الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد الأول

 

 ٢٢١ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل السابع : الشجاعة والأدب فى الحديبيّة

عزم رسول الله  ½ علي التوجّه إلي مكّة فى السنّة السادسة من الهجرة قاصداً العمرة ، فسار حتي الحديبيّة ، فعلمت قريش بمسيره ، فخرجت من مكّة . واُخبر النبىّ  ½ أنّ قريش عازمة علي صدّه ومنعه من دخول مكّة .

وبعثت قريش ممثّلاً عنها للتفاوض مع النبىّ  ½ ، كما بعث النبىّ  ½ ممثلا عنه أيضاً ، فقرّروا أن يرجع النبىّ  ½ تلك السنة ولا يدخل مكّة(١) . وعقدوا علي ذلك صلحاً بينهم ، فكتب الإمام علىّ  ¼ نصّ الصلح بيده(٢) .

١٩٣ ـ الإرشاد عن فايد مولي عبد الله بن سالم : لمّا خرج رسول الله  ½ فى عمرة الحديبيّة نزل الجحفة فلم يجد بها ماءً ، فبعث سعد بن مالك بالروايا ، حتي إذا كان


(١) الطبقات الكبري : ٢/٩٥ ، تاريخ الطبرى : ٢/٦٢٠ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٢/٣٦٣ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٣ / ٣٢١ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٥٨٢ ، المغازى : ٢ / ٥٧١ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٥٤ .
(٢) الطبقات الكبري : ٢ / ٩٧ ، تاريخ الطبرى : ٢ / ٦٣٤ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٣ / ٣٣١ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٥٨٥ ، المغازى : ٢ / ٦١٠ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٥٤ .

 ٢٢٢ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل السابع : الشجاعة والأدب فى الحديبيّة

غير بعيد رجع سعد بالروايا فقال : يا رسول الله ، ما أستطيع أن أمضى ! لقد وقفت قدماى رُعباً من القوم ! ! فقال له النبىّ  ½ : اجلس .

ثمّ بعث رجلاً آخر ، فخرج بالروايا حتي إذا كان بالمكان الذى انتهي إليه الأوّل رجع ، فقال له النبىّ  ½ : لِمَ رجعت ؟ ! فقال : والذى بعثك بالحقّ ما استطعت أن أمضى رُعباً ! !

فدعا رسول الله  ½ أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب صلوات الله عليهما ، فأرسله بالروايا ، وخرج السقاة وهم لا يشكّون فى رجوعه لما رأوا من رجوع من تقدّمه ، فخرج علىّ  ¼ بالروايا ، حتي ورد الحِرار(١) فاستقي ، ثمّ أقبل بها إلي النبىّ  ½ ولها زجل(٢) ، فكبّر النبىّ  ½ ، ودعا له بخير(٣) .

١٩٤ ـ صحيح البخارى عن البراء بن عازب : لمّا صالح رسول الله  ½ أهل الحديبيّة ، كتب علىّ بينهم كتاباً ، فكتب : محمّد رسول الله  ½ ، فقال المشركون : لا تكتب "محمّد رسول الله" ; لو كنت رسولا لم نقاتلك ! ! فقال لعلىّ : امحُه . فقال علىّ : ما أنا بالذى أمحاه ، فمحاه رسول الله  ½ بيده(٤) .

١٩٥ ـ الإمام علىّ  ¼ : إنّى كنت كاتب رسول الله  ½ يوم الحديبيّة ، فكتبت : هذا


(١) حِرار : جمع حَرّة ـ وهى كثيرة فى بلاد العرب ; كحرّة أوطاس وحرّة تبوك ـ وهى أرض ذات حجارة سود نخرة كأنّها اُحرقت بالنار (تقويم البلدان : ٢ / ٢٣٤ و٢٤٥) .
(٢) الزَّجَل : الصوت (المحيط فى اللغة : ٧ / ٢٣) .
(٣) الإرشاد : ١ / ١٢١ وراجع الإصابة : ٥ / ٢٦٩ / ٦٩٧٢ .
(٤) صحيح البخارى : ٢ / ٩٦٠ / ٢٥٥١ ، صحيح مسلم : ٣ / ١٤٠٩ / ٩٠ ، مسند ابن حنبل : ٦/٤٢٠/١٨٥٩١ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٣٣٤ / ١٩١ ، السنن الكبري : ٥/١١١/٩١٨٩ نحوه وراجع صحيح البخارى : ٣ / ١١٦٣ / ٣٠١٣ وسنن الدارمى : ٢ / ٦٨٧ / ٢٤١٢ وخصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٣٣٦ / ١٩٢ .

 ٢٢٣ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل السابع : الشجاعة والأدب فى الحديبيّة

ما صالح عليه محمّد رسول الله وسهيل بن عمرو . فقال سهيل : لو علمنا أنّه رسول الله ما قاتلناه ! أمحُها . قلت : هو والله رسول الله  ½ وإن رغم أنفك ، لا والله لا أمحوها ! فقال لى رسول الله  ½ : أرِنيه ، فأريته ، فمحاها(١) .

راجع : القسم العاشر / الخصائص العقائديّة / امتحن الله قلبه للإيمان .

القسم السادس / وقعة صفّين / تعيين الحكم / وثيقة التحكيم .


(١) خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٣٣٣ / ١٩٠ عن علقمة بن قيس .


إرجاعات 
١٢٨ - المجلد التاسع / القسم العاشر : خصائص الإمام عليّ / الفصل الأوّل : الخصائص العقائديّة / امتحن الله قلبه للإيمان
٢٠٦ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل الثاني عشر : تعيين الحَكَم / وثيقة التحكيم

 ٢٢٤ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل السابع : الشجاعة والأدب فى الحديبيّة

 ٢٢٥ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

تحظي وقعة خيبر بشأن خاصّ بين وقائع النبىّ  ½ ; ففيها هزم  ½ يهود خيبر ، وقوّض مركز التآمر علي دينه وحكومته الجديدة . فكانت حصون اليهود فى منطقة خصبة شمال غربىّ المدينة تبعد عنها حوالى (٢٠٠) كيلومتر ، تدعي خيبر(١) .

وكان اليهود القاطنون فى هذه الحصون يضمرون حقداً للنبىّ  ½ والمؤمنين والدولة الإسلاميّة منذ الأيّام الاُولي لاتّساع الرسالة ، ولم يدّخروا وسعاً للكيد بهم ، بل إنّ حرب الأحزاب شُنَّت علي الإسلام بدعمهم العسكرى والمالى . وبهذا يتّضح أنّهم كانوا أعداءً لُدّاً ومتآمرين يتحرّقون حنقاً علي الرسالة ونبيّها الكريم  ½ (٢) .


