١٢٧ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة
٣ / ١ ١٣٥٢ ـ الإمام علىّ ¼ : هيهات ! لولا التقي لكنت أدهي العرب(١) . ١٣٥٣ ـ عنه ¼ : يا أيّها الناس ! لولا كراهية الغدر كنت من أدهي الناس ، ألا إنّ لكلّ غدرة فجرة ، ولكلّ فجرة كفرة . ألا وإنّ الغدر والفجور والخيانة فى النار(٢) . ١٣٥٤ ـ عنه ¼ : والله ما معاوية بأدهي منّى ، ولكنّه يغدر ويفجر ، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهي الناس ، ولكن كلّ غدرة فجرة ، وكلّ فجرة كفرة ، ولكلّ غادر لواء يعرف به يوم القيامة . والله ما اُستَغفَلُ بالمكيدة ، ولا اُستَغمَزُ (١) الكافى : ٨ / ٢٤ / ٤ عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر ¼ ، غرر الحكم : ١٠٠٤١ ، عيون الحكم والمواعظ : ٥١٢ / ٩٣٢٢ . ١٢٨ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الالتزام بالحقّ
بالشديدة(١) . ١٣٥٥ ـ عنه ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : وإن عقدتَ بينك وبين عدوّك عقدة ، أو ألبسته منك ذمّة ، فحط عهدك بالوفاء ، وارع ذمّتك بالأمانة ، واجعل نفسك جُنّة دون ما أعطيتَ ، فإنّه ليس من فرائض الله شىء الناس أشدّ عليه اجتماعاً ، مع تفرّق أهوائهم ، وتشتّت آرائهم ، من تعظيم الوفاء بالعهود ، وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لِمَا استَوبَلُوا(٢) من عواقب الغدر ، فلا تغدرنّ بذمّتك ، ولا تخيسنّ(٣) بعهدك ، ولا تختلنّ(٤) عدوّك(٥) . ٣ / ٢ ١٣٥٦ ـ عنه ¼ : إنّ أفضل الناس عند الله من كان العمل بالحقّ أحبّ إليه ـ وإن نقصه وكرثه(٦) ـ من الباطل وإن جرّ إليه فائدة وزاده(٧) . ١٣٥٧ ـ الإمام علىّ ¼ : لا تمنعنّكم رعاية الحقّ لأحد عن إقامة الحقّ عليه(٨) . (١) نهج البلاغة : الخطبة ٢٠٠ ; ينابيع المودّة : ١ / ٤٥٤ ، المعيار والموازنة : ١٦٦ وفيه إلي "يوم القيامة" . ١٢٩ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الالتزام بالحقّ
١٣٥٨ ـ الإرشاد : لمّا توجّه أمير المؤمنين ¼ إلي البصرة ، نزل الربذة(١) فلقيه بها آخر الحاجّ ، فاجتمعوا ليسمعوا من كلامه وهو فى خبائه . قال ابن عبّاس : فأتيته فوجدته يخصف نعلاً ، فقلت له : نحن إلي أن تُصلح أمرنا أحوج منّا إلي ما تصنع ، فلم يكلّمنى حتي فرغ من نعله ، ثمّ ضمّها إلي صاحبتها ، ثمّ قال لى : قوّمها ، فقلت : ليس لها قيمة ، قال : علي ذاك ، قلت : كسرُ درهم . قال : والله لهما أحبّ إلىَّ من أمركم هذا ، إلاّ أن اُقيم حقّاً أو أدفع باطلاً(٢) . ١٣٥٩ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى حرب صفّين ـ : فو الله ما دفعتُ الحربَ يوماً إلاّ وأنا أطمع أن تلحق بى طائفة ، فتهتدى بى وتعشو إلي ضوئى ، وذلك أحبّ إلىَّ من أن أقتُلَها علي ضلالها ، وإن كانت تبوء بآثامها(٣) . ١٣٦٠ ـ عنه ¼ ـ فى الشكوي ممّن يميل إلي معاوية من أصحابه ـ : يا ويحهم ، مع من يميلون ويدَعوننى ! فو الله ما أردتُهم إلاّ علي إقامة حقّ ، ولا يريدهم غيرى إلاّ علي باطل(٤) . ١٣٦١ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من كتابه إلي أهل مصر لمّا ولّي عليهم الأشتر ـ : أمّا بعد فقد بعثت إليكم عبداً من عباد الله ، لا ينام أيّام الخوف ولا ينكل عن الأعداء ساعات الرَّوع ، أشدّ علي الفجّار من حريق النار وهو مالك بن الحارث أخو (١) الربذة : من قري المدينة علي ثلاثة أيّام ، قريبة من ذات عرق علي طريق الحجاز إذا رحلت من فيد تريد مكّة ، وبهذا الموضع قبر أبى ذرّ الغفارى (معجم البلدان : ٣ / ٢٤) . ١٣٠ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الالتزام بالقانون
مذحج ، فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحقّ(١) . ١٣٦٢ ـ عنه ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : ألزم الحقّ من لزمه من القريب والبعيد ، وكن فى ذلك صابراً محتسباً ، واقعاً ذلك من قرابتك وخاصّتك حيث وقع ، وابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه ، فإنّ مغبّة ذلك محمودة(٢) . ١٣٦٣ ـ عنه ¼ : بلزوم الحقّ يحصل الاستظهار(٣) . ١٣٦٤ ـ عنه ¼ : من عمل بالحقّ مالَ إليه الخَلق(٤) . ١٣٦٥ ـ عنه ¼ : من جاهد علي إقامة الحقّ وُفّق(٥) . ٣ / ٣ ١٣٦٦ ـ الإمام الباقر ¼ : أخذ [علىّ ¼ ] رجلاً من بنى أسد فى حدّ ، فاجتمع قومه ليكلّموا فيه ، وطلبوا إلي الحسن أن يصحبهم ، فقال : ائتوه فهو أعلي بكم عيناً ، فدخلوا عليه وسألوه ، فقال : لا تسألونى شيئاً أملك إلاّ أعطيتكم ، فخرجوا يرون أنّهم قد أنجحوا ، فسألهم الحسن ، فقالوا : أتينا خير مأتىّ . وحكوا له قوله ، فقال : ما كنتم فاعلين إذا جلد صاحبكم فاصنعوه ، فأخرجه علىّ فحدّه ، ثمّ قال : هذا والله لست أملكه(٦) . (١) نهج البلاغة : الكتاب ٣٨ ، بحار الأنوار : ٣٣ / ٥٩٥ / ٧٤١ . ١٣١ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عدم المداهنة
