الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد الثاني عشر

 

 

 ٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله

 ٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / تحليل فى طبقات عمّاله

حكومة الإمام أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب  ¼ التى دامت قرابة خمس سنين جديرة بالبحث والدراسة من جهات متنوّعة . والتأمّل فى سيرته المباركة  ¼ من جوانب شتّي ذو بُعد تذكيرى وتربوى . وعمّاله وولاته يترجمون مفردة مهمّة من مفردات سياسته  ¼ ، من حيث اختيارهم ، ومراقبة الإمام لهم بعد الاختيار ، وغير ذلك .

تحدّثنا عن هذه الاُمور فى فصول هذا الكتاب ، والذى نريد ذكره هنا هو أنّنا يمكن أن نقسّم ولاته  ¼ إلي الأقسام الآتية :

١ ـ الولاة الثقات المتديّنون المعروفون بكفاءتهم الإداريّة وحَنَكتهم وشخصيّتهم الاجتماعيّة الخاصّة . ولنا أن نسمّى هؤلاء طلائع أصحابه والوجوه البارزة فيهم .

وكان هؤلاء أعضاد الإمام  ¼ ومشاوريه الصالحين المخلصين . منهم : مالك الأشتر الذى ولاّه الإمام فى البداية علي الجزيرة (منطقة بين دجلة والفرات ، كانت تتمتّع بأهمّية خاصّة لقربها من الشام) . ثمّ استعمله علي مصر . ومنهم :

 ٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / تحليل فى طبقات عمّاله

عبد الله بن عبّاس الذى كان والياً علي البصرة . ومنهم : قيس بن سعد بن عُبادة الذى وجّهه إلي مصر ، ثمّ جعله علي آذربايجان .

وكان هؤلاء إذا نشبت الحرب لازموا الإمام  ¼ ، ولم يقيموا فى العاصمة ، ذلك لأنّ اُولى الكفاءة القياديّة وأصحاب الرأى عند المشاورة كانوا قليلين .

إذا ألقينا نظرة تاريخيّة علي هؤلاء ، نجد أنّ مالك الأشتر هو الوجه المتألّق الذى لم تَشُبه شائبة قطّ . أمّا ابن عبّاس فإنّ ما اُشيع عليه من أخذ أموال البصرة حقيق بالتأمّل . وأمّا قيس بن سعد فإنّ عزله عن حكومة مصر ـ مع عظمته ـ لافت للنظر .

٢ ـ الولاة المتديّنون الملتزمون المعتمدون الذين تنقصهم الكفاءة الإداريّة بشكل من الأشكال . فهؤلاء لم يكن لهم باع يُذكر فى تدبير الاُمور . ولقد كانوا من الوجهاء ، بَيْدَ أنّهم لم يتّخذوا القرار الحاسم فى الظروف الحرجة ، ولم يتخلّصوا من الأزمات كما ينبغى . فمحمّد بن أبى بكر ، مع سموّ قدره ، عجز عن تهدئة الوضع فى مصر ، وفقد قدرة الدفاع حين اضطربت اُمورها . وأبو أيّوب الأنصارى ، مع جلالته وعظمته ، لم يستطع مواجهة بُسر ولاذ بالفرار . وسهل بن حُنيف لم يسيطر علي الأوضاع فى تمرّد أهالى فارس وامتناعهم عن دفع الخراج ، فعُزل عن منصبه . وعبيد الله بن عبّاس ولّي مدبراً أمام بُسر . وعثمان ابن حُنيف فَقدَ حزمه فى مواجهة مكيدة الناكثين ، وأخفق ، فأُلقىَ عليه القبض . وكميل بن زياد لم يُطِق غارات معاوية ، فهمّ بالمقابلة بالمثل وتوجّه لشنّ الغارة علي مناطق الشام ، فلامه الإمام  ¼ .

