١٢٦ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / ملك معاوية
٣ / ٧ ٥٨٧٥ ـ الإمام الحسن ¼ : إنّ أمير المؤمنين ¼ قال لى ذات يوم وقد رآنى فرحاً : يا حسن أ تفرح ؟ ! كيف بك إذا رأيت أباك قتيلا ؟ ! أم كيف بك إذا ولى هذا الأمر بنو اُميّة ، وأميرها الرحب البلعوم ، الواسع الأعفاج(١) ، يأكل ولا يشبع ، يموت وليس له فى السماء ناصر ولا فى الأرض عاذر ، ثمّ يستولى علي غربها وشرقها ، يدين له العباد ويطول ملكه ، يستنّ بسنن البدع والضلال ، ويميت الحقّ وسُنّة رسول الله ½ ، يقسم المال فى أهل ولايته ، ويمنعه من هو أحقّ به ، ويُذلّ فى ملكه المؤمن ، ويقوي فى سلطانه الفاسق ، ويجعل المال بين أنصاره دولا ، ويتّخذ عباد الله خولا ، يدرس فى سلطانه الحقّ ، ويظهر الباطل ، ويُلعن الصالحون ، ويقتل من ناواه علي الحقّ ، ويدين من والاه علي الباطل(٢) . ٥٨٧٦ ـ الإمام علىّ ¼ : أما إنّه سيظهر عليكم بعدى رجل رحب البُلعوم ، مُندحق البطن(٣) ، يأكل ما يجد ، ويطلب ما لا يجد ، فاقتلوه ، ولن تقتلوه ! ألا وإنّه سيأمركم بسبّى والبراءة منّى ، فأمّا السبّ فسبّونى ، فإنّه لى زكاة ، ولكم نجاة ، وأمّا البراءة فلا تتبرّأوا منّى ; فإنّى ولدت علي الفطرة ، وسبقت إلي الإيمان
(١) العَفَج : المِعَي ; مفرد أمعاء (تاج العروس : ٣ /
٤٣٤) . ١٢٧ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / ملك معاوية
والهجرة(١) . ٥٨٧٧ ـ الإيضاح عن مِيْنا مولي عبد الرحمن بن عوف : سمع علىّ بن أبى طالب صلوات الله عليه ضوضاةً فى عسكره ، فقال : ما هذا ؟ فقيل : قُتل معاوية . فقال : كلاّ وربّ الكعبة ، لا يقتل حتي تجتمع الاُمّة عليه . فقيل له : يا أمير المؤمنين فبم تقاتله ؟ قال : ألتمس العذر فيما بينى وبين الله(٢) . ٥٨٧٨ ـ الخرائج والجرائح عن عوف بن مروان : إنّ راكباً قدم من الشام ، فأفشي فى الكوفة أنّ معاوية مات ، فجىء بالرجل إلي علىّ ¼ فقال : أنت شهدت موت معاوية ؟ قال : نعم ، كنت فيمن دفنه . فقال له علىّ : إنّك كاذب . فقال القوم : أ هو يكذب ؟ قال : نعم ; لأنّ معاوية لا يموت حتي يملك هذه الاُمّة ، ويفعل كذا ، ويفعل كذا بعدما ملك .
(١) نهج البلاغة : الخطبة ٥٧ ، إعلام الوري : ١ / ٣٤٠ ،
المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٢٧٢ . ١٢٨ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / ملك معاوية
فقال القوم : فَلِمَ تقاتله وأنت تعلم أنّه سيبلغ هذا ؟ قال : للحجّة(١) . ٥٨٧٩ ـ مروج الذهب : قد كان معاوية دسّ اُناساً من أصحابه إلي الكوفة يشيعون موته ، وأكثر الناس القول فى ذلك حتي بلغ عليّاً ، فقال فى مجلسه : قد أكثرتم من نعى معاوية ، والله ما مات ولا يموت حتي يملك ما تحت قدمى ، وإنّما أراد ابن آكلة الأكباد أن يعلم ذلك منّى ، فبعث من يشيع ذلك فيكم ليعلم ويتيقّن ما عندى فيه ، وما يكون من أمره فى المستقبل من الزمان . ومرّ فى كلام كثير يذكر فيه أيّام معاوية ومن تلاه من يزيد ومروان وبنيه ، وذكر الحجّاج وما يسومهم من العذاب ، فارتفع الضجيج ، وكثر البكاء والشهيق ، فقام قائم من الناس فقال : يا أمير المؤمنين ، ولقد وصفت اُموراً عظيمة ، آلله إن ذلك كائن ؟ قال علىّ : والله إنّ ذلك لكائن ، ما كَذِبت ولا كُذِبت . فقال آخرون : متي يكون ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال : إذا خُضبت هذه من هذه ، ووضع إحدي يديه علي لحيته والاُخري علي رأسه ، فأكثر الناس من البكاء . فقال : لا تبكوا فى وقتكم هذا فستبكون بعدى طويلا . ١٢٩ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / عاقبة خالد بن عُرْفُطة
