فضائل الامام(ع) |
|
كان علي عليه السلام خير المؤمنين بعد رسول الله صلى الله عليه و آله فقد كان قلبه عامرا بأكمل الإيمان،و لا ينقصه حتى مقدار ذرة واحدة من نور الإيمان المتكامل،فقلبه عليه السلام ربيع الإيمان،بل و ليس في قلبه ذرة واحدة من هوى النفس،فهو الصراط المستقيم،و هو سبيل الله،و هو ميزان الأعمال،و هو مع الحق و الحق معه،و إنما تتجلى الصفات الثبوتية للحق فيه عليه السلام:فهو العدل الإلهي و رحمة الله و قدرته،و هو رمز للرأفة و العطف و الصبر الإلهي،و مظهر من مظاهرها.
علي نفس رسول الله صلى الله عليه و آله و عيبة علمه،و أخوه،و خليفته و وصيه،و كل من أحبه و والاه فقد أحب الله و رسوله و المؤمنين و والاهم،و كل من أبغضه و عصاه فقد أبغض الله و رسوله و المؤمنين،فمحبه محب لله و رسوله،و مبغضه مبغض لله و رسوله.
و نلفت أنظار القراء الكرام إلى بعض ما ورد من الأخبار في هذا المقام:
1ـروى القندوزي الحنفي و الجويني،عن أبي برزة الأسلمي،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:«إن الله تعالى عهد إلي في علي عهدا،أن عليا راية الهدى،و إمام أوليائي،و نور من أطاعني،و هو الكلمة التي ألزمتها المتقين،من أحبه أحبني،و من أبغضه أبغضني،فبشره» .فجاء علي فبشرته بذلك،فقال:«يا رسول الله،أنا عبد الله،فإن يعذبني فبذنبي،و إن يتم الذي بشرني به فالله أولى بي».
قال صلى الله عليه و آله:«قلت:اللهم اجل قلبه،و اجعله ربيع الإيمان.فقال الله تبارك و تعالى:قد فعلت به ذلك،ثم قال تعالى:إني مستخصه بالبلاء،فقلت:يا رب،إنه أخي و وصي:فقال تعالى:إنه شيء قد سبق فيه قضائي،إنه مبتلى». (1)
2ـو روى الجويني،عن علقمة،عن عبد الله،قال:خرج رسول الله صلى الله عليه و آله من بيت زينب بنت جحش،و أتى بيت أم سلمة،و كان يومها من رسول الله صلى الله عليه و آله،فلم يلبث أن جاء علي عليه السلام،و دق الباب دقا خفيفا،فأثبت النبي صلى الله عليه و آله الدق،و أنكرته ام سلمة،فقال لها النبي صلى الله عليه و آله:«قومي و أفتحي له الباب»ـإلى أن قالـقالت:ففتحت الباب،فأخذ بعضادتي الباب،حتى إذا لم يسمع حسيسا و لا حركة،و صرت في خدري،استأذن فدخل،فقال رسول الله صلى الله عليه و آله:«يا ام سلمة،أتعرفينه؟»
قلت:نعم يا رسول الله،هذا علي بن أبي طالب.
قال:«صدقت،هو سيد أحبه،لحمه من لحمي،و دمه من دمي،و هو عيبة علمي،فاسمعي و اشهدي،و هو قاتل الناكثين و القاسطين و المارقين من بعدي،فاسمعي و اشهدي،و هو قاضي عداتي،فاسمعي و اشهدي،و هو و الله محيي سنتي،فاسمعي و اشهدي،لو أن عبدا عبد الله ألف عام و ألف عام و ألف عام،بين الركن و المقام،ثم لقي الله عز و جل مبغضا لعلي بن أبي طالب و عترتي أكبه الله على منخريه يوم القيامة في نار جهنم». (2)
3ـو روى الجويني أيضا،عن عبد الله بن مسعود،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:«من أحبني فليحب علي بن أبي طالب،و من أبغض علي بن أبي طالب فقد أبغضني،و من أبغضني فقد أبغض الله،و من أبغض الله فقد أدخله النار». (3)
4ـو عنه أيضا عن أنس،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله لعلي:«يا علي،من زعم أنه يحبني و هو يبغضك،فهو كذاب». (4)
5ـو روى ابن المغازلي الشافعي،عن سلمان،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله لعلي :«يا علي،محبك محبي،و مبغضك مبغضي». (5)
6ـو عن ابن عبد البر،عن رسول الله صلى الله عليه و آله:«من أحب عليا فقد أحبني،و من أبغض عليا فقد أبغضني،و من آذى عليا فقد آذاني،و من آذاني فقد آذى الله». (6)
7ـو روى ابن عساكر الشافعي،عن ام سلمة،قالت:أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:«من أحب عليا فقد أحبني،و من أحبني أحب الله،و من أبغض عليا فقد أبغضني،و من أبغضني فقد أبغض الله». (7)
8ـو عنه أيضا:بإسناده عن جابر،قال:دخل علينا رسول الله صلى الله عليه و آله،و نحن في المسجد،و هو آخذ بيد علي عليه السلام،فقال النبي صلى الله عليه و آله: «ألستم زعمتم أنكم تحبوني؟»قالوا:بلى يا رسول الله.قال:«كذب من زعم أنه يحبني،و يبغض هذا»يعني عليا عليه السلام. (8)
9ـو عنه أيضا،عن سلمان الفارسي،قال:رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله ضرب فخذ علي بن أبي طالب و صدره،و سمعته يقول:«محبك محبي،و محبي محب الله،و مبغضك مبغضي،و مبغضي مبغض الله». (9)
10ـو عنه أيضا،عن زياد بن أبي زياد الأسدي عن جده قال:سمعت علي بن أبي طالب يقول:«قال لي رسول الله صلى الله عليه و آله:إنك تعيش على ملتي،و تقتل على سنتي،من أحبك أحبني،و من أبغضك أبغضني». (10)
11ـو عنه أيضا،عن عمر بن عبد الله الثقفي،عن أبيه،عن جده يعلى بن مرة الثقفي،قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:«من أطاع عليا فقد أطاعني،و من عصى عليا فقد عصاني،و من عصاني فقد عصى الله،و من أحب عليا فقد أحبني،و من أحبني فقد أحب الله،و من أبغض عليا فقد أبغضني،و من أبغضني فقد أبغض الله،لا يحبك إلا مؤمن،و لا يبغضك إلا كافر أو منافق» . (11)
روى ابن الصباغ المالكي عن محمد بن يوسف الكنجي الشافعي حكاية عن عبد الله بن عباس،و كان سعيد بن جبير يقوم (12) بعد كف بصره،فمر على ضفة زمزم،فإذا بقوم من أهل الشام يسبون عليا عليه السلام،فسمعهم عبد الله بن عباس،فقال لسعيد:ردني إليهم،فرده،فوقف عليهم،و قال:أيكم الساب لله تعالى؟فقالوا :سبحان الله،ما فينا أحد سب الله،!فقال:أيكم الساب لرسوله؟فقالوا:سبحان الله،ما فينا أحد سب رسول الله!قال:فأيكم الساب لعلي بن أبي طالب عليه السلام؟
فقالوا:أما هذا فقد كان منه شيء،فقال:أشهد على رسول الله صلى الله عليه و آله بما سمعته أذناي،و وعاه قلبي،سمعته يقول لعلي بن أبي طالب عليه السلام:«يا علي،من سبك فقد سبني،و من سبني فقد سب الله،و من سب الله فقد أكبه الله على منخريه في النار»و ولى عنهم و قال :يا بني،ماذا رأيتهم صنعوا؟
قال:فقلت لهم يا أبت:
نظروا إليك بأعين محمرة
نظر التيوس إلى شفار الجازر
فقال:زدني فداك أبوك،فقلت:
خزر العيون نواكس أبصارهم
نظر الذليل إلى العزيز القاهر
فقال:زدني فداك أبوك.فقلت:ليس عندي مزيد.
فقال:عندي المزيد.
أحياؤهم عار على أمواتهم
و الميتون مسبة للغابر (13)
تعليقات:
(1).ينابيع المودة،ص 134،فرائد السمطين،ج 1،ص 151،ح .114
(2).فرائد السمطين،ج 1،ص 331،ح .257
(3).المصدر السابق،ج 1،ص 132،ح .94
(4).المصدر السابق،ج 1،ص 134،ح .94
(5).المناقب لابن المغازلي،ص 196،ح .233
(6).الاستيعاب بهامش الإصابة،ج 3،ص .37
(7).ترجمة الامام علي من تاريخ دمشق،ج 2،ص 190،ح .673
(8).المصدر السابق،ج 2،ص 185،ح .664
(9).المصدر السابق،ج 2،ص 187،ح .669
(10).المصدر السابق،ج 2،ص 188،ح .670
(11).المصدر السابق،ج 2،ص 188،ح .671
(12).كذا في المصدر،و لعل الصحيح:يقوده أو فيه سقط:يقوم بخدمته.
(13).الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي،ص .127
حياة اميرالمؤمنين(ع) ص 169
السيد اصغر ناظم زاده القمي
روى النسائي في الخصائص بسنده عن انس ابن مالك ان النبي (ص) كان عنده طائر فقال اللهم ائتني باحب خلقك اليك يأكل معي من هذا الطير فجاء ابو بكر فرده ثم جاء عمر فرده ثم جاء علي فاذن له (و في اسد الغابة) بسنده عن انس مثله الا انه قال بدل عمر ثم جاء عثمن.قال ذكر ابي بكر و عثمن في هذا الحديث غريب جدا.ثم قال و قد روي من غير وجه عن انس.و رواه غير انس من الصحابة.
