
الفصل 3: صفة الحوض و منزلة أمير المؤمنين عليه السلام عنده
قال الصدوق رحمه الله:«إعتقادنا في الحوض أنه حق،و أن عرضه ما بين أيلة و صنعاء (1) ،و هو حوض النبي صلى الله عليه و آله و سلم،و أن فيه من الأباريق عدد نجوم السماء،و أن
الوالي عليه يوم القيامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يسقي منه أولياءه،و
يذود عنه أعداءه،من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا (2) ».
1ـعن أبى أيوب الأنصاري،قال:«كنت عند رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و قد سئل
عن الحوض،فقال:أما إذا سألتموني عن الحوض فإني ساخبركم عنه،إن الله تعالى أكرمني به
دون الأنبياء،و إنه ما بين أيلة إلى صنعاء،يسيل فيه خليجان من الماء،ماؤهما أبيض من
اللبن،و أحلى من العسل،بطحاؤهما مسك أذفر،حصباؤهما الدر و الياقوت،شرط مشروط من ربي
لا يردهما إلا الصحيحة نياتهم،النقية قلوبهم،الذين يعطون ما عليهم في يسر،و لا يأخذون
مالهم في عسر،المسلمون للوصي من بعدي،يذود من ليس من شيعته كما يذود الرجل الجمل الأجرب
عنإبله (3) ».
2ـعن عبد الله بن عباس،قال:«لما نزل على رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم/إنا أعطيناك
الكوثر/قال له علي بن أبي طالب:ما هو الكوثر يا رسول الله،قال:نهر أكرمني الله به،قال
علي:إن هذا النهر شريف فانعته لنا يا رسول الله،قال:نعم،يا علي الكوثر نهر يجري تحت
عرش الله تعالى،ماؤه أشد بياضا من اللبن،و أحلى من العسل،و ألين من الزبد،و حصاه(حصباؤهـخ
ل)الزبرجد و الياقوت و المرجان،حشيشه الزعفران،ترابه المسك الأذفر،قواعده تحت عرش الله
عز و جل،ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يده في جنب علي أمير المؤمنين عليه
السلام و قال:يا علي!إن هذا النهر لي و لك و لمحبيك من بعدي (4) ».
3ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم(فى حديث طويل):«يا علي!أنت أول من تنشق عنه
الأرض معي،(و أنت أول من يبعث معي)،و أنت أول من يجوز الصراط معي،و إن ربي عز و جل أقسم
بعزته أنه لا يجوز عقبة الصراط إلا من معه براءة بولايتك و ولاية الأئمة من ولدك،و أنت
أول من يرد حوضي،تسقي منه أولياءك،و تذود عنه أعداءك،و أنت صاحبي إذا قمت المقام المحمود،و
نشفع لمحبينا فنشفع فيهم،و أنت أول من يدخل الجنة و بيدك لوائي و هو لواء الحمد و هو
سبعون شقة،الشقة منه أوسع من الشمس و القمر،و أنت صاحب شجرة طوبى في الجنة،أصلها في
دارك،و أغصانها في دور شيعتك و محبيك (5) ».
4ـعن أبى الأسود الدئلي،عن أبيه،قال:«سمعت أمير المؤمنين،علي بن أبى طالب عليه السلام،يقول
:و الله،لأذودن بيدي هاتين القصيرتين عن حوضرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أعداءنا
و ليردنه أحباؤنا (6) ».
5ـعن علي عليه السلام:«و الذي فلق الحبة و برأ النسمة،لأقمعن بيدي هاتين عن الحوض أعداءنا،و
لاوردنه أحباءنا (7) ».
6ـعن أمير المؤمنين عليه السلام،قال:«أنا مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و
مع عترتي على الحوض،فمن أرادنا فليأخذ بقولنا،و ليعمل عملنا،فإن لكل أهل نجيبأ و لنا
نجيب،و لنا شفاعة و لأهل مودتنا شفاعة،فتنافسوا في لقائنا على الحوض فإنا نذود عنه أعداءنا،و
نسقي منه أحباءنا و أولياءنا،من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا،حوضنا فيه مشعبان ينصبان
من الجنة،أحدهما من تسنيم و الآخر من معين،على حافتيه الزعفران،و حصاه اللؤلؤ،و هو الكوثر (8) ».
7ـعن ابن خالد،عن الرضا،عن آبائه،عن علي عليه السلام،قال:قال رسول الله صلى الله عليه
و آله و سلم:«يا علي!أنت أخي و وزيري و صاحب لوائى في الدنيا و الآخرة،و أنا صاحب حوضي،من
أحبك أحبني،و من أبغضك أبغضنى (9) ».
8ـعن عبد الرحمن بن قيس الرحبي قال:«كنت جالسا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه
السلام على باب القصر حتى ألجأته الشمس إلى حائط القصر،فوثب ليدخل،فيقام رجل من همدان
فتعلق بثوبه و قال:يا أمير المؤمنين!حدثني حديثا جامعا ينفعني الله به،قال:أو لم يكن
في حديث كثير؟قال:بلى،و لكن حدثني حديثا ينفعني الله به.
قال عليه السلام:حدثني خليلي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أرد أنا و شيعتي الحوض
رواء مرويين مبيضة وجوههم،و يرد عدونا ظمآن مظمئين مسودة وجوههم،خذها إليك،قصيرةمن طويلة،أنت
مع من أحببت،و لك ما اكتسبت،أرسلني يا أخا همدان،ثم دخل القصر (10) ».
9ـإن رجلا من المنافقين قال لمولانا الرضا عليه السلام:«إن من شيعتكم من يشرب الخمر
على الطريق لا يرعون عنه،و اعترضه آخر فقال:إن من شيعتكم من يشرب النبيذ(يعني الخمر)،قال
:فعرق وجهه الشريف حياء ثم قال:الله أكرم أن يجمع بين رسيس الخمر و حبنا أهل البيت في
قلب المؤمن،ثم صبر هنيئة،و قال:و إن فعله المنكوب منهم فإنه يجد ربا رؤوفا،و نبيا عطوفا،و
إماما على الحوض عروفا،و سادة له بالشفاعة وقوفا (11) ».
10ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«اعطيت في على خمس خصال هي أحب إلي من الدنيا
و ما فيها،أما واحدة فهو ذاب
(12) بين يدي الله عز و جل حتى يفرغ من الحساب،و أما الثانية فلواء الحمد بيده و آدم عليه
السلام و من ولد تحته،و أما الثالثة فواقف على عقر حوضي،يسقي من عرف من امتى،و أما الرابعة
فساتر عورتي و مسلمي إلي ربى عز و جل،و أما الخامسة فلست أخشى عليه أن يرجع زانيا بعد
إحصان و لا كافرا بعد إيمان (13) ».
11ـعن علي عليه السلام،قال:«قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:(أنت)أول من يدخل
الجنة،فقلت:يا رسول الله!أدخلها قبلك؟قال:نعم،لأنك صاحب لوائي في الآخرة كما انك صاحب
لوائي في الدنيا،و حامل اللواء هو المتقدم.
ثم قال صلى الله عليه و آله و سلم:يا علي!كأني بك و قد دخلت الجنة و بيدك لوائي و هو
لواءالحمد،و تحته آدم و من دونه (14) ».
12ـقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم:«آدم و جميع خلق الله يستظلون بظل لوائي يوم
القيامةـالحديث (15) ».
عن العلامة الحلي رحمه الله:«المطلب الرابع:في أنه عليه السلام صاحب الحوض و اللواء
و الصراط و الإذن،روى الخوارزمي،عن ابن عباس،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله
و سلم:علي يوم القيامة على الحوض،لا يدخل الجنة إلا من جاء بجواز من علي عليه السلام
.و عن جابر بن سمرة،قال:قيل:يا رسول الله!من صاحب لوائك في الآخرة؟قال:صاحب لوائي في
الآخرة صاحب لوائى في الدنيا علي بن أبي طالب».
و عن عبد الله بن أنس،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«إذا كان يوم القيامة
و نصب الصراط على شفير جهنم لم يجز عليه إلا من كان معه كتاب بولاية علي بن أبي طالب
عليه السلام»،و الآخبار في ذلك أكثر من أن تحصى (16) .
و قال الفضل بن روزبهان في رد كلام العلامة رحمه الله:«من ضروريات الدين أن النبي صلى
الله عليه و آله و سلم صاحب الحوض المورود و الشفاعة العظمى و المقام المحمود يوم القيامة،و
أما أن عليا صاحب الحوض فهو من مخترعات الشيعة،و لم يرد به نقل صحيح (17) ».
و قال العلامة المظفر رحمه الله في مناقشة كلام الفضل:«لا ريب أن النبي صلى الله عليه
و آله و سلم صاحب الحوض و لكن عليا عليه السلام هو المتولي عليه،فهو صاحبه أيضا كما
أن لواء النبي صلى الله عليه و آله و سلم في الآخرةـو هو لواء الحمدـبيد علي عليه السلام
أيضا كما صرحت بهذا كله أخبار القوم فضلا عن أخبارنا».
فمنها ما رواه الحاكم (18) ،عن علي بن أبي طلحة،و صححه:«أن الحسن عليه السلام قال لمعاوية بن خديج:أنت الساب لعلي
عليه السلام؟و الله،إن لقيتهـو ما أحسبك تلقاه يوم القيامةـلتجده قائما على حوض رسول
الله صلى الله عليه و آله و سلم يذود عنه رايات المنافقين».
و منها ما في«الصواعق»عن الطبراني:«يا علي!معك يوم القيامة عصا من عصي الجنة تذود بها
المنافقين عن الحوض (19) ».
و منها ما في«الصواعق»ـأيضاـعن أحمد:«اعطيت في علي خمسا...الثانية:فلواء الحمد بيده،آدم
و من ولده تحته،و أما الثالثة:فواقف على حوضي يسقي من عرف من أمتي (20) ».
و روي في«الكنز»ـأيضاـعن الطبراني،عن علي عليه السلام:«إنى أذود عن حوض رسول الله صلى
الله عليه و آله و سلم بيدي هاتين القصيرتين الكفار و المنافقين».
