الفصل 21: في أن النظر إلى على بن أبى طالب عليه السلام و ذكره عبادة

1ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:النظر إلى علي بن أبي طالب عبادة،و ذكره عبادة (1) ،لا يقبل الله إيمان عبد إلا بموالاته و البراءة من أعدائه (2) ».

2ـعن النبي صلى الله عليه و آله و سلم:«النظر إلى علي عبادة (3) ».

3ـو في حديث عمران بن حصين رضى الله عنه،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم :«النظر إلى وجه علي عبادة (4) ».

4ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«مثل علي فيكمـأو قال:في هذه الامةـكمثل الكعبة المستورة،النظر إليها عبادة،و الحج إليها فريضة (5) ».

5ـإن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم جاءه رجل فقال:يا رسول الله!أما رأيت فلانا ركب البحر ببضاعة يسيرة،و خرج إلى الصين فأسرع الكرة و أعظم الغنيمة حتى قد حسده أهل وده،و أوسع قرباته جيرانه؟فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:إن مال الدنيا كلما ازدادكثرة و عظما ازداد صاحبه بلاء،فلا تغتبطوا صاحب الأموال إلا بمن جاد بماله في سبيل الله،و لكن ألا أخبركم بمن هو أقل من صاحبكم بضاعة و أسرع منه كرة و أعظم منه غنيمة و ما اعد له من الخيرات محفوظ له في خزائن عرش الرحمن؟قالوا:بلى،يا رسول الله!فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:انظروا إلى هذا المقبل إليكم،فنظرنا فإذا رجل من الأنصار رث الهيئة،فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:إن هذا قد صعد له في هذا اليوم إلى العلو من الخيرات و الطاعات ما لو قسم على جميع أهل السموات و الأرض لكان نصيب أقلهم منه غفران ذنوبه،و وجوب الجنة له،قالوا:بماذا،يا رسول الله؟فقال:سلوه يخبركم عما صنع في هذا اليوم.

فأقبل عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و قالوا له:هنيا لك ما برك به رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فماذا صنعت في يومك هذا حتى كتب لك ما كتب؟قال الرجل:ما أعلم أني صنعت شيئا غير أني خرجت من بيتي،و أردت حاجة كنت أبطأت عنها فخشيت أن تكون فاتتني،فقلت في نفسي لأعتاضن منها النظر إلى وجه علي بن أبي طالب عليه السلام فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول:«النظر إلى وجه علي عبادة»،فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:إي و الله،عبادة و أي عبادة!إنك يا عبد الله ذهبت تبتغي أن تكتسب دينارا لقوت عيالك ففاتك ذلك،فاعتضت منه النظر إلى وجه علي و أنت له محب و بفضله معتقد،و ذلك خير لك من أن لو كانت الدنيا كلها لك ذهبة حمراء فأنفقتها في سبيل الله،و لتشفعن بعدد كل نفس تنفسته فى مسيرك إليه فى ألف رقبة،يعتقهم من النار بشفاعتك (6) ».

6ـعن أبي رافع،قال:«أتيت أباذر بالربذة اودعه،فلما أردت الانصراف قال لى و لا ناس معي :ستكون فتنة،فاتقوا الله،و عليكم بالشيخ علي بن أبي طالب فاتبعوه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول له:أنت أول من آمن بي،و أول من‏يصافحني يوم القيامة،و أنت الصديق الأكبر،و أنت الفاروق الذي يفرق بين الحق و الباطل،و أنت يعسوب المؤمنين و المال يعسوب الكافرين،و أنت أخي و وزيري و خير من أترك بعدي،تقضي دينى،و تنجز موعدي (7) ».

تنبيه:

أيها القارى‏ء الكريم!إن النظر إلى وجه علي عليه السلام بنفسه عبادة لا أنه يحمل الناظر على العبادة،كما قاله بعض أهل السنة و هو إبن الأثير صاحب«النهاية»،قال في حديث نقله عمران بن الحصين عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«النظر إلى وجه علي عبادة»قيل :معناه إن عليا رضى الله عنه كان إذا برز،قال الناس:لا إله إلا الله،ما أشرف هذا الفتى،لا إله إلا الله،ما أعلم هذا الفتي،لا إله إلا الله،ما أكرم هذا الفتى،لا إله إلا الله ما أشجع هذا الفتى،فكانت رؤيته تحملهم على كلمة التوحيد (8) ».

أقول:القائل هو محمد بن زياد،المعروف بابن الأعرابي الكوفي اللغوي،المتوفى 231 تلميذ الكسائى و ابن السكيت.و انظر أيها المنصف،كيف أول الرجل الحديث نفيا لمنقبة أمير المؤمنين عليه السلام!مع أنه،كما قال العلامة المجلسيـرحمة الله عليه و حشره مع أوليائه الكرامـ :أراد أن ينفي عنه عليه السلام منقبة فأثبت له أضعافها،و ما الباعث على ذلك؟و أي استبعاد في أن يكون محض النظر إليهـصلوات الله عليهـعبادة (9) »؟.

