: ولا ينافي قوله عليه السلام في الحديث: 'عرج به صلى الله عليه و آله مرّتين' مع ما رواه الصفّار والصدوق في "البصائر" و "الخصال"، بإسنادهما عن الصباح المزني، عن أبي عبداللَّه عليه السلام، قال: 'عرج بالنبيّ صلى الله عليه و آله إلى السماء مائة وعشرين مرّة، ما من مرّة إلا وقد أوحى اللَّه فيها للنبيّ صلى الله عليه و آله بالولاية لعليّ والأئمّة عليهم السلام أكثر ممّا أوحاه بالفرائض'.

إذ يمكن أن تكون مرّتان بمكّة، والباقي بالمدينة، أو المرّتان إلى العرش والباقية إلى السماء، أو المرّتان بالجسم والباقية بالروح. [ مرآة العقول 201:5].

وفي "البحار" عن أمالي الشيخ، عن أبي الحسن الثالث، عن آبائه، عن عليّ عليه السلام، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: لمّا اُسري بي إلى السماء كنت من ربّي كقاب قوسين أو أدنى، فأوحى إليَّ ربّي ما أوحى، ثمّ قال: يا محمّد، اقرأ على عليّ بن أبي طالب عليه السلام أمير المؤمنين، فما سمّيت به أحداً قبله، ولا اُسمّي بهذا أحداً بعده' [ البحار 290:37].

و روى الصدوق بسنده عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'ليلة اُسري بي إلى السماء كلّمني ربّي جلّ جلاله، فقال: يا محمّد، فقلت: لبّيك ربّي، فقال: إنّ عليّاً حجّتي بعدك على خلقي وإمام أهل طاعتي، من أطاعه أطاعني، ومن عصاه عصاني، فانصبه علماً لاُمّتك يهتدون به بعدك'. [ البحار 105:38].

 

حضوره المثالي في جنب رسول اللَّه

لا شكّ أنّ حضور عليّ عليه السلام إلى جنب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في المعراج دليل واضح على عظمته عليه السلام، وأنّ له منزلة عظيمة بعد نبيّ الإسلام الأكرم، وأنّه سيكون الوارث والخليفة الوحيد للنبيّ صلى الله عليه و آله.

وهنا لا بدّ أن نوضّح أنّ جسم عليّ عليه السلام كان في الأرض لا في السماوات، بل أنّ مثال عليّ ونوره قد خلق بأمر اللَّه تعالى، وكان على هيئة عليّ عليه السلام وذلك ليبيّن عظمة عليّ عليه السلام، ولتظهر تلك العظمة لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله في ليلة المعراج بل لجميع الملائكة والنّاس أجمعين.

وردت بهذا المضمون روايات، نذكرها:

في "البحار" عن "كفاية الطالب" للحافظ الشافعي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'مررت ليلة اُسري بي إلى السماء وإذا أنا بملك جالس على منبر من نور والملائكة تحدق به، فقلت: يا جبرئيل، من هذا الملك؟ فقال: ادن منه، فدنوت منه، فإذا أنا بأخي وابن عمّي عليّ بن أبي طالب عليه السلام. فقلت: يا جبرئيل، سبقني عليّ بن أبي طالب إلى السماء الرابعة؟ فقال: لا يا محمّد، ولكنّ الملائكة شكت حبّها لعليّ، فخلق اللَّه هذا الملك من نور عليّ وصورة عليّ، فالملائكة تزوره في كلّ ليلة جمعة سبعين مرّة، ويسبّحون اللَّه تعالى ويقدّسونه ويهدون ثوابه لمحبّ عليّ. [ البحار 386:18].

