
الباب الثاني: بعض الأدلة التى تدل على تفضيل الائمة عليهم السلام على سائر الناس
الفصل 1: آية التطهير:
من كرائم الآيات التي على أن عليا و أولاده المعصومينـصلوات الله عليهم أجمعينـأفضل
من جميع الأنبياء و المرسلين سوى خاتم النبيين صلى الله عليه و آله و سلم آية التطهير،و
هي قوله عز و جل:/إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا (1) /و وجه الإستدلال بها يظهر بعد أن نذكر نبذة يسيرة من الأحاديث التي وردت في شأن الآية
من طريق العامة و الخاصة،و بعد تبين مفردات الآية من كلمة«إنما»و«الرجس»و«أهل البيت»و
غيرها،إن شاء الله تعالى.
فأقول مستعينا بالله عز و جل:أجمع أصحابنا في أن أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس
في هذه الآية هم الخمسة الذين كانوا أصحاب الكساء،و هم رسول الله صلى الله عليه و آله
و سلم،و ابن عمة علي المرتضى الذي هو بمنزلة روحه و نفسه و ابنته التي هي مهجة قلبه
و ثمرة فؤاده،و سبطاه الشهيدان اللذان هما ريحانتاه من الدنيا،فهؤلاء هم أصحاب هذه الآية
.
و أما الأخبار و الأحاديث الدالة على هذا المعنى التي جاءت من طريق العامة كثيرة جدا
يصعب إحصاؤها:ذكر ابو جعفر محمد بن جرير الطبري(المتوفى سنة 310)في تفسيره الكبير المسمى
ب«جامع البيان (2) »خمسة عشر حديثا بأسانيد مختلفة.قال:«اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله:«أهل البيت»،فقال
بعضهم عني به رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و علي و فاطمة و الحسن و الحسينـرضوان
الله عليهمـ.ذكر من قال ذلك عن أبي سعيد الخدري قال:
1ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«نزلت هذه الآية في خمسة:في و في عليـرضى
الله عنهـو حسنـرضى الله عنهـو حسينـرضى الله عنهـو فاطمةـرضى الله عنهاـ:/إنما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا/.
2ـعن عائشة:«خرج النبي صلى الله عليه و آله و سلم ذات غداة و عليه مرط مرجل من شعر أسود،فجاء
الحسن فأدخله معه،ثم جاء علي فأدخله معه،ثم قال:/إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل
البيت و يطهركم تطهيرا./.
3ـعن أنس:«أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر كلما خرج
إلى الصلاة فيقول:الصلاة أهل البيت،/إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم
تطهيرا./.
4ـعن شهر بن حوشب،عن ام سلمة قالت:«كان النبي عندي و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم
السلام فجعلت لهم خزيرة فأكلوا و ناموا و غطى عليهم عباءة أو قطيفة،ثم قال:اللهم هؤلاء
أهل بيتي أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا».
5ـعن أبي الحمراء قال:«رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد النبي صلى الله عليه و آله و
سلم،قال:رأيت النبي إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي و فاطمة فقال:الصلاة،الصلاة،/إنما
يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا./
6ـيونس بن أبي إسحاق بإسناده عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم مثله.ـعن أبي عمار
قال:«إني لجالس عند واثلة بن الأسقع إذا ذكروا علياـرضى الله عنهـفشتموه،فلما قاموا،قال
:اجلس حتى اخبرك عن هذا الذي شتموه،إني عند رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إذ جاءه
علي و فاطمة و حسن و حسين،فألقى عليهم كساء له،ثم قال:اللهم هؤلاء أهل بيتي،اللهم أذهب
عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا».
8ـعن أبي سعيد الخدري،عن ام سلمة،قالت:«لما نزلت هذه الآية/إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا/دعا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عليا و فاطمة
و حسنا و حسينا فحال عليهم كساء خيبريا فقال:اللهم هؤلاء أهل بيتي،اللهم أذهب عنهم الرجس
و طهرهم تطهيرا».قالت ام سلمة:ألست منهم؟قال:أنت إلى خير».
9ـعن عطية،عن أبي سعيد،عن ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه و آله و سلم:أن هذه الآية
نزلت في بيتها /إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا./قالت:و
أنا جالسة على باب البيت،فقلت:أنا يا رسول الله ألست من أهل بيت؟قال:إنك إلى خير،أنت
من أزواج النبي صلى الله عليه و آله و سلم.قالت:و في البيت رسول الله صلى الله عليه
و آله و سلم و علي و فاطمة و الحسن و الحسينـرضي الله عنهم».
10ـعن أبي الديلم،قال:قال علي بن الحسين عليه السلام لرجل من أهل الشام:«أما قرأت في
الأحزاب:/إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا؟قال:و لأنتم هم؟قال
:نعم».
و أورد العلامة،جلال الدين السيوطي في تفسيره«الدر المنثور
(3) »عشرين رواية من طرق متعددة في أن المراد من أهل البيت هم الخمسةـصلوات الله عليهم أجمعينـ
.قال:أخرج الطبراني عن ام سلمةـرضي الله عنهاـأن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم
قال لفاطمةـرضي الله عنهاـ:ايتيني بزوجك و ابنيه،فجاءت بهم،فآلقى رسول الله صلى الله
عليه و آله و سلم عليهمكساء فدكيا،ثم وضع يده عليهم ثم قال:اللهم إن هؤلاء أهل محمد[و
في لفظ آخر:آل محمد]فاجعل صلواتك و بركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم،إنك
حميد مجيد.قالت ام سلمةـرضي الله عنهاـ:فرفعت الكساء لادخل معهم،فجذبه من يدي و قال
:إنك على خير».
