٢٢٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر
٧٢ عمّار بن ياسر بن عامر المَذْحِجىُّ ، أبو اليقظان ، واُمّه سميّة ، وهى أوّل من استشهد فى سبيل الله . من السابقين إلي الإيمان والهجرة ، ومن الثابتين الراسخين فى العقيدة ; فقد تحمّل تعذيب المشركين مع أبوَيه منذ الأيّام الاُولي لبزوغ شمس الإسلام ، ولم يداخله ريب فى طريق الحقّ لحظة واحدة(١) . شهد له رسول الله ½ بأنّه يزول مع الحقّ ، وأنّه الطيّب المطيَّب وأنّه مُلئ إيماناً . وأكّد أنّ النار لا تمسّه أبداً . وهو ممّن حرس ـ بعد رسول الله ½ ـ "خلافة الحقّ" و"حقّ الخلافة" ، ولم يَنكُب عن الصراط المستقيم قطّ(٢) ، وصلّي مع أمير المؤمنين ¼ علي جنازة السيّدة المطهّرة فاطمة الزهراء (ع) (٣) ، وظلّ ملازماً للإمام صلوات الله عليه . ولى الكوفة مدّةً فى عهد عمر(٤) . وكان قائداً للجيوش فى فتح بعض الأقاليم(٥) . ولمّا حكم عثمان كان من المعارضين له بجدٍّ(٦) . وانتقد سيرته مراراً ، (١) الطبقات الكبري : ٣ / ٢٤٦ وص ٢٤٩ ، أنساب الأشراف : ١ / ١٨٠ ـ ١٨٢ ، تهذيب الكمال : ٢١/٢١٦/٤١٧٤، اُسد الغابة: ٤/١٢٢/٣٨٠٤ ، سير أعلام النبلاء : ١/٤٠٦/٨٤ ; الجمل : ١٠٢/١ . ٢٢٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر
حتي همّ بنفيه إلي الربذة لولا تدخّل الإمام أمير المؤمنين ¼ ، إذ حال دون تحقيق هدفه(١) . ضُرب بأمر عثمان لصراحته ، وفعل به ذلك أيضاً عثمان نفسه ، وظلّ يعانى من آثار ذلك الضرب إلي آخر عمره(٢) . وكان لاشتراكه الفعّال فى حرب الجمل ، وتصدّيه لقيادة الخيّالة فى جيش الإمام ¼ مظهر عظيم(٣) . كما تولّي فى صفّين قيادة رجّالة الكوفة والقرّاء(٤) . تحدّث مع عمرو بن العاص وأمثاله من مناوئى الإمام ¼ فى غير موطن ، وكشف الحقّ بمنطقه البليغ واستدلالاته الرصينة(٥) . وفى صفّين استُشهد هذا الصحابىّ الجليل والنموذج المتألّق(٦) ، فتحقّقت بذلك النبوءة العظيمة لرسول الله ½ ; إذ كان قد خاطبه قائلاً : تقتلك الفئة الباغية(٧) . وكان له من العمر إبّان استشهاده ثلاث وتسعون سنة(٨) . (١) أنساب الأشراف : ٦ / ١٦٩ ، الفتوح : ٢ / ٣٧٨ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٧٣ . ٢٢٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر
نُقل الخبر الغيبى الذى أدلي به النبىّ ½ حول قتل الفئة الباغية عمّارَ بن ياسر بألفاظ متشابهة ، وطرق متعدّدة . وكان الناس ينظرون إلي عمّار بوصفه المقياس فى تمييز الحقّ والباطل . واُثر هذا الحديث بصيغة : "تقتلك الفئة الباغية" ، وبصيغة : "تقتل عمّاراً الفئة الباغية" ، وبصيغة : "تقتله الفئة الباغية" علي لسان سبعة وعشرين من الصحابة ، وهم : أبو سعيد الخدرى ، وعمرو بن العاص ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، ومعاوية ، وأبو هريرة ، وأبو رافع ، وخزيمة بن ثابت ، وأبو اليسر ، وعمّار ، واُمّ سلمة ، وقتادة بن النعمان ، وأبو قتادة ، وعثمان بن عفّان ، وجابر بن سَمُرة ، وكعب بن مالك ، وأنس بن مالك ، وجابر بن عبد الله ، وابن مسعود ، وحذيفة ، وابن عبّاس ، وأبو أيّوب ، وعبد الله بن أبى هذيل ، وعبد الله بن عمر ، وأبو سعد ، وأبو اُمامة ، وزياد بن الفرد ، وعائشة(١) . ٢٢٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر
وصرّح البعض بتواتره كابن عبد البرّ(١) ، والذهبى(٢) ، والسيوطى(٣) . وأثار هذا الحديث مشكلة لمعاوية بعد استشهاد عمّار ، فحاول توجيهه بقوله : ما نحن قتلناه وإنّما قتله مَنْ جاء به(٤) ! فقال الإمام ¼ فى جوابه : فرسول الله ½ إذن قاتلُ حمزة(٥) ! ولا يمكن لهذه الصفحات القليلة أن تفى بحقّ تلك الشخصيّة العظيمة قط . وأترككم مع هذه النصوص من الروايات والتاريخ ، التى بيّنت لنا غيضاً من فيض فيما يرتبط بهذه القمّة الرفيعة شرفاً ، واستقامة ، وحرّيّة . ٦٦٠٦ ـ رسول الله ½ : إنّ الجنّة لتشتاق إلي ثلاثة : علىّ وعمّار وسلمان(٦) . ٦٦٠٧ ـ الإمام علىّ ¼ ـ لرسول الله ½ ـ : يا رسول الله ، إنّك قلت : "إنّ الجنّة لتشتاق إلي ثلاثة" فمن هؤلاء الثلاثة ؟ قال : أنت منهم وأنت أوّلهم ، وسلمان الفارسى ; فإنّه قليل الكبر ، وهو لك ناصح ; فاتّخذْه لنفسك ، وعمّار بن ياسر شهد معك مشاهد غير واحدة ، ليس منها إلاّ وهو فيها كثيرٌ خيرُه ، ضوىّ نوره ، عظيم (١) الاستيعاب : ٣ / ٢٣١ / ١٨٨٣ . ٢٢٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر
أجره(١) . ٦٦٠٨ ـ عنه ¼ : جاء عمّار يستأذن علي النبىّ ½ فقال : ائذنوا له ، مرحباً بالطيّب المطيَّب(٢) . ٦٦٠٩ ـ رسول الله ½ : مُلِئ عمّار إيماناً إلي مُشاشه(٣) (٤) . ٦٦١٠ ـ عنه ½ : ابن سميّة ما عُرض عليه أمران قطّ إلاّ أخذ بالأرشد منهما(٥) . ٦٦١١ ـ عنه ½ : عمّارٌ خلط الله الإيمان ما بين قرنه إلي قدمه ، وخلط الإيمان بلحمه ودمه ، يزول مع الحقّ حيث زال ، وليس ينبغى للنار أن تأكل منه شيئاً(٦) . ٦٦١٢ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى وصف عمّار ـ : ذلك امرؤ خالط الله الإيمان بلحمه (١) رجال الكشّى : ١ / ١٣٧ / ٥٨ عن بريدة الأسلمى ، روضة الواعظين : ٣١٤ وفيه "يشهد" بدل "شهد" . ٢٢٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر
ودمه وشعره وبَشَره ، حيث زال زال معه ، ولا ينبغى للنار أن تأكل منه شيئاً(١) . ٦٦١٣ ـ رسول الله ½ : دم عمّار ولحمه حرام علي النار أن تأكله أو تمسّه(٢) . ٦٦١٤ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى وصف عمّار بن ياسر ـ : . . . ذاك امرؤٌ حرّم الله لحمه ودمه علي النار أن تمسّ شيئاً منهما(٣) . ٦٦١٥ ـ رسول الله ½ : اللهمّ إنّك أولعتهم بعمّار يدعوهم إلي الجنّة ، ويدعونه إلي النار(٤) . ٦٦١٦ ـ عنه ½ : ما لهم ولعمّار ؟ يدعوهم إلي الجنّة ، ويدعونه إلي النار ، وذاك دأب الأشقياء الفجّار(٥) . ٦٦١٧ ـ عنه ½ : يا عمّار بن ياسر ! إن رأيت عليّاً قد سلك وادياً ، وسلك الناس وادياً غيره ، فاسلك مع علىّ ; فإنّه لن يُدْليك فى ردي ، ولن يُخرجك من هدي(٦) . (١) الغارات : ١ / ١٧٧ عن أبى عمرو الكندى ; المعجم الكبير : ٦ / ٢١٤ / ٦٠٤١ عن أبى الأسود وزاذان الكندى نحوه . ٢٣٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر
٦٦١٨ ـ عنه ½ : إذا اختلف الناس كان ابن سميّة مع الحقّ(١) . ٦٦١٩ ـ المستدرك علي الصحيحين عن حبّة العرنى : دخلنا مع أبى مسعود الأنصارى علي حذيفة بن اليمان أسأله عن الفتن ، فقال : دوروا مع كتاب الله حيثما دار ، وانظروا الفئة التى فيها ابن سميّة فاتّبعوها ; فإنّه يدور مع كتاب الله حيثما دار . قال : فقلنا له : ومَن ابن سميّة ؟ قال : عمّار ، سمعت رسول الله ½ يقول له : لن تموت حتي تقتلك الفئة الباغية ، تشرب شربة ضَياح(٢) تكن آخر رزقك من الدنيا(٣) . ٦٦٢٠ ـ الإمام علىّ ¼ : إنِّ امرأً من المسلمين لم يعظم عليه قتل عمّار ، ويدخل عليه بقتله مصيبةٌ موجعة ، لَغيرُ رشيد ، رحم الله عمّاراً يوم أسلم ، ورحم الله عمّاراً يوم قُتل ، ورحم الله عمّاراً يوم يُبعث حيّاً ! لقد رأيت عمّاراً ما يُذكر من أصحاب رسول الله ½ أربعة إلاّ كان الرابع ، ولا خمسة إلاّ كان الخامس ، وما كان أحد من أصحاب محمّد ½ يشكّ فى أنّ عمّاراً قد وجبت له الجنّة فى غير موطن ، ولا اثنين ، فهنيئاً له الجنّة ! عمّار مع الحقّ أين دار ، وقاتِل عمّار فى النار(٤) . (١) تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٧٥ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٤١٦ / ٨٤ كلاهما عن ابن مسعود . ٢٣١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر
٦٦٢١ ـ الأمالى للطوسى عن عمّار : لو لم يبق أحد إلاّ خالف علىّ بن أبى طالب لما خالفته ، ولا زالت يدى مع يده ; وذلك لأنّ عليّاً لم يزَل مع الحقّ منذ بعث الله نبيّه ½ ; فإنّى أشهد أنّه لا ينبغى لأحد أن يُفضِّل عليه أحداً(١) . ٦٦٢٢ ـ أنساب الأشراف عن أبى مخنف : إنّ المقداد بن عمرو وعمّار بن ياسر وطلحة والزبير فى عدّة من أصحاب رسول الله ½ كتبوا كتاباً عدّدوا فيه أحداث عثمان ، وخوّفوه ربّه ، وأعلموه أنّهم مواثبوه إن لم يقلع ، فأخذ عمّار الكتاب وأتاه به ، فقرأ صدراً منه ، فقال له عثمان : أ علىَّ تقدم من بينهم ؟ فقال عمّار : لأنّى أنصحهم لك ، فقال : كذبت يابن سميّة ، فقال : أنا والله ابن سميّة وابن ياسر . فأمر غلماناً له فمدّوا بيديه ورجليه ، ثمّ ضربه عثمان برجليه وهى فى الخفّين علي مذاكيره ، فأصابه الفتق ، وكان ضعيفاً كبيراً ، فغُشى عليه(٢) . ٦٦٢٣ ـ أنساب الأشرف عن أبى مخنف : كان فى بيت المال بالمدينة سَفَط(٣) فيه حلى وجوهر ، فأخذ منه عثمان ما حلّي به بعض أهله ، فأظهر الناس الطعن عليه فى ذلك وكلّموه فيه بكلام شديد حتي أغضبوه ، فخطب فقال : لنأخذنّ حاجتنا من هذا الفىء وإنْ رغِمَتْ اُنوف أقوام . فقال له علىّ : إذاً تُمنع من ذلك ويُحال بينك وبينه . وقال عمّار بن ياسر : اُشهد الله أنّ أنفى أوّل راغم من ذلك ، فقال عثمان : أ علىَّ يابن المَتْكاء(٤) تجترئ ؟ خذوه ، فاُخذ ودخل عثمان فدعا به فضربه حتي غُشى (١) الأمالى للطوسى : ٧٣١ / ١٥٣٠ . ٢٣٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر
عليه ، ثمّ اُخرج فحُمل حتي اُتى به منزل اُمّ سلمة زوج رسول الله ½ ، فلم يصلّ الظهر والعصر والمغرب ، فلمّا أفاق توضّأ وصلّي ، وقال : الحمد لله ، ليس هذا أوّل يوم اُوذينا فيه فى الله . . . وبلغ عائشة ما صنع بعمّار ، فغضبت وأخرجت شعراً من شعر رسول الله ½ ، وثوباً من ثيابه ، ونعلاً من نعاله ، ثمّ قالت : ما أسرع ما تركتم سنّة نبيّكم ، وهذا شعره وثوبه ونعله ولم يَبْلَ بعدُ ! فغضب عثمان غضباً شديداً حتي ما دري ما يقول(١) . ٦٦٢٤ ـ تاريخ اليعقوبى : لمّا بلغ عثمان وفاة أبى ذرّ ، قال : رحم الله أبا ذرّ ! قال عمّار : نعم ! رحم الله أبا ذرّ من كلّ أنفسنا ، فغلظ ذلك علي عثمان . وبلغ عثمان عن عمّار كلام ، فأراد أن يُسيّره أيضاً ، فاجتمعت بنو مخزوم إلي علىّ بن أبى طالب ، وسألوه إعانتهم ، فقال علىّ : لا ندع عثمان ورأيه . فجلس عمّار فى بيته ، وبلغ عثمان ما تكلّمت به بنو مخزوم ، فأمسك عنه(٢) . ٦٦٢٥ ـ الكامل فى التاريخ : خرج عمّار بن ياسر علي الناس فقال : اللهمّ إنّك تعلم أنّى لو أعلم أنّ رضاك فى أن أقذف بنفسى فى هذا البحر لفعلته . اللهمّ إنّك تعلم أنّى لو أعلم أنّ رضاك فى أن أضع ظُبة(٣) سيفى فى بطنى ثمّ أنحنى عليها حتي تخرج من ظهرى لفعلته . وإنّى لا أعلم اليوم عملاً هو أرضي لك من جهاد هؤلاء الفاسقين ، ولو أعلم عملاً هو أرضي لك منه لفعلته . (١) أنساب الأشرف : ٦ / ١٦١ . ٢٣٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر
والله إنّى لأري قوماً ليضربُنّكم ضرباً يرتاب منه المبطلون ، وايم الله لو ضربونا حتي يبلغوا بنا سعفات هَجَر ، لعلمت أنّا علي الحقّ وأنّهم علي الباطل . ثمّ قال : من يبتغى رضوان الله ربّه ولا يرجع إلي مال ولا ولد ؟ فأتاه عصابة ، فقال : اقصدوا بنا هؤلاء القوم الذين يطلبون دم عثمان ، والله ما أرادوا الطلب بدمه ولكنّهم ذاقوا الدنيا واستحبّوها ، وعلموا أنّ الحقّ إذا لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرّغون فيه منها ، ولم يكن لهم سابقة يستحقّون بها طاعة الناس والولاية عليهم ، فخدعوا أتباعهم وإن قالوا : إمامنا قُتل مظلوماً ، ليكونوا بذلك جبابرة ملوكاً ، فبلغوا ما ترون ، فلولا هذه ما تبعهم من الناس رجلان . اللهمّ إن تنصرنا فطالما نصرت ، وإن تجعل لهم الأمر فادّخر لهم بما أحدثوا فى عبادك العذابَ الأليم(١) . ٦٦٢٦ ـ رجال الكشّى عن حمران بن أعين عن الإمام الباقر ¼ : قلت : ما تقول فى عمّار ؟ قال : رحم الله عمّاراً ، ثلاثاً ! قاتل مع أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله ، وقُتل شهيداً . قلت فى نفسى : ما تكون منزلة أعظم من هذه المنزلة ؟ فالتفت إلىَّ ، فقال : لعلّك تقول مثل الثلاثة ! هيهات ! قلت : وما علمه أنّه يُقتل فى ذلك اليوم ؟ قال : إنّه لمّا رأي الحرب لا تزداد إلاّ شدّة ، والقتل لا يزداد إلاّ كثرة ، ترك الصفّ وجاء إلي أمير المؤمنين ¼ ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هو هو ؟ قال : ارجع إلي صفّك ، فقال له ذلك ثلاث مرّات ، كلّ ذلك يقول له : ارجع إلي صفّك ، فلمّا أن ٢٣٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمّارُ بنُ ياسر
كان فى الثالثة قال له : نعم . فرجع إلي صفّه وهو يقول : اليوم ألقي الأحبّة ، محمّداً وحزبه(١) . ٦٦٢٧ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى الديوان المنسوب إليه ممّا أنشده فى شهادة عمّار ـ :
٦٦٢٨ ـ رسول الله ½ : بشّرْ قاتل ابن سميّة بالنار(٣) . ٦٦٢٩ ـ عنه ½ ـ فى عمّار ـ : إنّ قاتله وسالبه فى النار(٤) . ٦٦٣٠ ـ عنه ½ : ويح عمّار ! تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم إلي الجنّة ويدعونه إلي النار(٥) . ٦٦٣١ ـ المناقب لابن شهر آشوب : كثر أصحاب الحديث علي شريك(٦) ، وطالبوه بأنّه يُحدّثهم بقول النبىّ ½ : "تقتلك الفئة الباغية" فغضب وقال : أ تدرون أن لا فخر لعلىّ أن يُقتل معه عمّار ، إنّما الفخر لعمّار أن يُقتل مع (١) رجال الكشّى : ١ / ١٢٦ / ٥٦ ، روضة الواعظين : ٣١٣ وراجع البداية والنهاية : ٧ / ٢٦٨ و٢٦٩ . ٢٣٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عُمَرُ بنُ أبى سَلَمَة
