٣٤٣ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره
٧ / ١ ٧ / ١ ـ ١ ٦٣٠٠ ـ شرح نهج البلاغة عن علىّ بن محمّد المدائنى : كتب معاوية نسخة واحدة إلي عمّاله بعد عام الجماعة : أن برئت الذمّة ممّن روي شيئاً من فضل أبى تراب وأهل بيته . فقامت الخطباء فى كلّ كورة وعلي كلّ منبر يلعنون عليّاً ، ويبرؤون منه ، ويقَعون فيه وفى أهل بيته(١) . ٣٤٤ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / منع ذكر مناقبه / خطاب دورى فى منع ذكر مناقبه
٦٣٠١ ـ الاحتجاج : نادي منادى معاوية : أن قد برئت الذمّة ممّن يروى حديثاً من مناقب علىّ وفضل أهل بيته . وكان أشدّ الناس بليّةً أهل الكوفة ; لكثرة مَن بها من الشيعة(١) . ٦٣٠٢ ـ المناقب لابن شهر آشوب : نادي معاوية : أن برئت الذمّة ممّن روي حديثاً من مناقب علىّ ¼ . حتي قال عبد الله بن شدّاد الليثى : وددت أنّى اُترك أن اُحدّث بفضائل علىّ بن أبى طالب يوماً إلي الليل ، وأنّ عنقى ضُربت ! فكان المحدّث يحدّث بحديث فى الفقه ، أو يأتى بحديث المبارزة ، فيقول : قال رجل من قريش . وكان عبد الرحمن بن أبى ليلي يقول : حدّثنى رجل من أصحاب رسول الله ½ . وكان الحسن البصرى يقول : قال أبو زينب . وسُئل ابن جبير عن حامل اللواء ، فقال : كأنّك رخىّ البال(٢) !(٣) ٦٣٠٣ ـ أنساب الأشراف عن عبد الله بن فائد وسحيم بن حفص : كتب معاوية إلي المغيرة بن شعبة : أظهِر شتم علىّ وتنقّصه(٤) . ٦٣٠٤ ـ تاريخ الطبرى عن المغيرة بن شعبة ـ لصعصعة ـ : إيّاك أن يبلغنى عنك أنّك تَعيب عثمان عند أحد من الناس ، وإيّاك أن يبلغنى عنك أنّك تُظهر شيئاً من فضل علىّ علانية ، فإنّك لست بذاكر من فضل علىّ شيئاً أجهله ، بل أنا أعلم بذلك ، ولكنّ هذا السلطان قد ظهر ، وقد أخذنا بإظهار عيبه للناس ، فنحن نَدَع كثيراً ممّا أمرنا به ، ونذكر الشىء الذى لا نجد منه بدّاً ; ندفع به هولاء القوم عن (١) الاحتجاج : ٢ / ٨٣ / ١٦٢ وراجع كتاب سليم بن قيس : ٢ / ٧٨١ / ٢٦ . ٣٤٥ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / منع ذكر مناقبه / منع الرواية عنه
أنفسنا تقيّة ، فإن كنتَ ذاكراً فضله فاذكره بينك وبين أصحابك وفى منازلكم سرّاً ، وأمّا علانية فى المسجد فإنّ هذا لا يحتمله الخليفة لنا ، ولا يعذرنا به(١) . ٦٣٠٥ ـ أنساب الأشراف عن النضر بن إسحاق الهذلى : إنّ الحجّاج سأل الحسن [البصري] عن علىّ ¼ ، فذكر فضله . فقال : لا تُحدّثنّ فى مسجدنا ، فخرج فتواري(٢) . ٦٣٠٦ ـ المستدرك علي الصحيحين عن مالك بن دينار : سألت سعيد بن جبير ، فقلت : يا أبا عبد الله ، من كان حامل راية رسول الله ½ ؟ قال : فنظر إلىَّ وقال : كأنّك رخىّ البال ! فغضبتُ ، وشكوتُه إلي إخوانه من القرّاء ، فقلت : أ لا تعجبون من سعيد ، إنّى سألته : من كان حامل راية رسول الله ½ ، فنظر إلىَّ وقال : إنّك لَرخىّ البال ! قالوا : إنّك سألته وهو خائف من الحجّاج ، وقد لاذ بالبيت ، فسَله الآن . فسألته ، فقال : كان حاملها علىّ (ع) (٣) . ٧ / ١ ـ ٢ ٦٣٠٧ ـ تهذيب الكمال عن يونس بن عبيد : سألت الحسن [البصري] ، قلت : يا أبا سعيد ، إنّك تقول : "قال رسول الله ½ " وإنّك لم تدركه ؟ قال : يابن أخى ، لقد سألتَنى عن شىء ما سألنى عنه أحد قبلك ، ولولا منزلتك منّى ما أخبرتك ، إنّى فى زمان كما تري ـ وكان فى عمل الحجّاج ـ كلّ شىء سمعتنى أقول : "قال (١) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٨٩ عن مرّة بن منقذ بن النعمان ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٦١ . ٣٤٦ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / منع ذكر مناقبه / منع ذكره بخير
رسول الله ½ " فهو عن علىّ بن أبى طالب ، غير أنّى فى زمان لا أستطيع أن أذكر عليّاً(١) . ٦٣٠٨ ـ الإرشاد : فيما انتهي إليه الأمر فى دفن فضائل أمير المؤمنين ¼ والحيلولة بين العلماء ونشرها ما لا شبهة فيه علي عاقل ، حتي كان الرجل إذا أراد أن يروى عن أمير المؤمنين رواية لم يستطِع أن يضيفها إليه بذكر اسمه ونسبه ، وتدعوه الضرورة إلي أن يقول : حدّثنى رجل من أصحاب رسول الله ½ ، أو يقول : حدّثنى رجل من قريش ، ومنهم من يقول : حدّثنى أبو زينب(٢) . ٧ / ١ ـ ٣ ٦٣٠٩ ـ الاحتجاج عن معاوية ـ لابن عبّاس ـ : إنّا قد كتبنا فى الآفاق ننهي عن ذكر مناقب علىّ وأهل بيته ، فكفّ لسانك . فقال : يا معاوية أ تنهانا عن قراءة القرآن ؟ ! قال : لا . قال : أ فتهانا عن تأويله ؟ ! قال : نعم . قال : فنقرؤه ولا نسأل عمّا عني الله به ! ثمّ قال : فأيّهما أوجب علينا ; قراءته ، أو العمل به ؟ قال : العمل به . قال : فكيف نعمل به ولا نعلم ما عني الله به ؟ ! قال : سَل عن ذلك من يتأوّله علي غير ما تتأوّله أنت وأهل بيتك . قال : إنّما أنزل الله القرآن علي أهل بيتى ، أ فأسأل عنه آل أبى سفيان ؟ ! يا معاوية أ تنهانا أن نعبد الله بالقرآن بما فيه من حلال وحرام ! فإن لم تسأل ٣٤٧ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / منع ذكر مناقبه / منع التسمية باسمه