أقول:و أخرج هذا الحديث أحمد بن حنبل أيضا في مسنده(ج 6،ص 323).و أخرج الحافظ الكبير،أبو
القاسم الحسكاني الحنفي النيشابوري من أعلام القرن الخامس في كتابه«شواهد التنزيل لقواعد
التفضيل (4) »،أكثر من مائتي طريق في أن الآية نزلت في رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و علي
و الحسن و الحسين و امهما فاطمة الزهراءـصلوات الله و تحياته عليهم أجمعينـ.
أخي العزيز!إن شئت أن تظهر لك الحقيقة و تكون على بصيرة من الأمر فاقرأ كلاما جيدا و
هو أطيب من نفحة أزهار و نسمة أسحار للإمام الشريف،السيد شرف الدين الموسوي اللبنانيـحشره
الله مع أوليائه الكرامـ.قال رحمه الله في كتابه الأغر«الكلمة الغراء»(ص 12):
«فيا أهل البصائر برسول الله صلى الله عليه و آله و سلم العارفين بمبلغه من الحكمة و
العصمة،المقدرين قدر أفعاله و أقواله!هل تجدون وجها لحصرهم تحت الكساء عند تبليغه الآية
عن الله تعالى إلا المبالغة البليغة في توضيح ما قلناه من إختصاصها بهم و إمتيازهم بها
عن العالمين؟و هل تفهمون من قوله:«اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا»إلا
الحصر بهم و القصر عليهم؟و هل ترون وجها لجذب الكساء من يد ام سلمة و منعها من الدخول
معهمـعلى جلالة قدرها و عظم شأنهاـإلا الذي ذكرناه؟فأين تذهبون؟و أنى تؤفكون؟/إنه لقول
رسول كريم*ذي قوة عند ذي العرش مكين*مطاع ثم أمين*و ما صاحبكمبمجنون/
فيكون بحجبه إياهم في كسائه عابثا؟أو يكون بقوله:«اللهم،هؤلاء أهل بيتى»هاذيا؟أو يكون
بجذبه الكساء من ام سلمة مجازفا؟حاشا لله/إن هو إلا وحي يوحى*علمه شديد القوى/و قد تكررت
منه صلى الله عليه و آله و سلم قضية الكساء حتى احتمل بعض العلماء تكرار نزول الآيةـأيضاـ،و
الصواب عندنا نزول الآية مرة واحدة،لكن حكمة الصادق الأمين في نصحه ببلاغه المبين اقتضت
القضيه اقتضت تكرير القضية مرة في بيت ام سلمة (5) عند نزول الآية و تبليغها لأهلها المخاطبين فيها،و اخرى في بيت فاطمة (6) .و في كل مرة يتلو عليهم الآية مخاطبا لهم بها و هم في معزل عن الناس تحت ذلك الكساء
درءا للشبهة في نحور أهل الزيغ.
و قد بلغـبأبي هو و اميـفي توضيح اختصاص الآية بهم كل مبلغ،و سلك في إعلان ذلك مسالك
ينقطع معها شغب المشاغب،و لا يبقى بعدها أثر لهذيان النواصب حتى كان بعد نزول الآية
كلما خرج إلى الفجر يمر ببيت فاطمة فيقول:الصلاة يا أهل البيت/إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا/و قد استمر على هذا ستة أشهر في رواية أنس(في
مسند أحمد بن حنبل ج 3:ص 259)و عن ابن عباس سبعة أشهر،و في رواية ذكرها النبهاني و غيره
ثمانية أشهر.فصرح الحق عن محضه،و بدا الصبح لذي عينين»انتهى كلامه،رفع مقامه.أقول:قال
العلامة المتكلم الشيخ زين الدين النباطي البياضي في كتابه القيم«الصراط المستقيم»:ذكر
ابن قرطة في«مراصد العرفان»عن ابن عباس،قال:«شهدنا النبي صلى الله عليه و آله و سلم
تسعة عشر شهرا،يأتي كل يوم عند كل صلاة إلى باب علي عليه السلام فيسلم عليهم،و يتلو
الآية،و يدعوهم إلى الصلاة (7) ».
البحث عن مفردات الاية:
أيها القارىء العزيز!أنت بعد ما سمعت الأخبار و الأحاديث في شأن نزول الآية من طريق
العامة ينبغي لنا أن نشير إلى مفردات الآية حتى يسهل لنا استفادة ما هو المقصود من الآية
و تفسيرها.و ها نحن نذكر نظرات أئمة المفسرين و اللغويين في مفردات الآيةـإن شاء اللهـبوجه
ما.فأول كلمة رأيناها لفظة«إنما»،فقالوا:هي للحصر و القصر.
قال شيخ الطائفة،ابو جعفر،محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله في تفسير التبيان:«إن لفظة«إنما»تجري
مجرى ليس.و قد دللنا على ذلك فيما تقدم و حكيناه عن جماعة من أهل اللغة كالزجاج و غيره،فيكون
تلخيص الكلام:ليس يريد الله إذهاب الرجس على هذا الحد إلا عن أهل البيت.فدل ذلك على
أن إذهاب الرجس قد حصل فيهم،و ذلك يدل على عصمتهم (8) ».
قال امين الإسلام الطبرسي رحمه الله و هو من أكابر علماء الإمامية و فحولهم رضوان الله
عليهمـفي تفسير«مجمع البيان»:«فإن قول القائل:إنما لك عندي درهم،و إنما في الدار زيد،يقتضي
أنه ليس له عنده سوى الدرهم،و ليس في الدار سوى زيد
(9) ».و أما الارادة،فهي المصدر من باب الإفعال ل«أراد،يريد»و منقولة من«راد،يرود».قال الراغب
في«معجم مفردات الفاظ القرآن»:«و الإرادة منقولة من«راد،يرود»إذا سعى في طلب شيء.و
الإرادة في الأصل قوة مركبة من شهوة،و حاجة،و أمل،و جعل إسما لنزوع النفس إلى الشىء
مع الحكم فيه،بأنه ينبغي أن يفعل أو لا يفعل،ثم يستعمل مرة في المبدء و هو نزوع النفس
إلى الشيء،و تارة في المنتهى و هو الحكم فيه بأنه ينبغي أن يفعل أو لا يفعل،فإذا استعمل
في الله فإنه يراد به المنتهى دون المبدء،فإنه يتعالى عن معنى النزوع (10) ».
