٦٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / تَمِيمٌ المَازِنيُّ
١٦ هو تميم بن عمرو(١) المازنى الأنصارى أبو حسن [أبو حنش] عُدّ من الصحابة فى المصادر التى ترجمت لهم(٢) . ذكره الشيخ الطوسى § فى أصحاب الإمام علىّ ¼ ، ونقل أنّ الإمام ¼ استعمله علي المدينة ، حتي وصل سهل بن حُنَيف(٣) . ١٧ ثابت بن قيس بن الخطيم الأنصارى الظفرى . أحد الصحابة . كان مع النبىّ ½ فى اُحد(٤) ، ويقال : إنّه جُرح فيها اثنى عشر جرحاً(٥) ، وسمّاه رسول الله ½ "الحاسر" . واشترك فى الغزوات التى تلتها أيضاً(٦) ، وكان ثابت الخُطي ، شديد النفس(٧) . عندما ثار الناس علي عثمان ، واستدعي ولاته علي الأمصار إلي المدينة للمشورة ، استخلف سعيد بن العاص والى الكوفة يومئذ ثابتاً عليها(٨) . وذكر (١) اُسد الغابة : ١ / ٤٣٣ / ٥٢٦ وفيه "تميم بن عبد عمرو ، أبو الحسن المازنى" . ٦٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / جَابِرُ بنُ عبدِ اللهِ الأنْصارِيّ
المؤرّخون أنّ الإمام عليّاً ¼ ولاّه علي المدائن(١) . وكان معاوية يهابه(٢) . وظلّ علي المدائن إلي أن استعمل معاوية المغيرة علي الكوفة ، فعزله(٣) . كان ثابت مع الإمام ¼ فى حروبه الثلاث(٤) . ٦٤٤١ ـ تاريخ بغداد ـ فى ذِكر ثابت بن قيس بن الخطيم ـ : شهد مع رسول الله ½ اُحداً والمشاهد بعدها . ويقال : إنّه جُرح يوم اُحد اثنتى عشرة جراحة، وعاش إلي خلافة معاوية، واستعمله علىّ بن أبى طالب علي المدائن(٥). ٦٤٤٢ ـ اُسد الغابة : شهد ثابت مع علىّ بن أبى طالب ¢ الجمل وصفّين والنهروان(٦) . ٦٤٤٣ ـ تاريخ بغداد عن عبد الله بن عمارة بن القداح : كان ثابت بن قيس بن الخطيم شديد النفس ، وكان له بلاء مع علىّ بن أبى طالب ، واستعمله علىّ بن أبى طالب علي المدائن ، فلم يزل عليها حتي قدم المغيرة بن شعبة الكوفة ، وكان معاوية يتّقى مكانه(٧) . ١٨ جَابِرُ بنُ عبدِ اللهِ الأنْصارِي ّ جابر بن عبد الله بن عمرو الأنصارى ، يُكنّي أبا عبد الله . صحابىّ ذائع (١) تاريخ بغداد : ١ / ١٧٥ / ١٥ ، الإصابة : ١ / ٥١٠ / ٩٠٤ . ٧٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / جَابِرُ بنُ عبدِ اللهِ الأنْصارِيّ
الصِّيت(١) ، عمّر طويلاً . وكان مع أبيه فى تلك الليلة التاريخيّة المصيريّة التى عاهد فيها أهل يثرب رسول الله ½ علي الدفاع عنه ودعمه ونصره ، وبيعتهم هى البيعة المشهورة فى التاريخ الإسلامى بــ "بيعة العقبة الثانية"(٢) . ولمّا دخل النبىّ ½ المدينة ، صحبه وشهد معه حروبه(٣) ولم يتنازل عن حراسة الحقّ وحمايته بعده ½ ، كما لم يدّخر وسعاً فى تبيان منزلة علىٍّ ¼ والتنويه بها(٤) . أثني الأئمّة (ع) علي رفيع مكانته فى معرفة مقامهم (ع) ، وعلي وعيه العميق للتيّارات المختلفة بعد رسول الله ½ ، ومعارف التشيّع الخاصّة ، وفهمه النافذ لعمق القرآن . وأشادوا به واحداً من القلّة الذين لم تتفرّق بهم السبل بعد النبىّ ½ ، ولم يستبِقوا الصراط بعده ، بل ظلّوا معتصمين متمسّكين به(٥) . قلنا إنّه عمّر طويلاً، لذا ورد اسمه الكريم فى صحابة الإمام أمير المؤمنين ¼ (٦)، والإمام الحسن ¼ (٧) ، والإمام الحسين ¼ (٨) ، والإمام السجّاد ¼ (٩) ، والإمام (١) رجال الطوسى : ٣١ / ١٣٤ ، رجال البرقى : ٢ ; المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٦٥٢ / ٦٣٩٨ ، المعجم الكبير : ٢ / ١٨٠ / ١٧٣٠ ، الطبقات الكبري : ٣ / ٥٧٤ . ٧١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / جَابِرُ بنُ عبدِ اللهِ الأنْصارِيّ
الباقر ¼ (١) ، وهو الذى بلّغ الإمام الباقر ¼ سلامَ رسول الله ½ له(٢) . وكان قد شهد صفّين مع الإمام ¼ (٣) . وهو أوّل من زار قبر الحسين ¼ وشهداء كربلاء فى اليوم الأربعين من استشهادهم ، وبكي علي أبى عبد الله كثيراً(٤) . والروايات المنقولة عنه بشأن الإمام أمير المؤمنين ¼ ، وما اُثر عنه من أخبار تفسيريّة ، ومناظراته ، تدلّ كلّها علي ثبات خُطاه ، وسلامة فكره ، وإيمانه العميق ، وعقيدته الراسخة . وصحيفة جابر مشهورة أيضاً(٥) ولأنّه لم ينصر عثمان فى فتنته ، فقد ختم الحجّاج بن يوسف علي يده يريد إذلاله بذلك(٦) . فارق جابر الحياة سنة ٧٨هـ (٧) . ٦٤٤٤ ـ علل الشرائع عن أبى الزبير المكّى : رأيت جابراً متوكّئاً علي عصاه وهو يدور فى سكك الأنصار ومجالسهم ، وهو يقول : علىّ خير البشر ، فمن أبى فقد كفر . يا معشر الأنصار ! أدّبوا أولادكم علي حبّ علىّ ، فمن أبى فانظروا فى شأن اُمّه(٨) . (١) رجال الطوسى : ١٢٩ / ١٣١١ ، رجال البرقى : ٩ . ٧٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / جارِيَةُ بنُ قُدامَةَ السَّعْدِيّ
٦٤٤٥ ـ الإمام الصادق ¼ : إنّ جابر بن عبد الله الأنصارى كان آخر من بقى من أصحاب رسول الله ½ ، وكان رجلاً منقطعاً إلينا أهلَ البيت(١) . ١٩ جارِيَةُ بنُ قُدامَةَ السَّعْدِي ّ جارية بن قدامة التميمى السعدى . كان من صحابة النبىّ ½ (٢) ، ومن أنصار علىِّ ¼ الأبرار الشجعان(٣) . وكان فتىّ القلب ، عميق الرؤية ، ذا شخصيّة رفيعة جعلته ودوداً محبوباً . وكان ثابت القدم فى حبّ علىٍّ ¼ ، شديداً علي أعدائه(٤) . ولمّا تقلّد الإمام الخلافة ، أخذ له البيعة فى البصرة(٥) . وكان من جملة الهائمين بحبّه ، الذين عُرفوا باسم "شرطة الخميس" . وقد شهد مشاهده كلّها بجدٍّ وتفان(٦) . وتولّي قيادة قبيلة "سعد" و"رباب" فى صفّين . (١) الكافى : ١ / ٤٦٩ / ٢ ، رجال الكشّى : ١ / ٢١٧ / ٨٨ كلاهما عن أبان بن تغلب ، رجال ابن داود : ٦٠ / ٢٨٨ . إرجاعات
٣٠٧ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام عليّ / الفصل السادس : عليّ عن لسان أصحاب النبيّ / ثابتُ بن قَيْس الأنصاري
٧٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / جارِيَةُ بنُ قُدامَةَ السَّعْدِيّ