٣ ـ الولاة الذين ليس لهم عقيدة راسخة ، ولم يتمتّعوا بإيمان عميق وإن كانوا ساسة مدبّرين وذوى حسّ إدارى فعّال . فهؤلاء لم يتورّعوا عن القبض علي بيت

 ٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / تحليل فى طبقات عمّاله

المال والتلاعب به إسرافاً وتبذيراً . وقد اشتكي منهم الإمام  ¼ فى الأيّام الأخيرة من حياته ، وقال : لو ائتمنتُ أحدَكُم علي قدح لأخذَ علاقته(١) .

ومن هؤلاء : زياد بن أبيه ; فقد تصرّف فى بيت المال بنحو غير مشروع ، فاعترض عليه الإمام  ¼ . ثمّ التحق بمعاوية بعد استشهاد الإمام  ¼ ، ولم يَرعَوِ عن ارتكاب الجرائم .

ومنهم : المنذر بن الجارود . عنّفه الإمام  ¼ لأنّه أباح لنفسه التلاعب فى بيت المال أيضاً .

ومنهم : النعمان بن عجلان ، لامه الإمام  ¼ أيضاً بسبب بذله الأموال علي قبيلته وتصرّفه غير المشروع فيها لمصلحته ، ثمّ فرّ والتحق بمعاوية .

ومنهم : يزيد بن حجية ، ومصقلة بن هُبَيرة ، والقَعْقاع بن شور ، فقد فعلوا فعل أصحابهم المذكورين .

إنّ التأمّل فى حياة عمّال الإمام  ¼ ، وتحليل مواقفهم ، والنظر فى مآل حياتهم السياسيّة ، كلّ ذلك ذو بُعد تربوى توجيهى للمرء .

ومن الضرورى أن نستعرض فى هذا المجال ملاحظات ترتبط بهذا الموضوع :

١ ـ الشخصيّات الفعّالة الموثوق بها كانت قليلة مع الإمام  ¼ .

وهؤلاء هم الذين كانوا يُنتَدَبون للأعمال فى مواطن متنوّعة . وظلّ الإمام  ¼ فى الحقيقة وحيداً بعد استشهاد عدد من عِلية أصحابه فى صفّين ، وخلا الجوّ من


(١) البداية والنهاية : ٧ / ٣٢٦ .

 ١٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / تحليل فى طبقات عمّاله

هؤلاء الأعاظم . وعزم الإمام  ¼ علي تسريح هاشم بن عتبة إلي مصر بعد عزل قيس بن سعد ، بَيْدَ أنّه كان بحاجة إلي شخصيّته القِتاليّة فى صفّين ; لذا أشخص محمّد بن أبى بكر إليها . وعندما استُشهد هاشم فى صفّين ، لم يجد بُدّاً إلاّ إرسال مالك الأشتر إليها مع حاجته الشديدة إلي وجوده معه فى مركز الخلافة الإسلاميّة .

٢ ـ كان بين أصحاب الإمام  ¼ رجال اُمناء صالحون ووجهاء اُولو سابقة مشرقة نقيّة من كلّ شائبة . وهؤلاء كانوا دعائم الحكومة وأعضاد النظام العلَوى . ولا مناص من بقائهم إلي جانب الإمام  ¼ ، إذ كان يشاورهم فى شؤون الحكومة .

ومن هؤلاء : الصحابى الجليل عمّار بن ياسر ، النصير الوفىّ المخلص للإمام  ¼ . وكان وجوده مع الإمام ودفاعه السخىّ عنه يقضى علي التردّد ، ويُثبّت كثيراً من الذين كانت تضعضعهم الدعايات المسمومة التى تبثّها أجهزة الإعلام الاُموى فى الشام ضدّ الإمام  ¼ .

من جانب آخر ، كانت هناك قبائل ما زالت العصبيّات القبليّة متأصّلة فى نفوسها ، فلم تسمع إلاّ كلام رُؤسائها . من هنا ، ظلّ رجال مثل عدىّ بن حاتم إلي جانب الإمام  ¼ لتبقي قبائلهم معه أيضاً .

