١٣٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه
ما يأتى الخبر الكوفة ويرجع إلىّ . وإيّاى ودعوي الجاهليّة ، فإنّى لا أجد أحداً دعا بها إلاّ قطعت لسانه ، وقد أحدثتم أحداثاً لم تكن وقد أحدثنا لكلّ ذنب عقوبة ، فمن غرّق قوماً غرّقته ، ومن حرّق علي قوم حرّقناه ، ومن نقب بيتاً نقبت عن قلبه ، ومن نبش قبراً دفنته فيه حيّاً ، فكفّوا عنّى أيديكم وألسنتكم أكفف يدى وأذاى ، لا يظهر من أحد منكم خلاف ما عليه عامّتكم إلاّ ضربت عنقه(١) . ٦٥١٤ ـ تاريخ الطبرى عن مسلمة : استعمل زياد علي شرطته عبد الله بن حصن ، فأمهل الناس حتي بلغ الخبر الكوفة ، وعاد إليه وصول الخبر إلي الكوفة ، وكان يؤخّر العشاء حتي يكون آخر من يصلّى ثمّ يصلّى ، يأمر رجلاً فيقرأ سورة البقرة ومثلها ، يرتّل القرآن ، فإذا فرغ أمهل بقدر ما يري أنّ إنساناً يبلغ الخريبة ، ثمّ يأمر صاحب شرطته بالخروج ، فيخرج ولا يري إنساناً إلاّ قتله . قال : فأخذ ليلة أعرابيّاً ، فأتي به زياداً فقال : هل سمعت النداء ؟ قال : لا والله ، قدمت بحلوبة(٢) لى ، وغشينى الليل ، فاضطررتها إلي موضع ، فأقمت لأصبح ، ولا علم لى بما كان من الأمير . قال : أظنّك والله صادقاً ، ولكن فى قتلك صلاح هذه الاُمّة ، ثمّ أمر به فضربت عنقه . وكان زياد أوّل من شدّ أمر السلطان ، وأكّد الملك لمعاوية ، وألزم الناس الطاعة ، وتقدّم فى العقوبة ، وجرّد السيف ، وأخذ بالظنّة ، وعاقب علي الشبهة ، (١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٢١٧ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٧٢ ، العقد الفريد : ٣ / ١٥٣ ، شرح نهج البلاغة : ١٦ / ٢٠١ ، أنساب الأشراف : ٥ / ٢١٥ و٢١٦ وفيه من "إنّى اُقسم بالله . . . " وفيه "كتب زياد كتاباً قُرئ علي أهل المصر نسخته" وراجع تاريخ دمشق : ١٩ / ١٧٩ . ١٣١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه
وخافه الناس فى سلطانه خوفاً شديداً ، حتي أمن الناس بعضهم بعضاً ، حتي كان الشىء يسقط من الرجل أو المرأة فلا يعرض له أحد حتي يأتيه صاحبه فيأخذه ، وتبيت المرأة فلا تغلق عليها بابها ، وساس الناس سياسة لم يُرَ مثلها ، وهابه الناس هيبة لم يهابوها أحداً قبله ، وأدرّ العطاء ، وبني مدينة الرزق(١) . ٦٥١٥ ـ شرح نهج البلاغة عن الشعبى ـ فى ذكر سلطة زياد علي البصرة ـ : فصبّح علي باب القصر تلك الليلة سبعمائة رأس ، ثمّ خرج الليلة الثانية فجاء بخمسين رأساً ، ثمّ خرج الليلة الثالثة فجاء برأس واحد ، ثمّ لم يجئ بعدها بشىء ، وكان الناس إذا صلّوا العشاء الآخرة اُحضروا إلي منازلهم شدّاً حثيثاً ، وقد يترك بعضهم نعاله(٢) . ٦٥١٦ ـ مروج الذهب : قد كان زياد جمع الناس بالكوفة بباب قصره يحرّضهم علي لعن علىّ ، فمن أبي ذلك عرضه علي السيف(٣) . ٦٥١٧ ـ المعجم الكبير عن الحسن : كان زياد يتتبّع شيعة علىّ ¼ فيقتلهم ، فبلغ ذلك الحسن بن علىّ ¼ فقال : اللهمّ تفرّد بموته فإنّ القتل كفّارة(٤) . ٦٥١٨ ـ سير أعلام النبلاء عن الحسن البصرى : بلغ الحسن بن علىّ أنّ زياداً يتتبّع شيعة علىّ بالبصرة فيقتلهم ، فدعا عليه . وقيل : إنّه جمع أهل الكوفة ليعرضهم علي البراءة من أبى الحسن ، فأصابه (١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٢١ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٧٤ نحوه ، أنساب الأشراف : ٥ / ٢١٩ وفيه من "كان يؤخّر العشاء" إلي "إلاّ قتله" وراجع ص ٢٠٦ و٢٢٥ . ١٣٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ النَّضْر
