الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد الرابع

 

 

 ١٥٩ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الرابع : السياسة الثقافيّة

٤ / ١

تنمية التعليم والتربية

١٤٢٢ ـ الإمام علىّ  ¼ : علي الإمام أن يُعلّم أهل ولايته حدود الإسلام والإيمان(١) .

١٤٢٣ ـ عنه  ¼ : إنّ الناس إلي صالح الأدب أحوج منهم إلي الفضّة والذهب(٢) .

١٤٢٤ ـ عنه  ¼ : أيّها الناس ! إنّ لى عليكم حقّاً ، ولكم علىَّ حقّ ; فأمّا حقّكم علىَّ فالنصيحة لكم ، وتوفير فيئكم عليكم ، وتعليمكم كى لا تجهلوا ، وتأديبكم كيما تعلموا(٣) .


(١) غرر الحكم : ٦١٩٩ ، عيون الحكم والمواعظ : ٣٢٨ / ٥٦٣٧ .
(٢) غرر الحكم : ٣٥٩٠ ، عيون الحكم والمواعظ : ١٤٣ / ٣٢١٠ .
(٣) نهج البلاغة : الخطبة٣٤ ; أنساب الأشراف : ٣ / ١٥٤ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٩١ ، الكامل فى التاريخ : ٢/٤٠٨ كلّها نحوه ، الإمامة والسياسة : ١/١٧١ وفيه "فالنصيحة فى ذات الله" بدل "فالنصيحة لكم".

 ١٦٠ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الرابع : السياسة الثقافيّة / تنمية التعليم والتربية

١٤٢٥ ـ الإمام الباقر  ¼ : كان علىّ  ¼ إذا صلّي الفجر لم يزل معقّباً إلي أن تطلع الشمس ، فإذا طلعت اجتمع إليه الفقراء والمساكين وغيرهم من الناس ، فيعلّمهم الفقه والقرآن ، وكان له وقت يقوم فيه من مجلسه ذلك(١) .

١٤٢٦ ـ إرشاد القلوب : روى أنّه  ¼ كان إذا يفرغ من الجهاد يتفرّغ لتعليم الناس ، والقضاء بينهم(٢) .

١٤٢٧ ـ الطبقات الكبري عن علباء بن أحمر : إنّ علىّ بن أبى طالب خطب الناس فقال : من يشترى علماً بدرهم ؟ فاشتري الحارث الأعور صحفاً بدرهم ، ثمّ جاء بها عليّاً ، فكتب له علماً كثيراً ، ثمّ إنّ عليّاً خطب الناس بعد ، فقال : يا أهل الكوفة ! غلبكم نصف رجل(٣) .

١٤٢٨ ـ الغارات عن سالم بن أبى الجعد : فرض علىّ  ¼ لمن قرأ القرآن ألفين ألفين . قال : وكان أبى ممّن قرأ القرآن(٤) .

١٤٢٩ ـ شرح نهج البلاغة : وفد غالب بن صعصعة علي علىّ  ¼ ومعه ابنه الفرزدق(٥) ، فقال له : من أنت ؟ فقال : غالب بن صعصعة المجاشعى . . . قال : يا


(١) شرح نهج البلاغة : ٤ / ١٠٩ عن أعين ; بحار الأنوار : ٤١ / ١٣٢ .
(٢) إرشاد القلوب : ٢١٨ ، عدّة الداعى : ١٠١ ، بحار الأنوار : ١٠٣ / ١٦ / ٧٠ .
(٣) الطبقات الكبري : ٦ / ١٦٨ وراجع تاريخ بغداد : ٨ / ٣٥٧ .
(٤) الغارات : ١ / ١٣١ ; كنز العمّال : ٢ / ٣٣٩ / ٤١٨٦ نقلاً عن شعب الإيمان وليس فيه "و كان أبى . . ." .
(٥) هو أبو فراس ، همّام بن غالب بن صعصعة ، المعروف بالفرزدق ، ولد عام (٢٥ هـ ) فى البصرة ، وتوفّى عام (١١٤ هـ ) بعد تطواف العراق والشام والجزيرة . وقصيدته فى مدح الإمام السجّاد  ¼ فى حضور هشام بن عبد الملك دليل علي شجاعته وتهوّره :
هذا الذى تعرف البطحاء وطأتهُ والبيت يعرفه والحلّ والحرمُ
(راجع سير أعلام النبلاء : ٤ / ٥٩٠ / ٢٢٦ ووفيات الأعيان : ٦ / ٩٥ / ٧٨٤) .