٣ ـ إنّ وجود أشخاص مثل زياد بن أبيه بين عمّال الإمام  ¼ مثير للسؤال . فقد أنفذ الإمامُ الشخصَ المذكور ـ باقتراح عبد الله بن عبّاس وتأييد جارية بن قُدامة ـ علي رأس قوّة عسكريّة كبيرة لإخماد تمرّد أهل فارس الذين امتنعوا عن دفع الضرائب ، فاستطاع زياد بتدبيره وحنكته السياسيّة الخاصّة أن يسيطر علي الوضع .

كان زياد مطعوناً فى نسبه ، وكان يتّصف بدهاء عجيب . ويمكن أن نعدّه

 ١١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / تحليل فى طبقات عمّاله

نموذجاً للإنسان المتخصّص غير الملتزم الذى جمع بين خبث السريرة وظلمة الروح وبين التدبير والدهاء . وإنّ ملازمته لمعاوية مع تحذيرات الإمام المتكرّرة له ، وعمله فى "العراقَين" مَعْلَمان علي خبث طينته ودَنَسه الذى لم يظهره فى عصر الإمام  ¼ .

وينبغى الالتفات إلي أنّ الإمام  ¼ كان يواجه حقائق لا تُنكَر كغيره من الحكّام . وبالنظر إلي ضرورة إدارة المجتمع واستثمار مختلف الطاقات ، وبالنظر أيضاً إلي معاناة الإمام  ¼ من قلّة الأنصار المخلصين فلابدّ له من تولية زياد وأضرابه ، بَيْدَ أنّه  ¼ كان يقرِن ذلك بالإشراف والتحذير ، ويراقب الأوضاع بدقّة . وهنا يكمن السرّ فى تحذيراته  ¼ للبعض ، ودعوته الناس إلي طاعة البعض الآخر طاعة مطلقة .

٤ ـ كان بعض الأشخاص يعملون مع الإمام  ¼ ، لكنّهم كانوا لا يوافقونه فى بعض مواقفه ! ! فزياد لم يشترك فى حروبه جميعها . وأبو مسعود الأنصارى لم يرغب فى الاشتراك فى الحروب ، وحين نشبت حرب صفّين ، وَلىَ الكوفة وظلّ فيها . ويزيد بن قيس الذى عُيّن والياً علي إصفهان كان يميل إلي الخوارج ، ففرّق الإمام  ¼ بينه وبينهم بتعيينه .

هذا كلّه آية علي سماحة الإمام  ¼ من جهة ، ومن جهة اُخري مَعْلَم علي ما ذكرناه آنفاً من أنّه كان يواجه حقائق فى المجتمع لا محيص له منها .

 ١٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / تحليل فى طبقات عمّاله

 ١٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / أبو الأسْوَدِ الدُّؤلِيّ

١

أبو الأسْوَدِ الدُّؤلِىّ

هو ظالم بن عمرو(١) ، المعروف بأبى الأسود الدُّؤلى(٢) . أحد الوجوه البارزة والصحابة المشهورين للإمام أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب  ¼ (٣) . أسلم علي عهد رسول الله  ½ ، لكنّه لم يَحْظَ برؤيته(٤) . وهو من المتحقّقين بمحبّة علىّ ومحبّة ولده(٥) . ويمكن أن نستشفّ هذا الحبّ من أشعاره الحِسان(٦) .

الذين ترجموا له ذكروه بعناوين متنوّعة منها : "علوىّ"(٧) ، "شاعر


(١) قد اختُلف فى اسمه كما اختُلف فى اسم أبيه وجدّه ، والمشهور ما ورد فى المتن ، والذى يسهّل الأمر أنّه مشهور بكنيته ولقبه ، ولم يختلف فى كنيته أحد .
(٢) الطبقات الكبري : ٧ / ٩٩ ، المعارف لابن قتيبة : ٤٣٤ ، تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٧٦ وفيه "ديلى" بدل "دؤلى" .
(٣) تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٩٥ ، اُسد الغابة : ٣ / ١٠٢ / ٢٦٥٢ .
(٤) تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٨٤ ، سير أعلام النبلاء : ٤ / ٨٢ / ٢٨ ، البداية والنهاية : ٨ / ٣١٢ .
(٥) تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٨٨ .
(٦) تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٨٨ وص ٢٠٠ ، الأغانى : ١٢ / ٣٧٢ ، الكامل للمبرّد : ٣ / ١١٢٥ .
(٧) تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٨٤ .

