٨١ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب
٢ / ١ ١٠٢٥ ـ تاريخ الإسلام عن أبى بكر : والله ، ما علي ظهر الأرض رجلٌ أحبّ إلىّ من عمر(١) . ١٠٢٦ ـ غريب الحديث : قال أبو عبيد فى حديث أبى بكر : والله ، إنّ عمر لأحبّ الناس إلىّ(٢) . ١٠٢٧ ـ تاريخ دمشق عن نافع : إنّ أبا بكر أقطَعَ الأقرع بن حابس والزِّبْرِقان قطيعةً وكتب لهما كتاباً . فقال لهما عثمان : أشهِدا عمر ; فإنّه حرزكما وهو الخليفة (١) تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٢٦٥ ، تاريخ دمشق : ٤٤ / ٢٤٧ ، الرياض النضرة : ٢ / ٣٩٩ . ٨٢ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب / استعمال عمر بن الخطّاب بعده . قال : فأتَيا عمر ، فقال لهما : من كتب لكما هذا الكتاب ؟ قالا : أبو بكر . قال : لا والله ولا كرامة ! والله ، ليفلقنّ وجوه المسلمين بالسيوف والحجارة ثمّ تكون لكما هذا ! قال : فتفل فيه فمحاه . فأتيا أبا بكر فقالا : ما ندرى أنت الخليفة أم عمر ! قال : ثمّ أخبراه ، فقال : فإنّا لا نُجيز إلاّ ما أجازه عمر(١) . ١٠٢٨ ـ الإمام علىّ ¼ ـ يصف استعمال عمر بن الخطّاب ـ : ولولا خاصّة ما كان بينه [أبى بكر] وبين عمر ، لظننتُ أنّه لا يدفعها عنّى(٢) . ٢ / ٢ ١٠٢٩ ـ تاريخ اليعقوبى : اعتلّ أبو بكر فى جمادي الآخرة سنة (١٣) . فلمّا اشتدّت به العلّة عهد إلي عمر بن الخطّاب ، فأمر عثمانَ أن يكتب عهده ، وكتب : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا ما عهد أبو بكر خليفة رسول الله إلي المؤمنين والمسلمين : سلام عليكم ، فإنّى أحمد إليكم الله ; أمّا بعدُ فإنّى قد استعملت عليكم عمر بن الخطّاب ، فاسمعوا وأطيعوا ، وإنّى ما ألَوْتكم(٣) نُصحاً . والسلام(٤) . (١) تاريخ دمشق : ٩ / ١٩٦ وص ١٩٤ نحوه وفيه "فقال : أنت الأمير أم عمر ؟ فقال : عمر ، غير أنّ الطاعة لى فسكت" بدل "ما ندرى أنت الخليفة . . ." وص ١٩٦ نحوه وفيه "فقال أبو بكر : قد كنت قلت لك إنّك أقوي علي هذا الأمر منّى ولكنّك غلبتنى" ، كنز العمّال : ١٢ / ٥٨٣ / ٣٥٨١٣ . ٨٣ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب / استعمال عمر بن الخطّاب ١٠٣٠ ـ تاريخ الطبرى عن محمّد بن إبراهيم بن الحارث : دعا أبو بكر عثمانَ خالياً(١) ، فقال : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا ما عهد أبو بكر بن أبى قحافة إلي المسلمين ; أمّا بعدُ . قال : ثمّ اُغمى عليه ، فذهب عنه ، فكتب عثمان : أمّا بعدُ ; فإنّى قد استخلفت عليكم عمر بن الخطّاب ، ولم آلُكم خيراً منه . ثمّ أفاق أبو بكر فقال : اقرأْ علىّ ، فقرأ عليه ، فكبّر أبو بكر وقال : أراك خِفتَ أن يختلف الناس إن افتُلِتتْ(٢) نفسى فى غَشْيتى ! قال : نعم . قال : جزاك الله خيراً عن الإسلام وأهله ! وأقرّها أبو بكر من هذا الموضع(٣) . ١٠٣١ ـ تاريخ المدينة عن أسلم : كتب عثمان عهد الخليفة بعد أبى بكر ، وأمره ألاّ يسمّى أحداً ، وترك اسم الرجل ، فاُغمى علي أبى بكر إغماءة ، فأخذ عثمان العهد فكتب فيه اسم عمر . قال : فأفاق أبو بكر فقال : أرِنى العهد ، فإذا فيه اسم عمر . قال : من كتب هذا ؟ فقال عثمان : أنا . فقال : رحمك الله وجزاك خيراً ! فو الله لو كتبتَ نفسَك لكنتَ لذلك أهلاً(٤) . (١) الخِلْو : المُنْفَرِد (النهاية : ٢ / ٧٤) . ٨٤ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب / استعمال عمر بن الخطّاب ١٠٣٢ ـ تاريخ الطبرى عن قيس : رأيتُ عمر بن الخطّاب وهو يجلس والناس معه ، وبيده جَريدة ، وهو يقول : أيّها الناس ! اسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله ½ ; إنّه يقول : إنّى لم آلُكم نُصحاً . قال : ومعه مولي لأبى بكر يقال له شديد ، معه الصحيفة التى فيها استخلاف عمر(١) . ١٠٣٣ ـ الإمامة والسياسة ـ فى ذكر كتابة استخلاف عمر ـ : خرج عمر بالكتاب وأعلمهم ، فقالوا : سمعاً وطاعة ، فقال له رجل : ما فى الكتاب يا أبا حفص ؟ قال : لا أدرى ، ولكنّى أوّل من سمع وأطاع . قال : لكنّى والله أدرى ما فيه ; أمّرتَه عام أوّل ، وأمّرك العام !(٢) ١٠٣٤ ـ شرح نهج البلاغة : إنّ أبا بكر لمّا نزل به الموت دعا عبد الرحمن بن عوف ، فقال : أخبِرنى عن عمر . فقال : إنّه أفضل من رأيك فيه ، إلاّ أنّ فيه غلظة . فقال أبو بكر : ذاك لأنّه يرانى رقيقاً ، ولو قد أفضي الأمرُ إليه لترك كثيراً ممّا هو عليه ، وقد رمقتُه ; إذا أنا غضبت علي رجل أرانى الرضي عنه ، وإذا لِنْت له أرانى الشدّة عليه . ثمّ دعا عثمان بن عفّان فقال : أخبرنى عن عمر ، فقال : سريرته خيرٌ من علانيته ، وليس فينا مثله . فقال لهما : لا تذكرا ممّا قلت لكما شيئاً ، ولو تركتُ عمر لما عَدَوتك يا عثمان ، والخيرة لك ألاّ تَلى من اُمورهم شيئاً ، ولوددت أنّى كنت من اُموركم خِلْواً ، وكنت فيمن مضي من سلفكم . (١) تاريخ الطبرى : ٣ / ٤٢٩ ، مسند ابن حنبل : ١ / ٨٨ / ٢٥٩ نحوه . وفى معالم الفتن : ١ / ٣٢٦ "يا ليت الفاروق قال ذلك يوم أن أمر النبىّ ½ أن يأتوه بصحيفة ليكتب لهم كتاباً لا يضلّوا بعده أبداً" . ٨٥ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب / استعمال عمر بن الخطّاب ودخل طلحة بن عبيد الله علي أبى بكر فقال : إنّه بلغنى أنّك يا خليفة رسول الله استخلفتَ علي الناس عمر ، وقد رأيتَ ما يلقي الناس منه وأنت معه ، فكيف به إذا خلا بهم ! وأنت غداً لاق ربّك ; فيسألك عن رعيّتك . فقال أبو بكر : أجلسونى ، ثمّ قال : أ بالله تخوّفني؟ ! إذا لقيت ربّى فسألنى قلت : استخلفت عليهم خير أهلك . فقال طلحة : أ عُمر خيرُ الناس يا خليفة رسول الله ؟ ! فاشتدّ غضبه وقال : إى والله ، هو خيرهم وأنت شرّهم ! أما والله لو ولّيتُك لجعلتَ أنفك فى قَفاك ، ولرفعتَ نفسك فوق قدرها ، حتي يكون الله هو الذى يضعها ! أتيتنى وقد دَلَكت عينك ; تريد أن تفتننى عن دينى ، وتزيلنى عن رأيى ! قُم ، لا أقام الله رجليك ! أما والله لئن عشتُ فُواقَ ناقة(١) وبلغنى أنّك غَمَصتَه(٢) فيها أو ذكرتَه بسوء لاُلحقنّك بمحْمضات قُنّة(٣) ، حيث كنتم تُسقون ولا تَرْوَون ، وتَرْعَون ولا تشبعون ، وأنتم بذلك بَجِحُون(٤) راضون فقام طلحة فخرج(٥) . (١) أى قَدْرَ فُواق ناقة ، وهو ما بين الحَلْبَتَين من الراحَة (النهاية : ٣ / ٤٧٩) . ٨٦ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب / موقف الإمام من خلافته ٢ / ٣ ١٠٣٥ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى ذكر السقيفة وما بعدها ـ : فرأيت أنّ الصبر علي هاتا أحجَي(١) ، فصبرت وفى العين قذي ، وفى الحلق شجاً ، أري تُراثى(٢) نَهباً ، حتي مضي الأوّل لسبيله ، فأدلي بها إلي فلان بعده .