و قال الشيخ الطوسي رحمه الله في«التبيان»:«ليس يخلو إرادة الله الإذهاب الرجس عن أهل
البيت من أن يكون ما أراد منهم من فعل الطاعات و اجتناب المعاصي،أو يكون عبارة عن أنه
أذهب عنهم الرجس بأن فعل لهم لطفا اختاروا عنده الإمتناع من القبائح.و الأول لا يجوز
أن يكون مرادا،لأن هذه إلارادة حاصلة مع جميع المكلفين فلا إختصاص لأهل البيت في ذلك،و
لا خلاف في أن الله تعالى خص بهذه فلا اختصاص الآية أهل البيت بأمر لم يشركهم فيه غيرهم
فكيف يحمل على ما يبطل هذا التخصيص و يخرج الآية من أن يكون لهم فيها فضيلة و مزية على
غيرهم؟ (11) ».
و قال العلامة الطباطبائى رحمه الله في تفسير الآية:«و المعنى أن الله سبحانه تستمر
إرادته أن يخصكم بموهبة العصمة بإذهاب اعتقاد الباطل و أثر السيىء عنكم أهل البيت. (12) »
و أما مفهوم الإذهاب،فهو يستعمل على قسمين،مرة يطلق و يراد منه إزالة الشيء عن المحل
بعد ثبوته،كقول الفقيه:«الماء يذهب القذارة و النجاسة»أو«أذهبت التوبة و الإنابة ذنبي»،و
تارة يطلق و يراد منه دفع الشيء عن المحل قبل عروضه و إن كان المحل ممكنا في حد ذاته
لعروضه،كقولك لخليلك:«أذهب حبك و الوصول إليك مشقة الطريق عني»أو«أذهب الله عنك السوء
و البلاء»أو كقولك للحفار:«ضيق فم الركية»و كقول النحاة:«جرد المبتدء عن العوامل اللفظية»أو«إن
مصيبة فلان أذهب عني النوم».اي فإن حبك و الوصول إليك يمنع عروض التعب علي،فإن الله
يدفع عنك السوء و البلاء و فإن الحفار يضيق فم الركية من بدء الأمر،و المبتدء جاء ابتداء
من دون العوامل اللفظية.فإن هذه الأمثال كلها للدفع بخلاف الأمثال الأولية،فإن الماء
أذهب القذارة بعد عروضه في المحل،و التوبة و الإنابة الذنب بعد وقوعه في النفس.
و أما مفهوم الرجس،فهو ما قال الراغب في«المفردات»:«الرجس الشيء القذر،و الرجس يكون
على أربعة أوجه:إما من حيث الطبع،و إما من جهة العقل،و إما من جهة الشرع،و إما من كل
ذلك كالميتة،فإن الميتة تعاف طبعا و عقلا و شرعا.و الرجس من جهة الشرع الخمر و الميسر،و
جعل الكافرين رجسا من حيث إن الشرك بالعقل أقبح الأشياء (13) ».
و قال ابن المنظور في«لسان العرب»:«قال الزجاج:الرجس في اللغة اسم لكل ما استقذر من
عمل.قالوا:رجس نجس.و الرجس المأثم و في حديث:لما ولد رسول الله صلى الله عليه و آله
و سلم ارتجس إيوان كسرى،أي اضطرب.و فى الحديث:إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد رجسا فلا
ينصرف حتى يسمع صوتا و رجس الشيطان وسوسته.و الرجس الشك،العقاب (14) ».
و قال العلامة الطباطبائي في«الميزان»:«و الرجسـبالكسر فالسكونـصفةمن الرجاسة و هي القذارة،و
القذارة هيئة في الشيء توجب التجنب و التنفر منها،و تكون بحسب ظاهر الشيء كرجاسة الخنزير،و
بحسب باطنه و هو الرجاسة و القذارة المعنوية كالشرك و الكفرـإلى أن قال:ـو أياما كان
فهو إدراك نفساني و أثر شعوري من تعلق القلب بالاعتقاد الباطل أو العمل السييء (15) ».
ثم إن الرجس الذي هر معرف باللام في الآية و إن كان في حد ذاته لا يفيد العموم لأنه
في سياق الإثبات إلا أنه يفيده باعتبار وقوعه مفعولا ليذهب،لأن الإذهاب في معنى سلب
الرجس و نفيه،و لا يصدق سلبه إطلاقا إلا بانتفاء كل فرد منه خصوصا مع قوله تعالى:«و
يطهركم تطهيرا»ضرورة عدم حصول التطهير برفع بعض الأقذار دون بعض.فبناء على هذا فالآية
الكريمة تدل على تنزههم عليهم السلام عن كل رجس يصدق عليه عنوان الرجس سواء كان ذنبا
أو غير ذنب،بل مطلق اتباع الهوى و لو في المباحات.
و أما مفهوم أهل البيت،فهو ما قال الراغب في«المفردات»:«أهل الرجل من يجمعه و إياهم
نسب،أو دين،أو ما يجري مجراهما من صناعة،و بيت،و بلد.فأهل الرجل في الأصل من يجمعه و
إياهم مسكن واحد،ثم تجوز به فقيل أهل بيت الرجل في الأصل من يجمعه و إياهم نسب.و تعورف
في اسرة النبي عليه[و آله]الصلاة و السلام مطلقا إذا قيل أهل البيت،لقوله عز و جل
:/إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيتـالآية/.
