١٥١ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة / كلام حول ما أخبر به الإمام من الاُمور الغيبيّة
قال ابن أبى الحديد فى شرح ما مرّ من كلامه ¼ (فى الخطبة : ٩٣) : "فصل فى ذكر اُمور غيبيّة أخبر بها الإمام ثمّ تحقّقت" : واعلم أنّه ¼ قد أقسم فى هذا الفصل بالله الذى نفسه بيده ، أنّهم لا يسألونه عن أمر يحدث بينهم وبين القيامة إلاّ أخبرهم به ، وأنّه ما صحّ من طائفة من الناس يهتدى بها مائة وتضلّ بها مائة ، إلاّ وهو مخبرٌ لهم ـ إن سألوه ـ برعاتها وقائدها وسائقها ومواضع نزول ركابها وخيولها ، ومن يقتل منها قتلا ، ومن يموت منها موتاً . وهذه الدعوي ليست منه ¼ ادّعاء الربوبيّة ، ولا ادّعاء النبوّة ، ولكنّه كان يقول : إنّ رسول الله ½ أخبره بذلك . ولقد امتحنّا إخباره فوجدناه موافقاً ، فاستدللنا بذلك علي صدق الدعوي المذكورة ، كإخباره عن الضربة يُضرب بها فى رأسه فتخضِب لحيته . وإخباره عن قتل الحسين ابنه ¤ ، وما قاله فى كربلاء حيث مرّ بها . وإخباره بملك معاوية الأمر من بعده ، وإخباره عن الحجّاج ، وعن يوسف بن ١٥٢ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة / كلام حول ما أخبر به الإمام من الاُمور الغيبيّة
عمر ، وما أخبر به من أمر الخوارج بالنهروان ، وما قدّمه إلي أصحابه من إخباره بقتل من يقتل منهم ، وصلب من يصلب . وإخباره بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، وإخباره بعدة الجيش الوارد إليه من الكوفة لمّا شخص ¼ إلي البصرة لحرب أهلها . وإخباره عن عبد الله بن الزبير ، وقوله فيه : "خَبٌّ(١) ضَبّ ، يروم أمراً ولا يدركه ، ينصب حبالة الدين لاصطياد الدنيا ، وهو بعد مصلوب قريش" . وكإخباره عن هلاك البصرة بالغرق ، وهلاكها تارةً اُخري بالزنج ، وهو الذى صحّفه قوم فقالوا : بالريح ، وكإخباره عن ظهور الرايات السود من خراسان ، وتنصيصه علي قوم من أهلها يعرفون ببنى رزيق ـ بتقديم المهملة ـ وهم آل مصعب الذين منهم طاهر بن الحسين وولده وإسحاق بن إبراهيم ، وكانوا هم وسلفهم دعاة الدولة العبّاسيّة . وكإخباره عن الأئمّة الذين ظهروا من ولده بطبرستان(٢) ، كالناصر والداعى وغيرهما ، فى قوله ¼ : "و إنّ لآل محمّد بالطالقان(٣) لكنزاً سيظهره الله إذا شاء ، دعاؤه حقّ يقوم بإذن الله فيدعو إلي دين الله" . وكإخباره عن مقتل النفس الزكيّة بالمدينة ، وقوله : "إنّه يُقتل عند أحجار (١) الخَبُّ بالفتح : الخدَّاعُ (النهاية : ٢ / ٤) . ١٥٣ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة / كلام حول ما أخبر به الإمام من الاُمور الغيبيّة
الزيت(١)" . وكقوله عن أخيه إبراهيم المقتول بباب حمزة : "يُقتل بعد أن يَظهر ، ويُقهر بعد أن يَقهر" . وقوله فيه أيضاً : "يأتيه سهم غَرِب يكون فيه منيّته فيا بؤساً للرامى ! شُلّت يده ، ووهن عضده" . وكإخباره عن قتلي وجّ(٢) ، وقوله فيهم "هم خير أهل الأرض" . وكإخباره عن المملكة العلويّة بالغرب ، وتصريحه بذكر كتامة ; وهم الذين نصروا أبا عبد الله الداعى المعلّم . وكقوله وهو يشير إلي أبى عبد الله المهدى : وهو أوّلهم ثمّ يظهر صاحب القيروان(٣) الغضّ البضّ ، ذو النسب المحض ، المنتجب من سلالة ذى البداء ، المسجّي بالرداء . وكان عبيد الله المهدى أبيض مترفاً مشرباً بحمرة ، رخص البدن ، تارّ(٤) الأطراف . وذو البداء : إسماعيل بن جعفر بن محمّد ¤ ، وهو المسجّي بالرداء ; لأنّ أباه أبا عبد الله جعفراً سجّاه بردائه لمّا مات ، وأدخل إليه وجوه الشيعة يشاهدونه ، ليعلموا موته ، وتزول عنهم الشبهة فى أمره . وكإخباره عن بنى بويه وقوله فيهم : "و يخرج من ديلمان(٥) بنو الصيّاد" ، إشارة إليهم . وكان أبوهم صيّاد السمك ، يصيد منه بيده ما يتقوّت هو وعياله (١) أحْجَار الزَّيْت : موضع بالمدينة ، وهو موضع صلاة الاستسقاء (معجم البلدان : ١ / ١٠٩) . ١٥٤ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة / كلام حول ما أخبر به الإمام من الاُمور الغيبيّة