١٣٦٧ ـ الغارات ـ فى ذكر النجاشى الشاعر ـ : كان شاعر علىّ ¼ بصفّين ، فشرب الخمر بالكوفة ، فحدّه أمير المؤمنين ¼ ، فغضب ولحق بمعاوية وهجا عليّاً ¼ . . . لمّا حدّ علىّ ¼ النجاشى غضب لذلك من كان مع علىّ من اليمانيّة ، وكان أخصّهم به طارق بن عبد الله بن كعب بن اُسامة النهدى ، فدخل علي أمير المؤمنين ¼ فقال : يا أمير المؤمنين ، ما كنّا نري أنّ أهل المعصية والطاعة وأهل الفرقة والجماعة عند ولاة العدل ومعادن الفضل سيّان فى الجزاء ، حتي رأيتُ ما كان من صنيعك بأخى الحارث ، فأوغرتَ صدورنا ، وشتّتّ اُمورنا ، وحملَتنا علي الجادّة التى كنّا نري أنّ سبيل من ركبها النار . فقال علىّ ¼ : ³ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَي الْخَاشِعِينَ ² (١) ، يا أخا بنى نهد ، وهل هو إلاّ رجل من المسلمين انتهك حرمة من حرم الله فأقمنا عليه حدّاً كان كفّارته ، إنّ الله تعالي يقول : ³ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئـَانُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ² (٢) (٣) . ٣ / ٤ ١٣٦٨ ـ رسول الله ½ : اِرفعوا ألسنتكم عن علىّ بن أبى طالب ، فإنّه خشن فى (١) البقرة : ٤٥ . ١٣٢ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عدم المداهنة
ذات الله عزّ وجلّ ، غير مداهن فى دينه(١) . ١٣٦٩ ـ الإمام علىّ ¼ : لا يُقيم أمر الله سبحانه إلاّ من لا يصانع ، ولا يضارع ، ولا يتّبع المطامع(٢) . ١٣٧٠ ـ عنه ¼ ـ لمّا أراده الناس علي البيعة ـ : اعلموا أنّى إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، ولم اُصغِ إلي قول القائل وعتب العاتب(٣) . ١٣٧١ ـ عنه ¼ : ولعمرى ما علىَّ من قتال من خالف الحقّ وخابط الغىّ من إدهان ولا إيهان ، فاتّقوا الله عباد الله وفرُّوا إلي الله من الله(٤) . ١٣٧٢ ـ عنه ¼ : لا اُداهن فى دينى ، ولا اُعطى الدنيّة فى أمرى(٥) . ١٣٧٣ ـ حلية الأولياء عن عبد الواحد الدمشقى : نادي حوشب الخيرى عليّاً يوم صفّين ، فقال : انصرف عنّا يابن أبى طالب ، فإنّا ننشدك الله فى دمائنا ودمك ، نخلّى بينك وبين عراقك ، وتخلّى بيننا وبين شامنا ، وتحقن دماء المسلمين . فقال علىّ : هيهات يابن اُمّ ظليم ! والله لو علمت أنّ المداهنة تسعنى فى دين الله لفعلت ، ولكان أهون علىّ فى المؤونة ، ولكنّ الله لم يرضَ من أهل القرآن (١) الإرشاد : ١ / ١٧٣ ، كشف الغمّة : ١ / ٢٣٦ ، بحار الأنوار : ٢١ / ٣٨٥ / ١٠ وراجع مسند ابن حنبل : ٤ / ١٧٢ / ١١٨١٧ والبداية والنهاية : ٥ / ٢٠٩ وج ٧ / ٣٤٦ ومجمع الزوائد : ٩ / ١٧٤ / ١٤٧٣٥ . ١٣٣ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / تنظيم الاُمور
بالإدهان والسكوت ، والله يُعصي(١) . ٣ / ٥ ١٣٧٤ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : وأمضِ لكلّ يوم عمله ; فإنّ لكلّ يوم ما فيه . . . إيّاك والعجلةَ بالاُمور قبل أوانها ، أو التسقّط فيها عند إمكانها ، أو اللجاجة فيها إذا تنكّرت ، أو الوهن عنها إذا استَوضحت . فضع كلّ أمر موضعه ، وأوقِع كلّ أمر موقعه(٢) . ١٣٧٥ ـ عنه ¼ ـ من كتابه إلي اُمراء الخراج : إيّاكم وتأخير العمل ودفع الخير ; فإنّ فى ذلك الندم(٣) . ١٣٧٦ ـ عنه ¼ : مجتنى الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه(٤) . ١٣٧٧ ـ عنه ¼ : من الخرق المعاجلة قبل الإمكان ، والأناة بعد الفرصة(٥) . ١٣٧٨ ـ عنه ¼ ـ فى صفة القرآن ـ : ألا إنّ فيه علم ما يأتى ، والحديث عن (١) حلية الأولياء : ١/٨٥ ، اُسد الغابة : ٢/٩٢/١٢٩٨ ، الاستيعاب : ١/٤٥٧/٥٩٩ وفيهما "الحميرى" بدل "الخيرى" وراجع تاريخ دمشق : ٣٩ / ٢٦٤ . ١٣٤ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / انتخاب العمّال الصالحين
الماضى ، ودواء دائكم ، ونظم ما بينكم(١) . ١٣٧٩ ـ عنه ¼ ـ فى وصيّته للحسن والحسين ¤ لمّا ضربه ابن ملجم ـ : اُوصيكما وجميع ولدى وأهلى ومن بلغه كتابى ، بتقوي الله ونظم أمركم(٢) . ٣ / ٦ ١٣٨٠ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : لكلٍّ علي الوالى حقّ بقدر ما يصلحه ، وليس يخرج الوالى من حقيقة ما ألزمه الله من ذلك إلاّ بالاهتمام والاستعانة بالله ، وتوطين نفسه علي لزوم الحقّ ، والصبر عليه فيما خفّ عليه أو ثقل . فولِّ من جنودك أنصحهم فى نفسك لله ولرسوله ولإمامك ، وأنقاهم جيباً ، وأفضلهم حلماً ، ممّن يبطئ عن الغضب ، ويستريح إلي العذر ، ويرأف بالضعفاء ، وينبو(٣) علي الأقوياء ، وممّن لا يثيره العنف ، ولا يقعد به الضعف . ثمّ الصَق بذوى المروءات والأحساب ، وأهل البيوتات الصالحة ، والسوابق الحسنة ; ثمّ أهل النجدة والشجاعة ، والسخاء والسماحة ; فإنّهم جِماع من الكرم ، وشُعَب من العُرْف . ثمّ تفقّد من اُمورهم ما يتفقّده الوالدان من ولدهما . . . ثمّ انظر فى اُمور عمّالك فاستعملهم اختباراً ، ولا تولّهم محاباة وأثَرَة ، فإنّهما جِماع من شُعَب الجور والخيانة ، وتَوَخَّ منهم أهل التجربة والحياء من أهل (١) نهج البلاغة : الخطبة ١٥٨ ، الرواشح السماويّة : ٢٢ ، بحار الأنوار : ٩٢ / ٢٣ / ٢٤ . ١٣٥ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عدم استعمال الخائن والعاجز
