الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد الأول

 

 ٢٤٥ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل التاسع : النشاطات فى فتح مكّة

تمّ الاتّفاق فى صلح الحديبيّة علي أن يكفّ كلّ من الطرفين عن شنّ الحرب ، وألاّ يحرّضا حلفاءهما علي ذلك ، وألاّ يدعماهم فى حرب من الحروب . لكنّ قريش نكثت مقرّرات ذلك الصلح بتجهيز بنى بكر ـ حلفائهم ـ علي قبيلة خزاعة حليفة المسلمين ، أو بالاشتراك ليلا فى قتال ضدّها(١) .

وتناهي إلي أسماع النبىّ  ½ استشهاد عدد من المسلمين مظلومين ، واستنجاد عمرو بن سالم ـ رئيس قبيلة خزاعة ـ بأبيات مؤثّرة ، فأنجده .

وهكذا عزم علي فتح مكّة ، ومحو معالم الشرك من مركز التوحيد ، إذ لا مانع يحول دون ذلك حينئذ . فسيطر رسول الله  ½ علي مكّة عبر خطّة عسكريّة


(١) الطبقات الكبري : ٢ / ١٣٤ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ٤٤ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٥٢١ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٦٠٩ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٤ / ٣٦ ، أنساب الأشراف : ١ / ٤٤٩ .

 ٢٤٦ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل التاسع : النشاطات فى فتح مكّة

عجيبة ، وفتحها بلا إراقة دم ، ومعه أكثر من عشرة آلاف مقاتل(١) .

وشهد الإمام علىّ  ¼ هذا النصر ، وكان حضوره فيه لافتاً للنظر من وجوه :

١ ـ كان حاطب بن أبى بلتعة قد كتب إلي قريش كتاباً يخبرهم فيه بعزم النبىّ  ½ علي فتح مكّة ، وأرسله مع إحدي النساء . فاستدعي النبىّ  ½ عليّاً  ¼ ، وبعثه مع اثنين للقبض علي تلك المرأة . ولمّا لقوها وطلبوا منها دفع الكتاب إليهم أنكرت ذلك أشدّ إنكار ، ففتّشوها عدّة مرّات فلم يجدوا عندها شيئاً ، ودلّ تفتيشهم علي صحّة ما تدّعيه . فقال لها الإمام  ¼ : والله ما كَذَبنا رسولُ الله صلوات الله عليه . . . والله لتُظهرنّ الكتاب أو لأردنّ رأسك إلي رسول الله ! فاستسلمت المرأة وأخرجته من ضفيرتها ، ودفعته إليه(٢) .

٢ ـ كان سعد بن عبادة يحمل راية الإسلام ، وينادى : اليوم يوم الملحمة . . . .

فنادي رسول الله  ½ نداء الرحمة والرأفة ، وقال : اليوم يوم المرحمة . . .(٣) ، ثمّ دعا عليّاً  ¼ وأمره أن يرفع الراية مكان سعد(٤) .


(١) الطبقات الكبري : ٢ / ١٣٥ وص ١٣٩ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ٥٠ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٤ / ٤٢ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٦١٢ .
(٢) صحيح البخارى : ٤ / ١٥٥٧ / ٤٠٢٥ ، صحيح مسلم : ٤ / ١٩٤١ / ١٦١ ، مسند ابن حنبل : ١ / ١٧٣ / ٦٠٠ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٣٤١ / ٥٣٠٩ ، الطبقات الكبري : ٢ / ١٣٤ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ٤٨ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٥٢٥ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٦١١ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٤ / ٤٠ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٥٨ .
(٣) اُسد الغابة : ٢ / ٤٤٢ / ٢٠١٢ ، كنز العمّال : ١٠ / ٥١٣ / ٣٠١٧٣ نقلاً عن ابن عساكر .
(٤) تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٥٣٢ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ٥٦ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٤ / ٤٩ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٦١٤ ; الإرشاد : ١ / ١٣٥ ، شرح الأخبار : ١ / ٣٠٥ ، إعلام الوري : ١ / ٣٨٥ ، المناقب لابن شهر آشوب : ١ / ٢٠٧ و٢٠٨ .

 ٢٤٧ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل التاسع : النشاطات فى فتح مكّة

٣ ـ أعطي النبىّ  ½ الأمان للجميع بعد فتح مكّة إلاّ شرذمة من سود الضمائر المعاندين فقد أهدر دمهم ، منهم الحويرث ـ الذى كان يؤذيه كثيراً يوم كان فى مكّة ـ وامرأة مغنّية كانت تهجوه  ½ ، فقتلهما الإمام  ¼ (١) .

