الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد الرابع

 

 

 ١٢٧ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة

٣ / ١

الصدق فى السياسة

١٣٥٢ ـ الإمام علىّ  ¼ : هيهات ! لولا التقي لكنت أدهي العرب(١) .

١٣٥٣ ـ عنه  ¼ : يا أيّها الناس ! لولا كراهية الغدر كنت من أدهي الناس ، ألا إنّ لكلّ غدرة فجرة ، ولكلّ فجرة كفرة . ألا وإنّ الغدر والفجور والخيانة فى النار(٢) .

١٣٥٤ ـ عنه  ¼ : والله ما معاوية بأدهي منّى ، ولكنّه يغدر ويفجر ، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهي الناس ، ولكن كلّ غدرة فجرة ، وكلّ فجرة كفرة ، ولكلّ غادر لواء يعرف به يوم القيامة . والله ما اُستَغفَلُ بالمكيدة ، ولا اُستَغمَزُ


(١) الكافى : ٨ / ٢٤ / ٤ عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر  ¼ ، غرر الحكم : ١٠٠٤١ ، عيون الحكم والمواعظ : ٥١٢ / ٩٣٢٢ .
(٢) الكافى : ٢ / ٣٣٨ / ٦ عن الأصبغ بن نباتة ، بحار الأنوار : ٣٣ / ٤٥٤ / ٦٧١ .

 ١٢٨ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الالتزام بالحقّ

بالشديدة(١) .

١٣٥٥ ـ عنه  ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : وإن عقدتَ بينك وبين عدوّك عقدة ، أو ألبسته منك ذمّة ، فحط عهدك بالوفاء ، وارع ذمّتك بالأمانة ، واجعل نفسك جُنّة دون ما أعطيتَ ، فإنّه ليس من فرائض الله شىء الناس أشدّ عليه اجتماعاً ، مع تفرّق أهوائهم ، وتشتّت آرائهم ، من تعظيم الوفاء بالعهود ، وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لِمَا استَوبَلُوا(٢) من عواقب الغدر ، فلا تغدرنّ بذمّتك ، ولا تخيسنّ(٣) بعهدك ، ولا تختلنّ(٤) عدوّك(٥) .

راجع : السياسة الحربيّة / الخدعة .

٣ / ٢

الالتزام بالحقّ

١٣٥٦ ـ عنه  ¼ : إنّ أفضل الناس عند الله من كان العمل بالحقّ أحبّ إليه ـ وإن نقصه وكرثه(٦) ـ من الباطل وإن جرّ إليه فائدة وزاده(٧) .

١٣٥٧ ـ الإمام علىّ  ¼ : لا تمنعنّكم رعاية الحقّ لأحد عن إقامة الحقّ عليه(٨) .


(١) نهج البلاغة : الخطبة ٢٠٠ ; ينابيع المودّة : ١ / ٤٥٤ ، المعيار والموازنة : ١٦٦ وفيه إلي "يوم القيامة" .
(٢) الوبال : فى الأصل : الثِقل والمكروه (النهاية : ٥ / ١٤٦) .
(٣) خاسَ عهده وبعهده : نقضه وخانه (لسان العرب : ٦ / ٧٥) .
(٤) يقال : خَتَلَه يَختِله ; إذا خدعه وراوغه (النهاية : ٢ / ٩) .
(٥) نهج البلاغة : الكتاب ٥٣ ، خصائص الأئمّة    ¥ : ١٢٣ ، تحف العقول : ١٤٥ نحوه .
(٦) كَرَثَه : أى اشتدّ عليه وبلغ منه المشقّة (النهاية : ٤ / ١٦١) .
(٧) نهج البلاغة : الخطبة ١٢٥ ، وقعة صفّين : ٥٤٢ نحوه ; تاريخ الطبرى : ٥ / ٦٩ كلاهما عن شريح بن هانى وفيه "حنّ" بدل "جرّ" .
(٨) غرر الحكم : ١٠٣٢٨ ، عيون الحكم والمواعظ : ٥٢٩ / ٩٦٢٠ .

 ١٢٩ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الالتزام بالحقّ

١٣٥٨ ـ الإرشاد : لمّا توجّه أمير المؤمنين  ¼ إلي البصرة ، نزل الربذة(١) فلقيه بها آخر الحاجّ ، فاجتمعوا ليسمعوا من كلامه وهو فى خبائه .

قال ابن عبّاس : فأتيته فوجدته يخصف نعلاً ، فقلت له : نحن إلي أن تُصلح أمرنا أحوج منّا إلي ما تصنع ، فلم يكلّمنى حتي فرغ من نعله ، ثمّ ضمّها إلي صاحبتها ، ثمّ قال لى : قوّمها ، فقلت : ليس لها قيمة ، قال : علي ذاك ، قلت : كسرُ درهم .

قال : والله لهما أحبّ إلىَّ من أمركم هذا ، إلاّ أن اُقيم حقّاً أو أدفع باطلاً(٢) .

١٣٥٩ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى حرب صفّين ـ : فو الله ما دفعتُ الحربَ يوماً إلاّ وأنا أطمع أن تلحق بى طائفة ، فتهتدى بى وتعشو إلي ضوئى ، وذلك أحبّ إلىَّ من أن أقتُلَها علي ضلالها ، وإن كانت تبوء بآثامها(٣) .

١٣٦٠ ـ عنه  ¼ ـ فى الشكوي ممّن يميل إلي معاوية من أصحابه ـ : يا ويحهم ، مع من يميلون ويدَعوننى ! فو الله ما أردتُهم إلاّ علي إقامة حقّ ، ولا يريدهم غيرى إلاّ علي باطل(٤) .

١٣٦١ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ من كتابه إلي أهل مصر لمّا ولّي عليهم الأشتر ـ : أمّا بعد فقد بعثت إليكم عبداً من عباد الله ، لا ينام أيّام الخوف ولا ينكل عن الأعداء ساعات الرَّوع ، أشدّ علي الفجّار من حريق النار وهو مالك بن الحارث أخو


(١) الربذة : من قري المدينة علي ثلاثة أيّام ، قريبة من ذات عرق علي طريق الحجاز إذا رحلت من فيد تريد مكّة ، وبهذا الموضع قبر أبى ذرّ الغفارى (معجم البلدان : ٣ / ٢٤) .
(٢) الإرشاد : ١ / ٢٤٧ ، نهج البلاغة : الخطبة ٣٣ نحوه ، بحار الأنوار : ٣٢ / ١١٣ / ٩٠ .
(٣) نهج البلاغة : الخطبة ٥٥ ، بحار الأنوار : ٣٢ / ٥٥٦ / ٤٦٤ .
(٤) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٨٤ .

 ١٣٠ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الالتزام بالقانون

مذحج ، فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحقّ(١) .

١٣٦٢ ـ عنه  ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : ألزم الحقّ من لزمه من القريب والبعيد ، وكن فى ذلك صابراً محتسباً ، واقعاً ذلك من قرابتك وخاصّتك حيث وقع ، وابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه ، فإنّ مغبّة ذلك محمودة(٢) .

١٣٦٣ ـ عنه  ¼ : بلزوم الحقّ يحصل الاستظهار(٣) .

١٣٦٤ ـ عنه  ¼ : من عمل بالحقّ مالَ إليه الخَلق(٤) .

١٣٦٥ ـ عنه  ¼ : من جاهد علي إقامة الحقّ وُفّق(٥) .

٣ / ٣

الالتزام بالقانون

١٣٦٦ ـ الإمام الباقر  ¼ : أخذ [علىّ  ¼ ] رجلاً من بنى أسد فى حدّ ، فاجتمع قومه ليكلّموا فيه ، وطلبوا إلي الحسن أن يصحبهم ، فقال : ائتوه فهو أعلي بكم عيناً ، فدخلوا عليه وسألوه ، فقال : لا تسألونى شيئاً أملك إلاّ أعطيتكم ، فخرجوا يرون أنّهم قد أنجحوا ، فسألهم الحسن ، فقالوا : أتينا خير مأتىّ . وحكوا له قوله ، فقال : ما كنتم فاعلين إذا جلد صاحبكم فاصنعوه ، فأخرجه علىّ فحدّه ، ثمّ قال : هذا والله لست أملكه(٦) .


(١) نهج البلاغة : الكتاب ٣٨ ، بحار الأنوار : ٣٣ / ٥٩٥ / ٧٤١ .
(٢) نهج البلاغة : الكتاب ٥٣ ، خصائص الأئمّة    ¥ : ١٢٣ ، تحف العقول : ١٤٥ .
(٣) غرر الحكم : ٤٣٥٢ ، عيون الحكم والمواعظ : ١٨٩ / ٣٨٩٧ .
(٤) غرر الحكم : ٨٦٤٦ ، عيون الحكم والمواعظ : ٤٦٠ / ٨٣٦٢ .
(٥) غرر الحكم : ٨٦٥١ ، عيون الحكم والمواعظ : ٤٤٠ / ٧٦٥٣ .
(٦) المناقب لابن شهر آشوب : ٢/١٤٧ ، دعائم الإسلام: ٢/٤٤٣/١٥٤٧ نحوه، بحار الأنوار: ٤١/٩/١.