و روي فيهـأيضاـعن عمرـمن حديث طويلـعن النبي صلى الله عليه و آله و سلم،قال فيه:«و
أنت تتقدمني بلواء الحمد،و تذود عن حوضي (21) ».
و فيهـأيضاـعن ابن عباس،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لعلي:«أنت أمامي
يوم القيامة،فيدفع إلي لواء الحمد فأدفعه إليك و أنت تذود الناس عن حوضي (22) ».
13ـقال في«لسان العرب»في مادة«صيد»:«و في الحديث أنه صلى الله عليه و آله و سلم قال
لعلي:«أنت الذائد عن حوضي يوم القيامة،تذود عنه الرجال كما يذاد البعير الصاد»يعني الذي
به الصيد،و هو داء يصيب الإبل في رؤوسها فتسيل انوفها و ترفع رؤوسها و لا تقدر أن تلوي
معه أعناقها،يقال:بعير صاد،أي ذو صاد،كما يقال:رجل مال،أي ذو مال،و يوم راح،أي ذو ريح،و
قيل:أصل صاد«صيد»ـبالكسرـقال ابن الأثير:و يجوز أن يروى صادـبالكسرـعلى أنه اسم فاعل
من الصدى:العطش».
14ـعن عبد الله بن إجارة بن قيس،قال:«سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام،و
هو على المنبر يقول:«أنا أذود عن حوض رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بيدي هاتين
القصيرتين الكفار و المنافقين كما تذود السقاة غريبة الإبل عن حياضهم (23) ».
أقول:و هنا نكتة مهمة حقيق ذكرها و هي أن أحاديث الحوض تدل على ارتداد قوم بعد رسول
الله صلى الله عليه و آله و سلم،و كونهم مطرودين عن الحوض لأنهم لم يزالوا مرتدين منذ
فارقهم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و إليك بعضها:
الفـعبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال،قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم:«أنا فرطكم (24) على الحوض،و ليرفعن إلي رجال منكم حتى إذا أهويت إليهم لاناولهم اختلجوا (25) دوني،فأقول:أي رب أصحابي!فيقال:إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (26) ».
بـفي حديث سعيد بن جبير،عن ابن عباس،عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«ألا و
إنه سيجاء برجال من امتي فيؤخذ بهم ذات الشمال،فأقول:يا رب أصحابى!فيقال:إنك لا تدري
ما أحدثوا...فيقال لي:إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم (27) ».
و في رواية:«و إنى على الحوض أنتظر من يرد علي منكم،فو الله،ليقتطعن دوني رجال،فلأقولن
:أي رب مني و من امتي!فيقول:إنك لا تدري ما عملوابعدك،ما زالوا يرجعون على أعقابهم (28) ».
و في رواية:«قد ارتدوا على أدبارهم القهقري»،و في رواية:«و الله،ما برحوا يرجعون على
أعقابهم»،و في رواية:«ما زالوا يرجعون على أعقابهم».
و في رواية إنهم قد ارتدوا على أدبارهم،فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم (29) ».
جـعن أبى النضر مولى عمر بن أبى عبيد الله أنه بلغه:«أن رسول الله صلى الله عليه و آله
و سلم قال لشهداء احد:«هؤلاء أشهد عليهم»فقال أبوبكر الصديق!:أ لسنا يا رسول الله صلى
الله عليه و آله و سلم إخوانهم؟أسلمنا كما أسلموا،و جاهدنا كما جاهدوا!فقال رسول الله
صلى الله عليه و آله و سلم:بلى،و لكن لا أدري ما تحدثون بعدي،فبكى أبوبكر ثم بكى،ثم
قال:أئننا لكائنون بعدك (30) »!.
أقول:لا يخفى على المطلع الخبير أن الأحاديث الماضيةـالتي تسمى روايات الحوضـو نظائرها
من الأخبار التي توعز إلى اتباع هذه الامة سنن من كان قبلهم،و كذلك بعض الآيات القرآنية
و بعض الخطب من«نهج البلاغة»كلها دالة على ارتداد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه
و آله و سلم و انقلابهم على أعقابهم،و هذا مسلم بين الفريقين و لا شبهة فيه،و إنما الكلام
في تعيين المرتدين و فيمن رجعوا عنه،و لكنا نورد اولا بعض ما يدل من الكتاب و الأخبار
على الارتداد كما أوردنا بعض نصوصها فيما مر تشييدا للمرام،ثم نتكلم في المسألة على
ما هو محل الكلام إن شاء الله تعالى.
أما الارتداد فى القرآن فهو قول الله عز و جل:/و ما محمد إلا رسول قد خلت//من قبله الرسل
أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم و من ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا و سيجزي
الله الشاكرين/ (31) .
قال صاحب المنار:«قال ابن القيم:هذه الآية كانت مقدمة و إرهاصا بين يدي موت رسول الله
صلى الله عليه و آله و سلم،و ذكر أن توبيخ الذين ارتدوا على أعقابهم بهذه الآية قد ظهر
أثره يوم وفاة النبي صلى الله عليه و آله و سلم،فقد ارتد من ارتد على عقبيه،و ثبت الصادقون
على دينه حتى كان العاقبة لهم،أقول:و لا ينافي هذه الحكمة كون الوقعة كانت قبل وفاته
صلى الله عليه و آله و سلم ببضع سنين،لأن غزوة احد كان في السنة الثالثة من الهجرة.
.. (32) ».
و قال العلامة المظفر رحمه الله:«أما الكتاب قوله تعالى:/أفإن مات أو قتل انقلبتم على
أعقابكم/،فإن الاستفهام فيه ليس على حقيقته لاستلزامه الجهل،فلا بد أن يراد به الإنكار
أو التوبيخ،و كل منهما لا يكون إلا على أمر محقق بالضرورة فيكون انقلابهم بعد موت النبي
صلى الله عليه و آله و سلم محققا،و لذا قال:انقلبتم»بصيغة الماضي تنبيها على تحققه (33) .
أما الارتداد في نهج البلاغة فهو قوله عليه السلام:«حتى إذا قبض الله رسوله صلى الله
عليه و آله و سلم رجع قوم على الأعقاب،غالتهم السبل،و اتكلوا على الولائج،و وصلوا غير
الرحم،و هجروا السبب الذي امروا بمودته،و نقلوا البناء على رص أساسه،فبنوه في غير موضعه،معادن
كل خطيئة،و أبواب كل ضارب في غمرة،قد ماروا في الحيرة،و ذهلوا في السكرة،على سنة من
آل فرعون (34) ».
قال ابن أبى الحديد:«رجعوا على الأعقاب»تركوا ما كانوا عليه.«و غالتهم السبل»أهلكهم
اختلاف الآراء و الأهواء.«غاله كذا»أي أهلكه.و السبل:الطرق.والولائج:جمع وليجة و هي
البطانة يتخذها الإنسان لنفسه،«و وصلوا غير الرحم»أي غير رحم الرسول صلى الله عليه و
آله و سلم،«و هجروا السبب»يعني أهل البيت أيضا،و هذه إشارة إلى قول النبي صلى الله عليه
و آله و سلم،«خلفت فيكم الثقلين:كتاب الله و عترتي أهل بيتي،حبلان ممدودان من السماء
الى الارض،لا يفترقان،حتى يردا على الحوض»،فعبر أمير المؤمنين عن أهل البيت بلفظ السبب،و
السبب في اللغة:الحبل،عنى بقوله عليه السلام:«امروا بمودته»قول الله تعالى:/قل لا أسألكم
عليه أجرا إلا المودة في القربى/ (35) .
و الرص:مصدر رصصت الشيء،أي ألصقت بعضه ببعض،و منه قوله تعالى:/كأنهم بنيان مرصوص/ (36) ،«فبنوه في غير موضعه»،و نقلوا الأمر عن أهله إلي غير أهله،ثم ذمهم عليه السلام و قال
:إنهم«معادن كل خطيئة،و أبواب كل ضارب في غمرة»الغمرة:الضلال و الجهل،و الضارب فيها:الداخل
المعتقد لها،مار يمور:إذا ذهب و جاء،فكأنهم يسبحون في الحيرة كما يسبح الإنسان في الماء
.و ذهل فلانـبالفتحـيذهل،«على سنة من آل فرعون»أي على طريقه،و آل فرعون:أتباعه (37) ».
أما الاخبار و الاحاديث في ذلك فكثيرة جدا و صريحة في المقصود قويا حتى قال العلامة
المظفر رحمه الله:«فمنها(أي الأخبار)ما هو كالآية الشريفة (38) في الدلالة على ارتداد الامة بعد النبي صلى الله عليه و آله و سلم (39) ،و إن شئت زيادة توضيح في هذا الباب فراجع صحيح البخاري(الجزء 8:ص 148/باب الحوض،و الجزء
9:ص 58/بابالفتن،من طبع مصر/مطبعة محمد علي صبيح و أولاده)و صحيح مسلم(الجزء 8/باب
فناء الدنيا و بيان الحشر،ص 157،ط بيروت)و ها نحن نذكر نبذة يسيرة من الصحيحين ما هو
موضع الحاجة فلاحظ:
1ـقال صلى الله عليه و آله و سلم:«سيؤخذ ناس دوني،فأقول:يا رب،مني و من أمتي فيقال:هل
شعرت ما عملوا بعدك؟و الله،ما برحوا يرجعون على أعقابهم (40) ».
2ـعن النبي صلى الله عليه و آله و سلم،قال:«أنا على حوضي أنتظر من يرد علي،فيؤخذ بناس
من دوني،فأقول:أمتي،فيقول:لا تدري مشوا على القهقرى (41) ».
3 و عنه صلى الله عليه و آله و سلم:«أنا فرطكم على الحوض،من ورده شرب منه،و من شرب منه
لم يظمأ بعده أبدا،ليرد علي أقوام و أعرفهم و يعرفوني،ثم يحال بيني و بينهم،قال أبو
حازم:فسمعني النعمان بن أبي عياش و أنا احدثهم هذا فقال:هكذا سمعت سهلا؟فقلت:نعم،قال
:و أنا أشهد على أبى سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه،قال:إنهم مني،فيقال:إنك لا تدري ما
بدلوا بعدك،فأقول:سحقا سحقا،لمن بدل بعدي (42) ».