حينئذ طاعون فى سنة ثلاث وخمسين(١) . ٣٩ زياد بن النضر الحارثى ، كان من أصحاب أمير المؤمنين ¼ (٢) الأجلاّء ، ومن أعوانه المخلصين ، وأحد اُمراء الجيش(٣) ، وتدلّ أقواله ومواقفه فى صفّين وغيرها من المشاهد علي أنّه كان ذا وعى عميق ومعرفة رفيعة بشخصيّة المولي أمير المؤمنين ¼ . أشار فى موقف من مواقفه إلي سبق الإمام ¼ فى الإيمان ، ومنزلته العالية عند رسول الله ½ . وأكّد علي القتال فى صفّين من خلال تصوير دقيق(٤) . كان من رُؤساء الكوفيّين الذين قدموا المدينة للاحتجاج علي عثمان(٥) . وكان من اُمراء جيش الإمام علىّ ¼ ، وتولّي فى صفّين قيادة "مقدّمة الجيش" مع شُريح بن هانى(٦) ، ولمّا صاروا فى مقابل العدوّ ، أمّر عليهما الإمام مالكَ (١) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٦ / ١١٢ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٢٠٢ نحوه وزاد فيه "اللهمّ لا تقتلنّ زياداً وأمِته حتف أنفه" بعد "فدعا عليه" وراجع ص ٢٠٣ و٢٠٤ . إرجاعات
٣٠٠ - المجلد الحادي عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام عليّ / الفصل الخامس : عدّة من مبغضيه / ذو الكلاع بن ناكور
١٣٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زَيْدُ بنُ صُوحان
الأشتر(١) . كان زياد صاحب لواء قبيلة مذحج فى المعركة(٢) ، وكانت له صولات عظيمة فى معارك ذى الحجّة(٣) . وأوفده الإمام ¼ لمفاوضة أصحاب النهروان قبل الحرب(٤) . أجل ، لقد كان طاهر القلب ، شجاعاً ، خيّراً كريماً ، مطيعاً مخلصاً لأمير المؤمنين ¼ . ٤٠ زيد بن صوحان بن حُجْر العبدى أخو صعصعة وسيحان . كان خطيباً(٥) مصقعاً وشجاعاً ثابت الخُطي(٦) ، وكان من العظماء ، والزهّاد ، والأبدال(٧) ، ومن أصحاب أمير المؤمنين ¼ الأوفياء(٨) . أسلم فى عهد النبىّ ½ فعُدَّ من الصحابة(٩) . وله وفادة علي النبىّ ½ (١٠) . (١) وقعة صفّين : ١٥٣ ; تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٦٧ . ١٣٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زَيْدُ بنُ صُوحان
كان رسول الله ½ يذكره بخير ، ويقول : "من سرّه أن ينظر إلي رجل يسبقه بعض أعضائه إلي الجنّة فلينظر إلي زيد بن صوحان"(١) . وتحقّق هذا الكلام النبوى الذى كان فضيلة عظيمة لزيد فى حرب جلولاء(٢)(٣) . وكان لزيد لسان ناطق بالحقّ مبيّن للحقائق ، فلم يُطق عثمان وجوده بالكوفة فنفاه إلي الشام(٤) . وعندما بلور الثوّار تحرّكهم المناهض لعثمان ، التحق بهم أهل الكوفة فى أربع مجاميع ; كان زيدٌ علي رأس أحدها(٥) . واشترك فى حرب الجمل(٦) ، وأخبر بشهادته(٧) . كتبت إليه عائشة تدعوه إلي نُصرتها ، فلمّا قرأ كتابها نطق بكلام رائع نابه ، فقال : "اُمرَتْ بأمر واُمرنا بغيره ، فركبت ما اُمرنا به ، وأمرتنا أن نركب ما اُمرت هى به ! اُمرَت أن تقرّ فى بيتها ، واُمرنا أن نقاتل حتي (١) مسند أبى يعلي : ١ / ٢٦٦ / ٥٠٧ ، تاريخ بغداد : ٨ / ٤٤٠ / ٤٥٤٩ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٤٣٤ و ٤٣٥ ، الطبقات الكبري : ٦ / ١٢٣ وفيه "تقطع يده فى سبيل الله ، ثمّ يُتبع الله آخر جسده بأوّله" وكلّها عن عبد الرحمن بن مسعود العبدى عن الإمام علىّ ¼ . ١٣٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زَيْدُ بنُ صُوحان
لا تكون فتنة ، والسلام"(١) . كان لساناً ناطقاً معبّراً فى الدفاع عن أمير المؤمنين ¼ ، وكان له باعٌ فى دعمه وحمايته . وخاطبه الإمام ¼ عندما جلس عند رأسه قائلاً : "رحمك الله يا زيد قد كنت خفيف المؤونة ، عظيم المعونة"(٢) . ٦٥١٩ ـ تاريخ دمشق عن أبى سليمان : لمّا ورد علينا سلمان الفارسى أتيناه نستقرئه القرآن ، فقال : إنّ القرآن عربى فاستقرئوه رجلاً عربيّاً . وكان يقرئنا زيد بن صوحان ، ويأخذ عليه سلمان ، فإذا أخطأ ردَّ عليه سلمان(٣) . ٦٥٢٠ ـ تاريخ دمشق عن أبى قدامة : كان سلمان علينا بالمدائن ، وهو أميرنا ، فقال : إنّا اُمرنا أن لا نؤمّكم ، تقدّم يا زيد ، فكان زيد بن صوحان يؤمّنا ويخطبنا(٤) . ٦٥٢١ ـ الطبقات الكبري عن مِلْحان بن ثروان : إنّ سلمان كان يقول لزيد بن صوحان يوم الجمعة : قم فذكّر قومك(٥) . ٦٥٢٢ ـ تاريخ بغداد عن حميد بن هلال : كان زيد بن صوحان يقوم الليل ويصوم النهار ، وإذا كانت ليلة الجمعة أحياها ، فإن كان ليكرهها إذا جاءت ممّا كان يلقي فيها ، فبلغ سلمان ما كان يصنع ، فأتاه فقال : أين زيد ؟ قالت امرأته : ليس ها هنا ، (١) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٤ / ١٢٠ ; تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٧٦ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣١٩ كلاهما نحوه . ١٣٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زَيْدُ بنُ صُوحان
