٢٨٩ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / بحث حول اشعاره والديوان المنسوب إليه
يحظي الشعر بمكانة مرموقة فى المعارف البشريّة وذلك لدوره المتميّز فى نقل المفاهيم وتخليد الأحداث وإغناء الثقافة ، أمّا من حيث المضمون فمن الواضح أنّه لا يختلف عن كثير من الأدوات والوسائل التى يمكن استخدامها كسلاح ذى حدّين ; فمن الممكن أن يرتدى حُلّة رائعة ، أو يتّخذ قالباً مَقيتاً . ومن هنا يُعدّ نظم الشعر وإجادته منقبة ، ويُعتبر استخدامه أمراً ضروريّاً . لقد كان القادة الربّانيّون يملكون هذه المقدرة ، ولكن هناك خلاف تاريخى حول ما إذا كانوا أنفسهم ينظمون الأشعار ، وإلي أىّ حدّ؟ من هنا ، يري البعض أنّ الإمام عليّاً ¼ كان معروفاً بقول الشعر ، وكان متفوّقاً فى معرفة الشعر ، هذا فضلاً عمّا لديه من مقدرة فائقة علي نقد الشعر . فعن ابن عبد ربّه : "قال سعيد بن المسيّب : كان أبو بكر شاعراً ، وعمر شاعراً ، وعلىّ أشعر الثلاثة"(١) . ٢٩٠ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / بحث حول اشعاره والديوان المنسوب إليه
ويبدو أنّ الشعر وإنشاء الكلام الموزون والمقفّي والمسجّع كان صفة غالبة لدي الإمام علىّ ¼ إلي درجة أنّه أصبح يُعرف بها ، بحيث إنّ بطلة كربلاء "زينب الكبري" بعدما ألقت كلمتها المشهورة فى الكوفة بعد واقعة كربلاء جعلت عبيد الله بن زياد يقول : هذه سجّاعة! ولعمرى لقد كان أبوها سجّاعاً شاعراً(١) . ذكر الشريف الرضى أنّ الإمام عليّاً ¼ لمّا سُئل : من أشعر الشعراء؟ قال : "إنّ القوم لم يجروا فى حلبة تُعرف الغاية عند قصبتها ، فإن كان ولابدّ فالملك الضلّيل"(٢) . وبيّن الشريف الرضى المراد من هذا الكلام بقوله : يريد امرأ القيس(٣) . وفى هذا السياق استند الأديب والكاتب المصرى المعروف الاُستاذ عبّاس محمود العقّاد إلي هذا الخبر وإلي غيره من الأخبار قائلاً فى هذا المعني : "و عندنا أنّه ¼ كان ينظم الشعر ويُحسِن النظر فيه ، وكان نقده للشعراء نقد عليم بصير ، يعرف اختلاف مذاهب القول ، واختلاف وجوه المقابلة والتفضيل علي حسب المذاهب . ومِن بصره بوجوه المقابلة بينهم أنّه سُئل : من أشعر الناس(٤)؟ قال : إنّ القوم لم يجروا فى حلقة تُعرف الغاية عند قصبتها ، فإن كان (١) الإرشاد : ٢ / ١١٦ ، مثير الأحزان : ٩٠ ، كشف الغمّة : ٢ / ٢٧٦ ، بحار الأنوار : ٤٥ / ١١٦ / ١ . ٢٩١ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / بحث حول اشعاره والديوان المنسوب إليه
ولابدّ فالملك الضلّيل . وهذا ـ فيما نعتقد ـ أوّل تقسيم لمقاييس الشعر علي حسب "المدارس" و"الأغراض الشعريّة" بين العرب ، فلا تكون المقابلة إلاّ بين أشباه وأمثال ، ولا يكون التعميم بالتفضيل إلاّ علي التغليب"(١) . وأمثال هذه المنقولات ـ التى تعكس آراء الإمام عليّ ¼ فى الشعر والشعراء ـ ليست قليلة فى النصوص القديمة(٢) . وهى تدلّ ـ كما أشار العقّاد ـ علي مدي تضلّعه فى هذا الميدان ، فهو ـ بحقٍّ ـ "أمير البيان" و"سيّد البلاغة" . يُستدلّ من الوثائق التاريخيّة أنّ الإمام عليّاً ¼ كان ينظم الشعر ، وكان يُوصى بتعلّمه واستخدامه ضمن المعايير التى كان يؤكّد هو عليها(٣) . وكان يتمثّل فى خطبه ورسائله شيئاً من أشعار الآخرين ، ومع كلّ ذلك فإنّ العلماء والمؤرّخين كانوا منذ القدم يتأمّلون فى نسبة كلّ ما ورد باسم الإمام علىّ ¼ إليه ، وطرحوا آراءً كثيرة فى كيفيّة الأشعار المنسوبة إليه(٤) . نُقل عن الجاحظ أنّه كان يقول : لم يقُل علىٌّ شعراً سوي الرجز(٥) . (١) المجموعة الكاملة (عبقريّة الإمام على ¼ ) : ٢ / ١٣٦ . ٢٩٢ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / بحث حول اشعاره والديوان المنسوب إليه
وأورد ياقوت الحموى عن أبى عثمان المازنى : لا يصحّ عندنا أنّه تكلّم بشىء من الشعر غير هذين البيتين :
وهذان الرأيان كلاهما غير صائب ، ويبالغان فى نفى أشعار الإمام . وبيّن البعض عند نقدهم لرأى المازنى بأنّ هناك أبيات مرويّة عن الإمام علىّ ¼ لا يمكن تجاهلها بهذه البساطة . ومع أنّ العلاّمة المجلسى يذهب إلي القول بأنّ الحكم علي نسبة جميع ما نُسب إلي الإمام علىّ ¼ فى الديوان المشهور ، موضع تأمّل إلاّ أنّه يُقِرّ بأنّ نسبة الديوان إليه أمر مشهور(٣) . وعلي كلّ حال هناك علائم عريقة فى القدم تحمل دلالات علي جمع وتدوين شعر الإمام علىّ ¼ ; فقد كتب النجاشى ضمن إحصائه لآثار أبى أحمد عبد العزيز ابن يحيي الجلودى الأزدى البصرى (م ٣٣٢ هـ ) ، ما يلى : وله كتب منها . . . شعره ¼ (٤) . "إنّ أشهر وأقدم الكتب الموجودة من أشعار أمير المؤمنين ¼ هو كتاب (أنوار العقول من أشعار وصىّ الرسول) الذى أعدّه قطب الدين محمّد البيهقى الكيدرى (١) الرَّوْقان : تثنية الرَّوْق ; وهو القَرْن ، وأراد بها هاهنا الحربَ الشديدة وقيل : الداهية . ويُروي : بذات ودقَيْن ; وهى الحرب الشديدة أيضاً (النهاية : ٢ / ٢٧٩) . ٢٩٣ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / بحث حول اشعاره والديوان المنسوب إليه
