١٢٧ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / نظرة تحليليّة لوقائع الشورى
تبلورت وقائع الخلافة بعد رسول الله ½ علي نحو مدهش وملفت للنظر ، وانتهت بحادثة السقيفة واستخلاف أبى بكر ، وادُّعى أنّ خلافته كانت موضع إجماع . ثمّ إنّه نصب عمر خليفةً من بعده ، وهكذا فقد سنَّ سُنّة "الاستخلاف". وفى الأيّام الأخيرة من حياة عمر ، أخذ يفكّر ـ وهو علي فراش الموت ـ بمستقبل الاُمّة الإسلاميّة ، وتدلّ النصوص التاريخيّة بكلّ جلاء علي أنّه كان يفكّر أيضاً بنوع من الاستخلاف أيضاً ، وأنّه ذكر أسماء جماعة وقال لو أنّهم كانوا أحياءً لعهِدَ إليهم أمر الخلافة ; منهم : معاذ بن جبل(١) ، وأبو عبيدة الجرّاح(٢) ، وسالم مولي أبى حذيفة ...(٣) . وعلي كلّ حال ; فإنّ عمر كان يفكّر بالشورى; ولكن الشوري التى تضمن له تحقيق أهدافه بشكل أو آخر ، علي أن لا يُتجاهل فيها أمر علىّ ¼ ، علي اعتبار (١) الطبقات الكبري : ٣ / ٥٩٠ ، تاريخ المدينة : ٣ / ٨٨١ ، الإمامة والسياسة : ١ / ٤٢ . ١٢٨ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / نظرة تحليليّة لوقائع الشورى
أنّ عليّاً لا يمكن تجاهله فى مثل هذا الأمر ، وهذه الحقيقة لم تكن خافية عن نظر عمر ، ولهذا السبب ; فإنّه حينما استدعي أحد الأنصار للتشاور معه فى أمر الخلافة ، فعدّد الأنصارى جماعة من المهاجرين ولم يُسَمِّ عليّاً ، فقال عمر : فما لهم من أبى الحسن! فو الله إنّه لأحراهم إن كان عليهم أن يُقيمهم علي طريقة من الحقّ(١) . وهكذا عيّن عمر جماعة للشوري قوامهم ستّة أشخاص ، وقد انتقد كلَّ واحد منهم بصفة سيّئة فيه ، إلاّ عليّاً ; فقد نسبه إلي المزاح ! ولكنّه أكّد أيضاً أنّه أحراهم أن يُقيمهم علي سنّة نبيّهم(٢) . وسمّي عمر أعضاء الشوري الذين يجب أن يختاروا الخليفة من بينهم ، وهم : علىّ ¼ ، وعثمان بن عفان ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن أبى وقّاص ، وعبد الرحمن بن عوف . لم يكن عمر يحمل مشاعر طيّبة تجاه بنى هاشم ، ولا تجاه علىّ ¼ . وكان أكثر حنكة وذكاءً من أن يسمّى للشوري أشخاصاً يختارون عليّاً ولو علي سبيل الاحتمال(٣) . وقد رسم عمر طريقة عمل الشوري وموازناته; فهم يجب أن يجتمعوا فى دار تحت مراقبة خمسين رجلا من الأنصار حتي يختاروا رجلا من بينهم ; فإن اتّفق خمسة علي رجل وأبي واحد يُضرب عنقه ، وإن اتّفق أربعة وأبي اثنان يُضرب عُنقاهما ، فإن رضى ثلاثة منهم رجلا ، وثلاثة رجلا ، يجب عندئذ تحكيم (١) المصنّف لعبد الرزّاق : ٥ / ٤٤٦ / ٩٧٦١ ، الأدب المفرد : ١٧٦ / ٥٨٢ . ١٢٩ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / نظرة تحليليّة لوقائع الشورى
عبد الله بن عمر ; فإن لم يرضوا بحكمه ، يجب قبول خيار الجهة التى فيها عبد الرحمن بن عوف(١) . كانت المعادلة التى أرادها الخليفة واضحة تماماً . وكانت نتيجتها معروفة منذ البداية لكلّ لبيب . ولهذا السبب فقد حثّ ابن عبّاس عليّاً علي عدم الدخول فى الشوري ، لكنّ عليّاً قال : لا ، بل أدخل معهم فى الشوري ; لأنّ عمر قد أهّلنى الآن للخلافة ، وكان قبل ذلك يقول : إنّ رسول الله ½ قال : إنّ النبوّة والإمامة لا يجتمعان فى بيت !! فأنا أدخل فى ذلك لاُظهر للناس مناقضة فعله لروايته(٢) . ولكنّه أكّد بصريح القول أنّ عمر قد عدل ـ بهذا التركيب ـ الخلافة عن بنى هاشم ، قائلا : قد قُرن بى عثمان ، ويجب اتّباع الأكثريّة ; فسعد لا يخالف ابنَ عمّه عبد الرحمن ، وعبد الرحمن صهر عثمان ، وهما لا يختلفان ; فلو كان الآخران معى لم ينفعانى(٣) . تنحّي طلحة جانباً لصالح عثمان (علي أساس الرواية التى تقول إنّ طلحة قد حضر الشورى) ، وتنحّي الزبير جانباً لصالح علىّ ¼ ، وتنازل سعد عن حقّه لصالح عبد الرحمن . وأعلن عبد الرحمن أنّه أخرج نفسه من الخلافة ، واقترح علي الآخرَين (علىّ ¼ وعثمان) أن يفوّض أحدهما حقّه للآخر ، فسكتا. وذكر الطبرى أنّ عبد الرحمن بقى ليالى متوالية يشاور رؤساء الجيش والأشراف ، وكان لا يخلو بواحد منهم حتي يأمره بعثمان(٤) . حتي إذا انتهت الأيّام الثلاثة (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٢٢٩ ، الإمامة والسياسة : ١ / ٤٣ . ١٣٠ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / نظرة تحليليّة لوقائع الشورى
اجتمع الناس صباحاً فى المسجد ، فخرج إليهم عبد الرحمن وقال : إنّى نظرت فى الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان أحداً(١) . بينما صاح عمّار والمقداد مؤكّدَين علي انتخاب علىّ ¼ . وارتفعت الأصوات فى المسجد ، وصاح عمار : لماذا تُبعدون هذا الأمر عن أهل بيت الرسول؟!(٢) ثمّ إنّ عبد الرحمن بن عوف قال لعلىّ ¼ : هل تعاهِد الله علي العمل بكتاب الله وسنّة نبيّه وسيرة أبى بكر وعمر؟ فقال : لا ، ولكن أسير علي كتاب الله وسنّة رسول الله قدر وسعى . ولمّا عرض هذا السؤال علي عثمان ، قال : أعمل بالقرآن وسنّة رسول الله وسيرة الشيخين. ثمّ كرّر عبد الرحمن سؤاله لعلىّ ¼ ، فأجابه ¼ كما أجابه من قبل ، وأضاف لا حاجة مع كتاب الله وسيرة نبيّه إلي سيرة أحد ، ولكنّك تريد أن تزوى هذا الأمر عنّى(٣) . وهكذا اختار عبد الرحمن بن عوف عثمان للخلافة ، وأجلسه علي مسند السلطة . وذُبح الحقّ مرّة اُخري علي مذبح الزيف والفتنة ، ووجد الذين سلّوا سيف (١) المصنّف لعبد الرزّاق : ٥ / ٤٧٧ / ٩٧٧٥ . ١٣١ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / نظرة تحليليّة لوقائع الشورى
العداوة ضدّ رسول الله ½ سنوات طويلة ، أنّ الفرصة قد سنحت الآن فى ظلّ الدعم الذى يوفّره لهم خليفة رسول الله ½ ، لكى يستأنفوا مواقفهم العدائيّة ضدّه . ولمّا رأي علىّ ¼ الأمر علي هذه الشاكلة قال لعبد الرحمن : "حبوته حبوَ الدهر ، ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا ، ³ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ² (١) . ثمّ قال له : "و الله ما ولّيتَ عثمان إلاّ ليردّ الأمر إليك"(٢) . وصاح المقداد : "ما رأيت مثل ما اُوتى إلي أهل هذا البيت بعد نبيّهم ! إنّى لأعجب من قريش أنّهم تركوا رجلا ما أقول أنّ أحداً أعلم ولا أقضي منه بالعدل . أما والله لو أجد عليه أعواناً"(٣) . ثمّ إنّ عماراً قال من شدّة حرصه علي الإسلام :
أ وَلم يكن الأمر كذلك ؟أ وَلم يُنعَ الاسلام من خلال تسلّط بنى اُميّة؟! أ وَلم تنبعث الجاهليّة من جديد؟ فقد خرج عثمان فى الليلة التى بويع له فى (١) يوسف : ١٨ . ١٣٢ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / نظرة تحليليّة لوقائع الشورى
يومها إلي صلاة العشاء وبين يديه شمعة ، فلقيه المقداد ، فقال : ما هذه البدعة؟!(١) ولغرض تعميم وإكمال البحث نورد الملاحظات التالية : ١ ـ ذكرنا أنّ عليّاً ¼ قال لعبد الرحمن بن عوف : "و الله ما ولّيت عثمان إلاّ ليردّ الأمر إليك" . ولم يُصرّح ¼ بمثل هذا الكلام إلاّ انطلاقاً من معرفته بأحوال المتلاعبين بالسياسة ودعاة الفتن ، لو كانت يومذاك ثمّةَ آذان واعية . وجاء الشاهد علي صدق كلام أمير المؤمنين ¼ فيما نقله المؤرّخون ; من أنّ عثمان بعدما اشتدّ عليه المرض دعا كاتباً ، وأمره أن يكتب عهده بالخلافة من بعده لعبد الرحمن : فكتب بما أمره(٢) . ٢ ـ لماذا لم يوافق الإمام ¼ علي شرط عبد الرحمن؟ لأنّه كانت قد مرّت حينذاك سنوات علي وفاة الرسول ½ ، ووقعت فيها تغيّرات كثيرة ، وصدرت أحكام كثيرة مناقضة لحكم الرسول ½ ، وبُدّلت سنّته ½ فى موارد كثيرة(٣) . فكيف كان يتسنّي للإمام ¼ قبول هذا الشرط ؟ ولو أنّه قبله وتسلّم زمام الاُمور ـ علي فرض المحال ـ كيف كان يتسنّي له التوفيق بين تلك المتناقضات؟ وما كان عساه يفعل مع تلك التغييرات؟ هل كان الناس علي استعداد لقبول إعادة الحقائق إلي مسارها الأوّل؟ فقد (١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٦٣ . ١٣٣ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / نظرة تحليليّة لوقائع الشورى