فيا عجباً ! ! بينا هو يستقيلها فى حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته ـ لَشدّ ما تَشطَّرا ضرعيها ! ـ فصيّرها فى حوزة خَشناء يغلظ كَلْمُها(٤) ، ويخشن مسُّها ، ويكثر العثار فيها ، والاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصَّعبة إن أشنق لها خَرَم ، وإن أسْلس لها تقحّم(٥) فمُنى الناس ـ لعمر الله ـ بخَبط وشِماس(٦) ، وتلوُّن واعتراض(٧) . (١) أى أجدَر وأولي وأحقَّ (النهاية : ١ / ٣٤٨) . ٨٧ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب / استشارة عمر الإمامَ فى المعضلات ٢ / ٤ استشارة عمر الإمامَ فى المعضلات ١٠٣٦ ـ تاريخ الإسلام عن عمر : أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن !(١) ١٠٣٧ ـ المستدرك علي الصحيحين عن عمر : أعوذ بالله أن أعيش فى قوم لستَ فيهم يا أبا حسن(٢) . ١٠٣٨ ـ فضائل الصحابة عن سعيد بن المسيّب : كان عمر يتعوّذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن(٣) . ١٠٣٩ ـ الكافى عن عمر : لولا علىّ لهَلَك عمر !(٤) (١) تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٦٣٨ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٤٠٦ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٦٠ . ٨٨ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب / استنجاد عمر برأى الإمام بيان : كان الإمام علىّ ¼ يقّدم آراءه الاستشاريّة فى الميادين العلميّة أو فى المشاكل السياسيّة بعدما يحرز أنّها تعود بالفائدة علي المجتمع الإسلامى ، ولا يبدى رأيه إذا عاد بالنفع الشخصى علي الخليفة ولم يعد علي المجتمع بشىء . يقول ابن عبّاس : خرجت مع عمر إلي الشام فى إحدي خرجاته ، فانفرد يوماً يسير علي بعيره فاتّبعته ، فقال لى : يابن عبّاس ، أشكو إليك ابن عمّك ! سألته أن يخرج معى فلم يفعل(١) . ٢ / ٥ أ : مبدأ التأريخ ١٠٤٠ ـ المستدرك علي الصحيحين عن سعيد بن المسيّب : جمع عمر الناس فسألهم : من أىّ يوم يكتب التأريخ ؟ فقال على ّبن أبى طالب : من يوم هاجر رسول الله ½ وترك أرض الشرك . ففعله عمر(٢) . ١٠٤١ ـ تاريخ اليعقوبى : أرّخ عمر الكتب ، وأراد أن يكتب التأريخ منذ مولد رسول الله ، ثمّ قال : من المبعث . فأشار عليه علىّ بن أبى طالب أن يكتبه من الهجرة ، فكتبه من الهجرة(٣) . (١) شرح نهج البلاغة : ١٢ / ٧٨ . إرجاعات ٣٤٢ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام عليّ / الفصل السادس : عليّ عن لسان أصحاب النبيّ / عُمَرُ بن الخَطَّاب ٨٩ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب / استنجاد عمر برأى الإمام / ب : الخروج بنفسه إلي غزو الروم ب : الخروج بنفسه إلي غزو الروم ١٠٤٢ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من كلام له وقد شاوره عمر بن الخطّاب فى الخروج إلي غزو الروم ـ : وقد تَوكَّل اللهُ لأهل هذا الدين بإعزاز الحَوزة ، وستر العورة ، والذى نصَرهم وهم قليل لا ينتصرون ، ومنَعهم وهم قليل لا يمتنعون ، حىّ لا يموت . إنّك متي تَسِر إلي هذا العدوّ بنفسك فتَلْقَهم فتُنْكَب ; لا تكن للمسلمين كانِفة(١) دون أقصي بلادهم . ليس بعدك مرجع يرجعون إليه ، فابعث إليهم رجلاً مِحْرَباً ، واحفِز معه أهل البلاء والنصيحة ; فإن أظهر الله فذاك ما تحبّ ، وإن تكن الاُخري كنتَ رِدْءاً(٢) للناس ومَثابةً للمسلمين(٣) . ج : الخروج بنفسه إلي غزو الفرس ١٠٤٣ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كلام له وقد استشاره عمر فى الشخوص لقتال الفرس بنفسه ـ : إنّ هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلّة ، وهو دين الله الذى أظهره ، وجنده الذى أعدّه وأمدّه ، حتي بلغ ما بلغ ، وطلع حيث طلع ، ونحن علي موعود من الله ، والله منجزٌ وعده ، وناصرٌ جنده . ومكان القيّم بالأمر مكان النِّظام(٤) من الخرز ; يجمع ه ويضمّه ، فإن انقطع النظام تفرّق الخرز وذهب ، ثمّ لم يجتمع بحذافيره أبداً . والعرب اليوم وإن كانوا قليلاً فهم كثيرون بالإسلام ، عزيزون بالاجتماع . فكن قطباً ، واستَدِر الرَّحي (١) أى ساترة . والهاء للمبالغة (النهاية : ٤ / ٢٠٥) . ٩٠ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب / استنجاد عمر برأى الإمام / ج : الخروج بنفسه إلي غزو الفرس بالعرب ، وأصْلِهم دونك نار الحرب ; فإنّك إن شَخَصت من هذه الأرض انتقضتْ عليك العرب من أطرافها وأقطارها ، حتي يكون ما تدع وراءك من العورات أهمّ إليك ممّا بين يديك . إنّ الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولوا : هذا أصل العرب ، فإذا اقتطعتموه استرحتم ; فيكون ذلك أشدّ لكَلَبهم(١) عليك وطمعهم فيك . فأمّا ما ذكرت من مسير القوم إلي قتال المسلمين ، فإنّ الله سبحانه هو أكره لمسيرهم منك ، وهو أقدر علي تغيير ما يكره ! وأمّا ما ذكرت من عددهم ، فإنّا لم نكن نقاتل فيما مضي بالكثرة ، وإنّما كنّا نقاتل بالنصر والمعونة !(٢) ١٠٤٤ ـ الإمام علىّ ¼ ـ لعمر لمّا استشار الناس فى أن يسير فيمن معه لقتال الفرس ـ : إنّ هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه لكثرة ولا قلّة ; هو دينه الذى أظهرَ ، وجنده الذى أعزَّ وأيّده بالملائكة ، حتي بلغ ما بلغ ، فنحن علي موعود من الله ، والله منجزٌ وعده ، وناصرٌ جنده . ومكانك منهم مكان النظام من الخرز ; يجمعه ويمسكه ، فإن انحلّ تفرّق ما فيه وذهب ، ثمّ لم يجتمع بحذافيره أبداً . والعرب اليوم وإن كانوا قليلاً فهى كثير عزيز بالإسلام ; فأقِم ، واكتب إلي أهل الكوفة ـ فهم أعلام العرب ورؤساؤهم ـ ومن لم يَحفِل(٣) بمن هو أجمَعُ وأحَدُّ وأجَدُّ من هؤلاء : فليأتهم الثلثان وليُقِم الثلث ، واكتب إلي أهل البصرة أن يمدّوهم ببعض من عندهم(٤) . (١) كَلِبَ علي الشىء : إذا اشتدّ حِرْصُه علي طلب شىء (تاج العروس : ٢ / ٣٨١) . ٩١ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب / استنجاد عمر برأى الإمام / ج : الخروج بنفسه إلي غزو الفرس ١٠٤٥ ـ الإرشاد عن أبى بكر الهذلى : سمعت رجالاً من علمائنا يقولون : تكاتبت الأعاجم من أهل همذان وأهل الرىّ وأهل أصفهان وقُومس(١) ونهاوند(٢) ، وأرسل بعضهم إلي بعض أنّ ملِك العرب الذى جاء بدينهم وأخرج كتابهم قد هلك ـ يعنون النبىّ ½ ـ وأنّه ملَكَهم من بعده رجلٌ مُلكاً يسيراً ثمّ هلك ـ يعنون أبا بكر ـ وقام بعده آخر قد طال عمره حتي تناولكم فى بلادكم وأغزاكم جنوده ـ يعنون عمر بن الخطّاب ـ وإنّه غير منته عنكم حتي تُخرِجوا من فى بلادكم من جنوده ، وتَخرجوا إليه فتغزوه فى بلاده . فتعاقدوا علي هذا وتعاهدوا عليه . فلمّا انتهي الخبر إلي من بالكوفة من المسلمين أنهوه إلي عمر بن الخطّاب ، فلمّا انتهي إليه الخبر فزع عمر لذلك فزعاً شديداً ، ثمّ أتي مسجد رسول الله ½ فصعد المنبر ، فحمد الله وأثني عليه ، ثمّ قال : معاشر المهاجرين والأنصار ! إنّ الشيطان قد جمع لكم جموعاً ، وأقبل بها ليطفئ نور الله ، ألا إنّ أهل همذان وأهل أصفهان والرىّ وقومس ونهاوند مختلفة ألسنتها وألوانها وأديانها ، قد تعاهدوا وتعاقدوا أن يُخرجوا من بلادهم إخوانكم من المسلمين ، ويخرجوا إليكم فيغزوكم فى بلادكم ، فأشيروا علىّ وأوجِزوا ولا تُطنبوا فى القول ، فإنّ هذا يوم له ما بعده من الأيّام . فتكلّموا ، فقام طلحة بن عبيد الله ـ وكان من خطباء قريش ـ فحمد الله وأثني (١) قُومِس : تعريب كومس ، واسمها هذا اليوم "سمنان" ، وتقع وسط إيران فى الجنوب الشرقى من طهران ، وهى مركز محافظة سمنان . ٩٢ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب / استنجاد عمر برأى الإمام / ج : الخروج بنفسه إلي غزو الفرس عليه ، ثمّ قال : يا أمير المؤمنين ، قد حَنكتْك الاُمور ، وجَرَّستْك(١) الدهور ، وعَجمتْك(٢) البلايا ، وأحكمتك التجارب ، وأنت مبارك الأمر ، ميمون النَّقِيبة(٣) ، قد وليتَ فخَبَرت ، واختبرت وخُبِرت ، فلم تنكشف من عواقب قضاء الله إلاّ عن خيار ، فاحضر هذا الأمر برأيك ولا تغِب عنه ! ثمّ جلس . فقال عمر : تكلّموا . فقام عثمان بن عفّان ، فحمد الله وأثني