الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد الخامس

 

 

 ٢٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام

٥ / ١

الاستعلاء

٢٠١١ ـ الإمام علىّ  ¼ : فلمّا نهضتُ بالأمر نكثت طائفة ، ومرقت اُخري ، وقسط آخرون ، كأنّهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول : ³ تِلْكَ الدَّارُ الاَْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الاَْرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ  ²  (١) ، بلي ! والله لقد سمعوها ، ووعوها ، ولكنّهم حليت الدنيا فى أعينهم ، وراقَهم(٢) زبرجها(٣) (٤) .


(١) القصص : ٨٣ .
(٢) الرَّوق : الإعجاب ، وراقنى الشىء : اعجبنى (لسان العرب : ١٠ / ١٣٤) .
(٣) الزِّبْرِج : الزينة والذهب (النهاية : ٢ / ٢٩٤) .
(٤) نهج البلاغة : الخطبة ٣ ، معانى الأخبار : ٣٦١ / ١ ، علل الشرائع : ١٥١ / ١٢ وفيهما "فسقت اُخري" بدل "قسط آخرون" ، الإرشاد : ١ / ٢٨٩ ، الاحتجاج : ١ / ٤٥٧ / ١٠٥ والأربعة الأخيرة عن ابن عبّاس ; تذكرة الخواصّ : ١٢٥ نحوه .

 ٣٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام / الاستعلاء

٢٠١٢ ـ شرح نهج البلاغة : جاء الزبير وطلحة إلي علىّ  ¼ بعد البيعة بأيّام ، فقالا له : يا أمير المؤمنين ، قد رأيتَ ما كنّا فيه من الجفوة فى ولاية عثمان كلّها ، وعلمتَ رأى عثمان كان فى بنى اُميّة ، وقد ولاّك الله الخلافة من بعده ، فولّنا بعض أعمالك !

فقال لهما : ارضيا بقسم الله لكما ، حتي أري رأيى . واعلما أنّى لا اُشرك فى أمانتى إلاّ من أرضي بدينه وأمانته من أصحابى ، ومن قد عرفتُ دخيلته(١) . فانصرفا عنه وقد دخلهما اليأس(٢) .

٢٠١٣ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى وصف طلحة والزبير ـ : كلّ واحد منهما يرجو الأمر له ، ويعطفه عليه دون صاحبه ، لا يمتّان إلي الله بحبل ، ولا يمدّان إليه بسبب . كلّ واحد منهما حامل ضبٍّ لصاحبه ، وعمّا قليل يُكشف قناعه به !

والله ! لئن أصابوا الذى يريدون لَينتَزِعَنّ هذا نفسَ هذا ، ولَيأتينَّ هذا علي هذا .

قد قامت الفئة الباغية ، فأين المحتسبون ! فقد سُنّت لهم السنن ، وقُدّم لهم الخبر ، ولكلّ ضَلّة عِلّة ، ولكلّ ناكث شبهة .

والله لا أكون كمستمع اللَّدْم ; يَسمع الناعى ، ويَحضُر الباكى ، ثمّ لا يعتبر !(٣)

٢٠١٤ ـ الإرشاد : لمّا اتّصل به [علىّ  ¼ ] مسير عائشة وطلحة والزبير إلي البصرة من مكّة ، حمد الله وأثني عليه ، ثمّ قال : قد سارت عائشة وطلحة والزبير ، كلّ واحد منهما يدّعى الخلافة دون صاحبه ، فلا يدّعى طلحة الخلافة إلاّ أنّه ابن عمّ


(١) دَخيلة الرجل : نيّته ومذهبه وخَلَده وبِطانته (لسان العرب : ١١ / ٢٤٠) .
(٢) شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٣١ ; بحار الأنوار : ٣٢ / ٦ / ١ .
(٣) نهج البلاغة : الخطبة ١٤٨ ، بحار الأنوار : ٣٢ / ٨٠ / ٥٢ .

 ٣١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام / الاستعلاء

عائشة ، ولا يدّعيها الزبير إلاّ أنّه صهر أبيها ، والله لئن ظفرا بما يريدان لَيضربَنّ الزبيرُ عنقَ طلحة ، وليَضربَنّ طلحةُ عنقَ الزبير ; ينازع هذا علي الملك هذا(١) .

٢٠١٥ ـ تاريخ الطبرى عن عتبة بن المغيرة بن الأخنس : خلا سعيد [بن العاص بن مروان] بطلحة والزبير ، فقال : إن ظفرتما ، لمن تجعلان الأمر ؟ أصدقانى !

قالا : لأحدنا ; أيّنا اختاره الناس .

قال : بل اجعلوه لولد عثمان ; فإنّكم خرجتم تطلبون بدمه .

قالا : ندَع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأبنائهم !(٢)

٢٠١٦ ـ تاريخ الطبرى عن ابن عبّاس : خرج أصحاب الجمل فى ستّمائة ، معهم : عبد الرحمن بن أبى بكرة ، وعبد الله بن صفوان الجمحى ، فلمّا جاوزا بئر ميمون(٣) إذا هم بجزور قد نُحرت ونحرها ينثعب(٤) ، فتطيّروا .

وأذّن مروان حين فصل من مكّة ، ثمّ جاء حتي وقف عليهما ، فقال : أيّكما اُسلّم بالإمرة ، واُؤذّن بالصلاة ؟ !

فقال عبد الله بن الزبير : علي أبى عبد الله . وقال محمّد بن طلحة : علي أبى محمّد .

فأرسلت عائشة إلي مروان ، فقالت : ما لَكَ ! أ تريد أن تفرّق أمرنا ؟ ! لِيُصلّ ابن اُختى ! فكان يصلّى بهم عبد الله بن الزبير ، حتي قدم البصرة .


(١) الإرشاد : ١ / ٢٤٦ ، الكافئة : ١٩ / ١٩ ; شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٣٣ نحوه .
(٢) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٥٣ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣١٥ وفيه "لأيتام" بدل "لأبنائهم" .
(٣) بِئْر مَيْمُون : بئر بمكّة منسوبة إلي ميمون بن خالد الحضرمى (معجم البلدان :١ / ٣٠٢) .
(٤) ثَعَبَ الماءَ والدمَ ونحوهما : فَجَّره ، فانثَعَب كما ينثعبُ الدم من الأنف (لسان العرب : ١ / ٢٣٦) .

 ٣٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام / الحقد

فكان معاذ بن عبيد الله يقول : والله لو ظفرنا لافتتنّا ; ما خلّي الزبير بين طلحة والأمر ، ولا خلّي طلحة بين الزبير والأمر !(١)

٢٠١٧ ـ الجمل : لمّا أصبحوا [الناكثون بعد استيلائهم علي البصرة] ، اجتمع الناس إليهم ، وأذّن مؤذّن المسجد لصلاة الغداة ، فرامَ(٢) طلحة أن يتقدّم للصلاة بهم ، فدفعه الزبير وأراد أن يصلّى بهم ، فمنعه طلحة ، فما زالا يتدافعان حتي كادت الشمس أن تطلع .

فنادي أهل البصرة : الله الله يا أصحاب رسول الله فى الصلاة ، نخاف فوتَها !

فقالت عائشة : مُروا أن يصلّى بالناس غيرهما .

فقال لهم يعلي بن منية : يصلّى عبد الله بن الزبير يوماً ، ومحمّد بن طلحة يوماً ، حتي يتّفق الناس علي أمير يرضونه . فتقدّم ابن الزبير ، وصلّي بهم ذلك اليوم(٣) .

راجع : وقعة الجمل / تأهّب الناكثين للخروج علي الإمام / بدء الخلاف .

٥ / ٢

الحقد

٢٠١٨ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ عند التهيّؤ لقتال القاسطين ـ : ألا إنّ خضاب النساء الحنّاء ، وخضاب الرجال الدماء ، والصبر خير فى عواقب الاُمور ، ألا إنّها إحَنٌ(٤)


(١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٥٤ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣١٤ نحوه .
(٢) رامَ الشىء : طلبه (لسان العرب : ١٢ / ٢٥٨) .
(٣) الجمل : ٢٨١ ، تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٨١ نحوه وراجع مروج الذهب : ٢ / ٣٦٧ وشرح نهج البلاغة : ٩ / ٣٢٠ والفتوح : ٢ / ٤٥٩ .
(٤) الإحنَة : الحقد فى الصدر ، والجمع إحَن وإحنات (لسان العرب : ١٣ / ٨) .


إرجاعات 
١١٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الاُولى : وقعة الجمل / الفصل الثالث : تأهّب الناكثين للخروج على الإمام / بدء الخلاف

 ٣٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام / الحقد

بدريّة ، وضغاين اُحديّة ، وأحقاد جاهليّة ، وقرأ : ³ فَقَاتِلُوا أَئـِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ  ²  (١) (٢) .

٢٠١٩ ـ الإقبال ـ فى دعاء الندبة فى وصف الإمام علىّ  ¼ ـ : ويقاتل علي التأويل ، ولا تأخذه فى الله لومة لائم ، قد وتر(٣) فيه صناديد(٤) العرب ، وقَتلَ أبطالَهم ، وناوَش(٥) ذؤبانهم ، وأودع قلوبهم أحقاداً بدريّة ، وخيبريّة ، وحنينيّة ، وغيرهنّ ، فأضبّت(٦) علي عداوته ، وأكبّت علي مُنابذته ، حتي قتل الناكثين والقاسطين والمارقين(٧) .

٢٠٢٠ ـ بلاغات النساء عن اُمّ الخير بنت الحريش البارقيّة ـ فى وصف أعداء الإمام علىّ  ¼ فى حرب صفّين ـ : إنّها إحَنٌ بدريّة ، وأحقاد جاهليّة ، وضغائن اُحديّة ، وثب بها معاوية حين الغفلة ; ليدرك بها ثارات بنى عبد شمس(٨) .