 ١٦١ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الرابع : السياسة الثقافيّة / النهى عن نقض السنن الصالحة

أبا الأخطل ، مَن هذا الغلام معك ؟ قال : ابنى ، وهو شاعر . قال : علِّمه القرآن ; فهو خير له من الشعر(١) .

١٤٣٠ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ من كتاب له  ¼ إلي قُثَم بن العبّاس ، وهو عامله علي مكّة ـ : أمّا بعد ، فأقم للناس الحجّ ، وذكّرهم بأيّام الله ، واجلس لهم العصرين ، فأفتِ المستفتى ، وعلِّم الجاهل ، وذاكر العالم(٢) .

١٤٣١ ـ عنه  ¼ ـ لسائل سأله عن معضلة ـ : سل تفقّهاً ولا تسأل تعنُّتاً ; فإنّ الجاهل المُتعلِّم شبيه بالعالم ، وإنّ العالم المتعسِّف شبيه بالجاهل المتعنِّت(٣) .

١٤٣٢ ـ عنه  ¼ ـ لرجل سأله رجل أن يُعرّفه الإيمان ـ : إذا كان الغد فأْتنى حتي اُخبرك علي أسماع الناس ، فإن نسيت مقالتى حَفِظَها عليك غيرك ; فإنّ الكلام كالشاردة يَنْقُفها هذا ويُخطئُها هذا(٤) .

٤ / ٢

النهى عن نقض السنن الصالحة

١٤٣٣ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : لا تنقض سُنّة صالحة عمل بها صُدورُ هذه الاُمّة ، واجتمعت بها الاُلفة ، وصلحت عليها الرعيّة ، ولا تُحدِثنّ سُنّة تضرّ بشىء من ماضى تلك السُّنن ; فيكون الأجر لمن سنّها ، والوزر عليك


(١) شرح نهج البلاغة : ١٠ / ٢١ ، كنز العمّال : ٢ / ٢٨٨ / ٤٠٢٦ نقلا عن ابن الأنبارى فى المصاحف والدينورى عن الفرزدق نحوه .
(٢) نهج البلاغة : الكتاب ٦٧ ، بحار الأنوار : ٣٣ / ٤٩٧ / ٧٠٢ .
(٣) نهج البلاغة : الحكمة ٣٢٠ ، عيون الحكم والمواعظ : ١٣٢ / ٢٩٨٠ نحوه ، بحار الأنوار : ١ / ٢٢٢ / ٧ .
(٤) نهج البلاغة : الحكمة ٢٦٦ ، بحار الأنوار : ٢ / ١٦٠ / ٨ .

 ١٦٢ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الرابع : السياسة الثقافيّة / الأمر بمكافحة السنن الطالحة

بما نقضت منها . . . والواجب عليك أن تتذكّر ما مضي لمن تقدّمك من حكومة عادلة ، أو سُنّة فاضلة ، أو أثر عن نبيّنا  ½ ، أو فريضة فى كتاب الله(١) .

١٤٣٤ ـ عنه  ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر (فى رواية تحف العقول) ـ : وأكثر مدارسة العلماء ، ومثافنة(٢) الحكماء ، فى تثبيت ما صلح عليه أهل بلادك ، وإقامة ما استقام به الناس من قبلك ; فإنّ ذلك يحقّ الحقّ ، ويدفع الباطل ، ويكتفي به دليلاً ومثالاً لأنّ السنن الصالحة هى السبيل إلي طاعة الله(٣) .

٤ / ٣

الأمر بمكافحة السنن الطالحة

١٤٣٥ ـ الإمام علىّ  ¼ : اعلم أنّ أفضل عباد الله عند الله إمام عادل ، هُدِىَ وهَدَي ، فأقام سنّة معلومة ، وأمات بدعة مجهولة ، وإنّ السنن لنيّرة لها أعلام ، وإنّ البدع لظاهرة لها أعلام(٤) .

١٤٣٦ ـ الإمام الصادق  ¼ : أتت الموالى أمير المؤمنين  ¼ فقالوا : نشكو إليك هؤلاء العرب ; إنّ رسول الله  ½ كان يعطينا معهم العطايا بالسويّة ، وزوّج سلمان وبلالاً وصهيباً ، وأبو ْا علينا هؤلاء وقالوا : لا نفعل ! فذهب إليهم أمير المؤمنين  ¼ فكلّمهم فيهم ، فصاح الأعاريب : أبينا ذلك يا أبا الحسن ، أبينا ذلك ! فخرج وهو


