٢٢٥ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة
٦ / ١ ١٥٧٠ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كتابه لابن عبّاس ـ : فقد قدم علىَّ رسولك ، وذكرتَ ما رأيتَ وبلغك عن أهل البصرة بعد انصرافى ، وساُخبرك عن القوم : هم بين مقيم لرغبة يرجوها ، أو عقوبة يخشاها ، فأرغِبْ راغبَهم بالعدل عليه ، والإنصاف له ، والإحسان إليه(١) . ١٥٧١ ـ عنه ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : وليكن أحبّ الاُمور إليك أوسطها فى الحقّ ، وأعمّها فى العدل ، وأجمعها لرضي الرعيّة . . . إنّ أفضل قرّة عين الولاة استقامة العدل فى البلاد ، وظهور مودّة الرعيّة(٢) . (١) وقعة صفّين : ١٠٥ ، نثر الدرّ : ١ / ٣٢٢ نحوه . ٢٢٦ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / إقامة العدل
١٥٧٢ ـ عنه ¼ ـ فى كتابه إلي الأسود بن قُطْبة صاحب جند حُلْوان ـ : أمّا بعد ، فإنّ الوالى إذا اختلف هواه منعه ذلك كثيراً من العدل ، فليكن أمر الناس عندك فى الحقّ سواء ; فإنّه ليس فى الجور عوض من العدل ، فاجتنب ما تنكر أمثاله(١) . ١٥٧٣ ـ عنه ¼ : هذا ما عهد عبد الله علىٌّ أمير المؤمنين إلي محمّد بن أبى بكر حين ولاّه مصر ; أمَره بتقوي الله والطاعة له فى السرّ والعلانية ، وخوف الله فى الغيب والمَشهد ، وباللّين للمسلم ، وبالغلظة علي الفاجر ، وبالعدل علي أهل الذمّة ، وبإنصاف المظلوم ، وبالشدّة علي الظالم ، وبالعفو عن الناس ، وبالإحسان ما استطاع ; والله يجزى المحسنين ويعذّب المجرمين"(٢) . ١٥٧٤ ـ عنه ¼ ـ فى عهده إلي محمّد بن أبى بكر حين قلّده مصر ـ : فاخفض لهم جناحك ، وألِن لهم جانبك ، وابسُط لهم وجهك ، وآسِ بينهم فى اللحظة والنظرة ، حتي لا يطمع العظماء فى حيفك لهم ، ولا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم ; فإنّ الله تعالي يسائلكم ـ معشرَ عباده ـ عن الصغيرة من أعمالكم والكبيرة ، والظاهرة والمستورة ، فإن يعذِّب فأنتم أظلم ، وإن يعفُ فهو أكرم(٣) . ١٥٧٥ ـ عنه ¼ ـ من كلام له لمّا عوتب علي التسوية فى العطاء ـ : أ تأمرونّى أن أطلب النصر بالجور فيمن وُلّيت عليه ! والله لا أطور به ما سمر سمير(٤) ، وما أمّ نجم فى السماء نجماً ! لو كان المال لى لسوّيت بينهم ، فكيف وإنّما المال (١) نهج البلاغة : الكتاب ٥٩ ، بحار الأنوار : ٣٣ / ٥١١ / ٧٠٨ . ٢٢٧ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / إقامة العدل
مال الله ؟ !(١) ١٥٧٦ ـ عنه ¼ : والله لأن أبيتَ علي حَسَك السَّعدان مسهّداً ، أو اُجرّ فى الأغلال مصفّداً ، أحبّ إلىَّ من أن ألقي الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد ، وغاصباً لشىء من الحطام . وكيف أظلم أحداً لنفس يسرع إلي البِلي قفولها ، ويطول فى الثري حلولها ؟ !(٢) ١٥٧٧ ـ عنه ¼ : والله لو اُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها ، علي أن أعصى الله فى نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته ، وإنّ دنياكم عندى لأهون من ورقة فى فم جرادة تقضمها ، ما لعلىّ ولنعيم يفني ، ولذّة لا تبقي !(٣) ١٥٧٨ ـ عنه ¼ : اُحاجّ الناس يوم القيامة بتسع : بإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر ، والعدل فى الرعيّة ، والقسم بالسويّة ، والجهاد فى سبيل الله ، وإقامة الحدود ، وأشباهه(٤) . ١٥٧٩ ـ تاريخ دمشق عن علىّ بن ربيعة : جاء جَعْدة بن هُبيرة إلي علىّ فقال: يا أمير المؤمنين ، يأتيك الرجلان إن أنت أحبّ إلي أحدهما من نفسه ـ أو من أهله وماله ـ والآخر لو يستطيع أن يذبحك لذبحك ، فتقضى لهذا علي هذا ؟ قال: (١) نهج البلاغة : الخطبة ١٢٦ ، تحف العقول : ١٨٥ وفيه "أموالهم" بدل "مال الله" . ٢٢٨ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / إقامة العدل
