الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد الثاني عشر

 

١٣٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

ما يأتى الخبر الكوفة ويرجع إلىّ . وإيّاى ودعوي الجاهليّة ، فإنّى لا أجد أحداً دعا بها إلاّ قطعت لسانه ، وقد أحدثتم أحداثاً لم تكن وقد أحدثنا لكلّ ذنب عقوبة ، فمن غرّق قوماً غرّقته ، ومن حرّق علي قوم حرّقناه ، ومن نقب بيتاً نقبت عن قلبه ، ومن نبش قبراً دفنته فيه حيّاً ، فكفّوا عنّى أيديكم وألسنتكم أكفف يدى وأذاى ، لا يظهر من أحد منكم خلاف ما عليه عامّتكم إلاّ ضربت عنقه(١) .

٦٥١٤ ـ تاريخ الطبرى عن مسلمة : استعمل زياد علي شرطته عبد الله بن حصن ، فأمهل الناس حتي بلغ الخبر الكوفة ، وعاد إليه وصول الخبر إلي الكوفة ، وكان يؤخّر العشاء حتي يكون آخر من يصلّى ثمّ يصلّى ، يأمر رجلاً فيقرأ سورة البقرة ومثلها ، يرتّل القرآن ، فإذا فرغ أمهل بقدر ما يري أنّ إنساناً يبلغ الخريبة ، ثمّ يأمر صاحب شرطته بالخروج ، فيخرج ولا يري إنساناً إلاّ قتله .

قال : فأخذ ليلة أعرابيّاً ، فأتي به زياداً فقال : هل سمعت النداء ؟ قال : لا والله ، قدمت بحلوبة(٢) لى ، وغشينى الليل ، فاضطررتها إلي موضع ، فأقمت لأصبح ، ولا علم لى بما كان من الأمير .

قال : أظنّك والله صادقاً ، ولكن فى قتلك صلاح هذه الاُمّة ، ثمّ أمر به فضربت عنقه .

وكان زياد أوّل من شدّ أمر السلطان ، وأكّد الملك لمعاوية ، وألزم الناس الطاعة ، وتقدّم فى العقوبة ، وجرّد السيف ، وأخذ بالظنّة ، وعاقب علي الشبهة ،


(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٢١٧ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٧٢ ، العقد الفريد : ٣ / ١٥٣ ، شرح نهج البلاغة : ١٦ / ٢٠١ ، أنساب الأشراف : ٥ / ٢١٥ و٢١٦ وفيه من "إنّى اُقسم بالله . . . " وفيه "كتب زياد كتاباً قُرئ علي أهل المصر نسخته" وراجع تاريخ دمشق : ١٩ / ١٧٩ .
(٢) حَلُوبة : أى شاة تُحْلَبُ (النهاية : ١ / ٤٢٢) .

 ١٣١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

وخافه الناس فى سلطانه خوفاً شديداً ، حتي أمن الناس بعضهم بعضاً ، حتي كان الشىء يسقط من الرجل أو المرأة فلا يعرض له أحد حتي يأتيه صاحبه فيأخذه ، وتبيت المرأة فلا تغلق عليها بابها ، وساس الناس سياسة لم يُرَ مثلها ، وهابه الناس هيبة لم يهابوها أحداً قبله ، وأدرّ العطاء ، وبني مدينة الرزق(١) .

٦٥١٥ ـ شرح نهج البلاغة عن الشعبى ـ فى ذكر سلطة زياد علي البصرة ـ : فصبّح علي باب القصر تلك الليلة سبعمائة رأس ، ثمّ خرج الليلة الثانية فجاء بخمسين رأساً ، ثمّ خرج الليلة الثالثة فجاء برأس واحد ، ثمّ لم يجئ بعدها بشىء ، وكان الناس إذا صلّوا العشاء الآخرة اُحضروا إلي منازلهم شدّاً حثيثاً ، وقد يترك بعضهم نعاله(٢) .

٦٥١٦ ـ مروج الذهب : قد كان زياد جمع الناس بالكوفة بباب قصره يحرّضهم علي لعن علىّ ، فمن أبي ذلك عرضه علي السيف(٣) .

٦٥١٧ ـ المعجم الكبير عن الحسن : كان زياد يتتبّع شيعة علىّ  ¼ فيقتلهم ، فبلغ ذلك الحسن بن علىّ  ¼ فقال : اللهمّ تفرّد بموته فإنّ القتل كفّارة(٤) .

٦٥١٨ ـ سير أعلام النبلاء عن الحسن البصرى : بلغ الحسن بن علىّ أنّ زياداً يتتبّع شيعة علىّ بالبصرة فيقتلهم ، فدعا عليه .

وقيل : إنّه جمع أهل الكوفة ليعرضهم علي البراءة من أبى الحسن ، فأصابه


(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٢١ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٧٤ نحوه ، أنساب الأشراف : ٥ / ٢١٩ وفيه من "كان يؤخّر العشاء" إلي "إلاّ قتله" وراجع ص ٢٠٦ و٢٢٥ .
(٢) شرح نهج البلاغة : ١٦ / ٢٠٤ وراجع أنساب الأشراف : ٥ / ٢٠٦ .
(٣) مروج الذهب : ٣ / ٣٥ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٢٠٣ عن عبد الرحمن بن السائب نحوه .
(٤) المعجم الكبير : ٣ / ٧٠ / ٢٦٩٠ .

 ١٣٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زِيادُ بنُ النَّضْر

حينئذ طاعون فى سنة ثلاث وخمسين(١) .

راجع : القسم الخامس عشر / عدّة من مبغضيه / زياد بن أبيه .

٣٩

زِيادُ بنُ النَّضْر

زياد بن النضر الحارثى ، كان من أصحاب أمير المؤمنين  ¼ (٢) الأجلاّء ، ومن أعوانه المخلصين ، وأحد اُمراء الجيش(٣) ، وتدلّ أقواله ومواقفه فى صفّين وغيرها من المشاهد علي أنّه كان ذا وعى عميق ومعرفة رفيعة بشخصيّة المولي أمير المؤمنين  ¼ .

أشار فى موقف من مواقفه إلي سبق الإمام  ¼ فى الإيمان ، ومنزلته العالية عند رسول الله  ½ . وأكّد علي القتال فى صفّين من خلال تصوير دقيق(٤) .

كان من رُؤساء الكوفيّين الذين قدموا المدينة للاحتجاج علي عثمان(٥) .

وكان من اُمراء جيش الإمام علىّ  ¼ ، وتولّي فى صفّين قيادة "مقدّمة الجيش" مع شُريح بن هانى(٦) ، ولمّا صاروا فى مقابل العدوّ ، أمّر عليهما الإمام مالكَ


(١) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٩٦ / ١١٢ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٢٠٢ نحوه وزاد فيه "اللهمّ لا تقتلنّ زياداً وأمِته حتف أنفه" بعد "فدعا عليه" وراجع ص ٢٠٣ و٢٠٤ .
(٢) رجال الطوسى : ٦٥ / ٥٨٣ .
(٣) وقعة صفّين : ٢١٤ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١٢ .
(٤) وقعه صفّين : ١٠١ .
(٥) تاريخ الطبرى : ٤ / ٣٤٩ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٢٤٥ ، أنساب الأشراف : ٦ / ١٥٧ .
(٦) وقعة صفّين : ١٢٢ و١٢٣ ; تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٦٥ و٥٦٦ .


إرجاعات 
٣٠٠ - المجلد الحادي عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام عليّ / الفصل الخامس : عدّة من مبغضيه / ذو الكلاع بن ناكور

 ١٣٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زَيْدُ بنُ صُوحان

الأشتر(١) . كان زياد صاحب لواء قبيلة مذحج فى المعركة(٢) ، وكانت له صولات عظيمة فى معارك ذى الحجّة(٣) . وأوفده الإمام  ¼ لمفاوضة أصحاب النهروان قبل الحرب(٤) .

أجل ، لقد كان طاهر القلب ، شجاعاً ، خيّراً كريماً ، مطيعاً مخلصاً لأمير المؤمنين  ¼ .