قال : فإنّى اُقسم عليك لما صنعت طعاماً ، ولبست محاسن ثيابك ، ثمّ بعثت إلي زيد . قال : فجاء زيد ، فقرّب الطعام ، فقال سلمان : كُل يا زُيَيْد ، قال : إنّى صائم ، قال : كُل يا زُييد لا ينقص ـ أو تنقص ـ دينك ، إن شرّ السير الحقحقة(١) ، إنّ لعينك عليك حقّاً ، وإن لبدنك عليك حقّاً ، وإنّ لزوجتك عليك حقّاً ، كُل يا زُيَيد ، فأكل وترك ما كان يصنع(٢) . ٦٥٢٣ ـ الطبقات الكبري عن ابن أبى الهذيل : دعا عمر بن الخطّاب زيد بن صوحان فضَفَنه(٣) علي الرحل كما تَضفنون اُمراءكم ، ثمّ التفت إلي الناس فقال : اصنعوا هذا بزيد وأصحاب زيد(٤) . ٦٥٢٤ ـ الطبقات الكبري عن عبد الله بن أبى الهذيل : إنّ وفد أهل الكوفة قدموا علي عمر وفيهم زيد بن صوحان . . . وجعل عمر يرحل لزيد ، وقال : يا أهل الكوفة ، هكذا فاصنعوا بزيد وإلاّ عذّبتكم(٥) . ٦٥٢٥ ـ الطبقات الكبري عن إبراهيم : كان زيد بن صوحان يُحدّث ، فقال أعرابى : إنّ حديثك ليُعجِبنى وإن يدك لتُريبنى . فقال : أ وَما تراها الشمال ؟ (١) الحقحقة : شدّة السير ، وشرّ السير الحقحقة هو إشارة إلي الرفق فى العبادة ، يعنى عليك بالقصد فى العبادة ولا تحمل علي نفسك فتسأم (لسان العرب : ١٠ / ٥٧) . ١٣٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زَيْدُ بنُ صُوحان
فقال : والله ما أدرى اليمين يقطعون أم الشمال . فقال زيد : صدق الله ³ الاَْعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ² (١)(٢) . ٦٥٢٦ ـ البرصان والعرجان : زيد بن صوحان العبدى ، الخطيب الفارس القائد ، وفى الحديث المرفوع : "يسبقه عضو منه إلي الجنّة" . وزيد هو الذى قال لعلىّ بن أبى طالب رحمة الله عليهما : إنّى مقتول غداً . قال : وَلِمَ ؟ قال : رأيت يدى فى المنام حتي نزلت من السماء ، فاستشلت يدى . فلمّا قتله عمير بن يثربى مبارزة ، ومرّ به علىّ بن أبى طالب وهو مقتول فوقف [و قال] : أما والله ما علمتك إلاّ حاضر المعونة ، خفيف المؤونة(٣) . ٦٥٢٧ ـ الإمام الصادق ¼ : لمّا صُرع زيد بن صوحان رحمة الله عليه يوم الجمل جاء أمير المؤمنين ¼ حتي جلس عند رأسه ، فقال : يرحمك الله يا زيد ، قد كنت خفيف المَؤونة عظيم المعونة . قال : فرفع زيد رأسه إليه . وقال : وأنت فجزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين ، فوَ الله ما علمتك إلاّ بالله عليماً وفى اُمّ الكتاب عليّاً حكيماً ، وأنّ الله فى صدرك لعظيم ، والله ما قاتلت معك علي جهالة ، ولكنّى سمعت اُمّ سلمة زوج النبىّ ½ (١) التوبة : ٩٧ . ١٣٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَعْدُ بنُ مَسْعود الثَّقَفِيّ
تقول : سمعت رسول الله ½ يقول : من كنت مولاه فعلىّ مولاه ، اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله . وكرهت والله أن أخذلك فيخذلنى الله(١) . ٤١ سَعْدُ بنُ مَسْعود الثَّقَفِىّ سعد بن مسعود الثقفى عمّ المختار بن أبى عبيد ، من أصحاب الإمام أمير المؤمنين علىّ ¼ الأوفياء . وقيل : من أصحاب رسول الله(٢) . ذكرت بعض المصادر أنّه اصطدم يوماً بعمّار بن ياسر الذى كان والياً علي الكوفة من قبل عمر(٣) . ولاّه(٤) الإمام ¼ فى البداية علي منطقة الزوابى(٥) ، وعندما تحرّك الإمام ¼ تلقاء صفّين ، ولاّه علي المدائن(٦) (٧) . أثني عليه الإمام ¼ فى رسالة له ، وذكره بالتقوي والنجابة ، ودعا له(٨) . لمّا (١) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٤ / ١١٩ ، الاختصاص : ٧٩ كلاهما عن عبد الله بن سنان . ١٣٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَعْدُ بنُ مَسْعود الثَّقَفِيّ