فكاتب أكثر أهل الكوفة معاوية سرّاً فى اُمورهم ، واتّخذوا عنده الأيادى ، فو الله ما مضت إلاّ أيّام قلائل حتي كان ذلك(١) . ٣ / ٨ ٥٨٨٠ ـ مقاتل الطالبيّين عن السائب : بينما علىّ ¼ علي المنبر إذ دخل رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، مات خالد بن عرفطة . فقال : لا والله ما مات . إذ دخل رجل آخر ، فقال : يا أمير المؤمنين ، مات خالد بن عرفطة . فقال : لا والله ما مات . إذ دخل رجل آخر ، فقال : يا أمير المؤمنين ، مات خالد بن عرفطة . فقال : لا والله ما مات ولا يموت حتي يدخل من باب هذا المسجد ـ يعنى باب الفيل ـ براية ضلالة يحملها له حبيب بن عمّار . قال : فوثب رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أنا حبيب بن عمّار ، وأنا لك شيعة . قال : فإنّه كما أقول . فقدم خالد بن عرفطة علي مقدّمة معاوية يحمل رايته حبيب بن عمّار(٢) . ١٣٠ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / عاقبة خالد بن عُرْفُطة
٥٨٨١ ـ الإرشاد عن سويد بن غفلة : إنّ رجلا جاء إلي أمير المؤمنين ¼ فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّى مررت بوادى القري(١) ، فرأيت خالد بن عرفطة قد مات بها ، فاستغفِرْ له . فقال أمير المؤمنين ¼ : مَهْ ، إنّه لم يمت ولا يموت حتي يقود جيش ضلالة ، صاحب لوائه حبيب بن حِماز . فقام رجل من تحت المنبر ، فقال : يا أمير المؤمنين ، والله ، إنّى لك شيعة ، وإنّى لك محبّ . قال : ومن أنت ؟ قال : أنا حبيب بن حِماز . قال : إيّاك أن تحملها ، ولتحملنّها فتدخل بها من هذا الباب ـ وأومأ بيده إلي باب الفيل ـ . فلمّا مضي أمير المؤمنين ¼ ، وقضي الحسن بن علىّ من بعده ، وكان من أمر الحسين بن علىّ ¤ ومن ظهوره ما كان ، بعث ابن زياد بعمر بن سعد إلي الحسين بن علىّ ¤ ، وجعل خالد بن عرفطة علي مقدّمته ، وحبيب بن حماز صاحب رايته ، فسار بها حتي دخل المسجد من باب الفيل . [قال المفيد :] وهذا ـ أيضاً ـ خبر مستفيض ، لا يتناكره أهل العلم الرواةُ للآثار ، وهو منتشر فى أهل الكوفة ، ظاهر فى جماعتهم ، لا يتناكره منهم اثنان ،
(١) وادى القُري : واد بين المدينة والشام من أعمال
المدينة ، كثير القري (معجم البلدان : ٥ / ٣٤٥) . ١٣١ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / ملك بنى مروان
وهو من المعجز الذى بيّناه(١) . ٥٨٨٢ ـ خصائص الأئمّة (ع) عن اُمّ حكيم بنت عمرو : خرجت وأنا أشتهى أن أسمع كلام علىّ بن أبى طالب ¼ ، فدنوت منه وفى الناس رقّة ، وهو يخطب علي المنبر ، حتي سمعت كلامه ، فقال رجل : يا أمير المؤمنين ، استغفر لخالد بن عرفطة ، فإنّه قد مات بأرض تيماء(٢) ، فلم يردّ عليه ، فقال الثانية فلم يردّ عليه ، ثمّ قال الثالثة . فالتفت إليه فقال : أيّها الناعى خالد بن عرفطة كذبت ، والله ما مات ، ولا يموت حتي يدخل من هذا الباب ، يحمل راية ضلالة . قالت : فرأيت خالد بن عرفطة يحمل راية معاوية حتي نزل نخيلة(٣) وأدخلها من باب الفيل(٤) . ٣ / ٩ ٥٨٨٣ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى وصف مروان بن الحكم ـ : أما إنّ له إمرةً كلعقة الكلب
(١) الإرشاد : ١ / ٣٢٩ ، إعلام الوري : ١ / ٣٤٥ ، إرشاد
القلوب : ٢٢٥ ، الاختصاص : ٢٨٠ ، بصائر الدرجات : ٢٩٨ / ١١ وفيها "جماز" بدل
"حِماز" ; الإصابة : ٢ / ٢٠٩ / ٢١٨٧ ، شرح نهج البلاغة : ٢ / ٢٨٦ وفيهما "حمار" بدل
"حِماز" والأربعة الأخيرة نحوه . ١٣٢ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / ملك بنى مروان