٤٠

زَيْدُ بنُ صُوحان

زيد بن صوحان بن حُجْر العبدى أخو صعصعة وسيحان . كان خطيباً(٥) مصقعاً وشجاعاً ثابت الخُطي(٦) ، وكان من العظماء ، والزهّاد ، والأبدال(٧) ، ومن أصحاب أمير المؤمنين  ¼ الأوفياء(٨) .

أسلم فى عهد النبىّ  ½ فعُدَّ من الصحابة(٩) . وله وفادة علي النبىّ  ½ (١٠) .


(١) وقعة صفّين : ١٥٣ ; تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٦٧ .
(٢) وقعة صفّين : ١١٨ وص ١٢١ .
(٣) وقعة صفّين : ١٩٥ ; تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٧٤ .
(٤) تاريخ الطبرى : ٥ / ٦٥ .
(٥) تاريخ دمشق : ١٩ / ٤٤٠ ، البرصان والعرجان : ٣٩٩ .
(٦) رجال الطوسى : ٦٤ / ٥٦٦ ; البرصان والعرجان : ٣٩٩ .
(٧) تاريخ بغداد : ٨ / ٤٣٩ / ٤٥٤٩ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٢٥ / ١٣٣ ، الاستيعاب : ٢ / ١٢٤ / ٨٥٧ ، اُسد الغابة : ٢ / ٣٦٤ / ١٨٤٨ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٠٩ .
(٨) رجال الطوسى : ٦٤ / ٥٦٦ .
(٩) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٢٥ / ١٣٣ ، الاستيعاب : ٢ / ١٢٤ / ٨٥٧ ، اُسد الغابة : ٢ / ٣٦٤ / ١٨٤٨ .
(١٠) تاريخ دمشق : ١٩ / ٤٢٩ .

 ١٣٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زَيْدُ بنُ صُوحان

كان رسول الله  ½ يذكره بخير ، ويقول :

"من سرّه أن ينظر إلي رجل يسبقه بعض أعضائه إلي الجنّة فلينظر إلي زيد بن صوحان"(١) .

وتحقّق هذا الكلام النبوى الذى كان فضيلة عظيمة لزيد فى حرب جلولاء(٢)(٣) .

وكان لزيد لسان ناطق بالحقّ مبيّن للحقائق ، فلم يُطق عثمان وجوده بالكوفة فنفاه إلي الشام(٤) . وعندما بلور الثوّار تحرّكهم المناهض لعثمان ، التحق بهم أهل الكوفة فى أربع مجاميع ; كان زيدٌ علي رأس أحدها(٥) . واشترك فى حرب الجمل(٦) ، وأخبر بشهادته(٧) . كتبت إليه عائشة تدعوه إلي نُصرتها ، فلمّا قرأ كتابها نطق بكلام رائع نابه ، فقال : "اُمرَتْ بأمر واُمرنا بغيره ، فركبت ما اُمرنا به ، وأمرتنا أن نركب ما اُمرت هى به ! اُمرَت أن تقرّ فى بيتها ، واُمرنا أن نقاتل حتي


(١) مسند أبى يعلي : ١ / ٢٦٦ / ٥٠٧ ، تاريخ بغداد : ٨ / ٤٤٠ / ٤٥٤٩ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٤٣٤ و ٤٣٥ ، الطبقات الكبري : ٦ / ١٢٣ وفيه "تقطع يده فى سبيل الله ، ثمّ يُتبع الله آخر جسده بأوّله" وكلّها عن عبد الرحمن بن مسعود العبدى عن الإمام علىّ  ¼ .
(٢) جلولاء : طسوج من طساسيج السواد فى طريق خراسان ، والطسوج : الناحية (معجم البلدان : ٢ / ١٥٦) .
(٣) الطبقات الكبري : ٦ / ١٢٣ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٢٦ / ١٣٣ ، المعارف لابن قتيبة : ٤٠٢ ، الاستيعاب : ٢ / ١٢٥ / ٨٥٧ .
(٤) أنساب الأشراف : ٦ / ١٥٥ ، الطبقات الكبري : ٦ / ١٢٤ ، تاريخ الطبرى : ٤ / ٣٢٦ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٤٢٩ .
(٥) تاريخ الطبرى : ٤ / ٣٤٩ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٢٤٥ .
(٦) الاستيعاب : ٢ / ١٢٥ / ٨٥٧ ، اُسد الغابة : ٢ / ٣٦٤ / ١٨٤٨ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٢٦ / ١٣٣ .
(٧) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٢٦ / ١٣٣ ، الطبقات الكبري : ٦ / ١٢٣ .

 ١٣٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زَيْدُ بنُ صُوحان

لا تكون فتنة ، والسلام"(١) .

كان لساناً ناطقاً معبّراً فى الدفاع عن أمير المؤمنين  ¼ ، وكان له باعٌ فى دعمه وحمايته . وخاطبه الإمام  ¼ عندما جلس عند رأسه قائلاً : "رحمك الله يا زيد قد كنت خفيف المؤونة ، عظيم المعونة"(٢) .

٦٥١٩ ـ تاريخ دمشق عن أبى سليمان : لمّا ورد علينا سلمان الفارسى أتيناه نستقرئه القرآن ، فقال : إنّ القرآن عربى فاستقرئوه رجلاً عربيّاً . وكان يقرئنا زيد بن صوحان ، ويأخذ عليه سلمان ، فإذا أخطأ ردَّ عليه سلمان(٣) .

٦٥٢٠ ـ تاريخ دمشق عن أبى قدامة : كان سلمان علينا بالمدائن ، وهو أميرنا ، فقال : إنّا اُمرنا أن لا نؤمّكم ، تقدّم يا زيد ، فكان زيد بن صوحان يؤمّنا ويخطبنا(٤) .

٦٥٢١ ـ الطبقات الكبري عن مِلْحان بن ثروان : إنّ سلمان كان يقول لزيد بن صوحان يوم الجمعة : قم فذكّر قومك(٥) .

٦٥٢٢ ـ تاريخ بغداد عن حميد بن هلال : كان زيد بن صوحان يقوم الليل ويصوم النهار ، وإذا كانت ليلة الجمعة أحياها ، فإن كان ليكرهها إذا جاءت ممّا كان يلقي فيها ، فبلغ سلمان ما كان يصنع ، فأتاه فقال : أين زيد ؟ قالت امرأته : ليس ها هنا ،


(١) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٤ / ١٢٠ ; تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٧٦ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣١٩ كلاهما نحوه .
(٢) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٤ / ١١٩ ، الاختصاص : ٧٩ .
(٣) تاريخ دمشق : ١٩ / ٤٣٩ .
(٤) تاريخ دمشق : ١٩ / ٤٣٩ وراجع الطبقات الكبري : ٦ / ١٢٤ .
(٥) الطبقات الكبري : ٦ / ١٢٤ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٤٤٠ .

 ١٣٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زَيْدُ بنُ صُوحان

قال : فإنّى اُقسم عليك لما صنعت طعاماً ، ولبست محاسن ثيابك ، ثمّ بعثت إلي زيد .

قال : فجاء زيد ، فقرّب الطعام ، فقال سلمان : كُل يا زُيَيْد ، قال : إنّى صائم ، قال : كُل يا زُييد لا ينقص ـ أو تنقص ـ دينك ، إن شرّ السير الحقحقة(١) ، إنّ لعينك عليك حقّاً ، وإن لبدنك عليك حقّاً ، وإنّ لزوجتك عليك حقّاً ، كُل يا زُيَيد ، فأكل وترك ما كان يصنع(٢) .

٦٥٢٣ ـ الطبقات الكبري عن ابن أبى الهذيل : دعا عمر بن الخطّاب زيد بن صوحان فضَفَنه(٣) علي الرحل كما تَضفنون اُمراءكم ، ثمّ التفت إلي الناس فقال : اصنعوا هذا بزيد وأصحاب زيد(٤) .

٦٥٢٤ ـ الطبقات الكبري عن عبد الله بن أبى الهذيل : إنّ وفد أهل الكوفة قدموا علي عمر وفيهم زيد بن صوحان . . . وجعل عمر يرحل لزيد ، وقال : يا أهل الكوفة ، هكذا فاصنعوا بزيد وإلاّ عذّبتكم(٥) .