فلَهَزَه(١) علىّ وقال: إنّ هذا شىء لو كان لى فعلت ، ولكن إنّما ذا شىء لله(٢) . ١٥٨٠ ـ الكامل فى التاريخ ـ فى ذكر عبيد الله بن الحرّ الجعفى(٣) ـ : لمّا قُتل (١) اللَّهْز : الضرب بجُمْع الكفّ فى الصدر (النهاية : ٤ / ٢٨١) . ٢٢٩ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / إقامة العدل
عثمان ووقعت الحرب بين علىّ ومعاوية قصد معاوية ، فكان معه لمحبّته عثمان ، وشهد معه صفّين هو ومالك بن مسمع ، وأقام عبيد الله عند معاوية ، وكان له زوجة بالكوفة ، فلمّا طالت غيبته زوّجها أخوها رجلا يقال له: عِكرمة بن الخبيص ، وبلغ ذلك عبيد الله فأقبل من الشام فخاصم عكرمة إلي علىّ ، فقال له: ظاهرتَ علينا عدوّنا فغُلْتَ ؟ فقال له: أ يمنعنى ذلك من عدلك ؟ قال: لا . فقصّ عليه قصّته ، فردّ عليه امرأته ، وكانت حبلي ، فوضعها عند من يثق إليه حتي وضعت ، فألحق الولد بعكرمة ، ودفع المرأة إلي عبيد الله ، وعاد إلي الشام فأقام به حتي قُتل علىّ(١) . ١٥٨١ ـ تاريخ اليعقوبى عن الزهرى : دخلت إلي عمر [بن عبد العزيز] يوماً ، فبينا أنا عنده ، إذ أتاه كتاب من عامل له يخبره أنّ مدينتهم قد احتاجت إلي مَرَمّة ، فقلت له : إنّ بعض عمّال علىّ بن أبى طالب كتب بمثل هذا ، وكتب إليه : أمّا بعد ، فحصّنها بالعدل ، ونقِّ طرقها من الجور . فكتب بذلك عمر إلي عامله(٢) . (١) الكامل فى التاريخ : ٣ / ٢٥ . ٢٣٠ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / الالتزام بالحقوق
٦ / ٢ ١٥٨٢ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى صفّين ـ : أمّا بعد ، فقد جعل الله سبحانه لى عليكم حقّاً بولاية أمركم ، ولكم علىَّ من الحقّ مثل الذى لى عليكم ، فالحقّ أوسع الأشياء فى التواصف ، وأضيقها فى التناصف ، لا يجرى لأحد إلاّ جري عليه ، ولا يجرى عليه إلاّ جري له ، ولو كان لأحد أن يجرى له ولا يجرى عليه لكان ذلك خالصاً لله سبحانه دون خلقه ; لقدرته علي عباده ، ولعدله فى كلّ ما جرت عليه صروف قضائه ، ولكنّه سبحانه جعل حقّه علي العباد أن يُطيعوه ، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضّلاً منه ، وتوسّعاً بما هو من المزيد أهله . ثمّ جعل سبحانه من حقوقه حقوقاً افترضها لبعض الناس علي بعض ، فجعلها تتكافأ فى وجوهها ، ويوجب بعضها بعضاً ، ولا يستوجب بعضها إلاّ ببعض ، وأعظم ما افترض سبحانه من تلك الحقوق حقّ الوالى علي الرعيّة ، وحقّ الرعيّة علي الوالى ، فريضة فرضها الله سبحانه لكلّ علي كلّ ، فجعلها نظاماً لاُلفتهم ، وعزّاً لدينهم ، فليست تصلح الرعيّة إلاّ بصلاح الولاة ، ولا تصلح الولاة إلاّ باستقامة الرعيّة . فإذا أدّت الرعيّة إلي الوالى حقّه ، وأدّي الوالى إليها حقّها عزّ الحقّ بينهم ، وقامت مناهج الدين ، واعتدلت معالم العدل ، وجرت علي أذْلالها(١) السنن ، فصلح بذلك الزمان ، وطمع فى بقاء الدولة ، ويئست مطامع الأعداء . وإذا غلبت الرعيّةُ واليها ، أو أجحف الوالى برعيّته ، اختلفت هنالك الكلمة ، ٢٣١ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / تنمية الحرّية البنّاءة
وظهرت معالم الجور ، وكثر الإدغال فى الدين ، وتُركت محاجّ السنن ، فعُمل بالهوي ، وعُطّلت الأحكام ، وكثرت علل النفوس ، فلا يُستوحش لعظيم حقّ عُطّل ، ولا لعظيم باطل فُعِل ! فهنالك تذلّ الأبرار ، وتعزّ الأشرار ، وتعظم تبعات الله سبحانه عند العباد ، فعليكم بالتناصح فى ذلك ، وحسن التعاون عليه ، فليس أحد ـ وإن اشتدّ علي رضي الله حرصه ، وطال فى العمل اجتهاده ـ ببالغ حقيقة ما الله سبحانه أهله من الطاعة له . ولكن من واجب حقوق الله علي عباده : النصيحة بمبلغ جهدهم ، والتعاون علي إقامة الحقّ بينهم ، وليس امرؤٌ ـ وإن عظمت فى الحقّ منزلته ، وتقدّمت فى الدين فضيلته ـ بفوقِ أن يعان علي ما حمّله الله من حقّه . ولا امرؤ ـ وإن صغّرته النفوس ، واقتحمته العيون ـ بدون أن يعين علي ذلك أو يُعان عليه(١) . ١٥٨٣ ـ عنه ¼ : جعل الله سبحانه حقوق عباده مقدّمة لحقوقه ; فمن قام بحقوق عباد الله كان ذلك مؤدّياً إلي القيام بحقوق الله(٢) . ٦ / ٣ ١٥٨٤ ـ الإمام علىّ ¼ : أيّها الناس ! إنّ آدم لم يلد عبداً ولا أمة ، وإنّ الناس كلّهم أحرار(٣) . (١) نهج البلاغة : الخطبة ٢١٦ وراجع الكافى : ٨ / ٣٥٢ / ٥٥٠ . ٢٣٢ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / تنمية الحرّية البنّاءة
