الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد الثاني عشر

 

١٧٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / الضَّحّاكُ بنُ قَيْس الهِلالِيّ

٥١

الضَّحّاكُ بنُ قَيْس الهِلالِىّ

٦٥٦٤ ـ الكامل فى التاريخ : فى هذه السنة [ ٣٨ هـ ] بعد مقتل محمّد بن أبى بكر واستيلاء عمرو بن العاص علي مصر ، سيّر معاوية عبد الله بن عمرو الحضرمى إلي البصرة . . . فسار ابن الحضرمى حتي قدم البصرة . . . فخطبهم وقال : إنّ عثمان إمامكم إمام الهدي ، قتل مظلوماً ، قتله علىّ ، فطلبتم بدمه فجزاكم الله خيراً .

فقام الضحّاك بن قيس الهلالى ، وكان علي شُرطة ابن عبّاس ، فقال : قبّح الله ما جئتنا به وما تدعونا إليه ، أتيتنا والله بمثل ما أتانا به طلحة والزبير ، أتيانا وقد بايعنا عليّاً واستقامت اُمورنا ، فحملانا علي الفرقة حتي ضرب بعضنا بعضاً ، ونحن الآن مجتمعون علي بيعته ، وقد أقال العثرة ، وعفا عن المسىء ، أ فتأمرنا أن ننتضى أسيافنا ويضرب بعضنا بعضاً ليكون معاوية أميراً ؟ والله ليوم من أيّام علىٍّ خير من معاوية وآل معاوية . . . (١) .

٥٢

ضِرارُ بنُ ضَمْرَة الضِّبابِىّ

٦٥٦٥ ـ خصائص الأئمّة (ع) : ذكروا أنّ ضرار بن ضمرة الضبابى دخل علي معاوية بن أبى سفيان وهو بالموسم فقال له : صف عليّاً .

قال : أ وَتعفنى ؟

قال : لا بدّ أن تصفه لى .


(١) الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤١٥ . راجع : القسم السابع / هجمات عمّال معاوية / هجوم ابن الحضرمى علي البصرة .

 ١٧٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / ضِرارُ بنُ ضَمْرَة الضِّبابِيّ

قال : كان والله أمير المؤمنين  ¼ ، طويل المدي ، شديد القوي ، كثير الفكرة ، غزير العبرة ، يقول فصلاً ويحكم عدلاً ، يتفجّر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويأنس بالليل ووحشته ، وكان فينا كأحدنا يجيبنا إذا دعوناه ويعطينا إذا سألناه ، ونحن والله مع قربه لا نكلّمه لهيبته ، ولا ندنو منه تعظيماً له ، فإن تبسّم فعن غير أشر(١) ولا اختيال ، وإن نطق فعن الحكمة وفصل الخطاب ، يعظّم أهل الدِّين ، ويُحبّ المساكين ، ولا يطمع الغنىّ فى باطله ، ولا يوئس الضعيف من حقّه ، فأشهد لقد رأيته فى بعض مواقفه وقد أرخي الليل سدوله وهو قائم فى محرابه ، قابض علي لحيته يتململ تململ السليم ويبكى بكاء الحزين ، ويقول : يا دنيا يا دنيا ، إليك عنّى أ بى تعرّضت أم لى تشوّقت ؟ لا حان حينك ، هيهات غرّى غيرى لا حاجة لى فيك ، قد طلّقتك ثلاثاً لا رجعة فيها ، فعيشك قصير ، وخطرك يسير ، وأملك حقير ، آه من قلّة الزاد ، وطول المجاز ، وبُعد السفر ، وعظيم المورد !

قال : فوكفت(٢) دموع معاوية ما يملكها ، ويقول : هكذا كان علىّ  ¼ ، فكيف حزنك عليه يا ضرار ؟

قال : حزنى عليه والله حزن من ذُبح واحدُها فى حجرها فلا ترقأ دمعتها ولا تسكن حرارتها(٣) .

راجع : (٤)القسم التاسع / علىّ عن لسان أصحابه / ضرار بن ضمرة .


(١) الأشَرُ : البَطَر . وقيل : أشدُّ البَطر (النهاية : ١ / ٥١) .
(٢) وَكَفَ الدَّمْعُ : إذا تَقَاطَر (النهاية : ٥ / ٢٢٠) .
(٣)
(٤) (٣) خصائص الأئمّة (ع) : ٧٠ ، نهج البلاغة : الحكمة ٧٧ وفيه من "فأشهد لقد رأيته" إلي "عظيم المورد" ، عدّة الداعى : ١٩٥ وفى ذيله "فكيف كان حُبّك إيّاه ؟ قال : كحبّ اُمّ موسي لموسي ، وأعتذر إلي الله من التقصير ، قال : فكيف صبرك عنه يا ضرار ؟ قال : صبر من ذبح ولدها علي صدرها ; فهى لا ترقأ عبرتها ولا تسكن حرارتها . ثمّ قام وخرج وهو باك . فقال معاوية : أما إنّكم لو فقدتمونى لما كان فيكم من يثنى علىَّ من هذا الثناء . فقال له بعض من كان حاضراً : الصاحب علي قدر صاحبه" ; مروج الذهب : ٢ / ٤٣٣ وج ٣ / ٢٥ عن أبى مخنف وفيه ذيله ، حلية الأولياء : ١ / ٨٤ ، تاريخ دمشق : ٢٤ / ٤٠١ كلاهما عن أبى صالح وكلّها نحوه وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ١٠٣ .


إرجاعات 
٣٦٨ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام عليّ / الفصل السابع : عليّ عن لسان أصحابه / ضِرَارُ بن ضَمْرَة

 ١٧٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عامِرُ بنُ واثِلَة

٥٣

عامِرُ بنُ واثِلَة

عامر بن واثلة بن عبد الله الكنانى الليثى ، أبو الطُّفَيل وهو بكنيته أشهر . ولد فى السنة التى كانت فيها غزوة اُحد . أدرك ثمانى سنين من حياة النبىّ  ½ (١) ، ورآه(٢) ، وهو آخر من مات من الصحابة(٣) .

وكان يقول : أنا آخر من بقى ممّن كان رأي رسول الله  ½ (٤) . توفّى سنة ١٠٠ هـ (٥) .