٦٥٢٥ ـ الطبقات الكبري عن إبراهيم : كان زيد بن صوحان يُحدّث ، فقال أعرابى : إنّ حديثك ليُعجِبنى وإن يدك لتُريبنى . فقال : أ وَما تراها الشمال ؟


(١) الحقحقة : شدّة السير ، وشرّ السير الحقحقة هو إشارة إلي الرفق فى العبادة ، يعنى عليك بالقصد فى العبادة ولا تحمل علي نفسك فتسأم (لسان العرب : ١٠ / ٥٧) .
(٢) تاريخ بغداد : ٨ / ٤٣٩ / ٤٥٤٩ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٤٤٠ .
(٣) الضفن : ضفن الشىء علي ناقته : حمل إيّاه عليها (تاج العروس : ١٨ / ٣٤٧) .
(٤) الطبقات الكبري : ٦ / ١٢٤ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٢٧ / ١٣٣ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٤٣٨ .
(٥) الطبقات الكبري : ٦ / ١٢٤ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٢٦ / ١٣٣ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٤٣٨ وليس فيه "و إلاّ عذّبتكم" .

 ١٣٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / زَيْدُ بنُ صُوحان

فقال : والله ما أدرى اليمين يقطعون أم الشمال .

فقال زيد : صدق الله ³ الاَْعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ  ²  (١)(٢) .

٦٥٢٦ ـ البرصان والعرجان : زيد بن صوحان العبدى ، الخطيب الفارس القائد ، وفى الحديث المرفوع : "يسبقه عضو منه إلي الجنّة" . وزيد هو الذى قال لعلىّ بن أبى طالب رحمة الله عليهما : إنّى مقتول غداً .

قال : وَلِمَ ؟

قال : رأيت يدى فى المنام حتي نزلت من السماء ، فاستشلت يدى .

فلمّا قتله عمير بن يثربى مبارزة ، ومرّ به علىّ بن أبى طالب وهو مقتول فوقف [و قال] : أما والله ما علمتك إلاّ حاضر المعونة ، خفيف المؤونة(٣) .

٦٥٢٧ ـ الإمام الصادق  ¼ : لمّا صُرع زيد بن صوحان رحمة الله عليه يوم الجمل جاء أمير المؤمنين  ¼ حتي جلس عند رأسه ، فقال : يرحمك الله يا زيد ، قد كنت خفيف المَؤونة عظيم المعونة .

قال : فرفع زيد رأسه إليه . وقال : وأنت فجزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين ، فوَ الله ما علمتك إلاّ بالله عليماً وفى اُمّ الكتاب عليّاً حكيماً ، وأنّ الله فى صدرك لعظيم ، والله ما قاتلت معك علي جهالة ، ولكنّى سمعت اُمّ سلمة زوج النبىّ  ½


(١) التوبة : ٩٧ .
(٢) الطبقات الكبري : ٦ / ١٢٣ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٢٦ / ١٣٣ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٤٣٧ ، البرصان والعرجان : ٤٠٠ نحوه .
(٣) البرصان والعرجان : ٣٩٩ ، المعارف لابن قتيبة : ٤٠٢ نحوه وليس فيه من "و مرّ به علىّ . . . " .

 ١٣٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَعْدُ بنُ مَسْعود الثَّقَفِيّ

تقول : سمعت رسول الله  ½ يقول : من كنت مولاه فعلىّ مولاه ، اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله . وكرهت والله أن أخذلك فيخذلنى الله(١) .

٤١

سَعْدُ بنُ مَسْعود الثَّقَفِىّ

سعد بن مسعود الثقفى عمّ المختار بن أبى عبيد ، من أصحاب الإمام أمير المؤمنين علىّ  ¼ الأوفياء . وقيل : من أصحاب رسول الله(٢) . ذكرت بعض المصادر أنّه اصطدم يوماً بعمّار بن ياسر الذى كان والياً علي الكوفة من قبل عمر(٣) . ولاّه(٤) الإمام  ¼ فى البداية علي منطقة الزوابى(٥) ، وعندما تحرّك الإمام  ¼ تلقاء صفّين ، ولاّه علي المدائن(٦) (٧) .

أثني عليه الإمام  ¼ فى رسالة له ، وذكره بالتقوي والنجابة ، ودعا له(٨) . لمّا


(١) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٤ / ١١٩ ، الاختصاص : ٧٩ كلاهما عن عبد الله بن سنان .
(٢) الاستيعاب : ٢ / ١٦٧ / ٩٦١ ، الإصابة : ٣ / ٧٠ / ٣٢١٠ .
(٣) تاريخ الطبرى : ٤ / ١٦٣ و١٦٤ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ١٩٨ .
(٤) الأخبار الطوال : ١٥٣ .
(٥) زوابى جمع زاب . وهى الزاب الأعلي بين الموصل وأربل ، والزاب الأسفل ما بين شهرزور وأذربيجان ، وبين الزاب الأعلي والأسفل مسيرة يومين أو ثلاثة (معجم البلدان : ٣ / ١٢٣) .
(٦) المدائن : أصل تسميتها هى : المدائن السبعة ، وكانت مقرّ ملوك الفُرس . وهى تقع علي نهر دجلة من شرقيّها تحت بغداد علي مرحلة منها . وفيها إيوان كسري . فُتحت هذه المدينة فى ( ١٤ هـ . ق ) علي يد المسلمين (راجع تقويم البلدان : ٣٠٢) .
(٧) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٦٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٦٢ .
(٨) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٨٧ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠١ .

 ١٣٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَعْدُ بنُ مَسْعود الثَّقَفِيّ

جُرح الإمام الحسن  ¼ فى ساباط(١) وناله سوء من أصحابه ، التجأ إلي سعد بن مسعود(٢) . كان المختار بن أبى عبيد الثقفىّ ابن أخيه(٣) الذى استخلفه الإمام  ¼ علي المدائن(٤) . ويُنسَب إليه أيضاً المحدِّث والمؤرّخ الشيعى الكبير إبراهيم الثقفى الكوفى(٥) .

٦٥٢٨ ـ الفهرست : سعد بن مسعود أخو أبى عبيد بن مسعود عمّ المختار ، ولاّه علىّ  ¼ علي المدائن ، وهو الذى لجأ إليه الحسن  ¼ يوم ساباط(٦) .

٦٥٢٩ ـ تاريخ اليعقوبى : كتب [علىّ  ¼ ] إلي سعد بن مسعود عمّ المختار بن أبى عبيد ، وهو علي المدائن : أمّا بعد ، فإنّك قد أدّيت خراجك ، وأطعت ربّك ، وأرضيت إمامك ، فعل المبرّ التقىّ النجيب ، فغفر الله ذنبك ، وتقبّل سعيك ، وحسّن مآبك(٧) .

٦٥٣٠ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى كتابه إلي سعد بن مسعود الثقفى عامله علي المدائن


(١) ساباط : موضع فى العراق معروف ، قرب المدائن وبهرسير يُعرف بساباط كسري (راجع معجم البلدان : ٣ / ١٦٦) .
(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٥٩ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٤٥ ، البداية والنهاية : ٨ / ١٤ ، شرح نهج البلاغة : ١٦ / ٢٧ ; الفهرست للطوسى : ٣٦ / ٧ وراجع الأخبار الطوال : ٢١٧ وتاريخ الإسلام للذهبى : ٤ / ٦ .
(٣) تاريخ الطبرى : ٤ / ١٦٣ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ١٩٨ .
(٤) تاريخ الطبرى : ٥ / ٧٦ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٩٩ .
(٥) الفهرست للطوسى : ٣٦ / ٧ .
(٦) الفهرست للطوسى : ٣٦ / ٧ وراجع التاريخ الكبير : ٤ / ٥٠ / ١٩٢٥ وتاريخ الطبرى : ٥ / ١٥٩ والفتوح : ٤ / ٢٨٨ وشرح نهج البلاغة : ١٦ / ٢٧ .
(٧) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠١ .

 ١٤٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَعِيدُ بنُ قَيس الهَمْدَانِيّ

وجوخا(١) ـ : أمّا بعد ، فقد وفّرت علي المسلمين فيئهم وأطعت ربّك ، ونصحت إمامك ، فعل المتنزّه العفيف ، فقد حمدت أمرك ، ورضيت هديك ، وأببت(٢) رشدك ، غفر الله لك ، والسلام(٣) .

٤٢

سَعِيدُ بنُ قَيس الهَمْدَانِىّ

كان مقاتلاً شجاعاً وبطلاً ، شهد الجمل(٤) ، وصفّين(٥) . جعله الإمام أمير المؤمنين  ¼ أميراً علي همدان فى الجمل(٦) وصفّين(٧) . وفى سياق خطبة بليغة خطبها فى جماعة من أصحابه ، كشف حقيقة الجيشين جيّداً وأظهر انقياده التامّ للإمام  ¼ (٨) ، ودلّ علي عظمة جيش الإمام أمير المؤمنين  ¼ الذى كان فيه ثُلّة من البدريّين . ثمّ بيّن منزلة الإمام الرفيعة بكلام رائع ، وفضحَ معاوية وأخزاه مشيراً إلي السابقة السيّئة له ولأسلافه(٩) . وقد أصحر بطاعته المطلقة للإمام  ¼ بعبارات حماسيّة فى مواطن كثيرة . وكان الإمام  ¼ يُثنى علي ذلك الرجل الزاهد


(١) جُوخا : اسم نهر عليه كورة [بلدة] واسعة فى سواد بغداد ، وهو بين خانقين وخوزستان (معجم البلدان : ٢ / ١٧٩) .
(٢) أبت إبابته : استقامت طريقته (القاموس المحيط : ١ / ٣٥) .
(٣) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٨٧ ; نثر الدرّ : ١ / ٣٢٣ وفيه "اُوتيت" بدل "أببت" .
(٤) الجمل : ٣١٩ ; شرح نهج البلاغة : ١ / ١٤٤ .
(٥) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٧٤ ، الفتوح : ٣ / ٣١ .
(٦) الجمل : ٣١٩ .
(٧) وقعة صفّين : ٢٠٥ ; تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٤٧ ، الفتوح : ٣ / ٣١ .
(٨) وقعة صفّين : ٢٣٦ وص ٤٣٧ ، الغارات : ٢ / ٤٨١ وص ٦٣٧ ، الأمالى للطوسى : ١٧٤ / ٢٩٣ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٧٩ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٠٢ ، الفتوح : ٣ / ٣١ .
(٩) وقعة صفّين : ٢٣٦ و٢٣٧ .

 ١٤١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَعِيدُ بنُ قَيس الهَمْدَانِيّ

المقاتل . ومن ثنائه عليه قال :

يَقودُهمُ حامى الحقيقة ماجدٌ سعيدُ بن قيس ، والكريمُ محامِ(١)

أشخصه الإمام  ¼ إلي الأنبار(٢) بعد معركة صفّين لصدّ الغارات التى كان يشنّها سفيان بن عوف(٣) .

وثبت سعيد علي صراط الحقّ بعد أمير المؤمنين  ¼ ، فكان من أصحاب الإمام الحسن  ¼ ، وبعثه الإمام الحسن  ¼ ليخلف قيس بن سعد فى قيادة الحرب ضدّ معاوية(٤) .

مدحه أبو عمرو الكشّى بقوله : من التابعين الكبار ورؤسائهم وزهّادهم(٥) .

توفّى سعيد بن قيس حوالى سنة ٤١ هـ (٦) .

٦٥٣١ ـ الغارات ـ فى ذكر غارة سفيان بن عوف علي الأنبار ، واستنفار الإمام


(١) المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٧٢ ، الديوان المنسوب إلي الإمام علىّ  ¼ : ٥٧٢ / ٤٣٢ ، بحار الأنوار : ٣٢ / ٤٩٧ وفيهما "منهم" بدل "ماجد" .
(٢) الأنبار : مدينة صغيرة كانت عامرة أيّام الساسانيّين ، وآثارها غرب بغداد علي بُعد ستّين كيلومتراً مشهودة . وسبب تسميتها بالأنبار هو أنّها كانت مركزاً لخزن الحنطة والشعير والتبن للجيوش ، وإلاّ فإنّ الإيرانيّين كانوا يسمّونها "فيروز شاپور" . فُتحت علي يد خالد بن الوليد عام ( ١٢ هـ ) وقد اتّخذها السفّاح ـ أوّل خلفاء بنى العبّاس ـ مقرّاً له مدّة من الزمان .
(٣) الغارات : ٢ / ٤٧٠ ، تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٩٦ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١٣٤ ، شرح نهج البلاغة : ٢ / ٨٨ .
(٤) شرح نهج البلاغة : ١٦ / ٤٠ ، مقاتل الطالبيّين : ٧١ .
(٥) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٦ / ١٢٤ .
(٦) تنقيح المقال : ٢ / ٢٩ / ٤٨٦٠ .

 ١٤٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَعِيدُ بنُ قَيس الهَمْدَانِيّ

علىّ  ¼ الناس ، وقعود أصحابه ـ : فقام حجر بن عدىّ الكندى وسعيد بن قيس الهمْدانى فقالا : لا يسؤك الله يا أمير المؤمنين ، مُرنا بأمرك نتّبعه ، فوَ الله ما نعظم جزعاً علي أموالنا إن نفدت ، ولا علي عشائرنا إن قتلت فى طاعتك(١) .

٦٥٣٢ ـ الفتوح ـ فى ذكر وقعة صفّين ـ : فقال سعيد بن قيس : والله يا أمير المؤمنين ، ما نصرنا إلاّ لله ولا أجبنا غيره ، ولقد قاتلنا مع من ليس له مثل سابقتك ولا قرابتك ، فارمِ بنا حيث شئت وأين أحببت ، فنحن لك سامعون مطيعون .

قال : فعندها أنشأ علىّ  ¼ أبياتاً يقول :

فلو كنتُ بوّاباً علي باب جنّةلقلتُ لهمْدانَ ادخلوا بسلامِ
جزي الله همدانَ الجنانَ فإنّهمسمامُ العِدي فى كلّ يوم حمام(٢)

٦٥٣٣ ـ تاريخ الطبرى عن جبر بن نوف ـ بعد أن ذكر حثّ الإمام علىّ  ¼ الناسَ للخروج إلي قتال أهل الشام ، بعد حرب صفّين ـ : فقام سعيد بن قيس الهمْدانى فقال : يا أمير المؤمنين ، سمعاً وطاعة ، وودّاً ونصيحةً ، أنا أوّل الناس جاء بما سألت وبما طلبت(٣) .

٦٥٣٤ ـ الغارات عن أبى عبد الرحمن السلمى ـ أيضاً ـ : فقام إليه سعيد بن قيس الهمدانى فقال : يا أمير المؤمنين ، والله لو أمرتنا بالمسير إلي قسطنطينيّة وروميّة مُشاةً حُفاةً علي غير عطاء ولا قوّة ، ما خالفتك أنا ، ولا رجل من قومى .


(١) الغارات : ٢ / ٤٨١ ، الأمالى للطوسى : ١٧٤ / ٢٩٣ نحوه وفيه "سعد بن قيس" .
(٢) الفتوح : ٣ / ٣١ ; وقعة صفّين : ٤٣٧ نحوه وراجع ص ٢٧٤ .
(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ٧٩ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٠٢ نحوه .

 ١٤٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَلْمانُ الفارِسِيّ

قال : فصدقتم جزاكم الله خيراً(١) .

٤٣

سَلْمانُ الفارِسِىّ

سلمان الفارسى ، أبو عبد الله ، وهو سلمان المحمّدى ، زاهد ثاقب البصيرة ، نقىّ الفطرة ، من سلالة فارسيّة(٢) ، مولده رامهرمز(٣) وأصله من أصبهان(٤) ، صحابىّ(٥) جليل من صحابة رسول الله  ½ . كان يحظي بمكانة عظيمة لا تستوعبها هذه الصفحات القليلة . كان يطوى الفيافى والقفار بحثاً عن الحقّ . وعندما دخل رسول الله  ½ المدينة حضر عنده وأسلم(٦) . وآثر خدمة ذلكم السفير الإلهىّ العظيم بكلّ طواعية . ولم يألُ جهداً فى ذلك ، وشهد الخندق وأعان المؤمنين بذكائه وخبرته بفنون القتال ، واقترح حفر الخندق ، فلقى اقتراحه ترحيباً .

