الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد الثاني عشر

 

٢٢٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر

٧٢

عَمّارُ بنُ ياسر

عمّار بن ياسر بن عامر المَذْحِجىُّ ، أبو اليقظان ، واُمّه سميّة ، وهى أوّل من استشهد فى سبيل الله . من السابقين إلي الإيمان والهجرة ، ومن الثابتين الراسخين فى العقيدة ; فقد تحمّل تعذيب المشركين مع أبوَيه منذ الأيّام الاُولي لبزوغ شمس الإسلام ، ولم يداخله ريب فى طريق الحقّ لحظة واحدة(١) .

شهد له رسول الله  ½ بأنّه يزول مع الحقّ ، وأنّه الطيّب المطيَّب وأنّه مُلئ إيماناً . وأكّد أنّ النار لا تمسّه أبداً . وهو ممّن حرس ـ بعد رسول الله  ½ ـ "خلافة الحقّ" و"حقّ الخلافة" ، ولم يَنكُب عن الصراط المستقيم قطّ(٢) ، وصلّي مع أمير المؤمنين  ¼ علي جنازة السيّدة المطهّرة فاطمة الزهراء (ع) (٣) ، وظلّ ملازماً للإمام صلوات الله عليه .

ولى الكوفة مدّةً فى عهد عمر(٤) . وكان قائداً للجيوش فى فتح بعض الأقاليم(٥) . ولمّا حكم عثمان كان من المعارضين له بجدٍّ(٦) . وانتقد سيرته مراراً ،


(١) الطبقات الكبري : ٣ / ٢٤٦ وص ٢٤٩ ، أنساب الأشراف : ١ / ١٨٠ ـ ١٨٢ ، تهذيب الكمال : ٢١/٢١٦/٤١٧٤، اُسد الغابة: ٤/١٢٢/٣٨٠٤ ، سير أعلام النبلاء : ١/٤٠٦/٨٤ ; الجمل : ١٠٢/١ .
(٢) الخصال : ٤٦٤ / ٤ وص ٦٠٧ / ٩ ، عيون أخبار الرضا : ٢ / ١٢٦ / ١ ، الاحتجاج : ١ / ١٩٥ / ٦ ، رجال البرقى : ٦٥ .
(٣) الخصال : ٣٦١ / ٥٠ ، رجال الكشّى : ١ / ٣٤ / ١٣ ، الاختصاص : ٥ ، تفسير فرات : ٥٧٠ / ٧٣٣ .
(٤) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٣٨ / ٥٦٦٣ ، الطبقات الكبري : ٣ / ٢٥٥ ، أنساب الأشراف : ١ / ١٨٥ ، تاريخ الطبرى : ٤ / ١٣٩ وص ١٤٤ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٤٢٣ / ٨٤ .
(٥) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤١ وص ٩٠ و١٣٨ .
(٦) الطبقات الكبري : ٣ / ٢٦٠ ، أنساب الأشراف : ١ / ١٩٧ وج ٦ / ١٦٢ ، تاريخ دمشق : ٤٣ / ٤٧٣ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٥٧ .

 ٢٢٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر

حتي همّ بنفيه إلي الربذة لولا تدخّل الإمام أمير المؤمنين  ¼ ، إذ حال دون تحقيق هدفه(١) .

ضُرب بأمر عثمان لصراحته ، وفعل به ذلك أيضاً عثمان نفسه ، وظلّ يعانى من آثار ذلك الضرب إلي آخر عمره(٢) .

وكان لاشتراكه الفعّال فى حرب الجمل ، وتصدّيه لقيادة الخيّالة فى جيش الإمام  ¼ مظهر عظيم(٣) . كما تولّي فى صفّين قيادة رجّالة الكوفة والقرّاء(٤) . تحدّث مع عمرو بن العاص وأمثاله من مناوئى الإمام  ¼ فى غير موطن ، وكشف الحقّ بمنطقه البليغ واستدلالاته الرصينة(٥) .

وفى صفّين استُشهد هذا الصحابىّ الجليل والنموذج المتألّق(٦) ، فتحقّقت بذلك النبوءة العظيمة لرسول الله  ½ ; إذ كان قد خاطبه قائلاً : تقتلك الفئة الباغية(٧) . وكان له من العمر إبّان استشهاده ثلاث وتسعون سنة(٨) .


(١) أنساب الأشراف : ٦ / ١٦٩ ، الفتوح : ٢ / ٣٧٨ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٧٣ .
(٢) أنساب الأشراف : ٦ / ١٦١ ـ ١٦٣ ، الفتوح : ٢ / ٣٧٣ .
(٣) راجع : القسم السادس / وقعة الجمل / مواصفات الحرب / قادة جيش الإمام ، وقادة جيش الناكثين .
(٤) وقعة صفّين : ٢٠٨ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١١ وص ١٥ .
(٥) وقعة صفّين : ٣١٩ و٣٢٠ وص ٣٣٦ ـ ٣٣٩ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩ .
(٦) راجع : القسم السادس / وقعة صفّين / اشتداد القتال / استشهاد عمّار .
(٧) هذا الحديث متواتر ، راجع : القسم السادس / وقعة صفّين / اشتداد القتال / استشهاد عمّار .
(٨) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٣٦ / ٥٦٥٧ ، التاريخ الكبير : ٧ / ٢٥ / ١٠٧ ، الطبقات الكبري : ٣ / ٢٦٤ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٥٨ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٨٢ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٤٢٦ / ٨٤ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٩١ ، الطبقات الكبري : ٣ / ٢٥٩ ، أنساب الأشراف : ١ / ١٩٤ وفيهما "٩١ ، ٩٤ سنة" ، اُسد الغابة : ٤ / ١٢٧ / ٣٨٠٤ وفيه "٩١ ، ٩٣ ، ٩٤ سنة" .

 ٢٢٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر

نُقل الخبر الغيبى الذى أدلي به النبىّ  ½ حول قتل الفئة الباغية عمّارَ بن ياسر بألفاظ متشابهة ، وطرق متعدّدة . وكان الناس ينظرون إلي عمّار بوصفه المقياس فى تمييز الحقّ والباطل . واُثر هذا الحديث بصيغة : "تقتلك الفئة الباغية" ، وبصيغة : "تقتل عمّاراً الفئة الباغية" ، وبصيغة : "تقتله الفئة الباغية" علي لسان سبعة وعشرين من الصحابة ، وهم : أبو سعيد الخدرى ، وعمرو بن العاص ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، ومعاوية ، وأبو هريرة ، وأبو رافع ، وخزيمة بن ثابت ، وأبو اليسر ، وعمّار ، واُمّ سلمة ، وقتادة بن النعمان ، وأبو قتادة ، وعثمان بن عفّان ، وجابر بن سَمُرة ، وكعب بن مالك ، وأنس بن مالك ، وجابر بن عبد الله ، وابن مسعود ، وحذيفة ، وابن عبّاس ، وأبو أيّوب ، وعبد الله بن أبى هذيل ، وعبد الله بن عمر ، وأبو سعد ، وأبو اُمامة ، وزياد بن الفرد ، وعائشة(١) .


(١) صحيح البخارى : ٣ / ١٠٣٥ / ٢٦٥٧ ، صحيح مسلم : ٤ / ٢٢٣٥ / ٧٠ وص ٢٢٣٦ / ٧٢ و٧٣ ، سنن الترمذى : ٥ / ٦٦٩ / ٣٨٠٠ ، مسند ابن حنبل : ٢ / ٦٥٤ / ٦٩٤٣ وج ٦ / ٢٢٩ / ١٧٧٨١ وج ٨ / ٢٠٢ / ٢١٩٣٢ وج ١٠ / ١٩٠ / ٢٦٦٢٥ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٣٥ / ٥٦٥٧ وص ٤٣٦ / ٥٦٥٩ وص ٤٤٢ / ٥٦٧٦ ، المصنّف لعبد الرزّاق : ١١ / ٢٤٠ / ٢٠٤٢٦ و٢٠٤٢٧ ، المعجم الكبير : ٥ / ٢٢١ / ٥١٤٦ وج ٢٣ / ٣٦٣ / ٨٥٢ ـ ٨٥٧ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٢٨٩ ـ ٣٠٠ ، الطبقات الكبري : ٣ / ٢٥١ ـ ٢٥٣ وص ٢٥٩ ، مسند أبى يعلي : ٦ / ٣٥٥ / ٧١٤٠ وص ٤٢٥ / ٧٣٠٤ وص ٤٢٧ / ٧٣٠٨ ، مسند البزّار : ٤ / ٢٥٦ / ١٤٢٨ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٢ / ١١٤ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٧١ وص ٥٧٧ و٥٧٩ ، حلية الأولياء : ٤ / ١٧٢ وص ٣٦١ وج ٧ / ١٩٧ و١٩٨ ، الاستيعاب : ٣ / ٢٣٠ و٢٣١ / ١٨٨٣ وفيه "تواترت الآثار عن النبىّ  ½ أنّه قال : تقتل عمّاراً الفئة الباغية . وهذا من أصحّ الأحاديث" ، اُسد الغابة : ٤ / ١٢٥ / ٣٨٠٤ ، الإصابة : ٤ / ٤٧٤ / ٥٧٢٠ وفيه "تواترت الأحاديث عن النبىّ  ½ أنّ عمّاراً تقتله الفئة الباغية ، وأجمعوا علي أنّه قُتِل مع علىّ بصفّين" ، البداية والنهاية : ٧ / ٢٦٧ ـ ٢٧٠ .

 ٢٢٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر

وصرّح البعض بتواتره كابن عبد البرّ(١) ، والذهبى(٢) ، والسيوطى(٣) . وأثار هذا الحديث مشكلة لمعاوية بعد استشهاد عمّار ، فحاول توجيهه بقوله : ما نحن قتلناه وإنّما قتله مَنْ جاء به(٤) ! فقال الإمام  ¼ فى جوابه : فرسول الله  ½ إذن قاتلُ حمزة(٥) !

ولا يمكن لهذه الصفحات القليلة أن تفى بحقّ تلك الشخصيّة العظيمة قط .

وأترككم مع هذه النصوص من الروايات والتاريخ ، التى بيّنت لنا غيضاً من فيض فيما يرتبط بهذه القمّة الرفيعة شرفاً ، واستقامة ، وحرّيّة .

٦٦٠٦ ـ رسول الله  ½ : إنّ الجنّة لتشتاق إلي ثلاثة : علىّ وعمّار وسلمان(٦) .

٦٦٠٧ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ لرسول الله  ½ ـ : يا رسول الله ، إنّك قلت : "إنّ الجنّة لتشتاق إلي ثلاثة" فمن هؤلاء الثلاثة ؟ قال : أنت منهم وأنت أوّلهم ، وسلمان الفارسى ; فإنّه قليل الكبر ، وهو لك ناصح ; فاتّخذْه لنفسك ، وعمّار بن ياسر شهد معك مشاهد غير واحدة ، ليس منها إلاّ وهو فيها كثيرٌ خيرُه ، ضوىّ نوره ، عظيم


(١) الاستيعاب : ٣ / ٢٣١ / ١٨٨٣ .
(٢) الإصابة : ٤ / ٤٧٤ / ٥٧٢٠ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٤٢١ / ٨٤ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣١ / ٥٨٠ .
(٣) الأزهار المتناثرة فى الأخبار المتواترة : ٧٦ / ١٠٤ .
(٤) الأمالى للصدوق : ٤٨٩ / ٦٦٥ .
(٥) شرح نهج البلاغة : ٢٠ / ٣٣٤ / ٨٣٥ ; بحار الأنوار : ٣٣ / ١٦ .
(٦) سنن الترمذى : ٥ / ٦٦٧ / ٣٧٩٧ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٤٨ / ٤٦٦٦ ، أنساب الأشراف : ١ / ١٨٢ وفيه "بلال" بدل "سلمان" ، المعجم الكبير : ٦ / ٢١٥ / ٦٠٤٥ وزاد فيه "و المقداد" ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٧٤ كلّها عن أنس ; الخصال : ٣٠٣ / ٨٠ عن عبد الله بن محمّد بن علىّ بن العبّاس الرازى عن الإمام الرضا عن آبائه (ع) عنه  ½ وزاد فيه "و أبى ذرّ والمقداد" ، وقعة صفّين : ٣٢٣ عن الحسن .

 ٢٢٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر

أجره(١) .

٦٦٠٨ ـ عنه  ¼ : جاء عمّار يستأذن علي النبىّ  ½ فقال : ائذنوا له ، مرحباً بالطيّب المطيَّب(٢) .

٦٦٠٩ ـ رسول الله  ½ : مُلِئ عمّار إيماناً إلي مُشاشه(٣) (٤) .

٦٦١٠ ـ عنه  ½ : ابن سميّة ما عُرض عليه أمران قطّ إلاّ أخذ بالأرشد منهما(٥) .

٦٦١١ ـ عنه  ½ : عمّارٌ خلط الله الإيمان ما بين قرنه إلي قدمه ، وخلط الإيمان بلحمه ودمه ، يزول مع الحقّ حيث زال ، وليس ينبغى للنار أن تأكل منه شيئاً(٦) .