(١) معجم البلدان : ٢ / ٤٠٩ ، الطبقات الكبري : ٢ / ١٠٦ .
(٢) تاريخ الطبرى : ٢ / ٥٦٥ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٢٨٤ ، المغازى : ٢ / ٤٤١ .

 ٢٢٦ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

وحين اطمأنّ رسول الله  ½ من قريش بعد صلح الحديبيّة ، توجّه نحو خيبر ; لفتح حصونها ، والقضاء علي وكر التآمر(١) . ووجود عشرة آلاف مقاتل ، وحصون حصينة منيعة لا تُقهر ، وقدرات ومعدّات كثيرة داخلها ، وأضغان راسخة في قلوب اليهود المتواجدين داخل الحصن شدّت من عزائمهم لمحاربة النبىّ  ½ شكّل دلالة علي الأهمّيّة الخاصّة لوقعة خيبر .

وكان للإمام أمير المؤمنين  ¼ فيها مظهر عجيب ، وله فى فتحها العظيم دور لا يضاهي ولا يباري يتمثّل فيما يلى :

١ ـ كانت راية الإسلام فى هذه المعركة بيد الإمام على  ¼ المقتدرة كما فى غيرها من الحروب والغزوات(٢) .

٢ ـ لمّا فتحت كلّ الحصون ، واستعصي حصن "الوطيح" و"السلالم" ـ إذ كانا من أحكم الحصون ، وزحف المسلمون نحوهما مرّتين : الاُولي بقيادة أبى بكر ، والاُخري بقيادة عمر ، لكنّهما أخفقا فى فتحهما ـ انتدب النبىّ  ½ عليّاً  ¼ ، وكان مريضاً لا يقدر علي القتال فدعا النبىّ  ½ ، فشفى ، وفتح الله علي يديه ، وتمكّن الجيش الإسلامى العظيم من فتح ذينك الحصنين اللذين كان فتحهما لا يصدّق ولا يخطر ببال أحد(٣) .


(١) المغازى : ٢ / ٦٣٧ .
(٢) الطبقات الكبري : ٢ / ١٠٦ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٣ / ٣٤٢ ، المغازى : ٢ / ٦٤٩ وص ٦٥٥ ; الإرشاد : ١ / ١٢٦ .
(٣) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٣٩ ـ ٤١ ، المصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٤٩٧ / ١٧ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائى  ¼ : ٥٦ / ١٤ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ١١ ـ ١٣ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٤١٠ ـ ٤١٢ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٥٩٦ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٣ / ٣٤٩ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٩٣ ، دلائل النبوّة للبيهقى : ٤ / ٢١٠ .

 ٢٢٧ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

٣ ـ جندل الإمامُ  ¼ الحارثَ ـ المقاتل اليهودىّ المغرور ، الذى كانت الأبدان ترتجف من صيحاته عند القتال ـ بضربة قاصمة ، كما قدّ مرحب ـ الذى لم يجرأ أحد علي مواجهته ـ نصفين(١) .

٤ ـ لمّا أخفق المسلمون فى فتح الحصنين المذكورين وأوشك الرعب أن يسيطر علي القلوب ، قال رسول الله  ½ عبارته العظيمة الرائعة المشهورة : "لاُعطينّ الراية غداً رجلا يحبّ اللهَ ورسولَه ويحبّه اللهُ ورسولُه"(٢) ، والاُخري : "كرّاراً غير فرّار"(٣) ، يريد بذلك عليّاً صلوات الله عليه ، فأحيا الأمل فى النفوس بالنصر .

٥ ـ قلع الإمام  ¼ باب قلعة قموص وحده ، وكان لا يحرّكه إلاّ أربعون رجلا !(٤)


(١) مسند ابن حنبل : ٩ / ٢٨ / ٢٣٠٩٣ ، السنن الكبري : ٩ / ٢٢٢ / ١٨٣٤٦ ، فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٦٠٤ / ١٠٣٤ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٥٩ / ١٥ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ١٣ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٤١١ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٥٩٦ و٥٩٧ ، المغازى : ٢ / ٦٥٤ ، الطبقات الكبري : ٢ / ١١٢ .
(٢) السيرة النبويّة لابن هشام : ٣ / ٣٤٩ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٦٠ / ١٦ ، المصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٤٩٧ / ١٧ ، تاريخ بغداد : ٨ / ٥ / ٤٠٣٦ ، الطبقات الكبري : ٢ / ١١١ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ١٢ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٨٥ / ٨٤٢٨ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٤٠٨ وص ٤١٠ ; الخصال : ٣١١ / ٨٧ ، علل الشرائع : ١٦٢ / ١ ، الأمالى للطوسى : ١٧١ / ٢٨٧ .
(٣) الكافى : ٨ / ٣٥١ / ٥٤٨ ، الإرشاد : ١ / ٦٤ ، تحف العقول : ٤٥٩ ، الأمالى للمفيد : ٥٦ / ١ ، تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٥٦ ، الخرائج والجرائح : ١ / ١٥٩ / ٢٤٩ ; المناقب للخوارزمى : ١٧٠ / ٢٠٣ ، كنز العمّال : ١٣ / ١٢٣ / ٣٦٣٩٣ .
(٤) المصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٥٠٧ / ٧٦ ، دلائل النبوّة للبيهقى : ٤ / ٢١٢ ، تاريخ بغداد : ١١ / ٣٢٤ / ٦١٤٢ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٤١٢ ، المناقب للخوارزمى : ١٧٢ / ٢٠٧ ; الأمالى للصدوق : ٦٠٤ / ٨٣٩ .

 ٢٢٨ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

١٩٦ ـ رسول الله  ½ ـ فى يوم فتح خيبر : لاُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، كرّاراً غير فرّار ، لا يرجع حتي يفتح الله علي يديه(١) .

١٩٧ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى فتح خيبر : إنّ رسول الله  ½ بعث أبا بكر ، فسار بالناس ، فانهزم حتي رجع إليه . وبعث عمر ، فانهزم بالناس حتي انتهي إليه . فقال رسول الله  ½ : لاُعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، يفتح الله له ، ليس بفرّار . فأرسل إلىّ فدعانى ، فأتيته وأنا أرمد لا أبصر شيئاً ، فتفل فى عينى وقال : اللهمّ اكفِه الحرّ والبرد . قال : فما آذانى بعدُ حرٌّ ولا برد(٢) .

