١٧١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة
٦ / ١ مناقشات مندوب الوالى والناكثين ٢١٦١ ـ أنساب الأشراف عن أبى مخنف فى إسناده : ولمّا قربت عائشة ومن معها من البصرة بعث إليهم عثمانُ بن حُنيف عمرانَ بن الحصين الخزاعى أبا نجيد ، وأبا الأسود الدئلى ، فلقياهم بحفر أبى موسي(١) فقالا لهم : فيما قدِمتم ؟ فقالوا : نطلب بدم عثمان ، وأن نجعل الأمر شوري ; فإنّا غضبنا لكم من سوطه وعصاه ; أ فلا نغضب له من السيف ؟ ! ! وقالا لعائشة : أمركِ الله أن تقرّى فى بيتك ; فإنّك حبيس رسول الله ½ وحليلته وحرمته . فقالت لأبى الأسود : قد بلغنى عنك يا أبا الأسود ما تقول فىَّ ! ! ١٧٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / مناقشات مندوب الوالى والناكثين
فانصرف عمران وأبو الأسود إلي ابن حنيف ، وجعل أبو الأسود يقول :
وابرز لهم مستلئماً وشمّرِ فقال عثمان : إى وربّ الحرمين لأفعلنّ(١) . ٢١٦٢ ـ الجمل عن الواقدى وأبى مخنف عن أصحابهما والمدائنى وابن دأب عن مشايخهما بالأسانيد : إنّ عائشة وطلحة والزبير لمّا ساروا من مكّة إلي البصرة أغذّوا(٢) السير مع من اتّبعهم من بنى اُميّة وعمّال عثمان وغيرهم من قريش ، حتي صاروا إلي البصرة ، فنزلوا حفر أبى موسي ، فبلغ عثمان بن حنيف وهو عامل البصرة يومئذ ، وخليفة أمير المؤمنين ¼ ، وكان عنده حُكَيم بن جَبَلة ، فقال له حُكَيم : ما الذى بلغك ؟ فقال : خُبّرت أنّ القوم قد نزلوا حفر أبى موسي ، فقال له حكيم : ائذن لى أن أسير إليهم ; فإنّى رجل فى طاعة أمير المؤمنين ¼ ، فقال له عثمان : توقّف عن ذلك حتي اُراسلهم ، فقال له حكيم : إنّا لله ، هلكتَ والله يا عثمان ! فأعرض عنه وأرسل إلي عمران بن حصين وأبى الأسود الدؤلى ، فذكر لهما قدوم القوم البصرة وحلولهم حفر أبى موسي ، وسألهما المسير إليهم وخطابهم علي ما قصدوا به ، وكفّهم عن الفتنة ، فخرجا حتي دخلا علي عائشة فقالا لها : يا اُمّ المؤمنين ! ما حملك علي المسير ؟ فقالت : غضبت لكما من سوط عثمان وعصاه ولا أغضب أن يقتل ! (١) أنساب الأشراف : ٣ / ٢٤ وراجع بلاغات النساء : ١٧ والمعيار والموازنة : ٥٧ . ١٧٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / مناقشات مندوب الوالى والناكثين
فقالا لها : وما أنتِ من سوط عثمان وعصاه وإنّما أنت حبيسة رسول الله ½ ؟ نذكّركِ الله أن تُهراق الدماء بسببك . فقالت : وهل من أحد يقاتلنى ؟ فقال لها أبو الأسود : نعم والله قتالاً أهونه شديد ! ثمّ خرجا من عندها ، فدخلا علي الزبير فقالا : يا أبا عبد الله ! ننشدك الله أن تُهراق الدماء بسببك ! فقال لهما : ارجعا من حيث جئتما ، لا تُفسِدا علينا ، فأيسا منه وخرجا حتي دخلا علي طلحة فقالا له : ننشدك الله أن تُهراق الدماء بسببك ! فقال لهما طلحة : أ يحبّ علىّ بن أبى طالب أنّه إذا غلب علي أمر المدينة أنّ الأمر له ، وأنّه لا أمر إلاّ أمره ؟ والله ليعلمنّ ، فانصرِفا من حيث جئتما . فانصرَفا من عنده إلي عثمان بن حنيف فأخبراه الخبر . وروي ابن أبى سبرة عن عيسي بن أبى عيسي عن الشعبى أنّ أبا الأسود الدؤلى وعمران لمّا دخلا علي عائشة قالا لها : ما الذى أقدمك هذا البلد وأنت حبيسة رسول الله ½ ، وقد أمرك أن تقرّى فى بيتك ؟ فقالت : غضبت لكم من السوط والعصا ، ولا أغضب لعثمان من السيف ! فقالا لها : ننشدك الله أن تُهراق الدماء بسببك ، وأن تحملى الناس بعضهم علي بعض ، فقالت لهما : إنّما جئت لاُصلح بين الناس . وقالت لعمران بن الحصين : هل أنت مبلّغ عثمان بن حنيف رسالة ؟ فقال : لا اُبلّغه عنك إلاّ خيراً . فقال لها أبو الأسود : أنا اُبلّغه عنك فهاتى ، قالت : قل له : يا طليق ابن أبى عامر بلغنى أنّك تريد لقائى لتقاتلنى ! فقال لها أبو الأسود : نعم والله ليقاتلنّك . فقالت : وأنت أيضا أيّها الدؤلى ؟ ! يبلغنى عنك ما يبلغنى ، قم فانصرف عنّى . فخرجا من عندها إلي طلحة فقالا له : يا أبا محمّد ! أ لم يجتمع الناس إلي بيعة ابن عمّ رسول الله الذى فضّله الله تعالي كذا وكذا ؟ وجعلا يعدّان مناقب ١٧٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / مناقشات مندوب الوالى والناكثين
أمير المؤمنين ¼ وفضائله وحقوقه ، فوقع طلحة بعلىّ ¼ وسبّه ونال منه وقال : إنّه ليس أحد مثله ، أمَ والله ليعلمنّ غِبّ(١) ذلك ، فخرجا من عنده وهما يقولان : غَضِب هذا الدنىء ، ثمّ دخلا علي الزبير فكلّماه مثل كلامهما لصاحبه ، فوقع أيضاً فى علىّ ¼ وسبّه ، وقال لقوم كانوا بمحضر منه : صبّحوهم قبل أن يمسوكم ، فخرجا من عنده حتي صارا إلي عثمان بن حنيف فأخبراه الخبر ، فأذن عثمان للناس بالحرب(٢) . ٢١٦٣ ـ شرح نهج البلاغة عن أبى مخنف : أرسل [ عثمان بن حنيف ] إلي أبى الأسود الدؤلى وعمران بن الحصين الخزاعى ، فأمرهما أن يسيرا حتي يأتياه بعلم القوم وما الذى أقدمهم ، فانطلقا حتي إذا أتيا حفر أبى موسي وبه معسكر القوم ، فدخلا علي عائشة ، فنالاها ووعظاها وأذكراها وناشداها الله ، فقالت لهما : القَيا طلحة والزبير . فقاما من عندها ولقيا الزبير فكلّماه ، فقال لهما : إنّا جئنا للطلب بدم عثمان وندعوا الناس إلي أن يردّوا أمر الخلافة شوري ; ليختار الناس لأنفسهم ، فقالا له : إنّ عثمان لم يُقتل بالبصرة ليُطلب دمه فيها ، وأنت تعلم قتلة عثمان من هم وأين هم ، وإنّك وصاحبك وعائشة كنتم أشدّ الناس عليه ، وأعظمهم إغراء بدمه ، فأقيدوا من أنفسكم . وأمّا إعادة أمر الخلافة شوري ; فكيف وقد بايعتم عليّاً طائعَين غير مكرهَين ؟ وأنت يا أبا عبد الله لم يبعد العهد بقيامك دون هذا الرجل يوم مات رسول الله ½ (١) غِبُّ كلّ شىء : عاقبته (لسان العرب : ١ / ٦٣٥) . ١٧٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / مناقشات مندوب الوالى والناكثين
وأنت آخذ قائم سيفك تقول : ما أحد أحقّ بالخلافة منه ، ولا أولي بها منه ، وامتنعت من بيعة أبى بكر ، فأين ذلك الفعل من هذا القول ؟ ! فقال لهما : اذهبا فالقَيا طلحة ، فقاما إلي طلحة ، فوجداه أخشن الملمس ، شديد العريكة ، قوىّ العزم فى إثارة الفتنة وإضرام نار الحرب ، فانصرفا إلي عثمان بن حنيف فأخبراه ، وقال له أبو الأسود :