وكان خطيباً مفوَّهاً ، ويشهد علي لباقته وبلاغة لسانه محاوراته فى صفّين ، وكلماته الجريئة ، وعباراته القويّة الدامغة فى قصر معاوية دفاعاً عن إمامه ¼ . وجّهه علىّ بن أبى طالب إلي أهل نجران عند ارتدادهم عن الإسلام(١) . بدأت غارات معاوية الظالمة علي أطراف العراق بعد معركة النهروان ، وأشخص عبد الله بن عامر الحضرمى إلي البصرة ليأخذ له البيعة من أهلها ، ففعل ذلك واستولي علي المدينة ، فوجّه الإمام أمير المؤمنين ¼ فى البداية أعين بن ضبيعة لإخماد فتنة ابن الحضرمى لكنّه استشهد ليلاً فى فراشه ، فأرسل جاريةَ ، فاستعادها بتدبير دقيق وشجاعة محمودة ، فأثني عليه الإمام ¼ (٢) . وبعثه ¼ فى الأيّام الأخيرة من حياته لإطفاء فتنة بسر بن أرطاة الذى كان مثالاً لا نظير له فى الخبث واللؤم ، وبينا كان جارية فى مهمّته هذه استُشهد الإمام ¼ . وأخذ جارية البيعة للإمام الحسن ¼ من أهل مكّة والمدينة بخُطيً ثابتة ، ووعى عميق للحقّ(٣) . وكان جارية ذا سريرة وضيئة ، وروح كبيرة . ولم يخشَ أحداً فى إعلان الحقّ قطّ . وهكذا كان ، فقد دافع عن الإمام أمير المؤمنين ¼ بعد صلح الإمام الحسن ¼ بحضور معاوية ، وأكّد ثباته علي موقفه(٤) . وتوفّى هذا الرجل الجليل (١) رجال الكشّى : ١ / ٣٢٢ / ١٦٨ . ٧٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / جارِيَةُ بنُ قُدامَةَ السَّعْدِيّ
بعد حكومة يزيد(١) . ٦٤٤٦ ـ تهذيب الكمال عن الفضل بن سويد : وَفَد الأحنف بن قيس ، وجارية بن قُدامة ، والحباب بن يزيد المجاشعى علي معاوية ، فقال لجارية : يا جارية ! أنت الساعى مع علىّ بن أبى طالب ، والموقد النار فى شعلك ، تجوس قري عربيّة تسفك دماءهم ؟ قال جارية : يا معاوية ! دعْ عنك عليّاً ; فما أبغضْنا عليّاً مذ أحببناه ، ولا غششناه مذ نصحناه . قال : ويحك يا جارية ! ما كان أهونك علي أهلك ، إذ سمّوك جارية ! قال : أنت يا معاوية كنت أهون علي أهلك إذ سمّوك معاوية . قال : لا اُمّ لك . قال : اُمّ ما ولدتنى . إنّ قوائم السيوف التى لقيناك بها بصفّين فى أيدينا . قال : إنّك لتهدّدنى ! قال : إنّك لم تملكنا قسرة ، ولم تفتحنا عَنْوَة(٢) ، ولكن أعطيتنا عهوداً ومواثيق ; فإن وفيت لنا وفينا لك ، وإن نزعت إلي غير ذلك ، فقد تركنا وراءنا رجالاً مداداً(٣) ، وأذرعاً شداداً ، وأسنّةً حداداً ، فإن بسطت إلينا فِتْراً من غدر ، دلفنا إليك بباع من خَتْر(٤) . قال معاوية : لا كثّرَ الله فى الناس أمثالك ! (١) الثقات : ٣ / ٦٠ ; أعيان الشيعة : ٤ / ٥٨ . ٧٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / جُعْدَةُ بنُ هُبَيرَةَ المَخْزومِيّ
قال : قل معروفاً يا أمير المؤمنين ! فقد بلونا قريشاً ، فوجدناك أوراها زَنْداً ، وأكثرها رفداً ، فارعنا رويداً ; فإنّ شرّ الرِّعاء الحُطَمة(١) (٢) . ٢٠ جُعْدَةُ بنُ هُبَيرَةَ المَخْزومِىّ جعدة بن هبيرة بن أبى وهب القرشى المخزومى ، واُمّه أمّ هانئ بنت أبى طالب . وُلِد علي عهد النبىّ ½ ، لكنّه لم يصحبه(٣) ، ورآه(٤) . أثني المؤرّخون علي استبساله فى القتال(٥) ، وفقاهته(٦) ، وقدرته الخطابيّة(٧) . وهو ابن اُخت الإمام ¼ (٨) ، وصهره(٩) . وكان الإمام ¼ يحبّه كثيراً ويحتفى به(١٠) . وحين دخل (١) الحُطَمَة : العنيف برعاية الإبل فى السَّوق والإيراد والإصدار ، ويُلقى بعضها علي بعض ، ويعسفها . ضربه مثلا لِوالى السوء (النهاية : ١ / ٤٠٢) . إرجاعات
١١١ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثامن : هجمات عمّال معاوية / هجوم ابن الحضرمي على البصرة
٧٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / جُعْدَةُ بنُ هُبَيرَةَ المَخْزومِيّ
الكوفة كان معه فى داره(١) . وفى حرب صفّين قابل عتبة بن أبى سفيان وتحدّث معه باقتدار كبير ، وأثني علي منزلة الإمام ¼ الرفيعة ، وطعن فى أبى سفيان بكلّ صلابة(٢) ، وجَبُن عتبة فى مواجهته إيّاه ، ففرّ منه(٣) . وحواره معه آية علي وعيه لموقف الإمام الحقّ ، وسفاهة العدوّ ورِجسه . استعمله الإمام ¼ علي خراسان(٤) . وكان بالكوفة عند استشهاد الإمام ¼ . وعندما ضُرب الإمام صلّي مكانه(٥) . توفّى جعدة فى أيّام معاوية(٦) . ٦٤٤٧ ـ رجال الكشّى : قال له [أى لجعدة] عتبةُ بن أبى سفيان : إنّما لك هذه الشدّة فى الحرب من قبل خالك . فقال له جعدة : لو كان خالك مثل خالى لنسيتَ أباك(٧) . ٦٤٤٨ ـ وقعة صفّين : قال عتبة : يا جعدة ! إنّه والله ما أخرجك علينا إلاّ حبّ خالك . . . فقال جعدة : أمّا حبّى لخالى فو الله أن لو كان لك خال مثله لنسيت أباك(٨) . (١) وقعة صفّين : ٥ ; الفتوح : ٢ / ٤٩٢ . ٧٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / جُندَبُ بنُ عبدِ اللهِ الأزدِيّ
٦٤٤٩ ـ وقعة صفّين عن الأصبغ بن نباتة : إنّ عليّاً لمّا دخل الكوفة ، قيل له : أىّ القصرَين ننزلك ؟ قال : قصر الخبال لا تُنزِلونيه ! فنزل علي جعدة بن هبيرة المخزومى(١) . ٦٤٥٠ ـ المستدرك علي الصحيحين عن مصعب بن عبد الله الزبيرى : قال جعدة :
٢١ جُندَبُ بنُ عبدِ اللهِ الأزدِي ّ هو جندب بن كعب بن عبد الله الأزدى الغامدى ، وربّما يُنسَب إلي جدّه ويقال : جندب بن عبد الله ، وهو جندب الخير ، وأحد جنادب الأزد(٣) . وهو من أصحاب النبىّ ½ (٤) والإمام علىّ ¼ (٥) . وهو قاتل الساحر بالكوفة أيّام عثمان عند إمارة الوليد بن عقبة عليها ، بعدما أخذ يمارس الشعوذة والسحر فى مسجد الكوفة ، بحضور الوليد(٦) ، فسجنه الوليد ثمّ نفاه إلي المدينة . وقد نُفى إلي الشام أيضاً ومعه مالك الأشتر ورجال آخرون ; لأنّهم كانوا (١) وقعة صفّين : ٥ . ٧٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / جُندَبُ بنُ عبدِ اللهِ الأزدِيّ