٢٢٤ ـ تاريخ الطبرى عن عروة بن الزبير وغيره : لمّا أجمع رسول الله  ½ المسير إلي مكّة كتب حاطب بن أبى بلتعة كتاباً إلي قريش يخبرهم بالذى أجمع عليه رسول الله  ½ من الأمر فى السير إليهم ، ثمّ أعطاه امرأة . . . وجعل لها جُعلاً علي أن تبلّغه قريشاً ، فجعلته فى رأسها ، ثمّ فتلت عليه قرونها ، ثمّ خرجت به . وأتي رسول الله  ½ الخبر من السماء بما صنع حاطب ، فبعث علىّ بن أبى طالب والزبير ابن العوّام ، فقال : أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بكتاب إلي قريش ، يحذّرهم ما قد أجمعنا له فى أمرهم .

فخرجا حتي أدركاها بالحليفة ـ حليفة ابن أبى أحمد ـ فاستنزلاها ، فالتمسا فى رحلها ، فلم يجدا شيئاً ، فقال لها علىّ بن أبى طالب : إنّى أحلف ما كذب رسول الله  ½ ولا كذبنا ، ولتخرِجِنّ إلىّ هذا الكتاب أو لنكشفنّكِ . فلمّا رأت الجدّ منه قالت : أعرض عنّى . فأعرض عنها ، فحلّت قرون رأسها ، فاستخرجت الكتاب منه ، فدفعته إليه ، فجاء به إلي رسول الله  ½ (٢) .


(١) أنساب الأشراف : ١ / ٤٥٦ و٤٥٧ ; الإرشاد : ١ / ١٣٦ .
(٢) تاريخ الطبرى : ٣ / ٤٨ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٤ / ٤٠ وفيه "خليقة" بدل "حليفة" وراجع المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٣٤١ / ٥٣٠٩ والكامل فى التاريخ : ١ / ٦١١ .

 ٢٤٨ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل التاسع : النشاطات فى فتح مكّة

٢٢٥ ـ صحيح البخارى عن عبيد الله بن أبى رافع : سمعت عليّاً   ¢ يقول : بعثنى رسول الله  ½ أنا والزبير والمقداد ، فقال : انطلقوا حتي تأتوا روضة خاخ(١) ، فإنّ بها ظعينة(٢) معها كتاب ، فخذوه منها . فانطلقنا تَعادَي بنا خيلنا حتي أتينا الروضة ، فإذا نحن بالظعينة ، قلنا لها : أخرجى الكتاب . قالت : ما معى كتاب ! فقلنا : لتُخرِجِنّ الكتاب أو لنُلقينّ الثياب . فأخرجته من عقاصها(٣) . فأتينا به رسول الله  ½ (٤) .

٢٢٦ ـ تاريخ الطبرى عن عبد الله بن أبى نجيح : إنّ النبىّ  ½ حين فرّق جيشه من ذى طوي ، أمر الزبير أن يدخل فى بعض الناس من كديً(٥) ، وكان الزبير علي المجنِّبة(٦) اليسري ، فأمر سعد بن عبادة أن يدخل فى بعض الناس من كداء(٧) . فزعم بعض أهل العلم أن سعداً قال حين وجّه داخلاً : "اليوم يوم الملحمة ، اليوم تُستحلّ الحُرمة" فسمعها رجل من المهاجرين ، فقال : يا رسول الله ، اسمع ما قال سعد بن عبادة ! وما نأمن أن تكون له فى قريش صولة ! ! فقال رسول الله  ½ لعلىّ


(١) روضة خاخ : موضع بين الحرمين بقرب حمراء الأسد من المدينة (معجم البلدان : ٢ / ٣٣٥) .
(٢) الظعينة : المرأة فى الهودج (لسان العرب : ١٣ / ٢٧١) .
(٣) العَقْص : ضرب من الضَّفر ; وهو أن يلوي الشعر علي الرأس ; ولهذا تقول النساء : لها عِقْصة ، وجمعها عِقَص وعِقاص وعقائص ، ويقال : هى التى تتّخذ من شعرها مثل الرمّانة (لسان العرب : ٧ / ٥٦) .
(٤) صحيح البخارى : ٤ / ١٥٥٧ / ٤٠٢٥ ، صحيح مسلم : ٤ / ١٩٤١ / ١٦١ ، مسند ابن حنبل : ١ / ١٧٣ / ٦٠٠ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٥٢٥ .
(٥) كُدا ـ بالضمّ والقصر : الثنية السفلي مما يلى باب العمرة (لسان العرب : ١٥ / ٢١٨) .
(٦) المُجنِّبتان من الجيش : الميمنة والميسرة (لسان العرب : ١ / ٢٧٦) .
(٧) كَداء ـ بالفتح والمد : الثنية العليا بمكّة ممّا يلى المقابر ، وهو المعلي (لسان العرب : ١٥ / ٢١٨) .