4ـعن أبى سعيد الخدري،عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم،قال:«لتتبعن سنن من كان قبلكم
شبرا شبرا،و ذراعا بذارع،حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم (43) ».
5ـو عنه صلى الله عليه و آله و سلم:«لا تقوم الساعة حتى تأخذ امتي بأخذ القرون قبلها
شبرا بشبر،و ذراعا بذراعـالحديث (44) ».
6ـو عنه صلى الله عليه و آله و سلم:«يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي،فيحلأون عنالحوض،فأقول
:يا رب أصحابي،فيقول:إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى (45) ».
7ـو عنه صلى الله عليه و آله و سلم:«بينا أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل
من بيني و بينهم فقال:هلم،فقلت:أين؟قال:إلى النار و الله،قلت:و ما شأنهم؟قال:إنهم ارتدوا
بعدك على أدبارهم القهقرى،ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بينى و بينهم فقال
:هلم،قلت:أين؟قال:إلى النار و الله،قلت:ما شأنهم؟قال:إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى،فلا
أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم (46) ».
أقول:فبعد ملاحظة الآية و الأخبار في ثبوت الإرتداد بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و
آله و سلم قد حان أن نتكلم على ما هو المهم في المسألة و هو أن نعلم من هم المرتدون،أهم
أكثر الصحابة و جلهاـكما هو ظاهر روايات الحوض و غيرها،أو هم قليل من الناس الذين لم
يؤدوا الزكاة في عهد أبي بكر و قاتلهم أبوبكر،و صاروا مرتدين على زعم جل العامة؟مع أن
بعضهم يقول:إنهم ليسوا بمرتدين كما سيظهر لك عن قريب،إن شاء الله.
قال الفضل بن روزبهان في رد كلام العلامة الحلي رحمه الله بعد نقل العلامة روايات الحوض
في ارتداد الناس بعد النبي صلى الله عليه و آله و سلم:«فنقول:ما روي من الجمع بين الصحيحين
أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال:«لا تدري ما أحدثوا بعدك»،فاتفق العلماء
أن هذا في أهل الردة الذين ارتدوا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم،و هم
كانوا أصحابه في حياته ثم ارتدوا بعده (47) ».
و قالـأيضا:«إن المراد منهم أرباب الارتداد الذين ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه
و آله و سلمو قاتلهم أبوبكر الصديق (48) ».
و قال ابن المنظور في«لسان العرب»في مادة«ردد»:«و في حديث القيامة و الحوض:«فيقال:إنهم
لم يزالوا مرتدين على أعقابهم»أي متخلفين عن بعض الواجبات،قال:و لم يرد ردة الكفر،و
لهذا قيد بأعقابهم لأنه لم يرتد أحد من الصحابة بعده و إنما ارتد قوم من جفاة العرب (49) ».
قال العلامة المظفر رحمه الله في رد كلام الفضل:«فلا إشكال بظهور تلك الأحاديث(روايات
الحوض)بأبي بكر و أتباعه دون أهل الردة لقرائن،منها:دلالة بعض تلك الأحاديث على ارتداد
عامة الصحابة إلا مثل همل النعم،و منها تعبير بعضها بأنهم(ما برحوا بعدك يرجعون على
أعقابهم»أو«ما زالوا يرجعون على أعقابهم...»أو«إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ
فارقتهم»...فإن هذا النحو من الكلام ظاهر في الاستمرار و طول مدة الارتداد،و هو لا يناسب
إرادة مانعي الزكاة أياما و أشباههم و لا سيما أنهم رجعوا إلى الإسلام بإقرار الخصوم (50) ».
و قال رحمه الله:«...لا يناسب إرادة قوم مخصوصين من أهل البادية رأوا النبي صلى الله
عليه و آله و سلم أوقاتا قليلة و ارتدوا أياما يسيرة و تابوا و أسلموا (51) ».
و قال رحمه الله:«على أن الكثير ممن زعموا ردتهم إنما منعوا الزكاة عن أبي بكر،و غاية
ما يقال فيه الحرمة لا الارتداد،و لذا أجرى عليهم عمر أحكام الإسلام فرد سبيهم و أموالهم،مضافا
إلى أن هذه الرواية
(52) و غيرها مصرحة بأنهم من الصحابة،و من زعموا ردتهم إن ماتوا على الارتدادـكما هو ظاهر
هذه الأخبارـلم يكونوا من الصحابة لأن من مات مرتدا ليس بصحابي عندهم،و إن تابوا و ماتوا
مسلمين لم يكونوا ممن يؤخذ بهم ذات الشمال،و يحال بينهم و بين النبي صلى الله عليه و
آله و سلم،فلا يرادون(أي الذين قاتلهم أبوبكر على منع الزكاة)بتلك الأخبار على كلا الوجهين،و
لا يرد علينا النقض بمن أنكروا النص على أمير المؤمنين عليه السلام و دفعوه عن الإمامة
حيث نقول بارتدادهم و نسميهم مع ذلك بالصحابة لأنه لا يشترط عندنا فى إطلاق اسم الصحابي
على الشخص بقاؤه على الإيمان،بل لا يشترط فيه إلا تحقق الصحبة لا سيما مع بقائه على
صورة الإسلام (53) ».
أقول:قد سبق في الصفحة 356 تحت الرقم ج رواية عن موطأ مالك مصرحة بانقلاب أبي بكر و
نظرائه على أعقابهم،قال العلامة جلال الدين السيوطي في تنوير الحوالك فى شرح موطأ مالك
المطبوع في هامشه:«قال ابن البر:هذا مرسل عند جميع رواة الموطأ و لكن معناه يستند من
وجوه صحاح كثيرة»،يعني أن مضمونه موافق لصحاح كثيرة و هي أخبار الحوض،و هذا الحديث دليل
محكم على أن ارتداد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عام شامل لكل الصحابة
إلا مثل همل النعم (54) لا أهل الردة الذين هم أهل البادية،و هم ليسوا بمرتدين حتى على رأيبعض العامة فلاحظ
كلامه!
قال الدكتور حسن إبراهيم حسن
(55) :«اتخذ بعض المستشرقين ارتداد بعض القبائل العربية عن الإسلام بعد وفاة الرسول صلى الله
عليه و آله و سلم دليلا على أن الاسلام إنما قام بالسيف و أن الخوف وحده هو الذي أدخل
العرب في هذا الدين،و في الحق أن العرب الذين حاربهم أبوبكر و سموا مرتدين لم يرتدوا
عن الإسلام كما يتبادر إلى الذهن من تسميتهم مرتدين،و إنما كانوا فريقين:فريقا منع الزكاة
فقط زاعما أنها إناوة تدفع إلى الرسول صلى الله عليه و آله و سلم،فلما انتقل إلى جوار
ربه أصبحوا في حل من عدم دفعها إلى خليفته،و في شأن هذا الفريق عارض عمر أبابكر في حربهم
محتجا بقوله عليه السلام:«امرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا:«لا إله إلا الله»...فمن قالها
فقد عصم منى ماله و نفسه إلا بحقه،و حسابه على الله»...و أما الفريق الثاني فقد ارتدوا
عن الإسلام و لم يكونوا مسلمين (56) ...».
قال العلامة العسكريـحفظه اللهـبعد نقل الكلام المذكور و غيره:«مما ذكرنا يظهر للباحث
المتتبع أن ما وصفوه بالردة في عصر أبي بكر لم يكن بالارتداد عن الإسلام و إنما كانت
مخالفة لبيعة أبي بكر و امتناعا من دفع الزكاة إليه (57) ».
فظهر مما ذكرنا و أوضحنا أن الناس صاروا مرتدين بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله
و سلم و عند قبضه،و أنهم جل الصحابة و أكثرها كما شاهدت في الأخبار الماضية،و من المعلوم
أن الصحابة لم يعدلوا عن الشهادتين عموما حتى يستحقوا الطرد و البعدعن رحمة الله تعالى
بحيث لا تشملهم الشفاعة مع أنا شاهدنا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أرادهم بقوله
:«فأقول:سحقا سحقا،لمن بدل بعدي (58) ».فما الباعث على طردهم و إبعادهم عنـرحمه اللهـتعالى؟و ما السبب لقوله صلى الله عليه
و آله و سلم هذا،مع أنه نبي الأمة و إمام الرحمة و شافع المذنبين بقوله:«ادخرت شفاعتي
لأهل الكبائر من امتي»؟
إنىـاشهد الله و ملائكته و رسله أني لا أعلم سببا لذلك إلا إنكار أصل من اصول الدين
و ركن من أركانه،و هو إمامة أمير المؤمنين و سيد الموحدين عليه السلام،و خلافته عن رسول
الله صلى الله عليه و آله و سلم بلا فصل،جعلنا الله بحقه و بحق ذريته الطاهرين و بحق
أسمائه الحسنى التي هي هم من أعوانهم و انصارهم و المحبين لهم في الدنيا و المرافقين
لهم في الآخرة.