 ١٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / أبو الأسْوَدِ الدُّؤلِيّ

متشيِّع"(١) ، "من وجوه الشيعة"(٢) .

شَهِد أبو الأسود حروب الإمام  ¼ ضدّ مساعير الفتنة فى الجمل(٣) ، وصفّين(٤) . وعيّنه الإمام  ¼ قاضياً علي البصرة عندما ولّي عليها ابن عبّاس(٥) .

وكان ابن عبّاس يقدّره ، وحينما كان يخرج من البصرة ، يُفوّض إليه أعمالها(٦) ، وكان ذلك يحظي بتأييد الإمام  ¼ أيضاً(٧) . ووسّع أبو الأسود علم النحو بأمر الإمام  ¼ الذى كان قد وضع اُسسه وقواعده(٨) ، وأقامه ورسّخ دعائمه(٩) ، وهو أوّل من أعجم القرآن الكريم وأشكله(١٠) .


(١) الطبقات الكبري : ٧ / ٩٩ .
(٢) سير أعلام النبلاء : ٤ / ٨٢ / ٢٨ ، الأغانى : ١٢ / ٣٤٦ .
(٣) سير أعلام النبلاء : ٤ / ٨٢ / ٢٨ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٥ / ٢٧٨ / ١٢٤ ، تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٨٤ .
(٤) المعارف لابن قتيبة : ٤٣٤ ، وفيات الأعيان : ٢ / ٥٣٥ / ٣١٣ .
(٥) تاريخ الطبرى : ٥ / ٩٣ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٥ / ٢٧٦ / ١٢٤ .
(٦) الطبقات الكبري : ٧ / ٩٩ ، المعارف لابن قتيبة : ٤٣٤ ; وقعة صفّين : ١١٧ ، تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٥ .
(٧) الطبقات الكبري : ٧ / ٩٩ .
(٨) سير أعلام النبلاء : ٤ / ٨٢ / ٢٨ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٥ / ٢٧٨ / ١٢٤ ، الأغانى : ١٢ / ٣٤٧ ، تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٨٩ ، البداية والنهاية : ٨ / ٣١٢ .
(٩) يدور كلام كثير حول إرساء دعائم علم النحو : فالاُول لم يتردّدوا فى دور الإمام  ¼ وأبى الأسود فيه . أمّا المتأخّرون من الدارسين والباحثين العرب فقد تأثّر بعضهم بآراء بعض المستشرقين الذين تردّدوا فيه . راجع : دائرة المعارف بزرگ اسلامي (بالفارسيّة) : ٥ / ١٨٠ ـ ١٩١ ، وتوفّر بعض الكتّاب علي انتقاد آراء اُخري فى سياق تثبيتهم دور الإمام  ¼ وأبى الأسود فيه . راجع : مجلّة تراثنا / العدد ١٣ ص ٣١ مقالة "أبو الأسود الدؤلى ودوره فى وضع النحو العربى" .
(١٠) الأغانى : ١٢ / ٣٤٧ ، الإصابة : ٣ / ٤٥٥ / ٤٣٤٨ ، تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٩٢ و١٩٣ ، وفيات الأعيان : ٢ / ٥٣٧ .

 ١٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / أبو الأسْوَدِ الدُّؤلِيّ

وله فى الأدب العربى منزلة رفيعة ; فقد عُدّ من أفصح الناس(١) . وتبلور نموذج من هذه الفصاحة فى شعره الجميل الذى رثي به الإمام  ¼ (٢) ، وهو آية علي محبّته للإمام ، وبغضه لأعدائه .