أنفه(١) ، وهو أبو الأكْبُش الأربعة(٢) ، وستلقي الاُمّة منه ومن ولده يوماً أحمر(٣) . ٥٨٨٤ ـ عنه ¼ ـ لمروان بن الحكم يوم الجمل وقد بايعه ـ : يابن الحكم ، فلقد كنت تخاف أن يقع رأسك فى هذه البقعة ؟ ! كلاّ أبي الله أن يكون ذلك حتي يخرج من صلبك طواغيت يملكون هذه الرعيّة(٤) . ٥٨٨٥ ـ عنه ¼ ـ فى مروان بن الحكم ـ : ليحملنّ راية ضلالة بعدما يشيب صدغاه ، وله إمرة كَلحْسَة الكلب أنفَه(٥) . ٥٨٨٦ ـ تاريخ دمشق عن أبى سليمان : بينا علىّ واضعاً يده علي بعض يمشى فى سكك المدينة ، إذ جاء مروان بن الحكم فى حلّة ; فتي شاب ناصع اللون وقاذ ، فقال له : يا كذا وكذا ، يا أبا الحسن ؟ وجعل علىّ يخبره . فلمّا فرغ ولّي من عنده ، فنظر فى قفاه ، ثمّ قال : ويلٌ لاُمّتك منك ومن بنيك إذا شابت ذراعاك(٦) . ٥٨٨٧ ـ الإمام علىّ ¼ : لكأنّى أنظر إلي ضِلّيل قد نعق بالشام ، وفحص براياته فى ضواحى كوفان . فإذا فغرت فاغرته ، واشتدّت شكيمته ، وثقُلت فى الأرض وطأته ، عضّت الفتنة أبناءها بأنيابها ، وماجت الحرب بأمواجها ، وبدا من الأيّام
(١) يريد قصر المدّة ، وكذلك كانت مدّة خلافة مروان ;
فإنّه ولِىَ تسعة أشهر . ١٣٣ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / سلطة الحجّاج
كلوحُها(١) ، ومن الليالى كدوحُها(٢) . فإذا أينع زرعه ، وقام علي ينعه ، وهدرت شقاشقه ، وبرقت بوارقه ، عُقدت رايات الفتن المعضلة ، وأقبلن كالليل المظلم ، والبحر الملتطم . هذا ، وكم يخرق الكوفة من قاصف . ويمرّ عليها من عاصف ! وعن قليل تلتفّ القرون بالقرون ، ويحصد القائم ، ويحطم المحصود !(٣) (٤) ٣ / ١٠ ٥٨٨٨ ـ الإمام علىّ ¼ : أما والله ، ليُسلّطنّ عليكم غلام ثقيف ، الذيّال الميّال ،
(١) الكُلُوح : العُبُوس (النهاية : ٤ / ١٩٦) . ١٣٤ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / سلطة الحجّاج
يأكل خَضِرتكم ويُذيبُ شحمتكم ، إيه أبا وذَحة !(١) ٥٨٨٩ ـ دلائل النبوّة عن حبيب بن أبى ثابت : قال علىّ (ع) لرجل : لا مُتَّ حتي تدرك فتي ثقيف . قيل له : يا أمير المؤمنين ، ما فتي ثقيف ؟ قال : ليُقالَنّ له يوم القيامة : أكفنا زاوية من زوايا جهنّم ; رجل يملك عشرين أو بضعاً وعشرين سنةً ، لا يدعُ لله معصية إلاّ ارتكبها حتي لو لم تبقَ إلاّ معصية واحدة وكان بينه وبينها باب مغلق لكسره حتي يرتكبها ، يقتل بمن أطاعه من عصاه(٢) . ٥٨٩٠ ـ مقاتل الطالبيّين عن موسي بن أبى النعمان : جاء الأشعث إلي علىّ يستأذن عليه ، فردّه قنبر ، فأدمي الأشعث أنفه ، فخرج علىّ وهو يقول : ما لى ولك يا أشعث ؟ ! أما والله لو بعبد ثقيف تمرّست لاقشعرّت شعيراتك . قيل : يا أمير المؤمنين ، ومن غلام ثقيف ؟ قال : غلام يليهم لا يُبقى أهل بيت من العرب إلاّ أدخلهم ذلاًّ . قيل : يا أمير المؤمنين ، كم يلى ؟ وكم يمكث ؟ قال : عشرين إن بلغها(٣) .
(١) نهج البلاغة : الخطبة ١١٦ . قال الشريف الرضى
الوذَحة : الخنفساء ، وهذا القول يومئ به إلي الحجّاج ، وله مع الوذَحة حديث ليس
هذا موضع ذكره . ١٣٥ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / ملك بنى العبّاس وزواله
٥٨٩١ ـ دلائل النبوّة عن مالك بن دينار عن الحسن : قال علىّ (ع) لأهل الكوفة : اللهمّ كما ائتمنتُهم فخانونى ، ونصحتُ لهم فغشّونى ، فسلّط عليهم فتي ثقيف ، الذبّال الميّال ، يأكل خضرتها ، ويلبس فروتها ، ويحكم فيها بحكم الجاهليّة ! قال : وتوفّى الحسن(١) وما خلق الحجّاج يومئذ(٢) . ٣ / ١١ ٥٨٩٢ ـ الكامل للمبرّد ـ فى ذكر ولادة علىّ بن عبد الله بن عبّاس ـ : أنّ الإمام أخذه فحنّكه ودعا له ، ثمّ ردّه إليه ، وقال : خذه إليك أبا الأملاك ، قد سمّيته عليّاً ، وكنّيته أبا الحسن (٣) . ٥٨٩٣ ـ الإمام علىّ ¼ : يابن عبّاس ، إنّ ملك بنى اُميّة إذا زال فأوّل ما يملك من بنى هاشم ولدك ، فيفعلون الأفاعيل(٤) . ٥٨٩٤ ـ الفتن عن ابن عبّاس : قلت لعلىّ بن أبى طالب (ع) : متي دولتنا يا أبا حسن ؟ قال : إذا رأيت فتيان أهلِ خراسان أصبتُم أنتم إثمها ، وأصبنا نحن بِرّها(٥) . ٥٨٩٥ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى خطبته ـ : ويل هذه الاُمّة من رجالهم الشجرة