ثم روى بسنده عن انس قال اهدي الى النبي«ص»طير فقال اللهم ائتني باحب خلقك اليك فجاء علي فأكل معه.ر بسنده عن انس بن مالك اهدي لرسول الله (ص) طير فقال اللهم ائتني برجل يحبه اللهو يحبه رسوله قال انس فأتى علي فقرع الباب فقلت ان رسول الله (ص) مشغول و كنت احب ان يكون رجل من الانصار ثم ان عليا فعل مثل ذلك ثم اتى الثالثة فقال رسول الله (ص) يا انس ادخله فقد عنيته فلما اقبل قال اللهم وال اللهم وال قال و قد رواه عن انس غير واحد حدثنا حميد الطويل و ابو الهندي و يغنم بن سالم.و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن انس ابن مالك قال كنت اخدم رسول الله (ص) فقدم لرسول الله (ص) فرخ مشوي فقال اللهم ائتني باحب خلقك اليك يأكل معي من هذا الطير قال فقلت اللهم اجعله رجلا من الانصار فجاء علي عليه السلام فقلت ان رسول الله (ص) على حاجة ثم جاء فقلت ان رسول الله (ص) على حاجة ثم جاء فقال رسول الله (ص) افتح فدخل فقال رسول الله (ص) ما حبسك عني فقال ان هذه آخر ثلاث كرات يردني انس يزعم انك على حاجة فقال ما حملك على ما صنعت فقلت يا رسول الله سمعت دعاءك فاحببت ان يكون رجلا من قومي فقال رسول الله (ص) ان الرجل قد يحب قومه،هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه و قد رواه عن انس جماعة من اصحابه زيادة على ثلاثين نفسا ثم صحت الرواية به عن علي و ابي سعيد الخدري و سفينة و في حديث ثابت البناني عن انس زيادة الفاظ ثم ساق اسناده الى ثابت البناني ان انس بن مالك كان شاكيا فأتاه محمد بن الحجاج يعوده في اصحاب له فجرى الحديث حتى ذكروا عليا عليه السلام فتنقصه محمد بن الحجاج فقال انس من هذا اقعدوني فاقعدوه فقال يا ابن الحجاج الا اراك تنتقص علي بن ابي طالب و الذي بعث محمدا (ص) بالحق لقد كنت خادم رسول الله (ص) بين يديه و كان كل يوم يخدم بين يدي رسول الله (ص) غلام من ابناء الانصار فكان ذلك اليوم يومي فجاءت ام ايمن مولاة رسول الله (ص) بطير فوضعته بين يدي رسول الله (ص) فقال رسول الله«ص»يا ام ايمن ما هذا الطائر قالت هذا الطائر اصبته فصنعته لك فقال اللهم جئني باحب خلقك اليك و الي يأكل معي من هذا الطائر و ضرب الباب فقال رسول الله«ص»يا انس انظر من على الباب قلت اللهم اجعله رجلا من الانصار فذهبت فاذا علي بالباب قلت ان رسول الله«ص»على حاجة فجئت حتى قمت مقامي فلم البث ان ضرب الباب فقال يا انس انظر من على الباب فقلت اللهم اجعله رجلا من الانصار فذهبت فاذا علي بالباب قلت ان رسول الله«ص»على حاجة فجئت حتى قمت مقامي فلم البث ان ضرب الباب فقال رسول الله«ص»يا انس اذهب فادخله فلست باول رجل احب قومه ليس هو من الانصار فذهبت فادخلته فقال يا انس قرب اليهالطير قال فوضعته بين يدي رسول الله«ص»فأكلا جميعا قال محمد بن الحجاج يا انس كان هذا بمحضو منك قال نعم قال اعطي بالله عهدا ان لا انتقص عليا مقامي هذا و لا اعلم احدا ينتقصه الا اشننت له وجهه .
في رحاب ائمة اهلالبيت(ع) ج 1 ص 88
السيد محسن الامين الحسيني العاملي
و اذا نظرنا الى عبادته وجدناه أعبد الناس و كانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده و في الادعية المأثورة عنه كفاية.و كان زين العابدين على ما هو عليه من العبادة يستصغر عبادته في جنب عبادة جده امير المؤمنين.
و من عجيب احواله انه اجتمعت في صفاته الاضداد فبينما هو يمارس الحروب و يبارز الاقران و يقتل الشجعان و من تكون هذه صفته لا بد ان يكون قاسي القلب شرس الخلق بينا نراه كذلك اذا هو أعبد العباد.يقضي ليله بالصلاة و العبادة و التضرع و الابتهال و الخضوع لله تعالى و اذا به احسن الناس خلقا و أرقهم طبعا و ألينهم عريكة.
في رحاب ائمة اهلالبيت(ع) ج 1 ص 28
السيد محسن الامين الحسيني العاملي
قال ابن ابي الحديد:اما العبادة فكان أعبد الناس و اكثرهم صلاة و صوما و منه تعلم الناس صلاة الليل و ملازمة الاوراد و قيام النافلة و ما ظنك برجل يبلغ من محافظته على ورده ان يبسط له نطع بين الصفين ليلة الهرير فيصلي عليه ورده و السهام تقع بين يديه و تمر على صماخيه يمينا و شمالا فلا يراع لذلك و لا يقوم حتى يفرغ من وظيفته و ما ظنك برجل كانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده و انت اذا تأملت دعواته و مناجاته و وقفت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه و اجلاله و ما تتضمنه من الخضوع لهيبته و الخشوع لعزته و الاستخذاء له عرفت ما ينطوي عليه من الاخلاص و فهمت من اي قلب خرجت و على اي لسان جرت و قيل لعلي بن الحسين عليهما السلام و كان الغاية في العبادة اين عبادتك من عبادة جدك قال عبادتي عند عبادة جدي كعبادة جدي عند عبادة رسول الله (ص) .
في رحاب ائمة اهلالبيت(ع) ج 1 ص 72
السيد محسن الامين الحسيني العاملي
إن عليا عليه السلام قد كان بلغ في العبادة غايتها،و لا يستطيع أحد أن يبلغ إلى حد من حدود عبادته التي لا توصف إلا السابق إلى كل خير سيد البشر رسول الله صلى الله عليه و آله.
قال ابن أبي الحديد المعتزلي في عبادته عليه السلام:فكان علي عليه السلام أعبد الناس،و أكثرهم صلاة و صوما،و منه تعلم الناس صلاة الليل،و ملازمة الأوراد،و قيام النافلة،و ما ظنك برجل يبلغ من محافظته على ورده أن يبسط له نطع بين الصفين ليلة الهرير،فيصلي عليه ورده،و السهام تقع بين يديه،و تمر على صماخيه يمينا و شمالا،فلا يرتاع لذلك،و لا يقوم حتى يفرغ من وظيفته!و ما ظنك برجل كانت جبهته كثفنة (1) البعير لطول سجوده.
و أنت إذا تأملت دعواته و مناجاته،و وفقت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه و إجلاله،و ما يتضمنه من الخضوع لهيبته،و الخشوع لعزته،و الاستخذاء (2) له،عرفت ما ينطوي عليه من الإخلاص،و فهمت من أي قلب خرجت و على أي لسان جرت.
و قيل لعلي بن الحسين عليه السلامـو كان الغاية في العبادةـ:أين عبادتك من عبادة جدك؟قال :«عبادتي عند عبادة جدي،كعبادة جدي عند عبادة رسول الله صلى الله عليه و آله». (3)
قال المحب الطبري في الرياض النضرة:و قد روي أن معاوية قال لضرار الصدائي:صف لي عليا .فقال:أعفني يا أمير المؤمنين.قال:لتصفنه.
قال:أما إذا لا بد من وصفه،كان و الله بعيد المدى،شديد القوى،يقول فصلا،و يحكم عدلا،يتفجر العلم من جوانبه،و تنطق الحكمة من نواحيه،يستوحش من الدنيا و زهرتها،و يأنس إلى الليل و وحشته،و كان غزير العبرة،طويل الفكرة،يعجبه من اللباس ما قصر،و من الطعام ما خشن،كان فينا كأحدنا،يجيبنا إذا سألناه،و ينبئنا إذا استنبأناه.
و نحن و الله مع تقريبه إيانا و قربه منا،لانكاد نكلمه هيبة له،يعظم أهل الدين،و يقرب المساكين،و لا يطمع القوي في باطله،و لا ييأس الضعيف من عدله،و أشهد لقد رأيته في بعض مواقفه،و قد أرخى الليل سدوله،و غارت نجومه،قابضا لحيته،يتململ تململ السليم (4) ،و يبكي بكاء الحزين،و يقول:«يا دنيا،غري غيري،إلي تعرضت،أم إلي تشوقت؟هيهات هيهات،لقد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها،فعمرك قصير،و خطرك قليل،آه آه،من قلة الزاد،و بعد السفر،و وحشة الطريق».
قال:أخرجه الدولابي و أبو عمر و صاحب الصفوة. (5)
تعليقات:
(1).الثفنة:ما يمس الأرض من البعير بعد البروك،و يكون فيه غلظ من ملاطمة الأرض،و كذلك كان في جبينه عليه السلام من كثرة السجود.
(2).الاستخذاء:الخضوع و التذلل.
(3).شرح النهج لابن أبي الحديد،ج 1،ص .27
(4).السليم:الملدوغ.
(5).الرياض النضرة،ج 3،ص .187
حياة اميرالمؤمنين(ع) ص 228
السيد اصغر ناظم زاده القمي
الشجاعة و امتيازه بها و تفوقه فيها ملحق بالضروريات قال ابن ابي الحديد في شرح النهج :اما الشجاعة فانه انسى الناس فيها ذكر من كان قبله و محا اسم من يأتي بعده و مقاماته في الحرب مشهورة تضرب بها الامثال الى يوم القيامة و هو الشجاع الذي ما فرقط و لا ارتاع من كتيبة و لا بارزا احد الا قتله و لا ضرب ضربة قط فاحتاجت الى ثانية و في الحديث كانت ضرباته وترا (اقول) و لا دعي الى مبارزة فنكل (قال) و لما دعا معاوية الى المبارزة ليستريح الناس من الحرب بقتل احدهما قال له عمرو لقد انصفك فقال معاوية ما غششتني منذ نصحتني الا اليوم اتأمرني بمبارزة ابي الحسن و انت تعلم انه الشجاع المطرق اراك طمعت في امارة الشام بعدي و كانت العرب تفتخر بوقوفها في الحرب في مقابلته فاما قتلاه فافتخار رهطهم بانه عليه السلام قتلهم اظهر و اكثر قالت اخت عمرو بن عبد ود ترثيه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله
بكيته ابدا ما دمت في الابد
لكن قاتله من لا نظير له
و كان يدعى ابوه بيضة البلد
(و لما اقيم حيي سيدا خطب بن بني النضير بين يديه ليقتله قال قتلة شريفة بيد شريف) و انتبه معاوية فرأى ابن الزبير تحت رجليه فقال له عبد الله لو شئت ان افتك بك لفعلت فقال لقد شجعت بعدنا يا ابا بكر قال و ما الذي تنكره من شجاعتي و قد وقفت في الصف ازاء علي بن ابي طالب قال لا جرم انه قتلك (1) و اباك بيسرى يديه و بقيت اليمنى فارغة يطلب من يقتله بها،و جملة الامر ان كل شجاع في الدنيا اليه ينتهي و باسمه ينادي في مشارق الارض و مغاربها (ا ه) ثم قال و ما اقول في رجل تصور ملوك الفرنج و الروم صورته في بيعها و بيوت عباداتهاحاملا سيفه مشمرا لحربه و تصور ملوك الترك و الديلم صورته على اسيافها كان على سيف عضد الدولة بن بويه و سيف ابيه ركن الدولة و كانت صورته على سيف الب ارسلان و ابنه ملك شاه كأنهم يتفاءلون به النصر و الظفر (اقول) لا يمكن ان توصف الشجاعة بأكثر من انه ما نكل عن مبارز و لا بارز احدا الا قتله و لا فر قط و لا ضرب ضربة فاحتاج الى ثانية و كان يقول ما بارزت احدا الا و كنت انا و نفسه عليه و في كتاب عجائب احكامه قيل له يا امير المؤمنين أ لا تعد فرسا للفر و الكر فقال اما انا فلا أفر و من فر مني فلا أطلبه (ا ه) .و كفى في ذلك مبيته على الفراش ليلة الغار معرضا نفسه للاخطار لم يخف و لم يحزن فوقى النبي«ص»بنفسه و فداه بمهجته غير هياب و لا متردد و لا حزين.