و قال أيضا في مادة«بيت»:«أصل البيت مأوى الإنسان بالليل لأنه يقال:بات أقام بالليل،كما
يقال:ظل بالنهار.ثم قد يقال للمسكن:بيت،من غير اعتبار الليل فيهـإلى أن قال:ـو صار أهل
البيت متعارفا في آل النبي عليه[و آله]الصلاة و السلام».و قال ابن المنظور في«لسان
العرب»:«و البيت من الشعر مشتق من بيت الخباء لأنه يضم الكلام كما يضم البيت أهله».
و قال العلامة الطباطبائي رحمه الله:«و بالبناء على ما تقدم تصير لفظة أهل البيت اسما
خاصا في عرف القرآن بهؤلاء الخمسة،و هم النبي و علي و فاطمة و الحسنانـعليهم الصلاة
و السلامـلا يطلق على غيرهم،و لو كان من أقربائه الأقربين،و إن صح بحسب العرف العام
إطلاقه عليهم (16) ».
و أقوى دليل على أن المراد بأهل البيت هم الخمسة الطيبة و الأئمة المعصومون عليهم السلام
هو ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بعد نزول قوله تعالى:/و أمر أهلك
بالصلاة و اصطبر عليها/ (17) ،فإنه صلى الله عليه و آله و سلم بعد نزولها كان يمر على بيت أمير المؤمنين و فاطمة عليهما
السلام و يقول:«الصلاة رحمكم اللهـ/إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم
تطهيرا/.
أيها القارىء الذكي!أنت خبير بأن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أفضل الناس حكمة،و
أصوبهم رأيا،و أظهرهم عصمة،و أقواهم نظما،و أصلحهم علما و عملا،فلا بد من أن يكون عمله
هذا إلى ستة أشهر،أو ثمانية،أو تسعة،أو ثمانية عشر شهرا،أو إلى أن فارق الدنياـكما سيأتي
عن القمي رحمه اللهـعن مصلحة مهمة و حكمة تامة،فإن فعله صلى الله عليه و آله و سلم هو
الفضل،و ما هو بالهزل لأنه مدينة الحكمة و المعرفة و الحقيقة،فكأن في استمرار قوله و
فعله صلى الله عليه و آله و سلم على ذلك إلى آخر عمره الشريف إعلانا و تبيانا و إفصاحا
بأن المراد من الأهل في الآيةـكما استظهره الآلوسي في تفسيره ذيل الآية و أيده أخبار
كثيرة عنهم عليهم السلامـهم الذين يمر عليهم في كل يوم خمس مرات،و هم المراد من الآية
التى يتلو عليهم«إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجسأهل البيت و يطهركم تطهيرا/لا غيرهم
من الأقرباء و الأزواج،و من هنا لم يوجد في الأخبار و الأحاديث شيء يدل على مروره صلى
الله عليه و آله و سلم على بيت غير علي و فاطمة عليهما السلام،و لم يدع ذلك أحد حتى
المنحرفون عن علي عليه السلام كمقاتل و عكرمة و عروة،الذين سعوا في إطفاء نور الله تعالى
و
إنكار المسلمات.
اعلم أيها المدقق!أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم فسر هاتين الآيتين الكريمتين بقوله،و
فعله كما فسر و بين آية المباهلة بقوله،و فعله،و عمله على ما جاء في«تذكرة الخواص»:«إن
رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم غدا محتضنا الحسين،آخذا بيد الحسن،و فاطمة تمشي
خلفه،و علي عليه السلام خلفهم».و في آخر،قال صلى الله عليه و آله و سلم:«هلموا فهؤلاء
أبناؤناـو أشار إلى الحسن و الحسينـو هذه نساؤناـيعني فاطمةـو هذه أنفسناـيعني نفسيـو
أشار إلى علي عليه السلام (18) ».
و قال الشيخ العالم الكامل،محمد بن أبي طلحة الشافعي:«فانظر بنور بصيرتكـأيدك الله بهدايتهاـإلى
مدلول هذه الآية و ترتيب مراتب عبارتها،و كيفية إشاراتها إلى علو مقام فاطمة عليها السلام
في منازل الشرف و سمو درجاتها،و قد بين صلى الله عليه و آله و سلم ذلك و جعلها بينه
و بين علي عليهما السلام تنبيها على سر الآية و حكمتها،فإن الله عز و جل جعلها مكتنفة
من بين يديها و من خلفها ليظهر بذلك الاعتناء بمكانتها،و حيث كان المراد من قوله«أنفسنا»نفس
علي مع النبي صلى الله عليه و آله و سلم جعلها بينهما،إذا الحراسة بالإحاطة بالأنفس
أبلغ منها بالأبناء في دلالتها (19) ».
أقول:و إليك شطر من الأخبار و الأحاديث في ذلك من العامة و الخاصة.
الف)و أما من طريق العامة:
1ـفعن عبد الله بن الحسن،عن أبيه،عن جده،قال:قال ابو الحمراء،خادم النبي صلى الله عليه
و آله و سلم:«لما نزلت هذه الآية:/و أمر أهلك بالصلاة و اصطبر عليها/كان النبي صلى الله
عليه و آله و سلم يأتي باب علي و فاطمة عند كل صلاة فيقول:الصلاةـرحمكم اللهـ/إنما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيتـالآية (20) /.
2ـأخرج ابن مردويه،و ابن عساكر،و ابن النجار،عن أبي سعيد الخدري،قال:«لما نزلت:/و أمر
أهلك بالصلاة/كان النبي صلى الله عليه و آله و سلم يجيء إلى باب علي صلاة الغداة ثمانية
أشهر يقول:الصلاةـرحمكم اللهـ/إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا (21) /.
3ـعن الحسن بن علي عليهما السلام في خطبة طويلة:«و لما نزلت:/و أمر أهلك بالصلاة و اصطبر
عليها/يأتينا جدي صلى الله عليه و آله و سلم كل يوم عند طلوع الفجر يقول:الصلاة يا أهل
البيتـيرحمكم اللهـ/إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا/ (22) .
