الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد الثاني عشر

 

١٥٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / سَيْحانُ بنُ صُوحان

٤٧

سَيْحانُ بنُ صُوحان

سيحان بن صوحان بن حُجْر ، أخو زيد وصعصعة ابنى صوحان(١) .

كان من أصحاب أمير المؤمنين  ¼ كأخويه(٢) .

كانت الراية يوم الجمل فى يده فقتل فأخذها زيد فقتل فأخذها صعصعة(٣) . ودفن مع أخيه زيد فى قبر واحد(٤) .

٤٨

شَبَثُ بنُ رِبْعِىٍّ التَّمِيمِىّ

شبث بن ربعى التميمى اليربوعى ، أبو عبد القدّوس الكوفى أحد الوجوه المتلوّنة المشبوهة العجيبة فى التاريخ الإسلامى .

كان مؤذّناً لسجاح(٥) ، ثمّ أسلم(٦) ، وله دور فى فتنة عثمان(٧) .

كان من أصحاب الإمام أمير المؤمنين  ¼ فى عصره(٨) ، ومن اُمراء جيشه فى


(١) الطبقات الكبري : ٦ / ٢٢١ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٢٥ / ١٣٣ ، تاريخ بغداد : ٨ / ٤٣٩ / ٤٥٤٩ .
(٢) رجال الطوسى : ٦٦ / ٥٩١ .
(٣) الطبقات الكبري : ٦ / ٢٢١ .
(٤) الطبقات الكبري : ٦ / ١٢٥ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٢٨ / ١٣٤ ، تاريخ دمشق : ١٩ / ٤٤٥ .
(٥) سجاح : هى امرأة ادّعت النبوّة (المعارف لابن قتيبة : ٤٠٥) .
(٦) تهذيب الكمال : ١٢ / ٣٥٢ / ٢٦٨٦ ، تهذيب التهذيب : ٢ / ٤٧٣ / ٣١٩٧ ، تاريخ الطبرى : ٣ / ٢٧٤ .
(٧) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٨٣ ، تهذيب التهذيب : ٢ / ٤٧٣ / ٣١٩٧ .
(٨) تهذيب التهذيب : ٢ / ٤٧٣ / ٣١٩٧ ; رجال الطوسى : ٦٨ / ٦٢٠ .

 ١٥٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / شَبَثُ بنُ رِبْعِىٍّ التَّمِيمِيّ

حرب صفّين(١) . وأوفده الإمام إلي معاوية ليتحدّث معه(٢) . بيد أنّه لحق بالخوارج بعد التحكيم ، وصار من اُمراء عسكرهم(٣) .

ثمّ فارقهم بعد مدّة ، وعاد إلي جيش الإمام  ¼ (٤) ، وكان قائد ميسرته فى النهروان(٥) .

كاتب الإمام الحسين  ¼ بعد هلاك معاوية كسائر الكوفيّين ، ودعاه إلي الكوفة(٦) . ثمّ انضمّ إلي جماعة ابن زياد ، وثبّط الناس عن مسلم بن عقيل  ¼ (٧) . وكان ممّن قاتل مسلماً(٨) .

وكان أحد القادة العسكريّين فى جيش يزيد يوم الطفّ(٩) . وبعد استشهاد الإمام الحسين  ¼ جدّد بناء مسجده بالكوفة ; فرحاً بقتل الحسين(١٠) .


(١) وقعة صفّين : ٢٠٥ ; تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٤٧ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٤١ ، الأخبار الطوال : ١٧٢ .
(٢) وقعة صفّين : ١٩٧ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٦٧ .
(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ٦٣ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٤٤ ، تهذيب التهذيب : ٢ / ٤٧٣ / ٣١٩٧ ، مروج الذهب : ٢ / ٤٠٥ .
(٤) سير أعلام النبلاء: ٤/١٥٠/٥١، تهذيب التهذيب: ٢/٤٧٣/٣١٩٧، ميزان الاعتدال: ٢/٢٦١/٣٦٥٤ .
(٥) تاريخ الطبرى : ٥ / ٨٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٠٥ ، الأخبار الطوال : ٢١٠ ، الإمامة والسياسة : ١ / ١٦٩ .
(٦) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٥٣ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٥٣٤ ، الأخبار الطوال : ٢٢٩ .
(٧) الإرشاد : ٢ / ٥٢ و٥٣ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٦٩ ، الأخبار الطوال : ٢٣٩ .
(٨) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٨١ .
(٩) الإرشاد : ٢ / ٩٥ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٤ / ٩٨ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٢٢ ، تهذيب التهذيب : ٢ / ٤٧٣ / ٣١٩٧ .
(١٠) الكافى : ٣ / ٤٩٠ / ٢ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٠ / ٦٨٧ .

 ١٥٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / شُرَيْحُ بنُ هانِي

وعندما ثار المختار نهض شبث أيضاً للثأر بدم الحسين  ¼ (١) . ثمّ اشترك مع مصعب بن الزبير ضدّ المختار(٢) .

مات بالكوفة سنة ٨٠ هـ (٣) .

٤٩

شُرَيْحُ بنُ هانِى

شريح بن هانى بن يزيد الحارثى يكني أبا المقدام ، كان من المخضرمين(٤) ، أدرك النبىّ ولم يره(٥) ، وكان من أكابر التابعين(٦) ، ومن كبار أصحاب علىّ  ¼ (٧) وشهد معه المشاهد(٨) ، وكان أميراً فى الجمل(٩) ، وفى صفّين من اُمراء مقدّمة الجيش وعلي الميسرة(١٠) .


