٦٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل
وفيه فصول : الفصل الأوّل : مواصفات الحرب الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين الفصل الثالث : تأهّب الناكثين للخروج علي الإمام الفصل الرابع : تأهّب الإمام لمواجهة الناكثين الفصل الخامس : استنصار الإمام من الكوفة الفصل السادس : احتلال البصرة الفصل السابع : من ذى قار إلي البصرة الفصل الثامن : جهود الإمام لمنع القتال الفصل التاسع : القتال الفصل العاشر : بعد الظفر ٧٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل
٧١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الأوّل : مواصفات الحرب
١ / ١ ذكر بعض المؤرّخين أنّ معركة الجمل وقعت فى جمادي الاُولي(١) عام (٣٦ هـ ) ، بينما أكّد بعض آخر أنّها وقعت فى جمادي الثانية(٢) من العام نفسه ، ولم تدُم أكثر من يوم واحد(٣) . (١) التاريخ الصغير : ١ / ١٢٠ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٦٠ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٤٨٥ ، اُسد الغابة : ٢ / ٣١٠ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٨٢ . ٧٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الأوّل : مواصفات الحرب / مكانها
وتاريخ الرسالتين اللتين بعثهما الإمام إلي أهالى المدينة والكوفة بعد انتهاء الحرب يؤيّد الرأى الأوّل . فقد جاء فى ختام هاتين الرسالتين : "و كتب عبيد الله بن أبى رافع فى جمادي الاُولي من سنة ستّ وثلاثين من الهجرة"(١) . النقطة الجديرة بالاهتمام فيما يخصّ تاريخ وقوع أوّل حرب داخليّة فى عهد حكومة الإمام ¼ هى أنّ هذه الحرب وقعت بعد خمسة أشهر فقط من مبايعة الناس إيّاه ، وأنّه بقى مشغولا بإخماد الفتن الداخليّة طوال عهد حكومته الذى استمرّ لأقلّ من خمس سنوات . وهذا يعنى أنّه لم تسنح له الفرصة للبناء ولتنفيذ سياساته وخططه . ولكنّه فى الوقت ذاته لم يفرّط بأيّة فرصة ، وقدّم فى عهد حكومته أفضل وأبدع أساليب الحكم، وخلّف أكبر رقم فى ميدان البناء والإعمار. ١ / ٢ البصرة : مدينة تقع فى أقصي الجنوب الشرقى للعراق قرب الحدود مع إيران والكويت . بُنيت البصرة مع الكوفة فى عهد الخليفة الثانى وبأمره . وكانت مركزاً عسكريّاً تنطلق منه الجيوش الإسلاميّة لدي فتحها بلاد الشرق(٢) . (١) الجمل : ٣٩٦ وص ٣٩٩ . ٧٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الأوّل : مواصفات الحرب / عدد المشاركين فيها
وعندما عزم الناكثون علي محاربة أمير المؤمنين ¼ ، صاروا يبحثون عن مدينة عسكريّة . ولم تكن هناك مدينة تحمل هذه الخصوصيّة غير البصرة والكوفة . ونظراً لطبيعة علاقة أهالى الكوفة بالإمام علىّ ¼ ، وتنفُّذ بعض رؤوس الناكثين بين أهالي البصرة ، فقد وقع اختيارهم علي البصرة . وقعت معركة الجمل فى الزابوقة(١) التى هى فى ضواحى البصرة ، أو فى الزاوية(٢) ; التى كانت واحدة من أحياء البصرة أو فى الخريبة(٣) . ١ / ٣ بلغ قوام الجيشين فى معركة الجمل خمسين ألفاً ، شكّل جيش الإمام أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ¼ عشرين ألفاً منهم(٤) ، وشكّل جيش الناكثين ثلاثين ألفاً(٥) . ومن اللافت للنظر فى جيش الإمام ¼ أنّ بين اُمرائه عدداً من وجوه الصحابة المعروفين بطهرهم ، وجلالتهم ، والتزامهم ، وتعبّدهم . (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٦٦ وص ٤٧٠ و٥٠٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٣٦ ، معجم البلدان : ٣ / ١٢٥ ، معجم ما استعجم : ٢ / ٦٩١ ، الفتوح : ٢ / ٤٦٣ . ٧٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الأوّل : مواصفات الحرب / قادة جيش الإمام
١ / ٤ قائد الخيّالة : عمّار بن ياسر(١) . قائد الرجّالة : محمّد بن أبى بكر(٢) . قائد الساقة : هند المرادى(٣) . قائد المقدّمة : عبد الله بن عبّاس(٤) . قائد الميمنة : الإمام الحسن ¼ (٥) . قائد الميسرة : الإمام الحسين ¼ (٦) . صاحب الراية : محمّد ابن الحنفيّة(٧) (٨) . (١) ٧٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الأوّل : مواصفات الحرب / قادة جيش الناكثين
١ / ٥ قائد الحرب : الزبير بن العوّام(١) . قائد الخيّالة : طلحة بن عبيد الله(٢) . قائد خيّالة الميمنة : مروان بن الحكم(٣) . قائد خيّالة الميسرة : هلال بن وكيع الدارمى(٤) . قائد الرجّالة : عبد الله بن الزبير(٥) . قائد رجّالة الميمنة : عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد(٦) . قائد رجّالة الميسرة : عبد الرحمن بن الحارث(٧) . (١) الإمامة والسياسة : ١ / ٨٩ ; الجمل : ٣٢٤ . ٧٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الأوّل : مواصفات الحرب / أكابر أصحاب الإمام