٢٠٢١ ـ وقعة صفّين عن عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعى ـ فى حرب


(١) التوبة : ١٢ .
(٢) المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٨٠ ، بحار الأنوار : ٣٢ / ٥٨٧ / ٤٧٢ .
(٣) يقال : وَتَرتُ الرجل ; إذا قتلت له قتيلا وأخذت له مالا (لسان العرب : ٥ / ٢٧٤) .
(٤) الصناديد : الواحد صِنديد ، وهو كلّ عظيم غالب (لسان العرب : ٣ / ٢٦٠) .
(٥) ناوَشَهم : قاتلَهم ، والمناوشة فى القتال : تدانى الفريقين وأخذ بعضهم بعضاً (النهاية : ٥ / ١٢٨) .
(٦) أضبّ الشىء : أخفاه (لسان العرب : ١ / ٥٤٠) .
(٧) الإقبال : ١ / ٥٠٧ ، المزار الكبير : ٥٧٧ ، مصباح الزائر : ٤٤٨ وفيهما "ناهش" بدل "ناوش" وفى صدر الحديث : قال محمّد بن علىّ بن أبى قرّة : نقلت من كتاب محمّد بن الحسين بن سنان البزوفرى دعاء الندبة ، وذكر أنّه الدعاء لصاحب الزمان صلوات الله عليه .
(٨) بلاغات النساء : ٥٧ ، العقد الفريد : ١ / ٣٤٥ وفيه "واثب" بدل "معاوية" ، صبح الأعشي : ١ / ٢٥٠ ; الطرائف : ٢٨ .

 ٣٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام / الحقد

صفّين ـ : يا أمير المؤمنين ، إنّ القوم لو كانوا اللهَ يريدون أو لله يعملون ما خالفونا ! ولكنّ القوم إنّما يقاتلون فراراً من الاُسوة(١) ، وحبّاً للأثرة(٢) ، وضَنّاً(٣) بسلطانهم ، وكرهاً لفراق دنياهم التى فى أيديهم ، وعلي إحَن فى أنفسهم ، وعداوة يجدونها فى صدورهم لوقائع أوقعتَها يا أمير المؤمنين بهم قديمة ، قتلتَ فيها آباءهم وإخوانهم .

ثمّ التفت إلي الناس فقال : فكيف يبايع معاويةُ عليّاً وقد قتل أخاه حنظلة ، وخاله الوليد ، وجدّه عتبة فى موقف واحد ! والله ما أظنّ أن يفعلوا ، ولن يستقيموا لكم دون أن تُقصّد(٤) فيهم المرّانُ(٥) ، وتُقطّع علي هامهم السيوف ، وتُنثر حواجبهم بعَمَد الحديد ، وتكون اُمور جمّة بين الفريقين(٦) .

٢٠٢٢ ـ وقعة صفّين : ذكروا أنّه اجتمع . . . عتبة بن أبى سفيان والوليد بن عقبة ، ومروان بن الحكم ، وعبد الله بن عامر ، وابن طلحة الطلحات ، فقال عتبة : إنّ أمرنا وأمر علىّ لعجب ، ليس منّا إلاّ موتور مُحاجّ ; أمّا أنا فقتل جدّى ، واشترك فى دم عمومتى يوم بدر ، وأمّا أنت يا وليد فقتل أباك يوم الجمل ، وأيتم إخوتك ، وأمّا أنت يا مروان فكما قال الأوّل :

وأفلتهنَّ عِلباء جريضاً ولو أدركْنَهُ صَفِرَ الوِطابُ

(١) القوم اُسوة فى هذا الأمر : أى حالهم فيه واحدة (لسان العرب : ١٤ / ٣٥) .
(٢) فى الحديث : "إنّكم ستلقون بعدى أثَرَة" ، الأثَرَة : الإسم من آثَرَ إذا أعطي ، أراد أنّه يستأثر عليكم فيُفضّل غيركم فى نصيبه من الفىء (لسان العرب : ٤ / ٨) .
(٣) ضَنِنتُ بالشىء أضَنُّ وضنَنتُ أضِنُّ ضَنّاً وضِنّاً : بخِلت به(لسان العرب : ١٣ / ٢٦١) .
(٤) تَقَصَّدَت الرماح : تكسّرت (لسان العرب : ٣ / ٣٥٥) .
(٥) المُرّان ـ بالضمّ ـ : الرماح الصُّلبة اللَّدْنة ، واحدتها مُرّانة (لسان العرب : ١٣ / ٤٠٣) .
(٦) وقعة صفّين : ١٠٢ ; شرح نهج البلاغة : ٣ / ١٨٠ وفيه "تُقْصَفَ فيهم قَنا" بدل "تقصّد فيهم" ، المعيار والموازنة : ١٢٨ نحوه .

 ٣٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام / الحسد

قال معاوية : هذا الإقرار ، فأين الغير ؟ قال مروان : أىّ غير تريد ؟ قال : اُريد أن يُشجر بالرماح . فقال : والله إنّك لهازل ، ولقد ثقلنا عليك(١) .

٢٠٢٣ ـ المناقب للخوارزمى : ويروي فى يوم السادس والعشرين من حروب صفّين : اجتمع عند معاوية الملأ من قومه ، فذكروا شجاعة علىّ وشجاعة الأشتر ، فقال عتبة بن أبى سفيان : إن كان الأشتر شجاعاً ، لكنّ عليّاً لا نظير له فى شجاعته وصولته وقوّته ! !

قال معاوية : ما منّا أحد إلاّ وقد قتل علىّ أباه ، أو أخاه ، أو ولده ; قتل يوم بدر أباك يا وليد ، وقتل عمّك يا أبا الأعور يوم اُحد ، وقتل يابن طلحة الطلحات أباك يوم الجمل ، فإذا اجتمعتم عليه أدركتُم ثاركم منه ، وشفيتم صدوركم(٢) .

راجع : القسم الخامس / بيعة النور / من تخلّف عن بيعته .

٥ / ٣

الحسد

٢٠٢٤ ـ الأمالى للمفيد عن الحسن بن سلمة : لمّا بلغ أمير المؤمنين صلوات الله عليه مسير طلحة والزبير وعائشة من مكّة إلي البصرة . . . فقام أبو الهيثم بن التيّهان وقال : يا أمير المؤمنين ، إنّ حسد قريش إيّاك علي وجهين : أمّا خيارهم ; فحسدوك منافسةً فى الفضل ، وارتفاعاً فى الدرجة ، وأمّا أشرارهم ; فحسدوك حسداً أحبط الله به أعمالهم ، وأثقل به أوزارهم ، وما رضوا أن يساووك حتي أرادوا أن يتقدَّموك ، فبعدت عليهم الغاية ، وأسقطهم المضمار . وكنت أحقّ


(١) وقعة صفّين : ٤١٧ .
(٢) المناقب للخوارزمى : ٢٣٤ .


إرجاعات 
٨٠ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام علي / الفصل الأوّل : بيعة النور / من تخلّف عن بيعته

 ٣٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام / الحسد

قريش بقريش ; نصرتَ نبيّهم حيّاً ، وقضيتَ عنه الحقوق ميّتاً . والله ما بغيهم إلاّ علي أنفسهم ، ونحن أنصارك وأعوانك ، فمُرنا بأمرك ! ثمّ أنشأ يقول :

إنّ قوماً بَغَوا عليكَ وكادو كَ وعابوكَ بالاُمور القباحِ
ليسَ من عيبها جَناحُ بعوضفيكَ حَقّاً ولا كعُشرِ جَناحِ
أبصَروا نعمةً عليكَ من اللّــهِ وقَرماً(١) يَدقُّ قَرنَ النطاحِ
وإماماً تأوى الاُمورُ إليهِ ولِجاماً يلينُ غربَ الجماحِ(٢)
حاكِماً تُجمعُ الإمامة فيهِهاشميّاً له عراض البطاحِ
حَسَداً للّذى أتاك من اللّــهِ وعادوا إلي قلوب قراحِ
ونفوس هناك أوعية البغــضِ علَي الخير للشقاء شحاحِ
من مُسرٍّ يكنّه حجب الغيــبِ ومِن مُظهرِ العداوةِ لاحِ
يا وصىَّ النبىّ نحنُ من الحــقِّ علي مثلِ بَهجةِ الإصباحِ
فخّذ(٣) الأوس والقبيل من الخزرج بالطعنِ فى الوَغي والكفاحِ
ليس منّا من لم يكُن لكَ فى اللّــهِ وَليّاً علَي الهدي والفلاحِ(٤)

٢٠٢٥ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى خطبة له عند خروجه لقتال أهل البصرة وفيها يذمّ الخارجين عليه ـ : ما لى ولقريش ! والله لقد قاتلتهم كافرين ، ولاُقاتلنّهم مفتونين ، وإنّى لصاحبهم بالأمس كما أنا صاحبهم اليوم . والله ما تنقم منّا قريش


(١) القَرم من الرجال : السيّد المعظّم (لسان العرب : ١٢ / ٤٧٣) .
(٢) جَمَحَ الفرسُ : ذهب يجرى جرياً غالباً ، واعتزّ فارسَه وغَلبَه (لسان العرب : ٢ / ٤٢٦) .
(٣) فخّذت بينهم : أى فرقت (لسان العرب : ٣ / ٥٠٢) .
(٤) الأمالى للمفيد : ١٥٤ / ٦ .

 ٣٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام / الحرص

إلاّ أنّ الله اختارنا عليهم ، فأدخلناهم فى حيّزنا ، فكانوا كما قال الأوّل :

أدمتَ لعمرى شربكَ المَحض صابِحاً وأكلكَ بالزبدِ المُقشّرة البُجرا
ونحنُ وهبناكَ العَلاء ولم تكُنْعَليّاً وحُطنا حولك الجُرد والسُّمرا(١)

راجع :القسم التاسع / علىّ عن لسان الأعيان / خليل بن أحمد .

القسم الخامس / الإصلاحات العلويّة / تعذّر بعض الإصلاحات .

٥ / ٤

الحرص

٢٠٢٦ ـ الأمالى للطوسى عن مالك بن أوس : بعث [علىّ  ¼ ] إلي طلحة والزبير فدعاهما ، ثمّ قال لهما : أ لم تأتيانى وتبايعانى طائعَين غير مكرهَين ، فما أنكرتُم ! أ جَورٌ فى حكم ، أو استئثار فى فىء ! ! قالا : لا . قال  ¼ : أو فى أمر دعوتُمانى إليه من أمر المسلمين فقصرتُ عنه ! ! قالا : معاذ الله .