جُرح الإمام الحسن ¼ فى ساباط(١) وناله سوء من أصحابه ، التجأ إلي سعد بن مسعود(٢) . كان المختار بن أبى عبيد الثقفىّ ابن أخيه(٣) الذى استخلفه الإمام ¼ علي المدائن(٤) . ويُنسَب إليه أيضاً المحدِّث والمؤرّخ الشيعى الكبير إبراهيم الثقفى الكوفى(٥) . ٦٥٢٨ ـ الفهرست : سعد بن مسعود أخو أبى عبيد بن مسعود عمّ المختار ، ولاّه علىّ ¼ علي المدائن ، وهو الذى لجأ إليه الحسن ¼ يوم ساباط(٦) . ٦٥٢٩ ـ تاريخ اليعقوبى : كتب [علىّ ¼ ] إلي سعد بن مسعود عمّ المختار بن أبى عبيد ، وهو علي المدائن : أمّا بعد ، فإنّك قد أدّيت خراجك ، وأطعت ربّك ، وأرضيت إمامك ، فعل المبرّ التقىّ النجيب ، فغفر الله ذنبك ، وتقبّل سعيك ، وحسّن مآبك(٧) . ٦٥٣٠ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتابه إلي سعد بن مسعود الثقفى عامله علي المدائن (١) ساباط : موضع فى العراق معروف ، قرب المدائن وبهرسير يُعرف بساباط كسري (راجع معجم البلدان : ٣ / ١٦٦) . ١٤٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَعِيدُ بنُ قَيس الهَمْدَانِيّ
وجوخا(١) ـ : أمّا بعد ، فقد وفّرت علي المسلمين فيئهم وأطعت ربّك ، ونصحت إمامك ، فعل المتنزّه العفيف ، فقد حمدت أمرك ، ورضيت هديك ، وأببت(٢) رشدك ، غفر الله لك ، والسلام(٣) . ٤٢ سَعِيدُ بنُ قَيس الهَمْدَانِىّ كان مقاتلاً شجاعاً وبطلاً ، شهد الجمل(٤) ، وصفّين(٥) . جعله الإمام أمير المؤمنين ¼ أميراً علي همدان فى الجمل(٦) وصفّين(٧) . وفى سياق خطبة بليغة خطبها فى جماعة من أصحابه ، كشف حقيقة الجيشين جيّداً وأظهر انقياده التامّ للإمام ¼ (٨) ، ودلّ علي عظمة جيش الإمام أمير المؤمنين ¼ الذى كان فيه ثُلّة من البدريّين . ثمّ بيّن منزلة الإمام الرفيعة بكلام رائع ، وفضحَ معاوية وأخزاه مشيراً إلي السابقة السيّئة له ولأسلافه(٩) . وقد أصحر بطاعته المطلقة للإمام ¼ بعبارات حماسيّة فى مواطن كثيرة . وكان الإمام ¼ يُثنى علي ذلك الرجل الزاهد (١) جُوخا : اسم نهر عليه كورة [بلدة] واسعة فى سواد بغداد ، وهو بين خانقين وخوزستان (معجم البلدان : ٢ / ١٧٩) . ١٤١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَعِيدُ بنُ قَيس الهَمْدَانِيّ
المقاتل . ومن ثنائه عليه قال :
أشخصه الإمام ¼ إلي الأنبار(٢) بعد معركة صفّين لصدّ الغارات التى كان يشنّها سفيان بن عوف(٣) . وثبت سعيد علي صراط الحقّ بعد أمير المؤمنين ¼ ، فكان من أصحاب الإمام الحسن ¼ ، وبعثه الإمام الحسن ¼ ليخلف قيس بن سعد فى قيادة الحرب ضدّ معاوية(٤) . مدحه أبو عمرو الكشّى بقوله : من التابعين الكبار ورؤسائهم وزهّادهم(٥) . توفّى سعيد بن قيس حوالى سنة ٤١ هـ (٦) . ٦٥٣١ ـ الغارات ـ فى ذكر غارة سفيان بن عوف علي الأنبار ، واستنفار الإمام (١) المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٧٢ ، الديوان المنسوب إلي الإمام علىّ ¼ : ٥٧٢ / ٤٣٢ ، بحار الأنوار : ٣٢ / ٤٩٧ وفيهما "منهم" بدل "ماجد" . ١٤٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَعِيدُ بنُ قَيس الهَمْدَانِيّ
علىّ ¼ الناس ، وقعود أصحابه ـ : فقام حجر بن عدىّ الكندى وسعيد بن قيس الهمْدانى فقالا : لا يسؤك الله يا أمير المؤمنين ، مُرنا بأمرك نتّبعه ، فوَ الله ما نعظم جزعاً علي أموالنا إن نفدت ، ولا علي عشائرنا إن قتلت فى طاعتك(١) . ٦٥٣٢ ـ الفتوح ـ فى ذكر وقعة صفّين ـ : فقال سعيد بن قيس : والله يا أمير المؤمنين ، ما نصرنا إلاّ لله ولا أجبنا غيره ، ولقد قاتلنا مع من ليس له مثل سابقتك ولا قرابتك ، فارمِ بنا حيث شئت وأين أحببت ، فنحن لك سامعون مطيعون . قال : فعندها أنشأ علىّ ¼ أبياتاً يقول :
٦٥٣٣ ـ تاريخ الطبرى عن جبر بن نوف ـ بعد أن ذكر حثّ الإمام علىّ ¼ الناسَ للخروج إلي قتال أهل الشام ، بعد حرب صفّين ـ : فقام سعيد بن قيس الهمْدانى فقال : يا أمير المؤمنين ، سمعاً وطاعة ، وودّاً ونصيحةً ، أنا أوّل الناس جاء بما سألت وبما طلبت(٣) . ٦٥٣٤ ـ الغارات عن أبى عبد الرحمن السلمى ـ أيضاً ـ : فقام إليه سعيد بن قيس الهمدانى فقال : يا أمير المؤمنين ، والله لو أمرتنا بالمسير إلي قسطنطينيّة وروميّة مُشاةً حُفاةً علي غير عطاء ولا قوّة ، ما خالفتك أنا ، ولا رجل من قومى . (١) الغارات : ٢ / ٤٨١ ، الأمالى للطوسى : ١٧٤ / ٢٩٣ نحوه وفيه "سعد بن قيس" . ١٤٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَلْمانُ الفارِسِيّ
