الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد الثاني عشر

 

١٠٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / خُلَيدُ بنُ قُرَّةَ اليَرْبوعِيّ

٣٣

خُلَيدُ بنُ قُرَّةَ اليَرْبوعِىّ

٦٤٨٣ ـ تاريخ الطبرى ـ فى ذكر خليد بن قرّة ـ : كان والى خراسان(١) .

٦٤٨٤ ـ وقعة صفّين : بعث [الإمام علىّ  ¼ ] خُليداً إلي خراسان ، فسار خليدٌ حتي إذا دنا من نيسابور بلغه أنّ أهل خراسان قد كفروا ونزعوا يدهم من الطاعة ، وقدم عليهم عمّال كسري من كابل ، فقاتل أهل نيسابور فهزمهم وحصر أهلها ، وبعث إلي علىّ بالفتح والسبى(٢) .

٣٤

رِبْعِىُّ بنُ كَاس

٦٤٨٥ ـ وقعة صفّين : استعملَ [الإمام علىّ  ¼ ] رِبعىّ بن كاس علي سَجِستان(٣)(٤) .

٦٤٨٦ ـ الكامل فى التاريخ : بعد خروج حسكة فى سجستان كتب علىّ  ¼ إلي عبد الله بن العبّاس يأمره أن يولّى سجستان رجلاً ويسيّره إليها فى أربعة آلاف ،


(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٩٣ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٠٩ ، الأخبار الطوال : ١٥٣ وفيه "خليد بن كاس" ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥١ وفيه "خليد بن قرّة التميمى" ، البداية والنهاية : ٧ / ٣١٨ ; وقعة صفّين : ١٢ .
(٢) وقعة صفّين : ١٢ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٩٢ وفيه "بعث خليد بن قرّة اليربوعى فحاصر أهل نيسابور حتي صالحوه وصالحه أهل مرو" ، الأخبار الطوال : ١٥٤ نحوه .
(٣) سَجِسْتان : معرّب سِيستان ; وهى حاليّاً من محافظات إيران الشرقيّة .
(٤) وقعة صفّين : ١٢ ; الأخبار الطوال : ١٥٣ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥١ ، أنساب الأشراف : ٢ / ٤٠٢ .

 ١٠٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / الرَّبِيعُ بنُ خُثَيم

فوجّه ربعىّ بن كاس العنبرى ومعه الحُصَين بن أبى الحُرّ العنبرى ، فلمّا ورد سجستان قاتلهم حسكة وقتلوه ، وضبطَ ربعىُّ البلاد(١) .

٣٥

الرَّبِيعُ بنُ خُثَيم

الربيع بن خثيم(٢) الثورى يُكنّي أبا يزيد . وهو من أصحاب عبد الله بن مسعود(٣) . اشتهر بالزهد(٤) ، فعُدَّ أحد الزهّاد الثمانية المعروفين(٥) .

جاء إلي أمير المؤمنين  ¼ فى وقعة صفّين مع جماعة من القرّاء ، فقال : قد شككنا فى هذا القتال ! ولا غني بك ولا بالمسلمين عمّن يقاتل المشركين ، فولّنا بعض هذه الثغور لنقاتل عن أهله ، فولاّهم ثغر قزوين والرىّ . وولاّه عليهم(٦) .


(١) الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٥١ وراجع تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥١ .
(٢) ضُبط اسم والد الربيع فى مصادر الفريقين علي نحوين ; فالأكثر ضبطه بـ"خُثَيم" (راجع : صحيح البخارى : ٤ / ١٨٨٣ وج ٥ / ٢٣٥١ / ٦٠٤١ وسنن الترمذى : ٤ / ٦٣٥ / ٢٤٥٤ وسنن ابن ماجة : ٢ /١٤١٤/٤٢٣١ ومسند ابن حنبل : ٩ / ١٤١ / ٢٣٦٠٦ والإكمال : ١ / ٥٨٦ وتوضيح المشتبه : ١/٦٣٨ و معانى الأخبار : ١٩١ / ١ وثواب الأعمال : ١٠٠ / ١ ورجال الكشّى : ١ / ٣١٣ / ١٥٤) . وبعضها جاء فيه بلفظ "خَيْثم" (راجع : المعجم الصغير : ١ / ١٤٣ وحلية الأولياء : ٢ / ١٠٥ / ١٦٧ والنهاية: ٣/٢٨٤ ومجمع الزوائد: ١٠ / ٩٣ / ١٦٨٢٠ وفضائل الأشهر الثلاثة : ١٣٤ / ١٤٣ وكنز الفوائد: ١ / ٩٢). ونظراً إلي أكثريّة مصادر الضبط الأوّل "أى خُثَيم" ، ثمّ تصريح ابن حجر فى فتح البارى (٦/٢٨٧) وتقريب التهذيب (٢٠٦ / ١٨٨٨) بكونه : بالمعجمة والمثلّثة مصغّراً ، فلذا رجّحنا ضبطه بـ"خُثَيم" .
(٣) وقعة صفّين : ١١٥ ; البداية والنهاية : ٨ / ٢١٧ .
(٤) الطبقات الكبري : ٦ / ١٨٣ ، تهذيب الكمال : ٩ / ٧٢ / ١٨٥٩ ; مصباح الشريعة : ١٧٥ .
(٥) تهذيب الكمال : ٩ / ٧٣ / ١٨٥٩ وج ٢٤ / ٢١٩ / ٤٩٩٦ ، صفة الصفوة : ٢ / ٢٩ ، حلية الأولياء : ٢ / ١٠٥ / ١٦٧ ، تاريخ دمشق : ٥٠ / ٢٥٠ .
(٦) الأخبار الطوال : ١٦٥ ; وقعة صفّين : ١١٥ .

 ١٠٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / الرَّبِيعُ بنُ خُثَيم

فهو إذاً لم يعرف الحقّ ، وارتاب عند اشتعال نار الفتنة ، مع ادّعائه الزهد والقداسة والإعراض عن الدنيا ، ورغب عن أمير المؤمنين  ¼ الذى كان محور الحقّ وفارقه . بيد أنّ بعض الرجاليّين أثنَوا عليه(١) ، ولكن حسبنا فى ذمّه تخلّفه وكلامه الآنف الذكر . ومن هنا إذا لم تقترن العبادة والزهد بالوعى والعمق فهذه هى عاقبتها .

توفّى فى الكوفة أيّام عبيد الله بن زياد(٢) .

فالظاهر أنّ خواجة ربيع المدفون فى خراسان وفى جوار الإمام الرضا  ¼ هو غير ربيع بن خثيم الذى توفّى بالكوفة ، ولعلّه من أصحاب الصادق  ¼ .

٦٤٨٧ ـ الأخبار الطوال ـ فى ذكر مجىء الإمام علىّ  ¼ إلي صفّين ـ : أجابه جُلّ الناس إلي المسير ، إلاّ أصحاب عبد الله بن مسعود ، وعبيدة السلمانى ، والربيع بن خثيم فى نحو من أربعمائة رجل من القرّاء ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ! قد شككنا فى هذا القتال ، مع معرفتنا فضلك ، ولا غني بك ولا بالمسلمين عمّن يُقاتل المشركين ، فولّنا بعض هذه الثغور لنقاتل عن أهله .

فولاّهم ثغر قزوين والرىّ ، وولّي عليهم الربيع بن خثيم ، وعقد له لواء ، وكان أوّل لواء عُقد فى الكوفة(٣) .