١٩٨ ـ مجمع الزوائد عن ابن عبّاس : بعث رسول الله  ½ إلي خيبر ـ أحسبه قال :


(١) الكافى : ٨ / ٣٥١ / ٥٤٨ عن عدّة من أبناء المهاجرين والأنصار ، الإرشاد : ١ / ٦٤ ، الإفصاح : ٣٤ وص ١٣٢ ، الأمالى للطوسى : ٣٨٠ / ٨١٧ عن أبى هريرة ، الاحتجاج : ٢ / ٢٥ / ١٥٠ عن الإمام الحسن  ¼ عنه  ½ ، شرح الأخبار : ١ / ١٤٨ / ٨٦ عن بريدة وفيه "يفتح خيبر عنوة" بدل "لا يرجع . . ." ، عوالى اللآلى : ٤ / ٨٨ / ١١١ ، إعلام الوري : ١ / ٢٠٧ عن الواقدى ، الفضائل لابن شاذان : ١٢٨ ; المناقب للخوارزمى : ١٧٠ / ٢٠٣ كلاهما عن عمر .
(٢) المصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٤٩٧ / ١٧ ، مسند البزّار : ٢ / ١٣٦ / ٤٩٦ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٥٤ / ١٣ كلّها عن أبى ليلي ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٣ / ٣٤٩ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٣٧ وج ٤ / ١٨٦ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٨٩ والأربعة الأخيرة عن سلمة بن عمرو بن الأكوع ، المناقب لابن المغازلى : ١٨١ / ٢١٧ عن أبى هريرة والخمسة الأخيرة من دون إسناد إليه  ¼ ; الخصال : ٥٥٥ / ٣١ عن عامر بن واثلة ، الأمالى للطوسى : ٥٤٦ / ١٦٨ عن أبى ذرّ ، شرح الأخبار : ١ / ٣٠٢ / ٢٨٣ والثمانية الأخيرة نحوه ، إعلام الوري : ١ / ٣٦٤ عن أبى ليلي وراجع مسند ابن حنبل : ٩ / ١٩ / ٢٣٠٥٤ .

 ٢٢٩ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

أبا بكر ـ فرجع منهزماً ومَن معه ، فلمّا كان من الغد بعث عمر ، فرجع منهزماً يجبّن أصحابه ويجبّنه أصحابه . فقال رسول الله  ½ : لاُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، لا يرجع حتي يفتح الله عليه .

فثار الناس ، فقال : أين علىّ ؟ فإذا هو يشتكى عينيه ، فتفل فى عينيه ، ثمّ دفع إليه الراية ، فهزّها ، ففتح الله عليه(١) .

١٩٩ ـ مسند ابن حنبل عن أبى سعيد الخدرىّ : إنّ رسول الله  ½ أخذ الراية فهزّها ، ثمّ قال : مَن يأخذها بحقّها ؟ فجاء فلان فقال : أنا ، قال : أمِط . ثمّ جاء رجل فقال : أمِط ، ثمّ قال النبىّ  ½ : والذى كرّم وجه محمّد لاُعطينّها رجلاً لا يفرّ ، هاك يا علىّ . فانطلق حتي فتح الله عليه خيبر وفدك ، وجاء بعَجوتهما(٢) وقَديدهما(٣) (٤) .

٢٠٠ ـ الطبقات الكبري : سريّة علىّ بن أبى طالب إلي بنى سعد بن بكر بفَدَك(٥)


(١) مجمع الزوائد : ٩ / ١٦٥ / ١٤٧١٧ وراجع الإفصاح : ٨٦ والمناقب للكوفى : ٢ / ٤٩٨ / ١٠٠١ والخرائج والجرائح : ١ / ١٥٩ / ٢٤٩ .
(٢) العَجْوة : ضرب من أجود التمر بالمدينة (لسان العرب : ١٥ / ٣١) .
(٣) القديد :اللحم المملوح المجفّف فى الشمس (النهاية :٤ / ٢٢) .
(٤) مسند ابن حنبل : ٤ / ٣٤ / ١١١٢٢ ، فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٥٨٣ / ٩٨٧ وليس فيه "و فدك" ، مسند أبى يعلي : ٢ / ١١٧ / ١٣٤١ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ١٠٤ / ٨٤٦١ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٣٩ ; شرح الأخبار : ١ / ٣٢١ / ٢٨٦ ، المناقب للكوفى : ٢ / ٤٩٥ / ٩٩٥ وفيهما "فجاء الزبير" بدل "فجاء فلان" وكلاهما نحوه .
(٥) قرية من قري اليهود بينها وبين المدينة يومان ،و كانت لرسول الله  ½ لانّه فتحها هو وأمير المؤمنين  ¼ فزال عنها حكم الفىء ولزمها اسم الانفال ، فلمّا نزل ³ وَآتِ ذَا الْقُرْبَي حَقَّهُ  ² 
أى أعطِ فاطمة    £ فدكاً ، أعطاها رسول الله  ½ إيّاها ، وكانت فى يد فاطمة    £ إلي أن توفّى رسول الله  ½ فاُخذت من فاطمة بالقهر والغلبة (مجمع البحرين :٣ / ١٣٧٠) .

 ٢٣٠ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

فى شعبان سنة ستّ من مُهاجَر رسول الله  ½ .

قالوا : بلغ رسول الله  ½ أنّ لهم جَمعاً يريدون أن يُمِدّوا يهود خيبر ، فبعث إليهم علىّ بن أبى طالب فى مائة رجل ، فسار الليل وكمن النهار حتي انتهي إلي الهَمَج ; وهو ماء بين خيبر وفدك ، وبين فدك والمدينة ستّ ليال ، فوجدوا به رجلاً ، فسألوه عن القوم فقال : اُخبركم علي أنّكم تؤمنونى ، فآمنوه فدلّهم ، فأغاروا عليهم ، فأخذوا خمسمائة بعير وألفَى شاة ، وهربت بنو سعد بالظُّعُن(١) ورأسهم وَبَر بن عُليم .

فعزل علىّ صفىّ النبىّ  ½ ، لَقوحاً(٢) تدعي الحفذة ، ثمّ عزل الخُمس ، وقسّم سائر الغنائم علي أصحابه ، وقدم المدينة ولم يلقَ كيداً(٣) .

٢٠١ ـ المغازى عن يعقوب بن عتبة : بعث رسول الله  ½ عليّاً  ¼ فى مائة رجل إلي حىّ سعد بفدك ، وبلغ رسولَ الله  ½ أنّ لهم جَمعاً يريدون أن يُمدّوا يهودَ خيبر ، فسار الليل وكمن النهار حتي انتهي إلي الهَمَج ، فأصاب عيناً فقال : ما أنت ؟ هل لك علم بما وراءك من جَمع بنى سعد ؟ قال : لا علم لى به .