قال : فصدقتم جزاكم الله خيراً(١) . ٤٣ سلمان الفارسى ، أبو عبد الله ، وهو سلمان المحمّدى ، زاهد ثاقب البصيرة ، نقىّ الفطرة ، من سلالة فارسيّة(٢) ، مولده رامهرمز(٣) وأصله من أصبهان(٤) ، صحابىّ(٥) جليل من صحابة رسول الله ½ . كان يحظي بمكانة عظيمة لا تستوعبها هذه الصفحات القليلة . كان يطوى الفيافى والقفار بحثاً عن الحقّ . وعندما دخل رسول الله ½ المدينة حضر عنده وأسلم(٦) . وآثر خدمة ذلكم السفير الإلهىّ العظيم بكلّ طواعية . ولم يألُ جهداً فى ذلك ، وشهد الخندق وأعان المؤمنين بذكائه وخبرته بفنون القتال ، واقترح حفر الخندق ، فلقى اقتراحه ترحيباً . كان يعيش فى غاية الزهد ، ولمّا كان قد قطع جميع الوشائج ، وأعرض عن جميع زخارف الحياة ، والتحق بالحقّ ، شرّفه رسول الله ½ بقوله : "سلمان منّا (١) الغارات : ٢ / ٦٣٧ . ١٤٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَلْمانُ الفارِسِيّ
أهل البيت"(١) . وكان قلبه الطاهر مظهراً للأنوار الإلهيّة ، فقال فيه رسول الله ½ : "من أراد أن ينظر إلي رجل نُوِّر قلبه فلينظر إلي سلمان"(٢) . وكان أمير المؤمنين ¼ يقول عن سعة علمه واطّلاعه : "عَلِم العلم الأوّل والعلم الآخر ، وقرأ الكتاب الأوّل وقرأ الكتاب الآخر ، وكان بحراً لا ينزف"(٣) . وقد رعي سلمان حرمة الحقّ بعد رسول الله ½ ، ولم يحد عن مسير الحقّ(٤) ، وكان أحد القلائل الذين قاموا فى المسجد النبوىّ ودافعوا عن "خلافة الحقّ" و"حقّ الخلافة"(٥) . وكان من عشّاق علىّ وآل البيت (ع) ، ومن الأقلّين الذين شهدوا الصلاة علي السيّدة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع) وحضروا دفنها فى جوف الليل الحزين(٦) . ولاّه عمر علي المدائن(٧) ، فكانت حكومته فيها من المظاهر المشرّفة الباعثة (١) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٦٩١ / ٦٥٣٩ وح ٦٥٤١ ، المعجم الكبير : ٦ / ٢١٣ / ٦٠٤٠ ، الطبقات الكبري : ٤ / ٨٣ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ٤٠٨ . ١٤٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَلْمانُ الفارِسِيّ
علي الفخر والاعتزاز ، فهى حكومة تعلوها الرؤية الإلهيّة ، ويحيطها الزهد والورع ، وهدفها الحقّ والعدل . كان سلمان من المعمّرين ، عاش قرابة مائتين وخمسين سنة(١) ، وتوفّى بالمدائن(٢) أيّام حكومة عمر(٣) أو عثمان(٤) . ٦٥٣٥ ـ رسول الله ½ : إنّ الجنّة لتشتاق إلي ثلاثة : علىّ وعمّار وسلمان(٥) . ٦٥٣٦ ـ حلية الأولياء عن أبى الأسود وزاذان الكندى : كنّا ذات يوم عند علىّ ¼ ، فوافق الناس منه طيب نفس ومزاح ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، حدّثنا عن أصحابك . قال : عن أىّ أصحابى ؟ قالوا : عن أصحاب محمّد ½ . قال : كلّ أصحاب محمّد ½ أصحابى ، فعن أيّهم ؟ قالوا : عن الذين رأيناك تلطفهم بذكرك ، والصلاة عليهم دون القوم ، حدّثنا عن سلمان . (١) سير أعلام النبلاء : ١ / ٥٥٥ / ٩١ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ٣٧٨ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٢١ . ١٤٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَلْمانُ الفارِسِيّ