أثبت عهد خلافة الإمام علىّ ¼ عدم استعداد الناس لقبول عودة الحقائق إلي مسارها الأوّل ، مع أنّ الكثير من المسائل قد تجلّت بكلّ وضوح يومذاك ، ومع أنّ الناس قد أقبلوا بأنفسهم عليه ، غير أنّه كان يواجه صعوبة فى كثير من القرارات ، والمثال الواضح علي ذلك "صلاة التراويح" . ولو عرضنا هذا السؤال من زاوية اُخري وقلنا : لماذا لم يقبل الإمام شرط عبد الرحمن؟ نلاحظ هنا أنّه ¼ كان أمام معادلتين : الاُولي : قبول الشرط وإقامة حكومة العدل الإسلامى . الثانية : عدم قبول الشرط ; لأنّه لم يكُن حقّاً ، مع التضحية بهذا المنصب الخطير . والوجه الآخر للسؤال هو : هل كان عبد الرحمن يعقد له البيعة لو أنّه قبل ذلك الشرط؟ يمكن القول بجزم ـ من خلال الأخبار التى نقلناها عن الشوري ، وما كان فيها من تدبير ، وكذلك من خلال كلام الإمام ¼ مع عبد الرحمن ـ بأنّ الجواب هو السلب طبعاً . وقد أدرك علىّ ¼ بعمق نظره الخاصّ بأنّ كلّ هذه التمهيدات التى اتُّخذت جاءت لتبرير قرار متّخذ مسبقاً. ولو أنّ الإمام وافق علي الشرط ; فإنَّ عثمان كان يوافق عليه أيضاً ، وفى مثل هذه الحالة كان عبد الرحمن سيلجأ إلي ذريعة اُخري ، كأن يقول مثلا ـ كما مرّ علينا ـ بأنَّ رؤساء الجيش ، وزعماء القبائل يميلون إلي عثمان ، وتكون النتيجة هى انتخاب عثمان أيضاً ، وستكون نتيجة القبول بهذا الشرط هى إضفاء الشرعيّة من قِبَل علىّ ¼ علي قرارات الشيخين ، وحاشا أن ينخدع علىّ ـ الذى يخترق بصره الحجب السطحيّة ويري الحقائق ـ بمثل هذه المشاهد . ١٣٤ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / نظرة تحليليّة لوقائع الشورى
٣ ـ كانت معادلة الشوري واضحة مسبقاً ولهذا السبب أمر عمر بضرب عنق كلّ مَن يعارض ، وبعد البيعة لعثمان من قِبَل ابن عوف وسائر أعضاء الشوري ، ظلّ علىٌّ واقفاً ولم يبايِع ، فقال له ابن عوف : بايِع وإلاّ ضربتُ عنقك ! فخرج من الدار وتبعه أصحاب الشوري وقالوا : بايِع وإلاّ جاهدناك !(١) وهذا ما جعل الشريف المرتضي يقول بألم : "فأىّ رضيً هاهنا ؟! .. . وكيف يكون مختاراً من تهدّد بالقتل وبالجهاد"(٢) . ٤ ـ التطميع بالخلافة الملاحظة الأخيرة فى هذا المضمار هى أنّ عمر أجَّج بعمله هذا نار الطمع بالخلافة فى قلوب أعضاء الشوري . وقد أشار الشيخ المفيد إلي هذا المعني بقوله : إنّ سعد بن أبى وقّاص ما كان يري نفسه شيئاً أمام علىّ ¼ ، إلاّ أنّ وجوده فى الشوري بعث فى نفسه شعوراً بالأهليّة للخلافة . ونقل ابن أبى الحديد أيضاً هذا التحليل عن اُستاذه. وكان طلحة أيضاً يستدلّ بوجوده فى الشوري علي مجابهته لعلىّ(٣) . وأشار معاوية أيضاً إلي هذا المعني فى إحدي محاوراته(٤) . وعلي كلّ حال ; فإنّ عمر قد دأب مرّة اُخري من خلال الشوري التى أوجدها علي طمس "حقّ الخلافة" وسحق حرمتها. وسلّط بنى اُميّة علي رقاب الاُمّة (١) أنساب الأشراف : ٦/١٢٨ ، شرح نهج البلاغة: ٩ / ٥٥ وج ١٢ / ٢٦٥ ، الإمامة والسياسة : ١/١٧٦ ; الصراط المستقيم : ٣/١١٧. ١٣٥ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / نظرة تحليليّة لوقائع الشورى
فاقترفوا كلّ تلك المفاسد . وعمل من خلال غرسه لروح التطلّع إلي الخلافة فى نفوس أشخاص مثل طلحة والزبير ، علي تمهيد الأجواء لنشوب الصراعات اللاحقة . ونحن نؤكّد من خلال استقراء تلك الحادثة وكيفيّة تبلور وقائعها بأنَّ الحقّ هو ما جاء فى تحليل مجرياتها إجمالا ، ليس إلاّ.. . والله من وراء القصد . ١٣٦ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الثالث : مبادئ خلافة عثمان / نظرة تحليليّة لوقائع الشورى
١٣٧ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان
٤ / ١ ١٠٨١ ـ مروج الذهب : بني [عثمان] داره فى المدينة ، وشيّدها بالحجر والكِلْس ، وجعل أبوابها من الساج والعرعر ، واقتني أموالا وجناناً وعيوناً بالمدينة . وذكر عبد الله بن عتبة : أنّ عثمان يوم قتل كان له ـ عند خازنه ـ من المال خمسون ومائة ألف دينار ، وألف ألف درهم ، وقيمة ضياعه بوادى القُري وحُنين وغيرهما مائة ألف دينار ، وخلّف خيلا كثيراً وإبلا(١) . ١٠٨٢ ـ الطبقات الكبري عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة : كان لعثمان بن عفّان عند خازنه يوم قُتل ثلاثون ألف ألف درهم وخمسمائة ألف درهم ، وخمسون ١٣٨ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / الترف
ومائة ألف دينار ، فانتُهبت ، وذهبت . وترك ألف بعير بالرَّبَذة(١) ، وترك صدقات ـ كان تصدّق بها ببراديس وخيبر(٢) ووادى القري(٣) ـ قيمةَ مائتى ألف دينار(٤) . ١٠٨٣ ـ تاريخ الطبرى عن عبد الله بن عامر : كنت أفطر مع عثمان فى شهر رمضان ، فكان يأتينا بطعام هو أليَن من طعام عمر ; قد رأيت علي مائدة عثمان الدرمَك الجيّد ، وصغار الضأن كلّ ليلة ، وما رأيت عمر قطّ أكل من الدقيق منخولا ، ولا أكل من الغنم إلاّ مَسانّها ، فقلت لعثمان فى ذلك ، فقال : يرحم الله عمر ! ومن يُطيق ما كان عمر يطيق !(٥) ١٠٨٤ ـ أنساب الأشراف عن سليم أبى عامر : رأيت علي عثمان بُرداً ثمنه مائة دينار(٦) . ١٠٨٥ ـ الطبقات الكبري عن محمّد بن ربيعة بن الحارث : كان أصحاب رسول الله ½ يوسّعون علي نسائهم فى اللباس الذى يصان ويتجمّل به . ثمّ يقول : رأيت علي عثمان مطرف خزٍّ ثمن مائتى درهم ، فقال : هذا لنائلة كسوتُها إيّاه ، فأنا ألبسه أسرّها به(٧) . (١) الرَّبَذة : من قري المدينة ; علي ثلاثة أيّام ، قريبة من ذات عرق علي طريق الحجاز (معجم البلدان : ٣ / ٢٤) . ١٣٩ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / الترف
١٠٨٦ ـ الصواعق المحرقة : جاءه [عثمان] أبو موسي بحلية ذهب وفضّة ، فقسمها بين نسائه وبناته ، وأنفق أكثر بيت المال فى ضياعه(١) ودوره(٢) . ١٠٨٧ ـ الأخبار الموفّقيّات عن الزهرى : لمّا اُتى عمر بجوهر كسري ، وضع فى المسجد ، فطلعت عليه الشمس فصار كالجمر ، فقال لخازن بيت المال : ويحك ! أرِحنى من هذا ، واقسِمه بين المسلمين ; فإنّ نفسى تحدّثنى أنّه سيكون فى هذا بلاء وفتنة بين الناس . فقال : يا أمير المؤمنين ، إن قسمته بين المسلمين لم يسَعهم ، وليس أحد يشتريه ; لأنّ ثمنه عظيم ، ولكن ندَعه إلي قابل ، فعسي الله أن يفتح علي المسلمين فيشتريه منهم مَن يشتريه . قال : ارفعه ، فأدخله بيت المال . وقتل عمر وهو بحاله ، فأخذه عثمان ـ لمّا وُلّى الخلافة ـ فحلّي به بناته . فقال الزهرى : كلّ قد أحسن ; عمر حين حرم نفسه وأقاربه ، وعثمان حين وصل أقاربه !!(٣) ١٠٨٨ ـ تاريخ اليعقوبى : كان عثمان جواداً وَصُولاً بالأموال ، وقدّم أقاربه وذوى أرحامه ، فسوّي بين الناس فى الأعطية . وكان الغالب عليه مروان بن الحكم بن أبى العاص ، وأبو سفيان بن حرب(٤) . ١٠٨٩ ـ دول الإسلام ـ فى الثورة علي عثمان ـ : أخذوا ينقمون علي خليفتهم عثمان ; لكونه يعطى المال لأقاربه ، ويولّيهم الولايات الجليلة ، فتكلّموا فيه ، (١) الضَّيعة : الأرض المُغلّة ، والجمع ضِيَع وضِياع (لسان العرب : ٨ / ٢٣٠) . ١٤٠ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء
وكان قد صار له أموال عظيمة ، وله ألف مملوك(١) . ٤ / ٢ ٤ / ٢ ـ ١ استئثار عمّه الحكم بن أبى العاص ١٠٩٠ ـ العقد الفريد : ممّا نقم الناس علي عثمان أنّه آوي طريد رسول الله ½ الحكم ابن أبى العاص ، ولم يؤوِه أبو بكر ولا عمر ، وأعطاه مائة ألف(٢) . ١٠٩١ ـ أنساب الأشراف عن ابن عبّاس : كان ممّا أنكروا علي عثمان أنّه ولّي الحكم ابن أبى العاص صدقات قُضاعة(٣) ، فبلغت ثلاثمائة ألف درهم ، فوهبها له حين أتاه بها(٤) . ٤ / ٢ ـ ٢ استئثار ابن عمّه مروان بن الحكم ١٠٩٢ ـ تاريخ اليعقوبى : أغزي عثمان الناس إفريقيّة(٥) سنة سبع وعشرين . . . (١) دول الإسلام : ١٦ . ١٤١ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء / استئثار ابن عمّه مروان بن الحكم