١٥٨٥ ـ عنه ¼ : أمّا بعد ! فإنّ الله تبارك وتعالي بعث محمّداً ½ ليُخرج عباده من عبادة عباده إلي عبادته ، ومن عهود عباده إلي عهوده ، ومن طاعة عباده إلي طاعته ، ومن ولاية عباده إلي ولايته(١) . ١٥٨٦ ـ عنه ¼ : لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرّاً(٢) . ١٥٨٧ ـ عنه ¼ : من قام بشرائط العبوديّة اُهِّلَ للعتق . من قصّر عن أحكام الحرّية اُعيد إلي الرقّ(٣) . ١٥٨٨ ـ عنه ¼ : إيّاك وما يُسخط ربّك وما يُوحش الناس منك ، فمن أسخط ربّه تعرّض للمنيّة ، ومن أوحش الناس تبرّأ من الحرّية(٤) . ١٥٨٩ ـ عنه ¼ : جَمال الحرّ تجنّب العار(٥) . ١٥٩٠ ـ عنه ¼ : الحرُّ حرٌّ وإن مسّه الضُّرّ ، العبدُ عبدٌ وإن ساعده القدر(٦) . ١٥٩١ ـ عنه ¼ : يا أهل الكوفة ! مُنيت منكم بثلاث واثنتين ، صُمٌّ ذَوو أسماع ، وبُكْمٌ ذَوو كلام ، وعُمىٌ ذَوو أبصار ، لا أحرار صدق عند اللقاء ، ولا إخوان ثقة (١) الكافى : ٨ / ٣٨٦ / ٥٨٦ عن محمّد بن الحسين عن أبيه عن جدّه عن أبيه ، فلاح السائل : ٣٧٢ / ٢٤٨ ، بحار الأنوار : ٧٧ / ٣٦٥ / ٣٤ . ٢٣٣ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / الاهتمام برضي العامّة
عند البلاء(١) . ١٥٩٢ ـ عنه ¼ ـ بعد سماعه لأمر الحكمين ـ : اُفٍّ لكم ! لقد لقيت منكم بَرْحاً(٢) يوماً اُناديكم ، ويوماً اُناجيكم ; فلا أحرارُ صدق عند النداء ، ولا إخوان ثقة عند النجاء(٣) . ١٥٩٣ ـ عنه ¼ ـ فى الحكم المنسوبة إليه ـ : كلُّ ما حملت عليه الحرَّ احتمله ورآه زيادة فى شرفه ، إلاّ ما حطّه جزءاً من حرّيته ; فإنّه يأباه ولا يُجيب إليه(٤) . ٦ / ٤ ١٥٩٤ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : ليكن أحبّ الاُمور إليك أوسطها فى الحقّ ، وأعمّها فى العدل ، وأجمعها لرضي الرعيّة ; فإنّ سخط العامّة يجحف برضي الخاصّة ، وإنّ سخط الخاصّة يغتفر مع رضي العامّة . . . إنّما عماد الدين ، وجماع المسلمين ، والعدّة للأعداء ، العامّة من الاُمّة ، فليكن صِغْوك(٥) لهم ، وميلك معهم . . . . إنّ أفضل قرّة عين الولاة استقامة العدل فى البلاد ، وظهور مودّة الرعيّة ، وإنّه لا تظهر مودّتهم إلاّ بسلامة صدورهم(٦) . (١) نهج البلاغة : الخطبة ٩٧ . ٢٣٤ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / الرحمة للرعيّة والمحبّة لهم
١٥٩٥ ـ عنه ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : فاعمل فيما وليت عمل من يحبّ أن يدّخر حسن الثناء من الرعيّة ، والمثوبة من الله ، والرضا من الإمام . ولا قوّة إلاّ بالله(١) . ٦ / ٥ ١٥٩٦ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : وأشعر قلبك الرحمة للرعيّة ، والمحبّة لهم ، واللطف بهم ، ولا تكوننّ عليهم سَبُعاً ضارياً تغتنم أكلهم ; فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك فى الدين ، وإمّا نظير لك فى الخلق ، يفرط منهم الزلل ، وتعرض لهم العلل ، ويؤتي علي أيديهم فى العمد والخطأ ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذى تحبّ وترضي أن يعطيك الله من عفوه وصفحه ; فإنّك فوقهم ، ووالى الأمر عليك فوقك ، والله فوق من ولاّك . وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم . ولا تنصبنّ نفسك لحرب الله ; فإنه لا يدَ لك بنقمته ، ولا غني بك عن عفوه ورحمته . . . واعلم أنّه ليس شىء بأدعي إلي حسن ظنّ راع برعيّته من إحسانه إليهم ، وتخفيفه المؤونات عليهم ، وترك استكراهه إيّاهم علي ما ليس له قبلهم ، فليكن منك فى ذلك أمر يجتمع لك به حسن الظنّ برعيّتك ; فإنّ حسن الظنّ يقطع عنك نصباً طويلا ، وإنّ أحقّ من حسن ظنّك به لَمن حسن بلاؤك عنده . وإن أحقّ من ساء ظنّك به لَمن ساء بلاؤك عنده(٢) . (١) تحف العقول : ١٣٨ . ٢٣٥ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / الاتّصال المباشر بالناس