(١) مسند ابن حنبل : ٩ / ٢٠٩ / ٢٣٨٦٠ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٧١٦ / ٦٥٩٢ ، التاريخ الكبير : ٦ / ٤٤٦ / ٢٩٤٧ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٦٩ / ٩٧ ; رجال الطوسى : ٧٠ / ٦٤٦ .
(٢) مسند ابن حنبل: ٩/٢٠٩/٢٣٨٥٧، سير أعلام النبلاء : ٣/٤٦٨/٩٧ ، تاريخ بغداد : ١/١٩٨/٣٧ ، المعارف لابن قتيبة : ٣٤١ ، الاستيعاب : ٢ / ٣٤٧ / ١٣٥٢ ; رجال الكشّى : ١ / ٣٠٩ / ١٤٩ .
(٣) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٧١٧ / ٦٥٩٢ ، تهذيب الكمال : ١٤ / ٨١ / ٣٠٦٤ ، الطبقات لخليفة بن خيّاط : ٦٨ / ١٧٦ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٩٨ / ٣٧ ، تاريخ دمشق : ٢٦ / ١١٣ ، تهذيب التهذيب : ٣ / ٥٥ / ٣٦١٣ ; وقعة صفّين : ٣٥٩ .
(٤) مسند ابن حنبل : ٩ / ٢٠٩ / ٢٣٨٥٨ ، تاريخ دمشق : ٢٦ / ١١٤ .
(٥) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٧١٧ / ٦٥٩٤ ، تهذيب الكمال : ١٤ / ٨١ / ٣٠٦٤ ، الطبقات لخليفة بن خيّاط : ٦٨ / ١٧٦ ، الاستيعاب : ٢ / ٣٤٧ / ١٣٥٢ .

 ١٧٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عامِرُ بنُ واثِلَة

كان من أصحاب علىّ  ¼ (١) وثقاته(٢) ومحبّيه(٣) وشيعته(٤) وشهد معه جميع حروبه(٥) .

كان له حظّ وافر من الخطابة ، وكان ينشد الشعر الجميل . كما كان مقاتلاً باسلاً فى الحروب . خطب فى صفّين كثيراً ، وذهب إلي العسكر ومدح عليّاً  ¼ بشعره النابع من شعوره الفيّاض . وافتخر بصمود أصحاب الإمام ، وقدح فى أصحاب الفضائح من الاُمويّين وأخزاهم(٦) . وذكره نصر بن مزاحم بأنّه من "مخلصى الشيعة" ، وأخبر عن مواقفه الرائعة(٧) .

كان عامر بن واثلة حامل لواء المختار ، عندما نهض للثأر بدم الإمام الحسين  ¼ (٨) . وقيل : إنّه كان كيسانيّاً(٩) ، واختلف فيه(١٠) . والصحيح أنّه رجع إن كان كيسانيّاً(١١) . ساعدته مهارته فى الكلام واستيعابه لمعارف الحقّ وإلمامه


(١) رجال الطوسى : ٧٠ / ٦٤٦ ، تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٣٠٧ ; سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٦٨ / ٩٧ .
(٢) كشف المحجّة : ٢٣٦ .
(٣) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٦٩ / ٩٧ ، تاريخ دمشق : ٢٦ / ١١٦ ، الاستيعاب : ٢ / ٣٤٧ / ١٣٥٢ .
(٤) تهذيب الكمال : ١٤ / ٨٠ / ٣٠٦٤ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٦٨ / ٩٧ ، تاريخ دمشق : ٢٦ / ١١٣ .
(٥) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٧٠ / ٩٧ ، المعارف لابن قتيبة : ٣٤١ ، الاستيعاب : ٢ / ٣٤٧ / ١٣٥٢ ، الوافى بالوفيات : ١٦ / ٥٨٤ / ٦٢٣ .
(٦) وقعة صفّين : ٣٠٩ ـ ٣١٣ وص ٥٥٤ .
(٧) وقعة صفّين : ٣٥٩ .
(٨) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٦٩ / ٩٧ ، المعارف لابن قتيبة : ٤٣١ ، الوافى بالوفيات : ١٦ / ٥٨٤ / ٦٢٣ وفيه "خرج مع المختار طالباً بدم الحسين  ¼ " .
(٩) رجال الكشّى : ١ / ٣٠٩ / ١٤٩ .
(١٠) قاموس الرجال : ٥ / ٦٣٣ / ٣٨٣٧ .
(١١) معجم رجال الحديث : ٩ / ٢٠٥ / ٦١٠٨ .

 ١٨٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عامِرُ بنُ واثِلَة

بكتاب الله علي أن يتحدّث بصلابة ، دفاعاً عن الحقّ ، وتقريعاً لغير الكفوئين(١) . لقد كان شخصيّة عظيمة ، ذكره أصحاب الرجال بإجلال وإكبار . وقال الذهبى فى حقّه : كان ثقةً فيما ينقله ، صادقاً ، عالماً ، شاعراً ، فارساً ، عُمِّر دهراً طويلاً(٢) .

٦٥٦٦ ـ وقعة صفّين عن جابر الجعفى : سمعت تميم بن حذيم الناجى يقول : لمّا استقام لمعاوية أمره ، لم يكن شىء أحبّ إليه من لقاء عامر بن واثلة ، فلم يزل يكاتبه ويلطف حتي أتاه ، فلمّا قدم سأله عن عرب الجاهليّة . قال : ودخل عليه عمرو بن العاص ونفرٌ معه ، فقال لهم معاوية : تعرفون هذا ؟ هذا فارس صفّين وشاعرها ، هذا خليل أبا الحسن .

ثمّ قال : يا أبا الطفيل ، ما بلغ من حبّك عليّاً ؟

قال : حبّ اُمّ موسي لموسي .

قال : فما بلغ من بكائك عليه ؟

قال : بكاء العجوز المِقْلاتِ ، والشيخ الرقوب(٣) إلي الله أشكو تقصيرى .

فقال معاوية : ولكنّ أصحابى هؤلاء لو كانوا سُئلوا عنّى ما قالوا فىَّ ما قلت فى صاحبك .

قال : إنّا والله لا نقول الباطل .

فقال لهم معاوية : لا والله ولا الحقّ(٤) .

٦٥٦٧ ـ سير أعلام النبلاء عن عبد الرحمن الهمدانى : دخل أبو الطفيل علي


(١) تنقيح المقال : ٢ / ١١٩ / ٦٠٦٤ نقلاً عن المناقب لابن شهر آشوب ، قاموس الرجال : ٥ / ٦٢٩ و٦٣٠ / ٣٨٣٧ .
(٢) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٧٠ / ٩٧ .
(٣) أى الرجل والمرأة إذا لم يعش لهما ولد (لسان العرب : ١ / ٤٢٧) .
(٤) وقعة صفّين : ٥٥٤ ; الوافى بالوفيات : ١٦ / ٥٨٤ / ٦٢٣ .

 ١٨١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عامِرُ بنُ واثِلَة

معاوية ، فقال : ما أبقي لك الدهر من ثُكلك عليّاً ؟

قال : ثُكل العجوز المِقْلات والشيخ الرقوب .

قال : فكيف حبّك له ؟

قال : حبّ اُمّ موسي لموسي ، وإلي الله أشكو التقصير(١) .

٦٥٦٨ ـ الاستيعاب : قدم أبو الطفيل يوماً علي معاوية فقال له : كيف وجدك علي خليلك أبى الحسن ؟

قال : كوجد اُمّ موسي علي موسي ، وأشكو إلي الله التقصير(٢) .