صاحب الراية : عبد الله بن حكيم(١) (٢) . ١ / ٦ شارك الكثير من أكابر أصحاب الرسول ½ فى معركة الجمل إلي جانب الإمام علىّ ¼ ، إلاّ أنّ الروايات تختلف فى ذكر عددهم ; فبعض المصادر يصرّح بأنّ عددهم كان ثمانون من أهل بدر ، وألف وخمسمائة من أصحاب رسول الله ½ . ويذكر آخر أنّ عدد المشاركين فى هذه المعركة من أصحاب الرسول كان ثمانمائة من الأنصار ، وأربعمائة ممّن شهدوا بيعة الرضوان . ومن بين الشخصيّات البارزة التى شاركت فى جيش الإمام علىّ ¼ يمكن الإشارة إلي كلّ من : أبى أيّوب الأنصارى ، أبى الهيثم بن التيّهان ، خزيمة بن ثابت ، عبد الله بن بديل ، عبد الله بن عبّاس ، عثمان بن حنيف ، عدىّ بن حاتم ، عمّار بن ياسر ، عمرو بن الحمق ، عمر بن أبى سلمة ، هاشم بن عتبة . وشخصيّات كبيرة اُخري مثل : اُويس القرنى ، جارية بن قدامة ، حجر بن عدىّ ، زيد بن صوحان ، سيحان بن صوحان ، صعصعة بن صوحان ، مالك الأشتر ، شريح بن هانى ، محمّد بن أبي (١) الجمل : ٣٢٤ ; تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٤٨٥ ، العقد الفريد : ٣ / ٣١٤ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٣٨ ، الأخبار الطوال : ١٤٦ وفيه "عبد الله بن حرام بن خويلد" . ٧٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الأوّل : مواصفات الحرب / أكابر أصحاب الإمام
بكر ، محمّد ابن الحنفيّة . وكان بين اُولئك الذين وقفوا إلي جانب الإمام ¼ شخصيّتان مؤثّرتان جدّاً : الاُولي : عمّار بن ياسر ، فبالنظر إلي اشتهار ما تنبّأ به الرسول ½ حول مصيره ، كان وجوده فى جيش الإمام علىّ ¼ كفيلا بعدم وقوف كلّ من يؤمن بالرسول ½ ضدّ جيش الإمام . ولهذا يُروي أنّ الزبير لمّا بلغه أنّ عمّاراً مع علىّ ¼ "ارتاب بما كان فيه" . والثانية : ابن اُمّ سلمة ، وكان وجوده دليلا علي تأييد زوجة رسول الله ½ لجبهة الإمام . وهذا التأييد وإن كان لا يرقي إلي مكانة عائشة الحسّاسة يوم الجمل ، ولكن كان له تأثير كبير فى أذهان عموم الناس . ٢٠٧٤ ـ الأمالى للطوسى عن عبد الرحمن بن أبى ليلي : شهد مع علىّ ¼ يوم الجمل ثمانون من أهل بدر ، وألف وخمسمائة من أصحاب رسول الله ½ (١) . ٢٠٧٥ ـ تاريخ الإسلام عن سعيد بن جبير : كان مع علىّ يوم وقعة الجمل ثمانمائة من الأنصار ، وأربعمائة ممّن شهد بيعة الرضوان(٢) . ٢٠٧٦ ـ الأخبار الطوال : إنّ الزبير لمّا علم أنّ عمّاراً مع علىّ ¢ ارتاب بما كان (١) الأمالى للطوسى : ٧٢٦ / ١٥٢٧ ، شرح الأخبار : ١ / ٤٠١ / ٣٥٠ ; مروج الذهب : ٢ / ٣٦٧ وفيه "أربعمائة من المهاجرين والأنصار منهم : سبعون بدريّاً وباقيهم من الصحابة" ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٤٨٤ عن السدّى وفيه "مائة وثلاثون بدريّاً وسبعمائة من أصحاب النبىّ ½ " . ٧٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الأوّل : مواصفات الحرب / وجوه أصحاب الجمل
فيه ; لقول رسول الله ½ : "الحقّ مع عمّار" ، و"تقتلك الفئة الباغية"(١) . ٢٠٧٧ ـ تاريخ الطبرى عن عبد الرحمن بن أبى عمرة : قامت اُمّ سلمة فقالت : يا أمير المؤمنين لولا أن أعصى الله عزّ وجلّ وأنّك لا تقبله منّى لخرجت معك ، وهذا ابنى عمر ـ والله ، لهو أعزّ علىَّ من نفسى ـ يخرج معك فيشهد مشاهدك . فخرج فلم يزل معه(٢) . ١ / ٧ كان وجوه أصحاب الجمل من أصحاب الرسول ½ والمقرّبين إليه ، وكان فى جيشهم أيضاً أشراف وأكابر آخرون . فقد كان فيهم عائشة وطلحة والزبير ومروان بن الحكم وعبد الله بن عامر وكعب بن سور ، وغيرهم ممّن كانوا يؤيّدون عثمان أو لا يطيقون تحمّل عدالة الإمام ¼ . وقد كان حضور أشخاص كطلحة والزبير وعائشة فى المعركة باعثاً علي وقوع غير ذوى البصيرة ـ ممّن ينظرون إلي الحقّ من خلال الشخصيّات البارزة ـ فى الشك والحيرة ، أو الانضمام إلي جيش أصحاب الجمل . ولأجل تنوير عقول أمثال هؤلاء الناس قال أمير المؤمنين ¼ قولته المشهورة : "إنّ الحقّ لا يُعرف بالرجال ; اِعرف الحقّ تعرف أهله" . (١) الأخبار الطوال : ١٤٧ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٣٥ وص ٣٣٧ ، نهاية الأرب : ٢٠ / ٦٨ ، البداية والنهاية : ٧ / ٢٤٠ وفيها "كفّ الزبير عن قتال عمّار لقوله ½ " وراجع تاريخ الطبرى : ٤ / ٥١٠ . إرجاعات
١٤٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الاُولى : وقعة الجمل / الفصل الرابع : تأهّب الإمام لمواجهة الناكثين / كتاب الإمام إلى والي البصرة
٧٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الأوّل : مواصفات الحرب / عدد القتلي فيها