٦٤٨٨ ـ حلية الأولياء عن بلال بن المنذر ـ بعد شهادة الإمام الحسين  ¼ ـ : قال رجل : إن لم أستخرج اليوم سيّئة من الربيع لأحد لم أستخرجها أبداً!


(١) رياض العلماء : ٢ / ٢٨٧ ، مجالس المؤمنين : ١ / ٢٩٧ وراجع مصباح الشريعة : ١٠٦ وص ١٧٥ و ٤٤٥ و٥٠٧ .
(٢) الطبقات الكبري : ٦ / ١٩٣ ، الطبقات لخليفة بن خيّاط : ٢٣٨ / ٩٩٢ ، صفة الصفوة : ٢ / ٣٣ .
(٣) الأخبار الطوال : ١٦٥ ; وقعة صفّين : ١١٥ .

 ١٠٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / رُشَيدٌ الهَجَرِيّ

قال [ الرجل ] : قلت : يا أبا يزيد ، قُتل ابن فاطمة (ع) ، قال : فاسترجع ، ثمّ تلا هذه الآية : ³ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ  ²  (١) .

قال [ الرجل ] : قلت : ما تقول ؟ قال : ما أقول ! إلي الله إيابهم ، وعلي الله حسابهم(٢) .

٣٦

رُشَيدٌ الهَجَرِي ّ

رُشيد الهَجَرى من أصحاب أمير المؤمنين  ¼ الواعين الراسخين(٣) . وعدّ من أصحاب الإمام الحسن(٤) والإمام الحسين    ¤ أيضاً(٥) ، كان أمير المؤمنين  ¼ يعظّمه ويُسمّيه "رشيد البلايا" . واخترقت نظرته الثاقبة النافذة ما وراء عالم الشهادة ، فعُرف بعالِم "البلايا والمنايا"(٦) . قال له الإمام  ¼ يوماً : كيف صبرك إذا أرسل إليك دعىُّ بنى اُميّة ، فقطع يديك ورجليك ولسانك ؟

قال : أ يكون آخر ذلك إلي الجنّة ؟(٧)


(١) الزمر : ٤٦ .
(٢) حلية الأولياء : ٢ / ١١١ .
(٣) رجال الطوسى : ٦٣ / ٥٥٦ ، رجال الكشّى : ١ / ٢٩٠ / ١٣١ ، رجال البرقى : ٤ ، الاختصاص : ٧ ; شرح نهج البلاغة : ٢ / ٢٩٤ .
(٤) رجال الطوسى : ٩٤ / ٩٣١ .
(٥) رجال الطوسى : ١٠٠ / ٩٧٨ ، الاختصاص : ٨ ، رجال البرقى : ٧ .
(٦) رجال الكشّى : ١ / ٢٩١ / ١٣١ ، الأمالى للطوسى : ١٦٦ / ٢٧٦ وفيه "رشيد المبتلي" ، الاختصاص : ٧٧ ، بصائر الدرجات : ٢٦٤ / ٩ .
(٧) الأمالى للطوسى : ١٦٥ / ٢٧٦ ، رجال الكشّى : ١ / ٢٩٠ / ١٣١ .

 ١١٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / رُشَيدٌ الهَجَرِيّ

وهكذا ترجم عظمة الصبر ، ودلّ علي صلابته فى محبّته أمير المؤمنين صلوات الله عليه . ولمّا آن ذلك الأوان فعل زياد بن أبيه فعلته ، ولم يتنازل رشيد عن الحقّ إلي أن استشهد وصلب(١) .

٦٤٨٩ ـ الأمالى للطوسى عن بنت رُشيد الهَجَرى عن رُشيد الهجَرَى : قال لى حبيبى أمير المؤمنين  ¼ : يا رُشيد ، كيف صبرك إذا أرسل إليك دعىُّ بنى اُميّة فقطع يديك ورجليك ولسانك ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، أ يكون آخر ذلك إلي الجنّة ؟ قال : نعم يا رُشيد ، وأنت معى فى الدنيا والآخرة .

قالت : فوَ الله ما ذهبت الأيّام حتي أرسل إليه الدعىّ عبيد الله بن زياد ، فدعاه إلي البراءة من أمير المؤمنين  ¼ ، فأبي أن يتبرّأ منه ، فقال له ابن زياد : فبأىّ ميتة قال لك صاحبك تموت ؟

قال : أخبرنى خليلى صلوات الله عليه أنّك تدعونى إلي البراءة منه فلا أتبرّأ ، فتقدّمنى فتقطع يدى ورجلى ولسانى . فقال : والله لاُكذّبنَّ صاحبك ، قدّموه فاقطعوا يده ورجله واتركوا لسانه ، فقطعوه ثمّ حملوه إلي منزلنا . فقلت له : يا أبه جُعلت فداك، هل تجد لما أصابك ألماً؟ قال: والله لا يا بُنية إلاّ كالزحام بين الناس.

ثمّ دخل عليه جيرانه ومعارفه يتوجّعون له ، فقال : ايتونى بصحيفة ودواة أذكر لكم ما يكون ممّا أعلمنيه مولاى أمير المؤمنين  ¼ .

فأتوه بصحيفة ودواة ، فجعل يذكر ويُملى عليهم أخبار الملاحم والكائنات ويسندها إلي أمير المؤمنين  ¼ .

فبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إليه الحجّام حتي قطع لسانه ، فمات من ليلته تلك


(١) الإرشاد : ١ / ٣٢٥ ; شرح نهج البلاغة : ٢ / ٢٩٤ .

 ١١١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِرُّ بنُ حُبَيش

رحمه الله(١) .

٦٤٩٠ ـ الإرشاد عن زياد بن النضر الحارثى : كنت عند زياد إذ اُتى برُشيد الهجرى ، فقال له زياد : ما قال لك صاحبك ـ يعنى عليّاً  ¼ ـ إنّا فاعلون بك ؟قال : تقطعون يدىَّ ورجلىَّ وتصلبونني. فقال زياد: أم والله لاُكذّبنَّ حديثه ، خلّو سبيله.

فلمّا أراد أن يخرج قال زياد : والله ما نجد له شيئاً شرّاً ممّا قال صاحبه ، اقطعوا يديه ورجليه واصلبوه . فقال رُشيد : هيهات ، قد بقى لى عندكم شىء أخبرنى به أمير المؤمنين  ¼ . قال زياد : اقطعوا لسانه . فقال رُشيد : الآن والله جاء تصديق خبر أمير المؤمنين  ¼ (٢) .

٣٧

زِرُّ بنُ حُبَيش

زرّ بن حُبيش بن حُباشة الأسدى من الفضلاء والعلماء والقرّاء المطّلعين علي معارف القرآن ، وأحد عيون التابعين(٣) ، ومن أصحاب أمير المؤمنين  ¼ الأجلاّء(٤) . وقد شهد الإمام  ¼ بوثاقته . وبلغ حبّه وودّه للإمام  ¼ درجة أنّ أصحاب الرجال عدّوه علويّاً(٥) .