كان يعيش فى غاية الزهد ، ولمّا كان قد قطع جميع الوشائج ، وأعرض عن جميع زخارف الحياة ، والتحق بالحقّ ، شرّفه رسول الله  ½ بقوله : "سلمان منّا


(١) الغارات : ٢ / ٦٣٧ .
(٢) الطبقات الكبري : ٤ / ٧٥ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ٣٧٦ .
(٣) رامَهُرمُز : مدينة مشهورة بنواحى خوزستان (معجم البلدان : ٣ / ١٧) .
(٤) تاريخ دمشق : ٢١ / ٣٨٣ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٥١٥ / ٩١ وراجع الطبقات الكبري : ٤ / ٧٥ وتاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥١٠ .
(٥) الطبقات الكبري : ٤ / ٨٠ وص ٨٨ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ٣٧٦ / ٢٥٩٩ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥١١ .
(٦) المعجم الكبير : ٦ / ٢١٢ / ٥٩٨ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ٣٧٦ .

 ١٤٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَلْمانُ الفارِسِيّ

أهل البيت"(١) . وكان قلبه الطاهر مظهراً للأنوار الإلهيّة ، فقال فيه رسول الله  ½ :

"من أراد أن ينظر إلي رجل نُوِّر قلبه فلينظر إلي سلمان"(٢) .

وكان أمير المؤمنين  ¼ يقول عن سعة علمه واطّلاعه :

"عَلِم العلم الأوّل والعلم الآخر ، وقرأ الكتاب الأوّل وقرأ الكتاب الآخر ، وكان بحراً لا ينزف"(٣) .

وقد رعي سلمان حرمة الحقّ بعد رسول الله  ½ ، ولم يحد عن مسير الحقّ(٤) ، وكان أحد القلائل الذين قاموا فى المسجد النبوىّ ودافعوا عن "خلافة الحقّ" و"حقّ الخلافة"(٥) . وكان من عشّاق علىّ وآل البيت (ع) ، ومن الأقلّين الذين شهدوا الصلاة علي السيّدة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع) وحضروا دفنها فى جوف الليل الحزين(٦) .

ولاّه عمر علي المدائن(٧) ، فكانت حكومته فيها من المظاهر المشرّفة الباعثة


(١) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٦٩١ / ٦٥٣٩ وح ٦٥٤١ ، المعجم الكبير : ٦ / ٢١٣ / ٦٠٤٠ ، الطبقات الكبري : ٤ / ٨٣ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ٤٠٨ .
(٢) تاريخ دمشق : ٢١ / ٤٠٨ .
(٣) الطبقات الكبري : ٤ / ٨٦ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ٤٢٢ ، حلية الأولياء : ١ / ١٨٧ ، المصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٥٣٦ / ٣ ، المعجم الكبير : ٦ / ٢١٣ / ٦٠٤١ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥١٥ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٥٤١ / ٩١ والأربعة الأخيرة نحوه وليس فيها "و قرأ الكتاب الأوّل ، وقرأ الكتاب الآخر" وراجع تاريخ دمشق : ٢١ / ٤٢٠ .
(٤) الخصال : ٦٠٧ / ٩ ، عيون أخبار الرضا : ٢ / ١٢٦ / ١ .
(٥) الخصال : ٤٦٣ / ٤ ، الاحتجاج : ١ / ١٩٢ / ٢ ، رجال البرقى : ٦٤ .
(٦) الخصال : ٣٦١ / ٥٠ ، رجال الكشّى : ١ / ٣٤ / ١٣ ، الاختصاص : ٥ ، تفسير فرات : ٥٧٠ / ٧٣٣ .
(٧) مروج الذهب : ٢ / ٣١٤ ، الطبقات الكبري : ٤ / ٨٧ .

 ١٤٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَلْمانُ الفارِسِيّ

علي الفخر والاعتزاز ، فهى حكومة تعلوها الرؤية الإلهيّة ، ويحيطها الزهد والورع ، وهدفها الحقّ والعدل .

كان سلمان من المعمّرين ، عاش قرابة مائتين وخمسين سنة(١) ، وتوفّى بالمدائن(٢) أيّام حكومة عمر(٣) أو عثمان(٤) .

٦٥٣٥ ـ رسول الله  ½ : إنّ الجنّة لتشتاق إلي ثلاثة : علىّ وعمّار وسلمان(٥) .

٦٥٣٦ ـ حلية الأولياء عن أبى الأسود وزاذان الكندى : كنّا ذات يوم عند علىّ  ¼ ، فوافق الناس منه طيب نفس ومزاح ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، حدّثنا عن أصحابك .

قال : عن أىّ أصحابى ؟

قالوا : عن أصحاب محمّد  ½ .

قال : كلّ أصحاب محمّد  ½ أصحابى ، فعن أيّهم ؟

قالوا : عن الذين رأيناك تلطفهم بذكرك ، والصلاة عليهم دون القوم ، حدّثنا عن سلمان .


(١) سير أعلام النبلاء : ١ / ٥٥٥ / ٩١ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ٣٧٨ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٢١ .
(٢) الطبقات لخليفة بن خيّاط : ٣٣ / ٢٢ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ٣٧٨ وص ٤٥٨ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٥٥٤ / ٩١ .
(٣) المعارف لابن قتيبة : ٢٧١ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ٤٥٨ .
(٤) الطبقات الكبري : ٤ / ٩٣ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٧١ / ١٢ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٧١ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ٣٧٨ وص ٤٥٨ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٥٥٤ / ٩١ وفى ص ٥٥٥ "سنة ٣٣ هـ " .
(٥) سنن الترمذى : ٥ / ٦٦٧ / ٣٧٩٧ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٤٨ / ٤٦٦٦ ، المعجم الكبير : ٦ / ٢١٥ / ٦٠٤٥ وزاد فيه "و المقداد" وكلّها عن أنس ; الخصال : ٣٠٣ / ٨٠ عن عبد الله بن محمّد بن علىّ بن العبّاس الرازى عن الإمام الرضا عن آبائه (ع) وزاد فيه "و أبى ذرّ والمقداد" ، وقعة صفّين : ٣٢٣ عن الحسن .

 ١٤٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَلْمانُ الفارِسِيّ

قال : من لكم بمثل لقمان الحكيم ؟ ! ذاك امرؤ منّا وإلينا أهل البيت ، أدرك العلم الأوّل والعلم الآخر ، وقرأ الكتاب الأوّل والكتاب الآخر ، بحر لا ينزف(١) .

٦٥٣٧ ـ الأمالى للطوسى عن منصور بن بزرج : قلت لأبى عبد الله الصادق  ¼ : ما أكثر ما أسمع منك يا سيّدى ذكر سلمان الفارسى !

فقال : لا تقل الفارسى ، ولكن قُل سلمان المحمّدى ، أ تدرى ما كثرة ذكرى له ؟

قلت : لا .

قال : لثلاث خلال ، أحدها : إيثاره هوي أمير المؤمنين  ¼ علي هوي نفسه ، والثانية : حُبّه للفقراء واختياره إيّاهم علي أهل الثروة والعدد ، والثالثة : حُبّه للعلم والعلماء . إنّ سلمان كان عبداً صالحاً حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين(٢) .

٦٥٣٨ ـ المستدرك علي الصحيحين عن عوف بن أبى عثمان النهدى : قال رجل لسلمان : ما أشدَّ حُبَّك لعلىّ  ¼ ! قال : سمعت رسول الله  ½ يقول : من أحبّ عليّاً فقد أحبّنى ، ومن أبغض عليّاً فقد أبغضنى(٣) .