٦٦١٢ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى وصف عمّار ـ : ذلك امرؤ خالط الله الإيمان بلحمه


(١) رجال الكشّى : ١ / ١٣٧ / ٥٨ عن بريدة الأسلمى ، روضة الواعظين : ٣١٤ وفيه "يشهد" بدل "شهد" .
(٢) سنن الترمذى : ٥ / ٦٦٨ / ٣٧٩٨ ، مسند ابن حنبل : ١ / ٢١٤ / ٧٧٩ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٣٧ / ٥٦٦٢ ، المصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٥٢٢ / ١ ; وقعة صفّين : ٣٢٣ ، رجال الكشّى : ١ / ١٤٧ / ٦٦ وفيهما "ابن الطيّب" بدل "المطيّب" وكلّها عن هانئ بن هانئ .
(٣) المُشاش : هى رؤوس العظام ، كالمرفقين والكتفين والركبتين (النهاية : ٤ / ٣٣٣) .
(٤) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٤٣ / ٥٦٨٠ عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله ، سنن النسائى : ٨ / ١١١ عن عمرو بن شرحبيل عن رجل من أصحاب النبىّ  ½ ، فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٨٥٨ / ١٦٠٠ ، المصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٥٢٢ / ٢ كلاهما عن عمرو بن شرحبيل ، حلية الأولياء : ١ / ١٣٩ عن هانئ بن هانئ عن الإمام علىّ  ¼ وعن ابن عبّاس ; الجمل : ١٠٣ / ١ وفيه "عمّار مُلِئ إيماناً وعلماً" ، وقعة صفّين : ٣٢٣ عن عمرو بن شرحبيل عن رجل من أصحاب النبىّ  ½ وفيه "لقد . . ." .
(٥) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٣٨ / ٥٦٦٤ عن عبد الله بن مسعود وح ٥٦٦٥ نحوه ، سنن الترمذى : ٥ / ٦٦٨ / ٣٧٩٩ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٤١٦ / ٨٤ كلّها عن عائشة ، المصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٥٢٣ / ٤ ، تاريخ دمشق : ٤٣ / ٤٠٥ كلاهما عن عبد الله بن مسعود .
(٦) تاريخ دمشق : ٤٣ / ٣٩٣ عن النزّال بن سبرة الهلالى عن الإمام علىّ  ¼ .

 ٢٢٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر

ودمه وشعره وبَشَره ، حيث زال زال معه ، ولا ينبغى للنار أن تأكل منه شيئاً(١) .

٦٦١٣ ـ رسول الله  ½ : دم عمّار ولحمه حرام علي النار أن تأكله أو تمسّه(٢) .

٦٦١٤ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى وصف عمّار بن ياسر ـ : . . . ذاك امرؤٌ حرّم الله لحمه ودمه علي النار أن تمسّ شيئاً منهما(٣) .

٦٦١٥ ـ رسول الله  ½ : اللهمّ إنّك أولعتهم بعمّار يدعوهم إلي الجنّة ، ويدعونه إلي النار(٤) .

٦٦١٦ ـ عنه  ½ : ما لهم ولعمّار ؟ يدعوهم إلي الجنّة ، ويدعونه إلي النار ، وذاك دأب الأشقياء الفجّار(٥) .

٦٦١٧ ـ عنه  ½ : يا عمّار بن ياسر ! إن رأيت عليّاً قد سلك وادياً ، وسلك الناس وادياً غيره ، فاسلك مع علىّ ; فإنّه لن يُدْليك فى ردي ، ولن يُخرجك من هدي(٦) .


(١) الغارات : ١ / ١٧٧ عن أبى عمرو الكندى ; المعجم الكبير : ٦ / ٢١٤ / ٦٠٤١ عن أبى الأسود وزاذان الكندى نحوه .
(٢) تاريخ دمشق : ٤٣ / ٤٠١ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٤١٥ / ٨٤ وكلاهما عن أوس بن أوس عن الإمام علىّ  ¼ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٧٥ عن الإمام علىّ  ¼ وليس فيهما "أن تأكله أو تمسّه" .
(٣) الاحتجاج : ١ / ٦١٦ / ١٣٩ عن الأصبغ بن نباتة .
(٤) حلية الأولياء : ٤ / ٢٠ ، المعجم الكبير : ١٢ / ٣٠١ / ١٣٤٥٧ نحوه وكلاهما عن ابن عمر ، تاريخ دمشق : ٤٣ / ٤٠٣ عن مجاهد .
(٥) فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٨٥٨ / ١٥٩٨ ، المصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٥٢٣ / ٥ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٤١٥ / ٨٤ ، تاريخ دمشق : ٤٣ / ٤٠٢ كلّها عن مجاهد ، مروج الذهب : ٢ / ٣٩١ عن عبد الله بن عمرو بن العاص وليس فيه "و ذاك دأب . . ." ; وقعة صفّين : ٣٢٣ وليس فيه "دأب" ، رجال الكشّى : ١ / ١٤٣ / ٦٢ وفيه "دار" بدل "دأب" وكلاهما عن مجاهد .
(٦) تاريخ بغداد : ١٣ / ١٨٧ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٤٧٢ وفيه "ركى" بدل "ردي" ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٠٧ ، المناقب للخوارزمى : ١٠٥ / ١١٠ ، الفردوس : ٥ / ٣٨٤ / ٨٥٠١ وزاد فيهما "ودع الناس" بعد "مع علىّ" ، فرائد السمطين : ١ / ١٧٨ / ١٤١ نحوه وكلّها عن أبى أيّوب الأنصارى .

 ٢٣٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر

٦٦١٨ ـ عنه  ½ : إذا اختلف الناس كان ابن سميّة مع الحقّ(١) .

٦٦١٩ ـ المستدرك علي الصحيحين عن حبّة العرنى : دخلنا مع أبى مسعود الأنصارى علي حذيفة بن اليمان أسأله عن الفتن ، فقال : دوروا مع كتاب الله حيثما دار ، وانظروا الفئة التى فيها ابن سميّة فاتّبعوها ; فإنّه يدور مع كتاب الله حيثما دار .

قال : فقلنا له : ومَن ابن سميّة ؟

قال : عمّار ، سمعت رسول الله  ½ يقول له : لن تموت حتي تقتلك الفئة الباغية ، تشرب شربة ضَياح(٢) تكن آخر رزقك من الدنيا(٣) .

٦٦٢٠ ـ الإمام علىّ  ¼ : إنِّ امرأً من المسلمين لم يعظم عليه قتل عمّار ، ويدخل عليه بقتله مصيبةٌ موجعة ، لَغيرُ رشيد ، رحم الله عمّاراً يوم أسلم ، ورحم الله عمّاراً يوم قُتل ، ورحم الله عمّاراً يوم يُبعث حيّاً !

لقد رأيت عمّاراً ما يُذكر من أصحاب رسول الله  ½ أربعة إلاّ كان الرابع ، ولا خمسة إلاّ كان الخامس ، وما كان أحد من أصحاب محمّد  ½ يشكّ فى أنّ عمّاراً قد وجبت له الجنّة فى غير موطن ، ولا اثنين ، فهنيئاً له الجنّة ! عمّار مع الحقّ أين دار ، وقاتِل عمّار فى النار(٤) .


(١) تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٧٥ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٤١٦ / ٨٤ كلاهما عن ابن مسعود .
(٢) الضَّياح : اللبن الخاثِر يُصبّ فيه الماء ثمّ يُخلَط (النهاية : ٣ / ١٠٧) .
(٣) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٤٢ / ٥٦٧٦ .
(٤) أنساب الأشراف : ١ / ١٩٧ ، الطبقات الكبري : ٣ / ٢٦٢ ، تاريخ دمشق : ٤٣ / ٤٧٦ كلاهما عن أبى الغادية .

 ٢٣١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر

٦٦٢١ ـ الأمالى للطوسى عن عمّار : لو لم يبق أحد إلاّ خالف علىّ بن أبى طالب لما خالفته ، ولا زالت يدى مع يده ; وذلك لأنّ عليّاً لم يزَل مع الحقّ منذ بعث الله نبيّه  ½ ; فإنّى أشهد أنّه لا ينبغى لأحد أن يُفضِّل عليه أحداً(١) .

٦٦٢٢ ـ أنساب الأشراف عن أبى مخنف : إنّ المقداد بن عمرو وعمّار بن ياسر وطلحة والزبير فى عدّة من أصحاب رسول الله  ½ كتبوا كتاباً عدّدوا فيه أحداث عثمان ، وخوّفوه ربّه ، وأعلموه أنّهم مواثبوه إن لم يقلع ، فأخذ عمّار الكتاب وأتاه به ، فقرأ صدراً منه ، فقال له عثمان : أ علىَّ تقدم من بينهم ؟ فقال عمّار : لأنّى أنصحهم لك ، فقال : كذبت يابن سميّة ، فقال : أنا والله ابن سميّة وابن ياسر .

فأمر غلماناً له فمدّوا بيديه ورجليه ، ثمّ ضربه عثمان برجليه وهى فى الخفّين علي مذاكيره ، فأصابه الفتق ، وكان ضعيفاً كبيراً ، فغُشى عليه(٢) .

٦٦٢٣ ـ أنساب الأشرف عن أبى مخنف : كان فى بيت المال بالمدينة سَفَط(٣) فيه حلى وجوهر ، فأخذ منه عثمان ما حلّي به بعض أهله ، فأظهر الناس الطعن عليه فى ذلك وكلّموه فيه بكلام شديد حتي أغضبوه ، فخطب فقال : لنأخذنّ حاجتنا من هذا الفىء وإنْ رغِمَتْ اُنوف أقوام .

فقال له علىّ : إذاً تُمنع من ذلك ويُحال بينك وبينه .

وقال عمّار بن ياسر : اُشهد الله أنّ أنفى أوّل راغم من ذلك ، فقال عثمان : أ علىَّ يابن المَتْكاء(٤) تجترئ ؟ خذوه ، فاُخذ ودخل عثمان فدعا به فضربه حتي غُشى


(١) الأمالى للطوسى : ٧٣١ / ١٥٣٠ .
(٢) أنساب الأشراف : ٦ / ١٦٢ ، الرياض النضرة : ٣ / ٨٥ نحوه .
(٣) السَّفَط : الذى يُعبّي فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء (لسان العرب : ٧ / ٣١٥) .
(٤) المَتْكاء : هى التى لم تُختن . وقيل : هى التى لا تحبس بولها . وأصله من المتك (النهاية : ٤ / ٢٩٣) .

 ٢٣٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر

عليه ، ثمّ اُخرج فحُمل حتي اُتى به منزل اُمّ سلمة زوج رسول الله  ½ ، فلم يصلّ الظهر والعصر والمغرب ، فلمّا أفاق توضّأ وصلّي ، وقال : الحمد لله ، ليس هذا أوّل يوم اُوذينا فيه فى الله . . .

وبلغ عائشة ما صنع بعمّار ، فغضبت وأخرجت شعراً من شعر رسول الله  ½ ، وثوباً من ثيابه ، ونعلاً من نعاله ، ثمّ قالت : ما أسرع ما تركتم سنّة نبيّكم ، وهذا شعره وثوبه ونعله ولم يَبْلَ بعدُ ! فغضب عثمان غضباً شديداً حتي ما دري ما يقول(١) .

٦٦٢٤ ـ تاريخ اليعقوبى : لمّا بلغ عثمان وفاة أبى ذرّ ، قال : رحم الله أبا ذرّ ! قال عمّار : نعم ! رحم الله أبا ذرّ من كلّ أنفسنا ، فغلظ ذلك علي عثمان .

وبلغ عثمان عن عمّار كلام ، فأراد أن يُسيّره أيضاً ، فاجتمعت بنو مخزوم إلي علىّ بن أبى طالب ، وسألوه إعانتهم ، فقال علىّ : لا ندع عثمان ورأيه . فجلس عمّار فى بيته ، وبلغ عثمان ما تكلّمت به بنو مخزوم ، فأمسك عنه(٢) .

٦٦٢٥ ـ الكامل فى التاريخ : خرج عمّار بن ياسر علي الناس فقال : اللهمّ إنّك تعلم أنّى لو أعلم أنّ رضاك فى أن أقذف بنفسى فى هذا البحر لفعلته . اللهمّ إنّك تعلم أنّى لو أعلم أنّ رضاك فى أن أضع ظُبة(٣) سيفى فى بطنى ثمّ أنحنى عليها حتي تخرج من ظهرى لفعلته . وإنّى لا أعلم اليوم عملاً هو أرضي لك من جهاد هؤلاء الفاسقين ، ولو أعلم عملاً هو أرضي لك منه لفعلته .


(١) أنساب الأشرف : ٦ / ١٦١ .
(٢) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٧٣ ; أنساب الأشراف : ٦ / ١٦٩ ، الفتوح : ٢ / ٣٧٨ كلاهما نحوه .
(٣) ظُبَة السيف : طرفه (النهاية : ٣ / ١٥٥) .

 ٢٣٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر

والله إنّى لأري قوماً ليضربُنّكم ضرباً يرتاب منه المبطلون ، وايم الله لو ضربونا حتي يبلغوا بنا سعفات هَجَر ، لعلمت أنّا علي الحقّ وأنّهم علي الباطل .

ثمّ قال : من يبتغى رضوان الله ربّه ولا يرجع إلي مال ولا ولد ؟ فأتاه عصابة ، فقال : اقصدوا بنا هؤلاء القوم الذين يطلبون دم عثمان ، والله ما أرادوا الطلب بدمه ولكنّهم ذاقوا الدنيا واستحبّوها ، وعلموا أنّ الحقّ إذا لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرّغون فيه منها ، ولم يكن لهم سابقة يستحقّون بها طاعة الناس والولاية عليهم ، فخدعوا أتباعهم وإن قالوا : إمامنا قُتل مظلوماً ، ليكونوا بذلك جبابرة ملوكاً ، فبلغوا ما ترون ، فلولا هذه ما تبعهم من الناس رجلان .

اللهمّ إن تنصرنا فطالما نصرت ، وإن تجعل لهم الأمر فادّخر لهم بما أحدثوا فى عبادك العذابَ الأليم(١) .