البيوتات الصالحة ، والقدم فى الإسلام المتقدّمة ; فإنّهم أكرم أخلاقاً ، وأصحّ أعراضاً ، وأقلّ فى المطامع إشراقاً ، وأبلغ فى عواقب الاُمور نظراً . . . ثمّ لا يكن اختيارك إيّاهم علي فِراستك ، واستنامتك(١) ، وحسن الظنّ منك ; فإنّ الرجال يتعرّضون لفِراسات الولاة بتصنّعهم وحسن خدمتهم ، وليس وراء ذلك من النصيحة والأمانة شىء ، ولكن اختبرهم بما ولّوا للصالحين قبلك ، فاعمِد لأحسنهم كان فى العامّة أثراً ، وأعرَفِهم بالأمانة وجهاً ; فإنّ ذلك دليل علي نصيحتك لله ولمن ولّيت أمره . واجعل لرأس كلّ أمر من اُمورك رأساً منهم لا يقهره كبيرها ، ولا يتشتّت عليه كثيرها ، ومهما كان فى كتّابك من عيب فتغابيت(٢) عنه اُلزمته(٣) . ١٣٨١ ـ عنه ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : فاصطَفِ لولاية أعمالك أهل الورع والعلم والسياسة(٤) . ٣ / ٧ ١٣٨٢ ـ الإمام علىّ ¼ : إنّ المغيرة بن شعبة قد كان أشار علىَّ أن أستعمل معاوية (١) استنام : سَكَن (لسان العرب : ١٢ / ٥٩٦) . ١٣٦ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عدم استعمال الخائن والعاجز
علي الشام وأنا بالمدينة ، فأبيت ذلك عليه ، ولم يكن الله ليرانى أتّخذ المضلّين عضداً(١) (٢) . ١٣٨٣ ـ عنه ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : إنّ شرّ وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيراً ، ومن شركهم فى الآثام ; فلا يكوننّ لك بطانة ; فإنّهم أعوان الأَثَمة وإخوان الظَّلَمة ، وأنت واجد منهم خير الخلف ممّن له مثل آرائهم ونفاذهم ، وليس عليه مثل آصارهم وأوزارهم وآثامهم ممّن لم يعاون ظالماً علي ظلمه ، ولا آثماً علي إثمه . اُولئك أخفّ عليك مؤونة ، وأحسن لك معونة ، وأحني عليك عطفاً ، وأقلّ لغيرك إلفاً ، فاتّخذ اُولئك خاصّة لخلواتك وحَفَلاتك(٣) (٤) . ١٣٨٤ ـ عنه ¼ ـ من كتابه إلي رِفاعة قاضيه علي الأهواز ـ : اعلم يا رفاعة أنّ هذه الإمارة أمانة ; فمن جعلها خيانةً فعليه لعنة الله إلي يوم القيامة ، ومن استعمل خائناً فإنّ محمّداً ½ برىء منه فى الدنيا والآخرة(٥) . ١٣٨٥ ـ عنه ¼ ـ يصف الإمام الحقّ ـ : وقد علمتم أنّه لا ينبغى أن يكون الوالى علي الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين البخيلَ ; فتكون فى أموالهم نَهْمَته ، ولا الجاهل ; فيضلّهم بجهله ، ولا الجافى ; (١) إشارة إلي الآية ٥١ من سورة الكهف . ١٣٧ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عدم استعمال الخائن والعاجز
فيقطعهم بجفائه ، ولا الحائف للدُّوَل ; فيتّخذ قوماً دون قوم ، ولا المرتشى فى الحكم ; فيذهب بالحقوق ، ويقف بها دون المَقاطِع(١) ، ولا المعطّل للسنّة ; فيُهلِك الاُمّة(٢) . ١٣٨٦ ـ عنه ¼ ـ فى الحكم المنسوبة إليه : من فسدت بطانته كان كمن غصّ بالماء ; فإنّه لو غصّ بغيره لأساغ الماء غصّته(٣) . ١٣٨٧ ـ عنه ¼ : آفة الأعمال عجز العمّال(٤) . ١٣٨٨ ـ عنه ¼ : لا تتّكل فى اُمورك علي كسلان(٥) . ١٣٨٩ ـ عنه ¼ : من خانَه وزيره فسد تدبيره(٦) . ١٣٩٠ ـ عنه ¼ : كِذْب السفيرِ يولّد الفساد ، ويفوّت المراد ، ويُبطل الحزم ويَنقُض العزم(٧) . (١) المَقاطِع : جمع مقطع وهو ما ينتهى الحق إليه أى لا تصل الحقوق إلي أربابها لأجل ما أخذ من الرشوة عليها (شرح نهج البلاغة : ٨ / ٢٦٦) . ١٣٨ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / إسباغ الأرزاق علي العمّال
٣ / ٨ ١٣٩١ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : ثمّ أسبِغ عليهم الأرزاق ; فإنّ ذلك قوّة لهم علي استصلاح أنفسهم ، وغني لهم عن تناول ما تحت أيديهم ، وحجّة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك(١) . ٣ / ٩ ١٣٩٢ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتابه إلي كعب بن مالك(٢) ـ : أمّا بعد ; فاستخلف علي عملك ، واخرج فى طائفة من أصحابك حتي تمرّ بأرض كورة السواد(٣) ، فتسأل (١) نهج البلاغة : الكتاب ٥٣ ، تحف العقول : ١٣٧ ، دعائم الإسلام : ١ / ٣٦١ . ١٣٩ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / اختيار العيون لمراقبة العمّال
عن عمّالى ، وتنظر فى سيرتهم فيما بين دجلة والعُذيب(١) ، ثمّ ارجع إلي البِهقُباذات(٢) فتولّ معونتها ، واعمل بطاعة الله فيما ولاّك منها . واعلم أنّ كلّ عمل ابن آدم محفوظ عليه مجزىّ به ، فاصنع خيراً صنع الله بنا وبك خيراً ، وأعلمنى الصدق فيما صنعت . والسلام(٣) . ١٣٩٣ ـ عنه ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : ثمّ انظر فى اُمور عمّالك فاستعملهم اختباراً . . . ثمّ تفقّد أعمالهم ، وابعث العيون من أهل الصدق والوفاء عليهم ; فإنّ تعاهدَك فى السرّ لاُمورهم حَدْوَةٌ(٤) لهم علي استعمال الأمانة ، والرفق بالرعيّة ، وتحفّظ من الأعوان ; فإن أحدٌ منهم بسط يده إلي خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك ، اكتفيت بذلك شاهداً ، فبسطت عليه العقوبة فى بدنه ، وأخذته بما أصاب من عمله ، ثمّ نصبته بمقام المذلّة ، ووسمته بالخيانة ، وقلّدته عار التُّهمَةَ(٥) . ١٣٩٤ ـ عنه ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر (فى مراقبة الجنود) ـ : ثمّ لا تدَع أن يكون لك عليهم عيون(٦) من أهل الأمانة والقول بالحقّ عند الناس ، فيثبتون بلاء كلّ ذى بلاء منهم ليثِق اُولئك بعلمك ببلائهم(٧) . (١) العُذَيْب : ماء لبنى تميم ، وهو أوّل ماء يلقاه الإنسان بالبادية إذا سار من قادسيّة الكوفة يريد مكّة (تقويم البلدان : ٧٩). ١٤٠ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / التشويق والتنبيه