٦٥٦٩ ـ تاريخ اليعقوبى : أتاه [عمرَ بن عبد العزيز] أبو الطفيل عامر بن واثلة وكان من أصحاب علىّ ، فقال له : يا أمير المؤمنين ! لِمَ منعتنى عطائى ؟

فقال له : بلغنى أنّك صقلت سيفك ، وشحذت سنانك ، ونصّلت سهمك ، وغلّفت قوسك ، تنتظر الإمام القائم حتي يخرج ، فإذا خرج وفّاك عطاءك .

فقال : إنّ الله سائلك عن هذا .

فاستحيي عمر من هذا وأعطاه(٣) .

٦٥٧٠ ـ تاريخ دمشق عن أبى عبد الله الحافظ : سمعت أبا عبد الله ـ يعنى محمّد بن يعقوب الأخرم ـ يقول وسُئل لِمَ ترك البخارى حديث أبى الطفيل عامر بن واثلة ؟

قال : لأنّه كان يفرط فى التشيّع(٤) .


(١) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٦٩ / ٩٧ ، أنساب الأشراف : ٥ / ١٠١ ، تاريخ دمشق : ٢٦ / ١١٦ .
(٢) الاستيعاب : ٤ / ٢٦٠ / ٣٠٨٤ ، اُسد الغابة : ٦ / ١٧٧ / ٦٠٣٥ .
(٣) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٣٠٧ .
(٤) تاريخ دمشق : ٢٦ / ١٢٨ .

 ١٨٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ الأَهْتَمِّ

٥٤

عَبدُ اللهِ بنُ الأَهْتَمِّ

ذكره البلاذرى فى أنساب الأشراف من ولاة الإمام علىّ  ¼ ، فقد قال : وولى عبد الله بن الأهتمّ كرمان(١) .

وكان عبد الله بالبصرة حين دخلها زياد بن أبيه ، وأيّد خطبته الاُولي ومدحه(٢) . وتعاون مع الحجّاج بن يوسف أيضاً(٣) . عاقبته مدعاة إلي العظة والاعتبار والتذكير(٤) .

٥٥

عَبدُ اللهِ بنُ بُدَيْل

عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعى ، أسلم قبل فتح مكّة(٥) ، وشهد حنيناً ، والطائف ، وتبوك(٦) ، أشخصه النبىّ  ½ إلي اليمن مع أخيه عبد الرحمن(٧) . عدّه المؤرّخون من عظماء أصحاب الإمام أمير المؤمنين  ¼ وأعيانهم(٨) .


(١) أنساب الأشراف : ٢ / ٤٠٢ .
(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٢١ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٧٤ .
(٣) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٩٥ .
(٤) شرح نهج البلاغة : ١٩ / ١٠ .
(٥) تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٦٧ ، الاستيعاب : ٣ / ٩ / ١٤٨٩ ، اُسد الغابة : ٣ / ١٨٤ / ٢٨٣٤ ، تقريب التهذيب : ٢٩٦ / ٣٢٢٥ وفيه "يوم الفتح" بدل "قبل فتح" .
(٦) الاستيعاب : ٣ / ٩ / ١٤٨٩ ، اُسد الغابة : ٣ / ١٨٤ / ٢٨٣٤ وفيه "شهد الفتح وحنيناً و. . . " ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٦٧ وفيه "شهد الفتح وما بعدها" .
(٧) رجال الطوسى : ٧٠ / ٦٤٣ ; الإصابة : ٤ / ١٨ / ٤٥٧٧ ، تهذيب التهذيب : ٣ / ٩٨ / ٣٧٤٧ .
(٨) اُسد الغابة : ٣ / ١٨٤ / ٢٨٣٤ ، الاستيعاب : ٣ / ٩ / ١٤٨٩ ، تهذيب التهذيب : ٣ / ٩٨ / ٣٧٤٧ .

 ١٨٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ بُدَيْل

اشترك عبد الله فى الثورة علي عثمان(١) . ثمّ كان إلي جانب الإمام أمير المؤمنين  ¼ عضداً صلباً وصاحباً مُضحّياً . وشهد معه الجمل ، وصفّين . وكان فى صفّين قائد الرجّالة(٢) أو قائد الميمنة ، وتولّي رئاسة قُرّاء الكوفة أيضاً(٣) .

تدلّ خُطبه وأقواله علي أنّه كان يتمتّع بوعى عظيم فى معرفة أوضاع عصره ، واُناس زمانه ، ودوافع أعداء الإمام أمير المؤمنين  ¼ (٤) . وقف عند قيام الحرب بكلّ ثبات ، وقال : "إنّ معاوية ادّعي ما ليس له ، ونازع الأمر أهله ومن ليس مثله ، وجادل بالباطل ليدحض به الحقّ ، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب ، وزيّن لهم الضلالة . . . وأنتم والله علي نور من ربّكم ، وبرهان مبين"(٥) .

دنا من معاوية بشجاعة محمودة وصولة لا هوادة فيها . فلمّا رأي معاوية أنّ الأرض قد ضاقت عليه بما رحُبت ، أمر أن يرضخ بالصخر والحجارة ويُقضي عليه . فاستشهد عبد الله(٦) ، وسمّاه معاوية "كبش القوم" ، وذكر شجاعته واستبساله متعجّباً(٧) ، وذهب إلي أنّه فذّ لا نظير له فى القتال . وعُدّ عبد الله أحد


(١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٣٨٢ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٦٧ .
(٢) وقعة صفّين : ٢٠٥ ; تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٤٦ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٦٧ ، الاستيعاب : ٣ / ٩ / ١٤٨٩ ، تهذيب التهذيب : ٣ / ٩٨ / ٣٧٤٧ .
(٣) وقعة صفّين : ٢٠٨ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١٥ .
(٤) وقعة صفّين : ١٠٢ .
(٥) وقعة صفّين : ٢٣٤ ; الإصابة : ٤ / ١٩ / ٤٥٧٧ نحوه .
(٦) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٤٤٦ / ٥٦٨٨ .
(٧) وقعة صفّين : ٢٤٦ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٤ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٤٣ ، الاستيعاب : ٣ / ١٠ / ١٤٨٩ .

 ١٨٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ بُدَيْل

دُهاة العرب الخمسة(١) .

واستشهد أخوه عبد الرحمن فى صفّين أيضاً(٢) . ودافع عبد الله عن إمامه حتي آخر لحظة من حياته بكلّ ما اُوتى من جُهد . وعندما طلب منه رفيق دربه وصاحبه الأسود بن طهمان الخزاعى أن يوصيه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ، قال :

"اُوصيك بتقوي الله ، وأن تناصح أمير المؤمنين ، وأن تقاتل معه المحلّين حتي يظهر الحقّ أو تلحق بالله ، وأبلغه عنّى السلام . . . " .