علي أساس مصدرين تولّيا قبل ذلك مهمّة جمع وتدوين هذا الكتاب ، وكذلك علي أساس المنقولات التى عُثر عليها بين طيّات الكتب الموجودة . ووصف الكيدرى نفسه فى مقدّمة الكتاب كيفيّة كتابة هذا الديوان وطبيعة محتواه علي النحو التالى : وقد كنت علي قديم الدهر ظفرت بمجموع من أشعاره الجامعة لجلائل الكلم ، وعقابل الحكم ، نحواً من مائتى بيت جمعها الإمام أبو الحسن الفنجكردى رحمه الله ، فأنستُ بذلك ، واجتهدتُ في اقتناص شوارد ، علي ما فيه زوائد ; إذ لم يكن إلاّ طرفاً من طرفه ، ودرّة من صدفه ، إلي أن عثرت بمجموع آخر أبسط منه باعاً ، وأرحب ذراعاً ، وإن لم يكن شمل الكلّ واستجمع الكلّ الكثر والقلّ ، قد استخرج بعضها من كتاب محمّد بن إسحاق وغيره من العلماء والتقط بعضها من ستون الكتب ممّا وُجد منسوباً إليه . فاقترح علىّ بعض الإخوان أن اُجرّد من المجموعَين ما اختُصّ بالآداب والمواعظ والحكم والعِبَر دون ما ذُكر فى سائر الأغراض ، فأسعفتُ سؤله ، وحقّقتُ مأموله ، وسمّيت المجموع بالحديقة الأنيقة . ثمّ وقع إلىّ بأخرة مجموع من أشعاره ¼ جمعه السيّد الجليل أبو البركات هبة الله بن محمّد الحسنى ، فلم أجد فيه كثيراً ممّا وصل إلىّ ، وإن كان قد أورد أبياتاً شردت منّى ، وشذّت من يدى ، وكنت فى خلال ذلك أجدُّ فى الطلب ، وأدأبُ كلّ الدأب ، أتفحّص كتب التواريخ والسير ، والتقط ما أقف عليه من الغرر والدرر ، مسنداً ومرسلاً ، مقيّداً ومهملاً ; إذ كان غرضى أن أنظم أفرادها ، وأجمع آحادها . فلذلك لست أدّعى أنّ كلّ فلق فيه سمع من فَلْق فيه ، وأنّه ¼ قطعاً ويقيناً ناظمه ومُنشِئُه ، بل فى كثير منه أخذ بالظنّ والتخمين ; إذ من المتعذّر فى مثله الحكم ٢٩٤ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / بحث حول اشعاره والديوان المنسوب إليه
باليقين ; فإن ورد علي امرئ ما يُريبه ، فحسبه من الكلام طِيبه . هذا ولا أزعم أنّى أحطتُ بجميع أشعاره ، واطّلعتُ علي نتائج أفكاره ، بل اُجوّز أن يكون الحاصل عندى دون ما ظفرت منه يدى ، وما علىّ إلاّ بذل جهدى ، وأرجو أن تكون المنفعة به كاملة تامّة ، والفائدة شاملة عامّة . وها أنا قد أمّلت زمام الهمّة إلي القيام بهذه المهمّة ، ورأيت بعدُ أن اُسمّى هذا المجموع بــ : أنوار العقول من أشعار وصىّ الرسول"(١) . ومن الواضح أنّ كلام الكيدرى كلام رصين ; فمن جهة لا يمكن التصديق بأنّ جميع الأشعار الواردة في هذا الديوان من نظم الإمام علىّ ¼ وإنشائه ، ومن جهة اُخري لا يمكن القطع بأنّ كلّ الأشعار المنسوبة إليه وردت فى هذا الكتاب . ويمكن تبويب الأشعار الواردة فى هذه المجموعة ، والأشعار الاُخري المنسوبة إليه ، علي النحو التالى : ١ ـ ما جاء علي صيغة الرَّجز ، والأشعار التى وردت فى المصادر المعتبرة الاُخري . ٢ ـ أشعار الآخرين التى تمثّل بها الإمام ¼ فى طيّات خطبه وكتبه . ٣ ـ قول أو فعل الإمام ¼ الذى نُظِم شعراً علي لسان شاعر آخر ، ثمّ نُسب علي مرّ الزمن إليه . ٤ ـ أشعار مَن تطابقت أسماؤهم مع اسمه ، أو غيرهم ، ثمّ نُسبت إليه علي امتداد التاريخ ، وتسلّلت إلي الديوان(٢) . (١) أنوار العقول من أشعار وصىّ الرسول : ٩٢ . ٢٩٥ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب السادس : علم الذرّة
٥٦٥٤ ـ الإمام علىّ ¼ : مؤلّف بين متعادياتها ، ومفرّق بين متدانياتها ، دالّة بتفريقها علي مفرّقها ، وبتأليفها علي مؤلّفها ، وذلك قوله تعالي : ³ وَمِن كُلِّ شَىْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ² (١) (٢) . ٥٦٥٥ ـ عنه ¼ : وأمّا الجمادات فهو يمسكها بقدرته ، ويمسك المتّصل منها أن يتهافت ، ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق(٣) . ٥٦٥٦ ـ عنه ¼ : أحال الأشياء لأوقاتها ، ولاََمَ بين مختلفاتها ، وغرّز غرائزها ، (١) الذاريات : ٤٩ . ٢٩٦ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب السادس : علم الذرّة