(١) هكذا فى المصدر ، ولكنّ الصحيح "الإمام علىّ
¼ " بدل "الحسن" ; لأنّ الحسن البصرى كان حيّاً حتي بعد موت الحجّاج . ١٣٦ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / ملك بنى العبّاس وزواله
الملعونة ، التى ذكرها ربّكم تعالي ! أوّلهم خضراء ، وآخرهم هزماء ، ثمّ يلى بعدهم أمر اُمّة محمّد رجال ، أوّلهم أرأفهم ، وثانيهم أفتكهم ، وخامسهم كبشهم ، وسابعهم أعلمهم ، وعاشرهم أكفرهم ، يقتله أخصّهم به ، وخامس عشرهم كثير العناء قليل الغناء ، سادس عشرهم أقضاهم للذمم وأوصلهم للرحم ، كأنّى أري ثامن عشرهم تفحص رجلاه فى دمه بعد أن يأخذ جنده بكظمه ، من ولده ثلاثة رجال سيرتهم سيرة الضلال ، والثانى والعشرون منهم الشيخ الهرم ، تطول أعوامه ، وتوافق الرعيّة أيّامه ، والسادس والعشرون(١) منهم يشرد الملك منه شرود المنفتق ، ويعضده الهزرة(٢) المتفيهق(٣) ، لكأنّى أراه علي جسر الزوراء
(١) فى هامش المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٢٧٦ ، ملخّص
ما ذكره العلاّمة المجلسى : إنّ بنى العبّاس أوّلهم : السفّاح وهو أرأفهم ، وثانيهم
: المنصور وهو أفتكهم أى أكثرهم قتلا للناس خدعةً ومكراً ، وخامسهم : الرشيد وهو
كبشهم حيث استقرّ ملكه ، وسابعهم : المأمون وهو أعلمهم ، وعاشرهم : المتوكّل وهو
أكفرهم لشدّة نصبه وقَتله أخصّ غلمانه ، وخامس عشرهم : المعتمد ; وكثرة عنائه كان
من جهة اشتغاله فى أكثر أيّامه بمحاربة صاحب الزنج ، وسادس عشرهم : المعتضد ; قضي
عهده فى صِلة العلوّيين بعدما رأي فى منامه أمير المؤمنين
¼ ، وثامن عشرهم : المقتدر ; خرج عليه مونس الخادم وحاربه وقتل فى المعركة
ببغداد ثمّ استولي الخلافة ثلاثة من ولده : الراضى ، والمتّقى ، والمطيع . وأمّا
الثانى والعشرون منهم : فهو المكتفى بالله ، لكن لمّا كان أيّام ملكه قليلة احتمل
العلاّمة المجلسى الخطأ للناسخ أو السهو للراوى ، وكون المذكور إمّا القادر بالله
أو القائم بأمر الله ، والأوّل عمّر ستّاً وثمانين سنة ، ومدّة خلافته إحدي وأربعون
، والثانى عمّر ستّاً وسبعين سنة ، ومدّة خلافته أربع وأربعون ، واستظهر كون السادس
والعشرين : المستعصم مع كونه السابع والثلاثين من ملوكهم ، ووجه المراد بأنّهم بهذه
العدّة من عظمائهم أو فى هذه الطبقات من أولاد العبّاس (راجع تمام الكلام فى بحار
الأنوار : ٤١ / ٣٢٣) . ١٣٧ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / فتنة القرامطة
قتيلا ³ ذَٰ لِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَـلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ² (١) (٢) . ٥٨٩٦ ـ عنه ¼ : كأنّى أري رجلا من بنى عبّاس يُنحر كما ينحر الإبل ، ولا يقدر أن يدفع عن نفسه ، ويلٌ له ثمّ ويلٌ له ! ما أذلّه لمّا ولّي عن أمر ربّه ، وأقبل إلي الدنيا الدنيّة ! ـ إلي أن قال ـ : لو شئت عن أسمائهم وكنيهم ومواضع قتلهم لأخبرت(٣) . ٥٨٩٧ ـ عنه ¼ : إنّ ملك ولد بنى العبّاس من خراسان يقبل ، ومن خراسان يذهب(٤) . ٣ / ١٢ قال ابن أبى الحديد فى شرح الخطبة ١٧٦ من نهج البلاغة : " . . . والله لو شئت أن اُخبر كلّ رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت . . ." تحت عنوان : "جملة من إخبار علىّ بالاُمور الغيبيّة" :
(١) الحجّ : ١٠ . ١٣٨ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / فتنة المغول