ثم أقول:و إن شئت أن يتضح لك المقال فأمعن النظر في قول الحافظ الامام الكنجى الشافعى في«كفاية الطالب»(الباب 34،ص 75):«أما النظر إلى وجه علي عليه السلام عبادة،من حيث إنه ابن عم الرسول صلى الله عليه و آله و سلم،و زوج البتول عليها السلام،و والدالسبطين الحسن و الحسين عليهما السلام،و أخو الرسول،و وصيه،و باب علمه،و المبلغ عنه،و المجاهد بين يديه،و الذاب عنه،و المجلي الكرب و الهموم عنه،و الباذل نفسه لله تعالى و لرسوله لنصرة دين الله،و داعي الناس إلى دار السلام و معرفة العزيز العلام،و يدل على فضل النظر إليه فضل النظر إلى الكعبة كما جاء في الحديث:أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم وقف حيال الكعبة و قال:«ما أجلك و ما أشرفك و ما أعظمك عند الله عز و جل!و المؤمن عند الله عز و جل أعظم و أشرف منك عليه».ـإلى أن قالـعن أبي هريرة قال:رأيت معاذ بن جبل يديم النظر إلى علي بن أبي طالب،فقلت:مالك تديم النظر إلى علي كأنك لم تره؟فقال:سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول:النظر إلى وجه علي عبادة».

7ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«زينوا مجالسكم بذكر علي بن أبي طالب عليه السلام (10) ».

8ـعن ام سلمة رضى الله عنها قالت:سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول:«ما قوم اجتمعوا يذكرون فضل علي بن أبي طالب عليه السلام إلا هبطت عليهم ملائكة السماء حتى تحف بهم،فإذا تفرقوا عرجت الملائكة إلى السماء،فيقول لهم الملائكة:إنا نشم من رائحتكم ما لا نشمه من الملائكة،فلم نر رائحة أطيب منها؟فيقولون:كنا عند قوم يذكرون محمدا و أهل بيته فعلق فينا من ريحهم فتعطرنا،فيقولون:اهبطوا بنا إليهم،فيقولون:تفرقوا و مضى كل واحد منهم إلى منزله،فيقولون:اهبطوا بنا حتى نتعطر بذلك المكان (11) ».

9ـعن علي عليه السلام:«فطوبى لمن رسخ حبنا في قلبه،فو الله ما ذكر العالمون ذكرا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم مني (12) ».

10ـعن حماد السمندري«قلت لابي عبد الله عليه السلام:إني أدخل بلاد الشرك و إن من عندنا يقولون:إن مت ثم حشرت معهم،فقال لي:يا حماد،إذا كنت ثم تذكر أمرنا و تدعو إليه؟قلت:نعم،قال :فإذا كنت في هذه المدن مدن الإسلام تذكر أمرنا و تدعو إليه؟قلت:لا،فقال لي:إنك إن تمت ثم تحشر امة وحدك،و يسعى نورك بين يديك (13) ».

11ـعن سعد الإسكافي،قال:«قلت لأبي جعفر عليه السلام:إني أجلس و أقص و أذكر حقكم و فضلكم .قال عليه السلام:وددت على كل ثلاثين ذارعا قاصا مثلك (14) ».

12ـعن محمد بن سليمان،عن محمد بن محفوظ،عن أبي المغرا،قال:سمعت أبا الحسن عليه السلام،يقول :ليس شي‏ء أنكى (15) لإبليس و جنوده من زيارة الإخوان في الله بعضهم لبعض قال:و إن المؤمنين يلتقيان فيذكران الله ثم يذكران فضلنا أهل البيت،فلا يبقى على وجه إبليس مضغة لحم إلا تخدد (16) حتى ان روحه لتستغيث من شده ما يجد من الألم،فتحس ملائكة السماء و خزان الجنان فيلعنونه حتى لا يبقى ملك مقرب إلا لعنه،فيقع خاسئا حسيرا مدحورا (17) ».

13ـعن أبي عبد الله عليه السلام:«شيعتنا الرحماء بينهم الذين إذا خلوا ذكروا الله،إن ذكرنا من ذكر الله،إنا إذا ذكرنا ذكر الله،و إذا ذكر عدونا ذكر الشيطان (18) ».

14ـعن أبي عبد الله عليه السلام:«إن لله ملائكة سياحين،سوى الكرام الكاتبين،فإذا مروا بقوم يذكرون محمدا و آل محمدـصلوات الله عليهم أجمعينـقالوا:قفوا،فقد أصبتم حاجتكم،فيجلسون فيتفقهون معهم،فإذا قاموا عادوا مرضاهم،و شهدوا جنائزهم،و تعاهدوا غائبهم،فذلك المجلس الذي لا يشقى به جليس (19) ».

تعليقات:

1ـمن لا يحضره الفقيه تحت رقم 2145 و .2146

2ـينابيع المودة:ج 1:ص .121

3ـالمناقب للخوارزمي،الباب 23،ص .261

4ـالنهاية،لابن الاثير،باب النون،ج 5:ص .77

5ـكفاية الطالب،الباب 34:ص 161.ك

6ـالبحار،ج 38:ص .197

7ـشرح النهج،لابن أبي الحديد،ج 13:ص .228

8ـالنهاية،ج 5:ص .77

9ـالبحار،ج 38:ص .195

10ـالبحار،ج 38:ص .199

11ـالبحار،ج 38:ص .199

12ـالبحار،ج 39:ص .393

13ـالحر العاملي:وسائل الشيعة،ج 11:ص .77

14ـرجال الكشي،ص .115

15ـالنكاية:القتل و الجرح،أى أجرح له.

16ـتخدد:نقص.

17ـالكلينى:الأصول من الكافي،ج 2:صص 176 و 188،باب تذاكر الاخوان.

18ـالكلينى:الأصول من الكافي،ج 2:صص 176 و 188،باب تذاكر الاخوان.

19ـالكلينى:الأصول من الكافي،ج 2:صص 176 و 188،باب تذاكر الاخوان.