 ٢٤٩ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل التاسع : النشاطات فى فتح مكّة

ابن أبى طالب : أدركه فخذ الراية ، فكُن أنت الذى تدخل بها(١) .

٢٢٧ ـ أنساب الأشراف : أمّا الحويرث بن نقيذ ، فكان يعظم القول فى رسول الله  ½ ، وينشد الهجاء فيه ، ويكثر أذاه ، وهو بمكّة . فلمّا كان يوم الفتح هرب من بيته ، فلقيه علىّ بن أبى طالب فقتله(٢) .

راجع : القسم العاشر / الخصائص العقائديّة / امتحن الله قلبه للإيمان .


(١) تاريخ الطبرى : ٣ / ٥٦ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٤ / ٤٨ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٦١٤ وراجع المغازى : ٢ / ٨٢١ والإرشاد : ١ / ١٣٤ وشرح الأخبار : ١ / ٣٠٥ ، وإعلام الوري : ١ / ٣٨٥ والمناقب لابن شهر آشوب : ١ / ٢٠٧ .
(٢) أنساب الأشراف : ١ / ٤٥٦ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٦١٦ وراجع المغازى : ٢ / ٨٥٧ .


إرجاعات 
١٢٨ - المجلد التاسع / القسم العاشر : خصائص الإمام عليّ / الفصل الأوّل : الخصائص العقائديّة / امتحن الله قلبه للإيمان

 ٢٥٠ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل التاسع : النشاطات فى فتح مكّة

 ٢٥١ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل العاشر : المقاومة الرائعة فى غزوة حنين

ألقي فتح مكّة الرعب فى قلوب المشركين ، والذعر والفزع فى نفوسهم ; فتشاورت قبيلتا الطائف المهمّتان هوازن وثقيف مع بعض القبائل الاُخري ، فعزمتا علي المسارعة إلي مواجهة جيش الإسلام قبل أن يقبل عليهم ، وجمعتا جيشاً ضخماً بقيادة شابّ باسل شجاع يدعي : مالك بن عوف النصرى ، وسار الجيش نحو المسلمين(١) .

وبادر النبىّ  ½ إلي مواجهتهم علي رأس جيش عظيم يتألّف من اثنى عشر ألفاً ; عشرة آلاف من يثرب ، وألفين من المسلمين الجدد ، وبلغت عظمة الجيش درجةً جعلت البعض يصاب بغرور زائف حتي قال : لا نُغلب اليوم من قلّة(٢) .


(١) السيرة النبويّة لابن هشام : ٤ / ٨٠ ، الطبقات الكبري : ٢ / ١٤٩ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ٧٠ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٦٢٤ .
(٢) الطبقات الكبري : ٢ / ١٥٠ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٤ / ٨٣ وص ٨٧ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٦٢٥ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ٧٣ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٥٧٤ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٦٢ ، الإرشاد : ١ / ١٤٠ .

 ٢٥٢ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل العاشر : المقاومة الرائعة فى غزوة حنين

وأمر مالك جيشه بالاختباء خلف الأحجار والصخور وشعاب الجبال والنقاط المرتفعة فى آخر الوادى الذى كان ممرّاً إلي منطقة حنين . ولمّا وصل الجيش الإسلامى هناك رُشق بالسهام والحجارة ، فمُنى بالهزيمة والانكسار ، وحدث ما حدث ، وفرّ كثير من جيش رسول الله  ½ (١) ، حتي قال أبو سفيان مستهزئاً : لا تنتهى هزيمتهم دون البحر(٢) .

وفى ساعة العسرة هذه لم يبقَ مع رسول الله  ½ إلاّ قليل ; قرابة عشرة ، فاستماتوا فى الدفاع عنه ، وفيهم أمير المؤمنين  ¼ فكان لا يفتأ يحوم حوله مدافعاً ، وهزم من كان يريد قتل النبىّ  ½ ، وأجبرهم علي الفرار(٣) .