قال  ¼ : فما الذى كرهتما من أمرى حتي رأيتما خلافى ؟

قالا : خلافك عمر بن الخطّاب فى القسم ، وانتقاصنا حقّنا من الفىء ; جعلت حظّنا فى الإسلام كحظّ غيرنا ممّا أفاء الله علينا بسيوفنا ممّن هو لنا فىء فسوّيت بيننا وبينهم(٢) .

٢٠٢٧ ـ الجمل : صارا [طلحة والزبير] إلي أمير المؤمنين  ¼ ، فخطب إليه طلحة ولاية العراق ، وطلب منه الزبير ولاية الشام . فأمسك  ¼ عن إجابتهما فى شىء


(١) نهج البلاغة : الخطبة ٣٣ ، الإرشاد : ١ / ٢٤٨ ، الكافئة : ٢٠ / ١٩ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ٣٢ / ١١٣ / ٨٩ .
(٢) الأمالى للطوسى : ٧٣١ / ١٥٣٠ ، بحار الأنوار : ٣٢ / ٣٠ / ٩ .


إرجاعات 
٤١٧ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام عليّ / الفصل التاسع : عليّ عن لسان الأعيان / الخَليلُ بن أحمد
١٢١ - المجلد الرابع / القسم الخامس : سياسة الإمام علي / الفصل الثاني : الإصلاحات العلويّة / تعذّر بعض الاصلاحات

 ٣٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام / الحرص

من ذلك . فانصرفا وهما ساخطان منه ، فعرفا ما كان غلب فى ظنّهما قبلُ من رأيه  ¼ ، فتركاه يومين أو ثلاثة أيّام ، ثمّ صارا إليه واستأذنا عليه ، فأذن لهما ، وكان فى علّية فى داره ، فصعدا إليه وجلسا عنده بين يديه ، وقالا : يا أمير المؤمنين ، قد عرفتَ حال هذه الأزمنة وما نحن فيه من الشدّة ، وقد جئناك لتدفع إلينا شيئاً نُصلح به أحوالَنا ، ونقضى به حقوقاً علينا !

فقال  ¼ : قد عرفتُما مالى بينبع(١) ، فإن شئتما كتبت لكما منه ما تيسّر ! !

فقالا : لا حاجة لنا فى مالك بينبع .

فقال لهما : فما أصنع ؟

فقالا له : أعطِنا من بيت المال شيئاً فيه لنا كفاية .

فقال أمير المؤمنين  ¼ : سبحان الله ! وأىّ يد لى فى بيت المال ! ذلك للمسلمين ، وأنا خازنهم وأمين لهم ، فإن شئتما رَقيتُ المنبر وسألتهم ذلك ممّا شئتما ، فإن أذنوا فيه فعلتُ . وأنّي لى بذلك وهو لكافّة المسلمين ; شاهدهم وغائبهم ! ! لكنّى اُبلى لكما عذراً .

قالا : ما كنّا بالذى يكلّفك ذلك ، ولو كلّفناكه لَما أجابك المسلمون .

فقال لهما : فما أصنع ؟

قالا : سمعنا ما عندك(٢) .

٢٠٢٨ ـ المناقب للخوارزمى عن أبى بشير الشيبانى : لم يكُن [بعد بيعة علىّ  ¼ ]


(١) يَنْبُع : بليدة بالقرب من المدينة ، بها عيون وحضر وحصن(تقويم البلدان : ٨٩) .
(٢) الجمل : ١٦٤ .

 ٣٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام / الحرص

إلاّ يسيراً حتي دخل عليه طلحة والزبير ، فقالا : يا أمير المؤمنين ، إنّ أرضنا أرض شديدة ، وعيالنا كثير ، ونفقتنا قليلة !

قال : أ لم أقُل لكم إنّى لا اُعطى أحداً دون أحد ؟ !

قالا : نعم .

قال : فأتونى بأصحابكم ، فإن رضوا بذلك أعطيتُكم ، وإلاّ لم اُعطِكم دونهم . ولو كان عندى شىء أعطيتُكم من الذى لى لو انتظرتم حتي يخرج عطائى أعطيتكم من عطائى .

فقالا : ما نريد من مالك شيئاً . وخرجا من عنده . فلم يلبثا إلاّ قليلاً حتي دخلا عليه ، فقالا : أ تأذن لنا فى العمرة ؟

قال : ما تُريدان العمرةَ ، ولكن تُريدان الغَدرة(١) .

٢٠٢٩ ـ دعائم الإسلام : روينا عن علىّ  ¼ أنّه أمر عمّار بن ياسر ، وعبيد الله بن أبى رافع ، وأبا الهيثم بن تيّهان ، أن يقسموا فيئاً بين المسلمين ، وقال لهم : اعدلوا فيه ، ولا تفضّلوا أحداً علي أحد .

فحسبوا ، فوجدوا الذى يصيب كلّ رجل من المسلمين ثلاثة دنانير ، فأعطوا الناس . فأقبل إليهم طلحة والزبير ، ومع كلّ واحد منهما ابنه ، فدفعوا إلي كلّ واحد منهم ثلاثة دنانير . فقال طلحة والزبير : ليس هكذا كان يعطينا عمر ! فهذا منكم أو عن أمر صاحبكم ؟ قالوا : بل هكذا أمرنا أمير المؤمنين  ¼ .

فمضيا إليه ، فوجداه فى بعض أمواله قائماً فى الشمس علي أجير له يعمل بين


(١) المناقب للخوارزمى ، طبعة مكتبة نينوي : ١١٢ وطبعة مؤسّسة النشر الإسلامى : ١٧٨ / ٢١٦ وفيه جميع ضمائر المثنّي بصيغة الجمع ، تذكرة الخواصّ : ٥٩ نحوه وراجع الكافئة : ١٤ / ١٢ و١٣ .

 ٤٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام / الحرص

يديه ، فقالا : تري أن ترتفع معنا إلي الظلّ ؟ قال : نعم .

فقالا له : إنّا أتينا إلي عمّالك علي قسمة هذا الفىء ، فأعطوا كلّ واحد منّا مثل ما أعطوا سائر الناس !

قال : وما تريدان ؟ !

قالا : ليس كذلك كان يعطينا عمر !

قال : فما كان رسول الله  ½ يعطيكما ؟ فسكتا ، فقال : أ ليس كان  ½ يقسم بالسويّة بين المسلمين من غير زيادة ؟ !

قالا : نعم .

قال : أ فسُنّة رسول الله  ½ أولي بالاتّباع عندكما ، أم سُنّة عمر ؟ !

قالا : سُنّة رسول الله  ½ ، ولكن يا أمير المؤمنين لنا سابقة وغناء وقرابة ، فإن رأيت أن لا تسوّينا بالناس فافعل .

قال : سابقتُكما أسبق ، أم سابقتى ؟ قالا : سابقتك .

قال : فقرابتكما أقرب ، أم قرابتى ؟ قالا : قرابتك .

قال : فغناؤكما أعظم أم غنائى ؟ قالا : بل أنت يا أمير المؤمنين أعظم غناءً .

قال : فوَ الله ، ما أنا وأجيرى هذا فى هذا المال إلاّ بمنزلة واحدة ! !(١)

٢٠٣٠ ـ مروج الذهب : لمّا رأي معاوية القتل فى أهل الشام وكَلَب(٢) أهل العراق


(١) دعائم الإسلام : ١ / ٣٨٤ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ١١١ نحوه وفيه من "قالا : ليس كذلك . . ." ، بحار الأنوار : ٤١ / ١١٦ / ٢٣ .
(٢) كَلِب عليه كَلَباً : غضب (لسان العرب : ١ / ٧٢٣) .

 ٤١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام / الحرص

عليهم ، استدعي بالنعمان بن جبلة التنوخى ـ وكان صاحب راية قومه فى تنوخ(١) وبَهْرَاء(٢) ـ وقال له : لقد هممتُ أن اُولّى قومك مَن هو خيرٌ منك مقدماً ، وأنصَح منك ديناً .

فقال له النعمان : إنّا لو كنّا ندعو قومنا إلي جيش مجموع لكان فى كسع(٣) الرجال بعض الأناة(٤) ، فكيف ونحن ندعوهم إلي سيوف قاطعة ، ورُدَيْنية(٥) شاجرة ، وقوم ذوى بصائر نافذة ! ! والله لقد نصحتك علي نفسى ، وآثرتُ ملككَ علي دينى ، وتركتُ لهواكَ الرشد وأنا أعرفه ، وحُدتُ عن الحقّ وأنا اُبصره ، وما وُفِّقت لرشد حين اُقاتل علي ملكك ابنَ عمّ رسول الله  ½ وأوّل مؤمن به ومهاجر معه ، ولو أعطيناه ما أعطيناك لكان أرأف بالرعيّة ، وأجزل فى العطيّة ، ولكن قد بذلنا لك الأمر ، ولابدّ من إتمامه كان غيّاً أو رشداً ، وحاشا أن يكون رشداً ، وسنقاتل عن تين الغوطة(٦) وزيتونها ; إذ حُرمنا أثمار الجنّة وأنهارها . وخرج إلي قومه ، وصمد إلي الحرب(٧) .

راجع : وقعة الجمل / هويّة رؤساء الناكثين / تأهّب الناكثين للخروج علي الإمام .


(١) تَنُوخ : حىّ من اليمن (لسان العرب : ٣ / ٦٥) .
(٢) بهراء : قبيلة من اليمن (لسان العرب : ٤ / ٨٥) .
(٣) الكَسْع : أن تضرب بيدك أو برجلك بصدر قدمك علي دُبر إنسان أو شىء (لسان العرب: ٨ / ٣٠٩) .
(٤) الأناة : الحِلم والوقار (لسان العرب : ١٤ / ٤٨) .
(٥) رُدَيْنة : امرأة فى الجاهليّة كانت تسوِّى الرماح بخطّ هَجَر ، إليها نسبت الرماح الرُدينية (تاج العروس : ١٨ / ٢٣٢) .
(٦) الغوطة : الكورة التى منها دمشق . والغوطة كلّها أشجار وأنهار متّصلة(معجم البلدان : ٤ / ٢١٩) .
(٧) مروج الذهب : ٢ / ٣٩٤ .