وألزمها أشباحها(١) . ٥٦٥٧ ـ عنه ¼ : فأقام من الأشياء أوَدَها(٢) ، ونهج حدودها ، ولاءَم بقدرته بين متضادّها ، ووصل أسباب قرائنها(٣) . نكتة يقول أينشتاين : "لقد تمكّن بنو البشر وبعد مرور قرون متمادية من التعرّف إلي أسرار تركيب الذّرّة ، وتبيّن لهم أنّ هذا العالم المادّى إنّما يتألّف من الذّرّات الناتجة بدورها من اتّحاد الألكترونات بالبروتونات ، وأنّ وجود المادّة وبقاءها رهين بدوام تلك الآصرة التى تربط بين أجزاء الذّرّة المتكوّنة من جسمين متضادّين ; سالب وموجَب" . لكنّ الباحث المتتبّع إذا نظر بدقّة وتفحّص فى كلام الإمام علىّ ¼ ; فى تفسيره للآية الشريفة (٤٩) من سورة الذاريات ، سيندهش حين يري بأنّه ¼ قد سبق علماء عصرنا بـ (١٤) قرناً من الزمان ; بالتعرّف إلي أسرار تركيب الذّرّة ; حيث جاء فى أحاديث هذا الباب أنّ الإمام ¼ أشار إلي ما يمكن انطباقه اليوم بـ (الألكترون) و(البروتون) ، وتطرّق إلي الآصرة الموجودة بين هذين الجسمين بشكل دقيق للغاية . وعلي ما تقدّم يمكن حمل كلام الرسول الأعظم ½ فى مناظرته مع الدهريين حيث أشار إلي تلك المسألة العلميّة الدقيقة بقوله : " . . . فهذا الذى نشاهده من الأشياء بعضُها إلي بعض مفتقرٌ ; لأنّه لا قوام للبعض إلاّ بما يتّصل به" (بحار الأنوار : ٩ / ٢٦٢ / ١) . وفى هذا السياق أيضاً يقول الإمام الرضا ¼ : "و لم يخلق شيئاً فرداً قائماً بنفسه دون غيره للّذى أراد من الدلالة علي نفسه وإثبات وجوده ، فاللّه تبارك وتعالي فردٌ واحد لا ثانى معه يُقيمه ولا يعضده ولا يكنّه ، والخلق يمسك بعضه بعضاً بإذن الله تعالي ومشيّته" (عيون أخبار الرضا : ١ / ١٧٦ / ١ ، بحار الأنوار : ١٠ / ٣١٦ / ١) . (١) نهج البلاغة : الخطبة ١ ، الاحتجاج : ١ / ٤٧٤ / ١١٣ . ٢٩٧ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب السابع : علم الحساب
٥٦٥٨ ـ تصنيف نهج البلاغة : سُئل ¼ عن أصغر عدد يقسّم علي الأعداد الطبيعيّة من واحد إلي تسعة بدون باق ، فقال علي الفور : اضرب أيّام اُسبوعك فى أيّام سنتك(١) (٢) . ٥٦٥٩ ـ بحار الأنوار ـ فى تفسير قوله تعالي : ³ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ² (٣) ـ : وروي الطبرسى § وغيره أنّ يهوديّاً سأل عليّاً ¼ عن مدّة لبثهم ، فأخبر ¼ بما فى القرآن ، فقال : إنّا نجد فى كتابنا ثلاثمائة ! (١) المقصود بالسنة هنا : السنة القمريّة (٣٦٠) يوماً ، فإذا ضربنا ٣٦٠ × ٧ وهو عدد أيّام الاُسبوع حصلنا علي (٢٥٢٠) وهو العدد الذى يقسّم علي الأعداد الطبيعيّة من ١ إلي ٩ بدون باقى . ٢٩٨ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب السابع : علم الحساب
فقال ¼ : ذلك بسنىّ الشمس ، وهذا بسنىّ القمر(١) (٢) . ٥٦٦٠ ـ تهذيب الأحكام عن عبيدة السلمانى عن أمير المؤمنين ¼ ـ حيث سئل عن رجل مات وخلّف زوجة وأبوين وابنتيه ، فقال ـ : صار ثُمنها تسعاً(٣) . ٥٦٦١ ـ المصنّف عن سفيان عن رجل لم يسمّه : ما رأيت رجلا كان أحسب من علىّ ، سئل عن ابنتين وأبوين وامرأة ، فقال : صار ثُمنها تسعاً(٤) . ٥٦٦٢ ـ الاستيعاب عن زرّ بن حبيش : جلس رجلان يتغدّيان ، مع أحدهما خمسة أرغفة ، ومع الآخر ثلاثة أرغفة ، فلما وضعا الغداء بين أيديهما مرّ بهما رجل فسلّم ، فقالا : اجلس للغداء ، فجلس ، وأكل معهما ، واستوفوا فى أكلهم (١) يعنى أنّ السنين التى اعتمدها القرآن الكريم هى السنين القمريّة ; ولذا كان عدد السنين التى نام فيها أصحاب الكهف هو ثلاثمائة وتسع سنين ، وأمّا السنين المذكورة فى كتابكم فهى علي أساس السنين الشمسيّة ; وتكون حينئذ ثلاثمائة سنة . ٢٩٩ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب السابع : علم الحساب
الأرغفة الثمانية ، فقام الرجل وطرح إليهما ثمانية دراهم ، وقال : خذا هذا عوضاً ممّا أكلت لكما ، ونلته من طعامكما ، فتنازعا ، وقال صاحب الخمسة الأرغفة : لى خمسة دراهم ، ولك ثلاثة ، فقال صاحب الثلاثة الأرغفة : لا أرضي إلاّ أن تكون الدراهم بيننا نصفين . وارتفعا إلي أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب (ع) ، فقصّا عليه قصّتهما ، فقال لصاحب الثلاثة الأرغفة : قد عرض عليك صاحبُك ما عرض ، وخبزه أكثر من خبزك ، فارضَ بثلاثة . فقال : لا والله ، لا رضيت منه إلاّ بمرّ الحقّ . فقال علىّ (ع) : ليس لك فى مُرّ الحقّ إلاّ درهم واحد وله سبعة . فقال الرجل : سبحان الله يا أمير المؤمنين ! وهو يعرض عَلَىَّ ثلاثة فلم أرضَ ، وأشرتَ علىَّ بأخذها فلم أرضَ ، وتقول لى الآن : إنّه لا يجب فى مُرّ الحقّ إلاّ درهم واحد . فقال له علىّ : عرض عليك صاحبك أن تأخذ الثلاثة صُلحاً ، فقلتَ : لم أرضَ إلاّ بمُرّ الحقّ ، ولا يجب لك بمُرّ الحقّ إلاّ واحد . فقال له الرجل : فعرّفنى بالوجه فى مرّ الحقّ حتي أقبله . فقال علىّ (ع) :أ ليس للثمانية الأرغفة أربعة وعشرون ثلثاً أكلتموها وأنتم ثلاثة أنفس ، ولا يعلم الأكثر منكم أكلا ، ولا الأقل ، فتحملون فى أكلكم علي السواء ؟ قال : بلي . قال : فأكلت أنت ثمانية أثلاث ، وإنّما لك تسعة أثلاث ، وأكل صاحبك ثمانية أثلاث ، وله خمسة عشر ثلثاً ، أكل منها ثمانية ويبقي له سبعة ، وأكل لك واحداً من تسعة ، فلك واحد بواحدك ، وله سبعة بسبعته . فقال له الرجل : رضيت الآن(١) . ٣٠٠ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب السابع : علم الحساب
٣٠١ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الثامن : علم الفيزياء
٥٦٦٣ ـ الإمام علىّ ¼ : كلّ سميع غيره يصمّ عن لطيف الأصوات ، ويصمّه كبيرها(١) (٢) . ٥٦٦٤ ـ عنه ¼ : كلّ بصير غيره يعمي عن خفىّ الألوان ، ولطيف الأجسام(٣) (٤) . (١) أثبت العلم الحديث باستخدام الهزازات الصوتيّة ، أنّ الاُذن البشريّة تتحسّس فقط بمجال معيّن من الاهتزازات ، هى التى يقع تواترها بين ١٥ هزّة فى الثانية و١٥٠٠٠ هزّة ، فإذا كان تواتر الصوت أقل من ١٥ هزّة فى الثانية لا تسمعه الاُذن ، وكذلك إذا كان تواتر الصوت أعلي من ١٥٠٠٠ هزّة فى الثانية . ولعلّ هذا هو المقصود بـ (لطيف الأصوات) و(كبير الأصوات) (تصنيف نهج البلاغة : ٧٨٢) . والجدير ذكره إنّ أحدث ما توصّلت إليه النظريات الفيزيائيّة أنّ عدد الذبذبات الصوتيّة القابلة للسماع تتراوح ما بين ٢٠ـ ٢٠٠٠٠ ذبذبة/ثانية علي عكس ما أثبتته النظريّات السابقة من أنّها تتراوح بين١٥ـ ١٥٠٠٠ذبذبة / ثانية ( راجع : كتاب " الفيزياء " تأليف هاليديورزنيك، ترجمة گلستانيان وبهار:٢ / ٩٥). ٣٠٢ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الثامن : علم الفيزياء
٥٦٦٥ ـ عنه ¼ ـ حيث كان جالساً علي نهر الفرات وبيده قضيب ، فضرب به علي صفحة الماء وقالـ : لو شئت لجعلت لكم من الماء نوراً وناراً(١) (٢) . (١) لم يفصح الإمام ¼ عن مضمون كلامه بل أجراه مجري الرموز ، وذلك لأنّ عقول الناس فى ذلك الزمان لا تتحمّل أكثر من هذا . وفى قوله : "لجعلت لكم من الماء نوراً وناراً" دلالة خفيّة إلي ما فى الماء من طاقة يمكن أن تولّد النور (و هو الكهرباء) والنار (و هو الطاقة الحراريّة) . وإذا تعمّقنا فى النظرة وجدنا أنّ الماء يتركّب من عنصرين هما الهيدروجين والاُكسجين . الأوّل قابل للاحتراق وإعطاء النور ، والثانى يساعد علي الاحتراق ويعطى الحرارة . وأبعد من ذلك فإنّ وجود الماء الثقيل O٢D فى الماء الطبيعى بنسبة ٢ إلي ٠٠٠ / ١٠ يجعله أفضل مصدر طبيعى للهيدروجين الثقيل الذى نسمّيه (الدوتريوم) ونرمز له بالرمز D . وهذا النظير هو حجر الأساس فى تركيب القنبلة الهيدروجينية ، القائمة علي اندماج ذرّتين من الدوتيريوم لتشكيل الهليوم . علماً بأنّ الطاقة الناتجة عن هذا الاندماج والتى ـ هى منشأ طاقة الشمس ـ تفوق آلاف المرّات الطاقة الناتجة عن القنبلة الذرّية التى تقوم علي انشطار اليورانيوم ، ولأخذ فكرة فإنّ اصطناع غرام من الهليوم نتيجة اندماج الدوتيريوم يعطى طاقة = ٦٧٥ مليون بليون ارغة = ٢٠٠ ألف كيلو واط ساعى (تصنيف نهج البلاغة : ٧٨٣) . ٣٠٣ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب التاسع : علم طبقات الأرض وحركة الجوّ
٩ / ١ ٥٦٦٦ ـ الإمام علىّ ¼ : عدّل حركاتها بالراسيات من جلاميدها ، وذوات الشناخيب الشمّ من صياخيدها(١) . فسكنت من الميدان لرسوب الجبال فى قطع أديمها ، وتغلغلها متسرّبة فى جوبات خياشيمها ، وركوبها أعناق سهول الأرضين وجراثيهما(٢) . ٥٦٦٧ ـ عنه ¼ : أنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغال ، وأرساها علي غير قرار ، وأقامها بغير قوائم ، ورفعها بغير دعائم وحصّنها من الأود والاعوجاج ، ومنعها من التهافت والانفراج ، أرسي أوتادها ، وضرب (١) الصَيخُود : الصخرة الملساء الصُّلْبة لاتحرّك من مكانها ولا يعمل فيها الحديد (لسان العرب : ٣ / ٢٤٥) . ٣٠٤ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب التاسع : علم طبقات الأرض وحركة الجوّ / وظيفة الجبال فى الأرض