قال : من لكم بمثل لقمان الحكيم ؟ ! ذاك امرؤ منّا وإلينا أهل البيت ، أدرك العلم الأوّل والعلم الآخر ، وقرأ الكتاب الأوّل والكتاب الآخر ، بحر لا ينزف(١) . ٦٥٣٧ ـ الأمالى للطوسى عن منصور بن بزرج : قلت لأبى عبد الله الصادق ¼ : ما أكثر ما أسمع منك يا سيّدى ذكر سلمان الفارسى ! فقال : لا تقل الفارسى ، ولكن قُل سلمان المحمّدى ، أ تدرى ما كثرة ذكرى له ؟ قلت : لا . قال : لثلاث خلال ، أحدها : إيثاره هوي أمير المؤمنين ¼ علي هوي نفسه ، والثانية : حُبّه للفقراء واختياره إيّاهم علي أهل الثروة والعدد ، والثالثة : حُبّه للعلم والعلماء . إنّ سلمان كان عبداً صالحاً حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين(٢) . ٦٥٣٨ ـ المستدرك علي الصحيحين عن عوف بن أبى عثمان النهدى : قال رجل لسلمان : ما أشدَّ حُبَّك لعلىّ ¼ ! قال : سمعت رسول الله ½ يقول : من أحبّ عليّاً فقد أحبّنى ، ومن أبغض عليّاً فقد أبغضنى(٣) . ٦٥٣٩ ـ الطبقات الكبري عن النعمان بن حميد : دخلت مع خالى علي سلمان بالمدائن وهو يعمل الخوص ، فسمعته يقول : أشترى خوصاً بدرهم فأعمله (١) حلية الأولياء : ١ / ١٨٧ ، المعجم الكبير : ٦ / ٢١٣ / ٦٠٤٢ وفيه "بمثاله" بدل "بمثل" وليس فيه "و إلينا" ،تاريخ دمشق : ٢١ / ٤٢١ ، الطبقات الكبري : ٤ / ٨٦ عن زاذان وفيه من "مَن لكم بمثل . . . " وفى صدره "سئل علىّ عن سلمان الفارسى ، فقال : ذاك امرؤ منّا وإلينا" ; الغارات : ١ / ١٧٧ عن أبى عمرو الكندى . ١٤٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَلْمانُ الفارِسِيّ
فأبيعه بثلاثة دراهم ، فاُعيد درهماً فيه واُنفِقُ درهماً علي عيالى وأتصدّق بدرهم ، ولو أنّ عمر بن الخطّاب نهانى عنه ما انتهيتُ(١) . ٦٥٤٠ ـ مروج الذهب ـ فى ذكر سلمان الفارسى ـ : كان يلبس الصوف ، ويركب الحمار ببرذعته(٢) بغير إكاف(٣) ، ويأكل خبز الشعير ، وكان ناسكاً زاهداً ، فلمّا احتضر بالمدائن قال له سعد بن وقّاص : أوصنى يا أبا عبد الله . قال : نعم ، قال : اذكر الله عند همّك إذا هممت ، وعند لسانك إذا حكمت ، وعند يدك إذ قسمت . فجعل سلمان يبكى ، فقال له : يا أبا عبد الله ، ما يبكيك ؟ قال : سمعت رسول الله ½ يقول : إنّ فى الآخرة عقبة لا يقطعها إلاّ المُخفّون ، وأري هذه الأساودة حولى ، فنظروا فلم يجدوا فى البيت إلاّ إداوة وركوة(٤) ومطهرة(٥) . ٦٥٤١ ـ الطبقات الكبري عن أبى سفيان عن أشياخه : دخل سعد بن أبى وقّاص علي سلمان يعوده ، فبكي سلمان ، فقال له سعد : ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ توفّى رسول الله ½ ، وهو عنك راض ، وتلقي أصحابك ، وترد عليه الحوض . قال سلمان : والله ما أبكى جزعاً من الموت ولا حرصاً علي الدنيا ، ولكنّ (١) الطبقات الكبري : ٤ / ٨٩ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ٤٣٤ عن سمّاك بن حرب عن عمّه نحوه ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥١٨ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٥٤٧ . ١٤٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَلْمانُ الفارِسِيّ
رسول الله ½ عهد إلينا عهداً فقال : لتكن بُلْغَة أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب . وحولى هذه الأساود . قال : وإنّما حوله جفنة أو مطهرة أو إجّانة(١) ، فقال له سعد : يا أبا عبد الله ، اعهد إلينا بعهد نأخذه بعدك . فقال : يا سعد ، اذكر الله عند همّك إذا هممت ، وعند حكمك إذا حكمت ، وعند يدك إذا قسمت(٢) . ٦٥٤٢ ـ المعجم الكبير عن بقيرة ـ امرأة سلمان ـ : لمّا حضر سلمان الموت دعانى ، وهو فى علِّيَّة(٣) لها أربعة أبواب ، فقال : افتحى هذه الأبواب يا بقيرة ، فإنّ لى اليوم زوّاراً لا أدرى من أىّ هذه الأبواب يدخلون علىَّ ، ثمّ دعا بمسك له ، ثمّ قال : ادبغيه فى تور(٤) ، ففعلت ، ثمّ قال : انضحيه حول فراشى ثمّ انزلى فامكثى ، فسوف تطّلعين قربتى(٥) علي فراشى ، فاطّلعت فإذا هو قد اُخذ روحه ، فكأنّه نائم علي فراشه أو نحواً من ذلك(٦) . ٦٥٤٣ ـ الطبقات الكبري عن عطاء بن السائب : إنّ سلمان حين حضرته الوفاة ، (١) الإجَّانَة : واحدةُ الأجَاجِين ، وهى المِرْكَنُ [الإناء] الذى تُغسَل فيه الثيابُ (مجمع البحرين : ١ / ٢١) . ١٤٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سُلَيمانُ بنُ صُرَد الخُزاعِيّ