٣ / ١٠ ١٣٩٥ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : ولا يكون المحسن والمسىء عندك بمنزلة سَواء ; فإنّ فى ذلك تزهيداً لأهل الإحسان فى الإحسان ، وتدريباً لأهل الإساءة علي الإساءة . وألزِم كلاًّ منهم ما ألزم نفسه(١) . ١٣٩٦ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : وليكن آثر رؤوس جنودك من واساهم فى معونته ، وأفضل عليهم فى بذله ممّن يسَعهم ويسَع مَن وراءهم من الخُلوف(٢) من أهلهم ، حتي يكون همّهم همّاً واحداً فى جهاد العدوّ . ثمّ واتر إعلامَهم ذات نفسك فى إيثارهم والتكرمة لهم ، والإرصاد بالتوسعة . وحقّق ذلك بحسن الفعال والأثر والعطف; فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك(٣). ٣ / ١١ ٣ / ١١ ـ ١ ١٣٩٧ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتابه إلي الأشعث بن قيس عامل أذربيجان(٥) ـ : إنّ (١) نهج البلاغة : الكتاب ٥٣ ، تحف العقول : ١٣٠ ، دعائم الإسلام : ١ / ٣٥٦ نحوه . ١٤١ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / زياد بن أبيه
عملك ليس لك بِطُعْمة ، ولكنّه فى عنقك أمانة ، وأنت مسترعيً لمن فوقك ، ليس لك أن تَفْتاتَ(١) فى رعيّة ، ولا تخاطر إلاّ بوثيقة ، وفى يديك مال من مال الله عزّ وجلّ ، وأنت من خزّانه حتي تسلّمه إلىَّ ، ولعلّى ألاّ أكون شرّ وُلاتك لك . والسلام(٢) . ١٣٩٨ ـ نثر الدرّ : قال [علىّ ¼ ] للأشعث بن قيس : أدِّ وإلاّ ضربتك بالسيف . فأدّي ما كان عليه ، فقال له : من كان عليك لو كنّا ضربناك بعرض السيف ؟ فقال : إنّك ممّن إذا قال فعل(٣) . ٣ / ١١ ـ ٢ ١٣٩٩ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من كتابه إلي زياد بن أبيه ـ : إنّى اُقسم بالله قسماً صادقاً ، لئن بلغنى أنّك خُنت من فىء المسلمين شيئاً صغيراً أو كبيراً ، لأشُدّنَّ عليك شدّة تدعك قليل الوَفْر ، ثقيل الظهر ، ضئيل الأمر . والسلام(٤) . ١٤٠٠ ـ أنساب الأشراف : وجّه [علىّ ¼ ] إلي زياد رسولاً ليأخذه لحمل ما اجتمع عنده من المال ، فحمل زياد ما كان عنده وقال للرسول : إنّ الأكراد قد كسروا من (١) يقال : افتات عليه : إذا انفرد برأيه دونه فى التصرّف فيه (النهاية : ٣ / ٤٧٧) . إرجاعات
٥٣ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / الأشْعَثُ بنُ قَيْس
١٤٢ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / شريح القاضي
الخراج وأنا اُداريهم ، فلا تُعلِم أمير المؤمنين ذلك ، فيري أنّه اعتلال منّى . فقدم الرسول فأخبر عليّاً بما قال زياد ، فكتب إليه : قد بلّغنى رسولى عنك ما أخبرته به عن الأكراد ، واستكتامك إيّاه ذلك ، وقد علمت أنّك لم تلقِ ذلك إليه إلاّ لتبلغنى إيّاه ، وإنّى اُقسم بالله عزّ وجلّ قسماً صادقاً لئن بلغنى أنّك خنت من فىء المسلمين شيئاً صغيراً أو كبيراً ، لأشدّنّ عليك شدّة تدعك قليل الوَفْر(١) ، ثقيل الظهر . والسلام(٢) . ١٤٠١ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتابه إلي زياد ، وكان عامله علي فارس ـ : أمّا بعد ، فإنّ رسولى أخبرنى بعجب ، زعم أنّك قلت له فيما بينك وبينه : إنّ الأكراد هاجت بك ، فكسرت عليك كثيراً من الخراج ، وقلت له : لا تُعلِم بذلك أمير المؤمنين . يا زياد ! وأقسم بالله إنّك لكاذب ، ولئن لم تبعث بخراجك لأشدّنّ عليك شدّة تدعك قليل الوفر ، ثقيل الظهر ، إلاّ أن تكون لما كسرت من الخراج محتملاً(٣) . ٣ / ١١ ـ ٣ ١٤٠٢ ـ نهج البلاغة : روى أن شريح بن الحارث قاضى أمير المؤمنين ¼ اشتري علي عهده داراً بثمانين ديناراً ، فبلغه ذلك فاستدعي شُريحاً وقال له : بلغنى أنك ابتعت داراً بثمانين ديناراً ، وكتبت لها كتاباً ، وأشهدت فيه شهوداً ! فقال له شريح : قد كان ذلك يا أمير المؤمنين . (١) الوَفْر : المال الكثير (النهاية : ٥ / ٢١٠) . إرجاعات
١١٢ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / زِيادُ بنُ أبيه
١٤٣ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / شريح القاضي
قال : فنظر إليه نظر المغضب ثمّ قال له : يا شريح ! أما إنّه سيأتيك من لا ينظر فى كتابك ، ولا يسألك عن بيّنتك حتي يخرجك منها شاخصاً ، ويسلّمك إلي قبرك خالصاً . فانظر يا شريح ! لا تكون ابتعت هذه الدار من غير مالك ، أو نقدت الثمن من غير حلالك ; فإذا أنت قد خسرت دار الدنيا ودار الآخرة . أما إنّك لو كنت أتيتنى عند شرائك ما اشتريت ، لكتبت لك كتاباً علي هذه النسخة ، فلم ترغب فى شراء هذه الدار بدرهم فما فوق . والنسخة هذه : هذا ما اشتري عبد ذليل من ميّت قد أزعج للرحيل ، اشتري منه داراً من دار الغرور من جانب الفانين ، وخطّة الهالكين ، وتجمع هذه الدار حدود أربعة : الحدّ الأوّل ينتهى إلي دواعى الآفات ، والحدّ الثانى ينتهى إلي دواعى المصيبات ، والحدّ الثالث ينتهى