(١) الأمالى للطوسى : ١٦٥ / ٢٧٦ ، رجال الكشّى : ١ / ٢٩٠ / ١٣١ ، الاختصاص : ٧٧ .
(٢) الإرشاد : ١ / ٣٢٥ ، إعلام الوري : ٢ / ٣٤٣ ; شرح نهج البلاغة : ٢ / ٢٩٤ وراجع رجال الكشّى : ١ / ٢٩٠ / ١٣١ والاختصاص : ٧٨ .
(٣) الاستيعاب : ٢ / ١٣١ / ٨٧٣ ، اُسد الغابة : ٢ / ٣١٢ / ١٧٣٥ ، الإصابة : ٢ / ٥٢٢ / ٢٩٧٨ ; رجال الطوسى : ٦٤ / ٥٦٩ . .
(٤) تاريخ دمشق : ١٩ / ٢٤ ، تهذيب التهذيب : ٢ / ١٩٤ / ٢٣٥٠ ; رجال الطوسى : ٦٤ / ٥٦٩ .
(٥) تهذيب الكمال : ٩ / ٣٣٧ / ١٩٧٦ ، سير أعلام النبلاء : ٤ / ١٦٨ / ٦٠ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٢٩ ، الإصابة : ٢ / ٥٢٣ / ٢٩٧٨ .

 ١١٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

كان بارعاً فى أدب العرب . ووصفته كتب التراجم بأنّه أعرب الناس ، وذكرت أنّ عبد الله بن مسعود كان يسأله عن العربيّة(١) . قرأ زرّ القرآن كلّه علي أمير المؤمنين  ¼ (٢) ، وقرأه عاصم عليه(٣) ، وكان عاصم من القرّاء السبعة وكبار علماء الكوفة فى القرن الثانى .

عُمِّر زرّ طويلاً ، وتوفّى حوالي سنة ٨٠ هـ (٤) ، وهو ابن مائة وعشرين سنة(٥) .

٦٤٩١ ـ ميزان الاعتدال عن زرّ بن حُبيش : قرأت القرآن كلّه علي علىّ  ¼ فلمّا بلغت : ³ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ  ²  (٦) بكي حتي ارتفع نحيبه(٧) .

٣٨

زِيادُ بنُ أبيه

هو زياد بن سُميَّة ; وهى اُمّه ، وقبل استلحاقه بأبى سفيان يقال له : زياد بن


(١) الطبقات الكبري : ٦ / ١٠٥ ، تهذيب الكمال : ٩ / ٣٣٧ / ١٩٧٦ ، سير أعلام النبلاء : ٤ / ١٦٧ / ٦٠ ، المعارف لابن قتيبة : ٤٢٧ ، الإصابة : ٢ / ٥٢٢ / ٢٩٧٨ .
(٢) ميزان الاعتدال : ٢ / ٧٣ / ٢٨٧٨ ، المناقب للخوارزمى : ٨٦ / ٧٦ .
(٣) سير أعلام النبلاء : ٤ / ١٦٧ / ٦٠ ، المعارف لابن قتيبة : ٥٣٠ ، وفيات الأعيان : ٣ / ٩ ، تذكرة الحفّاظ : ١ / ٥٧ / ٤٠ .
(٤) تاريخ خليفة بن خيّاط : ٢٢٢ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٢٥ .
(٥) تاريخ دمشق : ١٩ / ٢٥ ، سير أعلام النبلاء : ٤ / ١٦٨ / ٦٠ ، الاستيعاب : ٢ / ١٣١ / ٨٧٣ ، اُسد الغابة : ٢ / ٣١٢ / ١٧٣٥ .
(٦) الشوري : ٢٢ .
(٧) ميزان الاعتدال : ٢ / ٧٣ / ٢٨٧٨ ، المناقب للخوارزمى : ٨٦ / ٧٦ نحوه .

 ١١٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

عبيد الثقفى ، تحدّثنا عنه مجملاً فى مدخل البحث . كان من الخطباء(١) والساسة . اشتهر بذكائه المفرط ومكره فى ميدان السياسة(٢) . ولدته سميّة ، التى كانت بغيّاً من أهل الطائف(٣) ـ وكانت تحت عبيد الثقفى (٤)ـ فى السنة الاُولي من الهجرة(٥) .

أسلم زياد فى خلافة أبى بكر(٦) . ولفت نظر عمر فى عنفوان شبابه بسبب كفاءته ودهائه السياسى(٧) ، فأشخصه فى أيّام خلافته إلي اليمن لتنظيم ما حدث فيها من اضطراب(٨) . كان عمر بن الخطّاب قد استعمله علي بعض صدقات البصرة أو بعض أعمال البصرة(٩) .

كان زياد يعيش فى البصرة ، وعمل كاتباً لولاتها : أبى موسي الأشعرى(١٠) ،


(١) الاستيعاب : ٢ / ١٠٠ / ٨٢٩ ، اُسد الغابة : ٢ / ٣٣٦ / ١٨٠٠ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٦ / ١١٢ ، الإصابة : ٢ / ٥٢٨ / ٢٩٩٤ .
(٢) الاستيعاب : ٢ / ١٠٠ / ٨٢٩ ، العقد الفريد : ٤ / ٦ ، الإصابة : ٢ / ٥٢٨ / ٢٩٩٤ .
(٣) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢١٩ ; مروج الذهب : ٣ / ١٥ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٥ / ١١٢ ، العقد الفريد : ٤ / ٤ ، الإصابة : ٢ / ٥٢٨ / ٢٩٩٤ .
(٤) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٥ / ١١٢ ، الإصابة : ٢ / ٥٢٧ / ٢٩٩٤ ، العقد الفريد : ٤ / ٤ .
(٥) تاريخ دمشق : ١٩ / ١٦٣ ، الاستيعاب : ٢ / ١٠٠ / ٨٢٩ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٤ / ١١٢ وفيهما "ولد عام الهجرة" ، الوافى بالوفيات : ١٥ / ١٢ / ١٠ ، الطبقات الكبري : ٧ / ١٠٠ ، المعارف لابن قتيبة : ٣٤٦ وفيهما "ولد عام الفتح بالطائف" .
(٦) تاريخ دمشق : ١٩ / ١٦٢ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٤ / ١١٢ ، الوافى بالوفيات : ١٥ / ١٢ / ١٠ ، الإصابة : ٢ / ٥٢٨ / ٢٩٩٤ .
(٧) تاريخ دمشق : ١٩ / ١٦٦ ـ ١٦٨ ، أنساب الأشراف : ٥ / ١٩٨ .
(٨) الاستيعاب : ٢ / ١٠١ / ٨٢٩ .
(٩) الاستيعاب : ٢ / ١٠٠ / ٨٢٩ .
(١٠) الطبقات الكبري : ٧ / ٩٩ ، المعارف لابن قتيبة : ٣٤٦ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ١٦٢ وص ١٦٩ ، الاستيعاب : ٢ / ١٠٠ / ٨٢٩ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٤ / ١١٢ ، أنساب الأشراف : ٥ / ١٩٨ .

 ١١٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

والمغيرة بن شعبة(١) ، وعبد الله بن عامر(٢) .

وكان كاتباً(٣) ومستشاراً(٤) لابن عبّاس فى البصرة أيّام خلافة الإمام أمير المؤمنين  ¼ . ولمّا توجّه ابن عبّاس إلي صفّين جعله علي خراج البصرة وديوانها وبيت مالها(٥) .

وعندما امتنع أهل فارس وكرمان من دفع الضرائب ، وطردوا واليهم سهل بن حُنيف ، استشار الإمام  ¼ أصحابه لإرسال رجل مدبّر وسياسى إليهم ، فاقترح ابن عبّاس زياداً(٦) ، وأكّد جاريةُ بن قدامة هذا الاقتراح(٧) .

فتوجّه زياد إلي فارس وكرمان(٨) . وتمكّن بدهائه السياسى من إخماد نار الفتنة . وفى تلك الفترة نفسها ارتكب أعمالاً ذميمة فاعترض عليه الإمام  ¼ (٩) .