 ١٣١ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عدم المداهنة

١٣٦٧ ـ الغارات ـ فى ذكر النجاشى الشاعر ـ : كان شاعر علىّ  ¼ بصفّين ، فشرب الخمر بالكوفة ، فحدّه أمير المؤمنين  ¼ ، فغضب ولحق بمعاوية وهجا عليّاً  ¼ . . .

لمّا حدّ علىّ  ¼ النجاشى غضب لذلك من كان مع علىّ من اليمانيّة ، وكان أخصّهم به طارق بن عبد الله بن كعب بن اُسامة النهدى ، فدخل علي أمير المؤمنين  ¼ فقال : يا أمير المؤمنين ، ما كنّا نري أنّ أهل المعصية والطاعة وأهل الفرقة والجماعة عند ولاة العدل ومعادن الفضل سيّان فى الجزاء ، حتي رأيتُ ما كان من صنيعك بأخى الحارث ، فأوغرتَ صدورنا ، وشتّتّ اُمورنا ، وحملَتنا علي الجادّة التى كنّا نري أنّ سبيل من ركبها النار .

فقال علىّ  ¼ : ³ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَي الْخَاشِعِينَ  ²  (١) ، يا أخا بنى نهد ، وهل هو إلاّ رجل من المسلمين انتهك حرمة من حرم الله فأقمنا عليه حدّاً كان كفّارته ، إنّ الله تعالي يقول : ³ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئـَانُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ  ²  (٢) (٣) .

راجع : السياسة القضائيّة / إقامة الحدود علي القريب والبعيد .

٣ / ٤

عدم المداهنة

١٣٦٨ ـ رسول الله  ½ : اِرفعوا ألسنتكم عن علىّ بن أبى طالب ، فإنّه خشن فى


(١) البقرة : ٤٥ .
(٢) المائدة : ٨ .
(٣) الغارات : ٢ / ٥٣٣ وص ٥٣٩ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ١٤٧ نحوه ، بحار الأنوار : ٤١ / ٩ / ٢ ; شرح نهج البلاغة : ٤ / ٨٩ نحوه .

 ١٣٢ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عدم المداهنة

ذات الله عزّ وجلّ ، غير مداهن فى دينه(١) .

١٣٦٩ ـ الإمام علىّ  ¼ : لا يُقيم أمر الله سبحانه إلاّ من لا يصانع ، ولا يضارع ، ولا يتّبع المطامع(٢) .

١٣٧٠ ـ عنه  ¼ ـ لمّا أراده الناس علي البيعة ـ : اعلموا أنّى إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، ولم اُصغِ إلي قول القائل وعتب العاتب(٣) .

١٣٧١ ـ عنه  ¼ : ولعمرى ما علىَّ من قتال من خالف الحقّ وخابط الغىّ من إدهان ولا إيهان ، فاتّقوا الله عباد الله وفرُّوا إلي الله من الله(٤) .

١٣٧٢ ـ عنه  ¼ : لا اُداهن فى دينى ، ولا اُعطى الدنيّة فى أمرى(٥) .

١٣٧٣ ـ حلية الأولياء عن عبد الواحد الدمشقى : نادي حوشب الخيرى عليّاً يوم صفّين ، فقال : انصرف عنّا يابن أبى طالب ، فإنّا ننشدك الله فى دمائنا ودمك ، نخلّى بينك وبين عراقك ، وتخلّى بيننا وبين شامنا ، وتحقن دماء المسلمين .

فقال علىّ : هيهات يابن اُمّ ظليم ! والله لو علمت أنّ المداهنة تسعنى فى دين الله لفعلت ، ولكان أهون علىّ فى المؤونة ، ولكنّ الله لم يرضَ من أهل القرآن


(١) الإرشاد : ١ / ١٧٣ ، كشف الغمّة : ١ / ٢٣٦ ، بحار الأنوار : ٢١ / ٣٨٥ / ١٠ وراجع مسند ابن حنبل : ٤ / ١٧٢ / ١١٨١٧ والبداية والنهاية : ٥ / ٢٠٩ وج ٧ / ٣٤٦ ومجمع الزوائد : ٩ / ١٧٤ / ١٤٧٣٥ .
(٢) نهج البلاغة : الحكمة ١١٠ ، عيون الحكم والمواعظ : ٥٤١ / ١٠٠٣٢ وفيه "يخادع" بدل "يضارع" و"يغيّره" بدل "يتّبع" وراجع نثر الدرّ : ١ / ٢٩٢ .
(٣) نهج البلاغة : الخطبة ٩٢ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ١١٠ ، بحار الأنوار : ٣٢ / ٣٥ / ٢٣ .
(٤) نهج البلاغة : الخطبة ٢٤ .
(٥) الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٠٦ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٦٤ وفيه "الرياء" بدل "الدنيّة" ، تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٣٩ نحوه وكلّها عن ابن عبّاس وراجع البداية والنهاية : ٧ / ٢٢٩ .

 ١٣٣ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / تنظيم الاُمور

بالإدهان والسكوت ، والله يُعصي(١) .

راجع :الموقف الحازم مع العمّال

الاصلاحات العلوية / عزل عمّال عثمان .

٣ / ٥

تنظيم الاُمور

١٣٧٤ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : وأمضِ لكلّ يوم عمله ; فإنّ لكلّ يوم ما فيه . . . إيّاك والعجلةَ بالاُمور قبل أوانها ، أو التسقّط فيها عند إمكانها ، أو اللجاجة فيها إذا تنكّرت ، أو الوهن عنها إذا استَوضحت . فضع كلّ أمر موضعه ، وأوقِع كلّ أمر موقعه(٢) .

١٣٧٥ ـ عنه  ¼ ـ من كتابه إلي اُمراء الخراج : إيّاكم وتأخير العمل ودفع الخير ; فإنّ فى ذلك الندم(٣) .

١٣٧٦ ـ عنه  ¼ : مجتنى الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه(٤) .

١٣٧٧ ـ عنه  ¼ : من الخرق المعاجلة قبل الإمكان ، والأناة بعد الفرصة(٥) .

١٣٧٨ ـ عنه  ¼ ـ فى صفة القرآن ـ : ألا إنّ فيه علم ما يأتى ، والحديث عن


(١) حلية الأولياء : ١/٨٥ ، اُسد الغابة : ٢/٩٢/١٢٩٨ ، الاستيعاب : ١/٤٥٧/٥٩٩ وفيهما "الحميرى" بدل "الخيرى" وراجع تاريخ دمشق : ٣٩ / ٢٦٤ .
(٢) نهج البلاغة : الكتاب ٥٣ ، تحف العقول : ١٤٣ و١٤٧ ، دعائم الإسلام : ١ / ٣٦٧ كلاهما نحوه .
(٣) وقعة صفّين : ١٠٨ ، بحار الأنوار : ٧٥ / ٣٥٥ / ٧٠ ; المعيار والموازنة : ١٢٣ نحوه .
(٤) نهج البلاغة : الخطبة ٥ ، كشف اليقين : ٢١٦ / ٢١٨ ، نزهة الناظر : ٥٦ / ٣٩ نحوه ، بحار الأنوار : ٢٨ / ٢٣٥ .
(٥) نهج البلاغة : الحكمة ٣٦٣ ، نزهة الناظر : ٤٨ / ١٧ ، بحار الأنوار : ٧١ / ٣٤١ / ١٤ .

 ١٣٤ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / انتخاب العمّال الصالحين

الماضى ، ودواء دائكم ، ونظم ما بينكم(١) .

١٣٧٩ ـ عنه  ¼ ـ فى وصيّته للحسن والحسين    ¤ لمّا ضربه ابن ملجم ـ : اُوصيكما وجميع ولدى وأهلى ومن بلغه كتابى ، بتقوي الله ونظم أمركم(٢) .

٣ / ٦

انتخاب العمّال الصالحين

١٣٨٠ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : لكلٍّ علي الوالى حقّ بقدر ما يصلحه ، وليس يخرج الوالى من حقيقة ما ألزمه الله من ذلك إلاّ بالاهتمام والاستعانة بالله ، وتوطين نفسه علي لزوم الحقّ ، والصبر عليه فيما خفّ عليه أو ثقل .

فولِّ من جنودك أنصحهم فى نفسك لله ولرسوله ولإمامك ، وأنقاهم جيباً ، وأفضلهم حلماً ، ممّن يبطئ عن الغضب ، ويستريح إلي العذر ، ويرأف بالضعفاء ، وينبو(٣) علي الأقوياء ، وممّن لا يثيره العنف ، ولا يقعد به الضعف .

ثمّ الصَق بذوى المروءات والأحساب ، وأهل البيوتات الصالحة ، والسوابق الحسنة ; ثمّ أهل النجدة والشجاعة ، والسخاء والسماحة ; فإنّهم جِماع من الكرم ، وشُعَب من العُرْف . ثمّ تفقّد من اُمورهم ما يتفقّده الوالدان من ولدهما . . .