الاُمّة عن ذلك حتي تعلم تهلك وتختلف . قال : اقرؤوا القرآن وتأوّلوه ، ولا ترووا شيئاً ممّا أنزل الله فيكم ، وارووا ما سوي ذلك . قال : فإنّ الله يقول فى القرآن : ³ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئـُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَي اللَّهُ إِلآَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ² (١) (٢) . ٦٣١٠ ـ الإرشاد ـ فى بيان مظلوميّة أمير المؤمنين ¼ ـ : وكانت الولاة الجَوَرة تضرب بالسياط من ذكره بخير ، بل تضرب الرقاب علي ذلك ، وتعترض الناس بالبراءة منه . والعادة جارية فيمن اتّفق له ذلك أن لا يذكر علي وجه بخير ، فضلاً عن أن تذكر له فضائل ، أو تروي له مناقب ، أو تثبت له حجّة بحقّ(٣) . ٦٣١١ ـ الأغانى عن ابن شهاب بن عبد الله : قال لى خالد بن عبد الله القسرى ـ أحد ولاة بنى اُميّة ـ : . . . اُكتب لى السيرة . فقلت له : فإنّه يمرّ بى الشىء من سير علىّ بن أبى طالب صلوات الله عليه فأذكره . فقال : لا ، إلاّ أن تراه فى قعر الجحيم(٤) . ٧ / ١ ـ ٤ ٦٣١٢ ـ الكامل عن أبى العبّاس : يروي عن علىّ بن أبى طالب رحمة الله عليه أنّه (١) التوبة : ٣٢ . ٣٤٨ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / وضع الأحاديث فى ذمّه
افتقد عبد الله بن العباس فى وقت صلاة الظهر ، فقال لأصحابه : ما بال أبى العباس لم يحضر ؟ فقالوا : ولد له مولود . فلمّا صلّي علىّ § قال : امضوا بنا إليه ، فأتاه فهنّأه ، فقال : شكرتُ الواهبَ ، وبورِك لك فى الموهوب ، ما سمّيته ؟ قال : أ وَيجوز لى أن اُسمّيه حتي تسمّيه ؟ ! فأمر به ، فاُخرج اليه ، فأخذه ، فحنّكه ، ودعا له ، ثمّ ردّه إليه ، وقال : خذه إليك أبا الأملاك ، قد سمّيتُه عليّاً ، وكنّيتُه أبا الحسن . فلمّا قام معاوية ، قال لابن عبّاس : ليس لكم اسمه وكنيته ، وقد كنّيتُه : أبا محمّد ، فجَرَت عليه(١) . ٦٣١٣ ـ لسان الميزان : أمّا علىّ بن الجهم بن بدر بن محمّد بن مسعود بن أسد بن ادينة الساجى الشاعر فى أيّام المتوكّل فكان مشهوراً بالنصب ، كثير الحطّ علي علىّ وأهل البيت (ع) . وقيل : إنّه كان يلعن أباه لِمَ سمّاه عليّاً(٢) . ٧ / ٢ ٦٣١٤ ـ شرح نهج البلاغة : ذكر شيخنا أبو جعفر الإسكافى رحمه الله تعالي ـ وكان من المتحقّقين بموالاة علىّ ¼ ، والمبالغين فى تفضيله وإن كان القول (١) الكامل للمبرّد : ٢ / ٧٥٦ ، وفى حلية الأولياء : ٣ / ٢٠٧ عن جعفر بن سليمان قال : كان علىّ بن عبد الله بن العبّاس يُكنّي أبا الحسن ، فلمّا قدم علي عبد الملك قال له : غيّر اسمك وكنيتك ، فلا صبر لى علي اسمك وكنيتك ، فقال : أمّا الاسم فلا ، وأمّا الكنية فأكتنى بأبى محمّد ، فغيّر كنيته . ٣٤٩ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / وضع الأحاديث فى ذمّه
بالتفضيل عامّاً شائعاً فى البغداديّين من أصحابنا كافّة إلاّ أنّ أبا جعفر أشدّهم فى ذلك قولاً ، وأخلصهم فيه اعتقاداً ـ أنّ معاوية وضع قوماً من الصحابة ، وقوماً من التابعين علي رواية أخبار قبيحة فى علىّ ¼ ، تقتضى الطعن فيه ، والبراءة منه ، وجعل لهم علي ذلك جعلاً يُرغَب فى مثله ، فاختلقوا ما أرضاه ، منهم : أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين : عروة بن الزبير . روي الزهرى أنّ عروة بن الزبير حدّثه ، قال : حدّثتنى عائشة ، قالت : كنت عند رسول الله ، إذ أقبل العبّاس وعلىّ ، فقال : يا عائشة ، إنّ هذين يموتان علي غير ملّتى !! أو قال دينى . . . . وأمّا عمرو بن العاص ، فروي عنه الحديث الذى أخرجه البخارى ومسلم فى صحيحيهما مسنداً متّصلاً بعمرو بن العاص ، قال : سمعت رسول الله ½ يقول : إنّ آل أبى طالب ليسوا لى بأولياء ، إنّما وليّى الله ، وصالح المؤمنين . وأمّا أبو هريرة فروي عنه الحديث الذى معناه أنّ عليّاً ¼ خطب ابنة أبى جهل فى حياة رسول الله ½ ، فأسخطه ، فخطب علي المنبر وقال : لاهَا اللهِ ! لا تجتمع ابنة ولىّ الله وابنة عدوّ الله أبى جهل ، إنّ فاطمة بضعة منّى ; يؤذينى ما يؤذيها ، فإن كان علىّ يريد ابنة أبى جهل فليُفارق ابنتى ، وليفعل ما يريد . أو كلاماً هذا معناه ، والحديث مشهور من رواية الكرابيسى . . . . وروي الأعمش قال : لمّا قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة جاء إلي مسجد الكوفة ، فلمّا رأي كثرة من استقبله من الناس جثا علي ركبتيه ، ثمّ ضرب صلعته مراراً وقال : يا أهل العراق أ تزعمون أنّى أكذب علي الله وعلي رسوله ، واُحرق نفسى بالنار ! والله لقد سمعتُ رسول الله ½ يقول : إنّ لكلّ نبىّ ٣٥٠ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / وضع الأحاديث فى ذمّه
حرماً ، وإنّ حرمى بالمدينة ما بين عير إلي ثور(١) ، فمن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . وأشهد بالله أنّ عليّاً أحدث فيها . فلما بلغ معاوية قولَه ، أجازه ، وأكرمه ، وولاّه إمارة المدينة . . . . قال أبو جعفر : وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا ، غير مرضىّ الرواية ، ضربه عمر بالدِّرَّة وقال : قد أكثرتَ من الرواية وأحرِ(٢) بك أن تكون كاذباً علي رسول الله ½ . وروي سفيان الثورى عن منصور عن إبراهيم التيمى ، قال : كانوا لا يأخذون عن أبى هريرة إلاّ ما كان من ذكر جنّة أو نار . وروي أبو اُسامة عن الأعمش ، قال : كان إبراهيم صحيح الحديث ، فكنت إذا سمعت الحديث أتيته فعرضته عليه . فأتيته يوماً بأحاديث من حديث أبى صالح عن أبى هريرة ، فقال : دعنى من أبى هريرة ; إنّهم كانوا يتركون كثيراً من حديثه . وقد روي عن علىّ ¼ أنه قال : ألا إنّ أكذب الناس ـ أو قال أكذب الأحياء ـ علي رسول الله ½ أبو هريرة الدوسى . وروي أبو يوسف قال : قلت لأبى حنيفة : الخبر يجىء عن رسول الله ½ يخالف قياسنا ، ما تصنع به ؟ قال : إذا جاءت به الرواة الثقات عملنا به ، وتركنا الرأى . فقلت : ما تقول فى رواية أبى بكر وعمر ؟ فقال : ناهيك بهما . فقلت : علىّ وعثمان ؟ قال : كذلك . فلما رآنى أعدّ الصحابة قال : والصحابة كلّهم عدول ، ما (١) عَيْر وثَوْر : هما جبلان ; عَير بالمدينة وثَور بمكة (معجم البلدان : ٤ / ١٧٢) . ٣٥١ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / وضع الأحاديث فى ذمّه
عدا رجالاً ، ثمّ عدّ منهم أبا هريرة ، وأنس بن مالك . وروي سفيان الثورى عن عبد الرحمن بن القاسم عن عمر بن عبد الغفّار أنّ أبا هريرة لمّا قدم الكوفة مع معاوية كان يجلس بالعشيّات بباب كندة ، ويجلس الناس إليه ، فجاء شابّ من الكوفة فجلس إليه ، فقال : يا أبا هريرة ، اُنشدك الله ! أ سمعتَ رسولَ الله ½ يقول لعلىّ بن أبى طالب : اللهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ؟ ! فقال : اللهمّ نعم . قال : فأشهدُ بالله لقد واليت عدوّه ، وعاديتَ وليّه . ثمّ قام عنه . وروت الرواة أنّ أبا هريرة كان يؤاكل الصبيان فى الطريق ، ويلعب معهم ، وكان يخطب وهو أمير المدينة ، فيقول : الحمد لله الذى جعل الدين قياماً ، وأبا هريرة إماماً ; يضحك الناس بذلك . وكان يمشى ـ وهو أمير المدينة ـ فى السوق ، فإذا انتهي إلي رجل يمشى أمامه ضرب برجليه الأرض ، ويقول : الطريق ، الطريق ، قد جاء الأمير ; يعنى نفسه . قلت : قد ذكر ابن قتيبة هذا كلّه فى كتاب المعارف فى ترجمة أبى هريرة ، وقوله فيه حجّة ; لأنّه غير متّهم عليه . قال أبو جعفر : وكان المغيرة بن شعبة يلعن عليّاً ¼ لعناً صريحاً علي منبر الكوفة ، وكان بلغه عن علىّ ¼ فى أيّام عمر أنّه قال : "لئن رأيت المغيرة لأرجمنّه بأحجاره" ; يعنى واقعة الزنا بالمرأة التى شهد عليه فيها أبو بكرة ، ونكل زياد عن الشهادة ، فكان يبغضه لذاك ولغيره من أحوال اجتمعت فى نفسه . قال : وقد تظاهرت الرواية عن عروة بن الزبير أنّه كان يأخذه الزَّمَع(١) عند ذكر علىّ ¼ ، فيسبّه ، ويضرب بإحدي يديه علي الاُخري ، ويقول : وما يُغنى أنّه (١) الزَّمَع : رِعدَة تعترى الإنسان إذا همّ بأمر ، والزَّمَع: القَلَق (لسان العرب : ٨ / ١٤٤) . ٣٥٢ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / وضع الأحاديث فى ذمّه