ولم يدّخر وسعاً فى وضع الحقّ موضعه ، والدفاع عن علىّ  ¼ ، ومناظراته مع معاوية(٣) دليل علي صراحته وشجاعته وثباته واستقامته فى معرفة "خلافة الحقّ" و"حقّ الخلافة" ومكانة علىّ  ¼ العليّة السامقة .

وخطب بعد استشهاد الإمام  ¼ خطبة حماسيّة من وحى الألم والحرقة ، وأخذ البيعة من الناس للإمام الحسن  ¼ بالخلافة(٤) .

فارق أبو الأسود الحياة سنة ٦٩ هـ (٥) .

٦٣٧٥ ـ ربيع الأبرار : سأل زياد بن أبيه أبا الأسود عن حبّ علىّ فقال : إنّ حبّ علىّ يزداد فى قلبى حِدّة ، كما يزداد حبّ معاوية فى قلبك ; فإنّى اُريد الله والدار الآخرة بحبّى عليّاً ، وتريد الدنيا بزينتها بحبّك معاوية ، ومثلى ومثلك كما قال اُخوة مذحج :

خليلان مختلفٌ شأنُنا اُريد العلاء ويهوي اليمنْ
اُحبّ دماء بنى مالك وراق المُعَلّي بياض اللبنْ(٦)

(١) تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٩٠ .
(٢) راجع : القسم الثامن / بعد الاستشهاد / فى رثاء الإمام .
(٣) تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٧٧ .
(٤) الأغانى : ١٢ / ٣٨٠ .
(٥) سير أعلام النبلاء : ٤ / ٨٦ / ٢٨ ، تاريخ دمشق : ٢٥ / ٢١٠ ، الأغانى : ١٢ / ٣٨٦ .
(٦) ربيع الأبرار : ٣ / ٤٧٩ .


إرجاعات 
٢٧٩ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام عليّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / في رثاء الإمام

 ١٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / أبو الأسْوَدِ الدُّؤلِيّ

٦٣٧٦ ـ العقد الفريد : لمّا قَدِمَ أبو الأسود الدؤلى علي معاوية عام الجماعة(١) ، قال له معاوية : بلغنى يا أبا الأسود أنّ علىّ بن أبى طالب أراد أن يجعلك أحد الحكَمين ، فما كنت تحكم به ؟

قال : لو جعلنى أحدهما لجمعت ألفاً من المهاجرين وأبناء المهاجرين ، وألفاً من الأنصار وأبناء الأنصار ، ثمّ ناشدتهم الله : المهاجرين وأبناء المهاجرين أولي بهذا الأمر أم الطُّلَقاء ؟

قال له معاوية : لله أبوك ! أىُّ حَكَم كنت تكون لو حُكّمت !(٢)

٦٣٧٧ ـ تاريخ دمشق : كان أبو الأسود ممّن صحب عليّاً ، وكان من المتحقّقين بمحبّته ومحبّة ولده ، وفى ذلك يقول :

يقول الأرذلون بنو قُشَير طَوالَ الدهر لا ينسي علِيّا
اُحبّ محمّداً حبّاً شديداً وعبّاساً وحمزة والوصيّا
فإن يكُ حبّهم رشداً اُصبْه وليس بمخطئ إن كان غيّا

وكان نازلاً فى بنى قُشَير بالبصرة ، وكانوا يرجمونه بالليل لمحبّته لعلىّ وولده ، فإذا أصبح فذكر رجمهم ، قالوا : الله يرجمك ، فيقول لهم : تكذبون ، لو رجمنى الله لأصابنى ، وأنتم ترجمون فلا تُصيبون(٣) .