(١) تقريب التهذيب : ٢٦٣ / ٢٧٣٥ .
(٢) الأخبار الطوال : ٣٠١ ، تقريب التهذيب : ٢٦٣ / ٢٧٣٥ ، تاريخ الطبرى : ٦ / ٤٤ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٦٦٦ .
(٣) تقريب التهذيب : ٢٦٣ / ٢٧٣٥ .
(٤) المستدرك علي الصحيحين : ١ / ٧٥ / ٦٢ ، تهذيب الكمال : ١٢ / ٤٥٤ / ٢٧٢٩ ، سير أعلام النبلاء : ٤ / ١٠٨ / ٣٣ .
(٥) المستدرك علي الصحيحين : ١ / ٧٥ / ٦٢ ، تهذيب الكمال : ١٢ / ٤٥٢ / ٢٧٢٩ ، تاريخ دمشق : ٢٣ / ٦٤ .
(٦) المستدرك علي الصحيحين : ١ / ٧٥ / ٦٢ .
(٧) تهذيب الكمال : ١٢ / ٤٥٢ / ٢٧٢٩ ، تاريخ دمشق : ٢٣ / ٦٥ ، الاستيعاب : ٢ / ٢٥٩ / ١١٨٠ وفيه "من أجلّة أصحاب علىّ   ¢ " ، اُسد الغابة : ٢ / ٦٢٨ / ٢٤٢٨ وفيه "كان من أعيان أصحاب علىّ   ¢ " .
(٨) الطبقات الكبري : ٦ / ١٢٨ ، اُسد الغابة : ٢ / ٦٢٨ / ٢٤٢٨ .
(٩) الجمل : ٣١٩ ; الإصابة : ٣ / ٣٠٨ / ٣٩٩١ .
(١٠) وقعة صفّين : ١٥٢ ; تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٦٥ .

 ١٥٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

ولمّا بعث علىّ  ¼ أبا موسي إلي دومة الجندل(١) بعث معه أربعمائة عليهم شريح بن هانى(٢) .

وعندما ذُكر اسمه فى زمرة الشاهدين علي حجر بن عدى ، أنفذ إلي معاوية كتاباً كذّب فيه ذلك وأثني علي حجر(٣) .

قتل شريح بسجستان سنة ٧٨ هـ (٤) ، وهو ابن مائة وعشرين سنة(٥) .

٥٠

صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

صعصعة بن صوحان بن حُجْر العبدى ، كان مسلماً علي عهد النبىّ  ½ ولم يره(٦) . وكان من كبار أصحاب الإمام علىّ  ¼ (٧) ، ومن الذين عرفوه حقّ معرفته كما هو حقّه(٨) ، وكان خطيباً شحشحاً(٩) بليغاً(١٠) . ذهب الأديب العربى الشهير


(١) دَومَة الجَندل : مدينة علي سبع مراحل من دمشق بينها وبين مدينة الرسول  ½ ، ويطلق عليها اليوم "الجوف" ، وقد جرت فيها قضيّة التحكيم (راجع معجم البلدان : ٢ / ٤٨٧) .
(٢) سير أعلام النبلاء : ٤ / ١٠٧ / ٣٣ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٦٧ ; وقعة صفّين : ٥٣٣ .
(٣) أنساب الأشراف : ٥ / ٢٦٤ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٧٢ ، تاريخ دمشق : ٨ / ٢٢ .
(٤) تاريخ خليفة بن خيّاط : ٢١٢ ، الطبقات لخليفة بن خيّاط : ٢٥٠ / ١٠٦٥ ، تهذيب الكمال : ١٢ / ٤٥٣ / ٢٧٢٩ ، اُسد الغابة : ٢ / ٦٢٨ / ٢٤٢٨ ، الإصابة : ٣ / ٣٠٨ / ٣٩٩١ .
(٥) اُسد الغابة : ٢ / ٦٢٨ / ٢٤٢٨ ، الإصابة : ٣ / ٣٠٨ / ٣٩٩١ .
(٦) الاستيعاب : ٢ / ٢٧٣ / ١٢١٦ ، اُسد الغابة : ٣ / ٢١ / ٢٥٠٥ ، الإصابة : ٣ / ٣٧٣ / ٤١٥٠ .
(٧) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٢٨ / ١٣٤ .
(٨) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٥ / ١٢٢ .
(٩) الشَّحْشَحُ : أى الماهِرُ الماضى فى كلامه (النهاية : ٢ / ٤٤٩) .
(١٠) الطبقات الكبري : ٦ / ٢٢١ ، مروج الذهب : ٣ / ٤٨ وص ٥٢ ، المعارف لابن قتيبة : ٤٠٢ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٢٨ / ١٣٤ .

 ١٦٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

الجاحظ إلي أنّه كان مقدّماً فى الخطابة . وأدلّ من كلّ دلالة استنطاق علىّ بن أبى طالب  ¼ له(١) .

أثني عليه أصحاب التراجم بقولهم : كان شريفاً ، أميراً ، فصيحاً ، مفوّهاً ، خطيباً ، لسناً ، ديّناً ، فاضلاً(٢) .

نفاه عثمان إلي الشام مع مالك الأشتر ورجالات من الكوفة(٣) . وعندما ثار الناس علي عثمان ، واتّفقوا علي خلافة الإمام أمير المؤمنين  ¼ قام هذا الرجل الذى كان عميق الفكر ، قليل المثيل فى معرفة عظمة علىٍّ  ¼ ـ وكان خطيباً مصقعاً ـ فعبّر عن اعتقاده الصريح الرائع بإمامه ، وخاطبه قائلاً :

والله يا أمير المؤمنين ! لقد زيّنت الخلافة وما زانتك ، ورفعتها وما رفعتك ، ولهى إليك أحوج منك إليها .