لم يشترك زياد فى حروب الإمام  ¼ ، وكان مع الإمام وابنه الحسن المجتبي    ¤


(١) تاريخ دمشق : ١٩ / ١٦٩ ، المعارف لابن قتيبة : ٣٤٦ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٥ / ١١٢ ، أنساب الأشراف : ٥ / ١٩٨ .
(٢) تاريخ دمشق : ١٩ / ١٦٩ .
(٣) تاريخ دمشق : ١٩ / ١٦٩ و١٧٠ ، المعارف لابن قتيبة : ٣٤٦ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٥ / ١١٢ ، أنساب الأشراف : ٥ / ١٩٩ .
(٤) تاريخ دمشق : ١٩ / ١٧١ .
(٥) تاريخ دمشق : ١٩ / ١٧٠ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٥ / ١١٢ وفيه "ناب عنه ابن عبّاس بالبصرة" .
(٦) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٣٧ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٣٠ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣١٨ .
(٧) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٣٧ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٢٩ .
(٨) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٣٧ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٢٩ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٤٤ وفيه "وجّه علىٌّ زياداً فأرضوه وصالحوه وأدَّوا الخراج" .
(٩) نهج البلاغة : الكتاب ٢٠ و٢١ .

 ١١٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

حتي استشهاد الإمام  ¼ ، بل حتي الأيّام الاُولي من حكومة معاوية(١) .

ثمّ زلّ بمكيدة معاوية ، ووقع فيما كان الإمام قد حذّره منه(٢) ، وأصبح أداةً طيّعة لمعاوية تماماً ، من خلال مؤامرة الاستلحاق . وسمّاه معاوية أخاه(٣) . وشهد جماعة علي أنّه ابن زنا(٤) . وهكذا أصبح زياد بن أبى سفيان ! !

كانت المفاسد والقبائح متأصّلة فى نفس زياد ، وقد أبرز خبث طينته واسوداد قلبه فى بلاط معاوية . ولاّه البصرة فى بادئ الأمر ، ثمّ صار أميراً علي الكوفة أيضاً(٥) . ولمّا أحكم قبضته عليهما لم يتورّع عن كلّ ضرب من ضروب الفساد والظلم(٦) . وتشدّد كثيراً علي الناس ، خاصّة شيعة الإمام أمير المؤمنين  ¼ (٧) ، إذ سجن الكثيرين منهم فى سجون مظلمة ضيّقة أو قتلهم(٨) . وأكره الناس علي


(١) العقد الفريد : ٤ / ٥ .
(٢) نهج البلاغة : الكتاب ٤٤ ; الاستيعاب : ٢ / ١٠١ / ٨٢٩ ، اُسد الغابة : ٢ / ٣٣٧ / ١٨٠٠ .
(٣) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢١٨ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٢١٤ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ١٦٢ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٤ / ١١٢ ، الاستيعاب : ٢ / ١٠١ / ٨٢٩ ، اُسد الغابة : ٢ / ٣٣٦ / ١٨٠٠ ، تاريخ الخلفاء : ٢٣٥ ، العقد الفريد : ٤ / ٤ .
(٤) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢١٩ ; مروج الذهب : ٣ / ١٤ و١٥ ، العقد الفريد : ٤ / ٤ ، الإصابة : ٢ / ٥٢٨ / ٢٩٩٤ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٥ / ١١٢ .
(٥) الطبقات الكبري : ٧ / ٩٩ ، أنساب الأشراف : ٥ / ٢٠٥ وص ٢٠٧ ، المعارف لابن قتيبة : ٣٤٦ ، مروج الذهب : ٣ / ٣٣ و٣٤ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥٦ وص ١٥٨ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ١٦٢ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٦ / ١١٢ .
(٦) أنساب الأشراف : ٥ / ٢١٦ ، مروج الذهب : ٣ / ٣٥ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٢٢ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٧٤ ، شرح نهج البلاغة : ١٦ / ٢٠٤ . ولمزيد الاطّلاع علي حياة زياد بن أبيه راجع : أنساب الأشراف : ٥ / ٢٠٥ ـ ٢٥٠ .
(٧) المعجم الكبير : ٣ / ٧٠ / ٢٦٩٠ ، الفتوح : ٤ / ٣١٦ ، الوافى بالوفيات : ٥ / ١٢ / ١٠ .
(٨) تاريخ دمشق : ١٩ / ٢٠٢ ، مروج الذهب : ٣ / ٣٥ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٦ / ١١٢.

 ١١٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

البراءة من الإمام  ¼ (١) وسبّه(٢) مصرّاً علي ذلك .

هلك زياد بالطاعون(٣) سنة ٥٣ هـ (٤) وهو ابن ٥٣(٥) سنة ، بعد عقد من الجور والعدوان والنهب ونشر القبائح وإشاعة الرجس والفحشاء ، وخَلّفَ من هذه الشجرة الخبيثة ثمرة خبيثة تقطر قبحاً ، وهو عبيد الله الذى فاق أباه فى الكشف عن سوء سريرته وظلمه لآل علىّ  ¼ وشيعته .

كان زياد نموذجاً واضحاً للسياسى الذى له دماغ مفكّر ، ولكن ليس له قلب وعاطفة قطّ ! !

كان الشرَه ، والعَبَث ، والنفاق فى معاملة الناس من صفاته التى أشار إليها الإمام  ¼ فى رسالة موقظة منبِّهة(٦) .

كان زياد عظيماً عند طلاّب الدنيا الذين يَعظُم فى عيونهم زبرجها وبهرجها ; ولذا مدحوه بالذكاء الحادّ والمكانة السامية(٧) . بَيد أنّ نظرة إلي ما وراء ذلك تدلّنا علي أنّه لم يَرْعَوِ من كلّ رجس ودنس وقبح وخبث ، حتي من تغيير نسبه أيضاً .


(١) تاريخ دمشق : ١٩ / ٢٠٣ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٦ / ١١٢ .
(٢) مروج الذهب : ٣ / ٣٥ .
(٣) أنساب الأشراف : ٥ / ٢٨٨ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٢٠٣ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٦ / ١١٢ ، الوافى بالوفيات : ١٥ / ١٣ / ١٠ ، وفيات الأعيان : ٢ / ٤٦٢ .
(٤) الطبقات الكبري : ٧ / ١٠٠ ، الطبقات لخليفة بن خيّاط : ٣٢٨ / ١٥١٦ ، المعارف لابن قتيبة : ٣٤٦ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٢٠٧ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٦ / ١١٢ ، الوافى بالوفيات : ١٥ / ١٣ / ١٠ ، اُسد الغابة : ٢ / ٣٣٧ / ١٨٠٠ .
(٥) تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٦٦ ، الاستيعاب : ٢ / ١٠٠ / ٨٢٩ .
(٦) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٤ ، نثر الدرّ : ١ / ٣٢١ .
(٧) الاستيعاب : ٢ / ١٠٠ / ٨٢٩ ، اُسد الغابة : ٢ / ٣٣٧ / ١٨٠٠ .

 ١١٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

٦٤٩٢ ـ سير أعلام النبلاء ـ فى ذكر زياد بن أبيه ـ : هو زياد بن عُبيد الثقفى ، وهو زياد بن سُميّة وهى اُمّه ، وهو زياد بن أبى سفيان الذى استلحقه معاوية بأنّه أخوه .

كانت سميّة مولاة للحارث بن كلدة الثقفى طبيب العرب .

يُكنّي أبا المغيرة .