ثمّ انظر فى اُمور عمّالك فاستعملهم اختباراً ، ولا تولّهم محاباة وأثَرَة ، فإنّهما جِماع من شُعَب الجور والخيانة ، وتَوَخَّ منهم أهل التجربة والحياء من أهل


(١) نهج البلاغة : الخطبة ١٥٨ ، الرواشح السماويّة : ٢٢ ، بحار الأنوار : ٩٢ / ٢٣ / ٢٤ .
(٢) نهج البلاغة : الكتاب ٤٧ ، روضة الواعظين : ١٥٢ ; ينابيع المودّة : ٢ / ٣٠ / ٢ .
(٣) نَبا فُلان عن فلان : لم ينقَد له ، ونَبا بى فلان نَبْواً : إذا جَفانى (لسان العرب : ١٥ / ٣٠٢) .

 ١٣٥ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عدم استعمال الخائن والعاجز

البيوتات الصالحة ، والقدم فى الإسلام المتقدّمة ; فإنّهم أكرم أخلاقاً ، وأصحّ أعراضاً ، وأقلّ فى المطامع إشراقاً ، وأبلغ فى عواقب الاُمور نظراً . . .

ثمّ لا يكن اختيارك إيّاهم علي فِراستك ، واستنامتك(١) ، وحسن الظنّ منك ; فإنّ الرجال يتعرّضون لفِراسات الولاة بتصنّعهم وحسن خدمتهم ، وليس وراء ذلك من النصيحة والأمانة شىء ، ولكن اختبرهم بما ولّوا للصالحين قبلك ، فاعمِد لأحسنهم كان فى العامّة أثراً ، وأعرَفِهم بالأمانة وجهاً ; فإنّ ذلك دليل علي نصيحتك لله ولمن ولّيت أمره .

واجعل لرأس كلّ أمر من اُمورك رأساً منهم لا يقهره كبيرها ، ولا يتشتّت عليه كثيرها ، ومهما كان فى كتّابك من عيب فتغابيت(٢) عنه اُلزمته(٣) .

١٣٨١ ـ عنه  ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : فاصطَفِ لولاية أعمالك أهل الورع والعلم والسياسة(٤) .

راجع : الاصلاحات العلويّة / عزل عمّال عثمان .

٣ / ٧

عدم استعمال الخائن والعاجز

١٣٨٢ ـ الإمام علىّ  ¼ : إنّ المغيرة بن شعبة قد كان أشار علىَّ أن أستعمل معاوية


(١) استنام : سَكَن (لسان العرب : ١٢ / ٥٩٦) .
(٢) تغابي : أى تغافلَ وتبالَهَ (النهاية : ٣ / ٣٤٢) .
(٣) نهج البلاغة : الكتاب ٥٣ ، تحف العقول : ١٣٢ وص ١٣٧ و١٣٩ ، دعائم الإسلام : ١ / ٣٥٧ وص ٣٦١ و٣٦٥ كلاهما نحوه .
(٤) تحف العقول : ١٣٧ ، دعائم الإسلام : ١ / ٣٦١ .

 ١٣٦ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عدم استعمال الخائن والعاجز

علي الشام وأنا بالمدينة ، فأبيت ذلك عليه ، ولم يكن الله ليرانى أتّخذ المضلّين عضداً(١) (٢) .

١٣٨٣ ـ عنه  ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : إنّ شرّ وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيراً ، ومن شركهم فى الآثام ; فلا يكوننّ لك بطانة ; فإنّهم أعوان الأَثَمة وإخوان الظَّلَمة ، وأنت واجد منهم خير الخلف ممّن له مثل آرائهم ونفاذهم ، وليس عليه مثل آصارهم وأوزارهم وآثامهم ممّن لم يعاون ظالماً علي ظلمه ، ولا آثماً علي إثمه . اُولئك أخفّ عليك مؤونة ، وأحسن لك معونة ، وأحني عليك عطفاً ، وأقلّ لغيرك إلفاً ، فاتّخذ اُولئك خاصّة لخلواتك وحَفَلاتك(٣) (٤) .

١٣٨٤ ـ عنه  ¼ ـ من كتابه إلي رِفاعة قاضيه علي الأهواز ـ : اعلم يا رفاعة أنّ هذه الإمارة أمانة ; فمن جعلها خيانةً فعليه لعنة الله إلي يوم القيامة ، ومن استعمل خائناً فإنّ محمّداً  ½ برىء منه فى الدنيا والآخرة(٥) .

١٣٨٥ ـ عنه  ¼ ـ يصف الإمام الحقّ ـ : وقد علمتم أنّه لا ينبغى أن يكون الوالى علي الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين البخيلَ ; فتكون فى أموالهم نَهْمَته ، ولا الجاهل ; فيضلّهم بجهله ، ولا الجافى ;


(١) إشارة إلي الآية ٥١ من سورة الكهف .
(٢) وقعة صفّين : ٥٢ عن الجرجانى ; الإمامة والسياسة : ١ / ١١٦ ، تاريخ دمشق : ٥٩ / ١٣١ وراجع الخصال : ٣٧٩ / ٥٨ والاختصاص : ١٧٧ .
(٣) حَفَل القومُ يَحفِلون حَفْلا واحتَفَلُوا : اجتمعوا واحتشدوا (لسان العرب : ١١ / ١٥٧) .
(٤) نهج البلاغة : الكتاب ٥٣ ، تحف العقول : ١٢٩ ، دعائم الإسلام : ١ / ٣٥٥ كلاهما نحوه .
(٥) دعائم الإسلام : ٢ / ٥٣١ / ١٨٩٠ ، نهج السعادة : ٥ / ٣٣ .

 ١٣٧ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عدم استعمال الخائن والعاجز

فيقطعهم بجفائه ، ولا الحائف للدُّوَل ; فيتّخذ قوماً دون قوم ، ولا المرتشى فى الحكم ; فيذهب بالحقوق ، ويقف بها دون المَقاطِع(١) ، ولا المعطّل للسنّة ; فيُهلِك الاُمّة(٢) .

١٣٨٦ ـ عنه  ¼ ـ فى الحكم المنسوبة إليه : من فسدت بطانته كان كمن غصّ بالماء ; فإنّه لو غصّ بغيره لأساغ الماء غصّته(٣) .

١٣٨٧ ـ عنه  ¼ : آفة الأعمال عجز العمّال(٤) .

١٣٨٨ ـ عنه  ¼ : لا تتّكل فى اُمورك علي كسلان(٥) .

١٣٨٩ ـ عنه  ¼ : من خانَه وزيره فسد تدبيره(٦) .

١٣٩٠ ـ عنه  ¼ : كِذْب السفيرِ يولّد الفساد ، ويفوّت المراد ، ويُبطل الحزم ويَنقُض العزم(٧) .


(١) المَقاطِع : جمع مقطع وهو ما ينتهى الحق إليه أى لا تصل الحقوق إلي أربابها لأجل ما أخذ من الرشوة عليها (شرح نهج البلاغة : ٨ / ٢٦٦) .
(٢) نهج البلاغة : الخطبة ١٣١ وراجع دعائم الإسلام : ٢ / ٥٣١ / ١٨٨٦ .
(٣) شرح نهج البلاغة : ٢٠ / ٣٠٨ / ٥٢٦ .
(٤) غرر الحكم : ٣٩٥٨ ، عيون الحكم والمواعظ : ١٨١ / ٣٧١١ .
(٥) غرر الحكم : ١٠٢٠٥ ، عيون الحكم والمواعظ : ٥١٨ / ٩٣٨٤ .
(٦) غرر الحكم : ٨٠٥٤ ، عيون الحكم والمواعظ : ٤٣٢ / ٧٤٣٠ .
(٧) غرر الحكم : ٧٢٥٩ ، عيون الحكم والمواعظ : ٣٩٧ / ٦٧٢٤ . قد تخطر علي بال بعض هذه الشبهة ; وهى أنّ الإمام عليّاً  ¼ كان يؤكّد علي اختيار الصلحاء ويحذّر من استعمال الخائن والعاجز . فكيف كان بين عمّاله وولاته أشخاص غير صالحين؟ فقد كان بعض عمّاله كزياد بن أبيه ، والمنذر بن الجارود ، والنعمان بن عجلان وغيرهم خائنين ، وفيما هناك كان آخرون كعبيد الله بن عبّاس وأبى أيّوب وغيرهم يفتقدون لعنصر الكفاءة والتدبير . فلماذا استعملهم؟ ولماذا عزل رجلاً متديّناً ومدبّراً كقيس بن سعد ، وولّي مكانه محمّد بن أبى بكر وهو شابّ عديم التجربة؟ جاء جواب الشبهة الاُولي فى مدخل القسم السادس عشر (طائفة من عمّاله وأصحابه). أمّا الشبهة الثانية فقد وردت ضمن سيرة قيس بن سعد ، وجاء الجواب عنها تفصيليّاً فى القسم السادس عشر أيضاً.