٦٦٢٦ ـ رجال الكشّى عن حمران بن أعين عن الإمام الباقر  ¼ : قلت : ما تقول فى عمّار ؟ قال : رحم الله عمّاراً ، ثلاثاً ! قاتل مع أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله ، وقُتل شهيداً . قلت فى نفسى : ما تكون منزلة أعظم من هذه المنزلة ؟ فالتفت إلىَّ ، فقال : لعلّك تقول مثل الثلاثة ! هيهات ! قلت : وما علمه أنّه يُقتل فى ذلك اليوم ؟

قال : إنّه لمّا رأي الحرب لا تزداد إلاّ شدّة ، والقتل لا يزداد إلاّ كثرة ، ترك الصفّ وجاء إلي أمير المؤمنين  ¼ ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هو هو ؟ قال : ارجع إلي صفّك ، فقال له ذلك ثلاث مرّات ، كلّ ذلك يقول له : ارجع إلي صفّك ، فلمّا أن


(١) الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٨٠ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٨ و٣٩ نحوه وراجع حلية الأولياء : ١ / ١٤٣ والبداية والنهاية : ٧ / ٢٦٧ ووقعة صفّين : ٣٢٠ .

 ٢٣٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر

كان فى الثالثة قال له : نعم . فرجع إلي صفّه وهو يقول : اليوم ألقي الأحبّة ، محمّداً وحزبه(١) .

٦٦٢٧ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى الديوان المنسوب إليه ممّا أنشده فى شهادة عمّار ـ :

ألا أيّها الموت الذى ليس تاركى أرحنى فقد أفنيت كلّ خليلِ
أراك مضرّاً بالذين أحبّهم كأنّك تنحو نحوهم بدليلِ(٢)

٦٦٢٨ ـ رسول الله  ½ : بشّرْ قاتل ابن سميّة بالنار(٣) .

٦٦٢٩ ـ عنه  ½ ـ فى عمّار ـ : إنّ قاتله وسالبه فى النار(٤) .

٦٦٣٠ ـ عنه  ½ : ويح عمّار ! تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم إلي الجنّة ويدعونه إلي النار(٥) .

٦٦٣١ ـ المناقب لابن شهر آشوب : كثر أصحاب الحديث علي شريك(٦) ، وطالبوه بأنّه يُحدّثهم بقول النبىّ  ½ : "تقتلك الفئة الباغية" فغضب وقال : أ تدرون أن لا فخر لعلىّ أن يُقتل معه عمّار ، إنّما الفخر لعمّار أن يُقتل مع


(١) رجال الكشّى : ١ / ١٢٦ / ٥٦ ، روضة الواعظين : ٣١٣ وراجع البداية والنهاية : ٧ / ٢٦٨ و٢٦٩ .
(٢) الديوان المنسوب إلي الإمام علىّ  ¼ : ٤٩٦ / ٣٨٠ ، كفاية الأثر : ١٢٣ نحوه ; مطالب السؤول : ٦٢ .
(٣) تاريخ دمشق : ٤٣ / ٤٧٣ ، الفردوس : ٢ / ٢٧ / ٢١٧٠ كلاهما عن عمرو بن العاص .
(٤) مسند ابن حنبل : ٦ / ٢٣١ / ١٧٧٩١ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٣٧ / ٥٦٦١ ، أنساب الأشراف : ١ / ١٩٧ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٤٢٥ / ٨٤ كلّها عن عمرو بن العاص ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٨٢ عن عبد الله بن عمرو وفيه "قاتل عمّار وسالبه فى النار" ; الجمل : ١٠٣ / ١ وفيه "بشّروا قاتل عمّار وسالبه بالنار" .
(٥) صحيح البخارى : ١ / ١٧٢ / ٤٣٦ عن أبى سعيد .
(٦) هو شريك بن عبد الله الكوفى ، ولد سنة (٩٠ هـ ) ومات سنة (١٧٧ هـ ) . ولى القضاء بواسط ، ثمّ ولى الكوفة بعده ومات بها ، وكان فقيهاً عالماً (تهذيب التهذيب : ٢ / ٤٩١ / ٣٢٥٤) .

 ٢٣٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عُمَرُ بنُ أبى سَلَمَة

علىّ  ¼ (١) .

٦٦٣٢ ـ الكامل فى التاريخ : إنّ أبا الغارية قتل عمّاراً وعاش إلي زمن الحجّاج ، ودخل عليه فأكرمه الحجّاج وقال له : أنت قتلت ابن سميّة ـ يعنى عمّاراً ـ ؟ قال : نعم . . . ثمّ سأله أبو الغارية حاجته فلم يُجِبه إليها ، فقال : نوطّئ لهم الدنيا ، ولا يعطونا منها ، ويزعم أنّى عظيم الباع يوم القيامة !

فقال الحجّاج : أجل والله ، من كان ضرسه مثل اُحد ، وفخذه مثل جبل ورقان ، ومجلسه مثل المدينة والربذة إنّه لعظيم الباع يوم القيامة ، والله لو أنّ عمّاراً قتله أهل الأرض كلّهم لدخلوا كلّهم النار(٢) .

راجع : القسم السادس / وقعة صفّين / اشتداد القتال / استشهاد عمّار بن ياسر .

٧٣

عُمَرُ بنُ أبى سَلَمَة

عمر بن أبى سلمة بن عبد الأسد القرشى المخزومى . ولد قبل الهجرة بعامين أو أكثر(٣) . توفّى أبوه سنة ٣ هـ (٤) ، فانتقل إلي بيت النبىّ  ½ مع اُمّه التى أصبحت من أزواج رسول الله  ½ (٥) ، فنشأ فى بيت الوحى(٦) . وكانت والدته امرأة جليلة ،


(١) المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٢١٧ .
(٢) الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٨٢ ، والصحيح أنّ قاتل عمّار : أبو الغادية . راجع : اُسد الغابة : ٦ / ٢٣١ / ٦١٤٧ والاستيعاب : ٤ / ٢٨٨ / ٣١٤٤ .
(٣) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٠٧ / ٦٣ ، الاستيعاب : ٣ / ٢٤٥ / ١٩٠٣ .
(٤) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٠٧ / ٦٣ .
(٥) راجع : سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٠٧ / ٦٣ ، اُسد الغابة : ٤ / ١٦٩ / ٣٨٣٦ .
(٦) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٠٧ / ٦٣ .


إرجاعات 
١٣٠ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل التاسع : اشتداد القتال / استشهاد عمّار بن ياسر

 ٢٣٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عُمَرُ بنُ أبى سَلَمَة

وهى التى أرسلته إلي الإمام أمير المؤمنين  ¼ فى معركة الجمل(١) ، ومعه كتاب منها إليه(٢) .

ولاّه الإمام  ¼ علي البحرين(٣) بعد معركة الجمل ، ثمّ عزله وطلب منه أن يلتحق بعسكر الإمام  ¼ فى صفّين(٤) . وتدلّ رسالة الإمام  ¼ علي أنّه كان رجلاً أميناً ومجرّباً وجادّاً فى عمله . وأنّ حضوره فى عسكر الإمام  ¼ ضدّ ظلمة الشام ضرورى . وكان مع الإمام فى حروبه جميعها(٥) . توفّى عمر سنة ٨٣ هـ (٦) .

٦٦٣٣ ـ تاريخ اليعقوبى : كتب [علىّ  ¼ ] إلي عمر بن أبى سلمة المخزومى ، وهو ابن اُمّ سلمة زوج النبىّ  ½ ، وكان عامله علي البحرين : أمّا بعد ; فإنّى قد ولّيت النعمان بن العجلان البحرين بلا ذمّ لك ، فأقبِل ، غير ظنين(٧) ، واخرج إليه من عمل ما ولّيت ، فقد أردتُ الشخوص إلي ظلمة أهل الشام وبقيّة الأحزاب ، فأحببت أن تشهد معى لقاءهم ; فإنّك ممّن أستظهر به علي إقامة الدين ونصر الهدي ، جعلنا الله وإيّاك من الذين يعملون بالحقّ وبه يعدلون .

فأقبل عمر فشهد معه ، ثمّ انصرف وتبع عليّاً إلي الكوفة ، فمكث معه سنة


(١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٥١ ، الاستيعاب : ٣ / ٢٤٦ / ١٩٠٣ ، اُسد الغابة : ٤ / ١٧٠ / ٣٨٣٦ .
(٢) الفتوح : ٢ / ٤٥٥ ، شرح نهج البلاغة : ٦ / ٢١٩ . راجع : القسم السادس / وقعة الجمل/ أكابر أصحاب الإمام .
(٣) بلد فى جنوب الخليج الفارسى .
(٤) نهج البلاغة : الكتاب ٤٢ ، تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠١ ; تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٥٢ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٢٣ وفيهما "استعمله علي البحرين ، ثمّ عزله واستعمل النعمان بن العجلان" ، اُسد الغابة : ٤ / ١٧٠ / ٣٨٣٦ وفيه "استعمله علي البحرين وعلي فارس" .
(٥) شرح نهج البلاغة : ٦ / ٢١٩ .
(٦) الاستيعاب : ٣ / ٢٤٦ / ١٩٠٣ ، اُسد الغابة : ٤ / ١٧٠ / ٣٨٣٦ وفيه "توفّى بالمدينة أيّام عبد الملك بن مروان" ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٠٨ / ٦٣ .
(٧) ظنين : أى متّهم فى دينه (النهاية : ٣ / ١٦٣) .

 ٢٣٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِيّ

وبعض اُخري(١) .

٦٦٣٤ ـ الفتوح : جاء عمر بن أبى سلمة إلي علىّ   ¢ فصار معه ، وكان له فضل وعبادة وعقل ، فأنشأ رجل من أصحاب علىّ   ¢ يمدح اُمّ سلمة وهو يقول أبياتاً مطلعها :

اُمّ يا اُمّة لقيتِ الظَفَرْثمّ لا زلتِ تُسقينّ المَطَرْ(٢)

٧٤

عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِىّ

عمرو بن الحمق بن الكاهن الخزاعى . صحابىّ جليل من صحابة رسول الله  ½ (٣) ، وأمير المؤمنين  ¼ (٤) ، والإمام الحسن  ¼ (٥) .

أسلم بعد الحديبية(٦) ، وتعلّم الأحاديث من النبىّ  ½ . وكان من الصفوة الذين حرسوا "حقّ الخلافة" بعد رسول الله  ½ ; فوقف إلي جانب أمير المؤمنين  ¼ بإخلاص(٧) . واشترك فى ثورة المسلمين علي عثمان ، ورفع صوت الحقّ إزاء


(١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠١ ، نهج البلاغة : الكتاب ٤٢ ; أنساب الأشراف : ٢ / ٣٨٧ وفيهما كتاب الإمام  ¼ فقط .
(٢) الفتوح : ٢ / ٤٥٦ .
(٣) الطبقات الكبري : ٦ / ٢٥ ، تهذيب الكمال : ٢١ / ٥٩٧ / ٤٣٥٣ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٩١ ، الاستيعاب : ٣ / ٢٥٨ / ١٩٣١ ، اُسد الغابة : ٤ / ٢٠٥ / ٣٩١٢ ; الجمل : ١٠٤ / ١٥ .
(٤) رجال الطوسى : ٧٠ / ٦٤٤ .
(٥) رجال الطوسى : ٩٥ / ٩٤٠ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٤ / ٤٠ .
(٦) الاستيعاب : ٣ / ٢٥٨ / ١٩٣١ ، اُسد الغابة : ٤ / ٢٠٥ / ٣٩١٢ ، تهذيب الكمال : ٢١/٥٩٧/٤٣٥٣ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٩١ وفيهما "بايع رسول الله  ½ فى حجّة الوداع ، وصحبه بعد ذلك" .
(٧) الاختصاص : ٧ ، رجال الكشّى : ١ / ١٨٦ / ٧٨ .

 ٢٣٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِيّ

التغيّرات الشاذّة التى حصلت فى هذا العصر(١) .

شهد حروب أمير المؤمنين  ¼ وساهم فيها بكلّ صلابة وثبات(٢) . وكان ولاؤه للإمام  ¼ عظيماً حتي قال له : ليت أنّ فى جُندى مائة مثلك(٣) .

أجل ، كان عمرو مهتدياً ، عميق النظر . وكان من بصيرته بحيث يري نفسه فانياً فى علىّ  ¼ ، وكان يقول له بإيمان ووعى : ليس لنا معك رأى .

وكان عمرو صاحباً لحجر بن عدىّ ورفيق دربه . وصيحاته المتعالية ضدّ ظلم الاُمويّين(٤) هى التى دفعت معاوية إلي الهمّ بقتله .

وقتله سنة ٥٠ هـ ، بعد أن كان قد سجن زوجته الكريمة بغية استسلامه(٥) .

واُرسل برأسه إلي معاوية(٦) . وهو أوّل رأس فى الإسلام يُحمَل من بلد إلي بلد(٧) .


(١) الطبقات الكبري : ٦ / ٢٥ ، أنساب الأشراف : ٦ / ٢١٩ ، تاريخ الطبرى : ٤ / ٣٩٣ ، تهذيب الكمال : ٢١ / ٥٩٧ / ٤٣٥٣ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٩١ ، الاستيعاب : ٣ / ٢٥٨ / ١٩٣١ ، اُسد الغابة : ٤ / ٢٠٦ / ٣٩١٢ وفيهما "هو أحد الأربعة الذين دخلوا عليه الدار" ، مروج الذهب : ٢ / ٣٥٢ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٧٦ .
(٢) الطبقات الكبري : ٦ / ٢٥ ، تهذيب الكمال : ٢١ / ٥٩٧ / ٤٣٥٣ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٩١ ، الاستيعاب : ٣ / ٢٥٨ / ١٩٣١ ، اُسد الغابة : ٤ / ٢٠٦ / ٣٩١٢ .
(٣) وقعة صفّين : ١٠٤ ، الاختصاص : ١٥ وفيه "شيعتى" بدل "جندى" .
(٤) المعارف لابن قتيبة : ٢٩١ ، الاستيعاب : ٣ / ٢٥٨ / ١٩٣١ ، اُسد الغابة : ٤ / ٢٠٦ / ٣٩١٢ وفيها "أعان حجر بن عدىّ" .
(٥) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٣٢ ; اُسد الغابة : ٤ / ٢٠٦ / ٣٩١٢ .
(٦) تهذيب الكمال : ٢١ / ٥٩٧ / ٤٣٥٣ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٩٢ ، الاستيعاب : ٣ / ٢٥٨ / ١٩٣١ ، اُسد الغابة : ٤ / ٢٠٦ / ٣٩١٢ .
(٧) الطبقات الكبري : ٦ / ٢٥ ، أنساب الأشراف : ٥ / ٢٨٢ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٤ / ٨٨ .