(١) عام الجماعة : هو العام الذى سلّم فيه الامام الحسن  ¼ الأمر لمعاوية ، وذلك في جُمادي الاُولي سنة (٤١ هـ ) (جواهر المطالب : ٢ / ١٩٩) .
(٢) العقد الفريد : ٣ / ٣٤٢ ، تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٨٠ عن سعيد عن بعض أصحابه نحوه وليس فيه سؤال معاوية .
(٣) تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٨٨ ، الكامل للمبرّد : ٣ / ١١٢٥ ، الأغانى : ١٢ / ٣٧١ عن ابن عائشة عن أبيه وكلاهما نحوه مع زيادة فى الأبيات ، وفيات الأعيان : ٢ / ٥٣٥ وليس فيه الأبيات .

 ١٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / أبو الأسْوَدِ الدُّؤلِيّ

٦٣٧٨ ـ سير أعلام النبلاء عن أبى الأسود : دخلت علي علىّ ، فرأيته مطرقاً ، فقلت : فيم تتفكّر يا أمير المؤمنين ؟ قال : سمعت ببلدكم لحناً ، فأردت أن أضع كتاباً فى اُصول العربيّة . فقلت : إن فعلت هذا أحييتنا ! فأتيته بعد أيّام ، فألقي إلىَّ صحيفة فيها : الكلام كلّه : اسم ، وفعل ، وحرف ; فالاسم ما أنبأ عن المسمّي ، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمّي ، والحرف ما أنبأ عن معنيً ليس باسم ولا فعل . ثمّ قال لى : زده وتتبّعْه ، فجمعت أشياء ثمّ عرضتها عليه(١) .

٦٣٧٩ ـ الأغانى : قيل لأبى الأسود : من أين لك هذا العلم ـ يعنون به النحو ـ ؟ فقال : أخذت حدوده عن علىّ بن أبى طالب  ¼ (٢) .

٦٣٨٠ ـ الأربعون حديثاً عن علىّ بن محمّد : رأيت ابنة أبى الأسود الدؤلى وبين يدَى أبيها خَبيص(٣) فقالت : يا أبه ، أطعِمنى ، فقال : افتحى فاك . قال : ففتحت ، فوضع فيه مثل اللوزة ، ثمّ قال لها : عليك بالتمر ; فهو أنفع وأشبع .

فقالت : هذا أنفع وأنجع ؟

فقال : هذا الطعام بعث به إلينا معاوية يخدعنا به عن حبّ علىّ بن أبى طالب  ¼ .

فقالت : قبّحه الله ! يخدعنا عن السيّد المطهّر بالشهد المزعفر ؟ تبّاً لمرسله وآكله ! ثمّ عالجت نفسها وقاءت ما أكلت منه ، وأنشأت تقول باكية:


(١) سير أعلام النبلاء : ٤ / ٨٤ / ٢٨ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٥ / ٢٧٩ وراجع الأغانى : ١٢ / ٣٤٧ ووفيات الأعيان : ٢ / ٥٣٥ ، وشرح نهج البلاغة : ١ / ٢٠ .
(٢) الأغانى : ١٢ / ٣٤٨ ، وفيات الأعيان : ٢ / ٥٣٧ وفيه "لقّنت" بدل "أخذت" .
(٣) الخَبيصُ : حَلواء معمول من التمر والسَّمن ، يُخبَص [أى يُخلَط] بعضه فى بعض (راجع : تاج العروس : ٩ / ٢٦٥) .

 ١٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / أبو أيُّوبَ الأنْصارِيّ

أ بالشهد المُزعفَر يا بن هندنبيع إليك إسلاماً ودينا
فلا والله ليس يكون هذا ومولانا أمير المؤمنينا(١)

راجع : القسم الحادى عشر / قبسات من علمه / الفروع المختلفة من العلوم /علم الآداب / مؤسّس علم النحو .

٢

أبو أيُّوبَ الأنْصارِي ّ

هو خالد بن زيد بن كُلَيب ، أبو أيّوب الأنصارى الخزرجى ، وهو مشهور بكنيته .