 ١٣٨ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / إسباغ الأرزاق علي العمّال

٣ / ٨

إسباغ الأرزاق علي العمّال

١٣٩١ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : ثمّ أسبِغ عليهم الأرزاق ; فإنّ ذلك قوّة لهم علي استصلاح أنفسهم ، وغني لهم عن تناول ما تحت أيديهم ، وحجّة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك(١) .

راجع : السياسة القضائية / التأمين الاقتصادى للقضاة .

٣ / ٩

اختيار العيون لمراقبة العمّال

١٣٩٢ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى كتابه إلي كعب بن مالك(٢) ـ : أمّا بعد ; فاستخلف علي عملك ، واخرج فى طائفة من أصحابك حتي تمرّ بأرض كورة السواد(٣) ، فتسأل


(١) نهج البلاغة : الكتاب ٥٣ ، تحف العقول : ١٣٧ ، دعائم الإسلام : ١ / ٣٦١ .
(٢) الظاهر أنّ الصحيح "مالك بن كعب" لعدم وجود عامل للإمام  ¼ باسم كعب بن مالك، بل كعب بن مالك ممّن لم يبايع الإمام، ولكن مالك بن كعب من عمّاله الذى يعتمد عليه وهو عامل علي عين التمر وبِهْقُباذات.
(٣) السَّواد : أراضى وقري العراق وضياعها التى افتتحها المسلمون علي عهد عمر بن الخطّاب ، سمّى بذلك لسواده بالزروع والنخيل والأشجار (راجع معجم البلدان : ٣/٢٧٢).

 ١٣٩ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / اختيار العيون لمراقبة العمّال

عن عمّالى ، وتنظر فى سيرتهم فيما بين دجلة والعُذيب(١) ، ثمّ ارجع إلي البِهقُباذات(٢) فتولّ معونتها ، واعمل بطاعة الله فيما ولاّك منها .

واعلم أنّ كلّ عمل ابن آدم محفوظ عليه مجزىّ به ، فاصنع خيراً صنع الله بنا وبك خيراً ، وأعلمنى الصدق فيما صنعت . والسلام(٣) .

١٣٩٣ ـ عنه  ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : ثمّ انظر فى اُمور عمّالك فاستعملهم اختباراً . . . ثمّ تفقّد أعمالهم ، وابعث العيون من أهل الصدق والوفاء عليهم ; فإنّ تعاهدَك فى السرّ لاُمورهم حَدْوَةٌ(٤) لهم علي استعمال الأمانة ، والرفق بالرعيّة ، وتحفّظ من الأعوان ; فإن أحدٌ منهم بسط يده إلي خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك ، اكتفيت بذلك شاهداً ، فبسطت عليه العقوبة فى بدنه ، وأخذته بما أصاب من عمله ، ثمّ نصبته بمقام المذلّة ، ووسمته بالخيانة ، وقلّدته عار التُّهمَةَ(٥) .

١٣٩٤ ـ عنه  ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر (فى مراقبة الجنود) ـ : ثمّ لا تدَع أن يكون لك عليهم عيون(٦) من أهل الأمانة والقول بالحقّ عند الناس ، فيثبتون بلاء كلّ ذى بلاء منهم ليثِق اُولئك بعلمك ببلائهم(٧) .


(١) العُذَيْب : ماء لبنى تميم ، وهو أوّل ماء يلقاه الإنسان بالبادية إذا سار من قادسيّة الكوفة يريد مكّة (تقويم البلدان : ٧٩).
(٢) بِهْقُباذ : اسم لثلاث كُور ببغداد من أعمال سقى الفرات (معجم البلدان : ١ / ٥١٦) .
(٣) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٤ .
(٤) حدوة لهم: أى باعث ومحرّض لهم والحدو فى الأصل: سوق الإبل والغناء لها (بحار الأنوار: ٣٣/٦٢٥).
(٥) نهج البلاغة : الكتاب ٥٣ ، تحف العقول : ١٣٧ ، دعائم الإسلام : ١ / ٣٦١ كلاهما نحوه .
(٦) العَين : الذى يُبعث ليتَجسّس الخبرَ (لسان العرب : ١٣ / ٣٠١) .
(٧) تحف العقول : ١٣٣ .

 ١٤٠ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / التشويق والتنبيه

٣ / ١٠

التشويق والتنبيه

١٣٩٥ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : ولا يكون المحسن والمسىء عندك بمنزلة سَواء ; فإنّ فى ذلك تزهيداً لأهل الإحسان فى الإحسان ، وتدريباً لأهل الإساءة علي الإساءة . وألزِم كلاًّ منهم ما ألزم نفسه(١) .

١٣٩٦ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : وليكن آثر رؤوس جنودك من واساهم فى معونته ، وأفضل عليهم فى بذله ممّن يسَعهم ويسَع مَن وراءهم من الخُلوف(٢) من أهلهم ، حتي يكون همّهم همّاً واحداً فى جهاد العدوّ .

ثمّ واتر إعلامَهم ذات نفسك فى إيثارهم والتكرمة لهم ، والإرصاد بالتوسعة . وحقّق ذلك بحسن الفعال والأثر والعطف; فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك(٣).

٣ / ١١

الموقف الحازم مع العمّال

٣ / ١١ ـ ١

الأشعث بن قيس (٤)

١٣٩٧ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى كتابه إلي الأشعث بن قيس عامل أذربيجان(٥) ـ : إنّ


(١) نهج البلاغة : الكتاب ٥٣ ، تحف العقول : ١٣٠ ، دعائم الإسلام : ١ / ٣٥٦ نحوه .
(٢) الخوالف : الذين لا يغزون (لسان العرب : ٩ / ٨٦) .
(٣) تحف العقول : ١٣٣ .
(٤) الأشعث هو عامل عثمان ، عزله الإمام  ¼ عقيب خلافته .
(٥) أذْرَبَيجان : اسم لمنطقة كبيرة وهى اليوم قسمان : القسم الجنوبى ; وهو يشكّل ثلاث محافظات من محافظات شمال غربى إيران ، وهى : أذربيجان الشرقيّة ، وأذربيجان الغربيّة ، وأردبيل . والقسم الشمالى الذى كان ضمن دول الاتّحاد السوفيتى السابق وقد استقلّ وصار يعرف اليوم بأذربيجان .

 ١٤١ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / زياد بن أبيه

عملك ليس لك بِطُعْمة ، ولكنّه فى عنقك أمانة ، وأنت مسترعيً لمن فوقك ، ليس لك أن تَفْتاتَ(١) فى رعيّة ، ولا تخاطر إلاّ بوثيقة ، وفى يديك مال من مال الله عزّ وجلّ ، وأنت من خزّانه حتي تسلّمه إلىَّ ، ولعلّى ألاّ أكون شرّ وُلاتك لك . والسلام(٢) .

١٣٩٨ ـ نثر الدرّ : قال [علىّ  ¼ ] للأشعث بن قيس : أدِّ وإلاّ ضربتك بالسيف . فأدّي ما كان عليه ، فقال له : من كان عليك لو كنّا ضربناك بعرض السيف ؟ فقال : إنّك ممّن إذا قال فعل(٣) .

راجع : القسم السادس عشر / الأشعث بن قيس .

٣ / ١١ ـ ٢

زياد بن أبيه

١٣٩٩ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ من كتابه إلي زياد بن أبيه ـ : إنّى اُقسم بالله قسماً صادقاً ، لئن بلغنى أنّك خُنت من فىء المسلمين شيئاً صغيراً أو كبيراً ، لأشُدّنَّ عليك شدّة تدعك قليل الوَفْر ، ثقيل الظهر ، ضئيل الأمر . والسلام(٤) .

١٤٠٠ ـ أنساب الأشراف : وجّه [علىّ  ¼ ] إلي زياد رسولاً ليأخذه لحمل ما اجتمع عنده من المال ، فحمل زياد ما كان عنده وقال للرسول : إنّ الأكراد قد كسروا من


(١) يقال : افتات عليه : إذا انفرد برأيه دونه فى التصرّف فيه (النهاية : ٣ / ٤٧٧) .
(٢) نهج البلاغة : الكتاب ٥ ، وقعة صفّين : ٢٠ عن الجرجانى ; العقد الفريد : ٣ / ٣٢٧ ، الإمامة والسياسة : ١ / ١١١ وكلّها نحوه .
(٣) نثر الدرّ : ١ / ٢٩٢ .
(٤) نهج البلاغة : الكتاب ٢٠ ، بحار الأنوار : ٣٣ / ٤٨٩ / ٦٩٥ .


إرجاعات 
٥٣ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / الأشْعَثُ بنُ قَيْس

 ١٤٢ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / شريح القاضي

الخراج وأنا اُداريهم ، فلا تُعلِم أمير المؤمنين ذلك ، فيري أنّه اعتلال منّى .

فقدم الرسول فأخبر عليّاً بما قال زياد ، فكتب إليه : قد بلّغنى رسولى عنك ما أخبرته به عن الأكراد ، واستكتامك إيّاه ذلك ، وقد علمت أنّك لم تلقِ ذلك إليه إلاّ لتبلغنى إيّاه ، وإنّى اُقسم بالله عزّ وجلّ قسماً صادقاً لئن بلغنى أنّك خنت من فىء المسلمين شيئاً صغيراً أو كبيراً ، لأشدّنّ عليك شدّة تدعك قليل الوَفْر(١) ، ثقيل الظهر . والسلام(٢) .