له إدراك ، ولد عام الهجرة ، وأسلم زمن الصدّيق وهو مراهق ، وهو أخو أبى بكرة الثقفى الصحابى لاُمّه ، ثمّ كان كاتباً لأبى موسي الأشعرى زمن إمرته علي البصرة . . . .

وكان كاتباً بليغاً ، كتب أيضاً للمغيرة ولابن عبّاس ، وناب عنه بالبصرة .

يقال : إنّ أبا سفيان أتي الطائف ، فسكر ، فطلب بغيّاً ، فواقع سميّة ، وكانت مزوّجة بعبيد ، فولدت من جماعه زياداً ، فلمّا رآه معاوية من أفراد الدهر ، استعطفه وادّعاه ، وقال : نزل من ظهر أبى .

ولمّا مات علىّ  ¼ ، كان زياد نائباً له علي إقليم فارس(١) .

٦٤٩٣ ـ الاستيعاب ـ فى ذكر زياد بن أبيه ـ : كان رجلاً عاقلاً فى دنياه ، داهية خطيباً ، له قدر وجلالة عند أهل الدنيا(٢) .

٦٤٩٤ ـ اُسد الغابة : كان عظيم السياسة ، ضابطاً لما يتولاّه(٣) .

٦٤٩٥ ـ تاريخ اليعقوبى : كان [المغيرة] يختلف إلي امرأة من بنى هلال يقال لها :


(١) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٤ / ١١٢ .
(٢) الاستيعاب : ٢ / ١٠٠ / ٨٢٩ .
(٣) اُسد الغابة : ٢ / ٣٣٧ / ١٨٠٠ .

 ١١٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

اُمّ جميل ، زوجة الحجّاج بن عتيك الثقفى ، فاستراب به جماعة من المسلمين ، فرصده أبو بكرة ونافع بن الحارث وشبل بن معبد وزياد بن عبيد ، حتي دخل إليها فرفعت الريح الستر فإذا به عليها ، فوفد علي عمر ، فسمع عمر صوت أبى بكرة وبينه وبينه حجاب ، فقال : أبو بكرة ! قال : نعم . قال : لقد جئت ببشر ؟ قال : إنّما جاء به المغيرة .

ثمّ قصّ عليه القصّة .

فبعث عمر أبا موسي الأشعرى عاملاً مكانه ، وأمره أن يُشخص المغيرة ، فلمّا قدم عليه جمع بينه وبين الشهود ، فشهد الثلاثة ، وأقبل زياد ، فلمّا رآه عمر قال : أري وجه رجل لا يخزى الله به رجلاً من أصحاب محمّد ، فلمّا دنا قال : ما عندك يا سلح العقاب ؟ قال : رأيت أمراً قبيحاً ، وسمعت نفَساً عالياً ، ورأيت أرجلاً مختلفة ، ولم أرَ الذى مثل الميل فى المكحلة .

فجلد عمر أبا بكرة ، ونافعاً ، وشبل بن معبد ، فقام أبو بكرة وقال : أشهد أنّ المغيرة زان، فأراد عمر أن يجلده ثانية، فقال له : علىَّ إذاً توفّى صاحبك حجارة .

وكان عمر إذا رأي المغيرة قال : يا مغيرة ، ما رأيتك قطّ إلاّ خشيت أن يرجمنى الله بالحجارة(١) .

٦٤٩٦ ـ الاستيعاب : بعث عمر بن الخطّاب زياداً فى إصلاح فساد وقع باليمن ،


(١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٤٦ ; تاريخ دمشق : ٦٠ / ٣٥ ـ ٣٩ نحوه ، تاريخ الطبرى : ٤ / ٦٩ ـ ٧٢ ، الأغانى : ١٦/١٠٣ ـ ١١٠ وفيه عن الشعبى "كانت اُمّ جميل بنت عمر ـ التى رُمى بها المغيرة بن شعبة ـ بالكوفة تختلف إلي المغيرة فى حوائجها ، فيقضيها لها ، قال : ووافقت عمر بالموسم والمغيرة هناك ، فقال له عمر : أ تعرف هذه ؟ قال : نعم ، هذه اُمّ كلثوم بنت علىّ . فقال له عمر : أ تتجاهل علىَّ ؟ ! والله ما أظنّ أبا بكرة كذب عليك ، وما رأيتك إلاّ خفت أن اُرمي بحجارة من السماء" .

 ١١٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

فرجع من وجهه وخطب خطبة لم يسمع الناسُ مثلَها ، فقال عمرو بن العاص : أما والله لو كان هذا الغلام قرشيّاً لساق العرب بعصاه .

فقال أبو سفيان بن حرب : والله إنّى لأعرف الذى وضعه فى رحم اُمّه .

فقال له علىّ بن أبى طالب : ومن هو يا أبا سفيان ؟

قال : أنا .

قال : مهلاً يا أبا سفيان .

فقال أبو سفيان :

أما والله لولا خوفُ شخص يرانى يا علىُّ من الأعادى
لأظهرَ أمرَه صخرُ بن حرب ولم تكُن المقالة عن زياد
وقد طالت مجاملتى ثقيفاً وتركى فيهم ثمرَ الفؤاد(١)

٦٤٩٧ ـ تاريخ دمشق عن الشعبى : أقام علىّ  ¼ بعد وقعة الجمل بالبصرة خمسين ليلة ، ثمّ أقبل إلي الكوفة واستخلف عبد الله بن عبّاس علي البصرة ، قال : فلم يزل ابن عبّاس علي البصرة حتي سار إلي صفّين . ثمّ استخلف أبا الأسود الديلى علي الصلاة بالبصرة ، واستخلف زياداً علي الخراج وبيت المال والديوان ، وقد كان استكتبه قبل ذلك ، فلم يزالا علي البصرة حتي قدم من صفّين(٢) .

٦٤٩٨ ـ شرح نهج البلاغة : فأمّا أوّل ما ارتفع به زياد فهو استخلاف ابن عبّاس له علي البصرة فى خلافة علىّ  ¼ ، وبلغت عليّاً عنه هنات ، فكتب إليه يلومه ويؤنّبه ; فمنها الكتاب الذى ذكر الرضى بعضه وقد شرحنا فيما تقدّم ما ذكر


(١) الاستيعاب : ٢ / ١٠١ / ٨٢٩ ، اُسد الغابة : ٢ / ٣٣٦ / ١٨٠٠ نحوه وليس فيه الأبيات ، الوافى بالوفيات : ١٥ / ١٠ / ١٠ وراجع تاريخ دمشق : ١٩ / ١٧٤ والعقد الفريد : ٤ / ٤ .
(٢) تاريخ دمشق : ١٩ / ١٧٠ .

 ١٢٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

الرضى منه .

وكان علىّ  ¼ أخرج إليه سعداً مولاه يحّثه علي حمل مال البصرة إلي الكوفة ، وكان بين سعد وزياد مُلاحاة ومنازعة ، وعاد سعد وشكاه إلي علىّ  ¼ وعابه ، فكتب علىّ  ¼ إليه :

أمّا بعد ، فإنّ سعداً ذكر أنّك شتمته ظُلماً ، وهدّدته وجبهته تجبّراً وتكبّراً ، فما دعاك إلي التكبّر وقد قال رسول الله  ½ : "الكبر رداء الله ، فمن نازع الله رداءه قصمه" .