إلي الهوي المردى ، والحدّ الرابع ينتهى إلي الشيطان المغوى ، وفيه يُشرَع باب هذه الدار . اشتري هذا المغترّ بالأمل ، من هذا المَزعَج بالأجلّ هذه الدار بالخروج من عزّ القناعة ، والدخول فى ذلّ الطلب والضَّراعة ; فما أدرك هذا المشترى فيما اشتري منه من دَرَك . فعلي مُبَلْبِل أجسام الملوك ، وسالب نفوس الجبابرة ، ومزيل ملك الفراعنة ، مثل كسري وقيصر ، وتُبَّع وحِمْيَر ، ومَن جمع المال علي المال فأكثر ، ومَن بني وشيّد وزخرف ، ونَجَّد(١) وادَّخر ، واعتقد ونظر بزعمه للوَلَد ـ إشخاصُهم(٢) جميعا إلي موقف العرض والحساب ، وموضع الثواب والعقاب إذا وقع الأمر بفصل (١) من التنجيد : التزيين (النهاية : ٥ / ١٩) . ١٤٤ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / عبد الله بن عبّاس
القضاء ³ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِـلُونَ ² (١) شهد علي ذلك العقل إذا خرج من أسر الهوي وسلم من علائق الدنيا(٢) . ٣ / ١١ ـ ٤ ١٤٠٣ ـ الإمام علىّ ¼ ـ ممّا كتبه إلي عبد الله بن عبّاس ، وهو عامله علي البصرة ـ : فاربَعْ(٣) أبا العبّاس ـ رحمك الله ـ فيما جري علي لسانك ويدك من خير وشرّ ; فإنّا شريكان فى ذلك ، وكن عند صالح ظنّى بك ، ولا يفيلنّ(٤) رأيى فيك . والسلام(٥) . ١٤٠٤ ـ عنه ¼ ـ من كتابه إلي ابن عبّاس ـ : أمّا بعد ، فقد بلغنى عنك أمرٌ إن كنت فعلته فقد أسخطت ربّك ، وأخربت أمانتك ، وعصيت إمامك ، وخِنتَ المسلمين . بلغنى أنّك جرّدت الأرض ، وأكلت ما تحت يديك ، فارفع إلىَّ حسابك ، واعلم أنّ حساب الله أشدّ من حساب الناس . والسلام(٦) . (١) غافر : ٧٨ . إرجاعات
١٨٨ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس
١٤٥ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / عثمان بن حنيف
٣ / ١١ ـ ٥ ١٤٠٥ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من كتاب له إلي عثمان بن حنيف الأنصارى ، وكان عامله علي البصرة ، وقد بلغه أنّه دُعى إلي وليمة قوم من أهلها ، فمضي إليها ـ : أمّا بعد ، يابن حنيف : فقد بلغنى أنّ رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلي مأدُبة ، فأسرعت إليها ، تستطاب لك الألوان ، وتُنقل إليك الجِفان ، وما ظننت أنّك تُجيب إلي طعام قوم ، عائلهم مجفوّ وغنيّهم مدعوّ . فانظر إلي ما تقضَمُه(١) من هذا المَقْضَم ، فما اشتبه عليك علمه فالفظه ، وما أيقنت بطيب وجوهه فنَل منه . ألا وإنّ لكلّ مأموم إماماً ، يقتدى به ويستضىء بنور علمه ، ألا وإنّ إمامكم قد اكتفي من دنياه بطِمْريه(٢) ، ومن طُعمه بقرصيه ، ألا وإنّكم لا تقدرون علي ذلك ، ولكن أعينونى بورع واجتهاد ، وعفّة وسداد . فو الله ما كنزت من دنياكم تِبراً ، ولا ادّخرت من غنائمها وَفْراً ، ولا أعددت لبالى ثوبى طِمراً ، ولا حُزت من أرضها شبراً ، ولا أخذت منه إلاّ كقوت أتان دَبِرة(٣) ، ولهى فى عينى أوهي وأهون من عَفْصة مَقِرة(٤) . بلي ! كانت فى أيدينا فدك من كلّ ما أظلّته السماء ، فشحّت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس قوم آخرين ، ونِعْمَ الحكم الله . (١) القَضْم : الأكل بأطراف الاسنان (لسان العرب : ١٢ / ٤٨٧) . ١٤٦ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / عثمان بن حنيف
وما أصنعُ بفدك وغير فدك ؟ والنفس مظانّها فى غد جدث ، تنقطع فى ظلمته آثارها ، وتغيب أخبارها . وحفرةٌ لو زيد فى فسحتها ، وأوسعت يدا حافرها ، لأضغطها الحجر والمدر ، وسدّ فُرجها التراب المتراكم . وإنّما هى نفسى أرُوضها بالتقوي لتأتى آمنةً يوم الخوف الأكبر ، وتثبت علي جوانب المزلق . ولو شئت لاهتديت الطريق إلي مصفّي هذا العسل ، ولُباب هذا القمح ، ونسائج هذا القزّ ، ولكن هيهات أن يغلبَنى هواى ، ويقودنى جشعى إلي تخيّر الأطعمة ولعلّ بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له فى القرص ، ولا عهد له بالشِّبَع ، أ وَأبيتَ مبطاناً وحولى بُطونٌ غرثي وأكبادٌ حرّي ، أو أكون كما قال القائل :
أ أقنع من نفسى بأن يقال :هذا أمير المؤمنين ، ولا اُشاركهم فى مكاره الدهر ، أو أكون اُسوةً لهم فى جشوبة العيش ! فما خُلقتُ ليشغلنى أكل الطيّبات ، كالبهيمة المربوطة ، همّها علفها ، أو المرسلة شغلها تقمّمها(١) ، تكترش من أعلافها ، وتلهو عمّا يراد بها ، أو اُتركَ سديً ، أو اُهمل عابثاً ، أو أجُرّ حبل الضلالة ، أو أعتسف طريق المتاهة ! . . . إليكِ عنّى يا دنيا ، فحبلك علي غاربك ، قد انسللت من مخالبكِ ، وأفلتّ من حبائلك ، واجتنبتُ الذهاب فى مداحضك . أين القرون الذين غررتِهم بمداعبك ! أين الاُمم الذين فتنتِهم بزخارفك ! فها هم رهائن القبور ، ومضامين اللُّحود . والله لو كنتِ شخصاً مرئياً ، وقالباً حسّياً ، لأقمت عليك حدود الله فى عباد (١) تَقَمَّم : تتبّع القُمام فى الكُناسات (لسان العرب : ١٢ / ٤٩٣) . ١٤٧ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / عثمان بن حنيف
