الفصل 2: في ألقاب أمير المؤمنين عليه السلام و كناه

من ألقابه عليه السلام:أمير النحل

ولايتي لأمير النحل تكفيني‏ 
عند الممات و تغسيلي و تكفيني

و طينتي عجنت من قبل تكويني‏ 
من حب حيدر كيف النار تكويني (1)

1ـقال العلامة سبط ابن الجوزي:«و المؤمنون يتشبهون بالنحل لأن النحل تأكل طيبا و تضع طيبا،و علي عليه السلام أمير المؤمنين (2) ».

2ـقال الصادق عليه السلام:«إنما أنتم في الناس كالنحل في الطير،لو أن طيرا يعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شي إلا أكلته.و لو أن الناس علموا ما في أجوافكم أنكم تحبونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم و لنحلوكم في السر و العلانية.رحم الله عبدا منكم كان على ولايتنا (3) ».

و من ألقابه عليه السلام:الأنزع البطين

3ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«يا علي!إن الله قد غفر لك و لأهلك و لشيعتك لمحبي شيعتك،فأبشر فإنك الأنزع البطين:المنزوع من الشرك،البطين من العلم (4) ».

4ـقال العلامة سبط ابن الجوزي:«و يسمى(علي عليه السلام)البطين،لأنه كان بطينا من العلم،و كان يقول عليه السلام:لو ثنيت لي الوسادة لذكرت في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم حمل بعير.و يسمى الانزع لأنه كان أنزع من الشرك (5) ».

5ـقال ابن الأثير صاحب النهاية في مادة نزع:«و في صفة علي عليه السلام البطين الأنزع :كان أنزع الشعر،له بطن.و قيل معناه:الأنزع من الشرك،المملوء البطن من العلم و الإيمان (6) ».

6ـقال العلامة ابن المنظور في لسان العرب في مادة نزع:البطين الانزع و العرب تحب النزع،و تتيمن بالأنزع (7) ».

و من ألقابه عليه السلام:يعسوب المؤمنين

7ـ«و يسمى(علي عليه السلام)يعسوب المؤمنين،لأن اليعسوب أمير النحل و هو أحزمهم (8) ،يقف على باب الكوراة (9) كلما مرت به نحلة شم فاها فإن وجد منها رائحة منكرة علم أنها رعت حشيشة خبيثة،فيقطعها نصفين و يلقيها على باب الكورارة ليتأدب بها غيرها،و كذا علي عليه السلام يقف على باب الجنة فيشم أفواه

الناس،فمن وجد منه رائحة بغضه ألقاه في النار (10) ».

تكنيته عليه السلام بأبى تراب

8ـللشاعر المفلق عبد الباقي أفندي العمريـرحمه اللهـ:

يا أبا الأوصياء أنت ل«طه» 
صهره و ابن عمه و أخوه

إن لله في معانيك سرا 
أكثر العالمين ما علموه

أنت ثاني الآباء في منتهى الدو 
رو آباؤه تعد بنوه

9ـو مما أشار إليه الشاعر الكبير الشيخ الكاظم الازري(ره):

لم تكن هذه العناصر إلا 
من هيولاه حيث كان أباها

10ـقال الشيخ علاء الدين السكتواري في محاضرة الأوائل(ص 113):«أول

من كني بأبي تراب علي بن أبي طالبـرضى الله عنهـ،كناه به رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم حين وجده راقدا و على جنبه التراب،فقال له ملاطفا:قم،يا أبا تراب.فكان أحب ألقابه،و كان بعد ذلك له كرامة ببركة النفس المحمدي كان التراب يحدثه بما يجري عليه إلى يوم القيامة و بما جرى.فافهم سرا جليا (11) ».

11ـعن سليمان بن مهران،عن عباية بن ربعي،قال:«قلت لعبد الله بن عباس:لم كنى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عليا أبا تراب؟قال:لأنه صاحب الأرض،و حجة الله على أهلها بعده،و به بقاؤها،و إليه سكونها.و قد سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول :إذا كان يوم القيامة و رأى الكافر ما أعد الله تبارك و تعالى لشيعة علي من الثواب و الزلفى و الكرامة،يقول:(يا ليتني كنت ترابيا،أي يا ليتني من شيعة علي.و ذلك قول الله عز و جل«و يقول الكافر:)يا ليتني كنت ترابا (12) ».

قال العلامة المجلسيـرحمه اللهـ:يمكن أن يكون ذكر الآية لبيان وجه آخر

لتسميته عليه السلام بأبي تراب،لأن شيعته لكثرة تذللهم له و انقيادهم لأوامره سموا ترابا،كما في الآية الكريمة.و لكونه عليه السلام صاحبهم و قائدهم و مالك امورهم سمي أبا تراب (13) .

و من ألقابه عليه السلام:أمير المؤمنين

12ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«لو يعلم الناس متى سمي علي أمير المؤمنين لما أنكروا فضائله،سمي بذلك و آدم بين الروح و الجسد،و حين قال(الله):الست بربكم قالوا :بلى (14) .فقال الله تعالى:أنا ربكم،و محمد نبيكم،و علي أميركم (15) ».

13ـعن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام:قلت:جعلت فداك،لم سمي أمير المؤمنين أمير المؤمنين؟قال عليه السلام:«لأنه يميرهم العلم،أما سمعت كتاب الله عز و جل:و نمير أهلنا (16) ».

14ـعن أبان بن الصلت،عن الصادق عليه السلام:«سمي أمير المؤمنين،إنما هو من ميرة العلم،و ذلك أن العلماء من علمه امتاروا،و من ميرته استعملوا (17) ».