4ـعن أنس بن مالك،و عن زيد بن علي بن الحسين،عن أبيه،عن جدهـرضي الله عنهمـقال:«كان
النبي صلى الله عليه و آله و سلم يأتي كل يوم باب فاطمة عند صلاة الفجر فيقول:«الصلاة
يا أهل بيت النبوة،/إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا/تسعة
أشهر بعد ما نزلت/و أمر أهلك بالصلاة و اصطبر عليها./و روي هذا الخبر عن ثلاثمائة من
الصحابة (23) ».
5ـقال شهاب الدين الآلوسي:«و المراد بأهله صلى الله عليه و آله و سلم قيل:أزواجه و بناته
وصهره عليـرضي الله تعالى عنهمـو قيل:ما يشملهم و سائر مؤمني بني هاشم و المطلب،و قيل
:جميع المتبعين لهـعليه الصلاة و السلامـمن امته.و أستظهر أن المراد أهل بيته صلى الله
عليه و آله و سلم و ايد بما أخرجه ابن مردويه و ابن عساكر و ابن النجار عن أبي سعيد
الخدري قال:لما نزلت:/و أمر أهلك بالصلاة و اصطبر عليها/كانـعليه الصلاة و السلامـيجيء
إلى باب عليـكرم الله تعالى وجههـصلاة الغداة ثمانية أشهر يقول:«الصلاةـرحمكم اللهـ/إنما
يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا/و روى نحو ذلك الامامية بطرق
كثيرة (24) ».
6ـقال القرطبي:«و كان عليه السلام بعد نزول هذه الآية/و أمر أهلك بالصلاة/يذهب كل صباح
إلى بيت فاطمة و عليـرضوان الله عليهماـفيقول:الصلاة (25) ».
7ـقال فخر الدين الرازي:«و كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بعد نزول هذه الآية
يذهب إلى فاطمة و علي عليهما السلام كل صباح و يقول:الصلاة،و كان يفعل ذلك أشهرا (26) ».
ب)و من طريق الخاصة:
8ـقال علي بن إبراهيم القمي رحمه الله فى تفسيره:«فإن الله أمره أن يخص أهله دون الناس
ليعلم الناس أن لأهل محمد صلى الله عليه و آله و سلم عند الله منزلة خاصة ليست للناس،إذ
أمرهم مع الناس عامة،ثم أمرهم خاصة،فلما أنزل الله هذه الآية كان رسول الله صلى الله
عليه و آله و سلم يجيء كل يوم عند صلاة الفجر حتى يأتي باب علي و فاطمة و الحسن و الحسين
عليهم السلام فيقول:السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،فيقول علي و فاطمة و الحسن و
الحسين:و عليك السلام يا رسول الله و رحمة الله و بركاته،ثم يأخذ بعضادتي الباب و يقول
:الصلاة،الصلاةـيرحمكم اللهـ/إنما يريد الله ليذهبعنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا/فلم
يزل يفعل ذلك كل يوم إذا شهد المدينة حتى فارق الدنيا.و قال أبو الحمراء خادم النبي
صلى الله عليه و آله و سلم:أنا أشهد به يفعل ذلك (27) ».
9ـو قال المولى الفيض القاساني رحمه الله:«و في«العيون»،عن الرضا عليه السلام في هذه
الآية قال:خصنا الله بهذه الخصوصية إذ أمرنا مع الامة بإقامة الصلاة،ثم خصنا من دون
الامة،فكان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يجيء إلى باب علي و فاطمة عليهما السلام
بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر،في كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات فيقول:الصلاةـرحمكم
اللهـ.و ما أكرم الله أحدا من ذراري الأنبياء بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا بها و خصنا
من دون جميع أهل بيتهم (28) ».
10ـقال الشيخ الطبرسي رحمه الله:«روى ابو سعيد الخدري،قال:لما نزلت هذه الآية/و أمر
أهلك بالصلاة/كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يأتي باب فاطمة و علي عليهما
السلام تسعة أشهر عند كل صلاة فيقول:الصلاةـرحمكم اللهـ/إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت و يطهركم تطهيرا/و رواه ابن عقدةـبإسناده من طرق كثيرةـعن أهل البيت عليهم
السلام و عن غيرهم مثل أبي برزة و أبي رافع.و قال ابو جعفر عليه السلام:أمره الله تعالى
أن يخض أهله دون الناس ليعلم الناس ان لأهله عند الله منزلة ليست للناس عامة،ثم أمرهم
خاصة.«و اصطبر عليها»أي و اصبر على فعلها و على أمرهم بها (29) ».أيها القارىء الكريم!و بعد ما بيناه و أوضحناه من مفردات آية التطهير و شأن نزولها
ينبغي لنا أن نشير إلى ما هو المقصود من الآية في هذا الباب.نعم،غرضنا من هذه الآية
الكريمة أن نستفيد منها أن أهل البيتـصلوات الله عليهم أجمعينـهم أفضل البشر و خير البرية
من الأولين و الآخرين بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.
و بيان ذلك:أن الآية تصرح على حصر الإرادة و قصرها من الله تعالى في إذهاب الرجس بجميع
أنواعه و أقسامه حتى اتباع الأميال و الأهواء في المباحات عن أهل البيت عليهم السلام
و تطهيرهم تطهيرا كاملا،لأنك لاحظت و شاهدت فيما سبق أن الآية مصدرة بلفظة«إنما»و هي
للحصر،مع استمرار الإرادة من الله تعالى بإرادة خاصة و عناية ربانية لإذهاب الرجس و
دفعه في جميع الشؤون عن أهل البيت عليه السلام مع تطهير هم تطهيرا خاصا،لأنه اكد بالمصدر،فيصير
المعنى هكذا:يا أهل بيت النبي،يا أصحاب الكساء!أنتم الذين أراد الله هكذاـفقطـأن يذهب
عنكم أقسام الرجس،و يطهركم تطهيرا كاملا شاملا.ففي هذه الآية الكريمة فضيلة عظيمه لأهل
البيت عليهم السلام.