إرجاعات 
٨٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الاُولى : وقعة الجمل / الفصل الثاني : هويّة رؤساء الناكثين
١٠٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الاُولى : وقعة الجمل / الفصل الثالث : تأهّب الناكثين للخروج على الإمام

 ٤٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام / الجهالة

٥ / ٥

الجهالة

٢٠٣١ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ من كتاب له إلي عقيل ـ : ألا وإنّ العرب قد اجتمعت علي حرب أخيك اليوم اجتماعَها علي حرب النبىّ  ½ قبل اليوم ، فأصبحوا قد جهلوا حقّه ، وجحدوا فضله(١) .

٢٠٣٢ ـ تاريخ الطبرى عن أبى البخترى الطائى : أطافت ضبّة والأزد بعائشة يوم الجمل ، وإذا رجالٌ من الأزد يأخذون بعرَ الجمل فيفتّونه ويشمّونه ، ويقولون : بَعْر جمل اُمِّنا ريحُه ريح المسك !(٢)

٢٠٣٣ ـ مروج الذهب ـ فى وصف معاوية ـ : وبلغ من إحكامه للسياسة وإتقانه لها واجتذابه قلوب خواصّه وعوامّه أنّ رجلا من أهل الكوفة دخل علي بعير له إلي دمشق ـ فى حالة منصرفهم عن صفّين ـ ، فتعلّق به رجل من دمشق ، فقال : هذه ناقتى ، اُخذت منّى بصفّين !

فارتفع أمرهما إلي معاوية ، وأقام الدمشقى خمسين رجلا بيّنة يشهدون أنّها ناقته . فقضي معاوية علي الكوفى ، وأمره بتسليم البعير إليه .

فقال الكوفى : أصلحك الله ، إنّه جمل ، وليس بناقة .

فقال معاوية : هذا حكم قد مضي ، ودسّ إلي الكوفى بعد تفرّقهم فأحضره ، وسأله عن ثمن بعيره ، فدفع إليه ضعفه ، وبَرّه وأحسن إليه ، وقال له : أبلغ عليّاً أنّى


(١) الغارات : ٢ / ٤٣١ عن زيد بن وهب ; شرح نهج البلاغة : ٢ / ١١٩ ، الإمامة والسياسة : ١ / ٧٥ نحوه وفيه "قريشاً" بدل "العرب" وراجع نهج البلاغة : الكتاب ٣٦ .
(٢) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٢٢ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٤٠ ، نهاية الأرب : ٢٠ / ٧٢ كلاهما نحوه .

 ٤٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام / الجهالة

اُقاتله بمائة ألف ، ما فيهم من يفرّق بين الناقة والجمل ! !

وقد بلغ من أمرهم فى طاعتهم له أنّه صلّي بهم عند مسيرهم إلي صفّين الجمعة فى يوم الأربعاء ، وأعاروه رؤوسهم عند القتال ، وحملوه بها ، وركنوا إلي قول عمرو بن العاص : إنّ عليّاً هو الذى قتل عمّار بن ياسر حين أخرجه لنصرته . ثمّ ارتقي بهم الأمر فى طاعته إلي أن جعلوا لعن علىّ سُنّة ، ينشأ عليها الصغير ، ويهلك عليها الكبير(١) .

راجع : القسم الخامس عشر / بواعث بغضه .

القسم الرابع / مجالات نجاح قرار السقيفة / بغض قريش


(١) مروج الذهب : ٣ / ٤١ .


إرجاعات 
٢٤٣ - المجلد الحادي عشر / القسم الخامس عشر : بغض الإمام عليّ / الفصل الأوّل : بواعث بُغضه
٧١ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام عليّ بعد النبيّ / الفصل الأوّل : قصّة السقيفة / مجالات نجاح قرار السقيفة

 ٤٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل الخامس : دوافع البغاة فى قتال الإمام / الجهالة

 ٤٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السادس : أهداف الإمام فى قتال البغاة

٦ / ١

إحياء الدين

٢٠٣٤ ـ مسند ابن حنبل عن أبى سعيد الخدرى : كنّا جلوساً ننتظر رسول الله  ½ ، فخرج علينا من بعض بيوت نسائه . ـ قال : ـ فقمنا معه ، فانقطعت نعله فتخلّف عليها علىّ يخصفها ، فمضي رسول الله  ½ ، ومضينا معه ، ثمّ قام ينتظره ، وقمنا معه .

فقال : إنّ منكم من يقاتل علي تأويل هذا القرآن كما قاتلتُ علي تنزيله ، فاستشرفنا وفينا أبو بكر وعمر ، فقال : لا ، ولكنّه خاصف النعل .

قال : فجئنا نبشّره ، ـ قال : ـ وكأنّه قد سمعه(١) .


(١) مسند ابن حنبل : ٤ / ١٦٣ / ١١٧٧٣ وص ٦٨ / ١١٢٨٩ ، مسند أبى يعلي : ٢ / ٢٩ / ١٠٨١ وفيهما من "إنّ منكم . . ." ، فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٦٣٧ / ١٠٨٣ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٣٢ / ٤٦٢١ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٢٨٦ / ١٥٥ ، المصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٤٩٧ / ١٩ ، حلية الأولياء : ١ / ٦٧ ، اُسد الغابة : ٣ / ٤٢٦ / ٣٢٧٧ عن عبد الرحمن بن بشير وج ٤ / ١٠٧ / ٣٧٨٩ ، شرح نهج البلاغة : ٣ / ٢٠٧ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٠٥ ; الكافى : ٥ / ١٢ / ٢ ، تهذيب الأحكام : ٤ / ١١٦ / ٣٣٦١ وج ٦ / ١٣٧ / ٢٣٠ والثلاثة الأخيرة عن حفص بن غياث عن الإمام الصادق عن أبيه    ¤ ، تحف العقول : ٢٩٠ عن الإمام الباقر  ¼ ، الملاحم والفتن : ٣٣٠ / ٤٨٠ وفى الخمسة الأخيرة من "إنّ منكم . . ." ، الأمالى للطوسى : ٢٥٤ / ٤٥٨ كلّها نحوه وراجع الجعفريّات : ١٩٨ .

 ٤٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السادس : أهداف الإمام فى قتال البغاة / إحياء الدين

٢٠٣٥ ـ الإمام زين العابدين  ¼ : انقطع شِسع(١) نعل رسول الله  ½ ، فدفعها إلي علىّ  ¼ يصلحها ، ثمّ مشي فى نعل واحدة غَلوَة(٢) أو نحوها ، وأقبل علي أصحابه فقال : إنّ منكم من يقاتل علي التأويل كما قاتل معى علي التنزيل !

فقال أبو بكر : أنا ذاك ، يا رسول الله ؟ ! قال : لا ، فقال عمر : فأنا يا رسول الله ؟ ! قال : لا . فأمسك القوم ، ونظر بعضهم إلي بعض . فقال رسول الله  ½ : لكنّه خاصف النعل ـ وأومأ إلي علىّ بن أبى طالب  ¼ ـ وإنّه المقاتل علي التأويل إذا تُركت سنّتى ونُبذت ، وحُرّف كتاب الله ، وتكلّم فى الدين من ليس له ذلك ، فيقاتلهم علىّ  ¼ علي إحياء دين الله عزّ وجلّ(٣) .

٢٠٣٦ ـ الإمام الباقر  ¼ : جاء رجل إلي علىّ  ¼ وهو علي منبره ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أ تأذن لى أن أتكلّم بما سمعتُ عن عمّار بن ياسر يرويه عن رسول الله  ½ ؟ فقال : اتّقوا الله ولا تقولوا علي عمّار إلاّ ما قاله ـ حتي قال ذلك


(١) شِسْع النعل: قِبالُها الذى يُشدّ إلي زمامها، والزمام: السَّير الذى يُعقد فيه الشسع (لسان العرب: ٨/١٨٠).
(٢) الغَلْوَة : قدر رمية بسهم (لسان العرب : ١٥ / ١٣٢) .
(٣) الإرشاد : ١ / ١٢٣ عن جابر بن يزيد ، كشف الغمّة : ١ / ٢١١ كلاهما عن الإمام الباقر  ¼ ، كشف اليقين : ١٦٥ / ١٧٥ من دون إسناد إلي المعصوم ، بحار الأنوار : ٣٢ / ٢٩٩ / ٢٦٠ .

 ٤٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السادس : أهداف الإمام فى قتال البغاة / إحياء الدين

ثلاث مرّات ـ . ثمّ قال له : تكلّم .

قال : سمعت عمّاراً يقول : سمعت رسول الله  ½ يقول : أنا اُقاتل علي التنزيل ، وعلىّ يقاتل علي التأويل .

فقال  ¼ : صدق عمّار وربّ الكعبة إنّ هذه عندى لفى ألف كلمة تتبع كلّ كلمة ألف كلمة(١) .

٢٠٣٧ ـ المناقب للخوارزمى عن أبى ذرّ الغفارى : كنت مع رسول الله  ½ وهو ببقيع الغرقد(٢) فقال : والذى نفسى بيده ، إنّ فيكم رجلاً يقاتل الناس من بعدى علي تأويل القرآن كما قاتلت المشركين علي تنزيله ، وهم يشهدون أن لا إله إلاّ الله ، فيكبر قتلهم علي الناس ، حتي يطعنوا علي ولىّ الله ، ويسخطوا عمله كما سخط موسي أمر السفينة وقتل الغلام وأمر الجدار ، وكان خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لله رضي ، وسخط ذلك موسي .

أراد بالرجل علىّ بن أبى طالب  ¼ (٣) .

٢٠٣٨ ـ كفاية الأثر عن أنس بن مالك : سمعت رسول الله  ½ قال : أوصياء الأنبياء الذين بعدهم بقضاء ديونهم ، وإنجاز عِداتهم ، ويقاتلون علي سنّتهم .