فشدّوا عليه فأقرّ أنّه عين لهم بعثوه إلي خيبر يعرض علي يهود خيبر نصرهم علي أن يجعلوا لهم من تمرهم كما جعلوا لغيرهم ويقدمون عليهم ، فقالوا له : فأين القوم ؟ قال : تركتهم وقد تجمّع منهم مائتا رجل ، ورأسهم وَبَر بن عُليم . قالوا : فسِر بنا حتي تدلّنا . قال : علي أن تؤمِّنونى . قالوا : إن دللتنا عليهم وعلي


(١) الظُّعُن : النساء ، وأصل الظَّعِينة : الراحلة التى يُرحل ويُسار عليها (النهاية : ٣ / ١٥٧) .
(٢) ناقة لَقُوح : إذا كانت غزيرة اللبن (النهاية : ٤ / ٢٦٢) .
(٣) الطبقات الكبري : ٢ / ٨٩ وراجع تاريخ الطبرى : ٢ / ٦٤٢ والكامل فى التاريخ : ١ / ٥٨٩ وتاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٣٥٥ وتاريخ اليعقوبى : ٢ / ٧٣ .

 ٢٣١ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

سَرْحهم(١) أمَّنّاك ، وإلاّ فلا أمان لك . قال : فذاك .

فخرج بهم دليلا لهم حتي ساءَ ظنُّهم به ، وأوفي بهم علي فَدافِد وآكام(٢) ، ثمّ أفضي بهم إلي سهولة فإذا نَعَمٌ كثيرٌ وشاءٌ ، فقال : هذا نَعَمهم وشاؤهم . فأَغاروا عليه فضمّوا النَّعَمَ والشاءَ . قال : أرسلونى . قالوا : لا ، حتي نأمن الطلب .

ونَذَر بهم الراعى رِعاءَ(٣) الغنم والشاء ، فهربوا إلي جَمعهم فحذَّروهم ، فتفرّقوا وهربوا ، فقال الدليل : عَلامَ تحبسنى ؟ قد تفرّقت الأعراب وأنذرهم الرِّعاء . قال علىٌّ  ¼ : لم نبلغ معسكرهم . فانتهي بهم إليه فلم يَرَ أحداً ، فأرسلوه وساقوا النَّعَم والشاء ; النَّعَم خمسمائة بعير ، وألفا شاة(٤) .

٢٠٢ ـ المستدرك علي الصحيحين عن جابر بن عبد الله : لمّا كان يوم خيبر بعث رسول الله  ½ رجلاً فجبن ، فجاء محمّد بن مسلمة فقال : يا رسول الله ، لم أرَ كاليوم قطّ ! . . .

ثمّ قال رسول الله  ½ : لأبعثنّ غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّانِه لا يولّى الدُّبُر ، يفتح الله علي يديه ، فتشرّف لها الناس وعلىّ   ¢ يومئذ أرمد ، فقال له رسول الله  ½ : سِر . فقال : يا رسول الله ، ما اُبصر موضعاً . فتفل فى عينيه ، وعقد له ، ودفع إليه الراية(٥) .


(١) السرح : الماشية (النهاية : ٢ / ٣٥٨) .
(٢) فَدافِد : جمع فَدْفَد ; الموضع الذى فيه غِلَظ وارتفاع . وآكام جمع أكَم ; وهى جمع إكام ; وهى جمع أكَمة ; وهى الرابية (النهاية : ٣ / ٤٢٠ وج ١ / ٥٩) .
(٣) الرِّعاءُ : جمع راعى الغنم (النهاية : ٢ / ٢٣٥) .
(٤) المغازى : ٢ / ٥٦٢ .
(٥) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٠ / ٤٣٤٢ ، المعجم الصغير : ٢ / ١٠ .

 ٢٣٢ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

٢٠٣ ـ السيرة النبويّة لابن هشام : عن سفيان بن فروة الأسلمى عن سلمة بن عمرو بن الأكوع : بعث رسول الله  ½ أبا بكر الصديق برايته ـ وكانت بيضاء ، فيما قال ابن هشام ـ إلي بعض حصون خَيْبر ، فقاتل ، فرجع ولم يكُ فَتْحٌ ، وقد جهد ; ثمّ بعث الغدَ عمر بن الخطّاب ، فقاتل ، ثمّ رجع ولم يكُ فتح ، وقد جهد ; فقال رسول الله  ½ : لاُعطينّ الراية غداً رجلا يحبّ الله ورسوله ، يفتح الله علي يديه ، ليس بفَرّار .

قال : يقول سلمة : فدعا رسول الله  ½ عليّاً رضوان الله عليه ، وهو أرمد ، فتفل فى عينه ، ثمّ قال : خذ هذه الراية ، فامضِ بها حتي يفتَح الله عليك .

قال : يقول سلمة : فخرج والله بها يأنِح(١) ، يُهروِل هَرولة ، وإنّا لخلفه نتبع أثره ، حتي ركَز رايته فى رَضْم(٢) من حجارة تحت الحِصْن ، فاطّلع إليه يهودىّ من رأس الحِصْن ، فقال : من أنت ؟ قال : أنا علىّ بن أبى طالب . قال : يقول اليهودى : عَلَوتم ، وما اُنزل علي موسي ، أو كما قال . قال : فما رجع حتي فتح الله علي يَدَيه(٣) .

٢٠٤ ـ الكامل فى التاريخ عن بريدة الأسلمى : كان رسول الله  ½ ربّما أخذته الشقيقة(٤) فيلبث اليوم اليومين لا يخرج ، فلمّا نزل خيبر أخذته فلم يخرج إلي


(١) مِن الاُنوح ; وهو صوت يسمع من الجوف معه نَفَس وبُهْر ونهيج يعترى السَّمين من الرجال (النهاية : ١ / ٧٤) .
(٢) الرَّضْم : هى دون الهضاب ، وقيل : صخور بعضُها علي بعض (النهاية : ٢ / ٢٣١) .
(٣) السيرة النبويّة لابن هشام : ٣ / ٣٤٩ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٩٠ / ٨٤٣٤ ، دلائل النبوّة للبيهقى : ٢٠٩٤ ; شرح الأخبار : ١ / ٣٠٢ / ٢٨٣ وراجع خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٥٦ / ١٤ .
(٤) الشَّقيقةُ : نوع من صداع يعرض فى مقدّم الرأس وإلي أحد جانبيه (النهاية : ٢ / ٤٩٢) .

 ٢٣٣ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

الناس ، فأخذ أبو بكر الراية من رسول الله  ½ ، ثمّ نهض فقاتل قتالاً شديداً ، ثمّ رجع فأخذها عمر فقاتل قتالاً شديداً هو أشدّ من القتال الأوّل ، ثمّ رجع فأخبر بذلك رسول الله  ½ .