أهمية الإمامة و الولاية:
نعم،إن الدين الذي رجعوا عنه و استحقوا به الطرد و البعد عن رحمة الله تعالى يوم يقوم
الناس لرب العالمين هو الإمامة و الولاية لأمير المؤمنين عليه السلام،لأن الإمامة من
أركان الدين،و اصول الإيمان و اليقين بحيث تجب معرفتها كمعرفة رب العالمين و خاتم النبيين،و
الإعتقاد بها واجب على كافة المسلمين
(59) ،و أن المنحرفين عنها و المنكرين لها عن الإسلام خارجون و في جهنم داخلونـإلا القاصرين
منهم و المستضعفينـو إن عومل بهم معاملة الاسلام و المسلمين حفظا لمذهب أهل البيت عليهم
السلام و مصلحة المؤمنين،و هذا عقيدتي و عقيدة جميعفقهاء الامامية و أعلام الدينـرضوان
الله عليهم أجمعينـو قد نقلنا أقوالهم في ذلك في ص 124،لأن الله سبحانه و تعالى جعل
الولاية و الامامة إكمال الدين،و رضاه عن المؤمنين،و قرن المولىـعز شأنهـفي الكتاب المبين
ولاية نفسه و ولاية نبيه بولاية أمير المؤمنين،و جعلـسبحانهـطاعته و طاعة نبيه و وصيه
قرينا،و جعل الولاية بحيث لو لم تبلغ ما بلغت رسالة خير المرسلين،و إنك إن كنت من أهل
الإنصاف و اليقين لا يبقى لك شك بأن ولاية على و أولاده المعصومين و إمامتهم من اصول
الدين و أركان اليقين،و ها نذكر لك آراء المحققين و أعلام الدين حتى تكون من أمرك على
بصيرة و يقين:
1ـقال المحقق الأكبر العلامه المظفر رحمه الله:«لا يخفى أن أصل الشيء أساسه و ما يبتني
عليه،فاصول الدين هي التي يبتني عليها الدين،و بالضرورة أن الشهادتين كذلك إذ لا يكون
الشخص مسلما إلا بهما،و كذلك الاعتراف بالامام للكتاب و السنة.
أما الكتاب،فقوله تعالى:/أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم/ (60) .فإن الاستفهام فيه ليس على حقيقته لاستلزامه الجهل،فلا بد أن يراد به الإنكار أو التوبيخ،و
كل منهما لا يكون إلا على أمر محقق بالضرورة،فيكون انقلابهم بعد موت النبي صلى الله
عليه و آله و سلم محققا،و لذا قال:«انقلبتم»بصيغة الماضي تنبيها على تحققه.
و من المعلوم أن الصحابة بعد موت النبي صلى الله عليه و آله و سلم لم يعدلوا عن الشهادتين
فيتعين أن يراد به أمر آخر،و ما هو إلا إنكار إمامة أمير المؤمنين عليه السلام إذ لم
يصدر منهم ما يكون وجها لانقلابهم عموما غيره بالاجماع،فإذا كان إنكار إمامته عليه السلام
انقلابا عن الدين كانت الامامة أصلا من اصوله.
و لا ينافيه أن الآية نزلت يوم احد حيث أراد بعض المسلمين الارتداد،فإنسببية نزولها
في ذلك لا تمنع صراحتها في وقوع الانقلاب بعد النبي صلى الله عليه و آله و سلم كما يقتضيه
الترديد في الآية بين الموت و القتل،فإن ما وقع يوم احد إنما هو لزعم القتل،و قد فهم
ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فيما رواه ابن عباس قال:«كان علي عليه السلام يقول في
حياة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:إن الله تعالى يقول:/أ فإن مات أو قتل انقلبتم
على أعقابكم/؟و الله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله (61) ،و الله لئن مات أو قتل لاقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت،و الله إني لأخوه،و وليه،و
ابن عمه،و وارث علمه،فمن أحق به مني (62) ؟».
و أما السنة:فنحن لا نذكر منها إلا أخبار القومـكعادتناـلتكون حجة عليهم،فمنها،ما هو
كالآية الشريفة في الدلالة على ارتداد الامة بعد النبي صلى الله عليه و آله و سلم كروايات
الحوض،و لنذكر منها ما هو صريح بارتداد الامة إلا النادرـثم ذكر رواية البخاري المذكور
في ص 358،ـثم قال:«فهذه الرواية قد دلت على ارتداد الصحابة إلا القليل الذي هو في القلة
كالنعم المهملة المتروكة سدى،و قد عرفت أن الصحابة لم يرتكبوا ما يمكن أن يكون سببا
للارتداد غير إنكار إمامة أمير المؤمنين عليه السلام،فلا بد أن تكون الامامة أصلا من
اصول الدين.
و منها:الأخبار المستفيضة الدالة على أن من مات بلا إمام مات ميتة جاهلية،و نحو ذلك،فتكون
أصلا للدين البتة،كرواية مسلم في بابـالأمر بلزوم الجماعة من كتاب الامارة عن عمر قال
:«و سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول:من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم
القيامة لا حجة له،و من مات و ليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية».
و منها:الأخبار الكثيرة التي ناطت الايمان بحب آل محمد صلى الله عليه و آله و سلم و
الكفرببغضهم،فإنها كناية عن الاعتراف بإمامتهم و إنكارها للملازمة عادة بين حبهم الحقيقي
و الاعتراف بفضلهم،و بغضهم و إنكاره،و لا يراد الحب و البغض بأنفسهما إذ لا دخل لهما
بماهية الايمان و الكفر،فلا بد أن يكونا كناية عن ذلك،فلا بد أن تكون الامامة أصلا.
..».
و يشهد لكون الامامة من اصول الدين أن منزلة الامام كالنبي في حفظ الشرع و وجوب اتباعة
و الحاجة إليه و رئاسته العامة بلا فرق،و قد وافقنا على أنها أصل من اصول الدين جماعة
من مخالفينا كالقاضى البيضاوي في مبحث الأخبار،و جمع من شارحي كلامه كما حكاه عنهم السيد
السعيد رحمه الله (63) ».
و قالـأيضا:«لا يخفى أن رئاسة الامام رئاسة دينية و زعامة إلهية و نيابة عن الرسول في
أداء وظائفه،فلا تكون الغاية منها مجرد حفظ الحوزة و تحصيل الأمن في الرعية و إلا لجاز
أن يكون الامام كافرا أو منافقا أو أفسق الفاسقين إذا حصلت به هذه الغاية،بل لا بد أن
تكون الغاية منها تحصيل ما به سعادة الدارين كالغاية من رسالة الرسول،و هي لا تتم إلا
أن يكون الإمام كالنبي معصوما... (64) ».
و قالـأيضا:«الإمامة من اصول الدين كما هو الحق (65) ».
2ـقال العلامة الأمينيـرضوان الله عليهـ:«إن الخلافة إمرة إلهية كالنبوة و إن كان الرسول
خص بالتشريع و الوحي الإلهى،و شأن الخليفة التبليغ و البيان و تفسير المجمل (66) ...».
و قالـأيضاـفي رد كلام ابن تيمية الحراني بعد أسطر:«...على أن أحدا لوعد الامامة من
اصول الدين فليس بذلك البعيد عن مقائيس البرهنة بعد أن قرنالله سبحانه ولاية مولانا
أمير المؤمنين عليه السلام بولايته و ولاية الرسول صلى الله عليه و آله و سلم بقوله
:/إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا/ـالآية (67) و خص المؤمنين بعلي عليه السلام كما مر الايعاز إليه في الجزء الثاني(ص 52)و سيوا فيك
حديثه مفصلا بعيد هذا،و في آية كريمة اخرى جعل المولىـسبحانهـبولايته كمال الدين بقوله
:/اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا/ (68) ،و لا معنى لذلك إلا كونها أصلا من اصول الدين،لولاها بقي الدين مخدجا و نعم الله على
عباده ناقصة،و بها تمام الاسلام الذي رضيه رب المسلمين لهم دينا.
و جعل هذه الولاية بحيث إذا لم تبلغ كان الرسول صلى الله عليه و آله و سلم ما بلغ رسالته،فقال
:/يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته و الله يعصمك
من الناس (69) /،و لعلك تزداد بصيرة فيما قلناه لو راجعت الأحاديث الواردة من عشرات الطرق في الآيات
الثلاث كما فصلناها في الجزء الأول(ص 214ـ223 و 230ـ238)و في هذا الجزء.
و بمقربة من هذه كلها ما مر في الجزء الثاني(ص 301،302)من إناطة الأعمال كلها بصحة الولاية
و قد اخذت شرطا فيها،و هذا هو معنى الأصل كما أنه كذلك بالنسبة إلى التوحيد و النبوة،و
ليس في فروع الدين حكم هو هكذا،و لعل هذا الذي ذكرناه كان مسلما عند الصحابة الأولين،و
لذلك يقول عمر بن الخطابـلما جاءه رجلان يتخاصمان عندهـ«هذا مولاي و مولى كل مؤمن،و
من لم يكن مولاه فليس بمؤمن»،راجع الجزء الأول(ص 382).
و ستوافيك في هذا الجزء زرافة من الأحاديث المستفيضة الدالة على أن بغضهـصلوات الله
عليهـسمة النفاق و شارة الالحاد،و لولاه عليه السلام لما عرف المؤمنون بعدرسول الله
صلى الله عليه و آله و سلم،و لا يبغضه أحد إلا و هو خارج من الايمان،فهى تدل على تنكب
الحائد عن الولاية عن سوي الصراط كمن حاد عن التوحيد و النبوة،فلترتب كثير من أحكام
الأصلين على الولاية يقرب عدها من الاصول،و لا ينافي ذلك شذوذها عن بعض أحكامها لما
هنالك من الحكم و المصالح الاجتماعية كما لا يخفى (70) ».
3ـقال شيخ الاسلام العلامة المجلسي رحمه الله:«لا ريب في أن الولاية و الاعتقاد بإمامة
الأئمة عليه السلام و الاذعان بها من جملة اصول الدين،و أفضل من جميع الأعمال البدنية،«لأنها
مفتاحهن»أي بها تفتح أبواب معرفة تلك الأمور و حقائقها و شرائطها و آدابها (71) ».
4ـقال العلامة المحقق،الحاج آقا رضا الهمداني الغروي رحمه الله:«في أوصاف المستحقين
للزكاة،و هي امور:الأول الايمان،يعني الاسلام مع الولاية للأئمة الاثنى عشر عليهم السلام،فلا
يعطى الكافر بجميع أقسامه،بل و لا معتقد لغير الحق من سائر فرق المسلمين بلا خلاف فيه
على الظاهر بيننا،و النصوص الدالة عليه فوق حد الاحصاء...و خبر إبراهيم الاوسي عن الرضا
عليه السلام قال:«سمعت أبى يقول:كنت عند أبي يوما فأتاه رجل فقال:إنى رجل من الرى،و
لي زكاة،فإلى من أدفعها؟فقال:إلينا،فقال:الصدقة عليكم حرام!فقال:بلى،إذا دفعتها إلى
شيعتنا فقد دفعتها إلينا،فقال:إنى لا أعرف لهذا أحدا،فقال:فانتظر بها سنة،قال:فإن لم
اصب لها أحدا؟قال:انتظر بها سنتين حتى بلغ إلى أربع سنين،ثم قال له:إن لم تصب لها أحدا
فصرها صررا و اطرحها في البحر،فإن الله عز و جل حرم أموالنا و أموال شيعنا على عدونا»لعل
ما في ذيله من الأمر بإلقائها في البحرـعلى تقدير أن لا يصيب لها أحدا من الشيعة في
تلك المدة الذي هو مجرد فرض لا يكاد يتفق حصوله في الخارجـللتنبيه على أن إلقاءها في
البحر و إتلافها لدى تعذر إيصالها إلى الشيعة أولى من إيصالها إلى المخالفين على سبيل
الكناية
(72) ».