يذكرون مساوئ عثمان ومثالبه ، وحضر جُندَب حروب الإمام أمير المؤمنين ¼ كلّها(١) . ٦٤٥١ ـ الإرشاد عن جندب بن عبد الله : دخلت علي علىّ بن أبى طالب بالمدينة بعد بيعة الناس لعثمان ، فوجدته مُطرِقاً كئيباً ، فقلت له : ما أصاب قومك ؟ قال : صبرٌ جميلٌ . فقلت له : سبحان الله ! والله إنّك لصبور ! قال : فأصنع ماذا ؟ فقلت : تقوم فى الناس وتدعوهم إلي نفسك ، وتُخبرهم أنّك أولي الناس بالنبىّ ½ بالفضل والسابقة ، وتسألهم النصر علي هؤلاء المتمالئين عليك ; فإن أجابك عشرة من مائة شددت بالعشرة علي المائة ، فإن دانوا لك كان ذلك علي ما أحببت ، وإن أبَوا قاتلتهم ; فإن ظهرت عليهم فهو سلطان الله الذى آتاه نبيّه ¼ ، وكنت أولي به منهم ، وإن قُتلت فى طلبه قُتلت شهيداً ، وكنت أولي بالعذر عند الله ، وأحقّ بميراث رسول الله ½ . فقال : أ تراه ـ يا جندب ـ يبايعنى عشرة من مائة ؟ قلت : أرجو ذلك . قال : لكنّنى لا أرجو ولا من كلّ مائة اثنين ، وساُخبرك من أين ذلك ; إنّما ينظر الناس إلي قريش ، وإنّ قريشاً تقول : إنّ آل محمّد يرَون لهم فضلاً علي سائر الناس ، وإنّهم أولياءُ الأمر دون قريش ، وإنّهم إن وَلُوه لم يخرج منهم هذا السلطان إلي أحد أبداً ، ومتي كان فى غيرهم تداولتموه بينكم ، ولا ـ والله ـ لا تدفع قريش إلينا هذا السلطان طائعين أبداً . قال : فقلت له : أ فلا أرجع فاُخبر الناس بمقالتك هذه ، وأدعوهم إليك ؟ فقال (١) إعلام الوري : ١ / ٣٣٩ ; تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٤٥ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٧٧ / ٣١ . ٧٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / جُوَيرِيَةُ بنُ مُسهِر
لى : يا جندب ، ليس هذا زمان ذاك . قال : فرجعت بعد ذلك إلي العراق ، فكنت كلّما ذكرت للناس شيئاً من فضائل علىّ بن أبى طالب ¼ ومناقبه وحقوقه زَبَرُونى(١) ونَهَرُونى ، حتي رُفِع ذلك من قولى إلي الوليد بن عقبة ليالى وَلِيَنا ، فبعث إلىّ فحبسنى حتي كُلّم فىّ ، فخلّي سبيلى(٢) . ٢٢ جويرية بن مسهر العبدى . من أصحاب الإمام ¼ (٣) السابقين المقرّبين(٤) ، ومن ثقاته(٥) . كان عبداً صالحاً ، وصديقاً للإمام ¼ ، وكان الإمام يحبّه(٦) . استشهد جويرية فى أيّام خلافة معاوية ، حيث قطع زياد يده ورجله ثمّ صلبه(٧) . ٦٤٥٢ ـ الإرشاد : إنّ جويرية بن مسهر وقف علي باب القصر فقال : أين أمير المؤمنين ؟ فقيل له : نائم ، فنادي : أيّها النائم ! استيقظ ، فو الذى نفسى بيده ، (١) زَبَرَه : نهره وأغلظ له فى القول والردّ (النهاية : ٢ / ٢٣٩) . ٨٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / الحارِثُ بنُ الرَبِيع
لتُضربنّ ضربةً علي رأسك تُخضَب منها لحيتك ، كما أخبرتنا بذلك من قبل . فسمعه أمير المؤمنين ¼ فنادي : أقبِل يا جويرية حتي اُحدّثك بحديثك . فأقبل ، فقال : وأنت ـ والذى نفسى بيده ـ لَتُعْتلنَّ إلي العُتُلّ الزنيم(١) ، وليقطعنّ يدك ورجلك ، ثمّ ليصلبنّك تحت جذع كافر . فمضي علي ذلك الدهر حتي ولىَ زياد فى أيّام معاوية ، فقطع يده ورجله ، ثمّ صلبه إلي جذع ابن مكعبر ، وكان جذعاً طويلاً ، فكان تحته(٢) . ٦٤٥٣ ـ شرح نهج البلاغة عن حبّة العرنى : سرنا مع علىّ ¼ يوماً ، فالتفت فإذا جويرية خلفه بعيداً ، فناداه : يا جويرية ! الحق بى لا أبا لك ! أ لا تعلم أنّى أهواك واُحبّك ؟ قال : فركض نحوه ، فقال له : إنّى محدّثك باُمور فاحفظها ، ثمّ اشتركا فى الحديث سرّاً ، فقال له جويرية : يا أمير المؤمنين ، إنّى رجل نسىّ ، فقال له : إنّى اُعيد عليك الحديث لتحفظه . ثمّ قال له فى آخر ما حدّثه إيّاه : يا جويرية ، أحبب حبيبنا ما أحبّنا ، فإذا أبغضنا فأبغضه ، وأبغض بغيضنا ما أبغضنا ، فإذا أحبّنا فأحبّه(٣) . ٢٣ الحارث بن الربيع بن زياد العبسى ، يُكنّي أبا زياد . (١) عَتَلَهُ فانعتَلَ : جرّهُ جرّاً عنيفاً وجذبه فحمَلَهُ . والعُتُلّ : الشديد الجافى والفظّ الغليظ من الناس . والزنِيمُ : الدَّعىّ المُلصق بالقوم وليس منهم . وقيل : الذى يُعرَف بالشرّ واللؤم (لسان العرب : ١١ / ٤٢٣ وج ١٢ / ٢٧٧) . ٨١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / الحارِثُ الهَمْدانِيّ
استعمله الإمام ¼ علي المدينة مدّةً . كان من قبيلة مازن بن النجّار(١) . وكانت له منزلة خاصّة بين قومه فى الجاهليّة . عدّه المؤرّخون من المهاجرين الأوّلين نحو رسول الله ½ (٢) . ٢٤ هو الحارث بن عبد الله بن كعب الأعور الهَمْدانى الكوفى ، أبو زهير . كان من أصحاب الإمام علىّ(٣) والإمام الحسن ¤ (٤) ومن الشيعة الاُوَل(٥) ، كثير العلم(٦) ، من أفقه الناس وأفرضهم ، تعلّم الفرائض من الإمام علىّ ¼ (٧) . كان من وجوه الناس بالكوفة ، ومن الذين ثاروا علي عثمان وطالبوا بعزل سعيد بن العاص(٨) وممّن سيّرهم عثمان(٩) . توفّى سنة ٦٥ هـ بالكوفة(١٠) . (١) رجال الطوسى : ٦١ / ٥٢٨ ، رجال ابن داود : ٦٨ / ٣٦٠ . ٨٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / الحارِثُ الهَمْدانِيّ
٦٤٥٤ ـ الطبقات الكبري عن علباء بن أحمر : إنّ علىّ بن أبى طالب خطب الناس فقال : من يشترى علماً بدرهم ؟ فاشتري الحارث الأعور صحفاً بدرهم ، ثمّ جاء بها عليّاً ، فكتب له علماً كثيراً ، ثمّ إنّ عليّاً خطب الناس بعد فقال : يا أهل الكوفة ! غلبكم نصف رجل(١) . ٦٤٥٥ ـ شرح الأخبار عن أبى الحجاف : بلغنى أنّ الحارث أتي علىّ بن أبى طالب ¼ ليلا ، فقال له : يا حارث ما جاء بك هذه الساعة ؟ فقال : حبّك يا أمير المؤمنين . قال : والله ما جاء بك إلاّ حبّى ؟ قال : والله ما جاء بى إلاّ حبّك . قال ¼ : فأبشر يا حارث ، لن تموت نفس تُحبّنى إلاّ رأتنى حيث تحبّ ، والله لا تموت نفس تبغضنى إلاّ رأتنى حيث تبغضنى(٢) . ٦٤٥٦ ـ الأمالى للمفيد عن جميل بن صالح : أنشدنى أبو هاشم السيّد الحميرى(٣) :
(١) الطبقات الكبري : ٦ / ١٦٨ ، سير أعلام النبلاء : ٤ / ١٥٣ / ٥٤ وفيه ذيله . ٨٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حَبّةُ بنُ جُوَين العُرَنِيّ