أسدادها(١) . ٥٦٦٨ ـ عنه ¼ ـ فى عجيب صنعة الكون ـ : جبل جلاميدها ونشوز متونها وأطوادها ، فأرساها فى مراسيها ، وألزمها قرارتها فمضت رؤوسها فى الهواء ، ورست أصولها فى الماء ، فأنهد جبالها عن سهولها ، وأساخ قواعدها فى متون أقطارها ومواضع أنصابها ، فأشهق قلالها ، وأطال أنشازها ، وجعلها للأرض عماداً ، وأرّزها فيها أوتاداً ، فسكنت علي حركتها من أن تميد بأهلها أو تسيخ بحملها أو تزول عن مواضعها(٢) . ٥٦٦٩ ـ عنه ¼ : فطر الخلائق بقدرته ، ونشر الرياح برحمته ، ووتّد بالصخور مَيَدان أرضه(٣) (٤) . (١) نهج البلاغة : الخطبة ١٨٦ ، الاحتجاج : ١ / ٤٧٧ / ١١٦ ، بحار الأنوار : ٤ / ٢٥٥ / ٨ . ٣٠٥ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب التاسع : علم طبقات الأرض وحركة الجوّ / تسيير سحب الأمطار إلي أعالى الجبال
٩ / ٢ تسيير سحب الأمطار إلي أعالى الجبال (١) ٥٦٧٠ ـ الإمام علىّ ¼ : وفسح بين الجوّ وبينها ، وأعدّ الهواء متنسّماً لساكنها ، وأخرج إليها أهلها علي تمام مرافقها ، ثمّ لم يدع جرز(٢) الأرض التى تقصر مياه العيون عن روابيها ، ولا تجد جداول الأنهار ذريعة إلي بلوغها ، حتي أنشأ لها ناشئة سحاب تحيى مواتها وتستخرج نباتها . ألّف غمامها بعد افتراق لمعه وتباين قزعه ، حتي إذا تمخّضت لجّة المزن فيه ، والتمع برقه فى كففه(٣) ، ولم ينم وميضه فى كنهور ربابه ومتراكم سحابه ، أرسله سحّاً متداركاً ، قد أسفّ هيدبه ، تمريه الجنوب درر أهاضيبه ودفع شآبيبه ، فلمّا ألقت السحاب برك بوانيها ، وبعاع ما استقلّت به من العبء المحمول عليها أخرج به من هوامد الأرض النبات ، ومن زعر الجبال الأعشاب ، فهى تبهج بزينة رياضها ، وتزدهى بما ألبسته من ريط (١) يبيّن الإمام علىّ ¼ فى الخطبة ٩١ نعمة من نِعَم الله علي عباده ، تتّصل بتحريك الجوّ وما فيه من هواء ورياح وغيوم . ففى تقدير الله تعالي أنّه أجري فى السهول أنهاراً ليشرب منها الناس والدوابّ والنبات ، أمّا المناطق العالية فى الجبال فلم يتركها بدون ماء وحياة ، بل سيّر لها نصيبها من الماء عن طريق حركة الرياح التى تنشأ عن اختلاف الحرارة بين سطح البحر وسطح الجبل ، فإذا تبخّر ماء البحر علا فى الجوّ لخفّته ، وانحدر من الجبل هواء بارد يملأ فراغه ، فتحدث بذلك دورة للرياح ، تحمل بموجبها سحب الأمطار إلي أعالى الجبال ، فإذا وصلت إلي هنالك فوجئت ببرودة جوّ الجبال ، فتكاثفت وانعقدت أمطاراً ، تجرى علي رؤوس الجبال ، مشيعة الحياة والخصب والنضارة والرزق للنبات والأنعام والأنام(تصنيف نهج البلاغة : ٧٨٥) . ٣٠٦ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب التاسع : علم طبقات الأرض وحركة الجوّ / الجبال مخازن مياه الأنهار
أزاهيرها ، وحلية ما سمطت به من ناضر أنوارها ، وجعل ذلك بلاغاً للأنام ورزقاً للأنعام ، وخرق الفجاج فى آفاقها وأقام المنار للسالكين علي جواد طرقها(١) . ٩ / ٣ ٥٦٧١ ـ الإمام علىّ ¼ : فلمّا سكن هَيجُ الماء من تحت أكنافها ، وحمل شواهق الجبال الشمّخ البذّخ علي أكتافها ، فجّر ينابيع العيون من عرانين اُنوفها ، وفرّقها فى سهوب بِيدها وأخاديدها(٣) . ٥٦٧٢ ـ عنه ¼ : أرسي أوتادها ، وضرب أسدادها ، واستفاض عيونها ، وخدّ أوديتها ، فلم يهن ما بناه ، ولا ضعف ما قوّاه(٤) . (١) نهج البلاغة : الخطبة ٩١ عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق ¼ ، بحار الأنوار : ٥٧ / ١١٢ / ٩٠ . ٣٠٧ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب العاشر : سلونى قبل أن تفقدوني
٥٦٧٣ ـ الإمام علىّ ¼ : سلونى قبل أن تفقدونى(١) . ٥٦٧٤ ـ تاريخ دمشق عن عمير بن عبد الله : خطبنا علىّ علي منبر الكوفة ، فقال : أيّها الناس ، سلونى قبل أن تفقدونى ، فبين الجبلين(٢) منّى علمٌ جمّ(٣) . ٥٦٧٥ ـ الإمام علىّ ¼ : سلُونى قبل أن تفقدونى ، فَلأنا بطرق السماء أعلم منّى (١) التوحيد : ٣٠٥ / ١ ، الاحتجاج : ١ / ٦١٠ / ١٣٨ كلاهما عن الأصبغ بن نباتة ، تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٩٣ ، تفسير العيّاشى : ٢ / ٢٨٢ / ٢٢ عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عن آبائه عنه
(ع) ، الملاحم والفتن : ٢٢١ / ٣١٩ عن زرّ بن حبيش ، غرر الحكم : ٥٦٣٧ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٣٨ وفيه "روي ابن البخترى من ستّة طرق وابن القصل من عشر طرق ، وإبراهيم الثقفى من أربعة عشر طريقاً" ; المناقب للخوارزمى : ٩١ / ٨٥ عن أبى البخترى . ٣٠٨ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب العاشر : سلونى قبل أن تفقدوني