وعندما بلغ الإمام صلوات الله عليه سلامه قال :

"رحمه الله ! جاهد معنا عدوّنا فى الحياة ، ونصح لنا فى الوفاة"(٣) .

٦٥٧١ ـ وقعة صفّين عن زيد بن وهب : إنّ عبد الله بن بديل قام فى أصحابه فقال : إنّ معاوية ادّعي ما ليس له ، ونازع الأمر أهله ومن ليس مثله ، وجادل بالباطل ليدحض به الحقّ ، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب ، وزيّن لهم الضلالة ، وزرع فى قلوبهم حبّ الفتنة ، ولبّس عليهم الأمر ، وزادهم رجساً إلي رجسهم ، وأنتم والله علي نور من ربّكم وبرهان مبين .

قاتلوا الطغام الجفاة ولا تخشَوهم ، وكيف تخشونهم وفى أيديكم كتاب من ربّكم ظاهر مبروز ؟ ! ³ أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ  ± قَاتِلُوهُمْ


(١) التاريخ الصغير : ١ / ١٣٨ ، تهذيب الكمال : ٢٤ / ٤٥ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ١٦٤ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٤٨ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ١٠٨ .
(٢) تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٥٦٧ ، تهذيب التهذيب : ٣ / ٩٨ / ٣٧٤٧ ، اُسد الغابة : ٣/١٨٤ /٢٨٣٤ ; رجال الطوسى : ٧٠ / ٦٤٣ .
(٣) وقعة صفّين : ٤٥٧ ; شرح نهج البلاغة : ٨ / ٩٣ .

 ١٨٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ أبى طالِب

يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ  ²  (١) وقد قاتلتهم مع النبىّ  ½ والله ما هم فى هذه بأزكي ولا أتقي ولا أبرّ ، قوموا إلي عدوّ الله وعدوّكم(٢) .

راجع : القسم السادس / وقعة صفّين / اشتداد القتال / استشهاد عبد الله بن بديل .

٥٦

عَبدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ أبى طالِب

عبد الله بن جعفر بن أبى طالب القرشى الهاشمى يُكني أبا جعفر من صحابة النبىّ  ½ (٣) . وعندما هاجرت أوّل مجموعة من المسلمين إلي الحبشة ، كان جعفر بن أبى طالب المشهور بذى الجناحين(٤) ، وزوجته أسماء بنت عميس معهم(٥) ، وولد عبد الله هناك(٦) .

كان له من العمر سبع سنين عندما جاء إلي المدينة مع أبيه . ولمّا نظر إليه رسول الله  ½ تبسّم وبسط يده ، فبايعه عبد الله(٧) .


(١) التوبة : ١٣ و١٤ .
(٢) وقعة صفّين : ٢٣٤ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١٦ وفيه "مبروراً" بدل "مبروز" ، الاستيعاب : ٣ / ١٠ / ١٤٨٩ وليس فيه من "و لا تخشَوهم" إلي "مبروز" .
(٣) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٦٥٥ / ٦٤١٢ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٥٦ / ٩٣ ، تاريخ دمشق : ٢٧ / ٢٤٨ ; رجال الطوسى : ٤٢ / ٢٨٧ .
(٤) تاريخ دمشق : ٢٧ / ٢٤٨ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٥٦ / ٩٣ .
(٥) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٦٥٥ / ٦٤٠٨ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٥٧ / ٩٣ ، تاريخ دمشق : ٢٧ / ٢٥٠ .
(٦) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٦٥٥ / ٦٤٠٨ ، تاريخ دمشق : ٢٧ / ٢٥٢ .
(٧) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٦٥٥ / ٦٤١٠ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٥٧ / ٩٣ ، تاريخ دمشق : ٢٧ / ٢٥٢ .


إرجاعات 
١٢١ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل التاسع : اشتداد القتال / استشهاد عبد الله بن بديل

 ١٨٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ أبى طالِب

استشهد والده جعفر فى مؤتة ، فتكفّل النبىّ  ½ تربيته(١) .

كان أخاً لمحمّد بن أبى بكر ، ويحيي بن علىّ بن أبى طالب من جهة الاُمّ(٢) . وكانت تربطه بآل الرسول  ½ وشيجة قويّة . وهو زوج زينب بنت علىّ  ¼ . شهد صفّين مع عمّه أمير المؤمنين  ¼ (٣) . ولم يأذن له بالقتال . وعندما عاد إلي الكوفة قال  ¼ : . . . لئلاّ ينقطع به نسل بنى هاشم(٤) . وكان عبد الله طويل الباع ، فصيح اللسان ، ثابتاً علي الحقّ . عدّه المؤرّخون وأصحاب التراجم من أجواد العرب المشهورين(٥) ، بل من أسخاهم(٦) . وذكروا قصصاً فى ذلك(٧) ، من هنا سُمّى "بحر الجود"(٨) .

كان يُصحر بالحقّ فى مواطن كثيرة ، ويرعي المنزلة الرفيعة لأمير المؤمنين  ¼ وآل الرسول  ½ . ولم يسكت عن الطعن فى "الشجرة الملعونة" الاُمويّين علي مرأي ومسمع منهم(٩) ، مع هذا كلّه كان معاوية يكرمه(١٠) .


(١) الطبقات الكبري : ٤ / ٣٧ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٥٦ وص ٤٥٨ / ٩٣ ، تاريخ دمشق : ٢٧ / ٢٥٥ .
(٢) اُسد الغابة : ٣ / ١٩٩ / ٢٨٦٤ ، الإصابة : ٤ / ٣٧ / ٤٦٠٩ .
(٣) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٦٠ / ٩٣ ، تاريخ دمشق : ٢٧ / ٢٧٢ ، الإصابة : ٤ / ٣٧ / ٤٦٠٩ ، تهذيب التهذيب : ٣ / ١٠٨ / ٣٧٧٣ .
(٤) الخصال : ٣٨٠ / ٥٨ ، وقعة صفّين : ٥٣٠ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٦١ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٩١ .
(٥) الاستيعاب : ٣ / ١٨ / ١٥٠٦ .
(٦) الاستيعاب : ٣ / ١٧ / ١٥٠٦ .
(٧) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٥٩ ـ ٤٦١ / ٩٣ ، تاريخ دمشق : ٢٧ / ٢٧٥ ـ ٢٩٤ .
(٨) الاستيعاب : ٣ / ١٧ / ١٥٠٦ ، اُسد الغابة : ٣ / ٢٠٠ / ٢٨٦٤ .
(٩) شرح نهج البلاغة : ١٥ / ٢٢٩ وج ٦ / ٢٩٥ .
(١٠) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٦٥٦ / ٦٤١٣ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٥٩ / ٩٣ ، الاستيعاب : ٣ / ١٧ / ١٥٠٦ .

 ١٨٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ شُبَيْل الأحْمَسِيّ

وكان مع الحسنين    ¤ بعد استشهاد أبيهما ، وتبعهما بصدق .

