الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد العاشر

 

١٣٥ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السادس : الصفات السلبيّة

٦ / ١

الحدّ

٥٣١٣ ـ الإمام علىّ  ¼ : لا يُشمَل بحدٍّ ولا يُحسَب بعدٍّ ، وإنّما تَحُدّ الأدواتُ أنفسَها ، وتُشير الآلات إلي نظائرها . . . ولا يقال له حدٌّ ولا نهاية ، ولا انقطاع ولا غاية ، ولا أنّ الأشياء تحويه فتُقِلّه أو تُهوِيه(١) .

٥٣١٤ ـ عنه  ¼ : حدَّ الأشياءَ عند خلقه لها إبانةً له من شبهها . لا تُقدِّره الأوهام بالحدود والحركات ، ولا بالجوارح والأدوات(٢) .

٥٣١٥ ـ عنه  ¼ : ليس له حدٌّ ينتهى إلي حدّه(٣) .


(١) نهج البلاغة : الخطبة ١٨٦ ، الاحتجاج : ١ / ٤٧٦ و٤٧٧ / ١١٦ .
(٢) نهج البلاغة : الخطبة ١٦٣ ، بحار الأنوار : ٤ / ٣٠٦ / ٣٥ .
(٣) الكافى : ١ / ١٤٢ / ٧ ، التوحيد : ٣٣ / ١ كلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ٤ / ٢٦٦ / ١٤ .

 ١٣٦ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السادس : الصفات السلبيّة / المثل

٥٣١٦ ـ عنه  ¼ : لا يُدرَك بوَهم ، ولا يُقدَّر بفهم . . . ولا يُحَدّ بأين(١) .

٥٣١٧ ـ عنه  ¼ : فتبارك الله الذى لا يبلغه بُعدُ الهمم ، ولا يناله غوص الفطن وتعالي الذى ليس له وقت معدود ، ولا أجل ممدود ، ولا نعت محدود(٢) .

٥٣١٨ ـ عنه  ¼ : الذى لا يدركه بُعدُ الهمم ، ولا يناله غوص الفِطن ، الذى ليس لصفته حدّ محدود ، ولا نعت موجود ، ولا وقت معدود ، ولا أجل ممدود(٣) .

٥٣١٩ ـ عنه  ¼ : وحدَّ الأشياء كلّها عند خلقه ، إبانةً لها من شبهه ، وإبانة له من شبهها(٤) .

٦ / ٢

المثل

٥٣٢٠ ـ الإمام علىّ  ¼ : الذى نأي من الخلق فلا شىء كمثله(٥) .

٥٣٢١ ـ عنه  ¼ : لا له مثلٌ فيُعرف بمثله(٦) .


(١) نهج البلاغة : الخطبة ١٨٢ عن نوف البكالى ، بحار الأنوار : ٤ / ٣١٤ / ٤٠ .
(٢) الكافى : ١ / ١٣٥ / ١ عن محمّد بن أبى عبد الله ومحمّد بن يحيي جميعاً رفعاه إلي الإمام الصادق  ¼ ، التوحيد : ٤٢ / ٣ عن عبد الرحمن عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (ع) ; المعيار والموازنة : ٢٥٥ .
(٣) نهج البلاغة : الخطبة ١ ، الاحتجاج : ١ / ٤٧٣ / ١١٣ ، بحار الأنوار : ٧٧ / ٣٠٠ / ٧ نقلا عن عيون الحكمة والمواعظ وج ٤ / ٢٤٧ / ٥ وراجع المناقب للخوارزمى : ٣٠٠ / ٢٩٦ .
(٤) الكافى : ١ / ١٣٥ / ١ عن محمّد بن أبى عبد الله ومحمّد بن يحيي جميعاً رفعاه إلي الإمام الصادق  ¼ ، التوحيد : ٤٢ / ٣ عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (ع) وزاد فيه "إيّاها" بعد "خلقه" ، بحار الأنوار : ٤ / ٢٦٩ / ١٥ .
(٥) الكافى : ١ / ١٤١ / ٧ ، التوحيد : ٣٢ / ١ كلاهما عن الحارث الأعور وفيه "بان" بدل "نأي" ، بحار الأنوار : ٤ / ٢٦٦ / ١٤ .
(٦) الكافى : ١ / ١٤٢ / ٧ ، التوحيد : ٣٣ / ١ كلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ٤ / ٢٦٦ / ١٤ .

 ١٣٧ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السادس : الصفات السلبيّة / المثل

٥٣٢٢ ـ عنه  ¼ : من وحّد الله سبحانه لم يُشبّهه بالخلق(١) .

٥٣٢٣ ـ عنه  ¼ : فلا إليه حدٌّ منسوب ، ولا له مثل مضروب ، ولا شىء عنه محجوب ، تعالي عن ضرب الأمثال والصفات المخلوقة علوّاً كبيراً(٢) .

٥٣٢٤ ـ عنه  ¼ : اتّقوا الله أن تُمثِّلوا بالربّ الذى لا مثل له ، أو تُشبِّهوه بشىء من خلقه ، أو تُلقوا عليه الأوهام ، أو تُعمِلوا فيه الفكر ، أو تضربوا له الأمثال ، أو تنعتوه بنعوت المخلوقين ; فإنّ لمن فعل ذلك ناراً(٣) .