وزاد فى تحف العقول : فاعرف هذه المنزلة لك وعليك لتزدك بصيرة فى حسن الصنع ، واستكثار حسن البلاء عند العامّة ، مع ما يوجب الله بها لك فى المعاد(١) . ١٥٩٧ ـ عنه ¼ ـ من كتابه لابن عبّاس ، وهو عامله علي البصرة ـ : واعلم أنّ البصرة مهبط إبليس ، ومغرس الفتن ، فحادِثْ أهلها بالإحسان إليهم ، واحلل عقدة الخوف عن قلوبهم(٢) . ٦ / ٦ ١٥٩٨ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : اجعل لذوى الحاجات منك قسماً تفرّغُ لهم فيه شخصك ، وتجلس لهم مجلساً عامّاً ، فتتواضع فيه لله الذى خلقك ، وتُقعِد عنهم جندك وأعوانك من أحراسك وشرَطَك ، حتي يُكلّمك متكلّمهم غير مُتتعتَع ; فإنّى سمعت رسول الله ½ يقول فى غير موطن : "لن تقدّس اُمّة لا يؤخذ للضعيف فيها حقّه من القوىّ غير متتعتع" . . . ثمّ اُمور من اُمورك لابدّ لك من مباشرتها ، منها : إجابة عمّالك بما يعيا عنه كتّابك . ومنها : إصدار حاجات الناس يوم ورودها عليك بما تحرج به صدور أعوانك . . . فلا تطوّلنّ احتجابك عن رعيّتك ; فإنّ احتجاب الولاة عن الرعيّة شعبة من الضيق ، وقلّة علم بالاُمور ، والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه ، فيصغر عندهم الكبير ، ويعظم الصغير ، ويقبح الحسن ، ويحسن (١) تحف العقول : ١٢٦ ـ ١٣٠ . ٢٣٦ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / الاتّصال المباشر بالناس
القبيح(١) . ١٥٩٩ ـ عنه ¼ ـ من كتابه إلي قُثَم بن العبّاس عامله علي مكّة ـ : لا يكن لك إلي الناس سفير إلاّ لسانك ، ولا حاجب إلاّ وجهك ، ولا تحجبنّ ذا حاجة عن لقائك بها ; فإنّها إن ذيدت عن أبوابك فى أوّل وردها لم تُحمد فيما بعد علي قضائها(٢) . ١٦٠٠ ـ عنه ¼ ـ من كتابه لاُمراء الخراج ـ : لا تتّخذنّ حُجّاباً ، ولا تحجبنّ أحداً عن حاجته حتي يُنهيها إليكم(٣) . ١٦٠١ ـ عنه ¼ ـ من كتابه ¼ إلي اُمرائه علي الجيش ـ : من عبد الله علىّ بن أبى طالب أمير المؤمنين إلي أصحاب المسالح : أمّا بعد ، فإنّ حقّاً علي الوالى ألاّ يغيّره علي رعيّته فضلٌ ناله ، ولا طَول خُصّ به ، وأن يزيده ما قسم الله له من نعمه دُنُوّاً من عباده ، وعطفاً علي إخوانه(٤) . ١٦٠٢ ـ عنه ¼ ـ فى كتابه إلي قيس بن سعد ـ : فألِنْ حجابك ، وافتح بابك ، واعمَد إلي الحقّ (٥) . ١٦٠٣ ـ عنه ¼ : ثلاثةٌ من كنّ فيه من الأئمّة صلُح أن يكون إماماً اضطَلَع(٦) (١) نهج البلاغة : الكتاب ٥٣ ، تحف العقول : ١٤٢ نحوه . ٢٣٧ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / تحمّل مؤونة الناس
بأمانته إذا عدل فى حكمه ، ولم يحتجب دون رعيّته ، وأقام كتاب الله تعالي فى القريب والبعيد"(١) . ٦ / ٧ ١٦٠٤ ـ الإمام علىّ ¼ : من لم يحتمل مؤونة الناس فقد أهّل قدرته لانتقالها(٢) . ١٦٠٥ ـ عنه ¼ : الاحتمال زين السياسة(٣) . ١٦٠٦ ـ عنه ¼ ـ فى الحكم المنسوبة إليه ـ : من ساس نفسه بالصبر علي جهل الناس صلح أن يكون سائساً(٤) . ١٦٠٧ ـ عنه ¼ : إذا ملكت فَارفقْ(٥) . ١٦٠٨ ـ عنه ¼ : رأس السياسة استعمال الرفق(٦) . ١٦٠٩ ـ عنه ¼ : نِعْم السياسة الرفق(٧) . ١٦١٠ ـ عنه ¼ : مَن عامَل بالرفق وُفّق(٨) . (١) كنز العمّال : ٥ / ٧٦٤ / ١٤٣١٥ . ٢٣٨ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / الاجتناب عن الغضب