٢٥ حبّة بن جوين بن علىّ البجلى العُرَنى ، أبو قُدامَةَ . من أصحاب رسول الله ½ (١) والإمام علىّ ¼ (٢) ومن رواة حديث الغدير(٣) . اشترك فى حرب الجمل(٤) وصفّين(٥) والنهروان(٦) مع الإمام علىّ بن أبى طالب(٧) . مات فى سنة ٧٥ أو ٧٦هـ (٨) . ٢٦ حبيبُ بن مظاهر(٩) الأسدى . من أصحاب الإمام علىّ ¼ (١٠) ومن السابقين (١) تهذيب الكمال : ٥ / ٣٥١ / ١٠٧٦ ، اُسد الغابة : ١ / ٦٦٩ / ١٠٣١ . ٨٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُجْرُ بنُ عَدِيّ
والمقرّبين من علىّ ¼ (١) ، وهو أيضاً من أصحاب الإمام الحسن ¼ (٢) والإمام الحسين ¼ (٣) ومن الذين كتب إلي الإمام ¼ (٤) واشترك فى حرب الإمام بقيادة مَيْسر جيشه(٥) . استشهد فى يوم عاشوراء وطافوا برأسه فى البلاد مع بقيّة رؤوس الشهداء(٦) . ٢٧ حُجْرُ بن عدىّ بن معاوية الكندى ، أبو عبد الرحمن ، وهو المعروف بحجر الخير ، وابن الأدبر(٧) كان جاهليّاً إسلاميّاً(٨) ، وفد علي النبىّ(٩) ، وله صحبة(١٠) . من الوجوه المتألّقة فى التاريخ الإسلامى ، و من القمم الشاهقة الساطعة فى (١) الاختصاص : ٧ . ٨٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُجْرُ بنُ عَدِيّ
التاريخ الشيعى . جاء إلي النبىّ ½ وأسلم وهو لم يزل شابّاً . وكان من صفاته : تجافيه عن الدنيا ، وزهده ، وكثرة صلاته وصيامه ، واستبساله وشجاعته ، وشرفه ونُبله وكرامته ، وصلاحه وعبادته(١) . وكان معروفاً بالزهد(٢) ، مستجاب الدعوة لِما كان يحمله من روح طاهرة ، وقلب سليم ، ونقيبة محمودة ، وسيرة حميدة(٣) . ولم يسكت حجر قطّ أمام قتل الحقّ وإحياء الباطل والركون إليه . من هنا ثار علي عثمان مع سائر المؤمنين المجاهدين(٤) . ولم يألُ جهداً فى تحقيق حاكميّة الإمام أمير المؤمنين ¼ ، فعُدّ من خاصّة أصحابه(٥) وشيعته(٦) المطيعين . اشترك حجر فى حروب الإمام ¼ . وكان فى الجمل(٧) قائداً علي خيّالة كِنْدة(٨) ، وفى صفّين(٩) أميراً علي قبيلته(١٠) ، وفى النهروان قاد ميسرة(١١) الجيش (١) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٦٣ / ٩٥ ، البداية والنهاية : ٨ / ٥٠ . ٨٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُجْرُ بنُ عَدِيّ
أو ميمنته(١) . وكان فصيح اللسان ، نافذ الكلام ، يتحدّث ببلاغة ، ويكشف الحقائق بفصاحة . وآية ذلك كلامه الجميل المتبصّر فى تبيان منزلة الإمام ¼ (٢) . وكان نصير الإمام الوفىّ المخلص ، والمدافع المجدّ عنه . ولمّا أغار الضحّاك بن قيس علي العراق ، أمره الإمام ¼ بصدّه ، فهزمه حجر ببطولته وشجاعته ، وأجبره علي الفرار(٣) . اطّلع حجر علي مؤامرة قتل الإمام ¼ قبل تنفيذها بلحظات ، فحاول بكلّ جهده أن يتدارك الأمر فلم يُفلح(٤) . واغتمّ لمقتله كثيراً . وكان من أصحاب الإمام الحسن ¼ الغياري الثابتين(٥) . وقد جاش دم غيرته فى عروقه حين سمع خبر الصلح ، فاعترض(٦) ، فقال له الإمام الحسن ¼ : لو كان غيرُك مثلَك لَما أمضيتُه(٧) . وكان قلبه يتفطّر ألماً من معاوية . وطالما كان يبرأ من هذا الوجه القبيح لحزب الطلقاء الذى تأمّر علي المسلمين ، ويدعو عليه مع جمع من الشيعة(٨) . وهو (١) الأخبار الطوال : ٢١٠ ، الإمامة والسياسة : ١ / ١٦٩ . ٨٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُجْرُ بنُ عَدِيّ
الحزب الذى كان رسول الله ½ وصفه بأنّه معلون . وكان حجر يقف للدفاع عن العقيدة وأهل البيت (ع) بلا وجل ، ويُعنّف المغيرة الذى كان فرداً فى رجسه وقبحه ورذالته ، وقد تسلّط علي الكوفة فى أثناء حكومة الطلقاء ، وكان يطعن فى علىٍّ ¼ وشيعته(١) . وضاق معاوية ذرعاً بحجر وبمواقفه وكشفه الحقائق ، وصلابته ، وثباته ، فأمر بقتله وتمّ تنفيذ أمره ، فاستشهد(٢) ذلك الرجل الصالح فى "مَرْج عذراء(٣)"(٤) سنة ٥١ هـ ، مع ثلّة من رفاقه(٥) . وكان حجر وجيهاً عند الناس ، وذا شخصيّة محبوبة نافذة ، ومنزلة حسنة ، فكَبُر عليهم استشهاده(٦) ، واحتجّوا علي معاوية ، وقرّعوه علي فعله القبيح هذا . وكان الإمام الحسين ¼ (٧) ممّن تألّم كثيراً لاستشهاده ، واعترض علي معاوية فى رسالة بليغة له أثني فيها ثناءً بالغاً علي حجر ، وذكر استفظاعه للظلم ، وذكّر معاوية بنكثه للعهد ، وإراقته دم حجر الطاهر ظلماً وعدواناً . واعترضت عائشة(٨) (١) أنساب الأشراف : ٥ / ٢٥٢ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٥٤ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٨٩ . ٨٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُجْرُ بنُ عَدِيّ
أيضاً علي معاوية من خلال ذكرها حديثاً حول شهداء "مرج عذراء"(١) . وكان معاوية ـ علي ما اتّصف به من فساد الضمير ـ يري قتل حجر من أخطائه ، ويعبّر عن ندمه علي ذلك(٢) ، وقال عند دنوّ أجله : لو كان ناصحٌ لَمَنعنا من قتله(٣) ! وقتل مصعب بن الزبير ولدَى حجر : عبيد الله ، وعبد الرحمن صبراً(٤) . وكان الإمام أمير المؤمنين ¼ قد أخبر باستشهاده من قبل ، وشبّه استشهاده ، وصحبه باستشهاد "أصحاب الاُخدود" . ٦٤٥٧ ـ الأمالى للطوسى عن ربيعة بن ناجذ ـ بعد غارة سفيان بن عوف الغامدى واستنفار الإمام علىّ ¼ الناس وتقاعد أصحابه ـ : قام حجر بن عدىّ وسعد بن قيس فقالا : لا يسوؤك الله يا أمير المؤمنين ! مُرْنا بأمرك نتّبعْه ، فو الله العظيم ، ما يعظم جزعنا علي أموالنا أن تَفرّقَ ، ولا علي عشائرنا أن تُقتل فى طاعتك(٥) . ٦٤٥٨ ـ تاريخ اليعقوبى ـ فى ذكر غارة الضحّاك علي القطقطانة(٦) ودعوته ¼ الناس للخروج إلي قتاله ـ : قام إليه حجر بن عدىّ الكندى فقال : يا (١) أنساب الأشراف : ٥ / ٢٧٤ ، تاريخ دمشق : ١٢ / ٢٢٦ ، الإصابة : ٢ / ٣٣ / ١٦٣٤ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٣١ . ٨٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُجْرُ بنُ عَدِيّ