فقال : أما والله لاُعطينّها غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، يأخذها عَنْوَة(١) . وليس ثَمَّ علىٌّ ; كان قد تخلّف بالمدينة لرمد لحقه ، فلمّا قال رسول الله  ½ مقالته هذه تطاولت لها قريش ، فأصبح فجاء علىّ علي بعير له حتي أناخ قريباً من خباء رسول الله  ½ ، وهو أرمد قد عصب عينيه .

فقال رسول الله  ½ : ما لك ؟ قال : رمدتُ بعدك ، فقال له : ادن منّى . فدنا منه ، فتفل فى عينيه ، فما شكا وجعاً حتي مضي لسبيله . ثمّ أعطاه الراية ، فنهض بها وعليه حلّة حمراء ، فأتي خيبر ، فأشرف عليه رجل من يهود فقال : مَن أنت ؟ قال : أنا علىّ بن أبى طالب ، فقال اليهودىّ : غُلبتم يا معشر يهود ! !

وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مِغْفَر(٢) يمانىّ قد نقبه مثل البيضة علي رأسه وهو يقول :

قد علمت خيبر أنّى مرحبُ شاكى السلاح بطل مجرَّبُ

فقال علىّ :

أنا الذى سمّتنى اُمّى حيدره أكيلكم بالسيف كَيل السَّنْدَره(٣)

ليثٌ بغابات شديد قسوره


(١) العَنْوَة : القهر ، واُخِذت البلاد عنوةً بالقَهْر والإذلال (لسان العرب : ١٥ / ١٠١) .
(٢) زَرَد [أى حَلِق] ينسج من الدروع علي قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة (لسان العرب : ٥ / ٢٦) .
(٣) السَّنْدرة : ضرب من الكيل غرّاف جرّاف واسع ، يقول : اُقاتلكم بالعَجَلة ، واُبادركم قبل الفِرار (تاج العروس : ٦/ ٥٤٧) .

 ٢٣٤ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

فاختلفا ضربتين ، فبدره علىّ فضربه فقدّ الحَجَفة(١) والمِغْفَر ورأسه حتي وقع فى الأرض . وأخذ المدينة(٢) .

٢٠٥ ـ صحيح البخارى عن سهل بن سعد : إنّ رسول الله  ½ قال يوم خيبر : لاُعطينّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله علي يديه ، يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله .

قال : فبات الناس يدوكون(٣) ليلتهم أيّهم يُعطاها ، فلمّا أصبح الناس غدوا علي رسول الله  ½ كلّهم يرجو أن يُعطاها ، فقال : أين علىّ بن أبى طالب ؟ فقيل : هو يا رسول الله يشتكى عينيه ، قال : فأرسِلوا إليه ، فاُتى به ، فبصق رسول الله  ½ فى عينيه ودعا له ، فبرأ حتي كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ، فقال علىّ : يا رسول الله ، اُقاتلهم حتي يكونوا مثلنا ؟ فقال : انفذ علي رسلك حتي تنزل بساحتهم ، ثمّ ادعهم إلي الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ الله فيه ، فو الله لأن يهدى الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من أن يكون لك حُمْرُ النَّعم(٤) .

٢٠٦ ـ صحيح مسلم عن أبى هريرة : إنّ رسول الله  ½ قال يوم خيبر : لاُعطينّ


(١) الحَجَفة : التُرْس (النهاية : ١ / ٣٤٥) . وهو صفحة من الفولاذ تُحمل للوقاية من السيف وغيره .
(٢) الكامل فى التاريخ : ١ / ٥٩٦ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ١٢ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٤١٠ ، دلائل النبوّة للبيهقى : ٤ / ٢١١ كلّها نحوه وفيها "الأضراس" بدل "الأرض" وراجع خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٥٨ / ١٥ .
(٣) أى يخوضون ويموجون فيمن يدفعها إليه . يقال : وقع الناس فى دَوْكة : أى فى خوض واختلاط (النهاية : ٢/١٤٠).
(٤) صحيح البخارى : ٤ / ١٥٤٢ / ٣٩٧٣ ، صحيح مسلم : ٤ / ١٨٧٢ / ٢٤٠٦ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٦٠ / ١٦ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٨٥ / ٨٤٢٨ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٤٠٦ ، دلائل النبوّة للبيهقى : ٤ / ٢٠٥ .

 ٢٣٥ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

هذه الراية رجلا يحبّ الله ورسوله ، يفتح الله علي يديه . قال عمر بن الخطّاب : ما أحببت الإمارة إلاّ يومئذ . قال : فتساورت لها(١) رجاء أن اُدعي لها . قال : فدعا رسول الله  ½ علىّ بن أبى طالب فأعطاه إيّاها ، وقال : امشِ ولا تلتفت حتي يفتح الله عليك . قال : فسار علىٌّ شيئاً ثمّ وقف ولم يلتفت ، فصرخ : يا رسول الله ! علي ماذا اُقاتل الناس ؟ قال : قاتلهم حتي يشهدوا أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها ، وحسابهم علي الله(٢) .

٢٠٧ ـ صحيح البخارى عن سلمة : كان علىّ بن أبى طالب   ¢ تخلّف عن النبىّ  ½ فى خيبر ، وكان رمداً ، فقال : أنا أتخلّف عن النبىّ  ½ ؟ ! فلحق به ، فلمّا بتنا الليلة التى فتحت قال :

لاُعطينّ الراية غداً ـ أو : ليأخذنّ الراية غداً ـ رجل يحبّه الله ورسوله ، يفتح الله عليه . فنحن نرجوها ، فقيل : هذا علىّ ، فأعطاه ، ففُتح عليه(٣) .

٢٠٨ ـ صحيح مسلم عن سلمة : أرسلنى [النبىّ  ½ ] إلي علىّ وهو أرمد فقال : لاُعطينّ الراية رجلا يحبّ الله ورسوله ، أو يحبّه الله ورسوله(٤) . قال : فأتيت عليّاً


(١) تساورتُ لها : أى رفعتُ لها شخصى (النهاية : ٢ / ٤٢٠) .
(٢) صحيح مسلم : ٤ / ١٨٧١ / ٣٣ ، مسند ابن حنبل : ٣ / ٣٣١ / ٩٠٠٠ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٦٤ / ١٩ ، الطبقات الكبري : ٢ / ١١٠ وزاد فيه "و يحبّه الله ورسوله" ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٤٠٧٢ ، دلائل النبوّة للبيهقى : ٤ / ٢٠٦ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٨٢ / ٨٤٢٣ .
(٣) صحيح البخارى :٤ / ١٥٤٢ / ٣٩٧٢ وج ٣ / ١٠٨٦ / ٢٨١٢ ، صحيح مسلم : ٤ / ١٨٧٢ / ٣٥ ، دلائل النبوّة للبيهقى ٤ / ٢٠٦ .
(٤) كذا فى المصدر ، والمناسب : "و يحبه" كما ورد فى السنن الكبري ، والطبقات والمناقب .