١ / ٨ قُتل فى معركة الجمل من جيش الإمام علىّ ¼ خمسة آلاف(١) . وتُجمع النصوص التاريخيّة كلّها علي هذا العدد بدون أدني اختلاف . ولكن هناك اختلاف كبير بين هذه النصوص حول عدد قتلي جيش الجمل بحيث لا يمكن التعويل كثيراً علي أىّ منها . فقد ذكرت بعض الأخبار التاريخيّة أنّ عدد من قُتل منهم عشرون ألفاً(٢) ، بينما جاء فى أخبار اُخري أنّه قُتل منهم ثلاثة عشر ألفاً(٣) ، وعلي خبر آخر عشرة آلاف(٤) ، أو خمسة آلاف(٥) . وجاء فى نقل سيف بن عمر أنّه قُتل منهم خمسة آلاف ، وهو ـ فى العادة ـ ينقل الأخبار الكاذبة ، أو يختلقها من عنده . وما ذُكر من أنّ عدد قتلي أصحاب الجمل كان عشرة آلاف ، وإن لم يأتِ فى مصادر تاريخيّة كثيرة ، إلاّ أنّ نبوءة الإمام علىّ ¼ فى عدد قتلاهم تؤيّد هذا المعني . فقد قال لمّا بلغه خروج عائشة : (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٣٩ ، العقد الفريد : ٣ / ٣٢٤ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٤٦ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٦٠ ، البداية والنهاية : ٧ / ٢٤٥ . ٨٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الأوّل : مواصفات الحرب / عدد القتلي فيها
"و قد ـ والله ـ علمتُ أنّها الراكبة الجمل لا تحلّ عقدةً ولا تسير عقبةً ولا تنزل منزلا إلاّ إلي معصية ; حتي تُورد نفسها ومن معها مورداً يُقتل ثلثهم ، ويهرب ثلثهم ، ويرجع ثلثهم(١) . وبما أنّ عدد أصحاب الجمل كان ثلاثين ألفاً(٢) فيجب أن يكون عدد قتلاهم عشرة آلاف . وذكر الشيخ المفيد فى كتاب الجمل أنّ مجموع القتلي بلغ خمسةً وعشرين ألفاً ، فإذا نقص منها خمسة آلاف ممّن قتلوا فى جيش الإمام يبقي العدد عشرون ألفاً ، وهذا يؤيّد النصّ الوارد فى أنّ عدد من قُتل منهم عشرون ألفاً . وواصل الشيخ المفيد يقول : وروي عبد الله بن الزبير رواية شاذّة أنّهم كانوا خمسة عشر ألفاً . قيل : ويوشك أن يكون قول ابن الزبير أثبت . ولكنّ القول بذلك باطل ; لبعده عن جميع ما قاله أهل العلم به(٣) . وكلام اُمّ أفعي مع عائشة ـ الذى ورد فى عيون الأخبار ـ يؤيّد صحّة هذا القول . علي أنّه ذكرت بعض المصادر أنّ مجموع قتلي الفريقين كان ثلاثين ألفاً(٤) ، فيما ذكرت اُخري أنّه كان عشرين ألفاً(٥) . ٢٠٧٨ ـ عيون الأخبار : دخلت اُمّ أفعي العبديّة علي عائشة [بعد وقعة الجمل ] (١) الإرشاد : ١ / ٢٤٦ . ٨١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الأوّل : مواصفات الحرب / عدد القتلي فيها
فقالت : يا اُمّ المؤمنين ، ما تقولين فى امرأة قتلت ابناً لها صغيراً ؟ قالت : وَجَبَتْ لها النار . قالت : فما تقولين فى امرأة قتلت من أولادها الأكابر عشرين ألفاً ؟ قالت : خذوا بيد عدوّة الله(١) . ٨٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الأوّل : مواصفات الحرب / عدد القتلي فيها
٨٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين
تُعدّ معركة الجمل من الحوادث الجديرة بالتأمّل فى التاريخ الإسلامىّ ; وإنّ فى التعرّف علي دوافع مسعّريها وأهدافهم تذكيراً للمرء وتنبيهاً له لمعرفة رجاله الذين يقتدى بهم ويسير علي نهجهم . إنّنا نلحظ فى النصوص التاريخيّة التى تحدّثت عن تنظيم القوّات وأهدافها وبواعثها نقاطاً تثير التأمّل . منها : الأهواء ، والنزعات الدنيويّة ، واستغلال بعض الوجهاء لتحفيز عامّة الناس . ومنها : ممارسات مكتنزى الثروات ، وطلاّب السلطة ، ومَنْ وجد حياته المترفة مهدّدة بالخطر . النقطة الاُخري التى ينبغى ألاّ ننساها هى كيفيّة مواجهة أشخاص من الصحابة عليّاً ¼ ، فى حين أنّهم كانوا يدّعون الإسلام والسبق إليه ! ومن جانب آخر ، وجاهة عامّة الأشخاص الذين كان موقفهم فى معركة الجمل يتعارض تماماً مع موقفهم فى زمان عثمان . وننقل فيما يأتى بإيجاز نصوصاً تتحدّث عن حياة الذين أوقدوا تلك الحرب ، ٨٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / خصائصهم
وندعوا القرّاء إلي التأمّل فيها . ٢ / ١ ٢٠٧٩ ـ العقد الفريد : كان علىّ بن أبى طالب يقول : "بُليت بأنَضّ الناس ، وأنطق الناس ، وأطوع الناس فى الناس" . يريد بأنضّ الناس : يَعلي بن مُنْيَة ; وكان أكثر الناس ناضّاً(١) ، ويريد بأنطق الناس : طلحة بن عبيد الله ، وأطوع الناس فى الناس عائشة اُمّ المؤمنين(٢) . ٢٠٨٠ ـ الإمام علىّ ¼ : إنّى بُليت بأربعة : أدهي الناس وأسخاهم ; طلحة ، وأشجع الناس ; الزبير ، وأطوع الناس فى الناس ; عائشة ، وأسرع الناس إلي فتنة ; يَعلي بن اُميّة(٣) . ٢٠٨١ ـ عنه ¼ : والله ، لقد مُنيت بأربع لم يُمنَ بمثلهنّ أحد بعد النبىّ ½ : مُنيت بأشجع الناس ; الزبير بن العوّام ، وبأخدع الناس ; طلحة بن عبيد الله ، وبأطوع الناس فى الناس ; عائشة بنت أبى بكر ، وبمن أعان علىَّ بأنواع الدنانير يعلي بن مُنْية(٤) . ٢٠٨٢ ـ عنه ¼ : إنّى مُنيت بأربعة ما مُنى أحد بمثلهنّ : مُنيت بأطوع الناس فى (١) الناضّ : هو ما كان ذهباً أو فضّة ، عيناً وورِقاً . وقد نَضَّ المالُ ينِضّ إذا تحوّل نقداً بعد أن كان متاعاً (النهاية : ٥ / ٧٢) . ٨٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / عائشة