وقد أخبرنى أنّك تُكثّر من الألوان المختلفة فى الطعام فى اليوم الواحد ، وتدّهن كلّ يوم ، فما عليك لو صمت لله أيّاماً ، وتصدّقت ببعض ما عندك محتسباً ، وأكلت طعامك مراراً قفاراً ، فإنّ ذلك شعار الصالحين ! أ فتطمع وأنت متمرّغ فى النعيم ؟ ! تستأثر به علي الجار والمسكين والضعيف والفقير والأرملة واليتيم ، أن يُحسب لك أجر المتصدّقين !

وأخبرنى أنّك تتكلّم بكلام الأبرار ، وتعمل عمل الخاطئين ، فإن كنت تفعل ذلك فنفسك ظلمت ، وعملك أحبطت ، فتب إلي ربّك يصلح لك عملك ، واقتصد فى أمرك ، وقدّم إلي ربّك الفضل ليوم حاجتك ، وادّهن غبّاً(١) ، فإنّى سمعت رسول الله  ½ يقول : "ادّهنوا غبّاً ولا تدّهنوا رفهاً(٢)"(٣) .

٦٤٩٩ ـ تاريخ اليعقوبى : وجّه [علىّ  ¼ ] رجلاً من أصحابه إلي بعض عمّاله


(١) الغبّ : الإتيان فى اليومين ، وقال الحسن : فى كلّ اُسبوع (لسان العرب : ١ / ٦٣٥ و٦٣٦) .
(٢) الرَّفْه : كثرة التَّدَهُّن والتَّنَعُّم (النهاية : ٢ / ٢٤٧) .
(٣) شرح نهج البلاغة : ١٦ / ١٩٦ ; نثر الدرّ : ١ / ٣٢١ نحوه .

 ١٢١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

مستحثّاً ، فاستخفّ به فكتب إليه : أمّا بعد ،فإنّك شتمت رسولى وزجرته ، وبلغنى أنّك تبخّر وتكثر الأدهان وألوان الطعام ، وتتكلّم علي المنبر بكلام الصدّيقين ، وتفعل إذا نزلت أفعال المحلّين ، فإن يكن ذلك كذلك فنفسك ضررت وأدبى تعرّضت .

ويحك أن تقول العظمة والكبرياء ردائى ، فمن نازعنيهما سخطت عليه ! بل ما عليك أن تدّهن رفيهاً ، فقد أمر رسول الله  ½ بذلك ؟ ! وما حملك أن تشهد الناس عليك بخلاف ما تقول ، ثمّ علي المنبر حيث يكثر عليك الشاهد ، ويعظم مقت الله لك ، بل كيف ترجو وأنت متهوّع فى النعيم جمعته من الأرملة واليتيم ، أن يوجب الله لك أجر الصالحين ؟ ! بل ما عليك ، ثكلتك اُمّك ، لو صمت لله أيّاماً ، وتصدّقت بطائفة من طعامك ، فإنّها سيرة الأنبياء وأدب الصالحين ، أصلح نفسك وتب من ذنبك وأدِّ حقّ الله عليك ، والسلام(١) .

٦٥٠٠ ـ تاريخ الطبرى عن الشعبى : لمّا انتقض أهل الجبال وطمع أهل الخراج فى كسره ، وأخرجوا سهل بن حنيف من فارس ـ وكان عاملاً عليها لعلىّ  ¼ ـ قال ابن عبّاس لعلىّ : أكفيك فارس .

فقدم ابن عبّاس البصرة ، ووجّه زياداً إلي فارس فى جمع كثير ، فوطئ بهم أهل فارس ، فأدّوا الخراج(٢) .

٦٥٠١ ـ تاريخ الطبرى عن علىّ بن كثير : إنّ عليّاً استشار الناس فى رجل يولّيه فارس حين امتنعوا من أداء الخراج ، فقال له جارية بن قدامة : ألا أدلّك يا


(١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٢ .
(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٣٧ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣١٨ نحوه .

 ١٢٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

أمير المؤمنين علي رجل صليب الرأى ، عالم بالسياسة ، كاف لما ولى ؟

قال : من هو ؟

قال : زياد .

قال : هو لها .

فولاّه فارس وكرمان ، ووجّهه فى أربعة آلاف ، فدوّخ تلك البلاد حتي استقاموا(١) .

٦٥٠٢ ـ شرح نهج البلاغة عن علىّ بن محمّد المدائنى : لمّا كان زمن علىّ  ¼ ولّي زياداً فارس أو بعض أعمال فارس ، فضبطها ضبطاً صالحاً ، وجبي خراجها وحماها ، وعرف ذلك معاوية ، فكتب إليه : أمّا بعد ، فإنّه غرّتك قلاع تأوى إليها ليلاً ، كما تأوى الطير إلي وكرها ، وايم الله ، لولا انتظارى بك ما الله أعلم به لكان لك منّى ما قاله العبد الصالح : ³ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ  ²  (٢) .

وكتب فى أسفل الكتاب شعراً من جملته :

تنسي أباك وقد شالت نعامته إذ يخطب الناس والوالى لهم عمر

فلمّا ورد الكتاب علي زياد قام فخطب الناس ، وقال : العجب من ابن آكلة الأكباد ، ورأس النفاق ! يهدّدنى وبينى وبينه ابن عمّ رسول الله  ½ وزوج سيّدة نساء العالمين ، وأبو السبطين ، وصاحب الولاية والمنزلة والإخاء فى مائة ألف من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ! أما والله لو تخطّي هؤلاء


(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٣٧ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٢٩ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٢١ كلاهما نحوه .
(٢) النمل : ٣٧ .

 ١٢٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

أجمعين إلىّ لوجدنى أحمر مخشّاً ضرّاباً بالسيف .

ثمّ كتب إلي علىّ  ¼ ، وبعث بكتاب معاوية فى كتابه .

فكتب إليه علىّ  ¼ ، وبعث بكتابه :

أمّا بعد ، فإنّى قد ولّيتك ما ولّيتك وأنا أراك لذلك أهلاً ، وإنّه قد كانت من أبى سفيان فلتة فى أيّام عمر من أمانىّ التيه وكذب النفس ، لم تستوجب بها ميراثاً ، ولم تستحقّ بها نسباً ، وإنّ معاوية كالشيطان الرجيم يأتى المرء من بين يديه وعن خلفه وعن يمينه وعن شماله ، فاحذره ، ثمّ احذره ، ثمّ احذره ، والسلام(١) .

٦٥٠٣ ـ أنساب الأشراف : كتب معاوية إلي زياد يتوعّده ويتهدّده ، فخطب الناس فقال : أيّها الناس ، كتب إلىّ ابن آكلة الأكباد ، وكهف النفاق ، وبقيّة الأحزاب ، يتوعّدنى ، وبينى وبينه ابن عمّ رسول الله فى سبعين ألفاً ، قبائع سيوفهم عند أذقانهم ، لا يلتفت أحد منهم حتي يموت ، أما والله لئن وصل هذا الأمر إليه ليجدنّى ضرّاباً بالسيف(٢) .

٦٥٠٤ ـ اُسد الغابة : لمّا ولى زياد بلاد فارس لعلىّ ، كتب إليه معاوية يعرض له بذلك ويتهدّده إن لم يطعه ، فأرسل زياد الكتاب إلي علىّ ، وخطب الناس وقال : عجبت لابن آكلة الأكباد ، يتهدّدنى ، وبينى وبينه ابن عمّ رسول الله فى المهاجرين والأنصار .