وقد ذكرنا فيما تقدّم من إخباره ¼ عن الغيوب طرفاً صالحاً ، ومن عجيب ما وقفت عليه من ذلك قوله فى الخطبة التى يذكر فيها الملاحم ، وهو يشير إلي القرامطة : "ينتحلون لنا الحبّ والهوي ، ويضمرون لنا البغض والقلي ، وآية ذلك قتلهم ورّاثنا ، وهجرهم أحداثنا"(١) . وصحّ ما أخبر به ; لأنّ القرامطة قتلت من آل أبى طالب ¼ خلقاً كثيراً ، وأسماؤهم مذكورة فى كتاب "مقاتل الطالبيّين" لأبى الفرج الأصفهانى . ومرّ أبو طاهر سليمان بن الحسن الجنابى فى جيشه بالغرى(٢) وبالحاير(٣) ، فلم يعرّج علي واحد منهما ولا دخل ولا وقف . وفى هذه الخطبة قال ـ وهو يشير إلي السارية التى كان يستند إليها فى مسجد الكوفةـ : "كأنّى بالحجر الأسود منصوباً هاهنا . ويحهم ! إنّ فضيلته ليست فى نفسه ، بل فى موضعه واُسسه ، يمكث هاهنا برهة ، ثمّ هاهنا برهة ـ وأشار إلي البحرين ـ ثمّ يعود إلي مأواه واُمّ مثواه" . ووقع الأمر فى الحجر الأسود . بموجب ما أخبر به ¼ (٤) . ٣ / ١٣ ٥٨٩٨ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى وصف الأتراك ـ : كأنّى أراهم قوماً كأنّ وجوههم
(١) الكتب التى أوردت هذا الحديث نقَلَته من شرح نهج
البلاغة ، ولم نعثر علي مصدر آخر لهذا الحديث . ١٣٩ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / فتنة المغول
المجانّ المطرّقة ، يلبسون السرق(١) والديباج ، ويعتقبون الخيل العتاق ، ويكون هناك استحرار قتل حتي يمشى المجروح علي المقتول ، ويكون المُفلت أقلّ من المأسور !(٢) ٥٨٩٩ ـ كشف اليقين : قال الحلّى ـ فى بيان إخبار علىّ ¼ بالمغيّبات ـ : ومن ذلك : إخباره بعمارة بغداد ، وملك بنى العبّاس ، وذكر أحوالهم ، وأخذ المغول الملك منهم . رواه والدى § وكان ذلك سبب سلامة أهل الحلّة والكوفة والمشهدين الشريفين من القتل ; لأنّه لمّا وصل السلطان هولاكو إلي بغداد قبل أن يفتحها هرب أكثر أهل الحلّة إلي البطائح(٣) إلاّ القليل ، وكان من جملة القليل والدى § والسيّد مجدالدين ابن طاووس والفقيه ابن أبى العزّ ، فأجمع رأيهم علي مكاتبة السلطان بأنّهم مطيعون داخلون تحت الإيلية(٤) ، وأنفذوا به شخصاً أعجمياً . فأنفذ السلطان إليهم فرماناً مع شخصين أحدهما يقال له : تُكلم ، والآخر يقال له : علاء الدين ، وقال لهما : إن كانت قلوبهم كما وردت به كتبهم فيحضرون إلينا ، فجاء الأميران ، فخافوا لعدم معرفتهم بما ينتهى الحال إليه ، فقال والدى § : إن جئت وحدى كفي ، فقالا : نعم ، فأصعد معهما . فلمّا حضر بين يديه ، وكان ذلك قبل فتح بغداد وقبل قتل الخليفة ، قال له :
(١) سَرَقَة : قِطعة من جَيّد الحرير ، وجمعها سَرَق
(النهاية : ٢ / ٣٦٢) . ١٤٠ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / فتنة المغول
كيف أقدمتم علي مكاتبتى والحضور عندى قبل أن تعلموا ما ينتهى إليه أمرى وأمر صاحبكم ؟ وكيف تأمنون إن صالحنى ورحلتُ نقمتَه ؟ . فقال له والدى : إنّما أقدمنا علي ذلك ; لأنّا روينا عن إمامنا علىّ بن أبى طالب ¼ أنّه قال فى بعض خطبه : الزوراء وما أدراك ما الزوراء ؟ ! أرض ذات أثل(١) يشيّد فيها البنيان ، ويكثر فيها السكّان ، ويكون فيها مهارم وخزّان ، يتّخذها ولد العبّاس موطناً ، ولزخرفهم مسكناً ، تكون لهم دار لهو ولعب ، يكون بها الجور الجائر ، والحيف المحيف ، والأئمّة الفجرة ، والقرّاء الفسقة ، والوزراء الخونة ، تخدمهم أبناء فارس والروم . لا يأتمرون بينهم بمعروف إذا عرفوه ، ولا ينتهون عن منكر إذا أنكروه ، تكتفى الرجال منهم بالرجال ، والنساء بالنساء ، فعند ذلك الغمّ الغميم ، والبكاء الطويل ، والويل والعويل لأهل الزوراء من سطوات الترك ، وما هم الترك ؟ قوم صغار الحدق ، وجوههم كالمجان المطرّقة ، لباسهم الحديد ، جردٌ مردٌ ، يقدمهم ملك يأتى من حيث بدا ، ملكهم جهورى الصوت ، قوىّ الصولة ، عالى الهمّة ، لا يمرّ بمدينة إلاّ فتحها ، ولا ترفع له راية إلاّ نكسها ، الويل الويل لمن ناواه ! فلا يزال كذلك حتي يظفر . فلمّا وصف لنا ذلك ، ووجدنا الصفات فيكم ، رجوناك فقصدناك . فطيّب قلوبهم ، وكتب لهم فرماناً باسم والدى § يطيّب فيه قلوب أهل الحلّة وأعمالها . والأخبار الواردة فى ذلك كثيرة(٢) .