٥٣٢٥ ـ عنه  ¼ ـ مخاطباً الله عزّ وجلّ ـ : وأشهد أنّ من ساواك بشىء من خلقك فقد عدلَ بك ، والعادل بك كافر بما تنزّلت به محكمات آياتك ، ونطقت عنه شواهد حجج بيّناتك(٤) .

٥٣٢٦ ـ عنه  ¼ ـ أيضاً ـ : فأشهدُ أنّ من شبّهك بتباين أعضاء خلقك وتلاحم حقاق مفاصلهم المحتجبة لتدبير حكمتك لم يعقد غيب ضميره علي معرفتك ، ولم يباشر قلبه اليقين بأنّه لا ندّ لك ، وكأنّه لم يسمع تبرّؤ التابعين من المتبوعين إذ يقولون : ³ تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ  ± إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ  ²  (٥) (٦) .


(١) غرر الحكم : ٨٦٤٨ .
(٢) التوحيد : ٧١ / ٢٦ ، عيون أخبار الرضا : ١ / ١٢٢ / ١٥ كلاهما عن الهيثم بن عبد الله الرمّانى عن الإمام الرضا عن آبائه (ع) .
(٣) روضة الواعظين : ٤٦ ، بحار الأنوار : ٣ / ٢٩٨ / ٢٥ .
(٤) نهج البلاغة : الخطبة ٩١ ، التوحيد : ٥٤ / ١٣ نحوه وكلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق  ¼ ، بحار الأنوار : ٤ / ٢٧٧ / ١٦ .
(٥) الشعراء : ٩٧ و٩٨ .
(٦) نهج البلاغة : الخطبة ٩١ عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق  ¼ ، بحار الأنوار : ٧٧ / ٣١٨ / ١٧ .

 ١٣٨ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السادس : الصفات السلبيّة / التغيير

٦ / ٣

التغيير

٥٣٢٧ ـ الإمام علىّ  ¼ : الواحد الأحد الصمد الذى لا يغيّره صروف الأزمان(١) .

٥٣٢٨ ـ عنه  ¼ : لا يشغله شأن ، ولا يغيّره زمان ، ولا يحويه مكان(٢) .

٥٣٢٩ ـ عنه  ¼ : لا يتغيّر بحال ، ولا يتبدّل فى الأحوال ، ولا تُبليه الليالى والأيّام ، ولا يُغيّره الضياء والظلام(٣) .

٦ / ٤

الحركة والسكون

٥٣٣٠ ـ الإمام علىّ  ¼ : لا يجرى عليه السكون والحركة ، وكيف يجرى عليه ما هو أجراه ، ويعود فيه ما هو أبداه ، ويحدث فيه ما هو أحدثه ؟ إذاً لتفاوتت ذاته ، ولتجزّأ كنهه ، ولامتنع من الأزل معناه ، ولكان له وراء إذ وجد له أمام ، ولالتمس التمام إذ لزمه النقصان ! وإذاً لقامت آية المصنوع فيه ، ولتحوّل دليلا بعد أن كان مدلولا عليه ، وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثّر فيه ما يؤثّر فى غيره ؟ !(٤)

٥٣٣١ ـ عنه  ¼ : إنّ ربّى لا يوصف بالبُعد ، ولا بالحركة ولا بالسكون ، ولا بالقيام


(١) الكافى : ١ / ١٣٥ / ١ عن محمّد بن أبى عبد الله ومحمّد بن يحيي جميعاً رفعاه إلي الإمام الصادق  ¼ ، التوحيد : ٤٢ / ٣ عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (ع) ; المعيار والموازنة : ٢٥٦ وفيه "صدوف سوالف الأزمان" .
(٢) نهج البلاغة : الخطبة ١٧٨ ، بحار الأنوار : ٧٧ / ٣٠٧ / ١٢ .
(٣) نهج البلاغة : الخطبة ١٨٦ ، الاحتجاج : ١ / ٤٧٧ / ١١٦ ، بحار الأنوار : ٤ / ٢٥٤ / ٨ .
(٤) نهج البلاغة : الخطبة ١٨٦ ، الاحتجاج : ١ / ٤٧٦ / ١١٦ ، بحار الأنوار : ٥٧ / ٣٠ / ٦ .

 ١٣٩ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السادس : الصفات السلبيّة / الوالد والولد

قيامِ انتصاب ، ولا بجيئة ولا بذهاب(١) .

٥٣٣٢ ـ عنه  ¼ : المُشاهِد لجميع الأماكن بلا انتقال إليها(٢) .

٦ / ٥

الوالد والولد

٥٣٣٣ ـ الإمام علىّ  ¼ : لم يلد فيكون مولوداً ، ولم يولد فيصير محدوداً ، جلّ عن اتّخاذ الأبناء ، وطهر عن ملامسة النساء(٣) .

٥٣٣٤ ـ عنه  ¼ : لم يولد سبحانه فيكون فى العزّ مشاركاً ، ولم يلد فيكون موروثاً هالكاً(٤) .

٥٣٣٥ ـ عنه  ¼ : علا عن اتّخاذ الأبناء ، وتطهّر وتقدّس عن ملامسة النساء وعزّ وجلّ عن مجاورة الشركاء(٥) .