٦٥٣٩ ـ الطبقات الكبري عن النعمان بن حميد : دخلت مع خالى علي سلمان بالمدائن وهو يعمل الخوص ، فسمعته يقول : أشترى خوصاً بدرهم فأعمله


(١) حلية الأولياء : ١ / ١٨٧ ، المعجم الكبير : ٦ / ٢١٣ / ٦٠٤٢ وفيه "بمثاله" بدل "بمثل" وليس فيه "و إلينا" ،تاريخ دمشق : ٢١ / ٤٢١ ، الطبقات الكبري : ٤ / ٨٦ عن زاذان وفيه من "مَن لكم بمثل . . . " وفى صدره "سئل علىّ عن سلمان الفارسى ، فقال : ذاك امرؤ منّا وإلينا" ; الغارات : ١ / ١٧٧ عن أبى عمرو الكندى .
(٢) الأمالى للطوسى : ١٣٣ / ٢١٤ .
(٣) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٤١ / ٤٦٤٨ .

 ١٤٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَلْمانُ الفارِسِيّ

فأبيعه بثلاثة دراهم ، فاُعيد درهماً فيه واُنفِقُ درهماً علي عيالى وأتصدّق بدرهم ، ولو أنّ عمر بن الخطّاب نهانى عنه ما انتهيتُ(١) .

٦٥٤٠ ـ مروج الذهب ـ فى ذكر سلمان الفارسى ـ : كان يلبس الصوف ، ويركب الحمار ببرذعته(٢) بغير إكاف(٣) ، ويأكل خبز الشعير ، وكان ناسكاً زاهداً ، فلمّا احتضر بالمدائن قال له سعد بن وقّاص : أوصنى يا أبا عبد الله .

قال : نعم ، قال : اذكر الله عند همّك إذا هممت ، وعند لسانك إذا حكمت ، وعند يدك إذ قسمت .

فجعل سلمان يبكى ، فقال له : يا أبا عبد الله ، ما يبكيك ؟

قال : سمعت رسول الله  ½ يقول : إنّ فى الآخرة عقبة لا يقطعها إلاّ المُخفّون ، وأري هذه الأساودة حولى ، فنظروا فلم يجدوا فى البيت إلاّ إداوة وركوة(٤) ومطهرة(٥) .

٦٥٤١ ـ الطبقات الكبري عن أبى سفيان عن أشياخه : دخل سعد بن أبى وقّاص علي سلمان يعوده ، فبكي سلمان ، فقال له سعد : ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ توفّى رسول الله  ½ ، وهو عنك راض ، وتلقي أصحابك ، وترد عليه الحوض .

قال سلمان : والله ما أبكى جزعاً من الموت ولا حرصاً علي الدنيا ، ولكنّ


(١) الطبقات الكبري : ٤ / ٨٩ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ٤٣٤ عن سمّاك بن حرب عن عمّه نحوه ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥١٨ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٥٤٧ .
(٢) البَرْذَعةُ : الحِلس الذى يُلقي تحت الرحل (لسان العرب : ٨ / ٨) .
(٣) الإكاف والأكاف من المراكب : شبه الرِّحال والأقتاب (لسان العرب : ٩ / ٨) .
(٤) الرَّكْوة : إناء صغير من جِلد يُشرَب فيه الماء ، والجمع رِكاء (النهاية : ٢ / ٢٦١) .
(٥) مروج الذهب : ٢ / ٣١٤ .

 ١٤٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَلْمانُ الفارِسِيّ

رسول الله  ½ عهد إلينا عهداً فقال : لتكن بُلْغَة أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب . وحولى هذه الأساود .

قال : وإنّما حوله جفنة أو مطهرة أو إجّانة(١) ، فقال له سعد : يا أبا عبد الله ، اعهد إلينا بعهد نأخذه بعدك .

فقال : يا سعد ، اذكر الله عند همّك إذا هممت ، وعند حكمك إذا حكمت ، وعند يدك إذا قسمت(٢) .

٦٥٤٢ ـ المعجم الكبير عن بقيرة ـ امرأة سلمان ـ : لمّا حضر سلمان الموت دعانى ، وهو فى علِّيَّة(٣) لها أربعة أبواب ، فقال : افتحى هذه الأبواب يا بقيرة ، فإنّ لى اليوم زوّاراً لا أدرى من أىّ هذه الأبواب يدخلون علىَّ ، ثمّ دعا بمسك له ، ثمّ قال : ادبغيه فى تور(٤) ، ففعلت ، ثمّ قال : انضحيه حول فراشى ثمّ انزلى فامكثى ، فسوف تطّلعين قربتى(٥) علي فراشى ، فاطّلعت فإذا هو قد اُخذ روحه ، فكأنّه نائم علي فراشه أو نحواً من ذلك(٦) .

٦٥٤٣ ـ الطبقات الكبري عن عطاء بن السائب : إنّ سلمان حين حضرته الوفاة ،


(١) الإجَّانَة : واحدةُ الأجَاجِين ، وهى المِرْكَنُ [الإناء] الذى تُغسَل فيه الثيابُ (مجمع البحرين : ١ / ٢١) .
(٢) الطبقات الكبري : ٤ / ٩٠ ، حلية الأولياء : ١ / ١٩٥ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ٤٥٢ .
(٣) علِّيَّة : هى بضمّ العين وكسرها : الغُرفة ، والجمع العَلالىّ (النهاية : ٣ / ٢٩٥) .
(٤) كذا فى المصدر ، وفى بقيّة المصادر : "أديفِيه" . قال فى تاج العروس : دافَ الشىء يديفُه : أى خَلَطَه ، وفى حديث سلمان   ¢ : " . . . فقال لامرأته : أدِيفيه فى تَور" . والتَّوْر : إناء صغير (تاج العروس : ١٢ / ٢١٦ و٦ / ١٣٥) .
(٥) كذا فى المصدر ، وفى حلية الأولياء : "فتَرَيْنى" .
(٦) المعجم الكبير : ٦ / ٢١٥ / ٦٠٤٣ ، الطبقات الكبري : ٤ / ٩٢ ، حلية الأولياء : ١ / ٢٠٨ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٥٥٣ / ٩١ .

 ١٤٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سُلَيمانُ بنُ صُرَد الخُزاعِيّ

دعا بصُرّة من مسك كان أصابها من بَلنجَر(١) ، فأمر بها أن تُداف وتُجعل حول فراشه ، وقال : فإنّه يحضرنى الليلة ملائكة يجدون الريح ولا يأكلون الطعام(٢) .

٤٤

سُلَيمانُ بنُ صُرَد الخُزاعِىّ

سليمان بن صرد بن الجون الخزاعى يكنّي أبا مُطَرِّف ، من صحابة رسول الله  ½ (٣) ، وأحد وجوه الشيعة البارزين فى الكوفة(٤) . تخلّف عن الإمام علىّ  ¼ يوم الجمل فلامه الإمام وعنّفه(٥) ، ولكنّه كان أمير ميمنته علي الرجّالة يوم صفّين(٦) .

ولاّه الإمام  ¼ علي منطقة الجبل(٧) ، ومدح صلابته فى الدِّين(٨) .

وفى أيّام الإمام الحسن المجتبي  ¼ كان من أصحابه(٩) . وعندما نقض معاوية الصلح ، اقترح سليمان علي الإمام إخراج عامل معاوية من الكوفة ، فلم


(١) بَلَنجَر : مدينة ببلاد الخَزَر ، خلف باب الأبواب ، فتحها عبد الرحمن بن ربيعة (معجم البلدان : ١ / ٤٨٩) .
(٢) الطبقات الكبري : ٤ / ٩٢ .
(٣) الطبقات الكبري : ٤ / ٢٩٢ ، تهذيب الكمال : ١١ / ٤٥٥ / ٢٥٣١ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٥٥٢ ، الاستيعاب : ٢ / ٢١٠ / ١٠٦١ ; رجال الطوسى : ٤٠ / ٢٥٥ .
(٤) الطبقات الكبري : ٤ / ٢٩٢ .
(٥) وقعة صفّين : ٦ ، رجال الطوسى : ٦٦ / ٥٩٧ وفيه "المتخلّف عنه يوم الجمل" ; الفتوح : ٢ / ٤٩٢ .
(٦) وقعة صفّين : ٢٠٥ ; تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٤٦ ، الأخبار الطوال : ١٧١ ، الاستيعاب : ٢ / ٢١١ / ١٠٦١ .
(٧) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٩٣ .
(٨) وقعة صفّين : ٥١٩ .
(٩) رجال الطوسى : ٩٤ / ٩٣٦ .