بطرق الأرض ، قبل أن تَشغَر(١) برجلها فتنةٌ تَطأُ فى خِطامها(٢) وتذهب بأحلام قومها(٣) . ٥٦٧٦ ـ عنه ¼ : سلونى عن طرق السماء ، فإنّى أعلم بها من طرق الأرض ، سلونى قبل أن تفقدونى ، فإنّ بين جنبىَّ علوماً كثيرة كالبحار الزواخر(٤) . ٥٦٧٧ ـ عنه ¼ : سلونى قبل أن تفقدونى ، فإنّى لا اُسأل عن شىء دون العرش إلاّ أخبرت عنه(٥) . ٥٦٧٨ ـ عنه ¼ : سلونى عمّا فوق العرش ، سلونى عمّا تحت العرش ، سلونى قبل أن تفقدونى(٦) . ٥٦٧٩ ـ عنه ¼ : سلونى قبل أن تفقدونى ، فو الله لا تسألونى عن شىء مضي ولا عن شىء يكون إلاّ أنبأتكم به(٧) . ٥٦٨٠ ـ عنه ¼ : سلونى ، فو الله لا تسألونى عن شىء يكون إلي يوم القيامة إلاّ حدّثتكم به ، وسلونى عن كتاب الله ، فو الله ما منه آية إلاّ أنا أعلم بليل نزلت أم (١) الشَّغرُ : الرفع (لسان العرب : ٤ / ٤١٧) . ٣٠٩ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب العاشر : سلونى قبل أن تفقدوني
بنهار ، أم بسهل نزلت أم بجبل(١) . ٥٦٨١ ـ تفسير الطبرى عن أبى الطفيل : سمعت عليّاً (ع) يقول : لا تسألونى عن كتاب ناطق ولا سنّة ماضية إلاّ حدّثتكم ، فسأله ابن الكوّاء عن الذاريات . فقال : هى الرياح(٢) . ٥٦٨٢ ـ المستدرك علي الصحيحين عن أبى الطفيل : رأيت أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب (ع) قام علي المنبر فقال : سلونى قبل أن لا تسألونى ، ولن تسألوا بعدى مثلى . قال : فقام ابن الكوّاء فقال : يا أمير المؤمنين ، ما ³ الذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ² (٣) ؟ قال : الرياح . قال : فما ³ الْحَامِلاتِ وِقْرًا ² (٤) ؟ قال : السحاب . قال : فما ³ الْجَارِيَاتِ يُسْرًا ² (٥) ؟ قال : السفن . قال : فما ³ الْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ² (٦) ؟ قال : الملائكة . قال : فمن ³ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ± جَهَنَّمَ ² (٧) ؟ قال : منافقو قريش(٨) . (١) جامع بيان العلم : ١ / ١١٤ ، الاستيعاب : ٣ / ٢٠٨ / ١٨٧٥ ، كنز العمّال : ٢ / ٥٦٥ / ٤٧٤٠ ، ذخائر العقبي : ١٥١ ، شواهد التنزيل : ١ / ٤٢ / ٣١ ; سعد السعود : ١٠٩ كلّها عن أبى الطفيل ، غرر الحكم : ٥٦٣٧ كلاهما نحوه . ٣١٠ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب العاشر : سلونى قبل أن تفقدوني
٥٦٨٣ ـ الإمام علىّ ¼ : والله لو شئت أن اُخبر كلّ رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلتُ ، ولكن أخاف أن تكفروا فىّ برسول الله ½ . ألا وإنّى مُفضيه إلي الخاصّة ممّن يُؤمَن ذلك منه ، والذى بعثه بالحقّ واصطفاه علي الخلق ، ما أنطِقُ إلاّ صادقاً ، وقد عهد إلىّ بذلك كلّه ، وبِمَهلك من يَهلِكُ ، ومَنجي من ينجو ، ومآل هذا الأمر ، وما أبقي شيئاً يمرّ علي رأسى إلاّ أفرغه فى اُذنىّ وأفضي به إلىّ(١) . ٥٦٨٤ ـ عنه ¼ ـ من خطبة له ذكر فيها الفتنة ، ثمّ قال ـ : فاسألونى قبل أن تفقدونى ، فو الذى نفسى بيده لا تسألونى عن شىء فيما بينكم وبين الساعة ، ولا عن فئة تهدى مائة وتضلّ مائة ، إلاّ أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها ، ومُناخ ركابها ، ومحطّ رحالها ، ومن يُقتل من أهلها قتلا ومن يموت منهم موتاً . ولو قد فقدتمونى ونزلت بكم كرائهُ الاُمور ، وحوازب الخطوب(٢) ، لأطرق كثير من السائلين ، وفشل كثير من المسؤولين ، وذلك إذا قلّصت(٣) حربكم وشمّرت عن ساق ، وضاقت الدنيا عليكم ضيقاً ، تستطيلون معه أيّام البلاء عليكم ، حتي يفتح الله لبقيّة الأبرار منكم(٤) . ٥٦٨٥ ـ عنه ¼ : سلونى قبل أن تفقدونى ، فإنّى عن قليل مقتول ، فما يحبس (١) نهج البلاغة : الخطبة ١٧٥ ، غرر الحكم : ٧٦٠٦ ، عيون الحكم والمواعظ : ٤١٦ / ٧٠٧١ وليس فيهما "و مآل هذا الأمر" ; ينابيع المودّة : ١ / ٢٠٧ / ٨ . ٣١١ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب العاشر : سلونى قبل أن تفقدوني