دعا بصُرّة من مسك كان أصابها من بَلنجَر(١) ، فأمر بها أن تُداف وتُجعل حول فراشه ، وقال : فإنّه يحضرنى الليلة ملائكة يجدون الريح ولا يأكلون الطعام(٢) . ٤٤ سُلَيمانُ بنُ صُرَد الخُزاعِىّ سليمان بن صرد بن الجون الخزاعى يكنّي أبا مُطَرِّف ، من صحابة رسول الله ½ (٣) ، وأحد وجوه الشيعة البارزين فى الكوفة(٤) . تخلّف عن الإمام علىّ ¼ يوم الجمل فلامه الإمام وعنّفه(٥) ، ولكنّه كان أمير ميمنته علي الرجّالة يوم صفّين(٦) . ولاّه الإمام ¼ علي منطقة الجبل(٧) ، ومدح صلابته فى الدِّين(٨) . وفى أيّام الإمام الحسن المجتبي ¼ كان من أصحابه(٩) . وعندما نقض معاوية الصلح ، اقترح سليمان علي الإمام إخراج عامل معاوية من الكوفة ، فلم (١) بَلَنجَر : مدينة ببلاد الخَزَر ، خلف باب الأبواب ، فتحها عبد الرحمن بن ربيعة (معجم البلدان : ١ / ٤٨٩) . ١٥٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سُلَيمانُ بنُ صُرَد الخُزاعِيّ
يوافق(١) . جمع أهل الكوفة بعد هلاك معاوية ، وكتب إلي الإمام الحسين ¼ يدعوه إلي الكوفة ، لكنّه تخلّف عن بيعته ولم يشهد معه واقعة الطفّ(٢) . لمّا هلك يزيد ، جمع شيعة الكوفة ونظّم ثورة التوّابين علي ابن زياد رافعاً شعاره المعروف "يا لَثارات الحسين"(٣) . وكانت هذه الثورة حماسيّة عاطفيّة . وانهزم سليمان أمام عبيد الله بن زياد بعد قتال شديد ، ورزقه الله الشهادة سنة ٦٥ هـ (٤) ، وله من العمر ٩٣ سنة(٥) . ٦٥٤٤ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتابه إلي سليمان بن صرد وهو بالجبل ـ : ذكرت ما صار فى يديك من حقوق المسلمين ، وإنّ من قبلك وقبلنا فى الحقّ سواء ، فأعلمنى ما اجتمع عندك من ذلك ، فأعطِ كلّ ذى حقّ حقّه ، وابعث إلينا بما سوي ذلك لنقسمه فيمن قبلنا إن شاء الله(٦) . ٦٥٤٥ ـ وقعة صفّين عن عون بن أبى جحيفة : بعد كتابة صحيفة التحكيم فى (١) تنزيه الأنبياء : ١٧٢ . ١٥١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سُلَيمانُ بنُ صُرَد الخُزاعِيّ
حرب صفّين ، أتي سليمان بن صرد عليّاً أمير المؤمنين بعد الصحيفة ، ووجهه مضروب بالسيف ، فلمّا نظر إليه علىّ قال : ³ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ² (١) فأنت ممّن ينتظر وممّن لم يبدّل . فقال : يا أمير المؤمنين ، أما لو وجدت أعواناً ما كُتبت هذه الصحيفة أبداً . أما والله لقد مشيتُ فى الناس ليعودوا إلي أمرهم الأوّل فما وجدت أحداً عنده خير إلاّ قليلاً(٢) . ٦٥٤٦ ـ وقعة صفّين عن عبد الرحمن بن عبيد بن أبى الكنود : إنّ سليمان بن صُرَد الخزاعى دخل علي علىّ بن أبى طالب بعد رجعته من البصرة ، فعاتبه وعذله وقال له : ارتَبْت وتربّصت وراوغت ، وقد كنت من أوثق الناس فى نفسى وأسرعهم ـ فيما أظنّ ـ إلي نصرتى ، فما قعد بك عن أهل بيت نبيّك ، وما زهّدك فى نصرهم ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، لا تردّنّ الاُمور علي أعقابها ، ولا تؤنّبنى بما مضي منها ، واستبقِ مودّتى يخلص لك نصيحتى وقد بقيت اُمور تعرف فيها وليّك من عدوّك . فسكت عنه وجلس سليمان قليلاً ، ثمّ نهض فخرج إلي الحسن بن علىّ وهو قاعد فى المسجد ، فقال : ألا أعجّبك من أمير المؤمنين وما لقيت منه من التبكيت والتوبيخ ؟ فقال له الحسن : إنّما يعاتب من تُرجي مودّته ونصيحته . فقال : إنّه بقيت اُمور سيستوسق فيها القنا ، ويُنتضي فيها السيوف ، ويحتاج (١) الأحزاب : ٢٣ . ١٥٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سُلَيمُ بنُ قَيْس الهِلالِيّ
فيها إلي أشباهى ، فلا تستغشّوا عتبى ، ولا تتّهموا نصيحتى . فقال له الحسن : رحمك الله ! ما أنت عندنا بالظنين(١) . ٤٥ سليم بن قيس الهلالى العامرى يكني أبا صادق ، كان من محدّثى التابعين ، وعلمائهم ، وعظمائهم ، وهو من أصحاب أمير المؤمنين(٢) ، والحسن(٣) ، والحسين(٤) ، وزين العابدين(٥) ، والباقر(٦) ، عليهم السلام أجمعين . وكان فى أصحاب الإمام أمير المؤمنين من "شرطة الخميس(٧)"(٨) . وعُدّ من السبّاقين فى التأليف وضبط الحقائق والتاريخ(٩) . ويعتبر كتابه ـ الذى جاء فى كتب التراجم والمصادر بعناوين متنوّعة ـ من أهمّ (١) وقعة صفّين : ٦ . ١٥٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَهلُ بنُ حُنَيف