وابرز لها مستلئماً وشَمِّرِ فقال ابن حنيف : أى والحرمين لأفعلنّ(١) . ٢١٦٤ ـ الإمامة والسياسة : ذكروا أنّ طلحة والزبير لمّا نزلا البصرة ، قال عثمان بن حنيف : نعذر إليهما برجلين ، فدعا عمرانَ بن الحصين صاحب رسول الله ، وأبا الأسود الدؤلى ، فأرسلهما إلي طلحة والزبير ، فذهبا إليهما فنادَيا : يا طلحة ! فأجابهما . فتكلّم أبو الأسود الدؤلى ، فقال : يا أبا محمّد ! إنّكم قتلتم عثمان غير مؤامرين لنا فى قتله ، وبايعتم عليّاً غير مؤامرين فى بيعته ، فلم نغضب لعثمان إذ قتل ، ولم نغضب لعلىّ إذ بويع ، ثمّ بدا لكم ، فأردتم خلع علىّ ، ونحن علي الأمر الأوّل ، فعليكم المخرج ممّا دخلتم فيه . ثمّ تكلّم عمران ، فقال : يا طلحة ! إنّكم قتلتم عثمان ولم نغضب له إذ لم تغضبوا ، ثمّ بايعتم عليّاً وبايعنا من بايعتم ; فإن كان قتل عثمان صواباً فمسيركم لماذا ؟ وإن كان خطأ فحظّكم منه الأوفر ، ونصيبكم منه الأوفي . ١٧٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / مخالفة الوالى منابذة الناكثين
فقال طلحة : يا هذان ! إنّ صاحبكما لا يري أنّ معه فى هذا الأمر غيره ، وليس علي هذا بايعناه ، وايم الله ليسفكنّ دمه . فقال أبو الأسود : يا عمران ! أمّا هذا فقد صرّح أنّه إنّما غضب للملك . ثمّ أتيا الزبير فقالا : يا أبا عبد الله ! إنّا أتينا طلحة . قال الزبير : إنّ طلحة وإيّاى كروح فى جسدين ، وإنّه والله يا هذان ، قد كانت منّا فى عثمان فلتات ، احتجنا فيها إلي المعاذير ، ولو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا نصرناه(١) . ٦ / ٢ ٢١٦٥ ـ شرح نهج البلاغة عن ابن عبّاس : إنّ الزبير وطلحة أغذّا السير بعائشة حتي انتهوا إلي حفر أبى موسي الأشعرى وهو قريب من البصرة ، وكتبا إلي عثمان بن حنيف الأنصارى ـ وهو عامل علىّ ¼ علي البصرة ـ أن أخلِ لنا دار الإمارة ، فلمّا وصل كتابهما إليه بعث [إلى](٢) الأحنف بن قيس فقال له : إنّ هؤلاء القوم قدموا علينا ومعهم زوجة رسول الله ، والناس إليها سراع كما تري . فقال الأحنف : إنّهم جاؤوك بها للطلب بدم عثمان ، وهم الذين ألّبوا علي عثمان الناسَ ، وسفكوا دمه ، وأراهم والله لا يُزايلون(٣) حتي يُلقوا العداوة بيننا ويسفكوا دماءنا ، وأظنّهم والله سيركبون منك خاصّة ما لا قِبَل لك به إن لم تتأهّب لهم بالنهوض إليهم فيمن معك من أهل البصرة ; فانّك اليوم الوالى عليهم ، وأنت (١) الإمامة والسياسة : ١ / ٨٣ . ١٧٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / حصر دار الإمارة والقتال حوله
فيهم مطاع ، فسِر إليهم بالناس ، وبادرهم قبل أن يكونوا معك فى دار واحدة ; فيكون الناس لهم أطوع منهم لك . فقال عثمان بن حنيف : الرأى ما رأيت ، لكنّنى أكره الشرّ وأن أبدأهم به ، وأرجو العافية والسلامة إلي أن يأتينى كتاب أمير المؤمنين ورأيه فأعمل به . ثمّ أتاه بعد الأحنف حكيمُ بن جبلّة العبدى من بنى عمرو بن وديعة ، فأقرأه كتاب طلحة والزبير ، فقال له مثل قول الأحنف ، وأجابه عثمان بمثل جوابه للأحنف ، فقال له حكيم : فأْذن لى حتي أسير إليهم بالناس ، فإن دخلوا فى طاعة أمير المؤمنين وإلاّ نابذتهم علي سواء ، فقال عثمان : لو كان ذلك رأيى لسرت إليهم بنفسى . قال حكيم : أما والله إن دخلوا عليك هذا المصر لينتقلنّ قلوب كثير من الناس إليهم ، وليزيلنّك عن مجلسك هذا وأنت أعلم ، فأبي عليه عثمان(١) . ٦ / ٣ ٢١٦٦ ـ أنساب الأشراف : ونادي عثمان بن حنيف فى الناس فتسلّحوا ، وأقبل طلحة والزبير وعائشة حتي دخلوا المربد ممّا يلى بنى سليم ، وجاء أهل البصرة مع عثمان ركباناً ومشاة ، وخطب طلحة فقال : إنّ عثمان بن عفّان كان من أهل السابقة والفضيلة من المهاجرين الأوّلين ، وأحدث أحداثاً نقمناها عليه ، فباينّاه ونافرناه ، ثمّ أعتب حين استعتبناه ، فعدا عليه امرؤ ابتزّ هذه الاُمّة أمرها بغير رضيً ولا مشورة ، فقتلَه ، وساعده علي ذلك رجال غير أبرار ولا أتقياء ، فقتلوه بريئاً تائباً مسلماً ، فنحن ندعوكم إلي الطلب بدمه ; فإنّه الخليفة المظلوم . وتكلّم ١٧٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / حصر دار الإمارة والقتال حوله