أشقاها أن يخضبها بدم أعلاها ، فو الذى فلق البحر وبرأ النسمة ، لا تسألونى عن شىء فيما بينكم وبين الساعة ، ولا عن فتنة تُضلّ مائة أو تهدى مائة إلاّ أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها إلي يوم القيامة . إنّ القرآن لا يعلم علمه إلاّ من ذاق طعمه ، وعلم بالعلم جهله ، وأبصر عمله ، واستمع صممه ، وأدرك به مأواه ، وحىّ به إن مات ، فأدرك به الرضي من الله ، فاطلبوا ذلك عند أهله . فإنّهم فى بيت الحياة ، ومستقرّ القرآن ، ومنزل الملائكة ، وأهل العلم الذين يخبركم عملهم عن علمهم ، وظاهرهم عن باطنهم . هم الذين لا يخالفون الحقّ ، ولا يختلفون فيه ، قد مضي فيهم من الله حكمٌ صادق ، وفى ذلك ذكري للذاكرين(١) . ٥٦٨٦ ـ الأمالى للطوسى عن عباية بن ربعى : كان علىّ أمير المؤمنين ¼ كثيراً ما يقول : سلونى قبل أن تفقدونى ، فوَ الله ما من أرض مخصبة(٢) ولا مجدبة(٣) ، ولا فئة تُضلّ مائة أو تهدى مائة إلاّ وأنا أعلم قائدها وسائقها وناعقها إلي يوم القيامة(٤) . ٥٦٨٧ ـ بصائر الدرجات عن سلام : قلت لأبى عبد الله ¼ : إنّا نروى أحاديث لم نجد عند أحد من أهل بيتك فيها شيئاً . (١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٩٣ ، الملاحم والفتن : ٢٢١ / ٣١٩ عن زرّ بن حُبَيش ، شرح الأخبار : ٢ / ٢٨٦ / ٦٠١ كلاهما نحوه إلي "و سائقها" . ٣١٢ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب العاشر : سلونى قبل أن تفقدوني
فقال : ما هى ؟ قلت : يروون أنّ عليّاً ¼ كان يقول وهو يخطب الناس : يا أيّها الناس ، سلونى فإنّكم لن تسألونى عن شىء فيما بينى وبين الساعة ، لا عن أرض مجدبة ولا عن أرض مخصبة ، ولا فرقة تُضلّ مائة وتهدى مائة إلاّ أن لو شئت اُنبئكم بناعقها وقائدها وسائقها . قال : وإنّه حقّ(١) . ٥٦٨٨ ـ الكافى عن زرارة : كنت عند أبى جعفر ¼ ، فقال له رجل من أهل الكوفة يسأله عن قول أمير المؤمنين ¼ : سلونى عمّا شئتم ، فلا تسألونى عن شىء إلاّ أنبأتكم به . قال : إنّه ليس أحد عنده علم شىء إلاّ خرج من عند أمير المؤمنين ¼ ، فليذهب الناس حيث شاؤوا ، فو الله ليس الأمر إلاّ من هاهنا . وأشار بيده إلي بيته(٢) . ٥٦٨٩ ـ الاستيعاب عن سعيد بن المسيّب : ما كان أحد من الناس يقول : "سلونى" ، غير علىّ بن أبى طالب (ع) (٣) . ٥٦٩٠ ـ التوحيد عن الأصبغ بن نباته : لمّا جلس علىّ ¼ فى الخلافة وبايعه الناس ، خرج إلي المسجد متعمّماً بعمامة رسول الله ½ لابساً بردة رسول الله ½ (١) بصائر الدرجات : ٢٩٦ / ٢ وص ٢٩٧ / ٨ . ٣١٣ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب العاشر : سلونى قبل أن تفقدوني
متنعّلاً نعل رسول الله ½ متقلّداً سيف رسول الله ½ فصعد المنبر فجلس ¼ عليه متمكّناً ، ثمّ شبّك بين أصابعه فوضعها أسفل بَطنه ثمّ قال : يا معشرَ الناس سلونى قبل أن تفقدونى ، هذا سفط(١) العلم ، هذا لعاب رسول الله ½ هذا ما زقّنى رسول الله ½ زقّاً زقّاً . سلونى فإنّ عندى علم الأوّلين والآخرين ، أما والله لو ثُنيت لى الوِسادة فجلست عليها ; لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتي تنطق التوراة فتقول : صدق علىّ ما كذَب لقد أفتاكم بما أنزل الله فىّ ، وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتي ينطق الإنجيل فيقول : صدق عليّ ما كذَب لقد أفتاكم بما أنزل الله فىّ ، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتي ينطق القرآن فيقول : صدَق عليّ ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله فىّ . وأنتم تتلون القرآن ليلاً ونهاراً فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه ؟ ولولا آية فى كتاب الله لأخبرتكم بما كان وبما يكون وبما هو كائن إلي يوم القيامة ، وهى هذه الآية ³ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ² (٢) . ثمّ قال : سلونى قبل أن تفقدونى ، فو الله الذى فلق الحبّة وبرأ النسَمة لو سألتمونى عن آية آية فى ليل اُنزلت أو فى نهار اُنزلت ، مكّيها ومدنيّها ، سفريّها وحضريّها ، ناسخها ومنسوخها ، محكمها ومتشابهها ، وتأويلها وتنزيلها لأخبرتكم . فقام إليه رجل يقال له ذعلب وكان ذرِبَ اللسان بليغاً فى الخطب شجاع القلب فقال : لقد ارتقي ابن أبى طالب مِرقاة صعبة لاُخجلنّه اليوم لكم فى مسألتى إيّاه فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربّك ؟ (١) السَّفَطْ ، الذى يُعَبَّي فيه الطِّيب ونحوه (مجمع الحرين : ٢ / ٨٥٠) . ٣١٤ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب العاشر : سلونى قبل أن تفقدوني