علىّ ¼ (١) . ٦٦٣٢ ـ الكامل فى التاريخ : إنّ أبا الغارية قتل عمّاراً وعاش إلي زمن الحجّاج ، ودخل عليه فأكرمه الحجّاج وقال له : أنت قتلت ابن سميّة ـ يعنى عمّاراً ـ ؟ قال : نعم . . . ثمّ سأله أبو الغارية حاجته فلم يُجِبه إليها ، فقال : نوطّئ لهم الدنيا ، ولا يعطونا منها ، ويزعم أنّى عظيم الباع يوم القيامة ! فقال الحجّاج : أجل والله ، من كان ضرسه مثل اُحد ، وفخذه مثل جبل ورقان ، ومجلسه مثل المدينة والربذة إنّه لعظيم الباع يوم القيامة ، والله لو أنّ عمّاراً قتله أهل الأرض كلّهم لدخلوا كلّهم النار(٢) . ٧٣ عمر بن أبى سلمة بن عبد الأسد القرشى المخزومى . ولد قبل الهجرة بعامين أو أكثر(٣) . توفّى أبوه سنة ٣ هـ (٤) ، فانتقل إلي بيت النبىّ ½ مع اُمّه التى أصبحت من أزواج رسول الله ½ (٥) ، فنشأ فى بيت الوحى(٦) . وكانت والدته امرأة جليلة ، (١) المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٢١٧ . إرجاعات
١٣٠ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل التاسع : اشتداد القتال / استشهاد عمّار بن ياسر
٢٣٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عُمَرُ بنُ أبى سَلَمَة
وهى التى أرسلته إلي الإمام أمير المؤمنين ¼ فى معركة الجمل(١) ، ومعه كتاب منها إليه(٢) . ولاّه الإمام ¼ علي البحرين(٣) بعد معركة الجمل ، ثمّ عزله وطلب منه أن يلتحق بعسكر الإمام ¼ فى صفّين(٤) . وتدلّ رسالة الإمام ¼ علي أنّه كان رجلاً أميناً ومجرّباً وجادّاً فى عمله . وأنّ حضوره فى عسكر الإمام ¼ ضدّ ظلمة الشام ضرورى . وكان مع الإمام فى حروبه جميعها(٥) . توفّى عمر سنة ٨٣ هـ (٦) . ٦٦٣٣ ـ تاريخ اليعقوبى : كتب [علىّ ¼ ] إلي عمر بن أبى سلمة المخزومى ، وهو ابن اُمّ سلمة زوج النبىّ ½ ، وكان عامله علي البحرين : أمّا بعد ; فإنّى قد ولّيت النعمان بن العجلان البحرين بلا ذمّ لك ، فأقبِل ، غير ظنين(٧) ، واخرج إليه من عمل ما ولّيت ، فقد أردتُ الشخوص إلي ظلمة أهل الشام وبقيّة الأحزاب ، فأحببت أن تشهد معى لقاءهم ; فإنّك ممّن أستظهر به علي إقامة الدين ونصر الهدي ، جعلنا الله وإيّاك من الذين يعملون بالحقّ وبه يعدلون . فأقبل عمر فشهد معه ، ثمّ انصرف وتبع عليّاً إلي الكوفة ، فمكث معه سنة (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٥١ ، الاستيعاب : ٣ / ٢٤٦ / ١٩٠٣ ، اُسد الغابة : ٤ / ١٧٠ / ٣٨٣٦ . ٢٣٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِيّ
وبعض اُخري(١) . ٦٦٣٤ ـ الفتوح : جاء عمر بن أبى سلمة إلي علىّ ¢ فصار معه ، وكان له فضل وعبادة وعقل ، فأنشأ رجل من أصحاب علىّ ¢ يمدح اُمّ سلمة وهو يقول أبياتاً مطلعها :
٧٤ عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِىّ عمرو بن الحمق بن الكاهن الخزاعى . صحابىّ جليل من صحابة رسول الله ½ (٣) ، وأمير المؤمنين ¼ (٤) ، والإمام الحسن ¼ (٥) . أسلم بعد الحديبية(٦) ، وتعلّم الأحاديث من النبىّ ½ . وكان من الصفوة الذين حرسوا "حقّ الخلافة" بعد رسول الله ½ ; فوقف إلي جانب أمير المؤمنين ¼ بإخلاص(٧) . واشترك فى ثورة المسلمين علي عثمان ، ورفع صوت الحقّ إزاء (١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠١ ، نهج البلاغة : الكتاب ٤٢ ; أنساب الأشراف : ٢ / ٣٨٧ وفيهما كتاب الإمام ¼ فقط . ٢٣٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِيّ
التغيّرات الشاذّة التى حصلت فى هذا العصر(١) . شهد حروب أمير المؤمنين ¼ وساهم فيها بكلّ صلابة وثبات(٢) . وكان ولاؤه للإمام ¼ عظيماً حتي قال له : ليت أنّ فى جُندى مائة مثلك(٣) . أجل ، كان عمرو مهتدياً ، عميق النظر . وكان من بصيرته بحيث يري نفسه فانياً فى علىّ ¼ ، وكان يقول له بإيمان ووعى : ليس لنا معك رأى . وكان عمرو صاحباً لحجر بن عدىّ ورفيق دربه . وصيحاته المتعالية ضدّ ظلم الاُمويّين(٤) هى التى دفعت معاوية إلي الهمّ بقتله . وقتله سنة ٥٠ هـ ، بعد أن كان قد سجن زوجته الكريمة بغية استسلامه(٥) . واُرسل برأسه إلي معاوية(٦) . وهو أوّل رأس فى الإسلام يُحمَل من بلد إلي بلد(٧) . (١) الطبقات الكبري : ٦ / ٢٥ ، أنساب الأشراف : ٦ / ٢١٩ ، تاريخ الطبرى : ٤ / ٣٩٣ ، تهذيب الكمال : ٢١ / ٥٩٧ / ٤٣٥٣ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٩١ ، الاستيعاب : ٣ / ٢٥٨ / ١٩٣١ ، اُسد الغابة : ٤ / ٢٠٦ / ٣٩١٢ وفيهما "هو أحد الأربعة الذين دخلوا عليه الدار" ، مروج الذهب : ٢ / ٣٥٢ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٧٦ . ٢٣٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِيّ
عبّر عنه الإمام أبو عبد الله الحسين ¼ بــ "العبد الصالح الذى أبْلَتْه العبادة" ، وذلك فى رسالته البليغة القارعة التى بعثها إلي معاوية ، ووبّخه فيها لارتكابه جريمة قتله(١) . ٦٦٣٥ ـ الإمام الكاظم ¼ : إذا كان يوم القيامة . . . ينادى مناد : أين حوارى علىّ بن أبى طالب ¼ وصىّ محمّد بن عبد الله رسول الله ؟ فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعى ، ومحمّد بن أبى بكر ، وميثم بن يحيي التمّار مولي بنى أسد ، واُويس القرنى(٢) . ٦٦٣٦ ـ وقعة صفّين ـ فى أحداث ما بعد رفع المصاحف ـ : قام عمرو بن الحمق فقال : يا أمير المؤمنين ! إنّا والله ما أجبناك ولا نصرناك عصبيّة علي الباطل ، ولا أجبنا إلاّ الله عزّ وجلّ ، ولا طلبنا إلاّ الحقّ ، ولو دعانا غيرك إلي ما دعوت إليه لاستشري(٣) فيه اللجاج ، وطالت فيه النجوي ، وقد بلغ الحقّ مقطَعه ، وليس لنا معك رأى(٤) . ٦٦٣٧ ـ وقعة صفّين عن عبد الله بن شريك : قال عمرو بن الحمق : إنّى والله يا أمير المؤمنين ، ما أجبتك ولا بايعتك علي قرابة بينى وبينك ، ولا إرادة مال تؤتينيه ، ولا التماس سلطان يُرفع ذكرى به ، ولكن أحببتك لخصال خمس : إنّك ابن عمّ رسول الله ½ ، وأوّل من آمن به ، وزوج سيّدة نساء الاُمّة فاطمة بنت محمّد ½ ، وأبو الذرّيّة التى بقيت فينا من رسول الله ½ ، وأعظم رجل من (١) رجال الكشّى : ١ / ٢٥٣ / ٩٩ ، الاحتجاج : ٢ / ٩٠ / ١٦٤ ; أنساب الأشراف : ٥ / ١٢٩ نحوه . ٢٤٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِيّ
المهاجرين سهماً فى الجهاد . فلو أنّى كُلِّفت نقل الجبال الرواسى ، ونزح البحور الطوامى(١) حتي يأتى علىَّ يومى فى أمر اُقوِّى به وليّك ، واُوهن به عدوّك ، ما رأيت أنّى قد أدّيت فيه كلّ الذى يحقّ علىَّ من حقّك . فقال أمير المؤمنين علىّ : اللهمّ نوِّر قلبه بالتقي ، واهدِه إلي صراط مستقيم ، ليت أنّ فى جندى مائة مثلك ! فقال حُجر : إذاً والله يا أمير المؤمنين ، صحّ جندُك ، وقلّ فيهم من يغشّك(٢) . ٦٦٣٨ ـ تاريخ الطبرى : ـ فى ذكر طلب زياد ومتابعته أصحابَ حُجْر ـ : فخرج عمرو بن الحمِق ورفاعة بن شدّاد حتي نزلا المدائن ، ثمّ ارتحلا حتي أتيا أرض المَوصِل(٣) ، فأتيا جبلاً فكَمِنا فيه ، وبلغ عامل ذلك الرستاق أنّ رجلين قد كمنا فى جانب الجبل ، فاستنكر شأنهما ـ وهو رجل من همدان يقال له : عبد الله بن أبى بلتعة ـ فسار إليهما فى الخيل نحو الجبل ومعه أهل البلد ، فلمّا انتهي إليهما خرجا . فأمّا عمرو بن الحمِق فكان مريضاً ، وكان بطنه قد سَقَي(٤) ، فلم يكن عنده امتناع ، وأمّا رفاعة بن شدّاد ـ وكان شابّاً قويّاً ـ فوثب علي فرس له جواد ، فقال (١) طما البحر : ارتفع بموجه (النهاية : ٣ / ١٣٩) . ٢٤١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِيّ
له : اُقاتل عنك ؟ قال : وما ينفعنى أن تقاتل ! انجُ بنفسك إن استطعت ، فحمل عليهم ، فأفرجوا له ، فخرج تنفِر به فرسه ، وخرجت الخيل فى طلبه ـ وكان رامياً ـ فأخذ لا يلحقه فارس إلاّ رماه فجرحه أو عقره ، فانصرفوا عنه ، واُخذ عمرو بن الحمق ، فسألوه : من أنت ؟ فقال : من إن تركتموه كان أسلم لكم ، وإن قتلتموه كان أضرّ لكم ، فسألوه ، فأبي أن يُخبرهم ، فبعث به ابن أبى بلتعة إلي عامل الموصل ـ وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفى ـ فلمّا رأي عمرو بن الحمق عرفه ، وكتب إلي معاوية بخبره . فكتب إليه معاوية : إنّه زعم أنّه طعن عثمان بن عفّان تسع طعنات بمشاقص(١) كانت معه ، وإنّا لا نريد أن نعتدى عليه ، فاطعنْه تسع طعنات كما طعن عثمان ، فاُخرج فطُعن تسع طعنات ، فمات فى الاُولي منهنّ أو الثانية(٢) . ٦٦٣٩ ـ تاريخ اليعقوبى : بلغ عبدَ الرحمن بن اُمّ الحكم ـ وكان عامل معاوية علي الموصل ـ مكانُ عمرو بن الحمق الخزاعى ، ورفاعة بن شدّاد ، فوجّه فى طلبهما ، فخرجا هاربين ، وعمرو بن الحمق شديد العلّة ، فلمّا كان فى بعض الطريق لدغت عمراً حيّة ، فقال : الله أكبر ! قال لى رسول الله : "يا عمرو ! ليشترك فى قتلك الجنّ والإنس" ثمّ قال لرفاعة : امض لشأنك ; فإنّى مأخوذ ومقتول . ولحقته رسل عبد الرحمن بن اُمّ الحكم ، فأخذوه وضُربت عنقه ، ونُصب رأسه علي رمح ، وطِيفَ به ، فكان أوّل رأس طيف به فى الإسلام . وقد كان معاوية حبس امرأته بدمشق ، فلمّا أتي رأسه بعث به ، فوُضع فى (١) المشاقص : جمع مِشْقَص ; وهو فصل السهم إذا كان طويلاً غير عريض (النهاية : ٢ / ٤٩٠) . ٢٤٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِيّ
حجرها ، فقالت للرسول : أبلغ معاوية ما أقول : طالبه الله بدمه ، وعجّل له الويل من نقمه ! فلقد أتي أمراً فريّاً ، وقتل بَرّاً نقيّاً ! وكان أوّل من حبس النساء بجرائر الرجال(١) . ٦٦٤٠ ـ الاختصاص : كان عمرو بن الحمق الخزاعى شيعة لعلىّ بن أبى طالب ¼ ، فلمّا صار الأمر إلي معاوية انحاز إلي شهرزور من الموصل وكتب إليه معاوية : أمّا بعد ; فإنّ الله أطفأ النائرة(٢) ، وأخمد الفتنة ، وجعل العاقبة للمتّقين ، ولست بأبعد أصحابك همّة ، ولا أشدّهم فى سوء الأثر صنعاً ، كلّهم قد أسهل بطاعتى ، وسارع إلي الدخول فى أمرى ، وقد بطؤ بك ما بطؤ ، فادخل فيما دخل فيه الناس ، يُمحَ عنك سالف ذنوبك ، ومُحِى داثر حسناتك ، ولعلّى لا أكون لك دون من كان قبلى إن أبقيت واتّقيت ووقيت وأحسنت ، فاقدم علىَّ آمناً فى ذمّة الله وذمّة رسوله ½ ، محفوظاً من حسد القلوب وإحَن الصدور ، وكفي بالله شهيداً . فلم يقدم عليه عمرو بن الحمق ، فبعث إليه من قتله وجاء برأسه ، وبعث به إلي امرأته فوُضع فى حجرها ، فقالت : سترتموه عنّى طويلاً وأهديتموه إلىَّ قتيلاً ! فأهلاً وسهلاً من هديّة غير قالية ولا مقليّة ، بلّغ أيّها الرسول عنّى معاوية ما أقول : طلب الله بدمه ، وعجّل الوبيل من نقمه ! فقد أتي أمراً فريّاً وقتل بارّاً تقيّاً ! فأبلغْ أيّها الرسول معاوية ما قلتُ . فبلّغ الرسول ما قالت ، فبعث إليها ، فقال لها : أنت القائلة ما قلتِ ؟ قالت : نعم ، غير ناكلة عنه ولا معتذرة منه ، قال لها : اُخرجى من بلادى ، قالت : أفعل ، فو الله (١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٣١ . ٢٤٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَمْرُو بنُ مِحْصَن
ما هو لى بوطن ولا أحنُّ فيها إلي سجن ، ولقد طال بها سهرى واشتدّ بها عبرى ، وكثر فيها دَينى من غير ما قرّت به عينى . فقال عبد الله بن أبى سرح الكاتب : يا أمير المؤمنين ! إنّها منافقة فألحقها بزوجها ، فنظرت إليه فقالت : يا من بين لحييه كجثمان الضفدع ، ألا قلت من أنعمك خلعاً وأصفاك كساءً ! إنّما المارق المنافق من قال بغير الصواب ، واتّخذ العباد كالأرباب ، فاُنزل كفره فى الكتاب ! فأومي معاوية إلي الحاجب بإخراجها ، فقالت : وا عجباه من ابن هند ، يشير إلىَّ ببنانه ويمنعنى نوافذ لسانه ، أما والله لأبقرنّه بكلام عتيد كنواقد الحديد ، أو ما أنا بآمنة بنت الشريد(١) . ٦٦٤١ ـ الإمام الحسين ¼ ـ من كتابه إلي معاوية ـ : أ وَلست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله ½ ، العبد الصالح الذى أبلته العبادة فنحل جسمه وصفرت لونه ، بعدما آمنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه ، ما لو أعطيته طائراً لنزل إليك من رأس الجبل ، ثمّ قتلته جرأةً علي ربّك ، واستخفافاً بذلك العهد ؟(٢) ٧٥ عمرو بن محصن بن حرثان الأسدى ، أخو عُكاشَةَ بن محصن . صحابىّ جليل من صحابة النبىّ ½ . شهد اُحداً(٣) . وكان مع أمير المؤمنين ¼ فى معركة (١) الاختصاص : ١٦ وراجع بلاغات النساء : ٨٧ . ٢٤٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / الفَضلُ بنُ العَبّاس
الجمل(١) ، وكان ـ علاوة علي حضوره فيها ـ قد دفع مائة ألف درهم لتجهيز جيش الإمام ¼ . استُشهد فى صفّين(٢) ، فعزّ ذلك علي أمير المؤمنين ¼ وأعرب عن حزنه عليه(٣) . رثاه النجاشى شاعر العراق بقصيدة طويلة ، أثني فيها علي بطولته وأبعاد شخصيّته الكريمة(٤) . ٦٦٤٢ ـ رجال الطوسى : عمرو بن محصن ، يُكنّي أبا اُحيحة ، اُصيب بصفّين ، وهو الذى جهّز أمير المؤمنين ¼ بمائة ألف درهم فى مسيره إلي الجمل(٥) . ٦٦٤٣ ـ وقعة صفّين : كان ابن محصن من أعلام أصحاب علىّ ¼ ، قُتل فى المعركة ، وجزع علىّ ¼ لقتله(٦) . ٧٦ الفضل بن العبّاس بن عبد المطّلب القرشى الهاشمى ، واُمّه اُمّ الفضل لُبابَة بنت الحارث . وهو أكبر ولد العبّاس . عدّ من أصحاب النبىّ ½ والإمام علىّ ¼ . غزا (١) الجمل : ١٠٤ / ٢٠ . ٢٤٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / الفَضلُ بنُ العَبّاس
مع رسول الله مكّة وحنيناً(١) . وثبت يومئذ مع رسول الله ½ حين ولّي الناس منهزمين(٢) . كان فيمن غسل النبىّ وشهد كفنه ودفنه ودخل القبر مع الإمام علىّ ¼ (٣) . كان من جملة المخلصين فى ولائهم للإمام علىّ ¼ ، ومن المدافعين عن حقّه ¼ فى الخلافة(٤) . شارك فى مراسم دفن فاطمة (ع) (٥) . وتوفّى فى سنة ١٨ هـ فى زمن خلافة عمر بن الخطّاب(٦) . ٦٦٤٤ ـ الأخبار الموفّقيّات عن محمّد بن إسحاق : إنّ أبا بكر لمّا بويع افتخرت تيم بن مرّة . قال : وكان عامّة المهاجرين وجلّ الأنصار لا يشكّون أنّ عليّا هو صاحب الأمر بعد رسول الله ½ ، فقال الفضل بن العبّاس : يا معشر قريش وخصوصاً يا بنى تيم ! إنّكم إنّما أخذتم الخلافة بالنبوّة ، ونحن أهلها دونكم ، ولو طلبنا هذا الأمر الذى نحن أهله لكانت كراهة الناس لنا أعظم من كراهتهم لغيرنا ، (١) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٣٠٨ / ٥١٩٦ ، الطبقات الكبري : ٤ / ٥٤ . ٢٤٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قُثَمُ بنُ العَبّاس