١٦١١ ـ عنه ¼ : من لم يلِن لمن دونه لم يَنل حاجته(١) . ١٦١٢ ـ عنه ¼ ـ فيما كتبه لحذيفة بن اليمان ـ : آمرك بالرفق فى اُمورك ، واللِّين والعدل علي رعيّتك(٢) . ١٦١٣ ـ عنه ¼ ـ فيما كتبه إلي أهل المدائن ـ : قد تولّيت اُموركم حذيفة بن اليمان ; وهو ممّن أرتضى بهداه ، وأرجو صلاحه ، وقد أمرته بالإحسان إلي محسنكم ، والشدّة علي مريبكم ، والرفق بجميلكم ، أسأل الله لنا ولكم حسن الخِيَرة والإحسان ، ورحمته الواسعة فى الدنيا والآخرة(٣) . ١٦١٤ ـ عنه ¼ : عليك بالرفق ; فإنّه مفتاح الصواب وسجيّة اُولى الألباب(٤) . ١٦١٥ ـ عنه ¼ : الرفق يسيّر الصعاب ، ويسهّل شديد الأسباب(٥) . ١٦١٦ ـ عنه ¼ : من استعمل الرفق لان له الشديد(٦) . ٦ / ٨ ١٦١٧ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من وصيّته لابن عبّاس عند استخلافه إيّاه علي (١) غرر الحكم : ٩٠٠٦ . ٢٣٩ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / النهى عن تتبّع العيوب
البصرة ـ : سَعِ الناس بوجهك ومجلسك وحكمك ، وإيّاك والغضب ; فإنّه طَيْرة من الشيطان(١) . ٦ / ٩ ١٦١٨ ـ الإمام علىّ ¼ : إنّ للناس عيوباً ; فلا تكشف ما غاب عنك ; فإنّ الله سبحانه يحكم عليها ، واستر العورة ما استطعت يستر الله سبحانه ما تحبّ ستره(٢) . ١٦١٩ ـ عنه ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : ليكن أبعد رعيّتك منك وأشنأهُم عندك أطلبهم لمعائب الناس ; فإنّ فى الناس عيوباً ; الوالى أحقّ من سترها ; فلا تكشفنّ عمّا غاب عنك منها ; فإنّما عليك تطهير ما ظهر لك ، والله يحكم علي ما غاب عنك ، فاستر العورة ما استطعت يستر الله منك ما تُحبُّ ستره من رعيّتك(٣) . ١٦٢٠ ـ عنه ¼ ـ فى الحكم المنسوبة إليه ـ : الأشرار يتّبعون مساوئ الناس ، ويتركون محاسنهم ، كما يتتبّع الذبابُ المواضعَ الفاسدة(٤) . ١٦٢١ ـ عنه ¼ : إذا سئلت الفاجرة من فجر بك ؟ فقالت : فلان ، فإنّ عليها حدّين : حدّاً لفجورها ، وحدّاً لفريتها علي الرجل المسلم(٥) . (١) نهج البلاغة : الكتاب ٧٦ ، بحار الأنوار : ٣٣ / ٤٩٨ / ٧٠٤ . ٢٤٠ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / الإصحار بالعذر لدفع سوء الظنّ
١٦٢٢ ـ عنه ¼ : تتبّع العورات من أعظم السوءات(١) . ٦ / ١٠ ١٦٢٣ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : إن ظنّت الرعيّة بك حيفاً فأصحِر لهم بعذرك(٢) ، واعدِل عنك ظنونهم بإصحارك ; فإنّ فى ذلك رياضةً منك لنفسك ، ورفقاً برعيّتك ، وإعذاراً تبلغ به حاجتك من تقويمهم علي الحقّ(٣) . ٦ / ١١ ١٦٢٤ ـ الإمام علىّ ¼ : من لم ينصف المظلوم من الظالم سلبه الله قدرته(٤) . ١٦٢٥ ـ عنه ¼ : أما والذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لولا حضور الحاضر ، وقيام الحجّة بوجود الناصر ، وما أخذ الله علي العلماء ألاّ يُقارّوا علي كِظّة(٥) ظالم ، ولا سغب مظلوم ، لألقيتُ حبلها علي غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أوّلها ، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندى من عفطة عنز !(٦) (١) غرر الحكم : ٤٥٨٠ . ٢٤١ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / إعانة المظلوم
١٦٢٦ ـ عنه ¼ : أيّها الناس ! أعينونى علي أنفسكم ، وايم الله لاُنصفنّ المظلوم من ظالمه ، ولأقودنّ الظالم بخزامته ، حتي اُورده منهل الحقّ وإن كان كارهاً(١) . ١٦٢٧ ـ عنه ¼ : الذليل عندى عزيز حتي آخذ الحقّ له ، والقوىّ عندى ضعيف حتي آخذ الحقّ منه(٢) . ١٦٢٨ ـ عنه ¼ ـ فى عهده إلي مالك الأشتر ـ : ثمّ انظر فى أمر الأحكام بين الناس بنيّة صالحة ; فإنّ الحكم فى إنصاف المظلوم من الظالم والأخذ للضعيف من القوىّ وإقامة حدود الله علي سنّتها ومنهاجها ممّا يُصلح عباد الله وبلاده(٣) . ١٦٢٩ ـ الإمام الباقر ¼ : رجع علىّ ¼ إلي داره فى وقت القيظ فإذا امرأة قائمة تقول : إنّ زوجى ظلمنى وأخافنى وتعدّي علىّ وحلف ليضربنى ، فقال ¼ : يا أمة الله ! اصبرى حتي يبرد النهار ، ثمّ أذهب معك إن شاء الله ، فقالت : يشتدّ غضبه وحَرْده علىّ ، فطأطأ رأسه ثمّ رفعه وهو يقول : لا والله أو يؤخذ للمظلوم حقّه غير متعتع ، أين منزلك ؟ فمضي إلي بابه فوقف ، فقال : السلام عليكم . فخرج شابّ ، فقال علىّ : يا عبد الله ! اتّقِ الله فإنّك قد أخفتها وأخرجتها . فقال الفتي : وما أنت وذاك ؟ والله لاُحرقنّها لكلامك ! فقال أمير المؤمنين : آمرك بالمعروف وأنهاك عن المنكر تستقبلنى بالمنكر ، (١) نهج البلاغة : الخطبة ١٣٦ ، بحار الأنوار : ٣٢ / ٤٩ / ٣٣ . ٢٤٢ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / إعانة المظلوم