 ١٥٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سُلَيمانُ بنُ صُرَد الخُزاعِيّ

يوافق(١) .

جمع أهل الكوفة بعد هلاك معاوية ، وكتب إلي الإمام الحسين  ¼ يدعوه إلي الكوفة ، لكنّه تخلّف عن بيعته ولم يشهد معه واقعة الطفّ(٢) .

لمّا هلك يزيد ، جمع شيعة الكوفة ونظّم ثورة التوّابين علي ابن زياد رافعاً شعاره المعروف "يا لَثارات الحسين"(٣) . وكانت هذه الثورة حماسيّة عاطفيّة .

وانهزم سليمان أمام عبيد الله بن زياد بعد قتال شديد ، ورزقه الله الشهادة سنة ٦٥ هـ (٤) ، وله من العمر ٩٣ سنة(٥) .

٦٥٤٤ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى كتابه إلي سليمان بن صرد وهو بالجبل ـ : ذكرت ما صار فى يديك من حقوق المسلمين ، وإنّ من قبلك وقبلنا فى الحقّ سواء ، فأعلمنى ما اجتمع عندك من ذلك ، فأعطِ كلّ ذى حقّ حقّه ، وابعث إلينا بما سوي ذلك لنقسمه فيمن قبلنا إن شاء الله(٦) .

٦٥٤٥ ـ وقعة صفّين عن عون بن أبى جحيفة : بعد كتابة صحيفة التحكيم فى


(١) تنزيه الأنبياء : ١٧٢ .
(٢) الطبقات الكبري : ٤ / ٢٩٢ ، تهذيب الكمال : ١١ / ٤٥٦ / ٢٥٣١ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٥٢ وص ٥٥٢ ، اُسد الغابة : ٢ / ٥٤٨ / ٢٢٣١ ، الأخبار الطوال : ٢٢٩ ; الإرشاد : ٢ / ٣٦ .
(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ٥٨٣ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٦٣٥ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٥٨ .
(٤) الطبقات الكبري : ٤ / ٢٩٢ و٢٩٣ ، تهذيب الكمال : ١١ / ٤٥٦ / ٢٥٣١ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٥٨٣ ـ ٥٩٩ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٦٣٥ ـ ٦٤١ ، اُسد الغابة : ٢ / ٥٤٨ / ٢٢٣١ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٥٨ وفيه "سنة ٦٦ هـ " .
(٥) الطبقات الكبري : ٤ / ٢٩٣ ، تهذيب الكمال : ١١ / ٤٥٦ / ٢٥٣١ ، الاستيعاب : ٢ / ٢١١ / ١٠٦١ ، اُسد الغابة : ٢ / ٥٤٩ / ٢٢٣١ .
(٦) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٩٣ .

 ١٥١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سُلَيمانُ بنُ صُرَد الخُزاعِيّ

حرب صفّين ، أتي سليمان بن صرد عليّاً أمير المؤمنين بعد الصحيفة ، ووجهه مضروب بالسيف ، فلمّا نظر إليه علىّ قال : ³ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً  ²  (١) فأنت ممّن ينتظر وممّن لم يبدّل .

فقال : يا أمير المؤمنين ، أما لو وجدت أعواناً ما كُتبت هذه الصحيفة أبداً . أما والله لقد مشيتُ فى الناس ليعودوا إلي أمرهم الأوّل فما وجدت أحداً عنده خير إلاّ قليلاً(٢) .

٦٥٤٦ ـ وقعة صفّين عن عبد الرحمن بن عبيد بن أبى الكنود : إنّ سليمان بن صُرَد الخزاعى دخل علي علىّ بن أبى طالب بعد رجعته من البصرة ، فعاتبه وعذله وقال له : ارتَبْت وتربّصت وراوغت ، وقد كنت من أوثق الناس فى نفسى وأسرعهم ـ فيما أظنّ ـ إلي نصرتى ، فما قعد بك عن أهل بيت نبيّك ، وما زهّدك فى نصرهم ؟

فقال : يا أمير المؤمنين ، لا تردّنّ الاُمور علي أعقابها ، ولا تؤنّبنى بما مضي منها ، واستبقِ مودّتى يخلص لك نصيحتى وقد بقيت اُمور تعرف فيها وليّك من عدوّك . فسكت عنه وجلس سليمان قليلاً ، ثمّ نهض فخرج إلي الحسن بن علىّ وهو قاعد فى المسجد ، فقال : ألا أعجّبك من أمير المؤمنين وما لقيت منه من التبكيت والتوبيخ ؟

فقال له الحسن : إنّما يعاتب من تُرجي مودّته ونصيحته .

فقال : إنّه بقيت اُمور سيستوسق فيها القنا ، ويُنتضي فيها السيوف ، ويحتاج


(١) الأحزاب : ٢٣ .
(٢) وقعة صفّين : ٥١٩ .

 ١٥٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سُلَيمُ بنُ قَيْس الهِلالِيّ

فيها إلي أشباهى ، فلا تستغشّوا عتبى ، ولا تتّهموا نصيحتى .

فقال له الحسن : رحمك الله ! ما أنت عندنا بالظنين(١) .

٤٥

سُلَيمُ بنُ قَيْس الهِلالِىّ

سليم بن قيس الهلالى العامرى يكني أبا صادق ، كان من محدّثى التابعين ، وعلمائهم ، وعظمائهم ، وهو من أصحاب أمير المؤمنين(٢) ، والحسن(٣) ، والحسين(٤) ، وزين العابدين(٥) ، والباقر(٦) ، عليهم السلام أجمعين . وكان فى أصحاب الإمام أمير المؤمنين من "شرطة الخميس(٧)"(٨) . وعُدّ من السبّاقين فى التأليف وضبط الحقائق والتاريخ(٩) .

ويعتبر كتابه ـ الذى جاء فى كتب التراجم والمصادر بعناوين متنوّعة ـ من أهمّ


(١) وقعة صفّين : ٦ .
(٢) رجال الطوسى : ٦٦ / ٥٩٠ ، الاختصاص : ٣ ، رجال البرقى : ٤ وفيه "من أولياء أصحابه" .
(٣) رجال الطوسى : ٩٤ / ٩٣٤ ، رجال البرقى : ٧ .
(٤) رجال الطوسى : ١٠١ / ٩٨٤ ، الاختصاص : ٨ ، رجال البرقى : ٨ .
(٥) رجال الطوسى : ١١٤ / ١١٣٦ .
(٦) رجال الطوسى : ١٣٦ / ١٤٢٨ ، رجال البرقى : ٩ .
(٧) الشُرطَةُ، بالسكون والفتح : الجند . والجمع شُرَط ، أعوان السلطان والولاة ، وأوّل كتيبة تشهد للحرب وتتهيّأ للموت، سُمّوا بذلك; لأنّهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها للأعداء (مجمع البحرين ٢/٩٤٢). الخَميسُ : الجيش ، سُمّى به لأنّه مقسوم بخمسة أقسام : المقدّمة ، والساقة ، والميمنة ، والميسرة ، والقلب . وقيل لأنّه تخَمّس فيه الغنائم (النهاية : ٢ / ٧٩) .
(٨) الاختصاص : ٣ .
(٩) الغيبة للنعمانى : ١٠١ و١٠٢ .

 ١٥٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَهلُ بنُ حُنَيف

كتب الشيعة ، وسمّاه بعض العلماء "أصل من أكبر كتب الاُصول"(١) .

والذى هو الآن موجود فى أيدينا وعنوانه : "كتاب سُليم" مع كثرة نسخه وطرقه ، دار حوله كلام بين علماء الرجال والباحثين الإسلاميّين ، منذ زمن بعيد ، فذهب بعضهم إلي أنّه موضوع أساساً ، ورأي بعض آخر أنّ نسبته إلي سليم ثابتة لا غبار عليها ، وحاول هؤلاء الإجابة عن الإشكالات والشبهات المثارة عليه . واحتاط آخرون فقالوا : إنّه مدسوس ، وحكموا عليه بأنّ فيه الثابت والمشكوك فيه ، والحسن والردىء ، والصحيح والسقيم(٢) .