 ٢٣٦ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

فجئت به أقوده وهو أرمد . حتي أتيت به رسول الله  ½ فبسق(١) فى عينيه فبرأ ، وأعطاه الراية . وخرج مرحب فقال :

قد علمت خيبر أنّى مرحبُشاكى السلاح بطلٌ مُجرّبُ

إذا الحروب أقبلت تلهّبُ

فقال علىّ :

أنا الذى سمّتنى اُمّى حيدرهكليث غابات كريه المنظره

اُوفيهم بالصاع كيل السَّنْدَره

قال : فضرب رأس مرحب فقتله . ثمّ كان الفتح علي يديه(٢) .

٢٠٩ ـ الاستيعاب : روي سعد بن أبى وقّاص وسهل بن سعد وأبو هريرة وبريدة الأسلمى وأبو سعيد الخدرى وعبد الله بن عمر وعمران بن الحصين وسلمة بن الأكوع ، كلّهم بمعني واحد ، عن النبىّ  ½ أنّه قال يوم خيبر :

لاُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، ليس بفرّار ، يفتح الله علي يديه ، ثمّ دعا بعلىّ وهو أرمد ، فتفل فى عينيه وأعطاه الراية ، ففتح الله عليه . وهذه كلّها آثار ثابتة(٣) .

٢١٠ ـ الإرشاد عن عبد الملك بن هشام ومحمّد بن إسحاق وغيرهم من أصحاب


(١) لغة فى بَزَق ، وبَصَق (النهاية : ١ / ١٢٨) .
(٢) صحيح مسلم : ٣ / ١٤٤١ / ١٣٢ ، مسند ابن حنبل : ٥ / ٥٥٧ / ١٦٥٣٨ ، السنن الكبري : ٩ / ٢٢٢ / ١٨٣٤٦ ، المصنّف لابن أبى شيبة : ٨ / ٥٢٠ / ٢ ، الطبقات الكبري : ٢ / ١١١ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤١ / ٤٣٤٣ نحوه ; المناقب للكوفى : ٢ / ٥٠٠ / ١٠٠٢ وفيه "أكيلكم بالسيف" بدل "اُوفيهم بالصاع" .
(٣) الاستيعاب : ٣ / ٢٠٣ / ١٨٧٥ .

 ٢٣٧ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

الآثار : حاصر رسول الله  ½ خيبر بضعاً وعشرين ليلة ، وكانت الراية يومئذ لأمير المؤمنين  ¼ ، فلحقه رمد أعجزه عن الحرب ، وكان المسلمون يناوشون اليهود من بين أيدى حصونهم وجنباتها . فلمّا كان ذات يوم فتحوا الباب وقد كانوا خندقوا علي أنفسهم ، وخرج مرحب برجله يتعرّض للحرب .

فدعا رسول الله  ½ أبا بكر فقال له : خذ الراية ، فأخذها ـ فى جمع من المهاجرين ـ فاجتهد ولم يغن شيئاً ، فعاد يؤنّب القوم الذين اتّبعوه ويؤنّبونه !

فلمّا كان من الغد تعرّض لها عمر ، فسار بها غير بعيد ، ثمّ رجع يجبّن أصحابه ويجبّنونه !

فقال النبىّ  ½ : ليست هذه الراية لمن حملها ، جيؤونى بعلىّ بن أبى طالب . فقيل له : إنّه أرمد . قال : أرونيه تُرونى رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، يأخذها بحقّها ليس بفرّار .

فجاؤوا بعلىّ بن أبى طالب  ¼ يقودونه إليه ، فقال له النبىّ  ½ : ما تشتكى يا علىّ ؟ قال : رمدٌ ما اُبصر معه ، وصُداع برأسى . فقال له : اجلس وضَعْ رأسك علي فخِذى . ففعل علىّ  ¼ ذلك ، فدعا له النبىّ  ½ وتفل فى يده فمسحها علي عينيه ورأسه ، فانفتحت عيناه وسكن ما كان يجده من الصداع . وقال فى دعائه له : اللهمّ قِهِ الحرّ والبرد . وأعطاه الراية ـ وكانت راية بيضاء ـ وقال له : خذ الراية وامضِ بها ، فجبرئيل معك ، والنصر أمامك ، والرعب مبثوث فى صدور القوم ، واعلم ـ يا علىّ ـ أنّهم يجدون فى كتابهم : إنّ الذى يُدمّر عليهم اسمه آلِيا ، فإذا لقيتهم فقل : أنا علىّ ، فإنّهم يخذلون إن شاء الله . . . .

وجاء فى الحديث : أنّ أمير المؤمنين  ¼ لمّا قال : أنا علىّ بن أبى طالب ، قال حبر من أحبار القوم : غُلبتم وما اُنزل علي موسي . فدخل قلوبهم من الرعب ما لم

 ٢٣٨ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

يمكنهم معه الاستيطان به(١) .

٢١١ ـ المغازى : كان أوّل من خرج إليهم الحارث أخو مرحب فى عاديته(٢) ، فانكشف المسلمون وثبت علىّ  ¼ ، فاضطربا ضربات ، فقتله علىّ  ¼ ، ورجع أصحاب الحارث إلي الحصن ، فدخلوه وأغلقوا عليهم ، فرجع المسلمون إلي موضعهم(٣) .

٢١٢ ـ المغازى : برز عامر وكان رجلاً طويلاً جسيماً ، فقال رسول الله  ½ حين طلع عامر : أ ترونه خمسة أذرع ؟ وهو يدعو إلي البراز ، يخطر بسيفه وعليه درعان ، يقنّع فى الحديد يصيح : من يبارز ؟ فأحجم الناس عنه ، فبرز إليه علىّ  ¼ فضربه ضربات ، كلّ ذلك لا يصنع شيئاً ، حتي ضرب ساقيه فبرك ، ثمّ ذفّف عليه فأخذ سلاحه(٤) .

٢١٣ ـ الإرشاد : لمّا قتل أمير المؤمنين  ¼ مرحباً رجع من كان معه وأغلقوا باب الحصن عليهم دونه ، فصار أمير المؤمنين  ¼ إليه فعالجه حتي فتحه ، وأكثر الناس من جانب الخندق لم يعبروا معه ، فأخذ أمير المؤمنين  ¼ باب الحصن فجعله علي الخندق جسراً لهم حتي عبروا وظفروا بالحصن ونالوا الغنائم . فلمّا انصرفوا من الحصون أخذه أمير المؤمنين بيُمناه فدحا به أذرعاً من الأرض ، وكان الباب يُغلقه عشرون رجلاً منهم(٥) .