من صحابة رسول الله  ½ . نزل النبىّ  ½ فى داره عند هجرته إلي المدينة(٢) . شهد أبو أيّوب حروب النبىّ جميعها(٣) . وكان بعد وفاة رسول الله  ½ من السابقين إلي الولاية ، والثابتين فى حماية حقّ الخلافة(٤) ولم يتراجع عن موقفه هذا قطّ(٥) . وعُدَّ من الاثنى عشر الذين قاموا فى المسجد النبوى بعد وفاة النبىّ  ½ ودافعوا عن حقّ علىّ  ¼ بصراحة(٦) .

لم يَدَع أبو أيّوب ملازمة الإمام  ¼ وصحبته. واشترك معه فى كافّة حروبه التى


(١) الأربعون حديثاً لمنتجب الدين بن بابويه : ٨١ .
(٢) المعجم الكبير : ٤ / ١١٧ / ٣٨٤٦ ، الطبقات الكبري : ١ / ٢٣٧ ، تهذيب الكمال : ٨ / ٦٦ / ١٦١٢ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٥٣ / ٧ .
(٣) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٥١٨ / ٥٩٢٩ ، الطبقات الكبري : ٣ / ٤٨٤ ، تهذيب الكمال : ٨ / ٦٦ / ١٦١٢ ، سير أعلام النبلاء : ٢ / ٤٠٥ / ٨٣ .
(٤) رجال الكشّى : ١ / ١٨٢ / ٧٨ .
(٥) الخصال : ٦٠٨ / ٩ ، عيون أخبار الرضا : ٢ / ١٢٦ / ١ .
(٦) الخصال : ٤٦٥ / ٤ ، رجال البرقى : ٦٦ ، الاحتجاج : ١ / ١٩٩ / ١٢ .


إرجاعات 
٢٦٤ - المجلد العاشر / القسم الحادي عشر : علوم الإمام علي‏ / الفصل الرابع : قبسات من علمه / القبس الثالث : الفروع المختلفة من العلوم / الباب الخامس : علم الآداب / مؤسّس علم النحو

 ١٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / أبو أيُّوبَ الأنْصارِيّ

خاضها ضدّ مثيرى الفتنة(١) . وكان علي خيّالته فى النهروان(٢) ، وبيده لواء الأمان .

ولاّه الإمام علي المدينة(٣) ، لكنّه فرّ منها حين غارة بُسر بن أرطاة عليها(٤) .

عَقَد له الإمام  ¼ فى الأيّام الأخيرة من حياته الشريفة لواءً علي عشرة آلاف ليتوجّه إلي الشام مع لواء الإمام الحسين  ¼ ، ولواء قيس بن سعد لحرب معاوية ، ولكنّ استشهاد الإمام  ¼ حال دون تنفيذ هذه المهمّة ، فتفرّق الجيش ، ولم يتحقّق ما أراده الإمام  ¼ (٥) .

وكان أبو أيّوب من الصحابة المكثرين فى نقل الحديث . وروي فى فضائل الإمام  ¼ أحاديث جمّة . وهو أحد رواة حديث الغدير(٦) ، وحديث الثقلين(٧) ، وكلام رسول الله  ½ للإمام  ¼ حين أمره بقتال الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين(٨) ، ودعوتهِ  ½ أبا أيّوب أن يكون مع الإمام  ¼ (٩) .

توفّى أبو أيّوب بالقسطنطينيّة سنة ٥٢ هـ ، عندما خرج لحرب الروم ، ودُفن هناك(١٠) .