وكان يتأسّف علي عدم حضوره فى كربلاء ، لكنّه كان يفتخر ويعتز باستشهاد أولاده مع الحسين  ¼ (١) .

توفّى عبد الله بالمدينة سنة ٨٠ هـ عام الجُحاف(٢) (٣) وهو ابن ثمانين سنة(٤) .

٥٧

عَبدُ اللهِ بنُ شُبَيْل الأحْمَسِىّ

كان والياً علي آذربايجان مدّةً(٥) . وعندما فُتحت ثانيةً سنة ٢٤ هـ أو ٢٥ هـ توجّه إليها أميراً علي مقدّمة الجيش(٦) . أثني عليه الإمام علىّ  ¼ بالتواضع وحسن السيرة والهدي(٧) .

٦٥٧٢ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى كتابه إلي قيس بن سعد عامله علي أذربيجان ـ : قد سألنى عبد الله بن شبيل الأحمسى الكتاب إليك فى أمره ، فاُوصيك به خيراً ،


(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٦٦ .
(٢) سيلٌ كان ببطن مكّة جَحف الحاج وذهب بالإبل وعليها الحُمولة (تهذيب الكمال : ١٤ / ٣٧٢) .
(٣) تهذيب الكمال : ١٤ / ٣٧٢ / ٣٢٠٢ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ٢١٥ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٦٥٥ / ٦٤٠٨ وليس فيهما "عام الجُحاف" ، تاريخ دمشق : ٢٧ / ٢٥٣ ، الاستيعاب : ٣ / ١٧ / ١٥٠٦ .
(٤) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٦٥٥ / ٦٤٠٨ ، تاريخ دمشق : ٢٧ / ٢٩٨ ، تقريب التهذيب : ٢٩٨ / ٣٢٥١ .
(٥) أنساب الأشراف : ٣ / ٢٣٨ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٣ .
(٦) تاريخ الطبرى : ٤ / ٢٤٦ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٢٣١ ، الإصابة : ٤ / ١٠٩ / ٤٧٦٠ ، الاستيعاب : ٣ / ٥٨ / ١٥٨٩ ، اُسد الغابة : ٣ / ٢٧٤ / ٣٠٠٤ وفى الثلاثة الأخيرة "سنة ٢٨ هـ " .
(٧) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٨٩ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٢ .

 ١٨٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس

فإنّى رأيته وادعاً متواضعاً ، حسن السمت والهدى(١) .

٦٥٧٣ ـ تاريخ اليعقوبى عن غياث : لمّا أجمع علىّ القتال لمعاوية كتب أيضاً إلي قيس : أمّا بعد ، فاستعمل عبد الله بن شبيل الأحمسى خليفة لك ، وأقبل إلىّ ، فإنّ المسلمين قد أجمع ملؤهم وانقادت جماعتهم ، فعجّل الإقبال ، فأنا سأحضرنّ إلي المحلّين عند غرّة الهلال ، إن شاء الله ، وما تأخّرى إلاّ لك ، قضي الله لنا ولك بالإحسان فى أمرنا كلّه(٢) .

٥٨

عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس

عبد الله بن عبّاس بن عبد المطلب أبو العبّاس القرشى الهاشمى ، من المفسّرين والمحدّثين المشهورين فى التاريخ الإسلامى(٣) وُلِدَ بمكّة فى الشِّعب قبل الهجرة بثلاث سنين(٤) . وذهب إلي المدينة سنة ٨ هـ ، عام الفتح(٥) . كان عمر يستشيره فى أيّام خلافته(٦) . وعندما ثار الناس علي عثمان ، كان مندوبه فى الحجّ(٧) . ولمّا آلت الخلافة إلي الإمام أمير المؤمنين علىّ  ¼ كان صاحبه ، ونصيره ، ومستشاره ، وأحد ولاته واُمرائه العسكريّين .


(١) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٨٩ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٢ نحوه .
(٢) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٣ وراجع أنساب الأشراف : ٣ / ٢٣٨ .
(٣) أنساب الأشراف : ٤ / ٣٩ ، حلية الأولياء : ١ / ٣١٤ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣٣١ / ٥١ .
(٤) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٦١٥ / ٦٢٧٧ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٧٣ / ١٤ ، تاريخ دمشق : ٢٩ / ٢٨٩ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣٣٢ / ٥١ .
(٥) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣٣٣ / ٥١ .
(٦) تاريخ بغداد : ١ / ١٧٣ / ١٤ .
(٧) أنساب الأشراف : ٤ / ٣٩ ، تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٤٨ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣٤٩ / ٥١ .

 ١٨٩ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس

كان علي مقدّمة الجيش فى معركة الجمل(١) ، ثمّ ولى البصرة(٢) بعدها . وقبل أن تبدأ حرب صفّين ، استخلف أبا الأسود الدؤلى علي البصرة وتوجّه مع الإمام  ¼ لحرب معاوية(٣) .

كان أحد اُمراء الجيش فى الأيّام السبعة الاُولي من الحرب(٤) . ولازم الإمام  ¼ بثبات علي طول الحرب .

اختاره الإمام  ¼ ممثّلاً عنه فى التحكيم ، بَيْدَ أنّ الخوارج والأشعث عارضوا ذلك قائلين : لا فرق بينه وبين علىّ  ¼ (٥) .

حاورَ الخوارج مندوباً عن الإمام  ¼ فى النهروان مراراً . وأظهر فى مناظراته الواعية عدمَ استقامتهم ، وتزعزع موقفهم ، كما أبان منزلة الإمام الرفيعة السامية(٦) . كان والياً علي البصرة عند استشهاد الإمام  ¼ (٧) .

بايع الإمام الحسن المجتبي  ¼ (٨) ، وتوجّه إلي البصرة من قِبَله(٩) . ولم يشترك


(١) الجمل : ٣١٩ ; العقد الفريد : ٣ / ٣١٤ ، الإمامة والسياسة : ١ / ٩٠ .
(٢) أنساب الأشراف : ٤ / ٣٩ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٩٣ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣٥٣ / ٥١ ; الجمل : ٤٢٠ .
(٣) أنساب الأشراف : ٤ / ٣٩ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٧٣ / ١٤ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣٥٣ / ٥١ ; الجمل : ٤٢١ ، وقعة صفّين : ١١٧ .
(٤) وقعة صفّين : ٢٢١ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١٣ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٨٨ .
(٥) وقعة صفّين : ٤٩٩ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٥١ ، الأخبار الطوال : ١٩٢ ، الفتوح : ٤ / ١٩٨ .
(٦) راجع : القسم السادس / وقعة النهروان / مسير المارقين إلي النهروان / إشخاص عبد الله بن عبّاس إليهم .
(٧) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٥٥ ; الإرشاد : ٢ / ٩ .
(٨) الإرشاد : ٢ / ٨ ; الفتوح : ٤ / ٢٨٣ .
(٩) الإرشاد : ٢ / ٩ .