(١) الإرشاد : ١ / ١٢٥ وراجع تاريخ دمشق : ٤٢ / ١٠٧ .
(٢) العادِية : الخيل تعدو وقد تكون العادية الرجال يعدون (النهاية : ٣ / ١٩٤) .
(٣) المغازى : ٢ / ٦٥٤ .
(٤) المغازى : ٢ / ٦٥٧ .
(٥) الإرشاد : ١ / ١٢٧ ، كشف اليقين : ١٧٠ / ١٧٧ ، كشف الغمّة : ١ / ٢١٥ .

 ٢٣٩ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

٢١٤ ـ المصنّف عن جابر بن عبد الله : إنّ عليّاً حمل الباب يوم خيبر حتي صعد المسلمون ففتحوها ، وأنّه جُرّب فلم يحمله إلاّ أربعون رجلاً(١) .

٢١٥ ـ مسند ابن حنبل عن أبى رافع مولي رسول الله  ½ ـ فى معركة خيبر : خرجنا مع علىّ حين بعثه رسول الله  ½ برايته ، فلمّا دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم ، فضربه رجل من يهود فطرح تُرْسَه من يده ، فتناول علىّ باباً كان عند الحصن فترّس به نفسه ، فلم يزل فى يده وهو يقاتل حتي فتح الله عليه ، ثمّ ألقاه من يده حين فرغ ، فلقد رأيتنى فى نفر معى سبعة أنا ثامنهم نَجْهدُ علي أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه(٢) !

٢١٦ ـ الأمالى للصدوق عن عبد الله بن عمرو بن العاص : إنّه لمّا دنا من القَمُوص(٣) أقبل أعداء الله من اليهود يرمونه بالنبل والحجارة ، فحمل عليهم علىّ  ¼ حتي دنا من الباب ، فثني رجله ثمّ نزل مغضباً إلي أصل عتبة الباب فاقتلعه ، ثمّ رمي به خلف ظهره أربعين ذراعاً !


(١) المصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٥٠٧ / ٧٦ ، تاريخ بغداد : ١١ / ٣٢٤ / ٦١٤٢ ، دلائل النبوّة للبيهقى : ٤ / ٢١٢ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٤١٢ ، البداية والنهاية : ٧ / ٢٢٥ وج ٤ / ١٩٠ ، المناقب للخوارزمى : ١٧٢ / ٢٠٧ ; مجمع البيان : ٩ / ١٨٣ وليس فيه "إلاّ" وكلّها عن ليث بن أبى سليم عن الإمام الباقر  ¼ عنه ، روضة الواعظين : ١٤٢ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٢٩٤ وراجع الإرشاد : ١ / ١٢٩ وص ٣٣٣ .
(٢) مسند ابن حنبل : ٩ / ٢٢٨ / ٢٣٩١٩ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ١٣ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٣ / ٣٤٩ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ١١٠ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٢ / ٤١١ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٥٩٧ ، دلائل النبوّة للبيهقى : ٤ / ٢١٢ ، المغازى : ٢ / ٦٥٥ وليس فيه "ثمّ ألقاه من يده . . . " ، البداية والنهاية : ١٨٩٤ ، المناقب للخوارزمى : ١٧٢ / ٢٠٦ ; مجمع البيان : ٩ / ١٨٢ عن رافع ، شرح الأخبار : ١ / ٣٠٢ / ٢٨٣ .
(٣) القَمُوص : وهو جبل بخيبر عليه حصن أبى الحُقَيق اليهودىّ (معجم البلدان : ٤ / ٣٩٨) .

 ٢٤٠ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

قال ابن عمرو : وما عجبنا من فتح اللهِ خيبَر علي يدى علىّ  ¼ ، ولكنّا عجبنا من قلعه الباب ورميه خلفه أربعين ذراعاً ، ولقد تكلّف حمله أربعون رجلاً فما أطاقوه ! فاُخبر النبىّ  ½ بذلك فقال : والذى نفسى بيده لقد أعانه عليه أربعون ملكاً(١) .

٢١٧ ـ الإرشاد عن أبى عبد الله الجدلى : سمعت أمير المؤمنين  ¼ يقول : لمّا عالجت باب خيبر جعلته مِجَنّاً(٢) لى وقاتلت القوم ، فلمّا أخزاهم الله وضعت الباب علي حصنهم طريقاً ، ثمّ رميت به فى خندقهم ، فقال له رجل : لقد حملت منه ثقلاً ! فقال : ما كان إلاّ مثل جنّتى التى فى يدى فى غير ذلك المقام(٣) .

٢١٨ ـ الإمام علىّ  ¼ : والله ما قلعت باب خيبر ، ودكدكت حصن يهود بقوة جسمانيّة ، بل بقوّة إلهيّة(٤) .

٢١٩ ـ عنه  ¼ ـ فى رسالته إلي سهل بن حنيف ـ : والله ما قلعتُ باب خيبر ورميت بها خلف ظهرى أربعين ذراعاً بقوّة جسديّة ولا حركة غذائيّة ، لكنّى اُيّدت بقوّة ملكوتيّة ، ونفس بنور ربّها مُضيّة(٥) .


(١) الأمالى للصدوق : ٦٠٤ / ٨٣٩ ، روضة الواعظين : ١٤٢ ، الدعوات : ٦٤ / ١٦٠ نحوه ، كلاهما عن عبد الله بن عمر .
(٢) المِجَنّ : التُرس ، والميم زائدة ; لأنّه من الجُنّة : السُّترة (النهاية : ٤ / ٣٠١) .
(٣) الإرشاد : ١ / ١٢٨ ، الثاقب فى المناقب : ٢٥٨ / ٢٢٤ .
(٤) شرح نهج البلاغة : ٢٠ / ٣١٦ / ٦٢٦ وج ٥ / ٧ ; الطرائف : ٥١٩ وليس فيهما "دكدكت حصن يهود" .
(٥) الأمالى للصدوق : ٦٠٤ / ٨٤٠ عن يونس بن ظبيان عن الإمام الصادق عن آبائه    ¥ ، بشارة المصطفي : ١٩١ ، عيون المعجزات : ١٦ عن إبراهيم عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه عنه    ¥ وفيه "غريزيّة بشريّة" بدل "غذائيّة" ، روضة الواعظين : ١٤٢ ، الخرائج والجرائح : ٢ / ٥٤٢ / ٢ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٢٣٩ وليس فى الثلاثة الأخيرة من "و رميت" إلي "ذراعاً" ، بحار الأنوار : ٤٠ / ٣١٨ / ٢ .