(١) التوحيد : ٣٠٥ / ١ ، الأمالى للصدوق : ٤٢٣ / ٥٦٠ ، الاختصاص : ٢٣٦ كلّها عن الأصبغ بن نباتة ، روضة الواعظين : ٤٠ ، بحار الأنوار : ٤ / ٢٧ / ٢ .
(٢) الكافى : ١ / ١٤٢ / ٧ ، التوحيد : ٣٣ / ١ كلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ٤ / ٢٦٦ / ١٤ .
(٣) نهج البلاغة : الخطبة ١٨٦ ، الاحتجاج : ١ / ٤٧٦ / ١١٦ ، بحار الأنوار : ٤ / ٢٥٤ / ٨ .
(٤) نهج البلاغة : الخطبة ١٨٢ عن نوف البكالى ، التوحيد : ٣١ / ١ عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ٤ / ٣١٤ / ٤٠ . وجاء فى الكافى (١ / ١٤١ / ٧) : "الذى لم يلد فيكون فى العزّ مشاركاً ، ولم يولد فيكون موروثاً هالكاً" ، كما جاء نظيرها فى روضة الواعظين : ٢٤ . ولمّا كان الراوى لهاتين الروايتين هو الحارث الأعور مع تضادّ معانيهما فالصحيح هو إحدي الروايتين . ومع ملاحظة معناهما ، وأنّ الوارد فى نهج البلاغة والتوحيد يوافق مضموناً لما ورد فى الأحاديث الثلاثة التالية والتى هى عن الإمام علىّ  ¼ والإمام الصادق  ¼ مع ورودها فى مصادر مختلفة يظهر أنّ هذا الحديث هو المنقول صحيحاً ، وإن كان النقل الآخر ـ الوارد فى الكافى ـ قابلا للتوجيه (راجع مرآة العقول : ٢ / ١٠٤ و١٠٥) .
(٥) الكافى : ١ / ١٣٦ / ١ عن محمّد بن أبى عبد الله ومحمّد بن يحيي جميعاً رفعاه إلي الإمام الصادق  ¼ ، التوحيد : ٤٣ / ٣ عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (ع) .

 ١٤٠ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السادس : الصفات السلبيّة / الوالد والولد

 ١٤١ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السابع : جوامع الأسماء والصفات

٥٣٣٦ ـ الإمام علىّ  ¼ : الحمد لله الذى لا يبلغ مدحته القائلون ، ولا يحصى نعماءه العادّون ، ولا يؤدّى حقّه المجتهدون ، الذى لا يدركه بُعد الهمم ، ولا يناله غوص الفطن ، الذى ليس لصفته حدّ محدود ، ولا نعت موجود ، ولا وقت معدود ، ولا أجل ممدود . فطر الخلائق بقدرته ، ونشر الرياح برحمته ، ووتّد بالصخور ميدان أرضه .

أوّل الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفى الصفات عنه ، لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف ، وشهادة كلّ موصوف أنّه غير الصفة .

فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزّأه ، ومن جزّأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حدّه ، ومن حدّه فقد عدّه .

ومن قال "فيم ؟" فقد ضمّنه ، ومن قال "علام ؟" فقد أخلي منه . كائن لا عن

 ١٤٢ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السابع : جوامع الأسماء والصفات

حدث ، موجود لا عن عدم مع كلّ شىء لا بمقارنة ، وغير كلّ شىء لا بمُزايلة . فاعل لا بمعني الحركات والآلة ، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه ، متوحّد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده(١) .

٥٣٣٧ ـ عنه  ¼ ـ فى الحثّ علي معرفته تعالي والتوحيد له ـ : أوّل عبادة الله معرفته ، وأصل معرفته توحيده ، ونظام توحيده نفى التشبيه عنه ، جلّ عن أن تحلّه الصفات لشهادة العقول : أنّ كل من حلّته الصفات مصنوع ، وشهادة العقول : أنّه جلّ جلاله صانع ليس بمصنوع ، بصنع الله يستدلّ عليه ، وبالعقول تُعتَقد معرفته ، وبالنظر تثبت حجّته ، جعل الخلق دليلا عليه ، فكشف به عن ربوبيّته ، هو الواحد الفرد فى أزليّته ، لا شريك له فى إلهيّته ، ولا ندّ له فى ربوبيّته ، بمضادّته بين الأشياء المتضادّة علم أن لا ضدّ له ، وبمقارنته بين الاُمور المقترنة علم أن لا قرين له(٢) .

٥٣٣٨ ـ عنه  ¼ : ما وحّده من كيّفه ، ولا حقيقته أصاب من مثّله ، ولا إيّاه عني من شبّهه ، ولا صمده من أشار إليه وتوهّمه . كلّ معروف بنفسه مصنوع ، وكلّ قائم فى سواه معلول . فاعل لا باضطراب آلة ، مقدِّر لا بجَول فكرة ، غنىّ لا باستفادة . لا تصحبه الأوقات ، ولا ترفده الأدوات .

سبق الأوقات كونه ، والعدم وجوده ، والابتداء أزله . بتشعيره المشاعر عُرف أن لا مشعر له ، وبمضادّته بين الاُمور عُرف أن لا ضدّ له ، وبمقارنته بين الأشياء


(١) نهج البلاغة : الخطبة ١ ، الاحتجاج : ١ / ٤٧٣ / ١١٣ ، بحار الأنوار : ٧٧ / ٣٠٠ / ٧ وج ٤ / ٢٤٧ / ٥ وراجع نهج الحقّ : ٦٥ .
(٢) الإرشاد : ١ / ٢٢٣ عن صالح بن كيسان ، الاحتجاج : ١ / ٤٧٥ / ١١٤ وفيه "نفى الصفات" بدل "نفى التشبيه" و"بالفكر" بدل "بالنظر" ، بحار الأنوار : ٤ / ٢٥٣ / ٦ .