الزبير بنحو من هذا الكلام . فاختلف الناس فقال قائلون : نطقا بالحقّ ، وقال آخرون : كذبا ولَهما كانا أشدّ الناس علي عثمان ! ! وارتفعت الأصوات . واُتى بعائشة علي جملها فى هودجها فقالت : صَهْ صَهْ(١) ، فخطبت بلسان ذلق وصوت جهورى فأسكت(٢) لها الناس فقالت : إنّ عثمان خليفتكم قُتل مظلوماً بعد أن تاب إلي ربّه ، وخرج من ذنبه ، والله ما بلغ من فعله ما يُستحلّ به دمه ; فينبغى فى الحقّ أن يؤخذ قتلته فيُقتلوا به ، ويُجعل الأمر شوري . فقال قائلون : صدقتِ . وقال آخرون : كذبتِ حتي تضاربوا بالنعال وتمايزوا ، فصاروا فرقتين : فرقة مع عائشة وأصحابها ، وفرقة مع ابن حنيف ، وكان علي خيل ابن حنيف حكيم بن جبلة ، فجعل يحمل ويقول :
وتأهّبوا للقتال ، فانتهوا إلي الزابوقة(٤) ، وأصبح عثمان بن حنيف ، فزحف إليهم ، فقاتلهم أشدّ قتال ، فكثرت بينهم القتلي ، وفشت فيهم الجراح . ثمّ إنّ الناس تداعوا إلي الصلح ، فكتبوا بينهم كتاباً بالموادعة إلي قدوم علىّ علي أن لا يعرض بعضهم لبعض فى سوق ولا مشرعة ، وأنّ لعثمان بن حنيف دار الإمارة وبيت المال والمسجد ، وأنّ طلحة والزبير ينزلان ومن معهما حيث شاؤوا ، ثمّ انصرف (١) هى كلمة زجر تقال عند الإسكات بمعني اسكت (النهاية : ٣ / ٦٣) . ١٧٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / مصالحة والى البصرة والناكثين
الناس وألقَوا السلاح(١) . ٦ / ٤ ٢١٦٧ ـ الجمل : ثمّ إنّهم تداعوا إلي الصلح ، ودخل بينهم الناس لما رأوا من عظيم ما ابتُلوا به ، فتصالحوا علي أنّ لعثمان بن حنيف دار الإمارة والمسجد وبيت المال ، ولطلحة والزبير وعائشة ما شاؤوا من البصرة ولا يهاجون حتي يقدم أمير المؤمنين ¼ ، فإن أحبّوا عند ذلك الدخول فى طاعته ، وإن أحبّوا أن يقاتلوا ، وكتبوا بذلك كتاباً بينهم ، وأوثقوا فيه العهود وأكّدوها ، وأشهدوا الناس علي ذلك ، ووُضع السلاح ، وأمن عثمان بن حنيف علي نفسه وتفرّق الناس عنه(٢) . ٢١٦٨ ـ شرح نهج البلاغة عن أبى مخنف ـ فى بيان نصّ معاهدة الصلح ـ : هذا ما اصطلح عليه عثمان بن حنيف الأنصارى ومن معه من المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ، وطلحة والزبير ومن معهما من المؤمنين والمسلمين من شيعتهما ; أنّ لعثمان بن حنيف دار الإمارة والرحبة والمسجد وبيت المال والمنبر ، وأنّ لطلحة والزبير ومن معهما أن ينزلوا حيث شاؤوا من البصرة ، ولا يضارّ بعضهم بعضاً فى طريق ولا فُرْضة(٣) ولا سوق ولا شرعة ولا مرفق حتي يقدم أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ، فإن أحبّوا دخلوا فيما دخلت فيه الاُمّة ، وإن أحبّوا لحق كلّ قوم بهواهم وما أحبّوا من قتال أو سلم أو خروج أو إقامة ، وعلي الفريقين بما كتبوا عهد الله وميثاقه ، وأشدّ ما أخذه علي نبىّ من (١) أنساب الأشراف : ٣ / ٢٥ وراجع تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٦٣ والكامل فى التاريخ : ٢ / ٣١٧ . ١٨٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / استيلاء الناكثين علي البصرة بالغدرة