 ٢٣٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِيّ

عبّر عنه الإمام أبو عبد الله الحسين  ¼ بــ "العبد الصالح الذى أبْلَتْه العبادة" ، وذلك فى رسالته البليغة القارعة التى بعثها إلي معاوية ، ووبّخه فيها لارتكابه جريمة قتله(١) .

٦٦٣٥ ـ الإمام الكاظم  ¼ : إذا كان يوم القيامة . . . ينادى مناد : أين حوارى علىّ بن أبى طالب  ¼ وصىّ محمّد بن عبد الله رسول الله ؟ فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعى ، ومحمّد بن أبى بكر ، وميثم بن يحيي التمّار مولي بنى أسد ، واُويس القرنى(٢) .

٦٦٣٦ ـ وقعة صفّين ـ فى أحداث ما بعد رفع المصاحف ـ : قام عمرو بن الحمق فقال : يا أمير المؤمنين ! إنّا والله ما أجبناك ولا نصرناك عصبيّة علي الباطل ، ولا أجبنا إلاّ الله عزّ وجلّ ، ولا طلبنا إلاّ الحقّ ، ولو دعانا غيرك إلي ما دعوت إليه لاستشري(٣) فيه اللجاج ، وطالت فيه النجوي ، وقد بلغ الحقّ مقطَعه ، وليس لنا معك رأى(٤) .

٦٦٣٧ ـ وقعة صفّين عن عبد الله بن شريك : قال عمرو بن الحمق : إنّى والله يا أمير المؤمنين ، ما أجبتك ولا بايعتك علي قرابة بينى وبينك ، ولا إرادة مال تؤتينيه ، ولا التماس سلطان يُرفع ذكرى به ، ولكن أحببتك لخصال خمس : إنّك ابن عمّ رسول الله  ½ ، وأوّل من آمن به ، وزوج سيّدة نساء الاُمّة فاطمة بنت محمّد  ½ ، وأبو الذرّيّة التى بقيت فينا من رسول الله  ½ ، وأعظم رجل من


(١) رجال الكشّى : ١ / ٢٥٣ / ٩٩ ، الاحتجاج : ٢ / ٩٠ / ١٦٤ ; أنساب الأشراف : ٥ / ١٢٩ نحوه .
(٢) رجال الكشّى : ١ / ٤١ / ٢٠ عن أسباط بن سالم .
(٣) وفى نسخة : "لكان فيه اللجاج" . واستشري : لجّ وتمادي وجدّ (لسان العرب : ١٤ / ٤٢٩) .
(٤) وقعة صفّين : ٤٨٢ وراجع الإمامة والسياسة : ١ / ١٤٤ .

 ٢٤٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِيّ

المهاجرين سهماً فى الجهاد .

فلو أنّى كُلِّفت نقل الجبال الرواسى ، ونزح البحور الطوامى(١) حتي يأتى علىَّ يومى فى أمر اُقوِّى به وليّك ، واُوهن به عدوّك ، ما رأيت أنّى قد أدّيت فيه كلّ الذى يحقّ علىَّ من حقّك .

فقال أمير المؤمنين علىّ : اللهمّ نوِّر قلبه بالتقي ، واهدِه إلي صراط مستقيم ، ليت أنّ فى جندى مائة مثلك !

فقال حُجر : إذاً والله يا أمير المؤمنين ، صحّ جندُك ، وقلّ فيهم من يغشّك(٢) .

٦٦٣٨ ـ تاريخ الطبرى : ـ فى ذكر طلب زياد ومتابعته أصحابَ حُجْر ـ : فخرج عمرو بن الحمِق ورفاعة بن شدّاد حتي نزلا المدائن ، ثمّ ارتحلا حتي أتيا أرض المَوصِل(٣) ، فأتيا جبلاً فكَمِنا فيه ، وبلغ عامل ذلك الرستاق أنّ رجلين قد كمنا فى جانب الجبل ، فاستنكر شأنهما ـ وهو رجل من همدان يقال له : عبد الله بن أبى بلتعة ـ فسار إليهما فى الخيل نحو الجبل ومعه أهل البلد ، فلمّا انتهي إليهما خرجا .

فأمّا عمرو بن الحمِق فكان مريضاً ، وكان بطنه قد سَقَي(٤) ، فلم يكن عنده امتناع ، وأمّا رفاعة بن شدّاد ـ وكان شابّاً قويّاً ـ فوثب علي فرس له جواد ، فقال


(١) طما البحر : ارتفع بموجه (النهاية : ٣ / ١٣٩) .
(٢) وقعة صفّين : ١٠٣ ، الاختصاص : ١٤ نحوه وفيه "شيعتى" بدل "جندى" .
(٣) المَوصِل : المدينة المشهورة ، قالوا سُمّيت الموصل لأنّها وصلت بين الجزيرة والعراق ، وقيل : وصلت بين دجلة والفرات ، وقيل : لأنّها وصلت بين بلد سنجار والحديثة . وهى مدينة قديمة الاُسّ علي طرف دجلة ، ومقابلها من الجانب الشرقى نينوي (معجم البلدان : ٥ / ٢٢٣) .
(٤) يُقال : سقي بطنُه : أى حصل فيه الماء الأصفر (النهاية : ٢ / ٣٨٢) .

 ٢٤١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِيّ

له : اُقاتل عنك ؟ قال : وما ينفعنى أن تقاتل ! انجُ بنفسك إن استطعت ، فحمل عليهم ، فأفرجوا له ، فخرج تنفِر به فرسه ، وخرجت الخيل فى طلبه ـ وكان رامياً ـ فأخذ لا يلحقه فارس إلاّ رماه فجرحه أو عقره ، فانصرفوا عنه ، واُخذ عمرو بن الحمق ، فسألوه : من أنت ؟ فقال : من إن تركتموه كان أسلم لكم ، وإن قتلتموه كان أضرّ لكم ، فسألوه ، فأبي أن يُخبرهم ، فبعث به ابن أبى بلتعة إلي عامل الموصل ـ وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفى ـ فلمّا رأي عمرو بن الحمق عرفه ، وكتب إلي معاوية بخبره .

فكتب إليه معاوية : إنّه زعم أنّه طعن عثمان بن عفّان تسع طعنات بمشاقص(١) كانت معه ، وإنّا لا نريد أن نعتدى عليه ، فاطعنْه تسع طعنات كما طعن عثمان ، فاُخرج فطُعن تسع طعنات ، فمات فى الاُولي منهنّ أو الثانية(٢) .

٦٦٣٩ ـ تاريخ اليعقوبى : بلغ عبدَ الرحمن بن اُمّ الحكم ـ وكان عامل معاوية علي الموصل ـ مكانُ عمرو بن الحمق الخزاعى ، ورفاعة بن شدّاد ، فوجّه فى طلبهما ، فخرجا هاربين ، وعمرو بن الحمق شديد العلّة ، فلمّا كان فى بعض الطريق لدغت عمراً حيّة ، فقال : الله أكبر ! قال لى رسول الله : "يا عمرو ! ليشترك فى قتلك الجنّ والإنس" ثمّ قال لرفاعة : امض لشأنك ; فإنّى مأخوذ ومقتول .

ولحقته رسل عبد الرحمن بن اُمّ الحكم ، فأخذوه وضُربت عنقه ، ونُصب رأسه علي رمح ، وطِيفَ به ، فكان أوّل رأس طيف به فى الإسلام .

وقد كان معاوية حبس امرأته بدمشق ، فلمّا أتي رأسه بعث به ، فوُضع فى


(١) المشاقص : جمع مِشْقَص ; وهو فصل السهم إذا كان طويلاً غير عريض (النهاية : ٢ / ٤٩٠) .
(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٦٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٩٢ نحوه .

 ٢٤٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِيّ

حجرها ، فقالت للرسول : أبلغ معاوية ما أقول : طالبه الله بدمه ، وعجّل له الويل من نقمه ! فلقد أتي أمراً فريّاً ، وقتل بَرّاً نقيّاً !

وكان أوّل من حبس النساء بجرائر الرجال(١) .

٦٦٤٠ ـ الاختصاص : كان عمرو بن الحمق الخزاعى شيعة لعلىّ بن أبى طالب  ¼ ، فلمّا صار الأمر إلي معاوية انحاز إلي شهرزور من الموصل وكتب إليه معاوية :

أمّا بعد ; فإنّ الله أطفأ النائرة(٢) ، وأخمد الفتنة ، وجعل العاقبة للمتّقين ، ولست بأبعد أصحابك همّة ، ولا أشدّهم فى سوء الأثر صنعاً ، كلّهم قد أسهل بطاعتى ، وسارع إلي الدخول فى أمرى ، وقد بطؤ بك ما بطؤ ، فادخل فيما دخل فيه الناس ، يُمحَ عنك سالف ذنوبك ، ومُحِى داثر حسناتك ، ولعلّى لا أكون لك دون من كان قبلى إن أبقيت واتّقيت ووقيت وأحسنت ، فاقدم علىَّ آمناً فى ذمّة الله وذمّة رسوله  ½ ، محفوظاً من حسد القلوب وإحَن الصدور ، وكفي بالله شهيداً .

فلم يقدم عليه عمرو بن الحمق ، فبعث إليه من قتله وجاء برأسه ، وبعث به إلي امرأته فوُضع فى حجرها ، فقالت : سترتموه عنّى طويلاً وأهديتموه إلىَّ قتيلاً ! فأهلاً وسهلاً من هديّة غير قالية ولا مقليّة ، بلّغ أيّها الرسول عنّى معاوية ما أقول : طلب الله بدمه ، وعجّل الوبيل من نقمه ! فقد أتي أمراً فريّاً وقتل بارّاً تقيّاً ! فأبلغْ أيّها الرسول معاوية ما قلتُ .

فبلّغ الرسول ما قالت ، فبعث إليها ، فقال لها : أنت القائلة ما قلتِ ؟ قالت : نعم ، غير ناكلة عنه ولا معتذرة منه ، قال لها : اُخرجى من بلادى ، قالت : أفعل ، فو الله


(١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٣١ .
(٢) النائرة : الحقد والعداوة ، وقيل : الكائنة تقع بين القوم (لسان العرب : ٥ / ٢٤٧) .

 ٢٤٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمْرُو بنُ مِحْصَن

ما هو لى بوطن ولا أحنُّ فيها إلي سجن ، ولقد طال بها سهرى واشتدّ بها عبرى ، وكثر فيها دَينى من غير ما قرّت به عينى .

فقال عبد الله بن أبى سرح الكاتب : يا أمير المؤمنين ! إنّها منافقة فألحقها بزوجها ، فنظرت إليه فقالت : يا من بين لحييه كجثمان الضفدع ، ألا قلت من أنعمك خلعاً وأصفاك كساءً ! إنّما المارق المنافق من قال بغير الصواب ، واتّخذ العباد كالأرباب ، فاُنزل كفره فى الكتاب ! فأومي معاوية إلي الحاجب بإخراجها ، فقالت : وا عجباه من ابن هند ، يشير إلىَّ ببنانه ويمنعنى نوافذ لسانه ، أما والله لأبقرنّه بكلام عتيد كنواقد الحديد ، أو ما أنا بآمنة بنت الشريد(١) .

٦٦٤١ ـ الإمام الحسين  ¼ ـ من كتابه إلي معاوية ـ : أ وَلست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله  ½ ، العبد الصالح الذى أبلته العبادة فنحل جسمه وصفرت لونه ، بعدما آمنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه ، ما لو أعطيته طائراً لنزل إليك من رأس الجبل ، ثمّ قتلته جرأةً علي ربّك ، واستخفافاً بذلك العهد ؟(٢)

٧٥

عَمْرُو بنُ مِحْصَن

عمرو بن محصن بن حرثان الأسدى ، أخو عُكاشَةَ بن محصن . صحابىّ جليل من صحابة النبىّ  ½ . شهد اُحداً(٣) . وكان مع أمير المؤمنين  ¼ فى معركة


(١) الاختصاص : ١٦ وراجع بلاغات النساء : ٨٧ .
(٢) رجال الكشّى : ١ / ٢٥٣ / ٩٩ ، الاحتجاج : ٢ / ٩٠ / ١٦٤ نحوه ; أنساب الأشراف : ٥ / ١٢٩ وفيه إلي "و صفّرت لونه" ، الإمامة والسياسة : ١ / ٢٠٢ كلاهما نحوه .
(٣) الطبقات الكبري : ٤ / ١٠٤ ، اُسد الغابة : ٤ / ٢٥٦ / ٤٠٢١ ، الاستيعاب : ٣ / ٢٧٧ / ١٩٧٤ ، الإصابة : ٤ / ٥٦٢ / ٥٩٧٠ .

 ٢٤٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / الفَضلُ بنُ العَبّاس

الجمل(١) ، وكان ـ علاوة علي حضوره فيها ـ قد دفع مائة ألف درهم لتجهيز جيش الإمام  ¼ .

استُشهد فى صفّين(٢) ، فعزّ ذلك علي أمير المؤمنين  ¼ وأعرب عن حزنه عليه(٣) .