أمير المؤمنين ! لا قرّب الله منّى إلي الجنّة من لا يحبّ قربك ، عليك بعادة الله عندك ; فإنّ الحقّ منصور ، والشهادة أفضل الرياحين ، اندب معى الناس المناصحين ، وكن لى فئة بكفايتك ، والله فئة الإنسان وأهله ، إنّ الشيطان لا يفارق قلوب أكثر الناس حتي تفارق أرواحهم أبدانهم . فتهلّل وأثني علي حجر جميلاً ، وقال : لا حرمك الله الشهادة ; فإنّى أعلم أنّك من رجالها(١) . ٦٤٥٩ ـ وقعة صفّين عن عبد الله بن شريك : قام حجر فقال : يا أمير المؤمنين ! نحن بنو الحرب وأهلها ، الذين نلقحها وننتجها ، قد ضارستنا وضارسناها(٢) ، ولنا أعوان ذوو صلاح ، وعشيرة ذات عدد ، ورأى مجرّب ، وبأس محمود ، وأزمّتنا منقادة لك بالسمع والطاعة ; فإن شرّقت شرّقنا ، وإن غرّبت غرّبنا ، وما أمرتنا به من أمر فعلناه . فقال علىّ : أ كلُّ قومك يري مثل رأيك ؟ قال : ما رأيت منهم إلاّ حسناً ، وهذه يدى عنهم بالسمع والطاعة ، وبحسن الإجابة ، فقال له علىّ خيراً(٣) . ٦٤٦٠ ـ الإمام علىّ ¼ : يا أهل الكوفة ! سيُقتل فيكم سبعة نفر خياركم ، مثلهم كمثل أصحاب الاُخدود ، منهم حجر بن الأدبر وأصحابه(٤) . ٦٤٦١ ـ الأغانى عن المجالد بن سعيد الهمدانى ، والصقعب بن زهير ، وفُضيل بن خديج ، والحسن بن عقبة المرادى . . . : إنّ المغيرة بن شعبة لمّا ولى الكوفة كان يقوم علي المنبر ، فيذمّ علىّ بن أبى طالب وشيعته ، وينال منهم ، ويلعن قتلة (١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٩٦ . ٩٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُجْرُ بنُ عَدِيّ
عثمان ، ويستغفر لعثمان ويزكّيه ، فيقوم حجر بن عدىّ فيقول : ³ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ ² (١) وإنّى أشهد أنّ من تذمّون أحقّ بالفضل ممّن تُطرُون ، ومن تزكّون أحقّ بالذمّ ممّن تعيبون . فيقول له المغيرة : يا حجر ! ويحك ! اكفف من هذا ، واتّق غضبة السلطان وسطوته ; فإنّها كثيراً ما تقتل مثلك ، ثمّ يكفّ عنه . فلم يزل كذلك حتي كان المغيرة يوماً فى آخر أيّامه يخطب علي المنبر ، فنال من علىّ بن أبى طالب ¼ ، ولعنه ، ولعن شيعته ، فوثب حجر فنعر نعرةً أسمعت كلّ من كان فى المسجد وخارجه . فقال له : إنّك لا تدرى أيّها الإنسان بمن تولع ، أ وَهرمت ! مر لنا بأعطياتنا وأرزاقنا ; فإنّك قد حبستها عنّا ، ولم يكن ذلك لك ولا لمن كان قبلك ، وقد أصبحت مولعاً بذمّ أمير المؤمنين وتقريظ المجرمين . فقام معه أكثر من ثلاثين رجلاً يقولون : صدق والله حجر ! مر لنا بأعطياتنا ; فإنّا لا ننتفع بقولك هذا ، ولا يُجدى علينا . وأكثروا فى ذلك . فنزل المغيرة ودخل القصر ، فاستأذن عليه قومه ، ودخلوا ولاموه فى احتماله حجراً ، فقال لهم : إنّى قد قتلته . قال : وكيف ذلك ؟ ! قال : إنّه سيأتى أمير بعدى فيحسبه مثلى فيصنع به شبيهاً بما ترونه ، فيأخذه عند أوّل وهلة ، فيقتله شرّ قتلة . إنّه قد اقترب أجلى ، وضعف عملى ، وما اُحبّ أن أبتدئ أهل هذا المصر بقتل خيارهم ، وسفك دمائهم ، فيسعدوا بذلك وأشقي ، ويعزّ معاوية فى الدنيا ، ويذلّ المغيرة فى الآخرة ، سيذكروننى لو قد جرّبوا العمّال(٢) . (١) النساء : ١٣٥ . ٩١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُجْرُ بنُ عَدِيّ
٦٤٦٢ ـ الطبقات الكبري ـ فى ذِكر أحوال حجر بن عدىّ ـ : ذكر بعض رواة العلم أنّه وفد إلي النبىّ ½ مع أخيه هانئ بن عدىّ ، وشهد حجر القادسيّة وهو الذى افتتح مَرج عَذرا ، وكان فى ألفين وخمسمائة من العطاء . وكان من أصحاب علىّ بن أبى طالب وشهد معه الجمل وصفّين . فلمّا قدم زياد بن أبى سفيان والياً علي الكوفة دعا بحجر بن عدىّ فقال : تعلم أنّى أعرفك ، وقد كنت أنا وإيّاك علي ما قد علمت ـ يعنى من حبّ علىّ بن أبى طالب ـ وإنّه قد جاء غير ذلك ، وإنّى أنشدك الله أن تقطر لى من دمك قطرة فأستفرغه كلّه ، أملِكْ عليك لسانك ، وليسعك منزلك . . . وكانت الشيعة يختلفون إليه ويقولون : إنّك شيخنا وأحقّ الناس بإنكار هذا الأمر . وكان إذا جاء إلي المسجد مشوا معه ، فأرسل إليه عمرو بن حريث ـ وهو يومئذ خليفة زياد علي الكوفة وزياد بالبصرة ـ أبا عبد الرحمن : ما هذه الجماعة وقد أعطيت الأمير من نفسك ما قد علمت ؟ فقال للرسول : تُنكرون ما أنتم فيه ؟ إليك وراءك أوسع لك ، فكتب عمرو بن حريث بذلك إلي زياد ، وكتب إليه : إن كانت لك حاجة بالكوفة فالعجل . . . فأرسل إليه الشرط والبخاريّة فقاتلهم بمن معه ، ثمّ انفضّوا عنه واُتى به زياد وبأصحابه فقال له : ويلك ما لك ؟ فقال : إنّى علي بيعتى لمعاوية لا اُقيلها ولا أستقيلها ، فجمع زياد سبعين من وجوه أهل الكوفة فقال : اكتبوا شهادتكم علي حجر وأصحابه ، ففعلوا ثمّ وفدهم علي معاوية ، وبعث بحجر وأصحابه إليه . . . فقال معاوية بن أبى سفيان : أخرجوهم إلي عذرا فاقتلوهم هنالك . قال : فحُملوا إليها ، فقال حجر : ما هذه القرية ؟ قالوا : عذراء ، قال : الحمد لله ! ٩٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُجْرُ بنُ عَدِيّ