وكثرت الغنائم ، وبلغت ألفى ألف دينار وخمسمائة ألف دينار وعشرين ألف دينار . وروي بعضهم : أنّ عثمان زوّج ابنته من مروان بن الحكم ، وأمر له بخُمس هذا المال(١) . ١٠٩٣ ـ أنساب الأشراف عن عبد الله بن الزبير : أغزانا عثمان سنة سبع وعشرين إفريقيّة ، فأصاب عبد الله بن سعد بن أبى سرح غنائم جليلة ، فأعطي عثمانُ مروانَ بن الحكم خُمس الغنائم(٢) . ١٠٩٤ ـ تاريخ أبى الفداء : أقطع [عثمانُ] مروانَ بن الحكم فدكَ(٣) ، وهى صدقة رسول الله ½ التى طلبتها فاطمة ميراثاً ! فروي أبو بكر عن رسول الله ½ : نحن معاشر الأنبياء لا نُورِّث ما تركناه صدقة . ولم تزَل فدك فى يد مروان وبنيه إلي أن تولّي عمر بن عبد العزيز ، فانتزعها من أهله وردّها صدقة(٤) . (١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٦٥ وراجع الجمل : ١٨٣ . ١٤٢ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء / استئثار ابن عمّه الحارث بن الحكم
١٠٩٥ ـ شرح نهج البلاغة : أمر [عثمان] . . . لمروان بن الحكم بمائة ألف من بيت المال ، وقد كان زوّجه ابنته اُمّ أبان ، فجاء زيد بن أرقم ـ صاحب بيت المال بالمفاتيح ، فوضعها بين يدى عثمان وبكي ، فقال عثمان : أ تبكى أن وصلتُ رحمى ! ! قال : لا . . . والله لو أعطيت مروان مائة درهم لكان كثيراً ! ! فقال : ألقِ المفاتيح يابن أرقم ; فإنّا سنجد غيرك(١) . ١٠٩٦ ـ أنساب الأشراف عن اُمّ بكر بنت المِسوَر : لمّا بني مروان داره بالمدينة دعا الناس إلي طعامه ، وكان المسور فيمن دعا ، فقال مروان وهو يحدّثهم : والله ، ما أنفقت فى دارى هذه من مال المسلمين درهماً فما فوقه ! فقال المسور : لو أكلتَ طعامك وسكتَّ لكان خيراً لك ! لقد غزوتَ معنا إفريقيّة وأنّك لأقلّنا مالا ورقيقاً وأعواناً ، وأخفّنا ثقلا ، فأعطاك ابن عفّان خُمس إفريقيّة ، وعملتَ علي الصدقات فأخذتَ أموال المسلمين ! !(٢) ٤ / ٢ ـ ٣ استئثار ابن عمّه الحارث بن الحكم ١٠٩٧ ـ المعارف لابن قتيبة : تصدّق رسول الله ½ بمهزور ـ موضع سوق المدينة ـ علي المسلمين ، فأقطعها عثمانُ الحارثَ بن الحكم ; أخا مروان بن الحكم ، وأقطع مروانَ فَدَك وهى صدقة رسول الله ½ (٣) . (١) شرح نهج البلاغة : ١ / ١٩٩ . ١٤٣ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء / استئثار صهره عبد الله بن خالد
١٠٩٨ ـ أنساب الأشراف عن اُمّ بكر عن أبيها : قدمت إبل الصدقة علي عثمان ، فوهبها للحارث بن الحكم بن أبى العاص(١) . ١٠٩٩ ـ شرح نهج البلاغة : أنكح [عثمانُ] الحارثَ بن الحكم ابنتَه عائشة ، فأعطاه مائة ألف من بيت المال أيضاً ، بعد صَرْفه زيد بن أرقم عن خزنه(٢) . ٤ / ٢ ـ ٤ ١١٠٠ ـ تاريخ المدينة عن محمّد بن سلام عن أبيه : قال عبد الله بن خالد لعبد الله بن عمر : كلِّم أميرَ المؤمنين عثمان ; فإنّ لى عيالاً وعلىَّ دَيناً . فقال : كلِّمه ، فإنّك تجده برّاً وصولاً . فكلَّمَه ، فزوّجه بنته ، وأعطاه مائة ألف(٣) . ١١٠١ ـ تاريخ اليعقوبى : زوّج عثمان بنته من عبد الله بن خالد بن اُسيد ، وأمر له بستّمائة ألف درهم ، وكتب إلي عبد الله بن عامر أن يدفعها إليه من بيت مال البصرة(٤) . ١١٠٢ ـ المعارف لابن قتيبة : وطلب إليه [إلي عثمان] عبدُ الله بن خالد بن اُسيد صلة ، فأعطاه أربعمائة ألف درهم(٥) . (١) أنساب الأشراف : ٦ / ١٣٧ ، شرح نهج البلاغة : ٣ / ٣٥ ، تاريخ الطبرى : ٤ / ٣٦٥ وفيه "اُمّ بكر بنت المسْوَر ابن مخرَمة" ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٢٨٦ وفيهما "فوهبها لبعض بنى الحكم" ; الشافى : ٤ / ٢٧٣ كلاهما من دون إسناد إلي الراوى . ١٤٤ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء / ما أعطي سعيد بن العاص
١١٠٣ ـ أنساب الأشراف عن أبى مخنف : كان علي بيت مال عثمان عبدُ الله بن الأرقم . . . ، فاستسلف عثمان من بيت المال مائة ألف درهم ، وكتب عليه بها عبد الله بن الأرقم ذِكر حقٍّ للمسلمين ، وأشهد عليه عليّاً ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن أبى وقّاص ، وعبد الله بن عمر ، فلمّا حلَّ الأجل ردّه عثمان . ثمّ قدم عليه عبدُ الله بن خالد بن اُسيد بن أبى العيص ـ من مكّة ـ وناسٌ معه غُزاةً ، فأمر لعبد الله بثلاثمائة ألف درهم ، ولكلّ رجل من القوم بمائة ألف درهم ، وصَكَّ بذلك إلي ابن أرقم ، فاستكثره ، وردَّ الصكَّ له . ويقال : إنّه سأل عثمان أن يكتب عليه به ذكر حقّ ، فأبي ذلك ، فامتنع ابن الأرقم من أن يدفع المال إلي القوم . فقال له عثمان : إنّما أنت خازن لنا ، فما حملك علي ما فعلت ؟ ! ! فقال ابن الأرقم : كنت أرانى خازناً للمسلمين ، وإنّما خازنك غلامك ! ! والله لا ألى لك بيتَ المال أبداً . وجاء بالمفاتيح فعلّقها علي المنبر ، ويقال : بل ألقاها إلي عثمان . فدفعها عثمان إلي ناتل مولاه ، ثمّ ولّي زيدَ بن ثابت الأنصارى بيتَ المال ، وأعطاه المفاتيح(١) . ٤ / ٢ ـ ٥ ١١٠٤ ـ أنساب الأشراف عن أبى مخنف والواقدى : أنكر الناس علي عثمان (١) أنساب الأشراف : ٦ / ١٧٣ وراجع شرح نهج البلاغة : ٣ / ٣٥ والشافى : ٤ / ٢٧٤ . ١٤٥ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء / ما أعطي سعيد بن العاص
إعطاءه سعيدَ بن العاص(١) مائةَ ألف درهم ، فكلّمه علىٌّ والزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن بن عوف فى ذلك فقال : إنَّ له قرابةً ورَحِماً ! قالوا : أ فما كان لأبى بكر وعمر قرابة وذَوُو رحم ؟ ! فقال : إنّ أبا بكر وعمر كانا يحتسبان فى منع قرابتهما ، وأنا أحتسبُ فى إعطاء قرابتى(٢) . (١) سعيد بن العاص بن سعيد بن اُحيحة بن العاص بن اُميّة . كان من أقارب عثمان (الطبقات الكبري : ٥ / ٣٠ ـ ٣٢) ، ونشأ فى بيته وفى ظلّ تربيته(البداية والنهاية :٨ / ٨٣) . قُتل أبوه بسيف علىٍّ ¼ فى معركة بدر (الطبقات الكبري : ٥ / ٣١ ، اُسد الغابة : ٢ / ٤٨١ / ٢٠٨٣ ، الإصابة : ٣ / ٩٠ / ٣٢٧٨ ، البداية والنهاية : ٨ / ٨٣) ، فكفله عثمان ، وكان له من العمر تسع سنين عند وفاة رسول الله ½ (تهذيب الكمال : ١٠ / ٥٠٢ / ٢٢٩٩ ، الإصابة : ٣ / ٩٠ / ٣٢٧٨ ، البداية والنهاية : ٨ / ٨٣) . قال له عمر أيّام حكومته : لِمَ تُعرض عنّى ؟ كأنّك تري أنّى قتلتُ أباك . لا ، بل قتله علىّ ! أعطاه عمر مالاً ، فطمع فى الاستزادة ، فقال له : سيأتى بعدى من يصل رحمك . ويقضى حاجتك (الطبقات الكبري :٥ / ٣١) . حصل علي أموال طائلة فى أيّام عثمان(أنساب الأشراف :٦ / ١٣٧) . ووَلىَ الكوفة (الطبقات الكبري :٥ / ٣٢ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ١١٤ ، اُسد الغابة :٢ / ٤٨٢ / ٢٠٨٣ ، الاستيعاب :٢ / ١٨٣ / ٩٩٢) . لكنّه لم يجد إليها سبيلاً بعد اصطدامه بمالك الأشتر وأصحابه . (الطبقات الكبري : ٥ / ٣٢ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ١١٥ ، البداية والنهاية : ٨ / ٨٤) . اعتزل الأوضاع فى خلافة أمير المؤمنين علىّ ¼ (اُسد الغابة : ٢ / ٤٨٢ / ٢٠٨٣ ، الاستيعاب : ٢ / ١٨٤ / ٩٩٢) . ولم يُمالئ معاوية يومئذ ، بَيْد أنّه مالأه عند تسلّطه . وكان عامله علي المدينة مدّةً . (الطبقات الكبري : ٥ / ٣٥ ، تاريخ دمشق : ٢١ / ١١٧ / ٢٤٩٦ ، البداية والنهاية : ٨ / ٨٥ ، اُسد الغابة : ٢ / ٤٨٢ / ٢٠٨٣ ، الاستيعاب : ٢ / ١٨٤ / ٩٩٢) . مات سعيد سنة ٥٩ (اُسد الغابة : ٢ / ٤٨٢ / ٢٠٨٣ ، الاستيعاب : ٢ / ١٨٥ / ٩٩٢ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٧١ ، البداية والنهاية : ٨ / ٨٧ فى سنة ٥٨ وقيل : فى التى قبلها وقيل بعدها) . ١٤٦ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء / ما أعطي أبا سفيان بن حرب
٤ / ٢ ـ ٦ ١١٠٥ ـ شرح نهج البلاغة : أعطي [عثمانُ] أبا سفيان بن حرب مائتى ألف من بيت المال ، فى اليوم الذى أمر فيه لمروان بن الحكم بمائة ألف من بيت المال(١) . ٤ / ٢ ـ ٧ ١١٠٦ ـ الكامل فى التاريخ : إنّه [عثمان] أعطي عبد الله خُمسَ الغزوة الاُولي ، وأعطي مروانَ خُمسَ الغزوة الثانية ; التى افتُتحت فيها جميع إفريقيّة(٢) . ١١٠٧ ـ شرح نهج البلاغة : أعطي [عثمانُ] عبدَ الله بن أبى سرح جميعَ ما أفاء الله عليه من فتح إفريقيّة بالمغرب ; وهى من طرابلس(٣) الغرب إلي طَنجة(٤) ، من غير أن يَشرَكه فيه أحد من المسلمين(٥) . (١) شرح نهج البلاغة : ١ / ١٩٩ . ١٤٧ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء / ما أعطي زيد بن ثابت