(١) شرح نهج البلاغة : ١٦ / ١٨١ ، اُسد الغابة : ٢ / ٣٣٧ / ١٨٠٠ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ١٧٥ و١٧٦ كلاهما نحوه وراجع الاستيعاب : ٢ / ١٠١ / ٨٢٩ .
(٢) أنساب الأشراف : ٥ / ١٩٩ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ١٧٠ نحوه ; وقعة صفّين : ٣٦٦ وراجع المعارف لابن قتيبة : ٣٤٦ والغارات : ٢ / ٦٤٧ .

 ١٢٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

فلمّا وقف علي كتابه علىّ  ¼ كتب إليه : إنّما ولّيتك ما ولّيتك وأنت عندى أهل لذلك ، ولن تدرك ما تريد إلاّ بالصبر واليقين ، وإنّما كانت من أبى سفيان فلتة زمن عمر لا تستحقّ بها نسباً ولا ميراثاً ، وإنّ معاوية يأتى المرء من بي ن يديه ومن خلفه ، فاحذره ، والسلام(١) .

٦٥٠٥ ـ نهج البلاغة : من كتاب له  ¼ إلي زياد بن أبيه ، وقد بلغه أنّ معاوية كتب إليه يريد خديعته باستلحاقه : وقد عرفت أنّ معاوية كتب إليك يستزلّ لبّك ، ويستفلّ غربك(٢) ، فاحذره فإنّما هو الشيطان ، يأتى المرء من بين يديه ومن خلفه ، وعن يمينه وعن شماله ، ليقتحم غفلته ، ويستلب غرّته .

وقد كان من أبى سفيان فى زمن عمر بن الخطّاب فلتة من حديث النفس ، ونزغة من نزغات الشيطان : لا يثبت بها نسب ، ولا يستحقّ بها إرث ، والمتعلّق بها كالواغل المدفّع(٣) ، والنوط المذبذب(٤) .

فلمّا قرأ زياد الكتاب قال : شهد بها وربّ الكعبة ، ولم تزل فى نفسه حتي ادّعاه معاوية(٥) .

٦٥٠٦ ـ تاريخ الخلفاء : وفى سنة ثلاث وأربعين . . . استلحق(٦) معاوية زياد بن


(١) اُسد الغابة : ٢/٣٣٧/١٨٠٠ وراجع تاريخ دمشق : ١٩/١٧٥ و١٧٦ والاستيعاب : ٢/١٠١/٨٢٩ .
(٢) الغَرْب : الحِدّة والشوكة (النهاية : ٣ / ٣٥١) .
(٣) الواغِل المدفّع : الذي يَهجم علي الشراب لِيَشربَ مَعهم وليس منهم ، فلا يَزال مُدَفّعاً بَينَهم (النهاية : ٥ / ٢٠٩) .
(٤) النَّوْطِ المُذَبذَب : أراد ما يُناط برَحل الراكب من قَعب أو غيره ، فهو أبداً يتحرك (النهاية : ٥ / ١٢٨) .
(٥) نهج البلاغة : الكتاب ٤٤ .
(٦) فى المصدر : "استخلف" ، والصحيح ما أثبتناه .

 ١٢٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

أبيه ، وهى أوّل قضيّة غيّر فيها حكم النبىّ عليه الصلاة والسلام فى الإسلام(١) .

٦٥٠٧ ـ تاريخ دمشق عن سعيد بن المسيّب : أوّل من ردّ قضاء رسول الله  ½ ، دعوة معاوية(٢) .

٦٥٠٨ ـ تاريخ دمشق عن ابن أبى نجيع : أوّل حكم رُدّ من حكم رسول الله  ½ الحكم فى زياد(٣) .

٦٥٠٩ ـ تاريخ دمشق عن عمرو بن نعجة : أوّل ذلّ دخل علي العرب قتل الحسين وادّعاء زياد(٤) .

٦٥١٠ ـ مروج الذهب : لمّا همّ معاوية بإلحاق زياد بأبى سفيان أبيه ـ وذلك فى سنة أربع وأربعين ـ شهد عنده زياد بن أسماء الحرمازى ومالك بن ربيعة السلولى والمنذر بن الزبير بن العوّام : أنّ أبا سفيان أخبر أنّه ابنه . . . ثمّ زاده يقيناً إلي ذلك شهادة أبى مريم السلولى ، وكان أخبر الناس ببدء الأمر ، وذلك أنّه جمع بين أبى سفيان وسميّة اُمّ زياد فى الجاهليّة علي زني .

وكانت سميّة من ذوات الرايات بالطائف تؤدّى الضريبة إلي الحارث بن كلدة ، وكانت تنزل بالموضع الذى تنزل فيه البغايا بالطائف خارجاً عن الحضر فى محلّة يقال لها : حارة البغايا(٥) .

٦٥١١ ـ تاريخ اليعقوبى : كان زياد بن عبيد عامل علىّ بن أبى طالب علي


(١) تاريخ الخلفاء : ٢٣٥ .
(٢) تاريخ دمشق : ١٩ / ١٧٩ .
(٣) تاريخ دمشق : ١٩ / ١٧٩ .
(٤) تاريخ دمشق : ١٩ / ١٧٩ .
(٥) مروج الذهب : ٣ / ١٤ .

 ١٢٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

فارس ، فلمّا صار الأمر إلي معاوية كتب إليه يتوعّده ويتهدّده ، فقام زياد خطيباً ، فقال : إنّ ابن آكلة الأكباد ، وكهف النفاق ، وبقيّة الأحزاب ، كتب يتوعّدنى ويتهدّدنى ، وبينى وبينه ابنا بنت رسول الله فى تسعين ألفاً ، واضعى قبائع سيوفهم تحت أذقانهم ، لا يلتفت أحدهم حتي يموت ، أما والله لئن وصل إلىّ ليجدنّى أحمز ، ضرّاباً بالسيف .

فوجّه معاوية إليه المغيرة بن شعبة ، فأقدمه ثمّ ادّعاه ، وألحقه بأبى سفيان ، وولاّه البصرة ، وأحضر زياد شهوداً أربعة ، فشهد أحدهم أنّ علىّ بن أبى طالب أعلمه أنّهم كانوا جلوساً عند عمر بن الخطّاب حين أتاه زياد برسالة أبى موسي الأشعرى ، فتكلّم زياد بكلام أعجبه ، فقال : أكنت قائلاً للناس هذا علي المنبر ؟ قال : هم أهون علىَّ منك يا أمير المؤمنين ، فقال أبو سفيان : والله لهو ابنى ، ولأنا وضعته فى رحم اُمّه . قلت : فما يمنعك من ادّعائه ؟ قال : مخافة هذا العير(١) الناهق .

وتقدّم آخر فشهد علي هذه الشهادة . قال زياد الهمدانى : لمّا سأله زياد كيف قولك فى علىّ ؟ قال : مثل قولك حين ولاّك فارس ، وشهد لك أنّك ابن أبى سفيان .

وتقدّم أبو مريم السلولى فقال : ما أدرى ما شهادة علىّ ، ولكنّى كنت خمّاراً بالطائف ، فمرّ بى أبو سفيان منصرفاً من سفر له ، فطعم وشرب ، ثمّ قال : يا أبا مريم طالت الغربة ، فهل من بغىّ ؟ فقلت : ما أجد لك إلاّ أمة بنى عجلان . قال :


(١) العَيْر : الحمار الوحشىّ (النهاية : ٣ / ٣٢٨) .

