١٨٩ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم
وفيه أبواب : الباب الأوّل :علم الاجتماع الباب الثانى :علم النفس الباب الثالث :علم التاريخ الباب الرابع :علم الموعظة الباب الخامس :علم الآداب الباب السادس :علم الذرّة الباب السابع :علم الحساب الباب الثامن :علم الفيزياء الباب التاسع :علم طبقات الأرض وحركة الْجوّ الباب العاشر :سلونى قبل أن تفقدونى الباب الحادى عشر :سرعة البديهة ١٩٠ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم
١٩١ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الأوّل : علم الاجتماع
١ / ١ ٥٣٨٦ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من خطبة له ¼ يصف فيها العرب قبل بعثة النبىّ ½ ـ : إنّ الله بعث محمّداً ½ نذيراً للعالمين ، وأميناً علي التنزيل . وأنتم معشر العرب علي شرّ دين وفى شرّ دار . منيخون بين حجارة خُشن وحيّات صمّ ، تشربون الكَدِر وتأكلون الجشب(١) ، وتسفكون دماءكم وتقطعون أرحامكم . الأصنام فيكم منصوبة والآثام بكم معصوبة(٢) . ٥٣٨٧ ـ عنه ¼ ـ من خطبة له ¼ يصف فيها الناس قبل بعثة النبىّ ½ ـ : وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، أرسله بالدين المشهور ، والعلم المأثور والكتاب (١) الجشب : الغليظ الخشِنُ من الطعام ، وقيل غير المأدوم ، وكلّ بشع الطَّعم جَشْبٌ (النهاية : ١ / ٢٧٢) . ١٩٢ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الأوّل : علم الاجتماع / أصناف الناس
المسطور ، والنور الساطع والضياء اللاّمع ، والأمر الصادع ، إزاحةً للشبهات ، واحتجاجاً بالبيّنات ، وتحذيراً بالآيات ، وتخويفاً بالمَثُلات ، والناس فى فِتن انجذم(١) فيها حبل الدِّين وتزعزعت سوارى اليقين ، واختلف النجر وتشتّت الأمر ، وضاق المخرج ، وعَمِى المصدر ، فالهدي خامل والعمي شامل . عُصى الرحمن ، ونُصر الشيطان ، وخُذل الإيمان ، فانهارت دعائمه ، وتنكَّرت معالمه ، ودرست سبله ، وعفت شُركه . أطاعوا الشيطان فسلكوا مسالكه ، ووردوا مناهله . بهم سارت أعلامه ، وقام لواؤه فى فِتن داستهم بأخفافها ، ووطئتهم بأظلافها وقامت علي سنابكها . فهم فيها تائهون حائرون جاهلون مفتونون فى خير دار وشرّ جيران . نومهم سهود وكُحلهم دموع . بأرض عالِمها مُلجم وجاهلها مُكرم(٢) . ١ / ٢ ٥٣٨٨ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من خطبة له ¼ يصف زمانه بالجور ، ويقسم الناس فيه خمسة أصناف ، ثمّ يزهّد فى الدنيا ـ : أيّها الناس ، إنّا قد أصبحنا فى دهر عنود ، وزمن كنود ، يُعدّ فيه المحسن مسيئاً ، ويزداد الظالم فيه عُتوّاً ، لا ننتفع بما علمنا ، ولا نسأل عمّا جهلنا ، ولا نتخوّف قارعة حتي تحلّ بنا . والناس علي أربعة أصناف : منهم من لا يمنعه الفساد فى الأرض إلاّ مهانةُ نفسه وكلالة حدّه ونضيض وفره . (١) الجَذْم : القَطع (النهاية : ١ / ٢٥١) . ١٩٣ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الأوّل : علم الاجتماع / أصناف الناس