٤ / ٢ ـ ٨ ١١٠٨ ـ الشافى عن الواقدى : إنّ زيد بن ثابت اجتمع عليه عصابة من الأنصار وهو يدعوهم إلي نصر عثمان ، فوقف عليه جبلة بن عمرو بن حية المازنى ، فقال له جبلة : ما يمنعك يا زيد أن تذبّ عنه ! أعطاك عشرة آلاف دينار ، وأعطاك حدائق من نخل لم ترِث من أبيك مثل حديقة منها ! !(١) ١١٠٩ ـ أنساب الأشراف : لمّا أعطي عثمانُ . . . زيدَ بن ثابت الأنصارى مائة ألف درهم ، جعل أبو ذرّ يقول : بشّر الكانزين بعذاب أليم ، ويتلو قول الله عزّ وجلّ : ³ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ² الآية(٢) (٣) . ١١١٠ ـ أنساب الأشراف عن أبى مخنف : إنّ زيد بن ثابت الأنصارى قال : يا معشر الأنصار ، إنّكم نصرتم الله ونبيّه ، فانصروا خليفته . فأجابه قوم منهم ; فقال سهل بن حنيف : يا زيد ، أشبعك عثمانُ من عضدان المدينة ; والعضيدة : نخلة قصيرة ، يُنال حملها(٤) . ١١١١ ـ مروج الذهب عن سعيد بن المسيّب : إنّ زيد بن ثابت حين مات خلّف من الذهب والفضّة ما كان يُكسر بالفؤوس ، غير ما خلّف من الأموال والضِّياع (١) الشافى : ٤ / ٢٤١ ; شرح نهج البلاغة : ٣ / ٨ . ١٤٨ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء / ما أعطي ابن شريكه فى الجاهليّة
بقيمة مائة ألف دينار(١) . ٤ / ٢ ـ ٩ ما أعطي ابن شريكه فى الجاهليّة ١١١٢ ـ تاريخ الطبرى عن سحيم بن حفص : كان ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب شريك عثمان فى الجاهليّة ، فقال العبّاس بن ربيعة لعثمان : اكتب لى إلي ابن عامر يُسلفنى مائة ألف . فكتب ، فأعطاه مائة ألف ; وصلَه بها ، وأقطعه دارَه ; دار العبّاس بن ربيعة اليوم(٢) . ٤ / ٢ ـ ١٠ ١١١٣ ـ أنساب الأشراف عن موسي بن طلحة : أعطي عثمانُ طلحةَ ـ فى خلافته مائتى ألف دينار(٣) . ١١١٤ ـ تاريخ المدينة عن موسي بن طلحة : أوّل من أقطع بالعراق عثمانُ بن عفان قطائعَ ممّا كان من صوافى آل كسري ، وممّا جلا عنه أهله ، فقطع(٤) لطلحة ابن عبيد الله النشاستج(٥) (٦) . (١) مروج الذهب : ٢ / ٣٤٢ . ١٤٩ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء / ما أعطي الزبير
١١١٥ ـ تاريخ الطبرى : قال خنيس بن فلان : ما أجود طلحة بن عبيد الله ! فقال سعيد ابن العاص : إنّ من له مثل النشاستج لحقيق أن يكون جواداً ، والله لو أنّ لى مثله لأعاشكم الله عيشاً رغداً(١) . ١١١٦ ـ شرح نهج البلاغة عن عثمان : ويلى علي ابن الحضرميّة ; يعنى طلحة ، أعطيته كذا وكذا بُهاراً(٢) ذهباً ، وهو يَروم(٣) دمى ; يحرّض علي نفسى ، اللهمّ لا تُمتِّعه به ، ولقِّه عواقب بغيه(٤) . ٤ / ٢ ـ ١١ ١١١٧ ـ الطبقات الكبري عن أبى حصين : إنّ عثمان أجاز الزبيرَ بن العوّام بستّمائة ألف ، فنزل علي أخواله ; بنى كاهل ، فقال : أىّ المال أجود ؟ قالوا : مال أصبهان . قال : أعطونى من مال أصبهان(٥) . ١١١٨ ـ الطبقات الكبري عن عروة : كان للزبير بمصر خِطَط(٦) ، وبالإسكندريّة (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٣١٨ ، معجم البلدان : ٥ / ٢٨٥ ، الفتنة ووقعة الجمل : ٣٥ . ١٥٠ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء / ثروة عبد الرحمن بن عوف
خِطَط ، وبالكوفة خِطَط ، وبالبصرة دور ، وكانت له غَلاّت تقدم عليه من أعراض المدينة(١) . ٤ / ٢ ـ ١٢ ١١١٩ ـ تاريخ المدينة عن عثمان ـ لعبد الرحمن بن عوف ـ : يا أبا محمّد ، فهل ولّيتنى هذا الأمر يوم ولّيته وأنتَ تقدِر علي أن تصرف ذلك إلي نفسك ، أو تُولّيه من بدا لك ، وفى القوم من هو أمسّ بك يومئذ رَحِماً منّى إلاّ رجاء الصلة والإحسان فيما بينى وبينك ! !(٢) ١١٢٠ ـ مروج الذهب ـ فى ذكر ثروة عبد الرحمن بن عوف الزهرى ـ : ابتني داره ، ووسّعها ، وكان علي مربطه مائة فرس ، وله ألف بعير ، وعشرة آلاف شاة من الغنم ، وبلغ بعد وفاته رُبع ثمن ماله أربعةً وثمانين ألفاً(٣) . ١١٢١ ـ تاريخ المدينة عن عبد الله بن الصامت ـ فى خبر دخول أبى ذرّ علي عثمان ـ : دخل عليه وهو يقسم مال عبد الرحمن بن عوف بين ورثته ، وعنده كعب ، فأقبل عثمان . فقال : يا أبا إسحاق ، ما تقول فى رجل جمع هذا المال فكان يتصدّق منه ، ويحمل فى السبيل ، ويَصلُ الرحم ؟ فقال : إنّى لأرجو له خيراً . فغضب أبو ذرّ ، ورفع عليه العصي ، وقال : ما يدريك يابن اليهوديّة ! ! لَيودّن (١) الطبقات الكبري : ٣ / ١١٠ . إرجاعات
٩٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الاُولى : وقعة الجمل / الفصل الثاني : هويّة رؤساء الناكثين / الزبير بن العوّام
١٥١ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء / الخليفة وخازن بيت المال
صاحب هذا المال يوم القيامة أن لو كان عقارب تَلسع السويداء من قلبه (١) . ١١٢٢ ـ الطبقات الكبري عن عثمان بن الشريد : ترك عبد الرحمن بن عوف ألف بعير ، وثلاثة آلاف شاة بالبقيع ، ومائة فرس ترعي بالبقيع . وكان يزرع بالجُرْف(٢) علي عشرين ناضحاً ، وكان يدخل قوت أهله من ذلك سنة(٣) . ١١٢٣ ـ الطبقات الكبري عن محمّد : إنّ عبد الرحمن بن عوف تُوفّى ، وكان فيما ترك ذهبٌ ; قُطّع بالفؤوس حتي مَجِلَت(٤) أيدى الرجال منه . وترك أربع نسوة ، فاُخرجت امرأة من ثُمنها بثمانين ألفاً(٥) . ١١٢٤ ـ تاريخ اليعقوبى : كان عبد الرحمن قد أطلق امرأته تماضر بنت الأصبغ الكلبيّة لمّا اشتدّت علّته ، فورّثها عثمان . فصولحت عن ربع الثمن علي مائة ألف دينار ، وقيل : ثمانين ألف دينار(٦) . ٤ / ٢ ـ ١٣ ١١٢٥ ـ تاريخ اليعقوبى عن عبد الرحمن بن يسار : رأيت عامل صدقات (١) تاريخ المدينة : ٣ / ١٠٣٦ ، سير أعلام النبلاء : ٢ / ٦٧ / ١٠ ، حلية الأولياء : ١ / ١٦٠ . ١٥٢ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء / الخليفة وخازن بيت المال
المسلمين علي سوق المدينة إذا أمسي آتاها عثمان ، فقال له : ادفعها إلي الحكم ابن أبى العاص . وكان عثمان إذا أجاز أحداً من أهل بيته بجائزة جعلها فرضاً من بيت المال . فجعل يدافعه ويقول له : يكون ، فنعطيك إن شاء الله . فألحّ عليه . فقال : إنّما أنت خازن لنا ! فإذا أعطيناك فخذ ، وإذا سكتنا عنك فاسكت ! ! فقال: كذبت والله ! ما أنا لك بخازن ، ولا لأهل بيتك ، إنّما أنا خازن المسلمين. وجاء بالمفتاح يوم الجمعة ـ وعثمان يخطب ـ فقال : أيّها الناس ! زعم عثمان أنّى خازن له ولأهل بيته ! وإنّما كنت خازناً للمسلمين ، وهذه مفاتيح بيت مالكم ـ ورمي بها ـ . فأخذها عثمان ، ودفعها إلي زيد بن ثابت(١) . ١١٢٦ ـ أنساب الأشراف عن أبى مخنف : لمّا قدم الوليد الكوفة ألفي ابن مسعود علي بيت المال ، فاستقرضه مالا ـ وقد كانت الولاة تفعل ذلك ثمّ تردّ ما تأخذ ـ ، فأقرضه عبد الله ما سأله . ثمّ إنّه اقتضاه إيّاه ، فكتب الوليد فى ذلك إلي عثمان . فكتب عثمان إلي عبد الله بن مسعود : إنّما أنت خازن لنا ، فلا تعرّض للوليد فيما أخذ من المال . فطرح ابن مسعود المفاتيح وقال : كنت أظنّ أنّى خازن للمسلمين ! فأمّا إذ كنت خازناً لكم فلا حاجة لى فى ذلك . وأقام بالكوفة بعد إلقائه مفاتيح بيت المال(٢) . (١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٦٨ ، الأمالى للمفيد : ٧٠ / ٥ عن أبى يحيي مولي معاذ بن عفراء الأنصارى ; أنساب الأشراف : ٦ / ١٧٣ عن أبى مخنف ، الأوائل لأبى هلال : ١٣٠ عن قتادة وكلّها نحوه . ١٥٣ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء / الإصرار علي استئثار الأقرباء
١١٢٧ ـ العقد الفريد عن عبد الله بن سنان : خرج علينا ابن مسعود ونحن فى المسجد وكان علي بيت مال الكوفة ، وأمير الكوفة الوليد بن عقبة بن أبى معيط فقال : يا أهل الكوفة ، فُقِدت من بيت مالكم الليلة مائةُ ألف ، لم يأتِنى بها كتاب من أمير المؤمنين ، ولم يكتب لى بها براءة ! ! قال : فكتب الوليد بن عقبة إلي عثمان فى ذلك ، فنزعه عن بيت المال(١) . ٤ / ٢ ـ ١٤ ١١٢٨ ـ مسند ابن حنبل عن سالم بن أبى الجعد : دعا عثمان ناساً من أصحاب رسول الله ½ ; فيهم عمّار بن ياسر ، فقال : إنّى سائلُكم ، وإنّى اُحبّ أن تصدقونى : نشدتكم الله ! أ تعلمون أنّ رسول الله ½ كان يؤثر قريشاً علي سائر الناس ، ويؤثر بنى هاشم علي سائر قريش ؟ ! فسكت القوم . فقال عثمان : لو أنّ بيدى مفاتيح الجنّة لأعطيتها بنى اُميّة ، حتي يدخلوا من عند آخرهم ! !(٢) ١١٢٩ ـ أنساب الأشراف عن أبى مخنف ـ فى إسناده ـ : كان فى بيت المال بالمدينة سَفَط(٣) ، فيه حَلْى وجوهر ، فأخذ منه عثمان ما حلّي به بعض أهله . فأظهر الناس الطعن عليه فى ذلك ، وكلّموه فيه بكلام شديد ، حتي أغضبوه . (١) العقد الفريد : ٣ / ٣٠٨ . ١٥٤ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / ردّ طرداء رسول الله