وعندما أشعل موقدو الفتنة فتيل الحرب علي أمير المؤمنين  ¼ فى الجمل ، كان إلي جانب الإمام ، وبعد أن استشهد أخواه زيد وسيحان اللذان كانا من أصحاب الألوية ، رفع لواءهما وواصل القتال(٤) . وفى حرب صفّين ، هو رسول الإمام  ¼ إلي معاوية(٥) ومن اُمراء الجيش(٦) وراوى وقائع صفّين(٧) .


(١) البيان والتبيين : ١ / ٣٢٧ وص ٢٠٢ .
(٢) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٢٩ / ١٣٤ ، اُسد الغابة : ٣ / ٢١ / ٢٥٠٥ .
(٣) تاريخ الطبرى : ٤ / ٣٢٣ ، تاريخ دمشق : ٢٤ / ٨٠ وص ١٠٠ ، اُسد الغابة : ٣ / ٢١ / ٢٥٠٥ .
(٤) الطبقات الكبري : ٦ / ٢٢١ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٢٩ / ١٣٤ .
(٥) وقعة صفّين : ١٦٠ وص ١٦٢ .
(٦) وقعة صفّين : ٢٠٦ .
(٧) وقعة صفّين : ٤٥٧ وص ٤٨٠ .

 ١٦١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

وقف إلي جانب الإمام  ¼ فى حرب النهروان ، واحتجّ علي الخوارج بأحقّيّة إمامه وثباته(١) . وجعله الإمام  ¼ شاهداً علي وصيّته(٢) ، فسجّل بذلك فخراً عظيماً لهذا الرجل . ونطق صعصعة بفضائل الإمام ومناقبه أمام معاوية وأجلاف بنى اُميّة مراراً ، وكان يُنشد ملحمة عظمته أمام عيونهم المحملقة ، ويكشف عن قبائح معاوية ومثالبه بلا وجل(٣) .

وكم أراد منه معاوية أن يطعن فى علىّ  ¼ ، لكنّه لم يلقَ إلاّ الخزى والفضيحة ، إذ جُوبِه بخطبه البليغة الأخّاذة(٤) .

آمنه معاوية مكرهاً بعد استشهاد أمير المؤمنين  ¼ وصلح الإمام الحسن  ¼ (٥) ، فاستثمر صعصعة هذه الفرصة ضدّ معاوية . وكان معاوية دائم الامتعاض من بيان صعصعة الفصيح المعبّر وتعابيره الجميلة فى وصف فضائل الإمام أمير المؤمنين  ¼ ، ولم يخفِ هذا الامتعاض(٦) .

إنّ ما ذكرناه بحقّ هذا الرجل غيض من فيض . وستلاحظون عظمة هذه الشخصيّة المتألّقة فى النصوص التى سننقلها لاحقاً . وكفي فى عظمته قول الإمام الصادق  ¼ : ما كان مع أمير المؤمنين  ¼ من يعرف حقّه إلاّ صعصعة وأصحابه(٧) .


(١) الاختصاص : ١٢١ .
(٢) الكافى : ٧ / ٥١ / ٧ .
(٣) مروج الذهب : ٣ / ٥٠ ، ديوان المعانى : ٢ / ٤١ .
(٤) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٥ / ١٢٣ .
(٥) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٥ / ١٢٣ .
(٦) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٥ / ١٢٣ ; مروج الذهب : ٣ / ٤٩ وص ٥١ .
(٧) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٥ / ١٢٢ عن داود بن أبى يزيد .

 ١٦٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

توفّى صعصعة أيّام حكومة معاوية(١) .

٦٥٥٠ ـ الطبقات الكبري ـ فى ذكر صعصعة بن صوحان ـ : كان من أصحاب علىّ بن أبى طالب وشهد معه الجمل هو وأخواه زيد وسيحان ابنا صوحان . وكان سيحان الخطيب قبل صعصعة ، وكانت الراية يوم الجمل فى يده فقتل ، فأخذها زيد فقُتل ، فأخذها صعصعة(٢) .

٦٥٥١ ـ الأمالى للطوسى عن صعصعة بن صوحان : دخلت علي عثمان بن عفّان فى نفر من المصريّين ، فقال عثمان : قدّموا رجلاً منكم يكلّمنى ، فقدّمونى ، فقال عثمان : هذا ، وكأنّه استحدثنى .

فقلت له : إنّ العلم لو كان بالسنّ لم يكن لى ولا لك فيه سهم ، ولكنّه بالتعلّم .

فقال عثمان : هات .

فقلت : بسم الله الرحمن الرحيم ³ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الاَْرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الاُْمُورِ  ²  (٣) .

فقال عثمان : فينا نزلت هذه الآية .

فقلت له : فمر بالمعروف وانه عن المنكر .

فقال عثمان : دع هذا وهات ما معك .

فقلت له : بسم الله الرحمن الرحيم ³ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ  ²  (٤) إلي آخر الآية .


(١) الطبقات الكبري : ٦ / ٢٢١ ، تاريخ دمشق : ٢٤ / ٨٥ ، اُسد الغابة : ٣ / ٢١ / ٢٥٠٥ .
(٢) الطبقات الكبري : ٦ / ٢٢١ .
(٣) الحجّ : ٤١ .
(٤) الحجّ : ٤٠ .

 ١٦٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

فقال عثمان : وهذه أيضاً نزلت فينا ، فقلت له : فأعطنا بما أخذت من الله .