الناس ; عائشة بنت أبى بكر ، وبأشجع الناس ; الزبير بن العوّام ، وبأخصم الناس ; طلحة بن عبيد الله ، وبأكثر الناس مالاً ; يَعلي بن مُنْية التميمى ; أعان علىَّ بأصواع الدنانير(١) . ٢٠٨٣ ـ عنه ¼ : حاربنى خمسة : حاربنى أطوع الناس فى الناس ; عائشة ، وأشجع الناس ; الزبير ، وأمكر الناس ; طلحة بن عبيد الله ; لم يدركه ماكر قطّ ، وحاربنى أعبد الناس ; محمّد بن طلحة بن عبيد الله ; كان محموداً حتي استزلّه أبوه ; فخرج به ، وحاربنى أعطي الناس ; يعلي بن منية ; كان يعطى الرجل الواحد الثلاثين ديناراً والسلاح والفرس علي أن يقاتلنى(٢) . ٢٠٨٤ ـ عنه ¼ : مُنيت ـ أو بُليت ـ بأطوع الناس فى الناس ; عائشة ، وبأدهي الناس ; طلحة ، وبأشجع الناس ; الزبير ، وبأكثر الناس مالاً ; يعلي بن منية ، وبأجود قريش ; عبد الله بن عامر(٣) . ٢ / ٢ هى عائشة بنت أبى بكر ، وزوج النبىّ الأعظم ½ (٤) . (١) المسترشد : ٤١٩ / ١٤١ عن شريح بن هانئ ، كشف المحجّة : ٢٥٤ نحوه وراجع فتح البارى : ١٣ / ٥٥ . ٨٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / عائشة
توفّى عنها النبىّ ولها من العمر ثمانى عشرة سنةً(١) . حظيت باحترام بالغ فى عهد أبى بكر وعمر ، بَيْدَ أنّ عثمان قلّل من شأنها ومن احترامها ; فبرز الخلاف بينهما(٢) إلي درجة أنّها كانت تحرّض الناس علي قتله بقولها : اقتلوا نعثلاً فقد كفر(٣) ! وحين حاصر الثوّار عثمان ذهبت إلي مكّة ، وظلّت فيها إلي أن قُتِل(٤) . وعندما قُتل عثمان ، كانت تتطلّع إلي خلافة طلحة(٥) والزبير(٦) . ولمّا تناهي إلي سمعها استخلاف أمير المؤمنين ¼ رجعت من منتصف الطريق إلي مكّة ، ونادت بظُلامة عثمان مطالبة بثأره(٧) . وعلي الرغم من أنّ موقفها من قتل عثمان كان واضحاً للناس ; ومنهم من كان يذكّرها به ، بَيْدَ أنّهم كانوا يحترمونها ويسمعون كلامها ; إجلالاً لرسول الله ½ ، ولاُمومتها المؤمنين . (١) تهذيب الكمال : ٣٥ / ٢٣٦ / ٧٨٨٥ ، الاستيعاب : ٤ / ٤٣٦ / ٣٤٦٣ ، اُسد الغابة : ٧/١٨٩/٧٠٩٣ ، الإصابة : ٨ / ٢٣٢ / ١١٤٦١ ، البداية والنهاية : ٨ / ٩٤ . ٨٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / عائشة
كانت عالمة خطيبة وأديبة(١) ; وملمّة إلماماً تامّاً بسجايا العرب ، وتعرف مواطن ضعفهم ، لذا كانت قادرة علي تحريضهم(٢) . وكان طلحة والزبير يعلمان أنّ الطريق الوحيد للنصر وتسلّم الخلافة هو تعبئة الناس بواسطة عائشة ; فلم يضيّعا هذه الفرصة . كانت عائشة تجاهر بعدائها للإمام أمير المؤمنين ¼ ، وتذكر أنّ بينها وبينه ما يكون بين المرأة وبين أحمائها(٣) . ولولا وجاهتها لما استطاع طلحة والزبير تعبئة الناس للحرب . وكانت فارسة الحلبة بعد مقتل طلحة والزبير(٤) . مع هذا كلّه ، أرجعها الإمام ¼ إلي المدينة باحترام تامّ(٥) . واصلت عداءها للإمام ¼ علي الرغم من إصحارها بالندم مراراً علي ما فرّطت فى جنبه يوم الجمل(٦) . أظهرت سرورها بعد استشهاد أمير المؤمنين ¼ (٧) ، وسجدت لذلك شكراً(٨) ! (١) سنن الترمذى : ٥/٧٠٥/٣٨٨٤ ، تهذيب الكمال : ٣٥/٢٣٤/٧٨٨٥ ، الاستيعاب : ٤/٤٣٧/٣٤٦٣ ، البداية والنهاية : ٨ / ٩٢ . ٨٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / طلحة بن عبيد الله
وحالت دون دفن الإمام الحسن ¼ عند جدّه رسول الله ½ (١) . ماتت سنة سبع وخمسين أو ثمان وخمسين من الهجرة(٢) . ٢ / ٣ أحد السابقين إلي الإسلام(٣) ، ومن كبار الصحابة . آخي الزبيرَ قبل الهجرة(٤) . كان تاجراً ، وعندما وقعت معركة بدر كان قد ذهب فى تجارة إلي الشام(٥) . أثني عليه أهل السُّنّة ، وعَدُّوه من العشرة المبشَّرة(٦) . كان الخلفاء يحترمونه بعد وفاة النبىّ ½ . اختاره عمر فى الشوري السداسيّة ، لكنّه اعتزل لمصلحة عثمان(٧) . كان فى غاية الدهاء والسياسة(٨) . حصل علي ثروة طائلة فى عصر عثمان ; بسبب الأموال التى كان قد أعطاها إيّاه بلا حساب(٩). (١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٢٥ ; أنساب الأشراف : ٣ / ٢٩٨ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٢٧٦ / ٤٧ ، تاريخ دمشق : ١٣ / ٢٩٣ . ٨٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / طلحة بن عبيد الله