١٤٠١ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى كتابه إلي زياد ، وكان عامله علي فارس ـ : أمّا بعد ، فإنّ رسولى أخبرنى بعجب ، زعم أنّك قلت له فيما بينك وبينه : إنّ الأكراد هاجت بك ، فكسرت عليك كثيراً من الخراج ، وقلت له : لا تُعلِم بذلك أمير المؤمنين .

يا زياد ! وأقسم بالله إنّك لكاذب ، ولئن لم تبعث بخراجك لأشدّنّ عليك شدّة تدعك قليل الوفر ، ثقيل الظهر ، إلاّ أن تكون لما كسرت من الخراج محتملاً(٣) .

راجع : القسم السادس عشر / زياد بن أبيه .

٣ / ١١ ـ ٣

شريح القاضى

١٤٠٢ ـ نهج البلاغة : روى أن شريح بن الحارث قاضى أمير المؤمنين  ¼ اشتري علي عهده داراً بثمانين ديناراً ، فبلغه ذلك فاستدعي شُريحاً وقال له :

بلغنى أنك ابتعت داراً بثمانين ديناراً ، وكتبت لها كتاباً ، وأشهدت فيه شهوداً !

فقال له شريح : قد كان ذلك يا أمير المؤمنين .


(١) الوَفْر : المال الكثير (النهاية : ٥ / ٢١٠) .
(٢) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٩٠ .
(٣) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٤ .


إرجاعات 
١١٢ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه

 ١٤٣ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / شريح القاضي

قال : فنظر إليه نظر المغضب ثمّ قال له : يا شريح ! أما إنّه سيأتيك من لا ينظر فى كتابك ، ولا يسألك عن بيّنتك حتي يخرجك منها شاخصاً ، ويسلّمك إلي قبرك خالصاً . فانظر يا شريح ! لا تكون ابتعت هذه الدار من غير مالك ، أو نقدت الثمن من غير حلالك ; فإذا أنت قد خسرت دار الدنيا ودار الآخرة . أما إنّك لو كنت أتيتنى عند شرائك ما اشتريت ، لكتبت لك كتاباً علي هذه النسخة ، فلم ترغب فى شراء هذه الدار بدرهم فما فوق . والنسخة هذه :

هذا ما اشتري عبد ذليل من ميّت قد أزعج للرحيل ، اشتري منه داراً من دار الغرور من جانب الفانين ، وخطّة الهالكين ، وتجمع هذه الدار حدود أربعة : الحدّ الأوّل ينتهى إلي دواعى الآفات ، والحدّ الثانى ينتهى إلي دواعى المصيبات ، والحدّ الثالث ينتهى إلي الهوي المردى ، والحدّ الرابع ينتهى إلي الشيطان المغوى ، وفيه يُشرَع باب هذه الدار .

اشتري هذا المغترّ بالأمل ، من هذا المَزعَج بالأجلّ هذه الدار بالخروج من عزّ القناعة ، والدخول فى ذلّ الطلب والضَّراعة ; فما أدرك هذا المشترى فيما اشتري منه من دَرَك .

فعلي مُبَلْبِل أجسام الملوك ، وسالب نفوس الجبابرة ، ومزيل ملك الفراعنة ، مثل كسري وقيصر ، وتُبَّع وحِمْيَر ، ومَن جمع المال علي المال فأكثر ، ومَن بني وشيّد وزخرف ، ونَجَّد(١) وادَّخر ، واعتقد ونظر بزعمه للوَلَد ـ إشخاصُهم(٢) جميعا إلي موقف العرض والحساب ، وموضع الثواب والعقاب إذا وقع الأمر بفصل


(١) من التنجيد : التزيين (النهاية : ٥ / ١٩) .
(٢) إشخاصُهم ، مبتدأ مرفوع ، وخبره الجار والمجرور المقدّم ; وهو قوله : "فعلي مُبلبل أجسام الملوك" .

 ١٤٤ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / عبد الله بن عبّاس

القضاء ³ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِـلُونَ  ²  (١) شهد علي ذلك العقل إذا خرج من أسر الهوي وسلم من علائق الدنيا(٢) .

٣ / ١١ ـ ٤

عبد الله بن عبّاس

١٤٠٣ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ ممّا كتبه إلي عبد الله بن عبّاس ، وهو عامله علي البصرة ـ : فاربَعْ(٣) أبا العبّاس ـ رحمك الله ـ فيما جري علي لسانك ويدك من خير وشرّ ; فإنّا شريكان فى ذلك ، وكن عند صالح ظنّى بك ، ولا يفيلنّ(٤) رأيى فيك . والسلام(٥) .

١٤٠٤ ـ عنه  ¼ ـ من كتابه إلي ابن عبّاس ـ : أمّا بعد ، فقد بلغنى عنك أمرٌ إن كنت فعلته فقد أسخطت ربّك ، وأخربت أمانتك ، وعصيت إمامك ، وخِنتَ المسلمين .

بلغنى أنّك جرّدت الأرض ، وأكلت ما تحت يديك ، فارفع إلىَّ حسابك ، واعلم أنّ حساب الله أشدّ من حساب الناس . والسلام(٦) .

راجع : القسم السادس عشر / عبد الله بن عبّاس .


(١) غافر : ٧٨ .
(٢) نهج البلاغة : الكتاب ٣ ، روضة الواعظين : ٤٨٩ نحوه .
(٣) ربع الرجل يربع : إذا وقف وتحبَّس . ومنه قولهم : اربَع علي نفسك ، واربَعْ علي ظلعِك ، أى ارفق بنفسك وكُفَّ (الصحاح : ٣ / ١٢١٢) .
(٤) من فال يفيل : أخطأ وضعُف (لسان العرب : ١١ / ٥٣٤) .
(٥) نهج البلاغة : الكتاب ١٨ ، بحار الأنوار : ٣٣ / ٤٩٣ / ٦٩٩ .
(٦) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٩٧ ; نهج البلاغة : الكتاب ٤٠ نحوه وفيه "إلي بعض عمّاله" بدل "إلي عبد الله بن عبّاس" .


إرجاعات 
١٨٨ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس

 ١٤٥ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / عثمان بن حنيف

٣ / ١١ ـ ٥

عثمان بن حنيف

١٤٠٥ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ من كتاب له إلي عثمان بن حنيف الأنصارى ، وكان عامله علي البصرة ، وقد بلغه أنّه دُعى إلي وليمة قوم من أهلها ، فمضي إليها ـ : أمّا بعد ، يابن حنيف : فقد بلغنى أنّ رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلي مأدُبة ، فأسرعت إليها ، تستطاب لك الألوان ، وتُنقل إليك الجِفان ، وما ظننت أنّك تُجيب إلي طعام قوم ، عائلهم مجفوّ وغنيّهم مدعوّ . فانظر إلي ما تقضَمُه(١) من هذا المَقْضَم ، فما اشتبه عليك علمه فالفظه ، وما أيقنت بطيب وجوهه فنَل منه .

ألا وإنّ لكلّ مأموم إماماً ، يقتدى به ويستضىء بنور علمه ، ألا وإنّ إمامكم قد اكتفي من دنياه بطِمْريه(٢) ، ومن طُعمه بقرصيه ، ألا وإنّكم لا تقدرون علي ذلك ، ولكن أعينونى بورع واجتهاد ، وعفّة وسداد .

فو الله ما كنزت من دنياكم تِبراً ، ولا ادّخرت من غنائمها وَفْراً ، ولا أعددت لبالى ثوبى طِمراً ، ولا حُزت من أرضها شبراً ، ولا أخذت منه إلاّ كقوت أتان دَبِرة(٣) ، ولهى فى عينى أوهي وأهون من عَفْصة مَقِرة(٤) .

بلي ! كانت فى أيدينا فدك من كلّ ما أظلّته السماء ، فشحّت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس قوم آخرين ، ونِعْمَ الحكم الله .


(١) القَضْم : الأكل بأطراف الاسنان (لسان العرب : ١٢ / ٤٨٧) .
(٢) الطِّمْر : الثوب الخَلَق (النهاية : ٣ / ١٣٨) .
(٣) وهى التى عُقر ظهرها ، فقلّ أكلُها (شرح نهج البلاغة : ١٦ / ٢٠٧) .
(٤) العصف والعصفة : ما كان علي ساق الزرع من الورق الذى ييبس فيتفتّت (لسان العرب : ٩ / ٢٤٧) ، المَقِر : الصبر وهو هذا الدواء المرّ المعروف (النهاية : ٤ / ٣٤٧) .

 ١٤٦ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / عثمان بن حنيف

وما أصنعُ بفدك وغير فدك ؟ والنفس مظانّها فى غد جدث ، تنقطع فى ظلمته آثارها ، وتغيب أخبارها . وحفرةٌ لو زيد فى فسحتها ، وأوسعت يدا حافرها ، لأضغطها الحجر والمدر ، وسدّ فُرجها التراب المتراكم .