 ٢٤١ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

٢٢٠ ـ مشارق أنوار اليقين : فى ذلك اليوم لمّا سأله عمر فقال : يا أبا الحسن ، لقد اقتلعت منيعاً ولك ثلاثة أيّام خميصاً(١) ، فهل قلعتها بقوّة بشريّة ؟ فقال : ما قلعتها بقوّة بشريّة ، ولكن قلعتها بقوّة إلهيّة ، ونفس بلقاء ربّها مطمئنّة رضيّة(٢) .

٢٢١ ـ تفسير الفخر الرازى : إنّ كلّ من كان أكثر علماً بأحوال عالم الغيب كان أقوي قلباً وأقلّ ضعفاً ، ولهذا قال علىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه : والله ما قلعت باب خيبر بقوّة جسدانيّة ، ولكنّ بقوّة ربّانيّة . ذلك لأنّ عليّاً كرّم الله وجهه فى ذلك الوقت انقطع نظره عن عالم الأجساد ، وأشرقت الملائكة بأنوار عالم الكبرياء ، فتقوّي روحه ، وتشبّه بجواهر الأرواح الملكيّة ، وتلألأت فيه أضواء عالم القدس والعظمة ، فلا جرم(٣) حصل له من القدرة ما قدر بها علي ما لم يقدر عليه غيره .

وكذلك العبد إذا واظب علي الطاعات بلغ إلي المقام الذى يقول الله : كنت له سمعاً وبصراً . فإذا صار نور جلال الله سمعاً له سمع القريب والبعيد ، وإذا صار ذلك النور بصراً له رأي القريب والبعيد ، وإذا صار ذلك النور يداً له قدر علي التصرّف فى الصعب والسهل والبعيد والقريب(٤) .

٢٢٢ ـ الإرشاد : لمّا فتح أمير المؤمنين  ¼ الحصن وقتل مرحباً ، وأغنم الله المسلمين أموالهم ، استأذن حسّان بن ثابت رسول الله  ½ أن يقول شعراً : فقال


(١) يقال : رجل خميص : إذا كان ضامر البطن (النهاية : ٢ / ٨٠) .
(٢) مشارق أنوار اليقين : ١١٠ ، بحار الأنوار : ٢١ / ٤٠ / ٣٧ .
(٣) لا جرم : أى لا بدّ ، ولا محالة ، وقيل : معناه : حقّاً(لسان العرب :١٢ / ٩٣) .
(٤) تفسير الفخر الرازى : ٢١ / ٩٢ .

 ٢٤٢ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

له : قل . فأنشأ يقول :

وكان علىّ أرمد العين يبتغى دواء فلمّا لم يحسّ مداويا
شفاه رسول الله منه بتفلة فبورك مَرقيّاً وبورك راقيا
وقال ساُعطى الراية اليوم صارماً كميّاً(١) محباً للرسول مُواليا
يحبّ إلهى والإله يحبّهُ به يفتح الله الحصون الأوابيا(٢)
فأصفي بها دون البريّة كلّها عليّاً وسمّاه الوزير المؤاخيا(٣)

٢٢٣ ـ تذكرة الخواصّ : ذكر أحمد فى الفضائل أنّهم سمعوا تكبيراً من السماء فى ذلك اليوم وقائلا يقول :

لا سيف إلاّ ذو الفقا رِ ولا فتي إلاّ علىّ

فاستأذن حسّان بن ثابت رسول الله  ½ أن ينشد شعراً فأذن له ، فقال :

جبريل نادي معلناً والنقع ليس بمنجلى
والمسلمون قد احدقوا حول النبىّ المرسلِ
لا سيف إلاّ ذو الفقا رِ ولا فتي إلاّ علىّ

فإن قيل : قد ضعّفوا لفظة لا سيف إلاّ ذو الفقار ، قلنا : الذى ذكروه أنّ الواقعة كانت فى يوم اُحد ، ونحن نقول : إنّها كانت فى يوم خيبر ، وكذا ذكر أحمد بن حنبل فى الفضائل ولا كلام فى يوم اُحد ; فإنّ ابن عبّاس قال : لمّا قتل علىّ  ¼


(١) الكمى : اللابسُ السلاح وقيل هو الشجاع المُقدِمُ الجري(لسان العرب :١٥ / ٢٣٢) .
(٢) من الإباء ; وهو أشدّ الامتناع (لسان العرب : ١٤ / ٤) .
(٣) الإرشاد : ١ / ١٢٨ ، روضة الواعظين : ١٤٦ وفيه "و الرسول يحبّه" بدل "و الإله يحبّه" ، المناقب للكوفى : ٢ / ٤٩٩ / ١٠٠١ وفيه "النبىّ" بدل "إلهى" ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٣٠ عن خزيمة بن ثابت ; المناقب لابن المغازلى : ١٨٥ / ٢٢٠ وفى كلّها الأبيات فقط .

 ٢٤٣ - المجلد الأوّل / القسم الثانى : الإمام علىّ مع النبىّ / الفصل الثامن : الدور المصيرى فى فتح خيبر

طلحة بن أبى طلحة حامل لواء المشركين صاح صائح من السماء : لا سيف إلاّ ذو الفقار .

قالوا : فى إسناد هذه الرواية عيسي بن مهران ، تكلّم فيه ، وقالوا : كان شيعيّاً .

أمّا يوم خيبر فلم يطعن فيه أحد من العلماء . وقيل : إنّ ذلك كان يوم بدر . والأوّل أصحّ(١) .

راجع : القسم التاسع / علىٌّ عن لسان النبىّ / الكمالات المعنويّة / الله ورسوله وجبرئيل عنه راضون

/ علىٌّ عن لسان النبىّ / لا يعرف حقّ معرفته / لولا مخافة الغلوّ .

/ علىٌّ عن لسان أصحاب النبىّ / سعد بن أبى وقّاص .

القسم الرابع عشر / محبوبيّته عند الله ورسوله وملائكته .


(١) تذكرة الخواصّ : ٢٦ ; الصراط المستقيم : ١ / ٢٥٨ نحوه .


إرجاعات 
١٤١ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام عليّ / الفصل الثاني : عليّ عن لسان النبيّ / الكمالات المعنويّة / الله ورسوله وجبرئيل عنه راضون
١٨٣ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام عليّ / الفصل الثاني : عليّ عن لسان النبيّ / لا يُعرف حقّ معرفته / لولا مخافة الغلوّ
٣١٤ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام عليّ / الفصل السادس : عليّ عن لسان أصحاب النبيّ / سَعدُ بنُ أبي وَقَّاص
٢٢٣ - المجلد الحادي عشر / القسم الرابع عشر : حبّ الإمام عليّ / الفصل الرابع : محبوبيّته عند الله ورسوله وملائكته.