أقول:أنشدكم الله أيها القراء الأعزاء،هل تفهمون من هذا الحديث معنى غير أنهم تركوا
ركنا من أركان الاسلام و أصوله و اسسه؟!
5ـقال العلامة الحلي رحمه الله:«و لا يكفى الاسلام،بل لا بد من اعتبار الايمان،فلا يعطى
غير الإمامي،ذهب إليه علماؤنا أجمع خلافا للجمهور كافة و اقتصروا على اسم الاسلام،لنا
إن الامامة من أركان الدين و اصوله،و قد علم ثبوتها من النبي صلى الله عليه و آله و
سلم ضرورة،فالجاحد بها لا يكون مصدقا للرسول صلى الله عليه و آله و سلم في جميع ما جاء
به فيكون كافرا فلا يستحق الزكاة،و لأن الزكاة معونة و إرفاق،فلا يعطى غير المؤمن لأنه
يحاد الله و رسوله،و المعونة و الارفاق موادة فلا يجوز فعلها مع غير المؤمن... (73) ».
6ـو قالـأيضا:«الامامة لطف عام،و النبوة لطف خاص لامكان خلو الزمان من نبي حي بخلاف
الامام لما سيأتي،و إنكار اللطف العام شر من إنكار اللطف الخاص،و إلى هذا أشار الصادق
عليه السلام عن منكر الإمامة أصلا و رأسا:و هو شرهم (74) ».
7ـقال ابن خلدون:«الفصل السابع و العشرون في مذاهب الشيعة في حكم الامامة...و مذهبهم
جميعا متفقين عليه أن الامامة ليست من المصالح العامة التي تفوض إلى نظر الامة و يتعين
القائم بها بتعيينهم،بل هي ركن الدين و قاعدةالاسلام و لا يجوز لنبي إغفاله و لا تفويضه
إلى الامة،بل يحب عليه تعيين الامام لهم،و يكون معصوما من الكبائر و الصغائر،و إن عليا
رضي الله عنه هو الذي عينهـصلوات الله و سلامه عليهـ (75) ».
8ـقال العلامة،السيد شهاب الدين المرعشي رحمه الله:«إن الامامة خلافة عن النبوة و قائمة
مقامها،و إذا كان كذلك كان كل ما استدللنا به على وجوب النبوة في حكمة الله تعالى فهو
بعينه دال على وجوب الامامة في حكمته أيضا لأنها سادة مسدها قائمة مقامها لا فرق بينها
و بينها إلا في تلقي الوحي الالهي بلا واسطة بشر (76) ».
9ـو قالـأيضا:«اصول الدين هي التي يبتني عليها الدين،و اصول دين الاسلام على قسمين:قسم
منها ما يترتب عليه جريان حكم المسلم في الفقهيات،و هو الشهادة بالوحدانية و الشهادة
بالرسالة،و قسم منها يتوقف عليه النجاة الاخروي فقط،و التخليص من عذاب الله،و الفوز
برضوانه،و الدخول في الجنة،فيحرم دخولها على من لم يعترف به،و يساق إلى النار في زمرة
الكفار،دون العاصين و المرتكبين للذنب في الفروع فإنهم لا يحرم عليهم الجنة،و إن دخلوا
النار و وقعوا في العذاب،بل يعود مآل أمرهم إلى النجاة إن ارتحلوا عن هذه الدنيا بالعقائد
الصحيحة،و هذا القسم من الاصول يسمى أيضا باصول الإيمان.
و من القسم الثاني الإعتقاد بالإمامة و الإعتراف بالإمام،فإن الإمامة مرتبة تالية للنبوة،و
نسبتها إلى النبوة نسبة العلة المبقية إلى العلة المحدثة،و قد وافقنا على كونها من الاصول
جمع من المخالفين كالقاضي البيضاوي في مبحث الأخبار،و جمع من شارحي كلامه
(77) ».ـقال استاذ البشر،المحقق الأكبر الطوسي رحمه الله:«اصول الإيمان ثلاثة:التصديق بوحدانية
الله عز و جل في ذاته و العدل في أفعاله،و التصديق بنبوة الأنبياء،و التصديق بإمامة
الأئمة المعصومين عليهم السلام... (78) ».
11ـقال العلامة البهبهاني رحمه الله:«إن الإمامة من اصول الدين،و الاعتراف بإمامة الإمام
و ولايته كالاقرار بنبوة النبي صلى الله عليه و آله و سلم من الاصول لا من الفروع،و
لذا قال صلى الله عليه و آله و سلم:«من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية».بل
معرفة النبى صلى الله عليه و آله و سلم إنما يكون أصلا واجبا باعتبار كونه رسولا أو
إماما لان النبى مع قطع النظر عن رسالته و إمامته لا يجب على الناس معرفته كمن كان نبيا
على نفسه و لا يكون رسولا إلى أحد و لا إماما على الامة،فالمعرفة إنما تجب لأحد الوصفين،فإن
وجبت المعرفة لأجل الرسالة استلزم وجوب معرفة الامام بطريق أولى،لأن الامامة مرتبة فوق
الرسالة،و إن وجبت لأجل الامامة فالوجوب أوضح لاتحاد الموضوع و استحالة التفكيك (79) ».
12ـقال الفاضل المحقق،الدكتور مصطفى غالب:«و الإمامة بمفهومها العرفاني أساس الدين،و
المحور العقلاني الذي تدور حوله كل العقائد الباطنية و الظاهرية،لأن الدين لا يستقيم
أمره إلا بوجود الامامة،و لا يكمل وجوده و تتم تفاعلاته الروحية و الوجدانية إلا بوجودها
باعتبارها تتمة النبوة و استمرارا لها (80) ».
13ـقال الفاضل المحقق،كامل سليمان:«إن مرتبة الامامة كالنبوة،فكما لا يجوز للخلق تعيين
نبى لا يجوز لهم إمام،و أيضا العقول قاصرة و الأفهام حاسرة عن معرفة من يصلح لهذا المنصب
العظيم و الامر الجسيم،و الوجدان يغني عنالبيان. (81) »
14ـقال العلم العلامة،الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء:«قد أنبأناك أن هذا هو الأصل الذي
امتازت به الامامية و افترقت عن سائر فرق المسلمين،و هو فرق جوهري أصلي و ما عداه من
الفروق فرعية عرضية كالفروق التي تقع بين أئمة الاجتهاد عندهم كالحنفي و الشافعي و غيرهما،و
عرفت أن مرادهم بالإمامة كونها منصبا إلهيا يختاره الله بسابق علمه كما يختار النبي
... (82) ».
15ـقال المحقق العلامة،الشيخ محمد رضا المظفر:«نعتقد أن الإمامة أصل من اصول الدين لا
يتم الايمان إلا بالاعتقاد بها،و لا يجوز فيها تقليد الآباء و الأهل و المريين مهما
عظموا و كبروا بل يجب النظر فيها كما يجب النظر في التوحيد و النبوة...فالإمامة استمرار
للنبوة،و الدليل الذي يوجب إرسال الرسل و بعث الأنبياء هو بنفسه يوجب أيضا نصب الامام
بعد الرسول فلذلك نقول:إن الامامة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان النبي أو
لسان الامام الذي قبله،و ليست هى بالاختيار و الانتخاب من الناس،فليس لهم إذا شاؤوا
أن ينصبوا أحدا نصبوه،و إذا شاؤوا أن يعينوا إماما لهم عينوه،و متى شاؤوا أن يتركوا
تعيينه تركوه (83) ».
أقول:لما جر البحث إلى هنا فينبغي أن نشير إلى بعض الآيات التي يستفاد منها أن الامامة
من اصول الدين و أركانه و أن صاحبها أفضل من سائر الأنبياء عليهم السلام،فنختار منها
آية واحدة و هي:قوله تعالى:«و اسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن
آلهة يعبدون (84) ».
قال العلامة،الشيخ سليمان القندوزي:«موفق بن أحمد الحمويني و أبو نعيمالحافظ بأسانيدهم
عن ابن مسعود رضى الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:لما عرج بي
إلى السماء انتهى بي السير مع جبرئيل إلى السماء الرابعة،فرأيت بيتا من ياقوت أحمر،فقال
جبرئيل:هذا البيت المعمور،قم يا محمد،فصل إليه،قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم
:جمع الله النبيين فصفوا ورائى صفا فصليت بهم،فلما سلمت أتاني آت من عند ربي فقال:يا
محمد!ربك يقرئك السلام و يقول لك:سل الرسل:على ما ارسلتم من قبلك؟فقلت:معاشر الرسل!على
ماذا بعثكم ربي قبلي؟فقالت الرسل:على نبوتك و ولاية علي بن أبي طالب،و هو قوله تعالى
:/و اسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا/ـالآية (85) .
قال العلامة الأكبر،المحقق المظفر رحمه الله:«و دلالتها على إمامة أمير المؤمنين عليه
السلام واضحة،فإن بعث الرسل و أخذ الميثاق عليهم في القديم بولاية علي عليه السلام و
جعلها محل الاهتمام العظيم في قرن أصلي الدين:الربوبية و النبوة لا يمكن أن يزاد بها
إلا إمامة من له الفضل عليهم كفضل محمد صلى الله عليه و آله و سلم.