(١) الأثل : شَجَرٌ شبيه بالطَّرْفَاء إلاّ أنّه أعظم
منه (النهاية : ١ / ٢٣) . ١٤١ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / ما يأتى علي مدينة البصرة
٣ / ١٤ ٥٩٠٠ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى خطبة ذكر فيها أحوال الناس المقبلة ـ : فتن كقطع الليل المظلم ، لا تقوم لها قائمة ، ولا تُردّ لها راية ، تأتيكم مزمومة مرحولة : يحفزها قائدها ، ويجهدها راكبها ، أهلها قوم شديد كَلَبُهم(١) ، قليل سلبهم ، يجاهدهم فى سبيل الله قوم أذلّة عند المتكبّرين ، فى الأرض مجهولون ، وفى السماء معرفون . فويل لك يا بصرة عند ذلك ، من جيش من نقم الله ! لا رهج(٢) له ولا حسّ ، وسيُبتلي أهلك بالموت الأحمر ، والجوع الأغبر(٣) . ٥٩٠١ ـ عنه ¼ ـ فى وصف مدينة البصرة ـ : وايم الله ، ليأتينّ عليها زمان لا يري منها إلاّ شرفات مسجدها فى البحر مثل جؤجؤ السفينة(٤) . ٥٩٠٢ ـ نهج البلاغة ـ من كلام له ¼ فى ذمّ أهل البصرة بعد وقعة الجمل ـ : كأنّى بمسجدكم كجؤجؤ(٥) سفينة ، قد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها ، وغرق من فى ضمنها . وفى رواية : وايم الله ، لتغرقنّ بلدتكم حتي كأنّى أنظر إلي مسجدها كجؤجؤ سفينة ، أو نعامة جاثمة .
(١) الكَلَب : الشرّ والأذي (انظر لسان العرب : ١ /
٧٢٣) . ١٤٢ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / ما يأتى علي مدينة البصرة
وفى رواية : كجؤجؤ طير فى لُجّة بحر . وفى رواية اُخري : كأنّى أنظر إلي قريتكم هذه قد طبّقها الماءُ حتي ما يُري منها إلاّ شرف المسجد ، كأنّه جؤجؤ طير فى لُجّة بحر(١) . قال ابن أبى الحديد : والصحيح أنّ المخبر به قد وقع ، فإنّ البصرة غرقت مرّتين : مرّة فى أيّام القادر بالله ، ومرّة فى أيّام القائم بأمر الله ، غرقت بأجمعها ولم يبق منها إلاّ مسجدها الجامع بارزاً بعضه كجؤجؤ الطائر ، حسب ما أخبر به أمير المؤمنين ¼ ، جاءها الماء من بحر فارس من جهة الموضع المعروف الآن بجزيرة الفرس ، ومن جهة الجبل المعروف بجبل السنام ، وخربت دورها ، وغرق كلّ ما فى ضمنها ، وهلك كثير من أهلها . وأخبار هذين الغرقين معروفة عند أهل البصرة ، يتناقلها خلفهم عن سلفهم(٢) . ٥٩٠٣ ـ عنه ¼ ـ فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة ـ : يا أحنف ، كأنّى به وقد سار بالجيش الذى لا يكون له غبار ولا لَجَب(٣) ، ولا قَعْقَعَة(٤) لجم ، ولا حَمْحَمة خيل ، يثيرون الأرض بأقدامهم كأنّها أقدام النعام(٥) . ـ ثمّ قال ¼ : ـ ويل لسَكَكِكُم العامرة ، والدور المزخرفة التى لها أجنحة
(١) نهج البلاغة : الخطبة ١٣ . ١٤٣ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / غلبة الحقّ علي الباطل فى آخر الزمان
كأجنحة النسور ، وخراطيم كخراطيم الفيَلة ! من اُولئك الذين لا يُندب قتيلُهم ، ولا يُفقد غائبهم . أنا كابُّ الدنيا لوجهها ، وقادرها بقدرها ، وناظرها بعينها(١) . ٣ / ١٥ غلبة الحقّ علي الباطل فى آخر الزمان ٥٩٠٤ ـ الإمام علىّ ¼ : لتعطفنّ الدنيا علينا بعد شماسها(٢) عطف الضروس(٣) علي ولدها ـ وتلا عقيب ذلك ـ : ³ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئـِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ² (٤) (٥) . ٥٩٠٥ ـ عنه ¼ : ليخرجنّ رجل من ولدى عند اقتراب الساعة حين تموت قلوب المؤمنين كما تموت الأبدان ، لما لحقهم من الضرّ والشدّة والجوع والقتل ، وتواتر الفتن والملاحم العظام ، وإماتة السنن وإحياء البدع ، وترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، فيُحى الله بالمهدى محمّد بن عبد الله السنن التى قد اُميتت ، ويسرّ بعدله وبركته قلوب المؤمنين ، وتتألّف إليه عصب من العجم وقبائل من العرب ، فيبقي علي ذلك سنين(٦) . ٥٩٠٦ ـ عنه ¼ ـ فى خطبة له ذكر فيها رسول الله ½ ـ : وخلّف فينا راية
(١) نهج البلاغة : الخطبة ١٢٨ . ١٤٤ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / غلبة الحقّ علي الباطل فى آخر الزمان