وصاح النبىّ  ½ بصوت عال فى خضمّ تلك الشدائد والنوازل قائلا : يا أنصار الله وأنصار رسوله ، أنا عبد الله ورسوله ! ثمّ ساق بغلته نحو العدوّ ومعه عدد من الصحابة ، وأمر عمّه العبّاس أن ينادى المسلمين بصوته الجهورىّ ويدعوهم إلي نصرته . وهكذا انتظم أمر الجيش مرّة اُخري(٤) .

إنّ ثبات علىّ  ¼ وقتاله بلا هوادة فى هذه المعركة لافتان للنظر أيضاً ، فقد قتل


(١) الطبقات الكبري : ٢ / ١٥١ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ٧٤ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٤ / ٨٥ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٦٢٥ .
(٢) تاريخ الطبرى : ٣ / ٧٤ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٦٢٦ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٥٧٦ .
(٣) الطبقات الكبري : ٢ / ١٥١ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ٧٤ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٤ / ٨٥ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٦٢٥ .
(٤) تاريخ الطبرى : ٣ / ٧٥ ، الطبقات الكبري : ٢ / ١٥١ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٤ / ٨٧ ; الإرشاد : ١ / ١٤٢ .

 ٢٥٣ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل العاشر : المقاومة الرائعة فى غزوة حنين

أربعين من هوازن(١) ، وفيهم أبو جرول ; وهو أحد شجعانهم ، وكان هلاكه بداية لانهيار جيشهم(٢) .

ولاحق النبىّ  ½ الفارّين ، وحاصر قلعتهم بالطائف . وفى هذا الحصار اشتبك الإمام  ¼ مع نافع بن غيلان فقتله ، فولّي جمع من المشركين مدبرين ، وأسلم آخرون(٣) .

يضاف إلي هذا أنّ الإمام  ¼ كلّف عند الحصار بكسر الأصنام التى كانت حول الطائف ، وقد أنجز هذه المهمّة بأحسن ما يكون(٤) .

قال الشيخ المفيد رضوان الله عليه فى حضور الإمام  ¼ هذه الغزوة : "فانظر الآن إلي مناقب أمير المؤمنين  ¼ فى هذه الغزاة وتأملّها وفكّر فى معانيها تجده قد تولّي كلّ فضل كان فيها ، واختصّ من ذلك بما لم يشركه فيه أحد من الاُمّة"(٥) .

ويتسنّي لنا الآن ـ بناءً علي ما ذكرنا وما جاء فى الوقائع التاريخيّة ـ أن نسجّل دور الإمام  ¼ فى النقاط الآتية :

١ ـ حمله راية المهاجرين .

٢ ـ حضوره المهيب فى احتدام القتال وهجوم العدوّ بلا هوادة ، ودفعه الخطر


(١) الكافى : ٨ / ٣٧٦ / ٥٦٦ ، الإرشاد : ١ / ١٤٤ وص ١٥٠ .
(٢) الإرشاد : ١ / ١٤٣ وص ١٥٠ وراجع مسند أبى يعلي : ٢ / ٣٤٤ / ١٨٥٨ وتاريخ الطبرى : ٣ / ٧٦ والسيرة النبويّة لابن هشام : ٤ / ٨٨ .
(٣) الإرشاد : ١ / ١٥٣ .
(٤) الإرشاد : ١ / ١٥٢ ، تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٦٤ .
(٥) الإرشاد : ١ / ١٤٩ .

 ٢٥٤ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل العاشر : المقاومة الرائعة فى غزوة حنين

عن النبىّ  ½ فى أحرج اللحظات التى فرّ فيها الكثيرون .

٣ ـ قتلُه أبا جرول والذى استتبع انهيار جيش هوازن .

٤ ـ قتله أربعين من مقاتلى هوازن .

٥ ـ قيادته لكتيبة كانت قد تعبّأت من أجل إزالة الأصنام .

٦ ـ مبارزة شهاب ـ من قبيلة خثعم ـ الذى لم يجرأ أحد من المسلمين علي مبارزته ، فهبّ الإمام  ¼ إليه وقضي عليه .

٧ ـ قتله نافعاً ، الذى أدّي إلي إسلام الكثيرين .