عليه ، ثمّ قال : أمّا بعدُ يا أمير المؤمنين ، فإنّى أري أن تُشخِص أهل الشام من شامهم ، وأهل اليمن من يمنهم ، وتسير أنت فى أهل هذين الحرمين وأهل المصرين الكوفة والبصرة ، فتلقي جمع المشركين بجمع المؤمنين ، فإنّك يا أمير المؤمنين لا تستبقى من نفسك بعد العرب باقيةً ، ولا تُمتَّع من الدنيا بعزيز ، ولا تلوذ منها بحريز ، فاحضره برأيك ولا تغِب عنه ! ثمّ جلس . فقال عمر : تكلّموا . فقال أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ¼ : الحمد لله ـ حتي تمّ التحميد والثناء علي الله والصلاة علي رسول الله ½ ـ ثمّ قال : أمّا بعدُ ، فإنّك إن أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الروم إلي ذراريهم ، وإن أشخصت أهل اليمن من يمنهم سارت الحبشة إلي ذراريهم ، وإن أشخصت من بهذين الحرمين انتقضت العرب عليك من أطرافها وأكنافها ، حتي يكون ما تدع وراء ظهرك من عيالات العرب أهمّ إليك ممّا بين يديك . (١) أى حَنَكَتْك وأحْكَمتْك ، وجَعلتْك خبيراً بالاُمور مُجرّباً (النهاية : ١ / ٢٦١) . ٩٣ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب / استنجاد عمر برأى الإمام / د : تقسيم سواد الكوفة وأمّا ذكرك كثرة العجم ورهبتك من جموعهم ، فإنّا لم نكن نقاتل علي عهد رسول الله ½ بالكثرة ، وإنّما كنّا نقاتل بالنصر ! وأمّا ما بلغك من اجتماعهم علي المسير إلي المسلمين ، فإنّ الله لمسيرهم أكره منك لذلك ، وهو أولي بتغيير ما يكره ! وإنّ الأعاجم إذا نظروا إليك قالوا : هذا رجل العرب ، فإن قطعتموه فقد قطعتم العرب ، فكان أشدَّ لكَلَبهم ، وكنت قد ألَّبْتهم(١) علي نفسك ، وأمدّهم من لم يكن يمدّهم . ولكنّى أري أن تقرّ هؤلاء فى أمصارهم ، وتكتب إلي أهل البصرة فليتفرّقوا علي ثلاث فرق : فلتَقُم فرقة منهم علي ذراريهم حرساً لهم ، ولتَقُم فرقة فى أهل عهدهم لئلاّ ينتقضوا ، ولتَسِرْ فرقة منهم إلي إخوانهم مدداً لهم ! فقال عمر : أجل ، هذا الرأى ! وقد كنت اُحبّ أن اُتابع عليه . وجعل يكرّر قول أمير المؤمنين ¼ وينْسقه(٢) ; إعجاباً به واختياراً له(٣) . ١٠٤٦ ـ الفتوح : لمّا سمع عمر مقالة علىّ ـ كرّم الله وجهه ـ ومشورته [فى حرب الفرس] أقبل علي الناس وقال : وَيْحكم ! عجزتم كلّكم عن آخركم أن تقولوا كما قال أبو الحسن !(٤) ١٠٤٧ ـ تاريخ اليعقوبى: شاور عمر أصحاب رسول الله فى سواد الكوفة ، فقال له (١) التأليب : التحريض (لسان العرب : ١ / ٢١٦) . ٩٤ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب / استنجاد عمر برأى الإمام / ه : حَلْى الكعبة بعضهم : تقسمها بيننا ، فشاور عليّاً ، فقال : إن قسمتها اليوم لم يكن لمن يجىء بعدنا شىء ، ولكن تقرّها فى أيديهم يعملونها ، فتكون لنا ولمن بعدنا . فقال : وفّقك الله ، هذا الرأى !(١) هـ : حَلْى الكعبة ١٠٤٨ ـ نهج البلاغة : روى أنّه ذكر عند عمر بن الخطّاب فى أيّامه حَلْى الكعبة وكثرته ، فقال قوم : لو أخذتَه فجهّزت به جيوش المسلمين كان أعظم للأجر ، وما تصنع الكعبة بالحلى ! فهمَّ عمر بذلك ، وسأل عنه أمير المؤمنين ¼ ، فقال ¼ : إنّ هذا القرآن اُنزل علي النبىّ ½ والأموال أربعة : أموال المسلمين فقسَّمها بين الورثة فى الفرائض ، والفىء فقسّمه علي مستحقّيه ، والخمس فوضعه الله حيث وضعه ، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها . وكان حَلى الكعبة فيها يومئذ ، فتركه الله علي حاله ; ولم يتركه نسياناً ، ولم يَخفَ عليه مكاناً ، فأقِرّه حيث أقرّه الله ورسوله . فقال له عمر : لولاك لافتضحنا ! وترك الحلى بحاله(٢) . و: ما يجوز له صرفه من بيت المال ١٠٤٩ ـ تاريخ الطبرى عن ابن عمر : جمع الناسَ عمر بالمدينة حين انتهي إليه فتح القادسيّة ودمشق ، فقال : إنّى كنت امرأً تاجراً ، يغنى الله عيالى بتجارتى ، وقد شغلتمونى بأمركم ، فماذا ترون أنّه يحلّ لى من هذا المال ؟ فأكثر القومُ وعلىّ ¼ (١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٥١ وراجع فتوح البلدان : ٣٧١ والأموال : ٦٤ / ١٥١ وص ٦٥ / ١٥٣ . ٩٥ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب / استنجاد عمر برأى الإمام / و: ما يجوز له صرفه من بيت المال ساكت ، فقال : ما تقول يا علىّ ؟ فقال : ما أصلحك وأصلح عيالك بالمعروف ; ليس لك من هذا المال غيره . فقال القوم : القول قول ابن أبى طالب(١) . (١) تاريخ الطبرى : ٣ / ٦١٦ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ١٣٥ ، شرح نهج البلاغة : ١٢ / ٢٢٠ . إرجاعات ٣٤٢ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام عليّ / الفصل السادس : عليّ عن لسان أصحاب النبيّ / عُمَرُ بن الخَطَّاب ١٧ - المجلد الحادي عشر / القسم الثاني عشر : قضايا الإمام عليّ / الفصل الثالث : نماذج من قضاياه بعد النبيّ ٩٦ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثانى : عهد عمر بن الخطّاب / استنجاد عمر برأى الإمام / و: ما يجوز له صرفه من بيت المال ٩٧ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان
٣ / ١ ١٠٥٠ ـ الطبقات الكبري عن المِسْور بن مخرمة : كان عمر بن الخطّاب وهو صحيح يُسأل أن يستخلِف فيأبي ، فصعد يوماً المنبر فتكلّم بكلمات وقال : إن متُّ فأمركم إلي هؤلاء الستّة الذين فارقوا رسول الله ½ وهو عنهم راض : علىّ بن أبى طالب ، ونظيره الزبير بن العوّام ، وعبد الرحمن بن عوف ، ونظيره عثمان بن عفّان ، وطلحة بن عبيد الله ، ونظيره سعد بن مالك . ألا وإنّى اُوصيكم بتقوي الله فى الحكم ، والعدل فى القَسْم(١) . ١٠٥١ ـ الكامل فى التاريخ عن عمر بن الخطّاب ـ قبل الوفاة ـ : قد كنتُ أجمعت بعد مقالتى لكم أن أنظر فاُولّى رجلا أمرَكم ; هو أحْراكم أن يحملكم علي الحقّ ـ (١) الطبقات الكبري : ٣ / ٦١ ، كنز العمّال : ٥ / ٧٣٢ / ١٤٢٤٩ . ٩٨ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / وصيّة عمر بخصوص الخلافة وأشار إلي علىّ ـ فرهقتنى غشية ، فرأيتُ رجلا دخل جنّة ، فجعل يقطف كلّ غضّة ويانعة ، فيضمّه إليه ويصيِّره تحته ، فعلمتُ أنّ الله غالب علي أمره ومتوفٍّ عمر ، فما أردتُ أن أتحمّلها حيّاً وميّتاً . عليكم هؤلاء الرهط الذين قال رسول الله ½ : إنّهم من أهل الجنّة . وهم : علىّ ، وعثمان ، وعبد الرحمن ، وسعد ، والزبير بن العوّام ، وطلحة بن عبيد الله ; فليختاروا منهم رجلا ، فإذا ولّوا والياً فأحسِنوا مؤازرته وأعينوه . . . . وما أظنّ يلى إلاّ أحد هذين الرجلين : علىّ أو عثمان . فإن ولىَ عثمان فرجل فيه لِين ، وإن ولىَ علىّ ففيه دُعابة ، وأحري به أن يحملهم علي طريق الحقّ . . . . وقال لصهيب : صلِّ بالناس ثلاثة أيّام ، وأدخِل هؤلاء الرهط بيتاً ، وقم علي رؤوسهم ; فإن اجتمع خمسة وأبي واحد فاشدخ رأسه بالسيف ، وإن اتّفق أربعة وأبي اثنان فاضرب رأسيهما ، وإن رضى ثلاثة رجلا وثلاثة رجلا فحكَّموا عبد الله بن عمر ، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف ، واقتلوا الباقين إن رغبوا عمّا اجتمع فيه الناس(١) . ١٠٥٢ ـ تاريخ اليعقوبى : صيّر [عمر ]الأمر شُوري بين ستّة نفر من أصحاب رسول الله ½ : علىّ بن أبى طالب ، وعثمان بن عفّان ، وعبد الرحمن بن عوف ، والزبير بن العوّام ، وطلحة بن عبد الله(٢) ، وسعد بن أبى وقّاص . وقال : أخرجتُ سعيد بن زيد لقرابته منّى . (١) الكامل فى التاريخ : ٢ / ٢٢٠ ، تاريخ الطبرى : ٤ / ٢٢٨ ، تاريخ المدينة : ٣ / ٩٢٤ وفيه من "و ما أظنّ يلى . . ." ، العقد الفريد : ٣ / ٢٨٤ كلّها نحوه . ٩٩ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / رأى عمر فيمن رشّحهم للخلافة فقيل له فى ابنه عبد الله بن عمر ، قال : حسْب آل الخطّاب ما تحمّلوا منها ! إنّ عبد الله لم يحسن يُطلِّق امرأته ! وأمر صُهَيْباً أن يصلّى بالناس حتي يتراضوا من الستّة بواحد ، واستعمل أبا طلحة زيد بن سهل الأنصارى ، وقال : إن رضى أربعة وخالف اثنان ، فاضرب عنق الاثنين ، وإن رضى ثلاثة وخالف ثلاثة ، فاضرب أعناق الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن ، وإن جازت الثلاثة الأيام ولم يتراضوا بأحد ، فاضرب أعناقهم جميعاً(١) . ١٠٥٣ ـ صحيح البخارى عن عمرو بن ميمون : قالوا [لعمر بعد إصابته] : أوصِ يا أمير المؤمنين استَخلِفْ . قال : ما أجد أحداً أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر ـ أو الرهط ـ الذين توفّى رسول الله ½ وهو عنهم راض ، فسمّي عليّاً وعثمان والزبير وطلحة وسعداً وعبد الرحمن ، وقال : يشهدكم عبد الله بن عمر ، وليس له من الأمر شىء ـ كهيئة التعزية له ـ فإن أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك ، وإلاّ فليستعِن به أيّكم ما اُمِّر ، فإنّى لم أعزله عن عجز ولا خيانة(٢) . ٣ / ٢ ١٠٥٤ ـ تاريخ اليعقوبى : روى عن ابن عبّاس قال : طرقنى عمر بن الخطّاب بعد هدأة من الليل ، فقال : اخرج بنا نحرس نواحى المدينة . فخرج ، وعلي عنقه (١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٦٠ وراجع شرح نهج البلاغة : ١ / ١٨٧ . ١٠٠ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / رأى عمر فيمن رشّحهم للخلافة دِرَّته(١) حافياً حتي أتي بَقِيعَ الغَرْقَد(٢) ، فاستلقي علي ظهره ، وجعل يضرب أخمصَ(٣) قدميه بيده ، وتأوَّهَ صَعَداً (٤) . فقلت له : يا أمير المؤمنين ، ما أخرجك إلي هذا الأمر ؟ ! قال : أمر الله يابن عبّاس ! قال : [قلت :](٥) إن شئتَ أخبرتُك بما فى نفسك . قال : غُصْ غَوّاصُ(٦) ، إن كنت لتقول فتحسن ! قال : [قلت :]ذكرت هذا الأمر بعينه وإلي مَن تصيّره . قال : صدقت ! قال : فقلت له : أين أنت عن عبد الرحمن بن عوف ؟ فقال :ذاك رجل ممسك ، وهذا الأمر لا يصلح إلاّ لمُعط فى غير سرف ، ومانع فى غير إقتار . قال : فقلت : سعد بن أبى وقّاص ؟ قال : مؤمن ضعيف . (١) الدِّرَّة : دِرَّة السلطان التى يُضرب بها ، عربيّة معروفة (تاج العروس : ٦ / ٣٩٧) . ١٠١ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / رأى عمر فيمن رشّحهم للخلافة قال : فقلت : طلحة بن عبد الله(١) ؟ قال : ذاك رجل يناول للشرف والمديح ، يعطى ماله حتي يصل إلي مال غيره ، وفيه بَأْوٌ(٢) وكِبْرٌ . قال : فقلت : فالزبير بن العوّام ; فهو فارس الإسلام ؟ قال : ذاك يومٌ إنسان ويومٌ شيطان ، وعفّة نفس ، إن كان ليكادح علي المِكْيَلة من بُكرة إلي الظهر حتي يفوته الصلاة ! قال : فقلت : عثمان بن عفّان ؟ قال : إن ولىَ حمَل ابن أبى مُعَيط وبنى اُميّة علي رقاب الناس ، وأعطاهم مال الله ، ولئن ولىَ ليفعلنّ والله ، ولئن فعل لتسيرنّ العرب إليه حتي تقتله فى بيته ! ثمّ سكت . قال : فقال : امضها ، يابن عبّاس ، أ تري صاحبكم لها موضعاً ؟ قال : فقلت : وأين يتبعّد من ذلك مع فضله وسابقته وقرابته وعلمه ! قال : هو والله كما ذكرت ، ولو وليهم تحمَّلَهم علي منهج الطريق ; فأخذ المحجّة الواضحة ! إلاّ أنّ فيه خصالا : الدعابة فى المجلس ، واستبداد الرأى ، والتَّبْكِيت(٣) للناس مع حداثة السنّ . قال : قلت : يا أمير المؤمنين ، هلاّ استحدثتم سنّه يوم الخندق إذ خرج عمرو (١) كذا فى المصدر ، والصحيح "عبيد الله" . ١٠٢ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / رأى عمر فيمن رشّحهم للخلافة بن عبد ودّ ، وقد كُعِم(١) عنه الأبطال وتأخّرت عنه الأشياخ ! ويوم بدر إذ كان يَقُطّ(٢) الأقرانَ قطّاً ، ولا سبقتموه بالإسلام إذ كان جعلته السعب(٣) وقريش يستوفيكم ! فقال : إليك يابن عبّاس ! أ تريد أن تفعل بى كما فعل أبوك وعلىّ بأبى بكر يوم دخلا عليه ؟ ! قال : فكرهت أن اُغضبه فسكتُّ . فقال : والله ، يابن عبّاس ، إنّ عليّاً ابن عمّك لأحقّ الناس بها ! ولكنّ قريشاً لا تحتمله . ولئن وَلِيَهم ليأخذنّهم بمرّ الحقّ لا يجدون عنده رخصة ; ولئن فعل لينكُثُنّ بيعته ثمّ ليتحاربُنّ !(٤) ١٠٥٥ ـ شرح نهج البلاغة عن ابن عبّاس : كنت عند عمر ، فتنفّس نفَساً ظننت أنّ أضلاعه قد انفرجت ، فقلت : ما أخرج هذا النفَس منك يا أمير المؤمنين إلاّ همٌّ شديد ! قال : إى والله يابن عبّاس ! إنّى فكّرت فلم أدرِ فيمن أجعل هذا الأمر بعدى . ثمّ قال : لعلّك تري صاحبك لها أهلاً ! قلت : وما يمنعه من ذلك مع جهاده وسابقته وقرابته وعلمه ! (١) كَعَمَهُ الخوفُ فلا يَرجع : أى أمسَكَ فاهُ وسَدَّه عن الكلام ، وهو مجاز . وفى الأساس : كَعَمَهُ الخَوفُ فلا يَنْبسُ بكلمة (تاج العروس : ١٧ / ٦٢٣) . ١٠٣ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / رأى عمر فيمن رشّحهم للخلافة قال : صدقت ! ولكنّه امرؤ فيه دعابة . قلت : فأين أنت عن طلحة ؟ قال : ذو البأْو ، وبإصبعه المقطوعة ! قلت : فعبد الرحمن ؟ قال : رجلٌ ضعيف ; لو صار الأمر إليه لوضع خاتمه فى يد امرأته ! قلت : فالزبير ؟ قال : شَكِسٌ لَقِس(١) يلاطم فى النَّقِيع فى صاع من بُرّ ! قلت : فسعد بن أبى وقّاص ؟ قال : صاحب سلاح ومِقْنَب(٢) . قلت : فعثمان ؟ قال : أوِّه ! ـ ثلاثاً ـ والله ، لئن وليها ليَحملنّ بنى أبى مُعَيط علي رقاب الناس ، ثمّ لتنهض العرب إليه ! . . . . ثمّ أقبل علَىَّ بعد أن سكت هنيهةً ، وقال : أجرؤهم والله ، إن وليها ، أن يحملهم علي كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم ½ لصاحبك ! أما إن ولىَ أمرهم حملهم علي المحجّة البيضاء والصراط المستقيم !(٣) ١٠٥٦ ـ المصنّف عن عبد الرحمن القارى : إنّ عمر بن الخطّاب ورجلا من (١) الشَّكِس: السَّيِّئُ الخُلق . وقيل: هو السيّئُ الخُلق فى المبايعة وغيرها . واللَّقِس: الشَّرِهُ النفْس الحريصُ علي كلّ شىء ، والسيِّئُ الخُلق .(لسان العرب : ٦ / ١١٢ و٢٠٨) . ١٠٤ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / رأى عمر فيمن رشّحهم للخلافة الأنصار كانا جالسين . . . ثمّ قال عمر للأنصارى : من تري الناس يقولون يكون الخليفة بعدى ؟ فعدّد رجالا من المهاجرين ، ولم يُسمِّ عليّاً . فقال عمر : فما لهم من أبى الحسن ! فو الله إنّه لاَحْراهم ، إن كان عليهم ، أن يقيمهم علي طريقة من الحقّ !