(١) الاستيعاب : ٢ / ١٠ / ٦١٨ ، اُسد الغابة : ٢ / ١٢٢ / ١٣٦١ ، سير أعلام النبلاء : ٢ / ٤١٠ / ٨٣ .
(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٨٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٠٥ ، الإمامة والسياسة : ١ / ١٦٩ .
(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٣٩ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥٢ ، سير أعلام النبلاء : ٢ / ٤١٠ / ٨٣ ; الغارات :٢ / ٦٠٢ .
(٤) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٣٩ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٣٠ ; الغارات : ٢ / ٦٠٢ .
(٥) نهج البلاغة : ذيل الخطبة ١٨٢ عن نوف البكالى .
(٦) رجال الكشّى : ١ / ٢٤٦ / ٩٥ ; اُسد الغابة : ٣ / ٤٦٥ / ٣٣٤٧ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٢١٤ .
(٧) الغدير : ١ / ١٧٦ . راجع : كتاب "أهل البيت فى الكتاب والسنّة" / خصائص أهل البيت / عِدل القرآن / سند حديث الثقلين .
(٨) المستدرك علي الصحيحين: ٣/١٥٠/٤٦٧٤ ، تاريخ دمشق : ٤٢/٤٧٢ ، البداية والنهاية : ٧/٣٠٧ .
(٩) تاريخ بغداد : ١٣ / ١٨٦ و١٨٧ / ٧١٦٥ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٤٧٢ .
(١٠) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٥١٨ / ٥٩٢٩ ، الطبقات الكبري : ٣ / ٤٨٥ ، المعجم الكبير : ف ٤ / ١١٨ / ٣٨٥٠ وفيه "سنة ٥١ هـ " وح ٣٨٥١ وفيه "سنة ٥٠ هـ " وراجع سير أعلام النبلاء : ٢ / ٤١٢ / ٨٣ والاستيعاب : ٢ / ١٠ / ٦١٨ .

 ٢٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / أبو حَسَّان البَكْرِيُّ

٦٣٨١ ـ وقعة صفّين عن الأعمش : كتب معاوية إلي أبى أيّوب خالد بن زيد الأنصارى ـ صاحب منزل رسول الله  ½ ، وكان سيّداً معظّماً من سادات الأنصار ، وكان من شيعة علىّ  ¼ ـ كتاباً ، وكتب إلي زياد بن سميّة ـ وكان عاملا لعلىّ  ¼ علي بعض فارس ـ كتاباً ; فأمّا كتابه إلي أبى أيّوب فكان سطراً واحداً : لا تنسي شَيْباءُ أبا عُذرتها ، ولا قاتلَ بِكرها .

فلم يدرِ أبو أيّوب ما هو ؟ فأتي به عليّاً وقال : يا أمير المؤمنين ! إنّ معاوية ابن أكّالة الأكباد ، وكهف المنافقين ، كتب إلىّ بكتاب لا أدرى ما هو ؟ فقال له علىّ : وأين الكتاب ؟ فدفعه إليه فقرأه وقال :

نعم ، هذا مثل ضربه لك ، يقول : ما أنسي الذى لا تنسي الشَّيْباء ، لا تنسي أبا عذرتها ، والشيباء : المرأة البكر ليلة افتضاضها ، لا تنسي بعلها الذى افترعها أبداً ، ولا تنسي قاتل بِكرها ; وهو أوّل ولدها . كذلك لا أنسي أنا قتل عثمان(١) .

راجع : القسم السادس / وقعة النهروان / إقامة الحجّة فى ساحة القتال / رفع راية الأمان .

٣

أبو حَسَّان البَكْرِى ُّ

٦٣٨٢ ـ وقعة صفّين : بعث [علىّ  ¼ ] أبا حسّان البكرى علي إستان العالى(٢) (٣) .


(١) وقعة صفّين : ٣٦٦ .
(٢) الإستانُ العالِ : كورة فى غربىّ بغداد من السواد ، تشتمل علي أربعة طساسيج وهى : الأنبار وبادوريا وقَطْرَبُّل ومَسكِن (معجم البلدان : ١ / ١٧٤) .
(٣) وقعة صفّين : ١١ ; الأخبار الطوال : ١٥٣ وفيه "حسّان بن عبد الله البكرى" .


إرجاعات 
٣٧٠ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل السادس : إقامة الحجّة في ساحة القتال / رفع راية الأمان