فخطب فقال : لنأخذنّ حاجتنا من هذا الفىء ، وإن رَغِمت اُنوف أقوام . فقال له علىّ : إذاً تُمْنع من ذلك ، ويُحال بينك وبينه . وقال عمّار بن ياسر : اُشهد الله أنّ أنفى أوّل راغم من ذلك(١) . ١١٣٠ ـ تاريخ الطبرى عن عثمان : إنّ عمر كان يمنع أهله وأقرباءه ابتغاء وجه الله ، وإنّى اُعطى أهلى وأقربائى ابتغاء وجه الله(٢) . ١١٣١ ـ أنساب الأشراف عن الزهرى : لمّا ولّى عثمان عاش اثنتى عشرة سنة أميراً ; فمكث ستّ سنين لا ينقم الناس عليه شيئاً ، وإنّه لأحبُّ إلي قريش من عُمر ; لشدّة عمر ، ولين عثمان لهم ، ورفقه بهم . ثمّ توانَي فى أمرهم ، واستعمل أقاربه وأهل بيته فى الستّ الأواخر ، وأهملهم . وكتب لمروان بن الحكم بخُمس إفريقيّة ، وأعطي أقاربه المال ، وتأوّل فى ذلك الصلة التى أمر الله بها ، واتّخذ الأموال ، واستسلف من بيت المال مالا . وقال : إنّ أبا بكر وعمر تركا من هذا المال ما كان لهما ، وإنّى آخذه فأصِل به ذوى رحمى . فأنكر الناس ذلك عليه(٣) . ٤ / ٣ ١١٣٢ ـ مروج الذهب : قدم علي عثمان عمّه الحكمُ بن أبى العاص وابنُه مروان (١) أنساب الأشراف : ٦ / ١٦١ ، شرح نهج البلاغة : ٣ / ٤٩ ; الشافى : ٤ / ٢٨٩ ، الدرجات الرفيعة : ٢٦٢ . ١٥٥ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / ردّ طرداء رسول الله
وغيرهما من بنى اُميّة ، والحكم هو طريد رسول الله ½ ; الذى غرَّبه عن المدينة ، ونفاه عن جواره(١) . ١١٣٣ ـ تاريخ اليعقوبى : كتب عثمان إلي الحكم بن أبى العاص أن يقدم عليه ، وكان طريد رسول الله ـ وقد كان عثمان لمّا ولّى أبو بكر اجتمع هو وقوم من بنى اُميّة إلي أبى بكر ، فسألوه فى الحكم ، فلم يأذن له ، فلمّا ولّى عمر فعلوا ذلك ، فلم يأذن له فأنكر الناس إذنه له . وقال بعضهم : رأيت الحكم بن أبى العاص يوم قدم المدينة عليه فزر خلق(٢) ، وهو يسوق تَيساً ، حتي دخل دار عثمان ، والناس ينظرون إلي سوء حاله وحال مَن معه ، ثمّ خرج وعليه جبّة خزّ وطيلسان(٣) . ١١٣٤ ـ العقد الفريد : لمّا ردّ عثمانُ الحكمَ بن أبى العاصى ; طريد النبىّ ½ ، وطريد أبى بكر وعمر إلي المدينة ، تكلّم الناس فى ذلك . فقال عثمان : ما ينقم الناس منّى ! إنّى وصلتُ رحماً ، وقرّبتُ قرابة(٤) . ١١٣٥ ـ أنساب الأشراف عن هشام الكلبى عن أبيه : إنّ الحكم بن أبى العاص بن اُميّة عمّ عثمان بن عفّان بن أبى العاص بن اُميّة ـ كان جاراً لرسول الله ½ فى الجاهليّة ، وكان أشدَّ جيرانه أذيً له فى الإسلام ، وكان قدومه المدينة بعد فتح مكّة ، وكان مغموصاً(٥) عليه فى دينه . فكان يمرّ خلف رسول الله ½ فيغمز به ، (١) مروج الذهب : ٢ / ٣٤٣ وراجع تاريخ أبى الفداء : ١ / ١٦٩ . ١٥٦ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / تولية أعداء الإسلام من أقربائه علي البلاد
ويحكيه ، ويخلج بأنفه وفمه ، وإذا صلّي قام خلفه فأشار بأصابعه . فبقى علي تخليجه ، وأصابته خبلة . واطّلع علي رسول الله ½ ذات يوم وهو فى بعض حُجَر نسائه ، فعرفه ، وخرج إليه بعنزة ، وقال : من عذيرى من هذا الوزغة اللعين . ثمّ قال : لا يساكننى ولا ولده . فغرَّبهم جميعاً إلي الطائف . فلمّا قبض رسول الله ½ ، كلّم عثمانُ أبا بكر فيهم ، وسأله ردّهم ، فأبي ذلك ، وقال : ما كنت لآوى طُرداء رسول الله ½ . ثمّ لمّا استُخلف عمر كلّمه فيهم ، فقال مثل قول أبى بكر . فلمّا استُخلف عثمان أدخلهم المدينة ، وقال : قد كنت كلّمت رسول الله فيهم وسألتُه ردَّهم ، فوعدنى أن يأذن لهم ، فقُبض قبل ذلك . فأنكر المسلمون عليه إدخاله إيّاهم المدينة(١) . ٤ / ٤ تولية أعداء الإسلام من أقربائه علي البلاد ١١٣٦ ـ الآثار عن أبى حنيفة : بلغنى أنّ عمر بن الخطّاب قال : لو ولّيتها عثمان لحمل آل أبى معيط علي رقاب الناس ، والله لو فعلتُ لفعل ! ولو فعل لأوشكوا أن يسيروا إليه حتي يجزّوا رأسه ! !(٢) ١١٣٧ ـ تاريخ المدينة عن المدائنى : قال معاوية [لعثمان] : يا أمير المؤمنين ، إنّك (١) أنساب الأشراف : ٦ / ١٣٥ وراجع الأوائل لأبى هلال : ١٢٧ . ١٥٧ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / تولية أعداء الإسلام من أقربائه علي البلاد
قد بلغت من صِلتنا ما يبلغه كريم قوم من صلة قوم(١) ; حملتَنا علي رقاب الناس ، وجعلتَنا أوتاد الأرض ، فخُذ كلَّ رجل منّا بعمله وما يليه يكْفِك . قال : فأخذ بقول معاوية ، وردّ عمّاله إلي أمصارهم(٢) . ١١٣٨ ـ إرشاد القلوب عن حذيفة بن اليمان : لمّا استُخلص عثمان بن عفّان آوي إليه عمّه الحكمَ بن العاص ، وولده مروان ، والحارث بن الحكم ، ووجّه عمّاله فى الأمصار . وكان فيمن عمَّلَه(٣) عمرُ بن سفيان بن المغيرة بن أبى العاص بن اُميّة إلي مُشكان(٤) ، والحارث بن الحكم إلي المدائن(٥) ، فأقام بها مدّة يتعسّف أهلها ، ويسىء معاملتهم . فوفد منهم إلي عثمان وفدٌ يشكوه ، وأعلموه بسوء ما يعاملهم به ، وأغلظوا عليه فى القول ، فولّي حذيفة بن اليمان عليهم ، وذلك فى آخر أيّامه(٦) . ١١٣٩ ـ مروج الذهب : كان عمّالُه [عثمان ]جماعة ، منهم : الوليد بن عقبة بن أبى معيط علي الكوفة ، وهو ممّن أخبر النبىّ ½ أنّه من أهل النار ، وعبد الله بن (١) كذا والظاهر أنّ الصحيح "قومه" . ١٥٨ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / تولية أعداء الإسلام من أقربائه علي البلاد
أبى سرح علي مصر ، ومعاوية بن أبى سفيان علي الشام ، وعبد الله بن عامر علي البصرة . وصرف عن الكوفة الوليد بن عقبة ، وولاّها سعيد بن العاص(١) . ١١٤٠ ـ أنساب الأشراف : أمّا عبد الله بن سعد بن أبى سرح فإنّه أسلم ، وكان يكتب بين يدى رسول الله ½ ; فيُملى عليه : "الكافرين" فيجعلها "الظالمين" ، ويُملى عليه : "عزيز حكيم" فيجعلها "عليم حكيم" ، وأشباه هذا . فقال : أنا أقول كما يقول محمّد ، وآتى بمثل ما يأتى به محمّد ، فأنزل الله فيه : ³ وَمَنْ أَظْـلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَىٰ اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ اُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَىْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ ² (٢) . وهرب إلي مكّة مرتدّاً ، فأمر رسول الله ½ بقتله . وكان أخا عثمان بن عفّان من الرضاع ; فطلب فيه أشدّ طلب حتي كفّ عنه رسول الله ½ . وقال : أ ما كان فيكم من يقوم إلي هذا الكلب قبل أن اُؤمّنه فيقتله ! ! فقال عمر ـ ويقال أبو اليسر ـ : لو أومأت إلينا ، قتلناه .فقال : إنّى ما أقتل بإشارة ; لأنّ الأنبياء لا يكون لهم خائنة الأعين . وكان يأتى النبىّ ½ ، فيسلّم عليه . وولاّه عثمان مصر(٣) . (١) مروج الذهب : ٢ / ٣٤٣ وص ٣٤٦ ، الفتوح : ٢ / ٣٧٠ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٢٩٩ كلّها نحوه . ١٥٩ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / تولية أعداء الإسلام من أقربائه علي البلاد
١١٤١ ـ أنساب الأشراف : كان النبىّ ½ وجّه الوليد علي صدقات بنى المُصطَلِق ، فجاء فقال : إنّهم منعوا الصدقة ، فنزل فيه : ³ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ ² (١) (٢) . ١١٤٢ ـ البداية والنهاية : الوليد بن عقبة . . . قد ولاّه عمر صدقات بنى تغلب ، وولاّه عثمان نيابة الكوفة بعد سعد بن أبى وقّاص سنة خمس وعشرين(٣) . ١١٤٣ ـ الإمام علىّ ¼ : ما يُريد عثمان أن ينصحه أحدٌ ! ! اتّخذ بِطانةً(٤) أهلَ غِشٍّ ، ليس منهم أحد إلاّ قد تسبّب بطائفة من الأرض ; يأكل خراجها ، ويستذلّ أهلها(٥) . ١١٤٤ ـ تاريخ الطبرى ـ من كتاب اُنشئ للمعتضد فى شأن بنى اُميّة ـ : وأشدّهم فى ذلك عداوة . . . أبو سفيان بن حرب ، وأشياعه من بنى اُميّة الملعونين فى كتاب الله ، ثمّ الملعونين علي لسان رسول الله فى عدّة مواطن ، وعدّة مواضع ; لماضى علم الله فيهم ، وفى أمرهم ، ونفاقهم . . . فمِمّا لعنهم الله به علي لسان (١) الحجرات : ٦ . ١٦٠ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / تولية أعداء الإسلام من أقربائه علي البلاد