 ١٢٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

فأتنى بها علي ما كان من طول ثدييها ونتن رفغها(١) ، فأتيته بها ، فوقع عليها ، ثمّ رجع إلىّ فقال لى : يا أبا مريم ، لاستلّت ماء ظهرى استلالاً تثيب ابن الحبل فى عينها .

فقال له زياد : إنّما أتينا بك شاهداً ، ولم نأت بك شاتماً . قال : أقول الحقّ علي ما كان ، فأنفذ معاوية . . .(٢) قال : ما قد بلغكم وشهد بما سمعتم ، فإن كان ما قالوا حقّاً ، فالحمد لله الذى حفظ منّى ما ضيّع الناس ، ورفع منّى ما وضعوا ، وإن كان باطلاً ، فمعاوية والشهود أعلم ، وما كان عبيد إلاّ والداً مبروراً مشكوراً(٣) .

٦٥١٢ ـ تاريخ دمشق عن هشام بن محمّد عن أبيه : كان سعيد بن سرح مولي حبيب بن عبد شمس شيعة لعلىّ بن أبى طالب ، فلمّا قدم زياد الكوفة والياً عليها أخافه ، وطلبه زياد ، فأتي الحسن بن علىّ ، فوثب زياد علي أخيه وولده وامرأته فحبسهم ، وأخذ ماله ، وهدم داره .

فكتب الحسن إلي زياد : من الحسن بن علىّ إلي زياد ، أمّا بعد ، فإنّك عمدت إلي رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ، فهدّمت داره ، وأخذت ماله وعياله فحبستهم ، فإذا أتاك كتابى هذا فابنِ له داره ، واردد عليه عياله وماله ، فإنّى قد أجرته ، فشفّعنى فيه .

فكتب إليه زياد : من زياد بن أبى سفيان إلي الحسن بن فاطمة ، أمّا بعد ، فقد أتانى كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلى ، وأنت طالب حاجة ، وأنا سلطان وأنت سوقة ،


(١) الرُّفْغ بالضم والفتح : واحدُ الأرفاغ ، وهى اُصولُ المَغابن كالآباط والحَوالب ، وغيرها من مَطاوى الأعضاء ، وما يَجتمع فيه من الوَسَخ والعَرَق (النهاية : ٢ / ٢٤٤) .
(٢) بياض فى المصدر .
(٣) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢١٨ وراجع الفخرى : ١٠٩ وأنساب الأشراف : ٥ / ١٩٩ ـ ٢٠٣ .

 ١٢٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

كتبت إلىّ فى فاسق لا يؤويه إلاّ مثله ، وشرّ من ذلك تولّيه أباك وإيّاك ، وقد علمت أنّك قد أويته إقامة منك علي سوء الرأى ، ورضاً منك بذلك ، وايم الله لا تسبقنى به ولو كان بين جلدك ولحمك . وإن نلت بعضك غير رفيق بك ولا مُرع عليك ، فإنّ أحبّ لحم إلىّ آكله للحم الذى أنت منه ، فأسلمه بجريرته إلي من هو أولي به منك ، فإن عفوت عنه لم أكن شفّعتك فيه ، وإن قتلته لم أقتله إلاّ بحبّه إيّاك .

فلمّا قرأ الحسن  ¼ الكتاب تبسّم ، وكتب إلي معاوية يذكر له حال ابن سرح ، وكتابه إلي زياد فيه ، وإجابة زياد إيّاه ، ولفّ كتابه فى كتابه ، وبعث به إلي معاوية .

وكتب الحسن إلي زياد : من الحسن بن فاطمة إلي زياد بن سُميّة : "الولد للفراش وللعاهر الحجر" فلمّا وصل كتاب الحسن إلي معاوية ، وقرأ معاوية الكتاب ضاقت به الشام ، وكتب إلي زياد : أمّا بعد ، فإنّ الحسن بن علىّ بعث بكتابك إلىّ جواب كتابه إليك فى ابن سرح ، فأكثرت التعجّب منك ، وعلمت أنّ لك رأيين : أحدهما من أبى سفيان ، والآخر من سميّة ، فأمّا الذى من أبى سفيان فحلم وحزم ، وأمّا رأيك من سميّة فما يكون رأى مثلها ؟ ومن ذلك كتابك إلي الحسن تشتم أباه ، وتعرض له بالفسق ، ولعمرى لأنت أولي بالفسق من الحسن ، ولأبوك إذ كنت تنسب إلي عُبيد أولي بالفسق من أبيه .

وإنّ الحسن بدأ بنفسه ارتفاعاً عليك ، وإنّ ذلك لم يضعك ، وأمّا تركك تشفيعه فيما شفع فيه إليك فحظّ دفعته عن نفسك إلي من هو أولي به منك .

فإذا قدم عليك كتابى فخلّ ما فى يديك لسعيد بن سرح ، وابنِ له داره ، ولا تعرض له ، واردد عليه ماله ، فقد كتبت إلي الحسن أن يخبر صاحبه إن شاء أقام عنده ، وإن شاء رجع إلي بلده ، ليس لك عليه سلطان بيد ولا لسان ، وأمّا كتابك إلي الحسن باسمه ولا تنسبه إلي أبيه فإنّ الحسن ويلك من لا يرمي به

 ١٢٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

الرَّجَوان(١) ! أ فإلي اُمّه وكلته ! لا اُمّ لك ؟ ! هى فاطمة بنت رسول الله  ½ ! وتلك أفخر له ، إن كنت تعقل .

وكتب فى أسفل الكتاب :

تدارك ما ضيّعت من بعد خبرة وأنت أريب بالاُمور خبير
أ ما حسن بابن الذى كان قبله إذا سار سار الموت حيث يسير
وهل يلد الرئبال إلاّ نظيره فذا حسن شبه له ونظير
ولكنّه لو يُوزن الحلم والحجي برأى لقالوا فاعلمنّ ثبير(٢)

٦٥١٣ ـ تاريخ الطبرى عن مسلمة والهذلى وغيرهما : إنّ معاوية استعمل زياداً علي البصرة وخراسان وسجستان ، ثمّ جمع له الهند والبحرين وعُمان ، وقدم البصرة فى آخر شهر ربيع الآخر ـ أو غرّة جمادي الاُولي ـ سنة خمس ، والفسق بالبصرة ظاهر فاش ، فخطب خطبة بتراء ، لم يحمد الله فيها :

إنّى رأيت آخر هذا الأمر لا يصلح إلاّ بما صلح به أوّله ، لين فى غير ضعف ، وشدّة فى غير جبريّة وعنف ، وإنّى اُقسم بالله لآخذن الولىّ بالولىّ ، والمقيم بالظاعن ، والمقبل بالمدبر ، والصحيح منكم بالسقيم ، حتي يلقي الرجل منكم أخاه فيقول : انجُ سعد فقد هلك سعيد ، أو تستقيم لى قناتكم . إنّ كذبة المنبر تبقي مشهورة ، فإذا تعلّقتم علىَّ بكذبة فقد حلّت لكم معصيتى ، وإذا سمعتموها منّى فاغتمزوها فىَّ ، واعلموا أنّ عندى أمثالها من بُيِّت منكم فأنا ضامن لما ذهب له . إيّاى ودلج الليل ، فإنّى لا اُوتى بمدلج إلاّ سفكت دمه ، وقد أجّلتكم فى ذلك بقدر


(١) مثل يضرب لمن لا يُخدع فيُزال عن وجه إلي وجه ، وأصله الدلو يُرمي بها رَجَو البئر (أساس البلاغة : ١٥٧) .
(٢) تاريخ دمشق : ١٩ / ١٩٨ .