(١) نهج البلاغة : الكتاب ٥٣ ، تحف العقول : ١٣٠ وص ١٤٨ نحوه وراجع دعائم الإسلام : ١ / ٣٥٦ و ٣٥٧ .
(٢) المُثافِن : المواظِب ، ويقال : ثافَنتُ فلاناً إذا حابَبته تحادِثُه وتلازِمه وتكَلّمه (لسان العرب : ١٢ / ٧٩) .
(٣) تحف العقول : ١٣١ .
(٤) نهج البلاغة : الخطبة ١٦٤ ، الجمل : ١٨٧ عن ابن دأب ; تاريخ الطبرى : ٤ / ٣٣٧ ، البداية والنهاية : ٧ / ١٦٨ كلاهما عن عبد الله بن محمّد عن أبيه ، العقد الفريد : ٣ / ٣١٠ عن ابن دأب وليس فيه "و إنّ السنن لنيّرة . . ." ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٢٧٦ كلّها نحوه .

 ١٦٣ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الرابع : السياسة الثقافيّة / التجنّب من مراسم الاستقبال

مغضب يجرُّ رداءه وهو يقول : يا معشر الموالى ! إنّ هؤلاء قد صيّروكم بمنزلة اليهود والنصاري ; يتزوّجون إليكم ولا يزوّجونكم ، ولا يعطونكم مثل ما يأخذون ; فاتّجروا بارك الله لكم ، فإنّى قد سمعت رسول الله  ½ يقول : الرزق عشرة أجزاء ; تسعة أجزاء فى التجارة ، وواحدة فى غيرها(١) .

٤ / ٤

التجنّب من مراسم الاستقبال

١٤٣٧ ـ نهج البلاغة : قال [عليّ]  ¼ وقد لقيه عند مسيره إلي الشام دهاقين الأنبار ، فترجّلوا له واشتدّوا بين يديه فقال : ما هذا الذى صنعتموه ؟ فقالوا : خُلُق منّا نعظّم به اُمراءنا . فقال : والله ما ينتفع بهذا اُمراؤكم ، وإنّكم لَتَشُقُّون علي أنفسكم فى دنياكم ، وتَشْقَون به فى آخرتكم . وما أخسَرَ المشقّة وراءها العقاب ، وأربَحَ الدَّعَة معها الأمان من النار !(٢)

١٤٣٨ ـ نهج البلاغة : روى أنّه [عليّا]  ¼ لمّا ورد الكوفة قادماً من صفّين مرّ بالشَّبامِيّين(٣) فسمع بكاء النساء علي قتلي صفّين ، وخرج إليه حرب بن شرحبيل الشبامى . . . يمشى معه وهو  ¼ راكب ، فقال  ¼ : ارجَع ; فإنّ مشْى مثلك مع مثلى فتنة للوالى ، ومذلّةً للمؤمن(٤) .


(١) الكافى : ٥ / ٣١٨ / ٥٩ عن الفضل بن أبى قرّة .
(٢) نهج البلاغة : الحكمة ٣٧ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ١٠٤ عن النوكى ، بحار الأنوار : ٤١ / ٥٥ / ٣ وراجع وقعة صفّين : ١٤٤ .
(٣) الشبام : حىّ من اليمن من همدان (لسان العرب : ١٢ / ٣١٧) .
(٤) نهج البلاغة : الحكمة ٣٢٢ ، وقعة صفّين : ٥٣١ عن عبد الله بن عاصم الفائشى ; المعيار والموازنة : ١٩٣ كلاهما نحوه .

 ١٦٤ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الرابع : السياسة الثقافيّة / النقد بدل الإطراء

١٤٣٩ ـ الإمام الصادق  ¼ : خرج أمير المؤمنين  ¼ علي أصحابه وهو راكب ، فمشوا خلفه ، فالتفت إليهم ، فقال : لكم حاجة ؟ فقالوا : لا ، يا أمير المؤمنين ، ولكنّا نحبّ أن نمشى معك ، فقال لهم : انصرفوا ; فإنّ مشْى الماشى مع الراكب مفسدة للراكب ، ومذلّة للماشى .

قال : وركب مرّة اُخري فمشوا خلفه ، فقال : انصرفوا ; فإنّ خفق النعال خلف أعقاب الرجال مفسدة لقلوب النَّوْكي(١) (٢) .

٤ / ٥

النقد بدل الإطراء

١٤٤٠ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر بعد ذكر خصائص البطانة الصالحة ـ : فاتّخذ اُولئك خاصّة لخلواتك وحَفَلاتك ، ثمّ ليكن آثرهم عندك أقولهم بمرّ الحقّ لك ، وأقلّهم مساعدةً فيما يكون منك ممّا كره الله لأوليائه ، واقعاً ذلك من هواك حيث وقع . والصَق بأهل الورع والصدق ، ثمّ رُضْهُم علي ألاّ يُطروك ولا يَبْجَحوك(٣) بباطل لم تفعله ; فإن كثرة الإطراء تُحدث الزهو ، وتُدنى من العزّة(٤) .