وفي "عيون أخبار الرضا": بسنده عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن عليّ عليهم السلام، قال: 'سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: ليلة اُسري بي عزّ وجلّ رأيتُ في بطنان العرش ملكاً بيده سيف من نور يلعبُ به، كما يلعبُ عليّ بن أبي طالب بذي الفقار، وأنّ الملائكة إذا اشتاقوا إلى وجه عليّ بن أبي طالب نظروا إلى وجه ذلك الملك. فقلت: يا ربّ، هذا أخي عليّ بن أبي طالب وابن عمّي؟ فقال: يا محمّد، هذا ملكٌ خلقتُه على صورة عليّ عليه السلام يعبدني في بطنان عرشي تكتب حسناتُه وتسبيحه وتقديسه لعليّ بن أبي طالب إلى يوم القيامة'. [ عيون أخبار الرضا عليه السلام 130:2، الباب 35، ح 15].

و روى عليّ بن ابراهيم القمي عن أبي بردة الأسلمي، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول لعليّ: 'يا عليّ، إنّ اللَّه أشهدك معي في سبعة مواطن: أمّا أوّل ذلك فليلة اُسري بي إلى السماء، قال لي جبرئيل: أين أخوك؟ قلت: خلّفته ورائي، قال: ادع اللَّه فليأتك به، فدعوت وإذاً مثالك معي، وإذا الملائكة وقوف صفوف. فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟ قال: هم الّذين يباهيهم اللَّه بك يوم القيامة، فدنوت فنطقت بما كان وبما يكون إلى يوم القيامة' الحديث. [ تفسير القمّي 335:2، والبحار 405:18].

وفي "البحار": عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'لمّا عرج بي إلى السماء دنوت [ الدنوّ: هو الدنوّ المعنوي، وهو عروجه صلى الله عليه و آله إلى الملكوت الأعلى وإلى مقام المصطفين الأخيار].

من ربّي عزّ وجلّ حتّى كان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى، فقال: يا محمّد، من تحبّ من الخلق؟ قلت: يا ربّ، عليّاً، قال: التفت يا محمّد، فالتفتّ عن يساري فإذا عليّ بن أبي طالب. [ حضوره عليه السلام عند رسول اللَّه في المقام الأعلى حضور مثالي، كما مرّ].[ البحار 406:18].

و روى العلامة التستري عن ابن أبي فارس في الأربعين، عن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام يرفعون الحديث ا لى سعد بن عبادة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'لمّا عرج بي إلى السماء فكنت من ربّي كقاب قوسين أو أدنى، إذ سمعت النداء من قِبل اللَّه تعالى: يا محمّد، مَن تحبّ أن يكون معك في الأرض؟

فقلت: اُحبّ من يحبّه العزيز الجبّار، ويأمر بمحبّته، فسمعت النداء من قِبل اللَّه تعالى يقول: يا محمّد، أحبّ عليّاً، فإنّي اُحبّه واُحبّ مَن يحبّه'.

قال: 'فبكى جبرئيل عليه السلام حتّى علا نحيبه، وقال: والّذي بعثك بالحقّ نبيّاً، لو أنّ أهل الأرض يحبّون عليّاً كما تحبّه أهل السماء ما خلق اللَّه النّار يعذّب بها أحداً من عباده، والسلام. [ الإحقاق 152:7].

مكتوب على باب الجنّة عليّ وليّ اللَّه

روى الجويني بسنده عن أبي الحمراء، خادم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: 'لمّا اُسري بي رأيت في ساق العرش مكتوباً: لا إله إلا اللَّه، محمّد رسول اللَّه صفوتي من خلقي أيّدته بعلىّ، ونصرته به'. [ فرائد السمطين 235:1، حديث 183].

وعنه أيضاً: بسنده عن أبي الحمراء خادم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، قال: قال النبيّ صلى الله عليه و آله: 'ليلة اُسري بي رأيت على ساق العرش الأيمن مكتوباً: أنا اللَّه وحدي، لا إله غيري، غرست جنّة عدن بيدي لمحمّد صفوتي، أيّدته بعليّ'. [ المصدر المتقدّم: 237، ح 185].