فإن قلت:لم تذكر الآية الكريمة النبوة و الامامة بل و لا الارسال بشهادة أن لا إله إلا
الله فإنها قالت:«أجعلنا»و لم تقل أ أرسلناهم بالشهادة.
قلت:السؤال و الاستفهام في الآية للتقرير بمعنى تقرير الرسل عما استقر عندهم نفيه و
هو جعل آلهة من دون الرحمن يعبدون،لكن لما كان المناسب لتقرير الرسل بماهم رسل هو تقريرهم
عما ارسلوا به كان الظاهر إرادة تقريرهم عن ذلك بما هم رسل بنفسه و هو راجع إلى الارسال
بالشهادة بالوحدانية،فصح ما أفادته الروايات من أن المراد بالآية السؤال عما بعث به
الرسل من الشهادة بالوحدانية،و لما كان بعثهم بهذا معلوما للنبي صلى الله عليه و آله
و سلم البتة لم يحسن أن يراد أن يقرهم به خاصة بل ينبغي أن يراد تقريرهم به بضميمة ما
لا يعلم النبي صلى الله عليه و آله و سلمإقرارهم به لعدم علمه بإرسالهم عليه و هو الذي
ذكرته الروايات أعني إرسالهم على نبوته و إمامة أمير المؤمنين عليه السلام.
و إنما لم تذكر الآية الشريفة للاكتفاء بذكر الأصل و هو البعث على الشهادة بالوحدانية
كما أن بعض الروايات المذكورة اكتفت بذكر نبوة نبينا و إمامة ولينا لأنهما الداعى إلى
السؤال و التقرير مع وضوح بعثهم على الشهادة بالوحدانية لكونه الأصل و لذكر الآية له
فما أعظم قدر نبينا الأطيب و أخيه الأطهر عند الله تبارك و تعالى حتى ميزهما على جميع
عباده،و أكرمهما ببعث الرسل الأكرمين على الإقرار بفضلهما و رسالة محمد صلى الله عليه
و آله و سلم و إمامة علي عليه السلام و أخذ الميثاق عليهم بهما مع الشهادة بالوحدانية (86) ».
و قال العلامة،السيد علي البهبهاني رحمه الله:«فاعلم أنها(أي الآية المذكورة)تدل على
اختصاص الإمامة و الخلافة بمولانا أمير المؤمنين عليه السلام و أبنائه الطاهرينـسلام
الله عليهم أجمعينـتوضيح ذلك:أن ولاية مولانا أمير المؤمنين عليه السلام التي بعث الله
الأنبياء عليهم السلام عليها إن كانت بمعنى ولاية التصرف في الامورـكما هو الظاهرـفقد
ثبت أن خلافته عليه السلام عن الله تعالى و عن رسوله صلى الله عليه و آله و سلم منصوصة
في الكتاب المجيد و سائر الصحف السماوية،و النص على خلافته و إمامته يوجب اختصاصها به
عليه السلام إذ لا مجال مع النص للعدول إلى غيره باختيار الامة و تقديمه عليه عليه السلام
.
و إن كانت بمعنى المودة و المحبة فبعث الأنبياء عليهم السلام عليها و جعلها تلو ولاية
سيد الأنبياء صلى الله عليه و آله و سلم و رسالته يدل على أنها أقرب وسيلة يتوسل بها
إلى الخالقـتبارك و تعالىـبعد التوحيد و الإقرار برسالته و نبوته صلى الله عليه و آله
و سلم،فيدل على أنه عليه السلام أفضل الخلق بعد خاتم النبيين صلى الله عليه و آله و
سلم حتى الأنبياء عليهم السلام
(87) »و قال العلامة،السيد شهاب الدين النجفي المرعشي في ربط ذيل الآية بما قبلها:«لا يبعد
تعميم الآلهة بحيث يشمل كل ما عبد من دون الله،فيشمل صنمي قريش أيضا (88) ».
و لقد أجاد من قال:
آل النبي هم النبي و إنما
بالوحي فرق بينهم فتفرقوا
أبت الإمامة أن تليق بغيرهم
إن الرسالة بالامامة أليق
و من قال إسلام،فما قال حيدر
فذلك قلب ليس ينبضه دم
أو سنة ليست من الفضول
لكنها من أعظم الأصول
و أكمل الشهادتين بالتي
قد اكمل الدين بها في الملة
فإنها مثل الصلاة خارجة
عن الخصوص بالعموم و الجة
ولايته هي الإيمان حقا
فذرني من أباطيل الكلام
القرآن و ساقى الكوثر:
قال ابن شهر آشوب رحمه الله:جاء في تفسير قوله تعالى:و سقاهم ربهم (89) يعنى سيدهم علي بن أبي طالب و الدليل على أن الرب بمعنى السيد قوله تعالى:اذكرني عند
ربك (90) .
ساقي الكوثر في القصائد و المدائح:
1ـالحميري:
فإنك تلقاه لدى الحوض قائما
مع المصطفى بالجسر جسر جهنم
يجيران من والاهما في حياته
إلى الروح و الظل الظليل المكرم
و له أيضا:
و الحوض حوض محمد و وصيه
يسقي محبيه و يمنعه العدى
و له ايضا:
ألا أيها اللاحي عليا دع الخنا
فما أنت من تأنيبه بمصوب (91)
أتلحى أمير الله بعد أمينه
و صاحب حوض شربه خير مشرب
و حافاته در و مسك ترابه
و قد حازماء من لجين و مذهب (92)
2ـابن حماد:
و الحوض حوضك ليس ثم مدافع
في الحشر تسقي من تشاء و تمنع
عجبا لاعمى عن هداه و نوره
كالشمس واضحة تضيء و تلمع
و له أيضا:
و هم سقاة للحوض من والاهم
يسقى بكأس لذة للشارب
و له أيضا:
و إن الحوض حوضك و البرايا
إليك لدى القيامة مهطعينا
و تحت لوائك المحمود تضحى
جميع الخلق دونك خاشعينا
3ـالعوني:
تسقي الظماء على حوض النبي غدا
للمؤمنين بمملو من الحلب (93)
4ـالزاهي:
بدر الدجى و زوجه شمس الضحى
في فضلها و ابناه للعرش القرط
و من له الكوثر حوض في غد
و النار ملك و الفراديس خطط
و له أيضا:
يا ساقي الشيعة من كأسه
عند ورود الكوثر الجاري
في يوم تبلو النفس ما قدمت
لسيد في الحكم جبار
و النار في الموقف قد سعرت
لأخذ نصاب و فجار
5ـحسان بن ثابت:
له الحوض لا شك يحيى به
فمن شاء أسقى برغم العدى
و من ناصب القوم لم يسقه
و يدعو إلى الورد للأولياء (94)
أقول:إذا أمعنت النظر في الأخبار و الأحاديث التي جاءت من الفريقين في صفة حوض النبي
صلى الله عليه و آله و سلم و الكوثر وجدت في خلالها عجائب من حيث المضامين و المعانى
مثل كون ترابه المسك الأذفر،و حصاه الدر و الياقوت و المرجان،و حشيشه الزعفران،و،و،و
فتحدثك نفسك:ما المراد من هذه المعاني؟هل يجب علينا أن نلتزم بظواهرها و نقول:إن في
حوض النبي صلى الله عليه و آله و سلم أباريق كعدد النجوم،و فيه مرجان و ياقوت و در (95) ،أو يمكن أن نعبر من هذه الظواهر إلى معاني أعلى وأرقى و ألطف من ذلك؟نعم،جاء هذا المعنى
في قول الصادق عليه السلام على ما ذكره العلامة المجلسي رحمه الله و هو:
في الأصل كنا نجوما يستضاء بنا
و للبرية نحن اليوم برهان
نحن البحور التي فيها لغائصكم
در ثمين و ياقوت و مرجان
مساكن القدس و الفردوس نملكها
و نحن للقدس و الفردوس خزان
من شذ عنا فبرهوت مساكنه
و من أتانا فجنات و ولدان (96)
فهل المراد من النجوم و الدر و الياقوت و المرجان في هذه الأبيات ظاهرها؟أو وراءه حكمة
و علم و معرفة؟فإن الغائص في بحور علوم أهل البيت عليهم السلام له أنواع من المعرفة
التي لا يقاس بها الياقوت و المرجان و الدر و غير ذلك من الأشياء التي تقربها عيون العامة
عند سماعها،و لكن الخاصة و العظماء تفهم ما فوق ذلك،و تعلم أن هذه ألفاظ لضيق البيان
عن كشف حقائقها،و هذا لا ينافى ظواهرها أيضا فلنختم هذا البحث بنقل كلمات من أفذاذ العلماء
و عظمائهم:
الكوثر فى كلام الأعلام
1ـقال المولى صدر الدين الحكيم الشيرازي رحمه الله:«قال بعض العلماء:«إنا أعطيناك الكوثر»فالكوثر
صورته صورة الماء،و حقيقته حقيقة العلم،لست أقول:إن المراد من هذه الأمثال الواردة في
القرآن مقصور على معانيها الباطنية العقلية من غير تحقق الصور المحسوسة كما يقوله الباطنية،كلا،بل
نقول:الغرض منها العبور من مظاهرها إلى مطاويها،و من صورها إلى معانيها،فإن للقرآن ظهرا
و بطنا،و تأويلا و تفسيرا.
ثم إذا شبه العلم مطلقا بالماء فيترتب عليه تشبيه أقسامه بأقسامه،كتشبيه العلوم الحقة
الخالية عن الشبه و الشكوك بالماء الطاهر الزلال،و العلوم التي بخلافها بالماء الكدر
المخلوط بالكثايف،و كتشبيه اليقينات الدائمة بالماء الجاري أبدا،و التي بخلافها بالماء
المنقطع،و كتشبيه العلم الذي يفيض من عند الله بإلهامه بلا واسطة معلم بشري بالماء النازل
من السماء الجارية في الأودية (97) بلا سعي و تعمل آلة و حفر قناة و استنباط،و الذي يحصل بالفكر و الروية كالماء المستنبط
من الأرض بالحفر و نحوه،و الذي يحصل بالتقليد كالماء الذي يفرغ من حوض إلى حوض (98) ».