فقال عثمان : يا أيّها الناس ، عليكم بالسمع والطاعة ، فإنّ يد الله علي الجماعة وإنّ الشيطان مع الفذّ(١) ، فلا تستمعوا إلي قول هذا ، وإنّ هذا لا يدرى مَن الله ولا أين الله .

فقلت له : أمّا قولك : "عليكم بالسمع والطاعة" فإنّك تريد منّا أن نقول غداً : ³ رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ  ²  (٢) ، وأمّا قولك : "أنا لا أدرى من الله" فإنّ الله ربّنا وربّ آبائنا الأوّلين ، وأمّا قولك : "إنّى لا أدرى أين الله" فإنّ الله تعالي بالمرصاد .

قال : فغضب وأمر بصرفنا وغلق الأبواب دوننا(٣) .

٦٥٥٢ ـ تاريخ اليعقوبى عن صعصعة بن صوحان ـ بعد خلافة الإمام علىّ  ¼ ـ : والله يا أمير المؤمنين ، لقد زيّنت الخلافة وما زانتك ، ورفعتها وما رفعتك ، ولهى إليك أحوج منك إليها(٤) .

٦٥٥٣ ـ الغارات عن الأسود بن قيس : جاء علىّ بن أبى طالب  ¼ عائداً صعصعة فدخل عليه فقال له : يا صعصعة ، لا تجعلنّ عي ادتى إليك اُبّهةً علي قومك .

فقال : لا والله يا أمير المؤمنين ، ولكن نعمةً وشكراً .

فقال له علىّ  ¼ : إن كنت لمّا علمت لخفيف المؤونة عظيم المعونة .


(١) الفذّ : الواحد . وقد فَذَّ الرجلُ عن أصحابه إذا شَذَّ عنهم وبَقى فَرْداً (النهاية : ٣ / ٤٢٢) .
(٢) الأحزاب : ٦٧ .
(٣) الأمالى للطوسى : ٢٣٦ / ٤١٨ .
(٤) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٧٩ ; الصواعق المحرقة : ١٢٧ .

 ١٦٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

فقال صعصعة : وأنت والله يا أمير المؤمنين ، إنّك ما علمت بكتاب الله لعليم ، وإنّ الله فى صدرك لعظيم ، وإنّك بالمؤمنين لرؤوف رحيم(١) .

٦٥٥٤ ـ تاريخ اليعقوبى : إنّ عليّاً دخل علي صعصعة يعوده ، فلمّا رآه علىّ قال : إنّك ما علمت حسن المونة خفيق المؤونة .

فقال صعصعة : وأنت والله يا أمير المؤمنين ، عليم ، وأبهٌ فى صدرك عظيم .

فقال له علىّ : لا تجعلها اُبّهةً علي قومك أن عادك إمامك .

قال : لا يا أمير المؤمنين ، ولكنّه مَنٌّ من الله علىَّ أن عادنى أهل البيت وابن عمّ رسول ربّ العالمين(٢) .

٦٥٥٥ ـ الاختصاص عن مسمع بن عبد الله البصرى عن رجل : لمّا بعث علىّ بن أبى طالب صلوات الله عليه صعصعة بن صوحان إلي الخوارج قالوا له : أ رأيت لو كان علىّ معنا فى موضعنا أ تكون معه ؟

قال : نعم .

قالوا : فأنت إذاً مقلّد عليّاً دينك ، ارجع فلا دين لك .

فقال لهم صعصعة : ويلكم ألا اُقلّد من قلّد الله فأحسن التقليد فاضطلع بأمر الله صدّيقاً لم يزل ؟ أ وَلم يكن رسول الله  ½ إذا اشتدّت الحرب قدّمه فى لهواتها فيطؤ صماخها بأخمصه(٣) ، ويخمد لهبها بحدّه ، مكدوداً فى ذات الله عنه يعبر


(١) الغارات : ٢ / ٥٢٤ ، رجال الكشّى : ١ / ٢٨٤ / ١٢١ عن أحمد بن النصر عن الإمام الرضا  ¼ ; ربيع الأبرار : ٤ / ١٣٣ ، مقاتل الطالبيّين : ٥٠ عن أبى الطفيل وكلّها نحوه .
(٢) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٤ ; تاريخ دمشق : ٢٤ / ٨٧ عن مصعب أبى قدامة العبدى نحوه وفيه "خفيف المؤونة حسن المعونة" بدل "حسن المونة خفيق المؤونة" وراجع أنساب الأشراف : ٢ / ٣٩١ .
(٣) أخمص القدم : باطنها الذى لا يُصيب الأرض (مجمع البحرين : ١ / ٥٥٥) .

 ١٦٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

رسول الله  ½ والمسلمون ، فأنّي تصرفون ، وأين تذهبون ، وإلي من ترغبون وعمّن تصدفون ! ؟(١)

٦٥٥٦ ـ مروج الذهب عن محمّد بن عبد الله بن الحارث الطائى : لمّا انصرف علىٌّ من الجمل قال لآذنه : مَن بالباب من وجوه العرب ؟

قال : محمّد بن عمير بن عطارد التيمى والأحنف بن قيس وصعصعة بن صوحان العبدى ، فى رجال سمّاهم .

فقال : ايذن لهم .

فدخلوا فسلّموا عليه بالخلافة ، فقال لهم : أنتم وجوه العرب عندى ، ورُؤساء أصحابى ، فأشيروا علىَّ فى أمر هذا الغلام المترف ـ يعنى معاوية ـ فافتنّت(٢) بهم المَشورة عليه .