أنبيائه من عهد وذمّة . وختم الكتاب ، ورجع عثمان بن حنيف حتي دخل دار الإمارة ، وقال لأصحابه : الحقوا رحمكم الله بأهلكم ، وضعوا سلاحكم ، وداووا جرحاكم ، فمكثوا كذلك أيّاماً(١) . ٦ / ٥ استيلاء الناكثين علي البصرة بالغدرة ٢١٦٩ ـ شرح نهج البلاغة عن أبى مخنف : ثمّ إنّ طلحة والزبير قالا : إن قدم علىّ ونحن علي هذه الحال من القلّة والضعف ليأخذنّ بأعناقنا ، فأجمَعا علي مراسلة القبائل واستمالة العرب ، فأرسلا إلي وجوه الناس وأهل الرياسة والشرف يدعوانهم إلي الطلب بدم عثمان وخلع علىّ وإخراج ابن حنيف من البصرة ، فبايعهم علي ذلك الأزد وضبّة وقيس بن عيلان كلّها إلاّ الرجل والرجلين من القبيلة كرهوا أمرهم فتواروا عنهم ، وأرسلوا إلي هلال بن وكيع التميمى ، فلم يأتِهم ، فجاءه طلحة والزبير إلي داره ، فتواري عنهما ، فقالت له اُمّه : ما رأيت مثلك ! أتاك شيخا قريش ، فتواريت عنهما ، فلم تزل به حتي ظهر لهما ، وبايعهما ومعه بنو عمرو بن تميم كلّهم وبنو حنظلة إلاّ بنى يربوع ; فإنّ عامّتهم كانوا شيعة لعلىّ ¼ ، وبايعهم بنو دارم كلّهم إلاّ نفراً من بنى مجاشع ذوى دين وفضل . فلمّا استوسق لطلحة والزبير أمرهما خرجا فى ليلة مظلمة ذات ريح ومطر ومعهما أصحابهما قد ألبسوهم الدروع وظاهروا فوقها بالثياب ، فانتهوا إلي المسجد وقت صلاة الفجر ، وقد سبقهم عثمان بن حنيف إليه ، واُقيمت الصلاة ، فتقدّم عثمان ليصلّى بهم ، فأخّره أصحاب طلحة والزبير وقدّموا الزبير(٢) . (١) شرح نهج البلاغة : ٩ / ٣١٩ . ١٨١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / استيلاء الناكثين علي البصرة بالغدرة
٢١٧٠ ـ مروج الذهب ـ فى ذكر أصحاب الجمل ـ : فأتَوا البصرة ، فخرج إليهم عثمان بن حنيف فمانعهم ، وجري بينهم قتال ، ثمّ إنّهم اصطلحوا بعد ذلك علي كفّ الحرب إلي قدوم علىّ . فلمّا كان فى بعض الليالى بيّتوا عثمان بن حنيف ، فأسروه وضربوه ونتفوا لحيته ، ثمّ إنّ القوم استرجعوا وخافوا علي مخلّفيهم بالمدينة من أخيه سهل بن حنيف وغيره من الأنصار ، فخلّوا عنه . وأرادوا بيت المال ، فمانعهم الخزّان والموكّلون به وهم السبابِجة(١) ، فقُتل منهم سبعون رجلاً غير من جُرح ، وخمسون من السبعين ضُربت رقابهم صبراً من بعد الأسر ، وهؤلاء أوّل من قُتل ظلماً فى الإسلام وصبراً . وقتلوا حُكَيم بن جَبَلة العبدى ، وكان من سادات عبد القيس ، وزهّاد ربيعة ونسّاكها(٢) . ٢١٧١ ـ تاريخ الطبرى عن الزهرى ـ فى ذكر أصحاب الجمل ـ : فقدموا البصرة وعليها عثمان بن حنيف ، فقال لهم عثمان : ما نقمتم علي صاحبكم ؟ فقالوا : لم نره أولي بها منّا ، وقد صنع ما صنع . قال : فإنّ الرجل أمّرنى ، فأكتب إليه فاُعلمه ما جئتم له ، علي أن اُصلّى بالناس حتي يأتينا كتابه ، فوقفوا عليه وكتب . فلم يلبث إلاّ يومين حتي وثبوا عليه فقاتلوه بالزابوقة عند مدينة الرزق(٣) ، (١) السبابِجة : قوم من السند كانوا بالبصرة حرّاس السجن (الصحاح : ١ / ٣٢١) . ١٨٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / استيلاء الناكثين علي البصرة بالغدرة