 ١٤٣ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السابع : جوامع الأسماء والصفات

عُرف أن لا قرين له .

ضادّ النور بالظلمة ، والوضوح بالبهمة ، والجمود بالبلل ، والحَرور بالصرْد(١) . مؤلّفٌ بين متعادياتها ، مقارن بين متبايناتها ، مُقرِّب بين متباعداتها ، مفرّق بين متدانياتها . لا يُشمَل بحدّ ، ولا يُحسَب بعدٍّ ، وإنّما تَحُدّ الأدوات أنفسها ، وتُشير الآلات إلي نظائرها .

منعتها "منذ" القِدْمةَ ، وحمتها "قد" الأزليّةَ ، وجنّبتها "لولا" التكملةَ(٢) ! بها تجلّي صانعها للعقول ، وبها امتنع عن نظر العيون ، ولا يجرى عليه السكون والحركة ، وكيف يجرى عليه ما هو أجراه ، ويعود فيه ما هو أبداه ، ويحدث فيه ما هو أحدثه ! إذاً لتفاوتت ذاته ، ولتجزّأ كنهه ، ولامتنع من الأزل معناه ، ولكان له وراء إذ وجد له أمام ، ولالتمس التمام إذ لزمه النقصان . وإذاً لقامت آيةٌ المصنوع فيه ، ولتحوّل دليلا بعد أن كان مدلولا عليه ، وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثّر فيه ما يؤثّر فى غيره .

الذى لا يحول ولا يزول ، ولا يجوز عليه الأُفول . لم يلد فيكون مولوداً ، ولم يولد فيصير محدوداً . جلّ عن اتّخاذ الأبناء ، وطهر عن ملامسة النساء .


(١) الحرور : الريح الحارّة بالليل ، وقد تكون بالنهار . والصرَد : البَرد وقيل : شِدّته (لسان العرب : ٤ / ١٧٧ وج ٣ / ٢٤٨) .
(٢) قال ابن أبى الحديد ما خلاصته : تقدير الكلام ـ علي القول بنصب القدمة والأزليّة والتكملة ـ : أنّ إطلاق لفظة "منذ" علي الآلات والأدوات يمنعها عن كونها قديمة ; لأنّ لفظة "منذ" وضعت لابتداء الزمان ، والقديم لا ابتداء له . . . . وتقديره ـ علي القول برفعها ـ أنّ قِدم البارى وأزليّته وكماله منعت الأدوات والآلات من إطلاق لفظة "منذ" و"قد" و"لولا" عليه سبحانه ; لأنّ الله تعالي قديم كامل ، ولفظتا "منذ" و"قد" لا يطلقان إلاّ علي محدَث ، ولفظة "لولا" لا تُطلَق إلاّ علي ناقص . . . (شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٧٦ و٧٧) .

 ١٤٤ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السابع : جوامع الأسماء والصفات

لا تناله الأوهام فتقدّره ، ولا تتوهّمه الفطن فتصوّره ، ولا تدركه الحواسّ فتُحسّه ، ولا تلمسه الأيدى فتَمَسّه . ولا يتغيّر بحال ، ولا يتبدّل فى الأحوال . ولا تُبليه الليالى والأيّام ، ولا يُغيّره الضياء والظلام . ولا يوصف بشىء من الأجزاء ، ولا بالجوارح والأعضاء ، ولا بعرض من الأعراض ، ولا بالغيريّة والأبعاض .

ولا يقال له حدٌّ ولا نهاية ، ولا انقطاع ولا غاية ; ولا أنّ الاشياء تحويه فتُقِلّه أو تهويه ، أو أنّ شيئاً يحمله فيميله أو يعدّله . ليس فى الأشياء بوالج ، ولا عنها بخارج . يُخبِر لا بلسان ولَهَوات ، ويسمع لا بخروق وأدوات . يقول ولا يلفظ ، ويحفظ ولا يتحفّظ ، ويريد ولا يضمر .

يحبّ ويرضي من غير رقّة ، ويبغض ويغضب من غير مشقّة . يقول لمن أراد كونه : "كن فيكون" ، لا بصوت يقرع ، ولا بنداء يسمع ; وإنّما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثّله ، لم يكن من قبل ذلك كائناً ، ولو كان قديماً لكان إلهاً ثانياً .

لا يقال : كان بعد أن لم يكن ; فتجرى عليه الصفات المحدثات ، ولا يكون بينها وبينه فصل ، ولا له عليها فضل ; فيستوى الصانع والمصنوع ، ويتكافأ المبتدع والبديع . خلق الخلائق علي غير مثال خلا من غيره ، ولم يستعِن علي خلقها بأحد من خلقه . وأنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغال ، وأرساها علي غير قرار ، وأقامها بغير قوائم ، ورفعها بغير دعائم ، وحصّنها من الأوَد والاعوجاج ، ومنعها من التهافت والانفراج . أرسي أوتادها ، وضرب أسدادها ، واستفاض عيونها ، وخدّ أوديتها ، فلم يَهِن ما بناه ، ولا ضَعُف ما قوّاه .

هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته ، وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته ، والعالى علي كلّ شىء منها بجلاله وعزّته . لا يُعجزه شىء منها طَلَبَه ، ولا يمتنع عليه فيغلبه ، ولا يفوته السريع منها فيسبقه ، ولا يحتاج إلي ذى مال فيرزقه . خضعت

 ١٤٥ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السابع : جوامع الأسماء والصفات

الأشياء له ، وذلّت مستكينة لعظمته ، لا تسطيع الهرب من سلطانه إلي غيره فتمتنع من نفعه وضرّه ، ولا كفء له فيكافئه ، ولا نظير له فيساويه . هو المفنى لها بعد وجودها ، حتي يصير موجودها كمفقودها .

وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها بأعجب من إنشائها واختراعها . وكيف ولو اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها ، وما كان من مراحها وسائمها ، وأصناف أسناخها وأجناسها ، ومتبلِّدة اُممها وأكياسها ، علي إحداث بعوضة ما قدرت علي إحداثها ، ولا عرفت كيف السبيل إلي إيجادها ، ولتحيّرت عقولها فى علم ذلك وتاهت ، وعجزت قواها وتناهت ، ورجعت خاسئة حسيرة ، عارفة بأنّها مقهورة ، مقرّة بالعجز عن إنشائها ، مذعنة بالضعف عن إفنائها !

وإنّ الله سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شىء معه . كما كان قبل ابتدائها كذلك يكون بعد فنائها ، بلا وقت ولا مكان ، ولا حين ولا زمان . عدمت عند ذلك الآجال والأوقات ، وزالت السنون والساعات ، فلا شىء إلاّ الله الواحد القهّار الذى إليه مصير جميع الاُمور . بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها ، وبغير امتناع منها كان فناؤها ، ولو قدرت علي الامتناع لدام بقاؤها .

لم يتكاءدهُ(١) صنع شىء منها إذ صنعه ، ولم يَؤُدْهُ منها خلق ما خلقه وبرأه ، ولم يكوّنها لتشديد سلطان ، ولا لخوف من زوال ونقصان ، ولا للاستعانة بها علي ندٍّ مكاثر ، ولا للاحتراز بها من ضدٍّ مثاور ، ولا للازدياد بها فى ملكه ، ولا لمكاثرة شريك فى شركه ، ولا لوحشة كانت منه ; فأراد أن يستأنس إليها .

ثمّ هو يُفنيها بعد تكوينها ، لا لسأَم دخل عليه فى تصريفها وتدبيرها ، ولا


(١) يتكاءدهُ : أى يَصعب عليه ويَشقّ (النهاية : ٤ / ١٣٧) .

 ١٤٦ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السابع : جوامع الأسماء والصفات

لراحة واصلة إليه ، ولا لثِقَل شىء منها عليه . لا يُمِلّه طول بقائها فيدعوه إلي سرعة إفنائها ، ولكنّه سبحانه دبّرها بلطفه ، وأمسكها بأمره ، وأتقنها بقدرته ، ثمّ يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها ، ولا استعانة بشىء منها عليها ، ولا لانصراف من حال وحشة إلي حال استئناس ، ولا من حال جهل وعميً إلي حال علم والتماس ، ولا من فقر وحاجة إلي غنيً وكثرة ، ولا من ذلّ وضَعَة إلي عزٍّ وقدرة(١) .

٥٣٣٩ ـ عنه  ¼ ـ عندما استنهض الناس فى حرب معاوية فى المرّة الثانية ، فلمّا اجتمع الناس قام خطيباً ـ : الحمد لله الواحد الأحد الصمد المتفرّد الذى لا من شىء كان ، ولا من شىء خلق ما كان ، قدرة بان بها من الأشياء وبانت الأشياء منه ، فليست له صفة تُنال ولا حدٌّ تُضرَب له فيه الأمثال ، كَلَّ دون صفاته تحبير اللغات ، وضلّ هناك تصاريف الصفات ، وحار فى ملكوته عميقات مذاهب التفكير ، وانقطع دون الرسوخ فى علمه جوامع التفسير ، وحالَ دون غيبه المكنون حجب من الغيوب ، تاهت فى أدني أدانيها طامحات العقول فى لطيفات الاُمور .

فتبارك الله الذى لا يبلغه بُعد الهمم ، ولا يناله غوص الفطن ، وتعالي الذى ليس له وقتٌ معدود ، ولا أجل ممدودٌ ، ولا نعتٌ محدودٌ، سبحان الذى ليس له أوّل مبتدأ ، ولا غاية منتهي ، ولا آخر يفني .

سبحانه هو كما وصف نفسه ، والواصفون لا يبلغون نعته ، وحدّ الأشياء كلّها عند خلقه ، إبانة لها من شبهه وإبانة له من شبهها ، لم يحلل فيها فيقال : هو فيها


(١) نهج البلاغة : الخطبة ١٨٦ ، بحار الأنوار : ٧٧ / ٣١٠ / ١٤ .