فقال صعصعة : إنّ معاوية أترفه الهوي ، وحبّبت إليه الدنيا ، فهانت عليه مصارع الرجال ، وابتاع آخرته بدنياهم ، فإن تعمل فيه برأى ترشد وتُصِب ، إن شاء الله ، والتوفيق بالله وبرسوله وبك يا أمير المؤمنين ، والرأى أن ترسل له عيناً من عيونك وثقةً من ثقاتك ، بكتاب تدعوه إلي بيعتك ، فإن أجاب وأناب كان له ما لك وعليه ما عليك ، وإلاّ جاهدته وصبرت لقضاء الله حتي يأتيك اليقين .

فقال علىّ : عزمت عليك يا صعصعة إلاّ كتبت الكتاب بيديك ، وتوجّهت به إلي معاوية ، واجعل صدر الكتاب تحذيراً وتخويفاً ، وعجزه استتابةً واستنابةً ، وليكن فاتحة الكتاب "بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله علىّ أمير المؤمنين


(١) الاختصاص : ١٢١ .
(٢) افتَنّ الرجل فى كلامه وخصومته : إذا توسّع وتصرّف وجاء بالأفانين (لسان العرب : ١٣ / ٣٢٦) .

 ١٦٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

إلي معاوية ، سلام عليك ، أمّا بعد . . ." ثمّ اكتب ما أشرت به علىَّ ، واجعل عنوان الكتاب "ألا إلي الله تصير الاُمور" .

قال : أعفنى من ذلك .

قال : عزمت عليك لتفعلنّ .

قال : أفعل ، فخرج بالكتاب وتجهّز وسار حتي ورد دمشق ، فأتي باب معاوية فقال لآذنه : استأذن لرسول أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ـ وبالباب أزفلة(١) من بنى اُمية ـ فأخذته الأيدى والنعال لقوله ، وهو يقول : ³ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ  ²  (٢) وكثرت الجلبة(٣) واللغط ، فاتّصل ذلك بمعاوية فوجّه من يكشف الناس عنه ، فكشفوا ، ثمّ أذن لهم فدخلوا ، فقال لهم : مَن هذا الرجل ؟

فقالوا : رجل من العرب يقال له : صعصعة بن صوحان معه كتاب من علىّ .

فقال : والله لقد بلغنى أمره ، هذا أحد سهام علىّ وخطباء العرب ، ولقد كنت إلي لقائه شيّقاً ، ائذن له يا غلام ، فدخل عليه .

فقال : السلام عليك يا بن أبى سفيان ، هذا كتاب أمير المؤمنين .

فقال معاوية : أما إنّه لو كانت الرسل تقتل فى جاهليّة أو إسلام لقتلتك ، ثمّ اعترضه معاوية فى الكلام ، وأراد أن يستخرجه ليعرف قريحته أ طبعاً أم تكلفاً ، فقال : ممّن الرجل ؟

قال : من نزار .


(١) الأزفلة : الجماعة (المحيط فى اللغة : ٩ / ٥٧) .
(٢) غافر : ٢٨ .
(٣) الجَلَب : هو جمع جَلَبَة وهى الأصوات (النهاية : ١ / ٢٨١) .

 ١٦٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

قال : وما كان نزار ؟

قال : كان إذا غزا نكس ، وإذا لقي افترس ، وإذا انصرف احترس .

قال : فمن أىّ أولاده أنت ؟

قال : من ربيعة .

قال : وما كان ربيعة ؟

قال : كان يطيل النجاد ، ويعول العباد ، ويضرب ببقاع الأرض العماد .

قال : فمن أىّ أولاده أنت ؟

قال : من جَديلة .

قال : وما كان جديلة ؟

قال : كان فى الحرب سيفاً قاطعاً ، وفى المكرمات غيثاً نافعاً ، وفى اللقاء لهباً ساطعاً .

قال : فمن أىّ أولاده أنت ؟

قال : من عبد القيس .

قال : وما كان عبد القيس ؟

قال : كان خصيباً خضرماً أبيض وهّاباً لضيفه ما يجد ، ولا يسأل عمّا فقد ، كثير المرق ، طيّب العرق ، يقوم للناس مقام الغيث من السماء .

قال : ويحك يا بن صوحان ! فما تركت لهذا الحىّ من قريش مجداً ولا فخراً .

قال : بلي والله يا بن أبى سفيان ، تركت لهم ما لا يصلح إلاّ بهم ، ولهم تركت الأبيض والأحمر ، والأصفر والأشقر ، والسرير والمنبر ، والملك إلي المحشر ، وأنّي لا يكون ذلك كذلك وهم منار الله فى الأرض ونجومه فى السماء ؟ !

ففرح معاوية وظنّ أنّ كلامه يشتمل علي قريش كلّها ، فقال : صدقت

 ١٦٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

يا بن صوحان ، إنّ ذلك لكذلك .

فعرف صعصعة ما أراد ، فقال : ليس لك ولا لقومك فى ذلك إصدار ولا إيراد ، بعدتم عن اُنف المرعي وعلوتم عن عذب الماء .

قال : فلِمَ ذلك ويلك يابن صوحان ؟

قال : الويل لأهل النار ! ذلك لبنى هاشم .

قال : قم ، فأخرَجُوه .

فقال صعصعة : الصدق ينبئ عنك لا الوعيد ، من أراد المشاجرة قبل المحاورة .

فقال معاوية : لشىء ما سوّده قومه ، وددت والله أنى من صلبه ، ثمّ التفت إلي بنى اُمية فقال : هكذا فلتكن الرجال(١) .