لم يخالف إلي ما نهى عنه ، وقد أراق من دماء المسلمين ما أراق ! قال : وقد كان فى المحدّثين من يبغضه ¼ ، ويروى فيه الأحاديث المنكرة ، منهم : حريز بن عثمان ، كان يبغضه ، وينتقصه ، ويروى فيه أخباراً مكذوبة . . . . قال أبو بكر : وحدّثنى أبو جعفر ، قال : حدّثنى إبراهيم ، قال : حدثنى محمّد بن عاصم صاحب الخانات ، قال : قال لنا حريز بن عثمان : أنتم يا أهل العراق تحبّون علىّ بن أبى طالب ، ونحن نُبغضه . قالوا : لِمَ ؟ قال : لأنّه قتل أجدادى . وروي الواقدى أنّ معاوية لمّا عاد من العراق إلي الشام ـ بعد بيعة الحسن ¼ واجتماع الناس إليه ـ خطب ، فقال : أيّها الناس ! إنّ رسول الله ½ قال لى : إنّك سَتَلى الخلافة من بعدى ، فاختَر الأرض المقدّسة ; فإنّ فيها الأبدال . وقد اخترتُكم ، فالعنوا أبا تراب ! فلعنوه . فلما كان من الغد كتب كتاباً ، ثمّ جمعهم فقرأه عليهم ، وفيه : هذا كتابٌ كتبه أمير المؤمنين معاوية صاحب وحى الله الذى بعث محمّداً نبيّاً وكان اُمّيّاً لا يقرأ ولا يكتب ، فاصطفي له من أهله وزيراً كاتباً أميناً ، فكان الوحى ينزل علي محمّد وأنا أكتبه ، وهو لا يعلم ما أكتب ، فلم يكُن بينى وبين الله أحد من خلقه . فقال له الحاضرون كلّهم : صدقتَ يا أمير المؤمنين . قال أبو جعفر : وقد روى أنّ معاوية بذل لسَمرة بن جندب مائة ألف درهم حتي يروى أنّ هذه الآية نزلت فى علىّ بن أبى طالب : ³ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ± وَإِذَا تَوَلَّىٰ ٣٥٣ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / إشاعة سبّه
سَعَىٰ فِي الاَْرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ ² (١) ، وأنّ الآية الثانية نزلت فى ابن ملجم ; وهى قوله تعالي : ³ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ² (٢) ، فلم يقبل ، فبذل له مائتى ألف درهم ، فلم يقبل ، فبذل له ثلاثمائة ألف ، فلم يقبل ، فبذل له أربعمائة ألف ، فقبل ، وروي ذلك(٣) .٧ / ٣ ٧ / ٣ ـ ١ إخبار الإمام عن سبّه والبراءة منه ٦٣١٥ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى وصف معاوية ـ : أما إنّه سيظهر عليكم بعدى رجل رَحْبُ(٤) البلعوم ، مُندَحِق(٥) البطن ، يأكل ما يجد ، ويطلب ما لا يجد ، فاقتلوه ، ولن تقتلوه ! ألا وإنّه سيأمركم بسبّى ، والبراءة منّى ! فأمّا السبّ فسبّونى ; فإنّه لى زكاة ، ولكم نجاة ، وأمّا البراءة فلا تتبرّؤوا منّى ; فإنّى وُلدت علي الفطرة ، وسبقت إلي الإيمان والهجرة(٦) . (١) البقرة : ٢٠٤ و٢٠٥ . ٣٥٤ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / إشاعة سبّه / إخبار الإمام عن سبّه والبراءة منه
٦٣١٦ ـ عنه ¼ : إنّكم ستُعرضون من بعدى علي سبّى ، فسبّونى ، فإن عُرض عليكم البراءة منّى فلا تبرّؤوا منّى ; فإنّى علي الإسلام ، فمن عُرض عليه البراءة منّى فليمدد عنقه ، فإن تبرّأ منّى فلا دنيا له ولا آخرة(١) . ٦٣١٧ ـ عنه ¼ : إنّكم ستُعرضون علي سبّى ، فسبّونى ، فإن عُرضت عليكم البراءة منّى فلا تبرّؤوا منّى ، فإنّى علي الإسلام ، فليمدد أحدكم عنقه ـ ثكلته اُمّه ـ ; فإنّه لا دنيا له ولا آخرة بعد الإسلام ، ثمّ تلا : ³ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَـئـِنٌّ بِالإِْيمَانِ ² (٢) (٣) . ٦٣١٨ ـ خصائص الأئمة (ع) عن ميثم التمّار : دعانى أمير المؤمنين ¼ يوماً ، فقال لى : يا ميثم ، كيف أنت إذا دعاك دَعىّ(٤) بنى اُميّة عبيد الله بن زياد إلي البراءة منّى ؟ قلت : إذاً والله أصبر ، وذاك فى الله قليل . قال : يا ميثم ، إذاً تكون معى فى درجتى(٥) . (١) الإرشاد : ١ / ٣٢٢ ، الخرائج والجرائح : ١ / ٢٠٢ / ٤٣ وفيه إلي "فلا تبرّؤوا منّى" وراجع الأمالى للطوسى : ٢١٠ / ٣٦٢ والمناقب للكوفى : ٢ / ٥٦٥ / ١٠٧٧ . ٣٥٥ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / إشاعة سبّه / إخبار الإمام عن سبّه والبراءة منه