ثمّ التفت إلي علىّ  ¼ ، فقال : أنت وصيّى ، وأخى فى الدنيا والآخرة ، تقضى دينى ، وتنحو(٤) عِداتى ، وتقاتل علي سنّتى ; تقاتل علي التأويل كما قاتلتُ علي


(١) الخصال : ٦٥٠ / ٤٨ عن جابر بن يزيد الجعفى ، بصائر الدرجات : ٣٠٩ / ٥ عن جابر .
(٢) بَقِيْعُ الغَرْقَد : مقبرة أهل المدينة ، وهى داخل المدينة (معجم البلدان : ١/٤٧٣) .
(٣) المناقب للخوارزمى : ٨٨ / ٧٨ ، كفاية الطالب : ٣٣٤ ، الفردوس : ٤ / ٣٦٨ / ٧٠٦٨ نحوه ; تفسير فرات : ٢٠٠ / ٢٦٢ وليس فيهما "أراد بالرجل علىّ بن أبى طالب  ¼ " .
(٤) كذا ، وفى بحار الأنوار نقلا عن المصدر : "و تنجز" .

 ٤٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السادس : أهداف الإمام فى قتال البغاة / إحياء الدين

التنزيل(١) .

٢٠٣٩ ـ رسول الله  ½ : أيّها الناس ! لا اُلفينّكم بعدى ترجعون كفّاراً ; يضرب بعضكم رقاب بعض ، فتلقونى فى كتيبة كمجرّ السيل الجرّار ! ألا وإنّ علىّ بن أبى طالب أخى ، ووصيّى ، يقاتل بعدى علي تأويل القرآن كما قاتلتُ علي تنزيله(٢) .

٢٠٤٠ ـ عنه  ½ : يا علىّ ، أنت . . . تقاتل بعدى علي التأويل كما قاتلتُ علي التنزيل(٣) .

٢٠٤١ ـ عنه  ½ : أنا اُقاتل علي تنزيل القرآن ، وعلىّ يقاتل علي تأويل القرآن(٤) .

٢٠٤٢ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى الحكم المنسوبة إليه ـ : عجباً لسعد وابن عمر ; يزعمان أنّى اُحارب علي الدنيا ! ! أ فكان رسول الله  ½ يحارب علي الدنيا ؟ ! فإن زعما أنّ رسول الله  ½ حارب لتكسير الأصنام ، وعبادة الرحمن ، فإنّما حاربتُ لدفع الضلال ، والنهى عن الفحشاء والفساد . أ فمثلى يُزَنّ(٥) بحبّ الدنيا ! والله ، لو


(١) كفاية الأثر : ٧٥ ، بحار الأنوار : ٣٦ / ٣١١ / ١٥٢ وراجع الأمالى للطوسى : ٣٥١ / ٧٢٦ والطرائف : ٥٢١ والصراط المستقيم : ٨٧ والمناقب للخوارزمى : ٦١ / ٣١ وينابيع المودّة : ٣ / ٢٧٨ / ٢ .
(٢) الإرشاد : ١ / ١٨٠ ، بحار الأنوار : ٢٢ / ٤٦ / ١٩ .
(٣) كفاية الأثر : ١٣٥ عن سعد بن مالك ، الجمل : ٨٠ ، بشارة المصطفي : ١٤٢ عن ابن عبّاس ، المسترشد : ٤٢٩ / ١٤٢ ، عوالى اللآلى : ٤ / ٨٧ / ١٧ كلّها نحوه ; الصواعق المحرقة : ١٢٣ عن أبى سعيد الخدرى .
(٤) الفردوس : ١ / ٤٦ / ١١٥ عن وهب بن صيفى ، كنز العمّال : ١١ / ٦١٣ / ٣٢٩٦٨ ; المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٢١٨ عن زيد بن أرقم .
(٥) زَنَّهُ بكذا : إذا اتّهمه به وظنّه فيه (النهاية : ٢ / ٣١٦) .

 ٤٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السادس : أهداف الإمام فى قتال البغاة / الدفاع عن السنّة

تمثّلت لى بشراً سويّاً لضربتُها بالسيف !(١)

٦ / ٢

الدفاع عن السنّة

٢٠٤٣ ـ رسول الله  ½ ـ لعلىّ  ¼ ـ : أنت أخى ، وأبو ولدى ، تقاتل عن سنّتى ، وتبرئ ذمّتى(٢) .

٢٠٤٤ ـ الإمام علىّ  ¼ : طلبنى رسول الله  ½ فوجدنى فى حائط نائماً ، فضربنى برجله ، قال : قم ، فوَ الله لاُرضينّك ! أنت أخى ، وأبو ولدى ، تقاتل علي سنّتى . من مات علي عهدى فهو فى كنز الله ، ومن مات علي عهدك فقد قضي نحبه ، ومن مات بحبّك بعد موتك ختم الله له بالأمن والإيمان ما طلعت شمس أو غربت(٣) .

٦ / ٣

مكافحة البدعة

٢٠٤٥ ـ الإمام علىّ  ¼ : قال رسول الله  ½ : إنّ الله قد كتب عليك جهاد المفتونين ، كما كتب علىّ جهاد المشركين .

فقلت : يا رسول الله ، ما هذه الفتنة التى كُتب علىّ فيها الجهاد ؟


(١) شرح نهج البلاغة : ٢٠ / ٣٢٨ / ٧٦٥ .
(٢) مسند أبى يعلي : ١ / ٢٧١ / ٥٢٤ عن أبى المغيرة عن الإمام علىّ  ¼ ، المناقب لابن المغازلى : ٢٣٨ / ٢٨٥ ; الأمالى للصدوق : ١٥٦ / ١٥٠ ، بشارة المصطفي : ١٥٥ ، كنز الفوائد : ٢ / ١٧٩ كلّها عن جابر بن عبد الله وفيها ذيله .
(٣) فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٦٥٦ / ١١١٨ عن أبى المغيرة ، الصواعق المحرقة : ١٢٦ ، ذخائر العقبي : ١٢٤ وفيهما "كنز الجنّة" بدل "كنز الله" .

 ٥٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السادس : أهداف الإمام فى قتال البغاة / مكافحة الفجور

قال : قوم يشهدون أن لا إله إلاّ الله ، وأنّى رسول الله ، وهم مخالفون للسنّة .

فقلت : يا رسول الله : فعلامَ اُقاتلهم وهم يشهدون كما أشهد ؟ !

قال : علي الإحداث فى الدين ، ومخالفة الأمر .

فقلت : يا رسول الله ، إنّك كنت وعدتَنى الشهادة ، فاسأل الله أن يعجّلها لى بين يديك .

قال : فمن يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ؟ !(١)

٢٠٤٦ ـ الأمالى للطوسى عن أبى سعيد الخدرى : أخبر رسول الله  ½ عليّاً بما يلقي بعده ، فبكي  ¼ وقال : يا رسول الله ، أسألك بحقّى عليك ، وقرابتى منك ، وحقّ صحبتى إيّاك ، لمّا دعوت الله عزّ وجلّ أن يقبضنى إليه ؟

فقال  ½ : أ تسألنى أن أدعو ربّى لأجَل مؤجّل ؟

قال : فعلامَ اُقاتلهم ؟ قال : علي الإحداث فى الدين(٢) .

٦ / ٤

مكافحة الفجور

٢٠٤٧ ـ المستدرك علي الصحيحين عن جابر بن عبد الله : سمعت رسول الله  ½ وهو آخذ بضبع(٣) علىّ بن أبى طالب (ع) وهو يقول : "هذا أمير البَرَرة ، قاتل


(١) شرح نهج البلاغة : ٩ / ٢٠٦ .
(٢) الأمالى للطوسى : ٥٠١ / ١٠٩٨ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٢١٨ وفيه ذيله ; المناقب للخوارزمى : ١٧٥ / ٢١١ ، شرح نهج البلاغة : ٤ / ١٠٨ نحوه .
(٣) الضبع ـ بسكون الباء ـ : وسط العضد (النهاية : ٣ / ٧٣) .

 ٥١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السادس : أهداف الإمام فى قتال البغاة / مكافحة الفجور

الفَجَرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله" ، ثمّ مدّ بها صوته(١) .

٢٠٤٨ ـ تاريخ بغداد عن جابر بن عبد الله : سمعت رسول الله  ½ يوم الحديبيّة وهو آخذ بيد علىّ يقول : "هذا أمير البَرَرة ، وقاتل الفجرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله" ، يمدّ بها صوته(٢) .


(١) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٤٠ / ٤٦٤٤ ، المناقب لابن المغازلى : ٨٠ / ١٢٠ وفيه "الكفرة" بدل "الفجر به" ; الأمالى للطوسى : ٤٨٣ / ١٠٥٥ وراجع علل الشرائع : ٢١٣ / ٢ .
(٢) تاريخ بغداد : ٢ / ٣٧٧ / ٨٨٧ وج ٤ / ٢١٩ / ١٩١٥ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٣٨٣ / ٨٩٨٥ ، المناقب لابن المغازلى : ٨٤ / ١٢٥ ، كفاية الطالب : ٢٢١ ; المسترشد : ٦٢٢ / ٢٨٩ .

 ٥٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السادس : أهداف الإمام فى قتال البغاة / مكافحة الفجور

 ٥٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السابع : نبذة من الآراء فى قتال البُغاة

٧ / ١

أبو أيّوب الأنصارى

٢٠٤٩ ـ المستدرك علي الصحيحين عن أبى أيّوب الأنصارى ـ فى خلافة عمر ابن الخطّاب ـ : أمر رسول الله  ½ علىّ بن أبى طالب بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين(١) .

٢٠٥٠ ـ تاريخ دمشق عن أبى أيّوب الأنصارى ـ فى خلافة عمر بن الخطّاب ـ : أمرنى رسول الله  ½ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين مع علىّ بن أبى طالب(٢) .


(١) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٥٠ / ٤٦٧٤ ، كفاية الطالب : ١٦٨ عن ابن عبّاس نحوه .
(٢) تاريخ دمشق : ٤٢ / ٤٧٢ ، المناقب للخوارزمى : ١٩٠ / ٢٢٦ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٠٧ ; كفاية الأثر : ١١٧ كلاهما نحوه وراجع الاستيعاب : ٣ / ٢١٤ / ١٨٧٥ .