الحقّ ، مَن تقدّمها مَرَق ، ومن تخلّف عنها زَهَق ، ومن لَزِمها لَحِق ، دليلها مَكِيث(١) الكلام ، بطىء القيام ، سريعٌ إذا قام . فإذا أنتم ألنتم له رقابكم ، وأشرتم إليه بأصابعكم ، جاءه الموت فذهب به ، فلَبِثتم بعده ما شاء الله ، حتي يُطلِع الله لكم من يجمعكم ويَضُمّ نشْرَكم . فلا تطمعوا فى غير مُقبِل ، ولا تيأسوا من مُدبِر . فإنّ المُدبِر عسي أن تزلّ إحدي قائمتيه ، وتثبت الاُخري ، فترجعا حتي تثبتا جميعاً . ألا إنّ مَثَلَ آل محمّد ½ كمثل نجوم السماء ; إذا خوي نجم طلع نجم ، فكأنّكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع ، وأراكم ما كنتم تأملون(٢) . ٥٩٠٧ ـ الغيبة للنعمانى عن أبى وائل : نظر أمير المؤمنين علىّ ¼ إلي الحسين ¼ فقال : إن ابنى هذا سيّد كما سمّاه رسول الله ½ سيّداً ، وسيُخرج الله من صلبه رجلا باسم نبيّكم ، يشبهه فى الخَلق والخُلق ، يخرج علي حين غفلة من الناس ، وإماتة للحقّ وإظهار للجور ، والله لو لم يخرج لضربت عنقه ، يفرح بخروجه أهل السماوات وسكّانها ، وهو رجل أجْلَي الجَبين(٣) ، أقْنَي الأنف(٤) ، ضَخْم البطن ، أزْيَل الفخذين(٥) ، بفخذه اليمني شامة ، أفلج(٦) الثنايا ، ويملأ الأرض عدلا كما
(١) المَكِيث : الرَّزين الذى لا يعجل فى أمره (لسان
العرب : ٢ / ١٩١) . ١٤٥ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / غلبة الحقّ علي الباطل فى آخر الزمان
مُلئت ظلماً وجوراً(١) . ٥٩٠٨ ـ كمال الدين عن الحسين بن خالد عن الإمام الرضا عن آبائه عن الإمام علىّ (ع) ـ للحسين ¼ ـ : التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحقّ ، المُظهر للدِّين ، والباسط للعدل . قال الحسين : فقلت له : يا أمير المؤمنين ، وإنّ ذلك لكائن ؟ فقال ¼ : إى والذى بعث محمّداً ½ بالنبوّة ، واصطفاه علي جميع البريّة ، ولكن بعد غيبة وحيرة ، فلا يثبت فيها علي دينه إلاّ المخلصون المباشرون لروح اليقين ، الذين أخذ الله عزّ وجلّ ميثاقهم بولايتنا ، وكتب فى قلوبهم الإيمان ، وأيّدهم بروح منه(٢) . ٥٩٠٩ ـ الإمام الصادق عن آبائه (ع) : زاد الفرات علي عهد أمير المؤمنين ¼ ، فركب هو وابناه الحسن والحسين (ع) فمرّ بثقيف ، فقالوا : قد جاء علىٌّ يردّ الماء . فقال علىّ ¼ : أما والله لاُقتلنّ أنا وابناى هذان ، وليبعثنّ الله رجلا من ولدى فى آخر الزمان يطالب بدمائنا ، وليغيبنّ عنهم ، تمييزاً لأهل الضلالة ، حتي يقول الجاهل : ما لله فى آل محمّد من حاجة(٣) . ٥٩١٠ ـ نهج البلاغة ـ من خطبة له ¼ يومئ فيها إلي ذكر الملاحم ـ : يعطف الهوي علي الهدي إذا عطفوا الهدي علي الهوي ، ويعطف الرأى علي القرآن إذا
(١) الغيبة للنعمانى : ٢١٤ / ٢ ، الغيبة للطوسى : ١٩٠ /
١٥٢ ، الصراط المستقيم : ٢ / ٢٢٤ نحوه . ١٤٦ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / غلبة الحقّ علي الباطل فى آخر الزمان
عطفوا القرآن علي الرأى . ومنها : حتي تقوم الحرب بكم علي ساق بادياً نواجذها ، مملوءةً أخلافها ، حُلواً رضاعها ، علقماً عاقبتها . ألا وفى غد ـ وسيأتى غدٌ بما لا تعرفون ـ يأخذ الوالى من غيرها عُمّالها علي مساوئ أعمالها ، وتُخرج له الأرض أفاليذ كبدها ، وتُلقى إليه سِلماً مقاليدها . فيُريكم كيف عدل السيرة ، ويُحيى ميّت الكتاب والسنّة(١) . ٥٩١١ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من خطبة له يومئ فيها إلي الملاحم ـ : فلا تستعجلوا ما هو كائنٌ مُرصَد ، ولا تستبطئوا ما يجىء به الغد ; فكم من مستعجل بما إن أدركه ودّ أنّه لم يدركه ، وما أقرب اليوم من تباشيرِ غد ! يا قوم ، هذا إبّان ورود كلّ موعود ، ودُنوٍّ من طَلعة ما لا تعرفون . ألا وإنّ من أدركها منّا(٢) يسرى فيها بسراج منير ، ويَحذو فيها علي مثال الصالحين ، ليحُلّ فيها رِبْقاً(٣) ، ويُعتق فيها رِقّاً ، ويَصدع شَعْباً ، ويشعَب صَدْعاً(٤) ، فى سُترة عن الناس لا يُبصر القائف أثره ولو تابع نظره . ثمّ ليُشحذنّ فيها قوم شحذ القَيْن(٥) النصلَ . تُجلي بالتنزيل
(١) نهج البلاغة : الخطبة ١٣٨ ، عيون الحكم والمواعظ :
٥٥٤ / ١٠٢١٠ وفيه صدره ; ينابيع المودّة : ١ / ٢٠٧ / ٦ وليس فيه من "حتي تقوم" إلي
"أعمالها" . ١٤٧ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / غلبة الحقّ علي الباطل فى آخر الزمان