و خروجه بالفواطم جهارا من مكة و لحوق الفوارس الثمانية به لما علموا بخروجه حنقين عليه عازمين على قتله ان لم يرجع راغما كما مر عن السيرة النبوية في الجزء الثاني و يأتي في هذا الجزء عند ذكر اخباره متتالية.و لا بد ان يكونوا من شجعان مكة و ابطالها لان من ينتدب لمثل ذلك لا يكون من جبناء الناس و هم فرسان و هو راجل و هم ثمانية و هو واحد و ليس معه الا ايمن بن ام ايمن و ابو واقد الليثي و هما لا يغنيان عنه شيئا و قد أخذ الهلع ابا واقد حين رأى الفرسان فسكن جأشه و لم ينقل انهما عاوناه بشيء بل كان حظهما حظ الواقف المتفرج و هو ليس بحاجة الى مساعد على ان ثمانية فوارس و لو لم يكونوا في الدرجة العالية من الشجاعة لا يفلت منهم رجل واحد في العشرين من سنه او تجاوزها بقليل مهما كان شجاعا فيمكنهم ان يحيطوا به من كل جانب فيقتلوه و لو رضخا بالحجارة فاذا كر على الذين امامه حمل على الذين وراءه او كر على الذين وراءه حمل عليه الذين امامه فلا يمكنه الخلاص و يسهل عليهم قتله او أسره اما ان يكون رجل واحد على قدميه يشد على فارس في مقدمة ثمانية فوارس و لا بد ان يكون أشجعهم فيقده نصفين و يصل سيفه الى قربوس فرسه فهذا شيء خارق للعادة من شاب لم يسبق له مباشرة الحرب قبل هذا و هو منتهى الشجاعة و الجرأة و الاقدام فلا جرم ان ترتعد منه فرائص الباقين فيولوا هاربين مذعورين و يطلبوا منه ان يكف عنهم فكانت هذه اول مظهر من مظاهر شجاعته الخارقة و قايس ان شئت بين هذه الحال و حال الرسول«ص»في هجرته الى المدينة قبل ذلك فقد كان معه صاحبه و غلام صاحبه عامر بن فهيرة و دليلهم الليثي عبد الله بن اريقط فهم اربعة احدهم الرسول«ص»الذي يجب ان يكون أشجع من علي بن ابي طالب فلما لحقهم سراقة بن مالك و هو رجلواحد بكى الصاحب خوفا فقال له الرسول«ص»لم تبك قال ما على نفسي بكيت و لكن أبكي عليك فما دفعه عنهم الا دعاء الرسول عليه فرسخت قوائم فرسه في الارض أ ترى لو كان معهم علي هل كان يبكي و يهتم لرجل واحد ليس معه احد و هو لم يهتم لثمانية فوارس ام كان يضربه ضربة حيدرية فيقده نصفين طولا لا عرضا كما فعل بجناح و هل كان يحتاج النبي«ص»في دفعه الى ان يدعو عليه لا أظنك تشك في انه لو كان معهم لفعل به فعله بجناح.
و ما كان منه في وقعة بدر المار ذكرها في السيرة النبوية و الآتية في هذا الجزء التي بها تمهدت قواعد الدين و أذل الله جبابرة المشركين و قتلت فيها رؤساؤهم و وقعت الهيبة من المسلمين في قلوب العرب و اليهود و غيرهم فقد كان في هذه الوقعة قطب رحاها و ليث وغاها بارز الوليد بن عتبة اول نشوب الحرب فلم يلبثه حتى قتله و شارك عمه حمزة في قتل عتبة و اشترك هو و حمزة و عبيدة في قتل شيبة فأجهزا عليه (قال) المفيد فكان قتل هؤلاء الثلاثة اول وهن لحق المشركين و دخل عليهم و رهبة اعتراهم بها الرعب من المسلمين و ظهر بذلك امارات نصر المسلمين (قال) و برز اليه حنظلة بن ابي سفيان فقتله و برز اليه من بعده طعيمة بن عدي فقتله و قتل بعده نوفل بن خويلد و كان من شياطين قريش و لم يزل يقتل واحدا منهم بعد واحد حتى أتى على شطر المقتولين منهم و كانوا سبعين قتيلا تولى كافة من حضر بدرا من المسلمين مع ثلاثة آلاف من الملائكة المسومين قتل الشطر منهم و تولى امير المؤمنين قتل الشطر الآخر وحده بمعونة الله له و تأييده و توفيقه و نصره و كان الفتح له بذلك و على يديه (ا ه) .
و ما كان منه في وقعة أحد التي مرت مفصلة في غزوات النبي«ص»في الجزء الثاني و يأتي ما يتعلق منها بأمير المؤمنين«ع»في هذا الجزء فقد كان قطب رحاها و ليث وغاها و عليه مدارها و هو واحدها و قائدها كما كان كذلك يوم بدر و المتأمل فيما ذكره اهل السير و التواريخ لا يشك في ذلك مهما دس الدساسون و مهما ارادوا ان يجعلوا له مشاركا في بعض مزاياه التي امتاز بها في تلك الوقعة و غيرها لكن المطالع للاخبار يعرف بأقل نظرة صحة ما قلناه فقد امتاز في تلك الوقعة كغيرها مع الوقائع بأمور كثيرة مرت في الجزء الثاني و تأتي في هذا الجزء عند ذكر اخباره في وقعة أحد.و قتله عزورا اليهودي لما رمى قبة النبي«ص»ليلا و هو يحاصر بني النضير فلحقه علي حتى قتله و جاء برأسه و كان معه تسعة فهربوافلحقهم بعشرة من المسلمين فقتلوهم و كان ذلك سبب فتح حصون بني النضير.و مبارزته يوم الخندق عمرو بن عبد ود فارس يليل و قد جبن عنه الناس و النبي«ص»يندبهم لمبارزته و يضمن لمبارزه الجنة فسكتوا كأنما على رؤوسهم الطير الا علي بن ابي طالب فبارزه و قتله و لحق بعض من كان معه و هو نوفل بن عبد الله فقتله في الخندق و انهزم بقتله المشركون و كفى الله المؤمنين القتال به و كانت ضربته في ذلك اليوم تعدل عمل الثقلين الى يوم القيامة.قال المفيد:و في الاحزاب انزل الله تعالى (اذ جاؤوكم من فوقكم و من أسفل منكم و اذ زاغت الابصار و بلغت القلوب الحناجر و تظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون و زلزلوا زلزالا شديدا و اذ يقول المنافقون و الذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله و رسوله الا غرورا الى قوله و كفى الله المؤمنين القتال و كان الله قويا عزيزا) قال فتوجه العتب اليهم و التوبيخ و التقريع و لم ينج من ذلك احد بالاتفاق الا امير المؤمنين اذ كان الفتح له و على يديه و كان قتله عمرا و نوفل بن عبد الله سبب هزيمة المشركين و قال رسول الله«ص»بعد قتله هؤلاء النفر:الآن نغزوهم و لا يغزوننا و قد روى يوسف بن كليب عن سفيان بن زيد عن قرة و غيره عن عبد الله بن مسعود انه كان يقرأ و كفى الله المؤمنين القتال بعلي و مر ذلك مفصلا في الجزء الثاني و يأتي في هذا الجزء.
و مبارزته مرحبا يوم خيبر و قتله و فتح الحصن و دحو الباب بعد ما رجع غيره منهزما يجبن اصحابه و يجبنونه او منهزما يؤنب قومه و يؤنبونه.و يأتي ذلك مفصلا في هذا الجزء و مر في الجزء الثاني.
و ثباته يوم حنين مع رسول الله«ص»و قد هرب عنه الناس غير عشرة تسعة من بني هاشم و العاشر أيمن بن ام أيمن و قتله أبا جرول و اربعين من المشركين غيره و انهزام المشركين بقتله و قتلهم و رجوع المسلمين من هزيمتهم بثباته و من معه الذين كان ثباتهم بثباته (قال المفيد) و ذلك انا أحطنا علما بتقدمه في الشجاعة و البأس و الصبر و النجدة على العباس و الفضل ابنه و ابي سفيان بن الحارث و النفر الباقين لظهور امره في المقامات التي لم يحضرها احد منهم و اشتهار خبره في منازلة الاقران و قتل الابطال و لم يعرف لاحد من هؤلاء مقام من مقاماته و لا قتيل عزي اليهم بالذكر فعلم بذلك ان ثبوتهم كان به و ان بمقامه ذلك و صبره مع النبي«ص»كان رجوع المسلمين الى الحرب و تشجعهم في لقاء العدو (ا ه) .و ما كان منه في غزوة اوطاس و الطائف فكان الفتح فيها على يده و قتل فيها من قتل من خثعم .
الى غير ذلك من غزواته و وقائعه في زمن النبي صلى الله عليه و آله و سلم.