٦٥٥٧ ـ مروج الذهب عن الحارث بن مسمار البهرانى : حبس معاوية صعصعة بن صوحان العبدى وعبد الله بن الكوّاء اليشكرى ورجالاً من أصحاب علىّ مع رجال من قريش ، فدخل عليهم معاوية يوماً فقال : نشدتكم بالله إلاّ ما قلتم حقّاً وصدقاً ، أىّ الخلفاء رأيتمونى ؟

فقال ابن الكوّاء : لولا أنّك عزمت علينا ما قلنا لأنّك جبّار عنيد ، لا تراقب الله فى قتل الأخيار ، ولكنّا نقول : إنّك ما علمنا واسع الدنيا ، ضيق الآخرة ، قريب الثري ، بعيد المرعي ، تجعل الظلمات نوراً ، والنور ظلمات .

فقال معاوية : إنّ الله أكرم هذا الأمر بأهل الشام الذابّين عن بيضته ، التاركين


(١) مروج الذهب : ٣ / ٤٧ .

 ١٦٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

لمحارمه ، ولم يكونوا كأمثال أهل العراق المنتهكين لمحارم الله ، والمحلّين ما حرّم الله ، والمحرّمين ما أحلّ الله .

فقال عبد الله بن الكوّاء : يا بن أبى سفيان ، إنّ لكلّ كلام جواباً ، ونحن نخاف جبروتك ، فإن كنت تطلق ألسنتا ذَبَبْنا عن أهل العراق بألسنة حداد لا تأخذها فى الله لومة لائم ، وإلاّ فإنّا صابرون حتي يحكم الله ويضعنا علي فرجة(١) .

قال : والله لا يطلق لك لسان .

ثمّ تكلّم صعصعة فقال : تكلّمت يا بن أبى سفيان فأبلغت ، ولم تقصر عمّا أردت ، وليس الأمر علي ما ذكرت ، أنّي يكون الخليفة من ملك الناس قهراً ، ودانهم كبراً ، واستولي بأسباب الباطل كذباً ومكراً ؟ ! أمّا والله ، ما لك فى يوم بدر مضرب ولا مرمي ، وما كنت فيه إلاّ كما قال القائل : "لا حُلِّى ولا سِيرى"(٢) ولقد كنت أنت وأبوك فى العير والنفير ممّن أجلب علي رسول الله  ½ ، وإنّما أنت طليق ابن طليق ، أطلقكما رسول الله  ½ فأنّي تصلح الخلافة لطليق ؟

فقال معاوية : لولا أنّى أرجع إلي قول أبى طالب حيث يقول :

قابلتُ جهلَهم حلماً ومغفرةً والعفو عن قدرة ضَرْبٌ من الكرم

لقتلتكم(٣) .

٦٥٥٨ ـ ديوان المعانى عن محمّد بن عباد : تكلّم صعصعة عند معاوية بكلام أحسن فيه فحسده عمرو بن العاص ، فقال : هذا بالتمر أبصر منه بالكلام !


(١) الفَرجَة : وهى الخلوص من شدّة (مجمع البحرين : ٣ / ١٣٧٣) .
(٢) يقال للرجل إذا لم يكن عنده غَناء (لسان العرب : ١١ / ١٦٣) .
(٣) مروج الذهب : ٣ / ٤٩ .

 ١٧٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

قال صعصعة : أجل ! أجوده ما دقّ نواه ورقّ سحاؤه(١) وعظم لحاؤه(٢) ، والريح تنفجه(٣) والشمس تنضجه والبرد يدمجه ، ولكنّك يابن العاص لا تمراً تصف ولا الخير تعرف ، بل تحسد فتقرف .

فقال معاوية [لعمرو] : رغماً ! فقال عمرو : أضعاف الرغم لك ! وما بى إلاّ بعض ما بك(٤) .

٦٥٥٩ ـ تاريخ الطبرى عن الشعبى ـ فى ذكر قيام الكوفيّين علي سعيد بن العاص ـ : فكتب سعيد إلي عثمان يخبره بذلك ويقول : إنّ رهطاً من أهل الكوفة ـ سمّاهم له عشرة ـ يؤلّبون ويجتمعون علي عيبك وعيبى والطعن فى ديننا ، وقد خشيت إن ثبت أمرهم أن يكثروا ، فكتب عثمان إلي سعيد : أن سيّرهم إلي معاوية ـ ومعاوية يومئذ علي الشام ـ .

فسيّرهم ـ وهم تسعة نفر ـ إلي معاوية فيهم : مالك الأشتر وثابت بن قيس بن مُنقع وكميل بن زياد النخعى وصعصعة بن صوحان . . . .

إنّ معاوية . . . قال فيما يقول : وإنّى والله ما آمركم بشىء إلاّ قد بدأتُ فيه بنفسى وأهل بيتى وخاصّتى ، وقد عرفت قريش أنّ أبا سفيان كان أكرمها وابن أكرمها ، إلاّ ما جعل الله لنبيّه نبىّ الرحمة  ½ ، فإنّ الله انتخبه وأكرمه ، فلم يخلق فى أحد من الأخلاق الصالحة شيئاً إلاّ أصفاه الله بأكرمها وأحسنها ، ولم يخلق من الأخلاق السيّئة شيئاً فى أحد إلاّ أكرمه الله عنها ونزّهه ، وإنّى لأظنّ أنّ


(١) أى : قِشرُه (لسان العرب : ١٤ / ٣٧٢) .
(٢) اللحاء : هو ما كسا النواةَ (لسان العرب : ١٥ / ٢٤٢) .
(٣) نفجت الشىء : أى عظّمته (مجمع البحرين : ٣ / ١٨٠٨) .
(٤) ديوان المعانى : ٢ / ٤١ ; قاموس الرجال : ٥ / ٤٩٧ .