رثاه النجاشى شاعر العراق بقصيدة طويلة ، أثني فيها علي بطولته وأبعاد شخصيّته الكريمة(٤) .

٦٦٤٢ ـ رجال الطوسى : عمرو بن محصن ، يُكنّي أبا اُحيحة ، اُصيب بصفّين ، وهو الذى جهّز أمير المؤمنين  ¼ بمائة ألف درهم فى مسيره إلي الجمل(٥) .

٦٦٤٣ ـ وقعة صفّين : كان ابن محصن من أعلام أصحاب علىّ  ¼ ، قُتل فى المعركة ، وجزع علىّ  ¼ لقتله(٦) .

٧٦

الفَضلُ بنُ العَبّاس

الفضل بن العبّاس بن عبد المطّلب القرشى الهاشمى ، واُمّه اُمّ الفضل لُبابَة بنت الحارث . وهو أكبر ولد العبّاس . عدّ من أصحاب النبىّ  ½ والإمام علىّ  ¼ . غزا


(١) الجمل : ١٠٤ / ٢٠ .
(٢) رجال الطوسى : ٧٣ / ٦٧٥ ، الاختصاص : ٥ .
(٣) وقعة صفّين : ٣٥٩ .
(٤) وقعة صفّين : ٣٥٧ .
(٥) رجال الطوسى : ٧٣ / ٦٧٥ ، الاختصاص : ٥ .
(٦) وقعة صفّين : ٣٥٩ .

 ٢٤٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / الفَضلُ بنُ العَبّاس

مع رسول الله مكّة وحنيناً(١) . وثبت يومئذ مع رسول الله  ½ حين ولّي الناس منهزمين(٢) . كان فيمن غسل النبىّ وشهد كفنه ودفنه ودخل القبر مع الإمام علىّ  ¼ (٣) .

كان من جملة المخلصين فى ولائهم للإمام علىّ  ¼ ، ومن المدافعين عن حقّه  ¼ فى الخلافة(٤) . شارك فى مراسم دفن فاطمة (ع) (٥) . وتوفّى فى سنة ١٨ هـ فى زمن خلافة عمر بن الخطّاب(٦) .

٦٦٤٤ ـ الأخبار الموفّقيّات عن محمّد بن إسحاق : إنّ أبا بكر لمّا بويع افتخرت تيم بن مرّة . قال : وكان عامّة المهاجرين وجلّ الأنصار لا يشكّون أنّ عليّا هو صاحب الأمر بعد رسول الله  ½ ، فقال الفضل بن العبّاس : يا معشر قريش وخصوصاً يا بنى تيم ! إنّكم إنّما أخذتم الخلافة بالنبوّة ، ونحن أهلها دونكم ، ولو طلبنا هذا الأمر الذى نحن أهله لكانت كراهة الناس لنا أعظم من كراهتهم لغيرنا ،


(١) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٣٠٨ / ٥١٩٦ ، الطبقات الكبري : ٤ / ٥٤ .
(٢) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٣٠٨ / ٥١٩٦ ، الطبقات الكبري : ٤ / ٥٤ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ٧٤ ، الكامل فى التاريخ : ١ / ٦٢٥ .
(٣) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٣٠٨ / ٥١٩٦ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ٢١١ ـ ٢١٣ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ١٥ .
(٤) الأخبار الموفّقيّات : ٥٨٠ / ٣٨٠ .
(٥) الطبقات الكبري : ٨ / ٢٩ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ٢٤١ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٢١ .
(٦) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٣٠٨ / ٥١٩٦ ، الطبقات الكبري : ٤ / ٥٥ . وفى زمن موته أقوال اُخر : "قتل فى خلافة أبى بكر مع خالد بن الوليد وحدّد بعضهم قتله بيوم اليرموك" كما فى المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٣٠٨ / ٥١٩٧ و٥١٩٨ ، وقيل "مات فى عهد أبى بكر" كما فى التاريخ الكبير : ٧ / ١١٤ / ٥٠٢ .

 ٢٤٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قُثَمُ بنُ العَبّاس

حسداً منهم لنا ، وحقداً علينا ، وإنّا لنعلم أنّ عند صاحبنا عهداً هو ينتهى إليه(١) .

٧٧

قُثَمُ بنُ العَبّاس

قُثَم بن العبّاس بن عبد المطلب القرشى الهاشمى ، واُمّه اُمّ الفضل لُبابَة بنت الحارث من أصحاب رسول الله  ½ (٢) ، وأخو أحد الحسنين    ¤ من الرضاعة(٣) ، أثنوا عليه بالمعرفة القويّة والفضل والفضيلة . ولىَ مكّة(٤) والطائف(٥) طيلة خلافة الإمام أمير المؤمنين  ¼ . وصار أمير الحجّ سنة ٣٨ هـ (٦) . وعندما أغار بُسر بن أرطاة علي مكّة ، فرَّ منها(٧) ثمّ عاد إليها بعد خروج بُسر(٨) .

كان قُثَم حاضراً فى مسجد الكوفة عندما ضُرب الإمام  ¼ ، وهو الذى قبض علي ابن ملجم(٩) .


(١) الأخبار الموفّقيّات : ٥٨٠ / ٣٨٠ .
(٢) مسند ابن حنبل : ١ / ٤٤٠ / ١٧٦٠ ، التاريخ الكبير : ٧ / ١٩٤ / ٨٦٣ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٤٠ / ٨٢ ، اُسد الغابة : ٤ / ٣٧٣ / ٤٢٧٩ وفيها "قد أردفه النبىّ  ½ خلفه" .
(٣) مسند ابن حنبل : ١٠ / ٢٥٦ / ٢٦٩٣٩ ، الإصابة : ٥ / ٣٢٠ / ٧٠٩٦ ، أنساب الأشراف : ٤ / ٨٥ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٤٠ / ٨٢ .
(٤) تاريخ الطبرى : ٥ / ٩٢ وص ١٥٥ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥٢ وفيه "ولاّها أبا قتادة الأنصارى ثمّ عزله وولّي قثم بن عبّاس ، فلم يزل والياً حتي قتل علىّ" ; نهج البلاغة : الكتاب ٦٧ ، تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٧٩ .
(٥) تاريخ الطبرى : ٥ / ٩٢ وص ١٥٥ .
(٦) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٣٢ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٢٤ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢١٣ وفيه "أقام الحجّ للناس . . . وفى سنة ٣٧ قثم بن العبّاس وقيل : عبد الله بن العبّاس" .
(٧) الغارات : ٢ / ٦٠٨ .
(٨) الغارات : ٢ / ٦٢١ .
(٩) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢١٢ .

 ٢٤٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قُثَمُ بنُ العَبّاس

توفّى قُثَم فى فتح سمرقند(١) أيّام معاوية(٢) .

٦٦٤٥ ـ الاستيعاب : كان قُثم بن العبّاس والياً لعلىّ بن أبى طالب علي مكّة ، وذلك أنّ عليّاً لمّا ولى الخلافة عزل خالد بن العاصى بن هشام بن المغيرة المخزومى عن مكّة ، وولاّها أبا قتادة الأنصارى ، ثمّ عزله ، وولّي قُثَم بن العبّاس ، فلم يزل والياً عليها حتي قُتل علىّ  § (٣) .

٦٦٤٦ ـ المستدرك علي الصحيحين عن أبى إسحاق : سألت قثم بن العبّاس : كيف ورث علىّ رسول الله  ½ دونكم ؟ قال : لأنّه كان أوّلنا به لحوقاً ، وأشدّنا به لزوقاً(٤) .

٦٦٤٧ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى كتابه إلي قُثَم بن العبّاس عامله علي مكّة ـ : أمّا بعد ، فأقم للناس الحجّ ، وذكّرهم بأيّام الله ، واجلس لهم العصرين ; فأفتِ المستفتى ، وعلّم الجاهل ، وذاكر العالم . ولا يكن لك إلي الناس سفير إلاّ لسانك ، ولا حاجب إلاّ وجهك . ولا تحجبنّ ذا حاجة عن لقائك بها ; فإنّها إن ذيدت عن أبوابك فى أوّل وردها لم تُحمَد فيما بعد علي قضائها .

وانظر إلي ما اجتمع عندك من مال الله فاصرفه إلي مَن قِبَلَك من ذوى العيال والمجاعة ، مُصيباً به مواضع الفاقة والخلاّت ، وما فضل عن ذلك فاحمله إلينا لنقسمه فيمن قِبَلَنا .


(١) سَمَرْقَند : بلد معروف فى خراسان وهو الآن فى تاجيكستان .
(٢) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٣٧ ; الطبقات الكبري : ٧ / ٣٦٧ ، أنساب الأشراف : ٤ / ٨٦ وفيه "و يقال استشهد بها" ، اُسد الغابة : ٤ / ٣٧٤ / ٤٢٧٩ وفيه "مات بها شهيداً" .
(٣) الاستيعاب : ٣ / ٣٦٣ / ٢١٩٠ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥٢ .
(٤) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٣٦ / ٤٦٣٣ ، المعجم الكبير : ١٩ / ٤٠ / ٨٦ وح ٨٥ نحوه ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٣٩٣ ، اُسد الغابة : ٤ / ٣٧٣ / ٤٢٧٩ .

 ٢٤٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قُدامَةُ بنُ عَجلانِ الأزدِيّ

ومُرْ أهل مكّة ألاّ يأخذوا من ساكن أجراً ; فإنّ الله سبحانه يقول : ³ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ  ²  (١) فالعاكف : المقيم به ، والبادى : الذى يحجّ إليه من غير أهله . وفّقنا الله وإيّاكم لمحابّه ، والسلام(٢) .

٦٦٤٨ ـ الطبقات الكبري : غزا قُثَم خراسان ، وكان عليها سعيد بن عثمان فقال له : أضرب لك بألف سهم ، فقال : لا ، بل اُخمِّس ، ثمّ أعطِ الناس حقوقهم ، ثمّ أعطنى بعدُ ما شئت .

وكان قُثم ورعاً فاضلاً ، وتوفّى بسمرقند(٣) .

٧٨

قُدامَةُ بنُ عَجلانِ الأزدِي ّ

كان من ولاة الإمام  ¼ علي منطقة كَسكَر(٤) . ويُستشفّ من كتاب الإمام  ¼ إليه(٥) أنّه كان قد أفرط فى التصرّف ببيت المال ، فانتقده الإمام  ¼ علي ذلك . ولم نحصل علي معلومات أكثر حول حياته .

٦٦٤٩ ـ أنساب الأشراف : قدامة بن عجلان عامله [أى علىّ  ¼ ] علي كَسْكَر (٦) .


(١) الحجّ : ٢٥ .
(٢) نهج البلاغة : الكتاب ٦٧ .
(٣) الطبقات الكبري : ٧ / ٣٦٧ وراجع أنساب الأشراف : ٤ / ٨٦ .
(٤) كَسْكَر : كورة واسعة . . . ، وقصبتها اليوم واسط التى بين الكوفة والبصرة . . . ، ويقال : إنّ حدّ كورة كسكر من الجانب الشرقى فى آخر سقى النهروان إلي أن تصبّ دجلة فى البحر (معجم البلدان : ٤/٤٦١).
(٥) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٨٨ .
(٦) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٨٨ ، الأخبار الطوال : ١٥٣ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥١ وفيه "البحران" بدل "كسكر" ، وقعة صفّين : ١١ وفيه "قدامة بن مظعون" وهو مخالف لبقيّة المصادر .

 ٢٤٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَرَظَةُ بنُ كَعب الأنصارِيّ

٦٦٥٠ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى كتابه إلي قدامة بن عجلان عامله علي كسكر ـ : أمّا بعدُ ; فاحمل ما قبلك من مال الله ; فإنّه فىء للمسلمين ، لستَ بأوفر حظّاً فيه من رجل فيهم ، ولا تحسبنّ يابن اُمّ قدامة أنّ مال كسكر مباح لك كمال ورثتَه عن أبيك واُمّك ، فعجّل حمله ، وأعجل فى الإقبال إلينا ، إن شاء الله(١) .

٧٩

قَرَظَةُ بنُ كَعب الأنصارِي ّ

قرظة بن كعب بن ثعلبة الأنصارى الخزرجى ، يُكنّي أبا عمر . من صحابة النبىّ  ½ (٢) وفقهائهم(٣) . اشترك فى غزوة اُحد وما تلاها من غزوات(٤) .

فتح الرى فى زمن عمر(٥) . ولىَ الكوفة(٦) ، وبِهْقُباذات(٧) (٨) ، وخراج ما بين


(١) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٨٨ .
(٢) المستدرك علي الصحيحين : ١ / ١٨٣ / ٣٤٧ ، التاريخ الكبير : ٧ / ١٩٣ / ٨٥٨ ، الطبقات الكبري : ٦ / ١٧ ، تهذيب الكمال : ٢٣ / ٥٦٣ / ٤٨٦٤ ، تهذيب التهذيب : ٤ / ٥٢٧ / ٦٥١١ .
(٣) تاريخ الإسلام للذهبى: ٣/٦٦١، تهذيب الكمال : ٢٣/٥٦٤/٤٨٦٤، الاستيعاب: ٣/٣٦٥/٢١٩٢ ، اُسد الغابة : ٤ / ٣٨٠ / ٤٢٩١ وفيها "كان فاضلاً" .
(٤) تهذيب الكمال : ٢٣ / ٥٦٣ / ٤٨٦٤ ، الاستيعاب : ٣ / ٣٦٥ / ٢١٩٢ ، اُسد الغابة : ٤/٣٨٠/٤٢٩١ ، الإصابة : ٥ / ٣٢٩ / ٧١١٣ .
(٥) تاريخ الطبرى : ٤ / ١٤٨ ، تهذيب الكمال : ٢٣ / ٥٦٣ / ٤٨٦٤ ، الاستيعاب : ٣ / ٣٦٥ / ٢١٩٢ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٦٦٢ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٥٧ .
(٦) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٩٩ ، تهذيب الكمال : ٢٣ / ٥٦٤ / ٤٨٦٤ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٦٨ ، اُسد الغابة : ٤ / ٣٨٠ / ٤٢٩١ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥٢ ; الجمل : ٢٦٥ .
(٧) هى ثلاث بهقباذات ، وبِهْقُباذ : ثلاث كور ببغداد منسوبة إلي قباذ بن فيروز والد أنو شيروان . (راجع : معجم البلدان : ١ / ٥١٦) .
(٨) وقعة صفّين : ١١ ; الأخبار الطوال : ١٥٣ وفيه "قرط بن كعب" .