كتب الشيعة ، وسمّاه بعض العلماء "أصل من أكبر كتب الاُصول"(١) . والذى هو الآن موجود فى أيدينا وعنوانه : "كتاب سُليم" مع كثرة نسخه وطرقه ، دار حوله كلام بين علماء الرجال والباحثين الإسلاميّين ، منذ زمن بعيد ، فذهب بعضهم إلي أنّه موضوع أساساً ، ورأي بعض آخر أنّ نسبته إلي سليم ثابتة لا غبار عليها ، وحاول هؤلاء الإجابة عن الإشكالات والشبهات المثارة عليه . واحتاط آخرون فقالوا : إنّه مدسوس ، وحكموا عليه بأنّ فيه الثابت والمشكوك فيه ، والحسن والردىء ، والصحيح والسقيم(٢) . مع هذا كلّه ، فإنّ سُليماً نفسه لا قدح فيه ; إذ كان من الشخصيّات المتألّقة فى تاريخ التشيّع ، ومن الموالين الأبرار للأئمّة (ع) ، ومن أحبّاء آل الرسول ½ وأودّائهم . ٤٦ سهل بن حنيف بن واهب الأنصارى الأوسى ، أخو عثمان بن حُنيف(٣) . من صحابة رسول الله ½ وأحد البدريّين(٤) . (١) الغيبة للنعمانى : ١٠١ . ١٥٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَهلُ بنُ حُنَيف
شهد حروب النبىّ ½ كلّها(١) . وعندما اشتدّ القتال فى اُحد وفرّ جمع كبير من المسلمين كان سهل ممّن ثبت مع النبىّ ½ (٢) . كان سهل من السبّاقين إلي الدفاع عن الإمام أمير المؤمنين علىّ ¼ ، إذ رعي حُرمة خلافة الحقّ(٣) . وهو من القلائل الذين صدعوا بذَودهم عن الإمام ¼ (٤) . اختاره الإمام ¼ لولاية الشام ، لكنّ جنود معاوية حالُوا دون وصوله إليها(٥) . ثمّ ولاّه الإمام ¼ علي المدينة(٦) . وفى صفّين دعاه إلي الالتحاق به وجعل مكانه تمّام بن عبّاس(٧) . وكان فيها أميراً علي خيّالة من جند البصرة(٨) . ثمّ ولى فارس ، ولكنّه عُزل بسبب الفوضي وتوتّر الأوضاع فيها ، فاستعمل الإمام ¼ مكانه زياد بن أبيه باقتراح عبد الله بن عبّاس(٩) (مضي تفصيل ذلك) . توفّى بالكوفة سنة ٣٨ هـ (١٠) ، وأثني عليه الإمام ¼ كثيراً عند دفنه(١١) . (١) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٦٢ / ٥٧٣٤ ، الطبقات الكبري : ٣ / ٤٧١ ، سير أعلام النبلاء : ٢ / ٣٢٥ / ٦٣ ، الاستيعاب : ٢ / ٢٢٣ / ١٠٨٩ . ١٥٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَهلُ بنُ حُنَيف
٦٥٤٧ ـ الاُصول الستّة عشر عن ذريح المحاربى : ذكر [أبو عبد الله ¼ ] سهلَ بن حُنيف فقال : كان من النقباء(١) ، فقلت له : من نقباء نبىّ الله الاثنى عشر ؟ فقال : نعم ، كان من الذين اختيروا من السبعين ، فقلت له : كفلاء علي قومهم ، فقال : نعم ، إنّهم رجعوا وفيهم دم فاستنظروا رسول الله ½ إلي قابل ، فرجعوا ففزعوا من دمهم واصطلحوا ، وأقبل النبىّ ½ معهم . وذكر سهلاً فقال أبو عبد الله ¼ : ما سبقه أحد من قريش ولا من الناس بمنقبة ، وأثني عليه وقال : لمّا مات جزع أمير المؤمنين ¼ جزعاً شديداً ، وصلّي عليه خمس صلوات وقال : لو كان معى جبل لارفضّ(٢) (٣) . ٦٥٤٨ ـ رجال الكشّى عن الحسن بن زيد : كبّر علىّ بن أبى طالب ¼ علي سهل بن حنيف سبع تكبيرات ، وكان بدريّاً ، وقال : لو كبّرت عليه سبعين لكان أهلاً(٤) . ٦٥٤٩ ـ الإمام علىّ ¼ ـ وقد توفّى سهل بن حنيف الأنصارى بالكوفة بعد مرجعه معه من صفّين ، وكان أحبّ الناس إليه ـ : لو أحبّنى جبل لتهافتَ(٥) . (١) فى بيعة الأنصار لرسول الله ½ فى ليلة العقبة ، أخرج رسول الله ½ منهم اثنى عشر نقيباً وهم : أسعد بن زرارة ، البراء بن مغرور ، عبد الله بن حزام ـ أبو جابر بن عبد الله ـ ، رافع بن ملك ، سعد بن عبادة ، المنذر بن عمرو ، عبد الله بن رواحة ، سعد بن الربيع ، عبادة بن الصامت (و هؤلاء من الخزرج) ، اُسيد بن حضير ، سعد بن خثيمة ، وأبو الهيثم بن التيّهان (و هؤلاء من الأوس) أشار إليهم جبرئيل وأمر النبىّ ½ باختيارهم عدد نقباء موسي ¼ من بنى إسرائيل . (راجع بحار الأنوار : ١٩ / ١٣ ـ ٤٣) وليس فيهم ذكر سهل بن حنيف بخلاف الرواية . |
||||||