 ١٤٧ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السابع : جوامع الأسماء والصفات

كائن ، ولم ينأ عنها فيقال : هو منها بائن ، ولم يخلُ منها فيقال له : أين ، لكنّه سبحانه أحاط بها علمه ، وأتقنها صنعه ، وأحصاها حفظه ، لم يعزب عنه خفيّات غيوب الهواء ، ولا غوامض مكنون ظلم الدجي ، ولا ما فى السماوات العُلي إلي الأرضين السُّفلي ، لكلّ شىء منها حافظ ورقيب ، وكلّ شىء منها بشىء محيط ، والمحيط بما أحاط منها .

الواحد الأحد الصمد ، الذى لا يغيّره صروف الأزمان ، ولا يتكأّده صنع شىء كان ، إنّما قال لما شاء : كن فكان . ابتدع ما خلق بلا مثال سبق ، ولا تعب ولا نصب ، وكلّ صانع شىء فمن شىء صنع ، والله لا من شىء صنع ما خلق ، وكلّ عالم فمِن بعد جهل تعلّم ، واللهُ لم يجهل ولم يتعلّم . أحاط بالأشياء علماً قبل كونها ، فلم يزدد بكونها علماً ، علمه بها قبل أن يكوّنها كعلمه بعد تكوينها ، لم يكوّنها لتشديد سلطان ، ولا خوف من زوال ولا نقصان ، ولا استعانة علي ضدّ مناو ، ولا ندّ مكاثر ، ولا شريك مكابر ، لكن خلائق مربوبون وعبادٌ داخرون .

فسبحان الذى لا يؤوده خلق ما ابتدأ ، ولا تدبير ما برأ ، ولا من عجز ولا من فترة بما خلق اكتفي ، علم ما خلق وخلق ما علم ، لا بالتفكير فى علم حادث أصاب ما خلق ، ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق ، لكن قضاء مبرم ، وعلم محكم ، وأمر متقَن . توحّد بالربوبيّة ، وخصّ نفسه بالوحدانيّة ، واستخلص بالمجد والثناء ، وتفرّد بالتوحيد والمجد والسناء ، وتوحّد بالتحميد ، وتمجّد بالتمجيد ، وعلا عن اتّخاذ الأبناء ، وتطهّر وتقدّس عن ملامسة النساء ، وعزّ وجلّ عن مجاورة الشركاء .

فليس له فيما خلق ضدّ ، ولا له فيما ملك ندّ ، ولم يشركه فى ملكه أحد ، الواحد الأحد الصمد ، المبيد للأبد والوارث للأمد ، الذى لم يزل ولم يزال

 ١٤٨ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السابع : جوامع الأسماء والصفات

وحدانيّاً أزليّاً ، قبل بدء الدهور وبعد صروف الاُمور ، الذى لا يبيد ولا ينفد ، بذلك أصف ربّى فلا إله إلاّ الله ، من عظيم ما أعظمه ؟ ! ومن جليل ما أجلّه ؟ ! ومن عزيز ما أعزّه ؟ ! وتعالي عمّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً(١) .

٥٣٤٠ ـ عنه  ¼ ـ فى خطبته فى مسجد الكوفة ـ : الحمد لله الذى لا من شىء كان ، ولا من شىء كوّن ما قد كان ، المستشهد بحدوث الأشياء علي أزليّته ، وبما وسمها به من العجز علي قدرته ، وبما اضطرّها إليه من الفناء علي دوامه ، لم يخل منه مكان فيدرك بأينيّته ، ولا له شبح مثال فيوصف بكيفيّته ، ولم يغِب عن شىء فيعلم بحيثيّته .

مباين لجميع ما أحدث فى الصفات ، وممتنع عن الإدراك بما ابتدع من تصريف الذوات ، وخارج بالكبرياء والعظمة من جميع تصرّف الحالات ، محرَّم علي بوارع ناقبات الفطن تجديدها ، وعلي غوامض ثاقبات الفكر تكييفه وعلي غوائص سابحات النظر تصويره .

لا تحويه الأماكن لعظمته ، ولا تدركه المقادير لجلاله ، ولا تقطعه المقائيس لكبريائه ، ممتنع عن الأوهام أن تكتنهه ، وعن الأفهام أن تستغرقه ، وعن الأذهان أن تمثّله ، وقد يئست من استنباط الإحاطة به طوامح العقول ، ونضبت عن الإشارة إليه بالاكتناه بحار العلوم ، ورجعت بالصغر عن السموّ إلي وصف قدرته لطائف الخصوم .

واحد لا من عدد ، ودائم لا بأمد ، وقائم لا بعمد ، ليس بجنس فتعادِلَه


(١) الكافى : ١ / ١٣٤ / ١ عن محمّد بن أبى عبد الله ومحمّد بن يحيي جميعاً رفعاه إلي الإمام الصادق  ¼ ، التوحيد : ٤١ / ٣ عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه (ع) ، بحار الأنوار : ٤ / ٢٦٩ / ١٥ .

 ١٤٩ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السابع : جوامع الأسماء والصفات

الأجناس ، ولا بشبح فتضارعه الأشباح ، ولا كالأشياء فتقع عليه الصفات ، قد ضلّت العقول فى أمواج تيّار إدراكه ، وتحيّرت الأوهام عن إحاطة ذكر أزليّته ، وحَصِرت الأفهام عن استشعار وصف قدرته ، وغرقت الأذهان فى لجج أفلاك ملكوته ، مقتدر بالآلاء ، وممتنع بالكبرياء ، ومتملّك علي الأشياء .