قال ابن حجر الهيتمي المكي في كتابه«الصواعق»
(30) :«ثم هذه الآية منبع فضائل أهل البيت النبوي لاشتمالها على غرر من مآثرهم و الاعتناء
بشأنهم حيث ابتدأت ب«إنما»المفيدة لحصر إرادته تعالى في أمرهم على إذهاب الرجسـالذي
هو الاثم أو الشك فيما يجب الإيمان بهـعنهم و تطهيرهم من سائر الأخلاق و الأحوال المذمومة،و
سيأتي في بعض الطرق تحريمهم على النار،و هو فائدة ذلك التطهير و غايته،إذ منه إلهام
الانابة إلى الله تعالى و إدامة الأعمال الصالحةـإلى أن قال:ـو من تطهيرهم تحريم صدقة
الفرض،بل و النفل على قول لما لك عليهم لأنها أو ساخ الناس مع كونها تنبىء عن ذل الآخذ
و عز المأخوذ منه،و عوضوا عنها خمس الفىء و الغنيمة المنبىء عن عز الآخذ و ذل المأخوذ
منهـإلىأن قالـو حكمة ختم الآية ب«تطهيرا»المبالغة في وصولهم لأعلاه و في رفع التجوز
عنه،ثم تنوينه تنوين التعظيم و التكثير و الإعجاب المفيد إلى أنه ليس من جنس ما يتعارف
و يؤلف.ثم أكدـصلى الله عليهـذلك كله بتكرير طلب ما في الآية لهم بقوله:«اللهم هؤلاء
أهل البيتي...»،و أكده أيضا بطلب الصلاة عليهم بقوله:«فاجعل صلاتك عليهم»،و أكده أيضا
بقوله:«أنا حرب لمن حاربهم»...فأقامهم مقام نفسه.و الحقوا به أيضا في قصة المباهلة»
.
انتهى ملخصا.
و قال العلامة الأمينيـحشره الله مع أوليائه الكرامـفي«الغدير» (31) «إن سد الأبواب الشارعة في المسجد كان لتطهيره عن الأدناس الظاهرية و المعنوية،فلا يمر
به أحد جنبا،و لا يجنب فيه أحد.و أما ترك بابه صلى الله عليه و آله و سلم و باب أمير
المؤمنين عليه السلام فلطهارتهما عن كل رجس و دنس بنص آية التطهير حتى إن الجنابة لا
تحدث فيهما من الخبث المعنوي ما تحدث في غيرهما،كما يعطي ذلك التنظير بمسجد موسى الذي
سأل ربه أن يطهره لهارون و ذريته،أو أن ربه أمره أن يبني مسجدا طاهرا لا يسكنه إلا هو
و هارون.و ليس المراد بتطهيره من الأخباث فحسب،فإنه حكم كل مسجد.
و يعطيك خبرا بما ذكرناه ما مر في الأحاديث من أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يدخل
المسجد و هو جنب،و ربما مر و هو جنب،و كان يدخل و يخرج منه و هو جنب،و ما ورد عن أبي
سعيد الخدري من قوله صلى الله عليه و آله و سلم:«لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد
غيري و غيرك»،و قوله صلى الله عليه و آله و سلم:«ألا إن مسجدي حرام على كل حائض من النساء
و كل جنب من الرجال إلا على محمد و أهل بيته:علي و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات الله
عليهم أجمعين»،و قوله صلى الله عليه و آله و سلم:«ألا لا يحل هذا المسجد لجنب و لا لحائض
إلا لرسوله الله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين.ألاقد بينت لكم الأسماء أن لا تضلوا (32) »،و قوله صلى الله عليه و آله و سلم:لعلي«أما أنت فإنه يحل لك في مسجدي ما يحل لي،و يحرم
عليك ما يحرم علي.قال حمزة بن مطلب:يا رسول الله!أنا عمك،و أنا أقرب إليك من علي!قال
:صدقت يا عم،إنهـو اللهـما هو عني،إنما هو عن الله تعالى».ـإلى أن قال رحمه الله:
فزبدة المخض من هذه كلها:أن إبقاء ذلك الباب و الإذن لأهله بما أذن الله لرسوله مما
خص به مبتن على نزول آية التطهير النافية عنهم كل نوع من الرجاسة،و يشهد لذلك حديث منا
شدته يوم الشورى،و فيه قال أمير المؤمنين عليه السلام:«أفيكم أحد يطهره كتاب الله غيري؟حتى
سد النبي صلى الله عليه و آله و سلم:أبواب المهاجرين،و فتح بابي إليه»ـإلى آخر ما قاله
رحمه الله.
و السر في فضل صلاة المسجد
قبر لمعصوم به مستشهد
بقطرة من دمه مطهرة
طهره الله لعبد ذكره
و النص في المعصوم بالغسل ورد
تعبدا بالغسل مع طهر الجسد
عن أبي طيبة الحجام قال:«حجمت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أعطاني دينارا
و شربت دمه،فلما اطلع على ذلك قال:ما حملك على ذلك؟قلت:أتبرك به،قال:أخذت أمانا من الأوجاع
و الإسقام و الفقر و الفاقة،و لا يمسك النار أبدا».
و في زيارة الحسين عليه السلام:«و أشهد أن دمك سكن في الجنة».
و ورد في الأخبار:«تخضب فاطمة عليها السلام في الجنة بدم ولدها الحسين».
و من الزيارة الجامعة التى رواها ابن طاووس رحمه الله«إن الله طهركم من الفواحش ما ظهر
منها و ما بطن،و من كل ريبة و رجاسة و نجاسة».