وإنّما هى نفسى أرُوضها بالتقوي لتأتى آمنةً يوم الخوف الأكبر ، وتثبت علي جوانب المزلق . ولو شئت لاهتديت الطريق إلي مصفّي هذا العسل ، ولُباب هذا القمح ، ونسائج هذا القزّ ، ولكن هيهات أن يغلبَنى هواى ، ويقودنى جشعى إلي تخيّر الأطعمة ولعلّ بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له فى القرص ، ولا عهد له بالشِّبَع ، أ وَأبيتَ مبطاناً وحولى بُطونٌ غرثي وأكبادٌ حرّي ، أو أكون كما قال القائل :

وحسبك داءً أن تبيت ببطنة وحولك أكبادٌ تحِنُّ إلي القدِّ !

أ أقنع من نفسى بأن يقال :هذا أمير المؤمنين ، ولا اُشاركهم فى مكاره الدهر ، أو أكون اُسوةً لهم فى جشوبة العيش ! فما خُلقتُ ليشغلنى أكل الطيّبات ، كالبهيمة المربوطة ، همّها علفها ، أو المرسلة شغلها تقمّمها(١) ، تكترش من أعلافها ، وتلهو عمّا يراد بها ، أو اُتركَ سديً ، أو اُهمل عابثاً ، أو أجُرّ حبل الضلالة ، أو أعتسف طريق المتاهة ! . . .

إليكِ عنّى يا دنيا ، فحبلك علي غاربك ، قد انسللت من مخالبكِ ، وأفلتّ من حبائلك ، واجتنبتُ الذهاب فى مداحضك . أين القرون الذين غررتِهم بمداعبك ! أين الاُمم الذين فتنتِهم بزخارفك ! فها هم رهائن القبور ، ومضامين اللُّحود .

والله لو كنتِ شخصاً مرئياً ، وقالباً حسّياً ، لأقمت عليك حدود الله فى عباد


(١) تَقَمَّم : تتبّع القُمام فى الكُناسات (لسان العرب : ١٢ / ٤٩٣) .

 ١٤٧ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / عثمان بن حنيف

غررتهم بالأمانى ، واُمم ألقيتِهم فى المهاوى ، وملوك أسلمتهم إلي التلف ، وأوردتهم موارد البلاء ; إذ لا وِرْدَ ولا صَدر !

هيهات ! من وَطِئ دَحْضَك زَلِق ، ومن ركب لُجَجك غَرِق ، ومن ازوَرَّ عن حبائلك وُفّق ، والسالم منك لا يبالى إن ضاق به مُناخه ، والدنيا عنده كيوم حان انسلاخه .

اُعزُبى عنّى ! فو الله لا أذلّ لك فتستذلّينى ، ولا أسلَس لك فتقودينى . وايم الله ـ يميناً أستثنى فيها بمشيئة الله ـ لأروضنّ نفسى رياضةً تهِشّ(١) معها إلي القرص إذا قدرت عليه مطعوماً ، وتقنع بالملح مأدوماً ، ولأدعنّ مقلتى كعين ماء ، نضب معينها ، مستفرغةً دموعها . أ تمتلئ السائمة من رعيها فتبرك ؟ وتشبع الربيضة من عشبها فتربض (٢)؟ ويأكل علىٌّ من زاده فيهجع ! قرّت إذاً عينُه إذا اقتدي بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة ، والسائمة المرعيّة !

طوبي لنفس أدّت إلي ربّها فرضها ، وعركت بجنبها بؤسها ، وهجرت فى الليل غمضها ، حتي إذا غلب الكري(٣) عليها افترشت أرضها ، وتوسّدت كفّها ، فى معشر أسهر عيونَهم خوفُ معادهم ، وتجافت عن مضاجعهم جنوبُهم ، وهمهمت بذكر ربّهم شفاههم ، وتقشّعت بطول استغفارهم ذنوبهم ³ أُولَـٰئـِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَ لاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ  ²  (٤) .


(١) هشّ لهذا الأمر يَهِشّ : إذا فرح واستبشر وارتاح له وخفَّ (النهاية : ٥ / ٢٦٤) .
(٢) ربض فى المكان يربِض : إذا لصق به وأقام ملازماً له (النهاية : ٢ / ١٨٤) .
(٣) أى النوم (النهاية : ٤ / ١٧٠) .
(٤) المجادلة : ٢٢ .

 ١٤٨ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / قدامة بن عجلان

فاتّقِ الله يابن حنيف ، ولتكفف أقراصك ، ليكون من النار خلاصك(١) .

٣ / ١١ ـ ٦

قدامة بن عجلان

١٤٠٦ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى كتابه إلي قدامة بن عجلان عامله علي كَسْكَر(٢) : أمّا بعد ، فاحمل ما قبلك من مال الله ; فإنّه فىء للمسلمين ، لست بأوفر حظّاً فيه من رجل منهم ، ولا تحسبن يابن اُمّ قدامة أنّ مال كَسْكَر مباح لك كمال ورثته عن أبيك واُمّك ، فعجّل حمله وأعجل فى الإقبال إلينا ، إن شاء الله(٣) .

راجع : القسم السادس عشر / قدامة بن عجلان .

٣ / ١١ ـ ٧

مصقلة بن هبيرة

١٤٠٧ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى كتابه إلي مَصْقَلة بن هُبَيرة ـ : بلغنى عنك أمر إن كنت فعلته فقد أتيت شيئاً إدّاً(٤) ، بلغنى أنّك تقسم فىء المسلمين فيمن اعتفاك وتغشّاك من أعراب بكر بن وائل !


(١) نهج البلاغة : الكتاب ٤٥ ; ربيع الأبرار : ٢ / ٧١٩ نحوه وفيه إلي "و تلهو عمّا يراد بها" وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ١٠١ .
(٢) كَسْكَر : بلدة واسعة فى العراق قصبتها واسط التى بين الكوفة والبصرة ، وهى إلي العمارة والكوت أقرب منها إلي البصرة والكوفة (راجع معجم البلدان : ٤/٤٦١).
(٣) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٨٨ .
(٤) الإدُّ : الأمر الفظيع العظيم (لسان العرب : ٣ / ٧١) .


إرجاعات 
٢٤٨ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / قُدامَةُ بنُ عَجلانِ الأزدِيّ

 ١٤٩ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / مصقلة بن هبيرة

فو الذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ، وأحاط بكلّ شىء علماً ، لئن كان ذلك حقّاً لتجدنّ بك علىَّ هواناً ، فلا تستهيننّ بحقّ ربّك ، ولا تصلحنّ دنياك بفساد دينك ومحقه ; فتكون من ³ الاَْخْسَرِينَ أَعْمَالاً  ± الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا  ²  (١) (٢) .:

١٤٠٨ ـ عنه  ¼ ـ فى كتابه إلي مَصْقَلة : أمّا بعد ، فإنّ من أعظم الخيانة خيانة الاُمّة ، وأعظم الغشّ علي أهل المصر غشّ الإمام ، وعندك من حقّ المسلمين خمسمائة ألف ، فابعث بها إلىَّ ساعة يأتيك رسولى ، وإلاّ فأقبل حين تنظر فى كتابى ; فإنّى قد تقدّمت إلي رسولى إليك ألاّ يدعك أن تُقيم ساعة واحدة بعد قدومه عليك إلاّ أن تبعث بالمال ، والسلام عليك(٣) .

١٤٠٩ ـ الغارات عن ذهل بن الحارث : دعانى مصقلة إلي رحله ، فقدّم عشاءً فطعمنا منه ، ثمّ قال : والله إنّ أمير المؤمنين يسألنى هذا المال ، وو الله لا أقدر عليه ، فقلت له : لو شئت لا يمضى عليك جمعة حتي تجمع هذا المال . فقال : والله ما كنت لاُحمّلها قومى ، ولا أطلب فيها إلي أحد .

ثمّ قال : أما والله لو أنّ ابن هند يطالبنى بها ، أو ابن عفّان لتركها لى ، أ لم ترَ إلي ابن عفّان حيث أطعم الأشعث بن قيس مائة ألف درهم من خراج أذربيجان فى كلّ سنة ، فقلت : إنّ هذا لا يري ذلك الرأى ، وما هو بتارك لك شيئاً ، فسكت ساعة وسكتّ عنه ، فما مكث ليلة واحدة بعد هذا الكلام حتي لحق بمعاوية ،


(١) الكهف : ١٠٣ و١٠٤ .
(٢) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٨٩ ; نهج البلاغة : الكتاب ٤٣ نحوه .
(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٢٩ ، شرح نهج البلاغة : ٣ / ١٤٥ ; الغارات : ١ / ٣٦٤ وراجع نهج البلاغة : الكتاب ٢٦ .

 ١٥٠ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / المنذر بن الجارود

فبلغ ذلك عليّاً  ¼ فقال : ما له ؟ ! ترّحه(١) الله ! فَعَل فِعْل السيّد ، وفرّ فرار العبد ، وخان خيانة الفاجر ! أما إنّه لو أقام فعجز ما زدنا علي حبسه ; فإن وجدنا له شيئاً أخذناه ، وإن لم نقدر له علي مال تركناه ، ثمّ سار إلي داره فهدمها(٢) .