فظهروا وأخذوا عثمان ، فأرادوا قتله ، ثمّ خَشُوا غضب الأنصار ، فنالوه فى شعره وجسده(١) . ٢١٧٢ ـ أنساب الأشراف عن أبى مخنف : صاروا [أهل البصرة] فرقتين : فرقة مع عائشة وأصحابها ، وفرقة مع ابن حنيف . . . وتأهّبوا للقتال ، فانتهوا إلي الزابوقة ، وأصبح عثمان بن حنيف ، فزحف إليهم ، فقاتلهم أشدّ قتال ، فكثرت بينهم القتلي ، وفشت فيهم الجراح . ثمّ إنّ الناس تداعوا إلي الصلح ، فكتبوا بينهم كتاباً بالموادعة إلي قدوم علىّ ، علي أن لا يعرض بعضهم لبعض فى سوق ولا مشرعة ، وأنّ لعثمان بن حنيف دار الإمارة وبيت المال والمسجد ، وأنّ طلحة والزبير ينزلان ومن معهما حيث شاؤوا ، ثمّ انصرف الناس وألقَوا السلاح . وتناظر طلحة والزبير ، فقال طلحة : والله لئن قدم علىٌّ البصرة ليأخذنّ بأعناقنا ، فعزما علي تبييت ابن حنيف وهو لا يشعر ، وواطآ أصحابهما علي ذلك ، حتي إذا كانت ليلة ريح وظلمة جاؤوا إلي ابن حنيف وهو يصلّى بالناس العشاء الآخرة فأخذوه وأمروا به فوطئ وطئاً شديداً ، ونتفوا لحيته وشاربيه ، فقال لهما : إنّ سهلاً حىّ بالمدينة والله لئن شاكنى شوكة ليضعنّ السيف فى بنى أبيكما ; يخاطب بذلك طلحة والزبير ، فكفّا عنه وحبساه . وبعثا عبد الله بن الزبير فى جماعة إلي بيت المال وعليه قوم من السبابجة يكونون أربعين ، ويقال : أربعمائة ، فامتنعوا من تسليمه دون قدوم علىّ ، (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٦٩ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣١٩ وراجع تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٨١ . ١٨٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / استيلاء الناكثين علي البصرة بالغدرة
فقتلوهم ورئيسهم أبا سلمة الزُّطّى ، وكان عبداً صالحاً (١) . ٢١٧٣ ـ الإمامة والسياسة : ذكروا أنّه لمّا اختلف القوم اصطلحوا علي أنّ لعثمان بن حنيف دار الإمارة ومسجدها وبيت المال ، وأن ينزل أصحابه حيث شاؤوا من البصرة ، وأن ينزل طلحة والزبير وأصحابهما حيث شاؤوا حتي يقدم علىّ ; فإن اجتمعوا دخلوا فيما دخل فيه الناس ، وإن يتفرّقوا يلحق كلّ قوم بأهوائهم ، عليهم بذلك عهد الله وميثاقه ، وذمّة نبيّه ، وأشهدوا شهوداً من الفريقين جميعاً . فانصرف عثمان ، فدخل دار الإمارة ، وأمر أصحابه أن يلحقوا بمنازلهم ، ويضعوا سلاحهم ، وافترق الناس . . . فمكث عثمان بن حنيف فى الدار أيّاماً ، ثمّ إنّ طلحة والزبير ومروان بن الحكم أتَوه نصف الليل فى جماعة معهم ـ فى ليلة مظلمة سوداء مطيرة ـ وعثمان نائم ، فقتلوا أربعين رجلاً من الحرس ، فخرج عثمان بن حنيف ، فشدّ عليه مروان فأسرَه ، وقتل أصحابه(٢) . ٢١٧٤ ـ الجمل ـ فى ذكر ما حدث بعد مصالحة عثمان بن حنيف وأصحاب الجمل ـ : طلب طلحةُ والزبير غُدْرَته ، حتي كانت ليلة مظلمة ذات رياح ، فخرج طلحة والزبير وأصحابهما حتي أتَوا دار الإمارة وعثمان بن حنيف غافل عنهم ، وعلي الباب السبابجة يحرسون بيوت الأموال ـ وكانوا قوماً من الزُّطّ(٣) قد استبصروا وأكل السجود جباههم ، وائتمنهم عثمان علي بيت المال ودار الإمارة ـ فأكبّ عليهم القوم وأخذوهم من أربع جوانبهم ، ووضعوا فيهم السيف ، (١) أنساب الأشراف : ٣ / ٢٦ وراجع تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٦٤ وص ٤٦٧ و٥٠٦ والكامل فى التاريخ : ٢ / ٣١٨ . ١٨٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / أمر عائشة بقتل عثمان بن حنيف