 ٥٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السابع : نبذة من الآراء فى قتال البُغاة / أبو أيّوب الأنصاري

٢٠٥١ ـ المعجم الكبير عن محنف بن سليم : أتينا أبا أيّوب الأنصارى وهو يعلف خيلاً له بِصَعْنبَي(١) فَقِلْنا عنده ، فقلت له : أبا أيّوب ، قاتلتَ المشركين مع رسول الله  ½ ثمّ جئت تقاتل المسلمين ؟ !

قال : إنّ رسول الله  ½ أمرنى بقتال ثلاثة : الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقد قاتلت الناكثين ، وقاتلت القاسطين ، وأنا مقاتل إن شاء الله المارقين بالشعفات بالطرقات بالنهراوات وما أدرى ما هم ؟ !(٢)

٢٠٥٢ ـ تاريخ بغداد عن علقمة والأسود : أتينا أبا أيّوب الأنصارى عند منصرفه من صفّين فقلنا له : يا أبا أيّوب ! إنّ الله أكرمك بنزول محمّد  ½ وبمجىء ناقته تفضّلاً من الله وإكراماً لك حتي أناخت ببابك دون الناس ، ثمّ جئت بسيفك علي عاتقك تضرب به أهل لا إله إلاّ الله ؟

فقال : يا هذا ! إنّ الرائد لا يكذب أهله ، وإنّ رسول الله  ½ أمرنا بقتال ثلاثة مع علىّ : بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين .

فأمّا الناكثون : فقد قابلناهم أهل الجمل طلحة والزبير ، وأمّا القاسطون : فهذا منصرفنا من عندهم ـ يعنى معاوية وعمراً ـ ، وأمّا المارقون : فهم أهل الطرفاوات وأهل السعيفات وأهل النخيلات وأهل النهروانات ، والله ما أدرى أين هم ؟ ! ولكن لابدّ من قتالهم إن شاء الله(٣) .


(١) صَعْنَبَي : قرية باليمامة (معجم البلدان : ٣/٤٠٧) .
(٢) المعجم الكبير : ٤ / ١٧٢ / ٤٠٤٩ ، اُسد الغابة : ٤ / ١٠٨ / ٣٧٨٩ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٤٧٣ كلاهما عن مخنف بن سليم ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٠٧ عن مخنف بن سليمان ، كفاية الطالب : ١٦٩ ; شرح الأخبار : ١ / ٣٣٩ / ٣٠٩ عن أبى مخنف وكلّها نحوه .
(٣) تاريخ بغداد : ١٣ / ١٨٦ / ٧١٦٥ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٤٧٢ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٠٧ وراجع شرح نهج البلاغة : ٣ / ٢٠٧ .

 ٥٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السابع : نبذة من الآراء فى قتال البُغاة / أبو سعيد الخدري

٧ / ٢

أبو سعيد الخدري

٢٠٥٣ ـ تاريخ دمشق عن أبى سعيد الخدرى : أمرنا رسول الله  ½ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقلنا : يا رسول الله ، أمرتنا بقتال هؤلاء فمع من ؟

قال : مع علىّ بن أبى طالب ، معه يُقتل عمّار بن ياسر(١) .

٧ / ٣

حذيفة

٢٠٥٤ ـ فتح البارى عن زيد بن وهب : بينا نحن حول حذيفة إذ قال : كيف أنتم وقد خرج أهل بيت نبيكم  ½ فرقتين يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف ؟ فقلنا : يا أبا عبد الله وإنّ ذلك لكائن ؟ فقال بعض أصحابه : يا أبا عبد الله فكيف نصنع إن أدركنا ذلك الزمان ؟ قال : انظروا الفرقة التى تدعو إلي أمر علىّ فالزموها فإنّها علي الهدي(٢) .

٧ / ٤

عبد الله بن عمر

٢٠٥٥ ـ الاستيعاب عن عبد الله بن عمر : ما آسي علي شىء إلاّ أنّى لم اُقاتل مع


(١) تاريخ دمشق : ٤٢ / ٤٧١ / ٩٠٤٣ ، اُسد الغابة : ٤ / ١٠٨ / ٣٧٨٩ ، المناقب للخوارزمى : ١٩٠ / ٢٢٤ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٠٦ ، فرائد السمطين : ١ / ٢٨١ / ٢٢٠ .
(٢) فتح البارى : ١٣ / ٥٥ ، مجمع الزوائد : ٧ / ٤٧٧ / ١٢٠٣٢ ; شرح الأخبار : ١ / ٤٠٣ / ٣٥٤ عن محمّد بن إسماعيل بن أبان يرفعه .

 ٥٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السابع : نبذة من الآراء فى قتال البُغاة / عمّار بن ياسر

علىّ (ع) الفئة الباغية !(١)

٢٠٥٦ ـ المستدرك علي الصحيحين عن الزهرى : أخبرنى حمزة بن عبد الله بن عمر أنّه بينما هو جالس مع عبد الله بن عمر إذ جاءه رجل من أهل العراق فقال : يا أبا عبد الرحمن : إنّى والله لقد حرصت أن أتسمّت بسمتك وأقتدى بك فى أمر فرقة الناس ، وأعتزل الشرّ ما استطعت ، وإنّى أقرأ آية من كتاب الله محكمة قد أخذت بقلبى فأخبرنى عنها .

أرأيت قول الله عزّ وجلّ : ³ وَإِن طَـائـِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَي الاُْخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِىءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  ²  (٢) ؟ أخبرنى عن هذه الآية .

فقال عبد الله : ما لك ولذلك ؟ اِنصرف عنّى ، فانطلق حتي تواري عنّا سواده ، وأقبل علينا عبد الله بن عمر ، فقال : ما وجدتُ فى نفسى من شىء فى أمر هذه الآية ما وجدتُ فى نفسى أنّى لم اُقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرنى الله عزّ وجلّ(٣) .

٧ / ٥

عمّار بن ياسر

٢٠٥٧ ـ عمّار بن ياسر ـ لعمرو بن العاص ـ : أمرنى رسول الله  ½ أن اُقاتل


(١) الاستيعاب : ٣ / ٨٣ / ١٦٣٠ ، اُسد الغابة : ٤ / ١٠٩ / ٣٧٨٩ ; علل الشرائع : ٢٢٢ نحوه .
(٢) الحجرات : ٩ .
(٣) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٢٥ / ٤٥٩٨ وج ٢ / ٥٠٢ / ٣٧٢٢ ، السنن الكبري : ٨ / ٢٩٨ / ١٦٧٠٦ ، فتح البارى : ١٣ / ٧٢ وفيه من قوله تعالي نحوه .

 ٥٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السابع : نبذة من الآراء فى قتال البُغاة / اُمّ سلمة زوجة النبيّ

الناكثين وقد فعلتُ ، وأمرنى أن اُقاتل القاسطين ، فأنتم هم ، وأمّا المارقون فما أدرى اُدركهم أم لا(١) .

راجع : وقعة صفّين / اشتداد القتال / استشهاد عمّار بن ياسر .

٧ / ٦

اُمّ سلمة زوجة النبىّ

٢٠٥٨ ـ المناقب للخوارزمى عن شهر بن حوشب : كنت عند اُمّ سلمة فسلّم رجل فقيل : من أنت ؟ قال : أنا أبو ثابت مولي أبى ذرّ ، قالت : مرحباً بأبى ثابت ، اُدخل فدخل فرحّبت به .

فقالت : أين طار قلبك حين طارت القلوب مطايرها ؟

قال : مع علىّ بن أبى طالب  ¼ .

قالت : وفّقت والذى نفس اُمّ سلمة بيده لسمعت رسول الله  ½ يقول : علىّ مع القرآن والقرآن مع علىّ ، لن يفترقا حتي يردا علىّ الحوض .

ولقد بعثت ابنى عمر وابن أخى عبد الله ـ أبى اُميّة ـ وأمرتهما أن يقاتلا مع علىّ من قاتله ، ولولا أنّ رسول الله  ½ أمرنا أن نقرّ فى حجالنا(٢) أو فى بيوتنا ، لخرجت حتي أقف فى صفّ علىّ(٣) .


(١) وقعة صفّين : ٣٣٨ ; شرح نهج البلاغة : ٨ / ٢١ وراجع المسترشد : ٢٦٩ / ٧٩ وشرح الأخبار : ١ / ٣٨٣ وج ٢ / ٨٣ ومسند أبى يعلي : ٢ / ٢٦٧ / ١٦٢٠ والمعيار والموازنة : ١١٩ .
(٢) الحَجَلةُ بالتحريك : بَيْتٌ كالقُبّةِ يُستَر بالثّياب وتكون له أزرار كبار ، وتُجمع علي حِجال (النهاية : ١ / ٣٤٦) .
(٣) المناقب للخوارزمى : ١٧٦ / ٢١٤ ; كشف الغمّة : ١ / ١٤٨ ، بحار الأنوار : ٣٨ / ٣٥ / ١٠ .


إرجاعات 
١٣٠ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل التاسع : اشتداد القتال / استشهاد عمّار بن ياسر

 ٥٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السابع : نبذة من الآراء فى قتال البُغاة / أئمّة أهل السُّنّة

٧ / ٧

أئمّة أهل السُّنّة

٢٠٥٩ ـ مناقب أبى حنيفة عنه أنّه قال : ما قاتل أحدٌ عليَّاً (ع) ليردّه إلي الحقّ إلاّ وكان علىّ أولي بالحقّ منه ، ولولاه ما علم أحدٌ كيف السيرة فى قتال المسلمين(١) .

٢٠٦٠ ـ أيضاً : لا شكّ أنّ طلحة والزبير قاتلا عليّاً بعدما بايعاه وحالفاه(٢) .

٢٠٦١ ـ أيضاً : سُئل الإمام [أبو حنيفة] عن قتال يوم الجمل . فقال : سار علىّ (ع) فيه بالعدل ، وهو الذى علّم المسلمين قتال أهل البغى(٣) .

٢٠٦٢ ـ الاعتقاد والهداية عن ابن خزيمة (٤) : كلّ من نازع أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب فى إمارته فهو باغ ، علي هذا عهدتُ مشايخنا وبه قال ابن إدريس يعنى الشافعى رحمه الله(٥) .