وَهَبه عثمان مرّةً دَيْناً كان عليه بلغ خمسين ألف درهم ، وقال له : معونةً علي مروءتك(١) ! ! كان من ملاّكى الأرض الكبار ، حتي كان يُغِلّ بالعراق ما بين أربعمائة ألف إلي خمسمائة ألف ، ويُغلّ بالسَّراة(٢) عشرة آلاف دينار(٣) . خلّف بعد موته ثروةً قدِّرت بثلاثين مليون درهم(٤) . لم يُولِّه عثمان علي مصر من الأمصار مع أنّه كان يعظّمه ، ويعود ذلك إلي أنّه كان يهتمّ كثيراً بأقاربه وبِطانته ، ومن هنا توتّرت العلاقة بينهما(٥) ، كما أعرض عثمان أيضاً عن أهمّ سند له فى الماضى وهو عبد الرحمن بن عوف(٦) . كان طلحة يطمح إلي الخلافة(٧) ; فكتب إلي البصرة ، والكوفة ، وغيرهما من الأمصار محرّضاً أهلها علي قتل عثمان(٨) . وكان بيت المال بيده فى جريان قتل عثمان(٩) ، بَيْدَ أنّه لم يستطع أن يطالب بالخلافة ; لاتّهامه بالمشاركة فى قتله ; فبايع أميرَ المؤمنين ¼ ، والعجيب أنّه أوّل شخص يبايع . (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٠٥ ، تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٠٤ . ٩٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / طلحة بن عبيد الله
لم يظفر طلحة بالخلافة ، ويضاف إلي ذلك أنّه حُرِمَ من الامتيازات التى كانت له فى عهد عثمان . ممّا حدا به إلي إعلان معارضته للإمام أمير المؤمنين ¼ ، فأوقد نار الحرب مع الزبير ، وعائشة ، وغيرهما . وكان يقول : إنّا داهَنّا فى أمر عثمان ، فلا نجد اليوم شيئاً أمثل من أن نبذل دماءنا فيه(١) ! ! ! قُتل طلحة فى معركة الجمل سنة ٣٦ هـ ، بسهم رماه به مروان بن الحكم مِن خلفه(٢) . ٢٠٨٥ ـ الطبقات الكبري عن محمّد بن إبراهيم : كان طلحة بن عبيد الله يغلّ بالعراق ما بين أربعمائة ألف إلي خمسمائة ألف ، ويغلّ بالسراة عشرة آلاف دينار أو أقلّ أو أكثر(٣) . ٢٠٨٦ ـ الطبقات الكبري عن إسحاق بن يحيي عن موسي بن طلحة : أنّ معاوية سأله : كم ترك أبو محمّد ـ يرحمه الله ـ من العين ؟ قال : ترك ألفى ألف درهم ومائتى ألف درهم ، ومائتى ألف دينار ، وكان ماله قد اغتيل . كان يغلّ كلّ سنة من العراق مائة ألف سوي غلاّته من السراة وغيرها ، ولقد كان يُدْخِل قُوتَ أهله بالمدينة سَنَتَهم من مزرعة بقناة كان يزرع علي (١) الطبقات الكبري : ٣ / ٢٢٢ ، تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٧٦ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٣٥ / ٢ ، تاريخ المدينة : ٤ / ١١٦٩ ، الاستيعاب : ٢ / ٣١٨ / ١٢٨٩ ، تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٠٩ . ٩١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / طلحة بن عبيد الله
عشرين ناضحاً ، وأوّل من زرع القمح بقناة هو . فقال معاوية : عاش حميداً سخيّاً شريفاً ، وقتل فقيراً ، رحمه الله !(١) ٢٠٨٧ ـ الطبقات الكبري عن إبراهيم بن محمّد بن طلحة : كانت قيمة ما ترك طلحة بن عبيد الله من العقار والأموال وما ترك من الناضّ ثلاثين ألف ألف درهم ، ترك من العين ألفَى ألف ومائتى ألف درهم ، ومائتى ألف دينار ، والباقى عُروض(٢) (٣) . ٢٠٨٨ ـ مروج الذهب ـ فى ذكر أحوال طلحة بن عبيد الله فى خلافة عثمان ـ : ابتني داره بالكوفة ، المشهورة به هذا الوقت ، المعروفة ـ بالكناسة ـ بدار الطلحيّين ، وكان غلّته من العراق كلّ يوم ألف دينار ، وقيل أكثر من ذلك ، وبناحية الشراة(٤) أكثر ممّا ذكرنا ، وشيّد داره بالمدينة وبناها بالآجُرّ والجصّ والساج(٥) . ٢٠٨٩ ـ تاريخ الطبرى عن موسي بن طلحة : كان لعثمان علي طلحة خمسون ألفاً ، فخرج عثمان يوماً إلي المسجد ، فقال له طلحة : قد تهيّأ مالك فاقبضه . قال : هو لك يا أبا محمّد ! معونة لك علي مروءتك(٦) . (١) الطبقات الكبري : ٣ / ٢٢٢ ، تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٠٣ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٣٣ / ٢ نحوه . إرجاعات
١٤٨ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام عليّ بعد النبيّ / الفصل الرابع : مبادئ الثورة على عثمان / جعل المال دولة بين الأغنياء / ما أعطى ابن شريكه في الجاهليّة
٢١٢ - المجلد الثالث / القسم الرابع : الإمام عليّ بعد النبيّ / الفصل الخامس : الثورة على عثمان / الدعوة إلى الخروج / تحريض طلحة
٩٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / الزبير بن العوّام
٢ / ٤ هو ابن عمّة النبىّ ½ وأمير المؤمنين علىّ ¼ ، وهو رابع من أسلم ، أو خامسهم(١) ، وكان من الصحابة الشجعان(٢) المشهورين ، وشهد مشاهد النبىّ ½ كلّها(٣) ، وجُرح عدّة مرّات ، عدّه أهل السنّة أحد العشرة المبشّرة بالجنّة(٤) . امتنع من بيعة أبى بكر ، وكان من خاصّة أمير المؤمنين ¼ ، وأصحابه الاُوَل(٥) ، قيل : إنّه حضر دفن السيّدة فاطمة الزهراء £ (٦) ، ممّا يدلّ علي قربه من الإمام أمير المؤمنين ¼ . كان أحد الستّة الذين رشّحهم عمر للشوري ، واعتزل نصرةً للإمام علىّ ¼ (٧) . وكان صهر أبى بكر(٨) ، بيد أنّه أمضي سنوات من عمره إلي جانب أمير المؤمنين ¼ . وقال ¼ فيه : ما زال الزبير رجلاً منّا أهلَ البيت حتي نشأ ابنه المشؤوم عبد الله(٩) . وهذا يدلّ علي أنّ عبد الله بن الزبير كان مثيراً للفتنة ، وهو ما (١) اُسد الغابة : ٢ / ٣٠٧ / ١٧٣٢ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ١ / ٢٦٧ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ١٤٤ . ٩٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / الزبير بن العوّام