٦٣١٩ ـ الإمام الباقر ¼ : خطب علىّ ¼ علي منبر الكوفة ، فقال : سيعرض عليكم سبّى ، وستذبحون عليه ; فإن عُرض عليكم سبّى فسبّونى ، وإن عُرض عليكم البراءة منّى فإنّى علي دين محمّد ½ . ولم يقُل : فلا تبرّؤوا منّى(١) . ٦٣٢٠ ـ الإمام الصادق ¼ : قال علىّ ¼ : والله لتُذبحنّ علي سبّى ـ وأشار بيده إلي حلقه ـ ثمّ قال : فإن أمروكم بسبّى ، فسبّونى ، وإن أمروكم أن تبرؤوا منّى فإنّى علي دين محمّد ½ . ولم ينَههم عن إظهار البراءة(٢) . ٦٣٢١ ـ الكافى عن مسعدة بن صدقة : قيل لأبى عبد الله ¼ : إنّ الناس يروون أنّ عليّاً ¼ قال علي منبر الكوفة : أيّها الناس ، إنّكم ستُدعون إلي سبّى ، فسبّونى ، ثمّ تُدعون إلي البراءة منّى ، فلا تبرؤوا منّى . فقال : ما أكثر ما يكذب الناس علي علىّ ¼ ! ثمّ قال : إنّما قال : إنّكم ستُدعون إلي سبّى ، فسبّونى ، ثمّ ستُدعون إلي البراءة منّى وإنّى لعلي دين محمّد . ولم يقُل : لا تبرؤوا منّى . فقال له السائل : أرأيت إن اختار القتل دون البراءة ؟ فقال : والله ما ذلك عليه ، وما له إلاّ ما مضي عليه عمّار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكّة وقلبه مطمئنّ بالإيمان ، فأنزل الله عزّ وجلّ فيه : ³ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَـئـِنٌّ بِالإِْيمَانِ ² ، فقال له النبىّ ½ عندها : يا عمّار ، إن عادوا فعُد ; فقد أنزل الله عزّ وجلّ عذرك ، وأمرك أن تعود إن عادوا(٣) . (١) شرح نهج البلاغة : ٤ / ١٠٦ عن أبى مريم الأنصارى . ٣٥٦ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / إشاعة سبّه / الأمر بسبّه والبراءة منه
٦٣٢٢ ـ الإمام علىّ ¼ : ألا إنّكم معرضون علي لعنى ودعاى كذّاباً ، فمن لعننى كارهاً مُكرَهاً ـ يعلم الله أنّه كان مُكرَهاً ـ وردتُ أنا وهو علي محمّد ½ معاً . ومن أمسك لسانه فلم يلعنّى سبقنى ; كرَميةِ سهم ، أو لَمحة بالبصر . ومن لعننى منشرحاً صدره بلَعنى فلا حجاب بينه وبين الله ، ولا حجّة له عند محمّد ½ . ألا إنّ محمّداً ½ أخذ بيدى يوماً فقال : من بايع هؤلاء الخمس ثمّ مات وهو يحبّك فقد قضي نحبه ، ومن مات وهو يبغضك مات ميتة جاهليّة ، يحاسب بما عمل فى الإسلام(١) . ٧ / ٣ ـ ٢ ٦٣٢٣ ـ المناقب لابن شهر آشوب : والأصل فى سبّه [علىّ ¼ ] ما صحّ عند أهل العلم أنّ معاوية أمر بلعنه علي المنابر ، فتكلّم فيه ابن عبّاس ، فقال : هيهات ، هذا أمر دِين ، ليس إلي تركه سبيل ، أ ليس الغاشّ لرسول الله ، الشتّام لأبى بكر ، المعيّر عمر ، الخاذل عثمان ! قال : أ تسبّه علي المنابر ، وهو بَناها بسيفه ! قال : لا أدَع ذلك حتي يموت فيه الكبير ، ويشبّ عليه الصغير(٢) . ٦٣٢٤ ـ الكامل فى التاريخ : إنّ معاوية استعمل المغيرة بن شعبة علي الكوفة سنة (١) الأمالى للمفيد : ١٢٠ / ٤ ، شرح الأخبار : ١ / ١٦٤ / ١١٩ نحوه وليس فيه من "و من أمسك" إلي "عند محمّد ½ " وكلاهما عن مالك بن ضمرة . ٣٥٧ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / إشاعة سبّه / الأمر بسبّه والبراءة منه
إحدي وأربعين ، فلمّا أمّره عليها دعاه وقال له : أمّا بعد ، فإنّ لذى الحلم قبل اليوم ما تُقرَع العصا(١) ، وقد يجزى عنك الحكيم بغير التعليم . وقد أردتُ إيصاءك بأشياء كثيرة ، أنا تاركها اعتماداً علي بصرك ، ولستُ تاركاً إيصاءك بخصلة : لا تترك شتم علىّ وذمّه ، والترحّم علي عثمان والاستغفار له ، والعيب لأصحاب علىّ والإقصاء لهم ، والإطراء بشيعة عثمان والإدناء لهم(٢) . ٦٣٢٥ ـ المستدرك علي الصحيحين عن عبد الله بن ظالم : كان المغيرة بن شعبة ينال فى خطبته من علىّ ، وأقام خطباء ينالون منه(٣) . ٦٣٢٦ ـ أنساب الأشراف : ولّي معاوية المغيرةَ بن شعبة الكوفة ، فأقام بها تسع سنين ، وهو أحسن رجل سيرةً ! ! وأشدّه حبّاً للعافية ، غير أنّه لا يَدع ذمّ علىّ والوقيعة فيه ! ! والعيب لقَتَلة عثمان واللعن لهم(٤) . ٦٣٢٧ ـ أنساب الأشراف : كان للوليد بن عثمان بن عفّان ابن يُظهر التألُّه يقال له : عبد الله بن الوليد ، وكان يلعن عليّاً ويقول : قتل جدّىّ عثمانَ والزبيرَ ـ وكانت اُمّه ابنة الزبير بن العوّام ـ . وقام إلي هشام بن عبد الملك وهو علي المنبر عشيّةَ عرفة فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّ هذا يوم كانت الخلفاء تستحبّ فيه لعن أبى تراب ! فقال له : يا (٢) الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٨٨ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٥٣ ، أنساب الأشراف : ٥ / ٢٥٢ نحوه . ٣٥٨ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / إشاعة سبّه / سبّه علي المنابر