ومنهم المُصلت لسيفه ، والمعلن بشرّه ، والمجلب بخيله ورجله ، قد أشرط نفسه وأوبق دينه لحطام ينتهزه أو مِقنب(١) يقوده أو منبر يَفرعه . ولبئس المَتجَر أن تري الدنيا لنفسك ثمناً وممّا لك عند الله عوضاً ! ومنهم من يطلب الدنيا بعمل الآخرة ولا يطلب الآخرة بعمل الدنيا ، قد طامن من شخصه وقارب من خطوه وشمّر من ثوبه وزخرف من نفسه للأمانة ، واتّخذ ستر الله ذريعة إلي المعصية . ومنهم من أبعده عن طلب الملك ضؤولة نفسه وانقطاع سببه ، فقَصرته الحال عن حاله فتحلّي بإسم القناعة وتزيّن بلباس أهل الزهادة ، وليس من ذلك فى مَراح ولا مَغدًي . وبقى رجال غضّ أبصارَهم ذكرُ المرجع ، وأراق دموعَهم خوفُ المحشر ، فهم بين شريد نادٍّ ، وخائف مقموع ، وساكت مكعوم ، وداع مخلص ، وثكلان موجع ، قد أخملتهم التقيّة وشملتهم الذلّة ، فهم فى بحر اُجاج ، أفواههم ضامزة(٢) ، وقلوبهم قرحة ، قد وعَظوا حتي ملّوا وقُهِروا حتي ذلّوا ، وقُتِلوا حتي قلّوا . فلتكن الدنيا فى أعينكم أصغر من حُثالة القَرظ(٣) ، وقُراضة الجَلم(٤) ، واتّعظوا بمن كان قبلكم ، قبل أن يَتّعظ بكم مَن بعدكم ، وارفُضوها ذميمة ، فإنّها قد رفضت مَن كان أشغف بها منكم(٥) . (١) المِقنَب بالكسر : جَماعة الخيل والفُرسان (النهاية : ٤ / ١١١) . ١٩٤ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الأوّل : علم الاجتماع / أصناف الناس
٥٣٨٩ ـ نهج البلاغة : من كلام له ¼ لكميل بن زياد النخعى ، قال كميل بن زياد : أخذ بيدى أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ¼ فأخرجنى إلي الجبّان(١) ، فلما أصحر تنفس الصعداء ثمّ قال : يا كميل بن زياد ، إنّ هذه القلوب أوعية فخيرُها أوعاها ، فاحفظ عنّى ما أقول لك : الناس ثلاثة : فعالم ربّانىّ ، ومُتعلِّم علي سبيل نجاة ، وهمج رَعاع أتباع كلّ ناعق ، يميلون مع كلّ ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجَؤوا إلي ركن وثيق . يا كميلُ ، العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو علي الإنفاق ، وصنيع المال يزول بزواله . يا كميل بن زياد ، معرفة العلم دِين يُدان به ، به يكسب الإنسان الطاعة فى حياته ، وجميل الاُحدوثة بعد وفاته . والعلم حاكم والمال محكوم عليه . يا كميل ، هلك خُزّان الأموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقى الدهر : أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم فى القلوب موجودة . ها ، إنّ ههنا لعلماً جمّاً ـ وأشار بيده إلي صدره ـ لو أصبتُ له حملة ! بلي أصبتُ لَقِناً(٢) غير مأمون عليه ، مستعملاً آلة الدِّين للدنيا ، ومستظهراً بنعم الله علي عباده ، وبحُججه علي أوليائه ، أو منقاداً لِحَملة الحقّ ، لا بصيرة له فى أحنائه(٣) ، ينقدح الشكّ فى قلبه لأوّل عارض من شُبهة . ألا لا ذا ولا ذاك ! أو منهوماً باللذّة ، سلس القياد للشهوة ، أو (١) الجَبّان فى الأصل : الصحراء ، وأهل الكوفة يسمّون المقابر جبّانة ، وبالكوفة محالّ تسمّي بهذا الاسم (معجم البلدان : ٢ / ٩٩) . ١٩٥ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الأوّل : علم الاجتماع / أوصاف المنافقين
مُغرماً بالجمع والادِّخار ، ليسا من رُعاة الدين فى شىء ، أقرب شىء شَبهاً بهما الأنعام السائمة ! كذلك يموت العلم بموت حامليه . اللهمّ بلي ! لا تَخلُو الأرضُ من قائم لله بحُجّة ، إمّا ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً ; لئلاّ تبطل حُجج الله وبيّناته . وكم ذا ؟ وأين أولئك ؟ أولئك ـ والله ـ الأقلّون عدداً ، والأعظمون عند الله قدراً . يحفظ الله بهم حُججه وبيّناته حتي يُودعوها نُظراءَهم ، ويَزرعوها فى قلوب أشباههم . هجم بهم العلم علي حقيقة البصيرة ، وباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استعوره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالمحلِّ الأعلي . اُولئك خُلفاء الله فى أرضه والدُّعاة إلي دينه . آهِ آهِ شوقاً إلي رؤيتهم ! انصرف يا كميل إذا شئت(١) . ١ / ٣ ٥٣٩٠ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من خطبة له ¼ يصف فيها المنافقين ـ : اُحذّركم أهلَ النفاق فإنّهم الضالّون المضلّون ، والزالّون المزلّون ، يتلوَّنون ألواناً ، ويفتنّون افتناناً ، ويعمدونكم بكلّ عماد ، ويرصدونكم بكلّ مرصاد . قلوبهم دوّية ، وصِفاحهم نقيّة . يمشون الخفاء ، ويدبّون الضرّاء . وصفهم دواء ، وقولهم شفاء ، وفعلهم الداء العياء . حسدة الرخاء ، ومؤكّدو البلاء ، ومُقْنطو ١٩٦ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الأوّل : علم الاجتماع / مبادئ اختلاف الناس
الرجاء . لهم بكلّ طريق صريع ، وإلي كلّ قلب شفيع ، ولكلّ شجو دموع . يتقارضون الثناء ، ويتراقبون الجزاء : إن سألوا ألحفوا ، وإن عَذلوا كشفوا ، وإن حكموا أسرفوا . قد أعدّوا لكلّ حقّ باطلاً ، ولكلّ قائم مائلاً ، ولكلّ حىٍّ قاتلاً ، ولكلّ باب مفتاحاً ، ولكلّ ليل مصباحاً . يتوصّلون إلي الطمع باليأس ليُقيموا به أسواقهم ، ويُنفقوا به أعلاقهم(١) . يقولون فيُشبّهون ، ويصفون فيُموّهون . قد هوّنوا الطريق ، وأضلعوا المضيق(٢) . فهم لُمَةُ الشيطان ، وحُمَة(٣) النيران : ³ أُولَـٰئـِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَ لاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ² (٤) (٥) . ١ / ٤ ٥٣٩١ ـ الإمام علىّ ¼ ـ وقد ذكر عنده اختلاف الناس ـ : إنّما فرّق بينهم مبادئ طينهم ، وذلك أنّهم كانوا فلقةً من سَبخ أرض وعذبها ، وحَزن تربة وسهلها ، فهم علي حسب قرب أرضهم يتقاربون ، وعلي قدر اختلافها يتفاوتون . فتامّ الرواء(٦) ناقص العقل ، ومادّ القامة قصير الهمّة ، وزاكى العمل قبيح المنظر ، وقريب القَعر (١) الأعلاق : جمع العِلْق ; وهو النفِيس من كلّ شىء (تاج العروس : ١٣ / ٣٥٠) . ١٩٧ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الأوّل : علم الاجتماع / النوادر
بعيد السبر(١) ، ومعروف الضريبة(٢) منكر الجَليبة(٣) ، وتائه القلب متفرّق اللبِّ ، وطليق اللسان حديد الجَنان(٤) . ٥٣٩٢ ـ عنه ¼ : إنّما أنتم إخوان علي دين الله ، ما فرّق بينكم إلاّ خبث السرائر ، وسوء الضمائر . فلا تَوازرون ولا تَناصحون ، ولا تباذلون ولا توادّون(٥) . ٥٣٩٣ ـ عنه ¼ : لو سكت الجاهل ما اختلف الناس(٦) . ١ / ٥ ٥٣٩٤ ـ الإمام علىّ ¼ : الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم(٧) . ٥٣٩٥ ـ عنه ¼ : خَوضُ الناس فى الشَّىء مقدِّمة الكائن(٨) . ٥٣٩٦ ـ عنه ¼ : الناس كالشَّجر ; شرابه واحدٌ وثمرهُ مختلفٌ(٩) . ٥٣٩٧ ـ نهج البلاغة : قال ¼ فى صفة الغوغاء : . . . هم الذين إذا اجتمعوا ضرّوا ، (١) السَّبْر : التجرِبَة واستِخراج كُنْهِ الأمر ، وسَبَره : حَزَره وخَبَرَه (لسان العرب : ٤ / ٣٤٠) . ١٩٨ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الأوّل : علم الاجتماع / النوادر
وإذا تفرّقوا نفعوا ، فقيل : قد عرفنا مضرّة اجتماعهم فما منفعة افتراقهم ؟ فقال ¼ : يرجع أصحاب المهن إلي مهنتهم ، فينتفع الناس بهم ; كرجوع البنّاء إلي بنائه ، والنسّاج إلي منسجه ، والخبّاز إلي مخبزه(١) . (١) نهج البلاغة : الحكمة ١٩٩ ، خصائص الأئمّة (ع) : ١١٣ ، بحار الأنوار : ٧٠ / ١١ / ١٣ . |