سنشير إليه لاحقاً . كَنَز الزبير ثروة طائلة فى عهد عثمان(١) ، بلغت عند موته خمسين ألف دينار ، وألف فرس ، وألف عبد وأمَة(٢) . لكنّه لم يتولَّ منصباً . وكان يساعد الثوّار الذين نهضوا ضدّ عثمان(٣) ، بل طالب بقتله ; علّه يتقلّد أمر الخلافة . وبايع عليّاً ¼ بعد قتل عثمان(٤) ، ولكنّه لمّا حُرم من الإمارة ، ومن الامتيازات التى كانت له فى عصر عثمان ، رفع لواء المعارضة بوجه أمير المؤمنين ¼ (٥) يحرّضه علي ذلك ولدُه عبد الله . توجّه إلي مكّة مع طلحة متظاهرَين أنّهما يريدان العمرة(٦) ، وهناك نسّقا مع عائشة وغيرها ، ثمّ اتّفقوا علي إشعال فتيل "الجمل" ، واعتزل الزبير الحرب بعد كلام أمير المؤمنين ¼ معه ، لكنّه اغتيل علي يد ابن جرموز(٧) . ٢٠٩٠ ـ مروج الذهب ـ فى ذكر أحوال الزبير بن العوّام فى خلافة عثمان ـ : بني داره بالبصرة ; وهى المعروفة فى هذا الوقت ـ وهو سنة اثنتين وثلاثين (١) الطبقات الكبري : ٣ / ١٠٧ . ٩٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / عبد الله بن الزبير
وثلاثمائة ـ تنزلها التجّار وأرباب الأموال وأصحاب الجهاز من البحريّين(١) وغيرهم ، وابتني أيضاً دوراً بمصر والكوفة والإسكندريّة ، وما ذكرنا من دوره وضياعه فمعلوم غير مجهول إلي هذه الغاية . وبلغ مال الزبير بعد وفاته خمسين ألف دينار ، وخلّف الزبير ألف فرس ، وألف عبد وأمة ، وخِطَطاً(٢) بحيث ذكرنا من الأمصار(٣) . ٢٠٩١ ـ الطبقات الكبري : كان للزبير أربع نسوة ، ورُبِّع الثُّمن ، فأصاب كلّ امرأة ألفُ ألف ومائة ألف . قال : فجميع ماله خمسة وثلاثون ألفَ ألف ومائتا ألف(٤) . ٢ / ٥ ولد فى السنة الاُولي من الهجرة بالمدينة ، وهو أوّل مولود من أولاد المهاجرين(٥) . وكان حفيد أبى بكر(٦) . وله دور مهمّ فى انحراف أبيه ، وإيقاد حرب الجمل . (١) فى نسخة : "و أصحاب الجهات من البحرين" (هامش المصدر) . ٩٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / عبد الله بن الزبير
وقال فيه أمير المؤمنين علىّ ¼ : ما زال الزبير رجلاً منّا أهلَ البيت حتي نشأ ابنه المشؤوم عبد الله(١) . وبذل قصاري جهده فى تولية أبيه الخلافة بعد مقتل عثمان ، إلاّ أنّه لم يُفلح فى ذلك ، وكان حلقة الوصل بين عائشة من جهة ، والزبير وطلحة من جهة اُخري(٢) . وعندما عزم الزبير علي اعتزال القتال حاول أن يُثنيه عمّا هو بسبيله مستخدماً ضروب الحيل الأخلاقيّة والعاطفيّة(٣) . ولمّا لم يبق أحد حول جمل عائشة ، أخذ بزمامه ، وجُرح جرحاً بليغاً فى اصطراعه مع مالك الأشتر . وكان يرغب فى قتل مالك حتي لو كلّفه ذلك نفسَه ، لذا كان يقول وهما مصطرعان :
عفا عنه الإمام أمير المؤمنين ¼ بعد الحرب ، بطلب من عائشة(٥) . وكان مغروراً منبوذاً حتي أنّ معاوية لم يحترمه ولم يُبالِ به(٦) . (١) نهج البلاغة : الحكمة ٤٥٣ ; العقد الفريد : ٣ / ٣١٤ ، الاستيعاب : ٣ / ٤٠ / ١٥٥٣ ، اُسد الغابة : ٣ / ٢٤٤ / ٢٩٤٩ ، شرح نهج البلاغة : ٢ / ١٦٧ . ٩٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / عبد الله بن الزبير
ولم يبايع يزيدَ بعد هلاك معاوية . وتوطّن مكّة حفظاً لنفسه(١) ثمّ تسلّط عليها فهاجمها جيش يزيد لدحره ، واحترقت الكعبة ، ودُمّرت فى ذلك الهجوم(٢) . لكنّ عبد الله نجا عندما بلغ مكّة خبرُ هلاك يزيد(٣) . ثمّ ادّعي الخلافة سنة ٦٤ هـ(٤) ، واستولي علي الحجاز واليمن والعراق وخراسان(٥) . وطلب البيعة من عبد الله بن عبّاس ، ومحمّد ابن الحنفيّة ، فلم يستجيبا له ، فعزم علي إحراقهما ، بَيْدَ أنّهما نجَوَا بعد حملة المختار(٦) . قُتل ابن الزبير ، ثمّ صُلب فى عهد عبد الملك بن مروان سنة ٧٣ هـ ، بعدما أغار الحجّاج علي مكّة والمسجد الحرام(٧) . (١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٤٠ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٥٣٠ ، تاريخ الإسلام للذهبى : ٤ / ١٦٩ و١٧٠ ، العقد الفريد : ٣ / ٣٦٣ ، تاريخ دمشق : ٢٨ / ٢٠٣ وص ٢٠٩ ، البداية والنهاية : ٨ / ١٤٧ . ٩٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / عبد الله بن الزبير