فلا دهر يُخلقه ولا زمان يُبليه ، ولا وصف يُحيط به ، وقد خضعت له الرقاب الصعاب فى محلّ تخوم قرارها ، وأذعنت له رواصن الأسباب فى منتهي شواهق أقطارها ، مستشهد بكليّة الأجناس علي ربوبيّته ، وبعجزها علي قدرته ، وبفطورها علي قدمته ، وبزوالها علي بقائه ، فلا لها محيص عن إدراكه إيّاها ، ولا خروج من إحاطته بها ، ولا احتجاب عن إحصائه لها ، ولا امتناع من قدرته عليها .

كفي بإتقان الصنع لها آية ، وبمركب الطبع عليها دلالة ، وبحدوث الفطر عليها قدمة ، وبإحكام الصنعة لها عبرة(١) .

٥٣٤١ ـ عنه  ¼ : الحمد لله الذى منع الأوهام أن تنال إلاّ وجوده ، وحجب العقول أن تتخيّل ذاته لامتناعها من الشبه والتشاكل ، بل هو الذى لا يتفاوت فى ذاته ، ولا يتبعّض بتجزئة العدد فى كماله .

فارقَ الأشياء لا علي اختلاف الأماكن ، ويكون فيها لا علي وجه الممازجة . وعلِمَها لا بأداة ; لا يكون العلم إلاّ بها . وليس بينه وبين معلومه علم غيره به كان عالماً بمعلومه . إن قيل : كان ، فعلي تأويل أزليّة الوجود ، وإن قيل : لم يزل ، فعلي


(١) عيون أخبار الرضا : ١ / ١٢١ / ١٥ ، التوحيد : ٦٩ / ٢٦ كلاهما عن الهيثم بن عبد الله الرمانى عن الإمام الرضا عن آبائه (ع) ، البلد الأمين : ٩٢ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ٤ / ٢٢١ / ٢ .

 ١٥٠ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السابع : جوامع الأسماء والصفات

تأويل نفى العدم(١) .

٥٣٤٢ ـ عنه  ¼ : الحمد لله الذى بطن خفيّات الاُمور ، ودلّت عليه أعلام الظهور ، وامتنع علي عين البصير ; فلا عين من لم يره تُنكره ، ولا قلب من أثبته يُبصره . سبق فى العلوّ فلا شىء أعلي منه ، وقرب فى الدنوّ فلا شىء أقرب منه .

فلا استعلاؤه باعده عن شىء من خلقه ، ولا قربه ساواهم فى المكان به ، لم يُطلِع العقول علي تحديد صفته ، ولم يحجبها عن واجب معرفته ، فهو الذى تشهد له أعلام الوجود علي إقرار قلب ذى الجحود . تعالي الله عمّا يقوله المشبّهون به والجاحدون له علوّاً كبيراً(٢) .

٥٣٤٣ ـ عنه  ¼ : قريب من الأشياء غير ملابس ، بعيد منها غير مباين ، متكلّم لا برَوِيّة ، مريد لا بهمّة ، صانع لا بجارحة ، لطيف لا يوصف بالخفاء ، كبير لا يوصف بالجفاء ، بصير لا يوصف بالحاسّة ، رحيم لا يوصف بالرقّة ، تعنو الوجوه لعظمته ، وتجب القلوب من مخافته(٣) .

٥٣٤٤ ـ عنه  ¼ : الحمد لله الذى لم تسبق له حال حالا ، فيكون أوّلا قبل أن يكون آخراً ، ويكون ظاهراً قبل أن يكون باطناً ، كلّ مسمّي بالوحدة غيره قليل ، وكلّ


(١) الكافى : ٨ / ١٨ / ٤ عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر  ¼ ، التوحيد : ٧٣ / ٢٧ ، الأمالى للصدوق : ٣٩٩ / ٥١٥ كلاهما عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عن آبائه عنه (ع) نحوه وفيهما "أعجز الأوهام" بدل "منع الأوهام" ، تحف العقول : ٩٢ وفيه "أعدم الأوهام" بدل "منع الأوهام" ، بحار الأنوار : ٧٧ / ٢٨٠ / ١ .
(٢) نهج البلاغة : الخطبة ٤٩ ، شرح الأخبار : ٢ / ٣١١ / ٦٤٠ نحوه وفيه "و استتر بلطفه عن عين البصيرة" بدل "و امتنع علي عين البصير" ، بحار الأنوار : ٤ / ٣٠٨ / ٣٦ .
(٣) نهج البلاغة : الخطبة ١٧٩ ، بحار الأنوار : ٧٢ / ٢٧٩ .

 ١٥١ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السابع : جوامع الأسماء والصفات

عزيز غيره ذليل ، وكّل قوىّ غيره ضعيف ، وكلّ مالك غيره مملوك ، وكلّ عالم غيره متعلّم(١) .

٥٣٤٥ ـ عنه  ¼ : لا إله إلاّ الله الشاكر للمطيع له ، المملى للمشرك به ، القريب ممّن دعاه علي حال بعده ، والبرّ الرحيم بمن لجأ إلي ظلّه واعتصم بحبله .

ولا إله إلاّ الله المجيب لمن ناداه بأخفض صوته ، السميع لمن ناجاه لأغمض سر ّ ه ، الرؤوف بمن رجاه لتفريج همّه ، القريب ممّن دعاه لتنفيس كربه وغمّه .