نبيه ½ ، وأنزل به كتاباً قوله : ³ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا ² (١) ، ولا اختلاف بين أحد أنّه أراد بها بنى اُميّة . . . . ومنه ما يرويه الرواة من قوله [ أبى سفيان ] : " يا بنى عبد مناف ، تلقّفوها تلقّف الكرة ، فما هناك جنّة ولا نار" وهذا كفر صراح ، يلحقه به اللعنة من الله ، كما لحقت(٢) . ١١٤٥ ـ شرح نهج البلاغة : قال أبو سفيان فى أيّام عثمان ـ وقد مرّ بقبر حمزة وضربه برجله وقال ـ : يا أبا عمارة ، إنّ الأمر الذى اجتلدنا عليه بالسيف أمسي فى يد غلماننا اليوم ، يتلعّبون به !(٣) ١١٤٦ ـ الأغانى عن الحسن : دخل أبو سفيان علي عثمان بعد أن كُفّ بصره ، فقال : هل علينا من عين(٤) ؟ فقال له عثمان : لا . فقال : يا عثمان ، إنّ الأمر أمر عالميّة ، والملك ملك جاهليّة ، فاجعل أوتاد الأرض بنى اُميّة(٥) . ١١٤٧ ـ مروج الذهب : قد كان عمّار ـ حين بويع عثمان ـ بلغه قول أبى سفيان (١) الإسراء : ٦٠ . ١٦١ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / تولية أعداء الإسلام من أقربائه علي البلاد
صخر بن حرب فى دار عثمان عقيب الوقت الذى بويع فيه عثمان ، ودخل داره ومعه بنو اُميّة ، فقال أبو سفيان : أ فيكم أحد من غيركم ـ وقد كان عَمِىَ ـ ؟ قالوا : لا . قال : يا بنى اُميّة ، تلقّفوها تلقّف الكرة ، فوَ الذى يحلف به أبو سفيان ما زلتُ أرجوها لكم ، ولتصيرنَّ إلي صبيانكم وراثةً . فانتهره عثمان ، وساءه ما قال . ونمي(١) هذا القول إلي المهاجرين والأنصار ، وغير ذلك الكلام . فقام عمّار فى المسجد فقال : يا معشر قريش ، أما إذ صرفتم هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم ; هاهنا مرّة ، وهاهنا مرّة ، فما أنا بآمَن من أن ينزعه الله منكم فيضعه فى غيركم ، كما نزعتموه من أهله ووضعتموه فى غير أهله ! (٢) ١١٤٨ ـ أنساب الأشراف : كان عثمان ولّي الحارث [بن الحكم] السوقَ ، فكان يشترى الجَلَب(٣) بحَكَمه(٤) ، ويبيعه بسَوْمه(٥) ، ويجبى مقاعد المتسوّقين ، ويصنع صنيعاً منكراً . فكُلّم فى إخراج السوق من يده ، فلم يفعل(٦) . (١) نَمَي الحديث ، يَنمى : ارتفع (لسان العرب : ١٥ / ٣٤١) . ١٦٢ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / الصدّ عن إقامة الحدّ علي الوليد
١١٤٩ ـ الاستيعاب : إنّه [شبل بن خالد] دخل علي عثمان حين لم يكن عنده غير اُموى ، فقال : ما لكم معشر قريش ، أ ما فيكم صغير تريدون أن ينبُل ، أو فقير تريدون غِناه ، أو خامل تريدون التنويه باسمه ! ! علامَ أقطعتم هذا الأشعرى العراق ، يأكلها خَضْماً ؟ ! فقال عثمان : ومن لها ؟ فأشاروا بعبد الله بن عامر ، وهو ابن ستّ عشرة سنة ، فولاّه حينئذ(١) . ٤ / ٥ الصدّ عن إقامة الحدّ علي الوليد ١١٥٠ ـ مروج الذهب : إنَّ الوليد بن عقبة كان يشرب مع ندمائه ومغنّيه من أوّل الليل إلي الصباح ، فلمّا آذنه المؤذّنون بالصلاة خرج مُتفضِّلا فى غلائله(٢) ، فتقدّم إلي المحراب فى صلاة الصبح ، فصلّي بهم أربعاً ، وقال : أ تريدون أن أزيدكم؟ وقيل : إنّه قال فى سجوده ـ وقد أطال ـ : اشربْ واسقِنى . فقال له بعض من كان خلفه فى الصف الأوّل : ما تزيد ! لا زادك الله من الخير ، والله لا أعجب إلاّ ممّن بعثك إلينا والياً ، وعلينا أميراً . وكان هذا القائل عتاب بن غيلان الثقفى . . . وأشاعوا بالكوفة فعله ، وظهر فسقه ومداومته علي شرب الخمر ، فهجم عليه (١) الاستيعاب : ٢ / ٢٥٠ / ١١٦٠ . إرجاعات
١٠٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الاُولى : وقعة الجمل / الفصل الثاني : هويّة رؤساء الناكثين / عبد الله بن عامر
١٦٣ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / الصدّ عن إقامة الحدّ علي الوليد
جماعة من المسجد ، منهم : أبو زينب بن عوف الأزدى ، وجندب بن زهير الأزدى ، وغيرهما ، فوجدوه سكران مضطجعاً علي سريره ، لا يعقل ، فأيقظوه من رقدته ، فلم يستيقظ . ثمّ تقايأ عليهم ما شرب من الخمر ، فانتزعوا خاتمه من يده ، وخرجوا من فورهم إلي المدينة ; فأتَوا عثمانَ بن عفان ، فشهدوا عنده علي الوليد أنّه شرب الخمر . فقال عثمان : وما يدريكما أنّه شرب خمراً ؟ ! فقالا : هى الخمر التى كنّا نشربها فى الجاهليّة ; وأخرجا خاتمه ، فدفعاه إليه ، فزجرهما ، ودفع فى صدورهما ، وقال : تنحَّيا عنّى . فخرجا من عنده وأتيا علىّ بن أبى طالب ¢ ، وأخبراه بالقصّة . فأتي عثمان وهو يقول : دفعتَ الشهود ، وأبطلتَ الحدود ! ! فقال له عثمان : فما تري ؟ قال : أري أن تبعث إلي صاحبك فتُحضره ، فإن أقاما الشهادة عليه فى وجهه ولم يدرأ عن نفسه بحجّة أقمت عليه الحدّ ! فلمّا حضر الوليد ، دعاهما عثمان : فأقاما الشهادة عليه ، ولم يدلِ بحجّة ، فألقي عثمان السوط إلي علىٍّ . . . فلمّا نظر إلي امتناع الجماعة عن إقامة الحدّ عليه ; توقّياً لغضب عثمان ; لقرابته منه ، أخذ علىٌّ السوط ودنا منه . فلمّا أقبل نحوه سبَّه الوليد ، وقال : يا صاحب مَكس(١) . ١٦٤ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / الصدّ عن إقامة الحدّ علي الوليد
فقال عقيل بن أبى طالب ـ وكان ممّن حضر ـ : إنّك لتتكلّم يابن أبى معيط كأنّك لا تدرى من أنت ! وأنت علجٌ من أهل صَفّورِيَّة(١) ـ وهى قرية بين عكاء واللجون ، من أعمال الأردن من بلاد طبريّة ، وكان ذُكر أنّ أباه كان يهوديّاً منها ـ . فأقبل الوليد يَروغُ من علىّ ، فاجتذبه علىٌّ فضرب به الأرض ، وعلاه بالسوط . فقال عثمان : ليس لك أن تفعل به هذا ! قال : بل وشرّاً من هذا ، إذا فسق ومنع حقّ الله تعالي أن يؤخذ منه ! !(٢) ١١٥١ ـ أنساب الأشراف عن مسروق ـ فى الوليد بن عقبة ـ : إنّه حين صلّي لم يَرِمْ(٣) حتي قاء . فخرج فى أمره إلي عثمان أربعةُ نفر : أبو زينب ، وجندب بن زهير ، وأبو حبيبة الغفارى ، والصعب بن جثامة ; فأخبروا عثمان خبره . فقال عبد الرحمن بن عوف : ما له ، أجُنّ ؟ ! قالوا : لا ، ولكنّه سكر . قال : فأوعدهم عثمان ، وتهدّدهم ; وقال لجندب : أنت رأيت أخى يشرب الخمر ؟ ! قال : معاذ الله ، ولكنّى أشهد أنّى رأيته سكران يقلسها(٤) من جوفه ، وأنّى أخذت خاتمه من يده وهو سكران لا يعقل . قال أبو إسحاق : فأتي الشهود عائشة ، فأخبروها بما جري بينهم وبين (١) صَفُّورِيَة : بلدة من نواحى الاُردن بالشام وهى قرب طَبَرية (معجم البلدان : ٣/٤١٤) . ١٦٥ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / الصدّ عن إقامة الحدّ علي الوليد
عثمان ، وأنّ عثمان زَبَرَهم . فنادت عائشة : إنّ عثمان أبطل الحدود ، وتوعّد الشهود . قال الواقدى : وقد يقال : إنّ عثمان ضرب بعض الشهود أسواطاً ، فأتوا عليّاً فشكوا ذلك إليه . فأتي عثمانَ فقال : عطّلتَ الحدود ، وضربت قوماً شهدوا علي أخيك ; فقلبتَ الحكم ، وقد قال عمر : لا تُحمل بنى اُميّة وآل أبى مُعيط خاصّة علي رقاب الناس . قال : فما تري ؟ ! قال : أري أن تعزله ، ولا تولّيه شيئاً من اُمور المسلمين ، وأن تسأل عن الشهود ; فإن لم يكونوا أهل ظِنّة ولا عداوة أقمت علي صاحبك الحدّ . قال : ويقال إنّ عائشة أغلظت لعثمان ، وأغلظ لها ، وقال : وما أنتِ وهذا ! ؟ إنّما اُمرتِ أن تَقَرّى فى بيتكِ ! ! فقال قومٌ مثل قوله ، وقال آخرون : ومن أولي بذلك منها ! ! فاضطربوا بالنعال ، وكان ذلك أوّل قتال بين المسلمين بعد النبىّ ½ (١) . ١١٥٢ ـ أنساب الأشراف ـ فى الوليد بن عقبة ـ : لمّا شُهد عليه فى وجهه ، وأراد عثمان أن يَحُدَّه ، ألبسه جبَّة حبر ، وأدخله بيتاً ، فجعل إذا بعث إليه رجلا من قريش ليضربه ، قال له الوليد : أنشدك الله أن تقطع رحمى ، وتُغضب أمير المؤمنين عليك ، فيَكفّ . ١٦٦ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / تحريف التاريخ فى قضيّة شرب الوليد