15ـعن عبد المؤمن،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«قلت له:لم سمي أمير المؤمنين أمير المؤمنين؟فقال لي:لأن ميرة المؤمنين منه،هو كان يميرهم العلم (18) ».

16ـلما ولد علي عليه السلام،و جاء رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إلى بيت أبي طالب اهتز و تبسم

في وجهه،فقال:«السلام عليك يا رسول الله.ثم قال:/بسم الله الرحمن الرحيم قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون/ (19) .فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:قد أفلحوا بك،أنت و الله،أميرهم تميرهم من علومك،و أنت و الله دليلهم و بك يهتدون (20) ».

أقول:المستفاد من هذه الأخبار أن تسمية علي عليه السلام بأمير المؤمنين هى لامتيار المؤمنين منه و ميرته لهم،و هذا يشعر بأن الأمير مشتق من المير،و هذا خلاف واضح،لأن الأمير فعيل من الأمرـمهموز الفاءـ،و المير أجوف يائي،و لا تناسب بينهما في الاشتقاق.

و الجواب ما اختاره العلامة المجلسيـرحمه اللهـ،قال في البحار(ج 37:ص 293):«الميرةـبالكسرـجلب الطعام،يقال:مار عياله،يمير ميرا،و أمارهم و امتار لهم.و يرد عليه أن الأمير فعيل من الأمر،لا من الأجوف.و يمكن التفصي عنه بوجوه:

الأول:أن يكون على القلب،و فيه بعد من وجوه،لا يخفى.

الثانى:أن يكون أمير فعلا مضارعا على صيغة المتكلم،و يكون عليه السلام قد قال ذلك ثم اشتهر به كما في تأبط شرا.

الثالث:أن يكون المعنى أن امراء الدنيا إنما يسمون بالأمير،لكونهم متكفلين لميرة الخلق،و ما يحتاجون إليه في معاشهم بزعمهم.و أما أمير المؤمنين عليه السلام فإمارته لأمر أعظم من ذلك،لأنه يميرهم ما هو سبب لحياتهم الأبدية و قوتهم الروحانية،و إن يشارك سائر الأمراء في الميرة الجسمانية.و هذا أظهر الوجوه».

تم كلامه رفع مقامه.

أقول:قولهـرحمه اللهـ:أما الوجه الأول ففيه بعد من وجوه،لأن القلب بنفسه خلاف القاعدة الأدبية.و ثانيا إذا نقل من مير عين الفعلـو هي الياءـإلى مكان فاء الفعلـو هو الميمـيصير مير:يمر،و مع ذلك إذا اشتق الأمير من يمر لم يحصل المقصود،لأن الأمير مهموز الفاء،و اليمير ليس كذلك.و هذا خلاف المقصود.

و اما قولهـرحمه اللهـ:«و الثاني إن يكون أمير فعلا مضارعا متكلماـإلى آخر كلامه(ره)»فهذا و إن كان أقرب إلى الواقع من الوجه الأول،و لكن هذا أيضا غير صحيح،لأن الفعل إذا نقل على نحو الحكاية ك«تأبط شرا»لا يتغير إعرابه،و لازم ذلك أن يكون أمير في أمير المؤمنين دائما بالضم.و هذا فاسد بالضرورة،لأنه

يتغير بحسب العوامل المختلفة بلا شك.

و أما قولهـرحمه اللهـ:«الثالث أن يكون المعنى أن امراء الدنيا يسمون بالأميرـإلى آخر كلامه،رفع مقامه»فهذا كلام وجيه،و قول لطيف يحتاج إلى بسط الكلام حتى يتضح المقصود و المرام.

أخي العزيز!إن عليا عليه السلام حيث إنه باب مدينة علم النبي و فقهه و حكمته،و إن نوره متحد مع نوره و مشتق من منبعه،و إنه نفس النبي و روحه و عيبة علمه،إنهما تراضعا من ثدي واحد،و إنهما مشتقان من نور الله عز و جل،فكل ما ثبت من الفضائل و الكمالات لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فهو ثابت لعلي عليه السلام.

و ها نحن ننقلـبعون الله تعالىـكلمات من كبار علماء العامة و الخاصة حتى يتبين الحق إن شاء الله تعالى.

تعليقات:

1ـأى تحرقنى،من كوى يكوى.

2ـتذكرة الخواص،ص .5

3ـالبحار،ج 24:ص .112

4ـالمناقب للعلامة ابن المغازلي الشافعي،ص .401

5ـتذكرة الخواص،ص .4

6ـالنهاية،ج 5:ص .42

7ـلسان العرب،ج 8:ص .352

8ـأى أقواهم.

9ـالكوار و الكوارة:شى‏ء يتخذ للنحل من القضبان(لسان العرب).

10ـتذكرة الخواص،ص .4

11ـالغدير،ج 6:ص .337

12ـغاية المرام للسيد البحرانى،ط ايران،ج 1:ص 58.ولاية فى النبأ: .40

13ـالبحار،ج 35:ص .51

14ـالاعراف: .172

15ـينابيع المودة،ج 2:ص 63،ط اسلامبول.

16ـالبحار،ج 37:ص 293.و الآية في يوسف: .65

17ـالبحار،ج 37:ص .334

18ـالبحار،ج 37:ص .295

19ـالمؤمنون:1ـ .3

20ـشفاء الصدور للعلامة الحاج الميرزا أبي الفضل الطهراني:ص 76 و بحار الانوار،ج 35 :ص .38