وتنكر المعروف ؟ قال : فأقبل الناس من الطرق ويقولون : سلام عليكم يا أمير المؤمنين ، فسُقِط الرجل فى يديه(١) فقال : يا أمير المؤمنين أقلنى عثرتى ، فو الله لأكوننّ لها أرضاً تطأنى ، فأغمد علىّ سيفه وقال : يا أمة الله ادخلى منزلك ، ولا تُلجئى زوجك إلي مثل هذا وشبهه(٢) . ١٦٣٠ ـ الاختصاص : إنّ سعيد بن القيس الهمدانى رآه [عليّاً ¼ ] يوماً فى شدّة الحرّ فى فناء حائط ، فقال : يا أمير المؤمنين ! بهذه الساعة ؟ قال : ما خرجت إلاّ لاُعين مظلوماً أو اُغيث ملهوفاً . فبينا هو كذلك إذ أتته امرأة قد خلع قلبها ، لا تدرى أين تأخذ من الدنيا حتي وقفت عليه ، فقالت : يا أمير المؤمنين ! ظلمنى زوجى وتعدّي علىَّ وحلف ليضربنى فاذهب معى إليه ، فطأطأ رأسه ثمّ رفعه وهو يقول : لا والله ، حتي يؤخذ للمظلوم حقّه غير متعتع ، وأين منزلك ؟ قالت : فى موضع كذا وكذا . فانطلق معها حتي انتهت إلي منزلها ، فقالت : هذا منزلى ، قال : فسلّم ، فخرج شابّ عليه إزار ملوّنة ، فقال: اتّقِ الله فقد أخفت زوجتك ، فقال : وما أنت وذاك ؟ والله لاُحرقنّها بالنار لكلامك . قال : وكان إذا ذهب إلي مكان أخذ الدرّة بيده ، والسيف معلّق تحت يده ، فمن حلّ عليه حكمٌ بالدرّة ضربه ، ومن حلّ عليه حكمٌ بالسيف عاجله ، فلم يعلم الشابّ إلاّ وقد أصلت السيف وقال له : آمرك بالمعروف وأنهاك عن المنكر ، وتردّ المعروف ! تُب وإلاّ قتلتك . قال : وأقبل الناس من السكك يسألون عن أمير المؤمنين ¼ حتي وقفوا (١) يقال لكلّ من ندم وعجز عن الشيء: قد سُقِط فى يده، واُسقِط فى يده، لغتان (مجمع البحرين: ٢/٨٥٤). ٢٤٣ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / تأسيس بيت القصص
عليه ، قال : فاُسقط فى يد الشابّ ، وقال : يا أمير المؤمنين ، اعفُ عنّى عفا الله عنك ، والله لأكوننّ أرضاً تطأنى ، فأمرها بالدخول إلي منزلها وانكفأ وهو يقول : ³ لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ² . الحمد لله الذى أصلح بى بين مرأة وزوجها ، يقول الله تبارك وتعالي : ³ لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰ لِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ² (١) (٢) . ١٦٣١ ـ الكافى عن اُسيد بن صفوان صاحب رسول الله ½ : لمّا كان اليوم الذى قبض فيه أمير المؤمنين ¼ ارتجّ الموضع بالبكاء ، ودهش الناس كيوم قبض النبىّ ½ ، وجاء رجل باكياً وهو مسرع مسترجع وهو يقول : اليوم انقطعت خلافة النبوّة ، حتي وقف علي باب البيت الذى فيه أمير المؤمنين ¼ فقال : رحمك الله يا أبا الحسن ، كنت أوّل القوم إسلاماً وأخلصهم إيماناً . . . الضعيف الذليل عندك قوىّ عزيز حتي تأخذ له بحقّه ، والقوىّ العزيز عندك ضعيف ذليل حتي تأخذ منه الحقّ ، والقريب والبعيد عندك فى ذلك سواء(٣) . ٦ / ١٢ ١٦٣٢ ـ صبح الأعشي : أوّل من اتّخذ بيتاً تُرمي فيه قِصَص أهل الظلامات (١) النساء : ١١٤ . ٢٤٤ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / المراقبة لدفع مظالم الجنود
أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ¢ (١) . ١٦٣٣ ـ الأوائل عن محمّد بن سيرين : اتّخذ علىّ بيتاً يُلقى الناس فيه القِصَص ، حتي كتبوا شتمه فألقوه فيه ، فتركه(٢) . ١٦٣٤ ـ شرح نهج البلاغة : كان لأمير المؤمنين ¼ بيت سمّاه : بيت القِصَص ، يُلقى الناس فيه رِقاعهم(٣) . ١٦٣٥ ـ الإمام علىّ ¼ ـ لأصحابه ـ : من كانت له إلىّ منكم حاجة ، فليرفعها فى كتاب ; لأصون وجوهكم عن المسألة(٤) . ٦ / ١٣ ١٦٣٦ ـ الإمام علىّ ¼ : من عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلي من مرّ به الجيشُ من جباة الخراج وعمّال البلاد : أمّا بعد ، فإنّى قد سيّرت جنوداً هى مارّة بكم إن شاء الله ، وقد أوصيتهم بما يجب لله عليهم من كفّ الأذي ، وصرف الشَّذي(٥) ، وأنا أبرأ إليكم وإلي ذمّتكم من مَعَرَّة(٦) الجيش ، إلاّ من جَوْعة المضطرّ ، لا يجد عنها مذهباً إلي شِبَعه ، فَنَكِّلوا من (١) صبح الأعشي : ١ / ٤١٤ . ٢٤٥ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / الحرص علي جماعة الاُمّة
تناول منهم شيئاً ظلماً عن ظلمهم ، وكفّوا أيدى سفهائكم عن مضارّتهم ، والتعرّض لهم فيما استثنيناه منهم ، وأنا بين أظهر الجيش ، فارفعوا إلىَّ مظالمكم ، وما عراكم ممّا يغلبكم من أمرهم ، وما لا تطيقون دفعه إلاّ بالله وبى ، فأنا اُغيّره بمعونة الله إن شاء الله(١) . ٦ / ١٤ ١٦٣٧ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من كتاب له إلي أبى موسي الأشعرى جواباً فى أمر الحكمين ـ : فإنّ الناس قد تغيّر كثير منهم عن كثير من حظّهم ، فمالوا مع الدنيا ، ونطقوا بالهوي ، وإنّى نزلت من هذا الأمر منزلا معجباً ، اجتمع به أقوام أعجبتهم أنفسهم ، وأنا اُداوى منهم قرحاً أخاف أن يكون علقاً ، وليس رجل ـ فاعلم ـ أحرص علي جماعة اُمّة محمّد ½ واُلفتها منّى ، أبتغى بذلك حُسن الثواب ، وكرم المآب ، وسأفى بالذى وأيت(٢) علي نفسى(٣) . ١٦٣٨ ـ عنه ¼ ـ فى التحذير من الفتن ـ : لا تكونوا أنصاب الفتن ، وأعلام البدع ، والزموا ما عُقد عليه حبل الجماعة ، وبنيت عليه أركان الطاعة(٤) . ١٦٣٩ ـ عنه ¼ ـ من كلامه مع الخوارج ـ : الزموا السواد الأعظم ; فإنّ يد الله مع الجماعة ، وإيّاكم والفُرقة ! فإن الشاذّ من الناس للشيطان ، كما أنّ الشاذّ من الغنم (١) نهج البلاغة : الكتاب ٦٠ ، بحار الأنوار : ٣٣ / ٤٨٦ / ٦٩١ . ٢٤٦ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / الحرص علي جماعة الاُمّة
للذئب(١) . ١٦٤٠ ـ عنه ¼ : ليردعْكم الإسلام ووقاره عن التباغى والتهاذى ، ولتجتمع كلمتكم ، والزموا دين الله الذى لا يُقبل من أحد غيرُه ، وكلمة الإخلاص التى هى قوام الدين(٢) . ١٦٤١ ـ عنه ¼ : إيّاكم والتلوُّن فى دين الله ; فإنَّ جماعة فيما تكرهون من الحقِّ خير من فرقة فيما تحبّون من الباطل ، وإنّ الله سبحانه لم يعط أحداً بفرقة خيراً ، ممّن مضي ولا ممّن بقى(٣) . ١٦٤٢ ـ عنه ¼ : إنَّ الشيطان يسنّى(٤) لكم طرقه ، ويريد أن يحلَّ دينكم عقدة عقدة ، ويعطيكم بالجماعة الفرقة ، وبالفرقة الفتنة ، فاصدفوا عن نزغاته ونفثاته(٥) . ١٦٤٣ ـ عنه ¼ : وايم الله ، ما اختلفت اُمّة بعد نبيّها إلاّ ظهر باطلها علي حقِّها ، إلاّ ما شاء الله(٦) . (١) نهج البلاغة : الخطبة ١٢٧ ، عيون الحكم والمواعظ : ١٠١ / ٢٣١٢ وفيه من "إيّاكم والفُرقة . . ." ، بحار الأنوار : ٣٣ / ٣٧٣ / ٦٠٤ . ٢٤٧ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / الحرص علي جماعة الاُمّة
١٦٤٤ ـ عنه ¼ : وإنّى ، والله ، لأظنُّ أنَّ هؤلاء القوم سيدالون(١) منكم باجتماعهم علي باطلهم ، وتفرُّقكم عن حقِّكم(٢) . ١٦٤٥ ـ عنه ¼ ـ فى تحذير الاُمّة من الفرقة ـ : احذروا ما نزل بالاُمم قبلكم من المَثُلات بسوء الأفعال وذميم الأعمال ! فتذكّروا فى الخير والشرّ أحوالهم ، واحذروا أن تكونوا أمثالهم . فإذا تفكّرتم فى تفاوت حالَيهم فالزموا كلّ أمر لزمت العزّة به شأنهم ، وزاحت الأعداء له عنهم ، ومدّت العافية به عليهم ، وانقادت النعمة له معهم ، ووصلت الكرامة عليه حبلهم من الاجتناب للفرقة ، واللزوم للاُلفة ، والتحاضّ عليها والتواصى بها ، واجتنبوا كلّ أمر كسر فقرتهم ، وأوهن منّتهم . من تضاغن القلوب ، وتشاحن الصدور ، وتدابر النفوس ، وتخاذل الأيدى ، وتدبّروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم ، كيف كانوا فى حال التمحيص والبلاء ، أ لم يكونوا أثقل الخلائق أعباءً ، وأجهد العباد بلاءً ، وأضيق أهل الدنيا حالاً ؟ اتّخذتهم الفراعنة عبيداً ; فساموهم سوء العذاب ، وجرّعوهم المرار ; فلم تبرح الحال بهم فى ذلّ الهلكة وقهر الغلبة . لا يجدون حيلة فى امتناع ، ولا سبيلاً إلي دفاع . حتي إذا رأي الله جدّ الصبر منهم علي الأذي فى محبّته ، والاحتمال للمكروه من خوفه جعل لهم من مضايق البلاء فرجاً ، فأبدلهم العزّ مكان الذلّ ، والأمن مكان الخوف ، فصاروا ملوكاً حكّاماً ، وأئمّة أعلاماً ، وقد بلغت الكرامة من الله لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم . (١) الإدالة : الغلبة (النهاية : ٢ / ١٤١) . ٢٤٨ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / الحرص علي جماعة الاُمّة
فانظروا كيف كانوا حيث كانت الأملاء(١) مجتمعة ، والأهواء مؤتلفة ، والقلوب معتدلة ، والأيدى مترادفة ، والسيوف متناصرة ، والبصائر نافذة ، والعزائم واحدة . أ لم يكونوا أرباباً فى أقطار الأرضين ، وملوكاً علي رقاب العالمين ؟ فانظروا إلي ما صاروا إليه فى آخر اُمورهم حين وقعت الفرقة ، وتشتّتت الاُلفة ، واختلفت الكلمة والأفئدة ، وتشعّبوا مختلفين ، وتفرّقوا متحاربين ، قد خلع الله عنهم لباس كرامته ، وسلبهم غضارة نعمته . وبقى قصص أخبارهم فيكم عبراً للمعتبرين . فاعتبروا بحال ولد إسماعيل وبنى إسحاق وبنى إسرائيل ¥ ; فما أشدّ اعتدال الأحوال ، وأقرب اشتباه الأمثال . تأمّلوا أمرهم فى حال تشتّتهم وتفرّقهم ليالى كانت الأكاسرة والقياصرة أرباباً لهم ، يحتازونهم عن ريف الآفاق ، وبحر العراق وخضرة الدنيا إلي منابت الشِّيح ، ومهافى الريح ، ونَكَد المعاش . فتركوهم عالة مساكين ، إخوان دَبَر وَوَبَر ، أذلّ الاُمم داراً ، وأجدَبهم قراراً . لا يأوون إلي جناح دعوة يعتصمون بها ، ولا إلي ظلّ اُلفة يعتمدون علي عزّها . فالأحوال مضطربة ، والأيدى مختلفة ، والكثرة متفرّقة . فى بلاء أزْل ، وإطباق جهل ! من بنات موؤودة ، وأصنام معبودة ، وأرحام مقطوعة ، وغارات مشنونة . فانظروا إلي مواقع نعم الله عليهم حين بعث إليهم رسولاً ، فعقد بملّته طاعتهم ، وجمع علي دعوته اُلفتهم . كيف نشرت النعمة عليهم جناح كرامتها ، وأسالت لهم جداول نعيمها ، والتفّت الملّة بهم فى عوائد بركتها . فأصبحوا فى نعمتها غَرِقِين ، وفى خضرة عيشها فَكِهين . قد تربّعت الاُمور بهم ، فى ظلّ سلطان قاهر ، وآوتهم الحال إلي كنف عزّ غالب . وتعطّفت الاُمور عليهم فى ذري ملك ثابت . فهم حكّام علي العالمين ، وملوك فى أطراف الأرضين . يملكون الاُمور علي من كان (١) جمع ملأ ; أشراف الناس ورؤساؤهم ومقدّموهم الذى يُرجَع إلي قولهم (النهاية : ٤ / ٣٥١) . ٢٤٩ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام على / الفصل السادس : السياسة الاجتماعيّة / الحرص علي جماعة الاُمّة
يملكها عليهم . ويُمضون الأحكام فيمن كان يمضيها فيهم . لا تُغمز لهم قناة ، ولا تُقرع لهم صَفاة(١) . ألا وإنّكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطاعة . وثلمتم حصن الله المضروب عليكم بأحكام الجاهلية ; فإنّ الله سبحانه قد امتنّ علي جماعة هذه الاُمّة فيما عقد بينهم من حبل هذه الاُلفة التى ينتقلون فى ظلّها ، ويأوون إلي كنفها ، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ; لأنّها أرجح من كلّ ثمن ، وأجلّ من كلّ خطر(٢) . (١) الصَّفاة : هى الصخرة والحجر الأملَس ، أى لا ينالُهم أحد بسوء (النهاية : ٣ / ٤١) . إرجاعات
٦٠ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام عليّ بعد النبيّ / الفصل الأوّل : قصّة السقيفة / دوافع بيعة الإمام بعد امتناعه |
||||||||||||||||||||||||||