راجع : القسم السادس عشر / مصقلة بن هبيرة .

٣ / ١١ ـ ٨

المنذر بن الجارود

١٤١٠ ـ أنساب الأشراف : وكتب  ¼ إلي المنذر بن الجارود ، وبلغه أنّه يبسط يده فى المال ، ويصل من أتاه ، وكان علي اصطخر(٣) : إنّ صلاح أبيك غرّنى منك ، وظننت أنّك تتّبع هديه وفعله ، فإذا أنت فيما رُقِّىَ إلىَّ عنك لا تدع الانقياد لهواك وإن أزري ذلك بدينك ، ولا تُصغى إلي الناصح وإن أخلص النصح لك ، بلغنى أنّك تدع عملك كثيراً وتخرج لاهياً متنزّهاً متصيّداً ، وأنّك قد بسطت يدك فى مال الله لمن أتاك من أعراب قومك ، كأنّه تراثك عن أبيك واُمّك .

وإنّى اُقسم بالله لئن كان ذلك حقّاً لجملُ أهلك وشسع نعلك خير منك ، وأنّ اللعب واللهو لا يرضاهما الله ، وخيانة المسلمين وتضييع أعمالهم ممّا يسخط ربّك ، ومن كان كذلك فليس بأهل لأن يسدّ به الثغر ، ويُجبي به الفىء ، ويؤتمن علي مال المسلمين ، فأقبِل حين يصل كتابى هذا إليك .


(١) التَّرَح : ضدّ الفرح وهو الهلاك والانقطاع أيضاً (النهاية : ١ / ١٨٦) .
(٢) الغارات : ١ / ٣٦٥ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١٢٩ ، تاريخ دمشق : ٥٨ / ٢٧٢ / ٧٤٥٠ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٢١ وراجع أنساب الأشراف : ٣ / ١٨١ والبداية والنهاية : ٧ / ٣١٠ والفتوح : ٤ / ٢٤٤ .
(٣) اِصْطَخر : معرّب استخر ، وهى من أقدم مدن فارس ، وبها كان سرير الملك دارا بن داراب ، وبها آثار عظيمة. وبينها وبين شيراز اثنا عشر فرسخاً (راجع تقويم البلدان : ٣٢٩).


إرجاعات 
٣٠٣ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / مَصْقَلَةُ بنُ هُبَيْرَة

 ١٥١ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عزل من ثبتت خيانته من العمّال

فقدم فشكاه قوم ورفعوا عليه أنّه أخذ ثلاثين ألفاً ، فسأله فجحد ، فاستحلفه چفلم يحلف ، فحبسه(١) .

راجع : القسم السادس عشر / المنذر بن الجارود .

٣ / ١٢

عزل من ثبتت خيانته من العمّال

١٤١١ ـ الاستيعاب : كان علىّ   ¢ . . . لا يخصّ بالولايات إلاّ أهل الديانات والأمانات ، وإذا بلغه عن أحدهم خيانة كتب إليه : قد جاءتكم موعظة من ربِّكم فأوفوا الكيل والميزان بالقسط ولا تبخَسوا النَّاس أشياءهم ولا تعثَوا فى الأرض مفسدين . بقيَّة الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ(٢) . إذا أتاك كتابى هذا فاحتفظ بما فى يديك من أعمالنا حتي نبعث إليك من يتسلّمه منك ، ثمّ يرفع طرفه إلي السماء فيقول : اللهمّ إنّك تعلم أنّى لم آمرهم بظلم خلقك ، ولا بترك حقّك .

وخطبه ومواعظه ووصاياه لعمّاله إذ كان يخرجهم إلي أعماله كثيرة مشهورة لم أرَ التعرّض لذكرها ، لئلاّ يطول الكتاب ، وهى حِسان كلّها(٣) .

١٤١٢ ـ دعائم الإسلام : إنّه [عليّاً  ¼ ] حضر الأشعث بن قيس ، وكان عثمان استعمله علي أذربيجان ، فأصاب مائة ألف درهم ، فبعض يقول : أقطعه عثمان إيّاها ، وبعض يقول : أصابها الأشعث فى عمله .


(١) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٩١ ; نهج البلاغة : الكتاب ٧١ ، تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٣ كلّها نحوه .
(٢) اقتباس من سورة الأعراف : ٨٥ وهود : ٨٥ و٨٦ .
(٣) الاستيعاب : ٣ / ٢١٠ و٢١١ / ١٨٧٥ عن أبى إسحاق السبيعى .


إرجاعات 
٣١٥ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / المُنْذِرُ بنُ الجارُودِ العَبدِيّ

 ١٥٢ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عزل من ثبتت خيانته من العمّال

فأمره علىّ  ¼ بإحضارها فدافعه ، وقال : يا أمير المؤمنين ، لم اُصبها فى عملك . قال : والله لئن أنت لم تحضرها بيت مال المسلمين ، لأضربنّك بسيفى هذا أصاب منك ما أصاب .

فأحضرها وأخذها منه وصيّرها فى بيت مال المسلمين ، وتتبّع عمّال عثمان ، فأخذ منهم كلّ ما أصابه قائماً فى أيديهم ، وضمّنهم ما أتلفوا(١) .

١٤١٣ ـ الفصول المهمّة : نقل عن سودة بنت عمارة الهمدانيّة أنّها قدمت علي معاوية بعد موت علىّ  ¼ ، فجعل معاوية يؤنّبها علي تعريضها عليه فى أيّام قتال صفّين ، ثمّ إنّه قال لها : ما حاجتك ؟ فقالت : إنّ الله تعالي مُسائلك عن أمرنا وما فوّض إليك من أمرنا ، ولا يزال يقدم علينا من قبلك من يسمو بمقامك ويبطش بسلطانك فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس الحرمل ، يسومنا الخسف ، ويذيقنا الحتف ، هذا بسر بن أرطاة قد قدم علينا ، فقتل رجالنا ، وأخذ أموالنا ، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة ، فإن عزلته عنّا شكرناك وإلاّ فإلي الله شكوناك .

فقال معاوية : إيّاى تعنين ولى تهدّدين ! لقد هممت يا سودة أن أحملك علي قتب أشوَس ، فأردّك إليه ، فينفذ حكمه فيك . فأطرقت ثمّ أنشأت تقول :

صلّي الإله علي جسم تضمّنهُ قبر فأصبح فيه العدل مدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغى به بدلاً فصار بالحقّ والإيمان مقرونا

فقال معاوية : من هذا يا سودة ؟ فقالت : هذا والله أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب  ¼ ، لقد جئته فى رجل كان قد ولاّه صدقاتنا فجار علينا فصادفته قائماً يريد الصلاة ، فلمّا رآنى انفتل ، ثمّ أقبل علىَّ بوجه طلق ، ورحمة ورفق ، وقال :


(١) دعائم الإسلام : ١ / ٣٩٦ .

 ١٥٣ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عقوبة الخونة من العمّال

لكِ حاجة ؟ فقلت : نعم ، وأخبرته بالأمر فبكي ، ثمّ قال : اللهمّ أنت شاهد أنّى لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقّك . ثمّ أخرج من جيبه قطعة جلد وكتب فيها :

³ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ  ± قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الاَْرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَٰ لِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ  ²  (١) وإذا قرأت كتابى هذا فاحتفظ بما فى يدك من عملك حتي نُقدِم عليك من يقبضه . والسلام .

ثمّ دفع إلىَّ الرقعة ، فجئتُ بالرقعة إلي صاحبه فانصرفَ عنّا معزولاً .

فقال : اكتبوا لها بما تريد ، واصرفوها إلي بلدها غير شاكية(٢) .

٣ / ١٣

عقوبة الخونة من العمّال

١٤١٤ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ لمّا استدرك علي ابن هَرْمَة خيانة ، وكان علي سوق الأهواز ، فكتب إلي رِفاعة ـ : إذا قرأت كتابى فنحِّ ابن هرمة عن السوق ، وأوقفْه للناس ، واسجنْه ونادِ عليه ، واكتب إلي أهل عملك تُعلمهم رأيى فيه ، ولا تأخذك فيه غفلة ولا تفريط ، فتهلك عند الله ، وأعزِلُك أخبث عزلة ، واُعيذك بالله من ذلك .

فإذا كان يوم الجمعة فأخرِجه من السجن ، واضربه خمسة وثلاثين سوطاً ، وطف به إلي الأسواق ، فمن أتي عليه بشاهد فحلّفه مع شاهده ، وادفع إليه من


(١) الأعراف : ٨٥ .
(٢) الفصول المهمّة : ١٢٧ ، العقد الفريد : ١ / ٣٣٥ عن عامر الشعبى ، بلاغات النساء : ٤٧ عن محمّد بن عبيد الله وكلاهما نحوه ; كشف الغمّة : ١ / ١٧٣ ، بحار الأنوار : ٤١ / ١١٩ / ٢٧ .