أبصارهم ، ويُرمي بالتفسير فى مسامعهم ، ويُغبقون كأس الحكمة بعد الصَّبوح(١) . ٥٩١٢ ـ الإمام الصادق ¼ : خطب أمير المؤمنين ¼ بالمدينة ، فحمد الله وأثني عليه وصلّي علي النبىّ وآله ، ثمّ قال : أمّا بعد ، فإنّ الله تبارك وتعالي لم يقصم جبّارى دهر إلاّ من بعد تمهيل ورخاء ، ولم يجبر كسر عظم من الاُمم إلاّ بعد أزل(٢) وبلاء . أيّها الناس فى دون ما استقبلتم من عطب واستدبرتم من خطب معتبر ، وما كلُّ ذى قلب بلبيب ، ولا كلُّ ذى سمع بسميع ، ولا كلُّ ذى ناظر عين ببصير . عباد الله ! أحسنوا فيما يعنيكم النظر فيه ، ثمّ انظروا إلي عرصات من قد أقاده الله بعلمه ، كانوا علي سنّة من آل فرعون أهل جنّات وعيون وزروع ومقام كريم ، ثمّ انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة والسرور والأمر والنهى ، ولمن صبر منكم العاقبة فى الجنان والله مخلّدون ولله عاقبة الاُمور . فيا عجباً وما لى لا أعجب من خطأ هذه الفرق علي اختلاف حججها فى دينها ! لا يقتصّون أثر نبىّ ، ولا يقتدون بعمل وصى ، ولا يؤمنون بغيب ، ولا يعفون عن عيب ، المعروف فيهم ما عرفوا ، والمنكر عندهم ما أنكروا ، وكلُّ امرئ منهم إمام نفسه ، آخذ منها فيما يري بِعُريً وثيقات ، وأسباب محكمات . فلا يزالون بِجَور ، ولن يزدادوا إلاّ خطأ ، لا ينالون تقرُّباً ولن يزدادوا إلاّ بعداً من الله عزّ وجلّ ، اُنس بعضهم ببعض وتصديق بعضهم لبعض ، كلّ ذلك وحشةً ممّا ورّث النبىُّ الاُمّى ½ ، ونفوراً ممّا أدّي إليهم من أخبار فاطر السماوات
(١) نهج البلاغة : الخطبة ١٥٠ . ١٤٨ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / غلبة الحقّ علي الباطل فى آخر الزمان
والأرض ، أهل حسرات ، وكهوف شبهات ، وأهل عشوات وضلالة وريبة ، من وكله الله إلي نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله ، غير المتّهم عند من لا يعرفه ، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها . ووا أسفا من فعلات شيعتى ! من بعد قرب مودّتها اليوم ، كيف يستذلُّ بعدى بعضها بعضاً ؟ وكيف يقتل بعضها بعضاً ؟ المتشتّتة غداً عن الأصل النازلة بالفرع ، المؤمّلة الفتح من غير جهته ، كلُّ حزب منهم آخذ منه بغصن ، أينما مال الغصن مال معه ، مع أنّ الله ـ وله الحمد ـ سيجمع هؤلاء لشرّ يوم لبنى اُميّة كما يجمع قَزع الخريف يؤلّف الله بينهم ، ثمّ يجعلهم ركاماً كركام السحاب ، ثمّ يفتح لهم أبواباً يسيلون من مستثارهم كسيل الجنّتين ، سيل العرم حيث بعث عليه فارة ، فلم يثبت عليه أكمة ، ولم يردَّ سننه رضّ طود ، يذعذعهم الله فى بطون أودية ، ثمّ يسلكهم ينابيع فى الأرض ، يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ، ويُمكّن بهم قوماً فى ديار قوم ، تشريداً لبنى اُميّة ، ولكيلا يغتصبوا ما غصبوا ، يضعضع الله بهم ركناً ، وينقض بهم طىَّ الجنادل من إرم ، ويملأ منهم بطنان الزيتون . فو الذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ! ليكوننّ ذلك وكأنّى أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم . وايم الله ليذوبنَّ ما فى أيديهم بعد العلوِّ والتمكين فى البلاد كما تذوب الألية علي النار ، من مات منهم مات ضالاًّ ، وإلي الله عزّ وجلّ يفضى منهم من درج ، ويتوب الله عزّ وجلَّ علي من تاب . ولعلّ الله يجمع شيعتى بعد التشتّت لشرّ يوم لهؤلاء ! وليس لأحد علي الله عزّ ذكره الخيرة بل لله الخيرة والأمر جميعاً(١) . ١٤٩ - المجلد الحادى عشر /
القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور
الغيبيّة / علم الإمام بما يكون إلي يوم القيامة
٣ / ١٦ علم الإمام بما يكون إلي يوم القيامة ٥٩١٣ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى خطبة له ينبّه علي فضله وعلمه ، ويبيّن فتنة بنى اُميّة ـ : أمّا بعد . . . أيّها الناس ! فإنّى فقأت عين الفتنة ، ولم يكن ليجترئ عليها أحد غيرى بعد أن ماج غَيْهَبها واشتد كلَبُها . فاسألونى قبل أن تفقدونى ; فو الذى نفسى بيده لا تسألونى عن شىء فيما بينكم وبين الساعة ، ولا عن فئة تهدى مائة وتُضلّ مائة إلاّ أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها ، ومُناخ ركابها ومحطّ رحالها ، ومن يُقتل من أهلها قتلا ، ومَن يموت منهم موتاً(١) . |