(١) ١٠٥٧ ـ الإمامة والسياسة عن عمر بن الخطّاب ـ فى قضيّة الشوري ـ : والله ، ما يمنعنى أن أستخلفك يا سعد إلاّ شدّتك وغلظتك ، مع أنّك رجلُ حرب ! وما يمنعنى منك يا عبد الرحمن إلاّ أنّك فرعون هذه الاُمّة ! وما يمنعنى منك يا زبير إلاّ أنّك مؤمن الرضي ، كافر الغضب ! وما يمنعنى من طلحة إلاّ نَخْوته(٢) وكِبْره ، ولو وليها وضع خاتمه فى إصبع امرأته ! وما يمنعنى منك يا عثمان إلاّ عصبيّتك وحبّك قومَك وأهلَك ! وما يمنعنى منك يا علىّ إلاّ حرصك عليها ! وإنّك أحري القوم ، إن وُلِّيتها ، أن تقيم علي الحقّ المبين ، والصراط المستقيم(٣) . ١٠٥٨ ـ الطبقات الكبري عن عمرو بن ميمون : شهدتُ عمر يوم طُعن . . . ثمّ قال : ادعوا لى عليّاً ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، (١) المصنّف لعبد الرزّاق : ٥ / ٤٤٦ / ٩٧٦١ ، الأدب المفرد : ١٧٦ / ٥٨٢ وراجع أنساب الأشراف : ٣ / ١٤ والعقد الفريد : ٣ / ٢٨٤ وتاريخ الطبرى : ٤ / ٢٢٨ والكامل فى التاريخ : ٢ / ٢٢٠ . ١٠٥ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / ما جري فى الشورى وسعداً ; فلم يكلّم أحداً منهم غير علىّ وعثمان . فقال : يا علىّ ، لعلّ هؤلاء القوم يعرفون لك قرابتك من النبىّ ½ ، وصهرك ، وما آتاك الله من الفقه والعلم ، فإن وليتَ هذا الأمر فاتّقِ الله فيه ! ثمّ دعا عثمان فقال : يا عثمان ، لعلّ هؤلاء القوم يعرفون لك صهرك من رسول الله ½ وسنّك وشرفك ، فإن وليتَ هذا الأمر فاتّقِ الله ، ولا تَحملنّ بنى أبى مُعَيط علي رقاب الناس ! ثمّ قال : ادعوا لى صُهيباً ، فدُعى ، فقال : صلِّ بالناس ثلاثاً ، وليَخْلُ هؤلاء القوم فى بيت ، فإذا اجتمعوا علي رجل ، فمن خالفهم فاضربوا رأسه . فلمّا خرجوا من عند عمر ، قال عمر : لو ولَّوها الأجْلَح(١) سلك بهم الطريق ! فقال له ابن عمر : فما يمنعك يا أمير المؤمنين ؟ قال : أكره أن أتحمّلها حيّاً وميّتاً(٢) . ٣ / ٣ ١٠٥٩ ـ صحيح البخارى عن عمرو بن ميمون : لمّا فُرغ من دفنه [أى عمر] اجتمع هؤلاء الرهط ، فقال عبد الرحمن : اجعلوا أمركم إلي ثلاثة منكم . فقال الزبير : قد جعلتُ أمرى إلي علىّ ، فقال طلحة : قد جعلت أمرى إلي عثمان ، وقال سعد : قد جعلت أمرى إلي عبد الرحمن بن عوف . (١) هو الذى انحَسَر الشَّعَر عن جانبَىْ رأسه (النهاية : ١ / ٢٨٤) . ١٠٦ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / ما جري فى الشورى فقال عبد الرحمن : أيّكما تبرّأ من هذا الأمر فنجعله إليه واللهُ عليه والإسلام لينظرنّ أفضلهم فى نفسه ؟ فاُسكِت الشيخان . فقال عبد الرحمن : أ فتجعلونه إلىّ واللهُ علىَّ ألاّ آلوَ عن أفضلكم ؟ قالا : نعم . فأخذ بيد أحدهما فقال : لك قرابة من رسول الله ½ والقِدَم فى الإسلام ما قد علمتَ ، فالله عليك لئن أمّرتُك لتعدلنّ ، ولئن أمّرتُ عثمان لتسمعنّ ولتُطيعنّ . ثمّ خلا بالآخر فقال له مثل ذلك . فلمّا أخذ الميثاق قال : ارفعْ يدك يا عثمان ، فبايَعَه ، فبايع له علىّ ، وولج أهل الدار فبايعوه(١) . ١٠٦٠ ـ تاريخ الطبرى : خرج عبد الرحمن بن عوف وعليه عمامته التى عمّمه بها رسول الله ½ ، متقلّداً سيفه ، حتي ركب المنبر ، فوقف وقوفاً طويلا ، ثمّ دعا بما لم يسمعه الناس ، ثمّ تكلّم فقال : أيّها الناس ! إنّى قد سألتكم سرّاً وجهراً عن إمامكم فلم أجدكم تَعدِلون بأحد هذين الرجلين : إمّا علىّ وإمّا عثمان ، فقم إلىّ يا علىّ ! فقام إليه علىّ فوقف تحت المنبر ، فأخذ عبد الرحمن بيده فقال : هل أنت مبايعى علي كتاب الله وسنّة نبيّه وفِعل أبى بكر وعمر ؟ قال : اللهمّ لا ، ولكن علي جَهدى من ذلك وطاقتى . فأرسَل يدَه . ثمّ نادي فقال : قم إلىّ يا عثمان ! فأخذ بيده ـ وهو فى موقف علىّ الذى كان فيه ـ فقال : هل أنت مبايعى علي كتاب الله وسنّة نبيّه وفِعل أبى بكر وعمر ؟ قال : اللهمّ نعم . ١٠٧ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / ما جري فى الشورى فرفع رأسه إلي سقف المسجد ويده فى يد عثمان ، ثمّ قال : اللهمّ اسمع واشهد ! اللهمّ إنّى قد جعلت ما فى رقَبتى من ذاك فى رقَبة عثمان . وازدحم الناس يُبايعون عثمان حتي غَشُوه عند المنبر ، فقعد عبد الرحمن مَقعد النبىّ ½ من المنبر ، وأقعد عثمان علي الدرجة الثانية ، فجعل الناس يبايعونه ، وتلكّأ علىٌّ ، فقال عبد الرحمن : ³ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ² (١) . فرجع علىٌّ يشقّ الناس حتي بايع وهو يقول : خدعةٌ وأيّما خدعة ! !(٢) ١٠٦١ ـ الكامل فى التاريخ : لمّا دُفن عمر ، جمع المقداد أهل الشوري . . . فقال عبد الرحمن : أيّكم يُخرِج منها نفسَه ويتقلّدها علي أن يُولِّيها أفضلكم ؟ فلم يُجِبه أحد . فقال : فأنا أنخلع منها ، فقال عثمان : أنا أوّل مَن رضى ، فقال القوم : قد رضينا ، وعلىّ ساكت . فقال : ما تقول يا أبا الحسن ؟ قال : أعطنى موثقاً لتؤثرنّ الحقّ ، ولا تتّبع الهوي ، ولا تخصّ ذا رحم ، ولا تألو الاُمّة نُصحاً . فقال : أعطونى مواثيقكم علي أن تكونوا معى علي من بدَّل وغيَّر ، وأن ترضوا من اخترت لكم ; وعلىَّ ميثاق الله ألاّ أخصّ ذا رحم لرحمه ، ولا آلو المسلمين . فأخذ منهم ميثاقاً ، وأعطاهم مثله . . . . (١) الفتح : ١٠ . ١٠٨ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / ما جري فى الشورى ودارَ عبد الرحمن لياليه يلقي أصحابَ رسول الله ½ ومن وافي المدينة من اُمراء الأجناد وأشراف الناس يشاورهم ، حتي إذا كان الليلة التى صبيحتها تستكمل الأجل أتي منزل المِسْوَر بن مَخْرَمة فأيقظه ، وقال له : لم أذق فى هذه الليلة كبيرَ غُمْض(١) ! انطلِق فادْعُ الزبير وسعداً . فدعاهما ، فبدأ بالزبير فقال له : خَلِّ بنى عبد مناف وهذا الأمر . قال : نصيبى لعلىّ . وقال لسعد : اجعلْ نصيبك لى . فقال : إن اخترتَ نفسك فنعم ، وإن اخترتَ عثمان فعلىٌّ أحبّ إلىّ . . . . فلمّا صلّوا الصبح جمع الرهط ، وبعث إلي من حضره من المهاجرين وأهل السابقة والفضل من الأنصار وإلي اُمراء الأجناد ، فاجتمعوا حتي التجّ(٢) المسجد بأهله ، فقال : أيّها الناس ! إنّ الناس قد أجمعوا أن يرجع أهل الأمصار إلي أمصارهم ، فأشيروا علىَّ . فقال عمّار : إن أردت ألاّ يختلف المسلمون فبايع عليّاً . فقال المقداد بن الأسود : صدق عمّار ! إن بايعتَ عليّاً قلنا : سمعنا وأطعنا . قال ابن أبى سَرْح : إن أردتَ ألاّ تختلف قريش فبايع عثمان . فقال عبد الله بن أبى ربيعة : صدق !(٣) إن بايعتَ عثمان قلنا : سمعنا وأطعنا . فشتم(٤) عمّارٌ ابنَ أبى سَرْح وقال : متي كنتَ تنصح المسلمين ! ! فتكلّم بنو هاشم وبنو اُميّة ، فقال عمّار : أيّها الناس ! إنّ الله أكرمنا بنبيّه وأعزّنا بدينه ، فأنّي تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم ؟ ! فقال رجل من بنى (١) ما ذُقْتُ غُمْضاً : أى ما ذُقْتُ نَوماً (لسان العرب : ٧ / ١٩٩) . ١٠٩ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / ما جري فى الشورى مخزوم : لقد عدوتَ طورَك يابن سميّة ! وما أنت وتأمير قريش لأنفسها ! ! فقال سعد بن أبى وقّاص : يا عبد الرحمن ، افرغ قبل أن يفتتن الناس . فقال عبد الرحمن : إنّى قد نظرتُ وشاورتُ ، فلا تجعلُنّ ـ أيّها الرهط ـ علي أنفسكم سبيلا . ودعا عليّاً وقال : عليك عهد الله وميثاقه لتعملنّ بكتاب الله وسنّة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده . قال : أرجو أن أفعل ; فأعمل بمبلغ علمى وطاقتى . ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعلىّ ، فقال : نعم نعمل . فرفع رأسه إلي سقف المسجد ويده فى يد عثمان فقال : اللهمّ اسمع واشهد ! اللهمّ إنّى قد جعلت ما فى رقبتى من ذلك فى رقبة عثمان . فبايَعَه . فقال علىٌّ : ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا ! ³ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ² (١) ، والله ما ولّيتَ عثمان إلاّ ليردّ الأمر إليك ! ! والله كلّ يوم فى شأن . فقال عبد الرحمن : يا علىّ ، لا تجعل علي نفسك حجّة وسبيلا . فخرج علىّ وهو يقول : سيبلغ الكتاب أجله ! فقال المقداد : يا عبد الرحمن ، أما والله لقد تركتَه وإنّه من الذين يقضون بالحقّ وبه يعدلون ! فقال : يا مقداد ، والله لقد اجتهدتُ للمسلمين . قال : إن كنتَ أردتَ الله فأثابك الله ثواب المحسنين . (١) يوسف : ١٨ . ١١٠ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / ما جري فى الشورى فقال المقداد : ما رأيتُ مثل ما أتي إلي أهل هذا البيت بعد نبيّهم ! إنّى لأعجب من قريش أنّهم تركوا رجلا ما أقول ولا أعلم أنّ رجلا أقضي بالعدل ولا أعلم منه ! ! أما والله لو أجد أعواناً عليه ! فقال عبد الرحمن : يا مقداد ، اتّقِ الله ! فإنّى خائفٌ عليك الفتنة . فقال رجل للمقداد : رحمك الله ! مَن أهل هذا البيت ؟ ومن هذا الرجل ؟ قال : أهل البيت بنو عبد المطّلب ، والرجل علىّ بن أبى طالب . فقال علىّ : إنّ الناس ينظرون إلي قريش ، وقريش تنظر بينها فتقول : إن ولى عليكم بنو هاشم لم تخرج منهم أبداً ، وما كانت فى غيرهم تداولتموها بينكم(١) . ١٠٦٢ ـ تاريخ اليعقوبى : كان عبد الرحمن بن عوف الزهرى ـ لمّا توفّى عمر واجتمعوا للشوري ـ سألهم أن يُخرِج نفسَه منها علي أن يختار منهم رجلا ، ففعلوا ذلك ، فأقام ثلاثة أيّام ، وخلا بعلىّ بن أبى طالب ، فقال : لنا الله عليك ، إن وُلِّيت هذا الأمر ، أن تسير فينا بكتاب الله وسنّة نبيّه وسيرة أبى بكر وعمر . فقال : أسير فيكم بكتاب الله وسنّة نبيّه ما استطعت . فخلا بعثمان فقال له : لنا الله عليك ، إن وُلِّيت هذا الأمر ، أن تسير فينا بكتاب الله وسنّة نبيّه وسيرة أبى بكر وعمر . فقال : لكم أن أسير فيكم بكتاب الله وسنّة نبيّه وسيرة أبى بكر وعمر . ثمّ خلا بعلىّ فقال له مثل مقالته الاُولي ، فأجابه مثل الجواب الأوّل ; ثمّ خلا ١١١ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / ما جري فى الشورى بعثمان فقال له مثل المقالة الاُولي ، فأجابه مثل ما كان أجابه ، ثمّ خلا بعلىّ فقال له مثل المقالة الاُولي ، فقال : إنّ كتاب الله وسنّة نبيّه لا يحتاج معهما إلي إجِّيرَي(١) أحد ! أنت مجتهد أن تزوى هذا الأمر عنّى ! ! فخلا بعثمان فأعاد عليه القول ، فأجابه بذلك الجواب ، وصفق علي يده(٢) . ١٠٦٣ ـ الأمالى للطوسى عن محمّد بن عمرو بن حزم : إنّ القوم حين اجتمعوا للشوري فقالوا فيها ، وناجي عبد الرحمن رجل(٣) منهم علي حدة ، ثمّ قال لعلىّ ¼ : عليك عهد الله وميثاقه ، لئن وُلّيت لتعملنّ بكتاب الله وسُنّة نبيّه وسيرة أبى بكر وعمر . فقال علىّ ¼ : علىَّ عهد الله وميثاقه ، لئن وُلّيت أمركم لأعملنّ بكتاب الله وسُنّة رسوله . فقال عبد الرحمن لعثمان كقوله لعلىّ ¼ فأجابه : أن نعم . فردّ عليهما القول ثلاثاً ، كلّ ذلك يقول علىّ ¼ كقوله ، ويجيبه عثمان : أن نعم ، فبايع عثمانَ عبدُ الرحمن عند ذلك(٤) . ١٠٦٤ ـ مسند ابن حنبل عن أبى وائل : قلت لعبد الرحمن بن عوف : كيف بايعتم عثمان وتركتم عليّاً ¢ ؟ قال : ما ذنبى ؟ قد بدأت بعلىّ فقلتُ : اُبايعك علي كتاب (١) الإجِّيرَي : العادَة (تاج العروس : ٦ / ١٣) والمراد هنا : الطريقة . ١١٢ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / ما جري فى الشورى الله وسنّة رسوله ، وسيرة أبى بكر وعمر . فقال : فيما استطعتُ . ثمَّ عرضتها علي عثمان فقبلها(١) . ١٠٦٥ ـ الأمالى للطوسى عن أبى ذرّ : إنّ عليّاً ¼ وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبى وقّاص ، أمرهم عمر بن الخطّاب أن يدخلوا بيتاً ويغلقوا عليهم بابه ويتشاوروا فى أمرهم ، وأجّلهم ثلاثة أيّام ، فإن توافق خمسة علي قول واحد وأبي رجلٌ منهم ، قُتِلَ ذلك الرجل ، وإن توافق أربعة وأبي اثنان ، قُتِلَ الاثنان ، فلمّا توافقوا جميعاً علي رأى واحد ، قال لهم علىّ بن أبى طالب ¼ : إنّى اُحبُّ أن تسمعوا منّى ما أقول ، فإن يكن حقّاً فاقبلوه ، وإن يكن باطلا فأنكروه . قالوا : قل . . . . فما زال يُناشدهم ، ويُذكّرهم ما أكرمه الله تعالي ، وأنعم عليه به ، حتي قام قائم الظهيرة ودنت الصلاة ، ثمّ أقبل عليهم فقال : أمّا إذا أقررتم علي أنفسكم ، وبان ١١٣ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / ما جري فى الشورى لكم من سببى الذى ذكرت ، فعليكم بتقوي الله وحده ، وأنهاكم عن سخط الله ، فلا تعرضوا ولا تضيّعوا أمرى ، وردّوا الحقّ إلي أهله ، واتّبعوا سنّة نبيّكم ½ وسنّتى من بعده ، فإنّكم إن خالفتمونى خالفتم نبيّكم ½ ، فقد سمع ذلك منه جميعكم ، وسلّموها إلي من هو لها أهل وهى له أهل ، أما والله ما أنا بالراغب فى دنياكم ، ولا قلت ما قلت لكم افتخاراً ولا تزكية لنفسى ، ولكن حدّثتُ بنعمة ربِّى ، وأخذتُ عليكم بالحُجّة . ثمَّ نهض إلي الصلاة . فتآمر القوم فيما بينهم وتشاوروا ، فقالوا : قد فضّل الله علىّ بن أبى طالب بما ذكر لكم ، ولكنّه رجلٌ لا يفضّل أحداً علي أحد ، ويجعلكم ومواليكم سواء ، وإن ولّيتموه إيّاها ساوي بين أسودكم وأبيضكم ، ولو وضع السيف علي أعناقكم ، لكن ولّوها عثمان ، فهو أقدمكم مَيلا ، وألينكم عريكة(١) ، وأجدر أن يتبع مسرّتكم ، والله غفور رحيم(٢) . ١٠٦٦ ـ تاريخ دمشق عن المنهال بن عمرو وعباد بن عبد الله الأسدى وعمرو بن واثلة : قال علىّ بن أبى طالب يوم الشوري : والله لأحتجّنّ عليهم بما لا يستطيع قرشيهم ولا عربيهم ولا عجميهم ردّه ، ولا يقول خلافه . ثمّ قال لعثمان بن عفان ولعبد الرحمن بن عوف والزبير ولطلحة وسعد ، وهم أصحاب الشوري وكلّهم من قريش ، وقد كان قدم طلحة : أنشدكم بالله الذى لا إله إلاّ هو ، أ فيكم أحد وحّد اللهَ قبلى ؟ (١) العَرِيكة : الطبيعة ، يقال : فلان ليّن العريكة ; إذا كان مُطاوِعاً مُنقاداً قليل الخلاف والنفور (النهاية : ٣ / ٢٢٢) . ١١٤ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / ما جري فى الشورى قالوا : اللهمّ لا . قال : أنشدكم بالله ، هل فيكم أحد صلّي لله قبلى وصلّي القبلتين ؟ قالوا : اللهمّ لا . قال : أنشدكم بالله ، أ فيكم أحد أخو رسول الله ½ غيرى ; إذ آخي بين المؤمنين ، فآخي بينى وبين نفسه ، وجعلنى منه بمنزلة هارون من موسي إلاّ أنّى لست بنبىّ ؟ قالوا : لا . قال : أنشدكم بالله ، أ فيكم مطهّر غيرى إذ سدّ رسول الله ½ أبوابكم وفتح بابى ، وكنت معه فى مساكنه ومسجده ، فقام إليه عمّه فقال : يا رسول الله غلقت أبوابنا وفتحت باب علىّ ؟ قال : "نعم ، الله أمر بفتح بابه وسدّ أبوابكم"؟ قالوا : اللهمّ لا . قال : نشدتكم بالله ، أ فيكم أحد أحبّ إلي الله وإلي رسوله منّى ; إذ دفع الراية إلىّ يوم خيبر ، فقال : لاُعطينّ الراية إلي من يحبّ اللهَ ورسولَه ويحبّه اللهُ ورسولُه ، ويوم الطائر إذ يقول : اللهمّ ائتنى بأحبّ خلقك إليك يأكل معى ، فجئت ، فقال : اللهمّ وإلي رسولك ، اللهمّ وإلي رسولك ، غيرى ؟ قالوا : اللهمّ لا . قال : نشدتكم بالله ، أ فيكم أحد قدّم بين يدى نجواه صدقة غيرى حتي رفع الله ذلك الحكم ؟ قالوا : اللهمّ لا . قال : نشدتكم بالله ، أ فيكم من قتل مشركى قريش والعرب فى الله وفى رسوله ١١٥ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / ما جري فى الشورى غيرى ؟ قالوا : اللهمّ لا . قال : نشدتكم بالله أ فيكم أحد دعا رسول الله ½ له فى العلم ، وأن يكون اُذنه الواعية مثل ما دعا لى ؟ قالوا : اللهمّ لا . قال : نشدتكم بالله ، هل فيكم أحد أقرب إلي رسول الله ½ فى الرحم ، ومن جعله رسول الله ½ نفسه ، وأبناه أبناءه ، ونساءه نساءه غيرى ؟ قالوا : اللهمّ لا . قال : نشدتكم بالله ، أ فيكم أحد كان يأخذ الخمس مع النبىّ ½ قبل أن يؤمن أحد من قرابته غيرى وغير فاطمة ؟ قالوا : اللهمّ لا . قال : نشدتكم بالله ، أ فيكم اليوم أحد له زوجة مثل زوجتى فاطمة بنت رسول الله ½ سيّدة نساء عالمها ؟ قالوا : اللهمّ لا . قال : نشدتكم بالله ، هل فيكم أحد له ابنان مثل ابنىّ الحسن والحسين سيّدى شباب أهل الجنّة ما خلا النبيّين غيرى ؟ قالوا : اللهمّ لا . قال : نشدتكم بالله ، أ فيكم أحد له أخ كأخى جعفر الطيّار فى الجنّة ، المزيّن بالجناحين مع الملائكة ، غيرى ؟ قالوا : اللهمّ لا . ١١٦ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / ما جري فى الشورى قال : نشدتكم بالله ، أ فيكم أحد له عمّ مثل عمّى أسد الله وأسد رسوله سيّد الشهداء حمزة غيرى ؟ قالوا : اللهمّ لا . قال : نشدتكم بالله ، أ فيكم أحد ولى غمض رسول الله ½ مع الملائكة غيرى ؟ قالوا : اللهمّ لا . قال : نشدتكم بالله ، أ فيكم أحد ولى غسل النبىّ ½ مع الملائكة يقلّبونه لى كيف أشاء غيرى ؟ قالوا : اللهمّ لا . قال : نشدتكم بالله ، أ فيكم أحد كان آخر عهده برسول الله ½ حتي وضعه فى حفرته غيرى ؟ قالوا : اللهمّ لا . قال : نشدتكم بالله ، أ فيكم أحد قضي عن رسول الله ½ بعده ديونه ومواعيده غيرى ؟ قالوا : اللهمّ لا . قال : وقد قال الله عزّ وجلّ : ³ وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِين ² (١) (٢) . ١٠٦٧ ـ شرح نهج البلاغة ـ فى ذكر أحداث البيعة يوم الدار ـ : صفَق [عبد الرحمن ]علي يد عثمان وقال : والله ، ما فعلتَها إلاّ لأنّك رجوتَ منه مارجا (١) الأنبياء : ١١١ . ١١٧ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / ما جري فى الشورى صاحبُكما من صاحبه ، دقّ الله بينكما عِطْرَ مَنْشِم(١) . قيل : ففسد بعد ذلك بين عثمان وعبد الرحمن ، فلم يكلّم أحدُهما صاحبَه حتّي مات عبد الرحمن(٢) . ١٠٦٨ ـ الإمام علىّ ¼ : يابن عوف ! كيف رأيت صنيعك مع عثمان ؟ ربّ واثق خجل ، ومن لم يتوخّ بعمله وجه الله عاد مادحه من الناس له ذامّاً(٣) . ١٠٦٩ ـ شرح نهج البلاغة : لمّا بني عثمان قصره طَمار بالزوراء(٤) ، وصنع طعاماً كثيراً ، ودعا الناس إليه ، كان فيهم عبد الرحمن ، فلمّا نظر للبناء والطعام قال : يابن عفان ، لقد صدّقنا عليك ما كنّا نكذّب فيك ، وإنّى أستعيذ بالله من بيعتك . فغضب عثمان ، وقال : أخرجه عنّى يا غلام ، فأخرجوه ، وأمر الناس ألاّ يجالسوه ، فلم يكن يأتيه أحد إلاّ ابنُ عبّاس ، كان يأتيه فيتعلّم منه القرآن والفرائض . ومرض عبد الرحمن فعاده عثمان وكلّمه فلم يكلّمه حتي مات(٥) . ١٠٧٠ ـ تاريخ اليعقوبى : إنّ عثمان اعتلّ علّةً اشتدّت به ، فدعا حمران بن أبان ، وكتب عهداً لمن بعده ، وترك موضع الاسم ، ثمّ كتب بيده : عبد الرحمن بن عوف ، وربطه وبعث به إلي اُمّ حبيبة بنت أبى سفيان ، فقرأه حمران فى الطريق ، فأتي (١) قال الأصمعى : مَنشِم ـ بكسر الشين ـ : اسم امرأة كانت بمكّة عطّارة ، وكانت خزاعة وجُرهم إذا أرادوا القتال تطيّبوا من طيبها ، وكانوا إذا فعلوا ذلك كثرت القتلي فيما بينهم . فكان يقال : "أشأم من عطر منشم" ، فصار مثلا (الصحاح : ٥ / ٢٠٤١) . ١١٨ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / معلوميّة نتيجة الشوري قبل المشورة عبدَ الرحمن فأخبره . فقال عبد الرحمن ، وغضب غضباً شديداً : أستعمله علانيةً ، ويستعملنى سرّاً . ونمي الخبر وانتشر بذلك فى المدينة ، وغضب بنو اُميّة ، فدعا عثمان بحمران مولاه ، فضربه مائة سوط ، وسيّره إلي البصرة ، فكان سبب العداوة بينه وبين عبد الرحمن بن عوف(١) . ٣ / ٤ معلوميّة نتيجة الشوري قبل المشورة ١٠٧١ ـ تاريخ الطبرى : قال علىّ لقوم كانوا معه من بنى هاشم : إن اُطيع فيكم قومكم لم تؤمّروا أبداً . وتلقّاه العبّاس فقال : عُدِلَتْ عنّا ! فقال : وما علمك ؟ قال : قُرن بى عثمان ، وقال : كونوا مع الأكثر ، فإن رضى رجلان رجلا ، ورجلان رجلا ، فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف ، فسعدٌ لا يخالف ابن عمّه عبد الرحمن ، وعبد الرحمن صهر عثمان ; لا يختلفون ، فيولّيها عبدُ الرحمن عثمانَ أو يولّيها عثمانُ عبدَ الرحمن ، فلو كان الآخران معى لم ينفعانى(٢) . ١٠٧٢ ـ الإرشاد عن أبى صادق : لمّا جعلها عمر شوري فى ستّة ، وقال : إن بايع اثنان لواحد ، واثنان لواحد ، فكونوا مع الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن ، واقتلوا الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن ; خرج أمير المؤمنين ¼ من الدار وهو (١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٦٩ . ١١٩ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / معلوميّة نتيجة الشوري قبل المشورة مُعتمِدٌ علي يد عبد الله بن العبّاس فقال له : يابن عبّاس ! إنّ القوم قد عادَوْكم بعد نبيّكم كمعاداتهم لنبيّكم ½ فى حياته ، أمَ واللهِ ، لا ينيبُ بهم إلي الحقّ إلاّ السيف . فقال له ابن عبّاس : وكيف ذاك ؟ قال : أَ ما سمعتَ قول عمر : إن بايع اثنان لواحد ، واثنان لواحد ، فكونوا مع الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن ، واقتلوا الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن ؟ قال ابن عبّاس : بلي . قال : أ فلا تعلم أنّ عبد الرحمن ابنُ عمّ سعد ، وأنّ عثمان صهرُ عبد الرحمن ؟ قال : بلي . قال : فإنّ عمر قد علم أنّ سعداً وعبد الرحمن وعثمان لا يختلفون فى الرأى ، وأنّه من بويع منهم كان الاثنان معه ، فأمر بقتل من خالفهم ، ولم يُبالِ أن يَقتُل طلحةَ إذا قتلنى وقتل الزبير . أمَ واللهِ ، لئن عاش عمر لاُعرِّفنّه سوء رأيه فينا قديماً وحديثاً ، ولئن مات لَيَجمَعنّى وإيّاه يومٌ يكون فيه فصلُ الخطاب(١) . ١٠٧٣ ـ شرح نهج البلاغة عن القطب الراوندى : إنّ عمر لمّا قال : كونوا مع الثلاثة التى عبد الرحمن فيها ، قال ابن عبّاس لعلىّ ¼ : ذهب الأمر منّا ، الرجُل يُريد أن يكون الأمر فى عثمان . فقال علىّ ¼ : وأنا أعلم ذلك ، ولكنّى أدخل معهم فى الشوري ; لأنّ عمر قد أهّلَنى الآن للخلافة ، وكان قبل ذلك يقول : إنّ رسول الله ½ قال : إنّ النبوّة والإمامة لا يجتمعان فى بيت ، فأنا أدخل فى ذلك لاُظهِر للناس مناقضة فعله ١٢٠ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / موقف الإمام من قرار الشورى لروايته(١) . ١٠٧٤ ـ تاريخ الطبرى : قال العبّاس لعلىّ : لا تدخل معهم ، قال : أكره الخلاف ، قال : إذاً تري ما تكره(٢) . ٣ / ٥ ١٠٧٥ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من كلام له لمّا عزموا علي بيعة عثمان ـ : لقد علمتم أنّى أحقّ الناس بها من غيرى ، وو اللهِ لأسلِمَنّ ما سلمت اُمور المسلمين ، ولم يكن فيها جور إلاّ علىَّ خاصّة ; التماساً لأجر ذلك وفضله ، وزهداً فيما تنافستموه من زُخرُفه وزِبرِجه(٣) . ١٠٧٦ ـ عنه ¼ ـ فى عمر وجعله الخلافة فى ستّة أشخاص ـ : حتي إذا مضي لسبيله جعلها فى جماعة زعم أنّى أحدهم ، فيا لله ولِلشوري ! متي اعترض الريب فىَّ مع الأوّل منهم ، حتي صرتُ اُقرن إلي هذه النظائر !!(٤) ١٠٧٧ ـ تاريخ الطبرى عن المِسوَر بن مخرمة عن الإمام علىّ ¼ ـ فى خطبته فى قضيّة الشوري ـ : الحمد لله الذى بعث محمّداً منّا نبيّاً ، وبعثه إلينا رسولا ، فنحن (١) شرح نهج البلاغة : ١ / ١٨٩ . ١٢١ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / موقف الإمام من قرار الشورى بيت النبوّة ، ومعدن الحكمة ، وأمان أهل الأرض ، ونجاة لمن طلب ، لنا حقّ إن نُعطَه نأخذه ، وإن نُمنَعه نركب أعجاز الإبل ولو طال السُّري(١) ; لو عهد إلينا رسول الله ½ عهداً لأنفذنا عهده ، ولو قال لنا قولا لجادلنا عليه حتي نموت . لن يسرع أحد قبلى إلي دعوة حقّ وصلة رحم ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله ، اسمعوا كلامى ، وعوا منطقى ، عسي أن تروا هذا الأمر من بعد هذا المجمع تُنتضَي فيه السيوف ، وتُخان فيه العهود ; حتي تكونوا جماعة ، ويكون بعضكم أئمّةً لأهل الضلالة ، وشيعةً لأهل الجهالة ، ثمّ أنشأ يقول :