 ١٥٤ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / نهى العمّال عن أخذ الهدية

مكسبه ما شهد به عليه ، ومُرْ به إلي السجن مهاناً مقبوحاً منبوحاً(١) ، واحزم رجليه بحزام ، وأخرجه وقت الصلاة ، ولا تحُل بينه وبين من يأتيه بمطعم أو مشرب أو ملبس أو مفرش ، ولا تدع أحداً يدخل إليه ممّن يلقّنه اللَّدَد(٢) ويرجّيه الخلوص .

فإن صحّ عندك أنّ أحداً لقّنه ما يضرّ به مسلماً ، فاضربه بالدرّة ، فاحبسه حتي يتوب ، ومر بإخراج أهل السجن فى الليل إلي صحن السجن ليتفرّجوا غير ابن هرمة إلاّ أن تخاف موته فتخرجه مع أهل السجن إلي الصحن ، فإن رأيت به طاقة أو استطاعة فاضربه بعد ثلاثين يوماً خمسة وثلاثين سوطاً بعد الخمسة والثلاثين الاُولي ، واكتب إلىَّ بما فعلت فى السوق ، ومن اخترت بعد الخائن ، واقطع عن الخائن رزقه(٣) .

١٤١٥ ـ عنه  ¼ ـ من عهده إلي مالك الأشتر فى مراقبة العمّال ـ : فإن أحد منهم بسط يده إلي خيانة اجتمعت بها أخبار عيونك ، اكتفيت بذلك شاهداً ، فبسطت عليه العقوبة فى بدنه ، وأخذته بما أصاب من عمله ، ثمّ نصبته بمقام المذلّة ، فوسمته بالخيانة ، وقلّدته عار التُّهمَة(٤) .

٣ / ١٤

نهى العمّال عن أخذ الهدية

١٤١٦ ـ الإمام علىّ  ¼ : أيّما وال احتجب عن حوائج الناس ، احتجب الله عنه يوم


(١) المنبوح : المشتوم . يقال : نبحتنى كلابُك : أى لحقتنى شتائمك (النهاية : ٥ / ٥) .
(٢) ما لى عنه محتدّ ولا ملتدّ أى بُدّ (لسان العرب : ٣ / ٣٩٠) .
(٣) دعائم الإسلام : ٢ / ٥٣٢ / ١٨٩٢ .
(٤) نهج البلاغة : الكتاب ٥٣ ، تحف العقول : ١٣٧ ، دعائم الإسلام : ١ / ٣٦١ نحوه .

 ١٥٥ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / نهى العمّال عن أخذ الهدية

القيامة وعن حوائجه ، وإن أخذ هديّة كان غُلولاً(١) ، وإن أخذ رشوة فهو مشرك(٢) .

١٤١٧ ـ أخبار القضاة عن علىّ بن ربيعة : إنّ عليّاً استعمل رجلاً من بنى أسد يقال له : ضبيعة بن زهير ، فلمّا قضي عمله أتي عليّاً بجراب فيه مال ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّ قوماً كانوا يهدون لى حتي اجتمع منه مال فها هو ذا ، فإن كان لى حلالاً أكلته ، وإن كان غير ذاك فقد أتيتك به . فقال علىّ : لو أمسكته لكان غلولاً . فقبضه منه وجعله فى بيت المال(٣) .

١٤١٨ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى خطبة ذكر فيها تعامله مع عقيل عندما طلب من بيت المال ، ثم قال ـ : وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة فى وعائها ، ومعجونة شنئْتُها ، كأنـّما عُجنت بريق حيّة أو قيئها ، فقلت : أ صِلة ، أم زكاة ، أم صدقة ؟ فذلك محرّم علينا أهل البيت ! فقال : لا ذا ولا ذاك ، ولكنّها هديّة ، فقلت : هبلتك الهبول !(٤) أ عن دين الله أتيتنى لتخدعنى ؟ أ مختبط أنت أم ذو جِنّة ، أم تهجر ؟

والله لو اُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها ، علي أن أعصى الله فى نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته ، وإنّ دنياكم عندى لأهون من ورقة فى فم جرادة تقضمها . ما لعلىّ ولنعيم يفني ، ولذّة لا تبقي ! نعوذ بالله من سبات العقل ، وقبح


(١) الغُلول : الخيانة فى المغنم ، والسرقة من الغنيمة قبل القسمة ، وكلّ من خان فى شىء خفية فقد غلّ (النهاية : ٣ / ٣٨٠) .
(٢) ثواب الأعمال : ٣١٠ / ١ عن الأصبغ ، بحار الأنوار : ٧٢ / ٣٤٥ / ٤٢ .
(٣) أخبار القضاة : ١ / ٥٩ .
(٤) أى ثكلتْك الثكول; وهى من النساء التى لا يبقي لها ولد (النهاية : ٥ / ٢٤٠) .

 ١٥٦ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الجمع بين الشدّة واللين

الزلل ، وبه نستعين(١) .

٣ / ١٥

الجمع بين الشدّة واللين

١٤١٩ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى كتابه إلي بعض عمّاله ـ : أمّا بعد ، فإنّ دهاقين(٢) أهل بلدك شكوا منك غلظةً وقسوة ، واحتقاراً وجفوة ، ونظرت فلم أرَهم أهلاً لأن يُدْنَوا لشركهم ، ولا أن يُقصوا ويجفوا لعهدهم ، فالبس لهم جلباباً من اللين تشوبه بطرف من الشدّة ، وداوِل لهم بين القسوة والرأفة ، وامزج لهم بين التقريب والإدناء ، والإبعاد والإقصاء ، إن شاء الله(٣) .

١٤٢٠ ـ تاريخ اليعقوبى : كتب علىّ إلي عمر بن مسلمة الأرحبى : أمّا بعد ، فإنّ دهاقين عملك شكوا غلظتك ، ونظرت فى أمرهم فما رأيت خيراً ، فلتكن منزلتك بين منزلتين : جلباب لين ، بطرف من الشدّة ، فى غير ظلم ولا نقص ; فإنّهم أحيونا صاغرين ، فخذ ما لك عندهم وهم صاغرون ، ولا تتّخذ من دون الله وليّاً ، فقد قال الله عزّ وجلّ : ³ لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً  ²  (٤) وقال جلّ وعزّ فى أهل الكتاب : ³ لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ  ²  وقال تبارك


(١) نهج البلاغة : الخطبة ٢٢٤ ، بحار الأنوار : ٤١ / ١٦٢ / ٥٧ .
(٢) الدهقان : رئيس القرية ومُقدَّم التُّنّاء وأصحاب الزراعة وهو معرَّب (النهاية : ٢ / ١٤٥) .
(٣) نهج البلاغة : الكتاب ١٩ ، بحار الأنوار : ٣٣ / ٤٨٩ / ٦٩٤ ; أنساب الأشراف : ٢ / ٣٩٠ نحوه ، وذكر أنّه  ¼ كتبه إلي عمرو بن سلمة الأرحبى ، وفيه "فى غير ما أن يظلموا ، ولا ينقض لهم عهد ، ولكن تفرّغوا لخراجهم ، ويقاتل من ورائهم ، ولا يؤخذ منهم فوق طاقتهم ، فبذلك أمرتك ، والله المستعان . والسلام" بدل "و داول لهم . . . " .
(٤) آل عمران : ١١٨ .

 ١٥٧ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الجمع بين الشدّة واللين

وتعالي : ³ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ  ²  (١) وقرِّعهم بخراجهم ، وقابل فى ورائهم ، وإيّاك ودماءهم . والسلام(٢) .

١٤٢١ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى كتابه إلي بعض عمّاله ـ : أمّا بعد ، فإنّك ممّن أستظهر به علي إقامة الدين ، وأقمع به نخوة الأثيم ، وأسدّ به لهاة الثغر المخوف . فاستعن بالله علي ما أهمّك ، واخلط الشدّة بضغث من اللين ، وارفق ما كان الرفق أرفق ، واعتزم بالشدّة حين لا تغنى عنك إلاّ الشدّة . واخفض للرعيّة جناحك ، وابسط لهم وجهك ، وألِن لهم جانبك . وآسِ بينهم فى اللحظة والنظرة ، والإشارة والتحيّة ; حتي لا يطمع العظماء فى حيفك ، ولا ييأس الضعفاء من عدلك . والسلام(٣) .


(١) المائدة : ٥١ .
(٢) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٣ .
(٣) نهج البلاغة : الكتاب ٤٦ ، الأمالى للمفيد : ٨٠ / ٤ نحوه ، وفيه أنّه  ¼ كتبه إلي الأشتر بعد قتل محمّد بن أبى بكر وهو غير صحيح ظاهراً لأنّ شهادة محمّد بن أبى بكر وقعت بعد شهادة مالك الأشتر ، نهج البلاغة : الكتاب ٢٧ ، تحف العقول : ١٧٧ وليس فيهما صدره إلي " لا تغنى عنك إلاّ الشدّة " وفيهما "أنّه  ¼ كتبه إلي محمّد بن أبى بكر" .