 ١٩٠ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس

مع الإمام الحسين  ¼ فى كربلاء . وعلّل البعض ذلك بعماه .

لم يبايع عبدَ الله بن الزبير حين استولي علي الحجاز ، والبصرة ، والعراق .

ومحمّد ابن الحنفيّة لم يبايعه أيضاً ، فكَبُرَ ذلك علي ابن الزبير حتي همّ بإحراقهما(١) .

كان ابن عبّاس عالماً له منزلته الرفيعة العالية فى التفسير ، والحديث ، والفقه . وكان تلميذ الإمام  ¼ فى العلم(٢) مفتخراً بذلك أعظم افتخار .

توفّى ابن عبّاس فى منفاه بالطائف سنة ٦٨ هـ وهو ابن إحدي وسبعين(٣) ، وهو يكثر من قوله : "اللهمّ إنّى أتقرّب إليك بمحمّد وآله ، اللهمّ إنّى أتقرّب إليك بولاية الشيخ علىّ بن أبى طالب"(٤) وفى رواية : لمّا حضرت عبد الله بن عبّاس الوفاة قال : "اللهمّ إنّى أتقرّب إليك بولاية علىّ بن أبى طالب"(٥) .

خلفاء بنى العبّاس من ذرّيّته وأخبر الإمام  ¼ بهذا فى خطابه لابن عبّاس "أبا الأملاك "(٦) .


(١) الطبقات الكبري : ٥ / ١٠٠ و١٠١ ، تاريخ دمشق : ٥٤ / ٣٣٨ و٣٣٩ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣٥٦ / ٥١ ، البداية والنهاية : ٨ / ٣٠٦ .
(٢) رجال العلاّمة الحلّى : ١٠٣ ; مختصر تاريخ دمشق : ١٢ / ٣٠١ / ١٥٤ ، البداية والنهاية : ٨ / ٢٩٨ .
(٣) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٦٢٦ / ٦٣٠٩ وص ٦١٥ / ٦٢٧٧ ، التاريخ الكبير : ٥ / ٣ / ٥ ، أنساب الأشراف : ٤ / ٧١ ، مروج الذهب : ٣ / ١٠٨ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣٥٩ / ٥١ .
(٤) كفاية الأثر : ٢٢ ، بشارة المصطفي : ٢٣٩ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٢٠٠ ; فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٦٦٢ / ١١٢٩ وليس فى الثلاثة الأخيرة "اللهمّ إنّى أتقرّب إليك بمحمّد وآله" .
(٥) فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٦٦٢ / ١١٢٩ ; بشارة المصطفي : ٢٣٩ ، العمدة : ٢٧٢ / ٤٢٩ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٢٠٠ ، نهج الحقّ : ٢٢١ .
(٦) راجع : القسم الثالث عشر / إخباره بالاُمور الغيبيّة / ملك بنى العبّاس وزواله .

 ١٩١ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس

٦٥٧٤ ـ المستدرك علي الصحيحين عن الزهرى : قال المهاجرون لعمر بن الخطّاب : ادع أبناءنا كما تدعو ابن عبّاس .

قال : ذاكم فتي الكهول ، إنّ له لساناً سؤولاً وقلباً عقولاً(١) .

٦٥٧٥ ـ أنساب الأشراف : إنّ ابن عبّاس خلا بعلىٍّ حين أراد أن يبعث أبا موسي فقال : إنّى أخاف أن يخدع معاوية وعمرو أبا موسي فابعثنى حكماً ولا تبعثه ولا تلتفت إلي قول الأشعث وغيره ممّن اختاره فأبي ، فلمّا كان من أمر أبى موسي وخديعة عمرو له ما كان ، قال علىّ : لله درّ ابن عبّاس إن كان لينظر إلي الغيب من ستر رقيق(٢) .

٦٥٧٦ ـ مختصر تاريخ دمشق عن المدائنى : قال علىّ بن أبى طالب فى عبد الله بن عبّاس : إنّه ينظر إلي الغيب من ستر رقيق لعقله وفطنته بالاُمور(٣) .

٦٥٧٧ ـ الجمل عن أبى مخنف لوط بن يحيي : لمّا استعمل أمير المؤمنين  ¼ عبد الله بن العبّاس علي البصرة ، خطب الناس فحمد الله وأثني عليه وصلّي علي رسوله ، ثمّ قال :

يا معاشر الناس ! قد استخلفت عليكم عبد الله بن العبّاس ، فاسمعوا له وأطيعوا أمره ما أطاع الله ورسوله ، فإن أحدث فيكم أو زاغ عن الحقّ فأعلمونى أعزله عنكم ، فإنّى أرجو أن أجده عفيفاً تقيّاً ورعاً ، وإنّى لم اُولّه عليكم إلاّ وأنا أظنّ


(١) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٦٢١ / ٦٢٩٨ ، مختصر تاريخ دمشق : ١٢ / ٣٠٤ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣٤٥ / ٥١ .
(٢) أنساب الأشراف : ٣ / ١٢١ .
(٣) مختصر تاريخ دمشق : ١٢ / ٣٠٥ ، عيون الأخبار لابن قتيبة : ١ / ٣٥ ، المناقب للخوارزمى : ١٩٧ / ٢٣٨ وليس فيهما "لعقله وفطنته بالاُمور" .

 ١٩٢ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس

ذلك به ، غفر الله لنا ولكم(١) .

٦٥٧٨ ـ وقعة صفّين : كان علىّ قد استخلف ابن عبّاس علي البصرة ، فكتب عبد الله بن عبّاس إلي علىّ يذكر له اختلاف أهل البصرة ، فكتب إليه علىّ :

من عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلي عبد الله بن عبّاس .

أمّا بعد ، فالحمد لله ربّ العالمين وصلّي الله علي سيّدنا محمّد عبده ورسوله .

أمّا بعد ، فقد قدم علىَّ رسولك وذكرت ما رأيت وبلغك عن أهل البصرة بعد انصرافى ، وساُخبرك عن القوم :

هم بين مقيم لرغبة يرجوها ، أو عقوبة يخشاها . فأرغب راغبهم بالعدل عليه ، والإنصاف له والإحسان إليه ، وحُلّ عقدة الخوف عن قلوبهم ، فإنّه ليس لاُمراء أهل البصرة فى قلوبهم عظم إلاّ قليل منهم . وانتهِ إلي أمرى ولا تعده ، وأحسن إلي هذا الحىّ من ربيعة ، وكلّ مَن قِبَلك فأحسن إليهم ما استطعت إن شاء الله ، والسلام(٢) .