 ١٧١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

أبا سفيان لو ولد الناس لم يلد إلاّ حازماً .

قال صعصعة : كذبت قد ولدهم خير من أبى سفيان ، مَن خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة فسجدوا له ، فكان فيهم البرّ والفاجر والأحمق والكيّس .

فخرج تلك الليلة من عندهم ، ثمّ أتاهم القابلة فتحدّث عندهم طويلا ، ثمّ قال : أيّها القوم ردّوا علىّ خيراً أو اسكتوا وتفكّروا وانظروا فيما ينفعكم وينفع أهليكم وينفع عشائركم وينفع جماعة المسلمين ، فاطلبوه تعيشوا ونعش بكم .

فقال صعصعة : لست بأهل ذلك ولا كرامة لك أن تطاع فى معصية الله .

فقال : أ وَليس ما ابتدأتكم به أن أمرتكم بتقوي الله وطاعته وطاعة نبيّه  ½ . . . ولزوم الجماعة وكراهة الفرقة ، وأن توقّروا أئمّتكم وتدلّوهم علي كلّ حسن ما قدرتم ، وتعِظوهم فى لين ولطف فى شىء إن كان منهم ؟

فقال صعصعة : فإنّا نأمرك أن تعتزل عملك فإنّ فى المسلمين من هو أحقّ به منك . قال : من هو ؟ قال : من كان أبوه أحسن قدماً من أبيك ، وهو بنفسه أحسن قدماً منك فى الإسلام(١) . ٦٥٦٠ ـ رجال الكشّى عن عاصم بن أبى النجود عمّن شهد ذلك : إنّ معاوية حين قدم الكوفة دخل عليه رجال من أصحاب علىّ  ¼ ، وكان الحسن  ¼ قد أخذ الأمان لرجال منهم مسمّين بأسمائهم وأسماء آبائهم ، وكان فيهم صعصعة .

فلمّا دخل عليه صعصعة ، قال معاوية لصعصعة ، أما والله ، إنّى كنت لأبغض أن


(١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٣٢٣ وراجع تاريخ دمشق : ٢٤ / ٩٢ وشرح نهج البلاغة : ٢ / ١٣١ والبداية والنهاية : ٧٤ / ١٦٥ .

 ١٧٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

تدخل فى أمانى .

قال : وأنا والله ، أبغض أن اُسمّيك بهذا الاسم ، ثمّ سلّم عليه بالخلافة .

قال : فقال معاوية : إن كنت صادقاً فاصعد المنبر فالعن عليّاً !

فصعد المنبر وحمد الله وأثني عليه ، ثمّ قال : أيّها الناس ، أتيتكم من عند رجل قدّم شرّه وأخّر خيره ، وإنّه أمرنى أن ألعن عليّاً ، فالعنوه لعنه الله ، فضجّ أهل المسجد بآمين .

فلمّا رجع إليه فأخبره بما قال ، ثمّ قال : لا والله ما عنيت غيرى ، ارجع حتي تسمّيه باسمه .

فرجع وصعد المنبر ، ثمّ قال : أيّها الناس ، إنّ أمير المؤمنين أمرنى أن ألعن علىّ بن أبى طالب فالعنوا من لعن علىّ بن أبى طالب ، فضجّوا بآمين .

فلمّا خُبّر معاوية قال : لا والله ما عني غيرى ، أخرجوه لا يساكننى فى بلد ، فأخرَجوه(١) .

٦٥٦١ ـ العقد الفريد : دخل صعصعة بن صوحان علي معاوية ومعه عمرو بن العاص جالس علي سريره ، فقال : وسّع له علي ترابيّة فيه .

فقال صعصعة : إنّى والله لترابىّ ، منه خلقت وإليه أعود ، ومنه اُبعث ، وإنّك لمارج(٢) من مارج من نار(٣) .

٦٥٦٢ ـ تاريخ الطبرى عن مرّة بن منقذ بن النعمان ـ فى ذكر خروج الخوارج فى


(١) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٥ / ١٢٣ .
(٢) المارج : اللهب المختلط بسواد النار (لسان العرب : ٢ / ٣٦٥) .
(٣) العقد الفريد : ٣ / ٣٥٥ .

 ١٧٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

زمن معاوية وسعى المغيرة لتعيين قائد الجند ـ : لقد كان صعصعة بن صوحان قام بعد معقل بن قيس وقال : ابعثنى إليهم أيّها الأمير ، فأنا والله لدمائهم مستحلّ ، وبحملها مستقلّ .

فقال : اجلس ، فإنّما أنت خطيب . فكان أحفظه ذلك ، وإنّما قال ذلك لأنّه بلغه أنّه يعيب عثمان بن عفّان ، ويُكثر ذكر علىّ ويفضّله ، وقد كان دعاه ، فقال : إيّاك أن يبلغنى عنك أنّك تُعيب عثمان عند أحد من الناس ، وإيّاك أن يبلغنى عنك أنّك تُظهر شيئاً من فضل علىّ علانية ، فإنّك لست بذاكر من فضل علىّ شيئاً أجهله ، بل أنا أعلم بذلك ، ولكنّ هذا السلطان قد ظهر ، وقد اُخذنا بإظهار عيبه للناس ، فنحن ندع كثيراً ممّا اُمرنا به ، ونذكر الشىء الذى لا نجد منه بدّاً ، ندفع به هؤلاء القوم عن أنفسنا تقيّةً ، فإن كنت ذاكراً فضله فاذكره بينك وبين أصحابك وفى منازلكم سرّاً ، وأمّا علانيةً فى المسجد فإنّ هذا لا يحتمله الخليفة لنا ، ولا يعذرنا به .