 ٢٥٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَرَظَةُ بنُ كَعب الأنصارِيّ

النهرين فى خلافة الإمام أمير المؤمنين  ¼ (١) .

كان مع الإمام  ¼ فى حروبه(٢) ، وتوفّى فى أيّام خلافة الإمام  ¼ بالكوفة فصلّي عليه الإمام  ¼ (٣) .

٦٦٥١ ـ الاستيعاب : ولاّه [قَرظَةَ بن كعب الأنصاري] علىُّ بن أبى طالب علي الكوفة ، فلمّا خرج علىّ إلي صفّين حمله معه وولاّها أبا مسعود البدرى(٤) .

٦٦٥٢ ـ الاستيعاب : شهد قرظة بن كعب مع علىّ مشاهده كلّها ، وتوفّى فى خلافته فى دار ابتناها بالكوفة ، وصلّي عليه علىّ بن أبى طالب(٥) .

٦٦٥٣ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى كتابه إلي قرظة بن كعب ـ : أمّا بعد ، فإنّ قوماً من أهل عملك أتونى ، فذكروا أنّ لهم نهراً قد عفا ودرس ، وأنّهم إن حفروه واستخرجوه عمرت بلادهم ، وقووا علي كلّ خراجهم ، وزاد فىء المسلمين قبلهم ، وسألونى الكتاب إليك لتأخذهم بعمله وتجمعهم لحفره والإنفاق عليه ، ولست أري أن اُجبر أحداً علي عمل يكرهه ، فادعهم إليك ، فإن كان الأمر فى


(١) أنساب الأشراف : ٣ / ٢٠٥ .
(٢) الاستيعاب : ٣ / ٣٦٥ / ٢١٩٢ ، اُسد الغابة : ٤ / ٣٨٠ / ٤٢٩١ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٦٦٢ وفيه "ثمّ سار إلي الجمل مع علىّ ثمّ شهد صفّين" ، تاريخ بغداد : ١ / ١٨٥ / ٢٣ وفيه "كان علي راية الأنصار يومئذ" أى يوم صفّين .
(٣) الطبقات الكبري : ٦ / ١٧ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٨٥ / ٢٣، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٦٦٢ ، الاستيعاب : ٣ / ٣٦٥ / ٢١٩٢ ، تهذيب الكمال : ٢٣ / ٥٦٤ / ٤٨٦٤ وليس فيه صلاة علىّ  ¼ عليه . وفيهما "و قيل : توفّى فى إمارة المغيرة بن شعبة" .
(٤) الاستيعاب : ٣ / ٣٦٥ / ٢١٩٢ ، اُسد الغابة : ٤ / ٣٨٠ / ٤٢٩١ وزاد فيه "لمّا سار إلي الجمل" بعد "الكوفة" ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥٢ نحوه .
(٥) الاستيعاب : ٣ / ٣٦٥ / ٢١٩٢ ، اُسد الغابة : ٤ / ٣٨٠ / ٤٢٩١ ، الطبقات الكبري : ٦ / ١٧ وليس فيه صدره .

 ٢٥١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَنْبَرٌ مَولي أميرِ المُؤمنين

النهر علي ما وصفوا ، فمن أحبّ أن يعمل فمره بالعمل ، والنهر لمن عمله دون من كرهه ، ولأن يعمروا ويقووا أحبّ إلىَّ من أن يضعفوا ، والسلام(١) .

٨٠

قَنْبَرٌ مَولي أميرِ المُؤمنين

غلام أمير المؤمنين  ¼ ، ومُرافقه .

غالباً ما يرِد ذكره بالخير فى أقضية الإمام  ¼ (٢) . وكان ملازماً له مقيماً لحدوده ومنفّذاً لأوامره . وذُكر أنّه كان من السابقين الذين عرفوا حقّ أمير المؤمنين  ¼ (٣) وثبتوا علي الذود عن حقّ الولاية(٤) . دفع إليه الإمام  ¼ لواءً يوم صفّين فى قبال غلام عمرو بن العاص الذى كان قد رفع لواءً(٥) .

استدعاه الحجّاج وأمر بقتله ، بسبب وفائه وعشقه الصادق الخالص للإمام علىّ  ¼ . وكان عند استشهاده يتلو آيةً من القرآن الكريم أخزي بها الحجّاج وأضرابه(٦) .

٦٦٥٤ ـ الإمام الصادق  ¼ : كان قنبر غلام علىّ يحبّ عليّاً  ¼ حبّاً شديداً ، فإذا خرج علىّ صلوات الله عليه خرج علي أثره بالسيف ، فرآه ذات ليلة فقال : يا قنبر ما لك ؟


(١) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٩٠ وراجع تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٣ .
(٢) راجع : القسم الثانى عشر / نماذج من قضاياه بعد النبىّ ، ونماذج من قضاياه فى إمارته .
(٣) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٨ / ١٢٨ و١٢٩، الاختصاص: ٧٣.
(٤) الاختصاص : ٧ .
(٥) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٦٣ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٦١ .
(٦) رجال الكشّى : ١ / ٢٩٠ / ١٣٠ ، الإرشاد : ١ / ٣٢٨ .

 ٢٥٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَنْبَرٌ مَولي أميرِ المُؤمنين

فقال : جئت لأمشى خلفك يا أمير المؤمنين .

قال : ويحك أ مِن أهل السماء تحرسنى أو من أهل الأرض ؟ !

فقال : لا ، بل من أهل الأرض .

فقال : إنّ أهل الأرض لا يستطيعون لى شيئاً إلاّ بإذن الله من السماء ، فارجع . فرجع(١) .

٦٦٥٥ ـ الإرشاد : ما رواه أصحاب السيرة من طرق مختلفة : إنّ الحجّاج بن يوسف الثقفى قال ذات يوم : اُحبّ أن اُصيب رجلاً من أصحاب أبى تراب فأتقرّب إلي الله بدمه ! !

فقيل له : ما نعلم أحداً كان أطول صحبةً لأبى تراب من قنبر مولاه ، فبعث فى طلبه فاُتى به ، فقال له : أنت قنبر ؟

قال : نعم .

قال : أبو همدان ؟

قال : نعم .

قال : مولي علىّ بن أبى طالب ؟

قال : الله مولاى ، وأمير المؤمنين علىّ ولىّ نعمتى .

قال : ابرأ من دينه .

قال : فإذا برئت من دينه تدلّنى علي دين غيره أفضل منه ؟

فقال : إنّى قاتلك ، فاختر أىّ قتلة أحبّ إليك .

قال : قد صيّرت ذلك إليك .

قال : ولِمَ ؟


(١) الكافى : ٢ / ٥٩ / ١٠ عن عبد الرحمن العرزمى عن أبيه .

 ٢٥٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

قال : لأنّك لا تقتلنى قتلةً إلاّ قتلتك مثلها ، ولقد خبّرنى أمير المؤمنين  ¼ أنّ منيّتى تكون ذبحاً ظلماً بغير حقّ .

قال : فأمر به فذُبح(١) .

٦٦٥٦ ـ الإمام الهادى  ¼ : إنّ قنبراً مولي أمير المؤمنين  ¼ دخل علي الحجّاج بن يوسف ، فقال له : ما الذى كنت تلى من علىّ بن أبى طالب ؟

فقال : كنت اُوضّئهُ .

فقال له : ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه ؟

فقال : كان يتلو هذه الآية : ³ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَىْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا اُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ  ± فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَـلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  ²  (٢)

فقال الحجّاج : أظنّه كان يتأوّلها علينا ؟

قال : نعم .

فقال : ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك ؟

قال : إذن اُسعدَ وتشقي . فأمر به(٣) .

٨١

قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

قيس بن سعد بن عبادة الأنصارى الخزرجى الساعدى ، هو أحد الصحابة(٤)


(١) الإرشاد : ١ / ٣٢٨ .
(٢) الأنعام : ٤٤ و٤٥ .
(٣) رجال الكشّى : ١ / ٢٩٠ / ١٣٠ عن أحكم بن يسار ، تفسير العيّاشى : ١ / ٣٥٩ / ٢٢ .
(٤) رجال الطوسى : ٤٥ / ٣٥١ ; تهذيب الكمال : ٢٤ / ٤٠ / ٤٩٠٦ ، الاستيعاب : ٣ / ٣٥٠ / ٢١٥٨ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٢ / ٢١ ، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٣٩٦ .

 ٢٥٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

ومن كبار الأنصار . وكان يحظي باحترام خاصّ بين قبيلته والأنصار وعامّة المسلمين(١) ، وكان شجاعاً ، كريم النفس ، عظيماً ، مطاعاً فى قبيلته(٢) .

وكان طويل القامة ، قوىّ الجسم ، معروفاً بالكرم(٣) ، مشهوراً بالسخاء(٤) . حمل اللواء فى بعض حروب النبىّ  ½ (٥) . وهو من السبّاقين إلي رعاية حرمة الحقّ(٦) ، والدفاع عن "خلافة الحقّ" و"حقّ الخلافة" وإمامة الإمام أمير المؤمنين  ¼ بعد رسول الله  ½ (٧) .

وكان من صحابة الإمام  ¼ المقرّبين وحماته الثابتين فى أيّام خلافته  ¼ . ولاّه  ¼ علي مصر(٨) ، فاستطاع بحنكته أن يُسكت المعارضين ويقضى علي جذور المؤامرة(٩) .


(١) الاستيعاب : ٣ / ٣٥٠ / ٢١٥٨ ، اُسد الغابة : ٤ / ٤٠٤ / ٤٣٥٤ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٢ / ٢١ .
(٢) تاريخ الإسلام للذهبى : ٤ / ٢٩٠ ، البداية والنهاية : ٨ / ٩٩ وراجع اُسد الغابة : ٤ / ٤٠٤ / ٤٣٥٤ .
(٣) تاريخ بغداد : ١ / ١٧٨ / ١٧ وفيه "كان شجاعاً ، بطلا ، كريماً ، سخيّاً" ، الكامل للمبرّد : ٢ / ٦٤١ وفيه "كان شجاعاً ، جواداً ، سيّداً" .
(٤) تهذيب الكمال : ٢٤ / ٤٣ / ٤٩٠٦ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٧٨ / ١٧ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٤ / ٢٩٠ ، الاستيعاب : ٣ / ٣٥١ / ٢١٥٨ ، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٤١٠ ـ ٤٢٢ .
(٥) تاريخ بغداد : ١ / ١٧٨ / ١٧ ، تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٥٢ وفيه "كان صاحب راية الأنصار مع رسول الله  ½ " ، الاستيعاب : ٣ / ٣٥٠ / ٢١٥٨ ، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٤٠١ وص ٤٠٣ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٣ / ٢١ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٤ / ٢٩٠ .
(٦) رجال الكشّى : ١ / ١٨٥ / ٧٨ .
(٧) رجال البرقى : ٦٥ .
(٨) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٧٩ ; الطبقات الكبري : ٦ / ٥٢ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥٢ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٧٨ / ١٧ .
(٩) الغارات : ١ / ٢١٢ ; تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٤٩ و٥٥٠ وج ٥ / ٩٤ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٥٤ ، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٤٢٥ .

 ٢٥٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

حاول معاوية آنذاك أن يعطفه إليه ، بَيْدَ أنّه خاب ولم يُفلح . وبعد مدّة استدعاه الإمام  ¼ وأشخص مكانه محمّد بن أبى بكر لحوادث وقعت يومئذ(١) .

وكان قيس قائداً لشرطة الخميس(٢) ، وأحد الاُمراء فى صفّين ، إذ ولى رجّالة البصرة فيها(٣) .

تولّي قيادة الأنصار عند احتدام القتال(٤) وكان حضوره فى الحرب مهيباً . وخطبه فى تمجيد شخصيّة الإمام  ¼ ، ورفعه علم الطاعة لأوامره  ¼ ، وحثّ اُولى الحقّ وتحريضهم علي معاوية ، كلّ ذلك كان أمارة علي وعيه العميق ، وشخصيّته الكبيرة ، ومعرفته بالتيّارات السياسيّة والاجتماعيّة والاُمور الجارية ، وطبيعة الوجوه يومذاك(٥) .

ولاّه الإمام  ¼ علي أذربيجان(٦) . وشهد قيس معه صفّين والنهروان(٧) ، وكان علي ميمنة الجيش(٨) .

ولمّا عزم الإمام  ¼ علي قتال معاوية بعد النهروان ، ورأي حاجة الجيش إلي


(١) الطبقات الكبري : ٦ / ٥٢ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥٢ ، الاستيعاب : ٣ / ٣٥٠ / ٢١٥٨ ، اُسد الغابة : ٤ / ٤٠٥ / ٤٣٥٤ .
(٢) الطبقات الكبري : ٦ / ٥٢ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٩٥ وص ١٥٨ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤١٠ ، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٤٢٨ ; رجال الكشّى : ١ / ٣٢٦ / ١٧٧ وفيه "صاحب شرطة الخميس" .
(٣) وقعة صفّين : ٢٠٨ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١١ ، البداية والنهاية : ٧ / ٢٦١ .
(٤) وقعة صفّين : ٤٥٣ .
(٥) وقعة صفّين : ٩٣ وص ٤٤٦ ـ ٤٤٩ .
(٦) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٢ ، الغارات : ١ / ٢٥٧ ; أنساب الأشراف : ٣ / ٢٧٨ .
(٧) تاريخ بغداد : ١ / ١٧٨ / ١٧ ، الاستيعاب : ٣ / ٣٥٠ / ٢١٥٨ ، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٤٠٣ .
(٨) تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٤٩ .