اما وقائعه بعد وفاة رسول الله«ص»بعدما بويع بالخلافة ايام الجمل و صفين و النهروان فاشتهار شجاعته العظيمة فيها قد زاد عن حد الضرورة.ففي يوم الجمل ثبت الفريقان و اشرعوا الرماح بعضهم في صدور بعض كأنها آجام القصب و لو شاءت الرجال ان تمشي عليها لمشت و كان يسمع لوقع السيوف اصوات كأصوات القصارين و لما اشتد القتال و قامت الحرب على ساقها زحف«ع»نحو الجمل بنفسه في كتيبته الخضراء من المهاجرين و الانصار و حوله بنوه ثم حمل فغاص في عسكر الجمل حتى طحن العسكر ثم رجع و قد انحنى سيفه فأقامه بركبته فقال له اصحابه و بنوه نحن نكفيك فلم يجب احدا منهم و لا رد اليهم بصره و ظل ينحط و يزأر زئير الاسد ثم حمل حملة ثانية وحده فدخل وسطهم يضربهم بالسيف قدما قدما و الرجال تفر من بين يديه و تنحاز عنه يمنة و يسرة حتى خضب الارض بدماء القتلى ثم رجع و قد انحنى سيفه فأقامه بركبته فاجتمع عليه اصحابه و ناشدوه الله في نفسه و في الاسلام فقال و الله ما اريد بما ترون الا وجه الله و الدار الآخرة ثم قال لمحمد هكذا تصنع يا ابن الحنفية فقال الناس من الذي يستطيع ما تستطيعه يا امير المؤمنين.و من مواقفه في صفين ما كان يوم الهرير قال بعض الرواة فو الله الذي بعث محمدا بالحق نبيا ما سمعنا برئيس قوم منذ خلق الله السماوات و الارض اصاب بيده في يوم واحد ما أصاب علي انه قتل فيما ذكر العادون زيادة على خمسمائة من الاعلام يخرج بسيفه منحنيا فيقول معذرة الى الله و اليكم من هذا لقد هممت ان افلقه و لكن يحجزني عنه اني سمعت رسول الله يقول:
لا سيف الا ذو الفقار
و لا فتى الا علي
و انا اقاتل به دونه فكنا نأخذه فنقومه ثم يتناوله من ايدينا فيقتحم به في عرض الصف فلا و الله ما ليث باشد نكاية منه في عدوه و كان في اوائل ايام صفين يسهر الليل كله الى الصباح يعبي الكتائب و يؤمر الامراء و يعقد الالوية و مر في اليوم السابع و معه بنوه نحو الميسرة و النبل يمر بين عاتقيه و منكبيه و ما من بنيه الا من يقيه بنفسه فيكره ذلك و يتقدمنحو اهل الشام و يؤخر الذي يقيه الى ورائه.و هو الذي لبس يوم صفين سلاح العباس ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب لما برز اليه اللخميان فبرز اليه احدهما فكأنما اختطفه ثم برز اليه الآخر فالحقه بالاول و هو الذي قتل الحميري الذي لم يكن في الشام اشهر منه بالبأس و النجدة بعد ان قتل ثلاثة من اهل العراق مبارزة و رمى اجسادهم بعضها فوق بعض و وقف عليها بغيا و عتوا فضربه امير المؤمنين (ع) ضربة خر منها قتيلا يتشحط في دمه و قتل معه اثنين و تلا (الشهر الحرام بالشهر الحرام و الحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم و اتقوا الله و اعلموا ان الله مع المتقين) .
(التاسع) القوة و الايد و حسبك في ذلك قلعه باب خيبر و جعله جسرا على الخندق و كان يغلقه عشرون رجلا و تترسه يومئذ بباب لم يستطع قلبه ثمانية نفر (قال المفيد) :روى اصحاب الآثار عن الحسن بن صالح عن الاعمش عن ابي عبد الله الجدلي قال سمعت امير المؤمنين عليه السلام يقول لما عالجت باب خيبر جعلته مجنا لي فقاتلتهم به فلما اخزاهم الله وضعت الباب على حصنهم طريقا ثم رميت به في خندقهم فقال له رجل لقد حملت منه ثقلا فقال ما كان الا مثل جنتي التي في يدي غير ذلك المقام و ذكر اصحاب السيرة ان المسلمين لما انصرفوا من خيبر راموا حمل الباب فلم يقله منهم الا سبعون رجلا و مر في الجزء الثاني و يأتي في هذا الجزء في غزوة خيبر زيادة على هذا.قال ابن ابي الحديد:اما القوة و الايد فبه يضرب المثل فيهما قال ابن قتيبة في المعارف:ما صارع احدا قط الا صرعه و هو الذي قلع باب خيبر و اجتمع عليه عصبة من الناس ليقلبوه فلم يقدروا و هو الذى اقتلع هبل من أعلى الكعبة و كان عظيما كبيرا جدا فألقاه الى الارض و هو الذي اقتلع الصخرة العظيمة في ايام خلافته بيده بعد عجز الجيش كله عنها فأنبط الماء من تحتها (ا ه) .و مر في الامر الثامن عند ذكر شجاعته في غزوة خيبر انه اقتلع باب الحصن فاجتمع عليه سبعون حتى اعادوه (و في رواية) ان ثمانية نفر جهدوا ان يقلبوه فما استطاعوا و هذا امر خارج عن مجاري العادات و قال ابن ابي الحديد قال ابن فارس صاحب المجمل قال ابن عائشة كانت ضربات علي (ع) في الحرب ابكارا ان اعتلى قد و ان اعترض قط (ا ه) و هو الذي قطع حريثا مولى معوية نصفين يوم صفين لما اغراه عمرو بن العاص بمبارزته و كان معوية يعده لكل مبارز و كل عظيم و كان يلبس سلاح معوية متشبها به و كان يقول له انق عليا و ضع رمحك حيث شئت و هو الذي كان يقتلع الفارس من ظهر جواده بيده و يرمي به الى الارضمن فوق رأسه فعل ذلك ايام صفين باحمر مولى بني امية لما هم ان يضرب امير المؤمنين عليه السلام بعد ان قتل كيسان مولاه فوضع امير المؤمنين (ع) يده في جيب درع احمر و جذبه عن فرسه و حمله على عاتقه ثم ضرب به الارض فكسر منكبه و عضديه و اجهز عليه الحسين و ابن الحنفية عليهما السلام و هو الذي كان اذا امسك بذراع احد امسك بنفسه فلم يستطع ان يتنفس ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب و قد قبض على يد خالد بن الوليد ليلة المبيت على الفراش حين تقدم اليه امام القوم فجعل يقمص قماص البكر،رواه الشيخ الطوسي في اماليه.
تعليقة:
(1) اي شارف ذلك.ـالمؤلفـ
في رحاب ائمة اهلالبيت(ع) ج 1 ص 45
السيد محسن الامين الحسيني العاملي
الجهاد في سبيل الله و تفوقه فيه على كافة الخلق ملحق بالضروريات و الاستدلال عليه يعد من العبث فهو كالاستدلال على وجود الشمس الضاحية و قد شهد مع رسول الله (ص) مشاهده كلها غير تبوك و في جميعها يكون الفتح له و على يديه و قد قتل الله بسيفه صناديد المشركين و جبابرة قريش و طواغيت العرب و في جميع الوقائع تكون قتلاه ازيد ممن قتله باقي الجيش حتى انه في يوم بدر زادت قتلاه على قتلى الجيش و هو شاب لم يتجاوز العشرين او الخمسة و العشرين و مثله في هذا السن يكون قليل البصيرة بالحرب ناقص الخبرة بالطعن و الضرب و هذا داخل في المعجزات خارج عن مجرى العادات و لو عد في عداد معجزات النبي (ص) لكان صوابا بل اذا عد علي بن ابي طالب احدى معجزاته (ص) كان عين الصواب (قال المفيد) و اما الجهاد الذي ثبتت به قواعد الاسلام و استقرت بثبوتها شرائع الملة و الاحكام فقد تخصص منه امير المؤمنين بما اشتهر ذكره في الانام و استفاض الخبر به بين الخاص و العام و لم يختلف فيه العلماء و لا شك فيه الا غفل لم يتأمل الاخبار و لا دفعه احد ممن نظر في الآثار الا معاند بهات لا يستحي من العناد ثم ذكر جهاده في بدر و غيرها.و قال ابن ابي الحديد:اما الجهاد في سبيل الله فمعلوم عند صديقه و عدوه و انه سيد المجاهدين و هل الجهاد لاحد من الناس الا له و قد عرفت ان اعظم غزاة غزاها رسول الله«ص»و أشدها نكاية في المشركين بدر الكبرى قتل فيها سبعون من المشركين قتل علي عليه السلام نصفهم و اذا رجعت الى مغازي محمد بن عمر الواقدي و تاريخ الاشراف ليحيى بن جابر البلاذري و غيرهما علمت صحة ذلك دع من قتله في غيرها كأحد و الخندق و غيرهما و هذا الفصل لا معنى للاطناب فيه لانه من المعلومات الضرورية كالعلم بوجود مكة و مصر و نحوها (ا ه) قال ابن عبد البر في الاستيعاب :اجمعوا على انه شهد بدرا و الحديبية و سائر المشاهد و انه أبلى ببدر و بأحد و بالخندق و بخيبر بلاء عظيما و انهأغنى في تلك المشاهد و قام فيها المقام الكريم و كان لواء رسول الله«ص»بيده في مواطن كثيرة و كان يوم بدر بيده على اختلاف في ذلك و لما قتل مصعب بن عمير يوم أحد و كان اللواء بيده دفعه رسول الله«ص»الى علي.و قال محمد بن اسحق شهد علي بن ابي طالب بدر و هو ابن خمس و عشرين سنة ثم روى بسنده عن ابن عباس قال دفع رسول الله«ص»الراية يوم بدر الى علي و هو ابن عشرين سنة قال و لم يتخلف عن مشهد شهده رسول الله«ص»منذ قدم المدينة الا تبوك فانه خلفه رسول الله«ص»على المدينة و على عياله بعده في غزوة تبوك و قال له انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي.