بثمنه ، فأخرج الله تعالي من ولده لصلبه ملوكاً ثلاثة ، ونشر ذريّتهم حتي ضربت الأمثال بملكهم . وكقوله ¼ فيهم : "ثمّ يستشري أمرهم حتي يملكوا الزوراء ، ويخلعوا الخلفاء . فقال له قائل : فكم مدّتهم يا أمير المؤمنين ؟ فقال : مائة أو تزيد قليلا" . وكقوله فيهم : "و المترف ابن الأجذم ، يقتله ابن عمّه علي دجلة" ، وهو إشارة إلي عزّ الدولة بختيار بن معزّ الدولة أبى الحسين ، وكان معزّ الدولة أقطع اليد ، قطعت يده للنكوص فى الحرب ، وكان ابنه عزّ الدولة بختيار مترفاً ، صاحب لهو وشرب ، وقتله عضد الدولة فناخسرو ابن عمّه بقصر الجصّ علي دجلة فى الحرب ، وسلبه ملكه . فأمّا خلعهم للخلفاء ، فإنّ معزّ الدولة خلع المستكفى ورتّب عوضه المطيع ، وبهاء الدولة أبا نصر بن عضد الدولة خلع الطائع ورتّب عوضه القادر ، وكانت مدّة ملكهم كما أخبر به ¼ . وكإخباره ¼ لعبد الله بن العبّاس § عن انتقال الأمر إلي أولاده ، فإنّ علىّ بن عبد الله لمّا ولد ، أخرجه أبوه عبد الله إلي علىّ ¼ ، فأخذه وتفل فى فيه وحنّكه بتمرة قد لاكها ، ودفعه إليه ، وقال : خذ إليك أبا الأملاك . هكذا الرواية الصحيحة ، وهى التى ذكرها أبو العبّاس المبرّد فى كتاب "الكامل" ، وليست الرواية التى يذكر فيها العدد بصحيحة ولا منقولة من كتاب معتمد عليه . وكم له من الإخبار عن الغيوب الجارية هذا المجري ، ممّا لو أردنا استقصاءه لكرّسنا له كراريس كثيرة ، وكتب السير تشتمل عليها مشروحة(١) . ١٥٥ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة / كلام حول ما أخبر به الإمام من الاُمور الغيبيّة
وقال ابن أبى الحديد أيضاً فى شرح الخطبة ٣٧ تحت عنوان "الأخبار الواردة عن معرفة الإمام علىّ ¼ بالاُمور الغيبيّة" : روي ابن هلال الثقفى فى كتاب "الغارات" عن زكريّا بن يحيي العطّار عن فُضيل عن محمّد بن علىّ ، قال : لمّا قال على ¼ : سلونى قبل أن تفقدونى ، فو الله لا تسألوننى عن فئة تُضلّ مائة وتهدى مائة إلاّ أنبأتكم بناعقتها وسائقتها ـ قام إليه رجل فقال : أخبرنى بما فى رأسى ولحيتى من طاقة شعر ! فقال له علىّ ¼ : والله لقد حدّثنى خليلى أنّ علي كلّ طاقة شعر من رأسك ملكاً يلعنك ، وأنّ علي كلّ طاقة شعر من لحيتك شيطاناً يغويك ، وأنّ فى بيتك سخلا يقتل ابن رسول الله ½ ـ وكان ابنه قاتل الحسين ¼ يومئذ طفلا يحبو ـ وهو سنان بن أنس النخعى . وروي محمّد بن إسماعيل بن عمرو البجلى ، قال : أخبرنا عمرو بن موسي الوجيهى عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث ، قال : قال علىّ ¼ علي المنبر : ما أحد جرت علي المواسى إلاّ وقد أنزل الله فيه قرآناً . فقام إليه رجل من مبغضيه فقال له : فما أنزل الله تعالي فيك ؟ فقام الناس إليه يضربونه ، فقال : دعوه ، أ تقرأ سورة هود ؟ قال : نعم . قال : فقرأ ¼ ³ أَ فَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ² (١) ثمّ قال : الذى (١) هود : ١٧ . ١٥٦ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة / كلام حول ما أخبر به الإمام من الاُمور الغيبيّة
كان علي بيّنة من ربّه محمّد ½ ، والشاهد الذى يتلوه أنا . . . . وروي عثمان بن سعيد عن شريك بن عبد الله ، قال : لمّا بلغ عليّاً ¼ أنّ الناس يتّهمونه فيما يذكره من تقديم النبى ½ وتفضيله إيّاه علي الناس ، قال : أنشد الله من بقى ممّن لقى رسول الله ½ وسمع مقاله فى يوم غدير خمّ إلاّ قام فشهد بما سمع . فقام ستّة ممّن عن يمينه ، من أصحاب رسول الله ½ ، وستّة ممّن علي شماله من الصحابة أيضاً ، فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله ½ يقول ذلك اليوم ، وهو رافع بيدى علىّ ½ : "من كنت مولاه فهذا علىّ مولاه ، اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ، وأحبّ من أحبّه وأبغض من أبغضه . وروي محمّد بن علىّ الصوّاف عن الحسين بن سفيان عن أبيه عن شمير بن سدير الأزدى ، قال : قال علىّ ¼ لعمرو بن الحمق الخزاعى : أين نزلت يا عمرو ؟ قال : فى قومى . قال : لا تنزلنّ فيهم . قال : فأنزل فى بنى كنانة جيراننا ؟ قال : لا . قال : فأنزل فى ثقيف ؟ قال : فما تصنع بالمعرّة والمجرّة ؟ قال : وما هما ؟ ١٥٧ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة / كلام حول ما أخبر به الإمام من الاُمور الغيبيّة
قال : عُنقان من نار ، يخرجان من ظهر الكوفة ، يأتى أحدهما علي تميم وبكر بن وائل ، فقلّما يفلت منه أحد ، ويأتى العنق الآخر ، فيأخذ علي الجانب الآخر من الكوفة ، فقلّ من يصيب منهم ، إنّما يدخل الدار فيحرق البيت والبيتين . قال : فأين أنزل ؟ قال : انزلْ فى بنى عمرو بن عامر ، من الأزد . ـ قال : فقال قوم حضروا هذا الكلام : ما نراه إلاّ كاهناً يتحدّث بحديث الكهنة ـ . فقال : يا عمرو ، إنّك المقتول بعدى ، وإنّ رأسك لمنقول ، وهو أوّل رأس ينقل فى الإسلام ، والويل لقاتلك ! أما إنّك لا تنزل بقوم إلاّ أسلموك برمّتك ، إلاّ هذا الحىّ من بنى عمرو بن عامر من الأزد ، فإنّهم لن يسلموك ولن يخذلوك . قال : فو الله ما مضت إلاّ أيّام حتي تنقّل عمرو بن الحمق فى خلافة معاوية فى بعض أحياء العرب ، خائفاً مذعوراً ، حتي نزل فى قومه من بنى خزاعة ، فأسلموه ، فقتل وحمل رأسه من العراق إلي معاوية بالشام ، وهو أوّل رأس حمل فى الإسلام من بلد إلي بلد . وروي إبراهيم بن ميمون الأزدى عن حبّة العرنى ، قال : كان جويرية بن مسهر العبدى صالحاً ، وكان لعلىّ بن أبى طالب صديقاً ، وكان علىّ يحبّه ، ونظر يوماً إليه وهو يسير ، فناداه : يا جويرية ، الحقْ بى ، فإنّى إذا رأيتك هويتك . قال إسماعيل بن أبان : فحدّثنى الصبّاح عن مسلم عن حبّة العُرنى ، قال : سرنا مع علىّ ¼ يوماً فالتفت فإذا جويرية خلفه بعيداً ، فناداه : يا جويرية ، الحقْ بى لا أبا لك ! ألا تعلم أنّى أهواك واُحبّك ! قال : فركض نحوه ، فقال له : ١٥٨ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة / كلام حول ما أخبر به الإمام من الاُمور الغيبيّة
إنّى محدّثك باُمور فاحفظها . ثمّ اشتركا فى الحديث سرّاً ، فقال له جويرية : يا أمير المؤمنين ، إنّى رجلٌ نسىّ . فقال له : إنّى اُعيدُ عليك الحديث لتحفظه ، ثمّ قال له فى آخر ما حدّثه إيّاه : يا جويرية ، أحبب حبيبنا ما أحبّنا ، فإذا أبغضنا فأبغضه ، وأبغض بغيضنا ما أبغضنا ، فإذا أحبّنا فأحبّه . قال : فكان ناس ممّن يشكّ فى أمر علىّ ¼ يقولون : أ تراه جعل جويرية وصيّه كما يدّعى هو من وصيّة رسول الله ½ ؟ قال : يقولون ذلك لشدّة اختصاصه له ، حتي دخل علي علىّ ¼ يوماً ، وهو مضطجع ، وعنده قوم من أصحابه ، فناداه : جويرية ، أيّها النائم استيقظ ، فلتُضربنّ علي رأسك ضربة تخضب منها لحيتك ، قال : فتبسّم أمير المؤمنين ¼ ، قال : واُحدّثك يا جويرية بأمرك ; أما والذى نفسى بيده لتعتلنّ إلي العتلّ الزنيم ، فليقطعنّ يدك ورجلك وليصلبنّك تحت جذع كافر . قال : فو الله ما مضت إلاّ أيّام علي ذلك حتي أخذ زياد جويرية ، فقطع يده ورجله وصلبه إلي جانب جذع ابن مكعبر ، وكان جذعاً طويلا ، فصلبه علي جذع قصير إلي جانبه . وروي إبراهيم فى كتاب "الغارات" عن أحمد بن الحسن الميثمى ، قال : كان ميثم التمّار مولي علىّ بن أبى طالب ¼ عبداً لامرأة من بنى أسد ، فاشتراه علىّ ¼ منها وأعتقه ، وقال له : ما اسمك ؟ فقال : سالم . ١٥٩ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة / كلام حول ما أخبر به الإمام من الاُمور الغيبيّة
فقال : إنّ رسول الله ½ أخبرنى أنّ اسمك الذى سمّاك به أبوك فى العجم : ميثم . فقال : صدق الله ورسوله ، وصدقت يا أمير المؤمنين ، فهو والله اسمى . قال : فارجع إلي اسمك ، ودع سالماً ، فنحن نكنّيك به ، فكنّاه أبا سالم . قال : وقد كان قد أطلعه علىّ ¼ علي علم كثير ، وأسرار خفيّة من أسرار الوصيّة ، فكان ميثم يحدّث ببعض ذلك ، فيشكّ فيه قوم من أهل الكوفة ، وينسبون عليّاً ¼ فى ذلك إلي المخرقة والإيهام والتدليس ، حتي قال له يوماً بمحضر من خَلْق كثير من أصحابه ، وفيهم الشاكّ والمخلص : يا ميثم ، إنّك تؤخذ بعدى وتصلب ، فإذا كان اليوم الثانى ابتدر منخراك وفمك دماً ، حتي تخضب لحيتك ، فإذا كان اليوم الثالث طعنت بحربة يقضي عليك ، فانتظر ذلك . والموضع الذى تصلب فيه علي باب دار عمرو بن حريث ، إنّك لعاشر عشرة أنت أقصرهم خشبة ، وأقربهم من المطهّرة ـ يعنى الأرض ـ ولأرينّك النخلة التى تصلب علي جذعها . ثمّ أراه إيّاها بعد ذلك بيومين ، وكان ميثم يأتيها ، فيصلّى عندها ، ويقول : بوركت من نخلة لك خُلقت ، ولى نبتّ ، فلم يزل يتعاهدها بعد قتل علىّ ¼ ، حتي قطعت ، فكان يرصد جذعها ، ويتعاهده ويتردّد إليه ، ويبصره ، وكان يلقي عمرو بن حريث ، فيقول له : إنّى مجاورك فأحسن جوارى . فلا يعلم عمرو ما يريد ، فيقول له : أ تريد أن تشترى دار ابن مسعود ، أم دار ابن حكيم ؟ ! قال : وحجّ فى السنة التى قتل فيها ، فدخل علي اُمّ سلمة رضى الله عنها ، ١٦٠ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة / كلام حول ما أخبر به الإمام من الاُمور الغيبيّة
فقالت له : من أنت ؟ ! قال : عراقى . فاستنسبته ، فذكر لها أنّه مولي علىّ بن أبى طالب . فقالت : أنت هيثم . قال : بل أنا ميثم . فقالت : سبحان الله ! والله لربّما سمعت رسول الله ½ يوصى بك عليّاً فى جوف الليل . فسألها عن الحسين بن علىّ ، فقالت : هو فى حائط له ، قال : أخبريه أنّى قد أحببت السلام عليه ، ونحن ملتقون عند ربّ العالمين إن شاء الله ، ولا أقدر اليوم علي لقائه ، واُريد الرجوع . فدعت بطيب فطيّبت لحيته ، فقال لها : أما إنّها ستخضب بدم . فقالت : من أنبأك هذا ؟ قال : أنبأنى سيّدى . فبكت اُمّ سلمة ، وقالت له : إنّه ليس بسيّدك وحدك ; هو سيّدى وسيّد المسلمين ، ثمّ ودّعته . فقدم الكوفة ، فاُخذ واُدخل علي عبيد الله بن زياد . وقيل له : هذا كان من آثر الناس عند أبى تراب . قال : ويحكم ! هذا الأعجمى ؟ ! قالوا : نعم . فقال له عبيد الله : أين ربّك ؟ قال : بالمرصاد . قال : قد بلغنى اختصاص أبى تراب لك . قال : قد كان بعض ذلك ، فما تريد ؟ قال : وإنّه ليقال إنّه قد أخبرك بما سيلقاك . قال : نعم ، إنّه أخبرنى . قال : ما الذى أخبرك أنّى صانع بك ؟ قال : أخبرنى أنّك تصلُبنى عاشر عشرة وأنا أقصرهم خشبة ، وأقربهم من المطهّرة . قال : لاُخالفنّه . قال : ويحك ! كيف تخالفه ؟ ! إنّما أخبر عن رسول الله ½ ، وأخبر رسول الله عن جبرائيل ، وأخبر جبرائيل عن الله ، فكيف تخالف هؤلاء ؟ ! أما والله لقد ١٦١ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة / كلام حول ما أخبر به الإمام من الاُمور الغيبيّة
عرفت الموضع الذى اُصلب فيه أين هو من الكوفة ، وإنّى لأوّل خلق الله اُلجم فى الإسلام بلجام كما يلجم الخيل . فحبسه وحبس معه المختار بن أبى عبيدة الثقفى ، فقال ميثم للمختار ـ وهما فى حبس ابن زياد ـ : إنّك تفلت وتخرج ثائراً بدم الحسين ¼ ، فتقتل هذا الجبّار الذى نحن فى سجنه ، وتطأ بقدمك هذه علي جبهته وخدّيه . فلمّا دعا عبيد الله بن زياد بالمختار ليقتله طلع البريد بكتاب يزيد بن معاوية إلي عبيد الله بن زياد ، يأمره بتخلية سبيله ، وذاك أنّ اُخته كانت تحت عبد الله بن عمر بن الخطّاب ، فسألت بعلها أن يشفع فيه إلي يزيد فشفع ، فأمضي شفاعته ، وكتب بتخلية سبيل المختار علي البريد ، فوافي البريد ، وقد اُخرج ليضرب عنقه ، فاُطلق . وأمّا ميثم فاُخرج بعده لِيُصلب ، وقال عبيد الله : لأمضين حكم أبى تراب فيه . فلقيه رجل ، فقال له : ما كان أغناك عن هذا يا ميثم ؟ فتبسّم ، وقال : لها خلقت ، ولى غُذِيتْ . فلمّا رفع علي الخشبة اجتمع الناس حوله علي باب عمرو بن حريث ، فقال عمرو : لقد كان يقول لى : إنّى مجاورك . فكان يأمر جاريته كلّ عشيّة أن تكنس تحت خشبته وترشّه ، وتجمّر بالمجمر تحته . فجعل ميثم يحدّث بفضائل بنى هاشم ، ومخازى بنى اُميّة ، وهو مصلوب علي الخشبة ، فقيل لابن زياد : قد فضحكم هذا العبد . فقال : ألجموه فاُلجم ، فكان أوّل خلق الله اُلجم فى الإسلام . فلمّا كان فى اليوم الثانى فاضت منخراه وفمه دماً ، فلمّا كان فى اليوم الثالث طُعِن بحربة فمات . ١٦٢ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة / كلام حول ما أخبر به الإمام من الاُمور الغيبيّة
وكان قتل ميثم قبل قدوم الحسين ¼ العراق بعشرة أيّام . قال إبراهيم : وحدّثنى إبراهيم بن العبّاس النهدى ، حدّثنى مبارك البجلى عن أبى بكر بن عياش ، قال : حدّثنى المجالد عن الشعبى عن زياد بن النضر الحارثى ، قال : كنت عند زياد ، وقد أتي برشيد الهجرى ـ وكان من خواصّ أصحاب علىّ ¼ ـ فقال له زياد : ما قال خليلك لك إنّا فاعلون بك ؟ قال : تقطعون يدىّ ورجلىّ ، وتصلبوننى . فقال زياد : أما والله لاُكذّبنّ حديثه ، خلّوا سبيله ، فلمّا أراد أن يخرج قال : ردّوه ، لا نجد شيئاً أصلح ممّا قال لك صاحبك ، إنّك لا تزال تبغى لنا سوءاً إن بقيت ، اقطعوا يديه ورجليه . فقطعوا يديه ورجليه ، وهو يتكلّم . فقال : اصلبوه خنقاً فى عنقه . فقال رشيد : قد بقى لى عندكم شىء ما أراكم فعلتموه . فقال زياد : اقطعوا لسانه . فلمّا أخرجوا لسانه ليقطع قال : نفّسوا عنّى أتكلّم كلمة واحدة . فنفّسوا عنه ، فقال : هذا والله تصديق خبر أمير المؤمنين ، أخبرنى بقطع لسانى . فقطعوا لسانه وصلبوه . وروي أبو داود الطيالسى عن سليمان بن رزيق عن عبد العزيز بن صهيب ، قال : حدّثنى أبو العالية ، قال : حدّثنى مزرع صاحب علىّ بن أبى طالب ¼ أنّه قال : ليقبلنّ جيش حتي إذا كانوا بالبيداء ، خُسف بهم . ١٦٣ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة / كلام حول ما أخبر به الإمام من الاُمور الغيبيّة
قال أبو العالية : فقلت له : إنّك لتحدّثنى بالغيب ! فقال : احفظ ما أقوله لك ، فإنّما حدّثنى به الثقة علىّ بن أبى طالب . وحدّثنى أيضاً شيئاً آخر : ليؤخذنّ رجل فليقتلنّ وليصلبنّ بين شُرفتين من شُرف المسجد . فقلت له : إنّك لتحدّثنى بالغيب ! فقال : احفظ ما أقول لك . قال أبو العالية : فو الله ، ما أتت علينا جمعة حتي اُخذ مزرع ، فقتل وصلب بين شرفتين من شرف المسجد . قلت : حديث الخسف بالجيش قد خرّجه البخارى ومسلم فى الصحيحين ، عن اُمّ سلمة رضى الله عنها ، قالت : سمعت رسول الله ½ يقول : يعوذ قوم بالبيت حتي إذا كانوا بالبيداء خسف بهم . فقلت : يا رسول الله ، لعلّ فيهم المكره أو الكاره ، فقال : يخسف بهم ، ولكن يحشرون ـ أو قال : يبعثون علي نيّاتهم يوم القيامة . قال : فسئل أبو جعفر محمّد بن علىّ : أ هى بيداء من الأرض ؟ فقال : كَلاّ والله إنّها بيداء المدينة . أخرج البخارى بعضه وأخرج مسلم الباقى . وروي محمّد بن موسي العنزى ، قال : كان مالك بن ضمرة الرؤاسى من أصحاب علىّ ¼ ، وممّن استبطن من جهته علماً كثيراً ، وكان أيضاً قد صحب أبا ذرّ ، فأخذ من علمه ، وكان يقول فى أيّام بنى اُميّة : اللهمّ لا تجعلنى أشقي الثلاثة . فيقال له : وما الثلاثة ؟ فيقول : رجل يرمي من فوق طمار ، ورجل تقطع يداه ورجلاه ولسانه ويصلب ، ورجل يموت علي فراشه . فكان من الناس من يهزأ به ، ويقول : هذا من أكاذيب أبى تراب . ١٦٤ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الثالث : إخباره بالاُمور الغيبيّة / كلام حول ما أخبر به الإمام من الاُمور الغيبيّة
قال : وكان الذى رمى به من طمار هانئ بن عروة ، والذى قطع وصلب رشيد الهجرى ، ومات مالك علي فراشه(١) . راجع : (١) شرح نهج البلاغة : ٢ / ٢٨٦ ـ ٢٩٥ . إرجاعات
٧ - المجلد العاشر / القسم الحادي عشر : علوم الإمام علي / المدخل
٧١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الاُولى : وقعة الجمل / الفصل الأوّل : مواصفات الحرب
٢٧٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل الأوّل : مواصفات الحرب
٢٥٧ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / المدخل
٢٠٣ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام عليّ / الفصل الثاني : إخبار الإمام باستشهاده
٣٥٣ - المجلد الحادي عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام عليّ / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره / إشاعة سبّه
٨٤ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / حُجْرُ بنُ عَدِيّ
١٠٩ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / رُشَيدٌ الهَجَرِيّ
٢٥١ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / قَنْبَرٌ مَولى أميرِ المُؤمنين
٢٧٢ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / كُمَيْلُ بنُ زِيَاد
٣١٧ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / مَيْثَمٌ التَّمّار
١٦٥ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الرابع : نوادر الكرامات
٤ / ١ ٥٩١٤ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى خطبته المسمّاة بالقاصعة ـ : ولقد كان[ ½ ] يُجاور فى كلّ سنة بحِراء ، فأراه ولا يراه غيرى . ولم يَجمع بيت واحد يومئذ فى الإسلام غيرَ رسول الله ½ وخديجة وأنا ثالثهما ; أري نور الوحى والرسالة ، وأشمّ ريح النبوّة . ولقد سمعت رَنّة الشيطان حين نزل الوحى عليه ½ ، فقلت : يا رسول الله ، ما هذه الرَّنّة ؟ فقال : هذا الشيطان قد أيِس من عبادته . إنّك تسمع ما أسمع ، وتري ما أري ، إلاّ أنّك لست بنبىّ ، ولكنّك لَوزير ، وإنّك لَعلي خير(١) . ١٦٦ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الرابع : نوادر الكرامات / سماع رنّة الشيطان
٤ / ٢ ٥٩١٥ ـ الإمام علىّ ¼ : كنت مع رسول الله ½ صبيحة الليلة التى اُسرى به فيها وهو بالحجْر يصلّى ، فلمّا قضي صلاته وقضيت صلاتى سمعت رنّةً شديدة ، فقلت : يا رسول الله ، ما هذه الرنّة ؟ قال : ألا تعلم ؟ ! هذه رنّة الشيطان ; علم أنّى اُسرى بى الليلة إلي السماء فأيس من أن يُعبد فى هذه الأرض(١) . ٤ / ٣ ٥٩١٦ ـ الإمام علىّ ¼ : لقد قُبض رسول الله ½ وإنّ رأسه لعلي صدرى . ولقد سالت نفسه فى كفّى ، فأمررتُها علي وجهى . ولقد وُلِّيتُ غُسله ½ والملائكة أعوانى ، فضجّت الدار والأفنية ; ملأ ٌ يهبط ، وملأ يعرج ، وما فارقتْ سمعى هَيْنَمةٌ(٢) منهم ، يصلّون عليه حتي وارَيناه فى ضريحه(٣) . ٥٩١٧ ـ عنه ¼ : لقد قُبض النبىّ ½ وإنّ رأسه لفى حجرى ، ولقد وُلّيتُ غسله بيدى ، تقلّبه الملائكة المقرّبون معى(٤) . ٥٩١٨ ـ فضائل الصحابة عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس : ذُكر عنده علىّ بن (١) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢٠٩ ; بحار الأنوار : ١٨ / ٢٢٣ . ١٦٧ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الرابع : نوادر الكرامات / مخاطبة الأرواح