 ٢٥٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

قائد شجاع مجرَّب متحرّس أرسل إليه ليشهد معه الحرب(١) .

وفى آخر تعبئة للجيش من أجل حرب المفسدين والمعتدين ، صعد الإمام  ¼ علي حجارة وخطب خطبة كلّها حرقة وألم ، وذكر الشجعان من جيشه ـ ويبدو أنّ هذه الخطبة كانت آخر خطبة له ـ ثمّ أمّر قيساً علي عشرة آلاف . كما عقد للإمام الحسين  ¼ علي عشرة آلاف ، ولأبى أيّوب الأنصارى علي عشرة آلاف ، ومن المؤسف أنّ الجيش قد تخلخل وضعه بعد استشهاده  ¼ (٢) .

وكان قيس أوّل من بايع الإمام الحسن  ¼ بعد استشهاد أمير المؤمنين  ¼ ، ودعا الناس إلي بيعته من خلال خطبة واعية له(٣) . وكان علي مقدّمة جيشه  ¼ (٤) . ولمّا كان عبيد الله بن العبّاس أحد اُمراء الجيش ، كان قيس مساعداً له ، وحين فرّ عبيد الله إلي معاوية صلّي قيس بالناس الفجر ، ودعا المصلّين إلي الجهاد والثبات والصمود ، ثمّ أمرهم بالتحرّك(٥) .

وبعد عقد الصلح بايع قيس معاوية بأمر الإمام  ¼ (٦) . فكرّمه معاوية ، وأثني عليه(٧) .


(١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٣ ; أنساب الأشراف : ٣ / ٢٣٨ .
(٢) نهج البلاغة : الخطبة ١٨٢ .
(٣) أنساب الأشراف : ٣ / ٢٧٨ .
(٤) الطبقات الكبري : ٦ / ٥٣ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ١٥٩ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٤٥ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٧٨ / ١٧، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٤٠٣ وفيهما "كان مع الحسن بن علىّ علي مقدّمته بالمدائن" .
(٥) مقاتل الطالبيّين : ٧٣ .
(٦) رجال الكشّى : ١ / ٣٢٦ / ١٧٧ ; اُسد الغابة : ٤ / ٤٠٥ / ٤٣٥٤ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٧٨ / ١٧، مقاتل الطالبيّين : ٧٩ ، شرح نهج البلاغة : ١٦ / ٤٨ .
(٧) سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٢ / ٢١ .

 ٢٥٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

وعُدَّ قيس أحد الخمسة المشهورين بين العرب بالدهاء(١) . وفارق قيس الحياة فى السنين الأخيرة من حكومة معاوية(٢) .

٦٦٥٧ ـ سير أعلام النبلاء عن عمرو بن دينار : كان قيس بن سعد رجلاً ضخماً ، جسيماً ، صغير الرأس ، ليست له لحية ، إذا ركب حماراً خطّت رجلاه الأرض(٣) .

٦٦٥٨ ـ اُسد الغابة عن ابن شهاب : كان قيس بن سعد يحمل راية الأنصار مع النبىّ  ½ . قيل : إنّه كان فى سريّة فيها أبو بكر وعمر ، فكان يستدين ويطعم الناس ، فقال أبو بكر وعمر : إن تركنا هذا الفتي أهلك مال أبيه ، فمشيا فى الناس ، فلمّا سمع سعد قام خلف النبىّ  ½ فقال : من يعذرنى من ابن أبى قحافة وابن الخطّاب ؟ يُبخّلان علىَّ ابنى(٤) .

٦٦٥٩ ـ تاريخ بغداد عن عروة : باع قيس بن سعد مالاً من معاوية بتسعين ألفاً ، فأمر منادياً فنادي فى المدينة : من أراد القرض فليأتِ منزل سعد . فأقرض أربعين أو خمسين ، وأجاز بالباقى ، وكتب علي من أقرضه صكّاً ، فمرض مرضاً قلّ عوّاده ، فقال لزوجته قريبة بنت أبى قحافة ـ اُخت أبى بكر ـ : يا قريبة ، لِمَ ترين قلّ عوّادى ؟


(١) التاريخ الصغير : ١ / ١٣٧ ، تهذيب الكمال : ٢٤ / ٤٤ / ٤٩٠٦ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ١٦٤ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٤٨ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٨ / ٢١ .
(٢) الطبقات الكبري : ٦ / ٥٣ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٧٢ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٧٩ / ١٧، الاستيعاب : ٣ / ٣٥١ / ٢١٥٨ ، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٤٠٣ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ١١٢ / ٢١ .
(٣) سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٣ / ٢١ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٤ / ٢٩٠ ، تهذيب الكمال : ٢٤ / ٤٢ / ٤٩٠٦ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٧٨ / ١٧ وفيه "له لحية ، وأشار سفيان إلي ذقنه" ، البداية والنهاية : ٨ / ١٠٢ وفيه "له لحية فى ذقنه" .
(٤) اُسد الغابة : ٤ / ٤٠٤ / ٤٣٥٤ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٤ / ٢٩٠ ، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٤١٥ و٤١٦ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٦ / ٢١ .

 ٢٥٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

قالت : للذى لك عليهم من الدَّين .

فأرسل إلي كلّ رجل بصكّه(١) .

٦٦٦٠ ـ الاستيعاب : من مشهور أخبار قيس بن سعد بن عبادة : أنّه كان له مال كثير ديوناً علي الناس ، فمرض واستبطأ عوّاده ، فقيل له : إنّهم يستحيون من أجل دَينك ، فأمر منادياً ينادى : من كان لقيس بن سعد عليه دَين فهو له ، فأتاه الناس حتي هدموا درجة كانوا يصعدون عليها إليه(٢) .

٦٦٦١ ـ تاريخ الإسلام عن موسي بن عقبة : وقفت علي قيس عجوزٌ ، فقالت : أشكو إليك قلّة الجرذان .

فقال : ما أحسنَ هذه الكناية ! املؤوا بيتها خبزاً ولحماً وسمناً وتمراً(٣) .

٦٦٦٢ ـ شُعب الإيمان عن قيس بن سعد : لولا أنّى سمعت رسول الله  ½ يقول : المكر والخديعة فى النار ، لكنت أمكر هذه الاُمّة(٤) .

٦٦٦٣ ـ تهذيب الكمال عن ابن شهاب : كانوا يعُدُّون دُهاة العرب حين ثارت الفتنة خمسة رَهط ، يقال لهم : ذوو رأى العرب فى مكيدتهم : معاوية بن أبى سفيان وعمرو بن العاص وقيس بن سعد بن عبادة والمغيرة بن شعبة ، ومن


(١) تاريخ بغداد : ١ / ١٧٨ ، تهذيب الكمال : ٢٤ / ٤٣ / ٤٩٠٦ ، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٤١٨ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٦ / ٢١ ، البداية والنهاية : ٨ / ١٠٠ .
(٢) الاستيعاب : ٣ / ٣٥٢ / ٢١٥٨ .
(٣) تاريخ الإسلام للذهبى : ٤ / ٢٩٠ ، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٤١٥ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٦ / ٢١ ، الاستيعاب : ٣ / ٣٥٢ / ٢١٥٨ نحوه ، البداية والنهاية : ٨ / ٩٩ وفيه "فأر بيتى" بدل "الجرذان" .
(٤) شعب الإيمان : ٤ / ٣٢٤ / ٥٢٦٨ ، تهذيب الكمال : ٢٤ / ٤٤ / ٤٩٠٦ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٤ / ٢٩٠ ، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٤٢٣ ، اُسد الغابة : ٤ / ٤٠٥ / ٤٣٥٤ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٧ / ٢١ وفيها "من أمكر" .

 ٢٥٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

المهاجرين عبد الله بن بُديل بن ورقاء الخزاعى . وكان قيس بن سعد وابن بديل مع علىّ(١) .

٦٦٦٤ ـ سير أعلام النبلاء عن أحمد بن البرقى : كان [قيس] صاحب لواء النبىّ  ½ فى بعض مغازيه ، وكان بمصر والياً عليها لعلىّ  ¼ (٢) .

٦٦٦٥ ـ تاريخ الطبرى عن الزهرى : كانت مصر من حين علىّ ، عليها قيس بن سعد بن عبادة ، وكان صاحب راية الأنصار مع رسول الله  ½ ، وكان من ذوى الرأى والبأس ، وكان معاوية بن أبى سفيان وعمرو بن العاص جاهدَين علي أن يُخرجاه من مصر ليغلِبا عليها ، فكان قد امتنع فيها بالدهاء والمكايدة ، فلم يقدرا عليه ، ولا علي أن يفتتحا مصر(٣) .

٦٦٦٦ ـ تاريخ الطبرى عن سهل بن سعد : لمّا قتل عثمان وولى علىّ بن أبى طالب الأمر ، دعا قيس بن سعد الأنصارى فقال له : سر إلي مصر فقد ولّيتُكَها ، واخرج إلي رحلك ، واجمع إليك ثقاتك ومن أحببت أن يصحبك حتي تأتيها ومعك جند ، فإنّ ذلك أرعب لعدوّك وأعزّ لوليّك ، فإذا أنت قدمتها إن شاء الله ، فأحسن إلي المحسن ، واشتدّ علي المريب ، وارفُق بالعامّة والخاصّة ، فإنّ الرفق يُمنٌ .

فقال له قيس بن سعد : رحمك الله يا أمير المؤمنين ، فقد فهمتُ ما قلتَ ، أمّا


(١) تهذيب الكمال : ٢٤ / ٤٤ / ٤٩٠٦ ، التاريخ الصغير : ١ / ١٣٧ نحوه ، تاريخ الطبرى : ٥ / ١٦٤ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٨ / ٢١ كلّها عن الزهرى ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٤٨ ، اُسد الغابة : ٤ / ٤٠٥ / ٤٣٥٤ ، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٤٢٣ .
(٢) سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٣ / ٢١ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٧٨ / ١٧ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٥٤ وفيه "كان صاحب راية الأنصار مع رسول الله  ½ " بدل "كان صاحب لواء النبىّ  ½ فى بعض مغازيه" وراجع الاستيعاب : ٣ / ٣٥٠ / ٢١٥٨ والبداية والنهاية : ٨ / ٩٩ .
(٣) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٥٢ .

 ٢٦٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

قولك : اخرج إليها بجند ، فو الله لئن لم أدخلها إلاّ بجند آتيها به من المدينة لا أدخلها أبداً ، فأنا أدعُ ذلك الجند لك ، فإن أنت احتجت إليهم كانوا منك قريباً ، وإن أردت أن تبعثهم إلي وجه من وجوهك كانوا عُدّة لك ، وأنا أصير إليها بنفسى وأهل بيتى . وأمّا ما أوصيتنى به من الرفق والإحسان ، فإن الله عزّ وجلّ هو المستعان علي ذلك .

قال : فخرج قيس بن سعد فى سبعة نفر من أصحابه حتي دخل مصر(١) .

٦٦٦٧ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى كتاب كتبه لأهل مصر مع قيس بن سعد لمّا ولاّه إمارتها ـ : قد بعثت إليكم قيس بن سعد بن عبادة أميراً ، فوازروه وكانفوه(٢) ، وأعينوه علي الحقّ ، وقد أمرته بالإحسان إلي محسنكم ، والشدّة علي مريبكم ، والرفق بعوامّكم وخواصّكم ، وهو ممّن أرضي هديه ، وأرجو صلاحه ونصيحته . أسأل الله عزّ وجلّ لنا ولكم عملاً زاكياً ، وثواباً جزيلاً ، ورحمة واسعة ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(٣) .

٦٦٦٨ ـ الكامل فى التاريخ : خرج قيس حتي دخل مصر فى سبعة من أصحابه . . . ، فصعد المنبر فجلس عليه ، وأمر بكتاب أمير المؤمنين فقرئ علي أهل مصر بإمارته ، ويأمرهم بمبايعته ومساعدته وإعانته علي الحقّ ، ثمّ قام قيس خطيباً وقال :

الحمد لله الذى جاء بالحقّ وأمات الباطل وكبت الظالمين ، أيّها الناس ، إنّا قد


(١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٤٧ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٥٤ وليس فيه من "و أنا أصير" إلي "المستعان علي ذلك" ; الغارات : ١ / ٢٠٨ .
(٢) كنَفَه : حَفِظه وأعانه (لسان العرب : ٩ / ٣٠٨) .
(٣) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٤٩ عن سهل بن سعد ، البداية والنهاية : ٧ / ٢٥٢ ; الغارات : ١ / ٢٠٩ عن سهل بن سعد .

 ٢٦١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

بايعنا خير من نعلم بعد نبيّنا  ½ ، فقوموا أيّها الناس فبايعوه علي كتاب الله وسنّة رسوله ، فإن نحن لم نعمل لكم بذلك فلا بيعة لنا عليكم .

فقام الناس فبايعوا ، واستقامت مصر ، وبعث عليها عمّاله إلاّ قرية منها يقال لها : خَرنبا ، فيها ناس قد أعظموا قتل عثمان ، عليهم رجل من بنى كنانة ثمّ من بنى مُدلج اسمه يزيد بن الحرث ، فبعث إلي قيس يدعو إلي الطلب بدم عثمان .

وكان مسلمة بن مخلّد قد أظهر الطلب أيضاً بدم عثمان ، فأرسل إليه قيس : ويحك أ علىّ تثب ؟ ! فو الله ما اُحبّ أنّ لى ملك الشام إلي مصر وأنّى قتلتك !