مع هذا كلّه ، فإنّ سُليماً نفسه لا قدح فيه ; إذ كان من الشخصيّات المتألّقة فى تاريخ التشيّع ، ومن الموالين الأبرار للأئمّة (ع) ، ومن أحبّاء آل الرسول  ½ وأودّائهم .

٤٦

سَهلُ بنُ حُنَيف

سهل بن حنيف بن واهب الأنصارى الأوسى ، أخو عثمان بن حُنيف(٣) . من صحابة رسول الله  ½ وأحد البدريّين(٤) .


(١) الغيبة للنعمانى : ١٠١ .
(٢) تصحيح الاعتقاد : ١٤٩ ، قاموس الرجال : ٥ / ٢٢٧ ـ ٢٣٩ ، معجم رجال الحديث : ٨ / ٢١٦ ـ ٢٢٧ ، ولمزيد الاطّلاع حول كتاب سُليم والأقوال المختلفة فيه راجع : مقدّمة كتاب سُليم بن قيس الهلالى ، طبعة نشر الهادى ، تحقيق محمّد باقر الأنصارى .
(٣) سير أعلام النبلاء : ٢ / ٣٢٥ / ٦٣ ; الاختصاص : ٣ .
(٤) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٦١ / ٥٧٣٠ وص ٤٦٤ / ٥٧٤٠ وفيه "كان من كبار الأنصار . . . " ، الطبقات الكبري : ٣ / ٤٧١ ، سير أعلام النبلاء : ٢ / ٣٢٥ / ٦٣ ; الاختصاص : ٣ .

 ١٥٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَهلُ بنُ حُنَيف

شهد حروب النبىّ  ½ كلّها(١) . وعندما اشتدّ القتال فى اُحد وفرّ جمع كبير من المسلمين كان سهل ممّن ثبت مع النبىّ  ½ (٢) .

كان سهل من السبّاقين إلي الدفاع عن الإمام أمير المؤمنين علىّ  ¼ ، إذ رعي حُرمة خلافة الحقّ(٣) . وهو من القلائل الذين صدعوا بذَودهم عن الإمام  ¼ (٤) .

اختاره الإمام  ¼ لولاية الشام ، لكنّ جنود معاوية حالُوا دون وصوله إليها(٥) .

ثمّ ولاّه الإمام  ¼ علي المدينة(٦) . وفى صفّين دعاه إلي الالتحاق به وجعل مكانه تمّام بن عبّاس(٧) . وكان فيها أميراً علي خيّالة من جند البصرة(٨) . ثمّ ولى فارس ، ولكنّه عُزل بسبب الفوضي وتوتّر الأوضاع فيها ، فاستعمل الإمام  ¼ مكانه زياد بن أبيه باقتراح عبد الله بن عبّاس(٩) (مضي تفصيل ذلك) .

توفّى بالكوفة سنة ٣٨ هـ (١٠) ، وأثني عليه الإمام  ¼ كثيراً عند دفنه(١١) .


(١) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٦٢ / ٥٧٣٤ ، الطبقات الكبري : ٣ / ٤٧١ ، سير أعلام النبلاء : ٢ / ٣٢٥ / ٦٣ ، الاستيعاب : ٢ / ٢٢٣ / ١٠٨٩ .
(٢) المستدرك علي الصحيحين: ٣/٤٦٢/٥٧٣٤، الطبقات الكبري: ٣/٤٧١، الاستيعاب: ٢/٢٢٣/١٠٨٩.
(٣) الخصال : ٦٠٨ / ٩ ، عيون أخبار الرضا : ٢ / ١٢٦ ، رجال الكشّى : ١ / ١٨٣ / ٧٨ .
(٤) الخصال : ٤٦٥ ، الاحتجاج : ١ / ١٩٨ / ١٠ ، رجال البرقى : ٦٦ .
(٥) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٤٢ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٠٩ .
(٦) الطبقات الكبري : ٦ / ١٥ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٩٣ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥٢ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٢٣ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٣ .
(٧) الاستيعاب : ١ / ٢٧٢ / ٢٤٣ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥٢ .
(٨) وقعة صفّين : ٢٠٨ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١١ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٧٠ فيه "علي جند البصرة" .
(٩) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٣٧ ، الاستيعاب : ٢ / ٢٢٣ / ١٠٨٩ ، اُسد الغابة : ٢ / ٥٧٣ / ٢٢٨٩ .
(١٠) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٦٢ / ٥٧٣٢ ، الطبقات الكبري : ٣ / ٤٧٢ ، الطبقات لخليفة بن خيّاط : ١٥٣ / ٥٤٧ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٩٦ ، الاستيعاب : ٢ / ٢٢٣ / ١٠٨٩ .
(١١) رجال الكشّى : ١ / ١٦٤ / ٧٤ .

 ١٥٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَهلُ بنُ حُنَيف

٦٥٤٧ ـ الاُصول الستّة عشر عن ذريح المحاربى : ذكر [أبو عبد الله  ¼ ] سهلَ بن حُنيف فقال : كان من النقباء(١) ، فقلت له : من نقباء نبىّ الله الاثنى عشر ؟ فقال : نعم ، كان من الذين اختيروا من السبعين ، فقلت له : كفلاء علي قومهم ، فقال : نعم ، إنّهم رجعوا وفيهم دم فاستنظروا رسول الله  ½ إلي قابل ، فرجعوا ففزعوا من دمهم واصطلحوا ، وأقبل النبىّ  ½ معهم .

وذكر سهلاً فقال أبو عبد الله  ¼ : ما سبقه أحد من قريش ولا من الناس بمنقبة ، وأثني عليه وقال : لمّا مات جزع أمير المؤمنين  ¼ جزعاً شديداً ، وصلّي عليه خمس صلوات وقال : لو كان معى جبل لارفضّ(٢) (٣) .

٦٥٤٨ ـ رجال الكشّى عن الحسن بن زيد : كبّر علىّ بن أبى طالب  ¼ علي سهل بن حنيف سبع تكبيرات ، وكان بدريّاً ، وقال : لو كبّرت عليه سبعين لكان أهلاً(٤) .

٦٥٤٩ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ وقد توفّى سهل بن حنيف الأنصارى بالكوفة بعد مرجعه معه من صفّين ، وكان أحبّ الناس إليه ـ : لو أحبّنى جبل لتهافتَ(٥) .


(١) فى بيعة الأنصار لرسول الله  ½ فى ليلة العقبة ، أخرج رسول الله  ½ منهم اثنى عشر نقيباً وهم : أسعد بن زرارة ، البراء بن مغرور ، عبد الله بن حزام ـ أبو جابر بن عبد الله ـ ، رافع بن ملك ، سعد بن عبادة ، المنذر بن عمرو ، عبد الله بن رواحة ، سعد بن الربيع ، عبادة بن الصامت (و هؤلاء من الخزرج) ، اُسيد بن حضير ، سعد بن خثيمة ، وأبو الهيثم بن التيّهان (و هؤلاء من الأوس) أشار إليهم جبرئيل وأمر النبىّ  ½ باختيارهم عدد نقباء موسي  ¼ من بنى إسرائيل . (راجع بحار الأنوار : ١٩ / ١٣ ـ ٤٣) وليس فيهم ذكر سهل بن حنيف بخلاف الرواية .
(٢) تَرَفّضَ الشىء : إذا تكَسّر . والمُرْفَضَّة : المتفرّقة يميناً وشمالاً (تاج العروس : ١٠ / ٦٣) .
(٣) الاُصول الستّة عشر : ٨٦ ، بحار الأنوار : ٨١ / ٣٧٦ / ٢٥ .
(٤) رجال الكشّى : ١ / ١٦٤ / ٧٤ ، الدرجات الرفيعه : ٣٩٠ ، بحار الأنوار : ٨١ / ٣٧٨ / ٣٣ .
(٥) نهج البلاغة : الحكمة ١١١ .