٢٢٨ ـ تاريخ اليعقوبى : بلغ رسول الله وهو بمكّة أنّ هوازن قد جمعت بحنين جمعاً كثيراً ، ورئيسهم مالك بن عوف النصرى ، ومعهم دريد بن الصمّة من بنى جشم ; شيخ كبير يتبرّكون برأيه ، وساق مالك مع هوازن أموالهم وحرمهم . فخرج إليهم رسول الله فى جيش عظيم عدّتهم اثنا عشر ألفاً ; عشرة آلاف أصحابه الذين فتح بهم مكّة ، وألفان من أهل مكّة ممّن أسلم طوعاً وكرهاً ، وأخذ من صفوان بن اُميّة مائة درع وقال : "عارية مضمونة" . فأعجبت المسلمين كثرتُهم ، وقال بعضهم : ما نؤتي من قلّة . فكره رسول الله ذلك من قولهم .

وكانت هوازن قد كمنت فى الوادى ، فخرجوا علي المسلمين ; وكان يوماً عظيم الخطب ، وانهزم المسلمون عن رسول الله ، حتي بقى فى عشرة من بنى هاشم ، وقيل تسعة ، وهم : علىّ بن أبى طالب ، والعبّاس بن عبد المطّلب ، وأبو سفيان بن الحارث ، ونوفل بن الحارث ، وربيعة بن الحارث ، وعتبة ومعتّب ابنا أبى لهب ، والفضل بن العبّاس ، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطّلب ، وقيل :

 ٢٥٥ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل العاشر : المقاومة الرائعة فى غزوة حنين

أيمن بن اُمّ أيمن . قال الله عزّ وجلّ : ³ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَْرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ  ± ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَي الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا  ²  (١) (٢) .

٢٢٩ ـ تاريخ الإسلام عن الواقدىّ : سار رسول الله  ½ من مكّة لستٍّ خلونَ من شوّال فى اثنى عشر ألفاً ، فقال أبو بكر : لا نُغلب اليوم من قلّة . فانتهوا إلي حُنين لعشر خلونَ من شوّال . وأمر النبىّ  ½ أصحابه بالتعبئة ، ووضع الألوية والرايات فى أهلها ، وركب بغلته ، ولبس دِرعين والمِغفر والبيضة . فاستقبلهم من هوازن شيءٌ لم يرَوا مثله من السواد والكثرة ، وذلك فى غبش الصبح . وخرجت الكتائب من مضيق الوادى وشعبه ، فحملوا حملةً واحدة ، فانكشفت خيل بنى سليم مُولّيةً ، وتبعهم أهل مكّة ، وتبعهم الناس(٣) .

٢٣٠ ـ السيرة النبويّة عن جابر بن عبد الله : لمّا استقبلنا وادى حنين انحدرنا فى واد من أودية تهامة أجوف حَطُوط(٤) ، إنّما ننحدر فيه انحداراً ، ـ قال : ـ وفى عَماية الصبح(٥) . وكان القوم قد سبقونا إلي الوادى ، فكمنوا لنا فى شِعابه وأحنائه ومضايقه ، وقد اجمعوا وتهيّؤوا وأعدّوا . فو الله ما راعنا ونحن منحطّون إلاّ الكتائب قد شدُّوا علينا شدّة رجل واحد ، وانشمر الناس راجعين لا يلوى أحد علي أحد ، وانحاز رسول الله  ½ ذات اليمين ، ثمّ قال : أين ! ! أيّها الناس هلمُّوا


(١) التوبة : ٢٥ و٢٦ .
(٢) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٦٢ ، الإرشاد : ١ / ١٤٠ نحوه .
(٣) تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٥٧٤ وراجع المغازى : ٣ / ٨٩٠ .
(٤) أجوف : واسع الجوف والحَطُوط : الأكمة الصعبة الانحدار (لسان العرب : ٩ / ٣٥ وج ٧ / ٢٧٤) .
(٥) عَماية الصبح : بقيّة ظلمة الليل (لسان العرب : ١٥ / ٩٨) .

 ٢٥٦ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل العاشر : المقاومة الرائعة فى غزوة حنين

إلىّ ! أنا رسول الله ، أنا محمّد بن عبد الله . قال : فلا شىء ; حمَلت الإبل بعضها علي بعض ، فانطلق الناس ، إلاّ أنّه قد بقى مع رسول الله  ½ نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته . وفيمن ثبت معه . . . من أهل بيته علىّ بن أبى طالب(١) .