فقتلوا منهم أربعين رجلاً صبراً ! يتولّي منهم ذلك الزبير خاصّة ، ثمّ هجموا علي عثمان فأوثقوه رباطاً ، وعمدوا إلي لحيته ـ وكان شيخاً كثّ اللحية ـ فنتفوها حتي لم يبق منها شىء ولا شعرة واحدة . وقال طلحة : عذِّبوا الفاسق ، وانتفوا شعر حاجبيه ، وأشفار عينيه ، وأوثِقوه بالحديد !(١) ٦ / ٦ ٢١٧٥ ـ الجمل : قال طلحة والزبير لعائشة [بعدما أخذا عثمان بن حنيف] : ما تأمرين فى عثمان ؟ فإنّه لِما به . فقالت : اقتلوه قتله الله ! وكانت عندها امرأة من أهل البصرة فقالت لها : يا اُمّاه ! أين يُذهَب بكِ ؟ ! أ تأمرين بقتل عثمان بن حنيف ، وأخوه سهل خليفة علي المدينة ، ومكانه من الأوس والخزرج ما قد علمتِ ! والله ، لئن فعلتِ ذلك لتكوننّ له صولة بالمدينة يقتل فيها ذرارى قريش . فناب إلي عائشة رأيها وقالت : لا تقتلوه ، ولكن احبسوه وضيّقوا عليه حتي أري رأيى . فحُبس أيّاماً ثمّ بدا لهم فى حبسه ، وخافوا من أخيه أن يحبس مشايخهم (١) الجمل : ٢٨١ . ١٨٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / استبصار أبى بكرة لمّا رأي عائشة تأمر وتنهى
بالمدينة ويُوقع بهم ، فتركوا حبسه(١) . . ٢١٧٦ ـ تاريخ الطبرى عن سهل بن سعد : لمّا أخذوا عثمان بن حنيف ، أرسلوا أبان بن عثمان إلي عائشة يستشيرونها فى أمره ، قالت : اقتلوه . فقالت لها امرأة : نشدتك بالله يا اُمّ المؤمنين فى عثمان وصحبته لرسول الله ½ ! قالت : رُدّوا أباناً ، فردّوه . فقالت : احبسوه ولا تقتلوه ، قال : لو علمت أنّك تدعينى لهذا لم أرجع . فقال لهم مجاشع بن مسعود : اضربوه وانتفوا شعر لحيته . فضربوه أربعين سوطاً ونتفوا شعر لحيته ورأسه وحاجبيه وأشفار عينيه وحبسوه(٢) . ٦ / ٧ استبصار أبى بكرة لمّا رأي عائشة تأمر وتنهي ٢١٧٧ ـ صحيح البخارى عن أبى بكرة (٣) : لقد نفعنى الله بكلمة أيّام الجمل ، لمّا بلغ النبىَّ ½ أنّ فارساً ملّكوا ابنة كسري قال : "لن يُفلِح قوم ولَّوا أمرهم امرأة"(٤) . (١) الجمل : ٢٨٤ . ١٨٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / قتل المعارضين
٢١٧٨ ـ المستدرك علي الصحيحين عن أبى بكرة : لمّا كان يوم الجمل أردتُ أن آتيهم اُقاتل معهم حتي ذكرتُ حديثاً سمعته من رسول الله ½ أنّه بلغه أن كسري أو بعض ملوك الأعاجم مات ، فولّوا أمرهم امرأة ، فقال رسول الله ½ : "لا يُفلِح قوم تملكهم امرأة"(١) . ٦ / ٨ ٢١٧٩ ـ تاريخ الطبرى عن الزهرى : قام طلحة والزبير خطيبين فقالا : يا أهل البصرة ! توبة بحوبة ، إنّما أردنا أن يُستعتب أمير المؤمنين عثمان ، ولم نرِد قتله ، فغلب سفهاءُ الناس الحلماءَ حتي قتلوه . فقال الناس لطلحة : يا أبا محمّد ، قد كانت كتبك تأتينا بغير هذا ، فقال الزبير : فهل جاءكم منّى كتاب فى شأنه ؟ ثمّ ذكر قتل عثمان وما أتي إليه وأظهر عيب علىّ . فقام إليه رجل من عبد القيس فقال : أيّها الرجل ! أنصِت حتي نتكلّم ، فقال عبد الله بن الزبير : وما لك وللكلام ؟ فقال العبدى : يا معشر المهاجرين ، أنتم أوّل من أجاب رسول الله ½ ، فكان لكم بذلك فضل ، ثمّ دخل الناس فى الإسلام كما دخلتم ، فلمّا توفّى رسول الله ½ بايعتم رجلاً منكم ، والله ما استأمرتمونا فى شىء من ذلك ، فرضينا واتّبعناكم ، فجعل الله عزّ وجلّ للمسلمين فى إمارته بركة ، ثمّ مات واستخلف عليكم رجلاً منكم فلم تشاورونا فى ذلك ، فرضينا وسلّمنا ، فلمّا توفّى الأمير جعل الأمر إلي ستّة نفر ، ١٨٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / إعلام خبر احتلال البصرة