عبد الله ، إنّا لم نأتِ هاهنا لسبّ الناس ولعنهِم !(١) ٧ / ٣ ـ ٣ ٦٣٢٨ ـ المناقب لابن المغازلى عن أبى معاوية هشيم بن بشير الواسطى : أدركت خطباء أهل الشام بواسط(٢) فى زمن بنى اُمية ، كان إذا مات لهم ميّت قام خطيبهم فحمد الله وأثني عليه ، ثمّ ذكر علىّ بن أبى طالب فسبّه . فحضرتُهم يوماً وقد مات لهم ميّت ، فقام خطيبهم ، فحمد الله وأثني عليه ، وذكر عليّاً ¼ فسبّه ، فجاء ثور فوضع قرنيه فى ثدييه وألزقه بالحائط ، فعصره حتي قتله ، ثمّ رجع يشقّ الناس يميناً وشمالا لا يهيج أحداً ولا يؤذيه(٣) . ٦٣٢٩ ـ مروج الذهب : ذكر بعض الأخباريّين أنّه قال لرجل من أهل الشام من زعمائهم وأهل الرأى والعقل منهم : مَن أبو تراب هذا الذى يلعنه الإمام علي المنبر ؟ قال : أراه لصّاً من لصوص الفتن(٤) . ٦٣٣٠ ـ الغارات عن الواقدى : إنّ عمر بن ثابت . . . كان يركب ويدور فى القري بالشام ، فإذا دخل قريةً جمع أهلها ، ثمّ يقول : أيّها الناس ! إنّ علىّ بن أبى طالب كان رجلا منافقاً ، أراد أن ينخس برسول الله ½ ليلة العقبة ، فالعنوه . (١) أنساب الأشراف : ٦ / ٢٤٥ ، شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢٢١ وج ٤ / ٥٧ وج ١٥ / ٢٥٦ كلّها نحوه من "قام . . ." . ٣٥٩ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / إشاعة سبّه / سبّه علي المنابر
قال : فيلعنه أهل تلك القرية ، ثمّ يسير إلي القرية الاُخري ، فيأمرهم بمثل ذلك(١) . قال العلاّمة الأمينى § : لم يزَل معاوية وعمّاله دائبين علي ذلك [لعن الإمام ¼ ]حتي تمرَّن عليه الصغير ، وهرم الشيخ الكبير ، ولعلّ فى أوليات الأمر كان يوجد هناك من يمتنع عن القيام بتلك السبّة المخزية ، وكان يسَع لبعض النفوس الشريفة أن يتخلّف عنها ، غير أنّ شدّة معاوية ـ الحليم فى إجراء اُحدوثته ـ وسطوة عمّاله ـ الخصماء الألدّاء علي أهل بيت الوحى ، وتهالكهم دون تدعيم تلك الإمرة الغاشمة ، وتنفيذ تلك البدعة الملعونة ـ حكمت فى البلاء ، حتي عمّت البلوي ، وخضعت إليها الرقاب ، وغلّلتها أيدى الجور تحت نِير(٢) الذلّ والهوان . فكانت العادة مستمرّة منذ شهادة أمير المؤمنين ¼ إلي نهى عمر بن عبد العزيز ، طيلة أربعين سنة(٣) ، علي صهوات المنابر ، وفى الحواضر الإسلاميّة كلّها ; من الشام إلي الرى إلي الكوفة إلي البصرة إلي عاصمة الإسلام المدينة المشرّفة إلي حرم أمن الله مكّة المعظّمة إلي شرق العالم الإسلامى وغربه ، وعند مجتمعات المسلمين جمعاء . . . . واتّخذوا ذلك كعقيدة راسخة ، أو فريضة ثابتة ، أو سنّة متّبعة ، يرغب فيها بكلّ شوق وتوق(٤) حتي أنّ عمر بن عبد العزيز لمّا منع عنها ـ لحكمة عمليّة ـ أو (١) الغارات : ٢ / ٥٨١ ; شرح نهج البلاغة : ٤ / ١٠٣ وفيه "عمرو بن ثابت" بدل "عمر بن ثابت" . ٣٦٠ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / إشاعة سبّه / خطبة الإمام لمّا بلغه خبر سبّه
لسياسة وقتيّة ـ حسبوه كأنّه جاء بطامّة كبري ، أو اقترف إثماً عظيماً(١) . ٧ / ٣ ـ ٤ خطبة الإمام لمّا بلغه خبر سبّه ٦٣٣١ ـ الإمام الباقر ¼ : خطب أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب صلوات الله عليه بالكوفة بعد منصرفه من النهروان وبلغه أنّ معاوية يسبّه ويلعنه ويقتل أصحابه ، فقام خطيباً ، فحمد الله ، وأثني عليه ، وصلّي علي رسول الله ½ ، وذكر ما أنعم الله علي نبيّه وعليه ، ثمّ قال : لولا آية فى كتاب الله ما ذكرتُ ما أنا ذاكره فى مقامى هذا ، يقول الله عزّ وجلّ : ³ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ² (٢) . اللهمّ لك الحمد علي نِعمك التى لا تُحصي ، وفضلك الذى لا يُنسي . يا أيّها الناس ! إنّه بلغنى ما بلغنى ، وإنّى أرانى قد اقترب أجلى ، وكأنّى بكم وقد جهلتم أمرى ، وإنّى تارك فيكم ما تركه رسول الله ½ ; كتابَ الله وعترتى ; وهى عترة الهادى إلي النجاة ، خاتم الأنبياء ، وسيّد النجباء ، والنبىّ المصطفي . . . . ببُغضى يُعرف المنافقون ، وبمحبّتى امتحن الله المؤمنين ، هذا عهد النبىّ الاُمّى إلىَّ أنّه لا يحبّك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق . وأنا صاحب لواء رسول الله ½ فى الدنيا والآخرة ، ورسول الله فَرَطى(٣) ، وأنا فَرَط شيعتى . والله لا عطش محبّى ، ولا خاف وليّى ، وأنا ولىّ المؤمنين ، واللهُ وليّى ، حَسبُ محبّىَّ أن يحبّوا ما (١) الغدير : ١٠ / ٢٦٥ . ٣٦١ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / تعذيب محبّيه وتشريدهم وقتلهم