أبى طالب ، فقال : إنّكم لتذكرون رجلا كان يسمع وطء جبريل فوق بيته !(١) راجع : ٤ / ٤ ٥٩١٩ ـ الكافى عن حبّة العرنى : خرجت مع أمير المؤمنين ¼ إلي الظَّهْر ، فوقف بوادى السلام(٢) كأنّه مخاطِب لأقوام ، فقمت بقيامه حتي أعييت ، ثمّ جلست حتي مللت ، ثمّ قمت حتي نالنى مثل ما نالنى أوّلا ، ثمّ جلست حتي مللت ، ثمّ قمت وجمعت ردائى ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، إنّى قد أشفقت عليك من طول القيام ، فراحة ساعة ! ثمّ طرحت الرداء ليجلس عليه . فقال لى : يا حبّة ، إن هو إلاّ محادثة مؤمن أو مؤانسته . قال : قلت : يا أمير المؤمنين ، وإنّهم لكذلك ؟ قال : نعم ، ولو كُشف لك لرأيتهم حَلقاً حَلقاً مُحْتَبين(٣) يتحادثون . فقلت : أجسام أم أرواح ؟ فقال : أرواح ، وما من مؤمن يموت فى بقعة من بقاع الأرض إلاّ قيل لروحه : الحَقى بوادى السلام . وإنّها لبقعة من جنّة عدن(٤) . (١) فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٦٥٤ / ١١١٢ ، ذخائر العقبي : ١٦٩ . إرجاعات
٤٣٩ - المجلد التاسع / القسم العاشر : خصائص الإمام عليّ / الفصل الخامس : الخصائص الحربيّة / جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره
١٦٨ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الرابع : نوادر الكرامات / معرفة الأرواح
٤ / ٥ ٥٩٢٠ ـ الإمام الصادق ¼ : إنّ رجلا جاء إلي أمير المؤمنين ¼ وهو مع أصحابه فسلّم عليه ، ثمّ قال له : أنا والله اُحبّك وأتولاّك ! فقال له أمير المؤمنين ¼ : كذبت ! قال : بلي والله ، إنّى اُحبّك وأتولاّك ! ـ فكرّر ثلاثاً ـ فقال له أمير المؤمنين ¼ : كذبت ! ما أنت كما قلت ; إنّ الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفى عام ، ثمّ عرض علينا المحبّ لنا ، فو الله ما رأيت روحك فيمن عرض ، فأين كنت ؟ ! فسكت الرجل عند ذلك ولم يراجعه(١) . ٥٩٢١ ـ الاختصاص عن الأصبغ بن نباتة : كنت مع أمير المؤمنين ¼ ، فأتاه رجلٌ فسلّم عليه ، ثمّ قال : يا أمير المؤمنين ، إنّى والله لاُحبّك فى الله ، واُحبّك فى السرّ كما اُحبّك فى العلانية ، وأدين الله بولايتك فى السرّ كما أدين بها فى العلانية . وبيد أمير المؤمنين عودٌ طأطأ رأسه ، ثمّ نكَتَ بالعود ساعةً فى الأرض ، ثمّ رفع رأسه إليه فقال : إنّ رسول الله ½ حدّثنى بألف حديث ، لكلّ حديث ألف باب ، وإنّ أرواح المؤمنين تلتقى فى الهواء فتَشامّ(٢) وتتعارف ; فما تعارَف منها ائتلف ، وما تناكَر منها اختلف . وبحقّ الله لقد كذبت ! فما أعرف وجهك فى الوجوه ، ولا اسمك فى (١) الكافى : ١ / ٤٣٨ / ١ ، بصائر الدرجات : ٨٧ / ١ كلاهما عن صالح بن سهل وح ٢ عن أبى محمّد المشهدى نحوه وراجع ح ٣ ـ ٨ . ١٦٩ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الرابع : نوادر الكرامات / معرفة الأرواح
الأسماء(١) . ٥٩٢٢ ـ الإمام الباقر ¼ : بينا أمير المؤمنين يوماً جالس(٢) فى المسجد وأصحابه حوله فأتاه رجل من شيعته ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، إنّ الله يعلم أنّى أدينه بحبّك فى السرّ كما أدينه بحبّك فى العلانية ، وأتولاّك فى السرّ كما أتولاّك فى العلانية . فقال له أمير المؤمنين ¼ : صدقت ! أما فاتّخذ للفقر جلباباً ; فإنّ الفقر أسرع إلي شيعتنا من السيل إلي قرار الوادى . قال : فولّي الرجل وهو يبكى فرحاً لقول أمير المؤمنين ¼ : صدقت . قال : وكان هناك رجل من الخوارج يحدّث صاحباً(٣) له قريباً من أمير المؤمنين ¼ ، فقال أحدهما : تالله إن رأيت كاليوم قطّ ! إنّه أتاه رجل فقال له : إنّى اُحبّك ، فقال له : صدقت . فقال له الآخر : ما أنكرت ذلك ، أ تجد بدّاً من أن إذا قيل له : إنّى اُحبّك أن يقول : صدقت ; أ تعلم أنّى اُحبّه ؟ فقال : لا . قال : فأنا أقوم فأقول له مثل ما قال له الرجل فيردّ علىَّ مثل ما ردّ عليه . قال : نعم . فقام الرجل فقال له مثل مقالة الرجل الأوّل ، فنظر إليه مليّاً ثمّ قال له : كذبت ! لا والله ما تحبّنى ولا اُحبّك(٤) . (١) الاختصاص : ٣١١ ، بصائر الدرجات : ٣٩١ / ٢ ، بحار الأنوار : ٦١ / ١٣٤ / ٧ وراجع كنز العمّال : ٩ / ١٧٢ / ٢٥٥٦٠ . ١٧٠ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الرابع : نوادر الكرامات / لقاء الخضر
٤ / ٦ ٥٩٢٣ ـ الإمام علىّ ¼ : دخلت الطواف فى بعض الليل فإذا أنا برجل متعلّق بأستار الكعبة وهو يقول : يا من لا يمنعه سمع عن سمع ، ويا من لا تغلطه المسائل ، ويا من لا يبرحه(١) إلحاح الملحّين ، ولا مسألة السائلين ; ارزقنى برد عفوك وحلاوة رحمتك ! قال : فقلت له : يا هذا ، أعِد علىَّ ما قلت . قال : قال لى : أ وَسمعته ؟ ! قلت : نعم . قال لى : والذى نفس الخضر بيده ـ قال : وكان هو الخضر ـ لا يقولها عبد خلف صلاة مكتوبة إلاّ غفر الله له ذنوبه ، ولو كانت مثل زبد البحر ، ورمل عالِج(٢) ، وورق الشجر ، وعدد النجوم ، لغفرها الله له(٣) . ٥٩٢٤ ـ عنه ¼ : رأيت الخضر ¼ فى المنام قبل بدر بليلة ، فقلت له : علّمنى شيئاً اُنصَر به علي الأعداء ، فقال : "قل : يا هو يا من لا هو إلاّ هو" . فلمّا أصبحت قصصتها علي رسول الله ½ ، فقال لى : "يا علىّ ، عُلّمتَ الاسم الأعظم" . فكان علي لسانى يوم بدر(٤) . (١) بَرَّح فلانٌ وأبْرَحَ : آذي بالإلحاح (انظر لسان العرب : ٢ / ٤١٠) . وفى المصادر الاُخري : "يبرمه" . ١٧١ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الرابع : نوادر الكرامات / لقاء الخضر