غررتهم بالأمانى ، واُمم ألقيتِهم فى المهاوى ، وملوك أسلمتهم إلي التلف ، وأوردتهم موارد البلاء ; إذ لا وِرْدَ ولا صَدر ! هيهات ! من وَطِئ دَحْضَك زَلِق ، ومن ركب لُجَجك غَرِق ، ومن ازوَرَّ عن حبائلك وُفّق ، والسالم منك لا يبالى إن ضاق به مُناخه ، والدنيا عنده كيوم حان انسلاخه . اُعزُبى عنّى ! فو الله لا أذلّ لك فتستذلّينى ، ولا أسلَس لك فتقودينى . وايم الله ـ يميناً أستثنى فيها بمشيئة الله ـ لأروضنّ نفسى رياضةً تهِشّ(١) معها إلي القرص إذا قدرت عليه مطعوماً ، وتقنع بالملح مأدوماً ، ولأدعنّ مقلتى كعين ماء ، نضب معينها ، مستفرغةً دموعها . أ تمتلئ السائمة من رعيها فتبرك ؟ وتشبع الربيضة من عشبها فتربض (٢)؟ ويأكل علىٌّ من زاده فيهجع ! قرّت إذاً عينُه إذا اقتدي بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة ، والسائمة المرعيّة ! طوبي لنفس أدّت إلي ربّها فرضها ، وعركت بجنبها بؤسها ، وهجرت فى الليل غمضها ، حتي إذا غلب الكري(٣) عليها افترشت أرضها ، وتوسّدت كفّها ، فى معشر أسهر عيونَهم خوفُ معادهم ، وتجافت عن مضاجعهم جنوبُهم ، وهمهمت بذكر ربّهم شفاههم ، وتقشّعت بطول استغفارهم ذنوبهم ³ أُولَـٰئـِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَ لاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ² (٤) . (١) هشّ لهذا الأمر يَهِشّ : إذا فرح واستبشر وارتاح له وخفَّ (النهاية : ٥ / ٢٦٤) . ١٤٨ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / قدامة بن عجلان
فاتّقِ الله يابن حنيف ، ولتكفف أقراصك ، ليكون من النار خلاصك(١) . ٣ / ١١ ـ ٦ ١٤٠٦ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتابه إلي قدامة بن عجلان عامله علي كَسْكَر(٢) : أمّا بعد ، فاحمل ما قبلك من مال الله ; فإنّه فىء للمسلمين ، لست بأوفر حظّاً فيه من رجل منهم ، ولا تحسبن يابن اُمّ قدامة أنّ مال كَسْكَر مباح لك كمال ورثته عن أبيك واُمّك ، فعجّل حمله وأعجل فى الإقبال إلينا ، إن شاء الله(٣) . ٣ / ١١ ـ ٧ ١٤٠٧ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتابه إلي مَصْقَلة بن هُبَيرة ـ : بلغنى عنك أمر إن كنت فعلته فقد أتيت شيئاً إدّاً(٤) ، بلغنى أنّك تقسم فىء المسلمين فيمن اعتفاك وتغشّاك من أعراب بكر بن وائل ! (١) نهج البلاغة : الكتاب ٤٥ ; ربيع الأبرار : ٢ / ٧١٩ نحوه وفيه إلي "و تلهو عمّا يراد بها" وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ١٠١ . إرجاعات
٢٤٨ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / قُدامَةُ بنُ عَجلانِ الأزدِيّ
١٤٩ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / مصقلة بن هبيرة
فو الذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ، وأحاط بكلّ شىء علماً ، لئن كان ذلك حقّاً لتجدنّ بك علىَّ هواناً ، فلا تستهيننّ بحقّ ربّك ، ولا تصلحنّ دنياك بفساد دينك ومحقه ; فتكون من ³ الاَْخْسَرِينَ أَعْمَالاً ± الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ² (١) (٢) .: ١٤٠٨ ـ عنه ¼ ـ فى كتابه إلي مَصْقَلة : أمّا بعد ، فإنّ من أعظم الخيانة خيانة الاُمّة ، وأعظم الغشّ علي أهل المصر غشّ الإمام ، وعندك من حقّ المسلمين خمسمائة ألف ، فابعث بها إلىَّ ساعة يأتيك رسولى ، وإلاّ فأقبل حين تنظر فى كتابى ; فإنّى قد تقدّمت إلي رسولى إليك ألاّ يدعك أن تُقيم ساعة واحدة بعد قدومه عليك إلاّ أن تبعث بالمال ، والسلام عليك(٣) . ١٤٠٩ ـ الغارات عن ذهل بن الحارث : دعانى مصقلة إلي رحله ، فقدّم عشاءً فطعمنا منه ، ثمّ قال : والله إنّ أمير المؤمنين يسألنى هذا المال ، وو الله لا أقدر عليه ، فقلت له : لو شئت لا يمضى عليك جمعة حتي تجمع هذا المال . فقال : والله ما كنت لاُحمّلها قومى ، ولا أطلب فيها إلي أحد . ثمّ قال : أما والله لو أنّ ابن هند يطالبنى بها ، أو ابن عفّان لتركها لى ، أ لم ترَ إلي ابن عفّان حيث أطعم الأشعث بن قيس مائة ألف درهم من خراج أذربيجان فى كلّ سنة ، فقلت : إنّ هذا لا يري ذلك الرأى ، وما هو بتارك لك شيئاً ، فسكت ساعة وسكتّ عنه ، فما مكث ليلة واحدة بعد هذا الكلام حتي لحق بمعاوية ، (١) الكهف : ١٠٣ و١٠٤ . ١٥٠ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الموقف الحازم مع العمّال / المنذر بن الجارود
فبلغ ذلك عليّاً ¼ فقال : ما له ؟ ! ترّحه(١) الله ! فَعَل فِعْل السيّد ، وفرّ فرار العبد ، وخان خيانة الفاجر ! أما إنّه لو أقام فعجز ما زدنا علي حبسه ; فإن وجدنا له شيئاً أخذناه ، وإن لم نقدر له علي مال تركناه ، ثمّ سار إلي داره فهدمها(٢) . ٣ / ١١ ـ ٨ ١٤١٠ ـ أنساب الأشراف : وكتب ¼ إلي المنذر بن الجارود ، وبلغه أنّه يبسط يده فى المال ، ويصل من أتاه ، وكان علي اصطخر(٣) : إنّ صلاح أبيك غرّنى منك ، وظننت أنّك تتّبع هديه وفعله ، فإذا أنت فيما رُقِّىَ إلىَّ عنك لا تدع الانقياد لهواك وإن أزري ذلك بدينك ، ولا تُصغى إلي الناصح وإن أخلص النصح لك ، بلغنى أنّك تدع عملك كثيراً وتخرج لاهياً متنزّهاً متصيّداً ، وأنّك قد بسطت يدك فى مال الله لمن أتاك من أعراب قومك ، كأنّه تراثك عن أبيك واُمّك . وإنّى اُقسم بالله لئن كان ذلك حقّاً لجملُ أهلك وشسع نعلك خير منك ، وأنّ اللعب واللهو لا يرضاهما الله ، وخيانة المسلمين وتضييع أعمالهم ممّا يسخط ربّك ، ومن كان كذلك فليس بأهل لأن يسدّ به الثغر ، ويُجبي به الفىء ، ويؤتمن علي مال المسلمين ، فأقبِل حين يصل كتابى هذا إليك . (١) التَّرَح : ضدّ الفرح وهو الهلاك والانقطاع أيضاً (النهاية : ١ / ١٨٦) . إرجاعات