أحبّ الله ، وحَسبُ مبغضىَّ أن يبغضوا ما أحبّ الله . ألا وإنّه بلغنى أنّ معاوية سبّنى ولعننى ، اللهمّ اشدُد وطأتك عليه ، وأنزل اللعنة علي المستحقّ ، آمين يا ربّ العالمين ، ربّ إسماعيل ، وباعث إبراهيم ، إنّك حميد مجيد . ثمّ نزل ¼ عن أعواده ، فما عاد إليها حتي قتله ابن ملجم ـ لعنه الله ـ(١) . ٧ / ٤ ٦٣٣٢ ـ شرح نهج البلاغة : روى أنّ أبا جعفر محمّد بن علىّ الباقر ¼ قال لبعض أصحابه : يا فلان ، ما لقينا من ظلم قريش إيّانا وتظاهرهم علينا ، وما لقى شيعتنا ومحبونا من الناس ! إنّ رسول الله ½ قُبض وقد أخبر أنّا أولي الناس بالناس ، فتمالاَتْ علينا قريش حتي أخرجت الأمر عن معدنه ، واحتجّت علي الأنصار بحقّنا وحجّتنا ، ثمّ تداولتها قريش واحد بعد واحد ، حتي رجعت الينا ، فنكثَت بيعتَنا ونصبت الحرب لنا ، ولم يزَل صاحب الأمر فى صعود كؤود(٢) حتي قتل . فبُويع الحسن ابنه ، وعوهد ، ثمّ غُدر به ، واُسلم ، ووثب عليه أهل العراق حتي طُعن بخنجر فى جنبه ، ونُهبت عسكره ، وعولجت(٣) خلاليل اُمّهات أولاده ، فوادع معاوية ، وحقن دمه ودماء أهل بيته وهم قليل حقّ قليل . (١) معانى الأخبار : ٥٨ / ٩ ، بشارة المصطفي : ١٢ كلاهما عن جابر الجعفى . ٣٦٢ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / تعذيب محبّيه وتشريدهم وقتلهم
ثمّ بايع الحسينَ ¼ من أهل العراق عشرون ألفاً ، ثمّ غدروا به ، وخرجوا عليه وبيعتُه فى أعناقهم ، وقتلوه ، ثمّ لم نزَل ـ أهلَ البيت ـ نُستذلّ ونُستضام ونُقصي ونُمتهن ونُحرم ونُقتل ونُخاف ولا نأمن علي دمائنا ودماء أوليائنا . ووجد الكاذبون الجاحدون ; ـ لكذبهم وجحودهم ـ موضعاً يتقرّبون به إلي أوليائهم وقضاة السوء وعمّال السوء فى كل بلدة ، فحدّثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة ، ورووا عنّا ما لم نقُله وما لم نفعله ; ليُبغّضونا إلي الناس . وكان عظم ذلك وكبره زمن معاوية بعد موت الحسن ¼ ; فقُتلت شيعتنا بكل بلدة ، وقطعت الأيدى والأرجل علي الظِّنّة ، وكان من يُذكر بحبّنا والانقطاع إلينا سُجن ، أو نُهب ماله ، أو هُدمت داره ، ثمّ لم يزَل البلاء يشتدّ ويزداد إلي زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين ¼ . ثمّ جاء الحجّاج فقتلهم كلّ قتلة ، وأخذهم بكلّ ظِنّة وتهمة ، حتي أنّ الرجل ليُقال له : "زنديق" أو "كافر" أحبّ إليه من أن يُقال : "شيعة علىّ" ، وحتي صار الرجل الذى يُذكر بالخير ـ ولعلّه يكون ورعاً صدوقاً ـ يُحدّث بأحاديث عظيمة عجيبة من تفضيل بعض من قد سلف من الولاة ولم يخلق الله تعالي شيئاً منها ، ولا كانت ، ولا وقعت ، وهو يحسب أنّها حقّ ; لكثرة من قد رواها ممّن لم يُعرف بكذب ولا بقلّة ورع . وروي أبو الحسن علىّ بن محمّد بن أبى سيف المداينى فى كتاب الأحداث قال : كتب معاوية نسخة واحدة إلي عمّاله بعد عام الجماعة : أن برئت الذمّة ممّن روي شيئاً من فضل أبى تراب وأهل بيته . فقامت الخطباء فى كلّ كورة وعلي كل منبر يلعنون عليّاً ، ويبرؤون منه ، ويقَعون فيه وفى أهل بيته . وكان أشدّ الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة ; لكثرة من بها من شيعة علىّ ¼ ، فاستعمل عليهم زياد بن ٣٦٣ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / تعذيب محبّيه وتشريدهم وقتلهم
سميّة ، وضمّ إليه البصرة ، فكان يتتبّع الشيعة ـ وهو بهم عارف ; لأنّه كان منهم أيّام علىّ ¼ ـ فقتلهم تحت كلّ حجر ومدر ، وأخافهم ، وقطع الأيدى والأرجل ، وسَملَ(١) العيون ، وصلبهم علي جذوع النخل ، وطردهم ، وشرّدهم عن العراق ، فلم يبقَ بها معروف منهم . وكتب معاوية إلي عمّاله فى جميع الآفاق ألاّ يجيزوا لأحد من شيعة علىّ وأهل بيته شهادة ، وكتب إليهم : أن انظروا مَن قِبَلكم من شيعة عثمان ومحبّيه وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم ، وقرّبوهم ، وأكرموهم ، واكتبوا لى بكلّ ما يروى كلّ رجل منهم ، واسمه ، واسم أبيه وعشيرته . ففعلوا ذلك ، حتي أكثروا فى فضائل عثمان ، ومناقبه ; لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصِّلات والكساء والحباء والقطائع ، ويفيضه فى العرب منهم والموالى ، فكثر ذلك فى كلّ مصر ، وتنافسوا فى المنازل والدنيا ، فليس يجىء أحد مردود من الناس عاملاً من عمّال معاوية فيروى فى عثمان فضيلة أو منقبة إلاّ كتب اسمه ، وقرّبه ، وشفّعه ، فلبثوا بذلك حيناً . ثمّ كتب إلي عمّاله : إنّ الحديث فى عثمان قد كثر وفشا فى كلّ مصر ، وفى كل وجه وناحية ، فإذا جاءكم كتابى هذا