في رحاب ائمة اهلالبيت(ع) ج 1 ص 51
السيد محسن الامين الحسيني العاملي
و اذا نظرنا الى شجاعته و قد ضربت بها الامثال وجدناه قد باشر الحرب و عمره عشرون سنة او فوقها بقليل و قد انسى ذكر من كان قبله و محا اسم من يأتي بعده و وجدنا تفوقه فيها على جميع الخلق ملحقا بالضروريات يقبح بالانسان اطالة الكلام فيه و اكثار الشواهد عليه و مقاماته في الحرب تضرب بها الامثال الى يوم القيامة.و كفى في ذلك انه ما فر في موطن قط و لا ارتاع من كتيبة و لا بارز احدا الا قتله و لا ضرب ضربة قط فاحتاجت الى ثانية و كانت ضرباته وترا اذا علا قد و اذا اعترض قط و لا دعي الى مبارزة فنكل و هذا كله من الامور العجيبة التي لم تتفق لغير علي بن ابي طالب و يمكن ان توصف الشجاعة باكثر من ذلك.و كان يقول ما بارزت احدا الا كنت انا و نفسه عليه و كانت العرب تفتخر بوقوفها في مقابلته في الحرب.و يفتخر المفتخرون و رهطهم بانه قاتلهم افتخر بذلك حيي بن اخطب سيد بني النضير فقال قتلة شريف بيد شريف.و افتخرت به اخت عمرو بن عبد ود في شعرها الذي رثت به اخاها.و لما افتخر حسان بقتل عمرو ابن عبد ود في شعر له رد عليه فتى من بني عامر فقال من ابيات:
كذبتم و بيت الله لا تقتلوننا
و لكن بسيف الهاشميين فافخروا
بسيف ابن عبد الله احمد في الوغى
بكف علي نلتم ذاك فاقصروا
علي الذي في الفخر طال بناؤه
فلا تكثروا الدعوى علينا فتحقروا
و كان يمدحه المشركون على قتله عظيما منهم و يجعلون ذلك فخرا لعلي و مع ذلك فمآل هذا الى الافتخار بأنه قاتله قال مسافع الجمحي في رثاء عمرو و قتل علي اياه من ابيات:
فاذهب علي فما ظفرت بمثله
فخرا فلا لاقيت مثل المعضل
و قال هبيرة بن ابي وهب يرثي عمرا و يذكر قتل علي اياه من ابيات:
فعنك علي لا ارى مثل موقف
وقفت على نجد المقدم كالفجل
فما ظفرت كفاك فخرا بمثله
امنت به ما عشت من زلة النعل
و افتخر به سعيد بن العاص فقال:اما انه ما كان يسرني ان يكون قاتل ابي غير ابن عمه علي بن ابي طالب الى غير ذلك.و كان ينيمه ابوه و هو صبي ايام حصار الشعب في مرقد رسول الله«ص»فينام فيه مواجها للخطر طيبة بذلك نفسه.و ظهرت شجاعته الفائقة في مبيته على الفراش ليلة الغار موطنا نفسه على الاخطار غير هياب و لا حزين و النفر من قريش محيطون بالدار ليفتكوا بمن في الفراش و ظهرت شجاعته البالغة لما سار بالفواطم بعد الهجرة جهارا من مكة و ليس معه الا ابن ام ايمن و ابو واقد الليثي و هما لا يغنيان شيئا فلحقه ثمانية فرسان من قريش امامهم جناح مولى حرب بن امية فاهوى اليه حناح بالسيف و هو فارس و علي راجل فحاد علي عن ضربته و ضربه لما انحنى على كتفه فقطعه نصفين حتى وصلت الضربة الى قربوس فرسه و انهزم الباقون.
و في يوم بدر قتل الوليد بن عتبة و شرك في قتل عتبة و قتل جماعة من صناديد المشركين حتى روي انه قتل نصف المقتولين او أزيد من النصف بواحد و قتل باقي المسلمين مع الملائكة المسومين النصف الثاني.
و في يوم احد قتل اصحاب اللواء جميعهم على اصح الروايات و هم سبعة او تسعة و انهزم بقتلهم المشركون و لو لا مخالفة الرماة امر رسول الله«ص»لتم النصر للمسلمين و جميع من قتل يوم احد من المشركين ثمانية و عشرون قتل علي منهم ثمانية عشر.ثم لما انهزم المسلمون الا قليلا منهم ثبت مع النبي«ص»فحامى عنه و كلما اقبل اليه قوم ندبه النبي اليهم فيفرقهم و يقتل فيهم حتى عجب منه جبرئيل و قال يا رسول الله ان هذه للمواساة و نادى (لا سيف الا ذو الفقار و لا فتى الا علي) .
و في وقعة الخندق لما اقحم عمرو بن عبد ود و جماعة معه خيلهم و عبروا الخندق جاء علي و معه نفر حتى اخذ عليهم الثغرة التي اقحموا خيلهم منها و لم يجسر على ذلك احد غيره و لما طلب عمرو المبارزة جبن المسلمون كلهم و سكتوا كأنما على رؤوسهم الطير فجعل عمرو يؤنبهم و يوبخهم و النبي يقول من لعمرو و من ضمنت له على الله الجنة فلم يقم اليه احد الا علي فقال انا له يا رسول الله و النبي«ص»يقول له اقعد فانه عمرو حتى فعل ذلك ثلاثا فقال له في الثالثة و ان كان عمرا فقتله و انهزم من معه فلحقهم علي و قتل بعضهم و انكسرتبذلك شوكة المشركين و رد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا و كفى الله المؤمنين القتال بعلي.
و في يوم خيبر كان علي ارمد لا يبصر سهلا و لا جبلا فلذلك بعث النبي«ص»اثنين غيره من المهاجرين فرجعا منهزمين احدهما يجبن اصحابه و يجبنونه و الآخر يؤنب اصحابه و يؤنبونه فقال النبي«ص»لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله عليه فدعا بعلي فتفل في عينيه فبرئا و اعطاه الراية فلقيه مرحب و على رأسه مغفر و حجر قد ثقبه مثل البيضة فضربه علي فقد الحجر و المغفر و رأسه حتى وقع السيف في اضراسه و سمع اهل العسكر صوت تلك الضربة و اقتلع باب الحصن و جعله جسرا على الخندق و كان يغلقه عشرون رجلا فلما انصرفوا من الحصن دحا به اذرعا و اجتمع عليه سبعون رجلا حتى اعادوه و تترس بباب لم يستطع قلبه ثمانية نفر فأي شجاع في الكون يصل الى هذه الشجاعة.
و في غزوة حنين ثبت مع النبي«ص»و قد هرب عنه الناس غير عشرة تسعة منهم من بني هاشم هو احدهم و فيهم العباس و ابنه و قتل علي ابا حرول و اربعين من المشركين غيره و انهزم المشركون بقتله و قتلهم و رجع المسلمون من هزيمتهم بثباته و ثبات من معه الذين انما ثبتوا بثباته لانه لم يؤثر عنهم شجاعة كما اثر عنه.و في جميع الوقائع و الغزوات كان له المقام الاسمى في الشجاعة و الثبات.
و في يوم الجمل و صفين و النهروان باشر الحرب بنفسه و قتل صناديد الابطال و جدل ابطال الرجال.
و في يوم الجمل ثبت الفريقان و اشرعوا الرماح بعضهم في صدور بعض كانها احلم القصب و لو شاءت الرجال ان تمشي عليها لمشت و كان يسمع لوقع السيوف اصوات كاصوات القصارين،و لما اشتد القتال زحف نحو الجمل بنفسه في كتيبته الخضراء من المهاجرين و الانصار و حوله بنوه ثم حمل فغاص في عسكر الجمل حتى طعن العسكر ثم رجع و قد انحنى سيفه فأقامه بركبته فقال له اصحابه و بنوه نحن نكفيك فلم يجبهم و لا رد اليهم بصره و ظل ينحط و يزأر زئير الاسد ثم حمل ثانية وحده فدخل وسطهم و الرجال تفر من بين يديه و تنحاز عنه يمنة و يسرة حتى خضب الارض بدماء القتلى ثم رجع و قد انحنى سيفه فأقامه بركبته ثم قال لابنه محمد بن الحنفية هكذا تصنع يا ابن الحنفية.فقال الناس من الذي يستطيعما تستطيعه يا امير المؤمنين.
و من مواقفه بصفين ما كان يوم الهرير قال بعض الرواة فو الله الذي بعث محمدا بالحق نبيا ما سمعنا برئيس قوم منذ خلق الله السموات و الارض أصاب بيده في يوم واحد ما أصاب علي،انه قتل في ما ذكر العادون زيادة على خمسمائة من اعلام العرب يخرج بسيفه منحنيا فيقول معذرة الى الله و اليكم من هذا فكنا نأخذه و نقومه ثم يتناوله من ايدينا فيقتحم به في عرض الصف.فلا و الله ما ليث أشد نكاية منه بعدوه.
في رحاب ائمة اهلالبيت(ع) ج 1 ص 23
السيد محسن الامين الحسيني العاملي
(في السنة الثانية من الهجرة)
قال كل من كتب في التاريخ و الآثار و السير انه لم يتخلف عن النبي«ص»في موطن قط الا في غزاة تبوك لانه علم انه ليس فيها حرب فخلفه على المدينة فعلم من ذلك وجوده في جميع الغزوات و ان كانت غير مهمة،كما ان اكثرهم قال انه كان صاحب الراية في جميع الغزوات و هو الذي يقتضيه الاعتبار،فكيف تساعد عليا نفسه ان يتخلف عنه في شدة و لو قلت و كيف تساعد الرسول نفسه ان يدفع الراية لغير علي و هو اشجع من معه الا ان يدفعها نادرا الى حمزة اسد الله و اسد رسوله.ثم ان اخباره في الغزوات المهمة قد تقدمت في الجزء الثاني مفصلة و نذكر هنا منها ما له تعلق به عليه السلام سواء أكنا ذكرناه فيما سبق ام لا و ان لزم شيء من التكرار لتكون اخباره متتالية متتابعة بحسب السنين و ان كان بعضهاـمما ليس مهماـمتقدما في التاريخ عما قدمناه من تزوجه بالزهراء عليهما السلام كالغزوات التي قبل بدر،لاننا اردنا ان تكون غزواته في نسق واحد.
و كانت في صفر لاثنتي عشرة ليلة مضت منه على رأس اثني عشر شهرا من مقدمة المدينة و هي اول غزوات النبي«ص»و اول غزوة حمل فيها راية مع النبي«ص»،خرج النبي في ستين راكبا من المهاجرين فيهم علي عليه السلام يريد عيرا لقريش فلم يلق حربا و كانت رايته مع علي عليه السلام فيما رواه المفيد مسندا عن ابي البختري القرشي و كان لواؤه مع حمزة بن عبد المطلب فيما قاله ابن سعد في الطبقات و لا منافاة فالراية العلم الاكبر و اللواء دونها.
و بعدها (غزوة بواط و بدر الاولى) في ربيع الاول على رأس ثلاثة عشر شهرا منالهجرة و لم يصرح المؤرخون بان عليا كان في الاولى و لا ان رايته كانت معه و لا مع غيره لكن قول المؤرخين انه لم يتخلف عنه في موطن الا في تبوك و كان صاحب رايته يدل على ذلك و صرحوا بان لواءه في الثانية كان مع علي بن ابي طالب و هو لواء ابيض.
و بعدها غزوة (العشيرة) بالتصغير على رأس ستة عشر شهرا من الهجرة و لم يصرحوا بوجوده فيها و لا بحمله الراية و قالوا ان اللواء كان مع حمزة و تعميمهم السابق يدل على وجوده فيها و يمكن كون الراية معه و اللواء مع حمزة كما مر في غزوة ودان.و بعدها.