٣٠٣ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / مَصْقَلَةُ بنُ هُبَيْرَة
١٥١ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عزل من ثبتت خيانته من العمّال
فقدم فشكاه قوم ورفعوا عليه أنّه أخذ ثلاثين ألفاً ، فسأله فجحد ، فاستحلفه چفلم يحلف ، فحبسه(١) . ٣ / ١٢ ١٤١١ ـ الاستيعاب : كان علىّ ¢ . . . لا يخصّ بالولايات إلاّ أهل الديانات والأمانات ، وإذا بلغه عن أحدهم خيانة كتب إليه : قد جاءتكم موعظة من ربِّكم فأوفوا الكيل والميزان بالقسط ولا تبخَسوا النَّاس أشياءهم ولا تعثَوا فى الأرض مفسدين . بقيَّة الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ(٢) . إذا أتاك كتابى هذا فاحتفظ بما فى يديك من أعمالنا حتي نبعث إليك من يتسلّمه منك ، ثمّ يرفع طرفه إلي السماء فيقول : اللهمّ إنّك تعلم أنّى لم آمرهم بظلم خلقك ، ولا بترك حقّك . وخطبه ومواعظه ووصاياه لعمّاله إذ كان يخرجهم إلي أعماله كثيرة مشهورة لم أرَ التعرّض لذكرها ، لئلاّ يطول الكتاب ، وهى حِسان كلّها(٣) . ١٤١٢ ـ دعائم الإسلام : إنّه [عليّاً ¼ ] حضر الأشعث بن قيس ، وكان عثمان استعمله علي أذربيجان ، فأصاب مائة ألف درهم ، فبعض يقول : أقطعه عثمان إيّاها ، وبعض يقول : أصابها الأشعث فى عمله . (١) أنساب الأشراف : ٢ / ٣٩١ ; نهج البلاغة : الكتاب ٧١ ، تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٠٣ كلّها نحوه . إرجاعات
٣١٥ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / المُنْذِرُ بنُ الجارُودِ العَبدِيّ
١٥٢ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عزل من ثبتت خيانته من العمّال
فأمره علىّ ¼ بإحضارها فدافعه ، وقال : يا أمير المؤمنين ، لم اُصبها فى عملك . قال : والله لئن أنت لم تحضرها بيت مال المسلمين ، لأضربنّك بسيفى هذا أصاب منك ما أصاب . فأحضرها وأخذها منه وصيّرها فى بيت مال المسلمين ، وتتبّع عمّال عثمان ، فأخذ منهم كلّ ما أصابه قائماً فى أيديهم ، وضمّنهم ما أتلفوا(١) . ١٤١٣ ـ الفصول المهمّة : نقل عن سودة بنت عمارة الهمدانيّة أنّها قدمت علي معاوية بعد موت علىّ ¼ ، فجعل معاوية يؤنّبها علي تعريضها عليه فى أيّام قتال صفّين ، ثمّ إنّه قال لها : ما حاجتك ؟ فقالت : إنّ الله تعالي مُسائلك عن أمرنا وما فوّض إليك من أمرنا ، ولا يزال يقدم علينا من قبلك من يسمو بمقامك ويبطش بسلطانك فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس الحرمل ، يسومنا الخسف ، ويذيقنا الحتف ، هذا بسر بن أرطاة قد قدم علينا ، فقتل رجالنا ، وأخذ أموالنا ، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة ، فإن عزلته عنّا شكرناك وإلاّ فإلي الله شكوناك . فقال معاوية : إيّاى تعنين ولى تهدّدين ! لقد هممت يا سودة أن أحملك علي قتب أشوَس ، فأردّك إليه ، فينفذ حكمه فيك . فأطرقت ثمّ أنشأت تقول :
فقال معاوية : من هذا يا سودة ؟ فقالت : هذا والله أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ¼ ، لقد جئته فى رجل كان قد ولاّه صدقاتنا فجار علينا فصادفته قائماً يريد الصلاة ، فلمّا رآنى انفتل ، ثمّ أقبل علىَّ بوجه طلق ، ورحمة ورفق ، وقال : ١٥٣ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / عقوبة الخونة من العمّال
لكِ حاجة ؟ فقلت : نعم ، وأخبرته بالأمر فبكي ، ثمّ قال : اللهمّ أنت شاهد أنّى لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقّك . ثمّ أخرج من جيبه قطعة جلد وكتب فيها : ³ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ± قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الاَْرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَٰ لِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ² (١) وإذا قرأت كتابى هذا فاحتفظ بما فى يدك من عملك حتي نُقدِم عليك من يقبضه . والسلام . ثمّ دفع إلىَّ الرقعة ، فجئتُ بالرقعة إلي صاحبه فانصرفَ عنّا معزولاً . فقال : اكتبوا لها بما تريد ، واصرفوها إلي بلدها غير شاكية(٢) . ٣ / ١٣ ١٤١٤ ـ الإمام علىّ ¼ ـ لمّا استدرك علي ابن هَرْمَة خيانة ، وكان علي سوق الأهواز ، فكتب إلي رِفاعة ـ : إذا قرأت كتابى فنحِّ ابن هرمة عن السوق ، وأوقفْه للناس ، واسجنْه ونادِ عليه ، واكتب إلي أهل عملك تُعلمهم رأيى فيه ، ولا تأخذك فيه غفلة ولا تفريط ، فتهلك عند الله ، وأعزِلُك أخبث عزلة ، واُعيذك بالله من ذلك . فإذا كان يوم الجمعة فأخرِجه من السجن ، واضربه خمسة وثلاثين سوطاً ، وطف به إلي الأسواق ، فمن أتي عليه بشاهد فحلّفه مع شاهده ، وادفع إليه من (١) الأعراف : ٨٥ . ١٥٤ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / نهى العمّال عن أخذ الهدية