أما والله إنّى لأوّل مسلم نبّح كلابها فى سبيل الله ، ثمّ اُتى بى اليوم إليها مصفوداً . ودُفع كلّ رجل منهم إلي رجل من أهل الشام ليقتله ، ودُفع حجر إلي رجل من حمير فقدّمه ليقتله فقال : يا هؤلاء ! دعونى اُصلّى ركعتين ، فتركوه فتوضّأ وصلّي ركعتين ، فطوّل فيهما ، فقيل له : طوّلت ، أ جزعت ؟ فانصرف فقال : ما توضّأت قط إلاّ صلّيت ، وما صلّيت صلاةً قطّ أخفّ من هذه ، ولئن جزعت لقد رأيت سيفاً مشهوراً وكفناً منشوراً وقبراً محفوراً . وكانت عشائرهم جاؤوا بالأكفان وحفروا لهم القبور ، ويقال : بل معاوية الذى حفر لهم القبور وبعث إليهم بالأكفان . وقال حجر : اللهمّ إنّا نستعديك علي اُمّتنا ; فإنّ أهل العراق شهدوا علينا ، وإنّ أهل الشام قتلونا . قال : فقيل لحجر : مدّ عنقك ، فقال : إنّ ذاك لَدَمٌ ما كنت لاُعِينَ عليه ، فقُدّم فضُربت عنقه . . . عن محمّد قال : لمّا اُتى بحجر فاُمر بقتله ، قال : ادفنونى فى ثيابى ; فإنّى اُبعث مخاصِماً(١) . ٦٤٦٣ ـ تاريخ الطبرى عن أبى إسحاق : بعث زياد إلي أصحاب حجر حتي جمع اثنى عشر رجلاً فى السجن . ثمّ إنّه دعا رؤوس الأرباع ، فقال : اشهدوا علي حجر بما رأيتم منه . . . فشهد هؤلاء الأربعة : أنّ حجراً جمع إليه الجموع ، وأظهر شتم الخليفة ، ودعا إلي حرب أمير المؤمنين ، وزعم أنّ هذا الأمر لا يصلح إلاّ فى آل أبى طالب(٢) . (١) الطبقات الكبري : ٦ / ٢١٧ وراجع مروج الذهب : ٣ / ١٢ وتاريخ الطبرى : ٥ / ٢٥٦ و٢٥٧ . ٩٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُجْرُ بنُ عَدِيّ
٦٤٦٤ ـ الأغانى : كتب أبو بردة بن أبى موسي : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما شهد عليه أبو بردة بن أبى موسي لله ربّ العالمين ; شهد أنّ حجر بن عدىّ خلع الطاعة ، وفارق الجماعة ، ولعن الخليفة ، ودعا إلي الحرب والفتنة ، وجمع إليه الجموع يدعوهم إلي نكث البيعة ، وخلع أمير المؤمنين معاوية ، وكفر بالله كفرةً صلعاء(١) . ٦٤٦٥ ـ الأغانى : قال لهم[ أى لحجْر وأصحابه الستّة] رسولُ معاوية : إنّا قد اُمرنا أن نعرض عليكم البراءة من علىّ واللعن له ; فإن فعلتم هذا تركناكم ، وإن أبيتم قتلناكم ، وأمير المؤمنين يزعم أنّ دماءكم قد حلّت بشهادة أهل مصركم عليكم ، غير أنّه قد عفا عن ذلك ، فابرؤوا من هذا الرجل يُخْلِ سبيلكم . قالوا : لسنا فاعلين ، فأمر بقيودهم فحُلّت ، واُتى بأكفانهم فقاموا الليل كلّه يُصلّون ، فلمّا أصبحوا قال أصحاب معاوية : يا هؤلاء ، قد رأيناكم البارحة أطلتم الصلاة ، وأحسنتم الدعاء ، فأخبرونا ما قولكم فى عثمان ؟ قالوا : هو أوّل من جار فى الحكم ، وعمل بغير الحقّ . فقالوا : أمير المؤمنين كان أعرف بكم . ثمّ قاموا إليهم وقالوا : تبرؤون من هذا الرجل ؟ قالوا : بل نتولاّه(٢) . ٦٤٦٦ ـ الأغانى : قال لهم حجر : دعونى اُصلّى ركعتين ; فإنّى والله ما توضّأت قطّ إلاّ صلّيت ، فقالوا له : صلّ ، فصلّي ثمّ انصرف ، فقال : والله ما صلّيت صلاةً قطّ أقصر منها ، ولولا أن يروا أنّ ما بى جزع من الموت لأحببت أن أستكثر منها . ثمّ قال : اللهمّ إنّا نستعديك علي اُمّتنا ; فإنّ أهل الكوفة قد شهدوا علينا ، وإنّ (١) الأغانى : ١٧ / ١٤٩ ، أنساب الأشراف : ٥ / ٢٦٢ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٦٨ عن أبى الكنود . ٩٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُجْرُ بنُ عَدِيّ
أهل الشام يقتلوننا ، أما والله لئن قتلتمونا ; فإنّى أوّل فارس من المسلمين سلك فى واديها ، وأوّل رجل من المسلمين نبحته كلابها . فمشي إليه هدبة بن الفيّاض الأعور بالسيف ، فأرعدت خصائله(١) ، فقال : كلاّ ، زعمت أنّك لا تجزع من الموت ; فإنّا ندعك ، فابرأ من صاحبك . فقال : ما لى لا أجزع ، وأنا أري قبراً محفوراً ، وكفناً منشوراً ، وسيفاً مشهوراً ، وإنّى والله إن جزعت لا أقول ما يُسخط الربّ ، فقتله(٢) . ٦٤٦٧ ـ الأغانى عن أبى مخنف عن رجاله : فكان مَن قُتل منهم سبعة نفر : حجر بن عدىّ ، وشريك بن شدّاد الحضرمى ، وصيفىّ بن فسيل الشيبانى ، وقبيصة بن ضُبيعة العبسى ، ومُحرز بن شهاب المِنقرى ، وكدام بن حيّان العنزى ، وعبد الرحمن بن حسّان العنزى(٣) . ٦٤٦٨ ـ تاريخ اليعقوبى : قالت عائشة لمعاوية حين حجّ ، ودخل إليها : يا معاوية ، أ قتلت حجراً وأصحابه ! فأين عزب حلمك عنهم ؟ أما إنّى سمعت رسول الله ½ يقول : يُقتل بمرج عذراء نفر يغضب لهم أهل السماوات ، قال : لم يحضرنى رجل رشيد ، يا أمّ المؤمنين !(٤) ٦٤٦٩ ـ الأغانى عن عبد الملك بن نوفل : كانت عائشة تقول : لولا أنّا لم نُغيّر شيئاً (١) الخصيلة : لحم العضدين والفخذين والساقين ، وجمعها خصائل (النهاية : ٢ / ٣٨) . ٩٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُذَيْفَةُ بنُ اليَمان
قطّ إلاّ آلت بنا الاُمور إلي أشدّ ممّا كنّا فيه ، لغيّرنا قتل حجر ، أما والله إن كان لمسلماً ما علمته حاجّاً معتمراً(١) . ٦٤٧٠ ـ تاريخ اليعقوبى : روى أنّ معاوية كان يقول : ما أعدّ نفسى حليماً بعد قتلى حجراً وأصحاب حجر(٢) . ٦٤٧١ ـ تاريخ الطبرى عن ابن سيرين ـ فى معاوية ـ : بلغنا أنّه لمّا حضرته الوفاة جعل يُغرغِر بالصوت ويقول : يومى منك يا حُجر يوم طويل(٣) . ٢٨ حذيفة بن اليمان بن جابر ، أبو عبد الله العبسى . كان من وجهاء الصحابة وأعيانهم . وقد أثني عليه الرجاليّون وأصحاب التراجم بمزايا ذكروها فى كتبهم كقولهم : "كان من نجباء(٤) وكبار أصحاب رسول الله ½ "(٥) ، وقولهم : "صاحب سرّ النبىّ ½ "(٦) ، وقولهم : "و أعلم الناس بالمنافقين"(٧) . وأسرّ إليه رسول الله ½ (١) الأغانى : ١٧ / ١٥٨ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٧٩ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٩٩ . ٩٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُذَيْفَةُ بنُ اليَمان
أسماء المنافقين(١) وضبط عنه الفتن الكائنة فى الاُمّة(٢) إلي قيام الساعة(٣) . لم يشهد بدراً ، وشهد اُحداً وما بعدها من المشاهد(٤) . كان أحد الذين ثبتوا علي العقيدة . لم يصبر علي تغيير "حقّ الخلافة" و"خلافة الحقّ" بعد وفاة رسول الله ، ووقف إلي جانب علىّ ¼ بخطيً ثابتة(٥) . كان حذيفة ممّن شهد جنازة السيّدة فاطمة الزهراء (ع) ، وصلّي علي جثمانها الطاهر(٦) . ولىَ المدائن فى عهد عمر وعثمان(٧) . وكان مريضاً فى ابتداء خلافة أمير المؤمنين علىّ ¼ . مع هذا كلّه لم يُطِق السكوت عن مناقبه وفضائله صلوات الله عليه ، فصعد المنبر بجسمه العليل ، وأثني عليه وأبلغ الثناء ، وذكره بقوله : "فو الله إنّه لعلي الحقّ آخراً وأوّلاً"(٨) ، وقوله : "إنّه لخير من مضي بعد نبيّكم" . وأخذ له البيعة (٩) ، وهو نفسه بايعه أيضاً(١٠) . (١) سير أعلام النبلاء : ٢ / ٣٦٤ / ٧٦ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٤٩٤ . ٩٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُذَيْفَةُ بنُ اليَمان