٥٩٢٥ ـ الإمام الجواد عن آبائه (ع) : أقبل أمير المؤمنين صلوات الله عليه ذات يوم ومعه الحسن بن علىّ وسلمان الفارسى ، وأمير المؤمنين متّكئ علي يد سلمان (ع) ، فدخل المسجد الحرام فجلس ، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس ، فسلّم علي أمير المؤمنين وجلس بين يديه وقال : يا أمير المؤمنين ، أسألك عن ثلاث مسائل . . . ثمّ قام فمضي ، فقال أمير المؤمنين للحسن ¤ : يا أبا محمّد ، اتّبعه فانظر أين يقصد . قال : فخرجت فى أثره ، فما كان إلاّ أن وضع رجله خارج المسجد حتي ما دريت أين أخذ من الأرض ! فرجعت إلي أمير المؤمنين ¼ فأعلمته ، فقال : يا أبا محمّد ، تعرفه ؟ قلت : لا ، والله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم ، فقال : هو الخضر ¼ (١) . ٥٩٢٦ ـ الإمام الرضا ¼ : لما قُبض رسول الله ½ جاء الخضر ¼ فوقف علي باب البيت وفيه علىّ وفاطمة والحسن والحسين (ع) ، ورسول الله ½ قد سُجّى(٢) بثوبه ، فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمّد ، كلّ نفس ذائقة الموت ، وإنّما توفّون اُجوركم يوم القيامة ، إنّ فى الله خلفاً من كلّ هالك ، وعزاءً من كلّ مصيبة ، ودَركاً من كلّ فائت ، فتوكّلوا عليه ، وثقوا به ، وأستغفر الله لى ولكم . فقال أمير المؤمنين ¼ : هذا أخى الخضر ¼ ، جاء يعزّيكم بنبيّكم ½ (٣) . ٥٩٢٧ ـ التوحيد عن الأصبغ بن نباتة : لمّا جلس علىّ ¼ فى الخلافة وبايعه الناس خرج إلي المسجد . . . فصعد المنبر . . . ثمّ قال : يا معشر الناس ! سلونى (١) الغيبة للنعمانى : ٥٨ / ٢ ، الاحتجاج : ٢ / ٩ / ١٤٨ كلاهما عن داود بن القاسم الجعفرى ، بحار الأنوار : ٣٦ / ٤١٤ / ١ . ١٧٢ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الرابع : نوادر الكرامات / التكلّم مع الأرض
قبل أن تفقدونى . فقام إليه رجل من أقصي المسجد متوكّئاً علي عصاه ، فلم يزل يتخطّي الناس حتي دنا منه فقال : يا أمير المؤمنين ، دلّنى علي عمل أنا إذا عملته نجّانى الله من النار . قال له : اسمع يا هذا ثمّ افهم ثمّ استيقن ! قامت الدنيا بثلاثة : بعالم ناطق مستعمل لعلمه ، وبغنىّ لا يبخل بماله علي أهل دين الله ، وبفقير صابر . فإذا كتم العالم علمه ، وبخل الغنىّ ، ولم يصبر الفقير ، فعندها الويل والثبور ، وعندها يعرف العارفون بالله أنّ الدار قد رجعت إلي بدئها ; أى الكفر بعد الإيمان . أيّها السائل ! فلا تغترّنّ بكثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتّي . أيّها السائل ! إنّما الناس ثلاثة : زاهد وراغب وصابر . فأمّا الزاهد فلا يفرح بشىء من الدنيا أتاه ، ولا يحزن علي شىء منها فاته ; وأمّا الصابر فيتمنّاها بقلبه ، فإن أدرك منها شيئاً صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها ; وأمّا الراغب فلا يبالى من حلّ أصابها أم من حرام . قال له : يا أمير المؤمنين ، فما علامة المؤمن فى ذلك الزمان ؟ قال : ينظر إلي ما أوجب الله عليه من حقّ فيتولاّه ، وينظر إلي ما خالفه فيتبرّأ منه وإن كان حميماً قريباً . قال : صدقت والله يا أمير المؤمنين ! ثمّ غاب الرجل فلم نره ، فطلبه الناس فلم يجدوه ، فتبسّم علىّ ¼ علي المنبر ثمّ قال : ما لكم ! هذا أخى الخضر ¼ (١) . ٤ / ٧ ٥٩٢٨ ـ علل الشرائع عن تميم بن جذيم : كنّا مع علىّ ¼ حيث توجّهنا إلي ١٧٣ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الرابع : نوادر الكرامات / تسبيح الحصي فى يده