2ـقال العلامة الفيض رحمه الله:«يخطر بالبال أن مثال الكوثر في الدنيا هو العلم و الحكمة،و
مثال أوانيه علماء الامة،و لهذا فسر بالخير الكثير،فإن الله عز و جل يقول:و من يؤت الحكمة
فقد اوتي خيرا كثيرا و ما يذكر إلا اولوا الألباب (99) .و يؤيد هذا ما رواه بعض علماء العامة عن مولانا الصادق عليه السلام في تأويل الآية:إنا
أعطيناك نورا في قلبك دلك علي و قطعك عما سواي،قال:و كان هذا منه عليه السلام نوعإشارة
كإشارات الصوفية لا أنه تفسير السورة.
أقول:و من شرب كأس العلم من مشرب التحقيق علم أن مثل هذه الاشارة يرجع إلى التفسير عند
التحقيق،و يتحدان بحسب المعنى،لما عرفت مرارا:أن لكل حقيقة في كل موطن صورة و مثالا
... (100) ».
3ـقال العلامة الطريحي رحمه الله:«و الحوض الكوثر،و من كلام علي عليه السلام:
أنا ابن ذي الحوضين عبد المطلب
و هاشم المطعم في العام السغب
لعل المراد بهما الحقيقة،و يحتمل أنه أراد العلم و الهدى (101) ».
4ـقال العلامة الطنطاوي في تفسيره:«وصف الكوثر:طينته مسك أذفر،ماؤه أشد بياضا من الثلج،و
أحلى من العسل،حافتاه من ذهب،مجراه على الدر و الياقوت،تربته أطيب من المسك،شاطئاه در
مجوف.
وصف كيزانه و طيره:آنيته عدد نجوم السماء،فيه طير أعناقها كأعناق الجزور،و في رواية،كيزانه
كنجوم السماء،من شرب منها لا يظمأ أبدا،و زواياه سواء،فيه أباريق كنجوم السماء،من ورده
فشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا،و الذي نفسي بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء
و كواكبها.
وصف الشاربين:في حديث مسلم:«قالوا:يا نبي الله تعرفنا؟قال:نعم،لكم سيما ليست لأحد غيركم،تردون
علي غرا محجلين من آثار الوضوء،و ليصدن عني طائفة منكم فلا يصلون إلى،فأقول:يا رب هؤلاء
من أصحابي!فيجيبني ملك فيقول:و هل تدري ما أحدثوا بعدك»؟هذا ملخص ما جاء في الحوض من
رواية البخاري أو مسلم.
إذا عرفت هذا فأصغ لما أتلو عليك من نبأ هذه الأحاديث و أسرارها:إعلم أنهذه الأحاديث
وردت لغاية أرقى مما يراها الذين لا يفكرون،كم امم جاءت قبلنا و جاء فيهم مصلحون،فماذا
فعلوا؟ألقوا إليهم العلم بهيئة جميلة و صورة مفرحة و بهجة و جمال،و من قرأ كتاب«كليلة
و دمنة»الذي لم تخل منه مدرسة من مدارس العالم الشرقي و الغربي في الوقت الحاضر إلا
لها حظ من قراءته.
أقول:من قرأ هذا الكتاب عرف مقدرة الفيلسوف الهندي،و كيف جاء بالسياسة و نظام المدنية
و العلوم الاجتماعية في قوالب المحادثات الحيوانية،فتارة يجعله في هيئة محاورة بين ثور
و أسد،و تارة بين حمامة و غراب،و سلحفاة و فأرة،و هكذا مما سر العامة بظاهره الطلي الجميل،و
علم الحكماء و العلماء بباطنه القويم.
و لكن ليس ذلك(أي التعبير النبوي)كما في«كليلة و دمنة»الذي يفرح به الجهال،و لكن الحكماء
يرون الباطن هو المقصود،و الظاهر منبوذ،لأن البهائم لا تتكلم بداهة،كلا ثم كلا بل هنا
ظاهر القول حق،و باطنه حق.
الجاهل يسمع الدر و الياقوت و شرابا أحلى من العسل،فيفرح به فيعبد الله ليصل إلى هذه
اللذات،و هذا الجاهل أكثر أهل هذه الأرض،و العالم ينظر فيقول:إن هذا القول و راءه حكمة،و
راءه علم،لأنني أرى في خلال القول عجائب،فلماذا يذكر أن الكيزان أو الأباريق أو نحو
ذلك عدد نجوم السماء؟و أي دخل لنجوم السماء هنا؟و لماذا عبر به؟ثم يقول:لماذا ذكر أن
الذين يردون الحوض يكونون عليهم آثار الوضوء؟ثم يقول:لماذا ذكر أن عدد الآنية يكون أكثر
من نجوم السماء؟و لماذا هذه المحافظة كلها على عدد نجوم السماء؟
إذن يقول:لا،لا،الحق أن نبينا محمدا صلى الله عليه و آله و سلم يريد أمرين:أمرا واضحا
جليا يفرح به جميع الناس،و أمرا يختص بالقواد و العظماء،إن النبوة بأمر الله،و الله
جعل في أهل الارض فلاحين لا يعرفون إلا ظواهر الزرع،و جعل أطباء يستخرجون منافع من الحب
و الشجر،و حكماء يستخرجون علوما،و كللا يعرف إلا علمه،فالطبيب يشارك الفلاح في أنه
يأكل،و لكنه يمتاز عنه بإدراك المنافع الطبية،هكذا حكماء الامة الاسلامية يشاركون الجهلاء
في أنهم يفهمون الحوض كما فهموه،و يردونه معهم كما يردونه،و لكن هؤلاء يمتازون بأنهم
قواد الامة الذين يقودونها،فماذا يقولون؟
يقولون:إن النبي صلى الله عليه و آله و سلم يريد معاني أرقى،إن الجنة فيها ما لا عين
رأت،و لا اذن سمعت،و لا خطر على قلب بشر،فليس الماء الذي هو أحلى من العسل،و أبيض من
الثلج كل شيء هناك و أي شيء عدد نجوم السماء،و لماذا خصصت النجوم بالعدد،و الوضوء
بالأثر؟
و الذي نقوله:إن الحوض يرمز به للعلم مع بقائه على ظاهره،فما المسك الأذفر،و لا أنواع
الجواهر النفيسة من در و ياقوت،و لا حلاوة العسل التي في ذلك الماء،و لا اتساع ذلك الحوض
إلا أفانين العلم و مناظر بدائعه المختلفة المناهج،العذبة المشارب،السارة للناظرين.
إن هذه الأحاديث جاءت لترقية الامة الاسلامية بأن يردوا حوض رسول الله صلى الله عليه
و آله و سلم بالعلم،و هذه الأحاديث تشير إلى أن هذه الامة سينبغ منها اناس لا نظير لهم
ستطهر نفوسهم،و يكرعون من موارد العلوم الشريفة،و يشربون من حوض رسول الله صلى الله
عليه و آله و سلم و يدرسون العلوم التي بثها الله في هذه الدنيا و لا نهاية لها،و لا
يذرون شيئا مما خلق الله إلا عرفوه على مقدار طاقتهم...فيصبحون خلفاء الله في الأرض
فالقرآن يطلب هذه العلوم كلها.فمن قرأ الفلك باعتبار أنه آثار جمال الله فقد ورد بعض
حوض رسوله صلى الله عليه و آله و سلم،و من درس الطب و الحكمة و التشريع أو عجائب النمل
أو النحل كذلك او نظام كسوف الشمس و القمر فقد ورد بعض حوض رسول الله صلى الله عليه
و آله و سلم مع طهارة نفوسهم.
هذا هو سر حديث الحوض يدلنا على أن هذه الامة سيطول أمدها،ستكون لهم دول و حكماء و عظماء
و انظر كيف يقول:إن هذا الحوض ببعد عنه اناس هممسلمون،و لكن يقال للنبي صلى الله عليه
و آله و سلمـكما في البخاري و مسلمـ:«هل تدري ما أحدثوا بعدك؟»اولئك الذين يطردون من
الحوض،هم الذين لم تستعد قلوبهم للعلم،و هم لم يسعوا له (102) ».
تعليقات:
1ـأيلةـبالفتحـ:مدينة على ساحل بحر القلزمـو الصنعاء موضعان،أحدهما باليمن،و اخرىبدمشق
.
2ـالمجلسي:بحار الانوار،ج 8:ص .27
3ـالمجلسي:بحار الانوار،ج 8:ص .28
4ـالمجلسي:بحار الانوار،ج 8:ص .18
5ـالمجلسي:بحار الانوار،ج 39:صص 211 و 212 و .216
6ـالمجلسي:بحار الانوار،ج 39:صص 211 و 212 و .216
7ـالمجلسي:بحار الانوار،ج 39:صص 211 و 212 و .216
8ـالفيض:تفسير الصافى،ج 5:ص .301
9ـالمجلسي:بحار الانوار،ج 39:صص 211 و 212 و .216
10ـالطوسي:كتاب الأمالى،ج 1:ص .150
11ـالفيض:علم اليقين،ج 2:ص .603
12ـفى رواية:كاب.
13ـالمجلسي:بحار الانوار،ج 39:صص 219 و .217
14ـالمجلسي:بحار الانوار،ج 39:صص 219 و .217
15ـالمجلسى:بحار الانوار،ج 39:ص .213
16ـالمظفر:دلائل الصدق،ج 2:ص 587 و 588،ط القاهرة.
17ـالمظفر:دلائل الصدق،ج 2:ص 587 و 588،ط القاهرة.
18ـالحاكم النيسابوري:المستدرك على الصحيحين،ج 3:ص 138/كتاب معرفة الصحابة.
19ـالمظفر:دلائل الصدق،ج 2:صص 588 و .594
20ـالمظفر:دلائل الصدق،ج 2:صص 588 و .594
21ـالمتقي:كنز العمال،ج 6:ص 402/باب فضائل علي عليه السلام.
22ـالمتقي:كنز العمال،ج 6:ص 402/باب فضائل علي عليه السلام.
23ـالهيثمي:مجمع الزوائد،ج 9:ص 137،ط بيروت.