وأوصي أولاده مؤكّداً ألاّ يقصّروا فى اتّباعه والسير وراءه(١) ، وقال لهم : "فإنّه والله علي الحقّ ، ومن خالفه علي الباطل" . ثمّ توفّى بعد سبعة أيّام مضت علي ذلك(٢) . وقيل : توفّى بعد أربعين يوماً(٣) . ٦٤٧٢ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتابه إلي حذيفة بن اليمان ـ : بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلي حذيفة بن اليمان ، سلام عليك . أمّا بعد ; فإنّى قد ولّيتك ما كنت تليه لمن كان قبلى من حرف المدائن ، وقد جعلت إليك أعمال الخراج والرستاق وجباية أهل الذمّة ، فاجمع إليك ثقاتك ومن أحببت ممّن ترضي دينه وأمانته ، واستعِن بهم علي أعمالك ; فإنّ ذلك أعزّ لك ولوليّك ، وأكبت لعدوّك . وإنّى آمرك بتقوي الله وطاعته فى السرّ والعلانية ، واُحذّرك عقابه فى المغيب والمشهد ، وأتقدّم إليك بالإحسان إلي المحسن ، والشدّة علي المعاند ، وآمرك بالرفق فى اُمورك ، واللين والعدل علي رعيّتك ; فإنّك مسؤول عن ذلك ، وإنصاف المظلوم ، والعفو عن الناس ، وحسن السيرة ما استطعت ، فالله يجزى المحسنين . وآمرك أن تُجبى خراج الأرضين علي الحقّ والنصفة ، ولا تتجاوز ما قدّمت به إليك ، ولا تدع منه شيئاً ، ولا تبتدع فيه أمراً ، ثمّ اقسمه بين أهله بالسويّة والعدل . واخفض لرعيّتك جناحك ، وواسِ بينهم فى مجلسك ، ولْيكن القريب والبعيد عندك فى الحقّ سواء ، واحكم بين الناس بالحقّ ، وأقِم فيهم بالقسط ، ولا تتّبع (١) مروج الذهب : ٢ / ٣٩٤ ، الاستيعاب : ١ / ٣٩٤ / ٥١٠ . ٩٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُذَيْفَةُ بنُ اليَمان
الهوي ، ولا تخَف فى الله لومة لائم ; فـ ³ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّ الَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ² (١) . وقد وجّهت إليك كتاباً لتقرأه علي أهل مملكتك ، ليعلموا رأينا فيهم وفى جميع المسلمين ، فأحضرهم واقرأه عليهم ، وخُذ لنا البيعة علي الصغير والكبير منهم إن شاء الله(٢) . ٦٤٧٣ ـ الأمالى للطوسى عن حذيفة : ألا من أراد ـ والذى لا إله غيره ـ أن ينظر إلي أمير المؤمنين حقّاً حقّاً ، فلينظر إلي علىّ بن أبى طالب ، فوازِروه واتّبِعوه وانصروه(٣) . ٦٤٧٤ ـ مروج الذهب : كان حذيفة عليلاً بالكوفة فى سنة ستّ وثلاثين ، فبلغه قتل عثمان وبيعة الناس لعلىّ ، فقال : أخرجونى وادعوا الصلاة جامعة ، فوُضِع علي المنبر ، فحمد الله وأثني عليه وصلّي علي النبىّ وعلي آله ، ثمّ قال : أيّها الناس ! إنّ الناس قد بايعوا عليّاً ; فعليكم بتقوي الله ، وانصروا عليّاً ووازِروه ، فو الله إنّه لعلي الحقّ آخراً وأوّلاً ، وإنّه لخير من مضي بعد نبيّكم ومن بقى إلي يوم القيامة . ثمّ أطبق يمينه علي يساره ثمّ قال : اللهمّ اشهد ، إنّى قد بايعت عليّاً . وقال : الحمد لله الذى أبقانى إلي هذا اليوم ، وقال لابنَيه صفوان وسعد : احملانى ، وكونا معه ; فستكون له حروب كثيرة ، فيهلك فيها خلق من الناس ، فاجتهدا أن (١) النحل : ١٢٨ . ٩٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُكَيمُ بنُ جَبَلَةَ
تستشهدا معه ; فإنّه والله علي الحقّ ، ومن خالفه علي الباطل . ومات حذيفة بعد هذا اليوم بسبعة أيّام(١) . ٦٤٧٥ ـ الأمالى للطوسى عن أبى راشد : لمّا أتي حذيفة بيعة علىّ ¼ ضرب بيده واحدة علي الاُخري وبايع له ، وقال : هذه بيعة أمير المؤمنين حقّاً ، فو الله لا يُبايَع بعده لواحد من قريش إلاّ أصغر أو أبتر يولى الحقّ استَه(٢) . ٦٤٧٦ ـ مجمع الزوائد عن سيّار أبى الحكم : قالت بنو عبس لحذيفة : إنّ أمير المؤمنين عثمان قد قُتل ، فما تأمرنا ؟ قال : آمركم أن تلزموا عمّاراً . قالوا : إنّ عمّاراً لا يفارق عليّاً ! قال : إنّ الحسدَ هو أهلك الجسد ، وإنّما ينفركم من عمّار قربه من علىّ ! فو الله لعلىّ أفضل من عمّار أبعدَ ما بين التراب والسحاب ، وإنّ عمّاراً لمن الأخيار ، وهو يعلم أنّهم إن لزموا عمّاراً كانوا مع علىّ(٣) . ٢٩ حُكَيم بن جبلة بن حصين العبدى ، ويقال ابن جبل . من أصحاب علىّ ¼ (٤) ، ومن الثابتين علي طاعته ، والعارفين بحقّه فى الخلافة . أثني عليه أصحاب التراجم بعبارات متنوّعة ، منها : "كان مُطاعاً فى قومه"(٥) ، ومنها : "أحد أشراف (١) مروج الذهب : ٢ / ٣٩٤ . إرجاعات
٣١٠ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام عليّ / الفصل السادس : عليّ عن لسان أصحاب النبيّ / حُذَيفَةُ بن اليَمانِ
١٠٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُكَيمُ بنُ جَبَلَةَ
الأبطال"(١) ، ومنها : "و ما سُمع بأشجع منه"(٢) . تولّي قيادة البصريّين فى الثورة علي عثمان(٣) . وعندما نقض مساعير فتنة الجمل "طلحة والزبير" ومن معهما الهدنة مع عثمان بن حنيف ، وحملوا علي الناس ، وهمّوا باحتلال البصرة ، قاتلهم حكيم وأصحابه بشجاعة وبصيرة . وارتفاع كلمته الرائعة عند القتال : "إنّى لستُ فى شكٍّ من قتال هؤلاء . . ."(٤) آية علي معرفته الدقيقة واعتقاده العميق بالحقّ . وقد رزقه الله الشهادة فى ذلك القتال(٥) . وذكر الإمام أمير المؤمنين ¼ أنّ مقتل حكيم كان أحد الأسباب التى دفعته إلي مقاتلة أصحاب الجمل ومواجهة فتنتهم وفسادهم(٦) . ٦٤٧٧ ـ تاريخ الطبرى عن الجارود بن أبى سبرة : لمّا كانت الليلة التى اُخذ فيها عثمان بن حنيف ، وفى رحبة مدينة الرزق طعام يرتزقه الناس ، فأراد عبد الله أن يرزقه أصحابه وبلغ حكيم بن جبلة ما صُنع بعثمان ، فقال : لست أخاف الله إن لم (١) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٣١ / ١٣٦ . ١٠١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / حُكَيمُ بنُ جَبَلَةَ