(١) أى الحمقي ; جمع أنْوَك (النهاية : ٥ / ١٢٩) .
(٢) المحاسن : ٢ / ٤٧٠ / ٢٦٣٢ ، الكافى : ٦ / ٥٤٠ / ١٦ وليس فيه ذيله وكلاهما عن هشام بن سالم ، تحف العقول : ٢٠٩ نحوه ، مشكاة الأنوار : ٣٦٤ / ١١٨٩ عن هشام بن سالم رفعه إلي الإمام علىّ  ¼ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ١٠٤ وفيه "و ارجعوا ، النعال خلف أعقاب الرجال مفسدة القلوب" بدل "فإنّ خفق . . ." .
(٣) يَبْجَحوك أو كما فى شرح النهج : يُبَجِّحوك : أى لا يجعلوك ممّن يبجَح أى يفخر بباطل لم يفعله كما يبجِّح أصحابُ الاُمراء الاُمراء (شرح نهج البلاغة : ١٧ / ٤٥) .
(٤) نهج البلاغة : الكتاب ٥٣ ، تحف العقول : ١٢٩ نحوه ، بحار الأنوار : ٣٣ / ٦٠٢ / ٧٤٤ .

 ١٦٥ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الرابع : السياسة الثقافيّة / النقد بدل الإطراء

١٤٤١ ـ عنه  ¼ ـ فى جواب من قال : أنت أميرنا ونحن رعيّتك ، بك أخرجنا الله عزّ وجلّ من الذلّ ، وبإعزازك أطلق عباده من الغلّ ، فاختَر علينا وأمضِ اختيارك ، وائتمر فأمض ائتمارك ; فإنّك القائل المصدَّق ، والحاكم الموفّق والملك المخوّل ، لا نستحلّ فى شىء معصيتك ، ولا نقيس علماً بعلمك ، يعظم عندنا فى ذلك خطرك ويجلّ عنه فى أنفسنا فضلك ـ : إنّ مِن حَقّ من عَظُمَ جلال الله فى نفسه ، وجلّ موضعه من قلبه أن يصغر عنده ـ لعظم ذلك ـ كلّ ما سواه ، وإنّ أحقّ من كان كذلك لمن عظمت نعمة الله عليه ، ولطف إحسانه إليه ، فإنّه لم تعظم نعمة الله علي أحد إلاّ زاد حقّ الله عليه عظماً .

وإنّ من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظنّ بهم حبّ الفخر ، ويوضع أمرهم علي الكبر ، وقد كرهت أن يكون جال فى ظنّكم أنّى اُحبّ الإطراء ، واستماع الثناء ، ولست ـ بحمد الله ـ كذلك ، ولو كنت اُحبّ أن يقال ذلك لتركته انحطاطاً لله سبحانه عن تناول ما هو أحقّ به من العظمة والكبرياء . وربّما استحلي الناس الثناء بعد البلاء .

فلا تُثنوا علىَّ بجميل ثناء ، لإخراجى نفسى إلي الله وإليكم من البقيّة فى حقوق لم أفرغ من أدائها ، وفرائض لابدّ من إمضائها ; فلا تكلّمونى بما تُكلّم به الجبابرة ، ولا تتحفّظوا منّى بما يُتحفّظ به عند أهل البادرة(١) ، ولا تخالطونى بالمصانعة ، ولا تظنّوا بى استثقالاً فى حقّ قيل لى ، ولا التماس إعظام لنفسى لما لا يصلح لى ; فإنّه من استثقل الحقّ أن يقال له ، أو العدل أن يعرض عليه ، كان العمل بهما أثقل عليه .


(١) البادرة من الكلام : الذى يسبق من الإنسان فى الغضب (النهاية : ١ / ١٠٦) والمراد بأهل البادرة هنا السلاطين والملوك ; فالإنسان يتحفّظ من الكلام أمامهم خوفاً من أن يُثير غضبهم .

 ١٦٦ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الرابع : السياسة الثقافيّة / الالتزام بالحقّ فى معرفة الرجال

فلا تكفّوا عنّى مقالة بحقّ ، أو مشورة بعدل ; فإنّى لست فى نفسى بفوق ما أن اُخطئ ، ولا آمن ذلك من فعلى ، إلاّ أن يكفى الله من نفسى ما هو أملك به منّى ، فإنّما أنا وأنتم عبيد مملوكون لربّ لا ربّ غيره ، يملك منّا ما لا نملك من أنفسنا ، وأخرجنا ممّا كنّا فيه إلي ما صلحنا عليه ، فأبدلنا بعد الضلالة بالهدي ، وأعطانا البصيرة بعد العمي(١) .