٢٠٩٢ ـ شرح نهج البلاغة : ومن المنحرفين عنه [علىٍّ ¼ ] المبغضين له : عبد الله ابن الزبير . . . كان علىّ ¼ يقول : "ما زال الزبير منّا أهلَ البيت حتي نشأ ابنه عبد الله ، فأفسده" . وعبد الله هو الذى حمل الزبير علي الحرب ، وهو الذى زيّن لعائشة مسيرها إلي البصرة ، وكان سبّاباً فاحشاً ، يبغض بنى هاشم ، ويلعن ويسبّ علىّ بن أبى طالب ¼ (١) . ٢٠٩٣ ـ مروج الذهب عن مساور بن السائب : أنّ ابن الزبير خطب أربعين يوماً لا يصلّى علي النبىّ ½ ، وقال : لا يمنعنى أن اُصلّى عليه إلاّ أن تشمخ رجالٌ بآنافها(٢) . قال ابن أبى الحديد بعد ذكره لهذا الخبر : وفى رواية محمّد بن حبيب وأبى عبيدة معمّر بن المثنّي : إنّ له اُهيل سوء يُنْغِضون(٣) رؤوسهم عند ذكره(٤) . ٢٠٩٤ ـ مقاتل الطالبيّين ـ فى ذكر عبد الله بن الزبير ـ : هو الذى بقى أربعين جمعة لا يصلّى علي النبىّ ½ فى خطبته حتي التاث(٥) عليه الناس ، فقال : إنّ له أهل بيت سوء إذا صلّيت عليه أو ذكرته أتلعوا أعناقهم ، واشرأبّوا لذكره ، وفرحوا بذلك ، فلا اُحبّ أن أقرّ عينهم بذكره(٦) . (١) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٧٩ . ٩٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / مروان بن الحكم
٢ / ٦ كان مروان بن الحكم شخصاً مشبوهاً ، ورجلا انتهازيّاً يميل إلي اثارة الفتن والاضطرابات ، ويمثّل تجسيداً للشخص المرسوس فى أوساط حركة لا ينسجم مع مسارها ولا يعتقد بقيمها ولا يتماشي مع مُثُلها . وأمثال هؤلاء الأشخاص يُلحقون أضراراً فادحة بالتيّار الفكرى أو السياسى الذي ينتمون إليه . إنّ التأثير العميق الذى كان لمروان علي عثمان من جهة ، والرغبة الجامحة فى إيجاد حكومة مجرّدة من القيم من جهة اُخري ، فضلا عن عدم اعتقاده بالثقافة الإسلاميّة ، جعل له دوراً مهمّاً فى التطوّرات التى عصفت بالمجتمع الإسلامى آنذاك . لقد كان له دور جدير بالتأمّل فى تأجيج نار الغضب من جديد فى نفوس الثائرين علي عثمان ، وتعجيل اضطرام المناحرات حول دار الخلافة . والمترجَم له هو ابن عمّ عثمان . وُلدَ فى مكّة أو فى الطائف ، ولكن لمّا كان النبىّ ½ قد نفي أباه الحكم بن أبى العاص إلي الطائف ، فقد ذهب معه إليها ; لذلك لم يَرَ رسول الله ½ (١) . وسبب نفى الحَكَم إلي الطائف هو نظره فى داخل بيت النبىّ ½ ، أو استهزاؤه بعمله وسيرته ½ (٢) . (١) اُسد الغابة : ٥ / ١٣٩ / ٤٨٤٨ . ٩٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / مروان بن الحكم
لَعَنه رسول الله ½ وقال : ويل لاُمّتى ممّا فى صلب هذا(١) . وعندما تقلّد عثمان أمر الخلافة ، أعاد عمّه وابن عمّه إلي المدينة ، وبالغ فى إكرامهما(٢) وأغدق عليهما الأموال(٣) وفسح المجال لمروان أن يتدخّل فى شؤون الخلافة ; فأصبح كاتبه ، بل منظّر حكومته حقّاً . لا ريب أنّ ركون عثمان إلي مروان ، وطاعته طاعةً مطلقة كان لها دور مهمّ فى قتله(٤) . وكان مروان غِرّاً لا حظّ له من آداب الإسلام فى المعاشرة ; لأنّه كان يعيش خارج المدينة منذ طفولته بوصفه طريدَ رسول الله ½ . وجُرح أثناء دفاعه عن عثمان(٥) ، وضرب علي قفاه فقُطع أحد علباويه ، فعاش بعد ذلك أوقص(٦) ، وكان يلقّب "خيط باطل" لدقّة عنقه(٧) ثمّ فرّ بعد مقتل عثمان إلي مكّة ، ولحق بالمتمرّدين ; أى أصحاب الجمل(٨) . (١) اُسد الغابة : ٢ / ٤٩ / ١٢١٧ وج ٥ / ١٣٩ / ٤٨٤٨ ، الاستيعاب : ٣ / ٤٤٤ / ٢٣٩٩ وفيهما "و نظر إليه علىّ يوماً فقال : ويلك ، وويل اُمّة محمّد منك ومن بنيك !" . ١٠٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / مروان بن الحكم
وكان علي الميمنة فى حرب الجمل(١) ، وله فيها دور ماكر . وقَتل فى مَعْمعتها طلحةَ ; لأنّه كان يحسبهُ قاتلَ عثمان(٢) ، وجُرح فى الحرب(٣) ، بيد أنّ الإمام ¼ عفا عنه(٤) ، ثمّ التحق بمعاوية(٥) ، واشترك معه فى حرب صفّين(٦) . تولّي حكم المدينة سنة ٤٢ هـ(٧) ، وهو الذى حال دون دفن الإمام الحسن ¼ عند جدّه المصطفي ½ (٨) . تأمّر مروان علي المسلمين بعد يزيد بن معاوية ، لكنّه لم يحكم أكثر من تسعة أو عشرة أشهر(٩) ، فتحقّق فيه كلام الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه ; إذ كان قد شبّه قِصَرَ إمارته بـ " لَعْقَة الكَلْبِ أنفَه"(١٠) ، ثمّ تسلّط أبناؤه من بعده ، فتأسّس الكيان المروانىّ الذى كان له دور خبيث سيّئ فى تشويه المعارف الإسلاميّة (١) راجع : هويّة رؤساء الناكثين / مروان بن الحكم . ١٠١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / مروان بن الحكم
ودمار المجتمع الإسلامىّ . هلك مروان سنة ٦٥ هـ(١) . ٢٠٩٥ ـ المعجم الكبير عن ثوبان : إنّ رسول الله قال : اُريت بنى مروان يتعاورون(٢) منبرى ، فساءنى ذلك(٣) . ٢٠٩٦ ـ المستدرك علي الصحيحين عن أبى هريرة : إنّ رسول الله ½ قال : "إنّى اُريت فى منامى كأنّ بنى الحكم بن أبى العاص يَنْزون(٤) علي منبرى كما تنزو القردة" . قال : فما رؤى النبىّ ½ مستجمعاً ضاحكاً حتي توفّى(٥) . ٢٠٩٧ ـ المعجم الكبير عن أبى قبيل : إنّ ابن موهب أخبره أنّه كان عند معاوية بن أبى سفيان ، فدخل عليه مروان ، فكلّمه فى حوائجه ، فقال : اقضِ حاجتى يا أمير المؤمنين ، فوَ الله إنّ مؤنتى لعظيمة ، إنّى أصبحت أبا عشرة ، وأخا عشرة ، وعمّ عشرة ، فلمّا أدبر مروان وابن عبّاس جالس مع معاوية علي سريره ، فقال معاوية : أنشدك الله يابن عبّاس ، أ ما تعلم أنّ رسول الله ½ قال : "إذا بلغ بنو الحكم ثلاثين رجلاً اتّخَذوا مال الله بينهم دُوَلاً ، وعباده خَوَلاً ، وكتابه دَغَلاً(٦) ، فإذا بلغوا (١) الطبقات الكبري : ٥ / ٤٣ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٦١٠ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٦٤٦ ، مروج الذهب : ٣ / ٩٧ ، الاستيعاب : ٣ / ٤٤٥ / ٢٣٩٩ . ١٠٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / عبد الله بن عامر