و ذكر العلامة الحلى رحمه الله في«تذكرة الفقهاء»في أول نكاحه عند عد جملة فضائل النبي
صلى الله عليه و آله و سلم:«إنه يتبرك بدمه و بوله،و ظاهره الطهارة (33) ».ـعن النبي صلى الله عليه و آله و سلم:«إن ابنتي فاطمة حوراء آدمية لأنها لم تحض و لم
تطمث (34) ».
2ـو عنه صلى الله عليه و آله و سلم:«سميت فاطمة بتولا لأنها تبتلت و تقطعت عما هو معتاد
العورات فى كل شهر،و لأنها ترجع كل ليلة بكرا،و سميت مريم بتولا لأنها ولدت عيسى بكرا (35) ».
3ـو عنه صلى الله عليه و آله و سلم:«و إنما سميت فاطمة البتول لأنها تبتلت من الحيض
و النفاس (36) ».
4ـعن علي عليه السلام قال:«إن النبي صلى الله عليه و آله و سلم سئل عن بتول و قل:إنا
سمعناك يا رسول الله تقول:مريم بتول،و فاطمة بتول؟فقال:البتول لم تر حمرة قطـأي لم تحضـفإن
الحيض مكروه فى بنات الأنبياء (37) .
5ـعن أبي جعفر عليه السلام،عن آبائه عليه السلام قال:«إنما سميت فاطمة بنت محمد صلى
الله عليه و آله و سلم الطاهرة،لطهارتها من كل دنس،و طهارتها من كل رفث،و ما رأت قط
يوما حمرة و لا نفاسا (38) ».
6ـعن الله عز و جل:«إني فطمتك بالعلم،و فطمتك عن الطمث.ثم قال أبو جعفر عليه السلام
:و الله لقد فطمهاـتبارك و تعالىـبالعلم و عن الطمث بالميثاق (39) ».
7ـعن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«يا حميراء إن فاطمة ليست كنساء الآدميين،لا
تعتل كما تعتلين (40) ».أخى العزيز!يستفاد من آية التطهير بمعونة هذه الأخبار و الأحاديث أنها عليها السلام
لا تزال كانت بكرا،و أنها عليها السلام طاهرة مطهرة دائما كحورات الجنان،قال الله عز
و جل في شأنهن:/إنا أنشأناهن إنشاء*فجعلناهن أبكارا*/ (41) و قال الطبرسي رحمه الله في تفسيرها:«كلما يأتيهن أزواجهن وجدوهن أبكارا».و روى العلامة
المجلسي رحمه الله،عن الصادق عليه السلام:«حرم الله النساء على علي ما دامت فاطمة حية
لأنها طاهرة لا تحيض (42) ».انتهى.
و يستفاد منها أيضا أن الله عز و جل طهر أهل البيت عليهم السلام من كل دنس سواء كان
ظاهرية أو باطنية،صلوات الله عليهم أجمعين.
قال العلامة المظفر في«دلائل الصدق (43) »:«و منها[أي الأخبار]ما حكاه عن ابن أبى شيبة بسنده عن ام سلمةـرضي الله عنهاـقالت:قال
رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:ألا إن مسجدي حرام على كل حائض من النساء،و كل
جنب من الرجال إلا على محمد و أهل بيته:علي و فاطمة و الحسن و الحسينـصلوات الله عليهم
أجمعينـو يعضد هذه الأخبار و يفيد مفادها أخبار عديدةـثم قالـفظهر حلية المسجد لعلي
عليه السلام جنابة و نوما،و ليس هو إلا لطهارة نفسه القدسية طهارة لا يدنسها ما يدنس
غيرهـإلى أن قال:ـو بالجملة لا وجه لاستثناء باب أبي بكر و هو ليس ممن طهرهم الله من
الرجس حتى يحسن دخوله المسجد جنبا (44) ».
و قال العلامة الشيخ السعيد،جمال الدين،الحسن بن زين الدين،الشهيد الثاني في«منتقى الجمان (45) »:«و روى الصدوق في كتاب«من لا يحضره الفقيه»عن النبي صلى الله عليه و آله و سلمـمرسلاـأنه
قال:«إن فاطمةـصلوات الله عليهاـليست كأحد منكن،إنهالا ترى دما في حيض و لا نفاس كالحورية»
.
و قال بعد نقل خبر آخر:«و لا يخفى ما في هذه الروايات من المنافاة لما سبق في حديث قضاء
الحائض للصوم دون الصلاة من أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كان يأمر فاطمة
عليها السلام بذلك.و وجه الجمع حمل أمره صلى الله عليه و آله و سلم لها على إرادة تعليم
المؤمنات،و هو نوع من التجوز في الخطاب شائع،و لعل المقتضي له في هذا الموضع رعاية خفاء
هذه الكرامة كغيرها مما ينافي ظهوره بلاء التكليف».
مما قيل فى تفضيل الائمة على الأنبياء عليهم السلام نظما:
قال العلامة الشيخ زين الدين العاملي النباطي(المتوفى سنة 877)في كتابه«الصراط المستقيم (46) »:قال ابن الرومي:
رأيتك عند الله أعظم زلفة
من الأنبياء المصطفين ذوي الرشد
وجدت هذا البيت مفردا فأحببت أن أنسج على منواله،و أقتدي به في إفضاله،فقلت:
فآدم لما أن عصى زال فضله
و في هل أتى شكر الإمام على الرفد
و امرأتا نوح و لوط فخانتا
و نور الورى عن طهر فاطمة يبدي
و قد سأل إبراهيم إحياء ميت
ليطمئن منه القلب بالواحد الفرد
و لو كشف المستور مولاي لم يزد
يقينا على ما كان في سالف العهد
و قد خاف موسى حين ولى مبادرا
و بات علي لم يخف سطوة الضد
سليمان جاء الذكر فيه بقوله
هب الملك لا تحبيه من أحد بعدي
و دنيا أتت مولاي زي بثينه
فقال اعزبي عني و لا تمكثي عندي
فقد عرف التفضيل حقا لطالب
لحق و لم يحتج إلى متعب الكد
فقد ضل من قاس العتيق بحيدر
و لا محلة فيه لمنفعة تجدي
تعليقات:
1ـالاحزاب،33: .33
2ـالطبرى:جامع البيان،ج 22:ص 5،ط القاهرة،مصر.