٢٠٦٣ ـ الفرق بين الفِرق عن أبى منصور (٦) ـ فى بيان الاُصول التى اجتمع عليها


(١) مناقب أبى حنيفة : ٢ / ٣٤٤ وج ١ / ٣٤٢ .
(٢) مناقب أبى حنيفة : ٢ / ٣٤٤ وج ١ / ٣٤٣ .
(٣) مناقب أبى حنيفة : ٢ / ٣٤٥ .
(٤) محمّد بن إسحاق بن خزيمة (٢٢٣ ـ ٣١١ هـ ) الحافظ الحجّة الفقيه ، شيخ الإسلام إمام الأئمّة ، أبو بكر السلمى النيسابورى الشافعى صاحب التصانيف . عنى فى حداثته بالحديث والفقه حتي صار يضرب به المثل فى سعة العلم والإتقان ، وقال أبو الحسن الدار قطنى : كان ابن خزيمة إماماً ثبتاً معدوم النظير (سير أعلام النبلاء : ١٤ / ٣٦٥ / ٢١٤ وص ٣٧٢) .
(٥) الاعتقاد والهداية : ٢٤٨ .
(٦) عبد القاهر بن طاهر أبو منصور البغدادى ، نزيل خراسان ، وصاحب التصانيف البديعة ، وأحد أعلام الشافعيّة . وكان يدرّس فى سبعة عشر فنّاً ، ويضرب به المثل ، وكان رئيساً محتشماً مثرياً ، له كتاب "التكملة" فى الحساب . قال أبو عثمان الصابونى : كان الاُستاذ أبو منصور من أئمّة الاُصول . غريب التأليف ، إماماً مقدّماً مفخّماً . مات بإسفرايين فى سنة تسع وعشرين وأربع مائة . . . وله تصانيف فى النظر والعقليّات راجع : سير أعلام النبلاء : ١٧ / ٥٧٢ / ٣٧٧ .

 ٥٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السابع : نبذة من الآراء فى قتال البُغاة / أئمّة أهل السُّنّة

أهل السنّة ـ : قالوا بإمامة علىّ فى وقته ، وقالوا بتصويب علىّ فى حروبه بالبصرة ، وبصفّين ، وبنهروان . . . .

وقالوا فى صفّين : إنّ الصواب كان مع علىّ (ع) ، وإنّ معاوية وأصحابه بغوا عليه بتأويل أخطؤوا فيه ; ولم يكفروا بخطئهم(١) .

٢٠٦٤ ـ فيض القدير عن عبد القاهر الجرجانى (٢) ـ فى كتاب الإمامة ـ : أجمع فقهاء الحجاز والعراق من فريقى الحديث والرأى ، منهم : مالك والشافعى وأبو حنيفة والأوزاعى ، والجمهور الأعظم من المتكلّمين والمسلمين : أنّ عليّاً مصيبٌ فى قتاله لأهل صفّين ، كما هو مصيب فى أهل الجمل ، وأنّ الذين قاتلوه بغاة ظالمون له ، لكن لا يكفرون ببغيهم(٣) .


(١) الفرق بين الفِرق : ٣٠٩ .
(٢) أبو بكر ، عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجانى وكان شافعيّاً ، عالماً ، أشعريّاً ، ذا نسك ودين وكان آية فى النحو . وصنّف شرحاً حافلاً للإيضاح يكون ثلاثين مجلّداً ، وله "إعجاز القرآن" ضخم ، و"مختصر شرح الإيضاح" ثلاثة أسفار ، وكتاب "العوامل المائة" وكتاب "المفتاح" ، وفسّر الفاتحة فى مجلّد ، وله "العمد فى التصريف" و"الجمل" وغير ذلك توفّى سنة إحدي وسبعين وأربع مائة وقيل : سنة أربع وسبعين راجع : سير أعلام النبلاء : ١٨ / ٤٣٢ / ٢١٩ .
(٣) فيض القدير : ٦ / ٣٦٦ ، التذكرة للقرطبى : ٢ / ٤٢٢ / ١٧٨٩ وراجع نصب الراية : ٤ / ٦٩ .

 ٦٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السابع : نبذة من الآراء فى قتال البُغاة / أئمّة أهل السُّنّة

٢٠٦٥ ـ التذكرة عن أبى المعالى (١) : علىّ (ع) كان إماماً حقّاً فى توليته ، ومقاتلوه بغاة(٢) .

٢٠٦٦ ـ النووى فى شرح صحيح مسلم : وكان علىّ (ع) هو المحقّ المصيب فى تلك الحروب ، هذا مذهب أهل السنّة(٣) .

٢٠٦٧ ـ أيضاً ـ فى حديث عمّار ـ : قال العلماء : هذا الحديث حجّة ظاهرة فى أنّ عليّاً (ع) كان محقّاً مصيباً(٤) .

٢٠٦٨ ـ الذهبى فى سير أعلام النبلاء : لا نرتاب أنّ عليّاً أفضل ممّن حاربه ، وأنّه أولي بالحقّ(٥) .

٢٠٦٩ ـ ابن كثير فى البداية والنهاية : هذا مقتل عمّار بن ياسر مع أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب قتله أهل الشام ، وبان وظهر بذلك سرّ ما أخبر به الرسول  ½


(١) إمام الحرمين ، أبو المعالى ، عبد الملك ابن الإمام أبى محمّد عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمّد ابن حيويه الجوينى ، ثمّ النيسابورى ، ضياء الدين الشافعى (٤١٩ ـ ٤٧٨هـ ) دفن فى داره ، ثمّ نقل بعد سنين إلي مقبرة الحسين ، فدفن بجنب والده . قال أبو سعد السمعانى : كان أبو المعالى إمام الأئمّة علي الإطلاق ، مجمعاً علي إمامته شرقاً وغرباً ، لم تر العيون مثله ، تفقّه علي والده ، وتوفّى أبوه ولأبى المعالى عشرون سنة ، فدرَّس مكانه ثمّ حجّ ، وجاور أربع سنين يدرس ، ويفتى ، ويجمع طرق المذهب ، إلي أن رجع إلي بلده بعد مضىّ نوبة التعصّب فدرس بنظاميّة نيسابور ، كان يقعد بين يديه نحو من ثلاث مائة راجع : سير أعلام النبلاء : ١٨ / ٤٦٨ / ٢٤٠ .
(٢) التذكرة للقرطبى : ٢ / ٤٢٣ / ١٧٩٢ ، نصب الراية : ٤ / ٦٩ .
(٣) شرح صحيح مسلم للنووى : ١٨ / ٢٢٨ .
(٤) شرح صحيح مسلم للنووى : ١٨ / ٢٥٢ .
(٥) سير أعلام النبلاء : ٨ / ٢١٠ / ٣٧ .

 ٦١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السابع : نبذة من الآراء فى قتال البُغاة / كلام فى إصابة الإمام فى جميع حروبه

من أنّه تقتله الفئة الباغية ، وبان بذلك أنّ عليّاً محقّ وأنّ معاوية باغ(١) .

٢٠٧٠ ـ ابن حجر فى فتح البارى ـ بعد ذكر حديث عمّار ـ : وفى هذا الحديث علم من أعلام النبوّة ، وفضيلة ظاهرة لعلىّ ولعمّار ، وردّ علي النواصب الزاعمين أنّ عليّاً لم يكن مصيباً فى حروبه(٢) .

٢٠٧١ ـ أيضاً ـ بعد ذكر حديث الخوارج ـ : وفى هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدّم منقبة عظيمة لعلىّ ، وأنّه كان الإمام الحقّ ، وأنّه كان علي الصواب فى قتال من قاتله فى حروبه فى الجمل وصفّين وغيرهما(٣) .

٢٠٧٢ ـ أيضاً ـ فى قوله تعالي : ³ وَإِن طَـائـِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا . . .  ²  (٤) ـ : فيها الأمر بقتال الفئة الباغية ، وقد ثبت أنّ من قاتل عليّاً كانوا بغاة(٥) .

٢٠٧٣ ـ مجموع فتاوي ابن تيميّة ـ بعد ذكر حديث عمّار : تقتله الفئة الباغية ـ : وهذا أيضاً يدلّ علي صحّة إمامة علىّ ووجوب طاعته ، وأنّ الداعى إلي طاعته داع إلي الجنّة ، والداعى إلي مقاتلته داع إلي النار ـ وإن كان متأوّلا ـ وهو دليل علي أنّه لم يكن يجوز قتال علىّ .

وعلي هذا فمقاتله مخطئ وإن كان متأوّلا ، أو باغ بلا تأويل ، وهو أصحّ القولين لأصحابنا ، وهو الحكم بتخطئة من قاتل عليّاً ، وهو مذهب الأئمّة الفقهاء


(١) البداية والنهاية : ٧ / ٢٦٧ .
(٢) فتح البارى : ١ / ٥٤٣ / ٤٤٧ ، فيض القدير : ٤ / ٤٦٧ .
(٣) فتح البارى : ١٢ / ٢٩٩ / ٦٩٣٤ .
(٤) الحجرات : ٩ .
(٥) فتح البارى : ١٣ / ٦٧ / ٧١١٠ .

 ٦٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السابع : نبذة من الآراء فى قتال البُغاة / كلام فى إصابة الإمام فى جميع حروبه

الذين فرعوا علي ذلك قتال البغاة المتأوّلين(١) .


(١) مجموع فتاوي ابن تيميّة : ٤ / ٤٣٧ .

 ٦٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السابع : نبذة من الآراء فى قتال البُغاة / كلام فى إصابة الإمام فى جميع حروبه

قال أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان الملقّب بالمفيد : ومن الدليل علي أنّ أمير المؤمنين  ¼ كان مصيباً فى حروبه كلّها ، وأنّ مخالفيه فى ذلك علي ضلال ، ما تظاهرت به الروايات عن النبىّ  ½ من قوله : "حربك يا علىّ حربى ، وسلمك يا علىّ سلمى"(١) ، وقوله  ½ : "يا علىّ أنا حرب لمن حاربك وسلم لمن سالمك"(٢) .

وهذان القولان مرويّان من طريقى العامّة والخاصّة والمنتسبة من أصحاب الحديث إلي السنّة ، والمنتسبين منهم إلي الشيعة ، لم يعترض أحد من العلماء الطعن علي سندهما ، ولا ادّعي إنسان من أهل المعرفة بالآثار كذب رواتهما .