ولا إله إلاّ الله الحليم عمّن ألحد فى آياته ، وانحرف عن بيّناته ، ودان بالجحود فى كلّ حالاته . والله أكبر القاهر للأضداد ، المتعالى عن الأنداد ، المتفرّد بالمنّة علي جميع العباد ، والله أكبر المحتجب بالملكوت والعزّة ، المتوحّد بالجبروت والقدرة ، المتردّى بالكبرياء والعظمة ، والله أكبر المتقدّس بدوام السلطان ، والغالب بالحجّة والبرهان ، ونفاذ المشيّة فى كلّ حين وأوان(٢) .

٥٣٤٦ ـ حلية الأولياء عن النعمان بن سعد : كنت بالكوفة فى دار الإمارة دار علىّ بن أبى طالب ، إذ دخل علينا نوف بن عبد الله فقال : يا أمير المؤمنين بالباب أربعون رجلاً من اليهود فقال علىٌّ : علىّ بهم ، فلمّا وقفوا بين يديه قالوا له : يا علىّ صف لنا ربّك هذا الذى فى السماء ، كيف هو ؟ وكيف كان ؟ ومتي كان ؟ وعلي أىّ شىء هو ؟

فاستوي علىٌّ جالساً وقال : معشر اليهود ! اسمعوا منّى ولا تبالوا أن تسألوا أحداً غيري! إنّ ربّى عزّ وجلّ هو الأوّل لم يبد من ما، ولا ممازج مع ما ، ولا حالّ


(١) نهج البلاغة : الخطبة ٦٥ ، بحار الأنوار : ٤ / ٣٠٩ / ٣٧ .
(٢) البلد الأمين : ٩٣ ، بحار الأنوار : ٩٠ / ١٣٩ / ٧ .

 ١٥٢ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السابع : جوامع الأسماء والصفات

وهماً ، ولا شبحٌ يُتقصّي ، ولا محجوبٌ فيُحوي ، ولا كان بعد أن لم يكن فيُقال حادث ، بل جلّ أن يُكيِّف المكيِّف الأشياء كيف كان ، بل لم يزل ولا يزول لاختلاف الأزمان ، ولا لتقلّب شان بعد شان .

وكيف يوصف بالأشباح ، وكيف ينعت بالألسن الفِصاح من لم يكن فى الأشياء .

فيقال : بائن ولم يبِنْ عنها فيقال : كائن ؟ بل هو بلا كيفيّة ، وهو أقرب من حبل الوريد ، وأبعد فى الشبَه من كلّ بعيد ، لا يخفي عليه من عباده شخوص لحظة ، ولا كرور لفظة ، ولا ازدلاف رقوة ، ولا انبساط خطوة ، فى غسق ليل داج ، ولا ادلاج ، ولا يتغشّي عليه القمر المنير ، ولا انبساط الشمس ذات النور بضوئهما فى الكُرور ، ولا إقبال ليل مقبل ، ولا إدبار نهار مدبر إلاّ وهو محيط بما يريد من تكوينه .

فهو العالم بكلّ مكان ، وكلّ حين وأوان ، وكلّ نهاية ومدّة ، والأمد إلي الخلق مضروب ، والحدّ إلي غيره منسوب ، لم يخلق الأشياء من اُصول أوليّة ولا بأوائل كانت قبله بديّة ، بل خلق ما خلق فأقام خلقه . وصوّر ما صوّر فأحسن صورته ، توحّد فى علوّه .

فليس لشىء منه امتناع ، ولا له بطاعة شىء من خلقه انتفاع ، إجابته للداعين سريعة ، والملائكة فى السماوات والأرضين له مطيعة ، علمه بالأموات البائدين كعلمه بالأحياء المتقلّبين ، وعلمه بما فى السماوات العُلي كعلمه بما فى الأرض السفلي ، وعلمه بكلّ شىء .

لا تحيّره الأصوات ، ولا تشغله اللغات ، سميع للأصوات المختلفة ، بلا جوارح له مؤتلفة ، مدبّر بصير ، عالم بالاُمور ، حىّ قيّوم ، سبحانه .

 ١٥٣ - المجلد العاشر / القسم الحادى عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الأوّل : معرفة الله / الباب السابع : جوامع الأسماء والصفات

كلّم موسي تكليماً بلا جوارح ولا أدوات ولا شَفَة ولا لَهَوات ، سبحانه وتعالي عن تكييف الصفات .

من زعم أنّ إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود ، ومن ذكر أنّ الأماكن به تحيط لزمته الحيرة والتخليط ، بل هو المحيط بكلّ مكان .

فإن كنت صادقاً أيّها المتكلّف لوصف الرحمن بخلاف التنزيل والبرهان فصف لنا جبريل وميكائيل وإسرافيل ، هيهات ! أ تعجز عن صفة مخلوق مثلك وتصف الخالق المعبود ؟ ! وأنت تدرك صفة ربّ الهيئة والأدوات ، فكيف من لم تأخذه سنة ولا نوم ، له ما فى الأرضين والسماوات ، وما بينهما وهو ربّ العرش العظيم !(١)


(١) حلية الأولياء : ١ / ٧٢ ، كنز العمّال : ١ / ٤٠٨ / ١٧٣٧ .