مكسبه ما شهد به عليه ، ومُرْ به إلي السجن مهاناً مقبوحاً منبوحاً(١) ، واحزم رجليه بحزام ، وأخرجه وقت الصلاة ، ولا تحُل بينه وبين من يأتيه بمطعم أو مشرب أو ملبس أو مفرش ، ولا تدع أحداً يدخل إليه ممّن يلقّنه اللَّدَد(٢) ويرجّيه الخلوص . فإن صحّ عندك أنّ أحداً لقّنه ما يضرّ به مسلماً ، فاضربه بالدرّة ، فاحبسه حتي يتوب ، ومر بإخراج أهل السجن فى الليل إلي صحن السجن ليتفرّجوا غير ابن هرمة إلاّ أن تخاف موته فتخرجه مع أهل السجن إلي الصحن ، فإن رأيت به طاقة أو استطاعة فاضربه بعد ثلاثين يوماً خمسة وثلاثين سوطاً بعد الخمسة والثلاثين الاُولي ، واكتب إلىَّ بما فعلت فى السوق ، ومن اخترت بعد الخائن ، واقطع عن الخائن رزقه(٣) . ١٤١٥ ـ عنه ¼ ـ من عهده إلي مالك الأشتر فى مراقبة العمّال ـ : فإن أحد منهم بسط يده إلي خيانة اجتمعت بها أخبار عيونك ، اكتفيت بذلك شاهداً ، فبسطت عليه العقوبة فى بدنه ، وأخذته بما أصاب من عمله ، ثمّ نصبته بمقام المذلّة ، فوسمته بالخيانة ، وقلّدته عار التُّهمَة(٤) . ٣ / ١٤ ١٤١٦ ـ الإمام علىّ ¼ : أيّما وال احتجب عن حوائج الناس ، احتجب الله عنه يوم (١) المنبوح : المشتوم . يقال : نبحتنى كلابُك : أى لحقتنى شتائمك (النهاية : ٥ / ٥) . ١٥٥ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / نهى العمّال عن أخذ الهدية
القيامة وعن حوائجه ، وإن أخذ هديّة كان غُلولاً(١) ، وإن أخذ رشوة فهو مشرك(٢) . ١٤١٧ ـ أخبار القضاة عن علىّ بن ربيعة : إنّ عليّاً استعمل رجلاً من بنى أسد يقال له : ضبيعة بن زهير ، فلمّا قضي عمله أتي عليّاً بجراب فيه مال ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّ قوماً كانوا يهدون لى حتي اجتمع منه مال فها هو ذا ، فإن كان لى حلالاً أكلته ، وإن كان غير ذاك فقد أتيتك به . فقال علىّ : لو أمسكته لكان غلولاً . فقبضه منه وجعله فى بيت المال(٣) . ١٤١٨ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى خطبة ذكر فيها تعامله مع عقيل عندما طلب من بيت المال ، ثم قال ـ : وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة فى وعائها ، ومعجونة شنئْتُها ، كأنـّما عُجنت بريق حيّة أو قيئها ، فقلت : أ صِلة ، أم زكاة ، أم صدقة ؟ فذلك محرّم علينا أهل البيت ! فقال : لا ذا ولا ذاك ، ولكنّها هديّة ، فقلت : هبلتك الهبول !(٤) أ عن دين الله أتيتنى لتخدعنى ؟ أ مختبط أنت أم ذو جِنّة ، أم تهجر ؟ والله لو اُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها ، علي أن أعصى الله فى نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته ، وإنّ دنياكم عندى لأهون من ورقة فى فم جرادة تقضمها . ما لعلىّ ولنعيم يفني ، ولذّة لا تبقي ! نعوذ بالله من سبات العقل ، وقبح (١) الغُلول : الخيانة فى المغنم ، والسرقة من الغنيمة قبل القسمة ، وكلّ من خان فى شىء خفية فقد غلّ (النهاية : ٣ / ٣٨٠) . ١٥٦ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الجمع بين الشدّة واللين
الزلل ، وبه نستعين(١) . ٣ / ١٥ ١٤١٩ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتابه إلي بعض عمّاله ـ : أمّا بعد ، فإنّ دهاقين(٢) أهل بلدك شكوا منك غلظةً وقسوة ، واحتقاراً وجفوة ، ونظرت فلم أرَهم أهلاً لأن يُدْنَوا لشركهم ، ولا أن يُقصوا ويجفوا لعهدهم ، فالبس لهم جلباباً من اللين تشوبه بطرف من الشدّة ، وداوِل لهم بين القسوة والرأفة ، وامزج لهم بين التقريب والإدناء ، والإبعاد والإقصاء ، إن شاء الله(٣) . ١٤٢٠ ـ تاريخ اليعقوبى : كتب علىّ إلي عمر بن مسلمة الأرحبى : أمّا بعد ، فإنّ دهاقين عملك شكوا غلظتك ، ونظرت فى أمرهم فما رأيت خيراً ، فلتكن منزلتك بين منزلتين : جلباب لين ، بطرف من الشدّة ، فى غير ظلم ولا نقص ; فإنّهم أحيونا صاغرين ، فخذ ما لك عندهم وهم صاغرون ، ولا تتّخذ من دون الله وليّاً ، فقد قال الله عزّ وجلّ : ³ لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً ² (٤) وقال جلّ وعزّ فى أهل الكتاب : ³ لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ² وقال تبارك (١) نهج البلاغة : الخطبة ٢٢٤ ، بحار الأنوار : ٤١ / ١٦٢ / ٥٧ . ١٥٧ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الثالث : السياسة الإداريّة / الجمع بين الشدّة واللين
وتعالي : ³ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ² (١) وقرِّعهم بخراجهم ، وقابل فى ورائهم ، وإيّاك ودماءهم . والسلام(٢) . ١٤٢١ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتابه إلي بعض عمّاله ـ : أمّا بعد ، فإنّك ممّن أستظهر به علي إقامة الدين ، وأقمع به نخوة الأثيم ، وأسدّ به لهاة الثغر المخوف . فاستعن بالله علي ما أهمّك ، واخلط الشدّة بضغث من اللين ، وارفق ما كان الرفق أرفق ، واعتزم بالشدّة حين لا تغنى عنك إلاّ الشدّة . واخفض للرعيّة جناحك ، وابسط لهم وجهك ، وألِن لهم جانبك . وآسِ بينهم فى اللحظة والنظرة ، والإشارة والتحيّة ; حتي لا يطمع العظماء فى حيفك ، ولا ييأس الضعفاء من عدلك . والسلام(٣) . (١) المائدة : ٥١ . |
||||||