٤ / ٦

الالتزام بالحقّ فى معرفة الرجال

١٤٤٢ ـ الأمالى للمفيد عن الأصبغ بن نباتة : دخل الحارث الهمدانى علي أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب  ¼ فى نفر من الشيعة وكنتُ فيهم ، فجعل الحارث يتأوّد فى مشيته ، ويخبط(٢) الأرض بمِحجَنه(٣) ، وكان مريضاً ، فأقبل عليه أمير المؤمنين  ¼ ـ وكانت له منه منزلة ـ فقال : كيف تجدك يا حارث ؟ فقال : نال الدهر يا أمير المؤمنين منّى ، وزادنى اُواراً(٤) وغليلا اختصام أصحابك ببابك ، قال : وفيمَ خصومتهم ؟ قال : فيك وفى الثلاثة من قبلك ، فمن مفرط منهم غال ، ومقتصد تال ومن متردّد مرتاب ، لا يدرى أ يقدم أم يحجم ؟ فقال : حسبك يا أخا همدان ، ألا إنّ خير شيعتى النمط الأوسط ، إليهم يرجع الغالى ، وبهم يلحق التالى .


(١) الكافى : ٨ / ٣٥٥ / ٥٥٠ عن جابر عن الإمام الباقر  ¼ ، نهج البلاغة : الخطبة ٢١٦ وفيه "التقيّة" بدل "البقيّة" .
(٢) الخبط : الضرب (المصباح المنير : ١٦٣) .
(٣) المِحْجَن : عصاً مُعقّفة الرأس كالصولجان ، والميم زائدة (النهاية : ١ / ٣٤٧) .
(٤) الاُوار ـ بالضمّ : حرارة النار والشمس والعطش (النهاية : ١ / ٨٠) .

 ١٦٧ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل الرابع : السياسة الثقافيّة / الالتزام بالحقّ فى معرفة الرجال

فقال له الحارث : لو كشفت ـ فداك أبى واُمّى ـ الريْنَ عن قلوبنا ، وجعلتنا فى ذلك علي بصيرة من أمرنا . قال  ¼ : قَدْك(١) فإنّك امرؤ ملبوس عليك . إنّ دِين الله لا يعرف بالرجال ، بل بآية الحقّ ; فاعرف الحقّ تعرف أهله .

يا حارث ، إنّ الحقّ أحسن الحديث ، والصادع به مجاهد (٢) .

١٤٤٣ ـ البيان والتبيين : نهض الحارث بن حَوط الليثى إلي علىّ بن أبى طالب ، وهو علي المنبر ، فقال : أ تظُنّ أنّا نظُنُّ أنّ طلحة والزبير كانا علي ضلال ؟ قال : يا حارِ ، إنّه ملبوسٌ عليك ; إنّ الحقّ لا يعرف بالرجال ; فاعرف الحقّ تعرفْ أهله !(٣) .

راجع : القسم السادس / وقعة الجمل / تأهّب الإمام لمواجهة الناكثين / التباس الأمر علي من لا بصيرة له .


(١) قَدْ : بمعني حَسْب ، ويقال للمخاطب : قَدْك : أى حَسْبك (النهاية : ٤ / ١٩) .
(٢) الأمالى للمفيد : ٣ / ٣ ، الأمالى للطوسى : ٦٢٥ / ١٢٩٢ وفيه "فى شأنك والبليّة من قبلك" بدل "فيك وفى الثلاثة من قبلك" و"قال" بدل "تال" ، بشارة المصطفي : ٤ وفيه "وال" بدل "تال" ، تأويل الآيات الظاهرة : ٦٤٩٢ / ١١ ، كشف الغمّة : ٢ / ٣٧ كلاهما نحوه . راجع : القسم التاسع / علىّ عن لسان الشعراء / السيّد الحميرى .
(٣) البيان والتبيين : ٣ / ٢١١ ; نثر الدرّ : ١ / ٢٧٣ ، تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢١٠ نحوه ، وراجع نهج البلاغة : الحكمة ٢٦٢ وروضة الواعظين : ٣٩ .


إرجاعات 
١٤٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الاُولى : وقعة الجمل / الفصل الرابع : تأهّب الإمام لمواجهة الناكثين / كتاب الإمام إلى والي البصرة