فلمّا رأي ذلك علىّ بن أبى طالب ، أخذ السوط ودخل عليه . . . وجَلَده(١) . تحريف التاريخ فى قضيّة شرب الوليد من المواطن الملحوظة فى تحريف التاريخ مسألة شرب الوليد الخمر ، وإقامة الحدّ عليه . فقد حاول الطبرى فى تاريخه ـ عن طريق سلسلة سنده المشهورة : "السرّى ، عن شعيب ، عن سيف بن عمر" ـ وابن الأثير فى الكامل ، تنزيه الوليد ، خلافاً لما ذَكَرته جميع النصوص التاريخيّة ، ولما رواه المؤرّخون من شربه الخمر ; فقد نزّهاه ، واتّهما الشهود بالتآمر عليه ، بدخولهم عليه وهو نائم ، ونزعهم خاتمه ، وشهادتهم عليه عند عثمان . ودانهُ عثمان بإقامة الحدّ عليه مع علمه ببراءته ، وفوّض إلي الله تعالي جزاء شهود الزور ! ! ! وذكرا أنّ الذى تولّي إقامة الحدّ هو سعيد بن العاص(٢) . قارن هذا القول مع قول أبى عمر فى الاستيعاب ، فى ذكر أحوال الوليد بن عقبة : وخبر صلاته بهم وهو سكران ، وقوله : أزيدكم ـ بعد أن صلّي الصبح أربعاً ـ مشهورٌ ، من رواية الثقات ، من نقل أهل الحديث وأهل الأخبار . . . وقد روى (١) أنساب الأشراف : ٦ / ١٤٥ ، شرح نهج البلاغة : ٣ / ٢٠ ; الشافى : ٤ / ٢٥٤ . ١٦٧ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / العفو عن قاتل الهرمزان وابنة أبى لؤلؤة
فيما ذكر الطبرى أنّه تعصّب عليه قوم من أهل الكوفة ; بغياً وحسداً ، وشهدوا عليه زوراً أنّه تقيّأ الخمر ، وذكر القصّة ، وفيها : إنّ عثمان قال له : يا أخى اصبر ; فإنّ الله يأجُرك ، ويبوء القوم بإثمك . وهذا الخبر من نقل أهل الأخبار لا يصحّ عند أهل الحديث ولا له عند أهل العلم أصل(١) . ٤ / ٦ العفو عن قاتل الهرمزان وابنة أبى لؤلؤة ١١٥٣ ـ السنن الكبري عن عبد الله بن عبيد بن عمير : لمّا طُعن عمر ، وثب عبيد الله ابن عمر علي الهرمزان فقتله ، فقيل لعمر : إنّ عبيد الله بن عمر قتل الهرمزان ! قال : ولِمَ قتله ؟ قال : إنّه قتل أبى . قيل : وكيف ذاك ؟ قال رأيته قبل ذلك مستخلياً(٢) بأبى لؤلؤة ، وهو أمره بقتل أبى . قال عمر : ما أدرى ما هذا ! انظروا إذا أنا متّ فاسألوا عبيد الله البيّنة عن الهرمزان هو قتلنى ; فإن أقام البيّنة فدمه بدمى ، وإن لم يُقِم البيّنة فأقيدوا(٣) عبيد الله من الهرمزان . فلمّا ولّى عثمان ، قيل له : أ لا تُمضى وصيّة عمر فى عبيد الله ؟ قال : ومَن ولىّ الهرمزان؟ قالوا: أنت يا أمير المؤمنين! فقال: فقد عفوت من(٤) عبيد الله بن عمر(٥). ١١٥٤ ـ تاريخ اليعقوبى : وثب ابنه عبيد الله [بن عمر] فقتل أبا لؤلؤة وابنته (١) الاستيعاب : ٤ / ١١٦ / ٢٧٥٠ . ١٦٨ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / العفو عن قاتل الهرمزان وابنة أبى لؤلؤة
وامرأته ، واغترّ الهرمزان فقتله . وكان عبيد الله يحدّث أنّه تبعه ، فلمّا أحسّ الهرمزان بالسيف قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله . وروي بعضهم أن عمر أوصي أن يُقاد عبيد الله بالهرمزان ، وأن عثمان أراد ذلك ، وقد كان ـ قبل أن يلى الأمر ـ أشدّ مَن خلق الله علي عبيد الله ، حتي جرّ بشعره ، وقال : يا عدوّ الله ، قتلتَ رجلا مسلماً ، وصبيّة طفلة ، وامرأة لا ذنب لها ! قتلنى الله إن لم أقتلك ! ! فلمّا وُلّى ردّه إلي عمرو بن العاص . وروي بعضهم عن عبد الله بن عمر أنّه قال : يغفر الله لحفصة ! فإنّها شجّعت عبيد الله علي قتلهم(١) . ١١٥٥ ـ أنساب الأشراف عن غياث بن إبراهيم ـ فى ذكر خُطبة عثمان فى أوّل خلافته ـ : إنّ عثمان صعد المنبر فقال : أيّها الناس ! إنّا لم نكن خطباء ، وإن نَعِشْ تأتِكم الخطبة علي وجهها إن شاء الله ، وقد كان من قضاء الله أنّ عبيد الله بن عمر أصاب الهرمزان ، وكان الهرمزان من المسلمين ، ولا وارث له إلاّ المسلمون عامّةً ، وأنا إمامكم ، وقد عفوتُ ، أ فتعفون ؟ قالوا : نعم . فقال علىّ : أقِد الفاسقَ ; فإنّه أتي عظيماً ; قتل مسلماً بلا ذنب . وقال لعبيد الله : يا فاسق ! لئن ظفرت بك يوماً لأقتلنّك بالهرمزان(٢) . ١١٥٦ ـ الطبقات الكبري عن المطّلب بن عبد الله بن حنطب : قال علىٌّ لعبيد الله بن عمر : ما ذنبُ بنة أبى لؤلؤة حين قتلتها ؟ ! (١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٦٠ . ١٦٩ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / العفو عن قاتل الهرمزان وابنة أبى لؤلؤة
قال : فكان رأى علىٍّ ـ حين استشاره عثمان ـ ورأى الأكابر من أصحاب رسول الله علي قتله ، لكنّ عمرو بن العاص كلَّم عثمان حتي تركه . فكان علىٌّ يقول : لو قدرتُ علي عبيد الله بن عمر ولى سلطانٌ لاقتصصتُ منه(١) . ١١٥٧ ـ تاريخ اليعقوبى : أكثرَ الناسُ فى دم الهرمزان ، وإمساك عثمان عبيدَ الله ابن عمر . فصعد عثمان المنبر ، فخطب الناس ، ثمّ قال : ألا إنّى ولىّ دم الهرمزان ، وقد وهبته لله ولعمر ، وتركته لدم عمر . فقام المقداد بن عمرو فقال : إنّ الهرمزان مولي لله ولرسوله ، وليس لك أن تهب ما كان لله ولرسوله ! قال : فننظر ، وتنظرون . ثمّ أخرج عثمان ، عبيدَ الله بن عمر من المدينة إلي الكوفة ، وأنزله داراً(٢) . ١١٥٨ ـ تاريخ الطبرى : جلس عثمان فى جانب المسجد ، ودعا بعبيد الله بن عمر وكان محبوساً فى دار سعد بن أبى وقّاص ، وهو الذى نزع السيف من يده بعد قتله جُفينة والهرمزان وبنة أبى لؤلؤة ; وكان يقول : والله لأقتلنّ رجالا ممّن شرك فى دم أبى ـ يعرّض بالمهاجرين والأنصار ـ فقام إليه سعد ، فنزع السيف من يده ، وجذب شعره حتي أضجعه إلي الأرض ، وحبسه فى داره ، حتي أخرجه عثمان إليه . فقال عثمان لجماعة من المهاجرين والأنصار : أشيروا علىَّ فى هذا (١) الطبقات الكبري : ٥ / ١٦ . ١٧٠ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / العفو عن قاتل الهرمزان وابنة أبى لؤلؤة
الذى فتق فى الإسلام ما فتَق ! فقال علىّ : أري أن تقتله . فقال بعض المهاجرين : قُتل عمر أمسِ ، ويُقتل ابنه اليوم ! فقال عمرو بن العاص : يا أمير المؤمنين ، إنّ الله قد أعفاك أن يكون هذا الحدَث كان ولك علي المسلمين سلطان ; إنّما كان هذا الحدَث ولا سلطان لك ! قال عثمان : أنا وليّهم ، وقد جعلتها دية ، واحتملتها فى مالى . قال : وكان رجل من الأنصار يقال له : زياد بن لبيد البيّاضى إذا رأي عبيد الله ابن عمر ، قال :
قال : فشكا عبيد الله بن عمر إلي عثمان زيادَ بن لَبيد وشعره ، فدعا عثمانُ زيادَ ابن لَبيد ، فنهاه . قال : فأنشأ زياد يقول فى عثمان :
فدعا عثمانُ زيادَ بن لبيد ، فنهاه ، وشَذّبَه(١)(٢) . (١) شَذّبَه عن الشىء : طرده (لسان العرب : ١ / ٤٨٦) . ١٧١ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / معاقبة من أنكر عليه أحداثه
٤ / ٧ ٤ / ٧ ـ ١ ١١٥٩ ـ شرح نهج البلاغة : إنّ أبا ذرّ لمّا دخل علي عثمان ، قال له : لا أنعم الله بك عيناً يا جُنَيْدِب ! فقال أبو ذرّ : أنا جُنيدب ، وسمّانى رسولُ الله ½ عبدَ الله ، فاخترتُ اسمَ رسول الله الذى سمّانى به علي اسمى . فقال عثمان : أنت الذى تزعم أنّا نقول : إنّ يد الله مغلولة ; وإنّ الله فقير ونحن أغنياء ! فقال أبو ذرّ : لو كنتم لا تزعمون لأنفقتم مالَ الله علي عباده ! ولكنّى أشهد لَسمعتُ رسول الله ½ يقول : إذا بلغ بنو أبى العاص ثلاثين رجلا جعلوا مالَ الله دولا ، وعبادَ الله خولا ، ودينَ الله دخلاً(١) . فقال عثمان لمن حضره : أ سَمِعتموها من نبى الله ؟ ! فقالوا : ما سمعناه . فقال عثمان : ويلك يا أبا ذرّ ! أ تكذب علي رسول الله ! فقال أبو ذرّ لمن حضر : أ ما تظنّون أنّى صدقت ! قالوا : لا والله ما ندرى . فقال عثمان : ادعُوا لى عليّاً . فدُعىَ ، فلمّا جاء قال عثمان لأبى ذرّ : اقصُص عليه حديثك فى بنى أبى العاص ! فحدّثه ، فقال عثمان لعلىٍّ : هل سمعتَ هذا من ١٧٢ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / معاقبة من أنكر عليه أحداثه / نفى أبى ذر