تسعة وتسعين وأربعمائة كان هلاكهم أسرع من الثمرة" ؟ قال ابن عبّاس : اللهمّ نعم . . . قال معاوية : أنشدك الله يابن عبّاس ، أ ما تعلم أنّ رسول الله ½ ذكر هذا ، فقال : أبو الجبابرة الأربعة ؟ قال ابن عبّاس : اللهمّ نعم(١) . ٢٠٩٨ ـ نهج البلاغة : قالوا : اُخذ مروان بن الحكم أسيراً يوم الجمل ، فاستشفع الحسن والحسين ¤ إلي أمير المؤمنين ¼ ، فكلّماه فيه ، فخلّي سبيله ، فقالا له : يبايعك يا أمير المؤمنين؟ فقال ¼ : أ وَلم يبايعنى بعد قتل عثمان ؟ لا حاجة لى فى بيعته! إنّها كفّ يهوديّة، لو بايعنى بكفّه لغدر بسُبَّته(٢)، أما إنّ له إمرةً كَلَعقةِ الكلبِ أنفَه ، وهو أبو الأكبُش الأربعة ، وستلقي الاُمّة منه ومن ولده يوماً أحمر !(٣) ٢ / ٧ عبد الله بن عامر بن كُرَيْز ، ابن خال عثمان(٤) ، عيّنةٌ ماثلة من الذين تمرّغوا فى (١) المعجم الكبير : ١٢ / ١٨٢ / ١٢٩٨٢ وج ١٩ / ٣٨٢ / ٨٩٧ ، مقتل الحسين للخوارزمى : ١ / ١٧٣ ; العمدة : ٤٧٢ / ٩٩٤ ، بحار الأنوار : ١٨ / ١٢٦ . ١٠٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / عبد الله بن عامر
الرفاه ، فانْبَرَوا للقيم الإنسانيّة مُشاكِسين لها ومُخاصمين . ولاّه عثمان علي البصرة وهو ابن أربع وعشرين أو خمس وعشرين سنة(١) ، كما كان يلى بلاد فارس أيضاً(٢) . عزله أمير المؤمنين ¼ بعد مقتل عثمان ، فَنَهب بيتَ مال البصرة ، وفرّ إلي مكّة(٣) ، وكانت معرفته بالبصرة هى التى دفعت أصحاب الجمل إلي التوجّه نحوها(٤) ، وهو أحد الذين جهّزوا الجيش بالمال الذى سرقه من خزانة البصرة ، فأنفق مليون درهم ، وتبرّع بمائة بعير لقتال أمير المؤمنين ¼ (٥) . لاذ بالفرار بعد معركة الجمل قاصداً الشام(٦) ، وفيها صاهر معاوية(٧) ، وكان معه فى حرب صفّين(٨) ، كما شارك فى قتال الإمام الحسن ¼ ، وصار واسطة فى (١) تاريخ خليفة بن خيّاط : ١١٦ ، اُسد الغابة : ٣ / ٢٨٩ / ٣٠٣٣ ، تاريخ دمشق : ٢٩ / ٢٥٤ ، الطبقات الكبري : ٥ / ٤٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٢٤٢ ; تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٦٦ . ١٠٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / يَعلي بن مُنْيَة
الصلح(١) ، ثمّ ولى البصرة ثلاث سنوات اُخري فى عهد معاوية(٢) . حياته مَعْلَم علي عبادته للدنيا وجشعه فى استغلال بيت المال . وهكذا . . . أ ليس عجيباً أن يذكروا فى ترجمته أنّه "كان أحد الأجواد الممدوحين"(٣) ؟ ! هلك ما بين سنة ٥٧ إلي ٥٩ هـ(٤) . ٢ / ٨ صهر الزبير(٦) ، وعامل أبو بكر(٧) وعمر وعثمان علي اليمن(٨) ، عزله أمير المؤمنين ¼ بعد مقتل عثمان ، فنهب بيت مال اليمن(٩) ولجأ إلي مكّة ومعه ستّمائة (١) الأخبار الطوال : ٢١٦ ـ ٢١٨ . ١٠٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / يَعلي بن مُنْيَة
ألف درهم وستّمائة بعير(١) ، فالتحق فيها بعائشة وطلحة والزبير ، وتعهّد بنفقات الحرب ، فدفع أربعمائة ألف درهم للمحاربين ، وجعل الإبل تحت تصرّفهم(٢) . وهو الذى اشتري الجمل الذى كانت عليه عائشة(٣) . وله ثروة طائلة أيضاً ، وكان أحد الصحابة الذين سَطَوا علي بيت المال ، فملؤوا جيوبهم منه . ويا عجباً إذا اشتهر بالجود والكرم(٤) ! ! ومن المحتمل أنّه مات فى أيّام معاوية(٥) . ٢٠٩٩ ـ الجمل : لمّا اتّصل بأمير المؤمنين ¼ خبر ابن أبى ربيعة وابن منية وما بذلاه من المال فى شقاقه والفساد عليه قال : والله إن ظفرت بابن منية وابن أبى ربيعة لأجعلنّ أموالهما فى مال الله عزّ وجلّ . (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٥٠ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣١٣ ، الفتوح : ٢ / ٤٥٣ وفيه "و معه أربعمائة بعير" ، البداية والنهاية : ٧ / ٢٣١ . ١٠٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل الثانى : هويّة رؤساء الناكثين / يَعلي بن مُنْيَة
ثمّ قال : بلغنى أنّ ابن منية بذل عشرة آلاف دينار فى حربى ! من أين له عشرة آلاف دينار ؟ سرقها من اليمن ثمّ جاء بها ! لئن وجدته لآخذنّه بما أقرَّ به . فلمّا كان يوم الجمل وانكشف الناس هرب يعلي بن منية(١) . (١) الجمل : ٢٣٢ . |
||