٦٥٧٩ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ من كتاب له إلي عبد الله بن عبّاس وهو عامله علي البصرة ـ : واعلم أنّ البصرة مهبط إبليس ، ومغرس الفتن ، فحادث أهلها بالإحسان إليهم ، واحلل عقدة الخوف عن قلوبهم ، وقد بلغنى تنمّرك لبنى تميم ، وغلظتك عليهم ، وإنّ بنى تميم لم يغب لهم نجم إلاّ طلع لهم آخر ، وإنّهم لم يسبقوا بوغم(٣) فى جاهليّة ولا إسلام ، وإنّ لهم بنا رحماً ماسّة ، وقرابة خاصّة ، نحن


(١) الجمل : ٤٢٠ .
(٢) وقعة صفّين : ١٠٥ .
(٣) الوغم : التِّرَة ، الحقد (النهاية : ٥ / ٢٠٩) .

 ١٩٣ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس

مأجورون علي صلتها ومأزورون علي قطيعتها . فاربع أبا العبّاس ـ رحمك الله ـ فيما جري علي لسانك ويدك من خير وشرّ ! فإنّا شريكان فى ذلك ، وكن عند صالح ظنّى بك ، ولا يفيلنّ(١) رأيى فيك ، والسلام(٢) .

٦٥٨٠ ـ مختصر تاريخ دمشق عن سفيان بن عيينة : ورد صعصعة بن صوحان علي علىّ بن أبى طالب من البصرة ، فسأله عن عبد الله بن عبّاس ، وكان علي خلافته بها ، فقال صعصعة : يا أمير المؤمنين ، إنّه آخذ بثلاث وتارك لثلاث : آخذ بقلوب الرجال إذا حدّث ، ويحسن الاستماع إذا حُدّث ، وبأيسر الأمرين إذا خولف . تارك للمراء ، وتارك لمقاربة اللئيم ، وتارك لما يُعتذر منه(٣) .

٦٥٨١ ـ رجال الكشّى عن الحارث : استعمل علىّ  ¼ علي البصرة عبد الله بن عبّاس ، فحمل كلّ مال فى بيت المال بالبصرة ، ولحق بمكّة وترك عليّاً  ¼ ، وكان مبلغه ألفى ألف درهم .

فصعد علىّ  ¼ المنبر حين بلغه ذلك فبكي ، فقال : هذا ابن عمّ رسول الله  ½ فى علمه وقدره يفعل مثل هذا ، فكيف يؤمن من كان دونه ؟ اللهمّ إنّى قد مللتهم فأرحنى منهم ، واقبضنى إليك غير عاجز ولا ملول(٤) .

٦٥٨٢ ـ رجال الكشّى عن الشعبى : لمّا احتمل عبد الله بن عبّاس بيت مال البصرة وذهب به إلي الحجاز ، كتب إليه علىّ بن أبى طالب : من عبد الله علىّ بن أبى طالب إلي عبد الله بن عبّاس ، أمّا بعد ، فإنّى قد كنت أشركتك فى أمانتى ، ولم


(١) فيل رأيه : قبّحه وخطّأه (لسان العرب : ١١/٥٣٤) .
(٢) نهج البلاغة : الكتاب ١٨ .
(٣) مختصر تاريخ دمشق : ١٢ / ٣١٣ .
(٤) رجال الكشّى : ١ / ٢٧٩ / ١٠٩ .

 ١٩٤ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس

يكن أحد من أهل بيتى فى نفسى أوثق منك لمواساتى وموازرتى وأداء الأمانة إلىَّ ، فلمّا رأيت الزمان علي ابن عمّك قد كلب ، والعدوّ عليه قد حرب ، وأمانة الناس قد خربت ، وهذه الاُمور قد قست ، قلبت لابن عمّك ظهر المجن(١) ، وفارقته مع المفارقين ، وخذلته أسوأ خذلان الخاذلين .

فكأنّك لم تكن تريد الله بجهادك ، وكأنّك لم تكن علي بيّنة من ربّك ، وكأنّك إنّما كنت تكيد اُمّة محمّد  ½ علي دنياهم ، وتنوى غرّتهم(٢) ، فلمّا أمكنتك الشدّة فى خيانة اُمّة محمّد أسرعت الوثبة وعجّلت العدوة ، فاختطفت ما قدرت عليه اختطاف الذئب الأزلّ(٣) رمية المعزي الكسير .

كأنّك ـ لا أبا لك ـ إنّما جررت إلي أهلك تراثك من أبيك واُمّك ، سبحان الله ! أ ما تؤمن بالمعاد ؟ ! أ وَما تخاف من سوء الحساب ؟ ! أ وَما يكبر عليك أن تشترى الإماء ، وتنكح النساء بأموال الأرامل والمهاجرين الذين أفاء الله عليهم هذه البلاد ؟ !

اردد إلي القوم أموالهم ، فوَ الله لئن لم تفعل ثمّ أمكننى الله منك لأعذرنّ الله فيك ، فوَ الله لو أنّ حسناً وحسيناً فعلا مثل ما فعلت ، لما كان لهما عندى فى ذلك هوادة ، ولا لواحد منهما عندى فيه رخصة ، حتي آخذ الحقّ ، واُزيح الجور عن مظلومها ، والسلام .

قال : فكتب إليه عبد الله بن عبّاس : أمّا بعد ، فقد أتانى كتابك ، تعظّم علىَّ


(١) ظَهر المِجَنّ : هذه كلمة تُضرب مَثلاً لمن كان لصاحبه علي مَودّة أو رعاية ثمّ حالَ عن ذلك (النهاية : ١ / ٣٠٨) .
(٢) الغِرَّة : الغَفْلة (النهاية : ٣ / ٣٥٤) .
(٣) الأزلّ : بتشديد اللاّم : السريع الجرى .

 ١٩٥ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس

إصابة المال الذى أخذته من بيت مال البصرة ، ولعمرى إنّ لى فى بيت مال الله أكثر ممّا أخذت ، والسلام .

قال : فكتب إليه علىّ بن أبى طالب  ¼ : أمّا بعد ، فالعجب كلّ العجب من تزيين نفسك ، أنّ لك فى بيت مال الله أكثر ممّا أخذت ، وأكثر ممّا لرجل من المسلمين ، فقد أفلحت إن كان تمنّيك الباطل ، وادّعاؤك ما لا يكون ينجيك من الإثم ، ويحلّ لك ما حرّم الله عليك ، عمّرك الله أنّك لأنت العبد المهتدى إذاً .

فقد بلغنى أنّك اتّخذت مكّة وطناً وضربت بها عطناً(١) ، تشترى مولّدات مكّة والطائف ، تختارهنّ علي عينك ، وتعطى فيهنّ مال غيرك ، وإنّى لأقسم بالله ربّى وربّك ربّ العزّة ، ما يسرّنى أنّ ما أخذت من أموالهم لى حلال أدعه لعقبى ميراثاً ، فلا غرو ، وأشدّ باغتباطك تأكله رويداً رويداً ، فكأن قد بلغتَ المدي ، وعُرضت علي ربّك ، والمحلّ الذى يتمنّي الرجعة ، والمُضيّع للتوبة كذلك وما ذلك ، ولات حين مناص ! والسلام .