فكان يقول له : نعم أفعل ، ثمّ يبلُغه أنّه قد عاد إلي ما نهاه عنه ، فلمّا قام إليه وقال له : ابعثنى إليهم ، وجد المغيرة قد حقد عليه خلافه إيّاه ، فقال : اجلس ، فإنّما أنت خطيب ، فأحفظه .

فقال له : أ وَما أنا إلاّ خطيب فقط ؟ ! أجل والله ، إنّى للخطيب الصليب الرئيس ، أما والله لو شهدتنى تحت راية عبد القيس يوم الجمل حيث اختلفت القنا ، فشؤون(١) تُفري ، وهامة تُختلي ، لعلمتَ أنّى أنا الليث الهِزبر .


(١) الشَّأنُ : واحد الشُّؤون ، وهى مَواصِل قبائل الرأس ومُلْتَقاها ، ومنها تجيءُ الدُّموع (مجمع البحرين: ٢ / ٩٢٢).

 ١٧٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

فقال : حسبك الآن ، لعمرى لقد اُوتيت لساناً فصيحاً(١) .

٦٥٦٣ ـ مروج الذهب : وفد عليه [أى معاوية] عقيلُ بن أبى طالب منتجعاً وزائراً ، فرحّب به معاوية ، وسرّ بوروده ، لاختياره إيّاه علي أخيه ، وأوسعه حلماً واحتمالا ، فقال له : يا أبا يزيد ، كيف تركت عليّاً ؟ !

فقال : تركته علي ما يحبّ الله ورسوله وألفيتك علي ما يكره الله ورسوله .

فقال له معاوية : لولا أنّك زائر منتجع جنابنا لرددت عليك أبا يزيد جواباً تألم منه ، ثمّ أحبّ معاوية أن يقطع كلامه مخافة أن يأتى بشىء يخفضه ، فوثب عن مجلسه ، وأمر له بنزل ، وحمل إليه مالا عظيماً ، فلما كان من غد جلس وأرسل إليه فأتاه ، فقال له : يا أبا يزيد ، كيف تركت عليّاً أخاك ؟ !

قال : تركته خيراً لنفسه منك ، وأنت خير لى منه .

فقال له معاوية : أنت والله كما قال الشاعر :

واذا عددت فخارَ آل محرّقفالمجدُ منهم فى بنى عتّاب

فمحلّ المجد من بنى هاشم منوط فيك يا أبا يزيد ما تغيّرك الأيام والليالى .

فقال عقيل :

اصبر لحرب أنت جانيهالابدّ أن تصلي بحاميها

وأنت والله يا بن أبى سفيان كما قال الآخر :

واذا هوازن أقبلت بفَخارهايوماً فخرتهم بآل مجاشع
بالحاملين علي الموالى غُرمَهم والضاربين الهام يوم الفازع

ولكن أنت يا معاوية إذا افتخرت بنو أمية فبمن تفخر ؟


(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٨٨ .

 ١٧٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / صَعْصَعَةُ بنُ صُوحان

فقال معاوية : عزمت عليك أبا يزيد لما أمسكت ، فإنّى لم أجلس لهذا ، وإنّما أردت أن أسألك عن أصحاب علىّ فإنّك ذو معرفة بهم .

فقال عقيل : سل عمّا بدا لك .

فقال : ميّز لى أصحاب علىّ ، وابدأ بآل صوحان فإنّهم مخاريق الكلام .

قال : أمّا صعصعة فعظيم الشأن ، عضب(١) اللسان ، قائد فرسان ، قاتل أقران ، يرتق ما فتق ويفتق ما رتق ، قليل النظير ، وأمّا زيد وعبد الله فإنّهما نهران جاريان ، يصبّ فيهما الخلجان ، ويغاث بهما البلدان ، رجلا جِدٍّ لا لَعِب معه ، وبنو صوحان كما قال الشاعر :

إذا نزل العدوّ فإنّ عندى اُسوداً تخلس الأسدَ النفوسا

فاتّصل كلام عقيل بصعصعة فكتب إليه : "بسم الله الرحمن الرحيم ، ذكرُ الله أكبر ، وبه يستفتح المستفتحون ، وأنتم مفاتيح الدنيا والآخرة ، أمّا بعد ، فقد بلغ مولاك كلامُك لعدوّ الله وعدوّ رسوله ، فحمدتُ الله علي ذلك ، وسألته أن يفىء بك إلي الدرجة العليا ، والقضيب الأحمر ، والعمود الأسود فإنّه عمودٌ من فارقه فارق الدين الأزهر ، ولئن نزعَت بك نفسُك إلي معاوية طلباً لماله إنّك لذو علم بجميع خصاله ، فاحذر أن تعلق بك ناره فيضلّك عن الحجّة ، فإنّ الله قد رفع عنكم أهل البيت ما وضعه فى غيركم ، فما كان من فضل أو إحسان فبكم وصَلَ إلينا ، فأجلّ الله أقداركم ، وحمي أخطاركم ، وكتب آثاركم ، فإنّ أقداركم مرضيّة ، وأخطاركم محميّة ، وآثاركم بدريّة ، وأنتم سِلم الله إلي خلقه ، ووسيلته إلي طرقه ، أيْد عليّة ، ووجوه جليّة"(٢) .


(١) عَضُب لسانُه بالضمّ عُضُوبةً : صار عَضباً ، أى حديداً فى الكلام (مجمع البحرين : ٢ / ١٢٣٠) .
(٢) مروج الذهب : ٣ / ٤٦ .