و كانت في شهر رمضان يوم تسعة عشر او سبعة عشر منه على راس تسعة عشر شهرا من الهجرة و مر بيان سببها في الجزء الثاني و نذكر هنا ما له علاقة باخبار علي (ع) مما قد تقدم او لم يتقدم و قد نذكر غير ذلك مما لم يتقدم.كان المسلمون فيها ثلثمائة و ثلاثة عشر رجلا و معهم فرسان و سبعون بعيرا فكان الرجلان و الاكثر يتعاقبون بعيرا واحدا و كان النبي«ص»و علي (ع) و مرثد بن ابي مرثد يتعاقبون بعيرا لمرثد و قال ابن الاثير كان ثالثهم زيد بن حارثه و كان المشركون تسعمائة و خمسين او عشرين مقاتلا و قادوا مائتي فرس و قيل اربعمائة و الابل سبعمائة بعير و اعطى النبي صلى الله عليه و آله و سلم رايته في هذه الغزاة الى علي (ع) كما في غيرها من الغزوات و مرت رواية الاستيعاب عن تاريخ السراج بسنده عن ابن عباس قال دفع رسول الله«ص»الراية يوم بدر الى علي و هو ابن عشرين سنة و في السيرة الحلبية عن ابن عباس مثله و قال ابن الاثير كان لواؤه و رايته مع علي بن ابي طالب.و في السيرة النبوية لدحلان عقد«ص»يوم بدر لواء ابيض و دفعه لمصعب بن عمير و كان امامه«ص»رايتان سوداوان احداهما مع علي ابن ابي طالب و الاخرى مع سعد بن معاذ و قيل مع الحباب بن المنذر و في السيرة الحلبية ان النبي«ص»دفع اللواء يوم بدر و كان ابيض الى مصعب بن عمير و كان امامه رايتان سوداوان احداهما مع علي بن ابن طالب و يقال لها العقاب.و فيها ايضا عن الامتاع ان النبي«ص»عقد الالوية يوم بدر و هي ثلاثة:لواء يحمله مصعب بن عمير و رايتان سوداوان احداهما مع علي و الاخرى مع رجل من الانصار«اه»و الراية هي العلم الاكبرو اللواء دونها و ما يتوهم من كلام بعض اهل اللغة من اتحادهما مردود بتصريح غيره مما ذكرناه نعم قد يطلق احدهما على الآخر او على الأعم باعتبار ان الراية تسمى لواء ايضا و قد يفسر احدهما بالآخر في كلام اهل اللغة الذين كثيرا ما يفسرون بالاعم،كما ان ما يحكى عن ابن سعد و ابن اسحق من ان الرايات حدثت يوم خيبر مردود بهذه الروايات و بما تقدم في غزوة ودان و بدر الاولى و غزوة العشيرة.و قد علم مما مر ان راية المهاجرين في غزوة بدر كانت مع علي«ع»و ان لواءهم كان مع مصعب بن عمير و ان لواء الخزرج من الانصار كان مع الحباب بن المنذر و لواء الاوس مع سعد بن معاذ.و في السيرة الحلبية التصريح بذلك،و حينئذ فتكون الراية واحدة و الالوية ثلاثة،و هو الموافق للاعتبار فان الراية العظمى يجب ان تكون بيد علي عليه السلام لانها لا تعطى الا لمتميز في الشجاعة،و علي و ان كان من المهاجرين الا ان كونه صاحب الراية يجعله الرئيس على الجميع،فاستحسن ان يكون للمهاجرين لواء ايضا فأعطي لمصعب بن عمير،و جعل للانصار لواء ان احدهما للخزرج مع الحباب و الآخر للأوس مع سعد.و سار النبي«ص»باصحابه حتى كان قريبا من الصفراء و هي قرية لجهينة على مرحلة من بدر فارسل رجلين من جهينة يتجسسان له خبر ابي سفيان و العير و ارسل عليا و الزبير و سعدا الى بدر يلتمسون له الخبر لان بدرا منهل بطريق القادم من الشام الى مكة فلا بد ان يردها ابو سفيان و سار هو نحو بدر حتى قاربها فجاءه الجهنيان و اخبراه ان العير قد قاربت بدرا و لم يكن عنده علم بمسير قريش لمنع عيرهم،و وصل علي و من معه الى بدر فوجودا سقاة قريش فاخذوا منهم رجلين فجاؤوا بهما و النبي«ص»يصلي فسألهما اصحابه فقالوا نحن سقاة قريش فضربوهما لانهم يحبون ان يكونا سقاة ابي سفيان الذي معه العير و فيها الاموال ليغنموها و كرهوا ان يكونا سقاة قريش الذين جاؤوا للحرب،و الغنيمة الباردة احب الى النفوس من الحرب الشاقة فقالوا نحن لابي سفيان فتركوهما و لما فرغ النبي«ص»من الصلاة قال اذا صدقاكم ضربتموهما و اذا كذباكم تركتوهما،ثم سألهما عن قريش فقالا هم وراء هذا الكثيب بالعدوة القصوى،فسألهما عن عددهم فقالا لا ندري فقال كم ينحرون قالا يوما تسعة أباعر و يوما عشرة قال القوم بين التسعمائة و الالف،و خرج رسول الله«ص»يبادرهم الى الماء فنزل بادنى ماء من بدر،و قال الحباب بن المندر ابن الجموح:يا رسول الله هذا منزل انزلكه الله ليس لنا ان نتقدمه او نتأخره ام هو الرأي و الحربو المكيدة فقال بل هو الرأي و الحرب و المكيدة،قال فان هذا ليس بمنزل انطلق بنا الى ادنى مياه القوم فاني عالم بها و ان بها قليبا قد عرفت عذوبة مائة و غزارته ثم نبني لنا حوضا و نملؤه ماء و نقذف فيه بالآنية فنشرب و لا يشربون فارتحلوا و بنوا حوضا و ملؤوه في السخر ماء و قذفوا فيه الآنية و كان هذا تدبيرا سديدا ليشرب العطشان من الحوض بسهولة اذا عاد من القتال و لا يتكلف الاستقاء من البئر و لا الشرب من قربة او سقاء،و هذا صريح في انه كان ببدر عدة قلبان لا قليب واحد،و منه يعلم الجواب لمن لم يظهر له وجه الحكمة في القاء النبي«ص»قتلى المشركين في القليب بعد الفراغ من الوقعة الذي يفسد على اهل بدر و السابلة ماءهم فان افساد ماء قليب بدر انما يضر اذا لم يكن الا قليب واحد و لكنها قلبان كثيرة لا يضر افساد واحد منها و مبطل لتوهم الدكتور محمد حسين هيكل انه حفر حفرة و القاهم فيها مع ان الحفرة لا تسمى قليبا كما بيناه في الجزء الثاني،و قد صرح بذلك الواقدي حيث قال:و امر رسول الله«ص»يوم بدر بالقليب ان تغور ثم امر بالقتلى فطرحوا فيها«اه».و امتاز علي عليه السلام في ذلك بميزة لم يشاركه فيها احد فقد ذكر اهل الاخبار انه متح في ذلك الحوض كثيرا و لا غرو فهو صاحب القوة و الايد و هو من شبابه في ريعانه مع نفاذ بصيرته و قوة ايمانه.ثم اصطفت الصفوف و تهيؤوا للقتال فأول من برز من صف المشركين عتبة بن ربيعة و اخوه شيبة و ابنه الوليد بن عتبة و دعوا الى المبارزة فبرز اليهم فتيان ثلاثة من الانصار و هم معاذ و معوذ و عوف بنو الحارث و يقال لهم بنو عفراء فلم يرضوا ان يبارزوهم عتوا و استكبارا و رأوا انهم غير اكفاء لهم و قالوا لهم ارجعوا فما لنا بكم من حاجة و نادوا يا محمد اخرج الينا اكفاءنا من قومنا فقال لعبيدة بن الحارث بن المطلب (1) بن عبد مناف و لحمزة بن عبد المطلب و لعلي بن ابي طالبقوموا فقاتلوا بحقكم الذي بعث الله به نبيكم اذ جاؤوا بباطلهم ليطفئوا نور الله و يأبي الله الا ان يتم نوره،فبرزوا فقال عتبة تكلموا نعرفكم فان كنتم اكفاءنا قاتلناكم و كان عليهم البيض فلم يعرفوهم فقال حمزة انا حمزة بن عبد المطلب اسد الله و اسد رسوله فقال عتبة كفو كريم و انا اسد الحلفاء بضم الحاء و فتح اللام اي الاحلاف او الحلفاء بفتح الحاء و سكون اللام اي الاجمة.و من هذان معك قال علي بن ابي طالب و عبيدة بن الحارث بن المطلب قال كفوان كريمان،فبارز علي الوليد و كانا اصغر القوم و بارز عبيدة شيبة و هما اسن القوم و لعبيدة سبعون سنة و بارز حمزة عتبة و هما اوسط القوم سنا.و من الطبيعي ان يبارز الرجل من يناسبه في السن،هذه رواية الواقدي و المفيد في الارشاد.و قال ابن سعد في الطبقات:الثبت ان حمزة بارز عتبة و ان عبيدة بارز شيبة،و روى ابن اسحق في الغازي ان عبيدة بارز عتبة و حمزة بارز شيبة،و قال ابن ابي الحديد لمن روى ذلك ان ينتصر بقول هند بنت عتبة ترثي اباها:
تداعى له رهطه قصرة
بنو هاشم و بنو المطلب
يذيقونه
حر اسيافهم
يعلونه بعدما قد شجب