24ـفرط:تقدم و سبق.
25ـاختلج:اجتذب و اقتطع.
26ـابن الاثير:جامع الاصول،ج 11:ص .119
27ـصحيح مسلم،ج 8:ص 157/باب فناء الدنيا.
28ـراجع جامع الاصول،ج 11:ص .121
29ـالمصدر السابق،ج 11:ص 121.و قوله:«همل النعم»أى ضوال الابل،أي ان الناجى منهم قليل
.
(لسان العرب).
30ـموطأ مالك،ص 307/باب الشهداء في سبيل الله.
31ـآل عمران،3: .144
32ـالعبدهـرشيد رضا:المنار،ج 4:ص .160
33ـالمظفر:دلائل الصدق،ج 2:ص .10
34ـنهج البلاغة،الخطبة .150
35ـالشورى،42: .23
36ـالصف،61: .4
37ـابن أبي الحديد:شرح نهج البلاغة،ج 9:ص .132
38ـيعنى الآية المذكورة في آل عمران،3: .144
39ـالمظفر:دلائل الصدق،ج 2:ص .11
40ـصحيح البخارى،ج 8:ص 151 و ج 9:ص .58
41ـصحيح البخارى،ج 8:ص 151 و ج 9:ص .58
42ـصحيح البخارى،الجزء 9:ص .58
43ـالمصدر السابق،ص .126
44ـالمصدر السابق،ص .126
45ـالمصدر السابق،ج 8:صص 150 و 152،و قد تقدم معنى همل النعم ص .355
46ـصحيح البخارى،ج 8:صص 150 و 152،و قد تقدم معنى همل النعم ص .355
47ـنقله دلائل الصدق،ج 3،صص 400 و .412
48ـنقله دلائل الصدق،ج 3،صص 400 و .412
49ـليت شعري أن جفاة العرب من هم؟أ لم ير ابن المنظور كلمة«أصحابي»في الأخبار؟ألم يكن«أعقابكم»ناظرا
إلى عهد أكثر الصحابة بالجاهلية الأولى؟على أن وظيفة اللغوي تعريف اللغة لا الرأي في
مسائل الكلام.(المصحح).
50ـالمظفر:دلائل الصدق،ج 3:ص .410
51ـالمصدر،ص .411
52ـيعنى قوله صلى الله عليه و آله و سلم:«يا رب أصحابي!فيقال:انك لا تدري ما أحدثوا
بعدك».
53ـالمظفر:دلائل الصدق،ج 3:ص .412
54ـو هم الثلاثة أو السبعة و من لحق بهم بعد،الذين استقاموا على الطريقة و لم تحركهم
عواصف الفتن و لم يحيصوا عن صاحب الولاية عليه السلام،كما نقل عن أبى جعفر الباقر عليه
السلام:«ارتد الناس بعد النبي صلى الله عليه و آله و سلم إلا ثلاثة نفر:المقداد ابن
الأسود،و أبوذر الغفاري،و سلمان الفارسى،ثم ان الناس عرفوا و لحقوا بعد»و عن ابي عبد
الله الصادق عليه السلام:«أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم لما قبض ارتد الناس على
أعقابهم كفارا إلا ثلاثا:سلمان و المقداد و أبوذر الغفاري»(المفيد:الاختصاص،ص 6)،إي
و الله،و لاغر و بعد أن اتفق نظيره في امة موسى عليه السلام حين رجع من الطور فرأى امته
مرتدين مشركين عابدي الوثن،و لم يبق منهم على الايمان إلا أخوه هارون،مع أنهم يعلمون
حياة موسى،و امة الإسلام قد استيقنوا أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قد مات،و هذا
آكد و أشد في العدول عن طريقته،و إنما افتتن العامة بعمل الخاصة لأن«الناس على دين ملوكهم»و
لأن الأكثر همج رعاع،أتباع كل ناعق،يميلون مع كل ريح،لم يستضيؤوا بنور العلم،و لم يركنوا
إلى ركن وثيق،و قال الله تعالى:/و اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة و اعلموا
أن الله
شديد العقاب/(الانفال،8:25)(المصحح).
55ـهو مدير جامعة أسيوط و أستاذ التاريخ الاسلامى بجامعة القاهرة.
56ـالدكتور حسن ابراهيم حسن:تاريخ الاسلام السياسى،ج 1:ص .351
57ـالعسكري:عبد الله بن سبا،ج 1:ص .141
58ـقال العلامة القسطلاني في«ارشاد الساري لشرح صحيح البخارى»(ج 9:ص 340):«فأقول سحقا
سحقا»ـبضم السين و سكون الحاء المهملتين و بالقاف و النصبـفيهما على المصدر،أى بعدا
بعدا و كررها ثنتين تأكيدا.«لمن غير بعدى»أي دينه،لانه لا يقول فى العصاة بغير الكفر
سحقا سحقا بل يشفع لهم و يهتم بأمرهم كما لا يخفى».
أقول:و الدين هنا الولاية لانها اسها و أصلها كما سنبين،إن شاء الله تعالى.
59ـلاية الاكمال،و آية الولاية،و آية الاطاعة،و آية التبليغ كما بين في محله.
60ـآل عمران،3: .144
61ـصدور الكلام باعتبار الجماعة لا خصوص شخصه عليه السلام حيث لم يكن ضالا قط.
62ـالحاكم:المستدرك،ج 3:ص 126/باب معرفة الصحابة.
63ـالمظفر:دلائل الصدق،ج 2:صص 11 و .29
64ـالمظفر:دلائل الصدق،ج 2:ص .29
65ـالمصدر،ص .296
66ـالاميني:الغدير،ج 7:ص .131
67ـالمائدة،5: .55
68ـالمائدة،5: .3
69ـالمائدة،5: .67
70ـالاميني:الغدير،ج 3:ص .152
71ـالمجلسي:بحار الانوار،ج 68:ص .334
72ـالهمداني:مصباح الفقيه/كتاب الزكاة،ص 104 و 105،النجفي:الجواهر،ج 15:ص .382
73ـالحلي:المنتهى/كتاب الزكاة،ج 1:ص .543
74ـالحلي:الالفين،ص 13،ط بيروت.
75ـمقدمة ابن خلدون،ص 196،ط بيروت.
76ـذيل احقاق الحق،ج 2:ص .306
77ـهامش إحقاق الحق،ج 2:ص .294
78ـالمجلسي:مرآة العقول،ج 7:ص .128
79ـالبهبهاني:مصباح الهداية،ص .114
80ـمصطفى غالب:الإمامة و قائم القيامة،ص 19،ط بيروت.
81ـكامل سليمان:صك الخلاص،ص 33،ط بيروت.
82ـآل كاشف الغطاء:أصل الشيعة و اصولها،ص 107،ط بيروت.
83ـالمظفر:عقائد الامامية،ص .93
84ـالزخرف،43: .45
85ـالقندوزي:ينابيع المودة،الباب 15:ص .82
86ـالمظفر:دلائل الصدق،ج 2:ص .169
87ـالبهبهاني:مصباح الهداية،ص .184
88ـهامش احقاق الحق،ج 3:ص .146
89ـالدهر،76: .21
90ـابن شهر آشوب:مناقب آل ابي طالب،ج 2:ص 162.و الاية في يوسف،12: .42
91ـلاحى فلانا:لامه و عابه.و الخناـبالفتحـ:الفحش بالقول.و التأنيب من أنبه:لامه و عنفه
.
92ـالحافات:الجوانب و الاطراف.و اللجينـمصغراـالفضة.
93ـالحلبـمحركةـ:اللبن.
94ـنقلنا الاشعار كلها من المناقب،لابن شهر آشوب(ج 2:ص 162ـ164).
95ـكقول النبي صلى الله عليه و آله و سلم:«رأيت نهرا في الجنة،حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف،فضربت
بيدي مجرى الماء فإذا أنا بمسك أذفر،فقلت:ما هذا؟قيل:الكوثر الذي أعطاك الله...أشد بياضا
من اللبن،و أحلى من العسل،و فيه طيور خضر لها أعناق كأعناق البخت»(الفخر الرازي:تفسير
الكبير،ج 31:ص 124).
و كقوله صلى الله عليه و آله و سلم:«عرضه و طوله ما بين المشرق و المغرب،لا يشرب منه
أحد فيظمأ،و لا يتوضأ منه أحد فيشعب»،و«عمقه سبعون ألف فرسخ،ماؤه أشد بياضا من اللبن،و
أحلى من العسل،شاطئاه الدر و الياقوت و الزبرجد»(الالوسي:تفسير روح المعاني،ج 30:ص 244)
.
و كقوله صلى الله عليه و آله و سلم:«عرضه ما بين أيلة و صنعاء...و أن فيه من الأباريق
عدد نجوم السماء»و:«حصاه(حصباؤه)الزبرجد و الياقوت و المرجان،حشيشه الزعفران،ترابه المسك
الأذفر،قواعده تحت عرش الله عز و جل»(المجلسي:بحار الانوار،ج 8:ص 18).
96ـالمجلسي:بحار الانوار،ج 47:ص .26
97ـاشارة الى الآية 17 من سورة الرعد،و كقوله تعالى:/و ما يستوى البحران هذا عذب فرات
سائغ شرابه و هذا ملح اجاج/(فاطر،35:12)فإنه تمثيل للإيمان و الكفر،و هما نوعان من العلم
.
و كقول أمير المؤمنين عليه السلام في«الكافى»(باب معرفة الإمام):«و لا سواء حيث ذهب
الناس الى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض،ذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر الله
لا نفاد لها و لا انقطاع»،فانه عليه السلام شبه علوم الائمة عليهم السلام بالعيون الصافية
.
98ـشرح اصول الكافى/باب معرفة الامام،ص 477،ط طهران.
99ـالبقرة،2: .269
100ـالفيض:علم اليقين،ج 2:ص .987
101ـالطريحي:مجمع البحرين/مادة«حوض».
102ـتفسير الجواهر/ذيل سورة الكوثر.و قد نقلنا كلامه بالتلخيص مع أدنى تغيير في العبارات
.