فادعوا الناس إلي الرواية فى فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين ، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين فى أبى تراب إلاّ وتأتونى بمناقض له فى الصحابة ; فإنّ هذا أحبّ إلىّ ، وأقرّ لعينى ، وأدحض لحجّة أبى تراب وشيعته ، وأشدّ عليهم من مناقب عثمان وفضله . فقرئت كتبه علي الناس ، فرويت أخبار كثيرة ـ فى مناقب الصحابة ـ مفتعلة (١) سملُ العين : فقؤها ; يقال : سُملت عينُه ; إذا فُقئت بحديدة محماة (لسان العرب : ١١ / ٣٤٧) . ٣٦٤ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / تعذيب محبّيه وتشريدهم وقتلهم
لا حقيقة لها . وجدّ الناس فى رواية ما يجرى هذا المجري ، حتي أشادوا بذِكر ذلك علي المنابر ، واُلقي إلي معلّمى الكتاتيب فعلّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع ، حتي رووه وتعلّموه كما يتعلّمون القرآن ، وحتي علّموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم ، فلبثوا بذلك ما شاء الله . ثمّ كتب إلي عمّاله نسخة واحدة إلي جميع البلدان : انظروا مَن قامت عليه البيّنة أنّه يحبّ عليّاً وأهل بيته فامحوه من الديوان ، وأسقطوا عطاءه ورزقه . وشفع ذلك بنسخة اُخري : من اتّهمتُموه بموالاة هؤلاء القوم فنكِّلوا به ، واهدموا داره . فلم يكن البلاء أشدّ ولا أكثر منه بالعراق ، ولا سيما بالكوفة ، حتي أنّ الرجل من شيعة علىّ ¼ ليَأتيه من يثِق به فيدخل بيته فيُلقى إليه سرّه ، ويخاف من خادمه ومملوكه ، ولا يُحدّثه حتي يأخذ عليه الأيمان الغليظة لَيكتمنّ عليه . فظهر حديث كثير موضوع ، وبهتان منتشر ، ومضي علي ذلك الفقهاء والقضاة والولاة . وكان أعظم الناس فى ذلك بليّة القرّاء المراؤون ، والمستضعفون الذين يُظهرون الخشوع والنسك ، فيفتعلون الأحاديث ; ليَحظُوا بذلك عند وُلاتِهم ، ويقربوا مجالسهم ، ويُصيبوا به الأموال والضياع والمنازل . حتي انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلي أيدى الديّانين الذين لا يستحلّون الكذب والبهتان ، فقبلوها ، ورووها وهم يظنّون أنّها حقّ ، ولو علموا أنّها باطلة لما رووها ، ولا تديّنوا بها . فلم يزَل الأمر كذلك حتي مات الحسن بن علىّ ¼ ، فازداد البلاء والفتنة ، فلم يبقَ أحد من هذا القبيل إلاّ وهو خائف علي دمه ، أو طريد فى الأرض . ثمّ تفاقم الأمر بعد قتل الحسين ¼ ، وولى عبد الملك بن مروان فاشتدّ علي ٣٦٥ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / الدافع السياسى فى كيد أعدائه
الشيعة ، وولّي عليهم الحجّاج بن يوسف ، فتقرّب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علىّ وموالاة أعدائه ، وموالاة من يدّعى من الناس أنهم أيضاً أعداؤه ، فأكثروا فى الرواية فى فضلهم وسوابقهم ومناقبهم ، وأكثروا من الغضّ(١) من علىّ ¼ ، وعيبه ، والطعن فيه ، والشنآن له ، حتي أنّ إنساناً وقف للحجّاج ـ ويقال : إنّه جدّ الأصمعىّ عبد الملك بن قريب ـ فصاح به : أيّها الأمير إنّ أهلى عقّونى فسمّونى عليّاً ، وإنّى فقير بائس ، وأنا إلي صلة الأمير محتاج . فتضاحك له الحجاج ، وقال : للُطف ما توسّلت به قد ولّيتك موضع كذا . وقد روي ابن عرفة ـ المعروف بنفطويه ، وهو من أكابر المحدّثين وأعلامهم ـ فى تاريخه ما يناسب هذا الخبر ، وقال : إنّ أكثر الأحاديث الموضوعة فى فضائل الصحابة افتُعلت فى أيّام بنى اُميّة ; تقرّباً إليهم بما يظنّون أنّهم يُرغمون به اُنوف بنى هاشم(٢) . ٧ / ٥ ٦٣٣٣ ـ الإمام زين العابدين ¼ : قال مروان بن الحكم : ما كان فى القوم أحد أدفع عن صاحبنا من صاحبكم ـ يعنى عليّاً عن عثمان ـ قال : قلت : فما لكم تسبّونه علي المنبر ؟ ! قال : لا يستقيم الأمر إلاّ بذلك(٣) . ٦٣٣٤ ـ أنساب الاشراف عن عمر بن علىّ : قال مروان لعلىّ بن الحسين : ما كان (١) غَضَّ : وَضَع ونقصَ (لسان العرب : ٧ / ١٩٧) . ٣٦٦ - المجلد الحادى عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام علىّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / الدافع السياسى فى كيد أعدائه
أحد أكفّ عن صاحبنا من صاحبكم . قال : فلِمَ تشتمونه علي المنابر ؟ ! قال : لا يستقيم لنا هذا إلاّ بهذا(١) . إرجاعات
٣٨٧ - المجلد الحادي عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام عليّ / الفصل الثامن : خيبة آمال أعدائه / كلام في خيبة أعدائه |