البصرة ، قال : فبينما نحن نُزول إذا اضطربت الأرض ، فضربها علىّ ¼ بيده ، ثمّ قال لها : ما لكِ ؟ ثمّ أقبل علينا بوجهه ، ثمّ قال لنا : أما إنّها لو كانت الزلزلة التى ذكرها الله عزّ وجلّ فى كتابه لأجابتنى ، ولكنّها ليست بتلك(١) . ٤ / ٨ ٥٩٢٩ ـ الخرائج والجرائح عن أنس : إنّه [النبىّ ½ ] أخذ كفّاً من الحصي فسبّحن فى يده ، ثمّ صبّهنّ فى يد علىّ ¼ فسبّحن فى يده ، حتي سمعنا التسبيح فى أيديهما ! ثمّ صبّهنّ فى أيدينا فما سبّحت(٢) . ٤ / ٩ ٥٩٣٠ ـ إرشاد القلوب عن الحارث الأعور الهمدانى : خرجنا مع أمير المؤمنين حتي انتهينا إلي العاقُول(٣) بالكوفة علي شاطئ الفرات ، فإذا نحن بأصل شجرة ، وقد وقع أوراقها وبقى عودها يابساً ، فضربها بيده المباركة وقال لها : ارجعى بإذن الله خضراء ذات ثمر ! فإذا هى تخضرّ بأغصانها مثمرة مورقة وحمْلها الكمّثري الذى لا يُري مثله فى فواكه الدنيا ! وطعمنا منه وتزوّدنا وحملنا . فلمّا كان بعد أيّام عدنا إليها فإذا بها خضراء فيها الكمّثري !(٤) (١) علل الشرائع : ٥٥٥ / ٥ ، تأويل الآيات الظاهرة : ٢ / ٨٣٦ / ٣ ، بحار الأنوار : ٤١ / ٢٥٣ / ١٣ . ١٧٤ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الرابع : نوادر الكرامات / إصابة المستهزئ به بالجنون
٤ / ١٠ ٥٩٣١ ـ الإرشاد عن حكيم بن جبير : شهدنا عليّاً أمير المؤمنين ¼ علي المنبر يقول : أنا عبد الله وأخو رسول الله ½ ; ورثت نبىّ الرحمة ونكحت سيّدة نساء أهل الجنّة . وأنا سيّد الوصيّين وآخر أوصياء النبيّين ، لا يدّعى ذلك غيرى إلاّ أصابه الله بسوء . فقال رجل من عبس كان جالساً بين القوم : من لا يحسن أن يقول هذا ; أنا عبد الله وأخو رسول الله ! ! فلم يبرح من مكانه حتي تخبّطه الشيطان ، فجرّ برجله إلي باب المسجد ! فسألنا قومَه عنه فقلنا : هل تعرفون به عارضاً قبل هذا ؟ قالوا : اللهمّ لا(١) . ٥٩٣٢ ـ شرح نهج البلاغة عن حكيم بن جبير : خطب علىّ ¼ فقال فى أثناء خطبته : أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يقولها أحد قبلى ولا بعدى إلاّ كذب ; ورثت نبىّ الرحمة ونكحت سيّدة نساء هذه الاُمّة ، وأنا خاتم الوصيّين . فقال رجل من عبس : ومن لا يحسن أن يقول مثل هذا ! ! فلم يرجع إلي أهله حتي جنّ وصرع ، فسألوهم : هل رأيتم به عرَضاً قبل هذا ؟ قالوا : ما رأينا به قبل هذا عرَضاً(٢) . (١) الإرشاد : ١ / ٣٥٣ ، الخرائج والجرائح : ١ / ٢٠٩ / ٥١ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٣٤٢ عن حكيم بن جبير وعن عقبة الهجرى عن عمّته وعن أبى يحيي ، كشف الغمّة : ١ / ٢٨٤ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ٤١ / ٢٠٥ / ٢٢ . ١٧٥ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الرابع : نوادر الكرامات / قصّة الخفّ والأسود
٤ / ١١ ٥٩٣٣ ـ الأغانى عن المدائنى : كان السيّد [الحميري] يأتى الأعمش فيكتب عنه فضائل علىّ (ع) ، ويخرج من عنده ويقول فى تلك المعانى شعراً . فخرج ذات يوم من عند بعض اُمراء الكوفة وقد حمله علي فرس وخلَع عليه ، فوقف بالكناسة ثمّ قال : يا معشر الكوفيّين ! من جاءنى منكم بفضيلة لعلىّ بن أبى طالب لم أقل فيها شعراً أعطيته فرسى هذا وما علىَّ . فجعلوا يحدّثونه وينشدهم حتي أتاه رجل منهم وقال : إنّ أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب (ع) عزم علي الركوب ، فلبس ثيابه ، وأراد لبس الخفّ فلبس أحد خفّيه ، ثمّ أهوي إلي الآخر ليأخذه ، فانقضّ عقاب من السماء فحلّق به ، ثمّ ألقاه ، فسقط منه أسودُ وانساب فدخل جُحراً ، فلبس علىّ (ع) الخفّ . قال : ولم يكن قال فى ذلك شيئاً ، ففكّر هنيهة ، ثمّ قال :
(١) الحُباب : الحَيَّة (النهاية : ١ / ٣٢٦) . ١٧٦ - المجلد الحادى عشر / القسم الثالث عشر : آيات الإمام علىّ / الفصل الرابع : نوادر الكرامات / الإخبار بالاسم الحقيقي
٤ / ١٢ ٥٩٣٤ ـ شرح نهج البلاغة عن أحمد بن الحسن الميثمى : كان ميثم التمّار مولي علىّ بن أبى طالب ¼ عبداً لامرأة من بنى أسد ، فاشتراه علىّ ¼ منها وأعتقه وقال له : ما اسمك ؟ قال : سالم . فقال : إنّ رسول الله ½ أخبرنى أنّ اسمك الذى سمّاك به أبوك فى العجم ميثم . فقال : صدق الله ورسوله وصدقت يا أمير المؤمنين ! فهو والله اسمى . قال : فارجع إلي اسمك ودع سالماً ، ونحن نكنيك به . فكناه أبا سالم(٢) . ٤ / ١٣ الدرهم البَهْرَج (٣) والتمر المرّ ٥٩٣٥ ـ المناقب لابن شهر آشوب : أنفذ أمير المؤمنين ¼ ميثم التمّار فى أمر ، فوقف علي باب دكّانه ، فأتي رجل يشترى التمر ، فأمره بوضع الدرهم ورفْع التمر . فلمّا انصرف ميثم وجد الدرهم بَهْرجاً ، فقال فى ذلك ، فقال ¼ : فإذاً يكون التمر مرّاً ، فإذا هو بالمشترى رجع وقال : هذا التمر مرّ !(٤) راجع: (١) الأغانى : ٧ / ٢٧٦ وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٣٠٧ . إرجاعات
٢٠٤ - المجلد الحادي عشر / القسم الرابع عشر : حبّ الإمام عليّ / الفصل الثاني : بركات حبّه / لقاؤه في أحبّ المواطن
١٨٥ - المجلد التاسع / القسم العاشر : خصائص الإمام عليّ / الفصل الثاني : الخصائص الأخلاقيّة / الجمع بين الأضداد |
||||||||||||||