و ذلك لان عبيدة من بني المطلب اثبت عتبة عليه و دفف عليه علي و حمزة قال و هو الموافق لما يذكره امير المؤمنين في كتبه بقوله لمعوية:و عندي السيف الذي اعضضت به اخاك و خالك و جدك،و قوله:قد عرفت مواقع نصالها في اخيك و خالك و جدك.اخوه حنظلة و خاله الوليد و جده عتبة،و عندي انه لا دلالة في هذا الكلام على ذلك فهو قد قتل عتبة او شرك في قتله سواء أكان المبارز له حمزة و وضع رأسه في صدره كما في احدى الروايتين ام عبيدة كما في الرواية الاخرى فانه كر هو و حمزة فاجهزا عليه.و اما شعر هند فمحمول على نحو من التوسع فاذا كان بنو هاشم و بنو المطلب تداعوا له و لمن معه صح ان يقال توسعا تداعى له بنو هاشم و بنو المطلب و صح ان يقال يذيقونه حر اسيافهم باعتبار ان بعضهم او اكثرهم يذيقونه ذلك.اما علي و الوليد فاختلفا ضربتين اخطأت ضربة الوليد عليا لانه بمهارته في الحربـمع ان هذه اول حروبهـحاد عن الضربة فأخطأته كما حاد عن ضربة جناح يوم الهجرة فاخطأته ضربته و ضربه علي على حبل عاتقه الايسر او الايمن على اختلاف النقلين فاخرجالسيف من ابطه و قد سبق له ان ضرب جناحا يوم هجرته على عاتقه فقده نصفين حتى وصل السيف الى كتف فرسه و من ذلك اليوم قيل فيه ان ضرباته كانت و ترا اذا علا قد و اذا اعترض قط و في بعض الروايات ان عليا قال فأخذ الوليد يمينه بيساره فضرب بها هامتي فظننت ان السماء وقعت على الارض ثم ضربه ضربة اخرى فصرعه و هذا يدل على ان الضربة الاولى قطعت يده و خرجت من ابطه الايمن فقطعت اليد وحدها من الابط فتناولها بيساره و ضربه بها و قد ذكرنا في الجزء الثاني في وقعة بدر ان الصواب انه ضربه على عاتقه الايسر لان الضارب انما يضرب بيده اليمنى و مقابل الايمن انما هو الايسر و ان القول بانه ضربه على عاتقه الايمن غلط و روى المفيد في الارشاد عن علي بن هاشم عن محمد ابن عبد الله بن ابي رافع عن ابيه عن جده ابي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في حديث ان عليا و الوليد اختلفا ضربتين اخطأت ضربة الوليد امير المؤمنين فابانتها (اه) فهذا صريح في ان الضرب كان على الجانب الايسر كما مر ثم قال المفيد فروي ان عليا عليه السلام كان يذكر بدرا و قتله الوليد فقال في حديثه كأني انظر الى و ميض خاتمه في شماله ثم ضربته ضربة اخرى فصرعته و سلبته فرأيت به ردعا من خلوق فعلمت انه قريب عهد بعرس و اما حمزة و عتبة فقيل ان حمزة لم يمهل عتبة ان قتله و قيل تضاربا بالسيفين حتى انثلما و اعتنقا فصاح المسلمون يا علي اما ترى الكلب قد بهر عمك حمزة و كان حمزة اطول من عتبة فقال علي يا عم طأطىء رأسك فادخل حمزة رأسه في صدر عتبة فضرب علي عتبة فطرح نصفه فكانت ضربته هذه من الضربات التي اذا اعترض بها قط.و اما عبيدة و شيبة فاختلفا ضربتين فضربه عبيدة على رأسه ضربة فلقت هامته و ضربه شيبة على ساقه فقطعها و سقطا جميعا و كر حمزة و علي على شيبة فاجهزا عليه و حملا عبيدة الى المعسكر .و ذلك قريش بمقتل هؤلاء الثلاثة و ظهرت امارات النصر للمسلمين عليهم و قد قتل علي احدهم و شرك في قتل الباقيين و الى ذلك و امثاله يشير امير المؤمنين عليه السلام في بعض خطبه بقوله:و كان رسول الله (ص) اذا احمر الباس و احجم لناس قدم اهل بيته فوقى بهم اصحابه حر الاسنة و السيوف فقتل عبيدة يوم بدر و قتل حمزة يوم احد و قتل جعفر يوم مؤتة و اراد من لو شئت ذكرت اسمه مثل الذي ارادوا من الشهادة و لكن آجالهم عجلت و منيته اجلتو الى ذلك و غيره تشير الزهراء عليها السلام بقولها في بعض خطبها السابقة:فانقذكم الله بأبي بعد اللتيا و التي بعد ان مني ببهم الرجال و ذؤبان العرب و مردة اهل الكتاب (كلما اوقدوا نارا للحرب اطفاها الله او نجم قرن للشيطان او فغرت فاغرة من المشركين قذف اخاه في لهواتها فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها باخمصه و يخمد لهبها بسيفه مجدا كادحا و انتم في بلهنية من العيش و ادعون فاكهون آمنون تنكصون عند النزال و تفرون من القتال.و روى الحاكم في المستدرك و قال صحيح و لم يخرجاه و صححه الذهبي في التلخيص عن علي قال نزلت (هذان خصمان اختصموا في ربهم) في الذين بارزوا يوم بدر حمزة بن عبد المطلب و علي و عبيدة بن الحارث و عتبة بن ربيعة و الوليد بن عتبة قال علي و انا اول من يجثو للخصومة على ركبتيه بين يدي الله يوم القيامة و روى المفيد في الارشاد بسنده عن ابي جعفر عليه السلام في حديث قال:قال امير المؤمنين عليه السلام اقبل الي حنظلة بن ابي سفيان فلما دنا مني ضربته ضربة بالسيف فسالت عيناه و لزم الارض قتيلا.و اقبل العاص بن سعيد ابن العاص يبحث للقتال فبارزه علي فقتله بعدما احجم عنه غيره.روى المفيد في الارشاد بسنده عن صالح بن كيسان ان ابنه سعيد بن العاص دخل على عمر في خلافته فجلس ناحية قال سعيد فنظر إلي عمر و قال ما لي اراك كأن في نفسك علي شيئا اتظن اني قتلت اباك و الله لوددت اني كنت قتلته و لو قتلته لم اعتذر من قتل كافر و لكني مررت به يوم بدر فرأيته يبحث للقتال كما يبحث الثور بقرنه فهبته و رغبت عنه فقال لي الى اين يا بن الخطاب و صمد له علي فتناوله فو الله ما رمت مكاني حتى قتله و كان علي حاضرا في المجلس فقال اللهم غفرا ذهب الشرك بما فيه و محا الاسلام ما تقدم فما لك تهيج الناس علي فكف عمر فقال سعيد اما انه ما كان يسرني ان يكون قاتل ابي غير ابن عمه علي بن ابي طالب.و قال الواقدي فيما حكاه ابن ابي الحديد:اقبل العاص بن سعيد بن العاص يبحث للقتال فالتقى هو و علي عليه السلام فقتله علي عليه السلام فكان عمر بن الخطاب يقول لابنه سعيد بن العاص بن سعيد ابن العاص مالي اراك معرضا اتظن اني قتلت اباك فقال سعيد لو قتلته لكان على الباطل و كنت على الحق الخبر و قال ابن ابي الحديد و نقلت من غير كتاب الواقدي ان عثمن بن عفان و سعيد ابن العاص حضرا عند عمر في خلافته فجلس سعيد بن العاص حجزة فنظر اليه عمر فقالمالي اراك معرضا كأني قتلت اباك اني الم اقتله و لكن قتله ابو حسن و كان علي حاضرا فقال اللهم غفرا ذهب الشرك بما فيه و محا الاسلام ما قبله فلما ذاتهاج القلوب فسكت عمر و قال سعيد لقد قتله كفؤ كريم و هو احب الي من ان يقتله من ليس من بني عبد مناف (اه) و سعيد ابن العاص هذا هو والد عمرو بن سعيد بن العاص المعروف بالاشدق الذي كان عاملا على المدينة من قبل يزيد بن معاوية يوم قتل الحسين عليه السلام و لما اخبر بقتله و سمع واعية بني هاشم ضحك و تمثل بقول عمرو بن معد يكرب الزبيدي:
عجت نساء بني زياد عجة
كعجيج نسوتنا غداة الارنب
تعليقة:
(1) يوجد في بعض المواضع ابن الحارث بن عبد المطلب و الصواب انه ابن الحارث بن المطلب كما هو كذلك في طبقات ابن سعد و المطلب هو اخو هاشم و عم عبد المطلب،و صرح ابن ابي الحديد بان عبيدة من بني المطلب و يدل عليه قول هند بنت عتبة ترثي اباها:
تداعى له رهطه قصرة
بنو هاشم و بنو المطلب
و كأن الاشتباه وقع من شهرة عبد المطلب دون المطلب.ـالمؤلفـ
قال الواقدي و لما رأت بنو مخزوم مقتل من قتل قالوا ابو الحكم لا يخلص اليهـيعنون ابا جهلـفاحدقوا به و البسوا لامته عبد الله بن المنذر فصمد له علي فقتله و هو يراه ابا جهل و مضي و هو يقول انا ابن عبد المطلب ثم البسوها حرملة بن عمرو فصمد له علي فقتله ثم ارادوا ان يلبسوها خالد بن الأعلى فأبى.و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم اللهم اكفني نوفل ابن العدوية و هو نوفل بن خويلد من بني اسد بن عبد العزى فاسره جبار بن صخر و رأى عليا مقبلا نحوه فقال لجبار من هذا و اللات و العزى اني لأرى رجلا يريدني قال هذا علي بن ابي طالب فصمد له علي فضربه فنشب سيفه في حجفته فزعه و ضرب به ساقيه فقطعهما ثم اجهز عليه فقتله فقال رسول الله (ص) من له علم بنوفل بن خويلد قال علي انا قتلته فكبر رسول الله (ص) و قال الحمد لله الذي اجاب دعوتي فيه.و روى محمد بن اسحق ان طعيمة بن عدي قتله علي بن ابي طالب شجرة بالرمح فقال و الله لا تخاصمنا في الله بعد اليوم ابدا ثم قال و قيل قتله حمزة (اه) و روى الواقدي ما يقتضي انه اشترك في قتله علي و حمزة قال الواقدي:كان علي عليه السلام يحدث فيقول اني يومئذ بعدما متع النهار (1) و نحن و المشركون قد اختلطت صفوفنا و صفوفهم خرجت في اثر رجل منهم فاذا رجل من المشركين على كثيب رمل و سعد بن خيثمة و هما يقتتلان حتى قتل المشرك سعد بن خيثمة و المشرك مقنع في الحديدو كان فارسا فاقتحم عن فرسه فعرفني و هو معلم فناد اني هلم يا ابن ابي طالب الى البراز فعطفت عليه فانحط الي مقبلا و كنت رجلا قصيرا فانحططت راجعا لكي ينزل الي كرهت ان يعلوني فقال يا ابن ابي طالب فررت فقلت قريبا مفر ابن الشتراء (2) فلما استقرت قدماي و ثبتت اقبل فلما دنا مني ضربني فاتقيت بالدرقة فوقع سيفه فلحج (3) فاضربه على عاتقه و هو دارع فارتعش و لقد قط سيفي درعه فظنت ان سيفي سيقتله فاذا بريق سيف من ورائي فطأطأت رأسي و يقع السيف فاطن قحف رأسه بالبيضة و هو يقول خذها و انا ابن عبد المطلب فالتفت من ورائي فاذا هو عمي حمزة و المقتول طعيمة بن عدي«اه»فاذا كان علي ضربه على عاتقه و قط سيفه درعه فهو قد اشرف به على الموت و لذلك قال فظننت ان سيفي سيقتله ثم أكمل قتله حمزة فاطار قحف رأسه و بذلك يجمع بين القول بانه قتله علي و القول بانه قتله حمزة و اما ان عليا شجره بالرمح فيمكن ان يكون جمع بين شجره بالرمح و ضربه بالسيف .قال المفيد:و قد اثبت رواة العامة و الخاصة معا اسماء الذين تولى امير المؤمنين قتلهم ببدر من المشركين على اتفاق فيما نقلوه من ذلك فكان ممن سموه:
(1) الوليد بن عتبة و كان شجاعا جريئا وقاحا تهابه الرجال (2) العاص بن سعيد ابن العاص و كان هو لا عظيما تهابه الابطال و هو الذي حاد عنه عمر كما مر (3) طعيمة بن عدي ابن نوفل و كان من رؤوس اهل الضلال (4) نوفل بن خويلد و كان من اشد المشركين عداوة لرسول الله«ص»و كانت قريش تقدمه و تعظمه و تطيعه و هو الذي قرن ابابكر و طلحة قبل الهجرة بمكة و اوثقهما بحبل و عذبهما يوما الى الليل حتى سئل في امرهما (5) زمعة بن الاسود (6) الحارث بن زمعة (7) النضر بن الحارث بن عبد الدار (8) عمر او عمير بن عثمن بن كعب بن تيم عم طلحة بن عبيد الله (9 و 10) عثمان و مالك ابناء عبيد الله اخو طلحة بن عبيد الله (11) مسعود بن امية بن المغيرة (12) قيس بن الفاكه بن المغيرة (13) حذيفة بن ابي حذيفة بن المغيرة (14) ابو قيس بن الوليد بن المغيرة (15) حنظلة ابنابي سفيان (16) عمر بن مخزوم (17) ابو المنذر بن ابي رفاعة (18) منبه بن الحجاج السهمي (19) العاص بن منبه (20) علقمة بن كلدة (21) ابو العاص بن قيس بن عدي (22) معوية بن المغيرة بن ابي العاص (23) لوذان بن ربيعة (24) عبد الله بن المنذر ابن ابي رفاعة (25) مسعود بن امية بن المغيرة (26) حاجب او حاجز بن السائب بن عويمر (27) اوس بن المغيرة بن لوذان (28) زيد بن مليص (29) غانم بن ابي عوف (30) سعيد بن وهب حليف بني عامر (31) معوية بن عامر بن عبد القيس (32) عبد الله بن جميل ابن زهير بن الحارث بن اسد (33) السائب بن مالك (34) ابو الحكم بن الاخنس (35) هشام بن ابي امية بن المغيرة.قال المفيد:فذلك خمسة و ثلاثون رجلا سوى من اختلف فيه او شرك امير المؤمنين فيه غيره«اه»و لكنه عد مسعود بن امية بن المغيرة مرتين فلذلك بلغوا خمسة و ثلاثين و الا فهم اربعة و ثلاثون كما ترى،و بعضهم عد معهم عيسى بن عثمن فيكونون بذلك خمسة و ثلاثين و هو نصف المقتولين الذين كانوا سبعين قتيلا،كل هذا و لم يتجاوز الخمسة و العشرين عاما على الاكثر و لم يزد عن العشرين على الاقل.و حكى ابن ابي الحديد في شرح النهج ان جميع من قتل ببدر في رواية الواقدي من المشركين في الحرب و صبرا اثنان و خمسون رجلا قتل علي«ع»منهم مع الذين شرك في قتلهم اربعة و عشرين و لكنه عدهم 23 رجلا،قال و قد كثرت الرواية ان المقتولين ببدر كانوا سبعين و لكن الذين عرفوا و حفظت اسماؤهم من ذكرناه«اه».و هذه (اسماء من قتلهم علي ببدر) على رواية الواقدي:فمن بني عبد شمس (1) حنظلة بن ابي سفيان (2) العاص بن سعيد بن العاص (3) الوليد بن عتبة (4) شيبة بن ربيعة شرك في قتله (5) عامر بن عبد الله حليف لهم من انمار و قيل قتله سعد بن معاذ و لعله لذلك لم يذكره المفيد لانه لا يذكر الا ما اتفقوا عليه.و من بني نوفل بن عبد مناف (6) طعيمة بن عدي و يكنى ابا الريان قتله علي على رواية ابن اسحق و حمزة على رواية الواقدي.و من بني اسد بن عبد العزى (7) الحارث بن زمعة ابن الاسود (8) عقيل بن الاسود بن المطلب قال الواقدي حدثني ابو معشر قال قتله علي وحده و قيل شرك في قتله علي و حمزة و قيل قتله ابو داود المازني و لم يذكره المفيد (9) نوفل ابن خويلد بن اسد بن عبد العزى و هو ابن العدوية.و من بني عبد الدار بن قصي (10) النضر ابن الحارث بن كلدة قتله علي صبرا بالسيف بامر النبي«ص» (11) زيد بن مليص مولىعمرو بن هاشم بن عبد مناف من عبد الدار و قيل قتله بلال و لم يذكر المفيد خلافا في قتل علي له.و من بني تيم بن مرة (12) عمير بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة (13) حليف لبني مخزوم و قيل قتله عمار بن ياسر.و من بني الوليد بن المغيرة (14) ابو قيس بن الوليد اخو خالد بن الوليد،و من بني امية المغيرة (15) مسعود بن ابي امية.و من بني رفاعة (16) عبد الله بن ابي رفاعة.و من بني عمران بن مخزوم (17) حاجز بن السائب ابن عويمر بن عائذ (18) اخوه عويمر بن السائب بن عويمر قتله علي على رواية البلاذري و لم يذكره المفيد.و من بني جمح (19) اوس بن المغيرة بن لوذان شرك فيه علي و عثمن ابن مظعون.و من بني سهم (20) منبه بن الحجاج و قيل قتله ابو اسيد الساعدي و لم يذكر المفيد خلافا في انه قتله علي (21) نبيه بن الحجاج و لم يذكره المفيد (22) العاص بن منبه ابن الحجاج (23) ابو العاص بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم،روي الواقدي عن ابي معشر عن اصحابه انه قتله علي و قيل قتله ابو دجانة و لم يذكر المفيد فيه خلافا.قال ابن ابي الحديد:في رواية الشيعة ان زمعة بن الاسود بن المطلب قتله علي،و الاشهر في الرواية انه قتل الحارث بن زمعة و ان زمعة قتله ابو دجانة«اه»و مر عن المفيد ان عليا قتلهما معا.قال المفيد و ابن الاثير في اسد الغابة و ابن حجر في الاصابة:و فيما صنعه امير المؤمنين«ع»ببدر قال اسيد بن ابي اياس بن وثيم يحرض مشركي قريش عليه و يعيرهم به:
في كل مجمع غاية (4) اخزاكم
جذع (5) ابر (6) على المذاكي (7) القرح
لله دركم
الما تنكروا
قد ينكر الحر الكريم و يستحي
هذا ابن فاطمة الذي
افناكم
ذبحا و قتلة قصعة (8) لم يذبح
اعطوه خرجا
و اتقوا تضريبه
فعل الذليل و بيعة لم تربح
اين الكهول و اين
كل دعامة
في المعضلات و اين زين الابطح
افناهم قصعا و ضريا
يفتري
بالسيف يعمل حده لم يصفح
قال الزمخشري في الفائق:قال سعد بن ابي وقاص رأيت عليا يوم بدر و هو يقول:
بازل عامين حديث سني
سنحنح الليل كأني جنى
لمثل
هذا ولدتني امي
ما تنقم الحرب العوان مني
و يروى سمعمع كانني من جن (بازل عامين) هو البعير الذي تمت له عشر سنين و دخل في الحادية عشرة (9) و بلغ نهايته في القوة و المعنى انا في استكمال القوة كهذا البعير مع حداثة السن (السنحنح) و (السمعمع) مما كرر عينه و لامه من سنح و سمع فالسنحنح الذي يسنح كثيرا و اضافته الى الليل على معنى انه يكثر السنوح فيه لاعدائه لجلادته.و المسعمع الخفيف السريع في وصف الذئاب فاستعير«اه»الفائق.و اخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق مصعب بن سعد عن ابيه سعد بن ابي وقاص قال:لقد رأيت علي بن ابي طالب بارز يوم بدر فجعل يحمحم كما يحمحم الفرس و يقول و ذكر الرجز ثم قال فما رجع حتى خضب سيفه دما.و في اسد الغابة بسنده عن مصعب بن سعد عن سعد قال:رأيتهـيعني علياـيخطف بالسيف هام المشركين و هو يقول:سنحنح الليل كأني جني.و في وقعة بدر يقول الحاج هاشم ابن الحاج حردان الكعبي من قصيدة:
و غداة بدر و هي ام وقائع
كبرت و ما زالت لهن
ولودا
قابلتهن فلم تدع لعقودها
نظما و لا لنظامهن
عقيدا
فالتاح عتبة ثاويا بيمين من
يمناه اردت شيبة و
وليدا
سجدت رؤوسهم لديك و انما
كان الذي ضربت عليه
سجودا
و توحدت بعد ازدواج و الذي
ندبت اليه لتهتدي التوحيدا
و فيها يقول المؤلف من قصيدة:
غدا يوم بدر شاهدا لك في الورى
بآيات فضل قد تضمنها
بدر
و عتبة وافى و الوليد و شيبة
و قائدهم تيه و سائقهم
كفر
عليهم من الماذي كل مفاضة
نبت في الوغى عنها الظبا و القنا
السمر
ابوا عن بني عفراء كبرا و طالبوا
بأكفائهم لما استخفهم
الكبر
عبيدة و المولى علي و حمزة
هم خير اكفاء كرام لهم
قدر
قتلت وليدا و اشتركت بشيبة
و في عتبة شاركت عمك يا وتر
تعليقات:
(1) متع النهار ارتفع و بلغ غاية ارتفاعه قبل الزوال.ـالمؤلفـ
(2) هو مثل قال الزمخشري في الفائق:ابن الشتراء رجل كان يصيب الطريق و كان يأتي الرفقة فيدنو منهم حتى اذا هموا به نأى قليلا ثم عاودهم حتى يصيب منهم غرة«اه»فضرب به المثل
(3) لحج اي نشب.ـالمؤلفـ
(4) اي محل اجتماع لغاية من الغايات او مجمع غاية السباق
(5) الجذع بالتحريك الشاب الحدث
(6) يقال ابر عليهم اذا غلبهم
(7) المذاكي من الخيل التي مضى عليها بعد قروحها سنة او سنتان
(8) القصع الدفع و الكسر و القصعة المرة منه،قال ابو عبيدة:القصع ضمك الشيء على الشيء حتى تقتله او تهشمه و منه قصع القملة و يروى ذبحا و قتلا قصعة و المعنى انه افناكم بالقتل الذي هو على نوعين قتل الذبح و قتل القصع و هو الدفع برمح و غيره حتى يموت،يقول افناكم بالذبح تارة و بقتلة قصعة اخرى باضافة قتلة الى قصعة او قتلا قصعة على الرواية الاخرى فقصعة بدل من قتلا فعل كل هذا و لم يذبحه احد.ـالمؤلفـ
(9) في القاموس بزل ناب البعير بزلا و بزولا طلع،جمل و ناقة بازل و ذلك في تاسع سنيه«اه»فمعنى بازل عامين انه مضى له عامان و هو بازل فاذا كان البزول يحصل بالدخول في التاسعة فبازل عامين الذي دخل في الحادية عشرة.ـالمؤلفـ