قال : فكتب إليه عبد الله بن عبّاس : أمّا بعد ، فقد أكثرت علىَّ ، فوَ الله لأن ألقي الله بجميع ما فى الأرض من ذهبها وعقيانها أحبّ إلىّ أن ألقي الله بدم رجل مسلم(٢) .

٦٥٨٣ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ من كتاب له إلي بعض عمّاله ـ : أمّا بعد ، فإنّى كنت أشركتك فى أمانتى ، وجعلتك شعارى وبطانتى ، ولم يكن رجل من أهلى أوثق منك فى نفسى لمواساتى وموازرتى ، وأداء الأمانة إلىّ ، فلمّا رأيت الزمان علي


(١) العطن : مبرك الإبل ، المراح (النهاية : ٣ / ٢٥٨) .
(٢) رجال الكشّى : ١ / ٢٧٩ / ١١٠ ; أنساب الأشراف : ٢ / ٤٠٠ ، العقد الفريد : ٣ / ٣٤٨ عن أبى الكنود ، الأوائل لأبى هلال : ١٩٦ كلّها نحوه .

 ١٩٦ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس

ابن عمّك قد كلب ، والعدوّ قد حرب ، وأمانة الناس قد خَزيت ، وهذه الاُمّة قد فنكت(١) وشغرت(٢) ، قلبتَ لابن عمّك ظهر المجنّ ، ففارقته مع المفارقين ، وخذلته مع الخاذلين ، وخُنته مع الخائنين ، فلا ابن عمّك آسيت ، ولا الأمانة أدّيت .

وكأنّك لم تكن اللهَ تريد بجهادك ، وكأنّك لم تكن علي بيّنة من ربّك ، وكأنّك إنّما كنت تكيد هذه الاُمّة عن دنياهم ، وتنوى غرّتهم عن فيئهم ، فلمّا أمكنتك الشدّة فى خيانة الاُمّة أسرعت الكرّة ، وعاجلت الوثبة ، واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم وأيتامهم اختطاف الذئب الأزلّ دامية المعزي الكسيرة ، فحملته إلي الحجاز رحيب الصدر بحمله ، غير متأثّم من أخذه ، كأنّك ـ لا أبا لغيرك ـ حدرت إلي أهلك تراثك من أبيك واُمّك ، فسبحان الله ! أ ما تؤمن بالمعاد ؟ أ وَما تخاف نقاش الحساب ؟

أيّها المعدود ـ كانَ ـ عندنا من اُولى الألباب ، كيف تسيغ شراباً وطعاماً ، وأنت تعلم أنّك تأكل حراماً ، وتشرب حراماً ، وتبتاع الإماء وتنكح النساء من أموال اليتامي والمساكين والمؤمنين والمجاهدين ، الذين أفاء الله عليهم هذه الأموال ، وأحرز بهم هذه البلاد ! فاتّقِ الله واردد إلي هؤلاء القوم أموالهم ، فإنّك إن لم تفعل ثمّ أمكننى الله منك لاُعذرنّ إلي الله فيك ، ولأضربنّك بسيفى الذى ما ضربت به أحداً إلاّ دخل النار !

وو الله لو أنّ الحسن والحسين فعلا مثل الذى فعلت ، ما كانت لهما عندى هوادة ، ولا ظفرا منّى بإرادة ، حتي آخذ الحقّ منهما ، واُزيح الباطل عن


(١) الفَنْك : الكذب ، والتعدّى ، واللَّجاج (لسان العرب : ١ / ٤٧٩) .
(٢) الشغر : البُعد (النهاية : ٢ / ٤٨٢) .

 ١٩٧ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس

مظلمتهما ، واُقسم بالله ربّ العالمين ما يسرّنى أنّ ما أخذته من أموالهم حلال لى ، أتركه ميراثاً لمن بعدى ، فضحِّ رُويداً ، فكأنّك قد بلغت المدي ، ودُفنت تحت الثري ، وعُرضت عليك أعمالك بالمحلّ الذى ينادى الظالم فيه بالحسرة ، ويتمنّي المضيّع فيه الرجعة ، ولات حين مناص !(١)

٦٥٨٤ ـ عيون الأخبار : وجدت فى كتاب لعلىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه إلي ابن عبّاس حين أخذ من مال البصرة ما أخذ :

إنّى أشركتك فى أمانتى ولم يكن رجل من أهلى أوثق منك فى نفسى ، فلمّا رأيت الزمان علي ابن عمّك قد كلب ، والعدوّ قد حرب ، قلبت لابن عمّك ظهر المجنّ بفراقه مع المفارقين ، وخذلانه مع الخاذلين ، واختطفت ما قدرت عليه من أموال الاُمّة اختطاف الذئب الأزلّ دامية المعزي .

وفى الكتاب : ضحِّ رويداً فكأن قد بلغت المدي ، وعرضت عليك أعمالك بالمحلّ الذى به ينادى المغترّ بالحسرة ، ويتمنّي المضيّع التوبة ، والظالم الرجعة(٢) .

٦٥٨٥ ـ تاريخ الطبرى : خرج عبد الله بن العبّاس من البصرة ولحق مكّة فى قول عامّة أهل السِّيَر ، وقد أنكر ذلك بعضهم ، وزعم أنّه لم يزل بالبصرة عاملاً عليها من قِبَل أمير المؤمنين علىّ  ¼ حتي قُتل ، وبعد مقتل علىّ حتي صالح الحسن معاوية ، ثمّ خرج حينئذ إلي مكّة(٣) .


(١) نهج البلاغة : الكتاب ٤١ وراجع ربيع الأبرار : ٣ / ٣٧٥ .
(٢) عيون الأخبار لابن قتيبة : ١ / ٥٧ ، مختصر تاريخ دمشق : ١٢ / ٣٢٠ .
(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٤١ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٣٢ .

 ١٩٨ - المجلد الثانى عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام علىّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس

٦٥٨٦ ـ تاريخ اليعقوبى : كتب أبو الأسود الدؤلى ـ وكان خليفة عبد الله بن عبّاس بالبصرة ـ إلي علىّ يعلمه أنّ عبد الله أخذ من بيت المال عشرة آلاف درهم ، فكتب إليه يأمره بردّها ، فامتنع ، فكتب يقسم له بالله لتردّنّها .

فلمّا ردّها عبد الله بن عبّاس ، أو ردّ أكثرها ، كتب إليه علىّ : أمّا بعد ، فإنّ المرء يسرّه درك ما لم يكن ليفوته ، ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه ، فما أتاك من الدنيا فلا تكثر به فرحاً ، وما فاتك منها فلا تكثر عليه جزعاً ، واجعل همّك لما بعد الموت ، والسلام .

فكان ابن عبّاس يقول : ما اتّعظت بكلام قطّ اتّعاظى بكلام أمير المؤمنين(١) .


(١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٥ .