قال : ويلك يا ذعلب ! لم أكن بالذى أعبد ربّاً لم أره . قال : فكيف رأيته ؟ صفه لنا . قال : ويلك ! لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ! ويلك يا ذعلب ! إنّ ربّى لا يُوصف بالبعد ولا بالحركة ولا بالسكون ولا بالقيام قيام انتصاب ولا بجيئة ولا بذهاب ، لطيف اللطافة لا يُوصف باللطف ، عظيم العظمة لا يُوصف بالعِظم ، كبير الكبرياء لا يُوصف بالكبر ، جليل الجلالة لا يُوصف بالغِلَظ . رؤوف الرحمة لا يُوصف بالرقّة . مؤمن لا بعبادة ، مدرك لا بمِجسّة ، قائل لا باللفظ ، هو فى الأشياء علي غير ممازجة ، خارج منها علي غير مباينة ، فوق كلّ شىء فلا يقال : شىء فوقه ، أمام كلّ شىء فلا يقال : له أمام ، داخل فى الأشياء لا كشىء فى شىء داخل ، وخارج منها لا كشىء من شىء خارج . فخرّ ذعلب مغشيّاً عليه ، ثمّ قال : تالله ما سمعت بمثل هذا الجواب ، والله لا عُدت إلي مثلها . ثمّ قال : سلونى قبل أن تفقدونى ، فقام إليه الأشعث بن قيس فقال : يا أمير المؤمنين ، كيف يؤخذ من المجوس الجزية ولم ينزل عليهم كتاب ولم يبعث إليهم نبىّ ؟ قال : بلي يا أشعث قد أنزل الله عليهم كتاباً وبعث إليهم رسولاً ، حتي كان لهم ملك سَكر ذات ليلة فدعا بابنته إلي فراشه فارتكبها ، فلمّا أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلي بابه فقالوا : أيّها الملك دنّست علينا دِيننا وأهلكته فاخرج نطهّرك ونُقم عليك الحدّ . فقال لهم : اجتمعوا واسمعوا كلامى فإن يكن لى مخرج ممّا ارتكبت وإلاّ ٣١٥ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب العاشر : سلونى قبل أن تفقدوني
فشأنكم . فاجتمعوا فقال لهم : هل علمتم أنّ الله لم يخلق خلقاً أكرم عليه من أبينا آدم واُمّنا حوّاء ؟ قالوا : صدقت أيّها الملك . قال : أ فليس قد زوّج بنيه من بناته وبناتَه من بنيه ؟ قالوا : صدقت هذا هو الدِّين . فتعاقدوا علي ذلك ، فمحا الله ما فى صدورهم من العلم ، ورفع عنهم الكتاب ، فهم الكفرة يدخلون النار بلا حساب . والمنافقون أشدّ حالاً منهم . قال الأشعث : والله ما سمعت بمثل هذا الجواب ، والله لا عدت إلي مثلها أبداً . ثمّ قال : سلونى قبل أن تفقدونى ، فقام إليه رجل من أقصي المسجد متوكّئاً علي عصاه ، فلم يزل يتخطّي الناس حتي دنا منه فقال : يا أمير المومنين دُلّنى علي عمل أنا إذا عملته نجّانى الله من النار . قال له : اِسمع يا هذا ثمّ افهم ثمّ استيقن ، قامت الدنيا بثلاثة : بعالِم ناطق مستعمل لعلمه ، وبغنىّ لا يبخل بماله علي أهل دين الله ، وبفقير صابر . فإذا كتم العالم علمه وبخل الغنىّ ولم يصبر الفقير فعندها الويل والثبور ! وعندها يعرف العارفون بالله أنّ الدار قد رجعت إلي بَدئها أى الكفر بعد الإيمان . أيّها السائل فلا تغترّنَّ بكثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتّي . أيّها السائل ، إنّما الناس ثلاثة : زاهد وراغب وصابر ، فأمّا الزاهد فلا يفرح بشىء من الدنيا أتاه ولا يحزن علي شىء منها فاته ، وأمّا الصابر فيتمنّاها بقلبه فإن أدرك منها شيئاً صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها ، وأمّا الراغب فلا يُبالى من حِلٍّ أصابها أم من حرام . قال له : يا أمير المؤمنين فما علامة المؤمن فى ذلك الزمان ؟ قال : ينظر إلي ما أوجب الله عليه من حقٍّ فيتولاّه ، وينظر إلي ما خالفه فيتبرّأ ٣١٦ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب العاشر : سلونى قبل أن تفقدوني
منه وإن كان حميماً قريباً . قال : صدقت والله يا أمير المومنين . ثمّ غاب الرجل فلم نره فطلبه الناس فلم يجدوه . فتبسّم علىّ ¼ علي المنبر ثمّ قال : ما لكم هذا أخى الخضر ¼ . ثمّ قال : سلونى قبل أن تفقدونى ، فلم يقم إليه أحد ، فحمد الله وأثني عليه وصلّي علي نبيّه ½ ، ثمّ قال للحسن ¼ : يا حسن قُم فاصعد المنبر فتكلّم بكلام لا تجهلك قريش من بعدى ، فيقولون : إنّ الحسن بن علىّ لا يُحسن شيئاً . قال الحسن : ¼ يا أبتِ كيف أصعد وأتكلّم وأنت فى الناس تسمع وتري ؟ قال له : بأبى واُمّى اُوارى نفسى عنك وأسمع وأري وأنت لا ترانى . فصعد الحسن ¼ المنبر فحمد الله بمحامد بليغة شريفة ، وصلّي علي النبىّ وآله صلاة موجزة ، ثمّ قال : أيّها الناس سمعت جدّى رسول الله ½ يقول : أنا مدينة العلم وعلىّ بابها وهل تُدخل المدينةُ إلاّ من بابها ثمّ نزل . فوثب إليه علىّ ¼ فحمله وضمّه إلي صدره ، ثمّ قال للحسين : يا بنىّ قم فاصعد المنبر وتكلّم بكلام لا تجهلك قريش من بعدى ، فيقولون : إنّ الحسين بن علىّ لا يُبصر شيئاً ، وليكن كلامك تبعاً لكلام أخيك . فصعد الحسين ¼ المنبر فحمد الله وأثني عليه وصلّي علي نبيّه ½ صلاة موجزة ، ثمّ قال : معاشر الناس سمعت جدّى رسول الله ½ وهو يقول : إنّ عليّاً هو مدينة هدي فمَن دخلها نجا ومن تخلّف عنها هلك . فوثب إليه علىّ فضمّه إلي صدره وقبّله ثمّ قال : معاشر الناس اشهدوا أنّهما فرخا رسول الله ½ وديعته التى استودعنيها وأنا أستودعُكموها ، معاشر الناس ورسولُ الله ½ سائلكم عنهما(١). |
||||