3ـالسيوطى،جلال الدين:الدر المنشور،ج 5:ص 198،ط دار المعرفةـبيروت.
4ـحسكانى،ابو القاسم:شواهد التنزيل،ج 2:صص 92ـ .10
5ـكما تدل عليه الأحاديث التي سمعتها مرويا عن أم سلمةـمنه رحمه الله.
6ـكما يدل عليه ما أخرجه الامام أحمد بن حنبل في صفحة 107 من الجزء الرابع من مسنده،عن
واثلة بن الأسقع،أنه قال من جملة حديث:«أتيت فاطمة أسألها عن علي عليه السلام قالت:ذهب
الى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله صلى الله عليه
و آله و سلم و معه على و حسن و حسين آخذا كل واحد منهما بيده،فأدنى عليا و فاطمة فأجلسهما
بين يديه،و أجلس حسنا و حسينا كل واحد منهما على فخذه،ثم لف عليهم ثوبهـأو قال:كساءهـثم
تلا:إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا و قال:اللهم هؤلاء أهل
بيتى فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.
7ـالنباطي البياضي:الصراط المستقيم،ج 1:ص 188،ط المرتضوي.
8ـالطوسي،محمد بن الحسن،التبيان،ج 8:ص .340
9ـالطبرسي،فضل بن الحسن:مجمع البيان،ج:ص،ط دار المعرفةـبيروت.
10ـالراغب الاصبهاني:معجم مفردات الفاظ القرآن/تحقيق:نديم مرعشلي،ص.
11ـالطوسي،محمد بن الحسن:التبيان،ج 8،ص .356
12ـالطباطبائى،محمد حسين:الميزان،ج 16:ص .331
13ـالراغب الاصبهاني:معجم مفردات الفاظ القرآن/تحقيق:نديم مرعشلي ص.
14ـابن منظور:لسان العرب/تحقيق:علي شيري،ج:ص[مع تلخيص و تقديم و تأخير].
15ـالطباطبائى،محمد حسين:الميزان،ج 16:ص 330.ط الآخوندي.
16ـالطباطبائى،محمد حسين:الميزان،ج 16:ص 330.ط الآخوندي.
17ـطه: .132
18ـابن الجوزي:تذكرة الخواص الامة،ص .14
19ـابن ابي طلحة الشافعي:مطالب السؤول،ص .7
20ـالحسكاني:شواهد التنزيل،ج 1:ص .381
21ـالسيوطي:الدر المنثور،ج 4:ص .313
22ـالقندوزي:ينابيع المودة،ص 482،ط اسلامبول.
23ـالمصدر:ص .174
24ـالآلوسي:تفسير روح المعانى،ج 16:ص .284
25ـالقرطبي:تفسير الجامع لاحكام القرآن،ج 11:ص .263
26ـالفخر الرازي:التفسير الكبير،ج 22:ص .137
27ـعلي بن إبراهيم:تفسير القمى،ج 2:ص .67
28ـالقاساني،ملا محسن:تفسير الصافي،ص 337،ط المشهد.
29ـالطبرسي:مجمع البيان،ج 7:ص 27.و هنا يلزمنى أن انوه على شيء و هو:أن جميع من تصدى
للبحث عن تعيين أهل البيت فى آية التطهير لم يتعرض لهذه الآية التى بحثنا عنها فيما
أعلم،و هذا استدلال بديع أوردناه تشديدا للاحتجاج و تتميما للفائدة.و إنى كنت كالسابقين
غافلا عنها و قد نبهنى عليها المحقق البارع،و الفاضل الذكي الألمعي الأستاذ علي أكبر
الغفاريـحياه الله و بياه و جعل اخراه خيرا من أولاهـ.ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا،فاعف
عنا و اغفرلنا،يا رب العالمين.
30ـابن حجر:الصواعق المحرقة،ص .144
31ـالاميني:الغدير،ج 3:ص .211
32ـسنن البيهقى،ج 7:ص .65
33ـالانصاري،الشيخ محمد علي،اللمعة البيضاء في شرح خطبة الزهراء،صص 31 و .32
34ـالخطيب:تاريخ بغداد،ج 12:ص 321.و«الطمث»فى اللغة«دم الجارية».
35ـقاضي نور الله:احقاق الحق/مع تعاليق السيد المرعشي النجفي،ج 10:ص 25،(نقلا عن العلامة
الكشفي الحنفي في«المناقب المرتضوية»[ص 119،ط بمبئى]).
36ـالقندوزى:ينابيع المودة،ص 260،ط اسلامبول.
37ـقاضى نور الله:احقاق الحق/مع تعاليق السيد المرعشي النجفي،ج 10:ص .25
38ـالمجلسي:بحار الأنوار،ج 43:ص .19
39ـالمصدر،ص .13
40ـالمجلسي:بحار الأنوار،ج 43:ص .16
41ـالواقعة،35 و .36
42ـالمجلسي:بحار الأنوار،ج 43:ص .16
43ـالمصدر ج 2:ص 400،ط القاهرة.
44ـالمظفر،الشيخ محمد حسن:دلائل الصدق،ج:ص.
45ـالشهيد الثاني:منتقى الجمان،ج 1:ص 224،ط النشر الاسلاميـتابعة لجامعة المدرسينـقم
.
46ـالنباطي:الصراط المستقيم،ج 1:ص .230