رسول الله ½ ؟ فقال علىّ ¼ : لا ، وقد صدق أبو ذرّ . قال عثمان : بمَ عرفت صدقه ؟ قال : لأنّى سمعتُ رسولَ الله ½ يقول : ما أظلّت الخضراء ، ولا أقلّت الغبراء من ذى لَهجة أصدق من أبى ذرّ(١) . فقال جميع من حضر من أصحاب النبىّ ½ : لقد صدق أبو ذرّ . فقال أبو ذرّ : اُحدّثكم أنّى سمعت هذا من رسول الله ½ ثمّ تتّهموننى ! ! ما كنتُ أظنّ أنّى أعيش حتي أسمع هذا من أصحاب محمّد(٢) . ١١٦٠ ـ تاريخ اليعقوبى : بلغ عثمان أنّ أبا ذرّ يقع فيه ، ويذكر ما غُيّر وبُدّل من سنن رسول الله ، وسنن أبى بكر وعمر ، فسيّره إلي الشام إلي معاوية . وكان يجلس فى المسجد ، فيقول كما كان يقول ، ويجتمع إليه الناس ، حتي كثر من يجتمع إليه ، ويسمع منه . وكان يقف علي باب دمشق ـ إذا صلّي صلاة الصبح فيقول : جاءت القطار تحمل النار ، لعن الله الآمرين بالمعروف والتاركين له ، ولعن الله الناهين عن المنكر والآتين له . (١) انظر فى خصوص هذا الحديث : مسند ابن حنبل : ٨ / ١٦٩ / ٢١٧٨٣ ، سنن الترمذى : ٥ / ٦٦٩ / ٣٨٠١ وح ٣٨٠٢ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٥٥ / ١٥٦ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ٣٨٥ / ٥٤٦١ وح ٥٤٦٢ ; معانى الأخبار : ١٧٩ / ١ ، علل الشرائع : ١٧٧ / ١ وح ٢ ، الاحتجاج : ١ / ٦١٦ / ١٣٩ . ١٧٣ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / معاقبة من أنكر عليه أحداثه / نفى أبى ذر
وكتب معاوية إلي عثمان : إنّك قد أفسدتَ الشام علي نفسك بأبى ذرّ . فكتب إليه : أن احمله علي قَتَب(١) بغير وطاء . فقدِم به إلي المدينة ، وقد ذهب لحم فخذيه . . . . فلم يُقِم بالمدينة إلاّ أياماً ، حتي أرسل إليه عثمان : والله لتخرجنّ عنها ! قال : أ تُخرجنى من حرم رسول الله ؟ ! قال : نعم ، وأنفك راغم . قال : فإلي مكّة ؟ قال : لا . قال : فإلي البصرة ؟ قال : لا . قال : فإلي الكوفة ؟ قال : لا ولكن إلي الرَّبَذة التى خرجتَ منها ، حتي تموت بها . يا مروان ، أخرِجه ، ولا تدَع أحداً يُكلّمه حتي يخرج(٢) . ١١٦١ ـ مروج الذهب ـ فى ذكر ما طُعن به علي عثمان ـ : ومن ذلك ما فعل بأبى ذرّ ; وهو أنّه حضر مجلسَه ذات يوم ، فقال عثمان : أ رأيتم من زكّي ماله ، هل فيه حقّ لغيره ؟ فقال كعب : لا ، يا أمير المؤمنين . فدفع أبو ذرّ فى صدر كعب ، وقال له : كذبتَ يابن اليهودى ، ثمّ تلا : ³ لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ² (٣) الآية . فقال عثمان : أ ترون بأساً أن نأخذ مالا من بيت مال المسلمين فنُنفقه فيما ينوبنا من اُمورنا ، ونعطيكموه ؟ فقال كعب : لا بأس بذلك . فرفع أبو ذرّ العصا ، فدفع بها فى صدر كعب ، وقال : يابن اليهودى ما أجرأك (١) القَتَب : رَحْلٌ صغير علي قدر السَّنام (الصحاح : ١ / ١٩٨) . ١٧٤ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / معاقبة من أنكر عليه أحداثه / نفى أبى ذر
علي القول فى ديننا ! فقال له عثمان : ما أكثر أذاك لى ! غيِّبْ وجهك عنّى ; فقد آذيتنا . فخرج أبو ذرّ إلي الشام . فكتب معاوية إلي عثمان : إنّ أبا ذرّ تجتمع إليه الجموع ، ولا آمن أن يُفسدهم عليك ، فإن كان لك فى القوم حاجة فأحمله إليك . فكتب إليه عثمان بحمله . فحمله علي بعير ، عليه قَتَب يابس ، معه خمسة من الصقالبة(١) يطيرون(٢) به ، حتي أتوا به المدينة ، وقد تسلّخت بواطن أفخاذه ، وكاد أن يتلف ، فقيل له : إنّك تموت من ذلك . فقال : هيهات ، لن أموت حتي اُنفي . وذكر جوامع ما ينزل به بعدُ ، ومن يتولّي دفنه . فأحسن إليه فى داره أيّاماً ، ثمّ دخل إليه فجلس علي ركبتيه ، وتكلّم بأشياء ، وذكر الخبر فى ولد أبى العاص : "إذا بلغوا ثلاثين رجلا اتّخذوا عباد الله خوَلا" . . . وكان فى ذلك اليوم قد أتي عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهرى من المال ، فنثرت البِدَر حتي حالت بين عثمان وبين الرجل القائم ، فقال عثمان : إنّى لأرجو لعبد الرحمن خيراً ; لأنّه كان يتصدّق ، ويقرى الضيف ، وترك ما ترون . فقال كعب الأحبار : صدقت يا أمير المؤمنين ، فشال أبو ذرّ العصا ، فضرب بها رأس كعب ، ولم يشغله ما كان فيه من الألم ، وقال : يابن اليهودى تقول لرجل (١) الصِّقلاب الشديد من الرؤوس . والصَّقالِبَة : جيلٌ حُمْر الألوان ، صُهْب الشعور ، تُتاخِم بلادهم بلادَ الخزر وبعض بلاد الروم بين بُلْغَر وقُسطنطينيّة ، وقيل للرجل الأحمر صقلاب تشبيهاً بهم (تاج العروس : ٢ / ١٤٧) . ١٧٥ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / معاقبة من أنكر عليه أحداثه / نفى أبى ذر
مات وترك هذا المال : إنّ الله أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة ، وتقطع علي الله بذلك ! وأنا سمعت النبىّ ½ يقول : "ما يسرّنى أن أموت وأدع ما يَزِن قيراطاً" ! ! فقال له عثمان : وارِ عنّى وجهك . فقال : أسير إلي مكّة ؟ قال : لا والله . قال : فتمنعنى من بيت ربّى أعبده فيه حتي أموت ؟ قال : إى والله . قال : فإلي الشام ؟ قال : لا والله . قال : البصرة ؟ قال : لا والله ، فاختَر غير هذه البلدان . قال : لا والله ، ما أختار غير ما ذكرت لك ، ولو تركتنى فى دار هجرتى ما أردتُ شيئاً من البلدان ، فسيّرنى حيث شئت من البلاد . قال : فإنّى مسيّرك إلي الرَّبَذة . قال : الله أكبر ! صدق رسول الله ½ ; قد أخبرنى بكلّ ما أنا لاق . قال عثمان : وما قال لك ؟ ! قال : أخبرنى بأنّى اُمنع عن مكّة والمدينة ، وأموت بالرَّبَذة ، ويتولّي مواراتى نفر ممّن يَرِدون من العراق نحو الحجاز . وبعث أبو ذرّ إلي جمل له ، فحمل عليه امرأته ، وقيل : ابنته . وأمر عثمان أن يتجافاه الناس حتي يسير إلي الرَّبَذة . فلمّا طلع عن المدينة ـ ومروان يُسيّرُ[ه] عنها ـ طلع عليه علىّ بن أبى طالب ¢ ، ومعه ابناه الحسن والحسين ، وعقيل أخوه ، وعبد الله بن جعفر ، وعمّار بن ياسر . فاعترض مروان ، فقال : يا علىّ ، إنّ أمير المؤمنين قد نهي الناس أن يصحبوا أبا ذرّ فى مسيره ويشيّعوه ، فإن كنت لم تدرِ بذلك فقد أعلمتُك ! فحمل عليه علىّ بن أبى طالب بالسوط ، وضرب بين اُذنى راحلته ، وقال : ١٧٦ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / معاقبة من أنكر عليه أحداثه / نفى أبى ذر
تَنَحَّ ، نحّاك الله إلي النار . ومضي مع أبى ذرّ فشيّعه ، ثمّ ودّعه وانصرف . فلمّا أراد علىٌّ الانصراف بكي أبو ذرّ ، وقال : رحمكم الله أهل البيت ، إذا رأيتك يا أبا الحسن وولدك ذكرتُ بكم رسول الله ½ . فشكا مروانُ إلي عثمان ما فعل به علىّ بن أبى طالب ، فقال عثمان : يا معشر المسلمين ! من يعذرنى من علىّ ؟ ردَّ رسولى عمّا وجّهته له ، وفعل كذا ، والله لنعطينّه حقّه ! فلمّا رجع علىٌّ استقبله الناس ، فقالوا له : إنّ أمير المؤمنين عليك غضبان ; لتشييعك أبا ذرّ . فقال علىّ : "غَضبُ الخيلِ علي اللُّجُم" . فلمّا كان بالعشى جاء إلي عثمان ، فقال له : ما حملك علي ما صنعتَ بمروان ! ولِمَ اجترأتَ علىّ ، ورددتَ رسولى وأمرى ؟ ! قال : أمّا مروان ; فإنّه استقبلنى يردّنى ، فرددتُه عن ردّى . وأمّا أمرك فلم أردّه . قال عثمان : أ لم يبلغك أنّى قد نهيتُ الناس عن أبى ذرّ وعن تشييعه ؟ فقال علىّ :أ وَكلّ ما أمرتَنا به من شىء نري طاعة الله والحقّ فى خلافه اتّبعنا فيه أمرك ! ! بالله لا نفعل . قال عثمان : أقِد مروان . قال : ومِمّ أقيده ؟ قال : ضربت بين اُذنى راحلته ، وشتمتَه ، فهو شاتمك وضارب بين اُذنى راحلتك . قال علىّ : أمّا راحلتى فهى تلك ، فإن أراد أن يضربها كما ضربتُ راحلتَه ١٧٧ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام علىّ بعد النبىّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة علي عثمان / معاقبة من أنكر عليه أحداثه / نفى أبى ذر
فليفعل ، وأمّا أنا فوَ الله لئن شتمنى لأشتمنَّك أنتَ مثلَها بما لا أكذب فيه ، ولا أقول إلاّ حقّاً . قال عثمان : ولِم لا يشتمك إذا شتمته ؟ ! ، فوَ الله ما أنت عندى بأفضل منه ! فغضب علىّ بن أبى طالب ، وقال : ألى تقول هذا القول ؟ ! وبمروان تعدلنى ! ! فأنا والله أفضل منك ! وأبى أفضل من أبيك ! واُمّى أفضل من اُمّك ! وهذه نبلى قد نثلتها(١) ، وهلُمّ فانثلْ بنبلك(٢) . فغضب عثمان ، واحمرّ وجهه ، فقام ودخل داره . وانصرف علىّ ، فاجتمع إليه أهل بيته ، ورجال من المهاجرين والأنصار . فلمّا كان من الغد واجتمع الناس إلي عثمان شكا إليهم عليّاً ، وقال : إنّه يعيبنى ويظاهر من يعيبنى ـ يريد بذلك أبا ذرّ وعمّار بن ياسر وغيرهما ـ . فدخل الناس بينهما ، حتي اصطلحا ، وقال له علىٌّ : والله ، ما أردت بتشييع أبى ذرّ إلاّ الله تعالي(٣) . (١) نَثَل كِنانته نثلا : استخرج ما فيها من النبل (لسان العرب : ١١ / ٦٤٥) . |
||||||||||||||||||