١٠٧٨ ـ الإمام علىّ ¼ : لنا حقٌّ ، فإنْ اُعطيناه ، وإلاّ ركبنا أعجاز الإبل ، وإن طال السُّرَي(٣) . (١) قال الشريف الرضى : وهذا من لطيف الكلام وفصيحه ، ومعناه : أنّا إن لم نعطَ حقّنا كُنّا أذلاّء . وذلك أنّ الرديف يركب عجُزَ البعير كالعبد والأسير ومن يجرى مجراهما (نهج البلاغة : ذيل الحكمة ٢٢) . وقال ابن الأثير فى النهاية : منه حديث علىّ : "لنا حقٌّ إن نُعطَهُ نأخذه ، وإن نُمنَعه نركب أعجاز الإبل وإن طال السُّرَي" ، الرُّكوب علي أعجاز الإبل شاقٌّ : أى إن مُنعنا حقّنا ركبنا مركب المشقّة صابرين عليها وإن طال الأمد . وقيل : ضَرَب أعجاز الإبل مثلا لتأخُّره عن حَقِّه الذى كان يراه له وتقدُّم غيره عليه ، وأنّه يَصبِر علي ذلك وإن طال أمَدُه : أى إن قُدِّمنا للإمامة تَقدّمنا ، وإن اُخِّرنا صَبرنا علي الاُثرَة وإن طالت الأيّام (النهاية : ٣ / ١٨٥) . ١٢٢ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / موقف الإمام من قرار الشورى ١٠٧٩ ـ الإرشاد عن جُندب بن عبد الله : دخلتُ علي علىِّ بن أبى طالب بالمدينة بعد بيعة الناس لعثمان فوجدته مُطرِقاً كئيباً ، فقلتُ له : ما أصاب قومك ؟ ! قال : صبرٌ جميلٌ . فقلتُ له : سبحانَ الله ! واللهِ إنّك لصبورٌ . قال : فأصنعُ ماذا ؟ ! فقلت : تقومُ فى الناس ، وتدعوهم إلي نفسك ، وتخبرهم أنّك أولي بالنبىّ ½ بالفضل والسابقة ، وتسألُهم النصرَ علي هؤلاء المتمالئين عليك(١) ، فإن أجابك عشرةٌ من مائة شَدَدْتَ بالعشرة علي المائة ، فإن دانوا لك كان ذلك علي ما أحببْتَ ، وإن أبوا قاتلتَهُم ، فإن ظهرتَ عليهم فهو سلطان الله الذى آتاهُ نبيّهُ ¼ وكنتَ أولي به منهم ، وإن قُتلتَ فى طلبه قُتلتَ شهيداً ، وكنت أولي بالعذر عند الله ، وأحقَّ بميراث رسول الله ½ . فقال : أ تراهُ ـ يا جُندبُ ـ يُبايعُنى عشرةٌ من مائة ؟ ! قلت : أرجو ذلك . قال : لكنّنى لا أرجو ولا من كلِّ مائة اثنين ، وساُخبرك من أين ذلك ، إنّما ينظر الناس إلي قريش ، وإنّ قريشاً تقول : إنّ آل محمّد يرونَ لهم فضلا علي سائر الناس ، وإنّهم أولياء الأمر دون قريش ، وإنّهم إن وَلُوْهُ لم يخرجْ منهم هذا السلطان إلي أحد أبداً ، ومتي كان فى غيرهم تداولتموه بينكم ، ولا ـ واللهِ ـ لا تدفع قريشٌ إلينا هذا السلطان طائعين أبداً . فقلت له : أ فَلا أرجع فاُخبر الناس بمقالتك هذه ، وأدعوهم إليك ؟ (١) المتمالئين عليك : أى الذين تساعدوا واجتمعوا وتعاونوا (النهاية : ٤ / ٣٥٣) . ١٢٣ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / شقشقة هدرت ! فقال لى : يا جُندبُ ، ليس هذا زمان ذاك . فرجعتُ بعد ذلك إلي العراق ، فكنتُ كلّما ذكرتُ للناس شيئاً من فضائل علىّ بن أبى طالب ¼ ومناقبه وحقوقه زَبرُونى ونَهَرُونى ، حتي رُفِعَ ذلك من قولى إلي الوليد بن عقبة ليالىَ وَلِيَنَا ، فبعث إلىّ فحبسنى حتي كُلّمَ فىَّ فخلَّي سبيلى(١) . ٣ / ٦ ١٠٨٠ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من خطبة له ¼ ـ : أما والله لقد تقمّصها فلان(٢) ، وإنّه ليعلم أنّ محلّى منها محلّ القطب من الرحا ، ينحدر عنّى السيل ، ولا يرقي إلىّ الطير ; فسدلْتُ دونها ثوباً ، وطويتُ عنها كشحاً ، وطَفِقْتُ أرتَئى بين أن أصول بيد جذّاء(٣) ، أو أصبر علي طخية(٤) عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمنٌ حتي يلقي ربّه ! فرأيتُ أنّ الصبر علي هاتا أحجي ، فصبرتُ وفى العين قذًي(٥) ، وفى الحلق شجاً(٦) ، أري تُراثى نَهباً ، حتي مضي الأوّل لسبيله ، فأدلي بها إلي فلان بعده . ثمّ تمثّل بقول الأعشي : (١) الإرشاد : ١ / ٢٤١ ، الأمالى للطوسى : ٢٣٤ / ٤١٥ ; شرح نهج البلاغة : ٩ / ٥٧ نحوه . ١٢٤ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / شقشقة هدرت !
فيا عجباً ! ! بينا هو يستقيلُها فى حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته ـ لشدّ ما تشطَّرا ضَرْعَيْهَا ! ـ فصيّرها فى حوزة خشناء يغلُظُ كلمها ، ويخشنُ مسُّها ، ويكثر العثار فيها ، والاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم ، وإن أسلس لها تقحّم ، فمُنى الناس ـ لعمرُ الله ـ بخبط وشماس ، وتلوّن واعتراض ; فصبرت علي طول المدّة ، وشدّة المحنة ; حتي إذا مضي لسبيله جعلها فى جماعة زعم أنّى أحدهم ، فيا لله وللشوري ! متي اعترض الريب فىَّ مع الأوّل منهم ، حتي صرت اُقرن إلي هذه النظائر ! لكنّى أسففت إذ أسفُّوا ، وطرت إذ طاروا ; فصغا رجل منهم لضِغنه ، ومال الآخر لصهره ، مع هن وهن ، إلي أن قام ثالث القوم نافجاً حضنَيْه ، بين نَثِيلهِ ومعتلفه ، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع ، إلي أن انتكث عليه فتله ، وأجهز عليه عمله ، وكبت به بطنته ! فما راعنى إلاّ والناس كعرف الضبع إلىّ ، ينثالون علىَّ من كلّ جانب ، حتي لقد وطِئ الحسنان ، وشقّ عطفاى ، مجتمعين حولى كربيضة الغنم ، فلمّا نهضت بالأمر نكثت طائفة ، ومرقت اُخري ، وقسط آخرون : كأنّهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول : ³ تِلْكَ الدَّارُ الاَْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الاَْرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ² (٢) بلي ! والله لقد سمعوها ووَعَوْهَا ، ولكنّهم حليت الدنيا فى أعينهم وراقهم زبرجها ! أما والذى فلق الحبّة ، وبرأ النسمة ، لولا حضور الحاضر ، وقيام الحجّة بوجود الناصر ، وما أخذ الله علي العلماء ألاّ يُقارّوا علي كظّة ظالم ، ولا سغبِ (١) الكُور بالضمّ : الرَّحل ، وقيل : الرَّحل بأداته (لسان العرب : ٥ / ١٥٤) . ١٢٥ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / شقشقة هدرت ! مظلوم ، لألقيتُ حبلها علي غاربها ، ولسقيْتُ آخرها بكأسِ أوّلها ، ولألفيتم دُنياكم هذه أزهد عندى من عفطة عَنْز ! قالوا : وقام إليه رجل من أهل السواد عند بلوغه إلي هذا الموضع من خطبته ، فناوله كتاباً ـ قيل : إنّ فيه مسائل كان يريد الإجابة عنها ـ فأقبل ينظر فيه ، فلمّا فرغ من قراءته ، قال له ابن عبّاس : يا أمير المؤمنين ، لو اطّردتْ خطبتُك من حيث أفضيت ! فقال : هيهات يابن عبّاس ! تلك شقشقةٌ هدرت ثُمَّ قرّت ! قال ابن عبّاس : فو الله ، ما أسفت علي كلام قطّ كأسفى علي هذا الكلام ألاّ يكون أمير المؤمنين ¼ بلغ منه حيث أراد(١) . إرجاعات ٩٧ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل السابع : احتلال مصر / خطبة الإمام بعد قتل محمّد بن أبي بكر ٩٨ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل السابع : احتلال مصر / رسالة الإمام المفتوحة إلى اُمّة الإسلام بعد احتلال مصر |
||||||||