فبعث إليه مسلمة : إنّى كافّ عنك ما دمت أنت والى مصر .

وبعث قيس ، وكان حازماً ، إلي أهل خَرنبا : إنّى لا اُكرهكم علي البيعة وإنّى كافّ عنكم ، فهادنهم وجبي الخراج ليس أحد ينازعه(١) .

٦٦٦٩ ـ أنساب الأشراف عن محمّد بن سيرين : بعث علىٌّ قيس بن سعد بن عبادة أميراً علي مصر ، فكتب إليه معاوية وعمرو بن العاص كتاباً أغلظا فيه وشتماه ، فكتب إليهما بكتاب لطيف قاربهما فيه ، فكتبا إليه يذكران شرفه وفضله ، فكتب إليهما بمثل جوابه كتابهما الأوّل .

فقالا : إنّا لا نطيق مكر قيس بن سعد ، ولكنّا نمكر به عند علىّ ، فبعثا بكتابه الأوّل إلي علىّ ، فلمّا قرأه قال أهل الكوفة : غدر والله قيس فاعزله .

فقال علىّ : ويحكم ، أنا أعلم بقيس إنّه والله ما غدر ولكنّها إحدي فعلاته .

قالوا : فإنّا لا نرضي حتي تعزله ، فعزله وبعث مكانه محمّد بن أبى بكر(٢) .


(١) الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٥٤ ، تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٤٨ وفيه "خربتا" بدل "خَرنبا" فى كلا الموضعين ; الغارات : ١ / ٢١١ وراجع أنساب الأشراف : ٣ / ١٦٢ .
(٢) أنساب الأشراف : ٣ / ١٧٣ .

 ٢٦٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

٦٦٧٠ ـ تاريخ الطبرى عن أبى مخنف : لمّا أيس معاوية من قيس أن يتابعه علي أمره ، شقّ عليه ذلك ; لما يعرف من حزمه وبأسه ، وأظهر للناس قِبله أنّ قيس بن سعد قد تابعكم ، فادعوا الله له ، وقرأ عليهم كتابه الذى لان له فيه وقاربه .

قال : واختلق معاوية كتاباً من قيس بن سعد ، فقرأه علي أهل الشام :

بسم الله الرحمن الرحيم ، للأمير معاوية بن أبى سفيان من قيس بن سعد ، سلام عليك ، فإنّى أحمد إليكم الله الذى لا إله إلاّ هو ، أمّا بعد ، فإنّى لمّا نظرت رأيت أنّه لا يسعنى مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مسلماً محرّماً برّاً تقيّاً ، فنستغفر الله عزّ وجلّ لذنوبنا ، ونسأله العصمة لديننا . ألا وإنّى قد ألقيت إليكم بالسِّلم ، وإنّى أجبتك إلي قتال قَتلة عثمان ، إمام الهدي المظلوم ، فعوّل علىَّ فيما أحببت من الأموال والرجال اُعجّل عليك ، والسلام .

فشاع فى أهل الشام أنّ قيس بن سعد قد بايع معاوية بن أبى سفيان ، فسرّحت عيون علىّ بن أبى طالب إليه بذلك ، فلمّا أتاه ذلك أعظمه وأكبره ، وتعجّب له ، ودعا بنيه ، ودعا عبد الله بن جعفر فأعلمهم ذلك ، فقال : ما رأيكم ؟

فقال عبد الله بن جعفر : يا أمير المؤمنين ، دَع ما يريبك إلي ما لا يريبك ، اعزل قيساً عن مصر .

قال لهم علىّ : إنّى والله ما اُصدّق بهذا علي قيس .

فقال عبد الله : يا أمير المؤمنين ، اعزله ، فو الله لئن كان هذا حقّاً لا يعتزل لك إن عزلته(١) .

٦٦٧١ ـ تاريخ الطبرى عن أبى مخنف : جاء كتاب من قيس بن سعد فيه : بسم الله


(١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٥٣ ; الغارات : ١ / ٢١٥ وراجع الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٥٥ وأنساب الأشراف : ٣ / ١٦٣ .

 ٢٦٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

الرحمن الرحيم ، أمّا بعد ، فإنّى اُخبر أمير المؤمنين أكرمه الله أنّ قِبلى رجالاً معتزلين قد سألونى أن أكفّ عنهم ، وأن أدعهم علي حالهم حتي يستقيم أمر الناس ، فنري ويروا رأيهم ، فقد رأيت أن أكفّ عنهم ، وألاّ أتعجّل حربهم ، وأن أتألّفهم فيما بين ذلك لعلّ الله عزّ وجلّ أن يُقبل بقلوبهم ، ويفرّقهم عن ضلالتهم ، إن شاء الله .

فقال عبد الله بن جعفر : يا أمير المؤمنين ، ما أخوفنى أن يكون هذا ممالأة لهم منه ، فمُره يا أمير المؤمنين بقتالهم ، فكتب إليه علىّ :

بسم الله الرحمن الرحيم ، أمّا بعد ، فسر إلي القوم الذين ذكرت ، فإن دخلوا فيما دخل فيه المسلمون وإلاّ فناجزهم ، إن شاء الله .

فلمّا أتي قيس بن سعد الكتاب فقرأه ، لم يتمالك أن كتب إلي أمير المؤمنين :

أمّا بعد يا أمير المؤمنين ، فقد عجبت لأمرك ، أ تأمرنى بقتال قوم كافّين عنك ، مُفرّغيك لقتال عدوّك ؟ ! وإنّك متي حاربتهم ساعدوا عليك عدوّك ، فأطعنى يا أمير المؤمنين ، واكفُف عنهم ، فإنّ الرأى تركهم ، والسلام . . .

فبعث علىٌّ محمّد بن أبى بكر علي مصر وعزل عنها قيساً(١) .

٦٦٧٢ ـ تاريخ الطبرى عن كعب الوالبى : إنّ عليّاً كتب معه [أى محمّد بن أبى بكر ]إلي أهل مصر كتاباً ، فلمّا قدم به علي قيس ، قال له قيس : ما بال أمير المؤمنين ؟ ! ما غيّره ؟ أدخل أحد بينى وبينه ؟

قال له : لا ، وهذا السلطان سلطانك !

قال : لا ، والله لا اُقيم معك ساعة واحدة . وغضب حين عزله ، فخرج منها مقبلاً إلي المدينة ، فقدمها ، فجاءه حسّان بن ثابت شامتاً به ـ وكان حسّان


(١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٥٤ ; الغارات : ١ / ٢١٨ و٢١٩ وراجع أنساب الأشراف : ٣ / ١٦٣ .

 ٢٦٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

عثمانيّاً ـ فقال له : نزعك علىّ بن أبى طالب ، وقد قتلت عثمان فبقى عليك الإثم ، ولم يحسن لك الشكر !

فقال له قيس بن سعد : يا أعمي القلب والبصر ، والله لولا أن اُلقِىَ بين رهطى ورهطك حرباً لضربت عنقك ، اخرج عنّى .

ثمّ إنّ قيساً خرج هو وسهل بن حنيف حتي قدما علي علىّ ، فخبّره قيس فصدّقه علىّ ، ثمّ إنّ قيساً وسهلاً شهدا مع علىّ صفّين(١) .

٦٦٧٣ ـ سير أعلام النبلاء عن الزهرى : قدم قيس المدينة فتوامر(٢) فيه الأسود بن أبى البخترى ومروان أن يُبيّتاه ، وبلغ ذلك قيساً ، فقال : والله إنّ هذا لقبيح أن اُفارق عليّاً وإن عزلنى ، والله لألحقنّ به .

فلحق به ، وحدّثه بما كان يعتمد بمصر . فعرف علىّ أنّ قيساً كان يدارى أمراً عظيماً بالمكيدة ، فأطاع علىٌّ قيساً فى الأمر كلّه ، وجعله علي مقدّمة جيشه(٣) .

٦٦٧٤ ـ الغارات عن المدائنى عن أصحابه : فسدت مصر علي محمّد بن أبى بكر ، فبلغ عليّاً توثّبهم عليه ، فقال : ما لمصر إلاّ أحد الرجلين : صاحبنا الذى عزلناه عنها بالأمس ـ يعنى قيس بن سعد ـ أو مالك بن الحارث الأشتر .

وكان علىّ  ¼ حين رجع عن صفّين قد ردّ الأشتر إلي عمله بالجزيرة ، وقال لقيس بن سعد : أقم أنت معى علي شرطتى حتي نفرغ من أمر هذه الحكومة ، ثمّ


(١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٥٥ ، أنساب الأشراف : ٣ / ١٦٤ نحوه ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٥٦ ; الغارات : ١ / ٢١٩ ـ ٢٢٢ .
(٢) آمَرَه فى أمْرِه ووامَرَه واستَأمَرَه : شاوَرَه (لسان العرب : ٤ / ٣٠) .
(٣) سير أعلام النبلاء : ٣ / ١١٠ / ٢١ ، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٤٢٨ وفيه "و جعله مقدّمة أهل العراق علي شرطة الخميس الذين كانوا يبايعون للموت" .

 ٢٦٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

اُخرج إلي أذربيجان ، فكان قيس مقيماً علي شرطته(١) .

٦٦٧٥ ـ الإمام علىّ ـ فى كتابه إلي قيس بن سعد بن عبادة وهو علي أذربيجان ـ : أمّا بعد ، فأقبل علي خراجك بالحقّ وأحسن إلي جندك بالإنصاف وعلِّم من قبلك ممّا علّمك الله ، ثمّ إنّ عبد الله بن شبيل الأحمسى سألنى الكتاب إليك فيه بوصايتك به خيراً ، فقد رأيته وادعاً متواضعاً ، فألن حجابك وافتح بابك واعمد إلي الحقّ فإن وافق الحقّ ما يحبو أسرّه ³ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ  ²  (٢) (٣) .

٦٦٧٦ ـ تاريخ اليعقوبى عن غياث : ولمّا أجمع علىٌّ القتال لمعاوية كتب أيضاً إلي قيس : أمّا بعد ، فاستعمل عبد الله بن شبيل الأحمسى خليفة لك ، وأقبل إلىَّ ، فإنّ المسلمين قد أجمع ملؤهم وانقادت جماعتهم ، فعجّل الإقبال ، فأنا سأحضرنّ إلي المحلّين عند غرّة الهلال ، إن شاء الله ، وما تأخّرى إلاّ لك ، قضي الله لنا ولك بالإحسان فى أمرنا كلّه(٤) .

٦٦٧٧ ـ تاريخ الطبرى عن الزهرى : جعل علىّ  ¼ قيس بن سعد علي مقدّمته من أهل العراق إلي قبل أذربيجان ، وعلي أرضها ، وشرطة الخميس الذى ابتدعه من العرب ، وكانوا أربعين ألفاً ، بايعوا عليّاً  ¼ علي الموت ، ولم يزل قيس يدارئ ذلك البعث حتي قُتل علىّ  ¼ (٥) .

٦٦٧٨ ـ وقعة صفّين عن قيس بن سعد ـ قبل حرب صفّين ـ : يا أمير المؤمنين ،


(١) الغارات : ١ / ٢٥٦ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٩٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤١٠ .
(٢) ص : ٢٦ .
(٣) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٢ وراجع أنساب الأشراف : ٢ / ٣٨٩ .
(٤) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٣ ; أنساب الأشراف : ٣ / ٢٣٨ عن عوانة نحوه .
(٥) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٥٨ .

 ٢٦٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

انكمش بنا إلي عدوّنا ولا تعرِّد(١) ، فو الله لجهادهم أحبّ إلىَّ من جهاد الترك والروم ; لإدهانهم فى دين الله ، واستذلالهم أولياء الله من أصحاب محمّد  ½ من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان .

إذا غضبوا علي رجل حبسوه أو ضربوه أو حرموه أو سيّروه ، وفيئُنا لهم فى أنفسهم حلال ، ونحن لهم ـ فيما يزعمون ـ قَطين(٢) (٣) .

٦٦٧٩ ـ تاريخ اليعقوبى : أتاه [معاويةَ] قيسُ بن سعد بن عبادة فقال : بايع قيس !

قال : إن كنت لأكره مثل هذا اليوم ، يا معاوية .

فقال له : مه ، رحمك الله ! فقال : لقد حرصت أن اُفرّق بين روحك وجسدك قبل ذلك ، فأبي الله ، يابن أبى سفيان ، إلاّ ما أحبّ . قال : فلا يُردّ أمر الله .

قال : فأقبل قيس علي الناس بوجهه ، فقال : يا معشر الناس ، لقد اعتضتم الشرّ من الخير ، واستبدلتم الذلّ من العزّ ، والكفر من الإيمان ، فأصبحتم بعد ولاية أمير المؤمنين ، وسيّد المسلمين ، وابن عمّ رسول ربّ العالمين ، وقد وليكم الطليق ابن الطليق يسومكم الخسف ، ويسير فيكم بالعسف ، فكيف تجهل ذلك أنفسكم ، أم طبع الله علي قلوبكم ، وأنتم لا تعقلون ؟

فجثا معاوية علي ركبتيه ، ثمّ أخذ بيده وقال : أقسمت عليك ! ثمّ صفق علي كفّه ، ونادي الناس : بايع قيس !

فقال : كذبتم ، والله ، ما بايعت(٤) .


(١) التَّعْرِيدُ : الفِرارُ ، وقيل سرعةُ الذهاب فى الهزيمة (لسان العرب : ٣ / ٢٨٨) .
(٢) القطين : الخدم والأتباع والحشم والمماليك (لسان العرب : ١٣ / ٣٤٣) .
(٣) وقعة صفّين : ٩٣ .
(٤) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢١٦ وراجع تاريخ دمشق : ٤٩ / ٣٩٩ .