فاخترتم عثمان وبايعتموه عن غير مشورة منّا ; ثمّ أنكرتم من ذلك الرجل شيئاً فقتلتموه عن غير مشورة منّا ، ثمّ بايعتم عليّاً عن غير مشورة منّا ، فما الذى نقمتم عليه فنقاتله ؟ هل استأثر بفَىء ؟ أو عمل بغير الحقّ ؟ أو عمل شيئاً تُنكرونه فنكون معكم عليه ؟ وإلاّ فما هذا ؟ فهمّوا بقتل ذلك الرجل ، فقام من دونه عشيرته ، فلمّا كان الغد وثبوا عليه وعلي من كان معه ، فقتلوا سبعين رجلاً(١) . ٦ / ٩ ٢١٨٠ ـ تاريخ الطبرى عن محمّد وطلحة ـ فى ذكر أصحاب الجمل ـ : كتبوا إلي أهل الشام بما صنعوا وصاروا إليه : إنّا خرجنا لوضع الحرب ، وإقامة كتاب الله عزّ وجلّ بإقامة حدوده فى الشريف والوضيع والكثير والقليل ، حتي يكون الله عزّ وجلّ هو الذى يردّنا عن ذلك . فبايَعنا خيار أهل البصرة ونجباؤهم ، وخالفَنا شرارهم ونزّاعهم ، فردّونا بالسلاح وقالوا فيما قالوا : نأخذ اُمَّ المؤمنين رهينة ; أن أمرَتْهم بالحقّ وحثّتهم عليه . فأعطاهم الله عزّ وجلّ سُنّة المسلمين مرّة بعد مرّة ، حتي إذا لم يبق حجّة ولا عذر استبسل قتلة أمير المؤمنين ، فخرجوا إلي مضاجعهم ، فلم يفلت منهم مخبر إلاّ حُرقوص بن زهير ، والله سبحانه مُقيده إن شاء الله . وكانوا كما وصف الله عزّ وجلّ . وإنّا نناشدكم الله فى أنفسكم إلاّ نهضتم بمثل ما نهضنا به ، فنلقي الله عزّ وجلّ وتلقونه ، وقد أعذرنا وقضينا الذى علينا . . . (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٦٩ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٢٠ وراجع أنساب الأشراف : ٣ / ٢٨ . ١٨٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / كتاب عائشة إلي حفصة
وكتبوا إلي أهل الكوفة بمثله . . . وكتبوا إلي أهل اليمامة . . . وكتبوا إلي أهل المدينة(١) . ٦ / ١٠ ٢١٨١ ـ شرح نهج البلاغة عن أبى مخنف : لمّا نزل علىّ ¼ ذا قار ، كتبت عائشة إلي حفصة بنت عمر : أمّا بعد ; فإنّى اُخبرك أنّ عليّاً قد نزل ذا قار ، وأقام بها مرعوباً خائفاً لِما بلغه من عدّتنا وجماعتنا ، فهو بم نزلة الأشقر ; إن تقدّم عُقر ، وإن تأخّر نُحر . فدعت حفصة جوارى لها يتغنّين ويضربن بالدفوف ، فأمرتهنّ أن يقلن فى غنائهنّ : ما الخبر ما الخبر . علىّ فى السفر . كالفرس الأشقر . إن تقدّم عُقر . وإن تأخّر نُحر . وجعلت بنات الطلقاء يدخلن علي حفصة ، ويجتمعن لسماع ذلك الغناء . فبلغ اُمّ كلثوم بنت علىّ ¼ فلبست جلابيبها ودخلت عليهنّ فى نسوة متنكّرات ، ثمّ أسفرت عن وجهها ، فلمّا عرفتها حفصة خجلت واسترجعت . فقالت اُمّ كلثوم : لئن تظاهرتما عليه منذ اليوم لقد تظاهرتما علي أخيه من قبل ، فأنزل الله فيكما ما أنزل . فقالت حفصة : كفّى رحمك الله ! وأمرت بالكتاب فمزِّق واستغفرت الله (٢) . (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٧٢ . |
||||||