(١) الفصول المختارة :٢ / ٢٤٥ ، أوائل المقالات للمفيد :٤ / ٢٨٥ ، فقه القرآن للراوندى :١ / ٣٦٥ ، عوالى اللآلى :٢ / ١٠٢ / ٢٧٨ وج ٤ / ٨٧ / ١٠٨ ، بحار الأنوار :٣٢ / ٣٣١ .
(٢) الأمالى للمفيد : ٢١٣ / ٤ ،بحار الأنوار :٣٩ / ٢٠٦ / ٢٥ وراجع سنن ابن ماجة : ١ / ٥٢ / ١٤٥ ومسند ابن حنبل : ٣ / ٤٤٦ / ٩٧٠٤ والمستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٦١ / ٤٧١٣ و٤٧١٤ والمناقب لابن المغازلى : ٦٤ / ٩٠ .

 ٦٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السابع : نبذة من الآراء فى قتال البُغاة / كلام فى إصابة الإمام فى جميع حروبه

وما كان هذا سبيله وجب تسليمه والعمل به ، إذ لو كان باطلاً لما خلت الاُمّة من عالم منها ينكره ويكذّب رواته ، ولا سلم من طعن فيه ، ولعرف سبب تخرّصه وافتعاله ، ولاُقيم دليل الله سبحانه علي بطلانه ، وفى سلامة هذين الخبرين من جميع ما ذكرناه حجّة واضحة علي ثبوتهما حسبما بيّنّاه .

ومن ذلك : الرواية المستفيضة عن النبىّ  ½ أنّه قال لأمير المؤمنين  ¼ : "تقاتل يا علىّ علي تأويل القرآن ، كما قاتلتَ علي تنزيله"(١) .

وقوله ـ لسهيل بن عمرو ومن حضر معه لخطابه علي ردّ من أسلم من مواليهم ـ : لتنتهِنّ يا معشر قريش أو ليبعث الله عليكم رجلاً يضربكم علي تأويل القرآن كما ضربتُكم علي تنزيله .

فقال له بعض أصحابه : من هو يا رسول الله ، هو فلان ؟

قال : لا .

قال : ففلان ؟

قال : لا ، ولكنّه خاصف(٢) النعل فى الحجرة .


(١) المسترشد : ٤٢٩ / ١٤٢ ، كفاية الأثر : ٧٦ عن أنس ، الإرشاد : ١ / ١٢٣ عن جابر عن الإمام الباقر عن أبيه    ¤ ، كشف الغمّة : ١ / ٣٣٦ ، إحقاق الحقّ : ٦ / ٢٤ والثلاثة الأخيرة نحوه ، بحار الأنوار : ٣٦/٣١١/١٥٢ ; مسند ابن حنبل : ٤/٦٨/١١٢٨٩ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣/١٣٢/٤٦٢١ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٢٨٦ / ١٥٥ ، حلية الأولياء : ١ / ٦٧ ، اُسد الغابة : ٤/١٠٨/٣٧٨٩ ، فرائد السمطين : ١ / ١٦١ / ١٢٢ والستّة الأخيرة نحوه ، الصواعق المحرقة : ١٢٣ والسبعة الأخيرة عن أبى سعيد الخدرى ، المناقب لابن المغازلى : ٢٩٨ / ٣٤١ عن إسماعيل عن أبيه الإمام الكاظم عن آبائه (ع) عنه  ½ نحوه .
(٢) خصف النعل ، يخصف خصفاً : ظاهر بعضها علي بعض وخرزها (لسان العرب : ٩ / ٧١) .

 ٦٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السابع : نبذة من الآراء فى قتال البُغاة / كلام فى إصابة الإمام فى جميع حروبه

فنظروا فإذا علىّ  ¼ فى الحجرة يخصف نعل رسول الله  ½ (١) .

ومن ذلك : قوله  ½ لأمير المؤمنين  ¼ : "تقاتل بعدى الناكثين والقاسطين والمارقين" . والقول فى هذه الرواية كالأخبار التى تقدّمت ، قد سلمت من طاعن فى سندها بحجّة ، ومن قيام دليل علي بطلان ثبوتها ، وسلّم لروايتها الفريقان فدلّ علي صحّتها .

ومن ذلك : قوله  ½ : "علىّ مع الحقّ والحقّ مع علىّ ، اللهمّ أدر الحقّ مع علىّ حيثما دار"(٢) . وهذا أيضاً خبر قد رواه محدّثو العامّة ، وأثبتوه فى الصحيح عندهم ، ولم يعترض أحدهم لتعليل سنده ، ولا أقدم منهم مقدم علي تكذيب ناقله ، وليس توجد حجّة فى العقل ولا السمع علي فساده ، فوجب الاعتقاد بصحّته وصوابه .

ومن ذلك : قوله  ½ : "اللهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ،


(١) الإفصاح : ١٣٥ ، مجمع البيان : ٣ / ٣٢٢ ، تأويل الآيات الظاهرة : ١ / ١٤٩ / ٧ ; اُسد الغابة : ٣ / ٢٨٢ / ٣٢٧٧ ، الإصابة : ٤ / ٢٤٥ / ٥١٠٢ ، ينابيع المودّة : ١ / ١٨٧ / ٤ والثلاثة الأخيرة عن عبد الرحمن بن بشير وكلّها نحوه وراجع الإرشاد : ١ / ١٢٢ والمناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٨٥ وكشف الغمّة : ١ / ٣٣٥ وإعلام الوري : ١ / ٣٧٢ ونهج الحقّ : ٢٢٠ والمستدرك علي الصحيحين : ٢ / ١٥٠ / ٢٦١٤ وخصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٨٦ / ٣١ ومجمع الزوائد : ٥ / ٣٣٨ / ٨٩٥٠ واُسد الغابة : ٤ / ٩٩ / ٣٧٨٩ وتذكرة الخواصّ : ٤٠ والمناقب للخوارزمى : ١٢٨ / ١٤٢ وفرائد السمطين : ١ / ١٦٢ / ١٢٤ وعمدة عيون صحاح الأخبار : ٢٢٤ .
(٢) الطرائف : ١٠٣ / ١٥٠ ، كشف الغمّة : ١ / ١٤٣ عن اُمّ سلمة ، إعلام الوري : ١ / ٣١٦ ، نهج الحقّ : ٢٢٤ كلّها نحوه ، إحقاق الحقّ : ٥ / ٦٢٣ ـ ٦٣٨ وفيه صدره ; المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٣٥ / ٤٦٢٩ ، تاريخ بغداد : ١٤ / ٣٢١ / ٧٦٤٣ ، فرائد السمطين : ١ / ١٧٦ / ١٣٨ ، المناقب للخوارزمى : ١٠٤ / ١٠٧ ، الإنصاف : ٦٦ وفى الثلاثة الأخيرة ذيله ، تطهير الجنان واللسان : ٥١ .

 ٦٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السابع : نبذة من الآراء فى قتال البُغاة / كلام فى إصابة الإمام فى جميع حروبه

واخذل من خذله"(١) . وهذا فى الرواية أشهر من أن يحتاج معه إلي جمع السند له ، وهو أيضاً مسلّم عند نقلة الأخبار .

وقوله  ½ لعلىّ  ¼ : "قاتلَ اللهُ من قاتلك ، وعادي اللهُ من عاداك"(٢) . والخبر بذلك مشهورٌ وعند أهل الرواية معروفٌ مذكور .

ومن ذلك : قوله  ½ : "من آذي عليّاً فقد آذانى ، ومن آذانى فقد آذي الله تعالي(٣)" . فَحكمَ أنّ الأذي له  ¼ أذي الله ، والأذي لله جلّ اسمه هلاك مخرج عن الإيمان ، قال الله عزّ وجلّ : ³ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا  ²  (٤) .

وأمثال ما أثبتناه ـ من هذه الأخبار فى معانيها الدالّة علي صواب أمير المؤمنين  ¼ وخطأ مخالفيه ـ كثيرة ، إن عملنا علي إيراد جميعها ، طال به الكتاب وانتشر به الخطاب ، وفيما أثبتناه منه للحقّ كفاية للغرض الذى نأمله ، إن شاء الله تعالي(٥) .


(١) مسند ابن حنبل : ١ / ٢٥٤ / ٩٦٤ وص ٢٥٠ / ٩٥١ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ١٨١ / ٩٨ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٢٠٧ / ٨٦٨٤ وص ٢٠٨ ; الإرشاد : ١ / ١٧٦ ، الخصال : ٦٦ / ٩٨ ، معانى الأخبار : ٦٧ / ٨ .
(٢) الكافئة : ٣٦ / ٣٧ ، الاحتجاج : ١ / ٣٣٠ / ٥٥ ، بشارة المصطفي : ١٦٦ ، الاصابة : ٣ / ٨٢ / ٣٢٥٤ وج ٢ / ٣٧٣ / ٢٥٦٠ ، اُسد الغابة : ٢ / ٢٣٨ / ١٥٨٩ .
(٣) ذخائر العقبي : ١٢٢ ، المعيار والموازنة : ٢٢٤ ; الإفصاح : ١٢٨ ، العدد القويّة : ٢٤٨ / ٥٠ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٢١٢ وراجع مسند ابن حنبل : ٥ / ٤٠٥ / ١٥٩٦٠ وصحيح ابن حبّان : ١٥ / ٣٦٥ / ٦٩٢٣ .
(٤) الأحزاب : ٥٧ .
(٥) الجمل : ٧٩ ، ٨٢ .

 ٦٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / نظرة عامّة فى حروب الإمام / الفصل السابع : نبذة من الآراء فى قتال البُغاة / كلام فى إصابة الإمام فى جميع حروبه

أقول : راجع كلام ابن أبى الحديد فى أنّ الإمامة بعد النبىّ  ½ حقّ الإمام علىّ  ¼ وأنّه لو سلّ سيفه لحكمنا بهلاك كلّ من خالفه ; لأنّه قد ثبت عنه فى الأخبار الصحيحة أنه قال : "علىّ مع الحقّ ، والحقّ مع علىّ يدور حيثما دار ، وقال له غير مرّة : "حربك حربى وسلمك سلمى"(١) .


(١) شرح نهج البلاغة : ٢ / ٢٩٧ .