٢٣١ ـ مسند أبى يعلي عن جابر : كان أيّام هوازن رجل جسيم ، علي جمل أحمر ، فى يده راية سوداء ، إذا أدرك طعن بها ، وإذا فاته شىء من بين يديه دفعها من خلفه فأبعده . فعمد له علىّ بن أبى طالب ورجل من الأنصار كلاهما يريده ـ قال : ـ فضربه علىّ علي عرقوبى الجمل ، فوقع علي عجزه ، ـ قال : ـ وضرب الأنصارى ساقه ـ قال : ـ فطرح قدمه بنصف ساقه ، فوقع ، واقتتل الناس(٢) .

٢٣٢ ـ الإرشاد : أقبل رجل من هوازن علي جمل له أحمر ، بيده راية سوداء فى رأس رمح طويل أمام القوم ، إذا أدرك ظفراً من المسلمين أكبّ عليهم ، وإذا فاته الناس رفعه لمن وراءه من المشركين فاتّبعوه ، وهو يرتجز ويقول :

أنا أبو جرول لا بَراحُ(٣) حتي نُبيحَ القومَ أو نُباحُ

فصمد له أمير المؤمنين  ¼ ، فضرب عجز بعيره فصرعه ، ثمّ ضربه فقطره ، ثمّ قال :

قد عَلم القومُ لدَي الصباحِ أنّىَ فى الهيجاء ذو نصاحِ

فكانت هزيمة المشركين بقتل أبى جرول لعنه الله(٤) .


(١) السيرة النبويّة لابن هشام : ٤ / ٨٥ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ٧٤ .
(٢) مسند أبى يعلي : ٢ / ٣٤٤ / ١٨٥٨ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ٧٦ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٤ / ٨٨ كلاهما نحوه .
(٣) البراح : الظهور والبيان (لسان العرب : ٢ / ٤٠٩) .
(٤) الإرشاد : ١ / ١٤٢ ، كشف الغمّة : ١ / ٢٢٢ .

 ٢٥٧ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل العاشر : المقاومة الرائعة فى غزوة حنين

٢٣٣ ـ الإرشاد : لمّا قتل أمير المؤمنين  ¼ أبا جرول وخُذل القوم لقتله ، وضع المسلمون سيوفهم فيهم ، وأمير المؤمنين  ¼ يقدمهم حتي قتل أربعين رجلاً من القوم ، ثمّ كانت الهزيمة والأسر حينئذ(١) .

٢٣٤ ـ مسند أبى يعلي عن أنس : كان علىّ بن أبى طالب   ¢ يومئذ [أى يوم حنين ]أشدّ الناس قتالاً بين يديه [  ½ ](٢) .

٢٣٥ ـ الإمام الصادق  ¼ : قتل علىّ بن أبى طالب  ¼ بيده يوم حنين أربعين(٣) .

٢٣٦ ـ الإرشاد ـ فى ذكر وقايع بعد غزوة حنين ـ ثمّ سار بنفسه إلي الطائف فحاصرهم أيّاماً ... ـ : ثمّ خرج من حصن الطائف نافع بن غيلان بن معتب فى خيل من ثقيف ، فلقيه أمير المؤمنين  ¼ ببطن وَجٍّ(٤) فقتله ، وانهزم المشركون ، ولحق القوم الرعب ، فنزل منهم جماعة إلي النبىّ  ½ فأسلموا . وكان حصار النبىّ  ½ الطائفَ بضعة عشر يوماً(٥) .


(١) الإرشاد : ١ / ١٤٤ ، كشف الغمّة : ١ / ٢٢٣ ، إعلام الوري : ١ / ٣٨٧ ، كشف اليقين : ١٧٥ نحوه .
(٢) مسند أبى يعلي : ٣ / ٤٤٣ / ٣٥٩٤ ، المعجم الأوسط : ٣ / ١٤٨ / ٢٧٥٨ وفيه "مِن أشدّ" بدل "أشدّ" .
(٣) الكافى : ٨ / ٣٧٦ / ٥٦٦ عن عجلان ، كشف الغمّة : ٢ / ٨٣ من دون إسناد إلي معصوم .
(٤) وَجٌّ : الطائف (معجم البلدان : ٥ / ٣٦١) .
(٥) الإرشاد : ١ / ١٥٣ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٤٥ ، إعلام الوري : ١ / ٢٣٣ وليس فيهما من "و لحق القوم . . ." .