أنصره . فجاء فى جماعة من عبد القيس وبكر بن وائل وأكثرهم عبد القيس ، فأتي ابن الزبير مدينة الرزق ، فقال : ما لك يا حكيم ؟ قال : نريد أن نرتزق من هذا الطعام ، وأن تخلّوا عثمان فيُقيم فى دار الإمارة علي ما كتبتم بينكم حتي يقدم علىّ ، والله لو أجد أعواناً عليكم أخبطكم بهم ما رضيت بهذه منكم حتي أقتلكم بمن قتلتم ، ولقد أصبحتم وإنّ دماءكم لنا لحلال بمن قتلتم من إخواننا ، أ ما تخافون الله عزّ وجلّ ! بمَ تستحلّون سفك الدماء ؟ قال : بدم عثمان بن عفّان . قال : فالذين قتلتموهم قتلوا عثمان ؟ أ ما تخافون مقت الله ؟ فقال له عبد الله بن الزبير : لا نرزقكم من هذا الطعام ، ولا نُخلّى سبيل عثمان بن حنيف حتي يخلع عليّاً ، قال حكيم : اللهمّ إنّك حكم عدل فاشهد . وقال لأصحابه : إنّى لست فى شكّ من قتال هؤلاء ; فمن كان فى شكّ فلينصرف . وقاتلَهم فاقتتلوا قتالا شديداً ، وضرب رجلٌ ساقَ حكيم ، فأخذ حكيم ساقه فرماه بها ، فأصاب عنقه فصرعه ووقذه(١) ثمّ حبا إليه فقتله واتّكأ عليه ، فمرّ به رجل فقال : مَن قتلَك ؟ قال : وِسادتى ! وقُتل سبعون رجلا من عبد القيس . قال الهذلى : قال حكيم حين قطعت رجله :
إنّ معى من نجدة ذِراعى قال عامر ومسلمة : قُتل مع حكيم ، ابنه الأشرف ، وأخوه الرعل بن جبلة(٣) . ٦٤٧٨ ـ سير أعلام النبلاء : لم يزل يُقاتل يوم الجمل حتي قُطعت رجله ، فأخذها (١) وقذه : ضربه حتي استرخي وأشرف علي الموت (لسان العرب : ٣ / ٥١٩) . ١٠٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / الحلوُ بنُ عَوْف
وضرب بها الذى قطعها فقتله بها ، وبقى يُقاتل علي رجل واحدة ويرتجز ، ويقول :
أحمى بها كُراعى(١) فنزف منه دم كثير ، فجلس متّكئاً علي المقتول الذى قطع ساقه ، فمرّ به فارس ، فقال : من قطع رجلك ؟ قال : وِسادتى ! فما سُمِعَ بأشجع منه . ثمّ شدّ عليه سحيم الحُدّانى فقتله(٢) . ٦٤٧٩ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من كلامه حين دخل البصرة ـ : عبادَ الله ! انهدوا(٣) إلي هؤلاء القوم منشرحةً صدوركم بقتالهم ; فإنّهم نكثوا بيعتى ، وأخرجوا ابن حنيف عاملى بعد الضرب المبرّح والعقوبة الشديدة ، وقتلوا السيابجة(٤) ، وقتلوا حكيم بن جَبَلَة العبدى(٥) . ٣٠ ٦٤٨٠ ـ تاريخ اليعقوبى : كان علىّ قد وجّه الحلو بن عوف الأزدى عاملاً علي (١) الكُراع من الإنسان : ما دون الركبة إلي الكعب (لسان العرب : ٨ / ٣٠٦) . ١٠٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / خَالِدُ بنُ مُعَمَّر
عمان(١) ، فوثبت به بنو ناجية فقتلوه(٢) . ٣١ خالد بن المعمّر بن سليمان السدوسى . كان من أصحاب الإمام علىّ ، ومن كبار قبيلة ربيعة(٣) . شهد الجمل . وكان من رؤساء البصرة الاُوَل الذين استجابوا للإمام ¼ عند عزمه علي قتال معاوية ، وأسرعوا إلي نصرته(٤) . وكانت قبيلة ربيعة من كبار القبائل التى شهدت حرب صفّين ، ولها فيها دور أساسىّ مهمّ(٥) . حاول معاوية ترغيبه ، وكاتَبه ، ووعده بولاية خراسان ، ومع أنّ هذا الموضوع لم يثبت عند الإمام ¼ ، واستمرّ خالد قائداً لربيعة ، إلاّ أنّ تضعضعه فى الأحداث اللاحقة للحرب كان ملحوظاً بوضوح . وعندما رُفعت المصاحف علي الرماح قال خالد للإمام ¼ : ما البقاء إلاّ فيما دعا القوم إليه إن رأيتَه . وإن لم تره فرأيك أفضل(٦) . وخان خالد الإمام الحسن ¼ (٧) ، وذهب إلي معاوية وبايعه . فكرّمه ووسّده (١) عمّان : بلد فى طرف الشام ، وكانت قصبة أرض البلقاء (معجم البلدان : ٤ / ١٥١) . ١٠٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / خُزَيْمَةُ بنُ ثَابِت ذُو الشَّهَادَتَيْنِ
علي أرضييّة . وقيل فى هذا المجال :
ومات خالد قبل وصوله إليها(١) . وجاء فى بعض المصادر أنّه مدح الإمام عليّاً ¼ بمحضر معاوية ، وقال فى حبّه إيّاه : اُحبّه والله علي حلمه إذا غضب ، ووفائه إذا عقد ، وصدقه إذا أكّد ، وعدله إذا حكم(٢) . ٣٢ خُزَيْمَةُ بنُ ثَابِت ذُو الشَّهَادَتَيْنِ خزيمة بن ثابت بن الفاكه الأنصارى الأوسى يُكنّي أبا عمارة . ويلقّب بذى الشهادتين . من الشخصيّات المتألّقة بين صحابة النبىّ ½ . شهد اُحداً وبقيّة المشاهد(٣) . وإنّما اشتهر بذى الشهادتين ; لأنّ رسول الله ½ جعل شهادته شهادة رجلين(٤) . وكان خزيمة أحد الأفراد القلائل الذين ثبتوا علي "حقّ الخلافة" و"خلافة الحقّ" بعد النبىّ ½ (٥) ، إذ قام فى المسجد رافعاً (١) الإصابة : ٢ / ٢٩٩ / ٢٣٢٦ ، تاريخ دمشق : ١٦ / ٢٠٦ . ١٠٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / خُزَيْمَةُ بنُ ثَابِت ذُو الشَّهَادَتَيْنِ
صوته بالدفاع عن خلافة أمير المؤمنين علىّ ¼ . واحتجّ بالمنزلة التى خصّه بها رسول الله ½ ، فشهد أنّ رسول الله ½ جعل أهل بيته (ع) معياراً لمعرفة الحقّ من الباطل ، ونصبهم أئمّة علي العباد(١) . وشهد خزيمة حروب أمير المؤمنين ¼ وكان ثابت الخُطي فيها . رُزق الشهادة بعد استشهاد عمّار بن ياسر(٢)(٣) . ٦٤٨١ ـ رجال الكشّى عن أبى إسحاق : لمّا قُتل عمّار ، دخل خزيمة بن ثابت فسطاطه ، وطرح عنه سلاحه ، ثمّ شنّ عليه الماء فاغتسل ، ثمّ قاتل حتي قُتل(٤) . ٦٤٨٢ ـ أصحاب الإمام أمير المؤمنين ¼ عن عبد الرحمن بن أبى ليلي : كنت بصفّين فرأيت رجلاً أبيض اللحية ، معتمّاً متلثّماً ، ما يُري منه إلاّ أطراف لحيته ، يقاتل أشدّ قتال ، فقلت : يا شيخ ! تقاتل المسلمين ؟ فحسر لثامه ، وقال : أنا خزيمة ، سمعت رسول الله ½ يقول : "قاتِلْ مع علىّ جميع من يقاتل"(٥) . (١) الخصال : ٤٦٤ / ٤ ، الاحتجاج : ١ / ١٩٧ / ٨ ، رجال البرقى : ٦٥ نحوه . |
||||||||||||||||||||||