حسداً منهم لنا ، وحقداً علينا ، وإنّا لنعلم أنّ عند صاحبنا عهداً هو ينتهى إليه(١) . ٧٧ قُثَم بن العبّاس بن عبد المطلب القرشى الهاشمى ، واُمّه اُمّ الفضل لُبابَة بنت الحارث من أصحاب رسول الله ½ (٢) ، وأخو أحد الحسنين ¤ من الرضاعة(٣) ، أثنوا عليه بالمعرفة القويّة والفضل والفضيلة . ولىَ مكّة(٤) والطائف(٥) طيلة خلافة الإمام أمير المؤمنين ¼ . وصار أمير الحجّ سنة ٣٨ هـ (٦) . وعندما أغار بُسر بن أرطاة علي مكّة ، فرَّ منها(٧) ثمّ عاد إليها بعد خروج بُسر(٨) . كان قُثَم حاضراً فى مسجد الكوفة عندما ضُرب الإمام ¼ ، وهو الذى قبض علي ابن ملجم(٩) . (١) الأخبار الموفّقيّات : ٥٨٠ / ٣٨٠ . ٢٤٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قُثَمُ بنُ العَبّاس
توفّى قُثَم فى فتح سمرقند(١) أيّام معاوية(٢) . ٦٦٤٥ ـ الاستيعاب : كان قُثم بن العبّاس والياً لعلىّ بن أبى طالب علي مكّة ، وذلك أنّ عليّاً لمّا ولى الخلافة عزل خالد بن العاصى بن هشام بن المغيرة المخزومى عن مكّة ، وولاّها أبا قتادة الأنصارى ، ثمّ عزله ، وولّي قُثَم بن العبّاس ، فلم يزل والياً عليها حتي قُتل علىّ § (٣) . ٦٦٤٦ ـ المستدرك علي الصحيحين عن أبى إسحاق : سألت قثم بن العبّاس : كيف ورث علىّ رسول الله ½ دونكم ؟ قال : لأنّه كان أوّلنا به لحوقاً ، وأشدّنا به لزوقاً(٤) . ٦٦٤٧ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتابه إلي قُثَم بن العبّاس عامله علي مكّة ـ : أمّا بعد ، فأقم للناس الحجّ ، وذكّرهم بأيّام الله ، واجلس لهم العصرين ; فأفتِ المستفتى ، وعلّم الجاهل ، وذاكر العالم . ولا يكن لك إلي الناس سفير إلاّ لسانك ، ولا حاجب إلاّ وجهك . ولا تحجبنّ ذا حاجة عن لقائك بها ; فإنّها إن ذيدت عن أبوابك فى أوّل وردها لم تُحمَد فيما بعد علي قضائها . وانظر إلي ما اجتمع عندك من مال الله فاصرفه إلي مَن قِبَلَك من ذوى العيال والمجاعة ، مُصيباً به مواضع الفاقة والخلاّت ، وما فضل عن ذلك فاحمله إلينا لنقسمه فيمن قِبَلَنا . (١) سَمَرْقَند : بلد معروف فى خراسان وهو الآن فى تاجيكستان . ٢٤٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قُدامَةُ بنُ عَجلانِ الأزدِيّ
ومُرْ أهل مكّة ألاّ يأخذوا من ساكن أجراً ; فإنّ الله سبحانه يقول : ³ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ² (١) فالعاكف : المقيم به ، والبادى : الذى يحجّ إليه من غير أهله . وفّقنا الله وإيّاكم لمحابّه ، والسلام(٢) . ٦٦٤٨ ـ الطبقات الكبري : غزا قُثَم خراسان ، وكان عليها سعيد بن عثمان فقال له : أضرب لك بألف سهم ، فقال : لا ، بل اُخمِّس ، ثمّ أعطِ الناس حقوقهم ، ثمّ أعطنى بعدُ ما شئت . وكان قُثم ورعاً فاضلاً ، وتوفّى بسمرقند(٣) . ٧٨ قُدامَةُ بنُ عَجلانِ الأزدِي ّ كان من ولاة الإمام ¼ علي منطقة كَسكَر(٤) . ويُستشفّ من كتاب الإمام ¼ إليه(٥) أنّه كان قد أفرط فى التصرّف ببيت المال ، فانتقده الإمام ¼ علي ذلك . ولم نحصل علي معلومات أكثر حول حياته . ٦٦٤٩ ـ أنساب الأشراف : قدامة بن عجلان عامله [أى علىّ ¼ ] علي كَسْكَر (٦) . (١) الحجّ : ٢٥ . ٢٤٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَرَظَةُ بنُ كَعب الأنصارِيّ
٦٦٥٠ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتابه إلي قدامة بن عجلان عامله علي كسكر ـ : أمّا بعدُ ; فاحمل ما قبلك من مال الله ; فإنّه فىء للمسلمين ، لستَ بأوفر حظّاً فيه من رجل فيهم ، ولا تحسبنّ يابن اُمّ قدامة أنّ مال كسكر مباح لك كمال ورثتَه عن أبيك واُمّك ، فعجّل حمله ، وأعجل فى الإقبال إلينا ، إن شاء الله(١) . ٧٩ قرظة بن كعب بن ثعلبة الأنصارى الخزرجى ، يُكنّي أبا عمر . من صحابة النبىّ ½ (٢) وفقهائهم(٣) . اشترك فى غزوة اُحد وما تلاها من غزوات(٤) . فتح الرى فى زمن عمر(٥) . ولىَ الكوفة(٦) ، وبِهْقُباذات(٧) (٨) ، وخراج ما بين (١) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٨٨ . ٢٥٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَرَظَةُ بنُ كَعب الأنصارِيّ
النهرين فى خلافة الإمام أمير المؤمنين ¼ (١) . كان مع الإمام ¼ فى حروبه(٢) ، وتوفّى فى أيّام خلافة الإمام ¼ بالكوفة فصلّي عليه الإمام ¼ (٣) . ٦٦٥١ ـ الاستيعاب : ولاّه [قَرظَةَ بن كعب الأنصاري] علىُّ بن أبى طالب علي الكوفة ، فلمّا خرج علىّ إلي صفّين حمله معه وولاّها أبا مسعود البدرى(٤) . ٦٦٥٢ ـ الاستيعاب : شهد قرظة بن كعب مع علىّ مشاهده كلّها ، وتوفّى فى خلافته فى دار ابتناها بالكوفة ، وصلّي عليه علىّ بن أبى طالب(٥) . ٦٦٥٣ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتابه إلي قرظة بن كعب ـ : أمّا بعد ، فإنّ قوماً من أهل عملك أتونى ، فذكروا أنّ لهم نهراً قد عفا ودرس ، وأنّهم إن حفروه واستخرجوه عمرت بلادهم ، وقووا علي كلّ خراجهم ، وزاد فىء المسلمين قبلهم ، وسألونى الكتاب إليك لتأخذهم بعمله وتجمعهم لحفره والإنفاق عليه ، ولست أري أن اُجبر أحداً علي عمل يكرهه ، فادعهم إليك ، فإن كان الأمر فى (١) أنساب الأشراف : ٣ / ٢٠٥ . ٢٥١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَنْبَرٌ مَولي أميرِ المُؤمنين
النهر علي ما وصفوا ، فمن أحبّ أن يعمل فمره بالعمل ، والنهر لمن عمله دون من كرهه ، ولأن يعمروا ويقووا أحبّ إلىَّ من أن يضعفوا ، والسلام(١) . ٨٠ قَنْبَرٌ مَولي أميرِ المُؤمنين غلام أمير المؤمنين ¼ ، ومُرافقه . غالباً ما يرِد ذكره بالخير فى أقضية الإمام ¼ (٢) . وكان ملازماً له مقيماً لحدوده ومنفّذاً لأوامره . وذُكر أنّه كان من السابقين الذين عرفوا حقّ أمير المؤمنين ¼ (٣) وثبتوا علي الذود عن حقّ الولاية(٤) . دفع إليه الإمام ¼ لواءً يوم صفّين فى قبال غلام عمرو بن العاص الذى كان قد رفع لواءً(٥) . استدعاه الحجّاج وأمر بقتله ، بسبب وفائه وعشقه الصادق الخالص للإمام علىّ ¼ . وكان عند استشهاده يتلو آيةً من القرآن الكريم أخزي بها الحجّاج وأضرابه(٦) . ٦٦٥٤ ـ الإمام الصادق ¼ : كان قنبر غلام علىّ يحبّ عليّاً ¼ حبّاً شديداً ، فإذا خرج علىّ صلوات الله عليه خرج علي أثره بالسيف ، فرآه ذات ليلة فقال : يا قنبر ما لك ؟ (١) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٩٠ وراجع تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٣ . ٢٥٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَنْبَرٌ مَولي أميرِ المُؤمنين
فقال : جئت لأمشى خلفك يا أمير المؤمنين . قال : ويحك أ مِن أهل السماء تحرسنى أو من أهل الأرض ؟ ! فقال : لا ، بل من أهل الأرض . فقال : إنّ أهل الأرض لا يستطيعون لى شيئاً إلاّ بإذن الله من السماء ، فارجع . فرجع(١) . ٦٦٥٥ ـ الإرشاد : ما رواه أصحاب السيرة من طرق مختلفة : إنّ الحجّاج بن يوسف الثقفى قال ذات يوم : اُحبّ أن اُصيب رجلاً من أصحاب أبى تراب فأتقرّب إلي الله بدمه ! ! فقيل له : ما نعلم أحداً كان أطول صحبةً لأبى تراب من قنبر مولاه ، فبعث فى طلبه فاُتى به ، فقال له : أنت قنبر ؟ قال : نعم . قال : أبو همدان ؟ قال : نعم . قال : مولي علىّ بن أبى طالب ؟ قال : الله مولاى ، وأمير المؤمنين علىّ ولىّ نعمتى . قال : ابرأ من دينه . قال : فإذا برئت من دينه تدلّنى علي دين غيره أفضل منه ؟ فقال : إنّى قاتلك ، فاختر أىّ قتلة أحبّ إليك . قال : قد صيّرت ذلك إليك . قال : ولِمَ ؟ ٢٥٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة
قال : لأنّك لا تقتلنى قتلةً إلاّ قتلتك مثلها ، ولقد خبّرنى أمير المؤمنين ¼ أنّ منيّتى تكون ذبحاً ظلماً بغير حقّ . قال : فأمر به فذُبح(١) . ٦٦٥٦ ـ الإمام الهادى ¼ : إنّ قنبراً مولي أمير المؤمنين ¼ دخل علي الحجّاج بن يوسف ، فقال له : ما الذى كنت تلى من علىّ بن أبى طالب ؟ فقال : كنت اُوضّئهُ . فقال له : ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه ؟ فقال : كان يتلو هذه الآية : ³ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَىْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا اُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ± فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَـلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ² (٢) فقال الحجّاج : أظنّه كان يتأوّلها علينا ؟ قال : نعم . فقال : ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك ؟ قال : إذن اُسعدَ وتشقي . فأمر به(٣) . ٨١ قيس بن سعد بن عبادة الأنصارى الخزرجى الساعدى ، هو أحد الصحابة(٤) (١) الإرشاد : ١ / ٣٢٨ . ٢٥٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة
ومن كبار الأنصار . وكان يحظي باحترام خاصّ بين قبيلته والأنصار وعامّة المسلمين(١) ، وكان شجاعاً ، كريم النفس ، عظيماً ، مطاعاً فى قبيلته(٢) . وكان طويل القامة ، قوىّ الجسم ، معروفاً بالكرم(٣) ، مشهوراً بالسخاء(٤) . حمل اللواء فى بعض حروب النبىّ ½ (٥) . وهو من السبّاقين إلي رعاية حرمة الحقّ(٦) ، والدفاع عن "خلافة الحقّ" و"حقّ الخلافة" وإمامة الإمام أمير المؤمنين ¼ بعد رسول الله ½ (٧) . وكان من صحابة الإمام ¼ المقرّبين وحماته الثابتين فى أيّام خلافته ¼ . ولاّه ¼ علي مصر(٨) ، فاستطاع بحنكته أن يُسكت المعارضين ويقضى علي جذور المؤامرة(٩) . (١) الاستيعاب : ٣ / ٣٥٠ / ٢١٥٨ ، اُسد الغابة : ٤ / ٤٠٤ / ٤٣٥٤ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٢ / ٢١ . ٢٥٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة
حاول معاوية آنذاك أن يعطفه إليه ، بَيْدَ أنّه خاب ولم يُفلح . وبعد مدّة استدعاه الإمام ¼ وأشخص مكانه محمّد بن أبى بكر لحوادث وقعت يومئذ(١) . وكان قيس قائداً لشرطة الخميس(٢) ، وأحد الاُمراء فى صفّين ، إذ ولى رجّالة البصرة فيها(٣) . تولّي قيادة الأنصار عند احتدام القتال(٤) وكان حضوره فى الحرب مهيباً . وخطبه فى تمجيد شخصيّة الإمام ¼ ، ورفعه علم الطاعة لأوامره ¼ ، وحثّ اُولى الحقّ وتحريضهم علي معاوية ، كلّ ذلك كان أمارة علي وعيه العميق ، وشخصيّته الكبيرة ، ومعرفته بالتيّارات السياسيّة والاجتماعيّة والاُمور الجارية ، وطبيعة الوجوه يومذاك(٥) . ولاّه الإمام ¼ علي أذربيجان(٦) . وشهد قيس معه صفّين والنهروان(٧) ، وكان علي ميمنة الجيش(٨) . ولمّا عزم الإمام ¼ علي قتال معاوية بعد النهروان ، ورأي حاجة الجيش إلي (١) الطبقات الكبري : ٦ / ٥٢ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥٢ ، الاستيعاب : ٣ / ٣٥٠ / ٢١٥٨ ، اُسد الغابة : ٤ / ٤٠٥ / ٤٣٥٤ . ٢٥٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة
قائد شجاع مجرَّب متحرّس أرسل إليه ليشهد معه الحرب(١) . وفى آخر تعبئة للجيش من أجل حرب المفسدين والمعتدين ، صعد الإمام ¼ علي حجارة وخطب خطبة كلّها حرقة وألم ، وذكر الشجعان من جيشه ـ ويبدو أنّ هذه الخطبة كانت آخر خطبة له ـ ثمّ أمّر قيساً علي عشرة آلاف . كما عقد للإمام الحسين ¼ علي عشرة آلاف ، ولأبى أيّوب الأنصارى علي عشرة آلاف ، ومن المؤسف أنّ الجيش قد تخلخل وضعه بعد استشهاده ¼ (٢) . وكان قيس أوّل من بايع الإمام الحسن ¼ بعد استشهاد أمير المؤمنين ¼ ، ودعا الناس إلي بيعته من خلال خطبة واعية له(٣) . وكان علي مقدّمة جيشه ¼ (٤) . ولمّا كان عبيد الله بن العبّاس أحد اُمراء الجيش ، كان قيس مساعداً له ، وحين فرّ عبيد الله إلي معاوية صلّي قيس بالناس الفجر ، ودعا المصلّين إلي الجهاد والثبات والصمود ، ثمّ أمرهم بالتحرّك(٥) . وبعد عقد الصلح بايع قيس معاوية بأمر الإمام ¼ (٦) . فكرّمه معاوية ، وأثني عليه(٧) . (١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٣ ; أنساب الأشراف : ٣ / ٢٣٨ . ٢٥٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة
وعُدَّ قيس أحد الخمسة المشهورين بين العرب بالدهاء(١) . وفارق قيس الحياة فى السنين الأخيرة من حكومة معاوية(٢) . ٦٦٥٧ ـ سير أعلام النبلاء عن عمرو بن دينار : كان قيس بن سعد رجلاً ضخماً ، جسيماً ، صغير الرأس ، ليست له لحية ، إذا ركب حماراً خطّت رجلاه الأرض(٣) . ٦٦٥٨ ـ اُسد الغابة عن ابن شهاب : كان قيس بن سعد يحمل راية الأنصار مع النبىّ ½ . قيل : إنّه كان فى سريّة فيها أبو بكر وعمر ، فكان يستدين ويطعم الناس ، فقال أبو بكر وعمر : إن تركنا هذا الفتي أهلك مال أبيه ، فمشيا فى الناس ، فلمّا سمع سعد قام خلف النبىّ ½ فقال : من يعذرنى من ابن أبى قحافة وابن الخطّاب ؟ يُبخّلان علىَّ ابنى(٤) . ٦٦٥٩ ـ تاريخ بغداد عن عروة : باع قيس بن سعد مالاً من معاوية بتسعين ألفاً ، فأمر منادياً فنادي فى المدينة : من أراد القرض فليأتِ منزل سعد . فأقرض أربعين أو خمسين ، وأجاز بالباقى ، وكتب علي من أقرضه صكّاً ، فمرض مرضاً قلّ عوّاده ، فقال لزوجته قريبة بنت أبى قحافة ـ اُخت أبى بكر ـ : يا قريبة ، لِمَ ترين قلّ عوّادى ؟ (١) التاريخ الصغير : ١ / ١٣٧ ، تهذيب الكمال : ٢٤ / ٤٤ / ٤٩٠٦ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ١٦٤ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٤٨ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٨ / ٢١ . ٢٥٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة
قالت : للذى لك عليهم من الدَّين . فأرسل إلي كلّ رجل بصكّه(١) . ٦٦٦٠ ـ الاستيعاب : من مشهور أخبار قيس بن سعد بن عبادة : أنّه كان له مال كثير ديوناً علي الناس ، فمرض واستبطأ عوّاده ، فقيل له : إنّهم يستحيون من أجل دَينك ، فأمر منادياً ينادى : من كان لقيس بن سعد عليه دَين فهو له ، فأتاه الناس حتي هدموا درجة كانوا يصعدون عليها إليه(٢) . ٦٦٦١ ـ تاريخ الإسلام عن موسي بن عقبة : وقفت علي قيس عجوزٌ ، فقالت : أشكو إليك قلّة الجرذان . فقال : ما أحسنَ هذه الكناية ! املؤوا بيتها خبزاً ولحماً وسمناً وتمراً(٣) . ٦٦٦٢ ـ شُعب الإيمان عن قيس بن سعد : لولا أنّى سمعت رسول الله ½ يقول : المكر والخديعة فى النار ، لكنت أمكر هذه الاُمّة(٤) . ٦٦٦٣ ـ تهذيب الكمال عن ابن شهاب : كانوا يعُدُّون دُهاة العرب حين ثارت الفتنة خمسة رَهط ، يقال لهم : ذوو رأى العرب فى مكيدتهم : معاوية بن أبى سفيان وعمرو بن العاص وقيس بن سعد بن عبادة والمغيرة بن شعبة ، ومن (١) تاريخ بغداد : ١ / ١٧٨ ، تهذيب الكمال : ٢٤ / ٤٣ / ٤٩٠٦ ، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٤١٨ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٦ / ٢١ ، البداية والنهاية : ٨ / ١٠٠ . ٢٥٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة
المهاجرين عبد الله بن بُديل بن ورقاء الخزاعى . وكان قيس بن سعد وابن بديل مع علىّ(١) . ٦٦٦٤ ـ سير أعلام النبلاء عن أحمد بن البرقى : كان [قيس] صاحب لواء النبىّ ½ فى بعض مغازيه ، وكان بمصر والياً عليها لعلىّ ¼ (٢) . ٦٦٦٥ ـ تاريخ الطبرى عن الزهرى : كانت مصر من حين علىّ ، عليها قيس بن سعد بن عبادة ، وكان صاحب راية الأنصار مع رسول الله ½ ، وكان من ذوى الرأى والبأس ، وكان معاوية بن أبى سفيان وعمرو بن العاص جاهدَين علي أن يُخرجاه من مصر ليغلِبا عليها ، فكان قد امتنع فيها بالدهاء والمكايدة ، فلم يقدرا عليه ، ولا علي أن يفتتحا مصر(٣) . ٦٦٦٦ ـ تاريخ الطبرى عن سهل بن سعد : لمّا قتل عثمان وولى علىّ بن أبى طالب الأمر ، دعا قيس بن سعد الأنصارى فقال له : سر إلي مصر فقد ولّيتُكَها ، واخرج إلي رحلك ، واجمع إليك ثقاتك ومن أحببت أن يصحبك حتي تأتيها ومعك جند ، فإنّ ذلك أرعب لعدوّك وأعزّ لوليّك ، فإذا أنت قدمتها إن شاء الله ، فأحسن إلي المحسن ، واشتدّ علي المريب ، وارفُق بالعامّة والخاصّة ، فإنّ الرفق يُمنٌ . فقال له قيس بن سعد : رحمك الله يا أمير المؤمنين ، فقد فهمتُ ما قلتَ ، أمّا (١) تهذيب الكمال : ٢٤ / ٤٤ / ٤٩٠٦ ، التاريخ الصغير : ١ / ١٣٧ نحوه ، تاريخ الطبرى : ٥ / ١٦٤ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٨ / ٢١ كلّها عن الزهرى ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٤٨ ، اُسد الغابة : ٤ / ٤٠٥ / ٤٣٥٤ ، تاريخ دمشق : ٤٩ / ٤٢٣ . ٢٦٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة
قولك : اخرج إليها بجند ، فو الله لئن لم أدخلها إلاّ بجند آتيها به من المدينة لا أدخلها أبداً ، فأنا أدعُ ذلك الجند لك ، فإن أنت احتجت إليهم كانوا منك قريباً ، وإن أردت أن تبعثهم إلي وجه من وجوهك كانوا عُدّة لك ، وأنا أصير إليها بنفسى وأهل بيتى . وأمّا ما أوصيتنى به من الرفق والإحسان ، فإن الله عزّ وجلّ هو المستعان علي ذلك . قال : فخرج قيس بن سعد فى سبعة نفر من أصحابه حتي دخل مصر(١) . ٦٦٦٧ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتاب كتبه لأهل مصر مع قيس بن سعد لمّا ولاّه إمارتها ـ : قد بعثت إليكم قيس بن سعد بن عبادة أميراً ، فوازروه وكانفوه(٢) ، وأعينوه علي الحقّ ، وقد أمرته بالإحسان إلي محسنكم ، والشدّة علي مريبكم ، والرفق بعوامّكم وخواصّكم ، وهو ممّن أرضي هديه ، وأرجو صلاحه ونصيحته . أسأل الله عزّ وجلّ لنا ولكم عملاً زاكياً ، وثواباً جزيلاً ، ورحمة واسعة ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(٣) . ٦٦٦٨ ـ الكامل فى التاريخ : خرج قيس حتي دخل مصر فى سبعة من أصحابه . . . ، فصعد المنبر فجلس عليه ، وأمر بكتاب أمير المؤمنين فقرئ علي أهل مصر بإمارته ، ويأمرهم بمبايعته ومساعدته وإعانته علي الحقّ ، ثمّ قام قيس خطيباً وقال : الحمد لله الذى جاء بالحقّ وأمات الباطل وكبت الظالمين ، أيّها الناس ، إنّا قد (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٤٧ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٥٤ وليس فيه من "و أنا أصير" إلي "المستعان علي ذلك" ; الغارات : ١ / ٢٠٨ . ٢٦١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة
بايعنا خير من نعلم بعد نبيّنا ½ ، فقوموا أيّها الناس فبايعوه علي كتاب الله وسنّة رسوله ، فإن نحن لم نعمل لكم بذلك فلا بيعة لنا عليكم . فقام الناس فبايعوا ، واستقامت مصر ، وبعث عليها عمّاله إلاّ قرية منها يقال لها : خَرنبا ، فيها ناس قد أعظموا قتل عثمان ، عليهم رجل من بنى كنانة ثمّ من بنى مُدلج اسمه يزيد بن الحرث ، فبعث إلي قيس يدعو إلي الطلب بدم عثمان . وكان مسلمة بن مخلّد قد أظهر الطلب أيضاً بدم عثمان ، فأرسل إليه قيس : ويحك أ علىّ تثب ؟ ! فو الله ما اُحبّ أنّ لى ملك الشام إلي مصر وأنّى قتلتك ! فبعث إليه مسلمة : إنّى كافّ عنك ما دمت أنت والى مصر . وبعث قيس ، وكان حازماً ، إلي أهل خَرنبا : إنّى لا اُكرهكم علي البيعة وإنّى كافّ عنكم ، فهادنهم وجبي الخراج ليس أحد ينازعه(١) . ٦٦٦٩ ـ أنساب الأشراف عن محمّد بن سيرين : بعث علىٌّ قيس بن سعد بن عبادة أميراً علي مصر ، فكتب إليه معاوية وعمرو بن العاص كتاباً أغلظا فيه وشتماه ، فكتب إليهما بكتاب لطيف قاربهما فيه ، فكتبا إليه يذكران شرفه وفضله ، فكتب إليهما بمثل جوابه كتابهما الأوّل . فقالا : إنّا لا نطيق مكر قيس بن سعد ، ولكنّا نمكر به عند علىّ ، فبعثا بكتابه الأوّل إلي علىّ ، فلمّا قرأه قال أهل الكوفة : غدر والله قيس فاعزله . فقال علىّ : ويحكم ، أنا أعلم بقيس إنّه والله ما غدر ولكنّها إحدي فعلاته . قالوا : فإنّا لا نرضي حتي تعزله ، فعزله وبعث مكانه محمّد بن أبى بكر(٢) . (١) الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٥٤ ، تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٤٨ وفيه "خربتا" بدل "خَرنبا" فى كلا الموضعين ; الغارات : ١ / ٢١١ وراجع أنساب الأشراف : ٣ / ١٦٢ . ٢٦٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة
٦٦٧٠ ـ تاريخ الطبرى عن أبى مخنف : لمّا أيس معاوية من قيس أن يتابعه علي أمره ، شقّ عليه ذلك ; لما يعرف من حزمه وبأسه ، وأظهر للناس قِبله أنّ قيس بن سعد قد تابعكم ، فادعوا الله له ، وقرأ عليهم كتابه الذى لان له فيه وقاربه . قال : واختلق معاوية كتاباً من قيس بن سعد ، فقرأه علي أهل الشام : بسم الله الرحمن الرحيم ، للأمير معاوية بن أبى سفيان من قيس بن سعد ، سلام عليك ، فإنّى أحمد إليكم الله الذى لا إله إلاّ هو ، أمّا بعد ، فإنّى لمّا نظرت رأيت أنّه لا يسعنى مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مسلماً محرّماً برّاً تقيّاً ، فنستغفر الله عزّ وجلّ لذنوبنا ، ونسأله العصمة لديننا . ألا وإنّى قد ألقيت إليكم بالسِّلم ، وإنّى أجبتك إلي قتال قَتلة عثمان ، إمام الهدي المظلوم ، فعوّل علىَّ فيما أحببت من الأموال والرجال اُعجّل عليك ، والسلام . فشاع فى أهل الشام أنّ قيس بن سعد قد بايع معاوية بن أبى سفيان ، فسرّحت عيون علىّ بن أبى طالب إليه بذلك ، فلمّا أتاه ذلك أعظمه وأكبره ، وتعجّب له ، ودعا بنيه ، ودعا عبد الله بن جعفر فأعلمهم ذلك ، فقال : ما رأيكم ؟ فقال عبد الله بن جعفر : يا أمير المؤمنين ، دَع ما يريبك إلي ما لا يريبك ، اعزل قيساً عن مصر . قال لهم علىّ : إنّى والله ما اُصدّق بهذا علي قيس . فقال عبد الله : يا أمير المؤمنين ، اعزله ، فو الله لئن كان هذا حقّاً لا يعتزل لك إن عزلته(١) . ٦٦٧١ ـ تاريخ الطبرى عن أبى مخنف : جاء كتاب من قيس بن سعد فيه : بسم الله ٢٦٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة
الرحمن الرحيم ، أمّا بعد ، فإنّى اُخبر أمير المؤمنين أكرمه الله أنّ قِبلى رجالاً معتزلين قد سألونى أن أكفّ عنهم ، وأن أدعهم علي حالهم حتي يستقيم أمر الناس ، فنري ويروا رأيهم ، فقد رأيت أن أكفّ عنهم ، وألاّ أتعجّل حربهم ، وأن أتألّفهم فيما بين ذلك لعلّ الله عزّ وجلّ أن يُقبل بقلوبهم ، ويفرّقهم عن ضلالتهم ، إن شاء الله . فقال عبد الله بن جعفر : يا أمير المؤمنين ، ما أخوفنى أن يكون هذا ممالأة لهم منه ، فمُره يا أمير المؤمنين بقتالهم ، فكتب إليه علىّ : بسم الله الرحمن الرحيم ، أمّا بعد ، فسر إلي القوم الذين ذكرت ، فإن دخلوا فيما دخل فيه المسلمون وإلاّ فناجزهم ، إن شاء الله . فلمّا أتي قيس بن سعد الكتاب فقرأه ، لم يتمالك أن كتب إلي أمير المؤمنين : أمّا بعد يا أمير المؤمنين ، فقد عجبت لأمرك ، أ تأمرنى بقتال قوم كافّين عنك ، مُفرّغيك لقتال عدوّك ؟ ! وإنّك متي حاربتهم ساعدوا عليك عدوّك ، فأطعنى يا أمير المؤمنين ، واكفُف عنهم ، فإنّ الرأى تركهم ، والسلام . . . فبعث علىٌّ محمّد بن أبى بكر علي مصر وعزل عنها قيساً(١) . ٦٦٧٢ ـ تاريخ الطبرى عن كعب الوالبى : إنّ عليّاً كتب معه [أى محمّد بن أبى بكر ]إلي أهل مصر كتاباً ، فلمّا قدم به علي قيس ، قال له قيس : ما بال أمير المؤمنين ؟ ! ما غيّره ؟ أدخل أحد بينى وبينه ؟ قال له : لا ، وهذا السلطان سلطانك ! قال : لا ، والله لا اُقيم معك ساعة واحدة . وغضب حين عزله ، فخرج منها مقبلاً إلي المدينة ، فقدمها ، فجاءه حسّان بن ثابت شامتاً به ـ وكان حسّان (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٥٤ ; الغارات : ١ / ٢١٨ و٢١٩ وراجع أنساب الأشراف : ٣ / ١٦٣ . ٢٦٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة
عثمانيّاً ـ فقال له : نزعك علىّ بن أبى طالب ، وقد قتلت عثمان فبقى عليك الإثم ، ولم يحسن لك الشكر ! فقال له قيس بن سعد : يا أعمي القلب والبصر ، والله لولا أن اُلقِىَ بين رهطى ورهطك حرباً لضربت عنقك ، اخرج عنّى . ثمّ إنّ قيساً خرج هو وسهل بن حنيف حتي قدما علي علىّ ، فخبّره قيس فصدّقه علىّ ، ثمّ إنّ قيساً وسهلاً شهدا مع علىّ صفّين(١) . ٦٦٧٣ ـ سير أعلام النبلاء عن الزهرى : قدم قيس المدينة فتوامر(٢) فيه الأسود بن أبى البخترى ومروان أن يُبيّتاه ، وبلغ ذلك قيساً ، فقال : والله إنّ هذا لقبيح أن اُفارق عليّاً وإن عزلنى ، والله لألحقنّ به . فلحق به ، وحدّثه بما كان يعتمد بمصر . فعرف علىّ أنّ قيساً كان يدارى أمراً عظيماً بالمكيدة ، فأطاع علىٌّ قيساً فى الأمر كلّه ، وجعله علي مقدّمة جيشه(٣) . ٦٦٧٤ ـ الغارات عن المدائنى عن أصحابه : فسدت مصر علي محمّد بن أبى بكر ، فبلغ عليّاً توثّبهم عليه ، فقال : ما لمصر إلاّ أحد الرجلين : صاحبنا الذى عزلناه عنها بالأمس ـ يعنى قيس بن سعد ـ أو مالك بن الحارث الأشتر . وكان علىّ ¼ حين رجع عن صفّين قد ردّ الأشتر إلي عمله بالجزيرة ، وقال لقيس بن سعد : أقم أنت معى علي شرطتى حتي نفرغ من أمر هذه الحكومة ، ثمّ (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٥٥ ، أنساب الأشراف : ٣ / ١٦٤ نحوه ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٥٦ ; الغارات : ١ / ٢١٩ ـ ٢٢٢ . ٢٦٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة
اُخرج إلي أذربيجان ، فكان قيس مقيماً علي شرطته(١) . ٦٦٧٥ ـ الإمام علىّ ـ فى كتابه إلي قيس بن سعد بن عبادة وهو علي أذربيجان ـ : أمّا بعد ، فأقبل علي خراجك بالحقّ وأحسن إلي جندك بالإنصاف وعلِّم من قبلك ممّا علّمك الله ، ثمّ إنّ عبد الله بن شبيل الأحمسى سألنى الكتاب إليك فيه بوصايتك به خيراً ، فقد رأيته وادعاً متواضعاً ، فألن حجابك وافتح بابك واعمد إلي الحقّ فإن وافق الحقّ ما يحبو أسرّه ³ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ² (٢) (٣) . ٦٦٧٦ ـ تاريخ اليعقوبى عن غياث : ولمّا أجمع علىٌّ القتال لمعاوية كتب أيضاً إلي قيس : أمّا بعد ، فاستعمل عبد الله بن شبيل الأحمسى خليفة لك ، وأقبل إلىَّ ، فإنّ المسلمين قد أجمع ملؤهم وانقادت جماعتهم ، فعجّل الإقبال ، فأنا سأحضرنّ إلي المحلّين عند غرّة الهلال ، إن شاء الله ، وما تأخّرى إلاّ لك ، قضي الله لنا ولك بالإحسان فى أمرنا كلّه(٤) . ٦٦٧٧ ـ تاريخ الطبرى عن الزهرى : جعل علىّ ¼ قيس بن سعد علي مقدّمته من أهل العراق إلي قبل أذربيجان ، وعلي أرضها ، وشرطة الخميس الذى ابتدعه من العرب ، وكانوا أربعين ألفاً ، بايعوا عليّاً ¼ علي الموت ، ولم يزل قيس يدارئ ذلك البعث حتي قُتل علىّ ¼ (٥) . ٦٦٧٨ ـ وقعة صفّين عن قيس بن سعد ـ قبل حرب صفّين ـ : يا أمير المؤمنين ، (١) الغارات : ١ / ٢٥٦ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٩٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤١٠ . ٢٦٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / قَيْسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة
انكمش بنا إلي عدوّنا ولا تعرِّد(١) ، فو الله لجهادهم أحبّ إلىَّ من جهاد الترك والروم ; لإدهانهم فى دين الله ، واستذلالهم أولياء الله من أصحاب محمّد ½ من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان . إذا غضبوا علي رجل حبسوه أو ضربوه أو حرموه أو سيّروه ، وفيئُنا لهم فى أنفسهم حلال ، ونحن لهم ـ فيما يزعمون ـ قَطين(٢) (٣) . ٦٦٧٩ ـ تاريخ اليعقوبى : أتاه [معاويةَ] قيسُ بن سعد بن عبادة فقال : بايع قيس ! قال : إن كنت لأكره مثل هذا اليوم ، يا معاوية . فقال له : مه ، رحمك الله ! فقال : لقد حرصت أن اُفرّق بين روحك وجسدك قبل ذلك ، فأبي الله ، يابن أبى سفيان ، إلاّ ما أحبّ . قال : فلا يُردّ أمر الله . قال : فأقبل قيس علي الناس بوجهه ، فقال : يا معشر الناس ، لقد اعتضتم الشرّ من الخير ، واستبدلتم الذلّ من العزّ ، والكفر من الإيمان ، فأصبحتم بعد ولاية أمير المؤمنين ، وسيّد المسلمين ، وابن عمّ رسول ربّ العالمين ، وقد وليكم الطليق ابن الطليق يسومكم الخسف ، ويسير فيكم بالعسف ، فكيف تجهل ذلك أنفسكم ، أم طبع الله علي قلوبكم ، وأنتم لا تعقلون ؟ فجثا معاوية علي ركبتيه ، ثمّ أخذ بيده وقال : أقسمت عليك ! ثمّ صفق علي كفّه ، ونادي الناس : بايع قيس ! فقال : كذبتم ، والله ، ما بايعت(٤) . (١) التَّعْرِيدُ : الفِرارُ ، وقيل سرعةُ الذهاب فى الهزيمة (لسان العرب : ٣ / ٢٨٨) . |
||||||